آخر 10 مشاركات
سراب الحب (8) للكاتبة الخلابة: نور الهدى *مميزة & كاملة* (الكاتـب : نور لينة - )           »          وشاح من دخان-قلوب شرقية(79)-حصرياً- للكاتبة:داليا الكومي{مميزة}-(مكتملة&الروابط) (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [ تحميل] من تحت سقف الشقى أخذتني للكاتبه نـررجسـي?? ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          بخصوص رواية قبلة المموت … (الكاتـب : فجر عبدالعزيز - )           »          فرشاة وحشية ج1 من س تمرد وحشي-قلوب أحلام زائرة-للكاتبة: Nor BLack*مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree6568Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-09-23, 10:10 AM   #1431

s.saif

? العضوٌ??? » 412568
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 335
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » s.saif is on a distinguished road
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك action
افتراضي


لا اله الا الله محمد رسول الله

s.saif غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 08:54 PM   #1432

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل الثلاثون

.

.

من أذبلك ؟!
‏من أتلف الوردات تِلك
‏ومبسمّك ؟!
‏من أحزنك ؟!
‏من جمّع الدمعات غيماً
‏وأمطرك ؟!
‏وأطلق في عينيكِ رعداً وأغضبك ؟!
‏فلتهدئي
‏إني هُنا سأظل دوماً أزهرك

.

.

المثنى
====================



نظرت نهى إلى عينيّ أختها الميتة دون أي حياة …
لقد نبت الشعر على لسانها منذ أسابيع و هي تحاول أن تقنعها لتعود لزوجها وأطفالها وتنسى كل شيء و تبدأ حياتها من الصفر …
وصفحة جديدة بيضاء لم تُمسّ من المشاكل …
و أن لا تنظر للماضي أبدًا وتنسى كل شيء كأن تفقد ذاكرتها ..!!
فلترمم قلبها وحياتها وتحاول أن تتعلق أكثر بأطفالها ..
هي تعرف أن أختها تحب أطفالها لا ريب ..
لكن ليست لديها تلك القدرة الخارقة على الإهتمام بهم وبثهم العناق والإحتضان الذي يحتاجونه يوميًا ..
فهي تضجر من ذلك .!!
فالإهتمام بهم شيء ..
والتربية وزرع القيم بهم شيء آخر …
قطبان لا يتشابهان ..
فأي أحد يستطيع الإهتمام ..
وقد كانت الخادمة من تهتم تلبسهم وتطعمهم وتحضرهم من المدرسة وكل شيء ..
وأما التربية ؟!
حسنًا ..!!
ليتها أنجبتهم أول زواجها لربما استطاعت تربيتهم أفضل من ذلك ..
ولكن سيف أخطأ خطأ فادحًا حين أغدقها بدلاله حتى فسدت بذرتها الجيدة ..
ولكن بالطبع هذا نتيجة لطبيعة حياته وتربيته الأصيلة ..
ربما بعض الناس لا تتأثر من هذا الدلال ..
ولكن أختها تأثرت وتجبرت ..
و رمت بكل حديثها ونصائحها عرض الحائط
وكل ماقالته دون أي جدوى ..
لقد جعلتها تبتلع لسانها و نصائحها كما تبتلع السُمّ ..
أبت أن تعود قبل أن يقول لها سيف " إرجعي " ..!!
لم تعد تريد منه أي شروط أو هدايا ..
كانت ستكتفي أن يقول لها عودي من أجل كرامتها المراقة أرضًا و نفسيتها التي وصلت للحضيض ..
ولكنه لم يتحدث إليها منذ أشهر ولا حتى هي فكّرت أن تحدثه ..
وقطعا حبل الوصل ..
لما هي عنيدة هكذا ؟!
ماذا تظن أنه سيفعل إن لم يطلقها ؟!
لقد تشبثت جذور أختها في التربة و تحولت لشجرة من إنتظاره …
رغم أنه أقسم لها ثلاث بأنه لن يُعيدها إن لم تفعل هي ..!!
وما زالت رغد مصرّة بأنه لن يتخلى عنها وقد أصبح بينهما ثلاث جواهر …
كيف سيتخلى ؟!
وهو لم يفعل من قبل …
نعم أفقدته عقله مرتين وطلقها …
ولكن بمجرد ان عادت تقَبلّها بصدرٍ رحب في كل مرة ..
ولكن هذه المرة لن يجرؤ على طلاقها فلقد تبقت طلقة تودي بحياتها للدرك الأسفل ..
تنهدت رغد بينما تسمع أختها صوت الباب ..
ذهبت وفتحته وكانت قد توقعت بأنه سائق سيف يجلب لهم المؤونة الأسبوعية منذ سنوات عادته هذه التي لا تنقطع عنهم …
وعرفت مؤخرًا فقط أنه يساعد بعض العوائل المتعففة من جيرانهم ..
محيط واحد و الجميع يعرف بعضهم ..
هذا ما عرفته فقط من الجيران ولابد أن هناك ما يخفيه عن الجميع ..
مما يجعلها تتأكد أن الله يصبّ عليه الرزق صبًا و يبارك له برزقه ..
لا تنكر أن مع مساعدته الأسبوعية هذه خفف عنهم وطء الكثير من المصاريف و الإلتزامات ..
مما يجعلها تدعو له دومًا ..
وتُحبط لغباء أختها فهي تعرف كم صَبِر عليها ..
و أما والديها فقد ضجرا من نصحها دون فائدة ترجى ..
ذات عقل البغال …!!
أخذت نهى الأغراض لترتبها في أماكنها و رأت أختها قد ارتدت عبائتها ..
لتسألها نهى بهدوء :- وين بتروحين ؟!
تنهدت رغد وهي تجمع أطفالها حولها …
فاليوم كان سيمر سيف ليأخذ الأطفال و لكنها قررت أخيرًا وبعد تفكيرٍ عميق أن تفعل هي ذلك ..
لقد تعبت من الإنتظار وغمرها الشوق له ولصوته ولحياتهما معًا ..
لحنانه و للمساته لم تعد تريد شيئًا آخر
وقد أضناها الإنتظار وهو لم يبادر بشيء كما حلف لها ..
لتقول بهدوء ينافس هدوء أختها :- بودي العيال وبكلم سيف ..
ستحاول أن تصلح ما أفسدته بنفسها فهي تعرفه وتعرف صدره الرحب ..
هزت نهى رأسها :- الله يكملك بعقلك يا وخيتي .. ويهنيك وانتبهي على زوجك ما رح تلقين مثله باله طويل ..


