آخر 10 مشاركات
أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          قساوة الحب - أروع القصص والمغامرات** (الكاتـب : فرح - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          عاشق ليل لا ينتهى *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : malksaif - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          وَجْدّ (1) *مميزة** مكتملة* ... سلسة رُوحْ البَتلَاتْ (الكاتـب : البَتلَاتْ الموءوُدة - )           »          485 - قلب يحتضن الجراح - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree2486Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-01-23, 07:54 AM   #441

هالة الذكرى
 
الصورة الرمزية هالة الذكرى

? العضوٌ??? » 439522
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 313
?  نُقآطِيْ » هالة الذكرى is on a distinguished road
افتراضي


أجل أجل..
يا سلاااااااااام
و أخيرا..
لقد صدق توقعي.
المهم..
ذبول سحر وتضرر بنات العائلة.. خذلان عمها خالد لها..
رجاءاا رجاءا كفاية ضغطا علي السيد عصام
الحمد لله لم يمت أحد.
هاني حاول الهروب وفشل بجدارة بإنتظار الخطبة.
زياد مازال غبيا..
شهد حلوى القطن
اممم
لا أعرف.. الأحداث قاتمة كشتاء يناير يجعلك تلتحف الأغطية.
ننتظر أن تشرق الشمس علينا.
شكرا جزيلا يسمينة 🌺


هالة الذكرى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-23, 05:09 PM   #442

يسمينة مسعود

? العضوٌ??? » 492275
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 463
?  نُقآطِيْ » يسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هالة الذكرى مشاهدة المشاركة
أجل أجل..
يا سلاااااااااام
و أخيرا..
لقد صدق توقعي.
المهم..
ذبول سحر وتضرر بنات العائلة.. خذلان عمها خالد لها..
رجاءاا رجاءا كفاية ضغطا علي السيد عصام
الحمد لله لم يمت أحد.
هاني حاول الهروب وفشل بجدارة بإنتظار الخطبة.
زياد مازال غبيا..
شهد حلوى القطن
اممم
لا أعرف.. الأحداث قاتمة كشتاء يناير يجعلك تلتحف الأغطية.
ننتظر أن تشرق الشمس علينا.
شكرا جزيلا يسمينة 🌺
🥺🥺🥺🥺
الله يسعدك يااارب ويجبر بخاطرك يا هلوشة نووورت كعادتك 🥹🥹🥹🥹🥹🥹🥹🥲💗💗🥺🥺


يسمينة مسعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-23, 09:29 PM   #443

مريم راجية الفردوس

? العضوٌ??? » 482686
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 8
?  نُقآطِيْ » مريم راجية الفردوس is on a distinguished road
افتراضي

الفصل جميل تسلم ايدك

مريم راجية الفردوس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-23, 09:32 PM   #444

مريم راجية الفردوس

? العضوٌ??? » 482686
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 8
?  نُقآطِيْ » مريم راجية الفردوس is on a distinguished road
افتراضي

الرواية روعة تسلم ايدك 😍

مريم راجية الفردوس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-01-23, 09:35 PM   #445

يسمينة مسعود

? العضوٌ??? » 492275
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 463
?  نُقآطِيْ » يسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم راجية الفردوس مشاهدة المشاركة
الرواية روعة تسلم ايدك 😍

💗💗💗💗💗

حبيبتي الله يسعدك يااارب نووورت 🥺🥺


يسمينة مسعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-23, 10:20 PM   #446

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 5 والزوار 9)
‏أميرة الساموراي, ‏ميم سين, ‏Maha27, ‏هالة الذكرى, ‏amany saedd


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-23, 12:09 AM   #447

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 10 والزوار 21)
‏أميرة الساموراي, ‏موضى و راكان, ‏Moi Esraa, ‏زهراء يوسف علي, ‏Maha27, ‏'asmaa, ‏شمس الصحراء, ‏ميم سين, ‏سهيرالغزو, ‏باسيليو

لا وجود لاسم ياسمينة حتى الان..


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-23, 01:33 AM   #448

يسمينة مسعود

? العضوٌ??? » 492275
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 463
?  نُقآطِيْ » يسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond reputeيسمينة مسعود has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 لِتَسكُنَ إِلَي

~ الفصل الثاني والعشرين ~

الفصل غير مدقق فعذرا على وجود أي خطأ 🥺✋

:
•♡•
:

🥀" يا عائشة ارفقي، فإنَّ الله إذا أرادَ بأهل بيتٍ خيرًا أدخل عليهم الرِّفق " 🥀

🍂 رسول الله ﷺ 🍂

:
•♡•
:

~ قبل ساعات ~


طفت بسمة حانية على ثغر عطاء مستفهمة: كيف حالكِ يا سحر ؟


إتخذت المعنية مجلسًا على الأريكة المقابلة مجيبةً بهدوء قدر الإمكان: الحمد لله يا خالة.


ناظرتها ضحى ملأ عينيها مرددةً: حبيبتي عسى الله أن يقطع لسان كل من يتهمكِ باطلاً...لا تكترثي لأي أحد كان.


إبتلعت المعنية غصتها موثرة الصمت فلا طاقة لها صدقًا لأي حديث، في حين قد قربت جوليا الضيافة منهنّ معقبةً بترحيب: تفضلنّ


عاتبتها عطاء بلطفها المعتاد: بالله عليِك يا جوليا لسنا ضيوفاً توقفي عن مبالغتكِ.


تبسمت الأخيرة بمحبة مصرحةً: عسانا نتذوق حلويات خطبة سهام القريبة.


توردت المعنية فأعلن فؤادها خفقه المتزايد، حيث تنهدت والدتها معقبةً: لا نستطيع القيام بخطبة في ضل هذه الظروف.


زمت جوليا شفتيها مرددةً بعتب: أي ظروف هذه التي ستمنعنا من الفرحة بخطبة أغلى شخصين عندنا وهما هاني وسهام ...


وضعت ضحى كأس العصير على المنضدة بقربها مجيبةً إياها بجدية: قلنا لن يحدث يا جوليا لهذا كفاكِ جدالاً.


غمغمت سحر معترضة على قولها: خالتي رجاءًا لا توقفوا فرحتكم لأي سبب كان ..لابأس إفعلوا ما يحلوا لكم ونحن سوف نساند سهام طبعًا.


تبسمت الأخيرة برقة تتلاعب بأزرار حقيبتها الصغيرة هامسة بإمتنان صادق: شكراً لكِ كثيراً


بادلتها المعنية بسمتها بهدوء، حيث إنحنت ضحى على جوليا قليلاً متسائلة بصوت خافت: هل لازالت سحر ملتزمة بالجلسات مع طبيبتها ؟


تنهدت المعنية مومئة برأسها إيجاباً، فتسائلت الأخرى مجددًا: هل هناك تحسن ما ؟


لاذت جوليا بالصمت لوهلة موجهةً بصرها لإبنتها التي كانت تحادث أختها شهد وقد بدى محياها مرهقاً وعيونها باهتة كأنّ نورًا كان بهما وقد خمد وإنطفئ بغتةً، فإبتعلت مرارتها مجيبةً إياها: هي تتفاعل معها كما أعلمتنا الطبيبة لكنها أخبرتنا أيضًا أنها بحاجة لدفعة أقوى ...كمن كان يحاوطها جدار فلاذي صلب فبدأ بالذوبان ليتحول تدريجيًا لزجاج بعدها لكنه لم يزل نهائياً.


ربتت ضحى على كفها مرددةً بطمئنة: لابأس .. المهم الحمد لله أنها تبذل جهدها وليست مستسلمة يا جوليا ..


تنهدت الأخيرة بحرقة تَحثُ نفسها على الصبر فقط فوجهت بصرها لعطاء مستفهمة بلطف: متى سيكون موعد الزفاف يا ترى ؟


إرتبكت سهام بحياء بهي في حين قهقهت والدتها تهز رأسها على تسائل أختها الغريب مردفةً: وهل تمت الخطبة حتى نحدد موعد الزفاف يا جوليا ؟


رددت شهد مشاركة إياهنّ الحديث: لكن حسب ما سمعت فليس من عاداتكم أن يطول موعد الخطوبة ؟


وضعت سحر كفها على وجنتها متكئةً على ذراع الأريكة مستمعة لأحاديثهن بصمتٍ تام محاولة تشتيت عقلها عن صراعاتها الداخلية التي توقد بها بركانًا مشتعلاً لا ينضب أبدًا، حيث أجابتها ضحى ببسمةٍ سمحة: نعم نحن بتقاليدنا وخاصة أسرة سلطان لا نفضل الخطوبة الطويلة فغالباً تكون من ستِ أشهر إلى سنة تقريبًا.


تراقصت بسمة دافئة على ثغر جوليا مصرحةً: في الحقيقة لم أتوقع أنّ هاني قد يتقدم لأحد بناتنا، ظننته مثل باقي شباب العائلة يفضلون من خارج الأسرة.


إزداد تورد سهام و إرتفع إيقاع فؤادها هامسة بعتب: خالتي من فضلكِ.


قهقهت عطاء معقبةً: إسألي ضحى عن ردة فعلي حين أخبرتني عن الأمر، بدوت كالبلهاء فقد صدمت حقًا، فهاني إعتبرته إبنًا لي وظننته يراها كأخت لا غير.


إرتسمت إبتسامة متلاعبة على شفاه ضحى مجيبةً: ومن الغبي الذي يراها ويعتبرها كأخت ؟ ماشاء الله جمال وخلق وأدب .. صدقًا عروس لا تعوض.


أشاحت سهام ببصرها عنهم في حين ضحكت شهد بخفة على خجلها الجذاب، فعقبت ضحى بعدها: في الحقيقة توقعت بأن تخطفها جوليا لأحد إبنيها، طبعًا سوف نقطع الأمل من رعد.


رفعت عطاء حاجبها مستفهمة: هل كنتما تخططان من ورائي ؟


إبتسامة صغيرة شقت ثغر جوليا مجيبةً إياها: طبعًا كنا نفعل، وهل تعتقدين بأننا سنسمح لسهام بالذهاب لغيرنا ..خاصة بعد أن عادت لنا وأخيراً.


تغضنت تقاسيم شهد موجهةً بصرها لسهام التي كانت تتلاعب بأزرار حقيبتها، هل كانت ستخطبها جوليا لزياد مثلاً !! فهزت رأسها على سخافة تفكيرها متابعة الإنصات لهنّ.


تحدثت ضحى بزهو لطيف: الحمد لله سبقتكِ يا جوليا..المرة القادمة إن شاء الله.


وضعت جوليا كفها على ثغرها مصرحةً: مبارك لكِ و نِعم الفوز و اللّه ...أساسًا نجت من زيجة شباب العائلة، فرجال آل سلطان متطلبون جداً مع إناثهم.


قطبت شهد جبينها بحيرة مستفسرة: لم أفهم كيف بالضبط ؟


توردت جوليا مجيبةً بإختصار: يعني متملكون فقط.


وجهت ضحى نظرها لعطاء تكتمان بسمتهما بصعوبة فهتفت الأخيرة ضاحكة: على أساس أنّ هاني لن يكون كذلك..


قهقهت ضحى تقول بعدها: على الأقل سيكون أقل تطلباً من رجال آل سلطان.


لملمت شهد ضحكتها مستفهمة بشقاوة: لا أعرف لماذا يا أمي جوليا أحس أنّ مقصدكِ منحرف ؟


زجرتها الأخيرة بحزم: عيب يا فتاة أصمتي.


إنفجرت ضحى ضحكًا فإنغمست معها عطاء بنفس الضحكة ليزداد تورد سهام مرددةً بعتب: أمي توقفن.


وضعت شهد كفها على ثغرها تكتم صدوح ضحكتها هي الأخرى، في حين بسطت سحر شفتيها تناظر مهرجان الضحك المدار أمامها.


وضعت عطاء كفها على صدرها موقفة موجة الضحك الجنونية التي أصابتهن فجأة مرددةً بأنفاس متلاحقة: حسنًا ... حسنًا توقفن لا تخجلن إبنتي.


أيدتها ضحى قائلة من بين ضحكاتها: معكِ حق.. أساساً أي تطلب هذا ؟ لا يوجد مثل هذه السخافات، جوليا تبالغ لا غير.


تخضبت وجنتي الأخيرة مصرحةً ببسمة خفيفة: طبعًا لا توجد مثل هذه الأشياء..أتركوا عقول فتياتنا مؤدبة.


ضربتها ضحى بكوعها معقبةً على قولها: صح..لديكِ ثلاث شباب يا جوليا كنائنكِ المستقبليات سوف يصدمنّ بالواقع ..


كبحت جوليا ضحكتها مجيبةً: فليساعدهنّ الله فقط.


إستفهمت شهد بفضول شديد: أمي جوليا رجاءًا إشرحي لي.


نهرتها الأخيرة بحزم أمومي: قلنا عيب ..لا زلتِ صغيرة على الوقاحة.


زمت المعنية شفتيها عاقدة ذراعيها على صدرها، فأصدرت ضحى صوتاً مستلطفًا على ظرافتها معاتبة أختها: لا تكسري بخاطرها يا جولي ..لابأس بتنويه صغير لها.


وافقتها عطاء بقولها الضاحك: و أي صغيرة هذه بالله عليكِ..جيل هذا الوقت يعرفون كل شيئ منذ نعومة أظافرهم، فالأنترنت رفع اللثام عن كل شيئ ولم يبقي شيئًا مستورًا ..


تنهدت جوليا مصرحةً بهدوء: ما أقصده بقولي السابق بأنهم متطلبون كثيرًا مع نسائهم هو أنّهم يحاصرونهم من كل النواحي فهذه الصفة متوارثة عندهم، هكذا هي متواجدة بجيناتهم...صحيح هم يقدسون إناثهم لكن هم أيضاً بالمقابل محتكرون لهن ..يعني متطلبون من حيث الإهتمام والرعاية..كأنكِ بصحبةِ طفل صغير بدلاً من رجل راشد..لهذا على زوجته أن ينصب جلّ إهتمامها به فقط ..


تلاعبت ضحكة شقية على ثغر شهد مستفسرة بحلاوة: وهل أبي عصام هكذا أيضًا ؟!


تنحنحت جوليا بحياء أنثوي بهي: تأدبي يا فتاة.


ضحكت ضحى معقبةً بإستفزاز: عصام على رأس القائمة، فمنذ أيام الخطوبة وعيونه لا تناظر سواها.


أيدتها عطاء بمكر مماثل: صحيح مقلتاه تشع فورًا حين تكون هي بالصورة ولازال الأمر لحد الساعة.


توردت جوليا وقد خفق فؤادها المحب عدة خفقات متراقصة مرددةً بعتب: من يسمعكن تقلن هكذا سيظن أنّ زوجيكما العكس..فوائل و رضا أراهما رهن إشارتكما لحد الساعة..


هزت عطاء كتفيها بزهو مصرحةً: طبعًا حبيبي ذاك.


قلبت ضحى مقلتيها عليها موجهة بصرها لسحر التي كانت قد إرتكنت لصمتها فإفتر ثغرها عن بسمة حانية وهي تقول: سحر بنيتي لماذا لا تشاركيننا الحديث ؟


أجلت المعنية صوتها مجيبةً إياها: أنا أسمع لا غير يا خالة، لابأس تابعوا فقط.


تنهدت المعنية موثرة عدم الضغط عليها مسترسلة بعدها بحديثها مع أختيها، فأخفضت سحر وجهها لهاتفها تجول بين الأخبار و الصفحات فإبتلعت غصتها و إرتجف كفيها عند وقوع بصرها على أحد المنشورات التي حملت فيديو لها ..فرطبت شفتيها والجة للتعليقات تتصفح أقوالهم حولها.. حيث إتهزت مقلتيها اللازوردية تقرأ إنفعالاتهم المتباينة ..


" ماذا نتوقع من فتيات الطبقة البرجوازية "


" ثرية و عاهرة صدمة حقيقية "


" لماذا ترتدي الحجاب إن كانت سوف تمارس تلك الرذيلة "


" شوهت الحجاب والستر للأسف "


" الفيديو لم يقنعني صراحةً "


" قد يكون مفبركًا ؟ "


" قهرت والديها حرام عليها "


" مؤسف أن يكون هذا جزاء الوالدين في نهاية المطاف "


" كثرة المال تدفع المرء للفتنة حقًا "


" فتيات آخر زمن "


" قد تكون ضحيةً لا غير ؟ "


" لعنة الله على أمثالها "


غامت عيني سحر تسبحان بالدموع وقد تعاظم إرهاق فؤادها الممزق مسبقاً فإرتجفت شفتيها تشعر بسكاكين من القهر تخترق قلبها الهش..تنخرها ..وتنهك كيانها أكثر ..


حولت شهد بصرها من حديث النساء الذي يدار بالمجلس نحو أختها، فعلت تقطيبة خفيفة جبينها متأملة وجه الأخيرة الذي بدى شاحبًا ومنطفئًا فإنحنت عليها قليلاً كي ترى ماذا تشاهد، فإرتبكت حين قرأت بعض التعليقات التي كانت تلمزها بألقاب سيئة، حيث زمت شفتيها تحس بمشاعر زاخرة تجتاحها وأولهم الوجع جراء الذي تكابده شقيقتها من إنكسار وضلم فأسرعت بأخذ الهاتف منها مرددةً بصوت معاتب: لا داعي لقراءتهم يا سحر ..


