أكملت السيدة بلهجة من يتذكر:
- أذكر حفلة أقامتها مارغريت في الحديقة..
قاطعتها إيبرل بسرعة:
- مارغريت باون هي خالتي سيدة بوكستر .. لقد ربتني ، وهكذا دربني إيان..
بدت الصدمة على وجه المرأة :
- أوه.. يافتاتي العزيزة .. ماذا فعلت ! هل قلت شيئاً أساء إليك؟
سارعت إيبرل تطمئنها بصوت لطيف:
- بالطبع لا .. فأنا كذلك كنت أدرك أن خالتي لا تقدر إيان
حق قدره.
لكن السيدة بوكستر بدت محرجة ، ربما من الافكار التي روادتها بشأن السيدة مارغيت وكانت تهم بقولها ، لو لم تتدارك إيبرل الموقف . رق قلبها للمرأة المسنة التي بدت تائهة ، فاختارت كلماتها بحذر في محاولة لتلطيف الجو، وكي لا تكون جاحدة لجميل خالتها.
قالت للسيدة بوكستر بخفة وصوت مرح:
- أتعرفين؟ .. لقد شرح إيان لخالتي عدة مرات أن قطع الورود يجب أن يتم من فوق خمسة عقد للبراعم .. لكنها كانت تصر على قطعها بشكل عشوائي حتى يتناسب طول سيقانها مع الفازة التي تفكر بها.. حتى أننا اضطررنا، هو وأنا ، إلى منعها من قطع الورود.
ارتاحت إيبرل لاسترخاء وجه السيدة بوكستر وضحكت وهي تعيد ملء فنجاني القهوة ، أصبح تعبير وجه السيدة مفكراً:
- إذن أنت هي ابنة الأخت الصغيرة التي ربتها مارغريت بعد وفاة أختها.
وكأنها رجعت إلى ماضٍ مليء بالذكريات الجميلة ، رفعت رأسها مبتسمة بحياء.
ورأت إيبرل ابتسامة غرايغ الفاتنة مرتسمة على وجه أمه ، لا شك أنه ورثها عنها.
-أعتقد أننا التقينا من قبل ، مع أنك كنت صغيرة جداً لتتذكري . لقد زرت مارغريت يوماً، وخلال الزيارة ذكرت أن صديقة لنا تحدثت بإعجاب عن الورود رائعة في حديقتها ، وسألتها إن كان بإمكاني رؤيتها .
فاصطحبتني إلى الحديقة.. وهناك وجدت إيان يعتني بالورود كالعادة ، وفتاة صغيرة تلعب إلى جانبه.. وهناك وقفت
السيدة مارغريت مرتبكة أمام مجموعات الورود المختلفة ، ولاحظتُ وقتها أنها لا تعرف أي من الأنواع هو ورد السلام الأبيض .. ثم مدت يدها إلى وردة بيضاء ، فناداها إيان وتقدم نحونا بسرعة فائقة وهو يلهث ، ثم ابتسم وانحنى أمامنا قائلاً إن الآنسة إيبرل ستكون مسرورة بأن تقطف لنا الورود التي نريدها ، فأخبرتها مارغريت بأن السيدة بوكستر ترغب في وردة سلام .. ومع أنك لم تتجاوزي الثامنة يومها ، فقد تناولت المقص من إيان، ودون أي تردد، تقدمت نحو الورود المطلوبة، وقطعت ثلاث زهور بدرجة متساوية من الطول.. هل تذكرين هذا؟
ابتسمت إيبرل والحنين يملأ قلبها. وقالت:
-لا ..أنا آسفة ، لاأذكر هذه الحادثة بالذات ، فقد كان هذا الأمر يحدث دائماً..
امتنعت إيبرل عن تناول فنجان قهوة آخر، وقالت:
- كان هذا لقاء ساراً جداً سيدة بوكستر.. لكنني يجب أن أنهي عمل.. هل تمانعين الآن.
- بالطبع .. لقد كنت أنانية.. امرأة عجوز ثرثارة . لكن قبل أن تذهبي .. أتساءل إن كان بإمكانك الإصغاء إلى قصتي المؤسفة ، إيبرل .. هل تمانعين في أن أناديك باسمك؟
فقالت إيبرل :
- بالطبع لا . أرجوك.
- شكراً لك عزيزتي.. الواقع أنني تسرعت ووعدت منظمي جمعية أنتمي إليها بأنهم يستطيعون استخدام هذه الحدائق لحفل خيري صيفي.. سيكون ذلك في حزيران (يونيو).. ولقد حاول غرايغ العزيز استخدام جنائني لمركز دائم.. لكن ، كما تعرفين..وبدأت عيناها تلمعان فأكملت .. لم ينجح . لطالما كان لغرايغ طبيعة
متقلبة ، لكن بجب أن أعترف أنني نادراً ما رأيته ضجراً ومحبطاً كهذه الأيام..
حين عودته بعد ظهر الأحد مباشرة ، كان شديد الحيرة والتفكير.
قال إنه وجد جوهرة بين النفايات.. لكنها رفضت العمل. وقال:
لقد فعلت ما بوسعي .. والباقي عليك.. وحين سألته أكثر قال لي على مضض إن هذا حدث يوم جئت لمقابلته.