****************


وصلت رغد للفيلا ودخلت بمفتاحها ثم دفعت أطفالها بكفيّها ببعض الخفة نحو باب شقة والده زوجها …
لتقول لهم بعجلة :- يلا يلا روحوا عند جده وعمّه غزل أنا بطلع البيت ..
هي تعرف الآن أنه يصلي الظهر بالمسجد وحينما يعود ستتحدث إليه ..
ثم ستجهز له مفاجأة ليلًا كما يحب دومًا و سيتصالحان كالعادة وكأن شيئًا لم يكن …
صعدت بحماس وهي تختار مفتاح شقتها من بين سلسلة المفاتيح ..
حاولت ادخاله وفتح الباب دون جدوى وكأن قفل الباب قد تغيّر ..!!!
زمت شفتيها بحيرة وشعرت بالإرتياب ..!!
ثم لا تعرف لماذا طرقت الجرس ؟!
قد تفتح لها المساعدة لقد عرفت أنه قد أعادها بعد مغادرتها بأسبوع ..
بالطبع لم يكن يستطيع الإهتمام بهم لوحده ..
أثناء انتظارها وتفكيرها …
صعقت عندما فتحت الباب إمرأة بالتأكيد من هيئتها لم تكن المساعدة ..!!
نظرت لها بإستصغار من الأعلى للأسفل لتصرخ رغد بغضب فجأة وهي تدفعها على صدرها بكفيها :- مين أنتِ ؟! وش تسوين في بيتي ؟!
لقد جنت ….!!!!
حقًا قد جنّت ماذا تفعل إمرأة غريبة في بيتها ؟!
دققت رغد النظر لها لتشهق بقوة ..
ياقوت ..!!
لقد عرفتها إنها واحده من بنات الجيران جميعهم أبناء مُحيطٍ واحد ..
تكاد تفقد عقلها ويجن جنونها ..!!
ماذا تفعل ابنة الجيران في بيتها ؟!
وهي ترتدي فستانًا طويلًا لمنتصف ساقيّها …
بلون السماء يناسب لون بشرتها السمراء المائلة للذهب ينسدل على قدّها بحمّالاتٍ رفيعة تظهر لمعان بشرة كتفيها الصحية ..
لون بشرتها الطبيعي الذي لطالما حرقت نفسها بالتشميس حتى تحصل على مثل هذا اللون ..
كانت متزينه بزينهٍ ناعمه تناسب الظهر و تتجول في منزلها بهذا الشكل المقزز …
ومفتاح الباب تغير …!!
ليس له إلّا معنى واحد ..
أن سيف تزوج ..!!
لا يحضر في عقلها سبب آخر يجعلها تكون داخل منزلها بهذا المظهر إلا هذا السبب ..
مما جعل قلبها ينعصر و يسقط بين قدميها …ولكن لديها بصيص من الأمل أن أفكارها محض خيالٍ قاسي …
وكأنها صخور صغيرة هوت من قمّة جبلٍ شاهق إلى سفحه …
صرخت بها رغد مجددًا وهي تدفعها بقوة للخلف ولكن استطاعت ياقوت أن تتوازن :- قلت لك وش تسوين في بيتي ما تسمعين ؟!
توترت ياقوت كثيرًا وفُجعت لم تتوقع وجودها أبدًا و لكنها قالت :- ممكن تهجدين شوي يا رغد ؟!
لقد ظنت أنها تعرف عن زواجها بسيف ..
إذ أنها لم تعرف إلّا الآن ..
ما هذه الورطة ؟!
تركتها رغد واندفعت نحو غرفة نومها حتى تتأكد بينما تلحقها ياقوت قائلة :- لو سمحتِ يا رغد ممكن تطلعين وتنتظرين سيف لين يجي ويعلمك كل شيء ؟!
دخلت رغد الغرفة متجاهلة لياقوت لتأتيها الطامة الكبرى ..
لقد تغيرت الغرفة مما أكّد شكوكها ..
أين غرفتها ؟!
أغراضها ؟!
خصوصيتها ؟!
يا الله ستجن .!!
ستفقد عقلها لا ما حاله ..!!
غضب هادر انجذب فجأة وتجمع في جوفها يكاد ينفجر غِلًا و قهرًا ..
تنهدت ياقوت فتقول بصوتٍ آسي و نادم وقد ظنت أنها حشرت نفسها بين زوجين :- أنا و سيف تزوجنا من اسبوعين تقريبًا عبالي إنك تدرين يا رغد ..
شهقت رغد بصدمة كادت تودي بقلبها للحضيض ..
أسبوعين ولم تشعر بذلك ؟!
ألا يقولون أن المرأة تشعر عندما يخونها زوجها ؟!
إذًا لماذا لم تشعر ؟!
ربااااه ..
ستموت قهرًا وغيظًا منها هذه سارقة الأزواج ..
لا تعرف ماذا انتابها من جنون ؟!
لتعود وتنقض على ياقوت هذه المرة و تنتف شعرها وتخدش وجهها وجسدها و كتفيها اللّامعان بأظافرها الصناعية المنمقة ..
وتقول بغلّ :- ما لقيتِ إلا زوجي تحطين عينك عليه يا الوسخة ؟!
صرخت بقهر وكأنها إعصارٌ هادر جاء يعصف ويدمر :- ما لقيتِ إلا زوجي ؟! عشانه بس يساعدكم ويرحمكم يا المنتفين يا الرمة و حلا بعينكم يا القذرة ..
بينما كانت ياقوت تحاول تخليص نفسها منها دون أن تستطيع قوتها مواجه طوفان رغد الغاضبة ..
كانت كزوبعة في عرض الصحراء أثارت كثبان من الرمال لتدخل في عينيها فتسبب لها العمى الأزلي ..
شعرت ياقوت بأحدٍ يسحب رغد عنها لتنظر بين غلالة الدموع من الحسرة لخالتها أم سيف …
التي قالت بذهول :- إهجدي يا رغد و عيني من الله خير و بس يجي سيف تتفاهمون ..
شهقت رغد برعب حتى تصرخ وهي تنتفض بين ذراعيّ حماتها :- أي تفاهم ؟! هو باقي فيها تفاهم ؟! سيف تزوج عليّ يا خالتي تزوج ..!!
ثم شخرت بوجه ياقوت بمكر ثعلب غدّار :- أنتِ غبية على بالك سيف تزوجك لسواد عيونك أو يحبك ؟! حما**رة ما أخذك إلا عشان يأدبني ويقهرني و عشان تربين عيالنا ..
هذا حدك خدامة تحت رجولي يا الحثالة ..!!
شهقت أم سيف بذعر من سلاطة لسانها ..
هي تعرفها عندما تغضب تصبح هكذا و أسوء ..
فالآن تعتبر مؤدبة ..!!!
وقد ذاقوا الويل والمرار منها ..
غير أنها كانت خبيثة جدًا تتقصد وتترصد الأوقات التي لا يكون سيف موجود بها ..
حتى تغرس بهم أنيابها وتتلون كالحرباء أمامه بكل نعومة ..!!
وهي كانت تصمت ولا تخبر إبنها حتى تواري عنه المشاكل التافهة التي لا معنى لها ..
فهي تعلم بهمومه والمشاكل التي يواجهها بعمله فلا تريد أن تزيد الطين بلّة ..
ولكن الطين انتثر في كل مكان وجفّ بلله منذ دهور حتى بات كالعفن ذو الرائحة النتنة يفسد حياتهم ولحظاتهم ..
فتقول أم سيف بحزم :- عيب ذا الكلام يا رغد .. ترى حنّا نسكت من أول على فعولك ما هو خوف ولا رهبة ..!!
إلّا ما ودنا الخراب لبيتك ياما بنتي غزل كانت بتركض تشتكيك لسيف وأقص رجولها و أقول لها لا تتدخلين وتسوين مشاكل تافهة و ما لها داعي ..
لتقطع رغد حديثها وتدفع حماتها بخفة تُزيحها عن طريقها بقلّة أدب وتصرخ دون إهتمام واعتبار لأيّ أحد فخبر زواجه نزل عليها كالصاعقة :- الحين تضف خلاقينها وتطلع من بيتي و ….
قاطع حديثها هذه المرة دوّي صاخب مملوء بالسخط بل وكأنه دوّي رعد شطر السحاب لنصفين :- ررررغد ..!!
استدارت بذعر نحو الصوت الصاخب الغاضب لترى سيف يقف عند الباب المشرّع على مصراعه
اختل توازنها و ارتجف جسدها وسقط قلبها بين قدميها ..
لقد كانت المرة الأولى في حياتها التي ترى بها سيف بهذا الشكل المرعب ..
ستة عشر سنة يائسات لم تره على هذا الحال ولم تسمع له هذا الصوت ..!!
صدره ارتفع وانخفض ببطء رتيب و كأنه يحاول التقاط أنفاسه المنفلتة من رئتيه ..
دومًا وكلما يراها كانت تتحفزّ راداراته لردات فعلها
حدثيها غير الموزون في أوقاتٍ كثيرة ..
تقذف بالكلمة من فمها دون تفكير فلا تعرف كم تهوي بها سبعين خريفًا ..
كانت جوهرتاه السوداوين غريبتان .. عميقتان ..
و مشتعلتان ..
و كأنهما نارٌ متقدة بأعماقها جذوه تتوهج ..
لم ينظر لوالدته أو لياقوت ولم يدقق بل نظراته كانت مسلطة على تلك البائسة التي جنّت …
وقال بهدوء :- أمي خذي ياقوت معك و إنزلوا تحت شوي …
أخذت رغد نفسًا مرتجفًا قبل أن تهمس بخفوت رقيق وقد انحسر جنونها بغتةً لأنه سمع كل ما قالته فبدت كقطة وديعة و حزينة :- كل الي قلته يا سيف لأنك غبنتني ليش سوّيت فينا كذه يا سيف ؟! ودمرت حياتنا ؟! حرام عليك كان أعطيتني الوقت وكنت برجع من نفسي أنت تعرفني وتعرف إني كنت برجع ..
ارتفع حاجبه مُتعجبًا بشدة من تبدل حالها فجأة من الجنون الذي شهده للتوّ ويعرفه جيدًا بحالات غضبها بالطبع حين كان يسايرها …
إلى الرقة كالأفعى التي تلوّن جلدها ..
فيقول بصوتٍ قاتم :- إيه أدري أنك بترجعين ..!!
ثم أردف بصوتٍ غريب :- بس حامت كبدي منك ومن حركاتك وصلت معي لهنا ..
وأشار لأنفه المستقيم كحدّ السيّف ….
قالها ببساطة وكأنه يتحدث عن الطقس …!!
يُواري عنها مشاعره الحقيقة و الأمواج الهادرة التي أثارتها العواصف في جوفه و قادره على إقتلاع الأشجار العتيقة من جذورها ..
وكأن شيئًا في حياته انكسر لم يعد يصلح ترميمه ..
هكذا هي الحياة ..
لا البدايات التي نتوقعها و لا النهايات التي نريدها ..
وهي من سطرت خطوط هذه النهاية بنفسها لقد وصل لأقصى حد يمكنه أن يتحمّله لينهار كل شيء حوله …
شهقت رغد بذعرٍ شديد من كلامه وشعرت بشيء ما يخنق أنفاسها ..
زوجها وحبيبها لأول مرة يتحدث إليها بهذه النبرة الموجعة وهذه النظرة ..
اتسعت عينا رغد بارتياع ..
بينما زجرها سيف وهو ينظر إليها بعينين خطيرتين ليقول أخيرًا ببرود ظاهري تمامًا :- تدرين ؟!
كنت بعطيك خيارين يا رغد عشان عيالي ما هو عشانك أبد يا أطلقك يا يستمر زواجنا على ورق بس اكتشفت إني بظلمك بالخيار الثاني و ما هو من طبعي الظلم ..
زم شفتيه القاسيتين ليردف بسخرية مريرة :- آسف بس النفس عافتك لهاذي الدرجة ..
ثم بتر جملته قليلًا وكأنه يفكر ..!!
غامت عينيه ينظر لها بغرابة بملامحٍ بدت لها عابسة وكانت المرة الأولى التي يُفضي ما بداخله من تراكمات تجمعت منذ سنوات و ها هو يُعرّي ما بروحه وينحرها به :- سنين وأنا أحاول وأجاهد معك تتعدلين وكل شيء موفّر لك الي تحتاجينه والي ما تحتاجينه بعد ..
أشوف أخطائك وحركاتك وأسكت وأطنش وأقول سوالف حريم مالي دخل فيها ..
وصلّتيني لمرحلة ما اخيلت إني بوصلها صرت حتى أقرف أطالع بوجهك .. تصدقين ؟!
امتقعت ملامح رغد بصدمة وشعرت بكلامه كضربة سندان على رأسها أصابتها بالشلل …
يقرف منها ؟!
ثارت أنفاسها بجنون و هي تفهم مقصده لتصرخ به :- ما هو على كيفك تطلقني الحين بعد ما صبرت معك عشر سنين بدون عيال ..
اتسعت جوهرتيه وتوحشّت نظراته ليهدر بها صارخًا بزئير :- العيال …!!
الي مقطعة نفسك إهتمام فيهم والخدامة هي الي تسوي كل شيء و أنتِ عجزانه حتى تجيبينهم مع السواق من المدرسة ..
افرضي مأذّيهم ولا سوّا لهم شيء ومن الخوف ساكتين و ما يتكلمون ؟!
يعني تنتظرين لين تصير المصيبة عشان تقومين من غيبوبتك ؟!
ولا خصوصيتنا الي نشرتيها في النادي ؟!
حسبالك ما رح أدري و لا توقعتِ يوصلني خبر ..
امتقعت ملامحها أكثر حتى استحالت للوحة بيضاء بصدمةٍ مفجوعة ..
أدرك سيف من ملامحها الشاحبة فهي الدليل على صدق ما قاله ..
ليتابع بشراسة :- أنتِ السبب الي دمرتِ كل الي بينا هاذي السنين و كنت أحذرك و أنبهك في كل مرّة .. ولا حظي إني أفتح معك المواضيع الجديدة الي صارت ولا تطرقت حتى للمواضيع الي قفلنا عليها من سنين وتراكمت ..
غير ضربك لتركي والعيال ومعاملتك لهم وطفشك منهم و غير أسلوبك الي توّ مع أمي و ياقوت ..
انكسر قلبها أكثر عندما ذكر اسمها بكل هذه البساطة ولم يأبه لمشاعرها ..!!
ثم أردف سيف بسخرية :- مصيبة هاذي لو كنت كذه مع الناس وتجين عندي تمثّلين الأخلاق ..!!
وش بكون وجهي من العالم بس يعرفون إنك زوجتي ؟!
الخزي ..!!
هذا ما شعر به فور أن نطق الكلمة بكونها زوجته الخزي لقد وصل لهذه المرحلة التي انفجر بها كبركانٍ هادر ..
ربما لو أنه صمت عليها لسنوات ربما يُلام على ذلك ..
ولكنه لم يصمت فصوته حيّ لم يمت ..
بل ثار وتحدث و عاقب وفعل كل ما بوسعه و حاول تعديلها دون فائدة تُرجى منها ..
و أمام عينيها الحاقدتين كانت عيناه أشد قسوة و إثارة للرعب وهو يتقدم منها ..
تراجعت رغد خطوة ..
هي تعرف جميع مفاتيحه لقد تعبت كثيرًا حتى عثرت عليها واحدة واحدة ..
تستطيع أن تعيده إليها بسهولة ويترك تلك البغيضة سارقة الأزواج فهي لا تقبل بأنصاف الحلول ..
و لكن عليها أن تسايره كما كان يُسايرها …
ردت بتوتر وهي تقترب منه لتلمس يده الحنونة التي تعرف مدى حنانها حين تربت :- أنا آسفة يا حبيبي سامحني عطيني آخر فرصة وبتغيّر وبهتم بعيالنا صدقني .. لو ما هو عشاني فعشانهم ..
انتفض سيف بإشمئزاز يبعد يده كمن لسعه عقرب ثم بدا و كأنه لم يسمعها ..!!
فلم تتحرك به عضلة ...
فقط عيناه صارتا مخيفتان أكثر بوهجٍ لحظي خاطف وهو يلتقط بسخرية كذبها في عينيها المتوترتين ..
فهو يحفظها ويحفظ كل تفاصيلها ..
ماعدا حقدها الذي التقطه من عينيها للتوّ فهو جديدٌ عليه ..
لم يرى نظراتها حاقدة هكذا من قبل ..!!
و ساد صمت طويل ... طويل ...
و كُلًا منهما ينظر للآخر بتعبيرٍ قاتم ..
إلى أن قال سيف أخيرا بخفوت :- آسف يا رغد طابت النفس منك .. بسببك طلّعتيني عن طوري وعن مبادئي الي كنت أحافظ عليها لسنين …
أنتِ طالق ..!!
شعر سيف وكأن ثُقلًا بستة عشر طن قد سقط عن منكبيه بعد ان نطق الكلمة …
فتغادر رغد تجر أذيال الخيبة والصدمة ترتسم على ملامحها ..!!
لقد انتهى كل شيء بينها وبين سيف بسبب تلك سارقة الأزواج البغيضة ..
هي الآن في صدمة ..!!
صدمة لا تعرف متى ستخرج منها ..