رمقتها الأخيرة بحدة مادة كفها منبهةً بتحذير: هاتِ الهاتف يا شهد


نفت الأخيرة برأسها مجيبةً برفض قاطع: لا يا سحر.. كفاكِ تعذيبًا لنفسكِ.


مدت الأخرى ذراعها كي تأخذه منها فأبعدته شهد عن متناولها مستقيمة بسرعة من مجلسها، فإنتبهت النساء لهنّ لتهدر بها سحر بصرامة: هاته يا شهد لا تغضبيني ..


تراجعت المعنية للخلف مرددةً بصوت متهدج: لا مستحيل.


عقدت جوليا جبينها متسائلة بعدم فهم: ما الخطب يا بنات ؟


أسرعت شهد تجيبها: سحر تضل تَلج لتلك المنشورات التي تتحدث عنها وتعذب ذاتها بأرائهم المسيئة.


عاتبتها جوليا بصوتها الدافئ: يا إبنتي ألم ننبهكِ بأن لا تكترثي لهم، وإحضري تلك الصفحات.


إستشاطت سحر حنقًا مرددةً بغضب: دعوني لا أريد رأي أحد ..و هاتِ الهاتف يا شهد قبل أن أغضب أكثر.


إستقامت جوليا كي تهدأ إبنتها متفهمة ما تعانيه من خراب داخلي هامسة بحنان أمومي: صغيرتي إهدئي.


قطبت سهام جبينها متأملةً حال سحر الذي إنقلب فجأة من السكون إلى الغضب والشراسة، فوقفت ضحى هي الأخرى متحدثةً بلين: يا سحر يا بنيتي لا داعي لإرهاق نفسيتكِ بناس لا هم لهم سوى القذف ..


قاطع حديثهم ولوج كل من أدهم وزياد للقاعة هذا الأخير الذي حياهنّ بحيوية: مرحبًا لأجمل خالات ..


فهدرت سحر مقتربةً من شهد التي أرجعت كفها وراء ظهرها: قلت هاته ألا تسمعين ؟


تراجعت شهد للخلف خطوةً أخرى مجيبةً برفضٍ تام: أبدًا ...لن تأخذيه ما دمت تقتلين نفسكِ بهذه الطريقة ..


صرخت بها سحر بجنون: لا دخل لكِ ..لا دخل لكم.


هدرت بها شهد هي الأخرى وقد تساقطت دموعها: أنتِ أختي ..أختي.


إستقامت سهام و عطاء من مجلسهم بعد إحتدام الوضع وقد عمهم الإرتباك، فإقترب أدهم متسائلاً بحيرة تملكته: ما الأمر ؟


هدرت به سحر و سحب الغضب تغشي رؤيتها: لا شيئ...لا شيئ.


دنت منها جوليا مهدئةً روعها المتزايد: سحر يا إبنتي رجاءًا لا تعذبي قلبي عليكِ ..


قطب زياد جبينه وهو يدنو أكثر مستفسرًا بعدم فهم: ما الذي يحدث هنا ؟


أجابت شهد ودموعها تتدفق بسخاء: سحر تضل تجول بين تلك المنشورات وتعذب نفسها بسخافتهم.


دنت منها سحر فاقدة لصبرها محاولةً أخذ هاتفها منها مرددةً بسخط: لا علاقة لكم ألا تفهمون..؟


أبعدت شهد الهاتف عن قبضتها مجيبةً بغضب هي الأخرى: أنتِ أختي ..ويحق لي هذا..


تدخلت جوليا قابضة على ذراع سحر بلين مردفةً: صغيرتي لا داعي لكل هذا الإنفعال من فضلكِ..


وافقتها عطاء مقتربة هي الأخرى منها هامسة بصوتٍ حاني: والدتكِ معها حق يا إبنتي إهدئي قليلاً.


هدرت عيناها بعاصفة كاسحة وهي تقول وقد تعاظم وجع فؤادها: أنا هادئة ...هادئة تماماً فقط أريد هاتفي ألا تفهمون.


إحتارت سهام من إنقلاب الوضع من الضحك والمزاح للغضب و الإنفعال فلاذت بالصمت كخير قرار، في حين همست ضحى علّها توقف إهتياجها اللحظي: حسنًا إهدئي فقط وطبعاً سوف تأخذين هاتفكِ


أجابت شهد وقد تزايد إنسياب مدمعها: لن تأخذه مادامت تعذب نفسها هكذا.


تراقص الغضب بمقلتي سحر وقد إمتقع وجهها مقتربة منها مجددًا قابضة على كفها الذي يحمل هاتفها مرددةً بحنق: هاته ..


تدخلت جوليا محاولة القبض على ذراع إبنتها كي تبثها رذاذًا من الثقة و تطمئن روحها النازفة هامسة بحنو: سحر توقفي حالاً ودعي أختكِ.


تدخل أدهم آخذاً الهاتف من كف شهد الذي حاولت أبعاده عن سحر مرددًا بحزم: سحر كفاكِ تهورًا.


ناظرته الأخيرة وقد غامت عينيها شاعرة بالإختناق يداهمها فتقدمت منه هادرة بوجهه: هاته هو هاتفي أنا...لا دخل لكم بي.


تقدم زياد منها ببطئ عساه يوقف إنفعالها المتزايد مرددًا بحنو كي لا تنهار مرة أخرى: سحر حبيبتي إسترخي يا قلب أخيكِ ...


رفع أدهم الهاتف للأعلى كي لا تصل له معقبًا بهدوء: سحر لا تكترثي لهم..نحن عائلتكِ وإخوتكِ نثق بكِ إفهمي.. و كفاكِ تعذيبًا لروحكِ.


تسارعت أنفاس الأخيرة و أحست بالحزن يعمر مدائن فيها فدفعته بقوة من صدره مرددةً بجنون: لا يخصك..لا يخص أحد..كفاكم تدخلاً بي.


إنسابت دموع جوليا فهمت بالحديث إلا أنّ ضحى زجرتها بحدة منبهة إياها: لا يتدخل أحد كي لا تنفعل أكثر.


وضعت جوليا كفيها على شفتيها تكتم بكائها الذي يمزق كيانها على صغيرتها، في حين إنسابت دمعة حارقة من مقلتي عطاء مفضلةً الصمت مع إبنتها كي لا يحدث رد فعل عكسي منها ...


فشهقت شهد باكية على حال أختها الذي يكسر القلب ويقسم الظهر، حيث دنى زياد من سحر قائلاً بصوت حاني لم تغب نغمة الحزم عنه: أنتِ أختنا يا سحر..و قطعة من روحنا فكيف لا نتدخل بكِ يا صغيرتي ..


صرخت به سحر وهي تشعر بغليان فائر بأوردتها: دعوني فقط..هاتِ هاتفي.. هاته..


هجمت على أدهم محاولة نزع هاتفها من قبضته إلا أنه رفعه عالياً مرددًا بصرامة أخوية: سحر يكفي جنوناً ..نحن نثق بكِ ونحبكِ فلا تقتلي ذاتكِ بأولائكِ الحمقى أرجوكِ..


دفعته من صدره بقوة فتراجع خطوة للخلف وقد إحمر وجهها وبان إنفعالها في زمة شفتيها هادرة به بجنون وقد فاض سد صبرها وتدفق سيل جرحها: توقف..توقفوا عن تغطية الأمر...لست سوى عاهرة خيبت ظنّ والديها وكسرت هامتهم.


توسعت أعين الجميع فدنت جوليا منها بسرعة موقفة هذيانها اللحظي: لستِ كذلك يا إبنتي ..لست هكذا أبدًا...


ذرفت سحر عبراتها مرددةً بغضب أدمى قلوبهم ودمر باقي حصونها: لا داعي للكذب ..لم أعد لكم إلا وقد حملت الخراب والوجع برجوعي هذا ...


تدخل زياد موقفاً جنون أحرفها هادرًا بها: لستِ كذلك ..كفاك تعذيبًا لذاتكِ يا سحر ..أفيقي لنفسكِ


صرخت به بهستيرية وقد أخذت كتيفاها تجيشان مع تأوهاتها الباكية الشاكية: لا تكذب ..لا تكذب..لست سوى عاهرة..عاهرة خرجت من بيوت الدعارة.


كتمت شهد بكاءها الذي ذبح صدرها، في حين تساقطت دموع سهام هي الأخرى لحال إبنة خالتها الواهنة المنكسرة ..


فحاولت عطاء التدخل إلا أنّ ضحى التي مسحت دمعتها المنسابة أوقفها هامسة بتهدج: كفاكم ضغطاً عليها..


تراجعت المعنية للخلف مراقبة المشهد بمشاعر زاخرة تنتابها اللحظة، حيث بكت جوليا مرددةً بنحيب قطع فؤاد ولدَيها عليها: سحر يا قلبي أنتِ أشرف من الشرف و الله ..لا تسمعي لهم يا صغيرتي رجاءًا.


تقدم أدهم من أخته علّه يتشرب منها ما يجول بصدرها من زوابع مؤذية ترفعها ثم ترديها أرضاً مهشمة قلبها الصغير ذاك، فتراجعت المعنية للخلف مردفةً بصوت باهت: لقد شوهت سمعتكم.


حضنها أدهم بغتة إلا أنها أرادت إبعاد ذراعيه من حولها تضرب صدره مرددةً بوجع: دعني ...دعني


أخذ زياد الهاتف من كف أخيه راميًا إياه على الأرض هادرًا بسخط خرج من أعماق قلبه: تبًا لهم..تبًا..تبًا


فداس عليه بقوة عدة مرات محطمًا إياه لعدة شظايا فلم يعد صالحًا للإستعمال، وتوجه بعدها للتلفاز المثبت على الجدار نازعًا إياه بقوة وقد رفعه للأعلى فضربه هو الآخر على الأرض بعنف هادرًا بغضب جنوني: اللعنة عليهم وعلى من أنجبهم..هكذا لن تري شيئًا أبدًا..


حاولت سحر إبعاد ذراعي أخيها من حولها مع دموعها التي تتابع تدفقها هادرة و روحها مثقلة بألف مرارة سكنت قلبها المتهالك: دعني ..أتركني.


تصلب الجميع بمكانه متابعين المشهد الصادم للكل فإختض قلب جوليا بين أضلعها جالسة على الأريكة بوهن أنهكها ومدمعها يواصل إنسيابه..


أحاط أدهم ذراعيه حول أخته المهتاجة موقفاً إنفعالها المؤقت هادرًا بها: سحر توقفي..أنا أخوكِ فقط...


صرخت الأخيرة بهستيرية تتلوى بين ذراعيه، فإنهارت شهد ببكاء مرير هي الأخرى جالسة على ركبتيها أرضاً واضعة كفيها على أذنيها مغمضةً عينيها بقوة عساها تبعد مرأى أختها المعذب لفؤادها، ليحول زياد بصره من أخته المنهارة لشهد وكأنّ الكون قد توقف بغتة أمام ناظريه فوقف مثبتًا بمكانه يحدق بالمنظر الصعب أمامه... وسكاكين من القهر يخترق فؤاده تطعنه...تمزقه..تقطع شرايينه.


فركع أدهم على ركبته متابعًا إحتضان على سحر التي لم تتوقف عن صراخها الهستيري مرددًا بحزم: صغيرتي هذا أنا ..


فركضت ضحى هي الأخرى لشهد تهزها من كتفيها هادرة بها بصرامة: شهد توقفي..توقفي.


::


ردد رعد بهدوء: للأسف الكاميرات بذلك الشارع الذي به المنزل كانت معطلة حينها..


طحن عصام ضروسه مهسهسًا بحدة: الحثالة درسوا الخطة جيداً ..


أردف الآخر مصرحًا ببرود: طبعًا سيفعلون ذلك يا عمي، فهم يدركون جيداً أننا سوف نبحث عن كل ثغرة كي نكشف الحقيقة..


هم عصام بالحديث إلا أنّ صوت صراخ قد تهادى لمسمعه لتعلو تقطيبة صغيرة جبينه فتوسعت عينيه تدريجيًا بعد أن تفطن لصاحبة الصوت فهمس بخفوت: إبنتي ..


ليتحرك بعدها بخطى سريعة حيث الصوت الصادر، حيث هم رعد بالذهاب خلفه إلا أنّه قد توقف فجأة بمكانه موثرًا عدم التدخل في مثل هذا الوضع وقد تقبض بقوة حتى إبيضت مفاصله جازًا على أسنانه كاتمًا حنقه بصعوبة..


::


دلف عصام للقاعة فتخشب جسده لوهلة أمام المنظر المعروض أمامه يشعر بضربة عنيفة وحادة تلكم قلبه فتمالك نفسه متحركًا بسرعة حيث أدهم مبعدًا إياه عنها محتويًا سحر المهتاجة بين ذراعيه يضمها بقوة لصدره هاتفا بحنان أبوي: هذا أنا يا إبنتي..أبوكِ هنا ..هنا يحاوطكِ.


سقط أدهم على الأرض جالساً بوهن نفسي وقد غامت عينيه شاعراً بالعجز والقهر وقلة الحيلة يكبلونه بقوة لحال أخته..


ليجلس زياد على أقرب كرسي بوهن هو الآخر محيطًا رأسه بكفيه وقلبه يضخ صدى صراخها الهستيري الذي دمغ بسجل أخوتهم لها بأنهم قد عجزوا في حماية أختهم يوماً..


هدأت سحر تدريجيًا وقد تبلل وجهها بدموعها تشهق ببكاء هستيري فلثم أباها جبينها الندي بحب أبوي جياش هامسًا لها بزخات من فيض حنانه: أبيكِ هنا يا قرة عيني ..


في حين قد تسارعت أنفاس سهام وشحب محياها فوقعت جالسةً بوهن وقد شعرت ببرودة تتخلل عظامها فجأة، كمن تم حصرها بين جبالٍ من الجليد، فجلست والدتها معها مبتلعة مرارتها بصعوبة للوضع الراهن.


فرفعت ضحى كفها موجهة صفعةً قويةً لشهد عساها توقف هذيانها هي الأخرى حيث تصلبت المعنية منكمشةً تبكي بصمتٍ تام فحضنتها الأخرى بين ذراعيها مرددةً بصوتٍ هارب: كل شيئ سيكون بخير..سيكون بخير إهدئي فقط..


شهقت المعنية تبكي بقهر لحال أختها الذي مزق أوردة روحها، فضمتها بقوة بين ذراعيها تهدهدها برفق حاني : شششش غدًا ينتهي كل شيئ يا صغيرتي..


فحولت بصرها لجوليا التي كانت واضعة ذراعيها على ركبتيها تغطي وجهها بكفيها تبكي بصمتٍ تام ليتحسر فؤادها هي الأخرى على ما تكابده أختها بالوضع الراهن..


جلس عصام أرضاً يحيط جسد صغيرته بكلتا ذراعيه متأملاً شحوب محياها والذي بدى كملاكٍ قد تخلت عنه الحياة، فإبتلع غصةً مسننةً كشظايا زجاج يبتلعها بصعوبة .. مبصرًا صغيرته وبرعمته البهية تعاني هذا العذاب المفرط ..فرفعت هي مقلتيها اللازوردية لوجه أباها الذي لم تغب تعاليم الحنان عنه حتى بهذا الظرف هامسة بصوت مرهق معذب حطم باقي دروعه المنهكة: سـ...سامحني..أرجوك..قهرتك يا أبي..


وضع الأخير جبينه على جبينها وقد إنسابت دمعة من مقلتيه تروي عجز أبٍ ذبح بوجع ضناه فسقطت على وجنتها مجيبًا ببحة مرهقة: بل أنتِ التي سامحيني يا قلب أبيكِ ..


شهقت تبكي بمرارة مرددةً بآخر ذرات قوتها: ليس ذنبك يا حبيبي..ليس ذنبك بتاتًا.


حملها عصام بين ذراعيه متحركًا بها خارج القاعة هامسًا بصوت مبحوح: بل ذنبي لأنني لم أحمي طفلتي من هذا الكون البائس.


أحاطته المعنية بذراعيها تدس رأسها بعنقه تشم طِيب ريحه التي تهدأ روع نبضاتها وتبثها شراراتٍ من الأمن والأمان...


صعد بها الدرج متجاهلاً الأسئلة الفضولية ممن حوله عن الخطب ؟ فدلف لجناحها ثم متوغلاً بغرفتها واضعًا إياها على سريرها حيث مسح بحنو على شعرها مناديًا عليها: سحر يا جوهرتي..


رفعت المعنية ستار جفنيها المحمرين تناظره بعيونها المتورمة من شدة البكاء ..تشكوه حالها المنكسر..و روحها الممزقة..وكيانها المهشم.. ترجوه بأن يضمد قلبها ويوقف نزف جرحها..


جلس بجانبها يرسمها مِلأ عينيه يشعر بالقحط قد تسلل لأرض قلبهِ فإمتص إخضرار روحه مجردًا إياه من سلامه الداخلي معيثًا الخراب و الدمار به، فهمس بصوتٍ مبحوح: صغيرتي أجيبيني رجاءًا ..


تكدست الدموع بعينيها ترسمه بمقلتيها المهتزتين و شفتيها المرتجفتين مجيبةً إياه بخفوت متقطع: أنا أموت يا أبي...أمووووت ..


