آخر 10 مشاركات
انواع التسربات المائية بالرياض (الكاتـب : ليليان محمد - )           »          انواع التسربات المائية بالرياض (الكاتـب : ليليان محمد - )           »          465 - المرأة ذات الثوب الأزرق ـ آنجي راي (عدد جديد) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          466 - أميرة الجليد - ساندرا مارتون ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          12 -حب فى الظلام -آن هامبسون -عبير قديمة (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : samahss - )           »          503 - الحب يصنع المعجزات - ميرندا لى - ق.ع.د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الهجين وعهد الأركوان (الكاتـب : نتالي جواد - )           »          زَخّات الحُب والحَصى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          على رمال سيلين / للكاتبة غجرية ، مكتملة (الكاتـب : taman - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree333Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-24, 06:41 PM   #101

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,764
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
حبيبة قلبي إيمي

*ما اجمل إ ستهلالك للفصل بباقي مرحلة إنتقال رياض لبيت الجارحي
وقد صورته بمنتهي الروعة صوتا وصورة
وقد جمعت الجميع بمشهد واحد وكلا رسمت له ملامح مختلفة
من سليمان الغاضب المعتد بنفسه
وسليم الهادئ المتفهم
*وصدفة تلك الوجلة من حياة جديدة مع إظهارها غير ذلك
وتلك الجميلة صبحية الام بالفطرة
والرائعة رئيسة وتعليقاتها العفوية الجميلة
والمح ياقمر قصة عشق تلوح بالافق بين سليمان وصدفة

*يضاف لجمال المشهد خفة الظل التى إكتنفته بشكل رائع جدا

تسوقين تسلسل الاحداث بشكل منطقي وجميل
فبشرى مهما كانت مطامعها لن تقدم أى تضحية في سبيل الحصول عليها
وهى بالاساس ليس تضحية بل وقوف الزوجة بجوار زوجها

*وتتميزين جدا في رسم صبر نصير وكظمه غيظه
ولكن يبدو من طريقة بشرى ان الوضع لن يظل هكذا
فهى ستفجر براكين غضبه قريبا جدا

*حبيبة قلبي ما اجملك في المشاهد التى يكون بها أيمن
والذى تصورينه بشكل جميل جدا وهو يحاول التزام اقصي درجات ضبط النفس حتى لا يبدو مثل عفريت العلبة وهو يقفز من مكانه
او يعلق تعليق متسرع يتضح فيه لهفته وتعجله للزواج

*وجميل جدا ان جعلت أحمد يوافق على كتب الكتاب مع الخطبة
حتى يسهل على سلمى التعامل بلا حرج مع ايمن ومشاعره المندفعة تجاهها

*وايصا القائك الضوء على حرص الجميل احمد على إنهاء تعليم سندس وعدم الإنسياق وراء افكار بالية جاء موفقا جدا

*بينما راق لى جدا تناولك لموضوع الميراث ومخالفة شرع الله به خاصة في المحافظات حيث لا يعطون النساء نصيبهم من الارث إذا كان أرضا اوأى مشروع زراعي
وإذا استطاعوا أن يسابوا الرجال حقهم ايضا
خاصة إذا كانوا من أهل المدن
ويتغافلون تماما عن وعيد الله لمن يتجاوز حدوده
وقد برعت في نقل الصورة من خلال لقاء نصير واهل ابيه بكل براعة



غاليتى شيزو ما أجمل تعليقاتك المميزة
التى انتظرها بشوق واتلقها باهتمام
من روعة تحليلك وتفصيلك للمشاهد ومن أكثر ما يثير اعجابى العناوين
التى تمنحيها للمشاهد
فتوضح اهمية المشهد وجماله
دمتى مميزة وصاحبه بصمة فارقة يا ملكة التعليقات


سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-24, 06:46 PM   #102

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,764
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ektimal yasine مشاهدة المشاركة
مسا الورد
فصل رووعة
صدفة وجمال صدفة وعلاقتها برضوان والدها للمشهد ا اد موموجع عا اد.مو حلو والحياة فعلا قاسية رئيسة وصبحية راح يعوضوها فقدان الام شو بحب عيلة الجارحي
سليمان بنتنا ما في منها
ايمن والله سكرة ويتمنى ربنا يتمملو عاخير لقاء العيلتين كان حلو جدا ووجود عبد الرحمن وفارس ويوسف وضياء عطى للمشهد حلاوة مو طبيعية
احمد وفاروق والله خطفوا قلبنا احلى قعدة
بس يا خوفي أهمية تخرب الزواج عا أسامةجلال شكلو فاهم أساس المشكلة وسلامة لمدة بمحلو بتمنى مدى تنتبه وتستوعب
اتق شر الحليم اذا غضب ناطرة نصير ايمتى ياللي خلقي ويطلق الافعى المغرورة
إتمام نصير واولادن قمة الطمع والجشع القبلة بتخوف لانو نصير قرب من الخط الاحمر الن الله يستره
ابدعت


مساء الورد
أولا ألف سلامة على والدتك ربنا يبارك في صحتها وعمرها

سعيدة جدا أن الفصل نال اعجابك
عيلة جارحى عائلة بسيطة لكنها أصيلة وتصون العشرة
أيمن تحت المراقبة المشددة خلاص ربنا يقويه ههههههههه
نصير دخل عش الدبابير برجليه ونشوف في القادم كيف يخرج منه
شكرا حبيبتى على تعليقك ودمتى بكل خير


سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 17-05-24, 02:23 PM   #103

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,605
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 17-05-24, 08:41 PM   #104

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 11,210
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صل على النبي محمد مشاهدة المشاركة
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

سبحان الله
الحمد لله
لا إله إلا الله
الله أكبر
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-05-24, 03:02 PM   #105

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,605
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

الله أكبر

لا إله إلا الله

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

shezo and سما صافية like this.

صل على النبي محمد متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 24-05-24, 07:24 AM   #106

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 11,210
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صل على النبي محمد مشاهدة المشاركة
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

الله أكبر

لا إله إلا الله

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد

سبحان الله
الحمد لله
الله أكبر
لا إله إلا الله
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-24, 09:15 PM   #107

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,001
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الورد بانتظارك الفصل ياعسل

