عرض مشاركة واحدة
قديم 21-08-18, 07:25 PM   #6

Mermaid3002

? العضوٌ??? » 429198
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 7
?  نُقآطِيْ » Mermaid3002 is on a distinguished road
افتراضي







الفصل الخامس
ورقة الناسك
رحلة البحث عن الذات
"أشعل المصباح لأضيء طريقي, هو أيضا يضيء طريق الباحثين عن الحكمه"

حدثتني سما من المشفى على هاتفي النقال وطمئنتني على أمي قالت أنها بخير و صحت في الساعه العاشره صباحا. "فور أستيقاظها من النوم سألتني عنك . لقد أخبرتها بما حصل, لكنها تريد أن تسمع ماجرى منك . " أنخفض صوتها وهي تقول " أمي مشتاقة لكي كثيرا , وتشعر بالحزن لأنها أنبتك طيلت الأيام الفائته ولم تقف بجانبك "
خنقتني عبرتي و أنا أحاول أخفائها " ماحصل كان مكتوب وليس لها ذنب في ذلك . أنا أيضا أشتقت لها سوف أزورها اليوم للأطمئنان عليها"
فجأه سمعت صراخ شمس وهي تقول " لاتودعيها يابلهااااااااء . أسأليها عن أسم زوجها" وفجأة خطف الهاتف من يد سما وجاء صوت شمس المفعم بالحياة " تعالي من هو زوجك ؟ ما أسمه ؟ و ما أسم عائلته ؟ و ماذا يعمل؟"
أجبتها و أنا أقهقه " أسمه باسل . باسل محمد البسام . يعمل في الأتصالات و مؤسس شركه "
ردت شمس بعجب" مااااااااااذا ؟! البسام عائلة ثرية . زوجك من الأثرياء "
أجبتها بهدوء" أعتقد ذلك . حسنا سأكملك لاحقا. أوصلي سلامي لأمي و قمر. وداعا"
ردت شمس " حسنا . وداعا. لكن ستخبرينا بكل شيء عندما تأتين "
أشاحت شمس بنظراتها لوالدتي وقالت " يالها من مخادعه لقد تهربت من الأجابه عن أسئلتي, أيعقل أن تكون أشاعات خيانتها لعادل حقيقة؟ لماذا تتهرب منا في كل مرة نسألها عن الحقيقة؟! كم هي خبيثه , لا شك عندي أنه زواج مصلحه"

غضبت أمي من كلماتها القاسيه ووبختها بعنف " أخرسي لا تتحدثي عن أختك بهذه الطريقه, أختك ليست خائنه ولا مخادعه. سننتظر ونسمع منها الحقيقة"



يوجد كهف في أعماق ذاتي, ظلمته موحشه , أرضه صلبة قاسية, صخوره مشاعري المتحجره المكبوته على مر السنين. البعد الزمني لهذا الكهف مختلف , هو خارج عن حدود عالمي الحسي , أنه مرتبط بعالمي الروحي, في هذا الكهف أكملت عامي الخمسين بالرغم من أني في العقد الثالث من عمري في الواقع. هنا شعري فضي شائب , وجهي مليء بالتجاعيد وذابل. هنا أنا متحرره من كل القلق و المخاوف, لاتهمني بهرجه الحياة و زينتها, لا تعنيني أقوال الناس و انتقاداتهم . هنا أنا بلغت من الحكمه مايكفيني, لأتقبل ذاتي و ؤمن بها. أشعلت قنديل الأمل بنار الأيمان ووقفت بجانب مدخل الكهف , أتأمل سماء ليلي القاتم . تلألأت منه نجوم تنتظرني لأجمعها و أضمها في صدري.
