آخر 10 مشاركات
جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          398 - لن تسامح - داي لوكلير (الكاتـب : سيرينا - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          الآتية من بعيد - مارغريت روم - ع.ج** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2701Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-07-23, 06:33 PM   #311

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايمان صفي مشاهدة المشاركة
اشتقنالك فيه فصل اليوم؟
وانتوا كمان وحشتوني???? جاري التنزيل ????


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 03-07-23, 06:50 PM   #312

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون
عشق بمذاق السُكر وفراق بمذاق العلقم
***
لم تمر عليها الليلة الماضية عادية بل كان القلق يقتات على كل ذرة بكيانها حتى جافاها النوم،شعورغريب يسري بأوردتها،شعور حارق بالخوف والقلق على كريم وهو غائب هكذا لم يتوصل إليه أحد وهاتفه مُغلقًا،شعور لم تختبره من قبل مع رجل غير والدها ومشاعر تخرج عن نطاق مشاعرها مع والدها وعبدالرحمن وفؤاد وجدها،هي نفسها عاجزة عن تفسير حالتها ولا يهمها هذه اللحظة التفسير،كل ما يهمها أن تطمئن عليه،تسمع صوته،تراه أمام عينيها وقتها ستشبعه لومًا قاسيًا على غيابه الغير مُبرر عنها أو ربما يغلبها قلبها ويسامحه ما إن يراه بخير،قلبها!ما له قلبها ينغزها منذ أن سمعت خبر اختفاؤه،نبضها متسارع وكثيرًا ما تشعر بالاختناق.
لم تتحمل شطط أفكارها فنفضت الغطاء عنها والاختناق بصدرها يتضاعف فتغادر الحجرة حتى استقر بها الحال بالحديقة تتنسم الهواء البارد وما إن يستقر برئتيها حتى تزفره ساخنًا.
-صباح الخير يا شروق.
التفتت خلفها على صوت والدها المُباغِت وتمتمت بعينين يشع منهما القلق رغم عنها
-صباح الخير يا بابا.
اقترب منها تيمور الذي للتو صحى من نومه وأخذته قدميه إلى الحديقة حين رأى بابها مفتوحًا وأردف باهتمام
-هل هناك شيء؟
رفعت عينيها الحائرتين نحوه، كانت تريد أن تحكي له وتأخذ مشورته وفي نفس الوقت شعور بالخجل يغمرها وما بين الشعورين ضعُفت أمام نظرة الاهتمام والقلق بعينيه فلاذت بحضنه أولًا وتلقاها بحنان دافق كعادته فتمتمت بصوت مُرتعِش وهي تُشدد من ضغط ذراعيها حول جذعه
-أنكل وليد عرف ما يخفيه عنه كريم،تجمعت قطرات الدموع بمقلتيها وهي تردد :هل تصدق أنه طرده من البيت ومن وقتها وقد اختفى ولا يعرف أحد أي شيء عنه! ثم تمتمت باختناق:هل هناك أب يفعل ما فعله أنكل وليد!
شعر تيمور بالاستياء مما فعله وليد ولكنه لم يغفل فيض المشاعر التي يشعر بها بداخل ابنته،اختناق صوتها وضيقها ومتأكد من أن ما تخفيه بداخلها أكبر بكثير مما تبديه،ضمها بحنان وتمتم بهدوء
-لا تقلقي بالتأكيد يجلس عند أحد من أصدقائه وبخصوص والده فهذا رد فعل لحظي وبإذن الله يتجاوز صدمته في أقرب وقت.
لم تستطع النطق فلاذت بحضنه ثانية وقد خانتها عيناها وجادت بدموع حاولت التحكم بها دون فائدة ورغم أن أي أب يزعجه انهيار ابنته وتؤذيه دموعها إلا أن الأمر بالنسبة لتيمور كان مُختلِفًا فدموعها وإحساسها المُرهف مؤشر جيد بالنسبة لحالتها فإلى جانب ضيقه من حزنها شعر بسعادة خفية لأجلها.
***
بعد مرور عدة ساعات
بالمشفى في مكتب وليد
دلف تيمور إلى الحجرة بعد أن طرق بابها وألقى السلام قبل أن يجلس بجوار وليد على الأريكة.
رد وليد السلام بشرود أقرب إلى الفتور فدخل تيمور في صُلب الموضوع مُباشرة قائلًا بجدية
-لمَ فعلت ما فعلته مع كريم ألم تجد طريقة أفضل لاحتواء الأمر؟
أردف وليد بجمود -لا لم أجد،ثم تمتم متسائلًا بشك:من أخبرك أنت بما حدث؟
ردد تيمور بعد زفرة قصيرة
-تالين أخبرت شروق والجميع في حالة قلق عليه.
كان وليد أولهم في القلق فقد كان قلبه ينغزه على ابنه ولكنه يُكابر فأردف بعناد
-هو من فعل بنفسه هذا تخيل أن يعيش ابنك معك لسنوات تأكلان وتشربان وتعملان معا وفي النهاية يُخفي عنك أمر كهذا !ازدادت حدة انفعاله واحتقان وجهه وهو يردد:ويكذب أيضًا فيخبرني أنه يعد الدراسات العُليا وهو يدرس مجال مُختلف كُليًا عن المجال الطبي!
حاول تيمور تهدئة الوضع فأردف باندفاع-صدقني كان سيُخبرك ولكن لم يكن يعرف كيف يفعلها فقد كان يتجنب انفجارك هذا.
ضيق وليد عينيه وهو يعتدل في جلسته وهو يواجه تيمور قائلًا بهدوء حذر-أنت كنت تعرف؟
أغمض تيمور عينيه لثوان ثم أردف وهو يتدارك الأمر
-من فترة قريبة جدًا حين فاتحني في أمر ارتباطه بشروق وبالطبع نبهته لضرورة اخبارك ووعدني أنه سيفعلها ولكن كما قلت لك كان يخشى انفجارك.
هز وليد رأسه والغضب يضرب بها فيحمر وجهه انفعالًا وأردف وهو يجز على أسنانه-وأنا أخر من يعلم!
زفر تيمور زفرة ضائقة ثم ردد وهو يتمالك نفسه
-يا وليد حاول أن تخرج من الزاوية الضيقة التي تنظر للأمر منها وفكر من وجهة نظر ابنك و..
قاطعه وليد بانفعال وهو يعتدل ويستقيم واقفًا فتهتز الأريكة مع حركته المُفاجئة الغاضبة
-بل ضع نفسك أنت مكاني وأنت ترى حُلم العمر يضيع أمام عينيك وابنك أو ابنتك ينحرف مسارهم الدراسي والوظيفي عما خططت،ثم أردف بنفس الانفعال:ولكنك لن تشعر بي فشروق تعمل مهندسة كما أردت أنت وها هي شمس أخذت وضعها معك بالمشفى لو كانت إحداهما غيرت مجال عملها كنت وقتها ستشعر بي.
ناظره تيمور بصمت قصير،يُقدر حالته وانفعاله ويُقدر أنه ليس بوضعه الطبيعي وما يخرج من بين شفتيه أثر انفعاله فأردف بهدوء وهو يعقد كفيه معا ويميل في جلسته للأمام
-وشيري حين اختارت مجالا آخر هل اعترضت؟ وسمر ابنة فريدة حين اختارت مجال بعيد كل البعد عن المجال الطبي كأخويها فريدة أيضًا لم تعترض،الفكرة أنه يجب علينا احترام اختياراتهم في الحياة.
أردف وليد وهو يشعر بالانفعال الشديد مما فعله ابنه والخوف الشديد عليه يطوقانه حد الاختناق
-إذن ستحترم اختيار عبدالرحمن وشيري وستوافق على زواجهما؟
قالها بنظرة ثاقبة ونبرة خاصة وكل ما يريده اللحظة أن يفهمه أحدهم ويضع نفسه بموضعه ويكفون عن اسقاط اللوم عليه لما فعله مع ابنه أما تيمور فلاذ بالصمت التام فمن جهة يُقدر انفعال صاحبه ويعذره ومن جهة لا يجد رد قاطع يجيبه به.
***
حين خرج تيمور
من مكتب وليد بعد أن فشل في التأثير عليه ايجابًا رأى الدكتور إحسان الذي كان يبحث عنه وحين وجده أردف
-صباح الخير دكتور تيمور كنت أبحث عنك.
-صباح الخير دكتور إحسان خير إن شاء الله؟
ردد تيمور كلماته باهتمام فأردف إحسان-هل تتذكر حين كنا نتحدث أخر مرة وقلنا أن عدد أطباء الأسنان تجاوز العدد الذي سبق وحددناه؟
هز تيمور رأسه ثم أردف بجدية
-نعم وأتذكر أنني قلت لك أن هذا الأمر لا يهم وأنني لن أقطع عيش طبيب منهم وأن الزيادة في عدد الأطباء أفضل من نقصانهم.
أردف إحسان موضحًا-نعم ولكن كل ما في الأمر أن الدكتورة جميلة كانت تحتاج أطباء للمركز الخاص بها كما أخبرتك وعلاء أخبرني بما معناه أن يامن يريد أن ينتقل إلى هناك.
انتبه تيمور وأردف بعينين متفحصتين-يامن نفسه أخبرك بذلك!
ردد الرجل موضحًا -هو لم يقلها لي صراحة ولكن من حديث علاء معي استنبطت أنه يريد وربما يشعر بالحرج لذلك أرسل صديقه المُقرب فبالتأكيد علاء لن يفعلها من تلقاء نفسه.
أخذ إحسان يشرح لتيمور بإيجاز ما قاله له علاء ولسبب غير معلوم لم يشعر تيمور بالارتياح شعر بأن هناك شيء غير مضبوط أو أن القصة ناقصة للكثير من التفاصيل ولكن ذهنه المشغول بهموم أبنائه وباختفاء كريم وانطفاء شروق وأمر عبدالرحمن وشيري جعله يتجاوز الأمر ويقول لإحسان
-أنا أثق بك يا دكتور إحسان تصرف في الأمر بالشكل المُناسب.
قالها ثم استأذنه لينصرف ويتابع عمله.
***
دلفت سمر من باب البيت وهي تشعر أن قدميها لا تُلامسان الأرض وكل كلمة نطقها فارس وكل همسة يتردد صداها بأذنيها بألحان عذبة فتدندن بصوت عذب وهي تخطو نحو غرفة المعيشة الخالية
-ودارت الأيام... ومرت الأيام
ما بين بعاد وخصام
وقابلته نسيت إني خاصمته
ونسيت الليل اللي سهرته
وسامحت عذاب قلبي وحيرته
معرفش أزاي أنا كلمته.
كانت تتمايل وهي تدندن بسلطنة وتغمض عينيها وعبير زهور يملأ بعبقه المكان فيتخلل رئتيها فتشعر بسُكر يسري بأوردتها إلى أن انتفضت فجأة على صوت فريدة التي تخرج من غرفة الصالون وتردد بصوت مماثل وإن كانت نبرة التهكم به جلية
- مقدرش على بُعد حبيبي
مقدرش على بُعد حبيبي
وأنا ليا مين مين إلا حبيبي.
توقفت سمر بمنتصف حجرة المعيشة وهي تشهق بخفوت تضع كفها فوق صدرها وقلبها قد تضاعفت دقاته وتناظر أمها التي كانت تحمل مزهرية موضوع بها ورود قُطِفت للتو كانت تُنسقها بحجرة الصالون،وضعت فريدة المزهرية فوق طاولة السفرة ثم أردفت بابتسامة متسلية
-أكملي يا ست،لمَ توقفتِ؟
اقتربت منها سمر وهي تردد بنظرات عابثة
-ليس في حضورك يا أمي أكملي أنتِ يا حبيبتي.
مطت فريدة شفتيها وهي تستند بظهرها على مقعد مائدة السفرة وتمتمت بنظرة خاصة
-لا أُحِب جديد أنا حتى أغني بحرارة هكذا.
