آخر 10 مشاركات
409 - غدا لن ننسى - تريزا ساوثويك (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          من يقنع الظلال ؟ أنك فـ أهدابي.*مكتملة* (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          الصقر (50) The Falcon للكاتب اسمر كحيل *كاملة* (الكاتـب : اسمر كحيل - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree24692Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-02-23, 09:48 PM   #911

Qhoa
 
الصورة الرمزية Qhoa

? العضوٌ??? » 436349
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,308
?  نُقآطِيْ » Qhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 40x( الأعضاء 16 والزوار 24)‏Qhoa, ‏رجوة2, ‏Rahaf.hamad, ‏ميييلاا, ‏Sahar12, ‏bshoor15x, ‏أم عائشة ., ‏محسن ناصر, ‏Wafaa elmasry, ‏الاوهام, ‏رسوو1435, ‏Al3eoon, ‏دمع الغيوم, ‏بدره م, ‏F.s236, ‏أم كنده


تسجيل حضور بانتظارك ظل السحاب 😊


Qhoa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-23, 09:58 PM   #912

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 778
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضور في انتظارك 😍

ام جواد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-23, 10:06 PM   #913

محسن ناصر

? العضوٌ??? » 493659
?  التسِجيلٌ » Oct 2021
? مشَارَ?اتْي » 19
?  نُقآطِيْ » محسن ناصر is on a distinguished road
افتراضي

احس مررره متحمسه للبارت منتظرييييين 🔥🔥

محسن ناصر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-23, 11:04 PM   #914

ميييلاا
 
الصورة الرمزية ميييلاا

? العضوٌ??? » 481119
?  التسِجيلٌ » Nov 2020
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » ميييلاا is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضووور 🤩♥♥

ميييلاا متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-23, 11:19 PM   #915

ظِل السحاب
 
الصورة الرمزية ظِل السحاب

? العضوٌ??? » 486399
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 605
?  نُقآطِيْ » ظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond reputeظِل السحاب has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
مساء الخير على الجميع
كيفكم أن شاء الله أنكم بخير و صحه أنتم ومن تحبون
ركزوا يا جميلاتي الفصل القادم بيكون محتوى مخفي
يعني اللي ما علقت ما راح يفتح معها .
و استلموا الفصل قراءة ممتعه للجميع .


الفصل الثالث و العشرون
.
.
( موعد مع السؤال و العتاب و الحديث )
.
لا تعلم ما الذي اتى به لهُنا ولكن ها هي اللحظة المنتظرة تُقبل عليها بكل يسر و سهولة ..
كانت نظراتها حادة تظهر الكره بينما هو ينظر لها بهدوء .. تقدم ليقترب منها ثم ينحني و يسلم
على خديها : حمدلله على سلامتتس وعظم الله أجرتس في عمتس .
نعم هو لفاء المتمسك بالأصول .. إذاً اتى ليعزيها في عمتها ولكن لما لم ينتظر حتى غداً .
ردت عليه بهدوء : الله يسلمك .. وعظم الله أجرك .. قالوا لي أنك فالمجالس والا كنت أنا اللي
بجيك .
هي ايضاً تتقن فن الأصول و الاحترام و تعرف حق الغير .. و تعرف جيداً بأن زيارته هذه لن
تمر بسلام عليهما .
وها هو يؤكد لها ذلك : أن كان مابه أشكال أبغى أتكلم معتس .
هزت رأسها بهدوء : حياك .. هنا ولا نطلع برا .
نظر للباب : برا أحسن .
نظرت لرهف لتسرع نحوها و تدفع الكرسي للخارج فجسم أختها المتعب لا يساعدها على دفع
عجلات الكرسي متى شاءت .
جلس على الكرسي الخشب وحين ابتعدت رهف نظر لرشا مطولاً قبل أن يقول : مدري كيف
ابدا .
رفعت كفها : و رغم أني متأكدة أني أخر أنسان ممكن تعتذر له لكن بقولها لك كان لين قلبك
دفنك لعمتي .. أنت تعرف أن مالك عذرك وأنا والله ما عاد أقبل عذر أحد .
مالت شفتيه بابتسامه ها هي تخرج الشخص الذي طال كفاحه وهو بداخلها لا يبصره سوا
بين الحين و الأخر حين يلوح في عينيها قبل أن تسيطر عليه بهدوئها و تكمل طريقها بصمت ..
تنهد بهدوء وحتى التنهيدة في هذا اليوم تخرج كنصل من بين ضلوعه : عز الله ما بغيت لتس
الأذى و أنتِ تعرفين هالشيء زين .
لاحت ابتسامه ساخرة على ملامحها : بغيت لي الموت وهذا يكفيني .
هز رأسه نافياً وهو ينظر لملامحها : لا والله ما بغيته .. مير الصدق أني كرهت شوفه وجهتس.
فرقعت أصابعها : جزاك الله خير جبتنا لمربط الفرس .. ولا تقول لي كرهتني عشان عمتي ..
أنا مب البنت الوحيدة هنا .
سحب نفس عميق ثم زفره ببطئ و اغمض عينيه قبل أن يقول : جيتي بعد هي راحت .
قالت بحده : مب ذنبي أنك تحمل قطعة اللحم في مهادها ذنب وحده ثانية .
فتح عينيه و همس بنبرة لا تذكر بأنها سمعته يتحدث بها من قبل .. كان وكأنه ينازع شيء في
صدرة : و تذكرني بخطاي و خطأ غيري .
شدت على قبضتها غير مهتمة بنبرة صوته و ملامحه التي تغرق فالحزن : قلتها خطاك و خطأ
غيرك .
هل كانت تشبهه هكذا دوماً أم أنها تعلمت منه حتى أتقنت هذه المهارة وهذه النبرة الحازمة
المتخلية .. ابتسم : صح خطاي و خطأ غيري .. اللي للحين ما اداني اطالع في وجهتس عشانه .
لمعت عينيها بشراسه : ودامني ما قبلت عذرك اظنك تعرف وش اللي ورا رفض العذر .
هز رأسه بهدوء : أخذ الحق .
حركت رأسها ببطئ مؤكده : ايه أخذ الحق .
فتح كفيه : أختاري اللي يرضيتس .
نظرت لظهره الممتد باستقامة لم تنحني مهما تراكمت عليها الهموم و المسؤوليات .. لطالما
كان يغيظها عبوره أمامها باستقامة بينما هي ترتجف خوفاً .. كم مره تمنت أن ينزلا كتفيه
قهراً كما كانت تنكمش على ذاتها حين تلمحه او تسمع صوته .. اشارت عليه بسبابتها و نطقت
وعنينيها تتحداه : ابغى استقامته .
لف وجهه ناحيه كتفه و نظر بطرف عينه اليمنى لما بان له من ظهره بينما هي أكملت : شوفه
ما أحد أثر فيه .. لا السنين ولا اللي دفنتهم ولا حتى اللي راحت .
عاد بنظره نحوها : هذا أنتِ قلتيها ما فيه شيءً قدر يحنيه .. كيف بتحنينه أنتِ .
رشا بتحدي : بتشوف كيف احنيه .. كل وصف ابتليتني فيه بأضرب به ظهرك .. مير أن أخذت
حقي لا تجي تلومني .
اطال النظر في وجهها قبل أن ينهض : دامتس منتي بحانيه الا ظهري أنا موافق .
اشاحت بوجهها في صمت بينما هو أبتعد مغادراً وحين سمعت صوت إغلاق الباب زفرت
نفس عميق ثم نظرت لكفيها التي ترتجف مؤازرة قلبها في ارتجافه الخائف .. لا تصدق بأنها
أشارت عليه وعاد لها أصبعها سليماً .. بل لا تصدق بأنها ما زالت على قيد الحياة بعد كل
هذا الحديث .. هل رحم حالها و تركها تعبر عما في داخلها ام أنه لا يصدق بأنها فعلاً تريد
أن تراه منحي الظهر قهراً و ألماً ؟
سحبت نفس ثم تنهدت وهي تسمع صوت خطوات والدتها التي تستند على العكاز قبل أن
تجلس على ذات المقعد الذي غادره جدها : وش قال ؟
تأملت وجه والدتها المترقب ثم قالت بهدوء : قال أن وجهي يذكره بخطاه و خطأ غيره .
عقدت حاجبيها بخفه وهي تبصر شحوب وجه والدتها قبل أن تلوح بكفها وهي تنهض
: هذا من الحزن معد يعرف وش يقول .
لم تعلق على تبعثر والدتها بينما الأخيرة أخذت تنادي على رهف كي تدخل أختها للمنزل .
ثم جلست وهي تشاهدهما تبتعدان لما الان يخرج عن صمته .. هو يعلم جيداً بأن لا عذر له ..
خطأه أعظم من جميع الاعتذارات .


------------------


كانت عمليه طويلة مرهقه ولكن أقدامهم تعودت على هذا .. لا بأس أن كان وقوف لخمس
ساعات او سبع او حتى الجلوس على كرسي طوال هذه الساعات .. الوقوف و الجلوس لا
يدخل ضمن دائرة أفكارهم .. بل أول اهتمام لهم هو الجسم الممد امامهم و الروح التي
تسكنه .. يجب أن يخرج هذا الجسم من هذه الغرفة الباردة سليماً .
حين خرج من الغرفة نظر له راشد : من يوم شفت المقطع حقك تمنيت تدخل معي للعمليات .
ابتسم : بالعادة أسمع مديح واجد مير اليوم غطيت علي .
ربت على عضده : واللي مدحوا شغله هذا هو يمدحك .. روح غسل و تعال عشان نأكل .
ذهب ليستحم و يبدل ملابسه ثم أتجه لمكان حاول قدر المستطاع أن يتجاهله منذُ قدومه
ظهر اليوم .. وضع بطاقته أمام الجهاز ليفتح له الباب و يدخل لذاك الممر و يترك
الستائر الزرقاء الممتدة على جانبي المكان و صوت الأجهزة الحيوية تأتي من كل مكان ليصل
لتلك الغرفة و يدخل بعد أن تأكد من تعقيم نفسه جيداً .. أول ما لمحت عيناه هو ذاك الكرسي
الصغير حيث كانت تجلس حين تزوره .. لا أحد في هذا القسم يجهل قصة الكرسي ومن كانت
تجلس عليه كل أسبوع .. تقدم منه وجلس لينظر للنائم الذي لا يظهر على ملامحه أي تعبير عن
الألم او الحزن .. مؤشراته الحيوية لا تكاد تختلف عن مؤشرات الأشخاص السليمين .. هذا
الوضع هو ما جعله ينجر خلف دراسة الطب و شغوفاً بهذا المجال .. مد كفه ليمسك تلك الكف
الباردة : أدري أنك ما تسمع .. لو كنت تسمع كان فزيت لبكاها يوم تزورك مير لك حق علي
وجاي أقوم فيه .. عظم الله أجرك في أمك .
ذهب نظره نحو إشاراته الحيوية يرجوا اختلافاً ولكن لم يتغير شيء حاله واحد منذ عشرون
عاماً فعاد للحديث : وش أسوي عشان تقوم لبنتك .. أدري قومتك ماهي بنافعتك .. أدري لو
تقوم بتتمنى الموت لكن هي لحالها .. قوم اسندها .
رفع نظره للباب الذي فتح ودخل منه الدكتور راشد فنهض معتذراً : السموحة مير جيت أعزيه.
نظر راشد لرفيق العشرون عاماً : أجل ما عليه أنا بعد جيت أعزيه .
عاد فيصل للجلوس بينما راشد اقترب لينحني و يقبل جبين هذال ثم همس : عز الله ما بغيت
أقولها ومن اليوم أهج عنها مير أنكتب علي قولتها .. عظم الله أجرك .. أشهد أنها فقيدتنا كلنا
مو بس أنت .
اعتدل و أكمل حديثه : كمل نومك يا ولد عمي تكفى كمله ما عاد فيه شيء ترجيه .
تنهد فيصل : فيه بنته .
نظر له : بنته متعودة على نومه .. لكن هو أن قام وش يخليه يتعود على هالحياة .. أن كانك
ما تدري أنا أعلمك .. العاتي هي اللي كانت تهمه وهي اللي كان حيً عشانها .. والله أنه كان
يقولها .. أنا بايع الدنيا و ما فيها عقيدكم واقف بينكم عشان العاتي .
نهض فيصل بعد أن عدل اللحاف على جسم هذال : خلنا نروح نتعشى لا يسدحونا مع مرضانا .
القى راشد عليه نظره أخيره قبل أن يغادر .. هو كما هذه الجدران و الممرات شهد خطواتها
من أجله .. يقسم بأنه حين حمل جنازتها تمنى أن يدفنه بجوارها لعلها تضفر به جاراً لقبرها ..
يعلم لو أن معجزه حدثت و استيقظ هذال لكانت أمنيته لو كان قبره جار قبرها بدل أن يكون
في هذه الحياة .
لسنوات كان يتخيل تلك اللحظة التي يتصل بها و يبشرها فإذا به يأتي ليعزيه في رحيلها
.. والان لا يريد أن يتخيل ماذا سيفعل هذال أن استيقظ ولم يجد وجهة يذهب لها سوا قبر
يضمها .