أحست إيبرل بحرج رهيب لمعرفة السيدة بوكستر بتفاصيل ما حدث ، وكم تمنت أن تعرف كيف شرح لأمه تصرفه الخشن معها. ولكنها حاولت ولأجل العجوز، أن تستخف بما حصل.
- كان مجرد سوء تفاهم سخيف سيدة بوكستر .. أعتقد أنني كنت متوترة أكثرمن اللازم.
- ربما ، وربما لا عزيزتي .. فغرايغ يميل إلى التصرف بحرية كبيرة في بعض الأحيان .. لكن المهم في الأمر أنني أخذت على عاتقي أن أجد جنائنياً لأنني أنا المستعجلة . لذلك سيكون موظفاً عندي ولا علاقة لغرايغ به فهل لهذا فرق في مسألة قبولك العمل أم لا؟
ترددت إيبرل تفكر.. كم ستؤثر عليها هذاالتغيير؟ لا مجال للسؤال أنها بحاجة إلى العمل .. وبكل تأكيد ستكون سعيدة بالعمل مع امرأة تعرف فعلاً أن هناك قواعد وأوقات معينة يمكن قطع الورود خلالها.. وإذالم تكن على اتصال مع ذلك الرجل ..
قالت مبتسمة:
- أجل سيدة بوكستر أظن لهذا فارق كبير.
ابتسمت السيدة بارتياح:
- أوه..أنا مسرورة جدلً إيبرل . سنقضي أوقاتاً ممتعة لجعل هذا المكان كالجنة.. وأريدك أن تعلمي أنني أكن كل الإعجاب لخيارك
العملي .
أحنت إيبرل رأسها لتخفي دموع العرفان بالجميل التي لسعت عينيها ..فعدا عن إيان ، كانت السيدة بوكستر الوحيدة التي أعطتها التقدير لخيارها بأن تكون جنائنية.
تكلمت السيدة بصوت منخفض وكأنها تسر لها:
- ألست ممتنة لأنك شابة في زمن تستطيع الفتاة فيه أن تقوم بالعمل الذي يثير اهتمامها ؟ أتعلمين ، لو كنت فتاة شابة اليوم لرغبت في أن أمتهن قيادة الطائرات.
ضحكت إيبرل:
- أتمنى لو أن معظم الناس ينظرون إلى الأشياء كنظرتك سيدة بوكستر.
قالت السيدة :
- أوه .. تباً عزيزتي ..إنهم تافهو العقول ودون إبداع ، يخافون
المغامرات وحياة المخاطرة .. يجب أن تتعلمي عدم الاهتمام بهم.
أحست إيبرل بالنشاط لكلام السيدة بوكستر، ووضعت الأخيرة معطفها فوق كتفيها استعداداً لأن تريها مكان نومها.. الراتب الذي اتفقتا عليه كان أكثر من سخي ، وستتمكن الآن من مساعدة الزوجين إيفنز مادياً .. مرت المرأتان عبر غرفة الجلوس الكبيرة المواجهة للمدخل ، وقالت السيدة بوكستر إن بإمكان إيبرل أن
تهتم بالنباتات الداخلية الاستوائية ، اتجهتا عبر الشرفة نحو المنزل التابع لبركة السباحة و قالت إيبرل للسيدة:
- لدي قط سيدة بوكستر.. آمل أن لا يكون هناك إزعاج في هذا.
-لا بأس أبداً .. أنا مغرمة بالقطط .لا تبدو هذه السيدة كغيرها من العجائز!
كانت تسير متمتعة بجو الريف النقي.
- مااسم قطك؟
- برنس.
أحست إيبرل بصحبة حميمة وبرغبة كبيرة في احتضان السيدة بوكستر.
- لقد أسميته برنس ، لأنه قوي المظهر ولطيف المعشر.
وصلتا إلى المنزل ضاحكتين، ودفعت السيدة بوكستر الباب لينفتح، ثم أشارت إلى إيبرل بالدخول.. كان تصميمه أكثر دقة.. الغرفة الرئيسية كبيرة ، بمدفئة من الحجرالأسود. النوافذ العريضة من الخشب الأبيض.
دعتها السيدة بوكستر:
- تعالي لتشاهدي المطبخ . كان المطبخ الأكثر جمالاً الذي رأته إيبرل في حياتها ، مكتملاً بكل الأدوات التي تم اختراعها.
سألت السيدة بوكستر:
- هل تحبين الطبخ؟
فقالت إيبرل:
- أجل ، وأنا بارعة فيه..
قالت المرأة المسنة بحماس:
- حقاً! ربما تقومين بدعوتي يوماً للغداء.
تممت إيبرل أنه يشرفها هذا، لكنها تساءلت عما إذا كانت ستجد صعوبة في المحافظة على هذه العلاقة بين رب عمل وموظفه.
محاولة تغييرالموضوع :
- بما أن هذا المنزل تابع لبركة السباحة ، ألن ينزعج ضيوفكم صيفاً؟
- أوه..لا.. فغرف الضيوف في الجانب الآخر الأقرب إلى المنزل .. وماهو أهم ، أرجو أن لا تنزعجي أنت من الضيوف ! على أي حال ، سنستقبل الناس في نهايات الأسابيع وأتوقع أن تكون لفتاة جميلة مثلك اهتمامات أخرى لقضاء أوقات فراغها الأسبوعية بدلآً من إمضائها في المنزل.