غمزت سمر بعينها وهي تردد بنبرة متسلية -أنتِ قصة حبك مُستمرة ومتجددة مهما مرت السنوات يا فيري.
لمعت عيني فريدة بابتسامة متسلية ثم أردفت-سلمتِ البحث خاصة أختك؟
هزت سمر رأسها قائلة -نعم.
-ولمَ تأخرتِ؟ لم تكن تحتاج الإجابة فهي تعرفها فردت سمر بابتسامة مشاكسة
-تعرفين أنتِ أمور التسليم والتسَلُم تأخذ وقت كبير.
-وهذا كان داخل الجامعة أم خارجها؟ سألتها بنظرة ونبرة جادة
فأردفت سمر بنظرة مُطمئنة
-داخل الجامعة.
-أنا أخاف عليكِ يا سمر،قلبي لا يطمئن فلا يغريكِ فكرة أنهم أتوا إلى هنا.
قالتها بنظرة متأثرة والقلق بقلبها يتنامى خوفًا على صغيرتها فأردفت سمر بجدية ورجاء بآن واحد
-ألا أستطيع أن آخذ هدنة من الخوف والقلق؟ أنا قلبي تعب بما فيه الكفاية الأيام الماضية،فقط أحتاج هدنة، أحتاج أن ألتقط أنفاسي وأن أستمع إلى دقات قلبي تدق بشكل منتظم.
اقتربت منها فريدة وأحاطت ذراعيها بكفيها وهي تردد بتأثر
-وأنا لأجلك أنتِ أريدك أن تتأني وتفكري جيدًا يا سمر لا أريد لقلبك أن يتألم.
هزت سمر رأسها واختصرت المسافة الفاصلة بينهما وغمرت أمها بعناق دافيء وهي تُردد بخفوت
-أعرف وأقدر مشاعرك وأنا نفسي حتى الآن لا أعرف ماذا علي أن أفعل ولكني كما أخبرتك أريد فقط هدنة قصيرة.
ضمتها فريدة ولو عليها تُسكِنها ضلوعها فتحميها من شرور الناس أجمعين ولكنها كبرت ولابد لها من مواجهة الحياة وليت الحياة تكون حانية على فلذات أكبادنا كحنان ضلوعنا التي احتوتهم حتى خرجوا إلى الدنيا ولازالت تحتويهم كلما تعثروا.
***
كانت فريدة تطمئن على فؤاد الصغير بحجرته وأنه يأخذ مراجعة الإختبار القادم على جهاز الكمبيوتر خاصته بعدها تركته واتجهت إلى المطبخ أخذت قرص للصداع ابتلعته مع بعض الماء وجلست على المقعد وعينيها شاردتين في اللاشيء عبر النافذة المفتوحة،صداع أصبح لا يترك رأسها من كثرة التفكير، تشعر أن ذهنها به خيوط صوف ملونة متشابكة ولا تستطع فك النزاع بينهم،كلمات الجد إبراهيم وهو يعتذر عما بدر من ابنه ويعدها أن كل شيء سيكون بخير،اعتذار نسمة ومحاولتها تلطيف الأجواء معها هي وعبدالرحمن بعد ما فعله عمر حتى أنها طلبت أن تأتي لزيارتها ولم تستطع فريدة الرفض حتى شيماء أيضا حدثتها ولم يختلف رد فعلها عن إبراهيم ونسمة،انطفاء عبدالرحمن يؤلمها عجزه عن تحقيق حلمه يشق قلبها نصفين،حالمية شيري وعدم معرفتها بأي شيء عما يحدث يُشعرها بالخوف عليها إن عَلِمت وهي تعرفها كغصن لين من هَبِة ريح ينخلع من موضعه،تيمور... تيمور الذي تشعر به غامضًا ولا تعرف بمَ يُفكِر وعلاقتهما التي تشعر بتوترها تجعلها تشعر بنفسها كريشة في مهب الريح، وسمر ... سمر وقلبها الذي تعلق بفارس وهي كأم لا تستطع أن توافق على زيجة بهذه المُعطيات .
أحاطت رأسها بكفيها والصداع يزداد ضراوة فتتناول حبة صداع أخرى.
-لمَ تجلسين وحدك حبيبتي؟
قالتها شيري وهي تحيط كتفي فريدة بكفيها وتطبع قبلة حانية فوق وجنتها فابتسمت فريدة ابتسامة واهنة وتمتمت بخفوت
-أبدًا حبيبتي كنت للتو سأدخل لأطمئن عليكِ أنتِ وسهر.
أردفت شيري بسرعة -أنا بخير وأنهيت المادة القادمة والحمد لله،كنت فقط أريد الذهاب للمكتبة التي بأخر الشارع لأشتري أقلام وبعض الأدوات التي أحتاجها.
هزت فريدة رأسها وتمتمت بخفوت
-حسنًا حبيبتي ولكن لا تتأخري،هل معك نقود؟
-نعم معي.
قالتها ثم لَفَتَ انتباهها رائحة غريبة فاقتربت من شعر فريدة المرفوع في ذيل حصان وتشممت رائحته وتمتمت باهتمام
-لقد غيرتِ بارفان الشعر خاصتك.
هزت فريدة رأسها قائلة-نعم أحببت أن أجرب عطر جديد.
أردفت شيري بابتسامة ذات مغزى -رائحته رائعة أين هو؟
ابتسمت فريدة ابتسامة حانية ورددت-بغرفتي على منضدة الزينة.
أشارت لها شيري إشارة إعجاب بابهامها وأسرعت نحو غرفتها لتضع بعض من العطر على شعرها.
***
دلفت فريدة إلى غرفة سهر ومعها كوب عصير برتقال لابنتها المُتعبة منذ الأمس وكانت الأخيرة بفراشها تجلس شاردة بينما تأخذ سمر حمام دافيء،جلست فريدة بجوار ابنتها وسألتها باهتمام-كيف حالك الآن؟
شعرت سهر بقدرتها على الكتمان تتلاشى وبأن حملا ثقيلا موضوع فوق كتفيها،الدموع المتحجرة بمقلتيها أخذت تلين رويدا رويدا حتى تشكلت غيامة كثيفة بعينيها فأردفت فريدة بجزع
-ماذا بكِ يا سهر؟هناك شيء حدث والأمر ليس مُجرد أنكِ مُتعبة.
نطقت جملتها الأخيرة بإقرار ونبض قلبها يتسارع تزامنا مع اتساع حدقتي عينيها جزعا ولم تكُن سهر في غنى عن البوح لأمها ولا عن حضن أمها فشعرت بأنها على وشك الانهيار وبأن كل مؤشراتها الحيوية في حالة انخفاض فرددت بخفوت وهي تغمض عينيها فتبدو بحالة مُزرية
-مازن كان يُخفي علي أمر هام وبالأمس فقط أخبرني عنه.
شعرت فريدة بجفاف بحلقها فرددت بحشرجة وهي تحتضن كفي ابنتها الباردتين-ماذا كان يُخفي هو الآخر؟
فأخذت سهر تحكي لأمها كل شيء بإحباط وتيه وفريدة تستمع إليها بعينين متسعتين لا ترمشان وتردد بصوت غير مسموع فقط شفتيها من تتحركان
-مازن! مازن حدث معه هذا!
***
خرجت شيري من بوابة البناية حتى تذهب لتُحضِر أغراضها كما أخبرت فريدة فتفاجئت بعبدالرحمن الذي يصف سيارته أمام البناية وهو حين رآها أردف عبر النافذة المفتوحة
-إلى أين يا شيري؟
دنت من السيارة ثم انخفضت قليلًا لمستوى النافذة وتمتمت بابتسامة آسرة
-سأذهب إلى المكتبة لشراء بعض الأقلام والأدوات التي أحتاجها في الاختبارات.
مع النسيم العطر الذي هَبّ عليه بدنوها ارتبك قليلًا وتشتت وهو يجول ببصره على تقاسيم وجهها وشعرها الذي يحركه الهواء ثم أردف -لمَ لم تأخذي ما تريدين من غرفتي؟
اعتدلت لتشد قامتها وتضع يديها بجيبي سترتها الجلدية الأنيقة وتمتمت-لأن أقلامك يا دكتور سنها سميك فيبدو الخط بها كبيرا أما أنا فأعشق السن الرفيع الذي يجعل الكلمات منمنمة ودقيقة.
ابتسم وهو يتأمل قدها الرقيق ومشاعر دافئة تغمر قلبه وهو يستعيد في ثوان شكلها وهيئتها منذ اليوم الأول الذي رآها فيه ونموها ونضجها حتى اليوم فيشعر كأنها ابنته التي كبرت على يديه، أو كأنها زهرة غرس بذرتها بيده ورواها وتابع نموها حتى أزهرت فأصبحت يانعة بهذا الشكل الذي يكاد يُفقده عقله،ولكن عقله لابد أن يظل بموضعه فالرحلة على ما يبدو لاتزال طويلة فأردف باتزان
-اركبي إذن حتى أوصلك.
لمعت عيناها لمعة خاصة وتمتمت وهي تتراجع للخلف خطوة
-لا ،إن أردت أن توصلني انزل ونذهب سيرًا الطقس اليوم مثالي.
رفع عينيه إلى السماء المُلبدة بالغيوم وتمتم باستنكار-هكذا هي المثالية برأيك!
قهقهت ضاحكة ضحكة من القلب وأردفت بقلب تتراقص نبضاته بين ضلوعها سعادة -نعم فيا ليتها تُمطِر.
ترك مقعد القيادة ونزل من السيارة بعد أن سحب سترته وأغلق السيارة بجهاز التحكم ثم ارتدى سترته الثقيلة وأردف وهو يضع مفاتيحه بجيب السترة
-أنا أعرف أنكِ مجنونة يا شيري.
مطت شفتيها ثم تمتمت وهي تستمتع بحديثه معها ونظرته وكل ما يصدر منه-ثم؟
لم يجد مفر من قولها مع نظرة تؤيد ما تنطقه الشفاه ويخرج من القلب
-ثم أنني أعشق هذا الجنون.
اختلج قلبها سعادة ونبضه يعزف ألحان شديدة العذوبة فأردفت بابتسامة واسعة ونظرة لامعة ببريق الحب والحياة حين يمتزجان مع بعضهما فتتوهج النظرة وكأن شمس أشرقت بهاتين العينين وحين غربت سكن مكانها كوكبين دُريين
-وهو المطلوب يا دكتور العشق هذا هو مفتاح الحياة دونه نظل واقفين طوال العمر عند الباب.
اتسعت عيناه بابتسامة من وصفها فلم تُمهله الفرصة للتفكير أو النطق وهي تُسرع الخطى تولي ظهرها للطريق ووجهها له -هل تتذكر حين كنا صغار ماذا كنا نفعل حين تغيم وتُمطر؟
ابتسم وذكريات سنوات الصبا معها تمر أمام عينيه ملونة بألوان الربيع وهز رأسه بابتسامة حلوة فأسرعت الخطى للخلف وهي تردد بتهور-تسابقني؟
ضيق عينيه وهو يردد باستنكار-في هذا السن!
أردفت بنظرة خطرة -ما به السن أنا لا زلت صغيرة حتى انظر.
قالتها وهي توليه ظهرها وتسرع الخطى على الرصيف المؤدي لنهاية الشارع وهو خلفها يسرع الخطى وهو يردد باستنكار
-انتظري يا بنت ،انتظري يا مجنونة ماذا سيقول الناس عنا!
قهقهت ضاحكة وهي تنظر خلفها تجده يُسرِع خلفها وأردفت -لا يهمني من الناس جميعًا إلا أنت.
قالتها بصدق شديد فهي فعليا لا ترى إلاه وهو ظل خلفها حتى وصل إليها فجذبها من ذراعها وهو يردد -كفى جريا سيري كالعقلاء.
توقفت وهي تلهث وتمتمت وهي تغمره بنظرة حانية -حسنًا من أجلك فقط لأنك تقدمت في السن ولن تستطيع أن تلهث خلفي.
قهقه ضاحكًا وهو يسير بجوارها وهي أنفاسها تتسارع بصوت مسموع وشعرها يتناثر على جانبي وجهها الذي تضرج باللون الأحمر فأردف بابتسامة صغيرة-تشبهين وردة الجوري حين تكونين بحالة مزاجية عالية ويتضرج وجهك بالحُمرة هكذا.
اهتزت شفتيها وهي تسير بجواره تستمع إليه وترفع إليه وجهها فأردفت بابتسامة صغيرة وعيناها تزدادان بريقا-هذا إطراء أم غزل؟
مط شفتيه وتمتم ببراءة مصطنعة -هذا وصف دقيق ليس أكثر.
شعرت بقلبها الذي كان يتراقص بين ضلوعها يسقط بين قدميها من نظرته الأبعد من حدود العشق وتمتمت بخجل وهي تشيح بوجهها بعيدًا وتنظر أمامها حتى لا يقرأ ما بعينيها من أمنيات مُعلقة