***************


بعد ساعتين …..
كانت ياقوت تجلس على الأريكة في غرفتهم بصمتٍ مطبق متألم والدموع تغرق عينيها ..
شعور بالمرارة والعذاب أطبق على صدرها بأنها قد أفسدت بين زوجين يجتاحها كالمسعورة …
لا تعرف ماذا تفعل ؟!
وكيف تتصرف ؟!
تشعر بضياعٍ غائر في بطن الأرض ..
وحين شعرت بدخول سيف انتفضت من مكانها كالملسوعة تقترب منه قائلة و الحروف تتعثر على شفتيها :- سيف أنا ما كنت أدري إن رغد ما تعرف عن زواجنا .. إذا بتتصالحوا …
بتر جملتها وهو يأخذها بين ذراعيه بتملّك ويقبلها بهدوء ..
لقد انتهت رغد من حياته ..!!
انتهت حكايه ستة عشر سنة من البؤس والشقاء ..
انتهت طاقته معها وتحفزة الدائم فبدأ يشعر بالإنهاك ..
بينما هي ارتجفت بين ذراعيه واستحالت بشرتها الذهبية للإحمرار ..
تنظر له بوجل إلى الشيّب الكثيف الذي اختلط بسواد شعره الفاحم و ذقنه وشاربه الكثيفين أيضًا تخللّهما الكثير من الشُعيرات البيضاء اللامعة ….
مما جعله يبدو مُهيبًا كحدّ السيّف المسنون و أعطاه لمحة وقار لا يُستهان بها ..
هو لن يبني حياته القادمة على أخطاء الماضي ..
تجربة جديدة سيخوضها بشخصيته المعتادة و لن يغرق بالشك ..
لن يحاسب زوجته بأفعال تلك …
وسيجرب أن يعيش حياته الجديدة بحلوها ومرها دون أي منغصات ..
سيدللها بالقدر الكافي والمعقول و لن يحرمها من شيء …
فقط يحتاج للوقت ليعتاد على حياة ونظام جديد ..
وهمس بهدوء كقبلته التي تشبه النسيم ينظر في عمق عينيها الحزينتين :- رغد طلقتها الطلقة الثالثة يعني ما في أي مجال إنها ترجع ..
المشاكل بينا من مبطي و أنتِ مالك دخل بالي صار لا من قريب ولا من بعيد …
ليتابع بإصرار حازم :- ولا تفكرين بالكلام السخيف الي قالته لك وإني تزوجتك عشان تصيرين مربية للعيال أو عشان أأدبها ..
العيال مصيرهم بيكبرون معي و مع أهلي و الخدامة موجودة أمورهم كانت بتمشي و لو أبغى أأدبها كان من مبطي أدبتها ووصلّت لها خبر إني بتزوج وهي كانت بترجع ..
تابع ببطء يبتسم لها :- تزوجتك لأني بغيت أتزوج ..
هالها أن تسمع بلسانه أنه رغب بها كزوجة و ليس من الأطفال ..
لقد رمى بكل أفكارها وظنونها الميتة نحوه عرض الحائط ..
ويبدو أن الحياة ستبتسم لها بشكلٍ ما معه ..
ثم تنهد سيف بعمق شديد و رفع كفه الحاني لخدها و لمسه بأصابعه كان يبتسم و وجهه مشرق و كأنه بدا يشعر بالراحة أخيرًا بعد عناء سنواتٍ عجاف ..
و شعرت ياقوت بتلك اللمسة الحانية تغلغل في اوردتها ...
و وضعت كفها على اصابعه و أحكمت قبضتها السمراء الناعمة عليها ..
فتابع سيف يهمس بفتور :- لا عاد تفكرين بشيء إلّا بحياتنا الي جايه الي بنفتح فيها أنا و أنتِ صفحة جديدة و أنا بكون لك السند في هاذي الحياة وما ينقصك شيء من طرفي بإذن الله ..
التمعت عيناها بتأثر من كلامه الذي شعرت به كبلسم يمسح على جروحها المتقيحة و قلبها الملتاع ..
مما جعل قلبها يخفق بشدة ويهدر بضجيج لتهمس برقة أنثويه وعينيها تبرقان كوهج طفيف :- وأنا إن شاء الله أكون لك الزوجة الصالحة وشريكة حياتك الي تتمناها ونعيش حياتنا بسعادة ..
ابتسم بلطف ...
و قبل جبينها وهمس :- طيب بستأذنك طلع لي شغل مهم بالمكتب مانيب مطول و برجع أعرّفك بالعيال ..
غام قلبها بين ضلوعها من رقته وحنانه بالحديث معها ..
ويستأذنها أيضًا رغم أنه ليس مجبر على ذلك ..!!
مختلف عن ذلك البغيض المُتخلّف الذي لا يسمح لها أن تتدخل بأموره الخاصة و العادية ..
مما جعلها تسأله بنعومة و دون تردد :- أنت تشتغل بال****ات صح ؟!
ارتفع حاجبه بذهول ثم ابتسم :- ايه صح بس ال****ات طقطقة وعندي شغل ثاني أساسي بشهادتي ما حد علّمك يوم خطبتك ؟!
هزت رأسها بنفي فلقد أخبروها أنه يعمل بال****ات و حسب ..
ليمد يده بمصافحة فتجاريه و تلتقط يده تصافحة بخفة مبتسمه بحيرة ..!!
فيردف بتفاخر به لمحة دعابة :- معك المحامي سيف بن قاسم على سنّ الرّمح …
هذه المرة ضحكت بصوتٍ مرتفع قليلًا ….
ليعود ويأخذها بين ذراعيه فتستكين على صدره الرحب وكأن جسدها عرف موطن الأمان بعد مرارة الشوق لأطفالها ..
ولا تعرف كيف استطاع بلحظات أن يغيّر نفسيتها من الحضيض إلى أوج السعادة ..
بينما هي لم تدرك أنها منحته ذات الشعور خلال لحظات متفائل بالأيام القادمة …!!


