أريدُ أنْ أكون *مميزة* و *مكتملة* - الصفحة 231

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:20 AM

أسفة جداً جداً
برسلكم من موبايلي
فيه عندي مشكلة في الكومبيوتر بس دقيقة وانزلكم الفصل

AyOyaT · 07-05-12, 09:26 AM

يسلموا ع الرواية الجديدة .. مع تحياتي ..

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:28 AM

يا بنات راح ابكي
الكومبيوتر مؤ راضي يفتح
بس أدعو لي ما يكون راح الفصل لما انطفا

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:34 AM

الفصل التاسع

" جنى! ما بك تقفين متسمرة مكانك هكذا؟! " صوت اتاها من بعيد ليقتحم عليها لحظة ذاهلة غلفت عقلها! رفعت عينين لامعتين بالصدمة تحاول التركيز مع صورة امها وهي تتحدث إليها بلهجة يشوبها القلق! قالت ندى وهي تمسك بوجه ابنتها " بنيتي ما بك؟ تبدين شاحبة للغاية " ترقرقت الدموع في عينيها ووجدت مسكبها على صدر امها التي احتضنت جسدها باحتواء أمومي تلقائي، تحلّقت ام سعدية حولهما وهي تحمل كأس ماء وتقول " بسم الله عليك، اسقيها بعض الماء يا أم علي، ابنتك نحيلة الجسد، ربما هي متوعكة قليلاً " اخذت ندى تمسد على شعر جنى وهي تقرأ عليها المعوذتين حتى شعرت بتنهيدة صغيرتها تخرج من اعماق صدرها، ابتعدت قليلا وهي ترفع وجه جنى إليها وابتسمت قائلة " لا تقولي لي إنك حلمتِ بياسمين وشعرت بالحنين إليها؟" ذكر ياسمين جعل الدموع تفيض فابتأست ندى بينما همهمت ام سعدية وهي تضع يدها على صدرها بتأثر " لهف قلبي على الحنان بين الأخوات، ليس كمثله حنان " كانت ندى تمسح عيني جنى وقد بان عليها التأثر هي الاخرى وبعض الحيرة! أخيراً تماسكت جنى وسألت بحشرجة " متى تعود ياسمين؟! "

***

مساءً

" سليمان! سليمان توقف، يجب ان نغير ملابسنا كي نلحق بحاتم وايمان!" لكن سليمان لم يستطع التوقف عن تقبيل صفحة وجهها المشرق وعنقها الناعم بينما ذراعاه تطوقانها بإحكام لا يلين، حاولت مجدداً " لقد اتصل حاتم قبل قليل وقال لنا لا تتأخرا، بالله عليك لا تحرجني " اشتدت ذراعاه حولها بينما قال بعاطفة متزايدة " دعينا نبقى هنا، لا اريد الخروج والسهر مع زوجيّ النكد هذين! " حاولت ياسمين دفع كتفيه دون جدوى فأخذت تبعد وجهها عن مرمى شفتيه ثم قالت بأنفاس متعبة " لكنهما ينتظرانا، لقد قلنا سنسهر الليلة سوية كي نودّع المكان، يا إلهي سليمان إذا لم نذهب سيعرفان بسهولة ماذا نفعل! " يداه تسللتا لكتفيها ليزيحا الحمالتين الرفيعتين لقميص نومها الرقيق وهو يهمس بابتسامة حارة " انه نفس ما يفعلانه كل ليلة " تضاعف احمرارها وهي تحاول مرة اخرى " سليمان لا يجوز ذلك، لقد اتفقنا " فكّ أزرار قميصه في قرار نهائي وهو يلهث بالقول " ما لا يجوز ان احرم نفسي منك يا ابنة عمي، كلانا لم نشبع من بعض بعد ولم نروِ إلّا القليل من الشوق، لا أصدق أن ثلاثة أسابيع مرت وغدا سنعود لبيت العائلة "

(غدا سنعود لبيت العائلة) كانت كافية لتجعل ياسمين تستسلم، بل وتندفع نحوه بشوق يوازي شوقه، لا تريد التفكير الآن بالخالة آمال، لا تريد أن تتذكر صباح اليوم عندما رن هاتف الغرفة وعندما ردت جاءها صوت (حماتها) جافاً وهي تطلب منها مباشرة أن تنادي لها ولدها سليمان كي تكلمه، لم تكلف الخالة آمال نفسها حتى مشقة السلام والتحية على (زوجة ولدها)!

