20-03-24, 05:08 PM | #1 | |||||||
| شذى (شذى) كانت النجوم تتلألأ في السماء يتوسطها قمر فضي تعكس نوره صفحة نبع رقراق تسبح فيه ورود ذهبية تحيط به تلالا خضراء ينساب عليها الماء صانعا جداول صغيرة تنبت من حولها أشجار وزهور تقف عليها طيور تشدو ترانيما تصاعدت معها موسيقى هادئة تتراقص عليها فراشات تلونت بألوان شتى تطفو فى هواء له عبير المسك .. فإذا بفتاة تتوسط الماء فى ثوب فيروزى اللون تحيط بها هالة يستمد من نورها القمر فيضئ هذا المشهد الخلاب .. تقدمت ببطء نحوها.. اقتربت منها.. استنشقت شذاها العطر .. دوى صوت مزعج فجأة .. ترررررررررن.. امتدت يدي بسرعة لإغلاق المنبه ..أغمضت عيني برهة كي لاأنسى تفاصيل هذا الحلم الجميل لكنه تلاشى كما لو لم يكن .. جلست على السرير أفرك عينى طاردا منها النعاس ثم بدأت يومى المعتاد، منذ أن سافر والداى إلى الخليج وأنا وحيدا فى ذلك البيت .. التقيت فى الجامعة بصديقى (أيمن) الذى لكمنى فى كتفى بمجرد أن رآنى وقال ضاحكا: - الليلة أنت مدعو إلى حفل خطوبتى..الأمور تمت بسرعة جدا. رفعت حاجبى فى اندهاش.. - خطوبتك !!! مبروووك ..دخلت القفص بمزاجك بكره تندم. مرت أمامنا عدة فتيات فتتبعهن ببصره وقال: - عقبالك ياصاحبى ..تيجى أجوزك واحدة من دول ..فاتنات محترمات. هززت رأسى نافيا.. - لالالالا ..البنت اللى بتمناها لن أجدها أبدا فى هذه الدنيا. قلد كلامى مستهزئا ثم قال: - أنت حر..بس صدقنى هاتغير رأيك الليلة. نظرت إلى ساعتى ..لقد حان موعد المحاضرة ،استأذنت منه وغادرت .. فى الموعد المحدد كنت فى النادى أتظاهر بالمرح والسعادة ..لكن فى الحقيقة كدت أموت غيظا ..هذا ليس حفل زفاف بل حفل تعارف..الفتيات تلبسن فساتين سهرة وتضعن شال خفيف فوق اكتافهن تتكلمن مع فتيان شبيهة بـ (كريس انجل) ساحر الشوارع الشهير.. جلست على مقعد فى نهاية القاعة وطلبت فنجان قهوة أخذت أرشف منه، عاودتنى ذكرى باهتة من الحلم ..لم أستطع التركيز بسبب الإزعاج إضافة إلى إرهاق شديد أصابنى ،أشرت لصديقى كى يعلم أنى حضرت ثم عدت إلى منزلى.. تناولت عشاءا دسما أدى مباشرة إلى نوم عميق.. رأيت نفسى فى غابة خضراء شاسعة تجلس أمامى فتاة تغرد الطيور حولها وتحيط بها غزلان صغيرة تتقافز نحوها عدة أرانب تلعب مع سناجب يسطع فوقها نور الشمس... من هى؟ هل هى بيضاء الثلج؟ وكأنما سمعت سؤالى ..قالت بدون أن تستدير لى: - كيف حالك ..هل افتقدتنى منذ أمس؟ إنها فتاة الحلم السابق.. - من أنت وأين نحن؟ طرقعت بأصابعها فتساقطت علينا ندفات ثلج وتزينت السماء بقوس قزح .. ضحكت كاشفه عن أسنان بيضاء.. - أنا شذى. هذا حلم بالتأكيد سرعان ماأستيقظ منه.. - أنت مجرد خيال فى عقلى الباطن. قطبت حاجبيها وقالت بصوت غاضب: - من فضلك لا تقول ذلك ..هذا عالمى وأنت ضيف هنا. دارت حول نفسها فهبت ريح خفيفة .. - أرجوك قولى لى أين أنا. لم ترد على وركضت نحوى ثم قبلتنى على وجنتى وقالت : - لا أعرفك ..لكنى احبك،أنتظرك غدا. ترررررررررن دوى صوت المنبه اللعين . توالت الأيام وتعددت الأحلام .. صار خيالى واقع تجسدت فيه أمنياتى.. بت أنتظر الليل حتى ألتقى بها .. قلت لها يوما ما : - هل أنا مجرد حلم أيضا لك؟ كنا نجلس فوق قمة الهرم الأكبر نشاهد غروب الشمس . ربتت على يدى بحنان وقالت: - نحن الحقيقة الوحيد فى هذا العالم ..يتغير كل شئ عدانا. قلت متعجبا: - ماذا تفعلين حينما أختفى أنا،هل لك جسد حقيقى فى الواقع. - هذا هو واقعى لا أتذكرسواه منذ سنين..قبل أن أراك كنت هائمة فى عوالم عديدة.. ألعب مع الحيوانات تارة وأشاهد الشفق تارة اخرى ..يتغير عالمى كل دقيقة. - وجهك مألوف لدى .أين رأيتك من قبل؟ وقبل أن ترد أيقظنى صوت جرس الباب .. نهضت مترنحا وفتحته .. إنها أمى . بعد السلام والقبلات والأحضان سألتها: - لماذا لم يأت أبى معك؟ - سوف يأتى الشهر القادم. سكتت قليلا وقالت : - سوف أذهب إلى صديقتى علياء اليوم سوف تأتى معى. حينما فتحت مدام علياء الباب صرخت من المفاجأة : - مها حبيبتى..حمد لله على سلامتك. أحتضنتها أمى ودخلنا ..تكلمتا فى كل شئ وقالت أمى : - كيف حال ابنتك شذى الأن. دمعت عينا مدام علياء وقالت بنبرة سيطر عليها الحزن: - مازالت فى المستشفى ..حجزنا لها غرفة خاصة بها. انتبهت لما تقولاه فلاحظا ذلك .. - هل تتذكر شذى ياخالد؟ ..كنت تلعب معها وأنت صغير قبل أن تدخل غيبوبة منذ خمسة عشر سنة. فغرت فمى فى اندهاش.. - غيبوبة ! قالت مدام علياء: - صدمتها سيارة مسرعة وهى فى سن السابعة ،دخلت بعدها غيبوبة طويلة لا تفيق منها أبدا. لم أصدق نفسى .. شذى فى غيبوبة ؟ سألتها عن عنوان المستشفى التى تقيم بها .. - هل ستذهب لزيارتها أرجوك اصطحبنى معك ،لم أرها منذ أيام. بدت (شذى) كالأميرة النائمة ..هناك عدة خراطيم مثبتة بجسدها ..تبعثرت خصلات شعرها فوق الوسادة.. بكت أمها كثيرا وغادرت أنا غرفتها غير مستوعب لما يحدث.. عندما التقيت بها أثناء نومى حكيت لها الحقيقة ،فى بداية الأمر لم تصدقنى لكنها اقتنعت فى النهاية ..بذلت مجهودا فى شرح مفهوم الغيبوبة لها فهى قد انقطعت عن الواقع فى سن صغيرة ولا تفهم مصطلحات كثيرة ،بعدها قالت: - إذن أنا أدعو الله أن تصاب بـغبيوبة كى تكون معى للأبد. ضحكت كثيرا وقلت لها مصححا: - اسمها غيبوبة أولا ..وثانيا لن أتركك وحدك مرة ثانية. أحمر وجهها خجلا .. - أخاف أن تتركنى وأعود وحيدة. صرت أزورها كثيرا بعد استئذان والدتها لكن الطبيب المتابع لها قال لى بجفاء: - زيارتك تسبب تدهور فى حالتها ..أرجو أن ترحل الأن. قالها بعنف غير مبرر حتى اعتقدت أنه قد يستدعى الأمن. وفى إحدى الليالى قالت لى: - اننى خائفة. ابتسمت قائلا: - من ماذا تخافين ؟ تكلمت بصوت خافت.. - حين رحلت أمس تجولت فى الغابة ووجدت كوخا به رجلا عندما رآنى خرج وضغط على ذراعى بشدة وقال لى أننى ملكه وسوف يقتل من يقترب منى. قلت بعصبية: - رجل! هل هناك أحد غيرنا هنا. - تلك المرة الأولى التى رأيته بها. نهضت واقفا وقلت: - خذينى معك لهذا الكوخ. أصدرت صفيرا فوجدت حصانا مجنحا حلق بنا حتى وصلنا للغابة.. راقبنا ذلك الرجل الذى عرفته بمجرد أن ظهر وجهه.. إنه الطبيب المتابع لها.. ذهبت فى الصباح للمستشفى واقتحمت لمكتب الطبيب .. - ماذا تعرف عن شذى ولماذا تطاردها. قام وأغلق الباب ثم قال : - لن أسألك كيف علمت بتلك القصة لأنى أعرف كل شئ عنكم ..إنها ملكى ،منذ أكثر من عشر سنوات وأنا معها ثم اكتشفت بالصدفة هذا العالم السحرى ..