شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   منتدى قصص من وحي الاعضاء (https://www.rewity.com/forum/f38/)
-   -   جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (https://www.rewity.com/forum/t489292.html)

كلبهار 16-02-23 08:14 PM



يا قطعة القلب
ماذا أكتب لك ؟
و الجدران حولي باردة
و أيامي صامتة
و ليلي صقيع
و قلمي يرتجف كالطفل الرضيع بين يدي
و أوراقي تئن أمامي كالمدن المنسية
يا قطعة القلب
ماذا أكتب لك ؟
هل أكتب إني أحبك؟
أحبك
أحبك
أحبك.. أحب .. أحـ ب ك
كتبتها ألف مرة
ومسحتها ألف مرة
وماذا بعد؟
لا جديد يأتي بك
و لا جديد ينهي هذه المهزلة
وهذه القضية ْ
مقتبس





..............

وضعت رفل الوسادة تحت ساق خالتها جواهر بحذر وهي تقول مبتسمة :
- ها نحن ذا ...
ثم رفعت رأسها ونظرت لوجهها الذي لاح عليه الملل :
- كيف تشعرين خالتي ؟
اجابت متذمرة وهي تشير لساقها المجبرة :
- كيف تعتقدين أني اشعر وانا محبوسة في المنزل لا افعل شيئا سوى النوم والاكل والجلوس في الصالة ؟
لتردف باستسلام :
- لكن رغم ذلك الحمدلله على كل حال
جلست رفل على طرف الفراش واجابت بمواساة :
- لا بأس خالتي تحملي هو شهر واحد فقط وان شاء الله ستكونين بخير وافضل من السابق
تنهدت وغمغمت قائلة بخفوت :
- ان شاء الله تعالى
القت رفل نظرة خاطفة نحو القطط الثلاث اللاتي كن نائمات بأمان في اماكنهن المخصصة ثم قالت بتعجب:
- والله يا خالتي لقد فاجأتني فعلا عندما عرفت بأنك تحبين تربية القطط !
ابتسمت خالتها واجابت بحنان وهي تنظر لقططتها الغالية :
- انا نفسي لم اكن اعرف بأني سأحب هذه المخلوقات واتعلق بها هكذا !
سحبت نفسا طويلا ثم زفرته بحرارة واكملت :
- بدأ كل شيء عندما وجدت قطًا صغيرًا مرميًا على الرصيف ... كان على وشك الموت ... في تلك اللحظة رق قلبي له كثيرا ... حملته واخذته للطبيب ولم اكن اظن بانه سوف يتعافى ويعيش ... لكنها أرادة الله وقدره !
أومأت رفل مبتسمة ثم قالت بمرح :
- تحبينهم كثيرا اليس كذلك ؟!
لتؤكد خالتها بقوة :
- اكثر مما تتخيلين ....والله ان معاشرة هذه الحيوانات افضل من معاشرة بعض البشر ... على الاقل هي تعطي حبها بصدق دون انتظار مقابل لهذا الحب ...
اجابت رفل بتفهم :
- اجل يا خالتي معك حق .
حثتها مبتسمة بمحبة وهي تفتح ذراعها :
- تعالي يا رفولة ... تعالي ونامي بحضن خالتك .
ودون تردد مشت رفل على ركبتيها و يديها بحذر متوجه للجهة اليسرى من السرير الواسع مندسة بأحضان خالتها الدافئة ... لقد مر على وجودها في هذه القرية التي تعتبر منسية في العراق ... عدة أيام .... عدة ايام لها ولم تعتد بعد على برودة الجو القارصة هنا ... لكن يبدوا وكأن خالتها لم تكن تهتم لقد احبت بصدق العيش في هذه القرية الصغيرة .
ملل وكآبة هذا ما شعرت به ... فراغ لايزال يلازمها حتى بعد مرور كل هذه الأعوام ... لو كان يوسف حيا لكانت تراسله الآن ... او ربما كانت زوجته وكانوا قد أسسوا عائلة صغيرة خاصة بهم ... لكنه ليس هنا ... لقد فضل الموت واختاره عليها ... الموت كان بالنسبة له اهم منها ... اربعة أعوام وكان غيابه للان يلسع قلبها ويزيد من غضبها .. حزنها وشوقها إليه ...وكأن خالتها احست بما تفكر به اذ سألها بهدوء :