رفعت ياسمين كلتا يديها لتتخلل بأناملها شعر سليمان فتسعدها تأوهاته وتغرق معه في لجّة الشوق.

***

اليوم التالي، العاصمة، بيت العائلة الكبير

علت الزغاريد بدخول العائدين من شهر العسل، تصدّرت آمال الجميع وهي تخصُّ كنّتها ايمان بترحاب مبالغ فيه، فتضمها بقوة لصدرها وتقبل خديها عدة مرات وهي تزغرد، بينما اكتفت بوضع خدها على خدّ ياسمين وكأنها تقبلها، لكنّ شفتيها تلامسان الهواء! حتى انها أبعدت بخشونة يديّ ياسمين التي تعلقت بكتفيها وهي تنظر إليها ببرود.

تصرفها كان واضحاً وجعل الجميع يتوتر خصوصا مع إحراج ياسمين، لكن سليمان أجاد التغاضي عن فعلة امه وقضى السهرة وهو يحيط ياسمين بعاطفته واهتمامه الكامل امام الجميع ليرد لها اعتبارها.

في نهاية الليلة غمز سليمان لاخته سمية وهي ترد له غمزته ثم سارعت لتغادر غرفة الجلوس، عندما سألته ياسمين عن الامر ابتسم في وجهها وداعب خدها دون ان يرد.

لم يكن يرد لياسمين ان تعرف بأنه كان يطلب من اخته إحضار مفتاح جناحه! فقبل اسبوعين اتصلت به سمية وأخبرته ان امهما جعلت من جناحه مرتعاً للجميع! مكاناً للعب الاطفال والتفرج على الرسوم المتحركة بالتلفاز الجديد الذي تم شراؤه للعروسين ووضعه في غرفة جلوسهما الصغيرة، حتى ان نسوة البيت يقضين الوقت هناك يتفرجن على المسلسلات، في وقتها تمالك سليمان نفسه وطلب من سمية تنظيف الجناج وإعادة كل شيء لمكانه ثم قفل الباب بالمفتاح والاحتفاظ به عندها حتى يعودا، وأكّد عليها ان تخبر امهما بأنّ الجد من أمر بذلك، وهذا ما حصل ولحسن الحظ ان الجد كان واعيا للامر وأيّده.

عندما عادت سمية وضعت المفتاح في يد اخيها الأكبر وهي تبتسم بمكر فرد لها ابتسامتها وهو يداعب شعرها الطويل قائلاً " احسنت صنعاً يا صغيرة "

***

منتصف الليل، بيت محمد الشرقي

سحبت جنى جهاز الهاتف بسلكه الطويل الى غرفتها، أغلقت الباب خلفها ثم توجهت نحو سريرها لتتربع جالسة فوقه وهي تضع جهاز الهاتف أمامها.

أخذت نفساً عميقاً وأطلقته ببطء، كان توترها قد بلغ أقصاه الليلة، رغم أن رؤيتها لياسمين الليلة بعد فراق الاسابيع قد خففت عنها تلقائياً، لكن الجو فبيت الجد كان مشحوناً، الخالة آمال وتصرفاتها المؤذية نحو ياسمين من جهة، وعماد ونظراته وتلميحاته المزعجة الخانقة من جهة أخرى.

دمعت عيناها ولم تحتمل، رفعت سماعة الهاتف لتتصل بهالة حسب اتفاقها معها، لقد انتظرتها طوال اليوم حتى تعود من بيت جدها، منذ أيام وهي هناك تقضي العطلة، ولهذا لم تستطع ان تتصل حتى تعود لبيتها كي تتكلم معها بحرية.