====================


كان الغامد يحدق ببطاقة هويته الجديدة التي استلمها قبل قليل …
وقد اصطفت أحجار الشطرنج بأماكنها الصحيحة
و ارتصت الصخور بمكانها …
فهذا ما يجب أن يحدث منذ وقتٍ طويل وقد حدث ..
وكأنه ولد من جديد بعد قهرٍ و كان يشعر بكل يومٍ كان يمر بأنه دهر ..
لقد قررّ بحزم بأنه سيخرج من الأنقاض و لن يسمح لأحدٍ أن يدفنه …
وتلك المرأة في طريقها لتلقى عقابها اللازم على ما جعلته يعانيه هذه الأشهر …
لقد تنازل عن حقه الخاص فهي مهما حدث قد ربته وكبرّته وأحسنت تربيته ..
وبرد غضبه نحوها حتى تحول لفتور ..
كما أنها والده أخته و ما يُصيبها سيُصيب أخته ..
هو هكذا مجتمعهم قاسٍ ينظرون للأمور من زاوية واحدة ..
بقي عقابها للحق العام للدولة من أجل الردع العام على الكذبة التي جعلته يكبر بداخلها
وقذفته بها طوال هذه السنوات فتلعب به كأوراق اللّعب لتحقق به ما تريد من غايات ..
حتى بات لا يستطيع النظر في وجه أي أحد و الجميع بدأ يعرف القصة المثيرة فالأمور هنا لا تبقى مستترة ..
آه نعم …!!
خاصة كشخصٍ مثل أميرة قد كونت لها مجتمع كبير فأصبح الفضول ينتابهم والجميع يسأل ويتقصى ؟!
حتى يصلهم الجواب ..
فالشظايا طعنتهم جميعًا قبل حتى أن يقرر استرداد نسبة …
فمنذ بدأ إجراءات تغيير هويته حتى بدأ معها التحقيق في أمر اختطافه ..
ليس بنادم فهذا ما يجب أن يحدث ..
هو فقط يخشى على شظايا هذا الموضوع بأن تصيب أخته ..
وربما قد أصابتها دون أن يدرك ..
و لا يعرف لما أفضى بمشاعره هذه لأخيه المثنى وخوفه عليها من الأذى ..
ربما لأنه أقرب شخصٍ إليه الآن …
و الذي ردّ عليه ببرود جليدي :- لا تشيل همّ ما هو صاير عليها شيء هذاي انخطبت و بتتزوج ما رح يفوتها القطار .. و عاد الله أكبر يا القطار الي بفوتها ؟!
فيقول الغامد بشرود :- الموضوع ما هو زواج وبس .. الناس يتكلمون عنها ويقولون العرق دساس وبنت أمها ومن ذا الحكي ؟!
يحاكمونها بسوايا أمها .. هي وش دخلها ؟!
في الحقيقة المثنى سعيد أن أخيه بدأ يخرج عن صمته قليلًا ويقبل أن يتحدث إليهم على الأقل ويخبره عن مشاعره ..
وقد استفزه حديث الناس عن أخته مما جعله يفكر في أمور أخرى ..
أما عن رباب فيعرف أن لا ذنب لها بأفعال والدتها ..
ولكن شعور بداخله يجعله لا يستطيع أن يتقبلها لأن العرق دساس …!!
ومع ذلك يحاول جرّجرة أفكاره عنها حتى لا يظن بها ظن السوء لتبقى بعيدة عنهم و حسب ..
بالطبع قد احتفظ بأفكاره لنفسه ولم يشاركها مع الغامد فمهما كان لن يقبل أن يتحدث عنها ولا بشكلٍ من الأشكال ..
اختلس المثنى النظر للغامد الشارد بجواره في السيارة ..
وقد أخذه للتوّ حتى يستلم هويته الجديدة ..
الآن تنهد المثنى الصعداء و بات يشعر بالراحة ..
علّه مع الوقت يتقبل هذه الحقيقة ..
وسيأخذه الآن لموعده عند الطبيب النفسي هو نفسه الطبيب الذي نصحه من قبل بالتمهل ..
حينما انفجر غضبًا على أخيه ..
وطلب منه الطبيب بالحرف الواحد أن ينتظر حتى لا تصبح النتائج عكسية على صحته ..
حتى يتقبل الغامد حقيقة أنه ينتمي لعائلة تختلف بكل شيء عن العائلة التي عاش فيها لسنوات ..
حياة وبيئة مختلفة عن التي عاش أغلبها في أمريكا ..
بينما كان الغامد قد عاش حياته في المملكة وتطبّع بطباعهم في جذوره ..
أم غير الأم التي كان يعرفها ويمارس برّها عليها ..
كيف يطلب منه أن يبرّ من كانت خالته لسنوات وفجأة أصبحت والدته ؟!
أب غير الذي قام بتربيته وتعليمه ..
و الأدهى أنه لم يستطع حتى مقابله والده الحقيقي ..
أخت فكّر بها كزوجه .!!
حديث الطبيب معه بكل هذه التفاصيل كانت بمثابة صفعة على وجهه لم يدركها ..!!
فلقد قام بتهزيئة بإحترام حينما عرف بضغطه على الغامد ليغير هويته …
توقفت سيارة المثنى عند عيادة الطبيب ..
ليهمس بخفوت :- يلا انزل و بنتظرك لين تخلص ..
تنهد الغامد بكبت ليترجّل من السيارة للقيام بجلسته المعتادة مع الطبيب …
كانت ثقيلة على قلبه هذه الجلسات منذ البداية ولكن بدأت تخفّ وطأة ثقلها مع الوقت ..
وكأنه بدأ يعتادها ويرتاح ..
بعد مدّة من الوقت انتهى الغامد من جلسته لينزل للأسفل فيجد المثنى يتكئ على السيارة ..
وفور أن لمح ظلّه مد له مفاتيح السيارة قائلًا :- يلا دورك الحين ترجعنا البيت …
فيرد الغامد بلا اهتمام وصوتٍ أجوف :- سوق أنت مالي خلق ..
لاحظ المثنى أن أخيه بدأ يفقد الكثير من الشغف في حياته لكل شيء أحبه من قبل وبالأخص لأمر روتيني كقيادة السيارة و بات يغرق في مياه عكرة ..
لهذا عليه أن يساعده ليُعيد له هذا الشغف بالتدريج …
علّ الضحكة تعود وترتسم على وجهه ..
فقال المثنى بشفتين ممطوطتين :- رجلي تعورني ما أقدر أكمل سواقه ..
مطّ الغامد شفتيه كأخيه فبدا يشبهه كثيرًا و ينظر بعينين مصغرتين لساقيه …
ليقول باستنكار :- أشوف رجلك ما فيها إلا العافية ..!!
عبس المثنى بوجهه ليقول من بين أسنانه المطبقة :- إحساس داخلي يا الغثيث ما تحس فيه أنت .. مثل النصابين الي يقولون التوأم يحسون في بعض ..
لا يعرف إن كانت هذه الدراسات صحيحة أو لا ؟!
ثم بدأ يمثل بأنه يعرج ..
لم يصدقه الغامد بالطبع و تأفف بضجر لينتزع منه المفاتيح ويقول بسخط :- اركب و اخلص علينا يا النصاب ..
استدار المثنى باستقامه للجهة الأخرى وهو يبتسم بمكر ..
ثم وأثناء الطريق قال المثنى :- في مطعم جديد فتح قريب عندهم مظبي لذيذ أعرف جوّك ذا الأكل ودك نروح نجرب ؟!
لقد قال الكلمة السحرية " نجرب " والغامد يعشق تجربة كل جديد و غريب ..
وكان يشارك سحاب الكثير من التجارب الغريبة و كانت تجاريه لأنها تحب التجربة مثله ..
فهما متشابهان كثيرًا ..
ولكن يبدو أن محاولة المثنى بائت بالفشل إذ أن الغامد رد دون أن يشعر :- لا خالتي طابخه اليوم وتنتظرنا ..
تنهد المثنى بأسى من كلمة " خالتي " و لو سمعتها والدته لانهارت بعذاب ..
ثم توقفت السيارة أمام المنزل وعقد الغامد حاجبيه و هو يرى طيف إمرأة متشحة بالسواد تقف أمام الباب …
لقد عرفها من هيأتها و يعرف شكلها بالنقاب ..
ليترجل من السيارة فيذهب إليها يسألها بحيرة :- رباب وش تسوين هنا ؟!
استدرات إليه رباب بقوة تملأ عينيها من رؤيته المضنية التي انهكت قلبها ..
كيف حدث ذلك ؟!
وانقلبت الحياة كما تتقلب ساعة الرمال ..
لم تعتد غيابه الطويل عنهم كل هذه الأشهر ..
أشهر مديدة شعرت بها كخناجر تنغرس في روحهم ..
ماعدا الفترة الأخيرة حين أشفق عليهم و بدا يتواصل معهم على الهاتف ..
ولكن لم يعد يرويها مجرد صوته ..
لقد كان أخيها الحبيب دومًا وكانوا كالأصدقاء ..
كيف أصبحوا أغراب في يومٍ وليلة ؟!
همست بخفوت مبتسم :- قلت بما إنك قاطع و ما اشتقت تجي تزورنا بجي أزورك شوي و مابغثك مثل العادة بس شوي أتطمن عليك وبمشي …
عاد جيت وما لقيتك وكنت بشوف يوم ثاني أجي فيه خفت أعلمك من قبل وترفض ..
ثم أطرقت رأسها بأسى ..
همس الغامد بهدوء :- تعالي ادخلي ..
أشار بيده من بعيد للمثنى ليهز له الأخير رأسه و قد خمن من تكون تلك التي تقف معه ..
فدحرج عينيه بإزدراء كلما تذكر ما فعلته والدتها الثعلبة الماكرة ..
في المجلس …
ابتسمت رباب للغامد وقالت بمكرٍ لذيذ :- جبت لك معي شي تحبه ..
ارتفع حاجبه قليلًا بعجب ..!!
عندما وجدها تُخرج من حقيبتها كيس للأعواد المملحة ..
ما بال الجميع يحاولون تغير جوه بالطعام ؟!
حتى خالته لا تفتأ أن تطبخ له كل يوم ما يحب ..
مما يثير غيرة المثنى …
والمثنى يريده أن يجرب محل الـ " المظبي " الجديد ..
أخذ منها الأعواد و همس بشكرٍ طفيف و تذكر السحابة الغائمة فهي تحب هذه الأعواد كثيرًا ..
ليسألها بعد ذلك بفتور :- شلون خطيبك ؟!
آسف ما قدرت أحضر الخطبة الأسبوع الي فات ..
ابتسمت له ابتسامه مختصرة و هزت كتفيها بلا اهتمام …
فهي كانت تستشعر أن هذه الخطبة لن تتم كغيرها من قبل ..
و أدركت بأنها كلّما كبرت بالعمر قلّت فرصها للزواج من أعزب فيأتيها المتزوج أو المطلق أو الأرمل …
ولم تكن لتوافق الآن نظرًا لظروفهم الحالية ..
ولكن والدها أصرّ على ذلك فالحياة تسري مهما حدث و لم يُرد أن يُوقف نصيبها …
ولكن بمجرد أن سألوا عن والدتها وتقصوّ عن الموضوع و أنها قد دخلت إلى السجن و من بعدها لم تلمح ظلّهم …
حسنًا ..!!
هي ممتنة أنهم ذهبوا بإحترام على الأقل
بجملة " ماكو نصيب " ..
دون أن يقذفوها بالكلام المسموم كغيرهم ..
فالكثير تحدّث عنهم وعنها هي بالأخص و تداخلت الألسن بعرضها …
منذ طلاق والديها و هذه الألسن لم تتوقف عن نهشهم كالضباع ..
فما بالهم عندما عرفوا أنها قد دخلت للسجن الآن ؟!
ابتسمت لأخيها و ردت بكذب :- لا تشيل هم ما تمت الخطبة ما ارتحنا لبعض ..
فهذا العريس كان بالمواصفات التي تريدها ويناسبها …
لقد كان أعزب وقريب من عمرها ..
هي تعرف ومؤمنه أن حياتها انتهت عند هذا الحدّ ..
و كفى بالله وكيلا ..
فكله بسبب والدتها ..
" إنّا لله وإنا إليه لراجعون " ..
تشتاق لوالدتها وتشعر بالفقد والحزن لأجلها و إلى ما وصلت إليه ولكن ليس بوسعها شيء ..
ولا تستطيع أن تلوم الغامد على ما أصابهم من مصائب انحذفت عليهم كالشُّهب ..
فهو الوحيد الذي لا ذنب له في هذه الحكاية …
لذلك تدور الدائرة وتعود لوالدتها فهي السبب التي أحرقتهم أحياء ..
وتعرف أنه لا بد أن يعود لأصلة ونسبه في يومٍ ما إنه حقّه الذي سلبته منه …
لهذا هي سعيدة من أجله ..
و أدركت أن هناك أمور أهم بالحياة من الزواج و أقنعت نفسها قسرًا أن الزواج ليس كل شيء في الحياة ..
فخلال أشهر شعرت من همومها المزدحمة على منكبيها بأنها قد نضجت ألف عام ..!!
فلم يكن لديها أي هموم وكانت مرتاحة البال لتنقلب حياتها رأسًا على عقب في يومٍ وليلة ..
أما الغامد فقد شحبت ملامحة وما خاف منه قد حدث …!!
حدث بأسوأ طريقة ..
ثم فكّر قليلًا بسخرية أن حياتهم انتهت جميعًا في تلك اللحظة التي عرف بها كل شيء ..