------------------


جسمها المتمدد على فراشها المريح و تحت لحافها الدافئ متمتعاً بالراحة بعد يوم طويل
متعب كان يعاكس عقلها الذي يختزن الحزن و المخاوف ليرسلها لأحلامها فتستيقظ مفزوعة ..
و تتلفت حولها تبحث عنه راجيه بعض الطمأنينة فلم تجده .. أبعدت اللحاف و اسرعت
خارجه من الغرفة ثم من الجناح بأكمله .. كانت تبحث عنه و خوفها يزداد بشكل غير مبرر
لعقلها ومع ذلك كانت تبحث عنه بكل حواسها .. حين وصلت للأسفل لمحت الضوء الخافت
القادم من جهة المجالس و صالات الاستقبال أسرعت لهناك لتقف أمام الباب الذي صدر
منه هذا الضوء الخافت .. كان بصرها هو أول الحواس المتنعمة بالراحة ثم بعث هذا
الشعور لسائر بدنها .. ومع ذلك قدماها لقت ثابته في مكانها لا تستطيع أن تمضي للأمام
حيث يجلس على سجادته وعاجزة ايضاً عن العودة وهي ما زال في داخل قلبها زاوية
مرتجفة .. شبكت كفيها حين احس بتواجدها معه و التفت نحوها ثم بقي صامتاً ينظر لعينيها
قبل أن يمد كفه فتتحرر قدميها و تخطو نحوه بهدوء ثم تمد كفها لتلامس كفه قبل أن تجلس
بجواره و تسند رأسها لكتفه وهي تحرر كفه و تحتضن خصره بذراعيها ..
أخذ يمسح على شعرها بهدوء و صمت حتى ابتعدت هي بعد دقائق لتنظر لوجهه
بينما هو همس : كان حلم لا تخافين .
ما أن انهى جملته غرقت عينيها بالدموع : خفت .
مسح اسفل عينيها لتسقط تلك الدمعات التي حجبت عنها الرؤية الواضحة و بقت عالقة ترفض
النزول : أذكري الله .
همست : لا إله الا الله .
استمر بمسح خديها و اسفل عينيها حتى تأكد من زوال كل ما فاضت به عينيها فعادت
للهمس : وأنت ؟
عاد بصره لعينيها وحاجباه يقتربان بخفه : وش فيني !
رفعت كفها اليمين لتمرر ابهامها بخفه أسفل عينه اليسرى : ما تبغى تبكي .
تنهد وهو يعيد رأسها لكتفه ببطء و هدوء : لو الدمع يفيدني كان ذرفته .
شدت قبضتها على قماش ثوبه رغم أنها تذكر بأنه دخل للفراش ببجامته : يغسل قلبك .
هز رأسه نافياً : ماهو الدمع اللي يغسله .. القلوب ما عمرها والفت الدمع .
ابتعدت من جديد لتنظر له : ليه .
ميل شفتيه : مدري .. يمكن أنها أكتفت بالصلاة و بمحبينها ولايف .
عقدت حاجبيها : أذا الصلاة للقلب وش اللي للروح .
مد كفه ليمسك ذقنها بخفه و يدير وجهها لليسار حيث وضع المصحف على طرف سجادته
: هذا وليف الروح .
هزت رأسها بفهم لتعود كفه لرحله المسح على رأسها : دامتس صحيتي قومي توضي و صلي
ركعتين معد بقى على أذان الفجر الا ربع ساعه .
نهضت وهي تتمتم ب أن شاء الله .. وحين غادرت المكان عاد هو لتمرير حجر مسبحته ..
قبل أن يتوقف ما أن سيطرت الرجفة على كفيه .. لقد ظن بأن كتفيه قادرة على كل الحمول
مهما كانت شدتها .. فأذى برحيلها يزيل كل ظنونه .. نعم لم يهل الدمع كما فعل البقية .. فعيناه
تعلم جيداً كما سائر حواسة بأن الدمع لا يفيد .. مساء البارحة لم يخرج ليتجول كما أخبر سعود
بل حين سمع أن وجبة العشاء جاهزة تذكر أغنام عمته خلف منزلها فأسرع ليطعمها و يسقيها ..
و قبل ساعتين غادر سريره و ارتدى ثوبة ليتجول هنا وهناك فوجد نفسه أمام المقبرة ..
ولكنه عاد أدراجه دون أن يدخل .. فرش سجادته منذ ساعة و صلى ركعتين أطال فيها ثم
جلس ليقرأ و يستغفر حتى أتت تلك الزائرة الخائفة .. لتأخذه عينيها من نوبة حزنه
و تسكنه في نوبه خوفها الذي نطقت به كل ذرة تكونها الا لسانها عجز عن الفن الذي يتقنه ..
هل سيطر الذعر على منامك و رأيتِ وطنك يغادر تارك اياك للوحدة .. أخشيتِ الفقد حين
لوح بكفه بالأمس و ذكرنا بأنه سيعود لزيارتنا يوماً ما .
وضع مسبحته في جيب ثوبه و نهض حين أرتفع صوت أذان الفجر ليردد خلفه وهو في
طريقة للمسجد .. حين وصل صلى ركعتين تحية للمسجد ثم تقدم من الصف الأول
ليجلس بجوار جده الذي سبقهم جميعاً لهُنا .. بعد الصلاة عادوا للمجلس فهذا ثاني أيام العزاء
و اغلب معارف جده سيأتون في هذا اليوم .. أغلب الأشخاص يفضلون تقديم العزاء بعد
زوال الصدمة الأولى و ذهاب الحزن بعد الدفن فيكون اليوم الثاني هو خيارهم ..
و ها هو المجلس يمتلئ من جديد وكذلك الساحات أمام جهة المجالس .. حين دقت الساعة
الثامنة صباحاً توقف عدد لا بأس به من السيارات الفارهة و كان أول المترجلين هو سطام
بن منير و تبعه أخوته ومن ضمنهم سلطان .. كانت الأنظار معلقه بهم حين عبروا لداخل
و رفع سطام كفه كإشارة لسلام على المتواجدين دون عنا الوقوف له و رفع صوته بنبرته
التي لا يعبرها أي خلل كعادة شيوخ القبائل .. الثقة و الوضوح و سلامة النطق هي ابسط
صفاتهم : السلام عليكم .
تقدم نحو لفاء الذي وقف ما أن لمحه أمام الباب : وعليكم السلام و الرحمة .
صافحه وسلم : عظم الله أجرك .. الله يرحمها و يتقبلها مع الصالحين .
لفاء بهدوء : جزاك الله خير .
كان يسلم على من يتقدم بهدوء حتى لمحه مقبلاً عليه .. هذا من اعانه على الهروب ومن
أوصله لمنزل والده الشيخ منير ليحميه ومع ذلك صافحه مدعياً الهدوء و سلطان يقدم
له العزاء .. و بينما لفاء يحارب لسيطرة على ملامحه و اظهار الهدوء كان حفيده على الجهة
الأخرى قد انتهى من ضبط مشاعره بكل سهولة حين لمح الشابان خلف والدهم .. نعم هم من
تحفظ ملامحهم و أسمائهم .. اقترب منه سلطان ليصافحه و يشد على كفه فهذا الشاب يعني له
الكثير .. يكفى أن صفاته و حُسن أخلاقه تفرض مكانته و زاد عليها زواجه من تلك المدللة
التي رباها هو كأبنه له .
أصبح المجلس ممتلئ بالتجار و شيوخ الجماعات و أصحاب الأبل و كان ختامها بشيخ القبيلة ..
كان المظهر يوحي بأنه تجمع للقبيلة لولا أن الجميع يجلس الان بدون أي بشوت تزين أكتافهم
وحتى أحاديثهم لا تميل لشؤون القبيلة او التجارة بل كانت أحاديث بسيطة بين الحين و الأخر ..
بعد ربع ساعة نهض سطام ليتبعه كل من اتى معه و قال : استودعتكم الله .. و الله يرحم موتنا
و موتى المسلمين .. ( ثم نظر نحو عبدالله وقال بنبرة خافته ) لا هنت يا أبو سهاج بغيتك برا .
نهض عبدالله و تبعه ليبتعدوا عن التجمع فيقول سطام بهدوء : بغيت اعزي جيداء و أمها كان
ما عندك مانع .
عبدالله بنفس الهدوء : أبشر .
اتجهوا معه لمنزله بينما هو أرسل لسهاج ليأتي بعمته و زوجته .. يعلم بأنه لن يمانع بقدوم
عمته فهي عاشت لسنوات بينهم كأخت لهم وهي فالنهاية أمانه والدهم ولها حقوق كثيرة عليهم
ولكن جيداء الان على ذمه رجل و يجب أن يأذن هو لها لتأتي لهم .
..
خرج ليلمحهم بطرف عينه متجمعين قرب سياراتهم في الخارج وكما توقع لن يتواجد
في مجلس والده سوا الشيخ سطام و سلطان .. أتصل عليها ليخبرها بأن تخرج .
ولكن قبل ذلك في مجلس النساء .. كان الهدوء مسيطراً على المكان فأغلب النساء تفضل
أن تأتي الساعة العاشرة صباحاً او بعد صلاة العصر .. زينة و رهف جلسن في المقلط
بعيداً عن تجمع النساء و خلود و جيداء و فاطمة كُن يعدن الشاي و القهوة بينما سديم و رشا
يجلسن في المجلس غير قادرات على المساعدة رغم محاولات سديم ولكن خلود أقسمت عليها
بأن تذهب للجلوس .. سماهر مع نوريه هُن من كُن يباشرن المتواجدات وكل ما يوزع من تمر
و شاي و قهوة هو صدقه عن المتوفاة .
تصلب جسمها حين سمعت الأصوات المألوفة قبل أن تلتفت للخلف فتجد حسناء و بناتها و كذلك
بنات الشيخ منير و زوجات أبنائه .. اسرعت حسناء لتحتضنها بمواساة و تعزيها بينما
الحاضرات وقفن لاستقبال المعزيات .. كانت تحتضن حسناء و نظرها معلقاً بالواقفة قرب الباب
عيناها هي الأخرى متعلقة بها بينما دمعها لا يتوقف ابداً .. ما أن ابتعدت حسناء كانت تأخذ
العزاء منهن واحدة تلو الأخرى و قلبها يحترق ثم يترمد شوقاً لتلك الصغيرة .. حين طافت على
المتواجدات و وصلت لها أخيراً سحبتها من كفها و أسرعت خارجة من المجلس لتدخل أحد
الغرف و تقفل الباب ثم تنظر لتلك الباكيه التي تبتعد وهي تقول : سامحيني تكفين سامحيني .
كانت هي تبتعد بألم و عدم القدرة على المواجهة .. لم تكن لتأتي لهُنا لولا أن دخل والدها
لغرفتها غاضباً و أقسم عليها بأن تذهب .. كان يذكرها بحق هذه المرأة عليها ولكن هي لم
تنسى من كانت لها الأم الثانية .. لم تنسى تلك الليالي التي تقضيها في منزلها و تلك الغرفة
التي جُهزت من أجلها .. لم تنسى رائحتها حين تحتويها بحنان او وجهها القلق حين تمرض
ولكنها ايضاً لم تنسى بأنها شهدت زوراً ضدها .. لم تنسى بأنها هي السبب الأول لكون
عمتها هُنا في المنابر .
أما سماهر فكانت تكسر البعد بخطوات متلهفة و دموعها تنهمر بحسرة فاتحه كفيها
تدعوها لعناق كانت تتوق له منذُ ذلك اليوم : أنتِ اللي تكفين تعالي والله أن قلبي ما أرتاح
من هذاك اليوم .. تكفين تعالي .
هزت رأسها نافيه وهي تشهق ببكاء : ما استاهل والله ما استاهل روحي يا عمه لا انجستس
أنا كلي ذنوب .
حين وصلت لها سحبتها لحضنها وهي تنهار في البكاء : كيف تنجسيني و أنتِ أطهر خلق الله ..
مثلتس ما تعرف النجاسة دربه .. يا ويل قلبي يا مرام كيف قدرتي تروحين و تتركيني ..
كيف قدرتي تمرين نفس المكان اللي أنا فيه ولا تمريني .. هانت عليتس أمتس ؟ حتى لو
هنت عليتس كيف ما تعرفين أنتس ما تهونين علي .. كيف تجهلين غلاتس .
تشبثت بها و قدميها تضعف غير قادرة على تحمل جسمها فجلست سماهر على الأرض وهي
تهمس لها : تكفين لا تبكين .. والله أن دموعتس تحرق قلبي .
كانت تتشبث بها أكثر و أكثر و دموعها لا تتوقف تحاول أن تكتم صوت بكائها قدر المستطاع
ولكن شهقاتها تفلت منها كل لحظة حتى شعرت بأن الهواء يختفي من المكان فأسرعت
سماهر لتحرر وجهها من النقاب و تقربها من النافذة : تعوذي من الشيطان يا قليبي .. والله
ما يسوى اللي تسوينه بنفستس .
همست بإرهاق بعد أن سلب البكاء كل طاقتها : قتلت و شهدت زور وين ما يسوى .
مسحت على وجهها تزيل دموعها ثم جلست و أمسكت بعضديها وهي تحثها على النظر
لعينيها : طالعي فيني زين .. اللي راح هذا صايل تعرفين وش يعني صايل .. وحنا حاولنا
معه لكن هو اللي بدأ ما عليتس لا ذنب ولا كفاره ولا ديه ولا هم يحزنون .. و الشهادة
لو قلتي الصدق كان رحتي فيها و رحت أنا معتس .. شوفه عينتس المحققين ما كانوا
مقتنعين لولا أن المحامي وقف لهم صح .. تدرين كلمه غلط منتس كانت تجرني و تجرتس
للقصاص ..تحسبين القانون و الدين لعبة .. حكم الصايل ما يجي بالساهل .. لو أننا بس ما
حاولنا معه بالكلام كان صرنا فعلاً قاتلات .
حررت عضديها و احتضنت ملامحها بكفيها : لا تسوين كذا في نفستس و في أهلتس ..
حرام لنا شهور قلوبنا تحترق عشانتس لا رحمتينا ولا رحمتي حالتس .
هزت رأسها بالرفض : مقدر .. شكله وهو يتلوى من الوجع ما يترك لي حلم الا يزوره .
مسحت على شعرها : بسم الله عليتس .. ليه الضعف هذا ؟ أنتِ مسلمة مؤمنة عندتس رب
غفور رحيم .. عندتس كتاب أن ضاق صدرتس شرحه كيف تخلين هالوساوس تلعب
فيتس .
عضت على شفتيها تمنع شهقاتها بينما سماهر عادت لتحتضنها و تهمس : خافي الله
في نفستس .. و لا تتركين درب للشيطان .
طرقات خافته على الباب قطعت هذا الحديث و نهضت سماهر لتفتح الباب لتلك الواقفة
و عيناها تغرق فالدموع و همست ما أن فتحت لها والدتها الباب : هي هنا ؟
ابتعدت من أمام الباب لتسمح لها بالدخول .. دخلت وهي تمسح عيناها لتبصر طريقها جيداً
.. ولتشاهد تلك الملامح التي تفتقدها .. خرجت سماهر و أغلقت الباب لتقول هي : زين
والله طريت عليتس و جيتي تعزيني .
غطت مرام وجهها بكفيها وهي تعود للبكاء : غصب عني والله غصب عني .
لوحت بكفها : لا مب غصب عنتس .. مير أنتِ معد تبغيني ولا أهمتس .
شهقت بصدمة وهي تبعد كفيها عن وجهها المتلطخ بدموعها و اشارت على صدرها بكفيها
المرتجفتان : أنا معد تهميني ! يا ظالمة أنا كل يوم أموت و أحيا عشانتس و عشان خالتي .
عادت لتلوح بكفها و بصرها متجه نحو تلك الكف المحاطة بقماش أسود اللون : أنتِ الظالمة ..
كيف هنت عليتس كذا .. حتى زواجي ما تحضرينه .. ولتس من هذاك اليوم ما ترسلين لي
الا أذا كنتِ بتردين على رسائلي بكلمه و رد غطاها .
حركت رأسها رافضه كل تلك الاتهامات : والله مو كذا ولا هو قصدي .
جلست أمامها لتضرب بقبضتها على كتفها : كيف تتركيني وأنتِ تعرفين أني أحتاجتس ..
أنتِ ما تدرين وش كان يصير فيني ولا كيف الأيام كانت تمر علي .. لا أنتِ اللي وصلتيني
ولا أنتِ اللي خليتيني اتطمن عليتس .
أوقفت انهمار لكماتها الواهنة لتمد كفها و تمسك بكف مرام المرتجفة : من سوا فيها كذا .
نظرت مرام لكفها وهمست : أنا .. أنا اللي جنيت على نفسي وعلى خالتي و عليتس .
نظرت لها باستغراب : وش صار .
رفعت نظرها لعيني جيداء ثم عضت على شفتيها تحاول أن تفكر بجملة قد تهون الأمر فأمسكت
جيداء بعضديها : بنت علامتس وش اللي صار .
همست بألم : أنا اللي قتلته .. مب عمتي .
صوت شهقتها المفجوعة جعلها تعود لدوامة الدموع بينما جيداء أسرعت لتغلق النافذة بعد أن
تأكدت بأن لا أحد في الخارج ثم عادت لتجلس أمام مرام و هي تشعر بأن الأرض تنهار
أسفلها و كفيها الممسكة بكفي مرام ترتجفان ولا تعلم هل هي ترتجف لارتجاف قلبها أم أن
كفي مرام قد أعدتها .. هزت رأسها بالرفض : لا أنتِ ما تقدرين .
القت بنفسها في حضن جيداء : ليتني مت قبلها .
شدت ذراعيها حولها وهي تنهاها : أسكتي يا مجنونه لا أحد يسمعتس .
كان جسمها يرتجف و تشعر بأن عظامها ذابت و اختلطت بدمها .. نعم مرام تفقد صوابها ما أن
تشعر بالخوف ولكن يستحيل لا يصل الأمر للقتل هي أضعف من أن تفعلها .. لحظة
لحظة واحده فقط أن كانت مرام تُجن ما أن تخاف فماذا ستفعل أن أصابها الذعر؟
شدت باحتضانها أكثر و هي تنخرط في البكاء كانت تعلم بأن هُناك شيء خاطئ ولكن لم
تصل أفكارها لهذا الجنون .. مرام تقتل و والدتها تتحمل المسؤولية .
قالت بعتب من بين شهقاتها : يا ظالمة كيف طاوعتس قلبتس ما توصلينها لو مرة وحدة
بعد كل هذا .
مرام بألم : ما قدرت .. والله ما قدرت .
مر الوقت وهُن في بكائهن حتى ارتفع صوت رنين هاتفها من جيب عبايتها لتخرجه و ترد
بصوت مبحوح : الو .
لم يُجيبها فروراً ولكنه همس بعد ثواني : للحين تبكين .
أغمضت عينيها و دموعها تنهمر : فيه أشياء واجد تبكيني .
اتاها صوته الهامس : جاتتس خويتس ؟
نظر لمرام وهمست : جات .
سمعت تنهيدته : زين .. أجل البسي و علمي عمتي تلبس و تعالن لبيت أبوي .. الشيخ سطام
و أبو منير هناك يبغون يعزون .
مسحت دموعها بسرعة وهي تنهض : يلا جايه .
أغلقت وهي تعيد لف طرحتها : عمي سلطان يبغاني .. قومي بربط لتس نقابتس و أرجعي
للمجلس و بعدين لنا كلام و خليني بس أدق ولا تردين .
عدلت طرحة مرام و ربطت نقابها و ساعدتها على النهوض ثم خرجن من الغرفة ولا تهتم
بما سيقولن النسوة بعد ذهابهن لمكان بعيد عن تجمع المعزيات .. وقفت أمام باب المجلس
و حدثت والدتها : يمه الشيخ سطام و عمي سلطان في مجلس خالي ينتظروننا .
تبادلن الحاضرات النظرات بينهن بينما نهضت سماهر و تبعت جيداء للخارج ..
و قرب الباب الخلفي كان يقف بانتظارهن .. هو ايضاً لم يعزي عمته فحين عاد مساء البارحة
وجد جدته و والدته و حتى بنات عمه كُن هناك وقدمن له العزاء و عزاهن هو ايضاً ولكن عمته
كانت قد ذهبت مع ليلى .. كان يعطي الباب ظهره حين نادت عليه عمته : سهاج .
التفت نحوها لتقترب و ترفع نفسها لتقبل جبينه بينما هو انتفض بجزع : عظم الله أجرك .
حين لامست قدميها الأرض مال هو ليقبل رأسها : أجرنا و أجرتس .. معوضه خير .
أشار بكفه للأمام : ارواحتس ابوي يحترينا فالمجلس .
مشت خلفه و جيداء تتبعهم حين دخلوا نهض سطام و سلطان ليقدمان التعزية .. عينا جيداء
كانت متعلقة بذاك الوجه الحنون الذي يمثل لها عقود من الوفاء و الاحتواء .. هو وحدة من بقي
وفي لوالدها بعد الذي حدث .. وهو أحد أسباب كرهها لتواجد هنا في المنابر .. فكل خطوة
تخطوها هنا تذكرها بأنها أصبحت بعيده أكثر عنه .. كل يوم تمضيه هنا يخبرها بأنها لن تعود
لحياتها هُناك معه و مع عائلته .. تعلقها به شديد لذلك هي لا تتقبل الحياة هُنا ابداً .
لقاء خمس دقائق كان الحديث به شبه رسمي ثم غادر الجميع .. وقفت تنظر لنساء المغادرات
و قلبها يعتصر ألماً .. كيف تأتي بطريقة لتعود لذلك الوقت حيث تمضي الأيام بين صالونها
و منزلهم .. محيطها هم أشخاص قليلون و أيامها صاخبة بمغامراتها مع مرام .