ستة أشهر مضت على اليوم الذي رفعت فيه أوراق طلاقي للمحكمه. أول شخص علم بالطلاق كان رئيسي بالشركة. تفاجأ بالأمر وفتحت له قلبي . دئما ماكان أبا روحيا لي نصحني قائلا " لا توجد نصيحه أقدمها لك, أنت محامية طلاق و تفهمين هذه الأمورأكثر من أي شخص . إذا رأيتي أن في طلاقك أنصافا لك و لزوجك و أنه لا وجود لحلول أخرى فهذه حياتك . لكن تذكري أنك تستحقين الحب و السعاده الزوجيه مع شخص يقبلك كما أنت "
أتفقت مع عادل على أن نلزم الكتمان هو يخبر عائلته و يمنع أمه من أخبار أمي و أنا أتولى أخبار أمي. في الحقيقة لم أكن قادره على مواجهة أمي و عائلتي لذلك فضلت الهرب .س
ماهذا المكان ؟ّ! أين أنا؟! كيف وصلت إلى هنا؟! مكان فارغ من كل شيء. جدران بيضاء تحيط بي من كل مكان. أخذت اتنقل بين الحجرات , لاشيء .. لاشيء سوا الجدران البيضاء. علني جننت . لحظه أحتاج للأسترخاء, ربما كنت أحلم. أغمضت عيني, و أخذت اتنفس بعمق, استطيع سماع شهيقي وزفيري . سأفتح عيني الأن. اللعنه !! بدأت أغضب لاأزال هنا محبوسه في اللا مكان. أنه مكان يشبه الجحيم , لا أنا مخطئه, فالجحيم أكثر أثاره و متعه من هذا المكان. ليتني كنت في الجحيم على الأقل سأكون محبوسه في مكان فيه أشياء و مخلوقات تشغل عقلي. هنا.. أنا وعقلي فقط .. أفكاري سوف تقتلني .. لا أرى أي شي أفكر فيه , لا أسمع أي صوت يشغلني عن صوت نفسي , لا توجد سوى الأفكار المجنونه التي تقلقني وتقتلني يوما بعد يوم.
"أصمتي قليلا" .. أتسعت حدقتا عيناي و أُصبحت مندهشه .. من أين جاء هذا الصوت؟! لا يوجد أحد سواي. هذا الصوت جديد علي. لا يمكن أن يكون صوت

أفكاري. نعم أنت صوت أفكاري أسمعك. لكن ماهذا الصوت الذي أمرني بالصمت!
وأنا في حيرة من أمري سمعت صوت نبضات قلبي.
"قلبي , أهذا أنت ؟"
"نعم أنا "
" لماذا لم أسمعك طوال هذه السنين"
" عقلك هو السبب"
"عقلي هو السبب! عقلي سوف يخرجني من هذا الجحيم و أنت هنا لتعاتبني وتلومني و لا وقت لدي لمناوشات عاطفيه تافهه بسببك"
" عقلك لا يمكنه أخراجك من هنا"
" ماذا تقول؟ يمكنني الخروج من أي مكان بأفكاري وعقلي "
" يمكنك الخروج ملا ن أي مكان ألا هذا المكان. اقصد الا مكان . هنا أنا المتحكم ولا شأن لعقلك "
"اللعنة أين أنا ماهذا المكان؟!" بدأت أغضب و بدأ صبري ينفد .
"أنتي في أعماق ذاتك "
"لماذا هي هكذا, بيضاء صماء ومملة"
" أنتي من جعلها هكذا, لم تحاولي يوما أن تملئيها بالمشاعر والأحساس. عندما كنتي طفلة كانت ممتلئة بالدفئ و السعاده, لكنك تخليتي عنها وهجرتها بل صرتي تأخذي كل العواطف الأجابيه لتنجحي أعمالك و مشاريعك وهذا جيد وجميل وسوف ترين نتائجه قريبا جدا ,لكن المشاعر السلبية وجهتها كلها بالتجاه عقلك و أخذتي تلومين و تنتقدين و تشكين من أي شخص لا يشاركك الأفكار و الأحساس"
" مشاعر سلبية , ضارة , ماكان يجب علي أن أفعل بها , أتركها تقتلني ؟َ! هذا المكان سوف يقتلني "
" كان من الممكن أن تحوليها إلى مشاعر عطف لمن هم أَضعف منك و ألى مشاعر التسامح مع أعدائك"
" تذكرين صباح يوم الخميس الفائت ؟ ماحدث بينك وبين عامل النظافة؟ شجار كبير لأنه نسي أن يمسح الغبار عن مزهريتك الذهبيه . رفعت شكوى لأدارة الشركة , كتبت فيها أنه لايقوم بوظيفته على أكمل وجه’"
" نعم حصل ولست نادمه, يستحق ذلك . لم يكن مخلصا في عمله "
"أعلم أنك لاتحبين سماع هذه الكمة لكنها الحقيقة أنتي مخطئة تعلمين لماذا؟"
" أولا لم تكن المزهرية الذهبيبة مشكلتك ذلك الصباح , كنت على خلاف مع عادل بعد نتائج الحمل ورفضت التعامل مع أحساسك السلبي لذلك صببت جام غضبك على المسكين , ثانيا لو أنصتي لي قليلا و أهتممتي بهذا المكان لشعرتي بألم عامل النظافة ذلك اليوم , نعم أنت علمت لاحقا أنه كان شارد الذهن لأن أحد أبنائة مريض.