صوت رنين الانتظار طال فتمتمت جنى باختناق " ردّي هالة! ردّي بالله عليكِ "

أوشكت أن تيأس قبل أن يُفتح الخط لتسمع صوت صديقتها خافتاً وهي تعتذر بالقول " اسفة جنى، تأخرت بالرد، كان أخي.. " قاطعتها جنى لتقول بحشرجة " زوجة فؤاد حامل " ساد الصمت للحظات قبل أن تقول هالة بهدوء " وماذا إن كانت حامل؟! ما الذي أعادنا لسيرة فؤاد الآن؟ " دموع انسابت على خديّ جنى وهي تقول بتشتت " لا أدري هالة! شعرت صباح اليوم بثقل يجثم فوق صدري وأنا اسمع كلام أم سعدية عن فؤاد، وكيف تبدل حاله وأصبح مستقيماً ويحب زوجته و.. " أوقفتها هالة عن الاسترسال وهي تقول لها بحزم " أظن عقلك أكبر من هذا ياجنى، هل ستأخذين الحقائق من فم امرأة غير متعملة بسيطة ثرثارة تدور في بيوت الحي كمنظفة بينما تلقط الأخبار من هنا وهناك وتعيد بثها على مزاجها؟ جدتي دوماً تقول (البيوت أسرار، ولا يعلم حقيقة ما يحدث خلف الأبواب المغلقة إلّا الله) " تمسح جنى خديها وهي تقول باضطراب " كلامك صحيح، لكن.. منذ الصباح ورغماً عني تدور الاسئلة في رأسي؛ ماذا لو كنتُ منحته فرصة؟! ماذا كان يريد القول بعد كلمة (إني..) التي ظلت مُعلّقة بيننا؟ ماذا لو كان كلام ام سعدية صحيح وفؤاد اهتدى بعد زواجه؟ " فعلقت هالة بعقلانية " وماذا لو كان سيتلاعب بك لو منحته فرصة ثم يرميك كفتيات كثيرات؟ وماذا لو أكمل جملته وقال (إني أحبك) لكن دون أن يكون صادقاً فيها؟ وماذا لو كنتِ غير مهيأة لهدايته كما يفترض أن فعلت زوجته؟ " وقبل أن تفكر جنى بهذه الاسئلة أضافت هالة " والأهم من كل هذه الاسئلة وأجوبتها يا جنى؛ أن فؤاد بات ماضٍ في حياتك ولن يتغير الحاضر مهما كانت الردود، فالحاضر يقول إنه هو نفسه فؤاد الذي لن يرتضي عمي محمد بمثله زوجاً لابنته ومصدر رزقه ورزق عائلته حرام " صمتت لحظة قبل أن تضيف المزيد وبنبرة أشد وقعاً في قلب جنى " والحاضر يقول أيضاً؛ أن فؤاد متزوج وزوجته حامل، وهذا لوحده يحسم كل شيء، أليس كذلك يا جنى؟ "

ساد الصمت وجنى تشعر بالفراغ المؤلم! كل ما قالته هالة صحيح، لقد كان داخلها لكنها تشتّتتْ عنه، أغمضت عينيها لتقول أخيراً " لا أدري لماذا تأثرت لهذه الدرجة! هذا ليس طبعي " فردت هالة بممازحة " أعلم أنه ليس طبعك؛ فأنتِ لوح خشب! " ضحكت جنى رغم نغزة الألم لتضيف هالة بجدية " صدقيني ستمر بضعة أيام ويُمحى تأثير ما وصلك من أخبار عنه وسترمين كل شيء وراء ظهرك كعادتك، لقد تعلمت منك هذا؛ أو ربما ما أزال أحاول تعلمه، أن أرمي وراء ظهري كل ما يؤلمني او حتى يضايقني أو يزعجني، ألّا أقف عليه بتفكيري، بل أمضي قدماً وأدحره بالتجاهل حتى يختفي " هزّت جنى رأسها وهي ترد بتنهيدة " نعم، فلستُ ممن يهوون تعذيب الذات! نفسي قصير في المعاناة وأفضّل إضاعة وقتي في النوم " ضحكت هالة بينما تسترخي جنى لتميل بظهرها وتستلقي على السرير بينما هالة تغير الموضوع لتسألها عن ياسمين، وعندها شعرت جنى بالغم الحقيقي وهي ترد على صديقتها بالقول " الخالة آمال لا تريحني يا هالة، أشعر أنها ستؤذي ياسمين، وما يغيظني أسلوب اختي في الصمت والتجاهل! ليتني كنت أستطيع التصرف نيابة عنها لأضع حدّاً لكل تلك التجاوزات التي تحصل، وأكثر ما يغيظني أن اختي المغفلة تخفي كل شيء عن زوجها! " ردت هالة بحيرة " لا أدري يا جنى، مرة أقول رأيك صحيح، ومرة أفكر أن هذا لن يجلب إلّا مزيداً من المشاكل، ستتحول إلى حرب وانا لا أتخيل نفسي اقضي حياتي في معارك مستمرة مع حماتي! ربما ما تفعله ياسمين سيكون له أثر طيب في النهاية " تمتمت جنى " اتمنى هذا هالة، فأختي أرق بكثير من أن تتحمل هذه الفظاظة والتجاوزات "