تدفقت دموع والدها منسابة بسخاء متخليًا عن حصونه و مُرخيًا أوتاد روحه... منحنيًا عليها ماسحًا عبراتها المتساقطة مرددًا بوهن: يا ضلعًا حيًا بصدر أبيكِ أنتِ...يومي قبل يومكِ يا إبنتي ..


صوته الذي رغم وهنه إلا أنّه بدى كَكفٍ دافئة إمتدت لها فتنتشلها من الصخب و الفوضى المعاثة بروحها مهمهمةً بمرارتها التي أثقلت وجدانها: قهرتك يا أبي..لقد..لقد إهتزت هامتك بين الرجال بسببي..أنا ..أنا آسفة واللّه ..كسرت ظهركم ..


قاطعها بصوته الحاني و هي التي قد بدت غارقةً في يأسها و بؤسها قابعة في سلسلة مواجع تمزق شرايين روحها: شششش ...لم تفعلي يا إبنتي ولن تفعلي أبدًا.. أنتِ لست سوى سلامًا يدحض تباريح العمر كله ..لا كنز لنا غيركِ ..


خنقتها العبرة أكثر تاركة الحرية لمدمعها بأن يفيض فيتمرد من محجريهما، فلم يجد هو غير أبوته المفطور عليها يبثها كلماته التي تسكن جرحها و توقف تمدده و تجفف نزفه متابعًا همسه الأجش: الآن ... وبينما أنتِ غارقة في قلقِك هذا ..‏اللهُ سبحانه من فوق سبعِ سماواتٍ ‏يُدبِّر لكِ أمركِ فكوني مطمئنةً..


لثم جبينها الندي بحبٍ أبوي عساه يتشرب منها ما يشيج بوجدانها من مشاعر زاخرةً..مشتتةً..مؤلمةً و موجعةً لها، فرفعت هي كفها الواهن لخده تتلمسه و ترمقه كحبلِ نجاةٍ لها من النيران التي تلفها، فمسحت أثر دمعته التي أنهكتها أكثر و أكثر قائلة بتهدج: حقك علي يا أبي ..


حضنها بقوة مقبلاً كتفها و قد رفعها قليلاً لتنام على صدره يمسح بدفئ كفه على ظهرها مجيبًا إياها: بل حقكِ أنتِ علينا يا ضنايا ..


فتحت جوليا الباب قليلاً بعد أن هدأت قليلاً من الحرب المقامة بكيانها فتبسمت بسمةً باهتةً للمشهد أمامها حيث كانت صغيرتها مستلقية على صدر أباها وهو يهدهدها برفقٍ حاني، فتقدمت هي أكثر تحمد لله على ترابطهما القوي رغم الموقف العصيب الذي يمرون به.


فجلست على طرف السرير تتابع حديث زوجها الذي إسترسل بإسهاب ونبرته تلك التي غلفتها تراتيل الدفئ: ثقي يا إبنتي أنّ الذي شقّ البحر لموسى، ونجى سيدنا إبراهيم من نار قومه، وأخرَج يُونس من بطنِ الحوت قادر على أن يُخرجك من كل ضِيق ويبدل حالك لحال أفضل في طرفة عينٍ، ويفتح لكِ كُل الأبواب المُغلقة، ويجمع بينكِ وبين دعواتكِ و أمنياتكِ وكُل مَا يرجوهُ قلبك، فأَحسني الظنَّ بمولاكِ يحفظكِ في دنياكِ..‏ فقد قال عز وجل ﴿وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي﴾ لهذا لا تركني لليأس و لا تقنطي من رحمة الله وثقي بربكِ وفوضي أمركِ له و سيكون هو لكِ خير معين و ناصر يا جوهرتي.


شددت سحر على عناقه متمرغةً بصدره و قلبها يضخ صدى كلماته ليتدفق دافئاً بين عروقها بكل إنسيابية مزيحًا الخراب بها ويعيد تدريجيًا ترميم كسرها ذاك، فمدت جوليا كفها تمسح بحنو أمومي على ذراعها تبثها هي الأخرى أحرفها الحانية و تمنحها ببذخٍ من إكسير مشاعرها: هذا إبتلاء مؤقت يا إبنتي، و سوف تجتازين هذه الكبوة كما إعتدتِ و اللّه سيُجبر قلبكِ.. و يعوضك لدرجةٍ تجعلكِ تفكرين كيف حزنتِ من قبل على ما خسرتِ وعلى ما لم تحصلي عليه، ستكتشفين أن كل الأبوابِ التي قُفلت في وجهكِ، أغلقت فقط كي تُفتح لكِ أبواباً أفضل بكثير، ستكتشفين أنَّ كلَّ شيءٍ حرمتِ منه رُحمت من شرّه، وأنَّ كل ما لم تحصَلي عليه عوضكِ الله بخيرٍ منه، إنَّ عوض اللّه إذا حلّ يا إبنتي أنساكِ ما فقَدتِ...فأبشري بخير عظيم يطرق بابكِ قريباً.


إبتسامة صغيرة شقت ثغر عصام مؤيداً حديث زوجته معقبًا على قولها: صحيح صغيرتي فما قالته أمكِ هو عين الحكمة، لهذا تجلدي بالصبر ولا تركني للإستسلام ونحن بصفكِ نأزكِ أزًا و ندعمكِ على الدوام.


رفت سحر بأهدابها تطرد دمعة تعلقت بها و شعور الراحة يرتمي بين خلجاتها رويداً إثر كلماتِ والديها اللذين كان يمطران غيثًا طيبًا بمروج أرض قلبها فتزهر تلقائيًا بساتين روحها.


:
•♡•
:


~ حاليًا ~


تسمر رعد و تصنم بمكانه يستمع لكلام جده و الذي بدى له كطلاسم غير مفهومة، مرفرفًا برمشه و قد إعترته الصدمة و تجلت على محياه ذاك عاجزاً عن النبس بحرفٍ واحد، في حين إستشاط عصام غضبًا وبراكين الشدة تتقد بداخله مرددًا بإعتراض صريح: لن يحدث هذا يا أبي ..مستحيل.


هدر به جاسم بصرامة أبوية: وهل لديك حلاً مغاير غير هذا كي نكتم أبواه من يلوك بسيرة إبنتك ؟


سأله الآخر بذهول يتقادح من بين عينيه: وهل الحل الوحيد هو تزويجها لرعد هَا ؟ أسوقها كالذبيحة لنهايتها كأنني مستغني عن طفلتي.


زفر رعد بضيق شديد وقد بدأت شياطينه تتخذ روحه مرتعًا خصبًا للخوض فيه خاصة مع إقتراح جده المنافي للمنطق بتاتًا بالنسبة له، فَهم بالرفض هو أيضًا إلا أنّه توقف بآخر لحظة يرنو بنظراته الجانبية لعمه الحانق فبلع لسانه محترمًا إياه و كي لا يسبب له جرحًا لا غير تاركاً له الفرصة كي يزيح عنه الحرج فيرفض هو مطلب جده ...


علت تقاسيم الإستهجان وجه جاسم مستفهمًا بحدة: وهل رعد سيسيئ لها مثلاً ؟..هو سيصونها و يكون خير زوجٍ لها و بالتالي نقلب الكفة لصالحنا ونوجه ضربة قوية لأعدائنا...بقلبِ الطاولة عليها.


تقبض عصام بقوة حتى إبيضت مفاصله مردفًا بهسيس: وهل إبنتي أصبحت بيدقًا في اللعبة كي تُحرك حسب أهوائكم ؟


هدرت مقلتي جاسم بعاصفة كاسحة قائلاً بصرامته المخيفة: إبنتك لقد وَلجت للعبة و إنتهى الأمر يا عصام...لهذا فلنتحرك بسرعة كي نعدل الكفة لصالحها هي و لبنات الأسرة و ليس بترك الحال هكذا يا ذكي ..


طحن رعد ضروسه غير مستسيغ للإقتراح بتاتًا ألم يجد جده غير هذه الفكرة ..هو و هي !! حتى المنطق لن يتقبل هذا الإقتراح، فمسح وجهه بحركة عصبية يكبت جنون غضبه فقط كي لا يثقل بالضغط على عمه الذي هو أساساً بالكاد يتحمل لما يجري من حوله ..


تهدل كتفي عصام مجيبًا بروحٍ مرهقة: لا يهمني نهائياً يا أبي ...صغيرتي ستضل تحت جناحي أنا فقط و لن أضحي بها بصفقة خاسرة أبدًا..و لن نكترث بأي أحدٍ مهما كان .


ضرب جاسم مكتبه بعكازه بعنفٍ فإرتج صوته بالمكتب صارخًا بوجهه: كفاك إستهتارًا يا عصام...هذه سمعة و قضية شرف لإبنتك..عُد لصوابك و هذا ليس وقت أن تتغلب كفة القلب على العقل..أين الحكمة بتصرفك ..أفق ..أفق.


تشنج الأخير مجفلاً مجيبًا إياه بحنق: أبي لن أضحي بها ..مستحيل هل فهمت ؟ أرجوك لا تجبرني على كسر كلمتك للمرة الأولى بحياتي ..


تنهد رعد بإستنكار تجلى بتقاسيمه وجهه متحدثًا بهدوء خلافاً للأعاصير المهتاجة بداخله: عمي رجاءًا إهدأ سوف نجد حلاً.


فتح المعني أزرار ياقته يشعر بالإختناق يداهمه، فرفع جاسم عكازه بوجه رعد وقد توشحت عيناه بنظرة صقيعية: وأنت ما رأيك هل سوف تكون أهلاً لهذه المسؤولية ؟


كشر الأخير وجهه لهنيهة و قد تغضن جبينه إلا أنّه سارع بإرتداء وشاح البرود و الجمود المعتاد يرمق عمه لوهلة معيدًا بصره لجده مجيبًا إياه بمراوغة مؤجلاً رفضه لما بعد حين: سأفكر يا جدي ..


غمغم عصام معقبًا على قوله بحنق كبير: لا يوجد أي تفكير ..لن يحدث هذا الزواج وإنتهى الأمر.


وجه جاسم عكازه ناحية إبنه مرددًا بهسيس غاضب:
ما دمت سوف تفكر بعاطفية فلن آخذ برأيك..و حفيدتي سوف أحميها بنفسي يا عصام ..لهذا فرعد إبن عمها هو خير زوج لها سوف يصونها خاصة أنّ هناك إشاعات بخصوص زواجه لهذا سوف نستغل هذه النقطة كنوع من التأكيد بأنه كان قد خطبها مسبقاً... وأيضاً الكل يدرك أنه كان عازفًا عن زواج أساساً لهذا فهذه نقطة لصالحنا أيضا...فرعد لن يتزوج بعد طول عزوف إلا بفتاة تكون أهلاً له.


رمش عصام بعينيه مرتين فاغرًا فاهه كي يرد إلا أنه ما لبث أن تراجع إرهاقًا منه مرددًا بصوتٍ هارب: أنا أعطيت قراري النهائي و لا رجعة لي فيه.


فغادر بعدها مكتب والده بخطوات حانقة تاركاً رعد الذي توشح محياه بالجمود التام مقدرًا لفورة عمه الداخلية و التي يعاني منها هو الآخر، حيث يتهادى له صوت جده الحازم: قلت غدا أحتاج القرار أنت أيضاً و تذكر أنك البكر هنا و ستتحمل أعباء الأسرة مع أعمامك.


خيم الصمت لثواني محدقًا بعمق عيني جده يشعر بذاته على فوهة بركان على وشك الإنفجار فزم شفتيه و قد بان إنفعاله على محياه مغادرًا هو الآخر بصمتٍ تام كأفضل حل بمثل هذا الوضع.


:
•♡•
:


فتحت سحر جفنيها تطالع سقف غرفتها بوهنٍ تملكها تتأمله بروحٍ هائمة بفضائها الخاص، فأحست بكفٍ حانية تمسح على شعرها لترفع هي بصرها لها إذ بها أمها..نجمتها المضيئة و زهرة عمرها العطرة و شمسها المشرقة ..لتبتسم لها هامسة بحنان: إستيقظت صغيرتي


أجلت سحر صوتها مستفهمةً ببحة: هل أذن العشاء ؟


تابعت والدتها تمشيط شعرها مجيبةً إياها: أجل منذ عشر دقائق ..


إستقامت سحر معدلةً جلستها متكئةً على ظهر السرير و هي تقول: علي أن أصلي ...لكن أين شهد ؟


إرتبكت تعاليم وجه أمها متحدثةً بإختصار: هي بغرفتها كنت معها منذ لحظات فقط.


علت تقطيبة خفيفة جبين سحر مستفسرة بقلق: هل هي بخير رجاءًا أمي أصدقيني الجواب ؟


زفرت جوليا بإرهاق جلي مرددةً: منذ أن غادرت خالتيكِ قبل ساعة وهي منزوية بغرفتها ترفض الحديث مع الكل..وقد حاولت رقية و شادية و مريم محادثتها إلا أنها رفضت كليًا ..


غاص قلب سحر بالخوف مستقيمة بسرعة مغادرة غرفتها حيث غرفة أختها متوغلة لها فتجلت لها هي نائمة على سريرها تتكوم على نفسها بوضعية الجنين وقد غطت نفسها تمامًا باللحاف، فهالها مرآها المنكسر ذاك لتدنو منها أكثر تنادي عليها بحنو: شهدي...حبيبتي.


إلا أنه ما من مجيب فجلست الأخيرة على السرير بقربها رافعة كفها كي تبعد اللحاف عن وجهها إلا أنّ الأخرى كانت قد شدته لها أكثر تمنعها من إزالته، لتهمس سحر و قد إبتعلت آهة صعبة: يا قلب أختكِ أنتِ ما بكِ ؟


لتبعد اللحاف عنها بهدوء فبرز لها شعرها الذي قد كان غطى وجهها مزيلة إياه بكفها الحاني متأملة وجهها المبلل بفيض مدمعها ليختض قلبها بين أضلعها متسائلة بعينين وجلتين: ما سبب هذا الحزن والبكاء يا شهد ..هل أذاكِ شخص ما ؟


إرتفع صوت بكاء الأخيرة تغطي وجهها بكفيها فتسارعت أنفاس سحر و إنحسرت نيرانها مبهوتة من مرآها الممزق لنياط قلبها مكررةً تسائلها بخوف: ما بكِ ..أريحي قلبي ؟


جلست جوليا على السرير مجيبةً إياها بوجه قد كساه التعب هي الأخرى: لقد ترجيتها أن تعلمني عن سبب كل هذا الحزن لكنها آثرت الصمت فقط ..


إزدرت سحر ريقها فإنحنت على شهد مقبلة كفيها اللذان يحجبان عنها وجهها مرددةً بنبرة غلفها الحنان: يا روحًا تبث بحنايا جسدي ..ما بكِ يا قلبي ..شهدي لأجلي فقط صارحيني يا صغيرتي..


فرفعت يديها لها مبعدة كفيها عن وجهها الترح ليغمرها الحنان نحوها أكثر و أكثر ماسحة دموعها عن خدها مستفهمة بلين: هيا يا قلبي ما الذي أحزنكِ هكذا ؟


أجلت شهد صوتها مجيبةً بنشيج: أنا..أنا السبب بكل ما جرى لكِ يا سحر...بسببي أنا فقط ...


فإنفجرت بعدها ببكاء مرير عاجزة عن التفوه بحرف آخر، لتعقد جوليا حاجبيها رابتة على ذراعها بعطف مردفة هي الأخرى: و ما هو علاقتكِ بالأمر يا إبنتي ..ما هو حدث هو إختبار من الله فقط لأختكِ لا و ذنبكِ.


حاججتها سحر برفق مؤيدة قول أمها: ما قالته أمي صحيح يا شهد ..لا علاقتة لكِ بما جرى ..


نفت المعنية برأسها مجيبةً بصوتٍ متهدج: بل أنا السبب ..لو لم أقل ذلك الكلام عن المرأة لما عاقب الله سحر بنفس الأمر ..


تغضن جبين جوليا بعدم فهم، فمسحت سحر وجنة أختها بإبهامها مسايرة قولها عساها تفهم ما يجول بعقلها: إشرحي لي أكثر يا قلبي ..أي إمرأة هذه التي تتحدثين عنها ؟


رطبت شهد شفتيها ودموعها تابعت إنسيابها مصرحةً بقلبٍ ممزقٍ: تلك المرأة التي حضرت حفل إستقبالكِ ..يومها أخبرناكِ أنا و منى عن خيانتها لزوجها كما تقول الإشاعات و أخبرتنا بأنّ هذا قذف بعرضها و لا يجوز و سوف يعاقبنا الله على تجاوزنا بحقها ..و هَا قد حدث بالفعل..فقد وقع غضب الرب علينا و قذفنا نحن بعرضنا أيضًا و أنتِ أكثر من دفع الثمن..لقد..لقد دمرتكِ يا أختي ..سامحيني ..


تدفقت الدموع من عيني جوليا قابضة على كف شهد لاثمة إياه بحب أمومي مواسية جراحها المتقرحة مردفة: الأمر ليس هكذا أبدًا يا صغيرتي ..هوني عليكِ يا قلب أمكِ أنتِ ..ما حدث لسحر كان يجب أن يحدث كي يدفع الله عنها مستقبلاً ما هو أشر و أسوء ..لا ترهقي روحكِ بوساوس لا دخل لكِ بها ..