الأبناء..
جرحك النازف ..
هو الذي سيعيد الحياة لهذا المكان "
بدأ الصدع يتزايد في رأسي, شعرت بألم شديد في رأسي , كأن دماغي بدأ يتضخم من قوة الجهد العصبي الذي بذله, و أنا غارقه في دموعي سألت نفسي " و ماذا عساني فعلت ؟ أنا لا أعرف سوى هذا الأسلوب في الحياة, هذه أنا وهكذا سأبقى"
"هذه ليست أنت . و هذه ليست حقيقتك .دعيني أساعدك لمعرفة ذاتك الحقيقية . أسمحي لي بأخذك ألى أن اصطحبك لأعماق نفسك . لتكتشفي جنا الحقيقية"
"أنا خائفة . لا تعجبني هذه الأحاسيس المكهربة"
" لا تخافي تعالي معي . أتبعي صوتي , سأريك مكان جميل"
لم يكن لي خيار آخر سوى أتباع صوتي الداخلي و أحساسي, خرجت من الحجرة البيضاء و أخذت أمشي في ممر أبيض طويل و بدأت أشعر بالضجر و الملل و اليأس لكن قلبي قال لي بأن أستمر بالبحث عن بوابة مدخل في سقف الممر هي الطريق الذي سوف يقودوني إلى العالم الحقيقي من جديد. مشيت و مشيت ومشيت, ثم بدأت بالجري و الجري والجري .لا فائده . أنا غاضبه و مقهورة , اليأس يحاول خنقي . وقفت يائسه قرب الجدار أصرخ, "أريد الخروج , أريد الخروج , لم أعد أستطيع الأحتمال, أخرجوني " صوتي مبحوح كان يخرج بقوة الأمل الذي كان يقاوم أيادي اليأس التي أحاطت بفمي محاولة أسكاتي . يداي تضرب الجدار بقوه
"خرجوني من هنا , لا أريد البقاء, أخرجوني , سوف أموت "
أدرت ظهري على الجدار و نزلقت قدماي على الأرض و أنا اتعرق باكية. رفعت رأسي و إذا بي أري الممر. "لقد وجدته ,أنه هنا , هذا هو المخرج" نظرت للمره الأخيره إلي الممر و أذا بي أرى الحجره البيضاء قريبه جدا مني, " كيف حصل هذا ؟! كنت أسيرهنا لساعات باحثة عن البوابة"
أجاب قلبي" لقد كتني تسيرين و تبحثين بعقلك, العقل هنا عاجز عن البحث, عيناكين الحسية المرتبطه بعقلك عاجزة عن رؤية الأشياء, هذا مكاني وحدها عيناي ترى ماهو موجود في هذا المكان. الأمل و الأيمان هما حاستا الرؤية و بهما تخلقين ماترين و تؤمنين بوجوده , هل فهمتي الدرس يا جنا ؟"
قلت و دموع الفرح تحرق وجهي " نعم فهمت "
" ماذا تريدين الأن ؟"
" أريد أن أتحرر"
" أفتحي الباب "
فتحت الباب و نزلق سلم من فوق السقف, بدأت أبصر النور, أشعة الشمس الذهبية أعادت السعادة لروحي, نسائم الهواء كم هي جميلة, أِشعر وكأنني أطير. صعدت على السلم و أذا بي أطل على حديقة خضراء واسعه وجميلة . أسوارها ذهبية و بها بركة ماء رائعه يتوسطها تمثال كتاب كبير يقرأه طفل صغير, تماثيل الأطفال التي تقرأ الكتب في كل مكان . دققت النظر في الأسوار كانت على شكل أٌقلام مكتوب تصل بين القلمين كلمات تحفيزية. بدهشة طفل بدأ لتوتعلم القراءه أخذت أقرأ الكلمات
" اقرأ, أكتب , تعلم , فكر , جرب , أبدع , تكلم , أنجح , أزدهر ، أنتشر,...."