-وأنا أعشق دقتك يا دكتور وهذه ميزة أن تحب الفتاة طبيب أن يكون بهذه الدقة ثم تراجعت وهي تعود بعينيها إليه ثانية وتردد:لا ليس كل الأطباء هكذا بالتأكيد، أنت لا يوجد مثلك يا عبدالرحمن.
كانا يسيران ببطء ولا يشعران بشيء ولا أحد وكأن الكون قد خلى الا منهما فأردف بجدية شديدة
-لمَ أشعر حين تنطقين حروف اسمي أنكِ تنطقين كلمة أخرى ؟ لا أعرف لم دائمًا تتداخل معي المعاني فأشعر أنكِ ترددين اسمي قولا أما القصد يكن شيء آخر؟
رفرفت بأهدابها الطويلة لتشرق الشمس بعينيها العسليتين أمام عينيه وهي تردد -أي شيء آخر؟
فأردف بنفس الجدية والحيرة بعينيه صادقة معبرة عما ينطقه
-أشعر كأنها حبيبي.
تبسمت شفتاها ابتسامة شديدة الحلاوة وتمتمت بنبرة خافتة حد الهمس صادقة حد الاحتراق
-إن أقسمت لك أنها هكذا تصدقني؟
هز رأسه ايجابًا وقال-أصدقك لأنني بالفعل أشعر بها.
إن قال له أحدهم أنه في فترة من الفترات سيعاني الاحباط الذي يعانيه هذه الفترة بسبب موقف أبيه وموقف تيمور وفي نفس الوقت سيتعايش ويردد حلو الكلام ويستمتع بهذه المشاعر لم يكن ليصدقه فإحباطه أكبر بكثير من أن يفعلها ولكنها هي وحدها من تستطيع ،هي التي ترك بين يديها قلبه ويبدو أنه ترك في أيد أمينة حتى تُحيه هكذا في الوقت الذي من المفترض فيه أن يكن ميتا.
***
خرجت فريدة من غرفة سهر بعد أن تركتها مع شقيقتها وهدأتها قدر المستطاع وهي تضع يديها فوق رأسها وألم رأسها يزداد
هل كان ينقصها هذا الحِمل فوق حِملها؟
ألا يكفي أمر سمر وعبدالرحمن؟ أغمضت عينيها وهي تجلس على الأريكة بغرفة نومها وهي تعصر ذهنها تفكيرًا في أمر مازن هذا ما الذي يجعل زوجته تخونه؟
هل هي كانت امرأة سيئة؟ وإن كانت كذلك ألم تظهر له أي إشارة لسوء سلوكها قبل زواجهما؟ هل خُدِع فيها إلى هذه الدرجة؟
لا تستطيع التفكير فتشعر بتشتت رهيب واختناق
-ماما تعالي لتصححي لي الاختبار الأخير .
نزعها من شرودها وحيرتها صوت فؤاد الذي دخل الحجرة دون أن تنتبه له فأردفت بعينين زائغتين -فؤاد لدي صداع شديد اذهب لسمر تصحح لك أو انتظر شيري حين تعود من الخارج.
-ماذا بكِ؟
قالها وهو يجلس بجوارها ويشعر بالقلق عليها فأردفت بابتسامة واهنة وهي تضمه إليها بحب وخوف عليه هو الآخر من تقلبات الحياة وغمغمت بخفوت -لا شيء حبيبي أنا بخير.
***
بدأت زخات المطر الخفيفة في الانهمار فاتسعت عيني شيري وهي تتابعها من خلف الزجاج الشفاف من داخل المكتبة وأردفت لعبدالرحمن بحماس
-ها هي تُمطِر هيا بسرعة.
نظر خلفه للأجواء بالخارج وأردف باهتمام-هل تريدين شيء آخر؟
ألقت نظرة سريعة على الأدوات التي اختارتها وتمتمت وهي تَهِم بفتح حقيبتها المُعلقة على كتفها -لا كل شيء مضبوط.
وقبل أن تفعلها أخرج حافظته وطلب الحساب من الرجل فأردفت بخفوت وهي تميل نحوه – أنا معي نقود لا تتعب نفسك.
رفع حاجبيه قائلًا باستنكار -ستحاسبين على شيء يخصك وأنا معكِ؟
أردفت بجدية -كما قلت شيء يخصني أنا ماذا فيها؟
مال على أذنها قائلًا بخفوت شديد -فيها أنكِ كلكِ على بعضك تخصيني فلا يصح أن تفعليها.
-الحساب يا أستاذ.
انتزعهما صوت الرجل من فقاعة وردية صغيرة أحاطت بهما لثوان فنقد عبدالرحمن الرجل المال وحملت هي أغراضها وخرجا معا من المكتبة .
بعد قليل
كانا يتناولان الآيس كريم الذي تعشقه هي في الشتاء وهما يسيران متجاورين تحت المظلة التي تظلل ساحة المول الواسع فأردف هو بتهكم
-أنا لا أعرف لمَ أُطاوعكِ وأتناول معكِ الأيس كريم في هذه الأجواء؟
أردفت وهي تلعق بقايا الايس كريم من فوق شفتيها
-لأنك تحبني ومن يحب أحد يحب أن يتشارك معه كل شيء مهما كان بسيطًا.
سحب نفسا باردًا مُحملًا بعطر رقيق مألوف يتسلل من بين خصلات شعرها غالبًا يخص أمه وتمتم بتعجب حقيقي -أنتِ متى كبرتِ هكذا يا شيري؟
فأردفت بنظرة متألقة -منذ أن تمكن حبك من قلبي .
وقبل أن يرد رن هاتفها فسحبته من جيب معطفها وكان والدها فأردفت لعبدالرحمن وهي تهبط على أرض الواقع بعد أن كانت مُحَلِقة في عالم من الخيال -أبي.
ثم ردت وهي تقف في موضعها-نعم بابا.
-كيف حالك حبيبتي؟
-أنا بخير.
-ماذا تفعلين هل تذاكرين؟
كان قد أخذ استراحة لدقائق يشرب فيها فنجان قهوته فاتصل بها ليطمئن عليها فتنحنحت وهي ترد
-أنا كنت أحتاج لبعض الأدوات الدراسية فخرجت لأشتريها من المكتبة،رفعت عينيها إلى عبدالرحمن في نظرة خاطفة وتمتمت:وحين كنت أمام البناية قابلت عبدالرحمن بالصدفة.
ابتسم عبدالرحمن وهو يلاحظ حرجها ومحاولتها لأن تخبر والدها أنها معه ولكن بطريقة لائقة فأكملت هي بعد أن تنحنحت للمرة الثانية:فجاء معي حتى لا أسير في الطريق بمفردي.
رفع تيمور حاجبيه وأردف وهو يضع فنجان قهوته على سطح المكتب -واشتريتِ ما تريدين؟
-نعم.
ضيق عينيه متسائلًا
-والآن ماذا تفعلان؟
قطمت شفتها السفلى وهي تناظر عبدالرحمن بعينين تشبهان عيني قطة مشاغبة ثم تمتمت -هو دعاني على أيس كريم ونتناوله حاليا في ساحة المول.
اتسعت عيني عبدالرحمن دهشة وهو يردد بخفوت مسموع-أنا من دعوتك أم أنتِ من تمسكتِ به كالأطفال؟
فرفعت حاجبيها وهي تبتسم في الوقت الذي ردد فيه تيمور بتهكم-كل هذا بالمُصادفة؟
أردفت وهي تكتم ابتسامتها-بالضبط.
أغمض تيمور عينيه لثوان وهو يسأل نفسه عن أخر هذا الوضع فالبنت على ما يبدو له مُتعلقة به بشدة وهو مثلها،لن ينسى حالته الاستثنائية يوم زيارة نرمين وأسرتها فقد رآه في حال لم يراه عليه من قبل.
-بابا.
انتبه تيمور على صوت شيري فأردف بجدية -إن كنتِ اشتريتِ كل ما تحتاجين يا بابا فهيا إلى المنزل فالجو يبدو غير مُستقر.
أردفت باندفاع وبنبرة تشع سعادة-فعلا فهي تُمطِر.
أردف باستنكار-وتسيرين تحت المطر! هيا يا شيري أسرعي إلى البيت حتى لا تمرضي.
-حسنًا سنعود حالا مع السلامة.
قالتها باستسلام ثم
أغلقت معه وتمتمت وهي ترفرف بأهدابها والسعادة تسكن عينيها
-يخاف علي من المطر ولا يعرف أنني في قمة السعادة الآن.
أردف عبدالرحمن بنظرة مُتفحصة وهو يُظلل على قامتها بقامته فيسلبها لُبها من حضوره الطاغي
-ومصدر سعادتك المطر فقط؟
تمتمت دون مواربة وهي تتفحص دون خجل ملامحه الرجولية الجذابة
-بل بمن يسير معي تحت المطر.
ابتسم وهو يتأملها كأجمل وردة جوري رأتها عينيه ويتأمل حاله معها الذي تبدل من حزن إلى فرح وضيق صدره الذي تحول إلى براح بلا حدود
-بماذا تفكر؟ سألته حين لاحظت شروده فيها فأردف وهو يزفر نفسا حارا مُناقضا لبرودة الجو
-أقول أنه من الواضح أنني سأعيش معكِ أجمل أيام العُمر.
فأردفت وهي ترفع عينيها للسماء وتبسط يدها الحُرة بدُعاء خفي لله
-ألم أقُل لك من قبل أنت فقط اعطني هذه الأيام،ضعها بين يدي وأنا سأذيقك من السعادة ما لم تذقه من قبل.
***
حين وصلا عند البيت كانت الأمطار قد توقفت ورائحة الجو يختلط نسيمها برائحة المطر وكانت شروق تغادر سيارة الأُجرة التي تقلها من العمل حين وجدتهما على بُعد خطوات،كان الإرهاق يبدو جليًا على وجهها وعينيها مُنطفئتين فأردف عبدالرحمن بمودة
-كيف حالك اليوم؟
أردفت بخفوت -بخير،هل عرفت أي شيء عن كريم؟
هز رأسه بالنفي وهو يتأمل الحيرة المرسومة بملامحها فأردفت باختناق
-والحل؟المشكلة أن أنكل وليد لا يساعد وهو يتجاهل الأمر هكذا ،أنا أرى أن نبحث نحن في المستشفيات وأقسام الشرطة ربما...
قاطعها بحاجبين مرفوعين ونظرة مُستنكرة وهو يردد
-مستشفيات وأقسام شرطة يا شُعلة لمَ يجنح ذهنك إلى المصائب فقط؟
تمتمت بانفعال-وفي ماذا تريدني أن أفكر وهو مُختفي هكذا؟
مط شفتيه وهو يضع يديه بجيبي سترته قائلًا-رجل ترك بيت والديه بالتأكيد سيبحث عن بيت آخر وإن لم يذهب إلى أحد أقاربه كما تقولين سيمكث في فندق عدة أيام حتى يجد سكنًا،ليس شرطا أن تكون قد حدثت له مصيبة من مصائبك هذه.
قالت بغيظ-ومادام ذهنك قد توصل إلى هذه النتيجة لمَ لم تفعل شيء ؟
من الأمس وقد طلبت منك المساعدة لمَ لم تبحث عنه؟
اتسعت عيناه دهشة ليس من كلماتها ولكن من انفعالها ومشاعرها التي فقدت السيطرة فجأة هكذا ثم أردف بنظرة ثاقبة وهو يشير لها بيده للدخول إلى البيت
-حسنًا تفضلي أنتِ إلى الداخل وأنا سأبحث عنه، جيد هكذا؟
تعلقت عيناها بعينيه بأمل وتمتمت بخفوت مُناقض لانفعالها السابق-ستبحث أين؟
رفع عينيه للسماء بيأس فتبسمت شيري على مظهره وأردف هو بمهادنة-لا تقلقي يا شروق أنا سأتصرف ولن أعود إلا بخبر مُطمئِن عنه.
هزت رأسها دون رد وأقصى أمانيها أن يصدُق ويعود بخبر يُطمئِن قلبها الملهوف فأخذت شقيقتها ودلفت إلى البيت وعاد عبدالرحمن إلى سيارته جلس بها قليلًا وهو يرتب أفكاره ليبدأ في البحث عن الأماكن المتوقع تواجد كريم بها.
***
بإحدى شرفات استقبال مركز الأسنان المُطِلة على حديقة المشفى كان يامن وشمس يقفان متجاوران حين أردفت هي
-تترك المشفى هنا من قال هذا؟