-----------------


دخل لمنزلة الساعة الثانية ظهراً يريد أن يغفو لساعة واحدة حتى يستعيد نشاطه و يكمل
ما بقي من اليوم في استقبال المعزين .. لم تكن هي موجوده وهذا يعيني أن هناك نساء
في منزل والده .. دخل لفراشه و أغمض عينيه يطلب الراحة لجسمه و عقله .. حقاً لا
يريد أن ينشغل بالتوتر الذي يسيطر على علاقتهم منذ ارتبطا .. يومهم يمر بسلام حتى يغلق
عليهم باب الغرفة فيتبدل حالها .. مهما حاولت أن تظهر العكس ولكنه يلمح شيء في عينيها
عجز عن تفسيره .. مهما كان القرب الذي يحيط بهما يشعر وكأنها بعيده عنه لا يملك وصف
دقيقاً لحالهما سوا أن روحها لا تسكن إليه .
تنهد وهو يتقلب في فراشه ها هو يعود لها بكل طاقة أفكاره من جديد وهو من اتى إلى هنا
طلباً لراحة .. لو بقي مع عياش لكان تفكيره في مأمن منها .
أغمض عينيه حين سمع صوت خطواتها قادمة .. دخلت للغرفة و توقفت لثواني ثم
شعر بحركتها وهي تنزع حذائها و تمشي بحذر لتبدل ملابسها ثم تخرج و تغلق الباب
بحرص شديد حتى لا توقظه .. ما الفائدة من كل هذا ؟ وأنتِ هي من تبعد عني الراحة وليس
الضجيج .. بقي في فراشه أما هي فجلست في المكتب الذي جُهز بطاولتين
لهما .. فتحت جهازها و انضمت لملتقى عن ريادة الأعمال أعدته أحد زميلاتها في القسم و
جعلته عن بعد حتى يحضره أكبر عدد ممكن من الطلاب .. لو أنها تعمل الان لكانت وجدت
ملجأ لأفكارها بعيداً عنه و عن شعور الذنب الذي لا يفارقها .. بطريقة ما أصبحت حين تنظر
له تشاهد خيبة والدتها و أخيها .. تعلم بأنه لا يحق لها ذلك ولكنها منهزمة أمام هذا الشعور
كانهزامها أمام حبه .. لما دوماً تكون فريسة سهلة لهذه الأشياء التي لا تعلم متى و كيف بدأت ..
أغلقت الجهاز حين علمت بأنها لن تخرج بأي فائدة فهو يتربع على عرش أفكارها ..
نهضت عائدة للغرفة لتقف قرب الباب تنظر له نائماً كما تركته .. رباه كان حلمها فكيف
لا تستطعم لذته حين نالته .. لما كان الألم من نصيبها حين كانت تراه بعيداً و تشاهد أحلامها
تبهت يوماً تلو الأخر .. وحين أصبح حلالاً ما زال هذا الألم يرافقها بل أصبح أكثر بطشاً
و يكاد يسرق منها أنفاسها .
انتفضت حين سمعت صوته بنبرته الثقيلة يناديها : فاطمة .
فكان رد لسانها بل روحها وكل جوارحها : لبيه .
ربت على المكان بجواره كدعوة صامته فتقدمت لتدخل اسفل الغطاء بجواره .. وبدل أن
تأوي لصدرة كما اعتادت وجدته يهرب لها واضعاً رأسه على صدرها و همس : أوجاعي
كثير لا تصيرين منها .
عضت على شفتيها تحاول أن تسيطر على مشاعرها بينما وتيره تنفسها أصبحت أسرع
و كفها تمسح على رأسه مدعيه الهدوء ثم جارته بالهمس : لا تصير ظالم وأنت أخر
أوجاعي .
ما زال صوته محافظاً على نبرة الهمس رافضاً أن تنصت الجدران لحديثهما : من سبقني ؟
اه لو تعلم من سبقك .. كلاكما لا تتركان لي سبيلاً للخلاص .. أنت تملك القلب وهو يملك
كل ما في .. اسمي .. ملامحي .. طموحي .. و الرقم واحد في قائمة أوجاعي .
تمتمت بخفوت : عادي لو ما أقول .
ابتعد لينظر لوجهها بصمت لما هي مُرهقة هكذا ؟ ولما هذه التعابير تزيد ارهاقه .. مد كفه
لخصلة تمردت لتنام على خدها فأبعدها عن هذا النعيم الذي يخصه : أكيد عادي .. ما فيه
شيء مب عادي الا أنتِ .
اقتربا حاجبيها بخفه مستغربه ليكمل : أنتِ وكل درب يدل لتس و كل يوم يمر معتس .. مب
عادي يا فاطمة .. وأنا حيلتي الطمع ولا عاد عرفت أكتفي ولا اقنع .
نامت كفها على خده بهدوء : ليتني اقدر أجاري هالطمع .
لا تجذبيني نحو طريق الاعتراف و الحقيقة لا أريدها ولا اريد ألم من بعدها .. ولكنها لم تستمع
لرجائه الذي نطقت به عيناه و أكملت : عجزت يا نزال أتناسى و أكمل .. سامحني .. أدري
اظلمك معي .
طوق خصرها بذراعه ليسكنها لصدره : أظلميني راضي بالظلم كانتس ما تدرين .