قاطعني عقلي بسؤال "ماهذا المكان ؟! "
أسكته قلبي فورا " أشششش , أنصتي جيدا, أستخدمني لتسمعي "
"أنا أسمع صوت ضحكات اطفال , أسمع صوتهم يلعبون و يتقافزون في كل مكان , أنا أسمع صوت الفرح و الأمل " كان قلبي تراقص في صدري من السعاده .
"ما هذا المكان الجميل ؟!" تسائلت و الدهشه شقت وجهي ببتسامه عريضه كشمس مشرقة , تلألأت معها عيناي الحالمتان .
" هذا بستان الخير الذي زرعته طوال السنوات الفائته, منذ اللحظه التي وقعت بها عقدك مع شركه البيان القانونية, بعدها بشهر وقعت أول شيك لبناء هذه الحديقه الرائعة"
أغرورقت عيناي بالدموع و أنا أقول " أنت تعني الأموال التي قدمتها لدار الأيتام, أنا لا أصدق, كيف لشيء بسيط أن يَخْلق كل هذا الجمال"
أجابني قلبي " الخير كالضوء قليل منه يكفي لأنارة العالم, هناك أقمار في هذا الكون أشرقت لنعكاس خيرك عليها. "
هدأت نفسي القلقه أخيرا, و أحسست بروحي تتحرر من كل آلامي و وساوسي و مخاوفي . بزغت من بعيد شمس أمل جديده. علني كنت أما لأحدهم دون أن أعلم. هناك طفل يبحث عني و أبحث عنه.
عادت روحي إلى جسدي من جديد, فتحت عيناي بفزع و أخذت نفس عميق , كنت غارقه في نوم عميق.أبصرت نور غرفتي الخافت. كنت مرعوبه و العرق يبلل كامل جسدي . نظرتي ألى الطاولة التي بجانب سريري. أنها أدوية خافضه للحراره و الألم و يوجد مقياس حراره . يبدوا أنني كنت مصابة بالحمى . فجأه تذكرت منامي و تذكرت الأطفال...
"يا ألهي الأطفال بأنتظاري"
قمت على عجل من على السرير و أخرجت لي بعض الملابس من الخزانه و ذهبت
لأستحم . "نعم أنا من برج العذراء و مهووسه بالنظافه حتى في أقسى الظروف, أنت محقه يا أمي !!" حدثت نفسي بسأم و أستهزاء و أكملت حمامي بسرعه, و لبست ملابسي و أخذت مفاتيح سيارتي و خرجت بسرعه كبيره إلى مؤسسة سنابل الخير لرعاية الأيتام. أشغلت الراديو و تعالت أغنية Swedish House Mafia
There was a time
I used to look at my father’s eyes
In a Happy Home
I was a King with golden thorn
Don’t you worry Don’t you worry child
See heaven got plan for you
Don’t you worry don’t you worry now
Yaa
يالهذه الأقدار الغريبه, في ظاهرها ترى الدمار, لكنها في الواقع نجوم هدايه في فضاء ذاتي. نظن أن السعاده و البهجه و النجاح هي ما يجعلنا نهدتي لأنفسنا, لكن هذه الأشياء ماهي ألا زوارق وهميه تطفوا في بحور عواطفنا الحقيقية. هي لا توصلنا إلى العمق ولا حتى إلى النهايه هي فقط تعطينا القوة لنكمل الطريق. الألم و الفقدان و الخساره هي ركائز سفينتنا الحقيقيه المبحره في بحور المشاعر العاتيه.