ليتنهد بكبت على دخول والدته التي رحبت برباب بهدوء متوتر ..
ولكنها لم تكن ممتعضة منها ..
وكانت رباب يجتاحها نفس التوتر العميق الذي غمرها ..
هذه المرة الأولى التي ترى بها خالتها بعد كشف الحقيقة …
ولا تعرف ما ردة فعلها نحوها ؟!
أليست ابنه تلك ؟!
و بعد فترة قصيرة لم تستطع رباب أن تطيل البقاء من توتر الجوّ فهي شعرت بأنها غير مرتاحة ..
إذ أن فاتن مشاعرها نحوها مذبذبة ..
تارة لا تستطيع تقبلها ..!!
و لا تستطيع أن تبعدها عن حياتهم من أجل الغامد الذي باتت تعرف كم يقدرها ويقدر عائلته التي عاش بينهم منذ نعومة أظافره ..
و همست في داخلها
" حسبي الله عليك يا أميرة الله يذوقك من نفس الكاس .. حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ "
غصّة احتكمت حلقها وهي ترى بعينيها كم باتت حياتهم جميعًا كالركام ..
فنهضت رباب لتقول بهدوء مؤدب :- يلا استأذنكم برجع البيت ..
فرد الغامد سريعًا :- وين بتروحين تعشي معنا ؟!
ثم نظر لوالدته لقد دعا أخته للجلوس و لا يعرف ما هي ردة فعلها نحوها ؟!
بادلته والدته النظر وقد فهمت ما يقصده ..
فتربت على يد رباب قائلة بحنان حقيقي :- إجلسي ما رح تروحين قبل لا تتعشين عشان الغامد مانتِ مشتاقة له ؟!
وافقت رباب على مضض رغم أن شعور عدم الإرتياح يرافقها …
أثناء العشاء جلس الغامد مع أخيه و والدته ..
ودخلت أختيه للغرفة معًا …
تنهدت فاتن بإطمئنان فالأمور تجري على خير ..
وها هو إبنها قد بدأ يخرج من بؤرة صمته العميق
و إذ أنه لا يتحدث كثيرًا ولكنه فرق عن البداية …
وضعت المزيد من الطعام في طبقه رغم أنه لا يأكل الكثير مثل السابق ..
وكأنه لم يعد يستسيغ طعم الطعام ..
ليقول المثنى بدعابة :- إيه يمّة إترسيه بالأكل لين يسمن و تبتلشين فيه يضعف مثل ما ابتلشتِ فيني في أمريكا …
فترد والدته بإمتعاض و فمٍ ممطوط :- قل أعوذ برب الفلق حاط عينك على اللقمتين الي ياكلها وليدي هو انت في احد مثلك أعوذ بالله ؟!
أصلًا لو ما صملت على الدايت ونحفت كان غصبتك تسوي التكميم …
فيرد بضحكةٍ صاخبة تشبه ضحكة أخيه :- أجل الحمد الله صملت …
بينما كان الغامد ينظر لهما بصمتٍ قاتم …
وتذكر تلك الأيام حين يجلس معهما على مائدة مثل هذه المائدة ويشاركهم الدعابة والضحك ..
كونهما خالته وابن خالته ..
ولكن الآن …!!
انقلبت الأرض على عقبيها فلا هو الغامد السابق ..
ولا هما كذلك ..
ثم ينظر المثنى لوالدته بخبث قائلًا :- أقول يمّه ما ودك تبشرينه ؟!
تشنجت ملامح فاتن بصدمة وأشارت بعينيها أن يصمت فليس وقته الآن ..
ولكن الغامد التقط الإشارات التي تخصة ليقول ببعض الحدة :- وش السالفة ؟!
تنهدت فاتن ويبدو أن لا ضير أن تخبره بالأمر ..
فقالت بكلماتٍ محددة وقاطعة :- خطبت لك سحاب …!!
لتتسع نظرات الغامد بصدمة مذهولة …!!
فهي كانت تنتظر أن يُخرج هويته الجديدة بإسم والده ونسبه الحقيقي ….
حتى تقوم بهذه الخطوة بالشكل الصحيح و على أصولها …
ولهذا لم تحزن عندما عرفت أنه قد طلقها و انتهت العدة دون أن يُعيدها ….
هي تعرف أنهما يحبان بعضهما والكيمياء بينهما مشتعلة كانت ترى ذلك فتره زواجهم …
رغم شرارة التوتر الذي كانت أيضًا تلاحظه يحوم بعض المرّات بينهم ويشتعل …
و لا تعرف سبب المشاكل التي أدت للطلاق ؟!
ولكنها فعلت ما تراه يُصبّ في مصلحة إبنها فهي شعرت بأنه ما زال يميل لها ..
وخطبتها له لسعادته إن كانوا سيحلون مشاكلهم كان بها أو يرفض هو أو ترفض هي ..
صمت الغامد ..
ويقولون أن الصمت علامة الرضا ..
فقال المثنى بغيرةٍ كذوب :- إيه ماشاء الله كل الدلع الحين له .. أكل الي يحبه وخطبة وحركات من ورانا ..
ليغمز لأخيه بخبثٍ لذيذ ..
بينما ألقت والدته على حِجره قنبلة نووية أثناء شربه للماء ..
حين قالت بهدوء :- و أنت بعد خطبت لك رباب .. وتتزوجون وتعيشون عندي في الشقتين الي فوق كل واحد يختار الشقة الي يبيها الدور الثاني أو الدور الثالث ..
فهي باتت تستثقل عزوبيته ..
فليتحمل بعض المسؤولية و كان قد ناقشها بذلك قبل فترة طويلة أن تبحث له عن عروس ..
لهذا وجدت الآن الوقت المناسب و ضغطت على قلبها وداست عليه و خطبت ابنة غريمتها لإبنها …
من أجل إبنها الآخر …!!
وهي تعرف مقدار خوفه وقلقة عليها فلم ترد منه أن يقلق ..
رغم أنها لا تستطيع تقبل ذلك بالشكل التام مع كل ما حدث ..
ولكنها تحاول تحكيم عقلها بأن رباب لا ذنب لها إلّا أنها إبنة أميرة فقط ..!!
ولابد أن الجميع سيعتاد على ذلك ..
فيغصّ المثنى برشفة الماء ويسعل بخشونة ..
وتحولت ملامح الغامد للإشمئزاز و يمسح رذاذ الماء الذي لامس كفه وساعده …
ويهمس :- وجع وش ذا القرف ؟!
اعتذر المثنى له …
لينظر لوالدته بذهول قائلًا :- البنت مخطوبة يمه شلون تخطبينها ؟! ما يجوز خطبة على خطبة ..
فترد والدته بإختصار :- لا ما تمت الخطبة و فسخها العريس بسبب كل الي صار ..
شعر المثنى بصفعة وجهت له وكان ينتظر أن يستفرد بوالدته ليتقصى منها عن هذه الحركة التي لم يتوقعها ولا حتى في خياله ..
فآخر فتاة يفكر فيها كزوجة هي تلك البغيضة إبنة خاطفة الأطفال …!!
ما بال والدته ؟!
هل نست ماذا فعلت أختها ؟!
لتأخذ إبنتها زوجةً له ….!!
نظر الغامد ببرود جليدي لملامح أخيه الممتقعة مما جعل قلبه ينقبض عليها فهو أكثر من يعرف المثنى …
وأخته تستحق رجلًا يريدها بحقّ ..
وشكّ أن والدته خطبتها له دون أن تستشيره ..
لذلك ردّ ببرود :- واضح أمي خاطبتها لك وما دريت .. لو ما تبيها ترى عادي ؟!
أختي ما هو قاصرها شيء و متأكد بيجيها رجال كفو يصونها …
تنهد المثنى بهدوء وحاول أن يلملم بعثرة مشاعرة فقد شعر الآن بالحرج ..
لقد التصقت به الربابة كالعلقة ولا يستطيع أن يكسر بريق الفرحة الذي التقطه بعينيّ الغامد الذي تحول لصقيع بعد ردة فعله ..
ليقول ببرود وعيناه تتوهجان بإتقاد :- يعني ما تشوفني كفو يا أخوي ؟!
هز الغامد كتفيه ليرد بصدق :- ما بلاقي لأختي أفضل منك أحطها بأمانتك لأني أعرفك من عمر ..
بس ما ادري حسيت إنك ما ودك و ما في شيء بالغصب ..!!
و هي بعد يمكن ترفضك ما تبيك في النهاية الموضوع قسمة ونصيب ..
فيغتصب المثنى ابتسامه وقد استفزه أن ترفضه ..!
من هي حتى ترفضه ؟!
هو يعرف قدر هذه الفتاة عند الغامد وخوفه عليها ومن أجله قد يفعل أي شيء …
و ربما يستطيع تقبلها مع الوقت …!!
فرد بتصميم حازم :- لا ما عليك ما رح أغامر على حساب حياتي و مستقبلي و ما عندي مانع أبد ..
وتفاجأت لأني أدري إنها مخطوبة ..
شعر الغامد أن جوابه منطقي فهز رأسه بهدوء ..
ثم نظر المثنى لوالدته بتأنيب لم يلاحظه الغامد …
كان الأحرى له أن تخبره من قبل حتى لا يتفاجأ ويُحرج هكذا أمام أخيه …
بالتأكيد والدته لم تتوقع ردة فعله العنيفة ..
فهو دائمًا ما يستطيع السيطرة على مشاعره وإختلاجاته ..
ماعدا هذه الصاعقة التي انحدرت على رأسه من ..
" سحابة بيضاء " << معنى اسم رباب ..
فيغير المثنى الموضوع سريعًا ..
حتى لا يلتقط الغامد تأثره الممتعض الرافض رفضًا باتًا حتى يعتاد الأمر
قائلًا بمرح :- أنا باخذ شقه الدور الثاني إيه والله سيقاني ما تتحمل أطلع أنا ومرتي للثالث ..!!
ارتفع حاجبا الغامد بذهول ..!!
لينظر له شزرًا " مرتي " ..!!
منذ متى هذه " الميانة " ولم يحدث أي شيء رسمي حتى الآن ؟!
ابتلع المثنى ريقه وهو يرى نظرات الغامد التي تكاد تخترقه و لو كانت رصاصة لأردته قتيلًا في التوّ و اللحظة ..
آآآخ لو تعلم يا أخي ما يدور في الروح و القلب ؟!
فتقطع والدتهم الصمت قائلة :- بنركّب مصعد ما عليكم ..
نهض الغامد بهدوء ليقول :- طيب أنا بقوم أوصل رباب للبيت ..
في الطريق قال الغامد بهدوء :- رباب إذا ممكن ودي أكلم سحاب لموضوع ضروري ؟!
مال حاجبيها بألم معذب ونظرت لجانب وجهه وهو يقود بتركيز فترد عليه بفتور :- ما يصير يا أخوي .. خلاص انتهت عدتها و ما عادت تحلّ لك ..
لم ينظر لها و ما زال يركز على الطريق :- أدري بس خالتي ..
غشاوة حلّت على عينيه فنفض رأسه بهمّ ليصحح الأمر :- أقصد أمي خطبتها لي اليوم و قبل أي شيء لازم أكلمها ضروري ..
هزت رأسها والسعادة تغمرها فهي لم تعرف ذلك ستفرح سحاب كثيرًا …
وقالت :- طيب عندك رقمها ليش ما تكلمها ؟!
فيصرّ قائلًا :- أدري .. بس الأفضل أكلمها من عندك وعطيها خبر و اعتبريها بدل الشوفة الشرعية من حقي أكلمها ..
ردت رباب بسعادة :- طيب أبشر ولا يهمك
ثم تابعت بتردد و الحروف تتعثر على شفتيها :- ما ودك تنزل تسلم على أبوي وجدتي والله قلبهم مثل النار عليك و محترقين يشوفون وجهك بس ..
لا تطول إذا ما أنت مرتاح ..
صمتٌ طويييل وكئيب حلّ على المكان ..
قطع الغامد الصمت أخيرًا بخفوت فاتر و مستسلم :- إن شاء الله بنزل شوي …
لم يخبرها عن خطبة المثنى فوالده وجدته سيقومان بالواجب لا ريب ..
ثم قالت رباب بحماس :- حتى المنفى بعد الي سوته سحاب وتكسيرها كل شيء قلت لها الله يكسر يدك قهرتني صدق اللئيمة بالي سوته ..
وأبوي بعد عرف و هاوشها وهزئها وصلّحه لك ..
شفت شلون ما حد يرضى عليك ؟!
ثم تمازحه فتضرب بكوعها على زنده تتابع بمرح :- مين قدك يا أخ الغامد الكل يركض وراك يرضيك و أنت الثقيل ما تعطي وجه لأحد ..
زمّ شفتيه بغضب وضيق ولم يدقق بكلام رباب عنه بل دقق فيما يخص سحابته الماطرة ..
لماذا يضايقوها ويزعجوها بهذا الشكل ؟!
هو ابتعد عنها حتى لا يؤذيها ولا تصيبها شظايا حنقه و ألمه وغضبه ..
مشاعره المحترقة بنارٍ مستعرة و التي يعرف بأنها لو كانت بقربه الفترة الماضية كانت لتتأذى أكثر ولتحرقها ناره ..
وقد تكرهه هذه المرة حقيقةً وللأبد …
كان يتتبع أخبارها يعرف مدى إصرارها ونجاحها وسعيد لأجلها وما أنجزته بدون وجوده حولها ويعتمد عليها ..
إنهما الآن بمفترق طرق ..
و يعلم الآن أنها لو أتت إليه لن يؤذيها ولن تحرقها النار و لكن قد تلسعها ..
وهو يحتاجها بقربه هذه الفترة و لهذا وجب عليه أن يكلمها …