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-24, 09:23 PM   #108

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,764
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصـل الثامن
~~~~~~


الصوت المعدني البارد للسلاح النارى جمد الجميع ذهولًا في أماكنهم لبرهة ضئيلة
قبل أن يفز فراج مبتعدًا عن مقعده جزعًا وقد أدرك أن بجلوسه بجوار نصير يجعله في مرمى النيران
أما نصير فظل متمسك بمكانه في ثبات انفعالي يُحسد عليه متجاهلاً
فوهة المسدس المصوب إلى رأسه
أول من خرج من جموده كان عزام الذي صاح ناهرًا ولده بحده
:- كف يدك يا مرعي.. ودس السلاح
حول مرعي نظراته بغضب مشتعل
بين والده ونصير وقد كان قاب قوسين أو أدنى من إطلاق الرصاصة
زمجر بعصبية يجز على أسنانه
بغل والتفت يولى نصير ظهره ومازال السلاح الغير مؤمن في قبضة يده جاهز للإطلاق
حدق عزام بملامح نصير المتحدية وقال بغضب متأجج يحاول
السيطرة عليه بصعوبة
:- اسمع يا ولد نصار .. إحنا مالناش صالح ببضاعتك الممنوعة ديه..
مالناش فيها شوف مين صحابها وردهالهم وبَعد عنينا
أضاف ماهر بتأثر مصطنع لائمًا
:- مايصحش يا نصير يا ولدي تتهمنا بالشكل ديه.. أبوك الله يرحمه كان
راچل عاجل ويفهم في الأصول ..
لكن أنت إكده اتعديت الأصول
أراح حماد ظهره إلى مقعده بعد أن
كان متحفز ليتدخل لو فلتت أعصاب شقيقه وأنهى حياة نصير
والآن بعد احتواء والده وعمه للوضع تدخل يتساءل بفضول خبيث
:- أبوي وعمي عنديهم حج.. كيف أفوكاتو بيدافع عن الناس
يعرض عرض كيف ديه.. ومنين أصلا وصلتك البضاعة المشبوهة ديه
وأخيرًا حصل نصير على السؤال الذي ينتظره، السؤال الذي يفتح له المجال لسرد ما يريد إيصاله إليهم ليصل إلى مراده فقال ببرود يجاريهم في هزلهم
ومازال مرعى يقف جانبًا يتابع الحوار دون أن يتفوه بكلمة
:- أقولك يا ابن عمي حكاية البضاعة المشبوهة ديه
لوي رأسه يحدق هازِئ إلى فراج الذي لا يزال يقف بعيدًا بتوجس
شعر فراج بالحرج من نظرات الجميع الموجهة إليه بين تأنيب
ونفور واستهزاء لابتعاده عن نصير الذي كان يجلس بجواره خوفًا
أن تصيبه رصاصة مرعي الطائشة وكأن عليه أن يُقدم روحه للموت
على طبق من ذهب ولأجل ماذا!!.
تنحنح يُجلى حلقه الجاف بتحرج وعاد يستقر مكانه ببطء
وهو يحدق بقلق نحو مرعي الذي يقف بجوار نافذة تطل
على الحديقة ولازال يعتصر سلاحه الناري في قبضة يده
زفر نصير بخفة وبدأ في سرد حديثه بهدوء والكل منصت إليه بانتباه
:- زي ما أنتوا عارفين بيت والدي في أرض السمرية كان بعيد عن العمار
وقريب من سفح الجبل ..وطبعا بقي مهجور بعد خروج أمي هربانة بيا
وأنا صغير خوف على حياتي
زم شفتيه باشمئزاز مبتلعًا اتهامه إلى أعمامه لأنهم سبب شتات
أسرته والتفريق بينه وبين والده لسنوات طويلة
واصل حديثه بعد هنيهة ببرود مستفز يضغط على حروف كلماته
في إدانة مخفية موجه إليهم
:- ويظهر أن ده طمع أصحاب البضاعة المشبوهة واختاروا البيت
يكون مخزن لبضاعتهم الجاهزة على البيع
رفع سبابته موضحًا بتأكيد على معلوماته الواثق من صحتها
بنبرة محامى متمرس يعرض قضيته في ساحة المحكمة
:- البيت كان محطة تجهيز فقط بين المخازن الأصلية وبين تسليم البضاعة
تبادل عزام وماهر نظرات خفية مبهمة ومرعي يجز على أسنانه
بصرير يكاد يُسمع في حين تدخل حماد مستفسرًا بتهكم
:- وأنت إيه اللي عرفك كل الحديت ديه يتعلم الغيب..
ولا تكونش شريك لهم
فتح نصير فمه ليجيب بابتسامة مستهزئة إلا أن حماد واصل فضوله
يدعى عدم المعرفة بسؤال جديد ليستخرج كل ما يعلمه نصير من معلومات
:- وهي البضاعة ديه تطلع إيه من أساسه؟.
ظلت ابتسامة نصير معلقة فوق ثغرة معلنة عن هدوء أعصابه..
رمي مرعي المنفعل بنظرة جانبي واثقة ثم أجاب ببساطة
:- سلاح.. سلاح آلي حديث ده غير كمية ذخيرة كبيرة جدا
حط على رؤوسهم الطير وتبادلت المقل أحاديث غامضة حتى أعلن
عزام بنبرة حاول جعلها لامبالية
:- ما دمت عالم بكل شى بالشكل ديه .. ما تروح تر چعها لصحابها
أسند نصير ظهره براحة إلى ظهر مقعده فاردًا ذراعيه على مسند
مقعده مردداً بتورية
:- هيحصل يا عمى .. أنا اعتبرت البضاعة ديه أمانة عندى
وكل غرضى أرجعها لصحابها ويرجعولى هم كمان أمانة أبويا اللى عندهم
قطب ماهر حاجبيه يسأل بتوجس رغم إدراكه لتوريه نصير
:- يعنى أنت خابر مين أصحابها!!.
أومأ بابتسامة مصطنعة ولم يزد، مما أثار حفيظتهم
ولكن مرعى من تدخل هذه المرة صائحًا بنفاد صبر
يشيح بسلاحه في الهواء بانفعال
:- ما تخلصنا وتجول اللى عنديك ..ولا فارجنا جبل ما أخلى روحك
تفارج چتتك
فرك كفيه ببعضهما يتكلم بنفس نبرته الباردة المستفزة
:- أهدى يا .. يا ابن عمى
عاد بنظراته يمررها فوق الوجوه المنتبهة إليه وأردف بتلاعب
:- لو تحبوا أكمل الحكاية .. ولا الموضوع مايهمكوش
صمت لهنيهة ينتظر رأيا لن يفصحوا عنه قبل أن يبدأ من جديد في سرد قصته
:- هقولكم بقى مين أصحابها وإزاى عرفنا مكانها
زفر بعمق مستطردًا بعفوية
:- الحقيقة إحنا عرفنا بالصدفة .. أو بمعنى أدق والدى عرف بالصدفة
لما أخده الحنين للبيت اللى اتجوز فيه الست اللى حبها وخلف منها و..
حدق في وجوه أعمامه بنظره اتهام مردفًا بنبرة ذات مغزى
:- والظروف اضطرته يبعد عن مراته وابنه الوحيد ..
وقتها حس بحركة غريبة جوه البيت اللى المفروض إنه مهجور من سنين .. اتسحب وراقب لغاية ما اكتشف إن أوضة الكرار
(غرفة تستخدم لتخزين المواد الغذائية أو كراكيب المنزل) اللى موجوده جنب المطبخ اتحولت لمخزن سلاح وطريق دخول وخروج رجاله العصابة
باب المطبخ اللى بيبص مباشرة على سفح الجبل
لوي شفته بإشفاق على والده
الذي رضي بحياة الخضوع لسطوة أشقائه يواصل حديثه
:- طبعا والدى كان راجل طيب ومش بتاع مشاكل فسكت واحتفظ بالسر
لغاية ما في يوم حكالى عن كل حاجة… وقتها أنا اللي اتصرفت
فسر بتلقائية أمام الحضور
المنصتين بتركيز في كل كلمة يطلقها
:- والبركة في التكنولوجيا..
صمت للحظة قبل أن يردف مشيراً بطرف أصبعه في الهواء
:- كاميرا صغيرة في حجم عقلة الصباع محدش يحس بوجودها وبكل بساطة
بتنقلي في القاهرة كل اللي بيحصل لحظة بلحظة جوه الأوضة ديه
ثبت مقلتيه على هيئة مرعي الذي
يبدو إن غضبه لن يهدأ اليوم يُكمل ما بدأه باستفزاز
:- ورغم أن كان عندى فكرة مسبقة عن هوية أصحاب البضاعة ..
لكن وقتها أتأكدت بالدليل مين أصحابها.. ده أنا حتى عندي
تسجيلات لطيفة أوي ل.. لمرعي
أصدر مرعي زمجرة خشنة مفلتًا السلاح من قبضة يده ليسقط أرضًا،
واندفع لينقض على عنق نصير هذه المرة فطلقة الرصاص لن تشفي غليله
هب نصير من مكانه يتلقى أذرع مرعي الممتدة بالسوء إليه ويكبلها للحظات
قبل أن يفلتها مرعي ويطوح قبضته في الهواء صوب وجهه نصير
الذي تراجع بجذعه ليتفادى اللكمة ويهم بردها لغريمه الثائر
وفي اللحظة التالية كان عزام يصيح بحدة يوقف اندفاع مرعي ومع انطلاق صوته هرع فراج وحماد في محاولة للفصل بين الرجلين المتناحرين
ابتعد مرعي ونصير مرغمين وكلا منهما يتنفس بتسارع بينما
يقف فراج وحماد كفاصل بينهما
التفت نصير يجول ببصره فوق وجوه الرجال وهتف بنبرة حانقة
يُلقى التهمة في وجوههم بصراحة
:- أنا عارف كل حاجة عن أعمالكم المشبوهة .. أبويا حكالي كل حاجة…
كفاية لف ودوران وخلينا نتفاهم على المكشوف
أشار بيده يعرض صفقته عليهم
:- تاخدوا بضاعتكم وأخد ورث أبويا وينتهي كل شئ…
الموضوع بسيط مش لازم تصعبوه عليكم وعليا..
لاني مش هستسلم ولا هسيب حقي
اشرأب بعنقه يُنهي حديثه بنظره حازمة وثقة متفاخرًا
:- ولازم تعرفوا كويس أوي.. أن نصير مختلف كتير عن طيبة قلب
وروح نصار .. وحق أبويا هيرجع مهما طال بينا الزمن
سحب نفس عميق أخرجه بنفور وكأن الهواء المحيط بدأ يسبب
له الاختناق ثم قال بحزم
:- أنا همشي دلوقتي ووقت ما تاخدوا قرار أنتوا عارفين مكاني
خرج بخطي سريعة يضع نهاية
لهذا اللقاء الحتمي في انتظار نتيجته المنتظرة بترقب

********


في بهو منزلها جلست ناعسة تستند بجبينها فوق كفها بألم وحزن يكتنفا قلبها الخافق خيفة على فلذة كبدها تعلم علم اليقين أن مواجهته مع أعمامه لن تسفر عن خير..
ليتها لم تعود .. ليتهم تنازلوا عن حقوقهم وابتعدوا قدر استطاعتهم
عن جبروت عائلة الدهشوري
تكة المفتاح أعلنت عن عودة الغائب فرفعت رأسها تتأمل الباب بترقب
ومع انفراج فتحة الباب هرعت تستقبل وليدها.. ابنها.. رجلها الوحيد
تتلمس جسده بأنامل مرتعشة متفحصة كل إنش عل قلبها
المتوجس يطمأن على سلامته .. نبرة صوتها القلقة تفضح خوفها
:- حمدالله على سلامتك يا نضري.. أنت زين حُصلك حاچة..
حد مسك بسوء
ربت على كفها المتغضن المرتاح فوق صدره يطمأنها بابتسامة خفيفة
:- زين يا أم نصير.. ما تخافيش أنا قدامك زين أهوه