***

بعد ستة أشهر

دخلت ايمان عبر باب البيت الكبير وهي تكاد تهرول من فرط سعادتها بينما يلحق بها زوجها حاتم ضاحكاً ويضرب كفاً بكف من تصرفاتها! يتبعهما سليمان وهو يلفُّ ذراعه حول خصر ياسمين بحرص شديد وقد بدى وجهها متألقا بالسعادة،

سيل من الاسئلة انطلق دفعة واحدة من كل فرد من العائلة وحتى الاطفال! كل الاسئلة كانت فحواها شيء واحد (ما جنس الجنين؟)، فالكل كان ينتظر نتيجة الفحص بالامواج فوق الصوتية الذي كان موعده مُحدّداً اليوم لكل من ايمان وياسمين.

اخذت ايمان تهلّل وهي تقول بضحكات مفعمة بالفخر " انا حامل بولد.. انا حامل بولد " بينما ارتسم فخر أكبر على ملامح حاتم وهو يتطلع للوجوه، علا تصفير من حامد وسط ابتهاج الجميع، حتى الجد تحامل على نفسه مستندا بعصاه ليتحرك نحو الجمع ويصل الى احفاده ويسمع الاخبار المفرحة، صوت بارد اخترق الكلمات المهنئة لإيمان وحاتم، صوت كان حاداً ايضاً، تساءلت آمال وهي تنظر لياسمين بطريقة كريهة " وانت؟ ماذا تحملين في بطنك؟" رفع سليمان رأسه فينظر إلى أمه ليرد بنفسه على سؤالها " ياسمين حامل بطفلة ستكون مثلها؛ آية في الجمال " عينا ياسمين لم تترك وجه سليمان وقد فاضتا بالفرح بينما وجنتاها تحمران خجلا من كلماته، تعابير آمال الحادة سكنتها الراحة لبضع ثوانٍ فقط؛ بعدها تحولت لتعبير قاس ساخر وهي تقول " وزوجتك مثل امها أيضاً؛ رَحِمها يفضّل حمل الإناث لا الذكور! إنها وراثة، ولا اعتقد أنها ببنيتها الضعيفة هذه ستنجب غيرهن! "

صمت حرج خيّم على فرحة الجميع بينما شحبت ياسمين وهي تطرق برأسها قليلاً تحتمل الكلمات المسمومة بشقِّ الأنفس، يدها كانت في يد سليمان ورغما عنها اعتصرتها بقوة، الامر بات لا يطاق، كل هذه الحرب الباردة والكلمات السليطة المهينة، سليمان لا يعرف إلا القليل مما تفعله امه معها، لا يعرف كم مرة أفسدت طعاما طهته او ملابس غسلتها لتجعلها مثار السخرية امام كل من في البيت الكبير، لا يعرف انها لم تتوقف عن ارسال الاطفال ليعبثوا بأغراضها في جناحها الخاص، وكل هذا يهون امام محاولاتها المستمرة لإهانة امها أمامها بكلمات مستترة، كانت تعرف ان حماتها تستفزها وياسمين لم تقع في هذا الفخ، ولم تعطها عذرا واحدا كي تشكو منها، كانت دوما تقابل إهاناتها بصمت ليمحوها اللجوء إلى صدر سليمان الذي يعاملها كحجر نفيس، كنزه الخاص.