أقود سيارتي متجهه لدار الأيتام
ويقودني حدسي لمعرفة نفسي
و تقودني الأقدار دائما ليظهر أجمل مافي ذاتي

وصلت إلى دار الأيتام في تمام الساعه السابعه عندما كانت مديرة الدار تفتح الأبواب, خرجت من السياره على عجل وانا ألوح بيدي و انادي بصوت تائه
" أستاذه رجاء, أستاذه رجاء "
أدارت ظهرها و رأت ملامحي الشاحبه المفزوعه أجابتني بندهاش
" أستاذه جنا صباح الخير . مالذي جاء بك في هذه الساعه ؟!"
أستندت على حائط الدار تحت درج الدار أخذ انفاسي, لقد ورمت قدماي من حذائي العالي بسبب الركض. لازالت مرهقه بسبب المرض. أجبت و أنا الهث
" هل لي بالحديث معك ؟!"
"بالطبع ! بالطبع ! تفضلي معي إلى المكتب"
تغير المبنى كثيرا عن آخر مره كنت هنا قبل ثلاث سنوات بعد ستلامي الوظيفه فورا, لاحظت مكتبه كبيره تطل على الحديقه .
قلت بسعاده " المكتبه جميله ."
اجابتني " نعم أنها جميله جدا, بناها أحد الأثرياء" وواصلت قائله " في الحقيقه أذكر انه جاء بعدك في نفس اليوم , منذ ذلك الحين الكثير من التبرعات أنفقت لتحسين مستوى التعلم لدى الأطفال. أنه شخص كريم جدا لم يكتفي بالمكتبه فقط بل تفكل بتأسيس مشروع لدعم الأطفال لأكمال دراستهم "
كنت منصته لها بعمق و مندهشه مما أسمع, قلت في نفسي " الثراء يحقق المعجزات لاشك في ذلك, لأدري أن كنت سأنفق كل هذه الأموال لو كنت ثريه, ربما هذا سبب من أسباب عدم ثرائي"
دخلنا المكتب ودعتني إلى كوب من القهوه قالت لي " طبعا لك كل الشكر والتقدير أستاذه جنا لاتظني أن ما تقدميه كل شهر قليل , على العكس تماما .عطائك يحدث تغيير في هذا الكون."
أجبت بحرج " لا على العكس تماما, أنا أرى ما أقدمه قليل جدا, بالطبع ليس بمقدوري أن أعطي كل هذا العطاء, لهذا جئتك لأسألك عن ما يمكنني فعله"
ردت محتاره :"ماذا تقصدين ؟!"
قلت وأنا مرتبكه ويداي ترجف من البرد" أريد أن انضم إلى حملاتكم التطوعيه في الخارج " سألتها بقلق " هل يمكنك مساعدتي ؟ أنا فعلا أحتاج لسفر تطوع "
لا أعلم كيف خرجت هذه الكلام من فمي ,هل أنا أهذي بسبب المرض؟. لأول مره أتخذ قرارغير عقلاني. قرار من قلبي . ربما كنت أحلم لا أدري.
اجابتني بأسف: " لا أعرف ماذا أقول. لكن توقفنا عن أرسال الحملات التطوعيه منذ ثلاث سنوات الماضيه وقررنا التركيز على الدار الأيتام وتطويرها"
أنزلت رأسي بأحباط و أسف وحدثت نفسي " حتى عندما قررت المساعده, القدريمنعني"
عندما رأت الأنسه رجاء غيمه سوداء تمطر الهموم فوق روحي قالت "لكن .."
رفعت رأسي بأمل " لكن ماذا؟! أرجوك أي شيء ساعديني "
"لكنني على أتصال بدور الأيتام الأخرى ولي علاقات مع منظمه حقوق الطفل يمكنني السؤال و المساعده"
برقت عيناي وأشرق الأمل في روحي" أرجوك تواصلي معهم و أخبريهم أني أريد المساعده, لكن لا أستطيع البقاء بالبلد, لدي ظروف عائليه . يجب ان أسافر".