ضمته إليها تحمدالله على عودته سالمًا وأفصحت عن مصدر قلقها
:- نصير يلا نعاود على مصر.. نهمل كل شي إهنه ونبعد المهم
سلامتك يا ضنايا .. كفاية عليا حسك في الدنيا
جذبها معه ليجلسا متجاورين، يعترض بابتسامة خفيفة
:- خلاص يا أمي ماعدش يجي منه… البير اتفتح والسر طلع..
ودلوقتي الكرة في ملعبهم وهنشوف هيتصرفوا ازاي
خبطت على فخذيها مولولة تؤنب نفسها
:- يا ريتني ما وافجت تروحلهم.. يغور الورث المهم سلامتك أنت..
دول ناس چبارة ما يرحموش
تمسك بكفها يضمه بقوة يُهدأ من روعها وفي نفس اللحظة هبطت
بشري من الشقة العلوية تسرع نحوه متسائلة بأمل
:- خير يا نصير عملت إيه؟.
جلست مقابلة لهم تحدق في وجه زوجها بترقب وهو يجيب بإرهاق
:- لسه يا بشري.. لسه
قطبت حاجبيها متذمرة
:- لسه!!.. لسه إيه تاني إحنا مش هنخلص بقى
صاح في وجهها بعصبية
:- بشري.. أنا مرهق نفسيا وعصبيا ومش متحمل كلام..
من فضلك اطلعي وخليكى جنب البنت .. أنا هنام هنا الليلة دى
طالعته بملل وأصدرت صوت ساخر من بين شفتيها ثم صعدت تدب
الأرض بقدميها بغل تبرطم مع نفسها بقلة تقدير لزوجها
"أنا عارفة أنك مش هتنفع في حاجة.. كان أبوك نفع"
بينما التفت نصير إلى والدته يسترسل في حديثه معها
:- أنا مش ندمان على المواجهة معاهم.. أنا وعدت أبويا أرفع اسمه
فوق المزرعة وهنفذ وعدي عن قريب إن شاء الله
انزلقت دمعة خائنة خائفة على وليدها الوحيد تلوم على زوجها بأسي
:- أبوك الله يرحمه هملنا ورحل.. أنت ثروتي وعمري اللي راح
واللي چاي.. أنا كنت غلطانة وأبوك كُمان غلطان لما شيلناك هم الورث ..
الغل كان مالي جلبى ولوعتى على زوچى ودارى..
يا ريتنا هملناك بعيد عن كل همومنا
ابتسم بهدوء يطبطب على قلبها الموجوع ويداعبها بتلون لهجته
التي اكتسبها منها
:- وااه خبرك إيه يا ناعسة.. طول عمرك شديدة وجلبك
كيف صخر الچبل حُصلك إيه عاد
رفعت مقلتيها الدامعتين تشق بسمتها الخفيفة غيوم آلمها وترفع
أناملها المرتعشة تربت على وجنته بحب
:- جلبي مفتور عليك يا ولدي.. أنت تحويشة العمر كلاته يا نصير
احتوى كتفيها بحب يذكرها بهدوء نبرته
:- يبقي لازم تعرفي إنك ربيتي راجل ويقدر يقف ويحارب عشان حقه
وحق أبوه.. أبويا اتظلم حي حرام نظلمه ميت كمان.. وحقه عليا
أوفي بوعدي معاه
تنهدت بتثاقل تلوم نفسها خفية على تربيته بفكرة الانتقام من أعمامه واقتناص حق والده المنهوب منهم، طبطبة كفه المنتظمة على كتفها إعادتها من حديث نفسها على كلماته المدللة لها
:- ما تخافيش يا ناعسة ولدك شديد… المهم بس كثفي
دعواتك الجميلة وخليكي واثقة في تربيتك
تنهدت بخفة تتصنع الابتسام وكفها يربت على صدره
:- داعيالك من جلبي يا حبة عيني..أنا هجوم أعملك لجمة تتعشي وتريح چتتك
نهضت تتجه نحو المطبخ ولكنها توقفت فجأة مستديرة نحوه تتساءل بتخوف من رد فعل أخوات زوجها الراحل
:- نصير ليه هتبات إهنا الليلة مش في شجتك فوج.. أنت خايف من حاچة
لف رأسه نحوها يطمئنها وقد عادت عدة خطوات نحوه تواصل حديثها تطمئنه وتطمأن نفسها معًا
:- ده أنت مجفل كل الشبابيك بالحديد وباب المطبخ كمان
من جبل ما تسافر ومحدش يجدر يدخل الدار واصل
أجابها بعفوية
:- مش قلقان من حاجة يا أمي .. أنا بس محتاج أنام وارتاح وأفكر
بهدوء بدون أسئلة ووجه دماغ فهمت والدته إشارته إلى تدخل زوجته
من خلال كلماته فأومأت متفهمة واتجهت تحضر له طعامه،
بينما انزلق بجسده فوق الأريكة مسترخيًا مغمض الجفنين
يريح جسده وعقله المنهك لعدة دقائق قليلة

*********

في نفس الوقت وبفيلا عائلة الدهشوري كانت الأجواء لا تزال مشتعلة
على أوجها مع تضارب الأفكار والمشاعر
تلفت مرعى حول نفسها عاقد الحاجبين يبحث عن سلاحه النارى الذي سقط من يده أرضًا أثناء اندفاعه للتخلص من نصير
وجده مُلقى أسفل النافذة حيث كان يقف فانحنى يلتقطه ويعتصر
قبضته في يده يدمدم بغل
:- والله ما تطلع عليه شمس اليوم .. ال چاى حدانا يهددنا في دارنا
زجره حماد بحدة بعد أن فشل في تهدئته ثورته
:- اهبط بجا يا مرعى خلينا نفكر زين كيف هنتصرف مع الملعون ديه
صرخ مرعى باشتعال غاضب
:- وديه فيها تفكير .. يتكتم حسه جبل ما ينطج بكلمة تانية
تركهم عزام وعاد يجلس مكانه يفكر بصوت يصل للجميع
:- محامى عُجر كيف ديه أكيد مأمن حاله وشايل الفيديوهات اللى تثبت علي مرعى التهمة مع حد تانى ... لو حُصله حاچة يطلعها ويبلغ عنينا
همهم ماهر بتعقل في محاولة لاحتواء وحل الموقف بأقل الخسائر
:- أنا بجول نعطيه طلبه .. تسوى المزرعة ديه إيه وسط أموالنا
دوى صوت مرعي بحمائية عمياء
:- لاه .. والله ما يتهنى بها ولد الفرطوس ديه
استأنف ماهر طرح فكرته بهدوء يلتفت نحو شقيقه الأكبر
:- أحنا لازمن نخلص من الحكاية ديه .. ورانا انتخابات مش محتاچين لمشاكل جبلها بدنا تعدى على خير
رفع مرعي زاوية شفته متهكمًا وقال يؤنب عمه
:- يعنى نهمل الواد ديه يمشى كلامه علينا ..
لاچل ما تكسب في الانتخابات يا عمى
اتخذ ماهر مجلسًا يرمى مرعى بنظرة جامدة ولم ينسى أن يسترق نظره
غيظ نحو ابنه فراج الذي لم يشارك في الحديث حتى الأن وكأنه غير موجود بالمرة ثم قال لمرعي بتريث يؤكد على حروف كلماته
:- نچاحى في الانتخابات معناه .. الحصانة تبجا في العيلة ونبعد
عن عيون وأيدين الشرطة .. ديه مُصلحة لشغلنا يا مرعي .. مش ليا لحالى
التفت حماد مبتعدًا عن شقيقه وأومأ يوافق عمه على اقتراحه ببضع كلمات

توجهت كل الأبصار في انتظار رأي كبيرهم الذي يفكر بشرود ومرفقه يستند إلى مسند مقعده وتمتم بخفوت
:- نصير لازمن يكون أمعانا .. راچل كيفه هينفعنا كتير في شغلنا
هز حماد رأسه نفيًا مرددًا
:- ماظنيش ممكن يوافج يا أبوي .. ده كل غرضه ينفذ وصية أبوه وبس
فرك عزام كفيه ببعضهما ومازال عقله يخطط بتريث ثم أيد حديث ماهر
:- هنعطيه اللى بده إياه وناخد ضمانات إنه ما يتكلمش واصل ..
خلينا نشوف أخرتها أمعاه إيه
اندفع مرعي بتهوره مقتربًا منهم واقترح بانفعال
:- طيب أنا هجلب دارهم فوجانى تحتانى يمكن نلاجى البضاعة ووجتها مش هيبجا له عازه عندينا
رماه عزام بنظره ناهره بينما أشاح حماد بنظره بعيدًا
يتأفف من اندفاع وغباء شقيقه بينما قال ماهر ساخرًا
:- ما سبج وجلبت الدار مرة وتنين .. حتى واحنا بندفن نصار
رچالتك دخلوا الدار وفتشوا من تانى ومالجيوش شى
.. نصير مش راچل سهل وأكيد مخبى البضاعة في مكان تانى
قرر عزام أن ينهى الحديث لهذه الليلة فنهض من مكانه معلنًا بهدوء
:- بكفاية لحد إكده النهار له عينين
غادر الغرفة بخطوات وقوره ومن بعده فراج الذي هب من
مكانه ملقيًا التحية وغادر وكأنه قد تلقى لتوه أمر بالإفراج

*********

مع صياحات الديك دلفت صبحية خارج منزلها لتفاجأ بصدفة التي تجلس
فوق درجات السلم القليلة بحوش المنزل، ضمت صبحية حاجبيها
بتعجب وهتفت بتلقائية
:- صباح الخير يا صدفة .. ليه جاعدة إكده
نهضت صدفة تنفض الأتربة عن بنطالها من أثر الجلوس
وردت على صبحية ببشاشة
:- صباح الخير يا خالتى .. أصل أبويا لسه مصحيش قولت أخرج
أشم هوا هنا لحد ما تصحو
ضمت صبحية العلبة البلاستيكية الكبيرة إلى صدرها بيد ومدت يدها الأخرى نحو صدفة تواصل حديثها الودي
:- طيب تعالى أمعايا للسطح نوكل الطيور
:- لأ .. أنا هستناكِ هنا يا خالتى
قالتها صدفة بجزع رافض مما دفع صبحية لتحرك أصابعها في الهواء
ثم تقبض على ذقنها تتهكم على تصرفات صدفة الطفولية
:- تكونيش خايفة من الطيور يا بت .. وهما هيكلوكِ يعنى ..
همى أمعايا حركت صدفة كتفها معترضة
:- لا يا ستى .. الديك اللى فوق ده شكله مش طايقنى ونفسه ينقرنى وأنا مش ناقصة
قبضت صبحية على معصم صدفة تسحبها معها
:- يا بت همى أمعايا .. بكره الطيور تاخد عليكِ وترحمينى
من طلوع السلالم يوماتى .. همى يلا
سارت مستسلمة خلف صبحية وعند شقة الدور الأول انفرج الباب
وخرج سليم وما أن رآئهم حتى صدح يدندن بمرح
:- يا حلو صبح يا حلو طل ..
يا حلو صبح نهارنا فل
تسارعت الابتسامات البشوشة فوق الوجوه وردوا تحيته بانشراح
أعقبها صوت صبحية تتساءل وقد لمحت بعض الكتب بين يديه على غير العادة
:- على فين من البدرية إكده يا سليم .. مش عوايدك
دس كفه داخل جيب بنطاله وفرد أكتافه متباه وقال يتصنع الجدية
:- عندى سكشن مهم قبل الامتحانات .. بلغى المعلم جارحي إنى ناجح ناجح إن شاء الله
:- طب استنى تفطر أمعانا
قالتها بعفوية ليربت على ذراعها شاكراً
:- كتر خيرك يا خالة .. أنا يادوب ألحق السكشن
وهاكل أى حاجة في الكلية .. سلام يا حلويات
أسرع يهبط الدرج بخطوات واسعة بينما واصلتا طريقهن إلى
سطح المنزل وصدفة تعلق ببهجة
:- سليم دمه خفيف أوى وفرفوش كده
ردت صبحية بطيبتها
:- ما شاء الله عليه .. ربنا ينچحه لاچل ما يفرح جلب چارحي
وصلت صبحية إلى السطح تلتقط أنفاسها بصعوبة ودفعت بالعلبة البلاستيكية