لا تعرف كيف يُجيد تدليلها كطفلة وبنفس الوقت يغمرها بمشاعره كأمرأة مرغوبة للغاية، اخذت تكلم نفسها " اهدأي ياسمين، لا تدعيها تستفزك امام الجميع " كانت تجمع بضع كلمات هادئة تقولها لحماتها كرد على كلامها المهين عندما سبقها صوت سليمان الهادئ وهو يقول " إذا كنتِ تحاولين أن تعيّري ياسمين لحملها بأنثى فأنت في الواقع تعيّرييني أنا! " شهقت إخلاص التي كانت تحتضن ابنتها ايمان وقد بان عليهما الصدمة والضيق، بينما تقدمت آمال خطوة نحو ابنها البكر وهي تقول بغضب " أوصلت إلى درجة إهانة نفسك من أجلها؟! وامام كل افراد عائلتك؟! أين رجولتك يا ابن بطني؟! " رد سليمان بنفس الهدوء وهو يشدّد من احتضانه لجسد ياسمين الصغير " الرجولة لا علاقة لها بالامر، انا اقول حقيقة علمية، الرجل هو المسؤول عن تحديد نوع جنس الجنين وليست المراة، اذا كنتِ تجدين في نسلي عيباً أو نقصاً لأني سأنجب بنتاً؛ فأنا لا اراه مثلك، بل اراه رزقاً من عند الله، احمده واشكر فضله عليّ، ولا يهمني إلّا ان تخرج ابنتي للنور صحيحة معافاة "

كانت يدا آمال المتقبضتان تهتزان غضباً وأوشكت ان تهاجم بكلمات مريعة لولا تدخّل الجد قائلا بحزم لم يتخلَّ عنه رغم ضعف جسده " كفى آمال، لا اريد كلمة اخرى تعكّر صفو سعادتي بأحفادي وابنائهم القادمين على الطريق، وتذكّري لولا الإناث لما كان هناك ذُكراناً، فلا تمتهني جنسهن لانك ستمتهنين نفسك أولاً " اتسعت عينا آمال في صدمة من تقريع الجد لها امام اهل البيت واحمر وجهها بشدة وقد شعرت بالخزي لاحراج الجد عبد الله لها، زاد الارتباك والتوتر بين الجميع فقال الجد بابتسامة محببة وهو ينظر إليهم " اذهبوا اعزائي إلى غرفة الجلوس فإخلاص أعدّت اطيب ما تعرفه من الحلويات "

تحرّك الجميع وقد بدأ حامد باطلاق دعاباته عن الاطفال مما جعل التوتر يخفُّ قليلاً.

آمال تحركت مبتعدة عن الجميع باتجاه المطبخ ورغبة حارقة لتحطيم شيء ما تسيطر عليها، ناداها الجد قائلا بحزم وشدة " آمال.. تعالي هنا " تجمدت خطواتها لتتماسك وهي تستدير نحو عمها لترد بنبرة مكتومة " نعم عمي " قال بوجهه المهيب وهو يرتكز على عصاه " ان استمريت هكذا ستخسرين ابنك لا محالة " كزّت آمال على اسنانها ثم قالت بصلابة " انا لم افعل شيئا، كل ما قلته هو.. " قاطعها الجد قائلا وهو يضرب بعصاه الارض " بل فعلتِ.. وتفعلين اي شيء لإيذاء ياسمين، لا تعتقدي ولا للحظة اني لا افهمك، لستُ غبياً ولستُ مغفلاً حتى يغيب عني كيدُ النساء، لقد صبرت وصبرت وأملت أنّ ياسمين بطباعها الهادئة ورقتها الفطرية ستتمكن من اختراق جمود قلبك نحوها، لكن لم يحصل! فماذا تريدين؟! اجيبيني يا ابنة اخي؟ الى اين تريدين الوصول؟! هل تداعب الافكار الشيطانية رأسك بانك ستفرقين بين سليمان وياسمين بافتعال المشاكل لها؟! " ارتبكت آمال وهي تنظر لعيني عمها، هاتان العينان برقتا بغضب تعرفه، منذ كانت طفلة وهي تعرفه، تعرف هذا اللمعان الذي لم تطفئه السنون، أكمل الجد بنفس الحدة وهو يقول بصرامة " احذرك آمال، احذرك من هذا الدرب الذي سيجعلك تخسرين كل شيء، لن اكون موجودا الى الابد لأنقذك من حماقاتك، اليوم انا هنا؛ غدا قد أقابل وجه ربي، فمن سيعمّر هذا البيت بعدي؟! من سيرمّم جدرانه من تصدعات الغيرة والكره التي تصرّين على دقّ مساميرها بكل وسيلة؟ من سيسقي البذور الجديدة لتخرج إلى النور مُحبة لبعضها؟ "

أخذت آمال ترمش بعينيها وقد هالها انفجار عمها فيها، لم يحدثها بهذه الطريقة قط! وبدلاً من ان يجعلها هذا تستفيق؛ وجدت تلك الخيوط الشيطانية من المقت والحقد تتغلغل أكثر لأعماقها.

