آخر 10 مشاركات
المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          يوميات العبّادي .. * مميزة * (الكاتـب : العبادي - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          [تحميل] من عقب يُتمها صرت أبوها،للكاتبة/ حروف خرساء "سعودية" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين .. الغريقة (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree24693Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-02-23, 09:46 PM   #1031

فيء الحلوه

? العضوٌ??? » 510524
?  التسِجيلٌ » Feb 2023
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » فيء الحلوه is on a distinguished road
افتراضي


الحماس مليون
متحمسه حيل اعرف ردت فعل الكل على هذال


فيء الحلوه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 09:46 PM   #1032

ثريا خانوم

? العضوٌ??? » 510580
?  التسِجيلٌ » Feb 2023
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » ثريا خانوم is on a distinguished road
Rewity Smile 5

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت مكه وجده والمدينه مشاهدة المشاركة
بعد طول إنتظار وصبر صحي هذال انا حزنانه عليه لانو راح يصحى وكل شى حوله غريب وكل شى في الحياة اتغير من تطورات وكل شى حوله امه ماتت وهوا في غيبوبه بنته كبرت وهوا مو جنبها فعل شى يقهر كان الله في عونه احسو راح يتزوج سماهر اتوقع مجرد احساس




نفس احساسي توقعت ان هذال وسماهر هم أبطال الرواية


ثريا خانوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 09:51 PM   #1033

أمل و ترقب

? العضوٌ??? » 340944
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » أمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond reputeأمل و ترقب has a reputation beyond repute
افتراضي

جزاك الله خيرا..ماشاء الله اسلوب روايئ شيق وجذاب ..بالفعل مااقدمت عليه سماهر يعتبر طعنة أليمة ﻷهلها وفي مقدمتهم والدها الشيخ ..كيف سيتعامل هذال بعد افاقته مع سماهر عندما يجدها في عقر داره ..موقف ﻻيحسد عليه ...بانتظار إبداع الكاتبة في التعامل مع هذه المعضلة...زادك الله ابداعا وتوفيقا

أمل و ترقب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 09:52 PM   #1034

أ.جسم

? العضوٌ??? » 476127
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 47
?  نُقآطِيْ » أ.جسم is on a distinguished road
افتراضي

متحمسة للفصل 🧡🧡

أ.جسم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 09:55 PM   #1035

لموسة 1

? العضوٌ??? » 74705
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 21
?  نُقآطِيْ » لموسة 1 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم رحمة الله وبركاته
اتوقع ان خطا لفا هو تزويج سميه من حزام وخطا غيره هو عدم فزعة ابو سمية لها اول مرة رجعت له تشتكي من حزام

بالنسبة لقومة هذال ماراح افكر بالصدمة اللي بتجيه بعد عشرين سنة غيبوبة والتغييرات اللي صارت عقبه لكن ابي ابارك لبنته واقول لها قرة عينك بقومة ابوك


لموسة 1 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 09:56 PM   #1036

الاوهام
alkap ~
 
الصورة الرمزية الاوهام

? العضوٌ??? » 252190
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,023
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond reputeالاوهام has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير عليكم
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 105 ( الأعضاء 42 والزوار 63)
‏الاوهام, ‏hapyhanan, ‏Toto9900, ‏سلـمى،،, ‏فيء الحلوه, ‏أ.جسم, ‏Aya youo, ‏nadoosh3122, ‏Wafaa elmasry, ‏أم نسيم, ‏Hadia Mohammed, ‏أمل و ترقب, ‏ظِل السحاب, ‏ريامي, ‏زمردانكا, ‏لموسة 1, ‏ثريا خانوم, ‏امل جدة, ‏منـال مختار, ‏Al3eoon, ‏نجاتيي, ‏نـاي, ‏سفيان بن, ‏غيمة الامل, ‏أم هيونه, ‏نونه الحلوة, ‏Nooray1997, ‏ام محمد وديمه, ‏سرى النجود, ‏My.sai889, ‏جـولـي, ‏***دهن العود***, ‏شهرازد, ‏بنت مكه وجده والمدينه, ‏فديت الشامة, ‏جين ايرر, ‏يضحو, ‏منيره محمد, ‏Msamo, ‏حنان علي السعد, ‏الياسمين14, ‏أميرةالدموع


الاوهام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 10:04 PM   #1037

ظِل السحاب
 
الصورة الرمزية ظِل السحاب

? العضوٌ??? » 486399
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 605
?  نُقآطِيْ » ظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
مساء الخير على الجميع
كيفكم أن شاء الله أنكم بخير أنتم ومن تحبون
ما شاء الله على تفاعلكم الصدق عجزت أكتب تعقيب لكثرة
الردود .. عساه دائم هالتفاعل .. أدري أنه تأثير هذال ولا ألومكم
جميلاتي فصل الليلة ستتبعه فترة توقف من أجل الاستعداد للاختبارات
الله يرزقني وأياكم اعلى الدرجات .. و الفصل الخامس و العشرون سيطرح
كمحتوى مخفي و أجلته من أجل اعطاء فرصه لتفعيل حسابات القارئات ..
المهم فية نجمتين علقوا عندي الأولى لطالبة المغفرة هي أول من توقع أن
خلود تعاني من الاكتئاب ( كذا سجلتها عندي مدري أصبت في الشخص ام لا )
الثانية لقهوة اللي استعجلت وما انتظرت نشرح الوضع الصحي بس هي شاطرة
و جابت التوقع صح هذال صحى كذا من غير الحاجة لأي تدخل .
استلموا الفصل قراءة ممتعة .
.
.


الفصل الرابع و العشرون
.
(الاقتباس من أجياد)
ليلى لـ هذال :