التى تحوى طعام الطيور إلى يد صدفة توجهها
:- خدى يا صدفة .. أنا هفتح العشة وأچيب البيض وأنتِ وكليهم
تململت صدفة بقلق قائلة
:- أنا هحط الأكل هنا وأبعد وهم يتصرفوا بقا
اتجهت صبحية نحو الحظيرة الخشبية بجانب السطح الفسيح تضحك بمرح
:- يا بت اثبتى .. لما يفهموا إنكِ بتوكليهم ياخدوا عليكِ وما يخافوش منيكِ
عوجت شفتيها ساخرة تهمهم لنفسها
:- هم اللى خايفين أومال أنا أعمل إيه!!.
فتحت صبحية باب الحظيرة وبدأ الدجاج في الاندفاع للخارج
يتقدمهم ديك أحمر اللون ذو عُرف كبير يتحرك بزهو وثقة نحو صدفة
التي تراجعت للخلف وحدقتيها مركزة على هذا الكائن المخيف المغرور
والذي اندفع فجأة نحوها سريعًا يتبعه باقى الدجاج
تراجعت صدفة خطوتان غير محسوبتين للخلف فلفت قدميها
حول بعضهما وتعرقلت من خوفها لتسقط على ظهرها مطلقة
صرخة فزع وقد تناثرت البذور لتغطى جسدها
وفي اللحظة التالية كان الدجاج يقفز فوق جسد صدفة المسطح أرضًا
مغمضة العينين تخفى وجهها بذراعيها هلعًا
وقد احتل الديك منفوش الريش صدرها وبدأ في التقاط البذور من
فوق جسدها بانتصار كما فعل بقية الدجاج
شهقت صبحية جاحظة العينين بارتياع مولولة
بينما اخترق باب السطح جسد سليمان الضخم عاري الكتفين
في فانلته الداخلية مندفعًا بتوجس على أثر الصرخة الملتاعة
التي وصلت إليه في الطابق الذي يسبق السطح مباشرة
صرخة صبحية مع حركة ذراعيها الملوحة في الهواء جمدته مكانه
:- وجف يا سليمان .. أوعاك تدوس على البت تحت رچليك
هبط بعينيه إلى أسفل قدميه وصبحية تواصل التفسير
:- صدفة مسطحة على الأرض
أجفل سليمان من منظر صدفة المستسلمة لقدرها تحت أقدام
الدجاج وهم يلتقطون الحبوب والبذور من فوق جسدها
مد كفيه تحت إبطيها وسحبها إليه يُنهضها على قدميها بعد أن أبعد الدجاج
بيديه من فوق جسدها وجذبها معه إلى ركنه خشبية بسيطة
وأجلسها فوقها بينما صدفة تنظر إلى الأمام ذاهلة يعلو رأسها عدة
ريشات متناثرة فوق شعرها القصير
كتم سليمان ضحكاته على مظهرها الذاهل وجلس بجوارها يتأمل
جانب وجهها الشاخص
انضمت صبحية إليهم تربت على صدر صدفة بحنو تهدأ من روعها
:- اسم الله عليكِ يا بتي.. حُصلك إيه!!.
تمتمت صدفة شاخصة البصر نحو الديك الذي يقف متفاخرا أمامها
:- شوفتي بيبص لي إزاي يا خالتي.. بيكرهني وعاوز يموتني
انفلتت ضحكات سليمان العابثة وصبحية مازالت تواسي الفتاة
:- كته موته تشيله.. طب هتشوفي هعمل فيه إيه .. إن ما دبحته وأكلته
لعمك چارحي ما بجاش إني صبحية
ارتفعت وتيرة قهقهات سليمان يشاكس زوجة والده
:- واشمعني بجا عمها چارحي اللي ياكله لحاله… وبعدين لو دبحتي
الديك يا خالة هتچيبي البيض منين .. أنتِ ناسية إنه ديك البرابر
شهقت صبحية تستوعب حديثه وتُصدق عليه
:- صُح يا سليمان
التفتت نحو صدفة تعدل في حديثها بعد أن اكتشفت أهمية الديك
:- خلاص بجا يا صدفة.. ديه حته ديك شبر ونص هياكلك كيف يعني..
وبعدين يا هبلة وحش الوحوش بالحنية والطبطبة يلين ويبجا
كيف الجطة المغمضة
تنهدت تستعيد ذكرياته بشرود
:- بالك عمك چارحي ديه .. كان صوته بس يرعب المولد كلاته بس ياچي
لحد صبحية وما تسمعي غير الغنا والحنية والچلع كلاته
أصدر سليمان صوت بفمه يمدحها
:- الله عليكِ يا خالة ..ولا أحسن لايف كوتش يجول
الكلمتين دول .. چبتى من الأخر كله بالحنية يفك
تناست صبحية صدفة الساهمة وسطهما وعاتبت ابن زوجها الذي يقهقه بعبث
:- بتتريج عليا يا سليمان
أسرع يراضيها بجدية
:- لا والله ده أنا عچبني حديتك
حركت صدفة رأسها يمينا ويسارا
تتأمل كليهما بدهشة في محاولة لإستيعاب حديثهما الجانبى
ثم فزت واقفة فجأة وصاحت بهما متذمرة
:- بتضحكوا عليا ولا همكم اللي حصلي.. طب والله ما هطلع هنا تاني
انطلقت كالسهم من عقاله تهبط الدرج بانفعال يزين رأسها ريش
الدجاج الملون ويتبعها صوت صبحية
:- استني يا صدفة.. أنتِ يا بت
نهضت من مكانها تحدق في هيئة سليمان بتركيز لأول مرة منذ صعوده
لتتفاجأ بكتفيه العاريان بتلك الفانلة الداخلية التي يرتديها فوبخته قائلة
:- أباى يا دى العيبة .. أنت جالع إكده ليه .. جوم ألبس
خلاجاتك وأنزل لاچل ما نفطر
ثم تبعت صدفة إلى الطابق السفلي بعد أن لملمت البيض وتأكدت
من سلامة دجاجتها
أما سليمان فأخذ يراقب هذا الديك المتفاخر بكبرياء خطواته بين دجاجته
ودخل في نوبة ضحك جديدة على مظهر صدفة المرتعب

**********

تلبسها الوجه المتذمر منذ حادث عشة الطيور خاصة وقد هالها مظهرها
حين هبطت إلى شقتها ووجدت الريش الملون ملتصق بشعرها القصير
ولم ينبهها أحد إليه
لن تنسى نظرات وضحكات سليمان الساخرة المستهزئة بها حين قابلها
على مائدة الإفطار وبسببه شعرت بالضعف والإهانة،
لن تمررها له هذا المتفاخر السخيف
صوت والدها أخرجها من شرودها أمام النافذة ونهضت تهرع إليه مستجيبة لندائه
:- أنا هخرج بقى يا صدفة .. عاوزه حاجة أجيبهالك وأنا راجع


زفرت بحنق هاتفه بضجر من تبدل حالهم فهى لم تعتاد بعد
هذه الحياة المنزلية المغلقة
:- عاوزه أروح معاك .. أنا بزهق من قعدة البيت مش واخده عليها يابا
سحبها من يدها ليجلسها بجواره في صالة المنزل يحاورها بأريحية
:- يا بنتى إحنا ما بقالناش كام يوم هنا في البلد .. بكرة تاخدى على
الراحة وتبقى ست بيت بريمو.. بس أنتِ خليكِ مع خالتك صبحية والست رئيسة
هزت رأسها بعدم اقتناع
:- لأ .. أنا عاوزه اشتغل مش هقدر أفضل قاعدة بين أربع حيطان كده
حدجته بنظره ضيق مردفه بتردد
:- كمان مش عاجبنى إننا طول الوقت مع عيلة عم جارحى ..
فطار وغدا ده يا دوب العشا اللى بناكله في بيتنا
زمت شفتيها حرجًا قبل أن تعلن رفضها للوضع القائم
:- صحيح إنهم بيتعاملوا معانا كأننا عيلة واحدة وأنا بحبهم ..
لكن هيفضلوا يصرفوا علينا لأمتى .. كفاية الشقة اللى حتى مش بندفع إيجارها
طأطأ رياض رأسه بتفهم وقلة حيلة
فما يملكه من أموال ليس بالكثير .. أجابها بهدوء ملون بلمحة شجن
:- أنا فاهم شعورك وعزة نفسك يا بنتى وصدقينى كلمت جارحى
في الحكاية ديه .. بس خد على خاطره وقالى أننا عيلة واحدة وعشرة عمر
سحب كفها يضمها بين راحتيه وربت عليها برفق مؤكدًا يهادنها
:- بس ده كله وضع مؤقت .. أنا عارف أقنعه إزاى وبعدين يا ستى
ما أنتِ بتساعدى في شغل البيت
والطبيخ معاهم يعنى بتسلى نفسك ومش قاعدة فاضية
أرخت جفنيها لبرهة ثم واصلت رفع قضيتها بعزة نفس
:- يابا والله هم مش مقصرين معانا ..
بس لازم يكون لينا شغل مش هنفضل قاعدين كده
وضح والدها بجدية
:- ما أنا خلاص بشتغل مع عمك جارحي في القهوة ..
هو كان عاوزنى أقعد مكانه وهو يشتغل على العربية النقل لأن محدش بقي يساعده مع غياب سليمان في الجيش.. بس أنا أخترت أقف ورا نصبه الشاى شغلانه سهلة ومش عاوزه مجهود كبير ورجب بيقدم الطلبات للزباين
تنهدت بخفة مقترحة
:- طب ما نعمل مشروع .. مش ده كان كلامك قبل ما نيجى هنا
أومأ موافقا ثم وضح
:- أيوه صحيح .. بس إيه المشروع اللى ممكن نعمله ..
كمان الصراحة القرشين اللى محوشيهم دول نصيبك أنتِ ..
أنا شايلهم لجهازك
تأففت بعمق تنظر إلى السماء بنفاد صبر وقالت بإصرار
:- جواز إيه بس يابا أنا مش هسيبك أبدا أنسى الحكاية ديه ..
الفلوس ديه نعمل بجزء مشروع والباقى نصرفه على علاجك
تأملها بحب وقال بعاطفة أب كل همه الاطمئنان على فلذة كبده
:- يا بنتى أنا كل مرادى أفرح بكِ وأشوفك عروسة .. وسيبك من موضوع
علاجى ده خالص .. أنا خلاص روحت مستشفى البلد مع عمك جارحى
وماشى مع الدكتور اللى هناك .. ده حتى عملى رسم قلب
وكتبلى علاج جديد وإن شاء الله هبقى زى البومب
رمت نفسها بأحضانه تتشبث بوجوده في حياتها
:- ربنا يخليك ليا يا با .. أنا ماليش غيرك في الدنيا
ابتعد عنها بجذعه يضم وجهها بين راحتيه يتشبع من ملامحها
:- وعشان كده جينا هنا .. عشان يكون لك أهل وعزوة ..
ناس تحميكى وتقف جنبك بعد ما آآ..
قطع باقى حديثه "حتى يقفوا بجوارك إذا رحلت فجأة .. لا أرغب في تركك وحيدة بالحياة وكل أملى أن اطمئن عليكِ في وداعة زوج يحميكِ"
رسم ابتسامة لم يفلح في إخفاء حزنه فيها وصفعها بخفة
على وجنتها مداعبًا
:- بطلى رغى بقى وسيبينى ألحق أروح شغلى وأنتِ قومى شوفي حالك ..
وهجيب شوية فاكهة وأنا راجع نقسمهم بينا وبين بيت عمك جارحى
استقام واقفا وتحرك يفتح باب الشقة وهي خلفه تطلب بحرص على صحته
:- طب خلى بالك من نفسك ولو تعبت تقعد تستريح
:- حاضر يا صدفة هانم
خرج جارحى من منزله يسأل رياض
:- چاهز يا رياض
:- يلا بينا يا معلم
من خلف جارحى دلف سليمان حاملًا جدته بين ذراعيه يُخرجها
حيث الشرفة الخارجية لتنال قدراً من دفء الشمس
ومن فوق ذراعى سليمان أشارت رئيسة إلى صدفة ترمى بأوامرها
:- بت يا صَدفة البحر أنتِ ..هاتى عدة الجهوة وتعالى