استدار الجد يوليها ظهره ليتحرك لاحقاً بأحفاده وقد غفل عن نظرات آمال المشعة بالكره وهي ترى بعيني خيالها عينين خضراوين لم تعد تميز هل هما لندى ام لياسمين! كل ما تميّزه هو رغبة مهولة بالأذى.

***

يتبع...

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:34 AM

بعد ساعة

عند باب الجناح شكر سليمان ابن عمه حامد وهو يأخذ من يده شريط تسجيل الفِيدْيُو الأسود وهو يقول له بصوت خفيض " أتعبتك معي يا حامد، هل تأكدت انها الحلقات الجديدة من مسلسل ليالي الحلمية؟ " فرد حامد " صاحب مكتب تأجير الفديو أكّد لي أنها آخر حلقات نزلت مُسجلة في شرائط الفديو إلى السوق " ثم غمز مضيفاً " اذهب وأفرح قلب ياسمين أن (علي البدري) وصل " ضحك سليمان بخفة ثم ودع ابن عمه واغلق الباب ليقفلها بعدها بالمفتاح.

استدار وهو يتحرك بالجناح وتعابير وجهه تحمل البؤس والهم! لقد اعتاد هو وياسمين على غلق باب جناحهما بالمفتاح دوماً في كل الأحوال، فقد تكررت مواقف سخيفة بالتعدي على حرمة مكانهما الخاص؛ وحتى في وجودهما داخل الجناح، كأنْ يدخل عليهما الاطفال بغتة دون استئذان وهم يضحكون بشقاوة ويرغبون باللعب هناك او يحملون شريط فديو لفيلم الرسوم المتحركة ويطلبون التفرج من جهاز الفديو الخاص بالجناح رغم وجود عدة اجهزة أخرى في البيت الكبير، ليعلم سليمان فيما بعد أنهم مرسلون من أمه وهي من وجهتهم للدخول بهذا الشكل المقتحم دون استئذان! في البداية لم يكن سليمان يسألهم، بل تعامل مع المواقف بحسن الظن وكأن يداعب الاطفال ويسمح لهم احيانا بالتفرج، في البداية لم يكن يسأل وصدّق أنها تصرفات عفوية من الأطفال، خاصة وأن ياسمين لم تكن تشتكي، بل تتقبل شقاوتهم برحابة صدر، حتى اكتشف بالصدفة أنها كانت تخفي عنه الكثير كيلا يتضايق وتحصل مشاكل مع أمه، وكان ذلك حين وصل في أحد الايام ووجد ياسمين على الارض تبكي وبين يديها صور لوالديها قد تم تمزيقها، وعندما سألها من فعل هذا؟ انهارت على صدره وباحت بكل ما تعانيه ولم تعد تحتمله.

أدرك ساعتها أنّ أمه تمارس كل ما تستطيع من حيل لإفساد سعادة ياسمين معه، دون ان تدرك أنها تزعزع سعادته؛ هو ولدها!

لم يعد سليمان يدري هل أمه مدركة أنها تضعه بين نارين؟! نار برّها فلا يريد إغضابها، ونار الحفاظ على زوجته وصون حقها وكرامتها.

غامت عيناه وهو يدخل غرفة النوم ليجد ياسمين نصف مستلقية على السرير وهي تسند ظهرها للوسادة وتمد ساقيها أمامها، تغمض عينيها تحاول الاسترخاء.

كتم تنهيدة وهو يفكر بها كم تتحمل! يوجعه أنها تفعل كل هذا لأجله وهو عاجز عن منحها الحماية الكاملة.

ياسمين ليست حبيبته وابنة عمه التي تربت على يديه فقط، بل حقاً أثبتت له كم هي زوجة رائعة، رقيقة كنسمة ومحبة بشغف، تستقبله بابتسامة مشتاقة متلهفة ما ان تراه وكأن وجودها يعتمد على وجوده فتملأ رجولته بالرضا حتى الشبع، اشياء صغيرة تفعلها تجعله يختنق من فرط المشاعر، تتسلّل لأحضانه في الليل واحياناً تلفُّ أناملها الناعمة حول أحد أصابعه كالطفل حديث الولادة، أحياناً لا يقاوم أنانيته في إيقاظها من نومها الثقيل لينهل من عشقها، وأحيانا يشعر كما لو انها قطعة حقيقية من جسده فلا يطيق ابتعادها عنه.