واصلت بحماس " قومي بالأتصال الآن أرجوك, أرجوك"
أجابتني بتعجب " الآن ! لا أعتقد انه بالأمكان لدي الكثير من الشغل . أعدك أن أقوم بالأتصال اليوم فور أنتهائي من بعض الأعمال"
"شكرا لك على تفهمك, انتظر أتصالك بفارغ الصبر"
"لا تقلقي عزيزتي, سأبذل كل جهدي لمساعدتك, أنتظري هاتفي "
خرجت من دار الأيتام و ذهبت لمقهىً أعتدت على أرتياده كلما دخلت نوبه أكتئاب .
عند وصولي للمقهى نظرت إلى الكرسي الخلفي و أذا بي أجد كتاب أمي الذي صدر حديثا “الفلك و الحياة" , أخذت الكتاب معي لم يكن لدي ما أقرأه سواه, تذكرت كم كانت أمي فخوره بهذا الأنجاز وكم كنت سعيده لأشاركها لحظات توقيع العقد و تخليص جميع الأمور القانونيه لها. كل تلك اللحظات بين دور النشر و معارض الكتب و مؤتمرات و نوادي الفلكيين, كنت غريبه عن الجميع و سعيده بأمي . لطالما كنت مختلفه عنها كثيرا فأنا صوت العقل و هي صوت الحدس, أنا أرى الموجود و أمي ترى المحسوس, لي عينان و لها بصيره. كنا مختلفتين جدا مثل أقطاب المغناطيس لم نلتقي أبدا, بالرغم من أننا لم ننفصل يوما.

نزلت المقهى و شتريت قهوتي السوداء المفضله مع قطعه بسكويت الشوكلاته اللذيذ, جلست على طاوله صغيره في زاويه المقهى بجانب النافذه و أخذتني أفكاري بعيدا.أخذت أفكر بنفس الأفكار التي تراودني كل يوم زواجي , طلاقي , عقمي , و عملي و عائلتي . هذه الأفكار السلبيه اللعينه لازالت تحبسنيي ولا زلت سجينتها. لن أستسلم لها لقد جاء الوقت الذي أتحرر فيه من هذه اللعنه, جاء الوقت الذي أبصر فيه الواقع على حقيقته, وليس كما تصوره لي هذه الأفكار السوداء. فتحت الكتاب لأغير مجرى تفكيري لطالما حررتني القراءه من كل هذه الهموم والوساوس.
فتحت الكتاب لأول مره منذ صدوره , كانت جلدته قاسيه وجديده و أوراقه ملساء و ناعمه. بدأت القراءه من الفصل الأول وكان عنوانه القمر, أرتسمت على وجهي أبتسامه حنين , لطالما أحبت أمي القمر ليس غريبا أن تبدأ الكتاب به. فالقمر يعني الأحساس و الحدس, و القمر هو ساحر الكواكب ويلعب على المشاعريسبح بها في مده وجزره. كتبت أمي في كتابها
" يستقر القمر في كل برج يومين و نصف يوم و تتغير مشاعرنا و عواطفنا بتغير المنزل الفكلي ,أي البرج, للقمر. في نهاية هذا الفصل يوجد جدول لموقع القمر خلال هذه السنه يمكنك مراجعته بعد فهم المنازل الفلكيه و تأثير القمر عليك في كل منزل"
نقلني فضولي إلى الصفحه الأخيره من الفصل و أخذت أقرأ الجدول. اليوم هو اليوم الرابع من شهر يوليو والقمر اليوم في برج القوس و سينتقل إلى برج الجدي غدا. ماذا يعني هذا الكلام؟! رجعت إلى الصفحات الأولى لأقرأ التحليل.