أجعدى أمعايا في الشمش
ابتسم سليمان بمرح على اللقب الذى منحته جدته لصدفة
وهو يتحرك بها وصوت صدفة يشاكسها بضجر
:- حاضر يا أما رئيسة الجمهورية الديكتاتورية
جذب جارحي رياض يهموا بالرحيل هربا من مشاكسات النساء
:- يلا بينا إحنا وهمل الحريمات لحالهم يصطفلوا مع بعض
ضحك رياض بمرح وتحرك معه مؤيداً توقف جارحى للحظات قبل رحيله
يسأل سليمان الذى وضع جدته فوق الأريكة وغطى قدميها بشال خفيف
:- على فين اليوم يا سليمان؟.
انتبه سليمان إلى والده يجيبه
:- هروح مركز الحرف أسلم على المهندس صلاح وبعدين هجابل
ناس أصحابى .. محتاچنى في حاچة يا معلم
ربت جارحى على ساعده مشجعًا
:- لاه يا ولدى خليك على راحتك .. بكره أخر يوم في الاچازة
تقدمت صدفة منهم تحمل صينية معدنية تحوى سبرتاية وعدة القهوة
وضعتها على طاولة صغيرة أمام رئيسة التي دعتها إليها برفق
:- تعالى بجا أعلمك كيف تعملى الجهوة على أصولها ..
حاكم أنتِ خايبة وما تعرفيش حاچة في شغل الدار
عوجت صدفة فمها بملل فقد اعتادت على أسلوب رئيسة الساخر
ورغم ذلك قارعتها ترد عليها هجومها بعناد أصبح معتاد بينهما
:- ليه بقى ومين اللى عمل الرز إمبارح .. وفول الفطار ..
بقى بذمتك تعرفى تعملى تحويجه فول زى اللى بعمله
رمقتها رئيسة بمكر تأبى أن يجادلها أحد أو ينتصر عليها في الحديث
ثم رفعت بصرها نحو سليمان الذي لا يزال يقف يتابع حديثهم
وهو يثنى أكمام قميصه لمنتصف ساعده وقالت تكيد في صدفة
:- بجول إيه يا سليمان أبجا نزل الديك يتشمش إهنا چارنا بدى أشوفه
جحظت مقلتي صدفة بتأزم من الذكرى وعضت شفتها السفلى غيظًا
وقد أدركت أن صبحية أو سليمان قصوا حكاية الديك المتوحش لرئيسة
رفع أصبعه يمسح أسفل أنفه ليخفى بسمته الشقية وجارى جدته في الحديث
:- تؤمرينى يا رئيسة چمهورية الجلب .. لما أعاود أنزله يلعب أمعاكى
ولو تحبى يبات معاكى كُمان
مال يقبل رأس جدته بوجه منشرح وهي تقهقه مرحًا وقد نالت من
صدفة التي تتأكل غيظاً متوعدة بداخلها من هذا المهندس
منفوش الريش

**********

يتبـــــــــــــــــــع

yasser20, shezo and Moon roro like this.

سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-24, 09:24 PM   #109

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,764
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي

وقف بمنتصف المزرعة يتلفت حول نفسه حائراً، يزفر بنفاد صبر
لقد أفسدت والدته ما بينه وبين زوج خالته من ود
وحسب ما وصله من جدته فهيمة أن أحمد قد أعلن الرفض التام لمشروع الزواج ولسوء حظه لا يجد أحمد السمرى اليوم في المزرعة
يبدو أن الحظ ليس حليفه في موضوع الزواج وعليه أن يكتفى بمستقبله العملى حتى إشعار آخر
تحرك بخطوات بطيئة محبطة
داخل المزرعة في محاولة أخيرة للاستفسار عن مكان تواجد أحمد السمرى ..
اليوم آخر يوم له في البلدة وعليه الانتقال إلى المحافظة للاستلام
عمله الجديد في الجامعة
بالقرب من إسطبل الخيل ظهرت
حركة خفيفة بالداخل فبدأ يزيد من سرعة خطوته وقد أبهج روحه منظر الخيول العربية الأصيلة المنطلقة
في مدار التدريب

وقف أمام باب الإسطبل يُلقى
السلام على الرجال بالداخل
فانتبه محروس له ورد التحية ببشاشة
ثم ألقى بعض التعليمات على القائمين بتنظيف الإسطبل تحت إمرته
وتقدم مُرحبًا من جديد بأسامة
:- يا مرحب يا حضرة الداكتور .. منور


ابتسم أسامة في وجهه ممتنًا
:- شكرا يا محروس هو أحمد بيه
مش موجود النهارده ولا إيه..
مقعد الرجال فاضى وأنا عارف إنه بيحب يقعد هناك
أشار محروس بتلقائية و شرع
يتقدم أسامة يوجهه إلى المكان
:- موچود طبعًا ربنا يبارك في صحته وعافيته ..
هو في المكتب بيخلص شوية أوراج
سارا سوياً في إتجاه معاكس للإسطبلات ثم انحرفا قليلاً وأمام أشجار الموز الكثيفة كان هناك مبنى صغيرة يحتوى على عدة غرف منهم مكتب أحمد السمرى
شجع محروس أسامة على التقدم
ثم سبقه وطرق باب المكتب المشرع من الأساس يأخذ الأذن بهدوء
:- أحمد بيه الداكتور أسامة موچود وبيسأل على چنابك
رفع أحمد بصره قليلاً يتابع حديث محروس ويتأمل أسامة الذي يقف خلفه بابتسامة واسعة
ثم أخفض عينيه يواصل التدقيق في الأوراق التي يعرضها عليه المحاسب المالى للمزرعة بعد أن قال بجدية
:- يا مرحب .. هاتله شاى يا محروس
:- أوامر چنابك
هتف بها محروس قبل أن ينصرف بينما دلف أسامة
يلقى التحية من جديد ويجلس أمام المكتب الخشبى البسيط بهدوء
أنشغل أحمد لدقائق مع محاسبه يتناقشان في بعض الأمور حتى قال أحمد بوقاره المعروف
:- تمام يا أستاذ هانى .. همل أنت الأوراج ديه وهرچعلك بعدين ..
المهم تحول مصاريف الشحن اليوم وتأكد على شركة الشحن سلامة الشحنة والتخزين
لملم هانى أوراقه وأومأ بطاعة
:- تمام يا أفندم وهنهى باقى
الحسابات وأعرضها على حضرتك في أقرب وقت
شكره أحمد بدماثة وبعد مغادرة
الرجل انتبه إلى أسامة الذي شرد خلال النافذة المشرعة إلى البساتين الخارجية
ورحب به ينتشله من سكونه
:- يا مرحب يا دكتور
ارتد رأس أسامة فجأة منتبهًا من
شروده وتمتم بكلمات شكر خافتة،
اعتدل في جلسته يستجمع شتات نفسه ثم قال بانطفاء
:- أنا جيت النهارده عشان اعتذر لحضرتك عن تصرف والدتى وأكد لحضرتك إنى ما طلبتش منها
تتدخل في أى حاجة
أراح أحمد ظهره إلى مسند مقعده مرددًا بعملية
:- إحنا خلاص جفلنا على الموضوع ديه يا أسامة
مال بجذعه للأمام بارتياع يدافع عن حقه الضائع في الدفاع عن نفسه
:- لا يا أحمد بيه .. أنا من حقى أدافع عن نفسى .. چدة فهيمة بلغتنى برأيك لكن أنا ماليش ذنب في تدخل والدتى
رفع كفه باستجداء يُذكر أحمد
بموقفه السابقة منذ عدة سنوات
:- حضرتك فاكر كويس إنى رفضت أرضخ لرأي والدتى بالتدخل في موضوع جوازى قبل كده .. وصدقنى هي اتصرفت من ورايا
فرد كفه فوق صدره يؤكد على موقفه
:- أنا راجل يا أحمد بيه وعارف أن حضرتك بتقدر الرجال .. وأنا لسه عندى أمل في موافقة حضرتك
مرر أحمد أصبعه ببطء فوق ذقنه الحليق مفكراً ومحدقاً في ملامح
أسامة المتأثرة ثم قال بجدية
:- اسمع يا أسامة أنت راچل زين
وألف مين يتمناك عريس لبته ..لكن!!.
صمت لبرهة ثم قال بتأسف
:- الست والدتك .. أنت خابرها
زين وعمرها ما هتبطل تتدخل في حياتك .. سوا كنت متچوز ولا عازب
كاد أسامة أن يتدخل إلا أن أحمد استرسل يعزز من قيمة بناته الغاليات
:- وأنا راچل أحب بناتى تبجا معززة مكرمة في بيوت إچوازهم ..
والراچل الزين رأيه يبجا من راسه
قالها وهو يدق بأصبعه فوق جانب جبهته ببطء ليدرك أسامة مرمي الحديث ويفسر باستماتة
:- وأنا راجل يا عمى وقد اختيارى وبعد إذنك متمسك جدا ببنت خالتى
أطرق برأسه لثوانى معدودة ثم واصل
:- لو حضرتك قلقان من تدخل والدتى في حياتى فأحنا في كل الأحوال
هنعيش في المحافظة جنب شغلى..
ومجينا هنا هيكون للزيارات بس
كور أحمد قبضته أمام شفتيه يراقب انفعالات أسامة ويستشعر الصدق في حديثه

:- عمى أنا راجل متعلم وأعرف أحافظ على كرامة زوجتى .. وبنت خالتى هحطها في عينيا الاتنين
تنهد أحمد بعمق ينقر بأصبعه فوق سطح مكتبه وأسامة يجلس أمامه بترقب لكلماته القادمة
وصل محروس حاملا صينية بها
كوب من الشاي وفنجان قهوة ووضعهما فوق سطح المكتب يقرب الأكواب أمامهم محدثا أحمد
:- أنا جولت أچيب لچنابك كوباية الجهوة .. چنابك مشغول من الصبح وما طلبتش شى
ربتت أحمد على كتف محروس بامتنان
:- تشكر يا محروس
ابتسم محروس ببهجة وانصرف بهدوء، عاد أحمد يطالع أسامة الذي لا يزال منتبهًا في انتظار حديث أحمد والذي قال بهدوء يطمئنه قليلا
:- شوف يا أسامة في كل الأحوال الكلام في الموضوع ديه سابج لأوانه ..
خلى البنت تخلص السنة ديه ونطمن على أختها الكبيرة وبعديها اللى ربك رايده يكون
تنهد أسامة براحة وبلل شفتيه بعد
أن جف ريقه وقال بقبول شاكراً
:- وأنا تحت أمرك يا عمى ..
إن شاء الله هسافر بكره أستلم شغلى في الجامعة وهدور براحتى بقا على شقة جديدة تناسب العروسة

أومأ أحمد وهو يرفع كوب القهوة يرتشف منه القليل وكذلك فعل أسامة ليرطب حلقه الجاف
ليتطرقا إلى أحاديث جانبية في آلفة طبيعية بينهما وقد بدأت نبضات قلبه تسكن مستبشرة في القادم

********

تصاعد الدخان من فمه إلى طبقات الهواء وهو يجلس في الشرفة الخارجية لمنزله حيث الشمس والهواء العليل
حدقتاه معلقتان بسحب السماء
في لحظة صفاء وتأمل يخلع فيها ثوب التناحر والهموم المتشح به أملاً في خلاص قريب
أرخي جفنيه وترك من يده السيجارة الإلكترونية جانبًا، ينشد لحظات من السكون والهدوء النفسي يتكئ بظهره باسترخاء وسكينة إلى مسند الأريكة الخشبية الجالس فوقها
مرت الدقائق حثيثة يتنفس بارتياح يستمد القوة والتفاؤل من مبدع هذه السماء الساحرة
