آخر 10 مشاركات
5-لو كنت اعلم - آن ميثر - حصـــريا" (الكاتـب : فرح - )           »          475 - قلب في خطر - ماغي كوكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : marmoria5555 - )           »          120 - سقط سهوا - ناتالي سبارك (الكاتـب : monaaa - )           »          رواية مباريات الجوع - سوزان كولنز ( الجزء الأول من ثلاثية مباريات الجوع ) (الكاتـب : ابن رشد - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          110 - أحلامي ليست لي (الكاتـب : حبة رمان - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree24693Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-07-23, 10:14 PM   #2141

ظِل السحاب
 
الصورة الرمزية ظِل السحاب

? العضوٌ??? » 486399
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 605
?  نُقآطِيْ » ظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم
مساء الخير على الجميع
كيفكم أن شاء الله أنكم بخير أنتم و من تحبون
أول حاجه العقيد يشكر كل وحدة لبت الدعوة و حضرت
ثاني شيء ظل السحاب تسلم عليكم و تقول الفصل الجاي
محتوى مخفي و سلامتكم
استلموا الفصل قراءة ممتعة للجميع
.
.


الفصل الخامس و الثلاثون
الجزء الثاني
.
.
( ليلة العقيد )
.
بعد أن أوصل والدها ام جابر للباب و وقف معها لحديث جانبي عاد لها ليجدها قد اعادت ترتيب
الصينية : خلصتي منها .
هزت رأسها بالإيجاب لرفعها بكف و يسحب الفرشة بكفه الأخرى : أجل باخذها لأبو بندر برا .
عادت لغرفتها لترفع الهاتف و تدخل على صفحة محادثته لم يُرسل تحيه الصباح كما عودها
و انقضت فترة الضحى دون أي محاولة منه لإقناعها بالاتصال و مكالمة بسيطة كما يصفها ..
أنزلت الهاتف وهي تسحب نفس عميق : للمرة الألف ما غلطتي يا ليلى بس خلاص لا تميلين
له كل الميل .
عادت لترفع هاتفها و تقرر التجهيز لحفل والدها .. كم هي بائسة فلا تعلم الكثير عن هذه
الأشياء ومع ذلك بدأت اولاً بالبحث عن مكان مناسب ليُجهز الضيافة لنساء فحفل الرجال
ستتركه لوالدها .. أن كان قد أختار المزرعة مكان للحفل فهو أصاب فلقد تم ترميمها
منذُ فترة بسيطة ولكن المنزل هُناك بقي صغيراً بثلاث غرف نوم و مجلس داخلي مع حمام
خاص به و مطبخ واسع كلها تكشف على صالة اشد اتساعاً .. لم تعتد الذهاب لهُناك برفقة
جدتها فالمزرعة خارج المنابر و جدتها كانت حريصة جداً عليها لم تتركها تبات يوماً بعيداً
عن محيط الأمان في نظرها .. الصالة قد تتسع لنساء بما أنها لا تملك علاقات كثيرة و كذلك
خالتها سماهر اما الرجال ستقترح على والدها أن ينصب لهم صيوان داخل حدود المزرعة
..
مد الفنجان على أبو بندر الذي قال : و على ويش مستعجل .
هذال بهدوء : ما عليه خير البر عاجله .
رمقه أبو بندر بنظره خاصة : يا رجال جسمك ما تعافى كان أجلتها مب زين لك مقابل الحريم .
ارتفع صوت ضحكته : أنا وين و انت وين .. ولا تشيل همي أموري فالسليم .
ضحك باستمتاع : والله أن القاك عند الباب تلهث من الشر .. مب حاصل لك الا شوف و حر
جوف و قول أبو بندر ما قال .
اتكأ على المركى ليقول بتسليه : وأن دار الحول و جيتك اشيل ورعي وش تقول ؟
أبو بندر بحماس وهو يضرب بكفه على السجاد : والله أن صارت يا ولد جميل أني لا أذبح
قعودين .
لف سبحته : الله يعينك على الخسائر .
فرقع ذاك أصابعه يريد أن يغيظه : يا شري عنك وأنت تحسب أن جسمك مثله قبل .
اعتدل ليأخذ فنجال أبو بندر و يسكب له من القهوة .. وكانه يرجوا سكن و حياة طبيعية من
هذا الزواج .. تحدث فقط مسايراً لمزح أبو بندر ولكنه الان يفكر حقاً هل هو قادر على الإنجاب
بعد غيبوبة كهذه .. تأثر كل شيء في جسمه و ربما فقد هذه النعمة .
قُبيل المغرب توقفت سيارة كبيرة على مقربة منه ليترجل منها شخص بزي قد طُبع عليه شعار
أحد شركات الشحن و فتح الباب ليُخرج صندوق مغلف بإحكام و يتقدم منه بينما هذال واقف
في انتظاره ليستلمه منه ثم يقف يتأمل الصندوق بين كفيه : والله مالك الا اللي يصرمه فوق
رأسك .. هذا والله معد في وجهه حياء .


---------------


اخذ يقلب الهاتف بين كفيه و نظره مثبتاً على بقعة معينة و لكنه لا يتأمل تفاصيلها فكل حواسة
مرهونة عند تلك الحبيبة .. نعم أعطى لها الحق في العتاب و الهجر .. نعم أشعل لها قناديل
الدلال لتعبر طريقة دون خوف .. و لكن حين فعل ذلك كان قد نسى قلبة .. غاب عن عقله
تفاصيل البُعد و كيف تتداول على ساعات يومه .. والان هو يفتقدها بشكل غريب .. و هُناك
مساحة مبهمة تنمو بداخلة و تتعاظم .. وحتى أن بعض المخاوف قد تسربت ليقينه بها و طرحت
تساؤلات مُفجعة ( ماذا لو أن الهجر قد راق لها .. ماذا لو كان حُبها لك أضعف الأطراف ..
وماذا لو أن ما حدث لجيداء سيأثر بقرارهم )
اعتدل في جلسته ليتنهد فينظر له فيصل : علامك ؟
أدرك أنه يجلس بينهم منذُ وقت طويل هارباً لصمت و بشاعة أفكاره : ولا شيء .
عياش وهو يميل شفتيه بعدم رضا : وش رأيكم نجيب لنا شيخ يقرأ علينا مو طبيعي اللي
يصير .
فيصل بسخرية : ما يحتاج شيخ هذي بس العلوم اللي ناموا عنها كبرت و بلعتهم .. و الصدق
تراها مغر أغلاطكم .
عياش بضيق : نفس أخوك بالضبط .
ابتسم بإشراق : هذا من فضل ربي علي .
نزال وهو يتذكر : الا صدق هو وينة من يوم رجع من دوامه ما شفناه .
فيصل وهو ينظر لباب منزلة : أكيد نائم .
أقبل عليهم حاتم راكضاً ليقف و يتمسك بطرف سياج الدكة الخشبي وهو يسحب نفسه بصعوبة
ليقف نزال بقلق : أبوي فيه شيء .
لوح بكفه نافياً ثم نظر لعياش بصدمة : أبوي بيزوجك .
اتجهت الأنظار لعياش الذي نهض بفرحة : وافق قول والله .
هز رأسه بالإيجاب : والله وافق .. مير .
شد قبضته بوجل : مير ويش .
حاتم بملامح مصدومة : يقول يأخذ بنت عمه مير يدور له وحدة غيرها عنده أن رشا ما تجيب
ورعان .
ضرب الأرض بقدمة غاضباً : أنا عارف .. يبغى يجلطني .
حاتم : المهم أنها قبعت بينه و بين عبدالله روح يا نزال هدهم .
عاد ليجلس في مكانه : ماني برايح .. و رشا ما تجي على رأسها حرمة هذا أنا أقولها لك
يا ولد عبدالرحمن .
عياش بحدة : أحد قال لك اني بوافق على خبالهم .
كان يستلقي و مغطياً وجهه بشماغه ليرفعه و يشاركهم الحديث أخيراً : الحين أنا كيف أقنع
عمي أن عياش هو اللي وجهه نحس عليها .
صمت دهراً و نطق كفراً هكذا كانت تتحدث نظراتهم التي توجهت نحوه ليعتدل جالساً و
يسحب صينية القهوة نحوه : كل اللي صاب الضعيفة لأنك خطبتها و طردت هذاك الشايب ..
مير من يقنع عمي اللي يمشي الأمور بمزاجه .
لوح بكفه : ها ابلع قهوتك و أنت ساكت .
ميل شفتيه : بأبلعها مير والله لو أنها بنتاخي ما أخليك تلمس أظفرها و أتركك تموت من
القهر قدام شايبك عشان هو يلحقك بعد .
شجار سيحدث قريباً لا محاله لو أستمر هذان في الجدال لذلك تدخل نزال : بس أنت وياه ..
أعوذ بالله معد تحشمون أحد .
عم الصمت المكان سوا من وقع خطوات عياش وهو يتجول ذهاباً و إياباً حتى أقبل عليهم
عبدالله بملامح غاضبه ليوجه حديثه لعياش : أنت تبغى البنت ولا لا .
عياش بثقه : ايه و أن ما أخذتها والله ما أخذ غيرها .
ضرب كفيه ببعض قهراً : والله أنه هرج ولد عمك قبلك و أخرتها هجت عنه الحرمة ..
جدك مب موافق الا بشرط .
هز رأسه : قال لي حاتم .
نظر لحاتم بحدة : وأنت صاير نقال علوم .
زم شفتيه بضيق و تمتم : جاي أبغاهم يفرقونكم .
تنهد وهو يعود بنظرة لعياش : أنا بناتاخي ما ينزل عليهن حريم .. أن كانك تبغاها تراك
بتتزوجها و جدك مب موافق .. وأنت تعرف رفض أبوي و شفت اللي سبقوك .. تبغى توقف
في ظهرها عطيتك .. و أن كانك بتميل بعد فترة علمني من هالحين عشان أريحها و اريح نفسي
ثم هي مب قاعده الا ما يجيها نصيبها .
شعر بقلبه ينقبض حين تخيل لمجرد التخيل بأن تلك الليالي ستعود له و هي على ذمة رجل أخر
: لا ماني بمايل و جدي كيفه انا اللي بتزوجها مب هو .
أخرج هاتفه وهو يحدثه : أجل شغل سيارتك بنطلع للفحص .
تصلب في مكانه و هو يسمع عمه يحدثها على الهاتف : تجهزي وأنا عمتس بنروح نفحص ..
ايه هالحين .. لا ما وافق مير لا أنا ولا هو دايمين لتس .. مغر أنا و أنتِ وهو و بأخذ سماهر
معنا .. ايه أعجلي .
أغلق الاتصال ليصرخ به : أنت للحين واقف .
رفع كفيه وهو يبتعد عنهم نحو المواقف : لا خلاص مشيت .
اجرى أتصال أخر بسماهر ثم جلس ليأخذ قنينة ماء و يشرب نصفها ثم يوجه الحديث لنزال
و حاتم : من بعد عيني وصاتي لكم أن ضامها يوم أخذوها من عنده .
ربت نزال على كتفه : تعوذ من ابليس وش ذا الطاري .
تنهد : أنا علمتكم وهم شهود والله اني لا اسألكم عنها نهار أوقف بين يدين ربي .
نزال بحزم : ازهلها .. مير أبوي وش السواه معه هالحين .
عاد ليتنهد : مره مافيه طب .. مقتنع أنه إذا تزوجها بيموت .. كذا في رأسه ليلة زواجة بيدفنه
.. لو تشوفه جوا وش يقول أقسم بالله شوي و يحب على يدي عشان ما ازوجهم .. و ابوي
تعرفونه رأيه واحد ما يحيد عنه .
ارتفع نظر فيصل لباب بيت سهاج : عمتي جات .
نهض : لا أحد يكلم أبوي أتركوه .. و ان جاكم يفضي حرته لا أحد يتعرض له .
نزال وهو ينهض معه : أنا بمره كل شوي أتطمئن عليه .
سار و بجواره نزال الذي ما أن اقتربوا من منزل حزام أمسك كفه وهمس : خلك هنا بعلمك .
رفع صوته لسماهر : ادخلي شوفي رشا .
تجاوزتهم لينظر لنزال بريبة : علامك .
تنهد : سوو الفحص في كذا مركز .
عقد حاجبيه : ليه ؟
بعثر شعره : عشان أبوي ما يغير النتيجة .. ولا تنشد ليه .
لوح بكفه : مير ماني بناشد واضح أنه سواها فيك دامك تحذر .. اخ من ابوي والله مغر بيقضي
على نفسه .