- اخبريني كيف الحال معك في المدرسة ؟!
موضوع اعطاء الاطفال الدروس في المدرسة القديمة والوحيدة الموجودة في القرية كانت فكرة من افكار خالتها لانها كانت معلمة ولان غيابها المرضي كان يؤثر على سلبا على سير المنهج الدراسي ... فالقرية تعاني من شحة ليس في عدد المعلمات فقط بل حتى بعدد المدارس الابتدائية والثانوية ايضا .. لذلك اقترحت ان تذهب هي بدلا عنها لمواصلة التدريس وبكل تاكيد مدير المدرسة كان مرحبا ومتحمس جدا للفكرة .... اجابت متنهدة وهي لا تزال تضع رأسها على صدر خالتها :
- بخير الاطفال لطفاء جدا ومهذبين .
أومأت خالتها بصمت لتردف رفل وهي تتذكر ذلك الطفل الذي كان اسمه يوسف بعينيه البنيتين الكبيرتين ونظراته البريئة ... لقد ظلت محافظة على ثباتها وابتسامتها رغم انها كانت تكبح جماح دموعها بقوة تحسد عليها ... ابتلعت ريقها وهمست بكآبة :
- لقد صادفت هناك طفل اسمه يوسف
توقفت يد خالتها التي كانت تمسد ذراعها صعودا وهبوطا وهي تردد بتعجب :
- يوسف !!!!
هزت رفل رأسها بصمت فهمته خالتها على الفور فهي قد حكت لها عن يوسف ... اخبرتها كل شيء عنه ... كل شيء حتى ادق التفاصيل لم تبقي سرا يخصه بجعبتها الا واخبرتها عنه ... اجابت موبخة بأمومه لمستها فقط بخالتها :
- الم نتفق على طوي ونسيان تلك الصفحة نهائيا ؟!!
اعتدلت رفل بسرعه واجابت بيأس :
- الامر ليس بيدي يا خالتي !!
ذكرتها خالتها بهدوء :
- أربعة أعوام مرت يا رفل !!
لتجيبها بهمس خافت وقد غرقت عينيها بالدموع :
- اربعة اعوام وثلاثه اشهر وللان ابحث عنه بين الوجوه !
نهرتها خالتها برفض وعدم رضا :
- رفل !!
التفتت رفل ناحيتها وهتفت بوجع متزامن مع دموعها التي هبطت على وجنتيها بهدوء :
- ماذا افعل يا خالتي اذا كنت لا ازال احبه ؟!!! عقلي مقتنع بأنه مات ورحل ويجب ان انساه وابدأ من جديد لكن قلبي يرفض ذلك ! يرفضه ويستنكره ويذكرني به كل يوم !
اجابت خالتها بهدوء وثقة غير مبالية ببكائها :
- لا يجب ان تدعي مشاعرك تسيطر عليك يا رفل ... يوسف استشهد ... رحل ولن يعود والدنيا لا تقف على احد .. هي فقط تسير بحلوها ومرها .
ابتسمت رفل بحزن وأومأت موافقة ... كانت تعرف بأن كلام خالتها صحيح وحقيقي جدا ... الحياة تسير برتابة بدليل أنها استمرت أربعة أعوام ... الشمس تشرق كل يوم ... والكون يدور ويدور .. كل شيء كما هو ... كل شيء ... إلا قلبها ليس على مايرام ..... سحبت نفسا عميقا وقالت وهي تمسح دموعها :
- في بعض الاحيان افكر
سألت الاخيرة مستفهمة :
- بماذا ؟!!
اجابت بحزن وهي تحدق بوجه خالتها الذي بانت عليه آثار الزمن :
- افكر بان يوسف لم يحبني كما احببته انا !
رفعت الخالة جواهر حاجبيها وسألت دون أن تغضب منها هذه المرة لأنها ذكرت اسم يوسف ثانية ... فهي كانت تريد منها نسيانه تماما لكي تمضي قدما بحياتها وهذا الأمر لم يجعلها تستاء من خالتها بل بالعكس احبت ذلك الحرص البادر منها والذي لم يصدر من والدتها قط :
- لماذا ؟!
همست بصوت ضعيف وخافت وهي تخفض نظراتها :
- لانه لوكان قد احبني فعلا لما اختار البعد عني ؟
ثم رفعت عينيها المترقرقة بالدموع واردفت :
- كنا ملائمين لبعضنا البعض ... افهمه ويفهمني ... اكمله ويكملني .. وكأننا خلقنا لبعض ... فلماذا لم يعد عندما سنحت له الفرصة ؟!!!!