رددتها شمس بتعجُب شديد واستنكار أشد حين أخبرها يامن بخبر انتقاله إلى مركز أخر لجراحة الفم والأسنان ،إحباط شديد أصابها،هل هي اللعنة التي تحل عليها كُلما شعرت أن الحياة على وشك أن تبتسم لها؟ لقد صارحها بمشاعره من أيام معدودة وهي حتى الآن لم تبُح بها صريحة وكانت تُمني نفسها بأيام يتواصلان فيها ومواقف تجعلها تضع قدميها معه على أرض صلبة وبهذه البساطة يرحل!
أردف بجدية والحيرة لاتزال تغمره من حديث الدكتور إحسان معه
-لا أعرف بالضبط السبب ولكن دكتور إحسان أخبرني أنه تحدث مع الدكتور تيمور بشأن نقلي إلى مركز الدكتورة جميلة فيبدو أنهما اتفقا على ذلك فكما علمت أن الدكتورة جميلة طلبت بشكل ودي من دكتور تيمور ودكتور إحسان أن يرشحا لها أطباء وغالبا وقع الاختيار علي،ثم أردف بنظرة ساخرة :من سوء حظي طبعا لأنني سأبتعد عنكِ.
أردفت باستياء وشفتيها تهتزان فتربكه-ولمَ أنت على وجه الخصوص؟ولمَ لا تعترض وترفض ويذهب غيرك أو تختار الدكتورة جميلة من أي مكان آخر؟
رفع حاجبيه وأردف بنظرة جادة-وماذا سأقول بخصوص أسبابي للرفض؟ لأنني أحب ابنة صاحب المشفى ولا أريد فراقها.
هوى قلبها بين قدميها وهي تلمح نظرة العشق بعينيه ممزوجة بشوق صريح ولسعت الدموع عينيها وهي تشعر بسوء الحظ يُلازمها كظلها فأردف هو وكل ما يشغله هي ولا شيء غيرها
-حين كنت أسألك عن ردك على مشاعري تجاهك لم تقوليها صريحة وأنا رجل لا أقتنع بالردود الغير مُحددة ولا أحب الوقوف سوى في المناطق الآمنة.
-وما هي المناطق الآمنة يا يامن؟
سألته باهتمام وهي تغوص بعينيها في عُمق عينيه الصافيتين العميقتين فأردف بجدية لا تخلُ من لين
-المنطقة الآمنة يا شمسي أن أصارحكِ بحبي فتصارحيني بأنكِ تبادليني نفس المشاعر،رفع سبابته موضِحًا:طبعا إن كُنتِ تُبادليني هذه المشاعر،زفر نفسا قصيرًا وهو يكمل:أن أخبركِ بظروفي كلها بمنتهى الصراحة فتفكرين إن كانت تناسبك أم لا ،ابتسم وهو يردد:وأكون سعيدًا إن كانت تناسبك،المنطقة الآمنة حين نتوحد معا ونصبح كيانا واحدا نحمل مشاعر واحدة ونمضي بالحياة بسفينة واحدة ،أن تعطيني الشارة الخضراء للتقدُم لطلب يدكِ من والدكِ ونبدأ مشوارنا معا من البداية يدي بيدك.
أسبلت أهدابها لثوان وهي تشعر بفراشات رقيقة تنقر بصدرها ثم سُرعان ما بدأت في التنبه لشيء هام،ظروفه التي يُلمِح لها وكلمات علاء تتردد بذهنها حين لَمَح لها هو الآخر بأن يامن ربما يكن مُتطلعًا لمركز والدها أكثر منها هي فأردفت باهتمام شديد
-ماذا بها ظروفك يا يامن حدثني عن كل شيء عنك أخبرني بكل ظروفك وتفاصيلك التي لا أعرفها.
ضيق عينيه مُرددًا -وبعدها ستقررين ماذا سيكون ردك النهائي على مشاعري تجاهك؟
دون تفكير أردفت -ردي لن يختلف يا يامن ردي واحد وأنا لَمحت لك به المرة الماضية ،أخفضت عينيها وهي تكمل بخجل لا تملك منه الهروب:ربما السبب يكمن لدي أنا،أنا من أرى نفسي لست مُهيئة لأي علاقة قبل أن أتعافى كما قلت لك .
جز على أسنانه قائلًا بانفعال
-تكررينها ثانية يا شمس؟ ألم أُخبركِ بأن هذا الأمر لا يعنيني على الإطلاق؟
رفعت عينيها نحوه وتمتمت بخفوت -حسنا دعك من هذا الأمر الآن وأخبرني بكل ما يخصك وتحب أن تخبرني به.
هز رأسه وبدأ في حديث من القلب معها أخبرها فيه عن حالة أسرته المادية وأنه يساعد بجزء من راتبه في مصاريف المعيشة بعد خروج والده على المعاش خاصة مع حالة شقيقته الصحية وأنه ينتظر استلام شقة متوسطة في خلال هذه السنة وأن أكثر ما يخشاه أن يكون لاختلاف الحالة المادية بينهما تأثير على علاقتهما وهذا ما جعله يتردد في مصارحتها بمشاعره من البداية.
***
في نفس اليوم
في الساعة الأخيرة قبل غروب الشمس
كانت فريدة تجلس بحجرتها بصحبة شقيقتها فدوى وقد جائت الأخيرة للاطمئنان على شقيقتها حين لم ترد على اتصالاتها اليوم،كانت فريدة تشعر بثقل وتشتت وكان يبدو كل همها بعينيها لذلك حين سألتها فدوى عما بها باحت لها وفاضت نفسها بكل ما بها.
وفدوى حين استمعت لما حكته شقيقتها اتسعت عيناها دهشة ورددت بذهول
-لا حول ولاقوة إلا بالله هل مازن يوجد خلفه كل هذا ؟ سبحان الله لا يبدو عليه ! من يراه لا يتوقع اطلاقا أن تكون هذه قصته.
تنهدت فريدة وهي تكور قبضتها فوق وجنتها وتمتمت بقلب أم
-أنا لا أعرف ماذا أفعل يا فدوى البنت تحبه والأمر في حد ذاته كان مُبشرًا في البداية لأن سهر كانت تُغلق باب قلبها كما تعلمين، أينعم كُنت مترددة في البداية لأنه سبق له الزواج وله ابنة ولكني خيرتها ووضحت لها الأمر من كل الجوانب وتركت له الاختيار أما بالمستجدات التي حكيت لكِ عنها فقد رجعنا إلى نقطة الصفر بل ما تحت الصفر.
أردفت فدوى بجدية -أنت ما مشكلتك بالضبط مع قصته الجديدة؟
أردفت فريدة بصوت خفيض منفعل-مشكلتي أننا سمعنا الحكاية من طرف واحد يا فدوى وهذه الأمور لابد أن تستمعي إلى طرفيها حتى تحكمي الحكم الصحيح بها،مشكلتي ما الذي دفع زوجته لفعل ما فعلته ؟ لا أعني أنني أبرر فعلتها فالفعل مُجرم بالتأكيد ولكن هل مثلا فعلتها دناوة منها أم لأنه ربما لا يعطيها حقوقها فسارت في هذا الطريق،ثم تمتمت بنظرة خاصة: تعرفين رنا وقصتها مع زوجها وحالته منذ زواجهما التي لم تتحسن رغم انجابهما طفلين وتعرفين أن رنا رغم صبرها حتى اليوم ولكنها متأثرة بشدة حيال هذا التقصير منه ولو كان مازن هكذا بالتأكيد لن أرضاها لابنتي كما أنني لا أعرفه ولا أعرف طباعه هل تأثر بما فعلته طليقته وسيؤثر هذا على ابنتي لو ارتبطت به ؟هل تحول إلى رجل شكاك وموسوس مع كل النساء؟ هل سيُسقِط ما حدث من طليقته على ابنتي؟ مسكت رأسها بكفيها وهي تردد:أفكار كثيرة ومخاوف أكثر يا فدوى تدور برأسي.
هزت فدوى رأسها توافقها الرأي وتردد بعد أن وصلتها الصورة كاملة وقد رأت مخاوف فريدة بمحلها-صراحة لديكِ حق ولكني فعلا لا أعرف ما الحل.
تمتمت فريدة باختناق-يحلها الله من عنده بإذن الله عامة أنا لا أستطيع التفكير الآن أشعر بكركبة في ذهني وتشتت من موضوع عبدالرحمن وشيري وسمر وفارس وزاد الأمر بموضوع مازن هذا.
- كان الله في عونك في هذا التوتر الذي تعيشين فيه.
قالتها فدوى وهي تقترب من شقيقتها وهما تجلسان على الأريكة فأردفت فريدة والخوف يكاد يقفز من نظرة عينيها
-ليس توترا بل خوف ،خوف على ثلاثتهم يا فدوى،بسطت راحتها فوق صدرها وهي تردد:أخاف على كسر قلب عبدالرحمن ما بين عناد تيمور وعمر مع بعضهما،أخاف على سمر التي مالت لفارس ثانية لمجرد أنه أتى واعتذر مع والده ما الذي يضمن لي أن تسلم من أذى امرأة مثل مهيرة هذه لو طاوعتها لتتزوجه؟
لمعت عيناها بالدموع وهي تردد:وسهر! سهر يا فدوى أطيب وأرق أبنائي، سهر لن تتحمل عيشة مُرهِقة مع رجل لا أعرف هل هو ظالم أم مظلوم في هذه القصة وحتى إن كان مظلومًا من أدراني أن ما حدث له لم يؤثر على اتزانه النفسي؟ هل تشعرين بما أشعر به يا فدوى؟
-نعم يا حبيبتي أشعر بكِ.
قالتها فدوى وهي تحيط كتفي شقيقتها بذراعها وتضمها إليها فتسكن فريدة في حضنها الذي تشعر به تمامًا كحضن أمها وتغمض عينيها على خوف لا يهدأ.
***
حين حَلّ الليل خرجت فريدة وفدوى من حجرة الأولى يتفقدان الصغار الذين كانوا يذاكرون معا بحجرة فؤاد ليجدا فؤاد ومروان يجلسان بحجرة المعيشة يشاهدان التلفاز فأردفت فدوى متسائلة
-أين أختك يا مروان؟
رد ابنها -بحجرة البنات منذ أن انتهينا من المُذاكرة.
أردفت فدوى موجهة حديثها إلى فريدة -سأدخل للاطمئنان على سهر وسمر قبل أن أمشي.
هزت فريدة رأسها في الوقت الذي رن فيه هاتفها وكان تيمور فأجابته وهي تجلس بجوار ابنها -أهلا يا تيمور.
-أهلا يا فريدة كيف حالكم؟
-بخير،لمَ تأخرت هكذا؟
-كان لدي ضغط عمل، نصف ساعة بإذن الله وأعود.
أغلقت معه بعد أن أخبرها بما اتصل بها من أجله بعدها مباشرة ودعت شقيقتها التي أخذت ولديها ورحلت ثم اتجهت إلى الحمام لتتوضأ وتصلي حتى تودع همومها بين يدي خالقها.
***
بعد قليل
رن جرس الباب فأسرع فؤاد ليفتحه فتمتمت شروق التي خرجت من حجرتها حين سمعت صوت الجرس
-من يا فؤاد؟
-عبدالرحمن.
صاح بها فؤاد فهرولت جهة الباب المفتوح وأردفت وهي تنظر إلى عبدالرحمن الواقف أمام الباب-ماذا فعلت هل توصلت إلى أي شيء عنه؟
مط شفتيه وبدى الضيق بنظرته فشعرت بغصة بحلقها وقاومت حتى لا تبكي فبدت عيناها زجاجيتين ثم تمتمت باختناق
-قل لي في أي الأماكن بحثت حتى أحاول البحث في أماكن غيرها.
رفع حاجبيه وتعمقت نظرته وهو يتأمل هيئتها المتوترة الغريبة عليه ثم أردف بصوت رخيم ونظرة متسلية
-أنا لم أتوصل لشيء عنه يا شروق أنا توصلت له هو شخصيًا.
شهقت والجزع بعينيها يتوارى خلف بصيص الأمل الذي شع من جملته وقبل أن تنطق كان كريم يظهر من خلف ظهر عبدالرحمن وابتسامة صغيرة عميقة على وجهه قد ارتسمت ما إن سمع حديثها القصير مع عبدالرحمن واللهف بنبرة صوتها الذي كان كقطرات غيث تروي قلبه الذي له أيام لا يعرف سوى القهر بعد ما حدث بينه وبين والده،تقدم الخطوات الفاصلة حتى جاور عبدالرحمن وتمتم وهو يتأمل هيئتها المذهولة
-كيف حالك يا شروق؟
هزت رأسها وهي تبلل شفتيها الجافتين بلسانها ثم أردفت وعيناها تلمعان وقد غشيتهما طبقة رقيقة من دموع الفرح