تكدست الدموع بمقلتي سحر ممشطة شعر أختها بأناملها مجيبةً إياها وقد ذرفت عبراتها: صغيرتي الأمر لا يقاس هكذا مطلقًا ..فلو ما قلته كان صحيحاً فمن هنا نتهم الله بالجور و الضلم وحاشاه هو أن يكون هكذا أبدًا ...لقد قلتِ بنفسكِ أنكِ و منى من تحدث عن المرأة فقط و أنا حذرتكما لا غير من مَغبة الخوض في أعراضِ المسلمات ..إذًا على أي أساس سوف يعاقبني الله ما دمت لم أتجرأ على القذف بتلك السموم ؟! و أيضًا أنتما حينها لقد أيقنتما خطئكما وتبتما لله تعالى وإستغفرتماه كثيرًا، بل تعهدتما أيضًا بعدم الرجوع له ثانية، هل تعتقدين أنّ ربنا عز وجل سوف يتجاهل ندمكما ويحل بعقابه عليكما !! ألا تعلمين أنّ رحمته قد سبقت غضبه و أنّ عِظَم فرحته تكمن بتوبة عبده ...و الأهم يا قلبي فالذي أمر به الآن هو إبتلاء من الله سبحانه فقط و ليس عقاب ..أتدرين كيف نفرق بينهما ؟


ركزت شهد مع كلماتها فأجابت بصوت مبحوح: كيف ؟


وضعت سحر كفها أيسر صدرها حيث موضع قلبها معقبةً بهدوء: برضا القلب يا شهدي..فالله حين ينزل إبتلاءه على المسلم يبث بقلبه الرضا بقدره ذاك فمهما بلغت شدة الوجع عنده حينها إلا أنّ قلبه يضل راضي و يلهج لسانه بالحمد على كل حال، بل يتقرب لله أكثر يدعوه بالصبر و الثبات و يتمسك به أكثر ...أما العقاب المنزل فحينها يكون صاحبه ساخطًا على الله يسب قدره ويشكو حاله لكل غادي ويلعن حياته و قد تصل به الوقاحة حدّ التطاول على الله بألفاظه وسبابه..وأنا رغم هذا الوضع العصيب الذي وضعني الله به إلا أنني لا أقول إلا ما يرضي الله، فالحمد لله على ما أعطى وعلى ما أخذ والحمد لله مليون مرة وأنا بدائرة الألمِ ..


ربتت جوليا على عضدها فخورة هي بحكمة و رزانة إبنتها مرددةً: هذا هو الكلام الصائب ..عسى الله أن يفرج همنا و يرفع كربنا و يعوضنا جميل العوض بإذن الله.


إنحنت سحر على شهد مقبلة وجهها بحب مسترسلة بمناغشة: و شر المُصابِ ما أصابكِ في دينكِ فقط و ما دونَ ذلك فهو خفيفٌ وبسيطٌ و هَينٌ و إنْ أتعبكِ ..لهذا هيا يا قلبي أبعدي وجه الحزن هذا عن محياكِ ..


طفت بسمة رقيقة على ثغر الأخيرة فقرصتها سحر على خصرها معقبةً بحنو: قشدة و عسل ..


توردت شهد هامسة بعتب: توقفي..


أيدتها جوليا بقولها عساها هي الأخرى تزيح التوتر عنهما: أجل أنظري لها كيف هي ظريفة و حلوة تشبه الكراميل..


غطت شهد وجهها بكفيها تخفيه بخجل بهي فلثمتها سحر بحبٍ أخوي: أريد أكلها يا ناس ..


تراقصت إبتسامة حنونة على شفاه جوليا مشاكسة إياها: وأنا أيضاً أريد ذلك ..


فهجمت سحر على أختها تدغدغها لتصدح قهقهات شهد الرنانة كتغريدة بلبل يطرب الروح مرددةً من بين ضحكاتها: سـ..سحر..بطني ..يؤلمني دعيني ..


نفت الأخيرة متابعة دغدغتها بمناغشة بهية مجيبةً إياها: أبدًا..هذا جزاء تخويفي عليكِ يا شقية ..


تابعت جوليا المنظر بقلبٍ متخمٍ بالمشاعر تدعو الله بأن تمر هذه المحنة بسلامٍ دون أن يكون لها أي عواقب نفسية على أولادها ..


لتلف سحر ذراعيها حول شهد تضمها بقوة لصدرها عساها تحفظها بين أضلعها ككنزٍ ثمينٍ مخفي عن الأعين و الأبصار ..فشددت الأخرى عناقها هي أيضاً هامسة بندم حقيقي: عذراً لأنني أقلقتكم ..فقط شعرت لوهلة بالضياع والفوضى بعقلي.


قبلت سحر كتفها بحب متحدثة بتفهم: لا تهتمي يا قلبي ..المهم أنّ بسمتكِ السمحة تلك قد أشرقت على محياكِ الجميل هذا و بالتالي عادت الروح لنا ..


إبتعدت عنها تمسح على شعرها بحنو، لتستقيم بعدها قائلة بتعب: سوف أصلي العشاء وبعدها أستحم كي أستعيد نشاطي مجددًا ..


أومئت لها والدتها بهدوء معقبةً على قولها: جيد هكذا أفضل ..


تحركت سحر قليلاً إلا أنها توقفت فجأة مستديرة لوالدتها التي كان وجهها يبدو مرهقاً و شاحبًا فوخزها ضميرها من أجلها مقتربة منها لاثمة جبينها و آخذة كفيها تقبلهما هما أيضًا مرددةً بمشاعر زاخرة: سامحيني يا أمي ..وعد أنني سأقاوم كالعادة..ليست سحر من تستسلم خاصة بعد عودتي لكم وإشتداد عضدي بكم..


غامت مقلتي والدتها تسبحان بالدموع ممتنة هي أنّ صغيرتها لازالت ثابتة الخطى كلبؤة قوية شامخة الهامة فكوبت وجنتها مصرحةً: فخورة بكِ حقاً يا ضنايا ...عسى الله أن ينصركِ نصرًا مُؤزرًا ...


مر بريق خاطف مقلتي سحر معيدة تقبيل جبينها بحبٍ تداعت له جوارها تطلب رضاها لا غير ..هذا الرضى الذي سوف يمنحها الخير و البركة و القوة والصبر ..كي تجابه العراقيل بحياتها فلا تركن الإسلام نهائياً.


:
•♡•
:


سحب نفساً من سجارته ومج دخانه بعدها ببطئ شديد و عيونه المضلمة تلك أخذت تطالع البحر من بعيد، متكئًا على سيارته التي أوقفها جانب الطريق بسبب الحرب الضروس التي تشتعل بعقله فتكاد تفتك به، يكظم غضبه بصعوبة لحالهم الذي تردى بهذه الصورة المدعوة للسخرية حقًا، تفكيره يأخذ شذ و جذب جراء إقتراح جده الغريب ذاك، زواج !! هو يتزوج ؟ طوال سنين عمره لم يفكر بهذا الأمر أساسًا، فقد كان عازفًا عن الإقتراب من أي أنثى مفضلاً حياة الوحدة و العزوبية حتى أنه تجرأ لأول مرة بحياته لرفض طلب العمة جوليا حين تقدمت لخطبة إحدى فتيات العائلات العريقة..فما بالك الآن ؟ و مع من بالضبط ؟..مع تلك البلوة التي حباه الله بها ...هو بالكاد يتحمل رؤيتها بالقصر فكيف سيكون الحال إن إرتبط بها ؟! خاصة أنه سيكون مكبلًا بتعامله معها بسبب والديها و مقامهما الكبير عنده..زفر الدخان مجدداً و روحه تحاول التطرق لحل ما لكن دون جدوى ... يريد الفرار من الخوض بالتفكير بذلك الموضوع ..خاصة أنها تبدو لوهلة إقتراحًا مناسباً لرد دين عمه عصام و زوجته اللذان كان نِعم الوالدين له ..فقد أكرماه أحسن الكرم و أغدقا عليه من فيض حبهما و حنانهما ومنحاه المكانة الأفضل وجعلاه بكرهم الأولى...


زفر بتعب حقيقي بدأ يتملكه خاصة مع ضغط المسؤولية الذي يزداد وقعا عليه من كل صوب...
فإتقدت عيناه بغضبٍ أكبر حين تذكر ومضاتٍ من عيون لازوردية متحدية ..متمردة ...مستفزة..فتمتم بسخط: تبًا لكِ وليوم رجوعكِ..كالعادة حتى مشاكلكِ تسبب الصداع لي ..


حول بصره للسيارة التي توقفت بغتةً بجانب سيارته مصدرةً صوتاً مزعجاً ليترجل منها إبن عمه أدهم الذي دنى منه بعيون مستفهمة مرددًا: لماذا هاتفك مغلق يا رعد ..منذ ساعة و أنا أتصل بك ؟


أعاد المعني بصره للمنظر أمامه متابعًا تدخينه وقد أجاب ببرود: أردت التفكير بهدوء دون أي تنغيص علي..


تسائل أدهم بفضول لم يستطع كبحه: في ماذا أرادكما جدي ..فأبي هو الآخر قد إنزوى بمكتبه يرفض مقابلة الكل ...ما الخطب ؟


إزدادت تعابير رعد قتامة مجيبًا ببحة رجولية خشنة: إقترح علينا حلاً للوضع الراهن بخصوص أختك المصون.


إنزوى حاجبي أدهم أكثر مستفهمًا منه: و ما هو هذا الحل يا ترى ؟


إفتر ثغر رعد عن بسمة ذئبية مرددًا بتهكم صريح: إحزر يا ترى


هدر أدهم بأعصابٍ مشدود: لا داعي لمراوغتك الآن يا رعد ..هلا إختصرت دون أن تتحذلق علي.


مج رعد دخان سجارته للأعلى و عينيه الصقريتين تزدادن ضلامًا مجيبًا ببرود كالصقيع: إقترح علي أن أتزوج أختك الكريمة.


خيم الصمت لوهلة لا يسمع فيها إلا صوت تلاطم الأمواج، كلحظة إدراك لمفهوم الكلمات التي ألقيت توًا حيث إستدار له أدهم بصدمة حقيقية هامسًا بذهول: عفوًا ؟!


تجاهله رعد متابعًا تدخينه محدقًا بالمنظر أمامه دون النبس بحرفٍ واحد، تطلع إليه الآخر بغضب حقيقي سرى بأوردته مستفسرًا بحدة: ما الذي يسعاه جدي من هذا الإقتراح الغريب يا ترى ؟


حول رعد بصره له يرمقه بنظراتٍ صقيعية مصرحًا: يريد إستغلال خبر إشاعة زواجي تلك كي نغطي على ما يلوكه الناس بعرض أختك ..


إمتقع وجه أدهم وقد كشر محياه مرددًا بسخط: و هل هذا يعتبر حلاً نافعاً ؟


هز رعد كتفيه مجيبًا بملامح جامدة لا تنم عن شيئ: في مثل هذا الوضع يعتبر كذلك لعدة نقاط معتبرة.


ضيق أدهم عينيه مستفسرًا بهسيس: و أنت ما هو رأيك يا ترى ؟


رمقه الأخير و قد ثارت عيناه السوداوين بإستفهام حانق: كيف سيكون رأيي يا ترى بمثل هذا الوضع الذي تمر فيه أسرتنا و شرفنا قد أصبح مادةً دسمةً تلوكه الألسن بكل وقاحة ؟!


وهج ناري إنبعث من مقلتي أدهم هادرًا به بغضب جنوني فاقداً لصبره: أجبني على قدر السؤال فقط..هل سوف توافق على ما قاله جدي نعم أو لا ؟


طفت بسمة متلاعبه على ثغر رعد مجيبًا إياه ببرودة مناقضة لنيرانه المشتعلة: غالباً نعم..


عم ضباب الغضب مقلتي أدهم ممسكاً إياه من تلابيبه مرددًا بعدها بهسيس: رعد نصيحة لا تستفزني أكثر...سحر لن تطولها حتى بأحلامك الغبية تلك هل فهمت ؟ حتى و لو كان هذا مطلب جدي بحد ذاته.


حدق رعد بعمق عينيه فرفع حاجبه مردفًا بتهكم صريح بعدها: من يسمع قولك هذا سيظن أنني أعزف لها الكمان تحت شرفتها بجنح الليل.


أجابه أدهم بعصبية مكبوتة محاولاً لملمة إنفعاله اللحظي جراء ما سمعه توًا: كفاك تهكمًا يا رعد ..أرفض الأمر فورًا و لا مجال للتفكير فيه أصلاً.


ناظره الأخير بجمود دون أن يرف له جفن فدفعه عنه بقوة جعلت الآخر يتقهقر للخلف بضع خطوات معدلاً قميصة الأسود وقد أجاب بنبرة باردة: لست أنا من تُلقى علي الأوامر..تدرك جيداً أنني مستعد للتضحية لأجل الأسرة وخاصة إن تعلق الموضوع بوالديك ..


لاح الجنون بمقلتي أدهم صارخاً بوجهه بحدة: أختي لا تحتاج لأي تضحية منك أو من غيرك ..لهذا دع شهامتك بحوزتك فقط ونحن سوف نحميها .


قبض رعد على ياقة إبن عمه جاذبًا إياه بقوة مردفًا بفحيح متوحش: كان يجدر بكم حمايتها حين كانت تحت جناحكم و ليس بعد أن وقع الفأس بالرأس يا ذكي ..لهذا إبلع لسانك ولا تثر جنوني أكثر فأنا بالكاد أتحمل نفسي.


ليبعده عنه بحنق فتطلع إليه أدهم بغضب حقيقي يفور بأوردته قائلاً: أنتما لستما مناسبان إطلاقاً لبعضكما ..أي جنون هذا !! (فدنى منه أكثر مهسهسًا بحدة) و أنت أكثر من يعلم بأنّ الزواج لا يناسبك يا رعد لهذا لا تدخل أختي في دائرتك المضلمة تلك...فتصبحان أنتما الإثنان في نفس الدوامة القاتمة التي لا فكاك منها.


رمقه رعد بنظرة صقيعية فربت على كتفه مردفًا بفجاجة مقيتة: شكراً لك على التذكير لكنني لم أطلب رأيك ..


ليتحرك بعدها حيث سيارته فاتحًا بابها مرددًا بعدها بوجوم: و شكراً أيضاً لأنك تراني وحشًا ..


فإستقل سيارته بعدها منطلقاً بها بسرعة فائقة و قد إزدادت حدة ملامحه، تاركاً أدهم الذي وخزه ضميره لأجل رفيق عمره و أخيه شاتمًا نفسه على غباءه فضرب زجاج نافذة سيارته بقوة لتتحطم لعدة شظايا و قد تدفق الدم من قبضته ..ليتحرك بعدها هو الآخر مستقلاً سيارته وعاصفة روحه العاتية تزداد تمردًا ..


:
•♡•
:


- سحر تتزوج رعد !!


كلمات نبست بها جوليا و قد عمها الذهول التام واقفة بتصلب بمكانها بقلبِ الغرفة عاجزة عن الإتيان بأي حركة أخرى، حيث جلس عصام على السرير متكئًا على ظهره يشعر بالإنهاك الشديد كأنه بدوامة أفكار تشد الخناق عليه من حين لآخر مجيبًا بوهن: أجل ..هو يريد لملمة الأمر بتزويجها لرعد مستغلاً إشاعات إرتباطه السابقة ..


إحتارت جوليا تفكر بالعرض و تحلله بعقلها فرغم صدمتها بالفكرة الغريبة إلا أنها بدأت تشدها ولن تنكر أنها إستساغتها لوهلة، فرفع عصام اللحاف عليه مرددًا بوجوم: لا تفكري بالأمر حتى يا جوليا.


حولت الأخيرة بصرها له وقد رق محياها كأنها تستجديه بعاطفة الأم و عشق الحبيبة، فرفع سبابته بوجهها فهو يدرك جيداً طبيعتها وسترغب جداً بالجمع بين الإثنين كي تسعد بهما دفعة واحدة فنبهها بحزم: جوليا هذا الموضوع بالذات لا نقاش فيه من فضلكِ.


تنهدت المعنية تدنو من السرير تجلس بجانبه تدلك له ساقة من فوق اللحاف مستفسرةً: صحيح تفاجئت بالأمر ...لكن ربما الأمر جيد بالنهاية يا عصام ..فكر من زواية أخرى فكلاهما غاليان علينا، خاصة أننا هكذا سنضمن بقاء سحر بقربنا، فمستقبلاً إن تزوجت من خارج العائلة سيكون مصيرها الإبتعاد عنا لهذا لماذا لا نوافق على هذا الإقتراح ؟


إحتدت تقاسيم وجه عصام مرددًا بضيق: جوليا هل تريدين منا أن نرمي إبنتنا للزواج فقط كي تكفر عن خطئها الغير مقصود أساسًا، هكذا سنزيد الضغط عليها و نشعرها بالذنب ونحن بالكاد ننجح في إحتواءها و إمتصاص منها توجسها السلبي لمن حولها الذي لازمها سابقاً، و بالتالي سوف نرجع عشرة خطوات للخلف معها


مسحت الأخيرة بحنو على ساقه تجادله بلين عساه يتفهمها: لكن سحر ليست ساذجة يا عصام هي ستتفهم غايتنا جيداً و هو صونها و حمايتها و ترقيع سمعتها، و أنت بداخلك تدرك جيداً قوتها الداخلية و أنها ستقاوم كعادتها.