اجابت خالتها بعد صمت قصير :
- لان بعض القرارات نتخذها دون ارادتنا يا رفل ... هي تُفرض علينا فرضا !
اربعة أعوام وهي تفكر .. تفكر بأيامهم وتلك العلاقة النقية التي ربطت بين قلبيهما ... ودفتر مذكراته الذي قرأته عشرات المرات وللآن لم تجد أجابة شافية .. لماذا هي ؟ لماذا هي بالذات يحصل معها كل هذا ؟! غمغمت رفل بخفوت وتعب :
- بل كان بامكانه ان يبقى ! كان بأمكانه أن يختارني .
اجابت خالتها بهدوء :
- الم تقولي بانه ذكر لك كل شيء في دفتر مذكراته ؟
أومأت رفل وهي تبتلع ريقها وقالت :
- اجل اجل اخبرني لكن ...لكن ...
قاطعتها بجدية وواقعية :
- لكن ماذا يا رفل ؟!! ماذا ؟!! ( لكن ) لن تغير الحقيقة ولن تعيد ****ب الساعة للوراء ... ماحصل قد حصل ... صدقيني ... ليس كل قصص الحب يجب ان تنتهي بالزواج والحياة الوردية ... هناك الكثيرات ممن مررن بنفس تجربتك ولم ينكسرن او يستسلمن للحزن ... لقد بدأوا حياتهن من جديد .
صمتت رفل وكلمات خالتها تغرق بطيات عقلها وتؤجج النار داخلها إنها نار اليأس وخيبة الأمل من يوسف ومن نفسها ومن الناس جميعا ... اكملت وقالت بليونة ورقة :
- استغفري الله ... واستهدي بالرحمن ....اذكري يوسف بكل طيب يا ابنتي ثم يوسف شهيد..... شهيد ومكانه الشهداء الجنة الحري بك ان تفرحي وتفخري به .
لم تنطق رفل بحرف بل اخفظت نظراتها المشوشة لتحدق بيديها المتشابكتين فوق البطانية الوثيرة لتردف خالتها بصدق ويقين :
- انا اعلم متى ستنسيه .
وبسرعة نظرت لها رفل متسائلة بسخرية لم تظهرها :
- متى ؟!!
رفعت الخالة ذقنها واجابت بثبات :
- عندما تتزوجين وتنجبين الاطفال سوف ...
قاطعتها رفل بقوة وثقة وقد لاح على وجهها إمارات الرفض :
- لن اتزوج ابدا .
لوحت خالتها بذراعها وقالت باستخفاف :
- هراء
لتهز رفل رأسها وهي تجيب بقناعة تامة :
- لا ليس هراءًا .... صدقيني يا خالة جواهر لن استطيع الزواج وانا بكل مرة يتقدم لي احدهم يترائ لي وجه يوسف امامي !!
قالت خالتها بكل ثقة وكأنها ترى ما سيحصل مستقبلا :
- هذا مجرد كلام يا رفل عندما ياتي النصيب تخرس الألسن .
اجابت بيأس وقنوط :
- حتى وان كان ما قلته حقيقيا ماذا افعل مع الذكريات ؟!! الن تكون خيانة أن اتزوج من شخص وانا لا أزال متعلقة بشخص اخر ؟!!!
سحبتها خالتها من ذراعها لترجعها إلى حضنها مرة أخرى ثم قالت بعد ثانية من الصمت :
- الذكريات ستبهت وتصبح بعيدة .... بعيدة جدا .... انا لن اقوال بانها ستختفي لكنها ستتحول وتصير ضبابية وسوف تتذكريها بالصدفة .
كلام خالتها منطقي جدا ... فمابالها لا تستطيع ان تقتنع ؟ هل هي من تربط نفسها جبرا بالماضي ؟ ربما أجل فهي يوميا تفتح ذلك الدفتر تقرأ كلماته .. كل حرف وكل خاطرة .. تعيد ما ماضى بينهما كشريط سينمائي لا تمل منه ابدا ... لقد اعتقدت بأنها اذا سافرت لتقضي بعض الوقت مع خالتها بهذه القرية المنسية فربما تستطيع ان تمحيه من ذاكرتها قليلا لكن ما حصل كان العكس ... الشتاء هنا كئيب وهادئ جدا ... الطرقات والشوارع شبه فارغة ...الصمت يحيط بها ... صمت ظاهري فقط .. فما يدور داخل عقلها كانت حرب طاحنة ... صمت صاخب بضجيج لا ينتهي ...
وكله يدور حول يوسف فقط
..............