-----------------


حين غادرت أخر المعزيات بعد صلاة العشاء نهضت لتغادر لمنزل والدها .. تعد الوجبات
التي يفضلها أبنائها ليتناولوها ثم يخلدون للنوم .. ثم اعدت لنفسها كوب من مزيج الأعشاب ..
وجلست لتشربه قرب النافذة التي يتسرب منها نسيم الليل بخجل بين الحين و الأخر .. بالأمس
كانت تعيش أقصى مراحل الحزن و اليوم هي في حالة تبلد .. لا يهمها من ذهب ومن بكى ..
لا تتذكر من أتى لتعزيتها ومن غادر دون أن يسأل عنها .. أسندت رأسها للخلف و أغمضت
عينيها .. ليعبر الوقت هذا فقط ما تريده .. عادت لفتح عينيها حين شعرت بكفه على كتفها
فرفعت نظرها نحوه .. ليته لم يأتي .. هي كانت تهرب من لحظة انفراد معه .. هي أمامه
كالكتاب المفتوح يتصفحه كيفما يشاء .. أمامه لن يفلح التمثيل ولا التهرب .. جلس أمامها
و اخذ الكوب ليرتشف منه قبل أن يعيده : ناموا عيالتس ؟
هزت رأسها بصمت ليريح ظهره للخلف : كيف حبوس هاج أكثر مني أنا تؤام أمهم .
ابتسمت وهي تلمس الكوب بكفيها : كانك تقدر تقنعهم لا تقصر .. ما صدقوني يوم قلت
أنك تؤامي .. عُدي يقول أنك ما تشبهني و ساري يقول أنك أطول مني .
ميل شفتيه : الحين ما لقيتي لهم الا هالاسامي ؟
هزت رأسها بهدوء : ماهو بأنا اللي أخترتها لكنها أعجبتني .
لوح بكفه : ما علينا .. هاتي علومتس .
فتحت كفيها : لا جديد علومي مثل ما هي .
رفع حاجبه : وجهتس يقول فيه علوم كثيرة .
مالت شفتيها بابتسامه : و أنت ما تقدر تتجاهل وجهي وش يقول .
هز رأسه نافياً : لا ما أقدر ولا أبغى بعد .. هو يقول لي أنشد ماهو بعلى كيفتس تتركينه
يتحمل وهو يبغى يتكلم .
نظرت لعيناه بتفكير : اللي يبغى يقوله ما يسرك .
رفع كتفيه : عادي حتى حالي الحين ما يسر .
سحبت نفس عميق ثم تنهدت وهي تشبك كفيها ببعض : ما علمت فيه أحد .
تقدم للأمام وهو ينظر لها بترقب لترفع نظرها لوجهه تتشرب ذاك السلام الذي يعبر ملامحه
دون كلل او ملل : اكتئاب .
لمحت انطفاء عينيه فأكملت : جاني بعد ولادتي بتوق .
سحب نفس عميق يجمع به شتاته : وفهد يدري ؟
هزت رأسها نافيه : قلت لك ما علمت أحد .
همس بحدة : وليه ما علمتي أحد هاه ؟ مستهينة فيه ولا بايعه نفستس ؟
رفعت كتفيها : لا هذي ولا ذيك .
نقر على الطاولة أمامه : استكثرتي على نفستس أحد يشاركتس همومتس .
عادت لتنفي كلامه : لا .. لكن تعاظمتهم على أوجاعي .. مير الروح قدامك تنهزم مقدر أمنعها
عن الشكوى .
نهض ليجلس بجوارها و يمسك كفها : ما يحق لتس ما تعلمينه .. هذا زوجتس و الزواج شراكه
عمر .
تنهدت : بأوجعه .
فتح كفه : عادي أوجعيه مع وجعتس و تعالجي و أرجعي له مثل ما يخبرتس أحسنها ولا
تخسرينه و تخسرين نفستس .. السكوت هو اللي بيوجعة .
شدت على كفه التي تمسك بكفها : أخاف ما يروح .. أحس أني ما أقدر .
أمسك بيده الحرة ذقنها ليثبت نظرها على عينيه : ماهو أنتِ اللي تحسين هذا اللي يتمناه
الشيطان و يوسوس لتس به .. قدرتي تربين عيال ما تقدرين تهزمين مرض ؟
ضحكت حين ذكرها بأعظم مخاوفها قديماً الا وهي تربية طفل .. أبتسم لضحكتها بينما قلبه
كان يعتصر ألماً .. ليس وكأنه لا يتقن البكاء او أنها لا تستحق أن يبكي على ما تمر به ولكن
هو يعلم جيداً ماذا تعني لها دموعة .. لذلك أظهر الابتسامة .. تلك الابتسامة لم تختفي من على
شفتيه وهو ينقلها بأحاديثه من موقف صعب مر به لأخر محرج .. يحدثها عن أيام غربته
وكأنها لم تعبر في صفحة حياته بصعوبة بينما هي تبتسم مرة و تضحك مرة وكليهما لا يدركان
وجودها وهي تجلس على السلم تستمع لحديثهما وعيناها تفيض بالدمع بينما لا يصدر منها أي
صوت .. و هاهي تخرج من حزن لتسقط في أخر .


------------------


قلبت شرشف الصلاة بين كفيها لم تجد هُنا مكينة للخياطة لتخيطه .. كانت تريد أن تكمل
مشوار جدتها و تصلي به ليكسب والدها الأجر ولكن مقص الأطباء كان له كلمة أخرى ..
تنهدت وهي تضعه أسفل وسادتها ثم تنهض لتغادر الغرفة .. والدتها ذهبت قبل نصف
ساعة للمستشفى بعد أن عبثت أختها الصغيرة في المطبخ و جرحت كفها .. بحثت
عن خالتها سماهر ولكن لم تجدها في المنزل فأرتدت عبايتها و خرجت لتجدها قرب
المنزل تجلس أسفل الشجر و تنظر للأرض بصمت .. جلست بجوارها لتنظر لها
سماهر : كلمتي أمتس ؟
هزت رأسها بهدوء : ايه سوو للينا غرز و بس يخلصون بتجي .. قلت لها نامي
هناك بس عيت .
سماهر وهي تخرج هاتفها : برسل لها تقعد الليلة هناك .
بعد أن أرسلت لغدير نظرت لليلى : وينتس من اليوم .
رفعت نظرها لسماء : كنت ادور مكينة خياطه .
ربتت سماهر على ركبتها : امي عندها مكينه بكره أجيبها و اضبطه لتس .
نظرت لهدا بأمتنان : لا خلا ولا عدم .
احتضنتها بحنان واخذت تمسح على شعرها بصمت حتى اعتدلت ليلى فجأة
لتنظر هي للمكان الذي كانت تنظر له ليلى فلمحت والدها يقف هناك و نظره مصوب
نحو ليلى فنهضت وهي تهمس : شكله بيتكلم معتس .
غادرت المكان وهي تحمل ثقل في صدرها .. جميعهم يبدون أهتمامهم فيه في هذه
الظروف ولكن هي تبدو بينهم كالغريبة .. حتى في تقديم العزاء له كانت كما سائر النساء
الغريبات الاتي صادفنه و قدمن له العزاء .
..
اعتدلت في جلستها حين أقترب منها وجلس في مكان قريب : ليه ما نمتي .
رفعت كتفيها : مدري .
حرك أصبعه على التراب الرطب : مال النوم لذه صح .
هزت رأسها مؤيده : ولا كأن جسمي يحتاجه .
تنهد : تتعودين بكره .. بتمشي الدنيا و نمشي معها .. ما توقف ابد لا على صغير ولا
كبير .
نظرت له : اتعود ! ما اظن .
رفع نظره نحوها : تتعودين أخذي العلم من واحد دفن أمه و أبوه و ولده و دفن ناس
واجد كانوا غالين و أخذ العزاء في أخوه بعد موته بشهور .
سحبت نفس عميق تبعد الغصه عن حلقها : واذا ما كنت ابغى اتعود .
رفع كتفيه : غصب تتعودين .. أن ما تعودتي بتمر الدنيا و تأخذ الناس و بتقعدين
لحالتس لا الحزن ينفعتس ولا شيء يقدر يسليتس .
هزت رأسها رافضه : ما اظن الدنيا بتمشي بعدها .
مسح ما خطه على التراب : بتمشي .. مير أنتِ فكري كيف تبغينها .. كلها حزن
و هم ولا تجارينها لين تسلين .
نظرت لما يكتبه و يمحوه : وأنت كيف بتمشي عليك الدنيا .
توقف أصبعه عن الحركه لثواني ثم أكمل طريقه : اجاريها و تجاريني لين ربي يأخذ
أمانته .
عم الصمت للحظات سوا من صوت النسيم العابر بين أوراق الشجر .. ثم تنهدت
و همست : عيونهن اليوم تقول ليه تبكي وهي ارتاحت من همها .
هز رأسه بتفهم : يشوفن حالتس بعيونهن لو أن لهن أحد مثل جدتس كانن شافنه
هم .
سقطت منها دمعه : هي ما كانت هم علي أنا اللي كنت همها .
عقد حاجبيه باستغراب لتكمل : حرمة كبيرة هي اللي كانت تحمي بنت في بيت ماله
رجال يحميه .. كانت ما تدخل البيت قبل ما تتفقد الأرض تشوف أحد مره بغيابها ولا لا ..
عيونها كانت يا دوب تشوف بها وكانت تسهر الليل أن سمعت فيه حرامي ولا سمعت
صوت سيارة مرت جنب البيت .. هي اللي علمتني و ربتني .. عطتني كل شيء كل شيء
.. أنا اللي كنت همها وربي .
أخرج كيس المناديل الصغير من جيبه ومده عليها : ما كنتي هم كنتي نعمه من ربي
و سلوى لها .
أخرجت منديل لتمسح به أسفل عينها : وهي كانت كل شيء .
كان قد ضاق صدره و خرج للمشي حين لمح تلك الجالسة بمفردها تنظر لقدميها
بصمت .. وقف بعيداً ينظر لها لا تشبه تلك الهاربة بأي شيء .. تلك حين تحزن
كأنت تبحث عن أحد لتبث له شكواها وهذه تبحث عن العزله و تحتضن نفسها ..
وحين أتت ليلى مال قلبه و حنت روحه لفقيدته .. مشيتها و هيئتها تشبه في كل
شيء تلك الراحله .. فتقدمت خطواته نحوها طمعاً في حديث و وقت يمضي
مع بقايا ما تبقى من غياب .


------------------


في اليوم التالي عصراً كان يقف وسط الأرض عاصباً رأسه و يربط ثوبه حول
خصره .. ينظر للمكان و ملامحه متصلبه دون أي تعبير .. لم يلتفت للخلف حين
سمع خطواتهم حتى وقفوا بجواره ليتقدم خطوتين ثم يلتفت نحوهم : هاه وش
الطاري يقولون حكمي اللي سعيتوا له بيدكم و رجلكم معد يعجبكم .
تبادلوا النظرات بينهم فها هو يكشر عن أنيابه باكراً .. تقدم أبن عواد الأكبر
: القسمه تضرنا .
هز رأسه بهدوء : زين زين .. ها أسمعوا هذي أرضكم و هذا أنتم حاضرين
محدن فيكم غايب .. تقابلوا و تفاهموا .. مشروع الري وقفناه والله ثم والله
ما احد يلتفت يمكم حتى لو تتذابحون .
كانوا على وشك الاعتراض ولكنه رفع كفه : لا يكثر الهرج .. لو فيكم خير
واجهتوني مثل ما يتواجه الريجيل .
غادر المكان غير مهتم بصرخاتهم و ركب سيارته عائداً لسور حين أوقف سيارته
وجد سعود يحزم اشياءه فترجل ليغلق باب سيارة سعود بقدمه و عيناه يتطاير
منها الشرر .. نظر له سعود بحده : وش علتك .
سحبه من ياقه ثوبه : وين طاس .
دفعه عنه : بروح ادور لي أرض اتسلى فيها .. تبغاني أموت هنا .
رفع حاجبه : ليه ما وراك ناس تهتم فيها .. ما وراك أحد له حق عليك .
لوح بكفه : عمي علمته ولا اعترض .
عاد ليسحبه من ياقه ثوبه : و بنت هذال ؟
اتسعت عيناه بدهشه ليكمل سهاج : اذا منت قد أمانة عمتي الحين أنا أروح لها و أقول
لها تترك .