-أنا بخير، ثم سرعان ما تبدلت هيئتها ليغزوها الحنق المفاجيء وهي تردد بانفعال :أين كنت يا كريم ولمَ تُغلِق هاتفك كالأطفال ولمَ لم ترد على اتصالاتي أو حتى تفكر في التواصل معي من تلقاء نفسك؟
كانت تتحدث بانفعال وبنبرة متسارعة والحنق بعينيها جليًا فناظرها بدهشة ثم نظر إلى عبدالرحمن مرددًا بذهول
-ماذا بها ؟ لقد تحولت في ثوانٍ؟
رفع عبدالرحمن كفيه أمامه وهو يردد بنبرة متهكمة
-أنا لا دخل لي بهذه الأمور أنت من أشعلت غضبها فتصرف، ثم مال نحوه وتمتم بصوت خافت لكنه مسموع :ولكن من باب الأمانة هي هكذا دائمًا تتحول من أقل شيء.
-أهلااااا.
نطقها كريم بنبرة مُتهكمة فجزت شروق على أسنانها غيظًا من تهكم كل منهما عليها دون شعور بما تعانيه ثم تنحت من أمام الباب ليدخل عبدالرحمن ويتبعه كريم إلى الداخل.
بعد قليل
------
كان كريم يجلس برفقة عبدالرحمن والدكتور فؤاد والجدة عايدة وفؤاد الصغير والبنات جميعا عدا "شمس" حين خرجت فريدة من غرفتها بعد أن بدلت ملابسها،حين حدثها تيمور أخبرها بأن عبدالرحمن حدثه وأنه وجد كريم وتيمور طلب منه أن يصطحبه إلى البيت حتى يعود.
ألقت السلام على الجميع وخصت كريم بابتسامة مُرحِبة وهي تمد يدها له مُصافِحة قائلة
-أهلا يا كريم أنرت البيت كيف حالك؟
أردف وهو يشعر بالحرج -أهلا بكِ أنا بخير والحمد لله.
جلس وجلست بجواره تطمئن على حاله وإن كانت تتجنب التطرق لما حدث بينه وبين والده حتى لا تحرجه في الوقت الذي مالت فيه شروق على عبدالرحمن مُتسائلة بخفوت
-أين وجدته؟
رفع عينيه إليها بنظرة متهكمة وهو يردد-في المكان الطبيعي الذي يذهب إليه أي شخص طبيعي في مثل حالته،في فندق على أطراف المدينة.
أما فريدة فاستأذنت من كريم وأشارت لسمر وشيري ليتبعانها إلى المطبخ وهناك أردفت لكلتاهما
-أنا أعددت مُعظم الطعام مُتبقي فقط أصناف بسيطة وطبعا سنزيد بعض الأصناف من أجل تواجد كريم فأريد مساعدتكما.
أردفت سمر بحماس -قولي كل ما تريديه وأنا سأعده.
وأردفت شيري وهي تثني كُمي بلوزتها-وأنا أيضًا.
فأخذت فريدة تُملي عليهما ما تريده كله
وبالخارج
كانت شروق تجلس بجوار كريم الذي يشعر بمشاعر متناقضة في هذه اللحظة،حزن عميق لما بدر من والديه رغم أنه كان يتوقعه وسعادة بوسع المدى وهو يرى شروق بهذه الحالة من القلق عليه، يلمح بعينيها أطياف من مشاعر تحررت للتو فيشعر وكأن قلبه أصبح برحابة فضاء فسيح يُحلق به سعيدا
-هل من الممكن أن تحكي لي بالتفصيل ما حدث أم أنه سرًا؟
رددتها شروق بخفوت وبنظرة نافذة فأردف كريم وطيف من خذلان يمر بعينيه
-وإن كان سرًا على الجميع لن يكن سرا عليكِ يا شروق،زفر زفرة حارة وهو يجاهد للخروج من عنق الزجاجة المحبوس فيها منذ أيام وقال:السر الذي كنت أخفيه على أبي كُشِف أمامه بالصدفة البحتة حين تم عرض الفيلم التسجيلي الأخير بعد أن حاز على إعجاب فريق الاعداد بالقناة،مط شفتيه وهو يتذكر موقف والده الذي يشبه العاصفة وتمتم:وبعدها قامت العاصفة لم يحاول أن يسمعني أو يفهمني يا شروق،غضب مني بشدة وطردني من البيت ،تمتم بسخرية مريرة:هل تتخيلين أن يفعلها وأنا في هذا السن؟
اهتز جسدها كله وارتجف قلبها حين لمست تأثره وشعرت أنها تود أن تُربت على قلبه،لم تجد كلمات مناسبة تهون عليه بها وانعقد لسانها أمام حالته التي تراه عليها للمرة الأولى فأردف وهو يتمالك نفسه حتى لا يبدو بشكل مُخزي أمامها
-والذي أثر بي أكثر أن أمي أيضًا لم يختلف رد فعلها ،لم تدافع عني أو تقف بجواري وحدها تالين هي من ساندتني.
-وأنا ... أنا معك.
نطقتها دون تفكير والجملة على بساطتها كانت كالبلسم الذي يوضع على مكان جرح فيطيبه،ابتسم لها ابتسامة من القلب وقد كانت الأولى التي تبدو طبيعية هكذا منذ أن أتى فشعرت بالخجل وبأن مشاعرها تُعريها أمامه فتنحنحت ثم رددت بتساؤل جاد
-ولمَ لم تتصل بي وتحكي لي؟ لمَ أغلقت هاتفك؟
-والله يا شروق فصل شحنه ولم يكن معي الشاحن الخاص وظللت في الفندق منذ ما حدث حتى تواصل معي عبدالرحمن عن طريق إدارة الفندق كنت أشعر بكسل رهيب وبرغبة في النوم الطويل صدقيني كنت طوال الوقت نائمًا، يأتي الطعام إلى الحجرة فأتناول النذر اليسير ثم أعود للنوم ثانية.
أردفت بصوت دافيء ونبرة حانية
-ولمَ ذهبت إلى الفندق من الأساس لمَ لم تُحدث أبي أو تذهب إلى أحد من أعمامك؟
أردف بنبرة ساخرة لازعة مريرة ومرارتها تُغلف حلقه
-حين يضيق بيت الأب ولا يجد المرء له مكانا به يا شروق لا يجروء على طلب اللجوء لبيت آخر،يستحي أن يفعلها.
شعرت بمرارة حديثه تنتقل من صوته إلى صوتها فتمرر حلقها وتشعر باضطراب كُلي مصدره مشاعرها التي تبدو شديدة الهشاشة فاستقامت واقفة وتمتمت بخفوت وهي تفرك كفيها توترا
-أنت تحتاج إلى كوب من عصير الليمون سأعده لك وأعود لنكمل حديثنا.
انصرفت قبل أن يرد واقترب منه فؤاد الصغير ليجلس بجواره وهو يردد بابتسامة حلوة
-ألم تشتاق للعب الفيفا معي حتى أغلبك؟
قهقه كريم ضاحكًا في الوقت الذي اقترب عبدالرحمن من الجهة الأخرى من كريم ليجلس وهو يردد بنبرة خاصة
-والدك على وصول ولديك امتحان بالغد لو رآك تلعب أنت تعرف ما سيفعله.
جز فؤاد على أسنانه وهو يردد بغيظ مكبوت
-هل تريدوني أن أذاكر أربع وعشرون ساعة! ذاكرت وانتهيت أليس هناك وقت للترفيه؟
-وما دخلي أنا ؟أنا أُذكرك فقط.
قالها عبدالرحمن ببراءة مُصطنعة
فأردف فؤاد بغيظ -شكرا للتذكير.
فغمز له عبدالرحمن بعينه -أي خدمة.
وبالمطبخ
كانت شروق تعد كوب عصير الليمون وهي تسأل فريدة باهتمام-الأفضل على الكوب ليمونة أم اثنتين؟
أردفت فريدة بتركيز ضعيف
-الليمون هذا كبير الحجم يكفي واحدة.
فترد شروق باهتمام وكأنها تخترع شيء كبير
-والسكر ؟
-حسب التقدير يا شروق تذوقي أولًا لتحددي هل ستحتاجين سكر إضافي أم يكفي ما وضعتيه.
كانت كل من سمر وشيري تعدان الأصناف التي طلبتها فريدة وكل منهما تناظر الأخرى بضحكة مكتومة فشروق لا تدخل المطبخ وليس لها أي علاقة به ومع ذلك تُبدي اهتمام شديد لكوب الليمون خاصة كريم.
-أمي كنت أريد....
دلف عبدالرحمن إلى المطبخ ليُحدث أمه في أمر وقطع جملته حين وجد شروق تعد كوب الليمون فأردف بحاجب مرفوع لشروق -ماذا تفعلين؟
أردفت دون أن ترفع عينيها عما تعده -عصير ليمون لكريم.
هز رأسه مُتعجبًا وأردف لفريدة
-كنت أريد أن أستأذنك في أمر.
أردفت بصوت تجاهد حتى لا يخرج مُختنقًا-ماذا؟
-أريد أن أطلب من كريم أن يبقى معي بشقة الطابق الثاني، لا يصح أن نتركه يجلس في فندق ونحن موجودون هل لديكِ مانعًا؟
أردفت فريدة دون تفكير -لا طبعًا ينير البيت ولمَ سأمانع؟
-حسنًا يا أمي أردت فقط أن أتأكد قبل أن أدعوه.
أردفت شروق بقلب خافق وهي تحمل الصينية الموضوع عليها كوب العصير
-فكرة رائعة يا عبدالرحمن لا حرمنا الله من طيبة قلبك.
ابتسم وهي تمر بجواره ثم أردف وهو ينظر إلى شيري وانتباهه كله يتوجه إليها
-الشيف بوراك ماذا يعد اليوم؟
ابتسمت ابتسامة حلوة وهي تَهِم بوضع شرائح اللحم في الشواية الكهربائية وتمتمت-شرائح اللحم التي تحبها.
أما بالداخل
فما إن تذوق كريم عصير الليمون حتى أدار عينيه يمينًا ويسارًا بحيرة وهو يردد
-العصير هذا به شيء غريب؟
رددت شروق وهي ترفرف بأهدابها ببراءة -مثل ماذا؟
-لا أعرف.
نطقها كريم بحيرة فأردفت بنظرة متأثرة-أنا أعددته لك بنفسي ألا يعجبك؟
أردف بسرعة وهو يهم بشرب المزيد
-جميل بالطبع حبيبتي أنا فقط أرى به طعم إضافي غريب لذلك أتسائل.
قالها وحين لاحظ احباطها وضع الكأس على شفتيه ليتجرعه كله دُفعة واحدة دون أن يعطي لنفسه فرصة لمعرفة أي تفسير للطعم الغريب فيكفيه أنها فعلته بيدها.
دلفت شروق ثانية إلى المطبخ في الوقت الذي خرج فيه عبدالرحمن ليعود إلى كريم فوقفت شروق أمام الحوض لتغسل الكأس ورددت بسعادة
-الليمون أعجبه حتى أنه لم يترك نقطة منه.
-سلمت يداكِ يا حبيبتي.
قالتها فريدة وهي تمسد على كف سهر التي دلفت لتجلس معهم وتحاول جاهدة أن تخرج من الكهف المظلم الذي تمكث فيه منذ أن عرفت حكاية مازن ولكنها رغم ذلك شاردة الذهن وأمها شاردة معها.
-ولكنه يقول أن به شيء غريب لا يدركه. قالتها شروق
فرددت سمر التي تجلس بجوار أمها وأختها حول منضدة المطبخ تقطع سلطة الخضروات
-أي شيء ؟ كيف فعلتيه أنتِ؟
أردفت شروق بلا اكتراث -كيف يعني سأفعله عصير ليمون بالنعناع عادي جدا كما يفعله الجميع.
تنبهت حواس فريدة وقد كانت فعليا قبل ذلك غير متنبهة لما تفعله شروق فتحدثها بذهن شارد ثم حولت رأسها جهة الأخيرة وتمتمت وهي تضيق عينيها -ولكننا ليس لدينا نعناع يا شروق من أين أتيتِ به؟
توقفت شروق في مكانها وهي تضع الكأس النظيف جانبًا وتمتمت بدهشة
-كيف؟ وأوراق النعناع الجافة الموضوعة في الثلاجة في منشفة ؟
اتسعت عيني فريدة وهي ترفع حاجبيها بادراك ثم تمتمت بعد شهقة قصيرة
-هذه أوراق الملوخية التي قطفتها سماح بالصباح وتركتها لتجف حتى الغد!
اتسعت عيني شروق فزعا أما سمر وشيري فلم تتمالك كل منهما نفسها لتطلقان ضحكات عالية جعلت عبدالرحمن وفؤاد يهرولان إلى المطبخ ظنا منهما أن هناك شيء قد حدث حتى سهر لم تستطع أن تتمالك نفسها فارتسمت ابتسامة شديدة الصغر فوق شفتيها.