يتبع


كلبهار 16-02-23 08:15 PM




مااصعب ان تتكلم بلا صوت
ان تحيى كى تنتظر الموت
مااصعب ان تشــــعر بالســـــــأم
فترى كل من حولك عـدم
ويسودك احساس الندم
على إثــم لا تعرفه …. وذنب لم تقترفه
مقتبس




اليوم الموالي مساءا


بخطوات هادئة وحذرة مشت متجه الى المطبخ علها تجد بعض الطعام الفائض من وجبه العشاء الذي بكل تاكيد لم تشارك عائلتها به كعادتها ... وبما ان اليوم جمعة فشقيقتها حسناء تقضي اليوم كله هنا مند الصباح الباكر حتى المساء والان الساعة شارفت على الحادية عشر والنصف مساءاً ... يجب ان تكون قد ذهبت لمنزلها بينما كانت هي نائمة في غرفتها حيث غلبها النعاس وهي جالسة هناك تقلب فديوهات اليوتيوب بهاتف والدتها لانها ببساطة لا تملك هاتفا خاصا بها لان هذا عيب ولا يصح حسب وجهة نظر شقيقتها التي كانت هي الأمرة الناهية في هذا المنزل ... تجلس هناك وحدها وكانها منبوده او مصابه بمرض معدي ... تسمع اصواتهم وهم يتحدثون ويمزحون فيما بينهم .... لا احد يهتم او يفكر بتلك القابعة في غرفتها العتيقة التي حفظت كل شق وكل بلاط فيها .... والدتها اوصتها ليلة أمس وشددت عليها قائلة :
- شقيقتك ستاتي غدا اريدك ان تبقي في الغرفة لا تخرجي منها ابدا ...الطعام سابعثه لك مع شقيقك احمد اياك ان تظهري نفسك الى ان اناديك انا ..... فهمتي ؟
شكرا لك أماه .... همستها بكآبة ... فهذه كانت امها وهذه هي الطريقه التي كانت تعامله بها ومن اجل من ؟ من اجل ابنتها الكبرى ... لكن لا بأس تحملي يا زينة الحياة ... اخر الصبر سياتي الفرج ... وحياتها بكل تأكيد لن تظل هكذا ... اجل .. لن تظل محبوسه وكأنها اقترفت جرما عظيما لا يغتفر ... حتى السجين له مده حكم ويخرج من سجنه وبالنسبة لها سوف يأتي هذا اليوم لا محالة .... تجمدت خطواتها عندما سمعت صوت شقيقتها الغاضب وهي تقول لوالدتها :
- لن اتحملها اكثر يا امي وجودها اصبح ينغص عليّ حياتي .
اجابت والدتها بتوسل وهي تحاول ان تهدئها وتمتص جماح غضبها الغير مبرر :
- وجودها ؟ اتقي الله فيها يا حسناء ... ها انا احبسها في غرفتها وقد اوصيتها ان لا تخرج عندما تاتون لمنزلنا ... بل حتى عندما تاتين انت بمفردك .... لقائك بها في بعض الأحيان يكون صدفة !
قالت حسناء بحقد وكره شديدين :
- لا يكفي يا امي ... لا يكفي ...
همست والدتها بتوسل مذل اثار اشمئزازها وحزنها :
- انا لا افهم لماذا تفكرين بها كثيرا ولماذا توليها كل هذه الاهمية ؟
قاطعتها حسناء بقرف :
- هل حقا تسألين يا امي ؟ وانت تعرفين الجواب جيدا !
اجابت والدتها متنهدة :
- لا والله انا لا اعرف ما اقترفته زينة الحياة ؟! ولماذا انت تكرهينها لهذه الدرجة ؟!!
هتفت حسناء بغل ولهجة مجنونة :
- حسنا ... تدعين عدم المعرفة اليس كذلك ؟ هل تنكرين بانها تضع عينيها على زوجي ؟!!
قالت والدتها مستنكرة :
- لا هي لا تفعل هذه مجرد اوهام تتخيليها انت فقط ... لا اعرف من زرعها برأسك حسبي الله عليه كأن من....
هتفت حسناء تقاطعها بحده :