----------------


فتحت عُلبة المسكن لتأخذ لها قرصين حين أدركت بأن بقايا عواصف اليوم لن يُزيلها سوا
الأدوية .. لا تصدق أن أيام معدودة هي ما يفصلها عن زواج والدتها .. تنهدت وهي تتذكر
مكالمة والدتها عصراً .
عقدت حاجبيها و هي تستشعر تردد والدتها : يمه وش فيه .
تنهدت : صار شيء بس تكفين لا تعصبين ترا اللي فيني مكفيني .
جيداء بقلق : يمه أنتِ كذا تتلفين أعصابي وش صاير .
سماهر بصوت خافت : الزواج يوم الجمعة .
صمتت لثواني فكر زواج من ؟ ثم صرخت بصدمة : ويش .. هذولا مجانين خير وش
وضعهم .. متى تجهزين بالله ولا أنتِ مو مثل باقي الحريم .. قولي لا و أنتهى الموضوع ..
وش قله الذوق و الحياء ذي .. بعدين فيه فحص زواج .. ولا هذا بيتجاهلونه و لا يمشونه
بواسطاتهم .
سماهر بتعب : بنسويه بس على قولتتس واسطاتهم بتدخل .
ضربت على فخذها : يمه أنتِ ليه كذا مستسلمة .. اقلها فكري شوي وش عنده مستعجل كذا ؟
ميلت شفتيها : مدري عنه .
جيداء بقهر : أنا اللي أدري .. أن ما طلع وراه مصيبة أنا بهيمة و ما أفهم .. بعدين ترا هذا
قايم بعد غيبوبة عشرين سنة يا دوب يمشي وينه و وين العرس .. ولا عشان كذا مستعجل ..
أخذ سماهر و تستر علي محد يدري عن العقيد صار عاجز .
حين سمعت شهقة والدتها ادركت أنها اسهبت في الأفكار و تجاوزت حدود المعقول ولكنها
أصرت على موقفها : والله يمه فكري فيها تراها عشرين سنه .
سماهر بغضب : خليني لين اشوفتس بس والله لا اربيتس من جديد دواتس عندي يا قليلة الأدب.
ثم أغلقت الاتصال لتلقي جيداء هاتفها وهي تتمتم : هذي ما فيها أدب هذا واقع خير وش ذا
الاستعجال والله أن وراه عله .
..
اعادت علبه المسكن للدرج و نهضت لتصلي المغرب و حين فرغت من الصلاة سمعت طرقات
على بابها لتقول : ادخل .
أنفتح الباب ليدخل راشد : السلام علكم .
نهضت وهي تطوي سجادتها : وعليكم السلام .
نظر لها بهدوء : نقدر نتكلم هالحين .
علقت شرشف الصلاة : عن ويش .
أغلق الباب و اتجه للكنب قرب النافذة : عنتس .
جلست على طرف السرير : وش فيني .
كان يعلم بأنها لن تُشرع لهُ الأبواب وكأن شيءً لم يكن .. ربما سيبقى حاجز الرفض قائماً بينهما
للأبد فهو لا يُنكر أحبها منذُ لمحها طفلة صغيرة ولكن كانت وما زالت ملامحها تبعثر أوجاعه
.. تتجلى في عينيها خسائر الروح و القلب حتى لم تنصرم ستة أعوام ليبقى وحيداً دون
أب او أخوة .. لعينيها وجع البدايات .. ذات الوجع بذات الشعور الأولي لا يزول ابداً ..
ومع هذا يُريد أن يحميها .. خسر كثيراً من حقوقه بسبب ورقة لم يمضي عليها وحتى أنه
لم يؤخذ برأيه وكان في الغربة و مع هذا كُتب أسمه في ورقة التخلي و خسرها ..
و مع ذلك ما زال لها كثير من الحقوق عليه لذلك سحب نفس ثم قال : كل هذا و تسألين وش
فيني .
أخذت تُعدل شعرها و نظرها على بقعة معينة تفكر بشيءٍ ما ثم نظرت له : كل هذا عادي ..
يعني فعلاً أنا ما فيني شيء .. ما اظن أنا أول وحدة تطلب الطلاق صح .
تنهد : صح عشان كذا أنا هنا .. الطلاق لا هو عيب ولا حرام لكن بعد صعب مو عند لحظة
معينة ولا عند أي شيء ينطلب .. ما ابغى اسايرتس فيه الحين و تندمين بكرة .
كانت ستتحدث ولكنه رفع كفه : اصبري ما خلصت .
فزمت شفتيها تنظر له بعدم رضا ليقول : ماني بضدتس .. أعرف الأرواح ما تنجبر على
بعضها لكن فيه شيء أسمه لحظة غضب لا تخلينها تجرتس .. يمكن خسارتس مو بس
حياة بغيتي تبنينها و انهارت .. يمكن فعلاً هو الرجال اللي يستاهلتس و هي كبوة جواد
.. راجعي مزاياه أسبوع ولا أثنين .. أن شاء الله سنة أنتِ هنا في بيتتس صفي بالتس
من كلام الشايب و فكري بسهاج لحالة .. تظلمين نفستس لو تنفصلين عنه عشان شخص
ثاني ماله دخل في حياتكم .. أدري حسبتيها وقلتي انفصال مغري بأقل خسائر دام ما فيه
ورعان .. لكن لا تظلمين زواجكم عشان شخص مستحيل يصير له أي تأثير عليكم بعد
اللي صار.
نهض ليفتح الباب و ينظر لها : عطيه فرصة يبرر عشان نفستس مب عشانه .. يعني
أسمعي منه و حتى واجهيه لو يبغى يجي هنا ما عندي مشكلة .. حتى لو تبغين تطلعين معه
لمكان عام بعد ما فيه مشكلة أهم شيء أسمعي منه و قولي كل اللي بخاطرتس ثم بعدها اللي
تبغينه أنا معتس فيه .. الحين اطلعي اجلسي معهن برا .. أنا و العيال في المجلس اللي برا لا
تقعدين هنا طول الوقت .
ليست قصيرة نظر او ذات إدراك قاصر حتى لا تفهم أن الكثير من حديثة كان محقاً فيه
و مُبهر على مستوى رغبات العقل .. ولكنها ايضاً لن تُنكر تشعر بحديثة ثقيلاً ربما لأنها
لا تتقبل هذا الشخص .. نعم يتجلى على منكبية سنوات التخلي لذلك لا تتقبل جلوسه هذا
و حديثة الناصح .
تنهدت وهي تنظر لكفيها لا سامح الله تخليهم الذي زرع فيها هذا الشعور بالغربة وهي في
عقر دار والدها .. لا سامح الله نزاعاتهم .. كبريائهم .. أوجاعهم و ضمائرهم .. كيف أثقلوا
على كتفيها بهذا الشعور .. بهذا النبذ .. و جميع هذه الذنوب الملتفة حول عُنقها وهي الأطهر ..
جميعهم مُذنبون وهي الصفحة البيضاء فكيف خرجوا بكفوف نظيفة و تركوا صفحتها ملوثة ..
لا زالت تبصر بياضها عن أي سواد يتحدثون .
ابتعلت ريقها و نهضت هامسه : كل شيء بأجره يا جيداء وين بيروحون من قاضي السماء !
فتحت باب المنزل ليلفح الهواء البارد وجهها فتشعر فجأة بألم في صدرها و الدموع تغشى
عينيها فجلست وهي تجر النفس بصعوبة .. كل شيءٍ ينهار .. يتلاشى .. تُسلب منها كل
معاني الحياة .. تُغلق دونها كل منافذ الأمان .. و الان يُعجلون بزفاف والدتها وكأنهم يكبلونها
بهذا الزواج .. لو أنها أبصرت به بعض السلام لوالدتها كانت الان تتنفس براحة على الأقل ..
ولكنها تعلم بأنها مُجبرة و أن هذا الرجل يتمثل به الكثير من مخاوفها .. ولا تعلم بأي حال هو
بعد غيبوبة عشرون عاماً .. ما هي الأضرار التي لحقت بروحة قبل جسمه .. منقبض قلبها
بمشاعر الخوف لأجلها .. لا تستحق والدتها هذا بعد سنوات الصبر و المعاناة .. تمنت لها
زوج مُحب .. رجل يخطبها لأنها سماهر فقط كما فعل العديد سابقاً .. لإنها امرأة يتجلى بها
الحُسن و جميل الخُلق .. لإنها امرأة تستحق أن تعيش حياة كريمة تملئها المودة و الرحمة ..
لأن أمها عظيمة حقاً عظيمة .. ليت العمى أصاب أعينهم حين بخستها حقها .
ضربت على صدرها بقبضتها تحاول أن تُزيح هذا الضيق الذي يسد مجرى التنفس لديها
غير مدركة بأنها تجلس بين الأبواب .. و أن تلك الأعين قد رصدت تحركاتها منذُ جلوسها
وحتى الان وهي تمسح على وجهها بكفيها لتظهر ملامحها بكل وضوح قبل أن تتوارى عن
ناظريه للداخل تغسل وجهها ثم تخرج لمكان تجمعهن .. حين أقبلت نهضت فاطمة من مكانها
قائلة : هالمرة بتنازل عن مكاني لتس .
ابتسمت لها : قصدتس الانسحاب قبل الهزيمة .
فرقعت أصابعها : هو هذا .. أنا ما أنكر .
جلست بجوار جدتها : بسرقه لين ترجعين للهول .
أفنان وهي تقدم لجيداء كاسه الكرك : حرام عاد الهول وصف مجحف .
زمت شفتيها ثم قالت : والله عاد أنا كذا أشوفه .. لا تفكرين بوجهه تراه ثقيل طينة .
نادية بابتسامه : تقولينه صادقة .
هزت راسه مؤكدة : ايه و ينكر بعد يقول أنه هو المفضل عند بناتاخيه .
فاطمة وهي تحرك الكاسه في يدها : عاد بذي صدق .. أنا اشوفه مره قريب منهم .
لوحت بكفها : حاتم أطلق منه .
ضحكت ام جابر باستمتاع : الظاهر أنه ثقيل طينه صدق .
جيداء : كلهم ثقيلين طينة ترا محد فيهم صاحي .. عندهم واحد اسمه عياش يوه من صوته يرج
السور رج .. و هذا خطيب ليلى عند ادنى شيء يضيق و يجمع عزبته و يهج يقنص محد
صاحي فيهم الا خالي عبدالله و حاتم .
فاطمة : طيب كملي و أذكري عيب بعض الناس .
رفعت كفها : عاد هذا يحسب نفسه يعرف كل حاجه .. و اللي عندتس ما يباعده .
نادية : والله وأنا عمتتس حتى اللي عندنا مب صاحين .
أفنان بمزح : لا أعترض أبوي لا احد يقربه .
نادية بعناد : الا أنا بقربه .
فاطمة بحماس : هاتي عيوبه .
رفعت كفها : عنده غرور رب المنزل و الدليل هذا حنا الليلة أول مرة بنشوي و الناس قد
خلصت فعاليات دخول الشتاء .
ام جابر : و ما عنده كلمة ثابته الموعد يتغير خمس مرات في الأسبوع .
أفنان بتأييد : هذا أتفق عليه بعمره ما أتفق معي على شيء الا أجله .
فاطمة : و حنا أخر من نسافر .. لا تنسون .
نادية : ولا بعمره جلس عشر دقائق بدون لا يدق جواله .
ام جابر وهي تنزل كاستها فارغة : و أن دخلت نادية فاكه شعرها ضاعت علومه و نسى
السالفة اللي أقولها له .
أنفجر الجميع من حولها بالضحك بينما هي تنظر لعمتها بصدمة وقد تلون وجهها بحياء :
عمه هذا ويش .
ام جابر وهي تضع طرحتها على طرف وجهها تخفي ابتسامتها : هذا الصدق .
جيداء وهي تنظر لعمتها : وش معنى إذا فاكه شعرها .
فتحت كفيها : والله مدري مير أن علومه كلها تضيع .
أفنان وهي تتأمل شعر والدتها : يمه علميني وش السر عشان اطبقه على زوجي .
نادية بتحذير : ترا بتنقرصين .. عيب عليتسن .
فاطمة بسخرية : وش فيها خليها تتعلم .. علميني حتى أنا دامتس فاله الشعر .
جيداء بسخرية ايضاً : ما راح تستفيدين شيء و أنتِ زمعاء .
شهقت : أنا زمعاء .
ام جابر بتأييد : ايه شوفي شعرتس بعمره ما لمس كتفتس .
وضعت كفيها على شفتيها : حتى أنتِ يا جدة .. مير والله زمعاء كبيره بحقي .
( زمعاء : تشبيه شعر المرأة القصير بذيل الغزال او الشاه لشدة قصرهم )
أحاديث سخيفة و بعضها دون معنى و الأخرى تأتي متتابعة و قصص من أم جابر هكذا
مضى الوقت يحاولن ابعاد ذاك الحزن الفائض من عينيها لتعابير وجهها .. حتى اقبل عليهن
راشد يحمل صحنً كبير تتصاعد منه الأبخرة : عاد أشوف وحد منتسن تقول أني ما ضبطته
الليلة .
ام جابر وهي تشير على السفرة : هاته بس نعرفك لا جيت تشوي تدمر اللحم مير هي أول
مرة وهه أفتكينا منها .
وضع الصحن مبتسماً : والله أني مضبطته .
قال جملته وهو ينظر لنادية ليرتفع صوت ضحكة الثلاثي على الجانب الأخر فنظر لهن
بذات الابتسامة : عساها دوم مير ضحكني .
ام جابر وهي تختلق عذرً لهن : يضحكن على شكل اللحم .
ابتعد : أقول اكلن و أحمدن ربي على النعمة .
نادت عليه والدته : أمسك أصيل لا يروح أبغاه في موضوع .
بعد العشاء أغمضت عينيها بقوة ثم فتحتها : يا ويلي أحس بتعب بس ما حولي نوم .
نادية بحنان : عادي أسهري معي أنا و أنتِ ما ورانا دوامات .
ابتسمت لها : ودي بس بلحق أجهز أمي أقلها أرتب لها كم حاجه اف منهم ومن وقتهم الزفت .
نهضت ملوحة لهم : تصبحن على خير .
ما ان غادرت نهضت ام جابر تتكئ على عصاها : يا الله يا معين .. أنا بلحق أصيل قبل يسري.
خرجت تتهادى في مشيتها حتى وصلت لمكان جلوسهم و نادت : اصيل الحقني .
نظر له راشد : جاك الموت تستاهل كل شيء يجيك .
نهض مبتسماً : دام العصى ماهي شايفه شغلها الباقي هين .
سيف بفضول : وش مسوي .. أمانه علموني مب تسترون عليه و انا تفضحوني .
نظر له أصيل ببرود : أنت مصايبك تسويها قدامنا خلك ذكري و استر نفسك أول عشان حنا
نستر عليك .
عمر بسخرية : صادق ولد عمي .
لوح بكفه و رفع صوته : الله يجعلها تجلدك .
دخل المجلس ليبدأ بالحديث : هاه ما طمع أنتس تجينه و على طول اشتكى .
رفعت عصاها : كلمة زيادة و اهوي بها على قلتك .
( القلة : أعلى الرأس في المنتصف )
جلس مشيراً بكفه على شفتيه أي أنه سيلتزم الصمت لتقول له بتحذير : والله أن عاد تعرضت
له بكلمة أني معد أهرجك .. أنت و ولد عبدالرحمن كيفكم تذابحوا محد بيقول لكم لا مير هذال
لا و ألف لا .
فك عصابه رأسه ليُعيد لفها : هو علي اقوى من ولد عبدالرحمن .
ام جابر بحدة : أنت تبغى تفضحنا .. هذا له جميل علينا محدً فك عمك من الذبح غيره .. ثم
السيارات اللي كان يسوقها أبوك و عبدالرحمن الله يرحمهم هو وش دخله .. هو واحدكم
معد يشوف الا وجعه .. راحوا وهو قام عقبهم بعشرين سنه تحسب أنها هينة عليه .. مب عشانه
العقيد ولا عشان ربي كتب له يعيش ولهم الموت يحق لك تتطاول عليه بالهرج .. أنا المرة هذي
رديت عمك وقلت أنا اللي بتكلم معه المرة الثانية أخليك تطيح في يده و أنت تعرف راشد لا
عصب لا تحسب كبر سنك و طولك بيشفع لك .
زم شفتيه بضيق : الحين تركتم سالفة البنات و علقتم علي .
عقدت حاجبيها : وش فيهن البنات ؟
فتح كفيه : الأوله بنقول نقرص أذن زوجها الثانية وش وضعها ؟ أكيد أنها طالبة الطلاق صح
و ولد عبدالله معيي .
ضربته على ركبته : و انت وش دخلك .
لوح بكفه : الا لي دخل مو يستقوون عليها عشانها يتيمه ولا عشانها بنت مشعل .
اشارت عليه بسبابتها : يا ويلك يا أصيل لو تتدخل .. أنت اللي تركت بنت عمك و أمك
هجت تخطب لك من بنات أخوانها الحين مالك دخل فيها .. بنت مشعل لها عمها مهي بحاجه
فزعة أحد .
رفع حاجبيه : أني ما تزوجتها شيء و اللي هي فيه شيء ثاني .
لوحت بكفها : عندي كلها سوا يا ولد أنت تبغى تجلطني الليلة .
رقت ملامحه وهو يمسك بكفها : بسم الله عليتس لا تفاولين كذا و أنتِ تدرين أنتس رأس مالي .
تنهدت و هي تشتت نظراتها حتى لا تُظهر ضعفها أمامه : أجل أحفظ رأس مالك مو تقضي
عليه .
قبل كفها : أبشري مير عليتس الله لا عاد تفاولين كذا .


----------------


نظر لعياش الذي يكمد مكان الابرة وهو يشتم الممرض الذي أخذ عينة الفحص ليعود بنظره
لهاتفه .. لم تُرسل له .. المندوب اخبره أنه تحدث لرجل و سلم له الهدية في نفس العنوان الذي
أعطاه لهم حين قدم الطلب .. هل اتلفها ؟ ربما لما لا .. تنهد ليصرخ به عياش : و حنا العصر
بنزال و تالي الليل فيك .
نظر له ببرود : كمد يدك و أنت ساكت نهايتكم بعد هذا مب متوافقين .
توقف عما يفعل و بهتت ملامحه ليندم على قولة : لا تقعد تهوجس .
عياش بقهر : ايه دامك قلت أنا بسمع الكلام ولاني مهوجس ( صرخ به ) ليه هو على كيفي .
انزل هاتفه و نظر له بحزم : ايه بتسمع الكلام و تهجد .. و الحين خلنا من ذا كله عمانك وينهم
خلهم يروحون لبيت سهاج يشوفونه أخوه راح لدوامه ولا مره .
صمت لثواني قبل أن ينهض : أنا بروح له تراني بعد محرم .
ما أن نهض عياش رفع هاتفه و كتب لها ( ما فيه تعيش و تجيب لي غيرها ؟ )
كشر حين اتاه صراخ عياش : الرجال طالع من العصر وحنا ما ندري عنه .. أنا بشرب لي
فنجال مع عمتي و بجيك .
لوح له : خلك عندها أنا بروح أنام .
دخل لمنزله ثم صعد لغرفته ليستحم وحين خرج وجد لها رسالة ليؤجل ارتداء ملابسه وهو
يفتح رسالتها وهي قد التقطت صورة لمحتويات الصندوق ( تعيش و تجيب لي )
ابتسم وهو يكتب ( امين ) ثم اختفت ابتسامته حين غادرت المحادثة .. هل ما زالت غاضبه
من تصرفه ؟ القى الهاتف : هذا ويش طيب راضيتتس خلاص .. الله يرحمتس يا عمه كان
لازم أحسب حساب هذا الشيء مير انفتنت قلت يمدي عجوزي مضبطتها لي .. كان خليتي
رضاها سهل .
من جانبها أغلقت الهاتف لتذهب لتطمئن على والدها ثم دخلت لتستحم قبل أن تعود لغرفتها
مسرعة خشية أن يؤثر بها الهواء .. دخلت تحت اللحاف لتنظر للصندوق ثم تفتحه من جديد
فهي فتحته فقط لتصوره و ترد عليه .. بدل أن يضع لها ورد نثر العديد من الحلوى بنكهات
مختلفة و جدت نفسها تأخذ منها نكهة البرتقال .. ثم فتحت العُلبة بلون غبار الورد تتأمل
الأقراط بداخلة لتبتسم قبل أن تتحول ابتسامتها لضحكة خافته وهي تتخيل مظهره وهو محتاراً
يختار هديتها .. أغلقت العُلبة لتفتح الأخرى وكان بداخلها سوار من الذهب نُقش عليه من
الخارج شعار علامة تجاريه شهيرة .. ولكن لفت نظرها أن هُناك ايضاً نقش بداخلة فرفعته
لتعقد حاجبيها وهي تقرأ ( هزمت سارية شيخة الوضح )
كتمت ضحكتها بكفيها قبل ان تعض على شفتيها و ترفع هاتفها هامسه : دامني هزمت ساريه
أجل رضيت .
طلبت رقمه وهي تسحب نفس عميق و نبضات قلبها تتسارع قبل أن تكتم نفسها حين أتاها
صوته : هلا .
عضت على شفتيها وهي تبعثر مغلفات الحلوى بكفها : أنت صادق ؟
عقد حاجبيه : في ويش ؟
اشارت على السوار بعينيها : أني هزمت سارية .
هز رأسه مؤكداً : ايه طلعتي زعول أكثر منها .
كتمت ضحكتها من جديد ليتنهد قائلاً : يا بري حالي .. خافي الله لا تهجديني .
سحبت نفس عميق وهي تغير الموضوع : و الحلاو هذا وش وضعه .
استلقى : بدال الورد .. هذاك نهايته يابس وهذا نهايته بطنتس فيه نفعه .
اغمضت عينيها بقوة تمنع نفسها من الضحك : حيرتني مدري هذا تفكير سليم ولا خبال .
ابتسم : الأول صدقيني .
هزت رأسه مُسايرة له : معناته سليم ما نقدر نقول شيء ثاني .
عم الصمت لثواني قبل أن يهمس لها : أعجبوتس ؟
نظرت للصندوق لتسايره بالهمس : ايه جايه على ذوقي و بقوة .
دفن وجهه في وسادته قبل أن يرفعه : الرحمة .
لوحت بكفها : طيب الوقت تأخر تصبح على خير .
تمتم : و أنتِ من أهله .
القى الهاتف جانباً و تنهد : يووه يا عمه هذي البر ما يفكني منها ولا حتى مليون ضب يشغلني .