------------------


بعد أسبوع و أربعه أيام كان يعبر الممر في نهاية دوامة .. و دخل لقسم العناية كعادة
لا تنتهي منذُ عشرون عاماً .. يبدأ به يومه و يختتم به عمله .. سحب الكرسي
وجلس بعد أن تفقد اشاراته الحيوية ثم فتح هاتفه يتصفحه يقرأ مقاله طبيه ويتحدث
عليه بأخر الأكتشافات و نتائج الأبحاث .. تمتم : المفروض تقوم و تسوي
عمليه على كثر ما علمتك و شرحت لك أكثر مما شرحت لطلابي .
رفع نظرة للجهاز ثم عاد لهاتفه قبل أن يعود من جديد بنظره للجهاز لمح اختلاف
لا يكاد يذكر .. نعم الأرقام تختلف وها هو الأختلاف يزداد .. نزل نظره نحو
الممدد هناك ليقع نظره اسيراً لتلك النظرة .. عينان لا تعرف من الخوف سوا
أسمه و رموش تقف بشموخ تحرس تلك البقعة السوداء .
همس بصدمة و ذهول وهاتفه يسقط من يديه : هَذّال .
.
.
إذا مايقود الرجل مبدأ وسلم ودين
‏حياته على وجه البسيطه مثل موته.
.
انتهى الفصل


ظِل السحاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-02-23, 11:31 PM   #916

نـاي

? العضوٌ??? » 492784
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 62
?  نُقآطِيْ » نـاي is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور، اتمنى بارت اليوم مو حزين

نـاي متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-23, 12:05 AM   #917

رُقِي•°
 
الصورة الرمزية رُقِي•°

? العضوٌ??? » 464030
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 461
?  نُقآطِيْ » رُقِي•° is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 150 ( الأعضاء 49 والزوار 101)
‏رُقِي•°, ‏مِسك+, ‏السدرة, ‏المحبة ففي الله, ‏ام جواد, ‏البحث عن الذات, ‏asaraaa, ‏سرى النجود, ‏أميرةالدموع, ‏غروب., ‏تغريد&, ‏حصه كك, ‏جمانه_, ‏Lazy4x, ‏أسـتـر, ‏Al3eoon, ‏الياسمين14, ‏Rahaf.hamad, ‏الاوهام, ‏ارجوان, ‏Monya05, ‏amana 98, ‏امل جدة, ‏دموع عذراء, ‏بسمة ابتسام, ‏مليحة محمد, ‏وعدي الابدي, ‏ظِل السحاب, ‏الزهراألزهراء, ‏زهرةالياسمين, ‏Nor0123, ‏غيمة الامل, ‏قموووووره, ‏الملكه الجميله, ‏رحيل ال, ‏ميييلاا, ‏لموسة 1, ‏أمل و ترقب, ‏صمت الهجير, ‏Qhoa, ‏Arjoana, ‏F.s236, ‏فديت الشامة, ‏فوق السحاب مستواي, ‏جـولـي, ‏ام نود وريم, ‏ققففققف, ‏zahrh, ‏قمـــرـآي


رُقِي•° غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-23, 12:08 AM   #918

لينوسارة

? العضوٌ??? » 390438
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 635
?  نُقآطِيْ » لينوسارة is on a distinguished road
افتراضي

السلامم عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

بارت جميل

لكن القفلة شريرة

اخيرا استيقظ هذال

مشكورة


لينوسارة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-23, 12:19 AM   #919

هاجر وفاطمة

? العضوٌ??? » 486559
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 101
?  نُقآطِيْ » هاجر وفاطمة is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ظِل السحاب مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
مساء الخير على الجميع
كيفكم أن شاء الله أنكم بخير و صحه أنتم ومن تحبون
ركزوا يا جميلاتي الفصل القادم بيكون محتوى مخفي
يعني اللي ما علقت ما راح يفتح معها .
و استلموا الفصل قراءة ممتعه للجميع .


الفصل الثالث و العشرون
.
.
( موعد مع السؤال و العتاب و الحديث )
.
لا تعلم ما الذي اتى به لهُنا ولكن ها هي اللحظة المنتظرة تُقبل عليها بكل يسر و سهولة ..
كانت نظراتها حادة تظهر الكره بينما هو ينظر لها بهدوء .. تقدم ليقترب منها ثم ينحني و يسلم
على خديها : حمدلله على سلامتتس وعظم الله أجرتس في عمتس .
نعم هو لفاء المتمسك بالأصول .. إذاً اتى ليعزيها في عمتها ولكن لما لم ينتظر حتى غداً .
ردت عليه بهدوء : الله يسلمك .. وعظم الله أجرك .. قالوا لي أنك فالمجالس والا كنت أنا اللي
بجيك .
هي ايضاً تتقن فن الأصول و الاحترام و تعرف حق الغير .. و تعرف جيداً بأن زيارته هذه لن
تمر بسلام عليهما .
وها هو يؤكد لها ذلك : أن كان مابه أشكال أبغى أتكلم معتس .
هزت رأسها بهدوء : حياك .. هنا ولا نطلع برا .
نظر للباب : برا أحسن .
نظرت لرهف لتسرع نحوها و تدفع الكرسي للخارج فجسم أختها المتعب لا يساعدها على دفع
عجلات الكرسي متى شاءت .
جلس على الكرسي الخشب وحين ابتعدت رهف نظر لرشا مطولاً قبل أن يقول : مدري كيف
ابدا .
رفعت كفها : و رغم أني متأكدة أني أخر أنسان ممكن تعتذر له لكن بقولها لك كان لين قلبك
دفنك لعمتي .. أنت تعرف أن مالك عذرك وأنا والله ما عاد أقبل عذر أحد .
مالت شفتيه بابتسامه ها هي تخرج الشخص الذي طال كفاحه وهو بداخلها لا يبصره سوا
بين الحين و الأخر حين يلوح في عينيها قبل أن تسيطر عليه بهدوئها و تكمل طريقها بصمت ..
تنهد بهدوء وحتى التنهيدة في هذا اليوم تخرج كنصل من بين ضلوعه : عز الله ما بغيت لتس
الأذى و أنتِ تعرفين هالشيء زين .
لاحت ابتسامه ساخرة على ملامحها : بغيت لي الموت وهذا يكفيني .
هز رأسه نافياً وهو ينظر لملامحها : لا والله ما بغيته .. مير الصدق أني كرهت شوفه وجهتس.
فرقعت أصابعها : جزاك الله خير جبتنا لمربط الفرس .. ولا تقول لي كرهتني عشان عمتي ..
أنا مب البنت الوحيدة هنا .
سحب نفس عميق ثم زفره ببطئ و اغمض عينيه قبل أن يقول : جيتي بعد هي راحت .
قالت بحده : مب ذنبي أنك تحمل قطعة اللحم في مهادها ذنب وحده ثانية .
فتح عينيه و همس بنبرة لا تذكر بأنها سمعته يتحدث بها من قبل .. كان وكأنه ينازع شيء في
صدرة : و تذكرني بخطاي و خطأ غيري .
شدت على قبضتها غير مهتمة بنبرة صوته و ملامحه التي تغرق فالحزن : قلتها خطاك و خطأ
غيرك .
هل كانت تشبهه هكذا دوماً أم أنها تعلمت منه حتى أتقنت هذه المهارة وهذه النبرة الحازمة
المتخلية .. ابتسم : صح خطاي و خطأ غيري .. اللي للحين ما اداني اطالع في وجهتس عشانه .
لمعت عينيها بشراسه : ودامني ما قبلت عذرك اظنك تعرف وش اللي ورا رفض العذر .
هز رأسه بهدوء : أخذ الحق .
حركت رأسها ببطئ مؤكده : ايه أخذ الحق .
فتح كفيه : أختاري اللي يرضيتس .
نظرت لظهره الممتد باستقامة لم تنحني مهما تراكمت عليها الهموم و المسؤوليات .. لطالما
كان يغيظها عبوره أمامها باستقامة بينما هي ترتجف خوفاً .. كم مره تمنت أن ينزلا كتفيه
قهراً كما كانت تنكمش على ذاتها حين تلمحه او تسمع صوته .. اشارت عليه بسبابتها و نطقت
وعنينيها تتحداه : ابغى استقامته .
لف وجهه ناحيه كتفه و نظر بطرف عينه اليمنى لما بان له من ظهره بينما هي أكملت : شوفه
ما أحد أثر فيه .. لا السنين ولا اللي دفنتهم ولا حتى اللي راحت .
عاد بنظره نحوها : هذا أنتِ قلتيها ما فيه شيءً قدر يحنيه .. كيف بتحنينه أنتِ .
رشا بتحدي : بتشوف كيف احنيه .. كل وصف ابتليتني فيه بأضرب به ظهرك .. مير أن أخذت
حقي لا تجي تلومني .
اطال النظر في وجهها قبل أن ينهض : دامتس منتي بحانيه الا ظهري أنا موافق .
اشاحت بوجهها في صمت بينما هو أبتعد مغادراً وحين سمعت صوت إغلاق الباب زفرت
نفس عميق ثم نظرت لكفيها التي ترتجف مؤازرة قلبها في ارتجافه الخائف .. لا تصدق بأنها
أشارت عليه وعاد لها أصبعها سليماً .. بل لا تصدق بأنها ما زالت على قيد الحياة بعد كل
هذا الحديث .. هل رحم حالها و تركها تعبر عما في داخلها ام أنه لا يصدق بأنها فعلاً تريد
أن تراه منحي الظهر قهراً و ألماً ؟
سحبت نفس ثم تنهدت وهي تسمع صوت خطوات والدتها التي تستند على العكاز قبل أن
تجلس على ذات المقعد الذي غادره جدها : وش قال ؟
تأملت وجه والدتها المترقب ثم قالت بهدوء : قال أن وجهي يذكره بخطاه و خطأ غيره .
عقدت حاجبيها بخفه وهي تبصر شحوب وجه والدتها قبل أن تلوح بكفها وهي تنهض
: هذا من الحزن معد يعرف وش يقول .
لم تعلق على تبعثر والدتها بينما الأخيرة أخذت تنادي على رهف كي تدخل أختها للمنزل .
ثم جلست وهي تشاهدهما تبتعدان لما الان يخرج عن صمته .. هو يعلم جيداً بأن لا عذر له ..
خطأه أعظم من جميع الاعتذارات .


------------------


كانت عمليه طويلة مرهقه ولكن أقدامهم تعودت على هذا .. لا بأس أن كان وقوف لخمس
ساعات او سبع او حتى الجلوس على كرسي طوال هذه الساعات .. الوقوف و الجلوس لا
يدخل ضمن دائرة أفكارهم .. بل أول اهتمام لهم هو الجسم الممد امامهم و الروح التي
تسكنه .. يجب أن يخرج هذا الجسم من هذه الغرفة الباردة سليماً .
حين خرج من الغرفة نظر له راشد : من يوم شفت المقطع حقك تمنيت تدخل معي للعمليات .
ابتسم : بالعادة أسمع مديح واجد مير اليوم غطيت علي .
ربت على عضده : واللي مدحوا شغله هذا هو يمدحك .. روح غسل و تعال عشان نأكل .
ذهب ليستحم و يبدل ملابسه ثم أتجه لمكان حاول قدر المستطاع أن يتجاهله منذُ قدومه
ظهر اليوم .. وضع بطاقته أمام الجهاز ليفتح له الباب و يدخل لذاك الممر و يترك
الستائر الزرقاء الممتدة على جانبي المكان و صوت الأجهزة الحيوية تأتي من كل مكان ليصل
لتلك الغرفة و يدخل بعد أن تأكد من تعقيم نفسه جيداً .. أول ما لمحت عيناه هو ذاك الكرسي
الصغير حيث كانت تجلس حين تزوره .. لا أحد في هذا القسم يجهل قصة الكرسي ومن كانت
تجلس عليه كل أسبوع .. تقدم منه وجلس لينظر للنائم الذي لا يظهر على ملامحه أي تعبير عن
الألم او الحزن .. مؤشراته الحيوية لا تكاد تختلف عن مؤشرات الأشخاص السليمين .. هذا
الوضع هو ما جعله ينجر خلف دراسة الطب و شغوفاً بهذا المجال .. مد كفه ليمسك تلك الكف
الباردة : أدري أنك ما تسمع .. لو كنت تسمع كان فزيت لبكاها يوم تزورك مير لك حق علي
وجاي أقوم فيه .. عظم الله أجرك في أمك .
ذهب نظره نحو إشاراته الحيوية يرجوا اختلافاً ولكن لم يتغير شيء حاله واحد منذ عشرون
عاماً فعاد للحديث : وش أسوي عشان تقوم لبنتك .. أدري قومتك ماهي بنافعتك .. أدري لو
تقوم بتتمنى الموت لكن هي لحالها .. قوم اسندها .
رفع نظره للباب الذي فتح ودخل منه الدكتور راشد فنهض معتذراً : السموحة مير جيت أعزيه.
نظر راشد لرفيق العشرون عاماً : أجل ما عليه أنا بعد جيت أعزيه .
عاد فيصل للجلوس بينما راشد اقترب لينحني و يقبل جبين هذال ثم همس : عز الله ما بغيت
أقولها ومن اليوم أهج عنها مير أنكتب علي قولتها .. عظم الله أجرك .. أشهد أنها فقيدتنا كلنا
مو بس أنت .
اعتدل و أكمل حديثه : كمل نومك يا ولد عمي تكفى كمله ما عاد فيه شيء ترجيه .
تنهد فيصل : فيه بنته .
نظر له : بنته متعودة على نومه .. لكن هو أن قام وش يخليه يتعود على هالحياة .. أن كانك
ما تدري أنا أعلمك .. العاتي هي اللي كانت تهمه وهي اللي كان حيً عشانها .. والله أنه كان
يقولها .. أنا بايع الدنيا و ما فيها عقيدكم واقف بينكم عشان العاتي .
نهض فيصل بعد أن عدل اللحاف على جسم هذال : خلنا نروح نتعشى لا يسدحونا مع مرضانا .
القى راشد عليه نظره أخيره قبل أن يغادر .. هو كما هذه الجدران و الممرات شهد خطواتها
من أجله .. يقسم بأنه حين حمل جنازتها تمنى أن يدفنه بجوارها لعلها تضفر به جاراً لقبرها ..
يعلم لو أن معجزه حدثت و استيقظ هذال لكانت أمنيته لو كان قبره جار قبرها بدل أن يكون
في هذه الحياة .
لسنوات كان يتخيل تلك اللحظة التي يتصل بها و يبشرها فإذا به يأتي ليعزيه في رحيلها
.. والان لا يريد أن يتخيل ماذا سيفعل هذال أن استيقظ ولم يجد وجهة يذهب لها سوا قبر
يضمها .