====================


الطلاق ..!!
كم هي كلمة سهلة خفيفة على اللسان ..
ولكن ما أن تنطقها وتحدث حتى تهوي بك سبعين خريفًا و تدرك مدى ثقلها ..
هذا ما شعرت به سحاب بمجرد أن نطقت الكلمة وعاد الغامد ليطلقها ..
ولكن الآن انتهى الأمر وعليها أن تقنع عقلها بأن الأمر قد انتهى …!!
لو أرادها أو رغب بها لأعادها من قبل …
فهي السبب الذي سعت به للطلاق فلا حق لها أن تحزن ..!!
نظرت لوجه عمها الذي يمسد جبينها بخفه ويقرأ عليها الرقية ..
بينما تضع رأسها على حِجره ..
فيقول بحنان :- ها .. راح الصداع ولا باقي ؟!
فتهز رأسها الثقيل وترفعه ببطء هامسه بضعف مضني انتابها بعد طلاقها :- شكرًا يا عمي ريحتني الله يعطيك العافية ..
عقد حاجبيه بضيق :- ما يصير يا بنتي ساكته على نفسك راجعي الطبيب وش ذا الصداع كل يوم ؟! وكل يوم تاخذين مسكنات ..
فترد الجدة بعبث :- ما ندري يمكن فاقدة احد وولهانة عليه ؟!
اغتصبت سحاب ابتسامه ضيقة تلتقط عبث جدتها بغصّة و لكنها ردت بمنطقية :- كله إجهاد و أرق الإختبارات بعد شهر و الشغل متراكم و ما أنام زين .. بس يتعدل النوم بيتعدل الراس ..
ثم تذكرت تلك الأيام حين كان الغامد يتساخف عليها فيصر أن يضع رأسه على حِجرها ..
بينما هي تعبس وتتمنع بضيق فيقول لها بدعابه
" ثقيلة دم " فتكشر بوجهه وتزجره بشراسة ..
ليت تلك الأيام تعود …
ليتساخف …
ويتسلط بلسانه ..
ويجربا المطاعم الجديدة معًا ..
ولا تراه بهذا الحال البائس ..
قالت بخفوت منهك :- يلا عن إذنكم بطلع أحاول أنام شوي ..
قبل أن تختفي عن أنظارهم قالت الجدة ببعض الحزم :- انتظري يا بنت ..
استدارت لها سحاب بحيرة ..!!
لتربت الجدة في المكان الشاغر بجوارها فتقدمت سحاب لتجلس بجوار جدتها ..
وهذه المرة ربتت الجدة على فخذها قائلة بحنان مختصر دون أي مقدمات تُضيع المزيد من العمر الذي يركض :- ترى خالتك فاتن رجعت وخطبتك حق الغامد إذا ودك فكري بالموضوع يا بنتي ..
وشوفي وش مشاكلك الي وصلتك للطلاق وراجعيها في عقلك زين عشان ما يتكرر …
فترت سحاب شفتيها بصدمة وغزا الإحمرار وجهها ..!!
وبالتأكيد حلّق النوم و النعاس في الأفق ..
هي تعرف مشاكلهم وقد حُلّت بنفس اللحظة ولكنهم استعجلوا بأمر الطلاق و تهوروا …
وكان عليهم التأني ..
كان عمها يتحدث مع رباب على الهاتف وقد انشرح وجهه ببهجة ..
فيقول والدموع قد تجمعت في مآقيه :- الغامد بينزل يسلم علينا يمّه .. ارحب .. ارحب يا هلا فيه الغالي ..
كانت فرحته كالأطفال عندنا تعطيهم قطعة من الحلوى …
فوجئ محمد بصوت والدته عندما قالت الجدة بغيظ وفمٍ ممطوط عندما ظنت أنه قادم لأجل سحاب :- وش يبي قليل الحيا ؟! أمداه يجي و توه اليوم خاطب ؟!
شهقت سحاب بصدمة وخجل لتغادر وتطلق ساقيها للريح ..
وقد تذكرت الغزالة لقد سرقتها من المنفى وأخذتها لغرفتها لتواسيها بفقد صاحبها ..
وبالتأكيد سيصعد لينظر لمنفاه عليها أن تعيدها قبل أن يدرك ذلك ..!!
و اخر ما كانت تتمناه ان تنتقل من مرحلة
سارقة الصابون إلى سارقة الغزالة ..!!
وكلها أشياء تخصه ..!!