- لا يا امي ليست اوهام ... ولا لم يزرعها احد برأسي انا لي عينان ارى بهما .... واقسم لك بانها تكن لزوجي المشاعر هي تضع عينيها عليه تلك القبيحة الوقحة الغير متربية .
انتظرت زينة الحياة ان تدافع عنها والدتها حتى لو بكلمة واحدة لكن للأسف ما قالته اصابها بجرح غائر وعميق في صدرها ... جرح جعلها تشعر بألم رهيب وكأنه حقيقي وملموس جدا لدرجة جعلت الدموع تتجمع بعينيها حين اجابت بجدية :
- حتى لو افترضنا ان ما تقوليه حقيقيا ولو اني استبعد ذلك كثيرا ... وكثيرا جدا ... لكن ها انت قلتها قبيحه ثم تعالي هنا مما انت خائفه وزوجك يقبل الارض التي تسيرين عليها ؟ هل ثقتك به ضعيفة لهذه الدرجة ؟!!!
أجابت حسناء متأففه :
- انا اثق بزوجي طبعا .... لكني لا اثق بها تلك الحقيرة ... هي تحسدني وتغار مني .. اقسم لك يا اماه بأنها تتمنى ان اموت عند الولادة لتحل محلي وتتزوجه .
تمتمت والدتها متنهدة :
- لا اله الا الله
هتفت حسناء برجاء مثير للغثيان ... رجاء وتوسل كانت تتخذه دائما درعا لها عندما تريد ان تحصل على شيء وكانت تنجح دائما بمسعاها :
- امي انت يجب ان تجدي الحل
وصلها صوت والدتها وهي تقول بعدم فهم :
- حل لماذا ؟
لترد الاخيرة بحقد :
- حل لها طبعا ...
ثم اردفت بجدية وكأنها تتحدث عن عدوتها اللدودة وليس شقيقتها التي هي من لحمها ودمها ... ابنه ابيها وامها :
- اما انا أو هي في هذا المنزل !
همست والدتها متسائلة بدهشة :
- مادا تقصدين ؟!!!
اجابت حسناء بثقة ودون تردد :
- ما فهمتيه يا امي .. اما انا او هي
قالت والدتها بتلعثم :
- لكن .. لكن ... كيف ... و ....
قاطعتها بضجر ولا مبالاة :
- لا اعرف تصرفي انت .... المهم لا اريد ان اراها او اسمع اسمها
اجابت والدتها بضعف ونبرتها تعكس بأنها كانت شبه موافقة على الفكرة التي جعلت جسدها يرتعش من الخوف والألم :
- كيف اتصرف ؟ اين تريدين ان اذهب بها ؟
اجابت حسناء بلا مبالاة :
- لا اعلم ... فكري انت ..
صمتت لثوانٍ قليلة واردفت :
- ارسليها لبيت من بيوت احد اقاربنا
اجابت والدتها بتعجب وعدم تصديق :
- اقاربنا ؟؟؟؟؟
لترد الاخيرة بثقة وقوة :
- اجل يا امي .
قالت والدتها بصوت منخفض ورقيق كانت تحاول تغيير رأيها فهي تعرف هذه النبرة جيدا :
- لكن يا حسناء ما تطلبيه مستحيل يا ابنتي و تعرفين بأن ..
قاطعتها حسناء بحدة :
- اخبرتك يا امي اما انا او هي ...الا تخافين علي ؟ الا تخافين على طفليّ ؟ الطبيبة قالت التوتر والضغط النفسي خطر على حياتي وحياة اولادي كما إني اعاني من خفقان مزمن ... ماذا ؟ هل تريدين ان يموت احدنا .
هتفت والدتها بصدق ورهبة
- اسم الله عليك وعلى طفليك يا حسناء لا تتفوهي بمثل هذا الكلام فهو فأل سيء
قالت حسناء بانتصار :
- اذا افعلي ما يجعلني مرتاحة وسعيدة .
ثم اكملت بتهديد مسفر وواضح جدا :
- وقبل ان تختاري فكري وتذكري .... تذكري جيدا من يصرف عليك وعلى اخوتي الصغار منذ وفاة ابي وللان ؟ تذكري من يفتح ويرى طلبات هذا المنزل ... وعندها قرري ...انا ام هي ؟

