ثم أقفلت الباب وتركت إيبرل تستعد قبل أن توصلها إلى السيد بوكستر . حاولت إيبرل جاهدة وضع اللصوق فوق الجرح على رأسها لكن ذلك لم ينجح .. ثم لا داع لهذا على أي حال .. رطبت الدم الجاف فوق خدها وهي تفكر بشكلها المريع الذي ظهرت فيه أمام .. لكن ..ما كام أسمه ؟ واستاءت لفكرت أنها لم تحصل على الوظيفة هنا أولم تلتق به مجدداً قبل انصرافها من هذا المنزل، فقد لا تعرف اسمه أبداً . ربما تستطيع سؤال السيدة ! أ غريبا .. لكنها لن تضعف نفسها أبداً أمام تلك السيدة ! وليس من عادتها أن تنجرف وراء نزوة عاطفية .. لقد قابلته منذ أقل من ربع ساعة، وها هي تهتم لأمره وكأنها تعرفه منذ زمن . سخيفة ! أقرت بصمت ثم راحت تبحث في حقيبتها عن مشطها وراحت تمرره بخشونة في شعرها الأحمر ، القائم المتوسط الطول ، ثم جمعت أطرافها إلى الداخل في تسريحة ملتفة كانت على يقين من أنها أفضل ما يناسب وجهها .. ولم تحاول أن تضع أحمر الشفاه ، فهي على أي حال جنائنية، وليست عارضة أزياء .. أخذت نفساً عميقاً وفتحت باب الحمام لتجد السيدة أغريبا تقف منتظرة .. وأشارت المرأة لإيبرل أن تلحق بها . أدخلت إيبرل إلى غرفة بجدار زجاجي ، تشرف على شرفة كبيرة من الآجرّ تحتوى على أثاث خارجي من خشب الصنوبر الأحمر . وراءه ، رأت بركة ضمن غرفة سباحة ضخمة ، ومن خلفها ملعب تنس .. لكن ما جذب نظرها ، كان منظراً ساحر اًلا يعيقه شيء لنهر "أميركان ريفر" المتدفق بعنف .. واستطاعت إيبرل أن تتخيل منظرها لأكثر جمالآً في الليل . كانت الجدران الباقية للغرفة مغطاة بخزائن من الخشب الأحمر, أريكة من الجلد بلونٍ عاجي ، طاولات من الكروم و الزجاج , منضدة كبيرة لماعة من خشب التيك ، تغطيها على مايبدو خرائط معمارية، سجادة ضخمة بلون بني وقور . كانت هناك نماذج لمبانٍ منتشرة هنا وهناك على الرفوف، بعضها مألوف والبعض الآخر غامض لإيبرل وكانت على وشك إلقاء نظرة قريبة عليها حين أحست بانضمام شخص إليها في الغرفة . استدارت لتقع عيناها على الرجل الذي قلقت من أن لا تراه مرة أخرى وتهلل قلبها فرحاً كان قد بدل ملابسه وارتدى بنطلوناً بلون وبر الجمل ، وكنزة مثلثة الياقة بلون بنى من الصوف الكشمير فوق قميص حريري رمادي اللون مفتوح الياقة.. واستبدل حذاءه الثقيل بحذاء فاخر لماع من جلد "الموكاسان". نظرت إيبرل إليه بابتسامة دافئة: - كنت أفكر للتو بأننا لم نتعارف حتى، أنا إيبرل ساوندرز ..وأنت..؟ فجأة بدأ كل شيء يتضح لها ، فتلاشت عن وجهها الآبتسامة وهي تكمل : - لكنك تعرف من انا.. لقد قدمتني إلى السيدة أغريبا .. ودخلت المنزل دون قرع الجرس . ابتسم بمكر كما يبتسم صبي صغير ضُبط وهو يقوم بعمل أرعن ، ويعرف ان أمه ستؤنبه . - أجل .. أنا غرايغ بوكستر . أحست إيبرل بأطرافها تتجمد .. وامتزج الخجل مع الغضب من استغفاله لها . لقد اذلها ، وسخر منها سراً وعلانية ، لقد كانت غبيةإذ لم تعرف هويته ، فافضت اليه ببراءة عن ارتباكها وترددها في مسألة ملائمة ثيابها ..ومما زاد في سخطها أنه كما يبدو اعتبر المسألة منتهية ، و راح يتحدث عن المركز الشاغر و الواجبات التي يتطلبها . - هناك مساحة كبيرة تحتاج للعناية.. ربما أكبر من عمل شخص واحد .. معك كافة الصلاحيات لا ستخدام أية مساعدة مطلوبة.. سمعت الكلمات متقطعة ، وهي تقف جامدة تتنازعها مشاعر عنيفة من الحسرة والألم لم تعها منذ سنوات طويلة .. انسابت كلماتها ميتة من بين شفتيها : - كيف استطعت فعل امر كهذا ؟ اختفت الآبتسامة اللامبالية عن وجهه ، لتحل مكانها نظرة دهشة مصحوبة بحذر بارد.. بعد لحظة من الصمت المطبق ، أبعد عينيه عنها وقال بأدب مفاجىء: - أرجو عذرك .. بالطبع كنت مخطئاً في خداعك ..لكنني لم أكن أعرف هويتك في البداية حين عرفت كان الوقت قد تأخر . |