------------------


جسمها المتمدد على فراشها المريح و تحت لحافها الدافئ متمتعاً بالراحة بعد يوم طويل
متعب كان يعاكس عقلها الذي يختزن الحزن و المخاوف ليرسلها لأحلامها فتستيقظ مفزوعة ..
و تتلفت حولها تبحث عنه راجيه بعض الطمأنينة فلم تجده .. أبعدت اللحاف و اسرعت
خارجه من الغرفة ثم من الجناح بأكمله .. كانت تبحث عنه و خوفها يزداد بشكل غير مبرر
لعقلها ومع ذلك كانت تبحث عنه بكل حواسها .. حين وصلت للأسفل لمحت الضوء الخافت
القادم من جهة المجالس و صالات الاستقبال أسرعت لهناك لتقف أمام الباب الذي صدر
منه هذا الضوء الخافت .. كان بصرها هو أول الحواس المتنعمة بالراحة ثم بعث هذا
الشعور لسائر بدنها .. ومع ذلك قدماها لقت ثابته في مكانها لا تستطيع أن تمضي للأمام
حيث يجلس على سجادته وعاجزة ايضاً عن العودة وهي ما زال في داخل قلبها زاوية
مرتجفة .. شبكت كفيها حين احس بتواجدها معه و التفت نحوها ثم بقي صامتاً ينظر لعينيها
قبل أن يمد كفه فتتحرر قدميها و تخطو نحوه بهدوء ثم تمد كفها لتلامس كفه قبل أن تجلس
بجواره و تسند رأسها لكتفه وهي تحرر كفه و تحتضن خصره بذراعيها ..
أخذ يمسح على شعرها بهدوء و صمت حتى ابتعدت هي بعد دقائق لتنظر لوجهه
بينما هو همس : كان حلم لا تخافين .
ما أن انهى جملته غرقت عينيها بالدموع : خفت .
مسح اسفل عينيها لتسقط تلك الدمعات التي حجبت عنها الرؤية الواضحة و بقت عالقة ترفض
النزول : أذكري الله .
همست : لا إله الا الله .
استمر بمسح خديها و اسفل عينيها حتى تأكد من زوال كل ما فاضت به عينيها فعادت
للهمس : وأنت ؟
عاد بصره لعينيها وحاجباه يقتربان بخفه : وش فيني !
رفعت كفها اليمين لتمرر ابهامها بخفه أسفل عينه اليسرى : ما تبغى تبكي .
تنهد وهو يعيد رأسها لكتفه ببطء و هدوء : لو الدمع يفيدني كان ذرفته .
شدت قبضتها على قماش ثوبه رغم أنها تذكر بأنه دخل للفراش ببجامته : يغسل قلبك .
هز رأسه نافياً : ماهو الدمع اللي يغسله .. القلوب ما عمرها والفت الدمع .
ابتعدت من جديد لتنظر له : ليه .
ميل شفتيه : مدري .. يمكن أنها أكتفت بالصلاة و بمحبينها ولايف .
عقدت حاجبيها : أذا الصلاة للقلب وش اللي للروح .
مد كفه ليمسك ذقنها بخفه و يدير وجهها لليسار حيث وضع المصحف على طرف سجادته
: هذا وليف الروح .
هزت رأسها بفهم لتعود كفه لرحله المسح على رأسها : دامتس صحيتي قومي توضي و صلي
ركعتين معد بقى على أذان الفجر الا ربع ساعه .
نهضت وهي تتمتم ب أن شاء الله .. وحين غادرت المكان عاد هو لتمرير حجر مسبحته ..
قبل أن يتوقف ما أن سيطرت الرجفة على كفيه .. لقد ظن بأن كتفيه قادرة على كل الحمول
مهما كانت شدتها .. فأذى برحيلها يزيل كل ظنونه .. نعم لم يهل الدمع كما فعل البقية .. فعيناه
تعلم جيداً كما سائر حواسة بأن الدمع لا يفيد .. مساء البارحة لم يخرج ليتجول كما أخبر سعود
بل حين سمع أن وجبة العشاء جاهزة تذكر أغنام عمته خلف منزلها فأسرع ليطعمها و يسقيها ..
و قبل ساعتين غادر سريره و ارتدى ثوبة ليتجول هنا وهناك فوجد نفسه أمام المقبرة ..
ولكنه عاد أدراجه دون أن يدخل .. فرش سجادته منذ ساعة و صلى ركعتين أطال فيها ثم
جلس ليقرأ و يستغفر حتى أتت تلك الزائرة الخائفة .. لتأخذه عينيها من نوبة حزنه
و تسكنه في نوبه خوفها الذي نطقت به كل ذرة تكونها الا لسانها عجز عن الفن الذي يتقنه ..
هل سيطر الذعر على منامك و رأيتِ وطنك يغادر تارك اياك للوحدة .. أخشيتِ الفقد حين
لوح بكفه بالأمس و ذكرنا بأنه سيعود لزيارتنا يوماً ما .
وضع مسبحته في جيب ثوبه و نهض حين أرتفع صوت أذان الفجر ليردد خلفه وهو في
طريقة للمسجد .. حين وصل صلى ركعتين تحية للمسجد ثم تقدم من الصف الأول
ليجلس بجوار جده الذي سبقهم جميعاً لهُنا .. بعد الصلاة عادوا للمجلس فهذا ثاني أيام العزاء
و اغلب معارف جده سيأتون في هذا اليوم .. أغلب الأشخاص يفضلون تقديم العزاء بعد
زوال الصدمة الأولى و ذهاب الحزن بعد الدفن فيكون اليوم الثاني هو خيارهم ..
و ها هو المجلس يمتلئ من جديد وكذلك الساحات أمام جهة المجالس .. حين دقت الساعة
الثامنة صباحاً توقف عدد لا بأس به من السيارات الفارهة و كان أول المترجلين هو سطام
بن منير و تبعه أخوته ومن ضمنهم سلطان .. كانت الأنظار معلقه بهم حين عبروا لداخل
و رفع سطام كفه كإشارة لسلام على المتواجدين دون عنا الوقوف له و رفع صوته بنبرته
التي لا يعبرها أي خلل كعادة شيوخ القبائل .. الثقة و الوضوح و سلامة النطق هي ابسط
صفاتهم : السلام عليكم .
تقدم نحو لفاء الذي وقف ما أن لمحه أمام الباب : وعليكم السلام و الرحمة .
صافحه وسلم : عظم الله أجرك .. الله يرحمها و يتقبلها مع الصالحين .
لفاء بهدوء : جزاك الله خير .
كان يسلم على من يتقدم بهدوء حتى لمحه مقبلاً عليه .. هذا من اعانه على الهروب ومن
أوصله لمنزل والده الشيخ منير ليحميه ومع ذلك صافحه مدعياً الهدوء و سلطان يقدم
له العزاء .. و بينما لفاء يحارب لسيطرة على ملامحه و اظهار الهدوء كان حفيده على الجهة
الأخرى قد انتهى من ضبط مشاعره بكل سهولة حين لمح الشابان خلف والدهم .. نعم هم من
تحفظ ملامحهم و أسمائهم .. اقترب منه سلطان ليصافحه و يشد على كفه فهذا الشاب يعني له
الكثير .. يكفى أن صفاته و حُسن أخلاقه تفرض مكانته و زاد عليها زواجه من تلك المدللة
التي رباها هو كأبنه له .
أصبح المجلس ممتلئ بالتجار و شيوخ الجماعات و أصحاب الأبل و كان ختامها بشيخ القبيلة ..
كان المظهر يوحي بأنه تجمع للقبيلة لولا أن الجميع يجلس الان بدون أي بشوت تزين أكتافهم
وحتى أحاديثهم لا تميل لشؤون القبيلة او التجارة بل كانت أحاديث بسيطة بين الحين و الأخر ..
بعد ربع ساعة نهض سطام ليتبعه كل من اتى معه و قال : استودعتكم الله .. و الله يرحم موتنا
و موتى المسلمين .. ( ثم نظر نحو عبدالله وقال بنبرة خافته ) لا هنت يا أبو سهاج بغيتك برا .
نهض عبدالله و تبعه ليبتعدوا عن التجمع فيقول سطام بهدوء : بغيت اعزي جيداء و أمها كان
ما عندك مانع .
عبدالله بنفس الهدوء : أبشر .
اتجهوا معه لمنزله بينما هو أرسل لسهاج ليأتي بعمته و زوجته .. يعلم بأنه لن يمانع بقدوم
عمته فهي عاشت لسنوات بينهم كأخت لهم وهي فالنهاية أمانه والدهم ولها حقوق كثيرة عليهم
ولكن جيداء الان على ذمه رجل و يجب أن يأذن هو لها لتأتي لهم .
..
خرج ليلمحهم بطرف عينه متجمعين قرب سياراتهم في الخارج وكما توقع لن يتواجد
في مجلس والده سوا الشيخ سطام و سلطان .. أتصل عليها ليخبرها بأن تخرج .
ولكن قبل ذلك في مجلس النساء .. كان الهدوء مسيطراً على المكان فأغلب النساء تفضل
أن تأتي الساعة العاشرة صباحاً او بعد صلاة العصر .. زينة و رهف جلسن في المقلط
بعيداً عن تجمع النساء و خلود و جيداء و فاطمة كُن يعدن الشاي و القهوة بينما سديم و رشا
يجلسن في المجلس غير قادرات على المساعدة رغم محاولات سديم ولكن خلود أقسمت عليها
بأن تذهب للجلوس .. سماهر مع نوريه هُن من كُن يباشرن المتواجدات وكل ما يوزع من تمر
و شاي و قهوة هو صدقه عن المتوفاة .
تصلب جسمها حين سمعت الأصوات المألوفة قبل أن تلتفت للخلف فتجد حسناء و بناتها و كذلك
بنات الشيخ منير و زوجات أبنائه .. اسرعت حسناء لتحتضنها بمواساة و تعزيها بينما
الحاضرات وقفن لاستقبال المعزيات .. كانت تحتضن حسناء و نظرها معلقاً بالواقفة قرب الباب
عيناها هي الأخرى متعلقة بها بينما دمعها لا يتوقف ابداً .. ما أن ابتعدت حسناء كانت تأخذ
العزاء منهن واحدة تلو الأخرى و قلبها يحترق ثم يترمد شوقاً لتلك الصغيرة .. حين طافت على
المتواجدات و وصلت لها أخيراً سحبتها من كفها و أسرعت خارجة من المجلس لتدخل أحد
الغرف و تقفل الباب ثم تنظر لتلك الباكيه التي تبتعد وهي تقول : سامحيني تكفين سامحيني .
كانت هي تبتعد بألم و عدم القدرة على المواجهة .. لم تكن لتأتي لهُنا لولا أن دخل والدها
لغرفتها غاضباً و أقسم عليها بأن تذهب .. كان يذكرها بحق هذه المرأة عليها ولكن هي لم
تنسى من كانت لها الأم الثانية .. لم تنسى تلك الليالي التي تقضيها في منزلها و تلك الغرفة
التي جُهزت من أجلها .. لم تنسى رائحتها حين تحتويها بحنان او وجهها القلق حين تمرض
ولكنها ايضاً لم تنسى بأنها شهدت زوراً ضدها .. لم تنسى بأنها هي السبب الأول لكون
عمتها هُنا في المنابر .
أما سماهر فكانت تكسر البعد بخطوات متلهفة و دموعها تنهمر بحسرة فاتحه كفيها
تدعوها لعناق كانت تتوق له منذُ ذلك اليوم : أنتِ اللي تكفين تعالي والله أن قلبي ما أرتاح
من هذاك اليوم .. تكفين تعالي .
هزت رأسها نافيه وهي تشهق ببكاء : ما استاهل والله ما استاهل روحي يا عمه لا انجستس
أنا كلي ذنوب .
حين وصلت لها سحبتها لحضنها وهي تنهار في البكاء : كيف تنجسيني و أنتِ أطهر خلق الله ..
مثلتس ما تعرف النجاسة دربه .. يا ويل قلبي يا مرام كيف قدرتي تروحين و تتركيني ..
كيف قدرتي تمرين نفس المكان اللي أنا فيه ولا تمريني .. هانت عليتس أمتس ؟ حتى لو
هنت عليتس كيف ما تعرفين أنتس ما تهونين علي .. كيف تجهلين غلاتس .
تشبثت بها و قدميها تضعف غير قادرة على تحمل جسمها فجلست سماهر على الأرض وهي
تهمس لها : تكفين لا تبكين .. والله أن دموعتس تحرق قلبي .
كانت تتشبث بها أكثر و أكثر و دموعها لا تتوقف تحاول أن تكتم صوت بكائها قدر المستطاع
ولكن شهقاتها تفلت منها كل لحظة حتى شعرت بأن الهواء يختفي من المكان فأسرعت
سماهر لتحرر وجهها من النقاب و تقربها من النافذة : تعوذي من الشيطان يا قليبي .. والله
ما يسوى اللي تسوينه بنفستس .
همست بإرهاق بعد أن سلب البكاء كل طاقتها : قتلت و شهدت زور وين ما يسوى .
مسحت على وجهها تزيل دموعها ثم جلست و أمسكت بعضديها وهي تحثها على النظر
لعينيها : طالعي فيني زين .. اللي راح هذا صايل تعرفين وش يعني صايل .. وحنا حاولنا
معه لكن هو اللي بدأ ما عليتس لا ذنب ولا كفاره ولا ديه ولا هم يحزنون .. و الشهادة
لو قلتي الصدق كان رحتي فيها و رحت أنا معتس .. شوفه عينتس المحققين ما كانوا
مقتنعين لولا أن المحامي وقف لهم صح .. تدرين كلمه غلط منتس كانت تجرني و تجرتس
للقصاص ..تحسبين القانون و الدين لعبة .. حكم الصايل ما يجي بالساهل .. لو أننا بس ما
حاولنا معه بالكلام كان صرنا فعلاً قاتلات .
حررت عضديها و احتضنت ملامحها بكفيها : لا تسوين كذا في نفستس و في أهلتس ..
حرام لنا شهور قلوبنا تحترق عشانتس لا رحمتينا ولا رحمتي حالتس .
هزت رأسها بالرفض : مقدر .. شكله وهو يتلوى من الوجع ما يترك لي حلم الا يزوره .
مسحت على شعرها : بسم الله عليتس .. ليه الضعف هذا ؟ أنتِ مسلمة مؤمنة عندتس رب
غفور رحيم .. عندتس كتاب أن ضاق صدرتس شرحه كيف تخلين هالوساوس تلعب
فيتس .
عضت على شفتيها تمنع شهقاتها بينما سماهر عادت لتحتضنها و تهمس : خافي الله
في نفستس .. و لا تتركين درب للشيطان .
طرقات خافته على الباب قطعت هذا الحديث و نهضت سماهر لتفتح الباب لتلك الواقفة
و عيناها تغرق فالدموع و همست ما أن فتحت لها والدتها الباب : هي هنا ؟
ابتعدت من أمام الباب لتسمح لها بالدخول .. دخلت وهي تمسح عيناها لتبصر طريقها جيداً
.. ولتشاهد تلك الملامح التي تفتقدها .. خرجت سماهر و أغلقت الباب لتقول هي : زين
والله طريت عليتس و جيتي تعزيني .
غطت مرام وجهها بكفيها وهي تعود للبكاء : غصب عني والله غصب عني .
لوحت بكفها : لا مب غصب عنتس .. مير أنتِ معد تبغيني ولا أهمتس .
شهقت بصدمة وهي تبعد كفيها عن وجهها المتلطخ بدموعها و اشارت على صدرها بكفيها
المرتجفتان : أنا معد تهميني ! يا ظالمة أنا كل يوم أموت و أحيا عشانتس و عشان خالتي .
عادت لتلوح بكفها و بصرها متجه نحو تلك الكف المحاطة بقماش أسود اللون : أنتِ الظالمة ..
كيف هنت عليتس كذا .. حتى زواجي ما تحضرينه .. ولتس من هذاك اليوم ما ترسلين لي
الا أذا كنتِ بتردين على رسائلي بكلمه و رد غطاها .
حركت رأسها رافضه كل تلك الاتهامات : والله مو كذا ولا هو قصدي .
جلست أمامها لتضرب بقبضتها على كتفها : كيف تتركيني وأنتِ تعرفين أني أحتاجتس ..
أنتِ ما تدرين وش كان يصير فيني ولا كيف الأيام كانت تمر علي .. لا أنتِ اللي وصلتيني
ولا أنتِ اللي خليتيني اتطمن عليتس .
أوقفت انهمار لكماتها الواهنة لتمد كفها و تمسك بكف مرام المرتجفة : من سوا فيها كذا .
نظرت مرام لكفها وهمست : أنا .. أنا اللي جنيت على نفسي وعلى خالتي و عليتس .
نظرت لها باستغراب : وش صار .
رفعت نظرها لعيني جيداء ثم عضت على شفتيها تحاول أن تفكر بجملة قد تهون الأمر فأمسكت
جيداء بعضديها : بنت علامتس وش اللي صار .
همست بألم : أنا اللي قتلته .. مب عمتي .
صوت شهقتها المفجوعة جعلها تعود لدوامة الدموع بينما جيداء أسرعت لتغلق النافذة بعد أن
تأكدت بأن لا أحد في الخارج ثم عادت لتجلس أمام مرام و هي تشعر بأن الأرض تنهار
أسفلها و كفيها الممسكة بكفي مرام ترتجفان ولا تعلم هل هي ترتجف لارتجاف قلبها أم أن
كفي مرام قد أعدتها .. هزت رأسها بالرفض : لا أنتِ ما تقدرين .
القت بنفسها في حضن جيداء : ليتني مت قبلها .
شدت ذراعيها حولها وهي تنهاها : أسكتي يا مجنونه لا أحد يسمعتس .
كان جسمها يرتجف و تشعر بأن عظامها ذابت و اختلطت بدمها .. نعم مرام تفقد صوابها ما أن
تشعر بالخوف ولكن يستحيل لا يصل الأمر للقتل هي أضعف من أن تفعلها .. لحظة
لحظة واحده فقط أن كانت مرام تُجن ما أن تخاف فماذا ستفعل أن أصابها الذعر؟
شدت باحتضانها أكثر و هي تنخرط في البكاء كانت تعلم بأن هُناك شيء خاطئ ولكن لم
تصل أفكارها لهذا الجنون .. مرام تقتل و والدتها تتحمل المسؤولية .
قالت بعتب من بين شهقاتها : يا ظالمة كيف طاوعتس قلبتس ما توصلينها لو مرة وحدة
بعد كل هذا .
مرام بألم : ما قدرت .. والله ما قدرت .
مر الوقت وهُن في بكائهن حتى ارتفع صوت رنين هاتفها من جيب عبايتها لتخرجه و ترد
بصوت مبحوح : الو .
لم يُجيبها فروراً ولكنه همس بعد ثواني : للحين تبكين .
أغمضت عينيها و دموعها تنهمر : فيه أشياء واجد تبكيني .
اتاها صوته الهامس : جاتتس خويتس ؟
نظر لمرام وهمست : جات .
سمعت تنهيدته : زين .. أجل البسي و علمي عمتي تلبس و تعالن لبيت أبوي .. الشيخ سطام
و أبو منير هناك يبغون يعزون .
مسحت دموعها بسرعة وهي تنهض : يلا جايه .
أغلقت وهي تعيد لف طرحتها : عمي سلطان يبغاني .. قومي بربط لتس نقابتس و أرجعي
للمجلس و بعدين لنا كلام و خليني بس أدق ولا تردين .
عدلت طرحة مرام و ربطت نقابها و ساعدتها على النهوض ثم خرجن من الغرفة ولا تهتم
بما سيقولن النسوة بعد ذهابهن لمكان بعيد عن تجمع المعزيات .. وقفت أمام باب المجلس
و حدثت والدتها : يمه الشيخ سطام و عمي سلطان في مجلس خالي ينتظروننا .
تبادلن الحاضرات النظرات بينهن بينما نهضت سماهر و تبعت جيداء للخارج ..
و قرب الباب الخلفي كان يقف بانتظارهن .. هو ايضاً لم يعزي عمته فحين عاد مساء البارحة
وجد جدته و والدته و حتى بنات عمه كُن هناك وقدمن له العزاء و عزاهن هو ايضاً ولكن عمته
كانت قد ذهبت مع ليلى .. كان يعطي الباب ظهره حين نادت عليه عمته : سهاج .
التفت نحوها لتقترب و ترفع نفسها لتقبل جبينه بينما هو انتفض بجزع : عظم الله أجرك .
حين لامست قدميها الأرض مال هو ليقبل رأسها : أجرنا و أجرتس .. معوضه خير .
أشار بكفه للأمام : ارواحتس ابوي يحترينا فالمجلس .
مشت خلفه و جيداء تتبعهم حين دخلوا نهض سطام و سلطان ليقدمان التعزية .. عينا جيداء
كانت متعلقة بذاك الوجه الحنون الذي يمثل لها عقود من الوفاء و الاحتواء .. هو وحدة من بقي
وفي لوالدها بعد الذي حدث .. وهو أحد أسباب كرهها لتواجد هنا في المنابر .. فكل خطوة
تخطوها هنا تذكرها بأنها أصبحت بعيده أكثر عنه .. كل يوم تمضيه هنا يخبرها بأنها لن تعود
لحياتها هُناك معه و مع عائلته .. تعلقها به شديد لذلك هي لا تتقبل الحياة هُنا ابداً .
لقاء خمس دقائق كان الحديث به شبه رسمي ثم غادر الجميع .. وقفت تنظر لنساء المغادرات
و قلبها يعتصر ألماً .. كيف تأتي بطريقة لتعود لذلك الوقت حيث تمضي الأيام بين صالونها
و منزلهم .. محيطها هم أشخاص قليلون و أيامها صاخبة بمغامراتها مع مرام .