صوت كتغريد العصافير بعث ابتسامة حب على محياه وفتح جفنيه ببطء يتأمل جمال ونعومة تلك الكائنة الرقيقة التي سلبت قلبه من أول نظرة
:- أنت نايم يا بابي
أومأ بهدوء مؤكدا بنبرة خاملة
:- وبحلم بملاك صغير بخدود جميلة
في اللحظة التالية كان يرفعها عاليًا
في الهواء قبل أن يتلقاها من جديد
بين أحضانه وقد ملأ صياحها الطفولي السعيد أرجاء المكان،
ضمها إلى صدره بحنان يلثم
وجنتيها بنهم لا يشبع منه أبدًا يدللها بكلماته المُحبة
استكانت في حضنه تواصل دلالها عليه
:- تلعب معايا يا بابي
:- أممم.. نلعب إيه يا حبيبة بابي
قلدت طريقة كلامه واضعة أصبعها الصغير فوق شفتيها الجميلة
:- أممم.. ممكن كرة أو نرسم أو آآ
زاغت عينيها مفكرة فاقترح عليها
:- إيه رأيك.. نلعب بالبالون

وافقت بحماس وهرعت لإحضار المطلوب من الداخل ثم وقفت أمام والدها تتخير الألوان المفضلة لها
وهو يقوم بملئها بالهواء وربطها ثم قذفها عاليا لتمتلئ الشرفة بعدد من البالونات الملونة المبهجة مع
صيحات مرح وسعادة من ابنته
لمح بطرف عينه رأس صغير متلصص بجانب حاجز درجات السلم
القليلة المؤدية للشارع
مط عنقه ليتبين ملامح تلك الفتاة الصغيرة التي تتابعهم بفضول
أشار نحوها بأطراف أصابعه لتقترب منهم على استحياء بثوبها البسيط،
فتاة تماثل فتاته العمر، ذات
ملامح رقيقة مائلة للسمار
ابتسم في وجهها يطمئنها و سألها بنبرة أبوية وكارما تتوكأ على ساقه متفحصة الفتاة بفضول طفولي
:- اسمك إيه؟
أجابته على استحياء :- مكة
:- اسم جميل.. أنتِ ساكنة فين يا مكة
لفت جذعها للخلف وأشارت نحو المنزل المقابل لهم
حاوط ابنته بذراعه ومال نحوها
يشركها في الحوار
:- إيه رأيك يا كوكي تلعبي مع مكة بالبالونات
هزت رأسها بحماس موافقة، نقل نظراته للفتاة الأخرى يُلقى عليها
نفس السؤال فوافقت كذلك
حمل بالون من جانبه ووضعه في يد مكة وكذلك فعل مع ابنته وتركهما تتعارفان في الشرفة ويلعبان سويًا
مؤكدًا بتحذير
:- تلعبوا هنا ومفيش نزول للشارع.. اتفقنا
أومأت الفتاتان بطاعة فأراح ظهره
إلى الأريكة يتأملهما باستمتاع أثناء لعبهم في محاولة للاسترخاء
والهدوء للتخطيط للخطوة القادمة
حتى الآن لا يعلم ردود أفعال أعمامه.. هل ستتم الأمور كما خطط لها
أم عليه الضغط بشكل أكبر
وماذا ستكون النتائج؟.
فهو بكل الأحوال لا يرغب في
الخوض أكثر في هذا المجال الشائك
لتلك التجارة المشبوهة
عمله كمحامي نزيه صاحب سمعة بيضاء يحتم عليه الابتعاد سريعًا ..
إنما هو الوعد الذي قطعه على نفسه لوالده وسوف ينفذه مهما كلفه الأمر
فكما يقال "الغاية تبرر الوسيلة"
اقتحم هدوءه خيال زوجته التي وقفت أمامه حاجبه الرؤية عن الفتيات الصغيرات وتمتمت بامتعاض
:- مين البنت المشردة ديه… إزاي تسمح لها تقرب من بنتك
رفع مقلتيه بملل إليها مرددًا بخفوت
:- وطي صوتك وحافظي على شعور البنت.. ديه بنت الجيران اللي قصادنا
ألقت بجسدها جواره بحنق تميل
عليه كاتمه غضبها بخفوت
:- مادام بتلعب في الشارع تبقى مشردة
زفر بضجر يجادلها
:- معلش يا بشري هانم.. هنا مفيش نادي يروحوا يلعبوا فيه
راقبت الفتيات لدقائق بحنق
ثم التفت تؤنبه
:- أنت مش خايف بنتك تلقط اللهجة ديه منها
قلب عينيه بسأم يجيب من تحت أسنانه
:- ديه لهجتى ولهجة أمي وبنتك
واخدة على سمعها.. بطلي النعرة الكدابة ديه بقي.. بنتك محتاجة
حد من سنها يلعب معها
نفخت أشداقها متهكمة
:- ما أنت لو كنت خلصتنا كنا رجعنا مصر ولعبت في الحضانة مع صحابها اللى من مستواها
رمقها بجمود فها هي كعادتها تدور في حلقات مفرغة لتعود تلقي عتابها وتستعجل الحصول على الميراث
وكأن عليه أن يضغط زر فيحقق
كل أحلامها الخيالية
تحية هادئة على استحياء نبهته لتلك المرأة التي تقف بخجل على أولى درجات السلم فنهض مقتربا
مستجيبا لتحيتها
فقالت على استحياء مشيرة بطرف أصبعها إلى الفتاة خلفه
:- أنا آسفة لو مكة أزعچتكم أصلها متعودة تاچي تجعد مع خالة ناعسة

وضعت بشري ساق فوق الأخرى تراقب المرأة بعجرفة بينما أمال نصير مقلتيه بابتسامة خفيفة نحو البنات اللاتي اقتربن منه وقال بحفاوة
:- مفيش ازعاج ولا حاجة… ديه بنت هادية أوى وبتلعب مع بنتي ما تقلقيش عليها
شعرت والدة مكة بالحرج من نظرات بشري المتكبرة بنفور فعرفت نفسها بشكل أكبر
:- إحنا ساكنين في الدور الأول إهنا وحماتي في الدور الأرضي… أنا مدرسة ابتدائي وچوزي مدرس إعدادي في المدرسة التچريبى
:- تشرفنا يا أستاذة.. أنا آآ
رحب نصير بها وشرع في تعريف
نفسه لكنها قاطعته بترحاب
:- الأستاذ نصير المحامي .. تشرفت بحضرتك
اتسعت ابتسامته يقر بمرح
:- واضح أن حضرتك تعرفي والدتي كويس.. على أي حال تقدري تطمني على مكة هي بتلعب ومبسوطه مع بنتي
هبطت بعينيها نحو ابنتها الصغيرة تنبه عليها
:- أوعاكِ تضايجي حد يا مكة ..
وجبل ما تعدي الشارع تبصي
زين على الطريج لو لجيتي عربية داخلة الشارع وجفي لغاية ما تعدي
تابع نصير حركات الصغيرة التي تهز رأسها بطاعة وهي تتلقى تنبيهات والدتها رغم تواجدهم في شارع جانبى إلا إنه من حقها الخوف على ابنتها وتحذيرها
عاد بنظره إلى الأم يطمئنها
:- ما تقلقيش يا أستاذة .. أنا هوصلها لغاية باب البيت لما يخلصوا لعب
استأذنت السيدة راحلة بعد أن شكرته بإكبار، التفت نصير إلى الفتيات وصرفهم إلى داخل المنزل
:- كوكي خدي مكة وادخلوا سلموا
على تيتا وهاتي الكرة والعبوا بها هنا
ركضت الفتيات للداخل ونصير يرمق زوجته باستخفاف يقارعها بتأنيب
:- شوفتي أهيه البنت أهلها متعلمين وبيخافوا عليها.. هي بس متعودة
تيجي هنا لوالدتى.. بطلي بقا تحكمي
على الناس بالمظاهر وتفتكري إنك أعلى منهم
مال عليها بجذعه يستند بيده على مسند الأريكة الخشبية يحدق
في عمق مقلتيها محذرًا
:- لاحظي أن تصرفاتك الفجة
وتطاولك زاد أوي اليومين دول..
وأنا صبري بينفد ووقتها هتشوفي
مني وش أول مرة تشوفيه .. وأوعدك أنه مش هيعجبك نهائي
تراجعت للخلف برأسها أثناء حديثه توجسًا وقد ازدادت مقلتيه قتامه وتهديد وما أن أنهى حديثه
حتى نهضت من مكانها وأسرعت للداخل تبرطم في سرها بكلمات غير مفهومة
زفر بعمق يسأل الله الصبر على ابتلائه وتقدم إلى سور الشرفة يرفع رأسه للسماء يحاول العودة إلى السكون النفسي من جديد
نحنحة خشنة انطلقت من خلف
ظهره فاستدار يواجه القادم مقطب
الجبين بدهشة حين وجد فراج
يقف أسفل درجات السلم
:- أهلا يا فراج اتفضل
قطع فراج كل عبارات المجاملة والترحيب ليلقي ما في جعبته مباشرة بجفاء
:- كتر خيرك.. عمي عزام منتظرك عشية في دار الدهشورى
هبط نصير الدرج ليقف في مواجهة فراج يستطلع بجدية
:- إيه وصلتوا لقرار؟.
زم شفته بحنق وقال بغلاظه
:- ماخبرش وما يخصنيش..
هتعرف لما تجابله .. سلام عليكم
استدار وانطلق من فوره فأستوقفه نصير مقتربا منه
:- استني يا فراج .. أقعد أشرب حاجة .. إحنا أهل ولا ناسى إنك جوز أختى
رمقه بسماجة وكلمة شكر مقتضبة
وهو يوليه ظهره مغادرًا
ليتبعه صوت نصير بإصرار
:- طب وصل سلامي لأخواتي
ولخالة فتحية
لم يجيبه فراج بل استمر في طريقة يأكله الغيظ وبداخله يتذكر تأنيب والده له على موقفه السلبى ليلة الأمس
وكيف دفعه مرغمًا ليأتى بنفسه
لدعوة نصير للقاء الليلة

******

إعادة للمرة الثانية بنفس المكان والجلسة والحضور الذي غاب عنه فراج هذه المرة،
غريب هذا الرجل لا يستطيع نصير الحكم عليه فهو غامض، صامت
وحانق معظم الوقت
لا يدري لما وافق والده على زواجه من ابنته ربما كان مُرغما ولم يفصح…
الأمر الوحيد الأكيد منه أن فراج
يغار على زوجته بجنون حتى من وجوده هو شخصيًا.. شقيقها
دقائق طويلة مرت منذ حضوره
قامت فيها عاملة المنزل
بتقديم واجب الضيافة
وهاهو يُلهي نفسه في تناول كوب الشاي في ظل صمت مطبق يشع
جو من التوجس والريبة في النفوس
ربما عجز أولاد الدهشوري عن الاعتراف بذنبهم بقبول طلبه،
وربما يتراجعون عن قرار القبول
بل ربما لم يتقبلوا صفقته من الأساس
وقد سار بقدميه إلى فخ يقضي به نحبه
صوت وضع الكوب فوق الطاولة
كسر هيبة الصمت ليتنحنح نصير متشدقًا بالشكر وقد قرر فتح باب الحديث
:- كنت طلبت مقابلتي يا عمي…
أرجو تكون توصلت لقرار
ركز حواسه مع عزام الذي تفحصه بسكون وملامح جامدة رغم لمحة
من تردد تلوح في مقلتيه
زفر بعمق وطرق بطرف عصاه الأرض يتوكأ عليها بقبضة مشددة ليسأل مباشرة بنبرة حاول أن تخرج عادية لتخفي شعور الغل داخله
:- أنت أبوك خبرك إيه بالظبط؟.
رسم بسمة خفيفة مستخفة
ليجيب ببساطة
:- كل حاجة.. والدي مكنش له غيري يحكي له كل وجعه وقهرته
ضيق عزام عينيه قليلًا حتى أغلقها تمامًا لبرهة ليقذف ما في جوفه باستعلاء
:- ونضمن سكوتك كيف؟.
لم تختفي الابتسامة عن شفتيه
وأجاب بعفوية رغم لهجة التحدى
المتوارية في صوته
:- زي ما ضمنت سكوت والدي لسنوات طويلة