‏مضى دهرٌ عليَّ وأنتَ ناءِ
‏وأشواقُ الفؤادِ بلا انتهاءِ
‏ألوذُ من الحَنينِ ومن ظنوني
‏كلوذِ الطيرِ من مطرِ الشتاءِ
‏فأسألُ مَن أكونُ أنا؟ فإنّي
‏إلى عَينيكَ أشعرُ بانتمائي
.
.
( يقضه ذئب )
.
سعود باستغراب : من علمك ؟
مالت شفتيه و شخر بسخرية : وهذا هو همك ؟ علمتني عمتي .. لا هي ما علمتني هي
شاورتني ( ضربه على كتفه ليدفعه للخلف ) قلت لها سعود كفو .. عز الله أن ولد عمي
يستاهل .. خبري في ولد عمي رجال يقدر و يحشم و يصون .
رطب شفتيه وهو يحاول ترتيب الجُمل رغم شعوره بالأرض تتمايل تحت قدمية لفرط
الخجل ولكن هو لم يهرب ولم يكن متخلياً : وأنا مثل ما تخبرني .
ضرب بقبضته أعلى سيارة سعود وهو يشد على فكيه : أجل هذا ويش ؟
سحب نفس عميق ثم تنهد : أنت تعرف أن ما يشيل حزني الا خلوتي مع نفسي .
سهاج بحزم : جرب تبلعه و توقف هنا .
نظر له : ماني بمثلك .
سهاج بذات الحزم : تعلم .. أجبر نفسك .. من متى والدنيا تمشي على هوانا .. أن كانك
على خبري ارواحك للمجلس و علمهم ماهي بزينه بكره لا جو خطاب نقزت في وجههم
وقلت والله أنا خاطب بنت عمي .. ما تنهان بنت هذال وأنا رأسي يشم الهواء .. أمش
و علمهم أنك خاطب بنت عمك والا طس وأنا أروح أعلمها بسواتك .
كاد أن يصرخ به ولكنه عض على لسانه فما زال هُناك رجال في مجلس عمه .. ثم
ما بال فؤاده يحترق الان ؟ ما هذا الشعور ؟
تجاوزه سهاج بعد أن طال صمته : توكل الله يستر عليك .. ما والله بنت هذال بحاجتك
الا أنت الخسران .
سحبه من كتفه وهو يشد على فكه محاولاً السيطرة على غضبه : أبك أنت علامك .. وين
أروح وأهرج و جوا فيه معزين .
ابعد كفه بقوة : عشان فيه معزين أنت لازم تتكلم .. كذا يسمع بالخبر القاصي و الداني .
لوح بكفه : أسبقني وانا جايك .
نظر له ببرود ثم غادر ليحل سعود عصبة رأسه و يعيد لفها وذاك اللهيب في قلبة
لا يخمد ابداً بل يشعر به يزيد .. لا يتخيل فعلاً بأن سهاج يخوض معها في حديث
ما .. سحقاً لسهاج و شخصية سهاج وقرب سهاج .. لم يتوقع يوماً أن يشعل رفيقة نار الغيرة
في قلبة .. مسح على وجهه مستغفراً و عاد أدراجه نحو المجلس ليدخل ويجد سهاج يتحدث
عن مشكلة أبناء عواد و حميد : تركتهم في أرضهم تقاسموها ولا أحرقوها بكيفهم ولا أحد
فيكم يتدخل .. خلوهم يتعبون نفسهم شوي و يتذكرون حق المسلم على المسلم و يعرفون
وش معنى العدل .
جلس وهو يعاني لأول مرة في حياته من فتح موضوع .. أخذت الأحاديث تدور و سهاج
لم يلتفت نحوه ابداً .. كان يريد منه إشارة فقط ولكنه بخل فيها ذاك العنيد .. تنحنح ليلفت
أنتباههم ثم قال بهدوء و نبرة واضحة : دامكم متجمعين اليوم بغيت أعلمكم بشيء .
عم الصمت المكان وجميع الأنظار قد توجهت نحوه فأكمل : قبل وفاة عمتي بأسبوعين
هرجتها بخطبتي لبنت هذال و عطتني الموافقة .
حين تبادلوا النظرات المستغربة لكون أمر مثل هذا لم ينتشر : بغيت أخذ جاهتي بعد رجعة
العيال مير ربي ما قسم .. و سهاج عنده علم من قبل .
فوراً توجهت الأنظار لسهاج الذي قال بهدوء : كلمتني عمتي بالخطبة مير مثل ما قال لكم
سعود ربي ما قسم نروح لها .
عادت أصواتهم لتفاعل والجميع يدلي بدلوه من اقتراحات للخطبة و هل يقدمان عقد النكاح
ام يأجلانه ولكن سعود تدخل بذات الهدوء : ماني بعاقد هالحين .
سأله لفاء : أجل متى ؟
استراح في جلسته : بنت هذال هي اللي تقرر .. بس الأكيد أن هالكم شهر صعب نعقد
فيها .
ظهر عدم الرضا على ملامحهم و السبب واحد وقد صرح به لفاء : ما يصير تقعد البنت
كذا .. أذا بتأجل كيفك مير بنت هذال بترجع مع أمها لشرقية .. هي متكلمة مع أم عبدالله
تقول ما اقدر أتركها .
لا بأس فقط ستذهب لن ترحل للأبد بالطبع لن تبقى هُنا لوحدها دون محرم .
..
ولكن ما يجهله لفاء سعود أنها تجلس بصمت أمام والدتها بينما الأخيرة تمشي بالغرفة ممسكة
برأسها لا تعلم كيف تقنعها .. عادت لتجلس أمامها وهي تسحب نفس عميق : بالله كيف
بتقعدن حرمتين لحالتسن ؟
ليلى بهدوء : مثل ما قعدت مع جدتي .. بعدين خلاص أنا ماني براجعه هناك بقعد هنا داخل
السور واللي هنا أبوها و أخوها و بنيخيها .
احتضنت وجهها بكفيها لتمد حبال الوصل بين نظراتهُن : ولا واحد منهم محرم لتس .
تنهد والدتها لا تفهم ابداً .. سماهر دخلت المنابر تحت حماية جدتها و بما أن جدتها قد رحلت
إذاً هي من ستتكفل بكل ما تركته وها هي تنقل الحديث لمستوى أخر : ومن قال ما عندي
محرم هنا ؟
ضربت كفيها ببعض وهي تفهم ما ترمي له أبنتها : ليلى تكفين لا تجننيني .
رفعت كتفيها : يمه والله تكبرين الموضوع وهو ما يسوى .. في النهاية حنا مخطوبين .
تعاظمت غصه في حلقها وهي تسمع حديث أبنتها اتريد أن ترتبط في ظروف مثل هذه .. يا
رباه كيف بهتت الحياة في عيني صغيرتها .. يا الله كم هي نادمة على تركها مع جدتها .. ليتها
داست على الخوف بقدميها كما تفعل كل الأمهات وحاربت من أجل أبنتها .. كانت تستحق أن
تتشبث بها والدتها ولكن والدتها فرت بعيداً خشيه أن يستيقظ أعظم كوابيسها فيعيدها والدها
إليه رغماً عنها .. كانت تريد أن تتحدث بالكثير و الكثير ولكن في النهاية هي خسرت أكثر
.. لا يحق لها أن تأتي الان و تأخذها لمكان هي لا تُريده .. لا ترغب به ابداً .
طرقات على باب الغرفة تبعها صوت سماهر : ليلى .. عبدالله يبغاتس فالمجلس .
اقتربت لتقبل جبين والدتها ثم تهمس : لا تزعلين .. أنا ما بقى لي غيرتس .
احتضنتها غدير و دموعها تنهمر : سامحيني .
شدت من احتضانها لوالدتها : والله لو تشبين فيني النار ما زعلت منتس .
نهضت لترتدي عبايتها و تنزل للأسفل وحين ظنت بأنه سيكون في مجلس الرجال الخاص
بهذا المنزل تفاجأت بسماهر تخبرها بأنهم في المجالس الخارجية .
هل تحدث لهم ؟ لما ذهب عقلها لاستنتاج ذهابه اولاً ..ربما لأن جدتها أخبرتها بأنه حين
يتضايق يبتعد عن الجميع .
خرجت وهي تمشي بهدوء .. الجو غريب اليوم .. رفعت كفيها لتنظر لهما وقد تحول
بياضهما للون البرتقالي بسبب الضوء الذي يعبر المكان وكأن السماء قد تزينت بالشرار
حين أقترب وقت المغيب .. تنهدت وهي تنزل كفيها و تكمل طريقها للمجلس الأصغر
و الأقرب من المنازل حيث تعقد فيه أغلب اجتماعاتهم العائلية .. كثيرة هي المرات التي
ودعت بها كفها كف جدتها حين يصلن لمنتصف هذه الساحة لتكمل هي طريقها نحو احد
المنازل بينما تلك الحبيبة برائحة المسك و الحناء تذهب لهذا المجلس ..
حين وقفت قرب الباب طرقته بخفه ليأتيها صوت لفاء : ادخلي وأنا عمتس .
دخلت و هي تهمس بالسلام و جلست على أقرب مقعد وهي تشعر بالدوار ظنت بأنها ستجد
عبدالله و لفاء فقط .. ولكن هُناك طرف ثالث يجلس على الطرف الأخر ومن بُنية جسمه عرفت
بأنه ليس سهاج إذا لا بد وأنه هو سعود .
كان لفاء هو الوحيد الذي يجلس معها في نفس الجهة وأن كان بعيداً بينما عبدالله و سعود
يجلسون في الطرف الأخر عند ابعد نقطه .. سألها لفاء : كيفتس اليوم .
همست بصوت خجول لا تعلم أن كان قد وصله ام لا وهي تتمنى لو أجلت اللقاء حتى تطلب
من أخيها معاذ أن يحظر : بخير الحمدلله .
حرك حجر مسبحته : أدري أن وضعنا ما هو بيساعد على هذي المواضيع مير أنها ضرورة
ولا تشرهين علي كان نشدتتس .
هزت رأسها نافيه : محشوم يا أبو عبدالله .
تنهد ثم نظر نحو سعود : ولد عمتس جانا قبل شوي للمجلس و علمنا بخطبته لتس .
صمتت كتأكيد على صحة ما قال سعود و لكي يكمل لفاء حديثه .. فأكمل : الربع قاموا يهرجون
واللي يقول عجلوا بالملكة و اللي يقول نتركها لبعدين و ولد عمتس قال أن الشور في يد بنت
هذال .. هاه وش قلتي ؟
يا الله كم هي محرجه و تتمنى لو تذوب أو تعود في الوقت و تترك أخيها حلقه وصل ..
الان كيف ستقول بأنها تريد أن تعجل بالملكة في وجوده تقسم بأنها أن فعلت لن تستطيع النظر
لوجهه يوماً .. دعكت كفيها ببعض و نظرها للأسفل ليأتيها صوت عبدالله : قولي اللي ودتس
فيه ولد عمتس ما ترك الأمر في يدتس وهو في خاطرة شيء .
هل يظن بأنها تريد أن تأجل .. سحبت نفس شعرت بأنه بقي واقفاً في منتصف صدرها لم يكمل
طريقة ولم يعود ادراجه بل زاد ازدحام صدرها .. حاولت أن تبين نبرتها واضحة ولكنها
خرجت محملة بالحياء و التوتر : لا ما عندي مانع .
شد على قبضته حين شعر بتيار كهربائي يسري بأعصابه .. كيف كان اناني و فكر بالرحيل مع
حُزنه بعيداً .. بالتأكيد لا تريد أن تذهب مع والدتها .. وكيف يتوقع منها غير ذلك وهي من
عاشت حياتها هُنا و والدها ما زال هُنا .. نظر نحو عمه حين تحدث : أجل لازم توكلين
أحد عشان يصير وليتس فالعقد .
ليلى وهي تنظر نحوه : اللي أعرفه أن أنت الأقرب لي فالتعصيب .
هز رأسه مؤكداً : أيه أنا الأقرب ومن بعدي عيالي ثم عيالهم .. أجل بكره نطلع نخلص
الفحص و انا بكلم ربعي عشان ما نتعطل في الإجراءات .
نهضت عندما انتهى وهي تهمس : عن أذنكم .
زم شفتيه وهو ينظر لعمه الذي قال : ما يحتاج أوصيك على بنت عمك أنت رجال و فاهم مير
بعلمك بكره لا ركبتك عفاريتك والله أن تلقاني في وجهك وأني ما ارد أحد عنك .
استراح في جلسته : أن ركبتني عفاريتي ثور فرأسي و ريحها مني .
مالت شفتيه بابتسامه ساخرة : زين جات منك .. خفت أقولها لك ثم توطي رجلك ولا عاد
نشوفك الا من حول للثاني .
غادر عمه ونظر هو لعبدالله : وراك ساكت .
فتح كفيه : ما عندي شيء أقوله .
نعم لا يوجد ما يُقال .. الوجع في صوتها الخجول كان أكبر من كل شيء .. أعظم من
أحرف تخرج من الفم .. تمنى لو أن لديه الحق في النهوض و احتضان كفيها .. اه كم
ألمه اشتباك كفيها وهي تبحث عن جُملة لتقولها .
تنهد سعود وهو ينهض و يخرج ليجد عمه واقفاً يتحدث مع أحدهم عبر الهاتف ( ايه وأنا عمك
و ترا كلمتها قبل أكلمك ماهو عشاني متعديكم يا أخوانها بس قلت أسمع منها هي وأتأكد بنفسي
.. و وجهك وأنا عمك .. وأسمع اللي تبغونه حنا حاضرين فيه تستاهل بنت هذال نبذل لها
الغالي و النفيس .. أيه وأنا عمك أنا وليها ... )
ابتعد و عمه ما زال ممسكاً بالهاتف يتحدث مع أخو ليلى .. عمه سيكون وليها بسبب صلة
القرابة التي تجمعه مع جميل والد هذال ولأن الولاية في الزواج كالمواريث فالأحق بالولاية
هو الأقرب تعصيباً و جده هو الأقرب يليه أبناءه ثم أبناء أبناءه .