وشروق كان الخجل يغمرها من جهة والذنب جهة كريم الذي شرب ليرضيها رغم شكه في الأمر من البداية
وامتلأ المطبخ بعدها بضحكات الجميع ومزاحهم وشروق تترجاهم ألا يخبر أحدهم كريم بما حدث.
بعد ساعة
-----
بعد أن حضر تيمور من المشفى وبرفقته شمس
اجتمعوا جميعا على طاولة السفرة لتناول وجبة العشاء فكان بيت الدكتور فؤاد عامرًا بصحبة طيبة وطاولة الطعام عامرة بأطباق شهية
-هيا يا شروق ماذا تفعلين؟
صاح تيمور بصوت عالي حين لاحظ جلوس الجميع عدا شروق التي كانت تقف بالمطبخ أمام القدر الموضوع به الأرز الأبيض الذي أصرت أن تعده هي حين رأت أن الجميع يشارك في إعداد الطعام عداها،أو ربما كانت بداخلها تريد أن تعد أي صنف لتخبر كريم أنها هي من أعدته
تعشق نظرات إعجاب والدها حين يتذوق طعام شهي من يد فريدة ومؤخرًا أصبح عبدالرحمن يفعلها مع شيري كلما أعدت صنفًا جديدًا
كانت تقف أمام القدر الموضوع على النار ولم ينضج بعد ،كلما كانت تشعر أنه يحتاج إلى حساء كانت تزود له ولكنه أخذ وقتا طويلا وتشعر أن قوامه أصبح غريب بعض الشيء،زمت شفتيها معا لا تعرف ماذا تفعل والجميع بالفعل قد جلسوا على المائدة فتمتمت بخفوت
-يكفي هكذا هو طاب غالبا وأنا فقط لست متأكدة.
-يا شروق.
صاح بها تيمور للمرة الثانية فأردفت وهي تشعر بالتوتر
-حسنًا يا أبي قادمة.
بعد دقيقتين كانت تحمل طبق التقديم الكبير وبه الأرز ووضعته بتردد في منتصف المائدة وهي تردد بصوت مهزوز
-كنت أحضر الأرز فقط.
صاح فؤاد الصغير باتساع عينيه
-لا تقولي أنكِ من أعددتِ الأرز.
ناظرته بنظرة خطرة وهي تردد
-نعم أنا من أعددته هل لديك مانع؟
فأردف بوجه متغضن -لا معدتي هي التي لديها مانعًا.
ضحكوا جميعا على فؤاد ومزاحه أما هي فشعرت بالقلق حين وضع عبدالرحمن بطبقه بعض الأرز فجلست وهي تتابع رد فعله وحين وضع أول ملعقة بفمه اتسعت عيناه وهو يناظرها بوجه مقلوب فناظرته ببراءة وتمتمت بخفوت
-ما أخبار الأرز؟
تنحنح وهو يجبر نفسه على ابتلاعه وتمتم بوجه محتقن
-رائع... رائع يا شروق.
شعرت بالارتباك فانطباعه المرسوم على وجهه يناقض كلماته أما هو فأخذ يضع في طبق كريم الجالس بجواره من الأرز وهو يقول -لابد أن تتذوق يا كريك تفضل.
ومع أول ملعقة وضعها كريم في فمه بدى عليه هو الآخر انفعال غريب ولكنه كتمه وهو يمضغ ببطء ويبلع ببطء،كان الجميع قد وضع كل منهم بطبقه من الأرز وبدأوا في تذوقه لتنهال عليها السخرية من كل جهة.
-أرى أن الأرز قد تعجن قليلًا.
قالها فؤاد الصغير بسخرية لازعة فأردف عبدالرحمن بنفس نبرة شقيقه الساخرة
-قليلًا فقط يا فؤاد لا تُكبر الموضوع.
-لا هناك شيء آخر ولكني لا أستطيع التوصل لكنهه.
رددتها سمر بجدية وهي تحاول معرفة سر الطعم الغير تقليدي للأرز فأردفت شمس بمزاح
-وهل تريدين مقارنة الأرز الذي تعده المُهندسات بالأرز الذي يعدونه باقي البنات؟ لابد أن يكون هناك اختلاف وتميز.
لمعت عيني شروق بالدموع وهي تردد بخجل-هل هو سيء إلى هذه الدرجة؟
قالتها وهي توجه حديثها لوالدها فتنحنح تيمور وهو يكتم ابتسامته قائلًا
-لا حبيبتي جيد هو فقط تقريبا زاد الحساء منكِ قليلًا، ثم نظر إلى فريدة قائلًا بنظرة خاصة:مضبوط يا فريدة؟
أردفت فريدة وهي تداري ابتسامتها
-نعم زاد قليلًا ولكن المرة القادمة حين تضبطينه سيكون رائعًا.
فأردف كريم أخيرا وهو يضع ملعقة أخرى من الأرز بفمه
-أنا أراه مضبوط هكذا وفي منتهى الجمال.
قالها حتى ينزع عنها حرجها فابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تراه يأكل منه بشهية .
أما فؤاد الصغير فأردف متهكما
-الأرز تحول على يد شروق إلى سوشي.
فجزت شروق على أسنانها غيظًا منه وأخذت تتوعده بنظرة عينيها.
وكانت شيري تجلس بجوار سمر التي تجاور عبدالرحمن فوضعت له في طبقه قطعة لحم مشوي من الذي أعدته فابتسم لها ابتسامة صغيرة وحين تذوقه رفع حاجبيه واتسعت عيناه باعجاب وهمس بشفتيه دون صوت بكلمة "رائع" فتتبسم شفتيها ثم تعود لتناول طعامها وتيمور يتابعهما بطرف عينه والهم بقلبه يتضخم وهو يُصارع الفكرة وعكسها،أما فريدة فكانت تتابع سهر التي تجلس بينهم ولكنها بعيدة كل البعد وكأنها بعالم آخر فتشعر بأن شهيتها قد سُدت والهم يسكن صدرها كحجر ثقيل يكتم أنفاسها ولكنها تدعي عبثًا أنها طبيعية.
بعد العشاء
أخذ تيمور كريم وعبدالرحمن ومعهم الدكتور فؤاد ليجلسوا بحجرة الصالون وأول ما قاله لكريم بجدية شديدة
-أنا عاتب عليك يا كريم لأنك لم تأتي لي بعد ما حدث واختفيت وتسببت في قلق الجميع عليك.
أردف كريم الجالس بجوار عبدالرحمن وهو يشعر بالحرج من الأمر كله
-أنا فقط كنت أريد الاختلاء بنفسي لبعض الوقت.
هز تيمور رأسه،هو يعرف أن وليد صعب المراس وأنه ليس لديه ملكة احتواء الأمور وإن سار شيء عكس توقعاته يفقد السيطرة على ردود أفعاله فأردف
-عامة أنا سآتي معك إلى والدك ونحاول معا أن نراضيه و
-لا.
قالها كريم قاطعة بشكل فاجأ تيمور ليكمل بوجه محتقن
-لابد أن يعرف أنني لم أعد الطفل الصغير الذي سيفرض عليه رأيه وإن لم يفعل ما يريد يعاقبه،أنا بالفعل نفذت له رغبته ودرست رغم عن اردتي المجال الذي اختاره هو ويأتي بعد ذلك ويطردني من البيت دون أن يعطيني الفرصة لشرح وجهة نظري أو محاولة تقبل رأيي!
-هو في هذا الأمر مخطيء وأنا بنفسي لن أمرر له هذا الأمر.
قالها الدكتور فؤاد بجدية ثم سرعان ما أكمل بنظرة ثاقبة
-كما أنك أخطأت حين قررت الدراسة دون أن تخبر أحد.
اعتدل كريم في مكانه وتمتم بصوت مُحتقن
-وماذا كان علي أن أفعل يا جدو ؟ إن كنت أخبرته لم أكن أصل لما وصلت له الآن كان سيفعل ما فعله الآن وقتها وكان سيعرقل خطواتي.
أردف عبدالرحمن موضحًا رأيه
-أنا أرى أن يأخذ كل منهما مساحته حاليا في الابتعاد حتى تصفو النفوس لأن كل منهما لن يغير رأيه بسهولة.
أردف تيمور بجدية -ولكن أمر تركه للبيت وبقائه بفندق هذا لا يصح .
أردف عبدالرحمن وهو ينظر إلى كريم
-لن يعود إلى الفندق سيبقى معي بشقة الطابق الثاني حتى تتحسن الأمور بإذن الله.
تفاجأ كريم بما قاله عبدالرحمن وظهرت الدهشة بعينيه وهو يردد-أشكرك يا عبدالرحمن ولكن صدقني أنا مرتاح بالفندق.
وتيمور أيضا تفاجأ بعرض عبدالرحمن الذي لم يأتي بذهنه وقد رفع عنه الحرج فهو من جهة لا يستطيع ترك كريم في محنته مع والده ومن جهة لا يستطيع دعوته للبقاء ببيته لأن لديه بنات فكان عرض عبدالرحمن مثاليًا بالنسبة له ولم يترك ثلاثتهم لكريم فرصة للرفض وهم يصرون على بقائه معهم مادام لن يعود إلى بيت أبيه.
وبعد قليل
----
كان عبدالرحمن يفتح باب شقة الطابق الثاني ويدخل وخلفه كريم الذي كان يشعر بالحرج ولكن عبدالرحمن كان يتفهم موقفه فلم يتركه للتفكير ينهشه وأخذ يعرفه على كل جزء بالشقة وحين دلفا إلى الشرفة المُطلة على حديقة بيت الدكتور فؤاد أردف كريم بامتنان
-أنا لا أعرف كيف أشكرك يا عبدالرحمن أنا اليوم فقط شعرت أن لي أخ بهذه الحياة.
ابتسم عبدالرحمن وهو يستند بظهره على السياج الحديدي للشرفة وتمتم بمودة
-لا شكر على واجب أنت بالفعل لك مكانة مميزة لدي ثم أردف بابتسامة متسلية:رغم أنني كنت أشعر أنك لا تستسيغني سابقا.
تنحنح كريم ثم أردف بنبرة جادة لم تخل من المودة -أنا فقط كان لدي ظن خاطيء في شيء ما وحين اتضح لي سوء ظني تغيرت النظرة تماما.
هز عبدالرحمن رأسه وهو يعرف مقصده حين كان يظن أن هناك شيء بينه وبين شروق ولم يحب أن يسترسل في هذا الأمر فلاذ بالصمت وأردف كريم بعد زفرة قصيرة وهو يسبح بعينيه في السماء المظلمة من فوقهما
-كما أنك متفهم بشدة لأزمتي مع أبي ،تتفهم وجهة نظري وموضع الخلل بدقة.
ابتسم عبدالرحمن ابتسامة ساخرة وهو يردد وقد فاض به من كثرة كتمانه لما حدث بينه وبين والده هو الآخر وادعائه أنه لا يوجد شيء حتى لا تشعر شيري ولكنه من داخله يكتوي بنار حارقة
-ربما لأنني أنا الآخر أقع في أزمة مشابهة وهناك خلل كبير في علاقتي بأبي، ربما لأن فاقد الشيء هو أكثر من يشعر بمن يفتقد نفس الشيء وأن المُبتلى لا يريد لمن حوله الشعور بمرارة هذا الابتلاء.
***
والابتلاء قدر كُتِب عليه وعليه أن يتحمله بصبر ويواجه تبعاته بشجاعة ولكن الشجاعة لا تفتح لنا دائمًا أبواب النجاة فأحيانًا تفتح أبواب الهلاك.
كان مازن يجلس بحجرة المعيشة وهَيَا تلعب حوله وكعادتها تُرهِقه في طعامها فتلعب كثيرًا وتأكل قليلًا فأردف بتعب وهو يمسك الطبق بيد والملعقة بيد
-هيا يا هَيَا الوقت تأخر وموعد نومك مر ولم تأكلي جيدًا.
اقتربت الصغيرة بعد أن ألقت اللعبة التي بيدها وهي تفرك عينيها بكلتا يديها وأردفت وهي تلقي نفسها في الحضن الوحيد الذي يتسع لها بهذه الحياة
-شبِعت وأريد النوم.
وضع الطبق جانبًا وأخذها بحضنه وكان هو الأحوج لحضنها في هذه اللحظة،منذ الأمس ومنذ أن عرفت سهر بحكايته كاملة ومنذ أن رأى صدمتها وانفعالها وهو لم يتواصل معها،أرسل لها رسالة لم ترد عليها ولم يستطع الاتصال بها.
-ولمَ لم تتصل بها لتوضح لها طبيعة الأمر وتعرف رأيها بعد أن هدأت؟