شارك ماهر يُذكره بحوار سابق
:- سبج وجولت إنك غير أبوك
هزة خفيفة من رأسه مؤكدة وبنفس الملامح الجامدة المستفزة لهم قال
:- ولسه بقول إني غيره.. لكن اتفقنا معناه أنكم تحصلوا على غرضكم
وأنا كمان أحصل على غرضي ووقتها نبقى حبايب
:- برضك مافهمناش كيف نضمن سكاتك؟.
جاء السؤال من حماد باستنفار
فشبك نصير أصابعه ووضح بحزم
:- أنا مش عاوز غير حق والدي.. وبمجرد ما نتفق كل تسجيلات إدانة مرعي همسحها في الحال .. ومع إمضاء أعمامي على التنازل بضاعتكم هتبقي عندكم وبعدها مش هيفضل بينا غير.. صلة الرحم
كان يتحدث بتريث وثقة نفس يوزع نظراته على الجميع ولم يخفي عليه انفعالات مرعي الذي يتصنع برود يفتقده
:- مش كفاية
صوت عزام جذب انتباه الجميع يستكمل بعرض جاد
:- تشتغل أمعانا وأهو تبجا ستر
وغطا علينا .. مادمت خابر كل شى عن شغلنا
إشارة رفض فورية أطلقها نصير
دون تردد
:- مش هينفع.. أكيد عملتوا عني تحرياتكم وعرفتوا أن شغلي كله نضيف
ده أولا.. أما ثانيا فحتى لو قبلت عمركم ما هتثقوا فيا ودايما هكون موضع شك لكم .. يبقى على إيه ندخل في متاهات إحنا في غنى عنها
أرخي الصمت ستائره من جديد
إلا إنه لم يطول فقد تسرب انفعال مرعي ليصيح بنفاد صبر

:- خلونا ناخد البضاعة ويمسح الفيديوهات ونخلص بجا من الموال ديه
:- عين الصواب يا ابن عمي
أيده نصير بنبرة حاسمة بينما
أستفسر حماد متوجسًا
:- كنت بتجول تنازل… تنازل إيه ديه!.
أخرج نصير ورقة مطوية بعناية من جيب سترته الداخلى وفردها يوضح محتواها
:- ده تنازل عن نصيب عمي عزام وعمي ماهر عن نصيبهم في المزرعة لوالدي الله يرحمه .. وفي المقابل تنازل نصار الدهشوري عن حقه في أي ورث تاني من جدى الكبير.
..التنازل موقع بإمضاء نصار الدهشورى وهيتكتب بتاريخ قديم
زوى حماد حاجبيه بدهشة متسائلا
:- وليه كل ديه!!.. ليه ما يبجاش باسمك طوالى
لمحة حزن وإشفاق كست ملامح
نصير ليردد بنبرة متعاطفة لذكرى والده
:- لأن ديه كانت أمنية حياة والدى.. وأقل حقوقه دلوقتى .. أن المزرعة
تبقى باسمه بعد مماته
تدخل مرعى بفظاظة رغبة منه في
إنهاء هذا الأمر بأسرع وقت
ليضمن تدمير أدلة اتهامه
:-و إيه ضمناتنا؟.
أمال نصير رأسه يحدق في وجه مرعي بعمق يجيب بثقة صارمة
:- كلمة شرف… وكلمة الرجال
سيف علي أعناقهم
تلفحوا بصمت الكلمات وحوار
المقل في احتدام جاد حتى أصدر
عزام قراره الأخير الحاسم
:- وأنا جبلت بكلمتك يا نصير
زم شفتيه يومئ بامتنان ونهض من مكانه يقدم صورة من العقد ليد عمه
:- ديه نسخة من العقد تقدر
حضرتك تعرضها على المحامي
بتاعكم .. وأنا في انتظار تحديد
موعد جديد
:- والبضاعة؟.
هتف بها مرعي وهو يقف خلف نصير بتحفز
التفت نصير إليه وقال بصرامة
:- بمجرد ما أعمامي يوقعوا على
العقد البضاعة هتكون عندكم..
وكل اللى اتفقنا عليه هيتم..ده وعد شرف
سحب حماد العقد من فوق
المنضدة بعد أن تركه والده فوقها
وفتحه يطالعه بتركيز قبل أن يؤكد
:- ده خط عمي نصار فعلا.. ده أنتوا كنتوا مرتبين كل شى بجا
تجمدت الأبصار فوق وجه نصير
الذي وضح لهم غموض استفسار حماد بنبرة شجن
:- المفروض أن المواجهة ديه كانت تحصل بينا من فترة وفي وجود والدى.. لولا قضاء ربنا كان زمانه معايا بيرجع حقه بنفسه
أعاد رأسه صوب أعمامه يستأذن بالرحيل منهم ثم انصرف شامخ الرأس واثق الخطى

**********


يتبــــــــــــــع

yasser20, shezo and Moon roro like this.

سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-24, 09:25 PM   #110

سما صافية

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية سما صافية

? العضوٌ??? » 394040
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,764
?  نُقآطِيْ » سما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond reputeسما صافية has a reputation beyond repute
افتراضي

كعادتها تستيقظ منذ الصباح الباكر والجميع مازالوا نيام.. تخرج إلى حوش المنزل أو الشرفة الخارجية
حتى موعد استيقاظهم
اليوم تفاجأت بباب شقة جارحي
مشرع وهذا يعني استيقاظهم باكرا على غير العادة
دلفت مباشرة إلى بهو الشقة وجدت رئيسة في مكانها المعتاد فألقت عليها التحية بانشراح
:- صباح الفل يا أما رئيسة
:- صباح الورد
دققت رئيسة في مظهر الفتاة متفحصة بعد أن جلست بجوارها..
لم تكتفِ رئيسة بالتدقيق بل مدت يدها تجذب طرف القميص المفتوح الذي ترتديه صدفة وسألتها بسأم
:- ديه جميص أبوكي يا بت.. أنت مش هتبطلي تلبسي كيف الدكر إكده
ضمت صدفة حاجبيها وجذبت طرف القميص من يد رئيسة تدافع عن ذوقها في اختيار الملابس
:- ده قميصى أنا واشتريته بنفسي
مصمصت رئيسة متهكمة
:- من محل رچالي .. مش إكده
مطت صدفة شفتيها ضجرًا ومدت أناملها تحك خلف عنقها ببطء دون أن تجيب فرئيسة محقه في تخمينها
لسعها كف رئيسة الذي سقط بقوة على كتفها زاجرة
:- جومي اخلعي الجرف ديه.. فزي.. لازمن تلبسي كيف الحريم بدل ما أنتِ مش باينلك أن كنتِ دكر
ولا حرمة إكده
دمدمت تبرطم وهي تقف مرغمة
تخلع القميص وتلقيه باهمال على طرف الأريكة، تناظر رئيسة بحنق
:- ارتحتي كده يا ديكتاتورة
تفحصت هيئتها بهذا التيشرت الفضفاض المزين بصورة شخصية كرتونية على الصدر وتمتمت
:- أهوه يعدي بدل جميص أبوكي ديه
ألقت بجسدها فوق الأريكة من جديد تجادل بملامح عابسة
:- قولتلك مش بتاع أبويا.. وأنا مرتاحة في لبسي ده وشكلي كده
قبضت رئيسة على ذراعها تهز
جسدها برفق ناصحة
:- يا بت افهمي .. مهما عملتي أنتِ برضك حرمة.. طولي شعرك إكده والبسي واتبسطي بلاش خيابة
مسحت بكفها المتغضن على شعر صدفة الناعم القصير برفق تهادنها
:- شعرك يطول شويه وهعملك ضفيرة زينة كيف ضفيرتي إكده شوفي
ابتسمت صدفة ببشاشة ورئيسة
تظهر من تحت طرحتها ضفيرة
رفيعة من شعرها الأبيض وتعرضها بتفاخر عليها
:- صباح الچمال
قالها سليمان وهو يدلف مرتديا
بذلته العسكرية التي أضافت إليه وسامة وجاذبية بطوله الفارع وجسده الضخم
:- صباح الفل والياسمين يا حبة عيني
خبطت بقوة على كتف صدفة عدة مرات تُصرفها باستعلاء
:- جومي.. جومي من هنا يا بت..
خلي اللي أحسن منيك يجعد
قلبت صدفة شفتها العليا مستنكرة وهي تنهض بتمهل من مكانها ليحتله سليمان بأريحية باسمًا
ومال على كف جدته يلثمها بقوة بينما وقفت صدفة
ترمقهم بامتعاض وتعاتب رئيسة بلوم
:- كده برضو يا أماه رئيسة..
في ثانية قلبتي عليا وبعتيني
فردت رئيسة ذراعها فوق كتف
سليمان تربت عليه برفق فمال قليلاً بجسده نحوها
يستسلم للمستها الحانية بترحاب وهي تهتف متفاخرة
:- أش چاب لچاب يا صحن كباب… ديه ولدي حبيبي ديه
ناظرتها بحنق وقد قلبت شفتها العليا من جديد كعادتها حين لا يروقها أمر ما
بينما أشاحت رئيسة بيدها تصرفها
من جديد بترفع لتنفرد بحفيدها
:- امشي.. امشي يا بت ادخلي
لخالتك صبحية خبريها تخلص
الفطور طوالي.. وما تنساش العسل بالطحينة والفطير
تخصرت تحدق بهما بغيظ للحظات
ثم استدارت تخطو بتمهل نحو المطبخ وهي تبرطم مع نفسها بخفوت
ضحكت رئيسة بشقاوة وأعادت نظرها نحو سليمان لتتفاجأ برأسه المائل يتفحص بتسلي ذكوري ماكر خطوات صدفة المتمهلة ببنطالها الضيق
قرصت ذراعه ليعتدل مجفلا ناهره إياه بخفوت
:- اتحشم يا واد ولم عنيك
تألم من أثر أصابعها الرفيعة ورفع
كفه يدلكه برفق
:- ليه إكده بس يا چدتي.. أنا عملت حاچة
زجرته بهمس معاتبة
:- عملت وعملت كمان..
البت أمانة حدانا.. بدك تتچوز جول واحنا نچوزك
لوي جانب شفتيه ليردد ساخرًا
:- أتچوز منين يا چدتي ..مش لما اشتغل الأول
قربت حاجبيه تحاوره بجدية
:- ما أنت بتشتغل وملو هدومك أهاه وبتصرف على حالك من زمن ..حتى شُجتك موچودة
تنهد بأسى يوضح وجه نظرة
:- بشتغل سواج على عربية أبويا ..
لاه يا چدتي أنا بدي اشتغل شغلتي..
مهندس أومال أنا كنت باخد شهادة ليه
قبضت على ذقنها الموشومة بخطوط طولية تميل للخضار مفكرة
:- هممم.. يعني بدك تسافر تطلع الچاز
قهقه ضاحكا وضم كتفيها إليه يحتضنها برفق يفسر لها للمرة التي
لا يذكر عددها وهي تنسى بحكم عمرها الطويل
:- لاه يا رئيسة ركزي أمعاى..
مهندس الچاز ديه كنت بفكر فيها
جبل ما أدخل الكلية .. لكن بعدين فكرت وجولت أخد مچال أوسع
لاچل ما ألاقي شغل سريع ودرست كيف أصلح مكن المصانع الكبيرة
هزت رأسها بخفة تستوثق من المعلومة التي تأبى المكوث في عقلها
:- أيوه فهمت.. يعني دلوك بتصلح
مكن المصنع.. يبجا تشتغل في مصنع السكر
ابتسم باتساع يتمني لو الأمور
تسير بهذه البساطة ثم تنهد
يواصل سرده عن بحثه المضنى عن عمل مناسب
:- ما هو أنا جدمت أوراجي في كل المصانع اللي نواحينا والمصانع البعيدة والجريبة .. حتى بره مصر
كلاتها بعت أوراجى ومحدش عنديه شغل
دفعت كفها في صدره تنفض شعوره بالأسى بنبرتها المتفائلة دائماً