-------------


القت الكمادة على سديم بغيض : أنتِ بتسكتين ولا لا ؟ بعدين انقلعي نامي وراتس دوام .
تفادتها وهي تُكمل حديثها : لا تقولين جاب لتس عصير طماط .
حينها ضحكت سميه لتقول هي : يمه معجبتس كلامها .
سديم بحماس : و عمتي بعد فحصت .
هزت رأسها بالإيجاب : ايه .
سمية وهي تدفع كرسي رشا : يلا خلاص وقت النوم .. والله يا سديم أن ما صحيتي
بدري لا اسحب عليتس و اخذي غياب .
ادخلتها المصعد لتقول رشا بتوتر : يمه فيه شيء خوفني اليوم .
سمية بقلق : وش هو ؟
ميلت شفتيها قبل أن تقول : فحصنا بكذا مركز .
فتحت المصعد لتدفع الكرسي قائلة : عادي يمكن يبغى يتطمن الرجال ولا عشان اول واحد
يطلع النتيجة يأخذونها منه .
تنهدت وهي تشعر بعدم الراحة : مدري بس مو مرتاحة .. تكفين يمه خلي الملكة مع الزواج .
سمية بحزم : لا تملكين بسرعة دامه ما انقلع من هنا ما فيه شيء يضمن جنونه أقلها اتطمن
عليتس .
تمسكت بذراع والدتها وهي تنقلها لفراشها : وجدي .. تراه مب موافق .
لوحت بكفها : ما عليتس منه أنتِ بتتزوجين عياش مو جدتس .
رشا بسخرية : هذا كلام بس .. ولا الفعل شوفي جيداء وين و تعرفين أن موافقته ضرورية .
سمية بهدوء : و أنتِ تحسبين جيداء بتقعد هناك دايم لا يا قلبي زوجها بيردها و تشوفين و قولي
بكرة امي ما قالت .
تأملتها لثواني قبل أن تقول : ليه كذا متأكدة ؟ أنا ما أشوف عندها سبب عشان ترجع .. لا أولاد
و هم مخطين بحقها .. و أمها خلاص بتتزوج و تطلع من هنا ابداً يمه ما فيه أي سبب .
ابتسمت : ليه هو الزواج بس أولاد ! الزواج شيء و الأولاد شيءً ثاني .. و خطأ سهاج للحين
ما نعرف وش هو بس أعرف سهاج .. متربي قدام عيني بعمره ما لف ظهرة بدون لا يعتذر ..
و أعرف أنها الضعيفة ضايعة وسط هالناس .. أقلها سهاج ما تخلى عنها مثلهم .. أن كان هو
غلط مرة هم أربعة و عشرين سنة يغلطون بحقها .
رفعت كتفيها : مب ضروري أنها تشوف الأمور من نفس الزاوية .
نهضت بعد أن ربتت على كفها : الله يهدي النفوس .. لا تفكرين بشيء غير نفستس الحين ..
نامي السهر ما يصلح لتس .
اطفأت الأضواء و غادرت المكان لتتركها لخفها تتأمل السقف على إضاءة الأباجورة الخافتة
قلبها تتسارع نبضاته بشكل مخيف .. أن تعود لنفس التجربة من جديد كان شيء مُخيف حقاً ..
أكثر مما كانت تظن .. و أن يكون عياش هو الطرف الأخر كان مزعج أكثر لها .. أغمضت
عينيها بقوة حين تذكرت ملمس شفتيه و الرعب الذي دب في أطرافها ذلك المساء .. ذات
الشعور المُنفر يعود لها .. نعم تحاول وضع الأعذار له ولكن هي تعايشت مع هذه المشاعر
لسنوات فكيف ستنسف سنواتٍ بأعذار !
ربتت على يسار صدرها بيمينها وهي تهمس : تقدرين يا رشا .. عشانتس أنتِ راح تقدرين
.. النجاة من هذا يا رشا تخليتس تعذرين و تتقبلين .
ما تُصارعه في هذه اللحظة مختلف جداً عما يتخالج مشاعره هو في ذاك القصر بعد أن
ترك عمته لتنام و دخل غرفته ليستحم و نظره على تلك الكدمة ليبتسم برضا : هانت يا رشا .
خرج من الحمام ليجد رسالة في هاتفه من والدته ( كيف صارت يدك )
التقط لها صورة و كتب ( أول مرة يعجبني الوجع .. حتى شكلها يفتح النفس )
نعم هذه الكدمة تسر ناظريه رغم الألم الذي يُعاني منه مع أي حركة يأتي بها ..
تنهد بحسرة .. ليت من يُعاتبه في محبتها يبصر بأي حال هو الان .. كيف أستطاع أن
يتجاهل رغبته بكل سهولة لأجل أفكار كتلك .
تنهد من جديد لينفض اللحاف بعيداً عن جسمه و ينزل باحثاً عنه .. أن كان متضايق فعلاً
سيجده يشرب كوب من شاي الأعشاب في الشرفة .. تقدم بخطوات حذره وهو يقدم رأسه على
جسمه حتى يتأكد من تواجده قبل أن يلتصق بطرف الحائط حين لمحه يجلس هُناك يتأمل
مسبحته .. سحب نفس عميق ليتقدم و يفتح باب الشرفة ليرفع الأخر نظره نحوه : عود مع دربك
مالي خلق لسوالفك .
زم شفتيه قبل أن يقول : ما ابغى اسولف ابغى أنشدك .
عاد بنظرة لمسبحته : عن ويش ؟
حرك بصرة بعيداً وهو يتأمل صف الأشجار حول جدار الحديقة من الداخل : أنت تدري أن
الموت ما هو بس طلوع الروح ؟
هز رأسه بالإيجاب : ايه أدري .. مير كانك بتقعد لي و أشوف عيالك أنا راضي يموت قلبك
و كلك و تكمل بهالروح .
نظر له بصمت ليُكمل : ايه أناني و راضي بنفسي .. هذا علي أهون من أني كل يوم احتريهم
يعزوني فيك .
تنهد وهو يتراجع خطوة للخلف : و أنا بعد بصير أناني .. و راضي بطلوع الروح لو أني
بشري بها ساعة معها .
مالت شفتيه بسخرية : نهايتك مثل ولد عمك اللي يمر ولا حتى يحط عينه بعيني .. و مثل عمك
اللي تركته الحرمة عشان أهلها يوم أنه هو باع أهله و خطبها قدام كل الناس .. روح نام ..
مير يا ولد عبدالرحمن أن مت عشانها ابغاك تعرف حاجه وحدة والله أن تلحقك بنفس اليوم و
أني ما اقف على قبرك ولا اخذ العزاء فيك .
ارتشف ما تبقى في كوبه و نهض متجاوزاً له ليصعد للأعلى .


---------------


أضرم ناره و ترك أبريق القهوة على جانبها ليفوح بينما هو أراح ظهرة على المركى يتأمل
السماء الصافية .. هُنا مساحة من السلام العقلي و البدني ومع هذا لديه رغبة عظيمة بأن تكون
هي شريكة هذا السلام .. الان فقط يتذكر بأنهما لم يحظيا بوقت كهذا سابقاً .. رفع هاتفه الثاني
ليُرسل لها ( تجربة )
ثم ابتسم حين استلمت الرسالة ليسحب أبريق القهوة و يسكب ما بداخلها في الدلة و يتركها على
الجمر بعد أن اخذ له فنجان منها ليهمس : باقي لها شوي .
انزل الفنجان قرب النار و التقط صورة لتكون من نصيب محادثتهما ( أثر الزواج كان محرمني
اشياءً واجد )
ابتسم وهو يتخيل ردة فعلها لو قرأت رسالته ليتمتم : مير وش جاب النجوم لبروق عينتس .
نعم يلوح البرق في عينيها منذُ أبصرها أول مرة بزي المدرسة و ظفيره على كتفها .. في
ذلك اليوم أدرك أن البرق ليس حكراً على السماء و السُحب .. و أن لعينيها نصيب من ذلك ..
و أن لرفرفه رمشيها قُدرة على تحريك النسيم حتى لو أن ****ب الساعة تُشير للواحدة ظهراً
في فصل الصيف .. و أن المطر ليس طفل الغيم وحدة .. بل أنهُ جَنِينٌ تحتضنهُ مُقلتيها ..
منذُ ذلك اليوم أدركت كُل حواسة بأنها حياة لقلبة .. و سكنن لروحة .. أرادها بكل ما فيه ..
ولكنها عصية لا ترق ولا تلين .. لا تُعجبها الأشعار وكأنها قد أكتفت بقصائد والدها .. لا
تُغريها أحاديث عينية و لا يقفز قلبها شوقاً أن طال غيابة .. وجدها ذات مساءً تتأمل غفوة
كفها على وسادة كفه فتعجب لفعلها .. ما الجميل بهذه الكف التي لطختها حرارة الشمس ؟
و سرعان ما بعثرت جميع أفكاره و هي تهمس ( أرحمها ولا ترجع للأرض بكرة )
يتذكر بأنه أنفجر ضاحكاً في ذلك المساء كم هي مهوسة بالعناية ولكنها وجهت حديثها للشخص
الخاطئ .. فكيف يُقنع هذه المدللة بأنه أن غابت عن كفه تلك الخدوش شعر بأنه مُقصر .
سحب نفس عميق ثم زفره ببطء ما زال الوقت باكراً على النوم يا عيني السماء ام لم يكن
أحد يُعكر ساعات النوم سواي و أنا أسرقه بعيداً طمعاً في حديثك .. رائحة عطرك ..
غفوة شعرك على كتفي .. لا أُنكر كُنتِ شيءً يستحق السرقة .
عاد لفتح صفحة المحادثة ليميل شفتيه بعدم رضا شعور بداخلة يخبره بأنها مستيقظة ولكنها
تتجاهل رسائله فكتب لها ( دريشة غرفتتس كبيرة ما شاء الله )
لحظات و دخلت للمحادثة ليبتسم برضا وهو يشاهدها تكتب قبل أن تصله رسالتها ( فيك خير
قرب منها )
حك اسفل شفته بسبابته قبل أن يكتب ( لأن فيني خير ماني بجايها أنا ما أدخل البيوت من
درايشها أحب الأبواب )
غادرت المحادثة ليكتب ( مثل الجرابيع بالضبط تمدين الرأس ثم هجيتي )
لم تعد ترد على رسائله لذلك ترك هاتفه و انشغل بشرب قهوته بعد أن أرضى شيءٌ بداخلة
و سرق منها جُملة واحدة سيسجلها في ذاكرة هذا المساء .
اما هي فقد أغلقت الانترنت بضيق وهي تتمتم : نفسيه و مختل .
استلقت و هي تعدل اللحاف حول جسمها قبل أن يذهب نظرها للنافذة فتعقد حاجبيها بضيق
أن لم يكن بالخارج وهذا ما هي متأكدة منه فكيف علم بأن نافذة الغرفة كبيرة ؟
تنهدت و أغمضت عينيها لا يهم حتى و أن كان يراقبها فل يفعل .. جُل ما يستطيع فعلة هو
المراقبة فقط .. الان يجب أن تُخرجه من أفكارها و تخلد لنوم لديها أعمال كثيرة غداً ولن
تُضيع ساعات راحتها على رجلٌ مثلة .


----------------


شهقت حين شعرت بكف ابنتها على كتفها : يمه لي ساعة أنادي .
نظرت لجيداء التي انهت زينتها لترسم ابتسامه باهته على شفتيها : وش فيه يا قلبي .
عقدت جاجبيها بضيق : ولا شيء بس أقول لو أزيد قلتر شوي مب أحسن .
بحثت عن المرآة بقربها لترفعها و تتأمل عينيها المرسومة بكحل شديد السواد و اللون العسلي
ينتثر بأبداع على جفنها من الأعلى و يطغى على مقدمه العين بريق الظل اللامع بدون لون
محدد حتى يكون عاكس لدرجات العسل لتقول : لا كذا زين تعرفيني ما احبه اذا زاد .
زمت شفتيها بتفكير : بس بعد كم ساعه بيخف .. المهم بأخذه في الشنطة احتياط .
نظرت للحقيبة الصغيرة التي ملئتها جيداء بالمنتجات المستخدمة لتقول : يعني جات عليه ؟
ابتسمت وهي تبتعد تتأمل النتيجة النهائية .. فستان تراثي باللون الأخضر ضيق بعض الشي
ناحية خصرها و فوقة عبائه بدرجة أغمق و يتداخل معها بعض السواد .. يُزينها بعض
التطريز التراثي حول نهاية الأكمام و ناحية الخصر و أسفل العباية .. هامة الذهب تُزين
أعلى رأسها لينسدل من أسفلها شعرها بتموجات كبيرة .. ترتدي عقد من الذهب يُزين نحرها
و صدرها .. كما أن هُناك خمس بناجر في يمينها و خلخال في قدمها اليُسرى .. تفوح
منها رائحة عطرها الرقيق ممزوجة بالبخور الفاخر لتتنهد مبتسمه : جدتي معها حق يوم
أصرت عليتس تلبسين كذا و تتنقشين .
لاح الضيق على ملامحها : والله مغر مسويتها عشان خاطرها وهذا المكياج عشانتس ولا
هذا كله مب مريحني .. خاصه هذا القلوس اللي أنتِ حاطته والله ما احبه تعرفيني .
رفعت كفيها معترضة : والله عاد هذا اللي يناسب مكياجتس .
مالت شفتيها : متأكدة عرايستس ما تسوين فيهن كذا .
جلست بغرور : عرايسي يجن و يقولن سوي اللي تبغينه واثقات فيني .
لوحت بكفها : لا تقعدين جمعي أغراضتس ما ندري متى يجون خوالتس .
نهضت لتغلق حقائبها و ترتبها جانباً وهي تقول بحذر : يمه ما نسيتي وعدتس لي صح .
تأففت بضيق : ما نسيت .. و سهاج مب جاي معهم محدً من بنيخي بيجي بس أخواني .
سحبت عبايتها لترتديها فوق فستانها الأصفر الملتف على جسدها يستر كتف و الأخرى عاريه
: والله قلبي مب مرتاح .. أن جاء معهم فضحته .
رفعت سبابتها مهددة : عايني فيني لا أشوفتس مهرجة أحد يخلص العرس تأخذين أغراضتس
و ترجعين لبيت عمتس و أن تلقفت حرمة و نشدتس لا تعطينها علم ابد ولا أسمعتس مطرية
الطلاق قدامهم .
هزت رأسها وهي تغلق أزره عبايتها : طيب ابشري ما يصير الا اللي تبغينه عاد عروس
وش نسوي لازم ندلعتس حتى لو أن العريس عدم و العرس على غير سنع .
ضربت كفيها ببعض : أنتِ للحين على نفس الأفكار .
اقتربت منها لتجلس و تقول بنبرة خافته : امانه يمه جد ما فكرتي فيها .
رفعت قبضتها : قولي يمه أقرصيني و انتهى الموضوع .
لوحت بكفها وهي تنهض : لا تقرصيني ولا شيء الليلة كل شيء يبين .
ركضت مبتعدة حين سمعت شهقة والدتها لتدخل المطبخ وهي ممسكه ببطنها : اف يا الجوع
أنا وش دخلني اتوتر بدالها و ما اكل .
سحبت حبه موز من سلة الفواكه لتأكلها وهي تتأمل المكان ربما لأنها هُنا في منزل جد والدتها
حيث أقامت فترة ما قبل زفافها .. مالت شفتيها بابتسامه ساخرة كم منزل دخلته خلال ستة أشهر
فقط ؟ أربعة .. لا خمسه إذا حسبت مزرعة سهاج معهم .
سمعت صوت إطلاق النار في الهواء فابتلعت أخر لقمه وهي تسرع نحو والدتها التي كانت
تقف في غرفة الجلوس تنظر للنافذة فقالت : بيسوون لتس زفه .
رفعت كتفيها : مدري والله ما قالوا لي ولا أمي أطرتها عندي .
توقفت السيارات قرب باب الحوش وكان عبدالله أول المترجلين ليفرغ الذخيرة في الهواء
و تبعه نزال ولم يتوقف حتى دخل للحوش و طرق عبدالله الباب لتفتحه له جيداء فيدخل
مبتسماً : ما شاء الله وش ذا الزين يا بنيه عيب تغطين على العروس .
اشارت على غرفة الجلوس : استعجلت بالمدح .. روح شوفها عشان تعرف أن محدً يغطي
عليها .
دخل نزال ليسحب خدها بلطف : وه يا حليلها هذي بنت العروس .
شهقت وهي تمسح على خدها : يا خبل خربت مكياجي .
نظر لكفه النظيفة : ما شاء الله وش حاطه على وجهتس يوم أنه ثابت هالصنع .
حاتم من خلفه : وخر أشوف .
دخل ليصفر : هذي خويتنا اللي تو مشينا من عندها .
وضعت كفيها على خصرها : ايه نفسها .
دفعها نزال للخلف حين وضع سبابته على جبينها ثم اتجه لغرفة الجلوس .. ما أن دخل همس
: ما شاء الله .
ليدخل من خلفه حاتم و يصفر مرة أخرى وهو يشير عليها من الأعلى للأسفل : كذا أبغى
حرمتي تلبس في عرسنا .
جيداء من خلفه : هو مب على اللبس .. على اللي لابسته .. ثم من اللي بتسويها هذا الوقت تراه
حلفان من جدتي .
نزال وهو يتقدم ليقبل جبينها : أنا اشهد أنه أنتِ اللي مزينته .
ابتسمت له بامتنان ثم ابتعد ليسلم عليها حاتم بينما عبدالله كان يتأملها و غصه قد تعاظمت
بصدرة .. نعم هذال مُناسب ولكنها استحقت حفل زفاف أفضل من هذا .. لن يتجاوز ابداً
شعورة بالذنب وهو يعلم بأن زينتها هذه من أجل زواج لم ترغب به ابداً .. انتفض حين شعر
بكف جيداء على عضده تربت بخفه وهي تقول : خالي أمش قدام بصوركم .
تقدم ليقف عن يمينها و نزال عن يسارها و بجواره حاتم لتلتقط لهم صورة ثم تنظر للكاميرا
بضيق : والله كأنكم رايحين للأعدام .
ثم نظرت لنزال ترسم ابتسامه ساخرة : أنت عاد وضعك مزري .
اسرع نحوها لتخبئ الكاميرا صارخه : والله ما أمسحها .
حاول سحبها منها : أبك هاتي خليني بس أشوفها .
صرخت ليبتعد ممسكاً بإذنه : الله لا يعيد العدو صميتي أذني .
خبأتها داخل الحقيبة وهي تنظر له بانتصار : تستاهل يا الملقوف .. احد قال لك تنمغط وسطهم.
عبدالله باستعجال : يلا البسن بنمشي .
نظرت لوالدتها التي شحب وجهها وهي تنحني لأخذ عبايتها حتى لا يُلاحظ أحد تغير ملامحها
: زين بس بثبت طرحة أمي عشان ما تنشب فالهامة .