...............
يتبع


كلبهار 16-02-23 08:17 PM


عادت زينة الحياة ادراجها مختنقة غير راغبة بسماع المزيد من الحديث المسموم عنها ... عادت وجسدها يرتجف خوفا ودهشة ... خوفا في حال موافقة والدتها لقرار اختها التعسفي ... ودهشه من مدى هذا الكره الشديد لها ... حتى الجوع الذي شعرت به قبل لحظات غادرها ... بهذا الجو البارد وهم في منتصف شهر تشرين الثاني احست بقطرات العرق تتجمع فوق جبينها وبين طيات شعرها ... دخلت لغرفتها واغلقت الباب بهدوء شديد ... توجهت نحو المرآة ونظرت لوجهها الضبابي الذي انعكس عليه ضوء المصابيح البعيدة المتسللة من بين فتحات الستائر ... حدقت بتقاسيم ملامحها جيدا ... عينين بلون العسل الفاتح ... وبشرة خمرية مائلة للبياض ... انف وفم صغيرين ... وشعر بني طويل يصل لمنتصف ظهرها .... والدتها ومن قبلها جدتها قالتا لها بأنها جميلة جدا ولهذا السبب سُميت زينة الحياة .... وشقيقتها تردد عليها دائما وتخبرها بمدى قبحها ... قبحها الداخلي والخارجي .... سواءا كانت جميلة ام قبيحة فهي تكره وجهها وتكره حياتها وتكره اليوم المشؤوم الذي ولدت فيه ... ليتها ماتت وارتاحت من كل هذا الذي يحصل لها يوميا ! بموتها كانت ستريح وتستريح ... تعبت من كل شيء ... كل شيء ...
عادت لسريرها ثم تمددت وتدثرت بالبطانية الثقيلة ... حاولت ان تهدأ نبضاتها التي كانت تتسارع للان بجنون ... والسيطرة على ارتعاش جسدها المنهك .. حدقت بسقف غرفتها الذي انعكست عليه بعض الظلال السوداء وهي تهمس بوجع .. هل ستوافق أمي ؟! هل ستفعلها وتطردني من بيت ابي ؟! البيت الذي تربيت وعشت به سنوات عمري كلها ؟!!
اجابها صوت بعيد قائلا بهدوء .. لا بالتأكيد لن تفعلها .. مهما بلغ ضعف والدتك وخوفها من ابنتها الكبرى حسناء الا ان ضعفها لن يصل لهذه الدرجة .. اطمئني ولا تخافي .
تهاوت دموعها ببطئ على جانبي وجهها وهي تتذكر ما حدث قبل سنوات مضت .. كل شيء بدأ في شهر نيسان ... عندما كانت في الصف الثالث متوسط ..كانت حسناء مخطوبة في ذلك الوقت من هشام والذي كان يعمل طبيبا للاطفال في إحدى مستشفيات بغداد كما كانت اختها تعمل بنفس المشفى صيدلانية ... كانا لائقين لبعضهما البعض ... هو طبيب وهي صيدلانية ... هو وسيم وهي جميلة جدا ... هشام كان ابن خالتهم بدرية .. خالتها الثرية الاستقراطية ... التي اختارت شقيقتها لتكون زوجه لابنها ليس لجمالها فقط بل لانها كانت كاملة والكمال لله .... كاملة بكل شيء ... كانت جميلة ومحبوبة .... اجتماعية وتحب ان تكون الصدقات كما كانت ذات تحصيل دراسي مميز ويرفع الرأس .
كثيرا ما فكرت بمدى تشابه خالتها بدرية بشقيقتها ليس شبه في الملاح لا .. بل الشبه كان في الطباع والتصرفات ... كلتاهما كانتا تحبان ان يسلط الضوء عليهما ... يحبان التباهي والواجهه الاجتماعية امام الناس .. منذ ان تم قبولها في كلية الصيدلة تقدم لها هشام الذي كان يكبرها بعدة اعوام ... وبمباركة مطلقة من خالتها طبعا ... كانت حسناء هي المهمة ليس في ذلك الوقت فحسب بل حتى قبلها ..و المفضلة لديها .... كلما تنجح بمرحلة دراسية كانت تحضر لها الهدايا الثمينة ... رغم انها وتعترف بينها وبين نفسها ... بانها شعرت بالغيرة لكنها كانت تنفض تلك المشاعر بسرعة .... مهما يكن كانت حسناء اختها وكانت تسعد لسعادتها وتفرح لفرحها وتفوقها ... لكن ما كان يحزنها ويشعرها بانها لاشيء منذ نعومة اظافرها هو ان خالتها كانت تدعوها للذهاب لمنزلهم فقط في وقت الحاجة ... عندما يكون لديها حفلة او عندما تفرش المنزل شتاءا وتتنظفه صيفا كانت مثل الخادمة التي تعمل دون اجر ... وكل هذا كانت بموافقة والدتها ...