-------------------



تجلس على كُرسيها المتحرك في المشتل لوحدها تقلب صفحات من كتاب وجدته بين
اشيائها القديمة .. لا تعلم متى اقتنته ربما في أحد المرات التي زارت بها سوق عكاظ
مع عمها نزال .. وبينما هي تُقلب في صفحات الكتاب ضايقها النور المنعكس على
زُجاج المشتل فحركت كرسيها لتكون في مكان بين نباتات طويلة نسبياً تحجب عنها
هذا الضوء المزعج لطرف عينها .. رفعت كوبها الحافظ للحرارة بلونه الزيتي لترتشف
من الحليب الدافئ .. هي تتبع نظام غذائي جيد لكي تتعافى سريعاً .. لديها خُطط تريد
أن تٌنجزها و تحتاج العافية حقاً .. تصلب جسمها حين سمعت صوت الخطوات ثم
ظهور ذلك الظل أمام الباب تبعه دخول صاحبه الذي التقط أبريق الماء و اتجه لأصيص
صغير على الطاولة البيضاء التي تحتل جانباً من المشتل و صف فوقها عدد مُعين من
النباتات و في الوسط حوض صغير بصنبور ماء .. جهز جدها المكان كما تحبه جدتها
لذلك خرج بشكل مُريح لنفس و العين وكان ملجأ للجميع .. ملأ الأبريق بالماء و اسقى
تلك النبتة وحدها قبل أن يتركه جانباً و يقف يتأملها بصمت .
بقت في مكانها غير قادرة على الحركة عيناها تطوف على تفاصيل منكبيه لما يُهيأ
لها بأن هُناك حمل يثقله .. حتى هذه التنهيدة التي صدرت من صدره شعرت بها
تزعج أحاسيسها .. ماذا يزعجه ؟ ولما هذه النبتة وحدها من ضفرت بالماء دون غيرها ؟
ليس اهتمام منها به ولكن هي مؤخراً أصبحت تركز على تفاصيل القصص العابرة من
حولها لا تعلم هل تجد بها سلوى ام أنها أصبحت فارغة من الداخل لتركض خلف
تلك القصص .. اتسعت عيناها برعب حين التفت فجأة و بسرعة نحوها لتدرك أخيراً
أنها في ذات المكان مع نفس الشخص و لوحدهما .. شدت على الكوب و عيناها
لم تنزل ابداً عن عيناه .. كيف تهرب الان ؟
..
حين ذهب كل واحدٍ لمنزلة أخذ يتجول هُنا و هناك ثم تذكر بأنه لم يسقي تلك النبتة
التي زرعها مع جدته و أخبرته بأنه مسؤولاً عنها .. دخل و أفكاره تتجول في طرقاتها
.. وكأن قدمية و أفكاره قد أقسموا بأن كل طريقة لغيرها حرام .. تلك الأحاديث التي
نقلتها له والدته أذهبت النوم من عينيه و سلبته الراحة التي لم يألفها يوماً مُنذ استحلت
صدرة و أدرك بأنها مصير لا شيء قد يغيره .. حتى كانت أخر دعواته فجر اليوم
أن ( يالله أنك تبتليها بمثل ما بليتني ) هذا أخر ما تبقى له من دعواته .. هي لن تزول ولن
تغيب و لن تأتي فلعل هذه الدعوة تُستجاب و تذوق ما يذوقه هو .. يقسم بأنه حارب بكل
ذرة تكونه .. يقسم بأنه نهى قدمية مرات و مرات عن طريقها .. يقسم بأنه حررها أكثر
مما تمسك بها لعلها تذهب ولكنها ثابته لا تتزحزح ولا تنوي الرحيل ولا حتى اللجوء إليه ..
تنهد بحسرة على حالة قبل أن تسري قشعريرة في ظهره وكأن أحد يحدق به .. لا هو متأكد
بأن أحدهم يشاركه المكان فألتفت للخلف لتقع نظراته على عينيها .. أساقتها الأقدار كاشفة
عن عينيها لتجدد النصر العتيق في احتلال بصرة .. رباه ماذا أفعل ؟ هي تحرقني و تذروني
رماداً لا تحمله الريح الا لدروبها .. ماذا أتى بك لهُنا ؟ هل ضاق صدرك كما استحكم بحلقاته
على صدري ؟ هل هرب النوم من مُقلتيك تاركاً أثر السهر كما فعل بمُقلتي ؟
أرخى نظره للأسفل وهو يدعو ( رباه أني فعلتها من أجلك ) ثم بصوت هادئ وهو
يجر الخطوات نحو الباب : السموحة يا بنت العم ما دريت أن فيه أحد .
..
نعم ذهب بعد أن غض بصرة .. لم يُلقي التحية او يسأل عن الحال .. لم يُطيل النظر
لها .. زفرت نفس الراحة لتحبسه سريعاً حين ظهر أمامها عمها نزال و نظر لها بصدمة
: أنتِ هنا .
ثم ذهب نظره نحو الباب قبل أن تشتعل نظراته غضباً فقالت بسرعة : والله ما هرجني
ولا حتى سلم .. دخل وما كان يدري أني هنا وأعتذر وطلع .
نظر لها بحدة لتقول بتأكيد : والله .
مسح على وجهه مستغفراً عن سوء ظنه .. كان قدر ذهب لبيت حزام يُريد أن يقابلها
ولكن سديم أخبرته بأنها في المشتل وفي طريقة لمح عياش يمشي عائداً للمنزل فركض
نحو المشتل ليتأكد أن كانت هُناك وهو يتهدد عياش في داخله .
جلس على الكرسي الخشبي وهو ما زال يغطي ملامحه بكفيه لتهمس : لهدرجة ما تضمنه ؟
نظر لها بدهشة لتكمل وهي تشير نحو الباب : دخلتك كذا و وجهك يقول أنك ما تضمنه .
ضرب بكفه على الطاولة الخشبية : من يضمن العشاق يا رشا ؟ بعدين ما شكيت باللي
تلمحين له بس ما بغيته يتكلم معتس .
رفعت الكوب لترتشف منه بصمت بينما هو كان ينظر لها ثم قال : كنتي كاشفه عن عينتس .
شهقت وهي تتلمس نقابها جهة عينها فعلاً نست أن ترفع طرحتها لتغطي عينيها حين
شاهد ارتباكها ميل شفتيه وهو يسر في نفسه ( مغر حظه اللي ساقه يمتس )
لوح بكفه : ما علينا .. وش عندتس هاجه من البيت .
ميلت شفتيها وهي تنظر له بسخرية : حتى هذي بتحاسب عليها .
كشر بضيق : تدرين زين أنه مب قصدي مير لا تلفين و تدورين أنا وأنتِ حافظين بعض .
هزت رأسها بهدوء وهي تضع الكتاب بجوارها : هذا كان ظني بس طلعت مفوته عنك أشياء
واجد .
رفع حاجبه : وش فوتي ؟
نظرت له و عيناها تلمع بتلذذ تترقب تغير ملامحه : فاطمة .
قرب حاجبيه و هو يدعي عدم الفهم : علامها ؟
عادت بجسدها للخلف وقالت ساخرة : لا .. ما تدري أنك كنت جاي على وجهك .
اتسعت عيناها : والله ما هواتس الصحو .. بنت هو ضرب رأستس بعد وأنا ما أدري .
شخرت بسخرية : لا بس ضربته اللي خلتني شهر لحالي مع الجدران خلتني بعد أنشغل بخلق
الله .. محل الحلى اللي تعنيت عشانة .. و الأسئلة المبطنة .. و سبحان الله فجأة عمي الدكتور
الفاهم المثقف و اللي على درجة كبيرة من العلم قرر يتزوج صلح رغم أنه كان دائماً يقول
الزواج لازم عن اقتناع .. الزواج ماله دخل فالعائلة .
لوح بكفه وهو يشيح ببصره : الا قعدة الشهر خلتتس تنهبلين .. لحظة بجي اقرأ عليتس .
نظرت له وهو ينهض بالفعل و يضع كفه على رأسها و يبدأ يقرأ بعض الآيات .. بينما هي
أغمضت عيناها و استسلمت لهذه الراحة .. مر وقت طويل على سماعها لترتيلة .. حين انتهى
عاد لمقعده و تنهد : ايه وش العلوم .
رفعت كتفيها : لا جديد .
شبك كفيه : ليتتس قضيتي هالشهر بالتفكير في نفستس ولا قريتي لتس كم كتاب و لخصتيهم .
تنهدت وهي تضم ذراعيها لصدرها : حتى لو فكرت في نفسي من بيخلي أفكاري حقيقه ؟
تجره نحو منحدر خطر ولكن هو ايضاً سأم من الخذلان الذي يحيطها : أنا معتس و ربي
ما يضيع تعب عبده .
حررت ذرعيها : ابغى أكمل دراستي برا .
عقد حاجبيه وهو يسرد الحقائق : الأبتعاث بيفتح بعد كم شهر وأنتِ للحين باقي لتس
مادة ما اختبرتي فيها .. و صحتتس ما تساعد وهنا ما أتكلم بس عن الكسور لا نفسيتس
ماهي بحمل غربة .. الدراسة ما هي بحل نهج له .. بالعكس يمكن كذا تشقين نفستس زيادة ..
أذى تبغين الابتعاث عشان العلم بس أبشري به أنا متى ما شفت أنتس مستعده ساعدتس
عليه .. واذى تبغينه عشان بس تروحين ما اقدر أجني عليتس .
تنهدت : و قعدتي كذا ما راح تساعدني بشيء .. نزال أنا أحيان أتخيل نفسي واقفه قدامهم و
معي سلاح افضي كل ذخيرته فيهم .. اللي أخطأ واللي ما أخطأ .. والله أني صرت أخاف
من نفسي .. حسبي الله و نعم الوكيل .
نهض و سحب كرسيه حتى وضعه أمامها وعاد ليجلس عليه : طبيعي .. كل واحد فينا
له حد .. حد لصبره .. حد لحبه .. و حد للأشياء اللي يقدر يعطيها .. ماهو بغلط أنتس
وصلتي لأخر حدودتس لكن الغلط أنتس تزيدين الضغط على نفستس و تحذفينها ورى
هذي الحدود .. ما وراها الا الهلاك يا رشا .. ومحد بخسران غيرتس .
فتحت كفيها : والحل ؟
استراح في جلسته : اشغلي نفستس بأشياء كانت في خاطرتس .. فكري وش هي الأشياء
اللي كنتِ تبغينها و سويها .. أرجعي تدربي على السواقة و طلعي الرخصة .. خلصي
من أختبارتس الأخير و تخرجي .. اذا كان فيه مجال معجبتس سجلي بكل دوراته حتى لو
كانت برا الطائف عادي أنا أوديتس .. هذا الوجع لا يهزمتس .. استغليه وجهيه لمصلحتس .
سحبت نفس عميق وهي تشيح ببصرها نعم كانت تتهرب من لقائه و الحديث معه لأجل
هذا التأثير .. هو وحدة من يملك القدرة على توجيه أفكارها نحو طريق مغاير دوماً .
حين لاحظ الضيق في عينيها قال : و ما يضر لو انشغلتي فيهم شوي و بردتي شوي من
قهرتس بس تذكري مو كل شيء نسعى له يرجع علينا بالزين .. الا يمكن يخسرنا أكثر .
لوحت بكفها : ما أظن بقى عندي شيء أخسره .
ابعد الكرسي مع نهوضه و دار ليقف خلفها و يدفع كرسيها : عودي نامي و المشتل تعالي له
الصبح تعرفين أمي مانعه علينا دخوله من الصبح للعصر .
رشا : ما استفيد أنا ابغى اقعد لحالي .
نزال وهو يطرق باب حديقة منزلهم : أجل أذا رحتي له علميني أنبه عليهم .
هزت رأسها بالموافقة حين فتحت رهف الباب لتدخل بينما نزال مد كفه ليمسح على رأس رهف
: تصبحين على خير .