------------------


كان صوت الشيلات مرتفع و ليلى ترقص في المنتصف و ام عبدالله تُجاري رقصتها
بينما أصوات غطرفه النساء يرتفع ممتزجاً مع صوت تصفيق كفوفهن .. رائحة البخور
الفاخر مختلطة مع العطور النسائية تعبق في الأجواء .. و الصالة الواسعة قد تغيرت مئة
و ثمانون درجة بعد أن رُتبت بها الطاولات و غُطيت بمفارش بيضاء و قطع الكرستال
تتربع في المنتصف تحتضن الورود بلونها الزهري الباهت و الأبيض .. متماشية مع تلك
الباقات التي تُزين المكان من طاولة استقبال رُتب عليها أصناف من الحلو و المالح و كذلك
مدخل بيت المزرعة قد فُرش به سجاد زهري اللون و باقات الورد قد ملئته منسجمه مع بريق
الكرستال .. و حتى الباب كان له نصيبه .. و سقف الصالة و جزء كبير من الحائط ولكن
تفرد عن بقيه المكان بذلك الكنب الكبير فوق منصة بلون الثلج حيث تتمايل ليلى برقصتها
بكل رقه .. يشع الفرح من عينيها و كأن العصافير قد تركت تغاريدها العذبة على ملامحها ..
في وسط هذه الرقصة لا تتذكر سوا مظهره الجميل .. ببشتة الأسود و غترته ناصعة البياض
بينما هي تبخره بالعود مغرب هذا اليوم .. بينما هو ينظر لها مبتسماً لأن الفرح في عينيها
يستحق أن يُبتسم له .. و لأنها فراشه كانت ترفرف هُنا و هُناك حتى اقبلت عليه تحمل
مبخرتها .
ما أن انتهت رقصتهن لم تنزل عن منصة الرقص و نورية و سمية ينظمن لها لتبدأ
جولة أخرى من صفقات الكفوف و غطرفه النساء .. رغم أن الحاضرات لا يتجاوز عددهن
23 امرأة و هذا لأن ليلى لا تمتلك علاقات كثيرة مع من حولها لذلك أكتفت بالجارات و بعض
النساء الاتي كانت جدتها تذكُرهن دوماً و كُن كثيرات الزيارة لها .
سديم وهي ترفع فنجال القهوة باستمتاع : اشوا أن الحفل جوا لو طلعنا برا كان طيرنا الهواء .
خلود وهي تنظر لنوافذ رغم أنها مُغلقة بستائر : أولى السماء كلها سحب شكلها بتمطر .
سديم بحماس : جوي .
رشا بابتسامه : و ان طفى الكهرب .
لوحت بكفها : لا فيه مولد احتياط بس خوفتس على صيوان الريجيل يطير .
خلود وهي تتذكر شكل الصيوان الأبيض : يوه لا تذكريني جايني الموت على ما ادخله ليتهم
حطوا لنا واحد برا .
سديم بصدمه : وش تبغين فيه هنا أطلق بمليون مرة .
رشا : الا والله شكله يهبل .. يا حظ الريجيل .
سديم وهي تُشير على المنصة بعينيها : خلود بعدهن بنقوم نرقص .
خلود و نظرها يذهب للمنصة : ما أقول لا .
نعم لن ترفض ابداً في هذا المساء أي شكل من أشكال الفرح .. تُريد أن تتناسى أنها مريضة
و أن زوجها قد تخلص من جميع أدويتها في ذلك المساء الكئيب .
زينة و نظرها على المدخل و تهمس لرهف : تهقين فاطمة تجي .
رهف بنفي : لا شوفي جدتها و أمها هنا وهي ما جات .
كشرت ناقده : مالها حق .. عيب عليها .
نظرت لها ببرود : مالنا دخل .
ربتت على كفها : طيب من الحريم اللي هناك .
نظرت للمكان الذي اشارت عليه زينة : زوجة سلطان بن منير و بناتها عمتي عازمتهن .
همست : فيه وحدة لافه جبيره على يدها .
مالت للجنب قليلاً لتتأكد قبل ان تعود و تهمس : مو جبيره .. زي الدعامه للعضلات .. المهم
لا عاد تطالعين فيهم والله أن تذبحتس عمتي نورية .
اعتدلت في جلستها و هي تنظر للمنصة : اووه من امي معطتني محاضرة طول بعرض نكدت
علي لا و تقول ترقصين مره وحدة بس .
على الجانب الأخر كانت تصفق بكفيها مبتسمه غير مهتمة بالنظرات التي تشعر بها تتجه
نحوها بين الحين و الأخر ثم نظرت لأبنتيها : إذا جات سماهر بنرقص عندها .
مرام برفض : لا أنا ما اقدر خلوني جالسة .
تنهدت وهي تعود بنظرها للمنصة : كيفتس .
مريم وهي تنحني حتى تسمعها والدتها : أي وحدة ام سهاج .
حسناء و نظرها لم يبتعد عن المنصة : اللي لابسه بنفسجي .. ما تشوفينها رازه عمرها من
اليوم .
مريم وهي تتأمل تلك السيدة : شفتها بالاستقبال بس ما عرفتها .. يا حليلهن قايمات بالحفل
مع بنته .



------------------


عند الرجال كان الموضوع أشبه بعشاء يجتمع فيه المعارف و الأصدقاء .. كان يجلس في
الوسط بينما مجموعة من الشيوخ و التجار يحيطون به .. لم يرغب بأن يأتي بأي شعار ولكن
ها هو سعود المتطفل قد قدم الدعوة لمجموعة من شُعار المحاورة و الصفوف بدأت الان
تتشكل لتتجه الأنظار نحوهم بحماس اما هو فنظر للجالس قربة لم يتحدث كثيراً وكذلك لا يبدو
في مزاج جيد .. سحقاً لك ها نحن نتزوج فلما ما زلت تعقد حاجبيك .. تركته نظراته ليوجهها
نحو من قدموا قبل لحظات و قدموا تبريكاتهم و كذلك العانية و ذهبوا للجلوس مع مجموعة
من الشباب كانوا سلمان بن جابر و عمر و سيف أبناء راشد .. كما توقع أصيل لم يحضر اما
راشد فقد اُستدعي عصر هذا اليوم للمستشفى .. لحظات و أرتفع صوت أطلاق النار مع صخب
أبواق السيارة لتتجه الأنظار نحو حائط الحديقة و الجميع قد علم أنها العروس قد وصلت وهذه
هي زفة أخوتها لها .. كانت ذخيرتهم تملأ السماء و كأنها بقايا من نجوم حينها شد على مسبحته
وهو يسحب نفس عميق لم يجتاحه ضيق كهذا حين وقع على العقد عصر اليوم و لكن حضورها
لهُنا يعني امراً واحد .. سيلتقي بها و هي الان زوجته و انتهت القصة .. اه كم أنت بائس ..
بعد دقائق كان عبدالله يعود لمعقدة و حاتم ينظم لصفوف المحاورة أما نزال فوقف في المنتصف
يفرغ ما بقي في سلاحه .. كانت أصوات كهذه تجلب له السعادة ولكن الان يتمنى لو أنها تنقطع
و يعم الهدوء و لكن هيهات أن يحدث هذا .. ما ان انتهى نزال حمل سهاج سلاحه و بدأت جولة
أخرى شارك فيها أبو بندر ليبتسم هذه المرة وهو يبصر أول الطلقات من بعد الغروب لأجله ..
سيقدر هذه الوقفة لك يا أبا بندر ما بقي حياً .


----------------


عدلت الهامه على رأس والدتها ثم نظرت للساعة التي تشير لتاسعه و الربع : فعلاً عرس
شيبان على ويش هذا الاستعجال .
أخرجت هاتفها لتتصل بليلى حتى يتم تجهيز زفة والدتها لحظة فتح الباب و ظهور جدتها
مبتسمه : هاه يا قليبي جاهزة .
أهدتها سماهر ابتسامه : ايه بس من اللي جوا .
عائشة وهي تعدل شعر أبنتها على كتفيها : جارات العاتي و جات حرمة سلطان بن منير
و بناته اشهد بالله راعيات واجب .. و بعد خالتتس و ام عمر و بناتها جن قبل شوي .. كنت
احسب فاطمة ما تجي مير بيض الله وجهها خالفت ظنوننا .. و ام سعد بنتاخيها و ام بدر
و بناتها .. و حرمة سجدي و حرمة مساعد و بس .
ارتفع صوت الغطرفه من السماعات لتقول جيداء : يلا يمه أدخلي .
سحبت نفس عميق وهي تدخل متمتمه ( بسم الله )
وما أن تجاوزت ذلك الحائط ارتفعت أصوات النساء مغطرفات حينها فكرت كل هذا كثير
عليها .. تقسم بأنه كثير .. ليس المكان لها ولا الزمان خُط عليه بأنه زمانها .. لا هذا الورد
يليق بها .. و هذه الغطرفه .. حتى هذا الثوب الجميل لا يُناسب تشوهات دواخلها ..
وهذا الكُرسي المخملي لا تليق به .. وهذه الرقصة من جيداء و ليلى .. و تبريكات النساء
و حضن حسناء و تلك الدموع التي لمعت في عيني مرام و مريم لحظة وقوفهن أمامها ..
لا تستحق هذا الطهر من قلوبهم .. حتى أنتِ يا سديم لا ترقصي من أجلي .. و صوت
غطرفة خلود بجواري لا يليق بامرأة مثلي .
سحبت نفس عميق وهي تكاد تصرخ حين لمحت خالتها تصعد للمنصة ترقص بالسيف برفقة
والدها .. لا تفعليها أرجوك .. لما تلوحين بسيفك من أجلي .. عودي يا خالة أرجوك هذا كثير
علي تكاد روحي أن تُغادرني .. فل يرحمني أحد .. كانت الفرحة ترتسم على وجوه الجميع
وهي تبصرهم صامته ربما على شفتيها ابتسامه باهته التقطتها الصور و سجلتها بتاريخ
5/3/1444هـ في ليلة السبت حين أصبحت سماهر عروسةً لهذّال .
فل يعبر الوقت سريعاً أرجوكم .. اللهم أطوي هذا الوقت كما تطرف رمش عيني في هذا العناق
.. فإذا بها تُبصر دعوتها تتحقق و الوقت يمضي سريعاً وهي الان تجلس في غرفة الجلوس
و أصوات النساء في الخارج يغادرن .. و ليلى تركض هُنا و هُناك بسرعة قائلة لجيداء
: يلا الريجيل بيدخلون .
ففرغ المكان سوا من والدتها ليتسارع تنفسها كما يتسارع الوقت من حولها .. أستغفرك ربي
ليس هذا ما اُريده .. رحماك ربي لا أُريد لقاء و خلوة معه .. هيهات .. هيهات لرغباتك و
تخبطاتك وهي تتبعثر مع دخول عبدالله ليدخل هو من خلفه فتبتلع ريقها بصعوبة .. أتيت
يا عبدالله فخُذني يا أخي من هُنا .. أخرجني من هذه المتاهة كما أدخلتني بها .. أدر عجلة
الوقت للخلف يا عبدالله لأرفع شماغك و أرفض و نظري للأرض .. أفعلها يا أخي من أجلي
.. من أجل سماهر .. ليست سماهر هذه بل مدللتك .. من حملتها على ظهرك راكضاً تعبر
بها الحقول تسابق أخوتك .. من أجل تلك الطفلة التي لم تغفو عينيها منذُ 25 سنة ..
أراها الان تنتحب .. مدللتك تفيض دموعها خلف صمتي .. لا أسحبه لا يقترب .. لا تلمس
كفاه عضداي ولا تطبع شفتيه هذه القبلة على جبيني .. لا أريد ظل هذا الرجل او شموخه
.. لا شيء من تفاصيله ذا نفع لي أبعده بعطرة الخانق و صوته الهامس بهذه المباركة
أقسم لك أنه لا يعنيها ابداً .
نظرت لمن يحيطون بها .. لا شيء ينفع ابداً .. فل يأتي أحدهم بجيداء .. أسعفوني بأبنتي ..
فقط سأحتضنها حتى يعود قلبي لسابق عهدة .. عضلة بين أضلعي بدل هذه المضخة ..
لا تذهبوا .. لما العجلة .. ما زال المساء بأوله .. إذاً أنتِ اماه فل تبقي لي لا تودعيني بهذه
الوصايا .
كانت ستُصاب بالجنون حقاً لولا أن دخل سهاج مع الباب لتمد له كفها فيلتقطها و يسحبها
نحوه هامساً : تعوذي من ابليس .
همست بأنفاس متسارعة : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
كان يلصق شفتيه قرب أذنها كما يفعل وهو يُحدثها مطولاً بينما هي تتمسك بكفه بكل رجاء
ليتني أطعتك و أنهيت كل هذا الغباء .. حين ابتعد احتضن وجهها بكفيه و طبع قبلته على جبينها
ثم نظر لهذال : ما يحتاج اوصيك عليها يا أبو ليلى مير هذي عمتي الله الله فيها .
نظر له بهدوء : أبشر أزهلها .
لا لا تفعل بل خذني من هنا .. كانت هذا ما تنطق به عينيها بينما هو قال لها مبتسماً
: ولا يحتاج اوصيتس يا عمه جننيه .
أتى التأييد من عياش و فيصل لكلامه لتنظر لهم بابتسامه و تهمس : أبشروا .
كان لسانها يتحدث بأشياء لا يفكر بها عقلها بل أنها لم تمر به وهذا ما هي متأكدة منه ..
حين ذهبوا أبناء أخوتها دخلت ليلى لتسرع لوالدها تقبل كفه و كتفه : مبروك يا نور عيني .
احتضن وجهها ليقبل جبينها : الله يبارك فيتس .
نظرت لسماهر وهي تلوح بالكاميرا في يمينها : يلا بأخذ صورتين و امشي عمتي عائشة
تنتظرني .
لوحت لوالدها بكفها أي اقترب منها فتحرك ليقف بجوارها وهي تلتقط لهم صورة .. ثم
همست بحياء : طالعوا في بعض بأخذ صورة وحدة بس .
استدار ليقف أمامها وهو ينظر لها بهدوء قبل ان ترفع هي نظرها له وحين وقعت عينيها
أسيرة لعينية برز صوت عمتها من ذاكرتها
(عيونه ما شفت مثلها .. فيها سلم و حرب و فيها
نار و مطر .. حين يطالع فيتس تحسبين أنتس غرقتي و أنتِ مكانتس )
.
.
عيونك شوفي عيونك و قولي لي وش تشوفين
ما غير اعجابك بهذا الجمال بياخذ اعجابك
**
عليه من السلام الي يطرا لين يوم الدين
و علي اللي علي من الحنين اللي تغنى بك
.
انتهى الفصل


ظِل السحاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-23, 11:10 PM   #2142

yasser20
alkap ~
 
الصورة الرمزية yasser20

? العضوٌ??? » 192610
?  التسِجيلٌ » Aug 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,405
?  نُقآطِيْ » yasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond reputeyasser20 has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل جميل ووصفك جميل جدا وشكرا لك على هذا الإبداع.

yasser20 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-23, 11:42 PM   #2143

دانة العالم

? العضوٌ??? » 115693
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 416
?  نُقآطِيْ » دانة العالم is on a distinguished road
افتراضي

ياجمالك ياسحاب وياجمال نظمك

دانة العالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-07-23, 11:52 PM   #2144

موزه الكواري

? العضوٌ??? » 488157
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 52
?  نُقآطِيْ » موزه الكواري is on a distinguished road
افتراضي

الله الله الله شنو هالجماال


سماهر وهذال يمكن مايكون بينهم العشق بس الاحترام بيكون موجود بحكم شخصيتهم الاثنين

يااازين ليلى وهي فرحانه لابوها وعقبال مانحضر عرسها

حبيت المقطع الي كل وحده تذكر عيوب زوجها وحبيت يوم الجده ذكرت شي ايجابي عن راشد يبين حبه حق ناديه .. مهما كان الواحد لازززم يبحث عن ايجابيات عي علاقاته مع الناس اذا بنبحث عن السلبيات محد بيبقى لنا

وشدني ان خلود وقفت ادويتها !! على اي اساس وشلون بيأثر عليها ننتظر قصصهم وباقي الشخصيات في البارتات الجايه

الله يعطيج العافيه


موزه الكواري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 12:09 AM   #2145

البنت الغاوية

? العضوٌ??? » 502075
?  التسِجيلٌ » Apr 2022
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » البنت الغاوية is on a distinguished road
افتراضي

طول الوقت اقرا و انا مبتسمة يارب سماهر تلقى العوض عن كل ايامها معه
وياربببب جيداء تفكر بسهاج كويس الصدق انه بعد ضايق صدري على نزال و فاطمة بس يلا عسى الفرحة قريب


البنت الغاوية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 12:14 AM   #2146

هاجر وفاطمة

? العضوٌ??? » 486559
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » هاجر وفاطمة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظِل السحاب مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
مساء الخير على الجميع
كيفكم أن شاء الله أنكم بخير أنتم و من تحبون
أول حاجه العقيد يشكر كل وحدة لبت الدعوة و حضرت
ثاني شيء ظل السحاب تسلم عليكم و تقول الفصل الجاي
محتوى مخفي و سلامتكم
استلموا الفصل قراءة ممتعة للجميع
.
.