ما يزال عند باب الغرفة عندما رفع شريط الفديو يلوح به وهو يرسم ابتسامة واسعة معلناً بصوت عالٍ " لقد وصل غريمي (علي البدري) "

أخذت قلبه وهي تفتح عينيها بلهفة طفلة لتهب من السرير وهي تقول " الحلقات الجديدة نزلت؟! " تقدم نحوها وهو يهزُّ رأسه ويرد " أجل، طلبت من حامد أن يستأجرها لنا الليلة من مكتب شرائط الفديو " اتسعت ابتسامتها وهي تخطف من يده الشريط وتقول ببشاشتها البريئة " أتمنى لو كل المشاهد تكون لـ (علي البدري) والأميرة (نورهان) "

يضحك سليمان وهو يراها كيف تضم الشريط لصدرها كطفلة أتتها هدية كانت تحلم بها، انشرح قلبه أنه أسعدها بعدما فعلته أمه حال عودتهما من العيادة اليوم.

نحى جانباً تصرف أمه وكلماتها المؤذية ليركّز على إسعاد ياسمين وتعويضها، ليمدّ يده نحو خدها يلامسه وهو يقول " لحسن الحظ أنك حامل بأنثى، كنتُ سأصبح حديث سخرية أولاد عمومتنا لآخر حياتي لو كنتِ تحملين ذكراً وأسميناه (علي البدري) "

نظرت إليه لتسأل وعيناها الخضراوان تلمعان " هل كنتَ حقاً سترضى أن أطلق على ابننا اسم (علي البدري)؟ " يرد وهو يميل ليخطف قبلة من شفتيها " مؤكد، لقد وعدتك، إن كانت بنتاً نسميها على اسم (الأميرة نورهان) الزوجة الثالثة للـ (الباشا سليم البدري)، وإن كانت ولداً فحظي ونصيبي أن أكون والد (علي البدري) " تحدق في عينيه وتسأل بابتسامة شقية " (علي البدري) وليس (علي) فقط؟ " يعاود الميل نحوها ليطبع عدة قبلات على وجهها وهو يؤكد لها " (علي البدري) وليس (علي) فقط "

وقد كان يعنيها، أحياناً هو نفسه لا يعرف كيف ينتابه هذا الشعور أن ياسمين (ابنته)، فيحقق لها حتى أغرب امنياتها، ربما لفارق العمر الكبير بينهما وقد حملها طفلة بين ذراعيه، وربما لأنها ما تزال صغيرة حقاً لم تبلغ سن العشرين بعد، لكن هذا شعوره بالفعل، رغم إنه شديد الغيرة عليها لكن هناك مواقف كهذه لا يشعر حقاً بالغيرة وكأنه يتفهم شقاوة البنات البريئة فيها بعاطفة أبوة.

همست بمشاعر فياضة وهي تستسلم لقبلاته " أحبك سليمان، كم أحبك! "

مدّ يده ليأخذ منها شريط الفديو ويرميه بعيداً، ثم حملها للسرير وقد غلبته رغبته بوصالها قائلاً بشوق " سنشاهد الحلقات فيما بعد يا أم نورهان "

***

آخر الليل

في ظلمة الباحة الأمامية يكح مجيد من أثر السجائر التي يدخنها بينما يترجل من سيارته بعد أن أطفأ المحرك، وحالما أغلق الباب بالمفتاح أجفل من صوت ولده عماد " أبي " استدار مجيد بعبوس ليوبخه بالقول " كدّت توقف قلبي! ماذا جرى لك لتنتظري في ظلام الليل هنا؟! "

بدا عماد غير آبه بشيء اللحظة إلا الكلام فيما يريد تحقيقه ويقتله منذ سنوات، تقدم من أبيه ليقولها دون مقدمات " متى سأتزوج جنى؟ أظن أنها كبرت كفاية الآن " تطلع مجيد بنفس العبوس لولده قائلاً " هل هذا وقته؟! دعني أهذب لأنام فأنا مرهق " لكن عماد لم ينصاع لأمر أبيه، بل أصر بالقول وجوفه يحترق برغبته في نيل ابنة عمه " أنا اريدها أبي، وهذا حقي فيها ولن أتنازل عنه " صمت مجيد للحظات قبل أن يقول " وأنا قلتُ كلمتي ووعدي أنها لك، ماذا تريد أكثر من هذا؟! "