-----------------


دخل لمنزلة الساعة الثانية ظهراً يريد أن يغفو لساعة واحدة حتى يستعيد نشاطه و يكمل
ما بقي من اليوم في استقبال المعزين .. لم تكن هي موجوده وهذا يعيني أن هناك نساء
في منزل والده .. دخل لفراشه و أغمض عينيه يطلب الراحة لجسمه و عقله .. حقاً لا
يريد أن ينشغل بالتوتر الذي يسيطر على علاقتهم منذ ارتبطا .. يومهم يمر بسلام حتى يغلق
عليهم باب الغرفة فيتبدل حالها .. مهما حاولت أن تظهر العكس ولكنه يلمح شيء في عينيها
عجز عن تفسيره .. مهما كان القرب الذي يحيط بهما يشعر وكأنها بعيده عنه لا يملك وصف
دقيقاً لحالهما سوا أن روحها لا تسكن إليه .
تنهد وهو يتقلب في فراشه ها هو يعود لها بكل طاقة أفكاره من جديد وهو من اتى إلى هنا
طلباً لراحة .. لو بقي مع عياش لكان تفكيره في مأمن منها .
أغمض عينيه حين سمع صوت خطواتها قادمة .. دخلت للغرفة و توقفت لثواني ثم
شعر بحركتها وهي تنزع حذائها و تمشي بحذر لتبدل ملابسها ثم تخرج و تغلق الباب
بحرص شديد حتى لا توقظه .. ما الفائدة من كل هذا ؟ وأنتِ هي من تبعد عني الراحة وليس
الضجيج .. بقي في فراشه أما هي فجلست في المكتب الذي جُهز بطاولتين
لهما .. فتحت جهازها و انضمت لملتقى عن ريادة الأعمال أعدته أحد زميلاتها في القسم و
جعلته عن بعد حتى يحضره أكبر عدد ممكن من الطلاب .. لو أنها تعمل الان لكانت وجدت
ملجأ لأفكارها بعيداً عنه و عن شعور الذنب الذي لا يفارقها .. بطريقة ما أصبحت حين تنظر
له تشاهد خيبة والدتها و أخيها .. تعلم بأنه لا يحق لها ذلك ولكنها منهزمة أمام هذا الشعور
كانهزامها أمام حبه .. لما دوماً تكون فريسة سهلة لهذه الأشياء التي لا تعلم متى و كيف بدأت ..
أغلقت الجهاز حين علمت بأنها لن تخرج بأي فائدة فهو يتربع على عرش أفكارها ..
نهضت عائدة للغرفة لتقف قرب الباب تنظر له نائماً كما تركته .. رباه كان حلمها فكيف
لا تستطعم لذته حين نالته .. لما كان الألم من نصيبها حين كانت تراه بعيداً و تشاهد أحلامها
تبهت يوماً تلو الأخر .. وحين أصبح حلالاً ما زال هذا الألم يرافقها بل أصبح أكثر بطشاً
و يكاد يسرق منها أنفاسها .
انتفضت حين سمعت صوته بنبرته الثقيلة يناديها : فاطمة .
فكان رد لسانها بل روحها وكل جوارحها : لبيه .
ربت على المكان بجواره كدعوة صامته فتقدمت لتدخل اسفل الغطاء بجواره .. وبدل أن
تأوي لصدرة كما اعتادت وجدته يهرب لها واضعاً رأسه على صدرها و همس : أوجاعي
كثير لا تصيرين منها .
عضت على شفتيها تحاول أن تسيطر على مشاعرها بينما وتيره تنفسها أصبحت أسرع
و كفها تمسح على رأسه مدعيه الهدوء ثم جارته بالهمس : لا تصير ظالم وأنت أخر
أوجاعي .
ما زال صوته محافظاً على نبرة الهمس رافضاً أن تنصت الجدران لحديثهما : من سبقني ؟
اه لو تعلم من سبقك .. كلاكما لا تتركان لي سبيلاً للخلاص .. أنت تملك القلب وهو يملك
كل ما في .. اسمي .. ملامحي .. طموحي .. و الرقم واحد في قائمة أوجاعي .
تمتمت بخفوت : عادي لو ما أقول .
ابتعد لينظر لوجهها بصمت لما هي مُرهقة هكذا ؟ ولما هذه التعابير تزيد ارهاقه .. مد كفه
لخصلة تمردت لتنام على خدها فأبعدها عن هذا النعيم الذي يخصه : أكيد عادي .. ما فيه
شيء مب عادي الا أنتِ .
اقتربا حاجبيها بخفه مستغربه ليكمل : أنتِ وكل درب يدل لتس و كل يوم يمر معتس .. مب
عادي يا فاطمة .. وأنا حيلتي الطمع ولا عاد عرفت أكتفي ولا اقنع .
نامت كفها على خده بهدوء : ليتني اقدر أجاري هالطمع .
لا تجذبيني نحو طريق الاعتراف و الحقيقة لا أريدها ولا اريد ألم من بعدها .. ولكنها لم تستمع
لرجائه الذي نطقت به عيناه و أكملت : عجزت يا نزال أتناسى و أكمل .. سامحني .. أدري
اظلمك معي .
طوق خصرها بذراعه ليسكنها لصدره : أظلميني راضي بالظلم كانتس ما تدرين .