-----------------


صباحاً كانت تقف أمام باب المنزل ممسكة بالمفتاح و تنظر للباب الحديدي وكأنها تنظر لكل
ما تملك .. كيف تعود لدخول هذا المنزل و البقاء في حضنه دون حزن .. نعم مستحيل ولكن
هي راضيه بأي شيء طالما ستجد نفسها هُنا من جديد .. سحبت نفس عميق وهي تدخل المفتاح
في القفل و تحركه ثم تدفع الباب بخفه ليظهر خلفه عالماً أخر لا يشبه ابداً العالم الذي كانت
تعيش فيه لثلاث أيام .. رباه هل يُخيل لها أم أن أنها تسمع صوت نحيب الجدران .. رباه هل
جُن جنونها و الان هي تسمع صوت باب غرفتها يدعوها لتخطو نحوه مُلبيه النداء .. ثم ها هي
تفتح الباب لتنتعش رئتيها براحتها العالقة في كل مكان .. وتنحني لترفع تلك السجادة التي بقت
مفروشة وأخر ما تعهده من فقيدتهم هي همساتها في السجود .. طوت الفراش أيضاً و احضرت
المكنسة لتمررها على سجاد الغرفة ثم ها هي تمرر منشفتها على تفاصيل نافذتها و خزانة
ملابسها وعلى تلك الطاولة التي ترتب فوقها عطورها و مكحلتها .. ثم دخان العود ينتشر
في المكان يحاول أن يُجاري هذه الأصالة العتيقة التي تحيط به .. جلست في منتصفه الغرفة
وهي تتأمل كل أشيائها .. هل هذا الوجع المسيطر على روحها و السلوى الكاذبة التي تنتحب
في أقصى حنايا القلب هي ما كانت تشعر به جدتها حين تشبثت ببقايا والدها .. أكانت تجد
رائحته تعبق في المكان كما تعبق رائحتها في رئتيها الان .
نهضت و أغلقت الباب فلا فائدة ترجى من أشياء الراحلين .. أشيائهم تحمل الألم فقط ..
و ذكريات مهما بحثنا فيها عن السلوى زادت من نزف جروحنا .
دخلت غرفتها و رتبت حقيبتها .. تركت الكثير من الأشياء و أخذت القليل .. تركتها لتكون
حجة للعودة .. ليس لتقولها لأحد بل لتكذب فيها على نفسها .. تركتها كممر صغير في زُقاق
قديم مهجور لا يدله أحد ولا يعرف سبيلة سوا قدميها .
وأن كانت حقيبتها التي وضعتها قرب الباب صغيرة فرفيقتها خرجت بعدة حقائب مؤكدة
بأنه الوداع فعلاً .
..
بعد أسبوع و أربعة أيام ..
نظرت لجيداء بتحذير : يا ويلتس تثقلينه .
ميلت شفتيها بملل : يا بنت والله بخليه أبسط من البسيط بعد بس خليني أشوف شغلي .
تنهدت وهي تغمض عينيها لتبدأ جيداء بوضع زينتها الخفيفة ولم تكن لتضع شيء لولا أن
سعود قد أصر على مقابلتها بعد عقد القران .. ظل بلون زهري باهت في طرف عينها ثم كحل
بُني مموه في زاوية العين و مدمع بسيط باللون البني ايضاً .. قلوس على شفتيها و زينت خديها
لون الزهر أيضاً .. حاولت أن تبعد شحوب ملامحها و نجحت فعلاً ولكن أن ذهب الشحوب
كيف يذهب الحزن من عينيها .
الجميع يحاول أن يتصرف بشكل عادي لعلها تخرج من جو الحزن ولكن لم ينجح أحد ابداً
و أن أظهرت هي الهدوء .. لا يمكن أن تنسى بأنها بدون والدها و مقدمة على هذه الملكة لأن
جدتها رحلت وهي لا تريد أن تفارق المكان الذي عاشت فيه .
لحظات و أتصل بها معاذ لتنزل للأسفل فقعد القران في منزلها .. وقفت قرب الباب و المأذون
يسألها وهي تجيب ( لا شروط .. لا رقم في خانة المقدم أو المؤخر .. و موافقة على كون لفاء
هو وليها وجب أن يسمعها منها المأذون ليتأكد كما تأكد من موافقتها على سعود بن نزال زوجاً
لها .. عاد المأذون لمكان بين لفاء و سعود ليسأل الأخير : تبغى تحدد المهر .
سعود بهدوء : أيه أكتب مئة ألف .. و المؤخر مثله .
ليس لشيء أختار هذا الرقم سوا ليثبت لهم بأنه يعتز بها .. بصمة لسبابته و كذلك لسبابتها
لتأتي بعد لحظات رسالة على أرقام هاتفيهما مؤكدة لعقد قرانهما .. أصوات لتباريك ثم
مغادرة لمجلس لفاء الخارجي من أجل تناول طعام الغداء الذي أعده احتفالا بهما ..
وبقي هو مع أخوتها معاذ و تركي بانتظار قدومها قبل أن ينهض هو مستأذناً للحظات بعد
أن تذكر الهدايا التي تركها في منزلة .. أسرع في خطواته ليدخل منزله و يأخذها ثم يعود
وقف قرب الباب ليطرقه فيأتيه صوت معاذ : أدخل .
دخل ليلمحها واقفه على يسار تركي وضع الأكياس الفاخرة على الطاولة ثم اتجه نحوها
ليمد كفه مصافحاً لها و مُباركاً : مبروك يا بنت هذال .
لامست كفه بخجل ثم سحبتها سريعاً : الله يبارك فيك .
انحنى معاذ ليأخذ هاتفه من على طاولة الضيافة : حنا نستأذن يلا يا تركي .
مر من جوارها ليهمس لها : دقائق و أرجعي لجوا .
همست بخفوت : أبشر .
مسح تركي على شعرها وهو مغادراً .. وهي بقت واقفة بفستانها السماوي الذي يحتضن
صدرها و خصرها بقصة أنيقة و يتسع بخفه للأسفل .. يُشابه فساتين الأعياد لطفلة تحاول
أن تدور و تشاهد إلى أين سيبتعد طرف فستانها .. أكمامه تلامس مرفقيها بنعومة و شعرها
ينعم بقيلولة على كتفها الأيسر ..
قطع متعته البصرية وهو يشير لها بأن تجلس : أجلسي ليه واقفة .
جلست على نفس المقعد بينما هو ذهب للكرسي الذي كان يجلس عليه معاذ و أصبح يفصل
بينهما كرسي فارغ .. قبض على يمناه يحاول أن يبعد القشعريرة التي سيطرت عليه
بسبب لمسة كفها .. ولكن أن زال هذا الشعور من يبعد الشعور الذي يسيطر على قلبة
بعد أن علق بصره على ملامحها .. كان لديه حديث تعب على ترتيبه ولكن حضورها الخجول
بعثره .. ثم تذكر امراً أخر ليشير على الطاولة حيث الهدايا : الكيس الأحمر هذا هدية خالتي
و تعتذر منتس ما قدرت تحضر هي عندها شغلها و هالفتره صعب تطلع من الشرقية .
لوحت بكفها وهي تنظر للكيس الأحمر : ماله داعي كلفت على نفسها .
هز رأسه نافياً : أجل زين أنها ما حضرت و سمعتتس .
نظرت له باستغراب بينما هو أبتسم لها : كم لها تحتريني أخطب .. عاد يوم ربي كتب لي
شيخة جيلها تقولين ماله داعي .
أخفضت بصرها و وجهها يشتعل بينما هو سألها : معتس جوالتس ؟
هزت رأسها نافيه لينهض وهو يخرج هاتفه من جيب ثوبه و يجلس على الكرسي بجوارها ..
و يرفع هاتفه : قربي بنتصور .
نظرت له بتردد بينما هو مد ذراعه ليحيط كتفها و يقربها منه و هو ينظر للكاميرا : ظلم إذا
ما وثقت هالزين .
شبكت كفيها ببعض وهي ترفع نظرها لكاميرا الهاتف و تحاول أن ترسم على شفتيها ابتسامة
صغيرة .. توقعت حين طلب لقائها بأنه سيتحدث عن أمور كثيرة بسبب الوضع الذي عقد فيه
قرانهما ولكنه يتصرف بشكل طبيعي دون أي تكلف .
خرج من تطبيق الكاميرا ليفتح على جهات الاتصال : عطيني رقمتس و برسلها لتس .
ابتسمت وهي لا تستطيع منع نفسها من التعليق : لو طلبته بشكل مباشر ما قلت لا .
عض على شفتيه حين اكتشفت أمره و نظر لها : أحيان اميل للحيلة .
أملت عليه رقم هاتفها ثم قالت : اذا أرسلت الصورة لا تنسى ترسل رقم خالتك .. وأرسل
بعد لها رقمي .
مد كفه ليمسح على شعرها : أبشري ما طلبتي شيء .
سرت قشعريرة في كامل بدنها وهو مستمر بالمسح على شعرها و نظرة على هاتفه يرسل لها
ما طلبته فأخذت فرصتها بتأمل ملامحه .. يختلف كثيراً عن ملامح أقاربها ربما لأن والدته
ليست من عائلتهم ولا حتى من قبيلتهم .. ولكن مازال هناك شيء يربطه فيهم .. دمهم واضح
جداً فيه .. نظرات عينيه مألوفة بهذا العنفوان و الحدة رغم أنه في هذه اللحظة مسترخي في
ملامحة و نظراته يكسيها الهدوء .. وحدهم من يعرفون هذه العائلة يعلمون أنه في كامل هدوءه
الان .. بشرته تميل للاسمرار بسبب كثرة تجوله في الخارج .. حاجباه ليسا كثيفان ولا خفيفا
الشعر أنفه لا يشبههم ولكنه مرسوم بشموخ .. شفتيه غليظة .. فكه حاد و عارضيه خفيفين ..
ربما لحقه شيء من الوراثة او أنه يفضله بهذا الشكل .. كانت تنظر له بين الحين و الأخر
حتى لا يشعر بتأملها له ولكن هو رجل عاش في البر لوحدة كثيراً و لديه حواس حذرة من
كل شيء فكان يشعر بنظراتها له فأطال في تصفح هاتفه حتى يُعطيها فرصتها .. ثم تنهد
ليُعطيها إشارة تحذيريه بأنه سينظر نحوها ثم رفع نظره نحوها : أدري مو زين نطول
بجلستنا و بعد الريجيل يحتروني على الغداء لكن فيه شيء مهم بتكلم معتس فيه .
ليلى باهتمام : تفضل .
حك أسفل شفته وقال : أدري منتي بحاجة أحد يوصيتس ما شاء الله عليتس .. لكن بعد لتس
حق علي ولي حق عليتس و بنتكلم فيها .
هزت رأسها موافقة على سير حديثه فأكمل : أول شيء لازم تعرفينه أن محد له دخل فيتس ..
لا هنا ولا في أي مكان أنتِ مسؤوليتي أنا لحالي .. أن أحتجتي أي شيء لا تطلبين من أي حد
غيري .. أن كانتس بتروحين لمكان و معتس أحد أنتِ حرة لكن عطيني خبر مو لشيء مير
أنتِ غالية ولا أقدر اؤمن عليتس عند أي أحد .. أن كان المشوار لتس لحالتس دقي علي
وأنا أحب ما على قلبي خدمتس يا بنت هذال .
رسمت ابتسامه صغيرة : أبشر .
رد لها الابتسامة ونظره يذهب لكفيها حيث تفركهما ببعض يظهران كمية توترها و خجلها
عكس ما ترسمه جاهدة على ملامحها .. مد كفه لجيبة و أخرج مفتاح ليمده نحوها
: هذا مفتاح البيت .
أتسعت عيناها بصدمة بينما هو أكمل : البيت بانيه قبل كم سنة متى ما بغيتي روحي له
و شوفي وش تبغين نعدل فيه .. وأخذي معتس اللي تبغين كانتس ما تبغين تدخلينه لحالتس ..
مير غرفتي أخر وحده على اليمين الحريم لا يدخلنها يا بنت هذال .
مدت كفها و أخذته على استحياء : ما اظن أروح له قريب .
رفع كتفيه : عادي روحي له متى ما تبغين .. والحين ما عليتس أمر نادي لي ام معاذ بسلم
عليها .
نهضت بسرعة ولكنها توقفت قرب الباب حين نادها : ليلى .
فالتفتت نحوه قائلة بتلقائيه اعتادت عليها : لبيه .
حتى أنها لم تدرك بماذا ردت عليه ولكنها لمحت شيء توهج في عينية وهو يقول : لبيتي في
منى .. أنا بعد أسبوعين طالع أعتمر أن كان ودتس رافقيني .. نمشي الساعة تسع .. نعتمر
و نصلي الظهر و نعود .
ميلت شفتيها بتفكير ثم رفعت كتفيها وهي تتذكر أن جدتها تحتاج لها حتى لا ينقطع عملها :
تمام .
حين أغلقت الباب خلفها زفرت براحه بعد أن كانت أعصابها مشدودة .. لا تعلم كيف ظهرت
تصرفاتها أمامه ولكنها متأكدة بأن أول تعامل مُباشر لها مع رجل كان صعباً جداً و مرهقاً
لفتاة لم تالف قرب الرجال ولم تخوض يوماً في حديث معهم سوا مرات عديدة كانت كسؤال
و جواب و الوحيد الذي تحدثت له كان لفاء أيام العزاء .. صعدت للأعلى وما أن التفتن
النسوة نحوها كادت أن تذوب من الحياء وهي تشير لوالدتها : يبغونتس تحت .
وقفت غدير وهي تقول مبتسمه : يا حليلة والله أنه ما نسى عمته .
قالت نورية بابتسامه : سعود أجودي .
أشارت لها والدتها أن تلحق بها ولكنها رفضت فنزلت غدير لوحدها بينما هي اتجهت لتجلس
قرب سماهر التي احتضنتها وقبلت جبينها .
في الأسفل سحبت نفس عميق و طرقت الباب ثم دخلت لتجده قد وقف مرحباً بها .. القت السلام
وهي تقترب منه بينما هو تقدم ليقبل رأسها ثم يصافحها : عساتس بخير .
غدير وهي تشد على كفه : الحمدلله من فضل ربي .. كيفك أنت .
كانت تسأله وهي تتجه نحو طاولة القهوة بعد أن لمحت الطاولة الصغيرة أمامه فارغة و يبدو أن
أبنتها قد نسيت أن تضيفه لشدة توترها .. جلس وهو يرد عليها : أنا بأحسن حال يا ربي لك
الحمد .
لم يرفض القهوة رغم أنه قد أكتفى منها احتراماً لها .. مدت له الفنجان مبتسمه : أعذرها
بنيتي ماهي متعودة تأخذ و تعطي مع الريجيل .
أرتشف من فنجاله ثم قال : معذورة وأنا صرت أقوى منها ولا ضيفتها .
تحدث معها قليلاً قبل أن ينهض و يمد عليها بظرف ابيض مزينة حوافة بخطوط حمراء و
زرقاء : تفضلي و اعذريني على القصور .
هي عادة عتيقه لم تزول فأم العروس يقدم لها مبلغاً من المال بعد الملكة او حين يُرسل لهم
بالمهر .. أخذت منه الظرف بخجل : والله ماله داعي وأنا عمتك .
ابتسم : حق و واجب .. استأذن العيال يحتروني على الغداء .
قالت وهي توصله للباب : أذنك معك .