صرت أراقبها وهى تنمو وتكبر ..عشقتها ،وتأتى أنت فى النهاية وتستولى عليها! ..مستحيل. بهدوء قلت: - من الواضح أنك تعلم كل شئ قبلى ..هل يمكن أن أسئلك سؤالين. هز رأسه إيجابا فقلت: - لماذا أنا وأنت تم اختيارنا لنتشارك معها فى عالمها ..هل يوجد أناس أخرون هناك. حك شعره مفكرا: - الحقيقة أنى لا أعلم الأجابة لكنى أعتقد أننا نتشارك نفس الحلم ويتكفل عقلنا الباطن بخلق خيالات أصبحت واقع لنا ،هذا هو تفسيرى ..ولا أستطيع أن أجزم به،ماهو السؤال الثانى؟ - ماذا ستفعل لو لم أتركها؟ أقترب منى ضاحكا بوحشية أدركت بها جنونه.. - سأقتلك. قالها وطعننى بمقص أخفاه فى جيبه .. وقعت على الأرض أشعر بثقل فى أنفاسى ،كان آخر مشهد لى هو الطبيب يغرس شفرة المشرط فى عنقه ..وتلاشت الرؤية. فتحت عينى بعدها وشعرت بصداع مريع .. وجدت شذى تبكى وتقول : - حمدا لله ..أنت ظهرت فجأة غارقا فى دمائك ..اعتقدت أنك مت. سألتها : - كم يوما مر على وأنا هنا؟ - أربعة أيام لم تختفى فيها. أدركت حقيقة الأمر..أنا لم أمت حينما طعنت لكنى فقدت وعى بشكل ما ولم أفق بعد ..أصبحت سجينا هنا حتى أجل غير معلوم. أين الرجل الذى يطاردك؟ ابتسمت .. - اختفى هو وكوخه. لقد مات الطبيب بعد قطع شريانه .. ثم استدركت قائلة : - هل ستختفى مرة أخرى ؟ تحسست شعرها برفق وسكت. تمت محمد مجدى فراج | |||||||
21-03-24, 09:07 AM | #2 | ||||
نجم روايتي
| مرحبا.صباحات الخير أخي محمد *بطلوع الروح* خلق الله الإنسان وميزه بالوعي والإدراك وسخر الكون كله في خدمته يستشعرها بحواسه الخمس يملك قراره وحرية الإختيار ولا يسلبه احدا ذلك أبدا إلا إذا فقد تواصله مع الواقع كأن يدخل بغيبوبة أو يمسه الجنون ولطالما أيقنت في ضميرى أن عالم اللاوعي الذى يدخله الإنسان غير مختار هو ليس من العدم لا ريب به حياة ومناجاة وأحاسيس وتواصل بقوانين غيبية لا يعلمها إلا الله بدليل نصيحة الاطباء لأهل المريض بإستمرار زيارته والحديث معه لان ذلك يعجل بعودته أى أن الغائب في غيبوبة يشعر بمن حوله ربما لا يستطيع التجاوب لكنه يسمع ويتأثر بالمحيط المادى حوله وقصتك المثيرة جدا اخي تحوي بعضا من خيال نجحت جدا في رسمه بمنتهي البراعة وكأنه واقع حي فصار الحلم وسيلة للتلاقي بين بطلنا وتلك الشذى يشعر بحلمه معها وكأنه واقع لولا دقات المنبه التي تخبره أنه حلما ليستقين بعد ذلك بأن شذاه بغيبوبة لا يصلها بالحياة سوى تلك الانابيب وذلك الطبيب الذى يبدو أنه كان ساكنا بأحلامها قبل ظهوره وأرى أن حب الطبيب لشذى عظيما فقد ادرك تعلق شذى ببطلنا درجة انها صارت تراه شريرا تخشاه فأدخل عاشق شذى بغيبوبة ليظل معها دائما وضحى بنفسه بإنتحاره أراه هنا رغم جنونه عاشقا بحق القصة اخي رغم انها خيالية إلا أنك وفقت بشكل كبير في حبك تفاصيلها بأسلوب رائع سردا وحوارا بمضمون بمعناه الإنساني فائق للواقع هذه اول مرة اقرأ لك قصة تخلو من الجانب المرعب ولكنها لا تخلو من الغرابة بشكل مبدع سلمت أخي على العمل الادبي المتميز دمت بخير | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
شذى |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|