أردف الطبيب النفسي الذي يتواصل معه بجملته فبعد أن نامت هيا ووضعها بفراشها تواصل مع الطبيب وقد كان يشعر بالشتات والتوتر والاحباط وكل المشاعر السلبية التي من الممكن أن يشعر بها إنسان في هذا الموقف
فأردف مازن الذي يجلس على مقعد عالي في المطبخ ويضع كوب شاي ساخن أمامه يتصاعد بخاره أمام عينيه
-ماذا سأقول لها؟ لقد قلت كل شيء وهي أخذت الصدمة كاملة حتى أنها لم تصدق واتهمتني أنني أنا المُخطيء!
أوضح الرجل -لا لم تقل كل شيء،حسب ما فهمته أنك لم تستطع ذكر أحداث القصة القديمة واكتفيت بقول مقتضب أن نهى خانتك فقط.
أردف مازن باستنكار وهو يحتضن بكفيه كوب الشاي الساخن غير عابيء بحرارته
-وماذا كنت سأقول؟ هل المطلوب أن أحكي الموقف كاملا؟ ثم تمتم باختناق:لم أستطع بالطبع الأمر ليس بهذه السهولة.
حاججه قائلًا -وهي أيضا لها حق أن تعرف الحقيقة كاملة فالأمر شائك جدًا.
أردف والغصة بحلقه تخنقه أكثر -أنا كنت أعرف من البداية أنها لن تتقبل الأمر،أي فتاة مثلها لن تتقبله فالرجل الذي تخونه زوجته يترك الجميع جُرمها ويبحث عن السبب الذي جعلها تفعلها.
قال الطبيب مُصحِحًا -تقصد الشخص الذي يخونه شريكه يترك الجميع جُرم الشريك ويبحثون عن السبب الذي جعله يفعلها.
صمت مازن لثوان ليستوعب الفرق فأكمل الرجل
-هناك مشكلة لاتزال عندك أنت وهي أنك تخجل من الأمر وتداري الكثير من تفاصيله عن أقرب الناس وربما هذا ما يجعل الصورة تصل إلى فتاتك ناقصة.
أردف مازن متهكمًا-وهل من في مثل حالتي يجب عليه ألا يخجل؟
أردف الرجل دون تفكير
-بالطبع ... قلتها لك من قبل أن المُذنب والجاني هو الذي عليه أن يفعلها ،قلتها لك من قبل أن سواء من تعرض للخيانة رجل أو امرأة فهو المجني عليه والمظلوم ولا يجب أن يُسقط الذنب عليه هو.
أردف مازن بارتباك-أنا لا أعرف ماذا علي أن أفعل على وجه التحديد أنا حكيت لها ما استطعت ولا أشعر بقدرة فعلية على قول المزيد.
أسرع الرجل بالقول
-عليك أن تنبذ الشعور بالنقص أو التقصير جانبا هذا الشعور مستقر بقرارة نفسك وربما أنت لا تلمسه ولكنه موجود،عليك أن تحكي للفتاة التي تريد أن تتزوجها كل التفاصيل التي تريد معرفتها.
أغمض مازن عينيه وهو يردد بحشرجة -صعب.
-والصعب لنتجاوزه لابد أن نتخلص منه دون بقايا عالقة.
احتدت نظرة مازن وهو يردد -أنا أريد أن أعرف شيء واحد ما الحكمة في ظهور نهى في هذا الوقت على وجه الخصوص؟ أنا حين فتحت باب البيت ورأيتها أمامي شعرت كأنني رأيت شبحا من أشباح الماضي.
أردف الرجل بصوت رخيم-أنا أرى ظهورها حاليا شيء إيجابي.
ردد مازن باستنكار – وما الايجابي به؟
-ألم تقل لي من قبل أنك لم تتحدث معها بعد ما كان منها ولم تعرف سبب خيانتها؟ قلت أنك طلقتها مباشرة وأخذت البنت ولم تراها من يومها؟
-نعم.
قالها مازن بأنفاس متسارعة فأكمل الرجل -أنا أرى أن الماضي بالنسبة لك قد مات فعليا واحترق ولم يتبقى منه سوى بقايا رماد عليك أن تنثرهم بعيدا،أنت ولله الحمد لم تُصاب بعقدة من كل النساء كما يحدث في معظم الحالات التي تتعرض لمثل ما تعرضت له ،أنا رأيت حالات كثيرة مثلك فقدت الثقة بكل النساء ولكنك لم يحدث معك هذا بل اتسع قلبك لحب جديد وتريد الزواج وتكوين أسرة لذلك فأنا أراك إنسان طبيعي ونموذج إيجابي فقط ينقصك أمرين هامين
الأول أن تواجه نهى وتقبل بالجلوس معها لتقنعها كما تريد بعدم اعتراض طريقك أنت وابنتك لمصلحة الطفلة ليس أكثر وتعرف منها ما لم تعرفه قديما وهو سبب خيانتها لك ،أنت لديك من الماضي نقطة واحدة سوداء هي ما تجعلك تعاني، إن عرفت منها السبب ربما تستطيع مسح هذه النقطة وتعيش ما تبقى من عمرك في سلام
أما الأمر الثاني فهو أن تجلس مع الفتاة التي تحبها وتفتح لها قلبك كليا وتحكي لها كل شيء بالتفصيل وتجيب عن كل أسئلتها الحائرة .
أردف مازن وهو يشعر أن الكون من حوله قد أظلم منذ اختفاء سهر عنه رغم أنهم ساعات إلا أن الساعات في بعدها كالدهر
-وحديثي التفصيلي عما فعلته نهى قديما ألا يُعتبر كشف ستر امرأة أمام أخرى؟
أردف الرجل دون تفكير
-لو كنت من البداية أخبرت الفتاة أنك مُطلق لأي أسباب وقتها لم يكن عليك مصارحتها بالسبب الحقيقي أما أن تقول لها أنك أرمل ثم تكتشف كذبك فهنا هي لديها الحق لمعرفة الحقيقة كاملة كما أنك أنت الآخر آن الأوان لتعرف الحقيقة الكاملة لدوافع وأسباب نهى التي دفعتها سابقا للخيانة .
***
والحقيقة الكاملة مهما خبت وتوارت إلا أن هناك يوم تظهر فيه جلية مهما حاولنا اخفائها.
بعد مرور عدة أيام
كانت تقف أمام المرآة تُتمم على هيئتها قبل خروجها من البيت،شعرها مصبوغ بعناية يتوارى معظمه خلف حجاب صغير تعقده عند مؤخرة رأسها فيبدو جزء صغير من عنقها وبعض الشعيرات المصبوغة من مقدمة وشاحها،تتلفت يمينًا ويسارًا تتأمل وجهها الذي تزينه بالقليل من الزينة ،لا ترى أن سنوات عمرها التي تجاوزت الخامسة والأربعون تبدو بشكل مُفزع على تفاصيل وجهها ولا جسدها بل ترى نفسها تبدو أصغر كما أنها تحافظ على جسدها وصحتها بوجه عام "من أجله"
قبل أن يكون من أجلها كما أنها مُتفهمة طبيعته وميوله،تشعر به تماما كعُدي ابنها،تدلله تارة وتقسو عليه تارة ولكن حتى قسوتها تكن حانية،وتتفهم طبيعة شخصيته وميوله ،زفرت نفسا قصيرًا وهي تعد نفسها لمقابلة اليوم.
رن هاتفها الموضوع أمامها وكان أيمن زميلها بالمكتب، وأيمن ليس زميلها فقط بل يدها اليُمنى فردت قائلة
-أهلا يا أيمن،حقا...جيد جدا،أنا مسافة الطريق وأكن عندك.
ابتسمت بعد أن أغلقت معه وتأكدت أن خطتها تسير كما اتفقا،كانت تريد أن تختلي بندى الخولي بمكان وها قد جائتها الفرصة.
سحبت حقيبتها وغادرت حجرتها وهي تنادي -عُدي،هيا بنا.
خرج ابنها من حجرته يحمل حقيبته فوق كتفه وأردف -انتهيت هيا بنا.
وبعد قليل كانت تقف بسيارتها عند بوابة بناية نسمة وهي تقول للأخيرة
-أنا ربما أتأخر في مشواري يا نسمة .
أردفت نسمة وهي تضع كف على كتف محمد ابنها وكف على كتف عُدي-تأخري كما تريدين أنا سآخذهم إلى النادي ليتناولا الغداء ثم نعود ليذاكرا دروسهما وإن أردتِ دعيه يبات مع محمد الليلة.
رفع عُدي قبضته قائلًا بحماس-نعم يكن أفضل.
ابتسمت شيماء وضربته بخفة على مؤخرة رأسه قائلة -هكذا إذن تريد البيات بعيدًا عني!
وقفوا قليلا يمزحون أمام البناية وبعد قليل كانت شيماء تستقل سيارتها وتقودها نحو وجهتها وذهنها لا يكف عن التفكير فمنذ أن نطق عبدالرحمن جملته العارضة أثناء مشاجرته مع عمر وهي أفكارها لا تهدأ،رغم أنها لم يبدو عليها أي شيء من وقتها حتى ظنها هو أنها لم تنتبه ولكنها انتبهت جيدًا ومن يومها وهي لم تكف عن البحث خلف ندى لتعرف كل شيء عنها،لقد كانت تراها من خلف الشاشة وتلمح نظرات إعجابها بعمر خلال البرنامج الذي يعملان معا فيه وظنت في البداية أنه مجرد إعجاب امرأة برجل وسيم يجلس أمامها ويتحدث بطلاقة في أمور السياسة والاقتصاد شخص مُثقف وجذاب وأنيق إلى أبعد الحدود.
أما بعد حديث عبدالرحمن وتذكرها أنه نبهها من قبل لذلك بطريقة غير مباشرة فكان عليها أن تتصرف فليست هي من يأخذ منها غيرها شيء يخصها وتقف صامتة أو قليلة الحيلة .
بعد نصف ساعة
كانت قد وصلت إلى المرآب الخاص بأحد المولات الشهيرة،غادرت السيارة وهاتفها على أذنها تتبع أيمن الذي يصف لها أين هو وبعد دقائق وقفت أمامه قائلة بابتسامة صغيرة
-اتعبتك معي يا أيمن.
رد الشاب الذي يصغرها بعدة سنوات ويعمل معها بمكتبها الخاص ولا ينسى لها مساعدتها الدائمة له واتاحة الفرصة له للعمل معها في الوقت الذي أُغلقت كل الأبواب بوجهه
-تعبك راحة يا ست الكل.
-أين هي؟
قالتها باهتمام ونظرة لامعة متحفزة
فأردف بخفوت-هي تتسوق بالأعلى أما سيارتها فها هي.
قالها وهو يشير على سيارة موديل حديث تجاور سيارته وبنظرة خاصة بينهما فهمت مقصده ففتحت باب سيارته لتجلس معه في انتظار نزول ندى إلى المرآب لأخذ سيارتها.
بعد ساعة
من الأوقات المُفضلة لديها هي تلك الأوقات التي تتسوق فيها بمفردها فتشتري كل ما يحلو لها،يسرقها الوقت حتى تجد نفسها تحمل بكلتا يديها أكياس ممتلئة بكل ما تحب وتشتهي.
نزلت ندى إلى المرآب وهي تدفع أمامها عربة المشتروات المُحملة بملابس وأدوات زينة وعطور فعملها كمُذيعة يتطلب ظهورها الدائم بِطَلّات جديدة مُختلفة وراقية ،فتحت حقيبة سيارتها ووضعت الأكياس بها وحين أغلقتها أخذت تدندن وهي بطريقها لفتح باب السيارة بينما تمرر أناملها بخصلات شعرها الناعمة وصورة عمر تُداعب مخيلتها
-عايشة حالة حب معاك وخداني وصعب أنها تتكرر تاني وبعيشها لو إنت بعيد أو قدامي .
وما إن فتحت باب السيارة وجلست بها حتى وجدت الباب الآخر يُفتح وهناك من تجلس بجوارها وبابها هي يُغلق من الخارج بقوة أفزعتها وهناك جسد ممشوق يستند عليه فيمنعها من الخروج أما شيماء فأردفت بنبرة مُتسلية وهي ترى الفزع بعيني ندى
-هي حالة الحب فعلا ستأخذك ولكن لا أدري بالضبط إلى أين ولكني أعدك أن هذه الحالة فعليا لن تتكرر ثانية.
نهاية الفصل
قراءة ممتعة بإذن الله