-----------------


عصراً كانت قد انتهت من وضع زينتها و اتجهت لترتدي عبايتها حين دخل عائداً من المجلس
ما أن شاهدها أطلق تصفيرة أعجاب ثم قال : أن كان هالزين مب لي بزعل .
اقتربت منه و قبلت خده بخفه : أجل أخذ اعتذاري لأنه فعلاً مو لك .
ارتدت عبايتها وهو يسألها : على وين العزم .
نظرت له بطرف عينها : على أهلي .. الذاكرة عندك صايرة ماش .
لوح بكفه : الجداول بتنزل قريب وكل تفكيري فيها .
هزت رأسها بتفهم فهي ايضاً تخشى بأن تكون جداولهم مختلفة في أوقاتها تعلم بأنه لا بد وأن
يواجهون أمر كذلك ولكن لا تُريده في أول سنة او على الأقل الترم الأول .
أخرج مفتاح سيارته وهو يقول : أذا جاهزة مشينا .
نظرت للمفتاح في كفه وقالت بهدوء : عادي لو أروح لحالي ؟
بان الضيق على ملامحة وهو يفهم ما تلمح له ولكنه قال : وليه ؟ عيب أول زيارة لهم وتروحين
لحالتس .
سحبت نفس عميق وهي تعود لتقف أمامه : نزال تكفى ما أبغى يصير شيء بينك و بين عمر .
لمعت عيناه بحدة وهو يقول : وليه يصير ؟ وش بيني و بين أخوتس اصلاً .
رفعت كفيها وهي تبتعد : كذا ما راح نقدر نتكلم لا تسوي كذا .
نزال بحزم : ما فيه شيء نتكلم عنه .. تبغين تروحين لأهلتس الحقيني ما تبغين خليتس مكانتس
لكن طلعه بدوني ما فيه .
نزل للأسفل و وقف قرب الباب ينتظرها هل عليه أن يختبئ حتى وهو زوجها ؟ مهما كان
الوضع هُناك حقيقة الجميع مُرغم على احترامها أنه زوجها على سنة الله و رسوله .
حين سمع خطواتها مقبلة نحوه سار للخارج و ركب سيارته .. ثم كيف كانت ستذهب هذه
الخائفة و سيارتها ليست موجودة هنا .. كان ينقر بأصابعه على المقود حين جلست بجواره
صامته لينطلق خارجاً من مواقف منزلة ثم من السور نحو تلك المنازل التي لم يذهب لها
الا مرة واحدة يوم ملكتهم .. أوقف سيارته بالخارج و ترجل لتتبعه و يقول لها : خذي لي
درب .
دخلت وهي تسحب نفس عميق لتهدئه نفسها .. لم تكن تتوقع ردة فعله هذه ..
حسناً لو أنه رفض ذهابها لمنزل والديه تحت أي حجه لكانت غضبت ايضاً.. رنت الجرس
لتفتح لها أفنان التي كانت تنتظرها قرب الباب وما أن راتها أمامها احتضنتها بشوق
لتقبل فاطمة جبينها : يا روحي .
ابتعدت افنان وهي تسأل : زوجتس هنا .
هزت رأسها بالإيجاب لتقول : خليه يدخل للمجلس سيف هناك .. أبوي فالمستشفى و عمر
طالع من الظهر ما جاء للحين .
عادت ادراجها لتجده قد دخل فعلاً و سيف يمشي بجواره يبادله الحديث و السؤال عن الحال
وحين لمحها ابتسم ورفع صوته : حي الله شيختنا .
أشار لها وهو مقبلاً نحوها : اركعي وانا أخوتس لا تخليني اتمغط قدام الرجال .
ياالله كم تفتقده و تفتقد صخبة المحبب لقلبها .. فاجأته بحضن حنون بينما هو همس : أبك
فكيني لا يثور فيني الرجال .
قبلت رأسه بذات الحنان : خل عنك كثر الهرج ادري مشتاق لي لو ما ضميتك كان صياحك
وصل لأقصى المنابر .
حين حررته لوح بكفه : لا ما اشتقت الا اخذ راحتي و مبسوط اسوي المصائب ومحد يكشفني .
ابتعد هو يقول بصوت خافت : بروح اقهويه لا يزرى علينا ولد الشيخ .
أسرع عائداً للمجلس و دخل مرحباً : حي الله النسيب والله وزارتنا البركة .. علومك
و علوم شيبانك .
نزال بابتسامه : الله يبقيك .. مابه علوم حالنا مثل ما هو مير أن كان رقم سعود عندك ارسل
له وبارك تراه أملك على بنت هذال .
مد عليه بفنجان القهوة : ما شاء الله .. الله يجمع بينهم على خير .
ارتشف من الفنجال و سأله : وين أبوك و عمر .
سيف وهو يضع طبق التمر أمامه : أبوي فالمستشفى و عمر طالع الظهر مع أخوياه ولا اظنه
يجي الا بعد المغرب مير ما عليك بتلحق عليه و تتعشى عندنا .
لوح بكفه : خيرها بغيرها وأنا أخوك أنا لازم امر على الاسطبلات عندي شغل متراكم .
سيف بإصرار : افا بس تبغى تدخل بيتنا وتطلع بدون ما نضيفك .
كان سيحلف ولكن نزال تدارك الوضع سريعاً : والله ما تحلف .
سيف هو يأخذ فنجاله من جديد : أجل الثلوث و والله ما تقول لا .. ابوي جدولة فاضي
الثلاثاء .. قول تم تراه أن درى أنك طلعت بدون عشاء نتف رأسي هذا أن سلم من ام
جابر .
: وش فيها أم جابر .
نهض نزال لسلام عليها و على نادية من خلفها بينما سيف يقول : حلف ما يتعشى الليلة وأنا
حلفت عليه يعوضها بالثلوث .
جلست ام جابر بجوار نزال و أخذت فنجان القهوة من سيف : وراك هاج عن عشانا .
نزال باحترام : ماني بهاج مير وراي أشغال متراكمة و على قولة سيف العوض الثلوث
بأذن الله .
هزت رأسها بهدوء : زين .. هاه وش علوم ولد عمك .
نزال : أملك الظهر .
استأذن بعد دقائق من الحديث وحين أوصله سيف للباب و أغلقه عاد للمنزل وهو يمازح
فاطمة : أقول بالله اذا تكلمتم ما تحسون أنكم تعطون بعض محاضرة .
أفنان : وفالنهاية كل واحد يأخذ حضور الثاني .
نادية وهي تلوح بالمخدة الصغيرة : كلمة زيادة وكل واحد بيجيه نصيبه .
الجدة فاطمة وهي تحتضن وجه حفيدتها : اشهد بالله توه يرجع للبيت نوره .
أمسكت بكفيها لتقبل باطنها بحب : أنتِ نوره و رأس ماله الله لا خلا ولا عدم .
جلس سيف وهو يميل شفتيه : و نرجع لقحط المشاعر و الاهتمام .. كنت عارف أني دكه
احتياط .
أفنان بابتسامة ساخرة : بدري .. من يومك دكه احتياط .
عض على شفتيه مهدداً لها بينما هي اشاحت بنظرها غير مهتمة به .