الفصل الخامس و الثلاثون
الجزء الثاني
.
.
( ليلة العقيد )
.
بعد أن أوصل والدها ام جابر للباب و وقف معها لحديث جانبي عاد لها ليجدها قد اعادت ترتيب
الصينية : خلصتي منها .
هزت رأسها بالإيجاب لرفعها بكف و يسحب الفرشة بكفه الأخرى : أجل باخذها لأبو بندر برا .
عادت لغرفتها لترفع الهاتف و تدخل على صفحة محادثته لم يُرسل تحيه الصباح كما عودها
و انقضت فترة الضحى دون أي محاولة منه لإقناعها بالاتصال و مكالمة بسيطة كما يصفها ..
أنزلت الهاتف وهي تسحب نفس عميق : للمرة الألف ما غلطتي يا ليلى بس خلاص لا تميلين
له كل الميل .
عادت لترفع هاتفها و تقرر التجهيز لحفل والدها .. كم هي بائسة فلا تعلم الكثير عن هذه
الأشياء ومع ذلك بدأت اولاً بالبحث عن مكان مناسب ليُجهز الضيافة لنساء فحفل الرجال
ستتركه لوالدها .. أن كان قد أختار المزرعة مكان للحفل فهو أصاب فلقد تم ترميمها
منذُ فترة بسيطة ولكن المنزل هُناك بقي صغيراً بثلاث غرف نوم و مجلس داخلي مع حمام
خاص به و مطبخ واسع كلها تكشف على صالة اشد اتساعاً .. لم تعتد الذهاب لهُناك برفقة
جدتها فالمزرعة خارج المنابر و جدتها كانت حريصة جداً عليها لم تتركها تبات يوماً بعيداً
عن محيط الأمان في نظرها .. الصالة قد تتسع لنساء بما أنها لا تملك علاقات كثيرة و كذلك
خالتها سماهر اما الرجال ستقترح على والدها أن ينصب لهم صيوان داخل حدود المزرعة
..
مد الفنجان على أبو بندر الذي قال : و على ويش مستعجل .
هذال بهدوء : ما عليه خير البر عاجله .
رمقه أبو بندر بنظره خاصة : يا رجال جسمك ما تعافى كان أجلتها مب زين لك مقابل الحريم .
ارتفع صوت ضحكته : أنا وين و انت وين .. ولا تشيل همي أموري فالسليم .
ضحك باستمتاع : والله أن القاك عند الباب تلهث من الشر .. مب حاصل لك الا شوف و حر
جوف و قول أبو بندر ما قال .
اتكأ على المركى ليقول بتسليه : وأن دار الحول و جيتك اشيل ورعي وش تقول ؟
أبو بندر بحماس وهو يضرب بكفه على السجاد : والله أن صارت يا ولد جميل أني لا أذبح
قعودين .
لف سبحته : الله يعينك على الخسائر .
فرقع ذاك أصابعه يريد أن يغيظه : يا شري عنك وأنت تحسب أن جسمك مثله قبل .
اعتدل ليأخذ فنجال أبو بندر و يسكب له من القهوة .. وكانه يرجوا سكن و حياة طبيعية من
هذا الزواج .. تحدث فقط مسايراً لمزح أبو بندر ولكنه الان يفكر حقاً هل هو قادر على الإنجاب
بعد غيبوبة كهذه .. تأثر كل شيء في جسمه و ربما فقد هذه النعمة .
قُبيل المغرب توقفت سيارة كبيرة على مقربة منه ليترجل منها شخص بزي قد طُبع عليه شعار
أحد شركات الشحن و فتح الباب ليُخرج صندوق مغلف بإحكام و يتقدم منه بينما هذال واقف
في انتظاره ليستلمه منه ثم يقف يتأمل الصندوق بين كفيه : والله مالك الا اللي يصرمه فوق
رأسك .. هذا والله معد في وجهه حياء .


---------------


اخذ يقلب الهاتف بين كفيه و نظره مثبتاً على بقعة معينة و لكنه لا يتأمل تفاصيلها فكل حواسة
مرهونة عند تلك الحبيبة .. نعم أعطى لها الحق في العتاب و الهجر .. نعم أشعل لها قناديل
الدلال لتعبر طريقة دون خوف .. و لكن حين فعل ذلك كان قد نسى قلبة .. غاب عن عقله
تفاصيل البُعد و كيف تتداول على ساعات يومه .. والان هو يفتقدها بشكل غريب .. و هُناك
مساحة مبهمة تنمو بداخلة و تتعاظم .. وحتى أن بعض المخاوف قد تسربت ليقينه بها و طرحت
تساؤلات مُفجعة ( ماذا لو أن الهجر قد راق لها .. ماذا لو كان حُبها لك أضعف الأطراف ..
وماذا لو أن ما حدث لجيداء سيأثر بقرارهم )
اعتدل في جلسته ليتنهد فينظر له فيصل : علامك ؟
أدرك أنه يجلس بينهم منذُ وقت طويل هارباً لصمت و بشاعة أفكاره : ولا شيء .
عياش وهو يميل شفتيه بعدم رضا : وش رأيكم نجيب لنا شيخ يقرأ علينا مو طبيعي اللي
يصير .
فيصل بسخرية : ما يحتاج شيخ هذي بس العلوم اللي ناموا عنها كبرت و بلعتهم .. و الصدق
تراها مغر أغلاطكم .
عياش بضيق : نفس أخوك بالضبط .
ابتسم بإشراق : هذا من فضل ربي علي .
نزال وهو يتذكر : الا صدق هو وينة من يوم رجع من دوامه ما شفناه .
فيصل وهو ينظر لباب منزلة : أكيد نائم .
أقبل عليهم حاتم راكضاً ليقف و يتمسك بطرف سياج الدكة الخشبي وهو يسحب نفسه بصعوبة
ليقف نزال بقلق : أبوي فيه شيء .
لوح بكفه نافياً ثم نظر لعياش بصدمة : أبوي بيزوجك .
اتجهت الأنظار لعياش الذي نهض بفرحة : وافق قول والله .
هز رأسه بالإيجاب : والله وافق .. مير .
شد قبضته بوجل : مير ويش .
حاتم بملامح مصدومة : يقول يأخذ بنت عمه مير يدور له وحدة غيرها عنده أن رشا ما تجيب
ورعان .
ضرب الأرض بقدمة غاضباً : أنا عارف .. يبغى يجلطني .
حاتم : المهم أنها قبعت بينه و بين عبدالله روح يا نزال هدهم .
عاد ليجلس في مكانه : ماني برايح .. و رشا ما تجي على رأسها حرمة هذا أنا أقولها لك
يا ولد عبدالرحمن .
عياش بحدة : أحد قال لك اني بوافق على خبالهم .
كان يستلقي و مغطياً وجهه بشماغه ليرفعه و يشاركهم الحديث أخيراً : الحين أنا كيف أقنع
عمي أن عياش هو اللي وجهه نحس عليها .
صمت دهراً و نطق كفراً هكذا كانت تتحدث نظراتهم التي توجهت نحوه ليعتدل جالساً و
يسحب صينية القهوة نحوه : كل اللي صاب الضعيفة لأنك خطبتها و طردت هذاك الشايب ..
مير من يقنع عمي اللي يمشي الأمور بمزاجه .
لوح بكفه : ها ابلع قهوتك و أنت ساكت .
ميل شفتيه : بأبلعها مير والله لو أنها بنتاخي ما أخليك تلمس أظفرها و أتركك تموت من
القهر قدام شايبك عشان هو يلحقك بعد .
شجار سيحدث قريباً لا محاله لو أستمر هذان في الجدال لذلك تدخل نزال : بس أنت وياه ..
أعوذ بالله معد تحشمون أحد .
عم الصمت المكان سوا من وقع خطوات عياش وهو يتجول ذهاباً و إياباً حتى أقبل عليهم
عبدالله بملامح غاضبه ليوجه حديثه لعياش : أنت تبغى البنت ولا لا .
عياش بثقه : ايه و أن ما أخذتها والله ما أخذ غيرها .
ضرب كفيه ببعض قهراً : والله أنه هرج ولد عمك قبلك و أخرتها هجت عنه الحرمة ..
جدك مب موافق الا بشرط .
هز رأسه : قال لي حاتم .
نظر لحاتم بحدة : وأنت صاير نقال علوم .
زم شفتيه بضيق و تمتم : جاي أبغاهم يفرقونكم .
تنهد وهو يعود بنظرة لعياش : أنا بناتاخي ما ينزل عليهن حريم .. أن كانك تبغاها تراك
بتتزوجها و جدك مب موافق .. وأنت تعرف رفض أبوي و شفت اللي سبقوك .. تبغى توقف
في ظهرها عطيتك .. و أن كانك بتميل بعد فترة علمني من هالحين عشان أريحها و اريح نفسي
ثم هي مب قاعده الا ما يجيها نصيبها .
شعر بقلبه ينقبض حين تخيل لمجرد التخيل بأن تلك الليالي ستعود له و هي على ذمة رجل أخر
: لا ماني بمايل و جدي كيفه انا اللي بتزوجها مب هو .
أخرج هاتفه وهو يحدثه : أجل شغل سيارتك بنطلع للفحص .
تصلب في مكانه و هو يسمع عمه يحدثها على الهاتف : تجهزي وأنا عمتس بنروح نفحص ..
ايه هالحين .. لا ما وافق مير لا أنا ولا هو دايمين لتس .. مغر أنا و أنتِ وهو و بأخذ سماهر
معنا .. ايه أعجلي .
أغلق الاتصال ليصرخ به : أنت للحين واقف .
رفع كفيه وهو يبتعد عنهم نحو المواقف : لا خلاص مشيت .
اجرى أتصال أخر بسماهر ثم جلس ليأخذ قنينة ماء و يشرب نصفها ثم يوجه الحديث لنزال
و حاتم : من بعد عيني وصاتي لكم أن ضامها يوم أخذوها من عنده .
ربت نزال على كتفه : تعوذ من ابليس وش ذا الطاري .
تنهد : أنا علمتكم وهم شهود والله اني لا اسألكم عنها نهار أوقف بين يدين ربي .
نزال بحزم : ازهلها .. مير أبوي وش السواه معه هالحين .
عاد ليتنهد : مره مافيه طب .. مقتنع أنه إذا تزوجها بيموت .. كذا في رأسه ليلة زواجة بيدفنه
.. لو تشوفه جوا وش يقول أقسم بالله شوي و يحب على يدي عشان ما ازوجهم .. و ابوي
تعرفونه رأيه واحد ما يحيد عنه .
ارتفع نظر فيصل لباب بيت سهاج : عمتي جات .
نهض : لا أحد يكلم أبوي أتركوه .. و ان جاكم يفضي حرته لا أحد يتعرض له .
نزال وهو ينهض معه : أنا بمره كل شوي أتطمئن عليه .
سار و بجواره نزال الذي ما أن اقتربوا من منزل حزام أمسك كفه وهمس : خلك هنا بعلمك .
رفع صوته لسماهر : ادخلي شوفي رشا .
تجاوزتهم لينظر لنزال بريبة : علامك .
تنهد : سوو الفحص في كذا مركز .
عقد حاجبيه : ليه ؟
بعثر شعره : عشان أبوي ما يغير النتيجة .. ولا تنشد ليه .
لوح بكفه : مير ماني بناشد واضح أنه سواها فيك دامك تحذر .. اخ من ابوي والله مغر بيقضي
على نفسه .