******************


غمر الغامد يد والده المجعدة بقُبلٍ محترقة أحرقت شفتيه بل أحرقت كل ما لمسه بيده وشفتيه وهو يجلس بجواره ..
لم يدرك مدى إشتياقه السحيق لهم إلّا عندما دخل ولمح عينا والده الغائرتان الداكنتان …
بحق الله …!!
هو لم يعرف عائلة غيرهم …
لم يعرف إلا هذا الأب ..
حتى والده الحقيقي لم يعرفه ويراه إلّا في مراتٍ نادرة و يذكر جيدًا كم كان يمقته و لا يطيقه بنظراته المتعالية…!!
فهو ليس من ثوبه …
فهو دوبلوماسي وشخصية مرموقة ..
بينما هو مجرد عسكري بسيط ووالده مجرد موظف عادي ..
دائمًا كان شخصًا بيتوتي يجلس معهم أكثر من جلوسه مع أصدقاء و زملاء ..
فقد تربّى وعاش وسط العائلة ..
إن لم يشتاق إليهم فهذا يعني بأنه بلا قلب و لا كبد
بل كبده أكله الذئب …
لم يستطع محمد المقاومة ليذرف دموعه بعد أن كبتها هذه الأشهر المنصرمة تحرق مآقيه كالأسيد المنصهر ..
لقد ابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم ..
لم يعد يتحمل هذا الشوق الغائر لفلذة كبده ..
نعم ..!!
هو هكذا مهما قالوا هو ابنه و كفى …
لم يعرف من الذرية غيره هو وأخته ..
فيقول بصوتٍ مشتحن بالغصة :- اشتقت لك يا وليدي اشتقت لك ..
اختنق في داخله الشوق و ذاب قلبه من الحنين
وانتفض شوق حزنه …
لطفلٍ كان يُلاعبه في طفولته وعندما اشتد عوده ..
علّمه المراجل و أصبح يرافقه لمجالس الرجال …
أفقده عقله ..
أثار جنونه بروعنته في مراهقته ..
أثار غضبه ..
أثار ضحكة ..
مراوغ وخبيث يعرف كيف يراضيه ..
بل يعرف كل مفاتيحه و أسراره ..
كانا أب و إبنه …
و فجأه انشطرت الأرض و انشقت على مصراعيّها حتى يهويان بها ألف ميل الى وادٍ سحيق لا قرار له ..
فيقول الغامد بإختناقٍ ملتاع :- سامحني يبه تأخرت يوم جيتك بس غصبٍ عني ما هوب بيدي ..
فكلما قرر أن يأتي ليكسر القيود يشعر بشيء يجذبه للأسفل ويدفنه ..
وكأن المكان غريب عليه ..!!
وعلى روحه التي تحوم في أرضٍ واسعة فعلى قدر اتساع الأرض كانت تضيق به ..
فجأة يقولون هذا البيت الذي عشت به منذ ولادتك ..
ليس ببيتك ..!!
عجبًا فكيف ذلك ؟!!
وهو لم يعرف بيتًا غيره ..
يقولون ذلك الأب ليس بوالدك ..
الأم ليست أمك ..
تلك الجدة ليست جدتك ..
تلك الأخت ليست بأختك ..
كل شيء حوله كذب ..
بل كلما التفت كان الكذب يتسربل به ..
لا ….
ليس ككذب إخوة يوسف الذين يُمَثلّون الكواكب التي تدور في مدارهم فتُشعره بالدوار يخترق رأسه ..
والذئب الذي كان بريءٌ من كذبتهم ..
لكن الألم يعادل ألم سيدنا يعقوب عندما فقد ابنه يوسف وهو على قيد الحياة …
و الذئبة في حياتهم لم تكن بريئة أبدًا بل الإجرام يسري في دمها …
مسح محمد على وجهه الوسيم ليهمس ببحةٍ من تراكم الدموع على عينيه :- معذور يا الغالي معذور ولا أحد يشره عليك …
حسبي الله على الي كان السبب الله لا يوفقها و لا يبارك لها وين ما تروح …
ابتلعت رباب ريقها وقلبها يئن بوجع من دعوات والدها فمهما كان هي والدتها و مازالت تحتاجها ..
ولكنها صمتت فليس بوسعها شيء ..
تبتلع الألم والغصة كشفرات وسكاكين مسننة …
ولا تستطيع لوم أحد …
فقط دموعها كانت كفيله لتبث مشاعرها وتجري على وجنتيها كجدولين رقيقين ..
وقد تغيرت حياتها منذ ذلك اليوم و استحالت لجحيم مستعرّ تحترق به كل يوم ..
ثم تعود لهدوئها الفاتر صباحًا ..
وكأنها لم تذرف شلالًا من الدموع في الليل القاتم ..
مسحت دموعها بأطراف أصابعها فرأت الغامد يقترب من جدته ..
التي لم تقاوم هذا الجفاء أكثر من ذلك فتجذبه لتعانقه بمرارة السنوات العجاف الماضية …
السنوات التي حرمتها أميرة من حنانها عليه على مرأى من الجميع ..
وقد كانت تدرك أن تلك الذئبة تبعده عنها قسرًا ..
لهذا لم تستطع أن تلومه يومًا على جفاءه و إعراضه عنها ..
أما هو فقد غمر ظاهر و باطن كفيّها قُبلًا و الغضب يتسربل إليه ..
محروم من رائحتها العتيقة التي أصابت جيوبه الأنفية بحنين وهو يتذكر رائحة الجدات الحنونة ..
رائحة الحناء ..
رائحة خبز التنور الذي تصنعه ..
رائحة الماضي القديم ..
كل الذكريات تبعثرت وتجمعت في مخيلته ..
ذرفت الجدة دموعها وهي تمسح على رأسه بكفها المجعد بعمر الزمن الذي مضى ..
وتهمس بصوتٍ متخاذل و ضئيل لكنه مغمور بالفرح :- الحمد الله إنك بخير يا روح البيت الحمد الله إنّ ذا المصيبة ماخذتك منا وطلعت منها سالم ومعافى سلامة قلبك من كل شرّ البيت بدونك ما يسوى .. والله ما يسوى بدون ضحكتك …
توّ ما نورّ هالبيت بوجودك ..
لقد بدا بيتهم كبيت الأشباح لأسابيع لم تعد تُحصيها ..
الآن فقط شعرت أن الروح قد عادت إليه و تلألأ بأضواء النجوم و أشرق بالفرح …
كان الغامد يدفن نفسه بين ذراعيها مسبلًا جفنيه على عينين حمراوين تحاربان بضراوة الدموع التي ظلت حبيسة قلبه لأشهرٍ بكرامةٍ رجولية ...
بينما والده يربت على كتفه بابتسامه ..
وكأنه هو أيضًا قد عادت له الروح بعد أن حلّقت كطائرة ورقية في السماء أثناء غيابه وجفاءه …
أمّا رباب فقد كانت تراهم و الغامد يجلس بين والدها وجدته يتلقّى الدلال …
وقد انتهى فصل الدموع ..
وتبددت الغيمة الداكنة الملبدة بأمطارٍ شتويةٍ رعدية و قاسية ..
وقد بدأ يتبادل القليل من الحديث معهما ..
أمّا سحاب فمنذ دخوله نست أن تعيد الغزالة المسروقة لأريكتها الوثيرة ..
و جلست على السلّم تراقبهم من بعيد دون أن يلاحظها أحد …
و لم تشعر بدموعها المنسابة على وجنتيها التي انحدرت لتلامس شفتيها المبتسمتين بعذاب من مرارة الإشتياق …
ودموع متأثرة بمشاعره الرقيقة لعمها وجدتها ..


******************


كان يقف الغامد داخل المنفى مع رباب وتذكر صورته الأخيرة التي تركه عليها وقد كان مجرد حطام ..
ولكن الآن كأنه لم يمسّه شيء ما عدا تلك التحف التي جمعها كذكرى من بعض الدول التي زارها ..
فتهمس رباب :- حاول أبوي يصلّح الي يقدر عليه ..
ما عدا التحف طبعًا ما قدر يلقى مثلها حتى بالمواقع مع أنه ما يفهم فيها كثير بس جلس يحاول يدور ..
لم تقاوم الغضب الذي عاد يتسربل بها و هي تتذكر حال المنفى لتردف بتمتمه واضحة :- الله يكسر إيدها كل تعبك وجهدك و عرق جبينك ضاع على الفاضي ..!!
فهتف الغامد بغضب :- لا عاد أسمعك تدعين عليها يا رباب فداها كل شيء كسرته ..
خلاص روحي الحين وأعطيني جوالك بكلمها …
ذعرت من عصبيته فهي لم تعتدها أبدًا ..
و ردت تُهدأ من روعه :- طيب طيب .. خذ …
أعطته هاتفها و خرجت حتى يأخذ راحته في الحديث …
وفور أن اتصل عليها وسمع صوتها الفاتر وقد كانت تظن أنها رباب ..
و همس بخفوت :- ليش تبكين يا سحاب ؟!
شهقت سحاب على الطرف الآخر تسمع الصوت الرجولي الغائر الذي ذابت من شوقها له ..
هل تتوهم ؟!
عادت تهمس بصدق :- غامد .. تأثرت شوي من شوفتك لعمي وجدتي ما تتخيل وش قد مشتاقين لك .. الحمدلله رجعت لهم ..
تنهد بكبت يغمض عينيه يهز رأسه و كأنها تراه
ليقول مُحاولًا الإختصار بصوتٍ آسي :- سحاب أنا رجعت خطبتك مرة ثانية بس أكيد هالمرة غير ومشاعرها و ظروفها غير وفكري زين قبل توافقين ..
أذكر كلامك لي بالمستشفى وإنك حبيتيني كل هالسنين …
بس تدرين اكتشفت كل هالسنين هاذي كذبة …
الغامد الي حبيتيه من مبطي ما هو نفسه الآن …
إذا عندك إستعداد تتحمليني وتتحملي غثاي و ..
فتبتر حديثه وقد اتشح الخجل بصوتها الحازم :- أنا تحملتك حتى يوم كنت أدري إنك تكرهني وودك تتزوج غيري و أنا توي عروس … يعني ما رح أتحملك الحين ؟!
لا تفتأ أن تذكره بهذا الأمر فتشطره لنصفين ..
ولا يعلم هل سيستطيع أن يُنسيها هذا الألم ؟!
فلابد أنها " بعير " لا تنسى أبدًا …
وستذكره بهذا دومًا ..
ولكنه تغاضى عن كلامها المسموم و قد كان ينظر بشرود نحو المنفى وعرف أن هناك شيءٌ ناقص غير موجود …!!
ليسألها بشكّ مرتاب :- وين غزالتي يا سحاب ؟!
شهقت سحاب بقوة و انتفضت في مكانها تنظر للغزالة بجوارها على السرير …
رغم أنها سببت لها الأرق كلما استيقظت تُذعر لوجودها …!!
ولكنها كانت الذكرى الوحيدة منه فهي بعد انتهاء عدتها انهت كل شيء بينهما فلم تصعد للمنفى …
رفعت رأسها و نظرت للسقف الذي كان يفصل بينهما ..
وهمست مبتسمة :- موجودة و بأمان .. لا تخاف ما سوّيت فيها شيء …