------------------


كان يعبر الممر في نهاية دوامة .. و دخل لقسم العناية كعادة
لا تنتهي منذُ عشرون عاماً .. يبدأ به يومه و يختتم به عمله .. سحب الكرسي
وجلس بعد أن تفقد اشاراته الحيوية ثم فتح هاتفه يتصفحه يقرأ مقاله طبيه ويتحدث
عليه بأخر الأكتشافات و نتائج الأبحاث .. تمتم : المفروض تقوم و تسوي
عمليه على كثر ما علمتك و شرحت لك أكثر مما شرحت لطلابي .
رفع نظرة للجهاز ثم عاد لهاتفه قبل أن يعود من جديد بنظره للجهازحين لمح اختلاف
لا يكاد يذكر .. نعم الأرقام تختلف وها هو الأختلاف يزداد .. نزل نظره نحو
الممدد هناك ليقع نظره اسيراً لتلك النظرة .. عينان لا تعرف من الخوف سوا
أسمه و رموش تقف بشموخ تحرس تلك البقعة السوداء .. جيوش من العزة ترسلها
نظرات عيناه حتى و هو ينظر له بصمت و استغراب .
همس بصدمة و ذهول وهاتفه يسقط من يديه : هَذّال .
ليطرف برمش عينية بثقل كعادة تمر بعينية حين يريد أن يشير بنظرة لمكان اخر .. فأسرع
لسحب بطاقة التعريف على صدرة ليلقي بها على الأرض وكفه الأخرى تضغط على زر
الاستدعاء و صراخة يرتفع في المكان : أحد هنا ؟ تعالوا .
ليقطب هَذّال بحاجبيه منزعجاً من صوته الصارخ .. كانت عيناه تذبل لذلك ضرب راشد
على خديه برفق : هذال لا تنام .. تكفى لا تنام .
ثم تداخلت الأصوات و الأشخاص من حولة .. ومهما حاول أن يستوعب شيء يفشل
و يزداد الصداع حتى بعد فترة من الزمن كانوا قد عدلوا سريره ليصبح شبه جالساً و عيناه
تطوف على الوجوه .
و في أخر الغرفة كان يقف غير مصدقاً لما يراه .. كما قال فيصل هذا الرجل لا يشبه أي أحد
.. وكأنه لم يرى بشراً من قبل .. وكأنه مخلوق أخر .. استفاق من غيبوبة عشرون عاماً و ها
هي عيناه تطوف على من حولة لا تظهر نظراتها أي تلميح عما يدور في تفكيره .. بل أنه قد
أختار له هدف فعلاً فنظراته بين الحين و الأخر تتجه نحو راشد ثم ينزل بنظراته على صدره
بحثاً عن بطاقته التي التقطها هو حين كانت مداساً لأقدام الأطباء بعد أن تخلى عنها صاحبها ..
خرج ليترك للأطباء مجالهم و وقف أمام المتواجدين في الخارج : ما أحد له حق يبلغ أهله الا
الدكتور راشد .
لا يحتاج الوضع لأمر كهذا فالجميع ما زالوا تحت تأثير الصدمة .
في الداخل أقترب منه راشد : هذال تكلم .
وجه نظراته نحو عينا راشد ثم حرك لسانه بثقل شديد و نبرة خافته جداً : كــم ... لــي .
سرا تيار جديد من القشعريرة في سائر بدن راشد حتى أن بعض شعرات رأسه قد تطايرت ..
رباه هذا صوته فعلاً لم يتغير .. عقله عاجز عن التصديق .. و يعمل فقط بما أعتاد على فعله
لسنوات و سنوات كطبيب .. سحب نفس عميق وهو ينظر للأطباء من حوله ثم عاد بنظرة
نحو هذال : حرك يدك .
لمعت عيناه بنظره لم يفهم أحد معناها سوا راشد الذي تجاهلها مرغماً : حرك يدك اليمين .
بصعوبة حرك أطراف يده ثم توقف عن المحاولة و راشد يطلب منه تحريك يده اليسرى
ثم أقدامه .. كان الأطباء من حولة كُلن يسجل في ورقة معه البيانات التي تهمة ..
لم يجازفوا برفع جهاز الأكسجين عنه وتركوا الأمر حتى يتأكدوا بأن رئتيه قادرتان على
التعامل مع الأمر .. ثم أعادوا السرير ليرتاح ظهره فجسمه لا يتحمل هذا الجهد بعد
سنوات من الخمول .
خرج بعد نصف ساعة وما أن أُغلق الباب خلفه انهارت قدماه ليسقط جاثياً و يتحلق
زملائه حوله يحاولوا أن يسندوه لينهض و يقدموا له الماء .. لتبقى رشفته عالقة
في فمه غير قادراً على بلعها وكأن جسمه قد نسى كيف يعمل .. بحث عن هاتفه بكفيه
المرتجفة فلم يجده ليسارع أحد زملائه بمد هاتفه : هاك .
التقطه وهو يحاول أن يتذكر رقم هاتف عبدالله .. الاتصال الأول و الثاني كانت من نصيب
أشخاص لا يعرفهم أما الثالث أتى له بصوت عبدالله فابتلع تلك الرشفة التي بقت عالقة
بين شفتيه و همس : عبدالله .
اتاه صوت عبدالله المرعوب : راشد ! هذا أنت ؟
هز رأسه وكأن عبدالله يشاهده و قال بصعوبة : هذال .. قام يا عبدالله .
صوت ارتطام الهاتف في مكان ما تبعه صوت صراخ عبدالله مُكبراً ليغلق الخط و يعيد
الهاتف لزميلة ثم يحاول النهوض رافضاً أي مساعدة ليعود لمكتبة و يغلق الباب و ينهار
من جديد وهذه المرة عيناها تذرف دموعها و يضع كفيه على شفتيه وهو يُجهش بالبكاء
و يتخبط في حديثه : أنا دعيت يا رب .. دعيت وأنا اخذها لقبرها .. لا اعتراض على حكمك
يا رحيم يا كريم .. يا رب تلطف بقلبه يا رحمن يا رحيم .