إحمر وجه زوجها و بان إنفعاله في زمة شفتيه معقبًا بسخط: هل تريد أن نتلاعب بمصير كلاهما، تدركين جيدا أنه حتى و إن تمت هذه الزيجة فالنهاية سوف تكون الطلاق لا محالة ولست مستعدًا بأن أجرهما للفشل منذ البداية.


سارعت جوليا قائلة علها تدحض سلبية تفكيره: وماذا إن نجحا بتجاوز خلافتهما مع بعض و إتفقا بالنهاية ؟


كشر عصام عن محياه مجيبًا بنبرة غلفها الجمود: لن أراهن من الأساس حتى أنتظر تحقق التوقعات فلا لعب بمثل هذا الموضوع يا جوليا.


عارضته جوليا بضيق تجلى عبر نبرتها: أنت تغلق كل أبواب الأمل يا عصام بالله عليك فكر و لو قليلاً بالعرض خاصة أنّ رعد أساساً كان عازفًا على الزواج ربما بهذه الطريقة يغير رأيه و نضمن زواجه وإستقراره.


إمتقع وجه الأخير محاججًا إياها برفق علّها تفهمه: جوليا من فضلكِ كفاكِ تفكيراً من باب عاطفتكِ الأمومية تلك، برأيكِ هل رعد يستحق منا ذلك يا ترى؟ مستحيل أن أستغل حس مسؤوليته كي أجبره على الزواج من سحر، لسنا نحن من سنستخدمه بيدقا بين أناملنا كي يرد معروفنا، خاصة أنك تدركين جيداً بأنه مستعد لفعل أي شيى لسعادتنا فقط حتى و لو كان سيضحي براحته هو شخصياً.


لاذت جوليا بالصمت تفكر بصحة قول زوجها مستفسرة بعدها: و هل سيوافق هو برأيك ؟


تنهد عصام بإرهاق تسلل لجسده مجيبًا إياها: رعد تربيتنا و هو سيرضخ طبعًا، فحسه العالي بالمسؤولية أولاً سيجعله يوافق للفكرة و الأهم حبه الكبير لنا سيجبره على التنازل و الموافقة مع أنني متيقن أنه من أعماقه غير محب للأمر أصلاً.


رفعت بصرها له لتراه شاردًا بالسقف فأشفقت عليه من كثرة الضغط النفسي الذي يعانيه، فرغم أنه صلب وثابت على الدوام إلا أنّ نقطة ضعفه الوحيدة والتي لطالما حاول مداراتها تكمن بأولاده فقط فهمست متسائلة بلين: و سحر لا أظنها توافق أيضًا ؟


غمغم عصام مصرحًا بهدوء عكس إنفعاله الداخلي: فكرة جعلها تخضع لأمر الواقع مستحيلة يا جوليا، فأنت تدركين جيداً أنها ستعلن تمردها إن أحست بأنّ هناك من يدفعها قسراً لأمر ما، خاصة أنها لا تطيق رعد فلست غبيًا حتى لا أتفطن بأنّ هناك حساسية بينهما.


زفرت جوليا بحيرة تشعر بالتشتت يلفها هي الأخرى فإستفهم عصام بحنو: كيف حالهما ؟


طفت بسمة دافئة على ثغرها مجيبةً إياه: لا تقلق كلتاهما بخير يا عصام، وسحر تبدو لي أنها بدأت تستعيد قوتها خاصة أنّ إنهيارها اللحظي أخرج بعض المكنونات السلبية التي لازمتها منذ بداية الأمر.


همس عصام بالحمد معقبًا على قولها: سوف نحجز لشهد أيضًا جلسات مع الطبيبة فيبدو أنّ لها خطب ما هي الأخرى.


أومئت له الأخيرة بهدوء متأملة وجهه الناعس وعيونه الذابلة فإستقامت متجهة لنور الغرفة مغلقة إياه لتعود لسريرها رافعة اللحاف مندسة قرب زوجها ففتحت ذراعيها له مهمهمة بدفئ: تعال


إفتر ثغره عن إبتسامة رجولية عذبة لطالما فَلحت في إيقاعها بشباكه أكثر فأكثر ليضع رأسه على صدرها متنعما بحنانها التي كانت تمنحه إياه ببذخ فمشطت شعره بأناملها مرددةً بطمئنة تبثها لنفسها قبله هو: ستفرج يا حبيبي فلا ترهق نفسك.


تنهد عصام رافعاً رأسه له متأملاً شحوبها هي الأخرى فتلمس خصلاتها الحمراء المنسابة حولها بكل جاذبية مغمغمًا بإعتذار: حقكِ علينا يا قلب عصام، أدرك جيداً أنّ قلبك يتقطع على ما يحدث، و مثلكِ أنتِ لا يجب أبدًا أن تحزن.


رقت تقاسيم الأخيرة وقد فاض قلبها بالحنان نحو معشوقها الذي كان و لا زال يفضل حربه لوحده دون ولوجها هي لقلب الصراع كعادته فإنحنت عليه لاثمة شفتيه الثخينتين بحب ليبادلها هو بشغف متشربًا منها سلامه الداخلي كي يقمع حربه المقامة بروحه، فإبتعد عنها ببطئ متأملاً عيونها الفيروزين العاشقة فضمته لها بقوة مجيبةً بعشق: لا نصر لك بدوني يا قلب جوليا


توسد المعني صدرها يتنعم بجنته الزاخرة بطيبها و الهادئة من صخبها فهي لطالما كانت موطنًا و سكنًا ينتشله من كل فوضى.


:
•♡•
:


دلف أدهم للقصر واضعًا المنديل على كفه فقط يتمنى أن لا تراه والدته كي لا تبدأ بإنهيارها العاطفي المعتاد، فتوجه بسرعة للمطبخ فمن الجيد أنّ الكل نائم بهذا الوقت بإستثناء زياد فقط الذي يبدو أنه مع هاني كعادته يهدئان بعضهما باللكمات ..ليزفر بتعب فهو حقًا يشعر بضياع داخلي يهزه لليمين وللشمال ..ليلج للمطبخ عساه يغسل يديه و يعقم جرحه فتصنم بمكانه حين تجلت له نور تعطيه ظهرها ليهدر بحزم: ماذا تفعلين هنا ؟


إستدارت له الأخرى بسرعة مجفلة و قد إختض قلبها بين أضلعها، حيث رفع أدهم رسغه متأملاً الساعة ليجدها أنها قد تجاوزت الثانية عشر ليلاً ليعيد بصره لها مكررًا تسائله بحدة: أظن أنّ وقت عملكِ قد إنتهى منذ ساعات صح، لماذا أنتِ هنا بهذا الليل ؟


إرتبكت الأخيرة وإزداد وقع هدير قلبها عاجزة عن النبس بحرفٍ واحد و هي تراه أمامها بكل وسامته ورجوليته التي أنهكت روحها ولا زالت تفعل ذلك، ففغرت فاهها كي تجيبه إلا أنها أغلقته حين لمحت كفه الذي يلفه بمنديل وكان قد متضرجًا بدمائه ففزع قلبها وهلعت روحها مستفهمة منه: مـ..ما بها يدك ؟


حول المعني نظره ليده مجيبًا إياها ببرود: لا شيئ.


فتحرك بعدها للمغسلة فاتحًا صنبور الحنفية لينزع المنديل واضعاً كفه تحت الماء مغمغمًا ببرود: غادري لبيتكِ.


إزدرت نور ريقها وقد تقبضت بقوة متحركة بخطواتٍ بطيئة إلا أنّ قلبها العاشق و الخائن لم يطاوعها في مرادها لتتحرك لجارور إحدى الخزائن بالمطبخ فاتحة إياه مخرجة علبة الإسعافات الأولية واضعة إياها على الرخام وقد همست بإرتباك حاولت مداراته: هل أستطيع تعقيم جرحك ؟


ناظرها أدهم وقد إتقدت عيناه شررًا هادرًا بغضب: قلت لكِ غادري ؟


تشنجت الأخيرة مجفلة و قد عبس محياها فتحركت بخطى سريعة مغادرة المطبخ من الباب الخلفي، فطحن أدهم ضروسه على مبالغته فتحرك خلفها حيث الحديقة مناديًا عليها بجدية: إنتظري.


توقفت نور بمكانها مجيبةً بعملية بحتة: نعم سيد أدهم.


تنهد الآخر بوهن مرددًا بهدوء: لم أقصد أي تجاوز بحقكِ ..تدركين جيداً أنه لا يصح أن يرانا أحد لوحدنا بالمطبخ بمثل هذا الليل و الوقت المتأخر.


لملمت نور بسمتها فرغم وجع قلبها غير أنها تقدر جيداً شهامته ونبل أخلاقه فإستدارت له متأملة إياه تحت ضوء القمر كيف يبدو مهيبًا و جذابًا بطريقة تدعو قلبها الهش بأن يقع أكثر و أكثر في هواه، فهمست بتورد: معك حق ..تصبح على خير.


فركضت بعدها بسرعة حيث بيتها بالجهة الجانبية من القصر تاركة أدهم الذي شيعها بنظراته بصمتٍ تام ليعود للمطبخ آخذاً معه علبة الإسعافات عساه يضمد جرحه بها.


:
•♡•
:


أغلقت منى الكتاب بقوة مرجعة إياه لمكانه مرددةً بحنق: أين سأجد معلومات ذلك البحث الغبي ؟


تنهدت شهد تقرأ فهرس الكتاب الذي بيدها مهدئةً إياها بلطف: منى بالله عليكِ كفاكِ غضبًا، أكيد سوف تجدين ما تبحثين عنه.


أجابتها الأخرى وقد أخذت كتابًا آخر من الرف فاتحة إياه بعصبية: ما الذي سيضمن إيجادي لما أريد، أخشى أن لا أعثر عليه.


زمت شهد شفتيها مغمغمةً بضيق: لا تبالغي و هل تبحثين عن كيفية زقزقة الأسماك مثلاً، كلها معلومات موجودة بالمصادر و المراجع العلمية سوف نعثر عليها لهذا توقفي عن التذمر وواصلي البحث.


جالت مقلتي منى بالعناوين أمامها تطالعها علّها تجد غايتها فنفخت بغير حيلة و برطمت قائلة: هذا أيضًا لا يوجد به، أليست هذه مكتبة الأساتذة على الأقل يجب أن تكون بها مثل هذه الكتب.


قلبت شهد مقلتيها واضعة الكتاب بمكانه آخذةً كتاب آخر معقبةً على قولها: هَا أنا أبحث معكِ وسوف نعثر على مرادكِ إطمئني ..و حسب علمي أيضًا أنّ مكتبة القصر لديكم تحتوي على كتب علمية و دراسية كان يستخدمها جلكم للحاجة.


ضيقت منى عينيها مصرحةً: صح تذكرت مكتبة القصر هي تحتوي على مئات الكتب بمجالاتها المختلفة ربما قد أجد بينهم، خاصة أنّ شباب العائلة درسوا نفس تخصصنا تقريبًا.


أيدتها شهد هامسة: أجل ربما تجدين ما تريدين هناك.


بعد لحظات برطمت منى بتذمر ساخط: ما هذه المعاناة يا إلهي..كأننا نبحث عن إبرة بقلبِ الصحراء.


تجاهلتها شهد متابعةً قراءة قائمة الفهرس أمامها فواضح أنّ صديقتها لن تتوقف عن سلسلة التذمرات أبدًا، فهدرت منى بسخط أنثوي واضعة كفيها على خصرها: تبًا له ذلك الأستاذ البغيض، أصعب واجب قدمه لي ..لو قال لي إحفري نفقًا بالمسمار لكان أسهل ...


زفرت شهد بضجر من موشحاتها موجهةً بصرها لها عساها تطلب منها الكفاف عن نزقها المتزايد، إلا أنها صمتت فجأة حين لمحت من وراء منى الأستاذ شهاب يبحث بين الكتب، فَهمت بأن تطلب منها الصمت إلا أنّ الأخيرة سبقتها مسترسلة: ذلك الشهاب أساساً لا أعرف لما وضعوه أستاذاً علينا ..عسى أن ينتقم الله منه شر إنتقام.


توسعت عيني شهد أكثر و هي ترى الأستاذ يتابع بحثه بين الرفوف علّه يجد ضالته، وواضح جدًا أنه قد سمع فحوى حديثها لأنّ صوتها تبارك الله يوقظ الموتى من قبورهم ..فهمست بحدة: منى أصمتي.


قلبت المعنية صفحات الكتاب الذي بين يديها غير مكترثة بمطلب صديقتها متابعة بث موجاتها السلبية: أين سأجد المعلومات الغبية هذه الآن..عسى أن تتعطل سيارته بنصف الطريق وتلفه الكثبان الرملية ويهجم عليه نسرًا من السماء فيلتهمه..


لملمت شهد ضحكتها بصعوبة قابضة على ذراع منى مهمهمة بخفوت: أصمتي يا منى رجاءًا..


رفعت المعنية حاجبها وقد تغضن محياها مرددةً بسخط: أصمت !! ذلك الممل هو سبب شقائي الآن و تريدين مني الصمت ..لو كان الأمر بيدي لطردته من الجامعة كلها ..لكن لا طبعًا سوف يضل مثل اللاصق الحشري فوق رأسنا ..


فغرت شهد فاهها مشيرة لها للوراء لتعلو تقطيبة خفيفة جبين منى مستديرة خلفها فوقعت عيناها على الأستاذ بقربها و الذي كان يقرأ عناوين الكتب الموضوعة رافعًا كفه آخذاً أحدهم، فتصلبت منى بمكانها فاغرة فاهها على هذه الورطة لتشتم نفسها بكل اللغات فأردفت ببلاهة: مرحبًا أستاذ.


عضت شهد على شفتيها مانعة صدوح ضحكتها على غباء الأخرى، في حين رمقها المعني بنظرات جانبية وقد توشح محياه الجمود التام مومئًا لها دون رد، آخذاً الكتاب معه مغادرًا بصمتٍ تام، أغمضت منى عينيها متهدلة الكتفين نابسة بتبرم: سوف أرسب ..أكيد سوف يحدث ذلك ..


قهقهت شهد برقة مومئة إيجاباً قائلة: يبدو كذلك.


إلفتت لها الأخرى تناظرها بعبوس بهي معقبةً: شكراً لكِ و الله ..معنوياتي لا يرفعها إلا أنتِ.


هزت شهد رأسها مجيبةً ببسمة رقيقة: حسنًا لا تتأزمي أكيد هو لن يجعلكِ ترسبين بمادته جراء شتمكِ له.


ضربت منى الأرض بقدمتها مرددةً بسخط: تبًا تبًا هو لا يسبب لي إلا إرتفاع الضغط.


ضحكت شهد بخفة عليها مصرحةً: و هو ما ذنبه ؟ أنتِ التي كنتِ تبرطمين لوحدكِ وتشتمينه بالغيب.


إحمر وجه منى وقاد بان إنفعالها في زمة شفتيها هادرة بضيق: هل أنتِ معه أو معي أيتها اللئيمة ؟


أرجعت شهد الكتاب لمكانه مجيبةً بهدوء: مع الحق فقط يا منى كفاكِ مبالغةً.


تضجرت منى مغمغمة بضيق: سوف يحقد علي أكثر و بالتالي سيجعلني أرسب أنا.. واثقة من ذلك.


رقت تقاسيم شهد هامسة بدعم صادق: لا يبدو لي أنه من هذا النوع أساساً يا منى فواضح جداً أنّ الأستاذ رزين و ناضج جداً لهذا لا تبالي.


نفخت الأخرى خديها بعصبية مرددةً بحنق بدى طفولي: حسنًا سوف يصل السائق الآن يفضل أن نغادر.

:
•♡•
:


أدارت سحر مقبض الباب فاتحة إياه تشرأب بعنقها قليلاً مطلة على المكتب هامسة: جدي هل طلبتني؟


أجابها الأخير بهدوء: أجل، تفضلي.


ولجت الأخيرة للمكتب متوغلة بعدها به تقول بهدوء: بماذا تحتاجني ؟


وضع جاسم كفيه خلف ظهره متابعًا تأمل المنظر أمامه عبر الجدار الزجاجي وقد تماهت ملامحه مستفهمًا: كيف حالكِ ؟


إرتخت تقاسيم سحر مجيبةً برقة: الحمد لله يا جدي بخير ما يرام.


تنهد الأخير مستديرًا لها بجسده يناظرها بعيون مبهمة مصرحًا: تدركين جيداً يا إبنتي أنّ سمعتكِ للأسف أصبحت مرتعًا يخوض فيه الكل.


إزدرت سحر ريقها متحدثة بصلابة: يكفيني أنكم أنتم لا تفعلون.


طفت بسمة رجولية حانية على شفتيه معقبًا بعدها: الحياة ليست بتلك البساطة يا صغيرة.


هزت سحر كتفيها متجاهلة رجفتها الداخلية مجيبةً: سأعتبرها بسيطة إذًا و أواصل حياتي مفوضة أمري لله فقط.