====================


توالت الأيام تباعًا و كان اليوم يُعدّ يومًا مميزًا ..
فقد عُقد اليوم قرآن توأمها و هي من خطبت لهما كما كانت تتخيل دائمًا …
و لم تتخيل يومًا أن تتمكن منها السعادة لهذا الحدّ ..
أحدهما سيأخذ زوجته ….
والآخر سينتظر بضعة أشهر حتى يتقبل الأمر الواقع الذي وضعته به قسرًا …
هي تأسف أنها فعلت ذلك به وشطرت قلبه ولم تأخذ رأيه وتستشيره كأيّ أمّ ولم تحسب له حساب وتعلم أنها أخطأت ..
و لكنه قلب الأم الملتاع ..
قلبها المفطور على توأمه الغائب لسنين ..
وهو سيصبح مرتاحًا إن أصبحت أخته حوله وتحت أنظاره يطمئن عليها عند رجلٍ مثل المثنى …
وبقاء أخته معهم يعني بقاء الغامد رغمًا عنه فهو لن يرحل و يترك أخته ..
تتمنى فقط أن لا يخالف المثنى توقعاتها ويعاملها بما يرضي الله …
فهي تعرف رباب منذ طفولتها ..
ناعمة وهادئة ذات أخلاقٍ عالية ولا تتدخل في أمور أحد ..
فالتي تعرفها أفضل من التي لم تتعرف إليها ..
دخلت على ولديّها في مجلس الرجال وهما متأهبان بالثوب السعودي الذي ينسدل على قدّهما المتشابه بالهيئة ..
يقفان بجانب بعضهما ولهما نفس الطول و هما يعدلان نسفة الشماغ على رأسهما …
و رائحة العود العتيق والبخور تنتشر في الأجواء ..
فبدت لها صورتهما معًا منطقية وأكثر جمالًا ..
في يومٍ مثل هذا …
لتقول بدموعٍ حبيسة :- ألف مبروك يمه أنت و أخوك ألف مبروك ربي يتمم لكم على خير …
الحمد الله الي جا هاليوم و أشوفكم معاريس بيوم واحد ..
قبل المثنى رأس والدته وغمر كفها قُبلًا ..
بينما الغامد لم يستطع حتى الآن أن يكسر معها هذا الحاجز ..
لم يستطع لا معها ولا مع أخته التي فكّر بها كزوجة في يومٍ ما ..!!
أمّا هي فقد تركته على راحته …
المهم أنه بات يتحدث معها إذ أن حديثه ليس مثل السابق ..
ولكن لا بأس ..
قالت بهدوء :- يلا يا الغامد سحاب تنتظرك بالمجلس ..
غادر الغامد المكان …
لتبقى فاتن مع المثنى فتقول له بهدوء :- انتظر أروح أجيب رباب تجلس معها شوي قبل لا نمشي .. يمكن لا شفتها يلين قليبك ..
فيقول ببرود جاف ونبرةٍ قاسية كقسوة عينيه المتقدتين بلهيب :- يمه خلّنا نمشي الحين …
ما هو كافي إنك فرضتيها عليّ وأنا ما أبيها و أنتِ تعرفين زين مين هي أمها الوسخة ؟!
أعطيني وقت لين أقدر أبلعها ما مدانا نخطب إلّا ونشبت بحلقي ..
فتقول والدته بتوتر :- تكفى يا المثنى لا تسوّد وجهي قدام العالم .. رباب شيء و أمها شيء مالنا دخل فيها ..
حرام عليك البنت جاهزة ومستعدة عشان تشبكها تقوم تكسر فرحتها ..
كم شهر تعرف عليها يمكن تقدر تتقبلها ؟!
والله العظيم لو ما تقبلتها أو ما بغيتها خلاص لا تتمم الموضوع ما رح أجبرك ..
الملكة فرصه تتعرفون على بعض ..
فيقاطع والدته بإصرار لحوح وآسي :- تكفين يمه لا تجبريني على هالشيء الحين لين أبلعه يكفي الي صار اليوم و تزوجتها و أنا ما أبيها و لو ما تقبلتها صعب أنفصل عنها وبيزعل الغامد و ما ابغيه يتضايق مني .. يعني ناشبة فيني ناشبة …
وأنا كل شوي أفكر بأخوي وتممّت الخطبة والملكة عشان أخوي و كل شوي راعي أخوك وأنا أراعيه ..
لين هذا الحد وخلاص ..
تنهدت والدته بأسى سيُسوّد وجهها هذا الرجل ..
سيفعلها ..!!
همست بخفوت نادم على ما فعلته دون أن تحسب حساب لمشاعره :- بروح أشوف شلون بلّم الموضوع الله يصلحك يمه و يهدّي بالك ..
خرجت والدته من باب جانبي ..
غير مدرك للموجودة خلف الباب الرئيسي تستمع لكل كلمة قذفها من فمه كالسمّ …
كانت كخناجر تطعن قلبها خنجرًا تلوى الآخر ..
هل هي غبيه إلى هذا الحدّ ؟!
هل هي معتوهة ؟!
الناس الأغراب تحدثوا عن كونها ابنه أمها الخاطفة ونهشوها ونهشوا عرضها ..
وقالوا أنها لا ريب أنها تشبهها بالقذارة ..
لا تسأل عن " البنت " با اسأل عن " أمها "
وقالوا " أقلب الجره على فمها تطلع البنت لأمها "
فما بال أصحاب المسألة المعنيين بالأمر ؟!
هل ظنت أنهم سينسون كونها ابنه أمها ؟!
من أجل أخيها الحبيب ..
فكلما كانت قريبة منهم كان هو أقرب لهم ..
ضغطوا على أنفسهم ومشاعرهم من أجله و تناسوّ أنهم يقتلونها ببطء ..
تناسوّ أنها إنسانه لها مشاعر وأحاسيس ..
لا لم تكن تشعر بالألم ولا حتى الهموم كانت حياتها هادئة لسنوات ..
فجأة وبضعة أشهر قليلة وكأن كل السنوات الهادئة انتقمت منها دفعة واحدة ..
و بدأت تتجرع كل أنواع الألم وأنواع العذاب ..
فالجميع يتفنن في قتلها وتعذيبها بشتى الطرق ..
لقد سبق و اعترفت لنفسها أن حياتها انتهت …
لكنها كذبت على نفسها و صدقت الكذبة ..
سرت رعشه على أوصالها أثارت قشعريرة على بدنها ..
وشعرت بالتوتر حين أخبرتها جدتها أن المثنى قد خطبها …!!
ونعم النسب …!!
وكانت جدتها حينها قلقه كيف سيخبروه بأنها رفلة ؟!
فلا يجوز أن يخدعوه …
فرحة والدها لها وفرحة جدتها جعلتها تصدق الكذبة ..
لم تشعر بالدمعتين التي انسابت على وجنتيها حتى بللت شفتيها المرتجفتين ..
فتمسحهما بحذر حتى لا تُفسد مكياجها ..
وتتماسك بينما تأخذ نفسًا عميقًا تجتذب أكبر قدر من الأكسجين و قد بات غاز ثاني أكسيد الكربون يخنقها تعجز عن تزفيره من صدرها ..
صدرها يعلو ويهبط بخفقان فتربت عليه براحة كفها حتى يهدأ ..
اهدأ أيها القلب فستجد الراحة يومًا ما ..!!
تراخت نبضات قلبها وهجدت قليلًا لتتسربل العزيمة على ملامحها الشاحبة …
لن تهرب وستُريحه فالهرب ليس إلّا بخوف ..
فتتشجع وتدخل إليه بخيلاء وذقنٍ مرفوع ..
فتراه نسخة أخيها تعرف وتجيد الفرق بينهما ..
كان يُحررّ عنقه من خنّاق ثوبه بضجر و قد باتت هذه الياقة تكتم على أنفاسه ..
وعندما لاحظ وجودها اتسعت حدقتيه المتقدتين الملتهبتين و هو يلمح دخول حورية من بلاد النور ..
فتر المثنى شفتيه قليلًا بصدمة ..!!
يكتم تأوهًا عندما سمع صوتها تُلقي السلام بخجل
:- السلام عليكم ..
لقد رأى الكثير من أصناف النساء و الوجوه و الأشكال و الألوان في أمريكا و أكثر تحررًا و هنا بالطبع …
ولكنه لم يرى من قبل سحابةً بيضاء تهطل جمالًا حنطيًا ونغمات موسيقى بصوتها العذب كالنايّ ..
وتقف أمامه بخيلاء ..
وتجعل الأعين لا ترمش و كأنها ليلٌ شتويٌ لا يعصف بنا ..
بل تلك العواصف عصفت ورعدت بجوفه تصفعة وتدور به مسببة له الدوار ..
صفعة غير مرئية قد صفعته عندما استمرت حبالها الصوتية المتسربلة بالحزن ..
فينساب صوتها كنغمات الموسيقى وهو يخرج من بين شفتيها و كأنها تعزف على النايّ ..!!
هامسة بشفتين مرتجفتين بإستعجال و الخجل يُزين ملامحها الحنطية :- آسفة لأن اضطريت أحطك أنت و خالتي بهذا الموقف بسبب الغامد …
هو بس يحتاج للوقت وما رح يخليكم …
يعني ما كان له داعي تخطبني ما نيب مقطوعة من شجرة عشان أضيع …!!
بس ما عليه لا تشيل همّ أعطيني مهله شهر و أنا بنفسي بطلب الطلاق بدون ما يزعل منك الغامد و ما يحتاج تعوّد نفسك تبلعني و الوجه من الوجه أبيض …
ثم انسحبت تطلق ساقيها للريح حتى تصعد لغرفتها وتوصد الباب بالمفتاح ..
وقلبها يئن بألم …
هي الحمقاء ..
هي السبب التي جلبت لنفسها الألم بموافقتها وحماسها الغبيّ …
بينما المثنى كان يقف مبهوتًا بمكانه كالتمثال الحجري ويده ما تزال تستقر على ياقة ثوبه ينظر للغبار الذي خلّفه هروبها …
ويتساءل …
مهلًا لما العجلة ؟!
و يسترجع كلامها في عقله و كأن مذاق الحلال مختلف عن أي مذاق ..
رباه إنها هي الربابة ..
لقد كانت هذه الحورية التي دخلت للتوّ زوجته السحابة البيضاء ..!!


.


.


انتهى الفصل
====================



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 09:05 AM
Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 08:55 PM   #1433

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 09:06 AM
Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 08:56 PM   #1434

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 09:07 AM
Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 09:09 PM   #1435

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 44 ( الأعضاء 12 والزوار 32)
‏Aurora*, ‏nadoosh3122, ‏غيوم ومطر, ‏هتاف عبدالله, ‏أم أحلام, ‏Alali, ‏yasser20, ‏ياسمين78, ‏سلمى سمعة, ‏ووررددهه, ‏Gg1, ‏فاطمه حدادي


Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 09:10 PM   #1436

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 55 ( الأعضاء 17 والزوار 38)
‏Aurora*, ‏فتاة الحزن, ‏nadoosh3122, ‏love h&z, ‏ترانيم الزمان, ‏zohorat, ‏زهرة الشتاء المتقطع, ‏هتاف عبدالله, ‏غيوم ومطر, ‏أم أحلام, ‏Alali, ‏yasser20, ‏ياسمين78, ‏سلمى سمعة, ‏ووررددهه, ‏Gg1, ‏فاطمه حدادي


Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 09:14 PM   #1437

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 62 ( الأعضاء 21 والزوار 41)
‏Aurora*, ‏rawa3i+, ‏جنون امراه, ‏صباح مشرق, ‏فاتن مصيلحى, ‏فتاة الحزن, ‏nadoosh3122, ‏love h&z, ‏ترانيم الزمان, ‏zohorat, ‏زهرة الشتاء المتقطع, ‏هتاف عبدالله, ‏غيوم ومطر, ‏أم أحلام, ‏Alali, ‏yasser20, ‏ياسمين78, ‏سلمى سمعة, ‏ووررددهه, ‏Gg1, ‏فاطمه حدادي


Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 10:26 PM   #1438

hala20111
 
الصورة الرمزية hala20111

? العضوٌ??? » 205191
?  التسِجيلٌ » Oct 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,747
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » hala20111 is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كل بارت تبارك الله مكتمل وكل الاحداث متسلسله بسلاسه جميلة وتنكشف لتصبح مترابطة كل المشاعر والايماءت المبهمة توضع في مكانها كلعبة البازل الجميله دمتي مبدعة وسلمت يداك

hala20111 غير متواجد حالياً  
التوقيع
[/SIGPIC]اتعلمين معنى ان يكون الله في قلبك ؟
انه يعني ان لا تشعري بالوحدة ولا بالخوف ولابالضعف ولابالوهن
فهو في قلبك ذاك الخالق
رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 10:40 PM   #1439

Tuta Al3fifi

? العضوٌ??? » 356233
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 557
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Oman
?  نُقآطِيْ » Tuta Al3fifi is on a distinguished road
افتراضي

لك مني اجمل تحية…..

Tuta Al3fifi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-23, 11:51 PM   #1440

أم عهد

? العضوٌ??? » 507917
?  التسِجيلٌ » Oct 2022
? مشَارَ?اتْي » 224
?  نُقآطِيْ » أم عهد is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين❤️

أم عهد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.