------------------


كانت تُرتب أشياء ابنتها وهي مبتسمه : بسم الله عليه .. هيبه و منطوق زين .
ليلى وهي تنظر لها بحب : ويش هذا حب من أول نظرة ؟
أغلقت باب الدولاب لتجلس أمامها : أي والله .. وجهه شرح صدري وأنا ما أخفيتس كنت
متخوفة شوي .
رفعت حاجبيها بمرح تجاري سعادة والدتها : شوي ؟ الا من الخوف قد حطيتيه بالقائمة السوداء.
ضربت بخفه على كفها : لا تكذبين .. والله كان شوي .. المهم أني ارتحت له و يا ربي يا كريم
أنك تسخره لبنيتي و تسخرها له .
استلقت واضعه رأسها في حجر والدتها : امين .
نعم امين لدعواتك يا أمي .. احتاج أحد لأستند عليه .. احتاج لأحد أوجه له انتمائي قبل أن
تخرج روحي من شدة الوحدة .. احتاج لأحد أقدم له اهتمامي و اسخر له تفاصيل يومي حتى
لا تعبر أيامي بالوجع فقط فيجد ابليس منفذ لقلبي و يخل بتوازن إيماني .
حين كادت عينيها أن تغفو على صوت والدتها التي تقرأ المعوذات فزعت وهي تسمع صوت
الطرق القوي على باب الحديقة .. ركضت للأسفل و خلفها سماهر التي خرجت من غرفتها
مرتديه شرشف الصلاة و والدتها أيضا .. كان صوت عبدالله مرتفع جداً وهو ينادي عليها
حتى وقفت أمام الباب الخارجي و قالت بخوف : أنا هنا .
حينها نطق بنبرة محملة ببحة البكاء و صوته يصدح في المكان يُريد أن يُثبت لنفسه ولها و لكل
شيء يُحيط بهما تلك الحقيقة التي تبعثر الأحزان و تبعث الأمل : أبشري بأبوتس .. أبشري
بهذال .. قام يا ليلى قام .
شهقت وكأن الروح قد عادت لجسدها .. وكأن الحياة قد دبت في عروقها .. كان شيء شبيه
بالمطر حين هطل على الأرض البور و كمعجزه جعلها حقول خضراء .. كالنجم الذي لمع
في ليلة مظلمة ليهدي البدو الرحل للطريق الصحيح بعد أن أتعبتهم الدروب الخاطئة ..
كان كدعوة خرجت من شفتي الكربة و عادت رحمة للقلب و جبر للخاطر و انعاش لاحتضار
الروح .. كان كالسلام حين حل على الشعب الذي انهكته أعوام الحرب و سلبته كل شيء ..
كان كرائحة العاتي .. كصوت العاتي .. ككف العاتي .
هذه الحياة التي عادت لها جعلتها لا تدرك شيء من حولها .. لا سقوط والدها مغشياً عليها ..
ولا محاولات سماهر في أعادتها لوعيها .. لا أصوات الصرخات في الخارج ولا حتى
دموعها التي تهطل بغزارة من مقلتيها .. كل ما يجول في عقلها هي أوامر بأن تسرع بارتداء
عبايتها لتلحق بهم قبل أن يغادروا له و يتركوها خلفهم .. و لهفة تحرك كل حواسها لتنظر له
لملامحه .. لتسمع صوته .. خرجت راكضه لتلمحهم متجمعين قرب المجالس وما أن
لمحها سعود أقبل نحوها وهي تلمح الاعتراض في ملامحة وأكد لها حديثه حين أمسك بعضديها
بحنان : أصبري يا ليلى .
هزت رأسها رافضة و صوتها يخرج بصعوبة : خاف الله من وين يجيني الصبر .
تنهد وهو يسمع صوت سهاج منادياً : بسرعة بنمشي .
أمسك بكفها و اخذها معه لسيارته .. بينما سهاج و والدة و فيصل في سيارة و ذهب لفاء
مع نزال وعياش و حاتم .
..
سحبتها بصعوبة لداخل ثم ركضت لتأتي بقنينة عطر و ترش على كفيها ثم تمررها على أنفها
وهي تنادي باسمها لحظة دخول نورية التي لم تكن ترتدي سوا عبايتها وقد غطت وجهها
بطرحتها وما أن وقع نظرها على غدير ضربت كفيها ببعض : يا شري عنتس يا غدير .. أبك
وش صار فيها .
سماهر بصوت خائف مرتجف : أغمى عليها .
القت بزجاجه العطر على الكنب وهي تصرخ : تكفين يا نورية قوميها .
اقتربت بسرعة حين سمعت صرخة سماهر فعلمت بأنها هي الأخرى على وشك الانهيار ..
بصعوبة استطاعت أن تُعيد لغدير وعيها بعد أن مددتها و رفعت قدميها بينما سماهر كانت
تضرب بخفه على خديها .. ما أن فتحت عينيها أسرعت نورية لتجلس بجوار سماهر و تنادي
عليها : غدير .. بسم الله عليتس قومي وأنا أختتس قومي .
كانت تنظر لهن بوهن قبل أن تتسع عينيها و تشهق برعب و تصرخ : هذال .. هذال قام .
سحبتها نورية بقوة لتثبتها على الكنب حين كادت أن تنهض بسرعة تنوي الفرار فعادت
لصراخ : أتركيني .. بيذبحني أتركيني .
صرخت بها نورية : أصحي يا حرمة .. ليه يذبحتس .. أجل هو بيكون في حالتس ولا في
حال غيرتس .
كانت تصرخ بأنه قادم ليقتلها ولا تستمع لكل حديثهن ولم تفلح معها حتى محاولات عائشة
التي اتت بعد لحظات .. فقالت عائشة وهي تحتضنها و تحدث سماهر : هاتي جوالها
خليها تكلم أحد يأخذها لبيتها .
ركضت سماهر للأعلى و عادت بهاتف غدير و عبايتها .. فشلت في أدخل كلمة السر فالتقطت
نورية الهاتف لتضعه أمام وجهها ليتعرف عليه ثم طلبت رقم زوجها و مدت الهاتف على عمتها
قائلة : كلميه لا تفجعه .
أخذت عائشة الهاتف لتخبر زوج غدير بينما نورية ساعدتها في ارتداء عبايتها ثم أوصلنها
للخارج حيث كان ينتظرها زوجها .. وما أن رأته تمسكت بكفيه وهي تبكي : خلنا نروح ..
والله ليقتلنا .
شد على عضديها وهو يأخذها لسيارة ويقول بحزم : مالنا روحة .. وخلي عنتس الخوف
اللي ذبحتس وأنتِ حيه .
كان جسمها يرتجف بقوة وحتى أنها استفرغت مرات عديدة بينما عقلها مغيب تماماً عن حديث
زوجها و أبناءها .. وحتى عن فرحة أبنتها .. ذاكرتها تعبر بها لمشهد تحلق الرجال و
صرخاتهم الحماسية في ساحة بعيدة عن المنازل بينما النساء قد وقفن قرب مكان مرتفع لمشاهدة
هذا الحدث .. كان الموضوع مسلياً في البداية حتى خرج هو من بين الصفوف حينها بدأ
الحديث الحماسي ( هذال طلع يا بنات .. يمه من هذا اللي بيطارحة كأنه كبير .. كبير ولا
صغير اللي قدامه هذال كان فيه خير يحرك فيه شعره )
اتسعت عيناها بدهشه وهي تراه يطرح الرجل الضخم وكأنه يقاتل طفل رضيع وليس رجل بالغ
.. ارتفع صراخ الرجال ( كفو .. بيض الله وجهك .. الله عليك يا أبو ليلى )
وصراخهم المشجع لهذا الفتى جعل خصمة يغضب فحاول أخذه بالغدر ولكن النتيجة كانت أنه
خرج من المنابر بأكملها بذراع مكسورة .. ثم مشهد أخر لعيناه المحملة بالغضب وهو ينظر
لها مرتجفة قبل أن ينطق بصوته الكافي لإذابة عظامها : والله أن خوفتس هذا ما جاء الا من
غبائتس .. أحمدي ربتس أنتس حرمة .. وش شايفتني هاه ؟ حيوان تمشيه شهواته !
خليتس هنا لين تفنى عظامتس ماهو من قل الحريم .
وعلى هذه الذكريات أغمضت عيناها من جديد لتهوي أمامهم وسط صرخات بناتها الصغيرات
و نظرات الخوف في أعين أبناءها .
..
في منزل لفاء
أخذت كاسه الأعشاب التي قدمتها لها جيداء : الله يحرم هالكف عن النار .
مالت جيداء لتقبل رأسها ثم عادت لتسكب مغلي الأعشاب الذي أعدته للبقية .
نورية وهي تنظر للحاضرات بذهول : والله الحرمة طار عقلها .
تنهدت سمية التي وصلت قبل قليل مع بناتها بعد أن أتت لها زينة مبشرة : لا حول ولا قوة
الا بالله .
عائشة وهي تنظر لسماهر المنشغلة بتدليك قدميها و تلتزم الصمت منذُ ذهبت غدير : ما عليها
بكرة تعرف أن ماهو بجايها شيء الرجال ماهو بحالها الله يعينه و يربط على قلبة و يصبره .
سديم وهي تمسح دموعها التي ترفض التوقف : حرام عليه ليه توه يقوم بعد ما راحت عمتي .
نهرتها والدتها : استغفري وش ذا الكلام .
نورية وهي تكمل التوبيخ : هذا اللي ربي كاتبة عليه وعليها .
أشاحت بوجهها وهي تكمل بكائها بينما جدتها قالت بحنان : هذا اللي نفكر فيه حنا يا الأحياء ولا
عمتتس عند ربها معد عليها من الدنيا واللي فيها .
رددن جميعهن : لا إله الا الله .
ثم قالت جيداء : الصدق الحمدلله أنه قام هالحين ضعيفة ليلى يمكن قومته تهون عليها .
رشا بتضامن : أيه الله يعوضها فيه و يعوضه فيها .
كانت تستمع للحديث الدائر بينهن وهي تلتزم الصمت .. وكأنها قد فقدت القدرة على الحديث
.. نعم هي سعيدة من أجل ليلى ولكن هُناك خوفها الذي يسيطر عليها منذ 25 عاماً .. تأثير
هذا الخوف لم يخف يوماً .. هُناك صوت بداخلها يقول بأنه لن يتركها تعيش بسلام .