----------------


فتحت عُلبة المسكن لتأخذ لها قرصين حين أدركت بأن بقايا عواصف اليوم لن يُزيلها سوا
الأدوية .. لا تصدق أن أيام معدودة هي ما يفصلها عن زواج والدتها .. تنهدت وهي تتذكر
مكالمة والدتها عصراً .
عقدت حاجبيها و هي تستشعر تردد والدتها : يمه وش فيه .
تنهدت : صار شيء بس تكفين لا تعصبين ترا اللي فيني مكفيني .
جيداء بقلق : يمه أنتِ كذا تتلفين أعصابي وش صاير .
سماهر بصوت خافت : الزواج يوم الجمعة .
صمتت لثواني فكر زواج من ؟ ثم صرخت بصدمة : ويش .. هذولا مجانين خير وش
وضعهم .. متى تجهزين بالله ولا أنتِ مو مثل باقي الحريم .. قولي لا و أنتهى الموضوع ..
وش قله الذوق و الحياء ذي .. بعدين فيه فحص زواج .. ولا هذا بيتجاهلونه و لا يمشونه
بواسطاتهم .
سماهر بتعب : بنسويه بس على قولتتس واسطاتهم بتدخل .
ضربت على فخذها : يمه أنتِ ليه كذا مستسلمة .. اقلها فكري شوي وش عنده مستعجل كذا ؟
ميلت شفتيها : مدري عنه .
جيداء بقهر : أنا اللي أدري .. أن ما طلع وراه مصيبة أنا بهيمة و ما أفهم .. بعدين ترا هذا
قايم بعد غيبوبة عشرين سنة يا دوب يمشي وينه و وين العرس .. ولا عشان كذا مستعجل ..
أخذ سماهر و تستر علي محد يدري عن العقيد صار عاجز .
حين سمعت شهقة والدتها ادركت أنها اسهبت في الأفكار و تجاوزت حدود المعقول ولكنها
أصرت على موقفها : والله يمه فكري فيها تراها عشرين سنه .
سماهر بغضب : خليني لين اشوفتس بس والله لا اربيتس من جديد دواتس عندي يا قليلة الأدب.
ثم أغلقت الاتصال لتلقي جيداء هاتفها وهي تتمتم : هذي ما فيها أدب هذا واقع خير وش ذا
الاستعجال والله أن وراه عله .
..
اعادت علبه المسكن للدرج و نهضت لتصلي المغرب و حين فرغت من الصلاة سمعت طرقات
على بابها لتقول : ادخل .
أنفتح الباب ليدخل راشد : السلام علكم .
نهضت وهي تطوي سجادتها : وعليكم السلام .
نظر لها بهدوء : نقدر نتكلم هالحين .
علقت شرشف الصلاة : عن ويش .
أغلق الباب و اتجه للكنب قرب النافذة : عنتس .
جلست على طرف السرير : وش فيني .
كان يعلم بأنها لن تُشرع لهُ الأبواب وكأن شيءً لم يكن .. ربما سيبقى حاجز الرفض قائماً بينهما
للأبد فهو لا يُنكر أحبها منذُ لمحها طفلة صغيرة ولكن كانت وما زالت ملامحها تبعثر أوجاعه
.. تتجلى في عينيها خسائر الروح و القلب حتى لم تنصرم ستة أعوام ليبقى وحيداً دون
أب او أخوة .. لعينيها وجع البدايات .. ذات الوجع بذات الشعور الأولي لا يزول ابداً ..
ومع هذا يُريد أن يحميها .. خسر كثيراً من حقوقه بسبب ورقة لم يمضي عليها وحتى أنه
لم يؤخذ برأيه وكان في الغربة و مع هذا كُتب أسمه في ورقة التخلي و خسرها ..
و مع ذلك ما زال لها كثير من الحقوق عليه لذلك سحب نفس ثم قال : كل هذا و تسألين وش
فيني .
أخذت تُعدل شعرها و نظرها على بقعة معينة تفكر بشيءٍ ما ثم نظرت له : كل هذا عادي ..
يعني فعلاً أنا ما فيني شيء .. ما اظن أنا أول وحدة تطلب الطلاق صح .
تنهد : صح عشان كذا أنا هنا .. الطلاق لا هو عيب ولا حرام لكن بعد صعب مو عند لحظة
معينة ولا عند أي شيء ينطلب .. ما ابغى اسايرتس فيه الحين و تندمين بكرة .
كانت ستتحدث ولكنه رفع كفه : اصبري ما خلصت .
فزمت شفتيها تنظر له بعدم رضا ليقول : ماني بضدتس .. أعرف الأرواح ما تنجبر على
بعضها لكن فيه شيء أسمه لحظة غضب لا تخلينها تجرتس .. يمكن خسارتس مو بس
حياة بغيتي تبنينها و انهارت .. يمكن فعلاً هو الرجال اللي يستاهلتس و هي كبوة جواد
.. راجعي مزاياه أسبوع ولا أثنين .. أن شاء الله سنة أنتِ هنا في بيتتس صفي بالتس
من كلام الشايب و فكري بسهاج لحالة .. تظلمين نفستس لو تنفصلين عنه عشان شخص
ثاني ماله دخل في حياتكم .. أدري حسبتيها وقلتي انفصال مغري بأقل خسائر دام ما فيه
ورعان .. لكن لا تظلمين زواجكم عشان شخص مستحيل يصير له أي تأثير عليكم بعد
اللي صار.
نهض ليفتح الباب و ينظر لها : عطيه فرصة يبرر عشان نفستس مب عشانه .. يعني
أسمعي منه و حتى واجهيه لو يبغى يجي هنا ما عندي مشكلة .. حتى لو تبغين تطلعين معه
لمكان عام بعد ما فيه مشكلة أهم شيء أسمعي منه و قولي كل اللي بخاطرتس ثم بعدها اللي
تبغينه أنا معتس فيه .. الحين اطلعي اجلسي معهن برا .. أنا و العيال في المجلس اللي برا لا
تقعدين هنا طول الوقت .
ليست قصيرة نظر او ذات إدراك قاصر حتى لا تفهم أن الكثير من حديثة كان محقاً فيه
و مُبهر على مستوى رغبات العقل .. ولكنها ايضاً لن تُنكر تشعر بحديثة ثقيلاً ربما لأنها
لا تتقبل هذا الشخص .. نعم يتجلى على منكبية سنوات التخلي لذلك لا تتقبل جلوسه هذا
و حديثة الناصح .
تنهدت وهي تنظر لكفيها لا سامح الله تخليهم الذي زرع فيها هذا الشعور بالغربة وهي في
عقر دار والدها .. لا سامح الله نزاعاتهم .. كبريائهم .. أوجاعهم و ضمائرهم .. كيف أثقلوا
على كتفيها بهذا الشعور .. بهذا النبذ .. و جميع هذه الذنوب الملتفة حول عُنقها وهي الأطهر ..
جميعهم مُذنبون وهي الصفحة البيضاء فكيف خرجوا بكفوف نظيفة و تركوا صفحتها ملوثة ..
لا زالت تبصر بياضها عن أي سواد يتحدثون .
ابتعلت ريقها و نهضت هامسه : كل شيء بأجره يا جيداء وين بيروحون من قاضي السماء !
فتحت باب المنزل ليلفح الهواء البارد وجهها فتشعر فجأة بألم في صدرها و الدموع تغشى
عينيها فجلست وهي تجر النفس بصعوبة .. كل شيءٍ ينهار .. يتلاشى .. تُسلب منها كل
معاني الحياة .. تُغلق دونها كل منافذ الأمان .. و الان يُعجلون بزفاف والدتها وكأنهم يكبلونها
بهذا الزواج .. لو أنها أبصرت به بعض السلام لوالدتها كانت الان تتنفس براحة على الأقل ..
ولكنها تعلم بأنها مُجبرة و أن هذا الرجل يتمثل به الكثير من مخاوفها .. ولا تعلم بأي حال هو
بعد غيبوبة عشرون عاماً .. ما هي الأضرار التي لحقت بروحة قبل جسمه .. منقبض قلبها
بمشاعر الخوف لأجلها .. لا تستحق والدتها هذا بعد سنوات الصبر و المعاناة .. تمنت لها
زوج مُحب .. رجل يخطبها لأنها سماهر فقط كما فعل العديد سابقاً .. لإنها امرأة يتجلى بها
الحُسن و جميل الخُلق .. لإنها امرأة تستحق أن تعيش حياة كريمة تملئها المودة و الرحمة ..
لأن أمها عظيمة حقاً عظيمة .. ليت العمى أصاب أعينهم حين بخستها حقها .
ضربت على صدرها بقبضتها تحاول أن تُزيح هذا الضيق الذي يسد مجرى التنفس لديها
غير مدركة بأنها تجلس بين الأبواب .. و أن تلك الأعين قد رصدت تحركاتها منذُ جلوسها
وحتى الان وهي تمسح على وجهها بكفيها لتظهر ملامحها بكل وضوح قبل أن تتوارى عن
ناظريه للداخل تغسل وجهها ثم تخرج لمكان تجمعهن .. حين أقبلت نهضت فاطمة من مكانها
قائلة : هالمرة بتنازل عن مكاني لتس .
ابتسمت لها : قصدتس الانسحاب قبل الهزيمة .
فرقعت أصابعها : هو هذا .. أنا ما أنكر .
جلست بجوار جدتها : بسرقه لين ترجعين للهول .
أفنان وهي تقدم لجيداء كاسه الكرك : حرام عاد الهول وصف مجحف .
زمت شفتيها ثم قالت : والله عاد أنا كذا أشوفه .. لا تفكرين بوجهه تراه ثقيل طينة .
نادية بابتسامه : تقولينه صادقة .
هزت راسه مؤكدة : ايه و ينكر بعد يقول أنه هو المفضل عند بناتاخيه .
فاطمة وهي تحرك الكاسه في يدها : عاد بذي صدق .. أنا اشوفه مره قريب منهم .
لوحت بكفها : حاتم أطلق منه .
ضحكت ام جابر باستمتاع : الظاهر أنه ثقيل طينه صدق .
جيداء : كلهم ثقيلين طينة ترا محد فيهم صاحي .. عندهم واحد اسمه عياش يوه من صوته يرج
السور رج .. و هذا خطيب ليلى عند ادنى شيء يضيق و يجمع عزبته و يهج يقنص محد
صاحي فيهم الا خالي عبدالله و حاتم .
فاطمة : طيب كملي و أذكري عيب بعض الناس .
رفعت كفها : عاد هذا يحسب نفسه يعرف كل حاجه .. و اللي عندتس ما يباعده .
نادية : والله وأنا عمتتس حتى اللي عندنا مب صاحين .
أفنان بمزح : لا أعترض أبوي لا احد يقربه .
نادية بعناد : الا أنا بقربه .
فاطمة بحماس : هاتي عيوبه .
رفعت كفها : عنده غرور رب المنزل و الدليل هذا حنا الليلة أول مرة بنشوي و الناس قد
خلصت فعاليات دخول الشتاء .
ام جابر : و ما عنده كلمة ثابته الموعد يتغير خمس مرات في الأسبوع .
أفنان بتأييد : هذا أتفق عليه بعمره ما أتفق معي على شيء الا أجله .
فاطمة : و حنا أخر من نسافر .. لا تنسون .
نادية : ولا بعمره جلس عشر دقائق بدون لا يدق جواله .
ام جابر وهي تنزل كاستها فارغة : و أن دخلت نادية فاكه شعرها ضاعت علومه و نسى
السالفة اللي أقولها له .
أنفجر الجميع من حولها بالضحك بينما هي تنظر لعمتها بصدمة وقد تلون وجهها بحياء :
عمه هذا ويش .
ام جابر وهي تضع طرحتها على طرف وجهها تخفي ابتسامتها : هذا الصدق .
جيداء وهي تنظر لعمتها : وش معنى إذا فاكه شعرها .
فتحت كفيها : والله مدري مير أن علومه كلها تضيع .
أفنان وهي تتأمل شعر والدتها : يمه علميني وش السر عشان اطبقه على زوجي .
نادية بتحذير : ترا بتنقرصين .. عيب عليتسن .
فاطمة بسخرية : وش فيها خليها تتعلم .. علميني حتى أنا دامتس فاله الشعر .
جيداء بسخرية ايضاً : ما راح تستفيدين شيء و أنتِ زمعاء .
شهقت : أنا زمعاء .
ام جابر بتأييد : ايه شوفي شعرتس بعمره ما لمس كتفتس .
وضعت كفيها على شفتيها : حتى أنتِ يا جدة .. مير والله زمعاء كبيره بحقي .
( زمعاء : تشبيه شعر المرأة القصير بذيل الغزال او الشاه لشدة قصرهم )
أحاديث سخيفة و بعضها دون معنى و الأخرى تأتي متتابعة و قصص من أم جابر هكذا
مضى الوقت يحاولن ابعاد ذاك الحزن الفائض من عينيها لتعابير وجهها .. حتى اقبل عليهن
راشد يحمل صحنً كبير تتصاعد منه الأبخرة : عاد أشوف وحد منتسن تقول أني ما ضبطته
الليلة .
ام جابر وهي تشير على السفرة : هاته بس نعرفك لا جيت تشوي تدمر اللحم مير هي أول
مرة وهه أفتكينا منها .
وضع الصحن مبتسماً : والله أني مضبطته .
قال جملته وهو ينظر لنادية ليرتفع صوت ضحكة الثلاثي على الجانب الأخر فنظر لهن
بذات الابتسامة : عساها دوم مير ضحكني .
ام جابر وهي تختلق عذرً لهن : يضحكن على شكل اللحم .
ابتعد : أقول اكلن و أحمدن ربي على النعمة .
نادت عليه والدته : أمسك أصيل لا يروح أبغاه في موضوع .
بعد العشاء أغمضت عينيها بقوة ثم فتحتها : يا ويلي أحس بتعب بس ما حولي نوم .
نادية بحنان : عادي أسهري معي أنا و أنتِ ما ورانا دوامات .
ابتسمت لها : ودي بس بلحق أجهز أمي أقلها أرتب لها كم حاجه اف منهم ومن وقتهم الزفت .
نهضت ملوحة لهم : تصبحن على خير .
ما ان غادرت نهضت ام جابر تتكئ على عصاها : يا الله يا معين .. أنا بلحق أصيل قبل يسري.
خرجت تتهادى في مشيتها حتى وصلت لمكان جلوسهم و نادت : اصيل الحقني .
نظر له راشد : جاك الموت تستاهل كل شيء يجيك .
نهض مبتسماً : دام العصى ماهي شايفه شغلها الباقي هين .
سيف بفضول : وش مسوي .. أمانه علموني مب تسترون عليه و انا تفضحوني .
نظر له أصيل ببرود : أنت مصايبك تسويها قدامنا خلك ذكري و استر نفسك أول عشان حنا
نستر عليك .
عمر بسخرية : صادق ولد عمي .
لوح بكفه و رفع صوته : الله يجعلها تجلدك .
دخل المجلس ليبدأ بالحديث : هاه ما طمع أنتس تجينه و على طول اشتكى .
رفعت عصاها : كلمة زيادة و اهوي بها على قلتك .
( القلة : أعلى الرأس في المنتصف )
جلس مشيراً بكفه على شفتيه أي أنه سيلتزم الصمت لتقول له بتحذير : والله أن عاد تعرضت
له بكلمة أني معد أهرجك .. أنت و ولد عبدالرحمن كيفكم تذابحوا محد بيقول لكم لا مير هذال
لا و ألف لا .
فك عصابه رأسه ليُعيد لفها : هو علي اقوى من ولد عبدالرحمن .
ام جابر بحدة : أنت تبغى تفضحنا .. هذا له جميل علينا محدً فك عمك من الذبح غيره .. ثم
السيارات اللي كان يسوقها أبوك و عبدالرحمن الله يرحمهم هو وش دخله .. هو واحدكم
معد يشوف الا وجعه .. راحوا وهو قام عقبهم بعشرين سنه تحسب أنها هينة عليه .. مب عشانه
العقيد ولا عشان ربي كتب له يعيش ولهم الموت يحق لك تتطاول عليه بالهرج .. أنا المرة هذي
رديت عمك وقلت أنا اللي بتكلم معه المرة الثانية أخليك تطيح في يده و أنت تعرف راشد لا
عصب لا تحسب كبر سنك و طولك بيشفع لك .
زم شفتيه بضيق : الحين تركتم سالفة البنات و علقتم علي .
عقدت حاجبيها : وش فيهن البنات ؟
فتح كفيه : الأوله بنقول نقرص أذن زوجها الثانية وش وضعها ؟ أكيد أنها طالبة الطلاق صح
و ولد عبدالله معيي .
ضربته على ركبته : و انت وش دخلك .
لوح بكفه : الا لي دخل مو يستقوون عليها عشانها يتيمه ولا عشانها بنت مشعل .
اشارت عليه بسبابتها : يا ويلك يا أصيل لو تتدخل .. أنت اللي تركت بنت عمك و أمك
هجت تخطب لك من بنات أخوانها الحين مالك دخل فيها .. بنت مشعل لها عمها مهي بحاجه
فزعة أحد .
رفع حاجبيه : أني ما تزوجتها شيء و اللي هي فيه شيء ثاني .
لوحت بكفها : عندي كلها سوا يا ولد أنت تبغى تجلطني الليلة .
رقت ملامحه وهو يمسك بكفها : بسم الله عليتس لا تفاولين كذا و أنتِ تدرين أنتس رأس مالي .
تنهدت و هي تشتت نظراتها حتى لا تُظهر ضعفها أمامه : أجل أحفظ رأس مالك مو تقضي
عليه .
قبل كفها : أبشري مير عليتس الله لا عاد تفاولين كذا .


----------------


نظر لعياش الذي يكمد مكان الابرة وهو يشتم الممرض الذي أخذ عينة الفحص ليعود بنظره
لهاتفه .. لم تُرسل له .. المندوب اخبره أنه تحدث لرجل و سلم له الهدية في نفس العنوان الذي
أعطاه لهم حين قدم الطلب .. هل اتلفها ؟ ربما لما لا .. تنهد ليصرخ به عياش : و حنا العصر
بنزال و تالي الليل فيك .
نظر له ببرود : كمد يدك و أنت ساكت نهايتكم بعد هذا مب متوافقين .
توقف عما يفعل و بهتت ملامحه ليندم على قولة : لا تقعد تهوجس .
عياش بقهر : ايه دامك قلت أنا بسمع الكلام ولاني مهوجس ( صرخ به ) ليه هو على كيفي .
انزل هاتفه و نظر له بحزم : ايه بتسمع الكلام و تهجد .. و الحين خلنا من ذا كله عمانك وينهم
خلهم يروحون لبيت سهاج يشوفونه أخوه راح لدوامه ولا مره .
صمت لثواني قبل أن ينهض : أنا بروح له تراني بعد محرم .
ما أن نهض عياش رفع هاتفه و كتب لها ( ما فيه تعيش و تجيب لي غيرها ؟ )
كشر حين اتاه صراخ عياش : الرجال طالع من العصر وحنا ما ندري عنه .. أنا بشرب لي
فنجال مع عمتي و بجيك .
لوح له : خلك عندها أنا بروح أنام .
دخل لمنزله ثم صعد لغرفته ليستحم وحين خرج وجد لها رسالة ليؤجل ارتداء ملابسه وهو
يفتح رسالتها وهي قد التقطت صورة لمحتويات الصندوق ( تعيش و تجيب لي )
ابتسم وهو يكتب ( امين ) ثم اختفت ابتسامته حين غادرت المحادثة .. هل ما زالت غاضبه
من تصرفه ؟ القى الهاتف : هذا ويش طيب راضيتتس خلاص .. الله يرحمتس يا عمه كان
لازم أحسب حساب هذا الشيء مير انفتنت قلت يمدي عجوزي مضبطتها لي .. كان خليتي
رضاها سهل .
من جانبها أغلقت الهاتف لتذهب لتطمئن على والدها ثم دخلت لتستحم قبل أن تعود لغرفتها
مسرعة خشية أن يؤثر بها الهواء .. دخلت تحت اللحاف لتنظر للصندوق ثم تفتحه من جديد
فهي فتحته فقط لتصوره و ترد عليه .. بدل أن يضع لها ورد نثر العديد من الحلوى بنكهات
مختلفة و جدت نفسها تأخذ منها نكهة البرتقال .. ثم فتحت العُلبة بلون غبار الورد تتأمل
الأقراط بداخلة لتبتسم قبل أن تتحول ابتسامتها لضحكة خافته وهي تتخيل مظهره وهو محتاراً
يختار هديتها .. أغلقت العُلبة لتفتح الأخرى وكان بداخلها سوار من الذهب نُقش عليه من
الخارج شعار علامة تجاريه شهيرة .. ولكن لفت نظرها أن هُناك ايضاً نقش بداخلة فرفعته
لتعقد حاجبيها وهي تقرأ ( هزمت سارية شيخة الوضح )
كتمت ضحكتها بكفيها قبل ان تعض على شفتيها و ترفع هاتفها هامسه : دامني هزمت ساريه
أجل رضيت .
طلبت رقمه وهي تسحب نفس عميق و نبضات قلبها تتسارع قبل أن تكتم نفسها حين أتاها
صوته : هلا .
عضت على شفتيها وهي تبعثر مغلفات الحلوى بكفها : أنت صادق ؟
عقد حاجبيه : في ويش ؟
اشارت على السوار بعينيها : أني هزمت سارية .
هز رأسه مؤكداً : ايه طلعتي زعول أكثر منها .
كتمت ضحكتها من جديد ليتنهد قائلاً : يا بري حالي .. خافي الله لا تهجديني .
سحبت نفس عميق وهي تغير الموضوع : و الحلاو هذا وش وضعه .
استلقى : بدال الورد .. هذاك نهايته يابس وهذا نهايته بطنتس فيه نفعه .
اغمضت عينيها بقوة تمنع نفسها من الضحك : حيرتني مدري هذا تفكير سليم ولا خبال .
ابتسم : الأول صدقيني .
هزت رأسه مُسايرة له : معناته سليم ما نقدر نقول شيء ثاني .
عم الصمت لثواني قبل أن يهمس لها : أعجبوتس ؟
نظرت للصندوق لتسايره بالهمس : ايه جايه على ذوقي و بقوة .
دفن وجهه في وسادته قبل أن يرفعه : الرحمة .
لوحت بكفها : طيب الوقت تأخر تصبح على خير .
تمتم : و أنتِ من أهله .
القى الهاتف جانباً و تنهد : يووه يا عمه هذي البر ما يفكني منها ولا حتى مليون ضب يشغلني .