-----------------


حين غادرت أخر المعزيات بعد صلاة العشاء نهضت لتغادر لمنزل والدها .. تعد الوجبات
التي يفضلها أبنائها ليتناولوها ثم يخلدون للنوم .. ثم اعدت لنفسها كوب من مزيج الأعشاب ..
وجلست لتشربه قرب النافذة التي يتسرب منها نسيم الليل بخجل بين الحين و الأخر .. بالأمس
كانت تعيش أقصى مراحل الحزن و اليوم هي في حالة تبلد .. لا يهمها من ذهب ومن بكى ..
لا تتذكر من أتى لتعزيتها ومن غادر دون أن يسأل عنها .. أسندت رأسها للخلف و أغمضت
عينيها .. ليعبر الوقت هذا فقط ما تريده .. عادت لفتح عينيها حين شعرت بكفه على كتفها
فرفعت نظرها نحوه .. ليته لم يأتي .. هي كانت تهرب من لحظة انفراد معه .. هي أمامه
كالكتاب المفتوح يتصفحه كيفما يشاء .. أمامه لن يفلح التمثيل ولا التهرب .. جلس أمامها
و اخذ الكوب ليرتشف منه قبل أن يعيده : ناموا عيالتس ؟
هزت رأسها بصمت ليريح ظهره للخلف : كيف حبوس هاج أكثر مني أنا تؤام أمهم .
ابتسمت وهي تلمس الكوب بكفيها : كانك تقدر تقنعهم لا تقصر .. ما صدقوني يوم قلت
أنك تؤامي .. عُدي يقول أنك ما تشبهني و ساري يقول أنك أطول مني .
ميل شفتيه : الحين ما لقيتي لهم الا هالاسامي ؟
هزت رأسها بهدوء : ماهو بأنا اللي أخترتها لكنها أعجبتني .
لوح بكفه : ما علينا .. هاتي علومتس .
فتحت كفيها : لا جديد علومي مثل ما هي .
رفع حاجبه : وجهتس يقول فيه علوم كثيرة .
مالت شفتيها بابتسامه : و أنت ما تقدر تتجاهل وجهي وش يقول .
هز رأسه نافياً : لا ما أقدر ولا أبغى بعد .. هو يقول لي أنشد ماهو بعلى كيفتس تتركينه
يتحمل وهو يبغى يتكلم .
نظرت لعيناه بتفكير : اللي يبغى يقوله ما يسرك .
رفع كتفيه : عادي حتى حالي الحين ما يسر .
سحبت نفس عميق ثم تنهدت وهي تشبك كفيها ببعض : ما علمت فيه أحد .
تقدم للأمام وهو ينظر لها بترقب لترفع نظرها لوجهه تتشرب ذاك السلام الذي يعبر ملامحه
دون كلل او ملل : اكتئاب .
لمحت انطفاء عينيه فأكملت : جاني بعد ولادتي بتوق .
سحب نفس عميق يجمع به شتاته : وفهد يدري ؟
هزت رأسها نافيه : قلت لك ما علمت أحد .
همس بحدة : وليه ما علمتي أحد هاه ؟ مستهينة فيه ولا بايعه نفستس ؟
رفعت كتفيها : لا هذي ولا ذيك .
نقر على الطاولة أمامه : استكثرتي على نفستس أحد يشاركتس همومتس .
عادت لتنفي كلامه : لا .. لكن تعاظمتهم على أوجاعي .. مير الروح قدامك تنهزم مقدر أمنعها
عن الشكوى .
نهض ليجلس بجوارها و يمسك كفها : ما يحق لتس ما تعلمينه .. هذا زوجتس و الزواج شراكه
عمر .
تنهدت : بأوجعه .
فتح كفه : عادي أوجعيه مع وجعتس و تعالجي و أرجعي له مثل ما يخبرتس أحسنها ولا
تخسرينه و تخسرين نفستس .. السكوت هو اللي بيوجعة .
شدت على كفه التي تمسك بكفها : أخاف ما يروح .. أحس أني ما أقدر .
أمسك بيده الحرة ذقنها ليثبت نظرها على عينيه : ماهو أنتِ اللي تحسين هذا اللي يتمناه
الشيطان و يوسوس لتس به .. قدرتي تربين عيال ما تقدرين تهزمين مرض ؟
ضحكت حين ذكرها بأعظم مخاوفها قديماً الا وهي تربية طفل .. أبتسم لضحكتها بينما قلبه
كان يعتصر ألماً .. ليس وكأنه لا يتقن البكاء او أنها لا تستحق أن يبكي على ما تمر به ولكن
هو يعلم جيداً ماذا تعني لها دموعة .. لذلك أظهر الابتسامة .. تلك الابتسامة لم تختفي من على
شفتيه وهو ينقلها بأحاديثه من موقف صعب مر به لأخر محرج .. يحدثها عن أيام غربته
وكأنها لم تعبر في صفحة حياته بصعوبة بينما هي تبتسم مرة و تضحك مرة وكليهما لا يدركان
وجودها وهي تجلس على السلم تستمع لحديثهما وعيناها تفيض بالدمع بينما لا يصدر منها أي
صوت .. و هاهي تخرج من حزن لتسقط في أخر .


------------------


قلبت شرشف الصلاة بين كفيها لم تجد هُنا مكينة للخياطة لتخيطه .. كانت تريد أن تكمل
مشوار جدتها و تصلي به ليكسب والدها الأجر ولكن مقص الأطباء كان له كلمة أخرى ..
تنهدت وهي تضعه أسفل وسادتها ثم تنهض لتغادر الغرفة .. والدتها ذهبت قبل نصف
ساعة للمستشفى بعد أن عبثت أختها الصغيرة في المطبخ و جرحت كفها .. بحثت
عن خالتها سماهر ولكن لم تجدها في المنزل فأرتدت عبايتها و خرجت لتجدها قرب
المنزل تجلس أسفل الشجر و تنظر للأرض بصمت .. جلست بجوارها لتنظر لها
سماهر : كلمتي أمتس ؟
هزت رأسها بهدوء : ايه سوو للينا غرز و بس يخلصون بتجي .. قلت لها نامي
هناك بس عيت .
سماهر وهي تخرج هاتفها : برسل لها تقعد الليلة هناك .
بعد أن أرسلت لغدير نظرت لليلى : وينتس من اليوم .
رفعت نظرها لسماء : كنت ادور مكينة خياطه .
ربتت سماهر على ركبتها : امي عندها مكينه بكره أجيبها و اضبطه لتس .
نظرت لهدا بأمتنان : لا خلا ولا عدم .
احتضنتها بحنان واخذت تمسح على شعرها بصمت حتى اعتدلت ليلى فجأة
لتنظر هي للمكان الذي كانت تنظر له ليلى فلمحت والدها يقف هناك و نظره مصوب
نحو ليلى فنهضت وهي تهمس : شكله بيتكلم معتس .
غادرت المكان وهي تحمل ثقل في صدرها .. جميعهم يبدون أهتمامهم فيه في هذه
الظروف ولكن هي تبدو بينهم كالغريبة .. حتى في تقديم العزاء له كانت كما سائر النساء
الغريبات الاتي صادفنه و قدمن له العزاء .
..
اعتدلت في جلستها حين أقترب منها وجلس في مكان قريب : ليه ما نمتي .
رفعت كتفيها : مدري .
حرك أصبعه على التراب الرطب : مال النوم لذه صح .
هزت رأسها مؤيده : ولا كأن جسمي يحتاجه .
تنهد : تتعودين بكره .. بتمشي الدنيا و نمشي معها .. ما توقف ابد لا على صغير ولا
كبير .
نظرت له : اتعود ! ما اظن .
رفع نظره نحوها : تتعودين أخذي العلم من واحد دفن أمه و أبوه و ولده و دفن ناس
واجد كانوا غالين و أخذ العزاء في أخوه بعد موته بشهور .
سحبت نفس عميق تبعد الغصه عن حلقها : واذا ما كنت ابغى اتعود .
رفع كتفيه : غصب تتعودين .. أن ما تعودتي بتمر الدنيا و تأخذ الناس و بتقعدين
لحالتس لا الحزن ينفعتس ولا شيء يقدر يسليتس .
هزت رأسها رافضه : ما اظن الدنيا بتمشي بعدها .
مسح ما خطه على التراب : بتمشي .. مير أنتِ فكري كيف تبغينها .. كلها حزن
و هم ولا تجارينها لين تسلين .
نظرت لما يكتبه و يمحوه : وأنت كيف بتمشي عليك الدنيا .
توقف أصبعه عن الحركه لثواني ثم أكمل طريقه : اجاريها و تجاريني لين ربي يأخذ
أمانته .
عم الصمت للحظات سوا من صوت النسيم العابر بين أوراق الشجر .. ثم تنهدت
و همست : عيونهن اليوم تقول ليه تبكي وهي ارتاحت من همها .
هز رأسه بتفهم : يشوفن حالتس بعيونهن لو أن لهن أحد مثل جدتس كانن شافنه
هم .
سقطت منها دمعه : هي ما كانت هم علي أنا اللي كنت همها .
عقد حاجبيه باستغراب لتكمل : حرمة كبيرة هي اللي كانت تحمي بنت في بيت ماله
رجال يحميه .. كانت ما تدخل البيت قبل ما تتفقد الأرض تشوف أحد مره بغيابها ولا لا ..
عيونها كانت يا دوب تشوف بها وكانت تسهر الليل أن سمعت فيه حرامي ولا سمعت
صوت سيارة مرت جنب البيت .. هي اللي علمتني و ربتني .. عطتني كل شيء كل شيء
.. أنا اللي كنت همها وربي .
أخرج كيس المناديل الصغير من جيبه ومده عليها : ما كنتي هم كنتي نعمه من ربي
و سلوى لها .
أخرجت منديل لتمسح به أسفل عينها : وهي كانت كل شيء .
كان قد ضاق صدره و خرج للمشي حين لمح تلك الجالسة بمفردها تنظر لقدميها
بصمت .. وقف بعيداً ينظر لها لا تشبه تلك الهاربة بأي شيء .. تلك حين تحزن
كأنت تبحث عن أحد لتبث له شكواها وهذه تبحث عن العزله و تحتضن نفسها ..
وحين أتت ليلى مال قلبه و حنت روحه لفقيدته .. مشيتها و هيئتها تشبه في كل
شيء تلك الراحله .. فتقدمت خطواته نحوها طمعاً في حديث و وقت يمضي
مع بقايا ما تبقى من غياب .


------------------


في اليوم التالي عصراً كان يقف وسط الأرض عاصباً رأسه و يربط ثوبه حول
خصره .. ينظر للمكان و ملامحه متصلبه دون أي تعبير .. لم يلتفت للخلف حين
سمع خطواتهم حتى وقفوا بجواره ليتقدم خطوتين ثم يلتفت نحوهم : هاه وش
الطاري يقولون حكمي اللي سعيتوا له بيدكم و رجلكم معد يعجبكم .
تبادلوا النظرات بينهم فها هو يكشر عن أنيابه باكراً .. تقدم أبن عواد الأكبر
: القسمه تضرنا .
هز رأسه بهدوء : زين زين .. ها أسمعوا هذي أرضكم و هذا أنتم حاضرين
محدن فيكم غايب .. تقابلوا و تفاهموا .. مشروع الري وقفناه والله ثم والله
ما احد يلتفت يمكم حتى لو تتذابحون .
كانوا على وشك الاعتراض ولكنه رفع كفه : لا يكثر الهرج .. لو فيكم خير
واجهتوني مثل ما يتواجه الريجيل .
غادر المكان غير مهتم بصرخاتهم و ركب سيارته عائداً لسور حين أوقف سيارته
وجد سعود يحزم اشياءه فترجل ليغلق باب سيارة سعود بقدمه و عيناه يتطاير
منها الشرر .. نظر له سعود بحده : وش علتك .
سحبه من ياقه ثوبه : وين طاس .
دفعه عنه : بروح ادور لي أرض اتسلى فيها .. تبغاني أموت هنا .
رفع حاجبه : ليه ما وراك ناس تهتم فيها .. ما وراك أحد له حق عليك .
لوح بكفه : عمي علمته ولا اعترض .
عاد ليسحبه من ياقه ثوبه : و بنت هذال ؟
اتسعت عيناه بدهشه ليكمل سهاج : اذا منت قد أمانة عمتي الحين أنا أروح لها و أقول
لها تترك .


------------------


بعد أسبوع و أربعه أيام كان يعبر الممر في نهاية دوامة .. و دخل لقسم العناية كعادة
لا تنتهي منذُ عشرون عاماً .. يبدأ به يومه و يختتم به عمله .. سحب الكرسي
وجلس بعد أن تفقد اشاراته الحيوية ثم فتح هاتفه يتصفحه يقرأ مقاله طبيه ويتحدث
عليه بأخر الأكتشافات و نتائج الأبحاث .. تمتم : المفروض تقوم و تسوي
عمليه على كثر ما علمتك و شرحت لك أكثر مما شرحت لطلابي .
رفع نظرة للجهاز ثم عاد لهاتفه قبل أن يعود من جديد بنظره للجهاز لمح اختلاف
لا يكاد يذكر .. نعم الأرقام تختلف وها هو الأختلاف يزداد .. نزل نظره نحو
الممدد هناك ليقع نظره اسيراً لتلك النظرة .. عينان لا تعرف من الخوف سوا
أسمه و رموش تقف بشموخ تحرس تلك البقعة السوداء .
همس بصدمة و ذهول وهاتفه يسقط من يديه : هَذّال .
.
.
إذا مايقود الرجل مبدأ وسلم ودين
‏حياته على وجه البسيطه مثل موته.
.
انتهى الفصل
الرواية جميله وأسلوبك تحفة فى سرد الأحداث


هاجر وفاطمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-23, 12:24 AM   #920

ارجوان

? العضوٌ??? » 422432
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 451
?  نُقآطِيْ » ارجوان is on a distinguished road
افتراضي

هرمنا في انتظار هالحظه واخيراً استفاق هذال

ومرحبا بالذيب الي كلن يهابه


ارجوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:35 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.