هكذا نشأ الفارق الشاسع بينها وبين شقيقتها فهم دائما يقارنون بينهما ودائما حسناء هي التي تفوز بتلك المقارنة التي لا داعي لها ..... كانت البليدة الغبية وتلك الذكية المتفوقة .... هي ذات الجمال المتواضع وحسناء ذات الجمال الاوربي الحاد ... لم يكن ذلك مهما لها فكل ما كانت تريده هو الانطواء والانزواء ... تحلم وتسافر بعالمها الخاص ... ترسم فوق اوراقها البيضاء القصر والغمام الوردي .. اميرات دزني والاقزام السبعة ... ترسم الحياة التي تريد ان تزورها وتمتلكها بيوم من الايام ....كما ان علاقتها مع حسناء لم تكن تلك العلاقة القوية التي كانت تشاهدها دائما بين الاخوات بل كانت شقيقتها منغمسة مع صديقاتها بعالم التوهج والاضواء وهي اختفت في الظل .... وزاد التباعد بينهما بخطبتها لابن خالتها الطبيب والذي تطوع بتدريسها بعض مواد الصف الثالث ... صعبة الفهم عليها مثل مادة الكيمياء والرياضيات واللغة الانكليزية ... في البداية لم تمانع شقيقتها بذلك كانت مشغولة بتحضير مستلزمات زفافها الذي كان قريبا جدا ... لزلة لسان ... زلة لسانها وجملة عفوية قالتها بكل برائة وصدق عندما لاحظت مدى طيبة وكرم زوج اختها أوقعتها فريسة لأنياب اختها الحادة .... ليتها لم تنطق بتلك الجملة التي قلبت عالمها رأسا على عقب وحولت حياتها لجحيم مطلق من الغيرة والشك والكره ... منذ ذلك اليوم وحسناء تغيرت معها ... تغيرت مئة وثمانين درجة .... اصبحت تكرهها علانية .. تكرهها اضعافا مضاعفة .... تحتقرها وتقلل من شأنها أمام الناس ... حتى بيوم زفافها الذي كانت متحمسة له بكل صدق وسعادة امرت والدتها بان تحبسها في الغرفة ولا تسمح لها بالخروج والمشاركه به... قالت بكل برود وقسوة:
" أن سأل أحد المدعوين عنها قولي بأنها مريضة وترقد في الفراش "
عادت من ذاكرتها على صوت الرعد وهو يشق سكون الغرفة ... لمست منديل والدها الرمادي الذي تلفه حول معصمها منذ عامين ... عامين كاملين لم تخلع المنديل من معصمها الا عندما تستحم او عندما كانت تغسله وتنتظر بلهفة ونفاذ صبر ان يجف لتعيد لفه حول معصمها .
تعرف جيدا وتعي بان الحياة ليست كلها وردية ... أجل تعرف بأن هناك يوم مفرح وسعيد يقابلة يوم اخر حزين وكئيب .. هذه حال الدنيا ... لكن بالنسبة لها كانت ايامها متشابهه ... كلها حزينة وكئيبة ... مظلمة وباردة ... رغم وجود الجميع حولها الا انها وحيدة ... لا صديق لها ولا أنيس ... فاشقائها صغار لا يزالون في المرحلة الابتدائية رغم انهم لا يفقهون شيئا إلا إنها تكاد تقسم بأنها تلمح بعض الشفقة بعيون اخيها احمد الذي كان في الصف السادس الابتدائي ... وهذا كان يجعلها تشعر بالخجل والعار .
اصبحت انطوائية اكثر ... تكره التجمعات ... تكره الخروج من المنزل .. تكره التحدث مع الناس والتواجد حولهم ... بالعودة للحفلات واعياد الميلاد حتى وان كانت مدعوة لم تذهب ابدا .... شقيقتها لم تكن توافق وللأسف والدتها كانت تستقبل الأومر بكل ممنونية ... حتى والدها رحمه الله عندما كان حيا لم يكن يستطيع ان يقف بوجهها .. في بادئ الأمر طلب منها ان تكف عن مشاجراتها وصراخها المستمر عليها بالاضافة لإتهاماتها الباطلة التي لم تكن تخاف الله بإطلاقها .... إلى ان مل ... هو الأخر مل والتزم الصمت ... كان يرى كل ما يحصل ويسكت ... والدها كان طيب القلب ومتسامح لابعد الحدود ... لذلك كان ضعيف الشخصية تماما كما كانت والدتها ....
ربما هي ورثت عن والديها ضعف الشخصية هذا ؟ ومما زاد عليها من وطئة الوحدة والكآبة هو ما انغرس في داخلها من ثمرة انعدام الثقة والخوف من الجميع ..تخاف ان تتحدث وتصبح سبب لبدأ المشاكل ... تخاف ان تبدي رأيها وأن يكون هذا الراي غير صائب ... حتى عندما وصلت لمرحلة السادس الاعدادي وطلبت منها والدتها بتحريض من حسناء ان تترك دراستها لانها لن تتخرج بمعدل عالي وافقت وانصاعت لاوامراهم ... كانت تراقب بحسرة أقرانها في المدرسة وهن يتخرجن ويذهبن للجامعة وهي جالسة في المنزل بلا حول ولا قوة ... تسعة عشر عاما فقط ... عمرها هو( تسعة عشر عاما )للتو كان عيد ميلادها المنسي قبل عدة ايام ... ولم ترى بهذه الاعوام اي سعادة ماعدا مرحلة الطفولة في كنف والدها الراحل .... كانت مجبرة على ابتلاع هذا الألم ... تحلف داخلها وتقسم مئة يمين انها ان تزوجت ورزقت بأولاد فأنها ستحقق حلمها من خلالهم .... لكن ... عندما يتردد صدى صوت شقيقتها وهي تقول لها بكل برود وترفع :
- انت مملة وغبية ... تفسدين كل شي ... وتصيبين كل من تقتربين منه بعدوى بالبؤس ... تنقلين له سمومك وتمتصين البهجة ممن حولك ! مثل الزهرة المسمومة تماما .
يتبدد كل أمل داخلها .... ربما اجل .... أجل معها حق هي كما وصفتها حسناء بالضبط ... زهرة مسمومة ... تنثر الموت وتستنزف الحياة ممن حولها وإلا فلماذا يحصل كل هذا لها ؟!!!