-------------


القت الكمادة على سديم بغيض : أنتِ بتسكتين ولا لا ؟ بعدين انقلعي نامي وراتس دوام .
تفادتها وهي تُكمل حديثها : لا تقولين جاب لتس عصير طماط .
حينها ضحكت سميه لتقول هي : يمه معجبتس كلامها .
سديم بحماس : و عمتي بعد فحصت .
هزت رأسها بالإيجاب : ايه .
سمية وهي تدفع كرسي رشا : يلا خلاص وقت النوم .. والله يا سديم أن ما صحيتي
بدري لا اسحب عليتس و اخذي غياب .
ادخلتها المصعد لتقول رشا بتوتر : يمه فيه شيء خوفني اليوم .
سمية بقلق : وش هو ؟
ميلت شفتيها قبل أن تقول : فحصنا بكذا مركز .
فتحت المصعد لتدفع الكرسي قائلة : عادي يمكن يبغى يتطمن الرجال ولا عشان اول واحد
يطلع النتيجة يأخذونها منه .
تنهدت وهي تشعر بعدم الراحة : مدري بس مو مرتاحة .. تكفين يمه خلي الملكة مع الزواج .
سمية بحزم : لا تملكين بسرعة دامه ما انقلع من هنا ما فيه شيء يضمن جنونه أقلها اتطمن
عليتس .
تمسكت بذراع والدتها وهي تنقلها لفراشها : وجدي .. تراه مب موافق .
لوحت بكفها : ما عليتس منه أنتِ بتتزوجين عياش مو جدتس .
رشا بسخرية : هذا كلام بس .. ولا الفعل شوفي جيداء وين و تعرفين أن موافقته ضرورية .
سمية بهدوء : و أنتِ تحسبين جيداء بتقعد هناك دايم لا يا قلبي زوجها بيردها و تشوفين و قولي
بكرة امي ما قالت .
تأملتها لثواني قبل أن تقول : ليه كذا متأكدة ؟ أنا ما أشوف عندها سبب عشان ترجع .. لا أولاد
و هم مخطين بحقها .. و أمها خلاص بتتزوج و تطلع من هنا ابداً يمه ما فيه أي سبب .
ابتسمت : ليه هو الزواج بس أولاد ! الزواج شيء و الأولاد شيءً ثاني .. و خطأ سهاج للحين
ما نعرف وش هو بس أعرف سهاج .. متربي قدام عيني بعمره ما لف ظهرة بدون لا يعتذر ..
و أعرف أنها الضعيفة ضايعة وسط هالناس .. أقلها سهاج ما تخلى عنها مثلهم .. أن كان هو
غلط مرة هم أربعة و عشرين سنة يغلطون بحقها .
رفعت كتفيها : مب ضروري أنها تشوف الأمور من نفس الزاوية .
نهضت بعد أن ربتت على كفها : الله يهدي النفوس .. لا تفكرين بشيء غير نفستس الحين ..
نامي السهر ما يصلح لتس .
اطفأت الأضواء و غادرت المكان لتتركها لخفها تتأمل السقف على إضاءة الأباجورة الخافتة
قلبها تتسارع نبضاته بشكل مخيف .. أن تعود لنفس التجربة من جديد كان شيء مُخيف حقاً ..
أكثر مما كانت تظن .. و أن يكون عياش هو الطرف الأخر كان مزعج أكثر لها .. أغمضت
عينيها بقوة حين تذكرت ملمس شفتيه و الرعب الذي دب في أطرافها ذلك المساء .. ذات
الشعور المُنفر يعود لها .. نعم تحاول وضع الأعذار له ولكن هي تعايشت مع هذه المشاعر
لسنوات فكيف ستنسف سنواتٍ بأعذار !
ربتت على يسار صدرها بيمينها وهي تهمس : تقدرين يا رشا .. عشانتس أنتِ راح تقدرين
.. النجاة من هذا يا رشا تخليتس تعذرين و تتقبلين .
ما تُصارعه في هذه اللحظة مختلف جداً عما يتخالج مشاعره هو في ذاك القصر بعد أن
ترك عمته لتنام و دخل غرفته ليستحم و نظره على تلك الكدمة ليبتسم برضا : هانت يا رشا .
خرج من الحمام ليجد رسالة في هاتفه من والدته ( كيف صارت يدك )
التقط لها صورة و كتب ( أول مرة يعجبني الوجع .. حتى شكلها يفتح النفس )
نعم هذه الكدمة تسر ناظريه رغم الألم الذي يُعاني منه مع أي حركة يأتي بها ..
تنهد بحسرة .. ليت من يُعاتبه في محبتها يبصر بأي حال هو الان .. كيف أستطاع أن
يتجاهل رغبته بكل سهولة لأجل أفكار كتلك .
تنهد من جديد لينفض اللحاف بعيداً عن جسمه و ينزل باحثاً عنه .. أن كان متضايق فعلاً
سيجده يشرب كوب من شاي الأعشاب في الشرفة .. تقدم بخطوات حذره وهو يقدم رأسه على
جسمه حتى يتأكد من تواجده قبل أن يلتصق بطرف الحائط حين لمحه يجلس هُناك يتأمل
مسبحته .. سحب نفس عميق ليتقدم و يفتح باب الشرفة ليرفع الأخر نظره نحوه : عود مع دربك
مالي خلق لسوالفك .
زم شفتيه قبل أن يقول : ما ابغى اسولف ابغى أنشدك .
عاد بنظرة لمسبحته : عن ويش ؟
حرك بصرة بعيداً وهو يتأمل صف الأشجار حول جدار الحديقة من الداخل : أنت تدري أن
الموت ما هو بس طلوع الروح ؟
هز رأسه بالإيجاب : ايه أدري .. مير كانك بتقعد لي و أشوف عيالك أنا راضي يموت قلبك
و كلك و تكمل بهالروح .
نظر له بصمت ليُكمل : ايه أناني و راضي بنفسي .. هذا علي أهون من أني كل يوم احتريهم
يعزوني فيك .
تنهد وهو يتراجع خطوة للخلف : و أنا بعد بصير أناني .. و راضي بطلوع الروح لو أني
بشري بها ساعة معها .
مالت شفتيه بسخرية : نهايتك مثل ولد عمك اللي يمر ولا حتى يحط عينه بعيني .. و مثل عمك
اللي تركته الحرمة عشان أهلها يوم أنه هو باع أهله و خطبها قدام كل الناس .. روح نام ..
مير يا ولد عبدالرحمن أن مت عشانها ابغاك تعرف حاجه وحدة والله أن تلحقك بنفس اليوم و
أني ما اقف على قبرك ولا اخذ العزاء فيك .
ارتشف ما تبقى في كوبه و نهض متجاوزاً له ليصعد للأعلى .


---------------


أضرم ناره و ترك أبريق القهوة على جانبها ليفوح بينما هو أراح ظهرة على المركى يتأمل
السماء الصافية .. هُنا مساحة من السلام العقلي و البدني ومع هذا لديه رغبة عظيمة بأن تكون
هي شريكة هذا السلام .. الان فقط يتذكر بأنهما لم يحظيا بوقت كهذا سابقاً .. رفع هاتفه الثاني
ليُرسل لها ( تجربة )
ثم ابتسم حين استلمت الرسالة ليسحب أبريق القهوة و يسكب ما بداخلها في الدلة و يتركها على
الجمر بعد أن اخذ له فنجان منها ليهمس : باقي لها شوي .
انزل الفنجان قرب النار و التقط صورة لتكون من نصيب محادثتهما ( أثر الزواج كان محرمني
اشياءً واجد )
ابتسم وهو يتخيل ردة فعلها لو قرأت رسالته ليتمتم : مير وش جاب النجوم لبروق عينتس .
نعم يلوح البرق في عينيها منذُ أبصرها أول مرة بزي المدرسة و ظفيره على كتفها .. في
ذلك اليوم أدرك أن البرق ليس حكراً على السماء و السُحب .. و أن لعينيها نصيب من ذلك ..
و أن لرفرفه رمشيها قُدرة على تحريك النسيم حتى لو أن ****ب الساعة تُشير للواحدة ظهراً
في فصل الصيف .. و أن المطر ليس طفل الغيم وحدة .. بل أنهُ جَنِينٌ تحتضنهُ مُقلتيها ..
منذُ ذلك اليوم أدركت كُل حواسة بأنها حياة لقلبة .. و سكنن لروحة .. أرادها بكل ما فيه ..
ولكنها عصية لا ترق ولا تلين .. لا تُعجبها الأشعار وكأنها قد أكتفت بقصائد والدها .. لا
تُغريها أحاديث عينية و لا يقفز قلبها شوقاً أن طال غيابة .. وجدها ذات مساءً تتأمل غفوة
كفها على وسادة كفه فتعجب لفعلها .. ما الجميل بهذه الكف التي لطختها حرارة الشمس ؟
و سرعان ما بعثرت جميع أفكاره و هي تهمس ( أرحمها ولا ترجع للأرض بكرة )
يتذكر بأنه أنفجر ضاحكاً في ذلك المساء كم هي مهوسة بالعناية ولكنها وجهت حديثها للشخص
الخاطئ .. فكيف يُقنع هذه المدللة بأنه أن غابت عن كفه تلك الخدوش شعر بأنه مُقصر .
سحب نفس عميق ثم زفره ببطء ما زال الوقت باكراً على النوم يا عيني السماء ام لم يكن
أحد يُعكر ساعات النوم سواي و أنا أسرقه بعيداً طمعاً في حديثك .. رائحة عطرك ..
غفوة شعرك على كتفي .. لا أُنكر كُنتِ شيءً يستحق السرقة .
عاد لفتح صفحة المحادثة ليميل شفتيه بعدم رضا شعور بداخلة يخبره بأنها مستيقظة ولكنها
تتجاهل رسائله فكتب لها ( دريشة غرفتتس كبيرة ما شاء الله )
لحظات و دخلت للمحادثة ليبتسم برضا وهو يشاهدها تكتب قبل أن تصله رسالتها ( فيك خير
قرب منها )
حك اسفل شفته بسبابته قبل أن يكتب ( لأن فيني خير ماني بجايها أنا ما أدخل البيوت من
درايشها أحب الأبواب )
غادرت المحادثة ليكتب ( مثل الجرابيع بالضبط تمدين الرأس ثم هجيتي )
لم تعد ترد على رسائله لذلك ترك هاتفه و انشغل بشرب قهوته بعد أن أرضى شيءٌ بداخلة
و سرق منها جُملة واحدة سيسجلها في ذاكرة هذا المساء .
اما هي فقد أغلقت الانترنت بضيق وهي تتمتم : نفسيه و مختل .
استلقت و هي تعدل اللحاف حول جسمها قبل أن يذهب نظرها للنافذة فتعقد حاجبيها بضيق
أن لم يكن بالخارج وهذا ما هي متأكدة منه فكيف علم بأن نافذة الغرفة كبيرة ؟
تنهدت و أغمضت عينيها لا يهم حتى و أن كان يراقبها فل يفعل .. جُل ما يستطيع فعلة هو
المراقبة فقط .. الان يجب أن تُخرجه من أفكارها و تخلد لنوم لديها أعمال كثيرة غداً ولن
تُضيع ساعات راحتها على رجلٌ مثلة .


----------------


شهقت حين شعرت بكف ابنتها على كتفها : يمه لي ساعة أنادي .
نظرت لجيداء التي انهت زينتها لترسم ابتسامه باهته على شفتيها : وش فيه يا قلبي .
عقدت جاجبيها بضيق : ولا شيء بس أقول لو أزيد قلتر شوي مب أحسن .
بحثت عن المرآة بقربها لترفعها و تتأمل عينيها المرسومة بكحل شديد السواد و اللون العسلي
ينتثر بأبداع على جفنها من الأعلى و يطغى على مقدمه العين بريق الظل اللامع بدون لون
محدد حتى يكون عاكس لدرجات العسل لتقول : لا كذا زين تعرفيني ما احبه اذا زاد .
زمت شفتيها بتفكير : بس بعد كم ساعه بيخف .. المهم بأخذه في الشنطة احتياط .
نظرت للحقيبة الصغيرة التي ملئتها جيداء بالمنتجات المستخدمة لتقول : يعني جات عليه ؟
ابتسمت وهي تبتعد تتأمل النتيجة النهائية .. فستان تراثي باللون الأخضر ضيق بعض الشي
ناحية خصرها و فوقة عبائه بدرجة أغمق و يتداخل معها بعض السواد .. يُزينها بعض
التطريز التراثي حول نهاية الأكمام و ناحية الخصر و أسفل العباية .. هامة الذهب تُزين
أعلى رأسها لينسدل من أسفلها شعرها بتموجات كبيرة .. ترتدي عقد من الذهب يُزين نحرها
و صدرها .. كما أن هُناك خمس بناجر في يمينها و خلخال في قدمها اليُسرى .. تفوح
منها رائحة عطرها الرقيق ممزوجة بالبخور الفاخر لتتنهد مبتسمه : جدتي معها حق يوم
أصرت عليتس تلبسين كذا و تتنقشين .
لاح الضيق على ملامحها : والله مغر مسويتها عشان خاطرها وهذا المكياج عشانتس ولا
هذا كله مب مريحني .. خاصه هذا القلوس اللي أنتِ حاطته والله ما احبه تعرفيني .
رفعت كفيها معترضة : والله عاد هذا اللي يناسب مكياجتس .
مالت شفتيها : متأكدة عرايستس ما تسوين فيهن كذا .
جلست بغرور : عرايسي يجن و يقولن سوي اللي تبغينه واثقات فيني .
لوحت بكفها : لا تقعدين جمعي أغراضتس ما ندري متى يجون خوالتس .
نهضت لتغلق حقائبها و ترتبها جانباً وهي تقول بحذر : يمه ما نسيتي وعدتس لي صح .
تأففت بضيق : ما نسيت .. و سهاج مب جاي معهم محدً من بنيخي بيجي بس أخواني .
سحبت عبايتها لترتديها فوق فستانها الأصفر الملتف على جسدها يستر كتف و الأخرى عاريه
: والله قلبي مب مرتاح .. أن جاء معهم فضحته .
رفعت سبابتها مهددة : عايني فيني لا أشوفتس مهرجة أحد يخلص العرس تأخذين أغراضتس
و ترجعين لبيت عمتس و أن تلقفت حرمة و نشدتس لا تعطينها علم ابد ولا أسمعتس مطرية
الطلاق قدامهم .
هزت رأسها وهي تغلق أزره عبايتها : طيب ابشري ما يصير الا اللي تبغينه عاد عروس
وش نسوي لازم ندلعتس حتى لو أن العريس عدم و العرس على غير سنع .
ضربت كفيها ببعض : أنتِ للحين على نفس الأفكار .
اقتربت منها لتجلس و تقول بنبرة خافته : امانه يمه جد ما فكرتي فيها .
رفعت قبضتها : قولي يمه أقرصيني و انتهى الموضوع .
لوحت بكفها وهي تنهض : لا تقرصيني ولا شيء الليلة كل شيء يبين .
ركضت مبتعدة حين سمعت شهقة والدتها لتدخل المطبخ وهي ممسكه ببطنها : اف يا الجوع
أنا وش دخلني اتوتر بدالها و ما اكل .
سحبت حبه موز من سلة الفواكه لتأكلها وهي تتأمل المكان ربما لأنها هُنا في منزل جد والدتها
حيث أقامت فترة ما قبل زفافها .. مالت شفتيها بابتسامه ساخرة كم منزل دخلته خلال ستة أشهر
فقط ؟ أربعة .. لا خمسه إذا حسبت مزرعة سهاج معهم .
سمعت صوت إطلاق النار في الهواء فابتلعت أخر لقمه وهي تسرع نحو والدتها التي كانت
تقف في غرفة الجلوس تنظر للنافذة فقالت : بيسوون لتس زفه .
رفعت كتفيها : مدري والله ما قالوا لي ولا أمي أطرتها عندي .
توقفت السيارات قرب باب الحوش وكان عبدالله أول المترجلين ليفرغ الذخيرة في الهواء
و تبعه نزال ولم يتوقف حتى دخل للحوش و طرق عبدالله الباب لتفتحه له جيداء فيدخل
مبتسماً : ما شاء الله وش ذا الزين يا بنيه عيب تغطين على العروس .
اشارت على غرفة الجلوس : استعجلت بالمدح .. روح شوفها عشان تعرف أن محدً يغطي
عليها .
دخل نزال ليسحب خدها بلطف : وه يا حليلها هذي بنت العروس .
شهقت وهي تمسح على خدها : يا خبل خربت مكياجي .
نظر لكفه النظيفة : ما شاء الله وش حاطه على وجهتس يوم أنه ثابت هالصنع .
حاتم من خلفه : وخر أشوف .
دخل ليصفر : هذي خويتنا اللي تو مشينا من عندها .
وضعت كفيها على خصرها : ايه نفسها .
دفعها نزال للخلف حين وضع سبابته على جبينها ثم اتجه لغرفة الجلوس .. ما أن دخل همس
: ما شاء الله .
ليدخل من خلفه حاتم و يصفر مرة أخرى وهو يشير عليها من الأعلى للأسفل : كذا أبغى
حرمتي تلبس في عرسنا .
جيداء من خلفه : هو مب على اللبس .. على اللي لابسته .. ثم من اللي بتسويها هذا الوقت تراه
حلفان من جدتي .
نزال وهو يتقدم ليقبل جبينها : أنا اشهد أنه أنتِ اللي مزينته .
ابتسمت له بامتنان ثم ابتعد ليسلم عليها حاتم بينما عبدالله كان يتأملها و غصه قد تعاظمت
بصدرة .. نعم هذال مُناسب ولكنها استحقت حفل زفاف أفضل من هذا .. لن يتجاوز ابداً
شعورة بالذنب وهو يعلم بأن زينتها هذه من أجل زواج لم ترغب به ابداً .. انتفض حين شعر
بكف جيداء على عضده تربت بخفه وهي تقول : خالي أمش قدام بصوركم .
تقدم ليقف عن يمينها و نزال عن يسارها و بجواره حاتم لتلتقط لهم صورة ثم تنظر للكاميرا
بضيق : والله كأنكم رايحين للأعدام .
ثم نظرت لنزال ترسم ابتسامه ساخرة : أنت عاد وضعك مزري .
اسرع نحوها لتخبئ الكاميرا صارخه : والله ما أمسحها .
حاول سحبها منها : أبك هاتي خليني بس أشوفها .
صرخت ليبتعد ممسكاً بإذنه : الله لا يعيد العدو صميتي أذني .
خبأتها داخل الحقيبة وهي تنظر له بانتصار : تستاهل يا الملقوف .. احد قال لك تنمغط وسطهم.
عبدالله باستعجال : يلا البسن بنمشي .
نظرت لوالدتها التي شحب وجهها وهي تنحني لأخذ عبايتها حتى لا يُلاحظ أحد تغير ملامحها
: زين بس بثبت طرحة أمي عشان ما تنشب فالهامة .