ناظرها بجمود لوهلة هاتفًا بجديته المعهودة: سبحانه طبعًا..لكن هناك عواقب سيسطرها الزمن حتى لعقود قادمة و تضل الوسمة المشينة ملتصقة حتى و لو لم ترتكبيها فهي ستعلم كختمٍ دمغ بسجل سمعة الأجيال القادمة يا إبنتي ..لو كان الأمر بتلك الوردية التي ترينها لما إكترثنا أبدًا.


إهتزت مقلتي سحر و بدأت عواصفها تشتد و تعلو فرطبت شفتيها مجيبةً بقهر : لا أستطيع الهروب من قدري و إبتلائي يا جدي للأسف.


أومئ لها جدها بهدوء معقبًا على قولها: طبعًا لا فرار من قضاء الله و قدره يا صغيرتي، لكن نستطيع ترقيع حاضرنا كي تكون نتائجه مرضيةً لمستقبلنا.


تغضن جبين الأخرى وقد تملكتها الحيرة تبث تسائلها: و كيف ذلك ؟


حدق بعمق عينيها مستفهمًا منها هو الآخر: و هل أنتِ مستعدة أن تخوضيه يا ترى ؟


لاح الأمل بمقلتي سحر كبريق خاطف مغمغمةً: أكيد يا جدي إن كان هذا سيبعد الشبهات عني.


صرح جاسم بجدية محضة: حسنًا إذًا ..إبن عمكِ رعد قبل فترة دارت إشاعات عنه بأنه قد خطب إحدى الفتيات و زواجه سيكون قريباً جداً، لهذا فالكل أخذ هذا الأمر على محمل الجد مترقبين و بفضول شديد معرفة هذه الزوجة التي إستطاعت جعل رعد آل سلطان و الذي كان عازفًا عن الزواج نهائياً بأن يتزوجها ..و طبعاً بما أنه رجل ذا شأن و وزن بين رجال الأعمال بالبلد فلن يرتبط بأي فتاة كانت بل ستكون أهلاً له و بجدارة ..لهذا قررنا أن نستغل هذه الإشاعة لصالحنا كي نلملم الأمر كأحسن خيار..


خيم الصمت لوهلة رفعت سحر حاجبها حينها مستفهمة بعدم فهم: و ما علاقتي أنا ؟


أجابها جدها دون لف وبإختصار شديد: لأنّكِ أنتِ العروس.


ساد الهدوء التام بالمكتب لترفرف سحر برمشها عدة مرات تناظر جدها بإستغرابٍ شديدٍ كأنها تبصر أمامها أغرب مخلوق، تقوم بعملية بلورة كلماته تلك التي رشقها بها فتنقحها جيداً عساها تفهم مقصده، هي تتزوج المتبجح ذاك ؟! حيث همست ببطئ: أنا..أتزوج حفيدك ذاك ؟


أومئ لها جدها إيجاباً قائلاً بجمود: نعم.


تطلعت إليه بذهول طفيف فإنفلتت من شفتيها ضحكة خفيفة لتتحول بعدها لقهقهة أنثوية بهية، تهز رأسها على الفكرة حيث فغرت فاهها كي تجيب إلا أنها إنفجرت ضحكًا مجددًا و كأنها تتخيل ذاتها مع ذلك الجبل الجليدي ..هي و هو !! نكتة الموسم حقًا، ليرتفع إيقاع قهقهاتها بشدة غير قادرة على التوقف جراء التخيل لوحده فما بالك إن تجسد على أرض الواقع.


بعد لحظات ضحك مرت كان بها جدها يناظرها بهدوء تام كأنه يمنحها الوقت الكافي لإستعاب الفكرة، فوضعت هي كفها على صدرها محاولة التنفس بأريحية بسبب نوبة الضحك الجنونية التي ألمت بها، آخذة شهيق ثم زفير منظمة أنفاسها قائلة بعدها بهدوء: يا إلهي لم أكن أعلم أنك تملك حس الدعابة يا جسومي.


رد جدها بتسائل حاد: ما هو رأيكِ ؟


عقدت سحر حاجبيها مرددةً بإنشداه: هل تتحدث جديًا ؟


هدر جدها بحزم: و هل نحن في وضع يسمح لنا بالمزاح ؟!


علت بسمة ساخرة شفتيها مجيبةً إياه: إذًا جوابي هو لا طبعًا...فلست مستغنية عن أعصابي حتى أرمي نفسي بمثل تلك الزيجة الفاشلة.


خيم الصمت بالمكان مستفسرًا بتأكيد: هل أنتِ واثقة من قراركِ هذا ؟


هزت سحر كتفيها مجيبةً بهدوء: طبعًا كذلك..إلا إذا كنتم تريدون إجباري على الموافقة لأنني حينها سأثبت لكم أنني لست أنا من تخضع لأمر الواقع يا جدي ..


تنهد المعني بخفوت متكلماً: أبدًا يا إبنتي...نحن لا نجبر فتياتنا على شيئ دون قناعة داخلية تامة من قبلهنّ..


طفت بسمة صغيرة على شفتيها هامسة: جيد إذًا..هل هناك أمر آخر تريدني به ؟


نفى الأخير فإستدارت هامة بالخروج إلا أنّ صوته أوقفها: لكن إعلمي أنّ رفضكِ هذا سوف تدفع ثمنه أختكِ فقط.


تصلبت كفها على مقبض الباب متخشبة بمكانها كأنّ الصاعقة حلت عليها بغتة حيث إستدارت له بصدمة حقيقية تقول: مـ...ما علاقة أختي بالأمر ؟


تماهت تعاليم وجه جدها مجيبًا إياها بتوضيح أكبر: لها كل العلاقة أليست هي شقيقتكِ وسوف تنال الحصة الأكبر من الإشاعة التي لفتكِ.


نفت سحر برأسها و قد بدأت جدران قلبها تتداعى وتتحطم مستفهمة منه بقلق جلي: كيف يعني؟


أشفق جدها عليها إلا أنه تابع حديثه بحزم أبوي: هل تعتقدين مستقبلاً أنه سوف تتم خطبتها مثلاً ؟! منى و سارة قد يتقدم لهنّ عرسان رغبة في مصاهرتنا حتى و لو كانوا قد يتوجسون من قرابتهما لكِ بعد الإشاعة التي حدثت، و أنتِ ربما مع الوقت قد تتزوجين كذلك حتى و لو كانت سمعتكِ ضربت في المقتل، إلا أنّ هناك خطاب قد يفضلون السلطة والمال و الجاه و القوة لعائلتكِ طمعًا بهذا النسب، لكن شهد من سيتقدم لها و الكل يدرك جيداً أنها ليست فرد حقيقي من العائلة، سوف يقولون أختها تلفها شبهة دعارة و هي تم القبض عليها ببيتٍ مشبوه به مخدرات داهمته الشرطة ووضعت بالزنزانة لساعات، على أي أساس سوف تخطبها العائلات العريقة إن كانت السمعة الطيبة كعنصر أساسي لا تمتلكه ؟ و طبعاً نحن لن نزوجها لأي شاب إلا إن كان رجل حقيقي يتمتع بكامل مقومات الرجولة ..هل برأيك ستجدين شاباً مميزًا قد يضحي و يرتبط بأختكِ ؟


إنسابت دمعة حارقة على وجنتها وتصدعاتها الداخلية تزداد إنشطارًا مبتلعة ريقها وقد همست بصوت متهدج: ليس ذنبها..هي ليست مذنبة بتاتًا.


ردد جدها بصرامة محاولاً فتح عينيها على جدية الأمر برمته: أنتِ و نحن ندرك أنها كذلك..لكن الغير لا يدرك ذلك بل سيسعون لإختراع وتلفيق قصص أخرى من مخيلتهم القذرة تلك ..لهذا نسعى بدحض تهمتكِ أنتِ كي ينعكس إيجاباً عليها هي.


هطلت دموعها الساخنة وقد هاجمها الوجع بضراوة تشعر بشظايا زجاج حادة تمزق فؤادها فتمتمت بنشيج: ياارب إلا شهد..إلا هي..


إبتلع جاسم مرارته محافظًا على جمود محياه قدر الإمكان معقبًا بعدها: فكري بالأمر يا إبنتي..يجب أن نلملم كل القذف الذي طالكِ ونقطع دابر كل لسان يلوك بسيرتكِ هكذا نحافظ على سمعة أختكِ و نضمن لها الإحترام هي الأخرى في المجتمع .. نحن لا تهمنا إلا مصلحتكنّ لا غير، ثقي بهذا.


حدقت به بعينين تسبحان بالدموع وقد بدت غارقة في يأسها و بؤسها كفراشةٍ رقيقةٍ تلفها النيران فإلتفتت بنظرات مشتتةً مغادرة المكتب بصمتٍ تام، لتضع كفها المرتعش على الجدار و مدمعها يفيض منهمرًا بشدة فوهنت ساقيها عاجزة عن حملها أكثر راكعة على ركبتيها تكتم شهقتها بكفها حيث أخذت كتيفاها تجيشان معها تشعر نفسها بدوامة صراعات تلفها من كل صوب ترفعها للأعلى ثم ترميها بغتةً للأسفل، هي ستتحمل أي شيئ و كل شيئ إلا أي سوء قد يصيب صغيرتها شهد..هذا سيقتلها تمامًا..فهمست بنحيبٍ باكي: ياارب لا تختبرني بها..لن أتحمل ضرراً يصيبها .. صدقًا سأموت حينها ..


لتأخذ شهيق ثم زفير ماسحة دموعها مسترجعة سيطرتها على أنفاسها لتتحامل على نفسها مستقيمة بقوة إختلقتها من أعماقها متابعة سيرها تاركة الحرية لعقلها بالولوج للجة الصراعات الفكرية.


:
•♡•
:


تلمس زياد كدمات وجهه فإنكمش محياه بألمٍ طفيف مرددًا بحنق: ذلك الغبي شوه وجهي ألا يجيد القتال دون دليل يرى بالعين المجردة ..


تابع سيره متذكرًا قتاله الشرس مع هاني فقد كان كلاهما بحاجة لتفريغ شحنته السلبية التي تجول بقلبيهما..فهو لحد الساعة لا زالت روحه تنزف لمرأى أخته المعذب ذاك و إنهيارها اللحظي حامدًا الله للمرة الألف أنه لم يكن خطراً عليها، في حين أنّ الآخر كان يصارع كعادته ذكرياته الماضية مع معشوقته السابقة، فإفتر ثغره عن بسمة ساخرة هامسًا: عاشق مغفل حقًا ..


توقف بغتةً حين لمح شهد تناظره بعيون مدققةً و فاهٍ مفغورٍ، ليعلن فؤاده الخائن خفقانه المعتاد ذاك، فرفع حاجبه عليها هي، حيث أشارت المعنية لوجهه ففهم مقصدها مستفسرًا بمسكنة: هل أصبحت قبيحًا يا صغيرة ؟


كتمت شهد بسمتها تنفي برأسها متسائلة: من فعل بك هذا ؟


ناظرها الأخير ملأ عينيه عساه يلتمس معها ذلك الوهج البهي الذي لطالما كان يشع منها فتنحنح مجيبًا بتمثيلية:x صدقيني أنا بريئ ..البارحة ليلاً كنت أتمشى بالطريق أستمع لزقزقة العصافير و فجأة ظهر لي مجموعة أشرار سألوني أين يجدون السنافر الصغيرة ؟ و طبعاً رفضت إعلامهم عنكِ و عن سحر لهذا قاموا بضربي كما ترين ..


قهقهت شهد برقة واضعة كفها أمام ثغرها تنفي برأسها رافضة للفكرة، فنفخ بغير حيلة و برطم متذمرًا: الكلمات...إستعمليها للمرة المليون يا صغيرة.


إزدادت تغريدة قهقهتها الرقيقة قائلة بإبتسامتها العذبة تلك: صدقًا ما سبب تلك الكدمات ؟


تنهد زياد و قد تطلع إليها بنظرات حانية مستفسرًا هو الآخر: كيف حالكِ بخصوص ما حدث البارحة ؟


أخفضت وجهها تشعر بموجات زاخرة من الأحاسيس التي تخترق قلبها، فكرر ندائه لإسمها: شهد.


رفعت بصرها له فتقابلت عيناهما بدفئ اللحظة ، فنمت إبتسامة صغيرة شقت ثغره ذاك كأنه يرسل سربًا من الفراشات لتغزو كيانها لتبادله بسمته برقة وقد تورد محياها مجيبةً بخفوت: أنا الحمد لله.


ضيق عينيه مصرًا بمناغشة: هل أنتِ متأكدة ؟


أومئت له هامسة بعدها: أجل كذلك..لقد أجبتك على سؤالك هيا أعلمني عن سبب تلك الجروح ؟


ضحك برجولية على تلاعبها ذاك فراوغها قائلاً: هل أبدو قبيحًا يا ترى ؟


لملمت ضحكتها بصعوبة مومئة له بنعم، ففغر فاهه بإنشداه يبث تسائله: هل حقًا صرت كذلك ؟


وضعت قبضتها أمام فمها تخفي ضحكتها بصعوبة هامسة بخفوت: أجل.


عبس زياد مبرطمًا بضيق: أساسًا تكذبين، فسابقًا أخبرتني بأنني وسيم أتذكرين ذلك ؟


تخضبت وجنتيها بالحمرة تنفي برأسها وقد بدأ نبض فؤادها يعلن تمرده، لينحني عليها زياد قليلاً وقد تلاعبت بسمة شقية على شفتاه مجيبًا: تتحدينني؟


إرتبكت ملامحها تهرب بعيناها عن دفئ مقلتاه تلك تشعر بزخات من الإستمتاع تطوف حولها بكل إنسيابية حيث عقب هو بمكر جذاب: أتذكرين تلك الرسالة التي سألتكِ فيها عن وسامتي و أجبتني بأنني كذلك ؟


ناظرته الأخيرة بصدمة تنفي بسرعة تدحض إتهامه ذاك، فقهقه الأخير بشدة على محياها المتفاجئ والذي بدأ كحبة تفاح تعاني ذهولاً مباغتًا، فإسترسل بقوله الضاحك: حسنًا الدليل موجود، إذهبي لآخر رسالة بيننا سوف تجدين الحجة و البينة هناك يا صغيرة.x


أسرعت شهد بإخراج هاتفها تلج للرسائل فتوسعت عيناها على جوابها الذي كان حين سألها إن كان وسيم ؟ لتجيب ببلاهةx " طبعًا " فنفت برأسها وقد إشتعلت وجنتيها حياءًا جعلها تبدو بنظره قابلة للأكل حقًا ..فإستفهم بإستفزاز أكبر: هذه أنتِ أليس كذلك..وذلك رقمك أكيد ؟


همت بالرد والدفاع عن نفسها إلا أنّ خفقان فؤادها قد بلغ أوجه عندها فلم تجد بدًا من الهروب و الفرار منه و من الموقف عامة بقلبٍ نابض بقوة، فإنفجر زياد ضحكًا عليها ضاربا كفيه ببعضهما البعض على هروبها الدائم هامسًا بعيون هائمة: حلوى لذيذة.


:
•♡•
:


غادرت من الباب الجانبي لأحد الأروقة فطلت على الحديقة تشعر بالإختناق يداهمها حيث وضعت كفها على صدرها علها توقف حرقتها الداخلية التي تنخرها دون رحمه، فتسارعت أنفاسها المهتاجة مرددةً بهمس خافت: سوف تفرج..أكيد ستفرج يا سحر ثقي بالله فقط.


حولت بصرها بالأرجاء فوقعت عيناها على ذلك المتبجح الذي كان يتحدث بهاتفه فجزت على أسنانها متذكرة إقتراح جدها الغريب و المنافي للعقل كلياً بالنسبة لها، فإبتلعت ريقها تهز رأسها عساها توقف التفكير بذلك الأمر الجنوني مرسلة إياه لمؤخرة ذهنها...هذا ما كان ينقصها أن تتزوج بذلك الجليدي، لو كان الأمر بيدها لدفنته بحديقة القصر ..


أغلق رعد المكالمة مستديرًا فتقابلت عيناه بها هي التي كانت تناظره والشرر يتطاير من مقلتيها كأنه قد قطع الأكسجين عنها، فطفت بسمة متهكمة على ثغره متقدماً منها يناظرها بإستخفاف قائلاً: هل تودين الشجار ؟


تطلعت إليه بغضب حقيقي سرى بأوردتها مجيبةً إياه: لن أعطيك شرف الشجار معي أصلاً .


وضع كفيه بجيبي بنطاله متأملاً إنفعالها الغير مبرر فإنحنى عليها قليلاً مرددًا بسخرية فجة: يبدو أنّ القطة الصغيرة قد أعلمها جدها بإقتراحه.


ثارت مقلتاها اللازوردية أكثر مهسهسة بغل جلي: في أحلامك الغبية و لن أوافق على عرضه أيها المتبجح البائس.


أجابها بشر يتقادح من بين عينيه: صدقيني هذا هو مُناي الوحيد بهذه الفترة فأنا بالكاد أطيق وجهكِ المستفز هذا ..لكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ..


علت تقطيبة خفيفة جبينها مستفهمة بريبة: ماذا تقصد ؟


دنى منها أكثر وقد توحش محياه و إزدادت ضلمة عيناه قائلاً: بنهاية الأمر ستوافقين كأي قطة وديعة مسالمة ..عسى تكون موافقتي أنا الآخر للإرتباط بكِ تكفيرًا لذنوبٍ إرتكبتها بما مضى..