:- بكره تستوظف وتتچوز وتملا الدنيا عيال..
وابجي جول چدتي رئيسة جالت
تمتم يؤمن على كلامها ومال يريح
رأسه على كتفها الضعيف وكفها المتغضن يمسح على موضع قلبه بحنان وهي تتمتم بالدعاء
لم ينتبها لتلك التي خرجت من المطبخ بيدها طبق كبير و رمقتهما بضجر،
لا تستسيغ تلك المشاعر الفياضة بينهما أو ربما تتعجب من دلال رئيسة الساخرة دائماً لهذا الرجل الضخم فيتحول أمامها لطفل صغير متطلب
لحنانها، غافلة عن تربية سليمان
كطفل يتيم نشأ في كنف جدته فأصبحت كل أهله خاصة مع غياب جارحي وزوجته الدائم بحكم عملهما
رزعت الطبق فوق سطح المائدة بقوة
لينتبها إلى وجودها فعالجتها رئيسة بأمر جديد تشير إليها
:- تعالي يا بت ألبسي جميصك ديه
قلبت عينيها تناظر رئيسة بتعجب
:- الله بقا.. مش أنتِ اللي قولتي أقلعيه
بدون أن تلجأ لتفسير نفسها
زجرتها مباشرة
:- همي استري حالك يا بت أنتِ.. ووسعي بنطلونك المحزج ديه
اقتربت بشفتها المعوجة تسحب القميص الملقي بجوار سليمان
ووقفت أمامه بعفوية ترتديه ولسانها يبرطم حانقة
:- أقلعي وألبسي.. وألبسي وأقلعي فاضيلكم أنا بقا
تدحرجت مقلتيه على تفاصيلها
صعوداً لتتوقف عند ملامح وجهها المتذمر يتفحصه مليا بعيونها البندقية الشقية
وأصابعه تعتصر قبعته العسكرية القماشية دون وعي
أنامل جدته المتابعة لانفعالات حفيدها امتدت تقبض على ساعده فشعر بالحرج وطأطأ رأسه يتأمل
حركة يديه العصبية بينما انسحبت صدفة غير واعية لما يحدث إلى الداخل لتواصل عملها
مسدت رئيسة ظهره بحنو تهمس له بجدية ممزوجة بالهزل
:- بكره تنول مرادك وتتهني.. بس شوفلك بت تانية بدل دكر البط ديه

*******

داخل المطبخ كانت لازالت تبرطم بغيظ مما دفع صبحية لتضحك متسائلة من أمام الموقد
:- أما رئيسة سمعتك كلمتين ولا إيه!!.
تأففت بضجر شاكية
:- حيرتني .. شوية أقلعي وشوية
ألبسي ومش عاجبها هدومي
التفتت صبحية نصف التفاتة ولازالت تقلب شئ ما فوق الموقد وقالت مؤيدة
:- في ديه عنديها حج يا صدفة ..
لازمن نچيبلك خلاجات چديدة
هربت بعينيها للجهة الأخرى زامة شفتيها غير مستسيغة للحديث
فهي راضية تمام الرضا عن ملابسها
ثم سألت لتغير مجرى الحوار حين انتبهت لأكوام الطعام المعدة جانبًا
:- إيه الأكل ده كله يا خالتي!!.
:- ديه أكل سليمان
قالتها صبحية تلقائيًا دون أن تلتفت إليها فأجابت متحيرة
:- بس ده كتير أوي.. ماكانوش كام يوم هيغيبهم
تركت صبحية الموقد واتجهت نحوها موضحة
:- لاه ده هيغيب شهر بحاله..
وأهوه الوكل له ولزوملاته
ربتت على كتفها تحثها على المشاركة في العمل
:- اعملي معروف يا صدفة لفي الوكل وحطيه في الشنطة ديه .. لحد ما أكمل الفطور.. وبعديها صبي الشاي
بعد عدة دقائق كان الجميع يلتف حول المائدة يتشاركون الطعام سويًا
وجه جارحي سؤاله إلى ابنه الصغير من مكانه على رأس المائدة يستطلع كيف تسير الأمور
:- هتوصل أخوك يا سليم لمحطة الجطر
أبتلع سليم الذي يجلس على يسار شقيقه في مقابل صدفة محتويات فمه وأجابه بتأكيد
:- طبعا يا معلم .. واتفجت مع
ميدو يچيب عربيته يوصلنا
جعد جارحي جبينه مفكرًا ثم
استفسر ليؤكد على المعلومة
:- ميدو ابن الحاچ مصطفى اللى حداه عربية السبعة راكب
أومأ سليم يؤكد بمرح
:- أجل منيها يعنى .. أحنا عندينا كام باشمهندس سليمان
رمقه شقيقه بامتنان وهو يكمل طعامه ثم تدخل يفسر وجهته
:- بس أنا مش هركب الجطر .. أنا هاخد السوبر چيت على العريش ومنيها هاخد عربية من على الطريج للمعسكر
رفع سليم كفه يعلن استعداده الدائم
:- مُطرح ما تحب نوصلك يا وحش الصاعقة
أسند جارحي مرفقيه على طرف
المائدة يسأل سليم ساخرًا
:- وأنت يا مطرب النت .. هتروح
على فين بعد ما توصل أخوك
أجاب من فوره بحماس يتصنع الجدية
:- على الچامعة طبعا يا سيد المعلمين .. أنا طالب مچتهد والامتحانات السبوع الچاى طوالى ..
وأنا ناچح ناچح بالمشيئة
عقبت جدته مؤكدة على حديثه
من فوق أريكتها خلفهم
:- هتنچح يا واد .. هتنچح
قذف لها قُبلة في الهواء من فوق أطراف أصابعه وعاد يكمل طعامه
رفع سليمان مقلتيه قليلًا يطالع
صدفة الجالسة بجوار والدها
تراقبه بطرف خفى بدورها
وأصابعه تمتد إلى كوب الشاى بالحليب خاصته
ثم رفعه إلى فمه وتجرع منه كمية كبيرة
ابتلعها دفعه واحدة لتجحظ عيناه ويفتح فمه يحاول استنشاق الهواء
قبل أن يسعل بشدة ويثنى جسده فوق الطاولة متألم وقد قفز بمقعده للخلف قليلًا
بينما تداخلت الأصوات الملهوفة لنجدته
:- عطيه ميه بسرعة يا سليم
:- اسم الله عليك يا ضنايا
أما صدفة التي بدأت تهز جسدها بانتصار فرح فوق مقعدها
اقترحت بشماتة
:- أخبطه على ضهره يا سليم يمكن شرق من الأكل
رفع عينيه الحمراء الدامعة بغيظ نحوها وتناول كوب الماء من يد سليم تجرعه دفعه واحدة وسعل من جديد يحاول التقاط أنفاسه الهاربة
ثم تجرع المزيد من الماء حتى هدأ قليلا والجميع في حالة استنفار من حوله
مسح فمه بظاهر كفه وهز رأسه يحاول طمأنتهم وقال كاذبًا
:- أنا زين .. شرجت بس
رماها بنظره استياء لتستقبله
بسمتها الواسعة وحركة جسدها المهتز كما لو كانت تهز قدميها بفرح من تحت الطاولة
أستأذن منهم وهو يقف مغادرًا المائدة
:- أنا هغسل وشى .. كملوا أكل أنتوا
طالعته صبحية باهتمام ثم وجهت حديثها لصدفة
:- جومى يا صدفة صبيله كوباية شاى تانية
:- لاه
صاح بها رافضًا بجزع ثم تنحنح ليعدل طبقة صوته
:- مفيش وجت .. يا دوب نتحرك
بدى أوصل جبل الليل
نهض سليم من مكانه والتقط هاتفه المحمول يطلب رقم معين
:- أنا هشوف ميدو وصل فين
قبل أن يتم كلمته كانت رنات الهاتف تعلو وهو يجيب بمرح
:- كنت لسه بطلبك .. صباح الورد .. طيب إحنا طالعين طوالى
دس هاتفه في جيب بنطاله معلناً
:- ميدو وصل قدام الدار .. أنا هخرج أشوفه
غادر الشقة وقد بدأ الجميع ترك المائدة لوداع سليمان الذي عاد من الداخل بعد أن غسل وجهه واستعاد توازنه وبدأ في وداعهم فرداً فرداً
سبقه جارحي ورياض لخارج المنزل
بعد أن تشبثت به جدته تقرأ عليه المعوذتين وتدعو بعودته سالماً
وعند خروجه من باب الشقة هتفت صبحية وهي تشير لصدفة وقد تذكرت فجأة
:- صدفة .. شنطة الوكل من المطبخ الله يكرمك
أسرعت صدفة في التنفيذ
ولحقته في حوش المنزل حيث كان ينحني لالتقاط حقيبة ظهر ثم استقام ليضع قبعته العسكرية فوق رأسه
اقتربت منه تحمل حقيبة الطعام الثقيلة بكلتا يديها وقربتها منه بصمت رافعة رأسها لأعلى لتطالع
ملامحه الساكنة
أمال رأسه جانباً يعاتبها بمشاكسة
:- متشكر على الشاى اللى بالشطة
رفعت حاجبها تحرك كتفيها بلامبالاة واستمرت في إغاظته
:- عشان تعرف إني مش بسيب حقي .. وبعدين ديه شطة أسوانى معتبرة لسه أما رئيسة طحنها بنفسه من يومين .. يعنى حاجة وصاية مش أى كلام
رفع زاوية فمه متهكماً يقارعها بإشفاق مصطنع
:- على كده لازم أخاف على الديك المسكين .. يمكن أرجع ألاقيه متعلق على حبل الغسيل
ضحكت بمرح تجاريه في هزله
:- عشان تبطل تستفزنى وتضحك عليا
اتسعت ابتسامته يحرك حاجبيه بمشاكسة هامسًا
:- بس كان شكلك زى العسل في ريش الفراخ ..
ولا الهنود الحمر
قطبت حاجبيها بغضب ودفعت بالحقيبة نحوه شاكية
:- طب شيل بقا الشنطة التقيلة ديه .. أيديا وجعتنى
أمتدت يد سليم الذي دلف دون أن يشعرا تسحب الحقيبة من بين يديها ويغازلها مازحًا
:- سلامه الأيدين الحلوة .. أشيلها أنا
ثم أردف يحث شقيقه على الإسراع وهو يغادر مسرعًا
:- هم يا سليمان العربية مستنية
عدل سليمان وضع حقيبته فوق كتفه يتعمق في عينيها الواسعة مودعًا بخفوت
:- أشوف وشك بخير
أخيراً ابتسمت في وجهه برقة مرددة
:- ترجع بالسلامة..
قبل أن يكمل استدارته ليغادر لحقه صوتها المشاكس
:- يا حليوة
عاد بجانب رأسه يرمقها بنظرة غامضة جذابة ثم أسرع بالرحيل
تبعته للخارج وانحرفت نحو الشرفة الخارجية تتأ بط ذراع والدها الذي يقف يتابع جارحي وسليم
بجوار السيارة
ودع سليمان والده من جديد يميل عليه يقبل كتفه وجارحي يربت على ظهره بقوة ثم أحتل المقعد الخلفى وسليم بجوار السائق لتنطلق السيارة
اختطف لمحة أخيرة نحوها من خلال نافذة السيارة وأطلق تنهيدة عميقة،
لا يدرى ماذا أصابه
وما هذا الشعور الغريب الذي يعتريه!!.
شرد في معالم الطريق راحلاً ..
يحمل بين جنبات فؤاده زائر جديد
إن تمكن من أركانه سيعلن احتلاله وملكيته لقلبه وحينها لن تُجدي معه أعتى حركات المقاومة
ليحصل على الحرية من جديد

********
نهـاية الفصــل
قـراءة ممتــــــعة في انتظار تفاعلكم


yasser20, shezo, Moon roro and 1 others like this.


التعديل الأخير تم بواسطة سما صافية ; 28-05-24 الساعة 10:20 PM
سما صافية غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:07 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.