....................
نهاية الفصل
لاتنسوا التعليق حبيباتي فديتكم
ملاحظة الرواية ماخوذه من احداث حقيقية
نلتفي الاسبوع القادم وبنفس التوقيت ان شاء الله


mansou 16-02-23 10:50 PM

مبارك عليك تنزيل الجزء الثاني ومتشوقة كثيرا للفصول القادمة

Shadwa.Dy 16-02-23 11:16 PM

يسعد اوقاتك يا قلبي اشتقنالك ❤️❤️❤️ معك دائما😘

lana maythn 17-02-23 03:43 AM

الف مبروك حبيبتي نزول الروايه 🌹
من اول كلمه بالروايه بدات الروعه والتشويق
انقهرت على زينة الحياة معقول هذا الحقد من اختها معقول توصل لمرحله تطردتها من بيت ابوها وتحرض امها على ابعادها انا واثقه ان حقد حسناء راح يخسرها دائما مهما كانت مكاسبها
اتمنى ان زينه الحياة تطلع من هذه البيئه وتعيش بسعاده وتعوض كلشي فقدته دراستها ثقتها واهم شي تلاقي الحب الحقيقي وبطل ينقذها من البؤس
ورفل ننتظر الفارس الي يعوضها حبها الضايع
عاشت ايدج كلبهار روعه فعلا من اول كلمه ❤

كلبهار 17-02-23 10:46 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mansou (المشاركة 16182019)
مبارك عليك تنزيل الجزء الثاني ومتشوقة كثيرا للفصول القادمة


الله يبارك بيج يعمري ان شاء الله الرواية تعجبج للنهاية نورتيني يا وردة

كلبهار 17-02-23 10:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shadwa.dy (المشاركة 16182043)
يسعد اوقاتك يا قلبي اشتقنالك ❤️❤️❤️ معك دائما😘


حبيبتي يسعد كل ايامج يارب واني ايضا اشتاقيت الكم ولتعليقاتكم الحلوة ....نورتيني يروحي

كلبهار 17-02-23 10:52 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lana maythn (المشاركة 16182255)
الف مبروك حبيبتي نزول الروايه 🌹
من اول كلمه بالروايه بدات الروعه والتشويق
انقهرت على زينة الحياة معقول هذا الحقد من اختها معقول توصل لمرحله تطردتها من بيت ابوها وتحرض امها على ابعادها انا واثقه ان حقد حسناء راح يخسرها دائما مهما كانت مكاسبها
اتمنى ان زينه الحياة تطلع من هذه البيئه وتعيش بسعاده وتعوض كلشي فقدته دراستها ثقتها واهم شي تلاقي الحب الحقيقي وبطل ينقذها من البؤس
ورفل ننتظر الفارس الي يعوضها حبها الضايع
عاشت ايدج كلبهار روعه فعلا من اول كلمه ❤


الله يبارك بيج يروحي فدوة لكلبج .... قصة زينة محزنة كلش وللاسف هي حقيقية يعني اتعجب من هيج اخت اني اكلج هذي حسناء تعاني من مرض نفسي اكيد ...ان شاء الله زينة رب العالمين ينصرها لانها انسان نقية وذات قلب ابيض
رفل منتظرها كل خير ان شاء الله بس هي تنطي فرصه لنفسها
ايدج العايشه شكرا على تعليق المحمس والرائع فرحت بيه كلش الله يفرحج يارب

Ektimal yasine 19-02-23 10:53 AM

جدران دافئة بداية مشوقة
رفل وخالتها اشتأنا رفل علاقتها بخالتها عكس والدتها
يوسف لسى طاغي بذكرياتو عاقلبها بتذكر انو لسى عايش عا امل تتلاقى دروبن قصة زينة الحياة و حقد.حسناء عليها بسبب ظنون يعني لو واثقة بنفسك.ما عملت هالشي سجنت اختك بين اربع حيطان وللاسف بموافقة والدتك حسناء كره من اول مشهد كم رهيب من الاناتية والقسوة
التفريق بين الاخوة آفة بمجتمعاتنا للاسف لكانب مسهد ذكريانها ومعاناتها مع العزلة والظلم من اختها والتفرقة ولله ماحدا بيلث السموم وبينزع البهجة غيرك ياحسناء الله يصطفل فيكي عاكم هالحقد والتجبر والانانية
موجعة البداية وبتمنى لزينة الخياة شخص محب وعاشق ومصمم متل ايهم ابدعت


الساعة الآن 06:00 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.