توسعت عيناها على فجاجته المقيتة تلك، فهدرت بتمرد: مستعدة أن أتزوج بشجرة أو سيارة أو حتى قط يمر بالطريق ...لكن أنت بالذات لا ..و ألف لا..


حدق بعمق عينيها مرددًا بفحيح: تدركين جيداً بأعماقكِ أنكِ ستتنازلين لإصلاح الوضع الغبي الذي وضعت نفسكِ و نحن به..كلها فترة صغيرة يا قطتي وسوف تنتقلين تحت جناحي أنا و حينها ( إنحنى عليها أكثر وقد صفن بتلك الجواهر اللازوردية مسترسلاً بهسيس) سوف أقوم بتربيتكِ جيداً و قص تلك المخالب المتوحشة التي تخرمش على الدوام..


تخضب محياها بحمرة الغضب و بان إنفعالها في زمة شفتيها تلك مرددةً بشراسة و قد حاصرتها حدود مقلتاه السوداء: لو صعدت لسابع سماء ثم نزلت لسابع أرض لن تكون ندًا لي يا سليل آل سلطان ..فسحر ليست بلقمة هينة أبدًا يا هذا، فلا تتباهى كثيراً لأنّ نهاية هذا التحدي هو سقوطك تحت قدمي طالبًا عفوي ..


فتحركت بعدها بخطوات عصبية تدب الأرض غضبًا تاركة رعد الذي شيعها بنظراته القاتمة هامسًا بوعيد: سنرى..

:
•♡•
:


ركضت شهد كاتمة ضحكتها بصعوبة و إزداد تورد محياها فلقد تذكرت ذلك اليوم الذي راسلها زياد ليلاً كي يطمئن عليها و هي بفعل نعاسها أجابته بعفوية تامة..لا تفهم ذاتها صدقًا تشعر بقلبها يتضخم و تراوده أحاسيس غريبة حين تكون بحضرته ..ترى العالم وردي و بهي ويشع جمالاً معه ..فقهقهت برقة تهز رأسها على تفكيرها الغبي ..همت بالصعود للدرج إلا أنها إرتطمت بجسد ما ..فتراجعت للخلف بضع خطوات حيث تهادى لها صوت سارة الغاضب: هل أنتِ عمياء ؟


زمت شهد شفتيها مجيبةً بإعتذار: عذراً لم أنتبه.


هدرت بها الأخرى بنزق: الناس يركزون بطريقهم أثناء السير وليس الإبتسام كالحمقى و الإرتطام بخلق الله.


عزت عليها مشاعرها و أسرتها بنفسها مغمغمةً بهدوء: لقد إعتذرت لهذا إنتهى الأمر يا سارة.


فتحركت بعدها صاعدة الدرج فعقبت الأخري بقولها الساخر: خريجة سجون و أختكِ خريجة دعارة مستوى منحط حقًا.


إضطرب قلب شهد بعنف وقد كبلها الشلل لوهلة فإستدارت لها مرددةً بسخط حقيقي: هلاَ توقفت عن أسلوبكِ المقيت هذا...لأنني لن أسمح لكِ بإهانتي أنا و أختي بمثل هذا الكلام.


ناظرتها سارة بإشمئزاز معقبةً بكراهة: لم أخترع شيئًا من عندي هذه هي حقيقتكما ..


نزلت شهد الدرجات هادرة بها فهي لن تتحمل أي إساءة بحق أختها: أنت لست سوى حقودة و قد أعمتكِ الغيرة .


توقفت منى تطالع الشجار الذي على وشك الحدوث مرددةً بحيرة: ما الأمر ؟


تجاهلتها سارة وقد إستشاطت غضبًا قائلة بحنق: أنتِ و أختكِ الحقيرة شوهتما سمعتنا أيها الأنذال ..


جزت منى على أسنانها هامسة بضيق:x سارة لا داعي لإفتعال الشجار الآن..ولا يحق لكِ تحميلهما الذنب هل فهمت ؟


هدرت بها الأخرى مجيبةً إياها بإنفعال: من نحمل إذًا ؟ أنا و أنتِ مثلاً !!


هدرت بها شهد وقد ذاقت ذرعًا بعجرفتها وتكبرها الدائم عليهما: لا دخل لكِ بنا ..ما دمنا لم نقترب منكِ إحترمي نفسكِ قليلاً..


توسعت عيني سارة مقتربة منها بغضب مجيبةً بإحتقار: أحترم نفسي ؟ فتاة وضيعة مثلكِ تربت في حي شعبي و سوقي و خريجة سجون تحدثني عن الإحترام...لا و نسيتي أنّ أختك الكبرى ليست سوى خريجة بيوت دعارة أيضًا تبارك الله ..


فجأة شعرت بذراع تديرها بقوة وصفعة قوية أحطت على وجهها جعلتها تسقط أرضاً فهجمت عليها سحر قابضة على فكها بعنف مهسهسة بشراسة:x حشرة بغيضة مثلكِ تقذف بعرضي .. أنتِ لن تصلي حتى لفردة حذائي أيتها النكرة البلهاء.


تدخلت منى بسرعة مبعدة إياها عنها قبل إحتدام الوضع مرددةً بتهدئة: سحر لا تتعبي نفسكِ معها..


إستقامت سارة من الأرض مغمغمة بجنون: أووه هيا ألا يكفيكم أننا كنا نتظاهر بتصديق برائتكِ المصطنعة تلك أيها الحقيرة..


شهقت شهد بذهول في حين توسعت عيني منى هادرة بوجهها بسخط: منى كفاك غباءًا


أبعدتها سحر عنها مرددةً بتوحش: حقًا تتظاهرين بتصديقي إذًا ؟! إسمعي إذا أيتها التافهة لا أنتِ ولا مليار شخص مثلكِ سيهمني رأيه هل فهمت ؟ أحمد الله فقط أنّ عائلتي هي من تثق بي..أما الحشرات أمثالكِ فمهمتي معهم هو الدوس عليهم لا أكثر ..


كشرت سارة وجهها مزودة جرعة الإستفزاز: يناسبكِ لقب العاهرة حقًا ..


تراقص الغضب بمقلتي سحر تشعر بغليان فائر بأوردتها فهجمت عليها تقبض بعنف على وشاحها مرددةً بغل: أنا أشرف منكِ أيتها الحقيرة ..


صرخت سارة محاولة إبعادها عنها فتدخلت شهد و منى كي يزيحوها عنها فلم يشعروا إلا و عمهم فؤاد قد تدخل هادرا بهم بسخط: توقفنّ حالاً...


إبتعدت شهد و منى آليًا في حين أجبرت سحر نفسها على الإبتعاد على مضض فغمغم عمها هادرًا: ما سبب هذه الهمجية يا سحر ؟


أسرعت سارة مجيبة بمسكنة: أبي كنت أناقشها لكنها هي تهجمت فورًا علي، هل رأيت كيف تعاملني دومًا وكأنني كيس ملاكمة لها.


صرخت بها سحر بحنق: كفاك كذباً وتمثيلاً أيتها المنافقة..


تقدم عصام و جوليا بعد أن تهادى لهم صوت صراخ قد تعالى بالقصر فإستفسر أباها بجدية: ما الذي جرى هنا ؟


نزلت شادية و فؤاد الدرج مبصرين التجمع الذي كان أسفله محتارين عن السبب، حيث هدر فؤاد مجيبًا بسخط: لا شيئ يا عصام فقط رأيت إبنتك المصون تتهجم على إبنتي و تضربها لا غير.


- و ما هو السبب يا ترى ؟


تقدم زياد مستفسرًا منه بتهكم فهو يدرك طبيعة سارة المتعجرفة تلك، فأجابه فؤاد بحدة: و هل هناك سبب يجعلها تضربها كل مرة..هناك شيئ يسمى حوار و نقاش ..


حول عصام بصره لسحر متسائلاً منها بهدوء: ما الذي حدث يا إبنتي ما سبب هذا الشجار ؟


همت سحر بالإجابة إلا أنّ سارة سبقتها مدافعة عن نفسها: عمي إبنتك من بدأت كنت أحدث شهد لكن...


صرخت بها سحر وقد ضاقت ذرعا بحقارتها: لقد سألني أنا و ليس أنت ..


تقدمت مريم و رقيةx والجتين من باب القصر لتعلو الريبة قلبيهما بسبب الشحنات المرتفعة بالأجواء، فعلا صوت عصام الهادر: كفى.


تقدم رعد هو الآخر وقد علت تقطيبة خفيفة جبينه مفضلاً عدم التدخل حالياً مراقباً الوضع من بعيد فقط، حيث كرر عصام تسائله الحاد لإبنته: أجيبي ما سبب تهجمكِ عليها يا سحر ؟


رفعت المعنية بصرها نحو أباها الذي كان محياه محتد إلا أنّ تقاسيم الحنان لم تغب عنه مجيبةً إياه بنبرة غلفها الوهن: قسمًا بالله هي من بدأت يا أبي ..إستفزتني بعبارات شنيعة ..


قاطعتها سارة مكذبة إياها: كاذبة لم أفعل، بل أنتِ التي بدأت..


تدخلت رقية منبهة إياها بحزم أمومي: سارة دعيها تكمل أولاً..


إلتفتت لها الأخيرة تقول بحنق: لكنها تختلق الأكاذيب يا أمي.


فغمغم فؤاد مستفهما من سحر بصرامة: و هل يستدعي الأمر هجومك عليها ؟


هسهست المعنية مجيبة إياه بشراسة: أجل يستدعي أكثر يا عمي ..


إحتارت منى و مريم من إشتداد التوتر مفضلتين الصمت التام عسى أن ينتهي الخلاف دون تطورات قد تحدث ..


فعقب عصام مستفسرًا بجدية: و ماذا قالت لكِ ؟


غامت عيني سحر تسبحان بالوجع مبتلعة غصة مريرة مصرحة: وصفت شهد مجدداً بخريجة سجون ووصفتني أنا بخريجة بيوت دعارة..


شهقت جوليا في حين توسعت أعين الجميع، فصرخ زياد بوجه سارة فاقداً لرشده معها: تجاوزت حدكِ حقاً أيتها اللئيمة..


هدر به فؤاد بحدة محذراً إياه: زياد لا تتجاوز حدك معها أحسن لكِ..


جادله الأخير بحنق:x عمي أنا أحترمك جداً لكن إبنتك تطاولت بما فيه الكفاية علينا..


حول المعني بصره لإبنته سارة مستفسرا منها بغضب: هل صحيح قلت هذا ؟


راوغت المعنية كذبا مصرحة: أبدًا يا أبي لم أفعل..إنها تختلق الأسباب فقط كي تتشاجر معي ..


صرخت سحر بها معقبة: بل قلتها أيتها الحقيرة.


أيدتها شهد بقولها: أجل فعلت ومنى تشهد على ذلك أيضًا فقد سمعتها..


حول عصام بصره حيث منى مستفسرا بصبر كبير: هل حدث ذلك يا منى؟


إرتبكت الأخيرة من الشحنات المنتشرة بهذا الموقف قائلة: أجل سمعتها تقول ذلك.


هدرت بها سارة بحنق: تكذبين فهما صديقتيكِ طبعاً لهذا ستكونين بصفهما..


تدخلت شادية بجدية: سارة رجاءًا منى ربيتها على الصدق و عدم الضلم لهذا هي لا تكذب بمثل هذه الأمور.


تدخلت جوليا بحزم تقول: سارة إعتذري منهما فورًا ؟


رفعت المعنية حاجبها بتهكم مستفسرة: عفواً ؟


هدر بها عصام وقد إمتقع وجهه: كما سمعت، هذا تجاوز كبير بحق إبنتي لهذا إعتذري منهما حالاً


تراقص الجنون بمقلتي الأخيرة مرددة بسخط: لن أفعل يا عمي، إبنتك همجية ووقحة لا تستحق الإعتذار أصلاً.


هدر بها فؤاد منبها إياها بأن تصمت:x سارة ..


فقدت سحر صبرها تشعر بدمائها تغلي فتهجمت عليها ممسكة وشاحها هادرة بها: تقذفينني بشرفي أيتها الحثالة فوقها لا تعتذرين..


أسرع عصام بالقبض على رسغها محاولاً إبعادها عن إبنة عمها في حين جذب فؤاد إبنته عن قبضتها هادرا بها بغضب حقيقي: كفاك توحشًا


أبعد عصام سحر عن الأخرى فصرخت الأخيرة بوجع من أعماق جوارحها: تستحق ذلك، ألم تصفني بخريجة بيوت دعارة...


صرخ فؤاد هو الآخر بوجهها: وهل ما قالته كان كذبا مثلاً حتى تتهجمي عليها هكذا ؟


بهتت سحر تشعر بضربة عنيفة تخترق قلبها، في حين وضعت منى وشهد التي تساقطت دمعتها على وجنتها كفيهما على ثغرهما تمنعان بروز شهقة الصدمة..


تصلب جسد عصام الذي كان يقبض على جسد إبنتة بحضنه فجأة كأن الشلل قد أصابه، فتسارعت أنفاس جوليا و إنحسرت نيرانها هامسة بإنشداه حقيقي:x هل تعي ما قلته توًا يا فؤاد ؟


حولت مريم عيونها المغرورقة بالدموع لأخيها عصام الذي كان يناظر أخيه بجمودٍ تام دون النبس بحرف واحد، ليتقدم زياد من عمه و قد نال الغضب منه مرددًا بفحيح:x من حسن حظك أنك عمي فقط..


تقدمت جوليا بسرعة مبعدة زياد هادرة به مدركة أن الأمر بدأ يخرج عن السيطرة:x غادر يا زياد و لا تخطئ بحق عمك ..


إستشاط زياد فاقداً لصبره صارخاً بجنون: تبًا هل سنطعن من الخارج و من الداخل أيضًا.


تقدم رعد منه مبعدًا إياه هادرا به كي لا يرتكب أي فعل يندم عليه مستقبلاً: و لا حرف يا زياد أباك فقط من سيتصرف، هل فهمت ؟


مسح فؤاد وجهه بعصبية مدركًا غباء قوله فهم بالحديث إلا أنّ عصام هدر بحدة: الفتيات إصعدن فورًا


رج صوته بالمكان ففزعت الفتيات فركضت شهد ثم منى ثم تبعتهما سارة، فإنحنى عصام على رأس سحر مقبلاً إياه هامسًا بدفئ رغم التوتر السائد: هيا يا صغيرتي ..


مسحت المعنية دمعتها الساخنة التي هطلت منفذة أمره بطاعة تامة تصعد عتبات الدرج، فتدخل خالد عله يهدأ الوضع كي لا يحتدم أكثر فأخيه عصام منذ ما حدث بينهما آخر مرة لم يحدثه بتاتاً بل تعمد تجاهله كليا وكأنه غير مرئي بالنسبة له فنبس قائلاً: عصام هو لم....


رفع الأخير كفه بوجهه دون أن تحيد عيناه القاتمة عن أخيه فؤاد وقد ثارت عيناه بغضب أسود هادرًا بشدة: لا يتدخل أحد ..


ليعيد كفيه خلف ظهره مقتربًا من أخيه الذي كسى محياه الندم التام متسائلاً بحدة: يبدو أن لك كلاماً بجعبتك يا فؤاد ...أفحمني به خلافاً أنّ إبنتي خريجة بيوت دعارة طبعًا ..


أردف الأخر معتذرًا: لم أقصد ...


هدرت عيناه بعاصفة كاسحة وهو يقول بصرامة مخيفة: هذا ليس جوابا لما أريد ..يبدو لك إعتراض على شخص إبنتي ؟


تنهد فؤاد مصرحًا بغضب هو الآخر: عصام أنت تراوغ نفسك لا غير ...إبنتك صحيح أنها ضحية لتلك الخطة لا غير، لكن قبل حدوث الأمر كلنا نعلم أنها كانت همجية و شرسة بل وصل بها الحد للتوحش أصلاً،x لا أحد يستطيع الحديث معها و كل حرف منا تُؤوله هي على حسب مزاجها وبعدها تتطاول بلسانها الوقح ذاك ..لماذا لا تكون هادئة مثل بناتنا كسارة و منى مثلاً، أو أنّ عليها أن تكون متمردة كي تثبت ذاتها علينا..


جزت جوليا على أسنانها مستفهمة بسخط: وما خطبها إبنتي يا فؤاد بماذا أزعجك يا ترى ؟


لاذ الصمت بين الجميع مترقبين للوضع الذي علت خطورته حين أجاب فؤاد بضيق: لا أقصد الإهانة لكن إبنتكما كتلة شراسة يا جوليا، صدقا التعامل معها صعب جدا..


همت جوليا بالرد إلا أنّ عصام سبقها وقد علت بسمة ساخرة ثغره قائلا: ماشاء الله لم أكن أعلم أنّ لك كل هذه الضغينة تجاه صغيرتي يا أخي ؟


هدر فؤاد موضحًا بعدها: ليست ضغينة يا عصام لكنها الحقيقة، سحر شخصيتها متوحشة وصعبة المراس حقا ..


أومئ له عصام وقد علا محياه الغموض التام مرددًا بتهكم: كلامك صحيح طبعًا يا أخي، لن أنكره مطلقاً هذه هي إبنتي، فليسمعها الجميعx إذًا سحر إبنتيx متوحشة وشرسة و متمردة و صعبة المراس كما قلت و عنيدة و جامحة ولسانها حاد وطويل، أنا أباها و لا أستطيع أحيانا مجاراتها.. هذه الصفات يراها الأعمى قبل البصير أكيد..