لم يستطع عماد مصارحة أبيه أنه لا يثق تماماً بهذا الوعد منه، فالعم محمد لم يقل كلمته ولم يمنح وعده، ومهما بلغت مكانة أبيه في العائلة وكلمته المسموعة إلّا إنه لن يستطيع فرض الأمر على عمه، فالعم محمد قد يبدو أنه لا يخرج عن طوع العائلة، لكنه في النهاية لا يفعل إلّا ما يريد، ويبرع في التملص والتأجيل.

اهتاجت ثورة عماد ليقول ببعض العنف لأبيه " أريد وعداً منك أني سأتزوج جنى بنهاية العام الدراسي الحالي، لن يكون لأحد حجة كي يؤجل " تحرك مجيد وهو يمنح ولده الوعد الذي أراده " وأنا أقولها لك؛ ابنة عمك ستكون حلالك بعد شهر واحد من انتهاء امتحاناتها النهائية "

دخل مجيد الدار تاركاً ولده في الظلمة، عينا عماد تلمعان بالانتصار وهو يتمتم " ستكونين لي يا جنى رغماً عن إرادتك "

***

انتهى الفصل التاسع (تحديث 2022)

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:47 AM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 22 والزوار 2) ‏كاردينيا73, ‏اميرة بيتنا+, ‏جود الدنيا, ‏mahaty73+, ‏nemo7233, ‏lolla sweety+, ‏نداء الحق, ‏سلمي و نقطة, ‏paradise91, ‏7oureya, ‏بوسي100, ‏Gorgie!, ‏cadbury chocolate, ‏بحر الكلمات+, ‏سمية أكمل, ‏زينب12, ‏ناي محمد, ‏توتو جوجو, ‏ميرو عمر, ‏ميرديث, ‏عذراء الجليد
قراءة ممتعة اعزائي ... انتظر تعليقاتكم بفارغ الصبر ..
اعذروني على التأخير كومبيوتري فيه بعض المشاكل

كاردينيا الغوازي · 07-05-12, 09:55 AM

الفصل تويل تويل ... يعني استحق تعليقات توييييييييييييييييييلة ....

ميرديث · 07-05-12, 10:09 AM

جنا يا ويل قلبي عليها ... يارب ما تكون من نصيبك يا عماد ..وان شاء الله تتقلب قلبة السنين انتا وابوك على عملتكم السودا دي |..

ياسمين ... كتير بجد ال بيحصلها صحيح هي امال دي مش ها تتعلق على احد الابواب على مدخل المدينه يعني لو ده ال يحصلها فا فرحينا وقولي ده من دلوقتي ..

سميه وحامد طريقكم اخضر ..

يا ويلنا من ال جاي

وخصوصا بعد وفاة الجد فعلا يا ويلنا ايه ال ها يكون مع جنا وايه ال ها يكون مع ياسمين ولسه التقيل جاي ورا ..

عذراء الجليد · 07-05-12, 10:09 AM

الله يكسر خاطر امال ان شاء الله ويهدها رب العالمين ....ادعوا معي بنات ....الله لا يوفقها ....
اول تعليق مني كركر وراجعة بواحد طويييييييييييييييييييل

اميرة بيتنا · 07-05-12, 10:26 AM

الله الله ع الخبر
عرس من بعد شهر ما قريت عدل ( صدقهم هذيل شو الينان (الجنون ) اللي فيهم البنت هب طايقة الولد و يبون عرس
صح ان احب عماد مع ان ثور بس هب حلو ياخذها غصب
اخاف بعدين تكره اكثر
اما امال ( لا بركتن فيج من حرمة)عنبو خلي البنت تستانس
لا ريل لا بيت لا ياهل لا بطيخ حشمتيه
و عيني عينيك تلمح وتنغز ع البينة
الله يعينك يا سليمان
بس بهالطريقة امال بتخرس ولدها (احسن خليها تندم )
اما انت يا كركر فما اقولج لج
غير ان الله يعطيج العافية ع الابداع
و شكرا

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور الانتقال إلى العرض الشجري