------------------


كان صوت الشيلات مرتفع و ليلى ترقص في المنتصف و ام عبدالله تُجاري رقصتها
بينما أصوات غطرفه النساء يرتفع ممتزجاً مع صوت تصفيق كفوفهن .. رائحة البخور
الفاخر مختلطة مع العطور النسائية تعبق في الأجواء .. و الصالة الواسعة قد تغيرت مئة
و ثمانون درجة بعد أن رُتبت بها الطاولات و غُطيت بمفارش بيضاء و قطع الكرستال
تتربع في المنتصف تحتضن الورود بلونها الزهري الباهت و الأبيض .. متماشية مع تلك
الباقات التي تُزين المكان من طاولة استقبال رُتب عليها أصناف من الحلو و المالح و كذلك
مدخل بيت المزرعة قد فُرش به سجاد زهري اللون و باقات الورد قد ملئته منسجمه مع بريق
الكرستال .. و حتى الباب كان له نصيبه .. و سقف الصالة و جزء كبير من الحائط ولكن
تفرد عن بقيه المكان بذلك الكنب الكبير فوق منصة بلون الثلج حيث تتمايل ليلى برقصتها
بكل رقه .. يشع الفرح من عينيها و كأن العصافير قد تركت تغاريدها العذبة على ملامحها ..
في وسط هذه الرقصة لا تتذكر سوا مظهره الجميل .. ببشتة الأسود و غترته ناصعة البياض
بينما هي تبخره بالعود مغرب هذا اليوم .. بينما هو ينظر لها مبتسماً لأن الفرح في عينيها
يستحق أن يُبتسم له .. و لأنها فراشه كانت ترفرف هُنا و هُناك حتى اقبلت عليه تحمل
مبخرتها .
ما أن انتهت رقصتهن لم تنزل عن منصة الرقص و نورية و سمية ينظمن لها لتبدأ
جولة أخرى من صفقات الكفوف و غطرفه النساء .. رغم أن الحاضرات لا يتجاوز عددهن
23 امرأة و هذا لأن ليلى لا تمتلك علاقات كثيرة مع من حولها لذلك أكتفت بالجارات و بعض
النساء الاتي كانت جدتها تذكُرهن دوماً و كُن كثيرات الزيارة لها .
سديم وهي ترفع فنجال القهوة باستمتاع : اشوا أن الحفل جوا لو طلعنا برا كان طيرنا الهواء .
خلود وهي تنظر لنوافذ رغم أنها مُغلقة بستائر : أولى السماء كلها سحب شكلها بتمطر .
سديم بحماس : جوي .
رشا بابتسامه : و ان طفى الكهرب .
لوحت بكفها : لا فيه مولد احتياط بس خوفتس على صيوان الريجيل يطير .
خلود وهي تتذكر شكل الصيوان الأبيض : يوه لا تذكريني جايني الموت على ما ادخله ليتهم
حطوا لنا واحد برا .
سديم بصدمه : وش تبغين فيه هنا أطلق بمليون مرة .
رشا : الا والله شكله يهبل .. يا حظ الريجيل .
سديم وهي تُشير على المنصة بعينيها : خلود بعدهن بنقوم نرقص .
خلود و نظرها يذهب للمنصة : ما أقول لا .
نعم لن ترفض ابداً في هذا المساء أي شكل من أشكال الفرح .. تُريد أن تتناسى أنها مريضة
و أن زوجها قد تخلص من جميع أدويتها في ذلك المساء الكئيب .
زينة و نظرها على المدخل و تهمس لرهف : تهقين فاطمة تجي .
رهف بنفي : لا شوفي جدتها و أمها هنا وهي ما جات .
كشرت ناقده : مالها حق .. عيب عليها .
نظرت لها ببرود : مالنا دخل .
ربتت على كفها : طيب من الحريم اللي هناك .
نظرت للمكان الذي اشارت عليه زينة : زوجة سلطان بن منير و بناتها عمتي عازمتهن .
همست : فيه وحدة لافه جبيره على يدها .
مالت للجنب قليلاً لتتأكد قبل ان تعود و تهمس : مو جبيره .. زي الدعامه للعضلات .. المهم
لا عاد تطالعين فيهم والله أن تذبحتس عمتي نورية .
اعتدلت في جلستها و هي تنظر للمنصة : اووه من امي معطتني محاضرة طول بعرض نكدت
علي لا و تقول ترقصين مره وحدة بس .
على الجانب الأخر كانت تصفق بكفيها مبتسمه غير مهتمة بالنظرات التي تشعر بها تتجه
نحوها بين الحين و الأخر ثم نظرت لأبنتيها : إذا جات سماهر بنرقص عندها .
مرام برفض : لا أنا ما اقدر خلوني جالسة .
تنهدت وهي تعود بنظرها للمنصة : كيفتس .
مريم وهي تنحني حتى تسمعها والدتها : أي وحدة ام سهاج .
حسناء و نظرها لم يبتعد عن المنصة : اللي لابسه بنفسجي .. ما تشوفينها رازه عمرها من
اليوم .
مريم وهي تتأمل تلك السيدة : شفتها بالاستقبال بس ما عرفتها .. يا حليلهن قايمات بالحفل
مع بنته .



------------------


عند الرجال كان الموضوع أشبه بعشاء يجتمع فيه المعارف و الأصدقاء .. كان يجلس في
الوسط بينما مجموعة من الشيوخ و التجار يحيطون به .. لم يرغب بأن يأتي بأي شعار ولكن
ها هو سعود المتطفل قد قدم الدعوة لمجموعة من شُعار المحاورة و الصفوف بدأت الان
تتشكل لتتجه الأنظار نحوهم بحماس اما هو فنظر للجالس قربة لم يتحدث كثيراً وكذلك لا يبدو
في مزاج جيد .. سحقاً لك ها نحن نتزوج فلما ما زلت تعقد حاجبيك .. تركته نظراته ليوجهها
نحو من قدموا قبل لحظات و قدموا تبريكاتهم و كذلك العانية و ذهبوا للجلوس مع مجموعة
من الشباب كانوا سلمان بن جابر و عمر و سيف أبناء راشد .. كما توقع أصيل لم يحضر اما
راشد فقد اُستدعي عصر هذا اليوم للمستشفى .. لحظات و أرتفع صوت أطلاق النار مع صخب
أبواق السيارة لتتجه الأنظار نحو حائط الحديقة و الجميع قد علم أنها العروس قد وصلت وهذه
هي زفة أخوتها لها .. كانت ذخيرتهم تملأ السماء و كأنها بقايا من نجوم حينها شد على مسبحته
وهو يسحب نفس عميق لم يجتاحه ضيق كهذا حين وقع على العقد عصر اليوم و لكن حضورها
لهُنا يعني امراً واحد .. سيلتقي بها و هي الان زوجته و انتهت القصة .. اه كم أنت بائس ..
بعد دقائق كان عبدالله يعود لمعقدة و حاتم ينظم لصفوف المحاورة أما نزال فوقف في المنتصف
يفرغ ما بقي في سلاحه .. كانت أصوات كهذه تجلب له السعادة ولكن الان يتمنى لو أنها تنقطع
و يعم الهدوء و لكن هيهات أن يحدث هذا .. ما ان انتهى نزال حمل سهاج سلاحه و بدأت جولة
أخرى شارك فيها أبو بندر ليبتسم هذه المرة وهو يبصر أول الطلقات من بعد الغروب لأجله ..
سيقدر هذه الوقفة لك يا أبا بندر ما بقي حياً .


----------------


عدلت الهامه على رأس والدتها ثم نظرت للساعة التي تشير لتاسعه و الربع : فعلاً عرس
شيبان على ويش هذا الاستعجال .
أخرجت هاتفها لتتصل بليلى حتى يتم تجهيز زفة والدتها لحظة فتح الباب و ظهور جدتها
مبتسمه : هاه يا قليبي جاهزة .
أهدتها سماهر ابتسامه : ايه بس من اللي جوا .
عائشة وهي تعدل شعر أبنتها على كتفيها : جارات العاتي و جات حرمة سلطان بن منير
و بناته اشهد بالله راعيات واجب .. و بعد خالتتس و ام عمر و بناتها جن قبل شوي .. كنت
احسب فاطمة ما تجي مير بيض الله وجهها خالفت ظنوننا .. و ام سعد بنتاخيها و ام بدر
و بناتها .. و حرمة سجدي و حرمة مساعد و بس .
ارتفع صوت الغطرفه من السماعات لتقول جيداء : يلا يمه أدخلي .
سحبت نفس عميق وهي تدخل متمتمه ( بسم الله )
وما أن تجاوزت ذلك الحائط ارتفعت أصوات النساء مغطرفات حينها فكرت كل هذا كثير
عليها .. تقسم بأنه كثير .. ليس المكان لها ولا الزمان خُط عليه بأنه زمانها .. لا هذا الورد
يليق بها .. و هذه الغطرفه .. حتى هذا الثوب الجميل لا يُناسب تشوهات دواخلها ..
وهذا الكُرسي المخملي لا تليق به .. وهذه الرقصة من جيداء و ليلى .. و تبريكات النساء
و حضن حسناء و تلك الدموع التي لمعت في عيني مرام و مريم لحظة وقوفهن أمامها ..
لا تستحق هذا الطهر من قلوبهم .. حتى أنتِ يا سديم لا ترقصي من أجلي .. و صوت
غطرفة خلود بجواري لا يليق بامرأة مثلي .
سحبت نفس عميق وهي تكاد تصرخ حين لمحت خالتها تصعد للمنصة ترقص بالسيف برفقة
والدها .. لا تفعليها أرجوك .. لما تلوحين بسيفك من أجلي .. عودي يا خالة أرجوك هذا كثير
علي تكاد روحي أن تُغادرني .. فل يرحمني أحد .. كانت الفرحة ترتسم على وجوه الجميع
وهي تبصرهم صامته ربما على شفتيها ابتسامه باهته التقطتها الصور و سجلتها بتاريخ
5/3/1444هـ في ليلة السبت حين أصبحت سماهر عروسةً لهذّال .
فل يعبر الوقت سريعاً أرجوكم .. اللهم أطوي هذا الوقت كما تطرف رمش عيني في هذا العناق
.. فإذا بها تُبصر دعوتها تتحقق و الوقت يمضي سريعاً وهي الان تجلس في غرفة الجلوس
و أصوات النساء في الخارج يغادرن .. و ليلى تركض هُنا و هُناك بسرعة قائلة لجيداء
: يلا الريجيل بيدخلون .
ففرغ المكان سوا من والدتها ليتسارع تنفسها كما يتسارع الوقت من حولها .. أستغفرك ربي
ليس هذا ما اُريده .. رحماك ربي لا أُريد لقاء و خلوة معه .. هيهات .. هيهات لرغباتك و
تخبطاتك وهي تتبعثر مع دخول عبدالله ليدخل هو من خلفه فتبتلع ريقها بصعوبة .. أتيت
يا عبدالله فخُذني يا أخي من هُنا .. أخرجني من هذه المتاهة كما أدخلتني بها .. أدر عجلة
الوقت للخلف يا عبدالله لأرفع شماغك و أرفض و نظري للأرض .. أفعلها يا أخي من أجلي
.. من أجل سماهر .. ليست سماهر هذه بل مدللتك .. من حملتها على ظهرك راكضاً تعبر
بها الحقول تسابق أخوتك .. من أجل تلك الطفلة التي لم تغفو عينيها منذُ 25 سنة ..
أراها الان تنتحب .. مدللتك تفيض دموعها خلف صمتي .. لا أسحبه لا يقترب .. لا تلمس
كفاه عضداي ولا تطبع شفتيه هذه القبلة على جبيني .. لا أريد ظل هذا الرجل او شموخه
.. لا شيء من تفاصيله ذا نفع لي أبعده بعطرة الخانق و صوته الهامس بهذه المباركة
أقسم لك أنه لا يعنيها ابداً .
نظرت لمن يحيطون بها .. لا شيء ينفع ابداً .. فل يأتي أحدهم بجيداء .. أسعفوني بأبنتي ..
فقط سأحتضنها حتى يعود قلبي لسابق عهدة .. عضلة بين أضلعي بدل هذه المضخة ..
لا تذهبوا .. لما العجلة .. ما زال المساء بأوله .. إذاً أنتِ اماه فل تبقي لي لا تودعيني بهذه
الوصايا .
كانت ستُصاب بالجنون حقاً لولا أن دخل سهاج مع الباب لتمد له كفها فيلتقطها و يسحبها
نحوه هامساً : تعوذي من ابليس .
همست بأنفاس متسارعة : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
كان يلصق شفتيه قرب أذنها كما يفعل وهو يُحدثها مطولاً بينما هي تتمسك بكفه بكل رجاء
ليتني أطعتك و أنهيت كل هذا الغباء .. حين ابتعد احتضن وجهها بكفيه و طبع قبلته على جبينها
ثم نظر لهذال : ما يحتاج اوصيك عليها يا أبو ليلى مير هذي عمتي الله الله فيها .
نظر له بهدوء : أبشر أزهلها .
لا لا تفعل بل خذني من هنا .. كانت هذا ما تنطق به عينيها بينما هو قال لها مبتسماً
: ولا يحتاج اوصيتس يا عمه جننيه .
أتى التأييد من عياش و فيصل لكلامه لتنظر لهم بابتسامه و تهمس : أبشروا .
كان لسانها يتحدث بأشياء لا يفكر بها عقلها بل أنها لم تمر به وهذا ما هي متأكدة منه ..
حين ذهبوا أبناء أخوتها دخلت ليلى لتسرع لوالدها تقبل كفه و كتفه : مبروك يا نور عيني .
احتضن وجهها ليقبل جبينها : الله يبارك فيتس .
نظرت لسماهر وهي تلوح بالكاميرا في يمينها : يلا بأخذ صورتين و امشي عمتي عائشة
تنتظرني .
لوحت لوالدها بكفها أي اقترب منها فتحرك ليقف بجوارها وهي تلتقط لهم صورة .. ثم
همست بحياء : طالعوا في بعض بأخذ صورة وحدة بس .
استدار ليقف أمامها وهو ينظر لها بهدوء قبل ان ترفع هي نظرها له وحين وقعت عينيها
أسيرة لعينية برز صوت عمتها من ذاكرتها
(عيونه ما شفت مثلها .. فيها سلم و حرب و فيها
نار و مطر .. حين يطالع فيتس تحسبين أنتس غرقتي و أنتِ مكانتس )
.
.
عيونك شوفي عيونك و قولي لي وش تشوفين
ما غير اعجابك بهذا الجمال بياخذ اعجابك
**
عليه من السلام الي يطرا لين يوم الدين
و علي اللي علي من الحنين اللي تغنى بك
.
انتهى الفصل
أنا من عشاق روايتك وطريقة سرد الرواية فعلا رواية جميله جدا


هاجر وفاطمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 12:18 AM   #2147

حلمي البعيد

? العضوٌ??? » 512023
?  التسِجيلٌ » May 2023
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » حلمي البعيد is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل من كاتبه جميله تسلم يدك
يا جميل الوصايف يا ظل السحاب قلبي انفتن بك ❣️

هنا يبدأ الحب لهذال وسماهر بس على الله ماحد يخرب بينهم احساسي يقول في احد يقول لهذال عن كلام سماهر بمشكله سفيان أن مافي احد يستاهل يخلف مشعل


حلمي البعيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 12:45 AM   #2148

نـاي

? العضوٌ??? » 492784
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 62
?  نُقآطِيْ » نـاي is on a distinguished road
افتراضي

اهخخ غدرتي فينا يا سحاب اهم مشهد بالبارت خليتيه بالقفلة ????

نـاي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 01:17 AM   #2149

قسيس

? العضوٌ??? » 391086
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 831
?  نُقآطِيْ » قسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond reputeقسيس has a reputation beyond repute
افتراضي

يو يو يو غرفت بهالبارت ماتمنيته يخلص الله يقرب السبت الجاي بس????
توقعت جيدا تدخل وتلاسنه بس اشوا زعلها عقلها


قسيس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-23, 01:54 AM   #2150

ارجوان

? العضوٌ??? » 422432
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 452
?  نُقآطِيْ » ارجوان is on a distinguished road
افتراضي

مساء / صباح الخير

الله الله وش هالجمال

يازين العرس واجوائه كان ودي ارقص مع ليلى وجيدا شي يونس

نرجع للشايب يهيب ولاتسدك انت صاحي انت تعبد ربك تعرفه يامسلم هو فيه احد يموت بيد احد الاعمار بيد الله سبحانه ومحد يموت قبل يومه وكانه به نحس فهو في شهبت لحيتك وين ماتوجه تشب حرايق بين الاوادم


ارجوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.