هطلت دموع سحر الساخنة متمسكة بقوة بالدرابزين تتابع الشجار المقام بالأسفل، فحضنتها شهد من الخلف مقبلة ذراعها ماسحة بحنو عليه عساها تتشرب منها وجعها ذاك ...


فإسترسل عصام قوله بعدها و قد علا صوته الغاضب كدوي الإنفجارات: لكنك نسيت شيئًا مَا يا أخي المبجل...إبنتي سحر ليست مثل منى و سارة هل فهمت ؟x لأنك أنت حين كنت تلف صغيرتك سارة بالحرير و تغدق عليها بالألماس ، كانت وحيدتي و هي طفلة بمكان آخر تمامًا تحارب من حولها كي تبرأ ذاتها، حين كانت إبنتك بحضنك أنت، صغيرتي أنا كانت تقاتل ببسالة كي تدافع عن نفسها و عن أختها،x سحر كانت تقاتل الذئاب البشرية تحمي ذاتها و شرفها و عزتها و كرامتها، إبنتك التي أغدقت عليها بالدلال حينها، قطعة من روحي أنا كانت قد أجبرت على أن تتحول لوحشٍ كاسر كي تعيش بشرف و لا تنكس رأسها لمخلوق ..


وقف الكل مصدومًا من وقع كلماته فرفع عصام سبابته مشيرًا لأخيه الآخر خالد و قد إنتفخت أوداجه والعرق بصدغه ينبض بجنون متابعًا قوله الغاضب: حين كانت منى تحت جناح والديها تتمتع بالراحة و الأمان و الكل كان يحتويها ببذخ من بينهم أنا و زوجتي و ولداي و تشبعت بالمعنى الحقيقي للأمان(ضرب بعدها صدره متابعًا بغصة) كانت طفلتي حينها الخوف ينهش قلبها الصغير خوفًا من إنقلاب الوضع مستقبلاً..كانت قد نزعت ثوب البراءة و إستبدلته بالحدة و الشراسة عساها تقف بوجه الجميع فلا يطمع بها مخلوق ... و أيضاً كانت تصارع الوحوش التي أجبرتها قسراً على إعلان التمرد ..هل فهمت يا ذكي ؟x سارة و منى عاشتا بالقصر كأميرتين مدللتين أقصى ضرر قد تتعرضا له هو إنكسار ضفرهما الصغير ..في حين أنّ إبنة أخيك التي وصفتها بكل تلك الصفات كانت مقاتلة صنديدة أجبرت الكل على أن يحسب لها ألف حساب ..فالقصر يناسب الأميرات فقط و للأسف طفلتي لم تعش بين جنباته فقد كبرت بحي شعبي حولها تلقائياً لما عليه الآن ..و لست أستعير من هذا التحول أبدًا فالحمد لله إبنتي بقوة ألف رجل من أمثالك أنت.


فقبض بعدها على ياقة أخيه مهسهسًا بجنون: لهذا يا فؤاد ما قلته عن صغيرتي لن أنساه لك أبدًا .. أبدًا سمعت ؟


فدفعه بعدها مما جعله يتقهقر للخلف مناديًا بحدة زلزت المكان:x جوليا.


إزدرت الأخيرة ريقها ماسحة دموعها المنسابة و قد أجابت بصوت هارب: نعم.


هدر بها عصام بنبرة صارمة لا تقبل الجدال: جهزي الحقائب سوف نرحل لقصرنا الآخر ..


توسعت عيني الأخيرة في حين شهق الجميع بإنشداه حقيقي، فبكت مريم بشدة متقدمة من أخيها مترجية إياه: أخي لا تفعل أرجوك..لا تتركنا.


تقدم فؤاد محاولاً تصحيح غباء قوله: أخي من فضلك إسمعني ...


هدر به عصام بشراسة: أغلق فمك ..منذ هذه اللحظة لا إخوة لدي...


سقطت دموع شادية و رقية بالآن ذاته ، حيث كان قد تهادى صوت صارم لمسمعهم:x ما سبب هذه الجلبة ؟


حول الجميع بصره لجدهم الذي كان يبدو على محياه الغضب فأسرعت له مريم مجيبةً بصوتٍ متهدج: أبي عصام سوف يرحل من القصر رجاءًا أوقفه..


توسعت عيني جاسم موجهاً بصره لوليده البكر مستفسرًا بحزم: هل صحيح ما قالته أختك يا عصام ؟


زفر عصام بحرقة مرددًا بإيجاب: أجل يا أبي لم يعد لي بقاء هنا للأسف.


هدر به جاسم بنبرة غلفها الحنق: عندما يكون ذلك رأيك لوحدك حينها نفذه ..لكن ما سبب هذا القرار المفاجئ يا ترى؟


أسرعت مريم بقولها الشاكي: لقد تشاجر توًا مع أخي فؤاد و سابقا مع خالد يا أبي ..


أومئ لها الأخير مشيرا بعكازه لأبنائه هادرا بهم: إتبعوني فورا.


::


بعد لحظات مرت إستمع فيها جاسم لما حدث من أولاده الثلاثة كان قد ضرب المكتب بعكازه مربكا إياهم: هل أنتم أطفال، ماذا تركتم لأولادكم إذا ؟


جادله خالد مرددًا: أبي عصام منذ ذلك الوقت لا يحدثني بتاتا حتى أنني إعتذرت كثيرا دون جدوى.


تنهد فؤاد معقبا هو الآخر: أبي من فضلك هلا تدخلت وأقنعته بأنها لحظة غضب فقط.


إتقدت مقلتي جاسم شررًا مدركا فداحة تصرف إبنيه فحول بصره لبكره مستفهما بحزم: ما هو ردك يا عصام ؟


هز الأخير كتفيه مجيبًا ببرود:x لا رد لدي سوى أنه منذ هذه اللحظة لا إخوة لدي يا أبي.


عبس خالد مجيبًا بسخط: عصام بالله عليك لا تبالغ.


تجاهله المعني كأنه غير موجود في حين هدر فؤاد بضيق حقيقي: هل سوف تعادينا بسبب لحظة تهور وغضب لا غير ..


فقد عصام صبره على حججهما التافهة هادرا بهما: كفاكما حقارة و نذالة ..لستما سوىx أنانيين لا غير


توسعت عيني خالد وفؤاد هذا الأخير همس بذهول: نحن أنانيين يا أخي؟ !


تراقص الجنون بمقلتي عصام مجيبا إياهما بنبرة زعزعت المكان: أجل أنتما كذلك وأكثر ..


فأشار لأخيه خالد الأصغر مسترسلاً بغضب أعمى قائلا: لا أحب ذكر طيب خلقي مع الغير لكن بهذه اللحظة دعني أفرغ كبتي قليلاً، أنت يا خالد حين كنت دون أطفال أنا بوقتها كان قلبي يتمزق على أخي الأصغر فكنت أستغل سفري بين الدول كالكلب أبحث لكما عن حل طبي عسى أن يفرح قلبك أنت و زوجتك بطفل صغير و بالتالي سأسعد أنا لأنك أخي و ضلعي و رغماً عن أنفي يجدر بي أن أسندك و أقف بظهرك و طوال السنوات الماضية و لحد الساعة كانت منى إبنتي تمامًا فلم أفرق بينها و بين ولدي الإثنين، بل بالعكس كثيرًا من الأحيان كنت أفضلها هي عليهما(ليحول بعدها سبابته لفؤاد معقبا وقد غشيت سحب الغضبx رؤيته) و أنت يا فؤاد إبنيك طوال حياتي كانا مثل إبني و أكثر و لحد الساعة أحمل هم عماد و أبذل كل جهدي كي أقَوم تصرفه و أعيده لصوابه، وهذا ليس إحسانًا أو تفضلاً مني، بل ببساطة أنا عمهما و بمقام والدها لهذا أضع على عاتقي الحرص على سلامتهما كما أفعل مع أولادي ..والمقابل ماذا هَا ؟


علاَ صوته الغاضب مجددًا كدوي المدافع وقد عجز أخويه عن الدفاع عن نفسهما هادرًا: المقابل هو أن يتم الشك بإبنتي ..لا بل عاملاهما كأنها مذنبة حقا، بدلا من أن يحتوياها ويضمانها تحت جناحهما و يساعداني جراء الموقف العصيب الذي تمر به عائلتي الصغيرة فيخففا عنها كأي عم مهتم وحنون، قاما بكسرها أكثر و أكثر و كأن صغيرتي المسكينة لا ينقصها كسر المجتمع لها حتى ينهيا مقتلها بفعلتهما هما ...


قاطعه فؤاد مدافعا عن ذاته: والله لم نشك بها يا عصام ؟


هدر به الأخير بجنون: أغلق فمك ولا تفقدني صبري يا فؤاد أحسن، فبالكاد أتحمل وجهكما ..


ضرب جاسم المكتب بعكازه مقدرا جدا غضب إبنه ليشير لخالد و فؤاده وقد إتقدت عيناه حدة: إعتذرا فورًا له


همس خالد بندم حقيقي:x عصام حقك علينا، رجاءًا أخي...


قاطعه عصام وقد ثارت عيناه بحنق: لا يهمني فلقد حذفتكما من حياتي نهائيا ..وسأغادر القصر مع أسرتي ..


تحرك بعدها قابضا على مقبض الباب إلا أنّ صوت أباه جعله يتصلب بمكانه: لا مغادرة لكم من القصر يا عصام.


لم يستدر له الأخير مجيبًا بحدة مداريا بها غصته المريرة: أبي من فضلك ..لا بقاء لي هنا.


هدر به جاسم بنبرة جادة لا تقبل الجدال: والله لو رحلت من القصر سوف أتبرئ منك ليوم الدين.


شعر ببرودة تخترقه فجأة و مشاعر شتى تجتاحه و تبعثره ليزدري لعابه بصعوبة ملتفتا لأباه مرددًا بآخر ذرات قوته:x رجاءًا يا أبي لا تكسرني أنت أيضاً..


عزت على الأخيرx مشاعر أبوته وقد رق قلبه لبِكره إلا أنه أجاب بحزم: أنت أب يا عصام وتدرك جيدا أنك لو كنت مكاني لفعلت نفس الأمر كي تحمي صغارك من التفرق فتضيع ريحهم سدى..لهذا ما دام هناك نفس ينبض بصدري لن أسمح بفرقتكم يا ولدي..


غامت عيني عصام تسبحان بالوجع فأردف بنبرة حادة غلفها القهر: لا أستطيع البقاء معهم، قدر موقفي أرجوك ..


نبس فؤاد يطلب عفو أخيه الأكبر: عصام يا أخي من فضلك...


ضرب جاسم المكتب بحدة فرج صوته بالمكان هادرا به: ولا حرف ..لا تغادر يا عصام و أي حكم تصدره بحق أخويك سوف ينفذ فوراً هذا عهد مني.


إزدر المعني مرارته التي كانت كالزجاج تدمي حلقه فهدر بصرامة لا تقبل المفاوضة: حسنا لن أكسر كلمتك يا أبي بشرط واحد لا ثاني لهما..


أومئ له أباه مشيرًا له بالتعقيب قائلاً: تفضل ..


هدر الآخر بغضب: لساني لا يخاطب لسانهما و إذا قدر الله و مُتُ فجنازتي أيضًا محرمة عليهما..


توسعت عيني أخويه فهدر خالد بحدة: ما سبب كل هذا يا عصام ؟


أجابه المعني والعرق بصدغه ينبض بجنون: لأنه إتضح بأنني في حالة ما تمت وفاتي فلن ترحما أطفالي ..الحمد لله أنني لم أمت لحد الساعة و أنا الذي أحمي وأدافع عن صغيرتي ..سحر التي سألتني سابقا إن كنتما سوف تكونان أهلاً للحفاظ عليها إذا ما كنت أنا وجوليا ميتين ..لكنني حينها تفاخرت كالغبي بأنكما نعم العمين وظننت أنها تبالغ بتوجسها لمن حولها بسبب فقدانها للأمان بسنواتها السابقة ..لكن يبدو أنّ حدسها كان صحيحاً تمامًا ..


هم فؤاد بالتحدث إلا أنّ عصام رفع كفه بوجهه مرددًا بحدة:x كفاك تبريرًا ..هذا هو شرطي ..


ناظره جاسم بعيون مبهمة فتنهد بعدها مجيبًا: لك ذلك..


ناظره كل من فؤاد وخالد بتفاجئ فعقب الأخير بذهول: أبي هل تؤيده بلحظة غضبه هذه.


هدر به أباه بحنق: لأنكما غبيان تستحقان ذلك نتيجة تهور و عدم أعمال الحكمة و العقل ..والآن غادرا من أمامي فورًا..


طحن فؤاد ضروسه مغادرًا بغضب فتبعه أخيه هو الآخر، حيث أسند عصام نفسه على الجدار يطالع الأرضية بصمتٍ تام شاردًا بفكره فأشفق عليه أباه مفضلاً تأجيل الحديث معه عن موضوع أخويه و مسايرا إياه برد فعله العنيفة حتى يهدأ الوضع تماماً و يخف الضغط النفسي عليه، فإستفسر بجدية: هل فكرت بالموضوع الذي إقترحته عليك ؟


هاجمه الوجع بقسوة مجيبًا بتعب: جوابي واحد يا أبي...لن أرمي صغيرتي بزيجة فاشلة.


زفر جاسم مرددًا بصبر: لست بوضع يسمح لك بالتشرط يا عصام، يجب حماية إبنتك و شهد خاصة من تبعات هذا الأمر، كأب يجب عليك التنازل قليلاً و ركن العاطفة على الجانب وتحكيم العقل لا غير..


نفى عصام مردفًا بنبرة غلفها الألم: لا أستطيع و الله...لن أكسر ضلعي الثابت بحنايا صدري يا أبي..


تنهد جاسم قائلاً بحزم: دع القرار لهما فقط و نحن سنتصرف بناءاً على ما يتخذانه.


آثر عصام الصمت مغادرًا المكتب تحت أنظار أباه الذي جلس بوهن تام قد تملكه يدعو الله بالفرج لا غير.


غادر عصام القصر ينزل عتبات الدرج بروح هائمة يشعر بسكاكين من القهر..و الوجع..تطعنه وتمزق فؤاده على صغيرته، تلك الأميرة البهية التي لا تستحق كل هذا العذاب الذي طالها بقسوة فجة، لينصهر قلبه عليها أكثر فأكثر ممزقًا شرايين روحه عليها وقد إتسع خرابه الداخلي هامسًا بقهر أب: ليتكِ ما عدت يا إبنتي...ويا ليتني ما رأيت الإنكسار بعيناكِ تلك الذي ذبحتني..


في حين خرجت سحر لشرفتها تمسح دمعتها المنسابة عساها تتنفس وتوقف إختناقها فأسندت نفسها على الشرفة لتقع عيناها على أبيها الذي كان واضعا كفه على سيارته وقد إنحنى ظهره قليلاً لتهطل دموعها الساخنة بشدة و قد خنقتها العبرة عليه أكثر..


توقفت سيارة أدهم بباحة القصر مترجلاً منها فلمح أباه هو الآخر قرب سيارته الخاصة فعلت تقطيبة خفيفة جبينه متجها نحوه.


حيث رفع عصام كفه لمقدمة قميصه يفك أولى أزراره وقد داهمه الإختناق و قبضة عنيفة تشتد على قلبه وتعصره بقوة أكبر فسقط على ركبتيه بعد أن أصبحت أقدامه هلامية محاولاً التنفس بصعوبة، فإتسعت عيني أدهم على أوجها هادرًا بصرخة عنيفة رجت بالمكان: أبـــي..


ركض له بسرعة فائقة و قد إختلج قلبه رعباً عليه و جثى أمامه محتويا إياه بين ذراعيه ينادي عليه، في حين قد توسعت مقلتي سحر بعد أن أبصرت إرتخاء أبيها بين ذراعي أخيها الأكبر فغادرت شرفتها بسرعة متوجهة له تبكي بمرارة مزقت نياط قلبها..


نادى أدهم على أبيه الذي كان يحاول التنفس فهمس بوهن وكلمات متقطعة: أختيك أمانة بعنقك يا ولدي..


فزمجر أدهم ينادي على والده يهزه بين ذراعيه وقد سقط رأس الأخير و إرتخت يديه على الأرض كجثة هامدة فقدت الحياة.


:
•♡•
:

🍂 إنتهى 🍂


☘️Yasmina Messaoud☘️



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 25-01-23 الساعة 03:45 PM
يسمينة مسعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-23, 01:34 AM   #449

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 5 والزوار 26)
‏أميرة الساموراي, ‏يسمينة مسعود, ‏Moi Esraa, ‏قسيس, ‏المسك الطيب

وها قد شرفت سيدة الرواية يسمينة مسعود هههه


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-01-23, 02:37 AM   #450

زهراء يوسف علي

? العضوٌ??? » 483901
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 332
?  نُقآطِيْ » زهراء يوسف علي is on a distinguished road
افتراضي

بوركت وبورك قلمك ما شاء الله تعالى عليك
في انتظارك دائما دمت متألقة


زهراء يوسف علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:10 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.