-------------------


وقف أمام الأمن غاضباً : كيف ما ندخل ؟
رجل الأمن الخاص بالمستشفى : هذا أمر وأنا علي تنفيذ الأوامر ( وجه نظراته نحو فيصل ) :
دكتور فيصل لو سمحت أخذهم من هنا .
فيصل وهو يمسك بكف جده : تعال بنروح لمكتب أبو عمر أكيد عنده شيء يقوله .
قال بغضب حاول كتمه : أرواحكم .
اتجهت الخطوات خلف فيصل بينما هي تتبعهم ممسكاً سعود بكفها و نظرها للخلف .. فقط
باب هو ما يفصلها عنه .. بأي حق يغلق باب بينها و بين والدها .. هي أحق من الجميع ..
أحق بقربة حتى من ملابسه و السرير الذي ينام عليه .
و أمام مكتب راشد توقف فيصل وهو ينظر للباب المغلق و بسام يجلس بجواره : بسام وش فيه.
تنهد بسام وهو ينهض محدثهم : حمدلله على سلامته .
اتته الردود متفاوتة بينما هو أكمل : أصبروا شوي لين يفتح أبو عمر الباب .
ضرب لفاء كفيه ببعض وهو يستغفر بصوت مسموع بينما عبدالله تنهد .. أقترب بسام من
فيصل وهو يمد بهاتف و بطاقة راشد : أعطها له .
نظر لها بين كفيه بينما بسام ابتعد عائداً لمكتبه .. مرت دقائق قبل أن يتحرك قفل الباب و يخرج
راشد بعينان محمره و ملامح متصلبة : أعتذر تأخرت عليكم .
وصمت حين لمحها تقف خلف سعود بن نزال قبل أن يكمل : حمدلله على سلامته .. تفضلوا
معي .
عاد لمكتبه ليجلس وهو يرتب بعض الأوراق : أعتذر منكم ما أقدر أخليكم تقابلونه حالياً .
لفاء : ليه ؟
تنهد وهو يمسك بقلمه و ينقر به على الطاولة : أول شيء و أهم شيء عشان نفسيته .. هو
تقريباً مو مستوعب اللي صاير معه .. و رغم أني حذفت بطاقتي عشان ما يقرأ أسمي
الا أنه ما شال عينيه عني وشكله شاك وحتى لما طلبت منه يتكلم سأل ( كم لي ) ما أبغى
اصدمه بعشرين سنة .
حوقل لفاء وهو يمسح بكفيه على وجهه بينما راشد أكمل شرح لحالته : جسمه تعبان ولا
يقدر يتحكم فيه زين هذا غير الألم اللي أكيد يحس فيه بعظامة و عضلاته .. باقي ذاكرته
ما اختبرناها لكن برجع له الحين أنا وبعض زملائي عشان نقدر نقيم حالته و نشوف
نتائج الفحوصات و تقرير اخصائي العلاج الطبيعي .. بس مبدأين ما عندنا سبب واضح
للغيبوبة وهذا كلنا نعرفه من سنوات و بعد ما فيه سبب للاستفاقة .. بس النتائج الأولية
تظهر أن صحته جيدة بالنسبة لشخص نام عشرين سنه .. و بعد تركناه على جهاز الأكسجين
للاحتياط .
حين انهى حديثة لم يجد منهم أي سؤال فوجه حديثة نحو فيصل : أنا متأكد من تمسكك
بمهنتك و أخلاق المهنة بس لتأكيد بقول لك ممنوع تدخل عنده بأي شكل من الأشكال .
هز فيصل رأسه بتفهم ليقف راشد وهو ينوي الذهاب ليوقفه صوتها الضعيف : طيب وأنا .
رحماك يا رب .. ماذا أفعل بها .. حررت كفها من كف سعود لتقف أمام الباب : أنا أبغى
أشوفه .
فتح كفيه علامه على عجزه و عجزها : ما في يدتس شيء تسوينه له .. انتظري لين نهيئه
نفسياً .
هزت رأسها رافضه و دموعها تنهمر و كلماتها تخرج بنبرة متوسلة : بس أشوفه من
بعيد .. تكفى بس بشوفه .
تنهد وهو يضعف أمام رغبتها : من بعيد .. و خمس دقائق و تطلعين .. ممنوع تتكلمين
او حتى تقفين قريب من القزازة .
هزت رأسها مؤكدة له : والله ما أقرب ولا أنطق .
فتحت الباب لتخرج بينما الجميع يتبعها نحو قسم العناية و راشد يطلب من أحد الممرضات
السعوديات : نهله خليك معها و خمس دقائق و تطلع .. شموخ ما عليتس أمر عادي تعطينها
معطفتس .
أنزلت شموخ معطفها الأبيض و ساعدت ليلى على ارتداءه وهي تهمس لها : حمدلله على
سلامته .
كم تهنئة تلقت ربما خمسة او سته او حتى عشرات من التهاني ولكنها لا تتذكر من هم
المهنئين فأفكارها معلقة بذكريات عن أحاديث حبيبة قلبها و ملجأ روحها .. فتح الباب لتدخل
ممسكة بيد الممرضة نهلة و يتقدمهن الطاقم الطبي .. خطواتها هذه لا تشبه خطواتها
وهي تسند جدتها .. نظرتها للمكان مختلفة عن تلك التي سكنت مقلتيها لسنوات .. توقفت
خطواتها مرغمة مع توقف نهلة بينما نظرها تعلق بذلك المستلقي قبل أن تشهق بألم حين
لمس الدكتور راشد جانب السرير ليرتفع ببطء و تبصر عيناه التي تتحرك و توجه بصرها
نحو الملامح التي تحيط به قبل أن ينظر نحوهن لتشهق مرة أخرى بينما هو أشاح بنظره
بعيداً عنهن .. رباه أي نوع من المشاعر أزهر في قلبها .. أي نعيم مر ببصرها ..
لا تريد أن ترمش فيفوتها شيء من تفاصيله .. حاجباه المرسومان بحدة اعتادت على
النظر لهما ولكن الان تبدوان مختلفة جداً .. رموشه و سواد عيناه كعمق له بداية وحرمت
عليه النهايات .. انفه بأرنبته المائلة قليلاً كملامح السلائل معربة الساس كنصل سيف لوح
به أبناء القبائل.. يشبه صورة لرجل احتفظت بها جدتها بين أشيائها
لتحاكي بها عشقها الأزلي .. شفتيه تتقوس للأسفل وكأنه غير راضي عن ما يدور حوله ..
ابتعدوا عنه .. لا تجلبوا الضيق لفضاء مزاجه .. عارضيه كثيفان فقد أهمله الحلاق حين
رحلت تلك التي أحبتهما كما لو أنها لم تملك حقل سواهما .. ثم ما هذا ؟ هل حرك شفتيه ؟
هل ينوي الحديث .. أفعلها أرجوك .. رباه فل يحتضن نبرة صوتها و يُعيد سكبها على مسمعي
..
في الداخل كان الخمول و الألم يسيطر على جسمه وكذلك الصداع يفتك برأسه و مزاجه متعكر
و ما يزيد تعكره هذا الطبيب بالملامح المألوفة ولكنه يأتي له بدون بطاقة أسم .. وها هو
يعود لينهمر عليه بسيل من الأسئلة : هاه وش تحس فيه ؟
زفر نفس متعب وهو يكافح في حربة مع لسانه : صــــداع ..و ج..ســمـي ..كـــلــه
يــو..جـعـني.
اه ما الذي يحدث معه .. لسانه ثقيل جداً و صوته خافت بالكاد يسمعه هو صاحبة .
راشد وهو يطمئنه : ما عليه تحمل شوي ونعطيك مسكن .
تحدث الرجل الجالس عن يمينة وهو طبيب ايضاً : احنا ما نبغى نضغط عليك لكن عندي
سؤال واحد .. وش تتذكر ؟
قطب بحاجبيه للحظات فهو منذُ فتح عينيه و وجد مألوف الملامح ذاك وهو يحاول أن يتذكر
تأتي له صور عن يوم دفنة لوالدة و يوم العزاء و صور أخرى لملامح تُريح القلب و الروح
يا الله كم يتوق لرؤيتها .. أغمض عينيه بقوة حين زاد عليه الصداع ليمسك راشد بكتفه
: خلاص وقف لا تحاول مو مهم لا تتعب نفسك .
ولكنه همس وهو تحت وطئه الألم : عـبدالـرحـمـن .
حينها بهتت ملامح راشد وهو يُكمل بأنين و ذكريات لا يعلم متى حدثت تهجم عليه و تنهش
أفكاره :و جـا..بـر .
أرتفع صوت أنينه وهو مغمضً عينية و أصوات تضج في رأسه عن احتكاك العجلات بالطريق
و صرخات لأصوات يألفها قبل أن ينقطع كل شيء و يحل الظلام على أفكاره فيسقط للخلف
منهكاً بينما من حولة يحاولون به أن يتوقف عن التفكير و التذكر .
ثم فجأة فتح عينية ليجد نفسة في الغرفة وحيداً فجال ببصرة على المكان .. بياض ناصع
في كل مساحة و أجهزه تحيط به و صوت مزعج جداً يصدر من أحدها .. حاول أن يسحب
جسمه للأعلى حتى ينهض ولكنه آن بألم ما أن تحرك .. ريقه ناشف وهذا ما يشعر به منذ
استيقظ .. سحب نفس عميق و نظره مثبتاً على السقف الان أصبحت لدية ذكرى واضحة
بعد أن كاد الألم يقضي عليه .

( قبل عشرون عاماً )

يقفان قرب سيارته عبدالرحمن يشربان كوباً من الشاي ابتاعاه من العجوز الذي يقف
بجوار الشارع وقد رتب أشياءه على طاولة خشبيه .. نظر لعبدالرحمن و سأله : هاه
وش صار على خويك ؟
قطب عبدالرحمن حاجبيه مستفهماً : أي خوي .
ارتشف من كوب الشاي : اللي ارسلته ورا جابر .
تنهد عبدالرحمن : للحين وراه .. وأن ما خاب ظني يا هذال أنه ناوي يأخذ البنت .
رفع حاجبه : خله يأخذها وش عليك منه .
نظر لهذال بحده : كيف ما علي .. البنت أن كانت بتطلع من ديار منير مالها مكان الا بيتنا ..
أن كانك ناسي أذكرك سيف تبرا من ولده ولا عاد له حق فالبنت .
مالت شفتيه بسخرية : قول جزعان في أختك .
لوح عبدالرحمن بكفه وهو يقول ما يعاكس مشاعره : لا مب جزع .. مير خلهم يذوقون غدر
سواياهم .
بعد أن فرغت أكوابهم عادوا للسيارة و انطلقا عائدين للمنابر وفي الطريق أتى اتصال لهاتف
عبدالرحمن جعله يلقى به وهو يحرك المقود بقوة عائداً : قلت لك النذل بيأخذها .
هذال وهو ينظر له بصدمة : وين يأخذها وهي عند الشيخ هذا بايع روحة .
عبدالرحمن بقهر : ماهي عنده طالعة مع سلطان و أهله .. أن كان بايع روحه مرة أنا بايعها
ألف .
وعلى طريق يقود لديار منير كان قد فتح النافذة وهو يصرخ في وجه جابر : على وين يا فرخ
سيف .
جابر وهو ينظر له بين الحين و الأخر : لبنتاخي يا فرخ الشيخ لفاء .
كان ينطق ( الشيخ لفاء ) بتحقير و سخرية ليلف عبدالرحمن سيارته نحو و يتلاحمان : تهبى ..
والله ما تأخذها ورأسي يشم الهواء .
صرخ به هذال : خلك لين تطيح في يدي يا الخسيس .
تلاحم و ضربات في السيارات و فورة غضب و حقد انتهت باصطدام كارثي كان أول نتائجه
أن قوته قذفت بهذال الذي لم يكن يربط حزام الأمان من النافذة بينما عبدالرحمن و جابر
بقي كل واحد في سيارته .. يرتطم حديد سيارتهما بأجسامهما اثناء تقلبهم على الطريق ..
لتمر ساعة كاملة عليه وهو مغمى عليه بينما أبناء عموتة قد فاضت روحيهما تاركين خلفهم
فاجعة هزت المنابر حين وصلهم الخبر .
..
سحب نفس عميق وهو يسمع الحديث قرب غرفته : ما راح نستقبل أي وفد طبي .. مريضي
ماهو بفار تجارب لهم .. الحالة واضحة قدامنا وكل النتائج و التحاليل واضحة .
كان هذا حديث راشد الغاضب الذي أغلق هاتفه بعد أن ورده أتصال من مدير المستشفى
يخبره بعدد الطلبات التي وصلت من المستشفيات داخل المملكة ومن خارجها ليقوموا بدراسة
حالة هذال .. لن يغامر بصحته النفسية خاصة وأنه قادر على احتواء صحته الجسدية .
دخل ليجد نظره معلقاً به فرسم ابتسامة عمليه على شفتيه اعتاد أن يرسمها من أجل مرضاه
مهما كان الضرف الذي يحصل معه : صباح الخير .. هاه كيف صرت ؟
تحدث بصعوبة ايضاً ولكن هذه المرة كان الحديث واضحاً أكثر من سابقه : صباح النور ..
كيف صرت هذي عندك مو عندي .
رباه لم يتغير به شيء .. وكأن هذا الصوت يعيده عشرون عاماً للوراء .. أخذ يراقب
إشاراته الحيوية وهو يقول : اللي عندي أنك محتاج اهتمام و عنايه خاصة .
باغته بالسؤال : كم لي عندكم ؟
تنهد وهو يلقي بكذبته : خمس سنوات .
قطب بحاجبيه : و أخوياي ؟
فتح كفيه و الوجع القديم يتجدد في عروقه : الله يرحمهم .
اطلق تنهيدة بينما راشد غير مسار الحديث حتى لا يتطرق هذال لما هو أعظم : الحين الضحى
فاتتك صلاة الفجر .
ابتسم : زين مير بنشدك .. أمي وينها ؟
.
.
انتهى الفصل


ظِل السحاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 10:07 PM   #1038

أم نسيم

? العضوٌ??? » 404482
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » أم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond reputeأم نسيم has a reputation beyond repute
Rewitysmile27

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسجيل حضور


أم نسيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 10:57 PM   #1039

فيء الحلوه

? العضوٌ??? » 510524
?  التسِجيلٌ » Feb 2023
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » فيء الحلوه is on a distinguished road
افتراضي

الحين كيف انتظر اسبوعين وكيف اركز على اختبارتي
يارب صبرك


فيء الحلوه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-02-23, 11:02 PM   #1040

ثريا خانوم

? العضوٌ??? » 510580
?  التسِجيلٌ » Feb 2023
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » ثريا خانوم is on a distinguished road
افتراضي

استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم واتوب اليه

ثريا خانوم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.