tota642000, kaj, yasser20 and 27 others like this.

Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 03-07-23, 08:16 PM   #313

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ازهرت بساتين الورد

كل عام وانتم بخير
عودة حميدة
فصل راىع حبيبتي برا فو شيماء
لي عودة بعد القراءة مجددا تسلم ايدك


سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-07-23, 10:50 PM   #314

ايمان صفي

? العضوٌ??? » 476237
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 223
?  نُقآطِيْ » ايمان صفي is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك ما فينا نقول الا فصل يجنن مش معقول عبد الرحمن وشيري بيطيرو العقل مشاهدهم روعة ????
Heba aly g likes this.

ايمان صفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 02:17 AM   #315

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

تسلم ايدك...فصل جميل جدا
Heba aly g likes this.

najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 08:09 AM   #316

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 245
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

شيماء هتتصرف بالمناسب للاستاذ عمررررررررررررررررررررررر رررر????
Heba aly g likes this.

al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 09:34 AM   #317

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

كل عام وانتم بخير
فصل روعه روعه
شيري وعبد الرحمن مشاهدهم تخطف القلب
وكريم بالنسبة له رب ضاره نافعه اللى حصل مع باباه خلاه يقطع مع شروق شوط طويل فى العادى كان هياخد وقت كبير عشان يوصله

Heba aly g likes this.

Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 12:45 PM   #318

رانيا صلاح
 
الصورة الرمزية رانيا صلاح

? العضوٌ??? » 395664
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 706
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » رانيا صلاح is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
افتراضي

فصل رووعة استمتعت به وطبعا ضد وليد في موقفه واسلوب تعامله مع كريم ومتشوقة اشوف تصرف شيماء ومقابلة مازن ونهي تسلم ايديكي هبة مع حبي وتحياتي
Heba aly g likes this.

رانيا صلاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 02:21 PM   #319

نجلاء امين

? العضوٌ??? » 490544
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 121
?  نُقآطِيْ » نجلاء امين is on a distinguished road
افتراضي

الله عليكي في انتظار مواجهة شيماء وندي ما تتاخريش علينا ❤️❤️❤️
Heba aly g likes this.

نجلاء امين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-23, 06:19 PM   #320

رشا محمد صابر

? العضوٌ??? » 484071
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 100
?  نُقآطِيْ » رشا محمد صابر is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل
عجبنى كلام فريدة عن مازن وتحليلها لكل مخاوفها بالنسبة لسهر منتظرين الاحداث❤

Heba aly g likes this.

رشا محمد صابر غير متواجد حالياً  
التوقيع
رشا رشا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.