كتبت أمي" القمر في برج القوس وهو المنزل الرابع لبرج العذراء يعني الأمومه و الوطن و البيت و العائله وكل مايخص هذه المفاهيم في حياتنا. أن تواجد القمر هنا يعني أن المشاعر سوف تتوجه نحو هذه القضايا.هو أيضا المنزل المسؤول عن الأستقرار النفسي و السلام الذاتي. أن وجود القمر في القوس و في المنزل الرابع يعني أنك سوف تبحثين عن هذه المفاهيم خارج بلدك الحقيقي وربما كان هذا أشاره على بناء بيت في بلاد بعيده أو ولاده في بلاد بعيده أو وجود الأستقرار في الخارج أكثر من الوطن "
تجمد عقلي للحظات ,ولوهله عميت عيناي عن الرؤيه, كانت الحياة مستمره أمام عيني , ولكنني كنت في قوقعتي الخاصه, حيث وقف بي الزمن مرة أخرى. كيف لأمي أن تتوقع دروس الحياة التي سأخوضها في المستقبل قبل حدوثها بسنه؟!.
فكرت فيما مضى خلال اليومين الفائتين, أمي و أنا و الأمومه. لايمكنني تقبل حقيقة أني لن أكون أم. لماذا عاقبتني الحياة هكذا؟! أنا لا أستحق كل هذا, حتى لو تسببت في هدم الكثير من الأسر, تلك كانت وظيفتي. أنا لم أختر لهؤلاء الناس الطلاق و هدم بيوتهم أنا فقط أنهيت الأمور القانونيه. صمت عقلي و صرخ قلبي أنا أكره عملي أكره كل ما حصل. لقد تسبت في بكاء الأطفال وأوجاعهم , وتسببت في تمزق أسر سعيده لقد قهرت الكثير من القلوب البريئه, كيف سيطرت بشاعة والجشع على روحي و جعلتني أقتل تلك الفرحة الوليده. أنا أستحق كل مايجري لي كم كنت قاسيه و جشعة ولئيمه.
هززت رأسي بحنق و غضب و قلت لنفسي مرة أخرى يسحبني شيطان الأفكار السلبيه لأعماق وحل الماضي القذر. أنا لست سيئة,أنا فقط لم أكن ناضجه أو حتى واعيه لما يجري نحوي. لكن الان أنا فهمت الدرس و سوف أغير من نفسي. لقد حكمت علي الحياة بقدر, صنعته أنا لنفسي من جراء أفعالي, ولن يتغير هذا القدر المشؤم إلا أذا غيرت من نفسي.
دوى صوت هاتفي المقهى الهادئ وأعتلى صوت رنينه و هتزازه على الطاولة , فأخرجني من قوقعة أفكاري القاسيه. كانت المكالمه من السيده رجاء. برقت عيناي من الفرح وتنهدت السعاده, كنت متفائله بشكل عجيب. أجبت على مكالمتها
" أهلا سيده رجاء , هل من جديد في موضوعي" لقد أنساني الحماس أبسط آداب الكلام, و هجمت عليها بشراسه. لامجال لليأس أنا حقا أحتاج هذه التجربه لتفكير عن شعوري بالذنب و لأربي نفسي على العطاء بعد سنين من الأخذ.
"أهلا جنا, لدي خبر سار . لقد تواصلت مع منظمه حقوق الطفل ولديهم رحلة قريبه إلى احد القرى الفقيره في الصين خلال الأسبوع القادم ولكن .." صمتت لبرهه,و صرخت بأندفاع..
"لكن ماذا؟! هل توجد مشكله "
" لا لا توجد أي مشكله, لكن رئيسه المظمه طلبت مقابلتك شخصيا, و بعد المقابله سوف تخضعين لدوره تدريبيه قبل الذهاب "
"حسنا. أنا موافقه, كيف يمكنني التواصل مع الرئيسه"
" سوف أملي عليك هاتف مكتبها. تدعى بالأنسه حياة, أتمنى لك التوفيق ياعزيزتي"
أمسكت يدي القلم و أخذت تكتب الأرقام, أذناي تسمع ما يملى عليها ودماغي يفتح ملفات الذاكره التي تخص الأرقام , و أصابعي تستجيب لما يمليه عليها الدماغ. كان جسدي كالروبوت يعمل ولكن أحلامي خطفت روحي. كنت أحلق في غيمه أحلامي و أسبح في سماء السعاده, أنا على بعد ساعات من شروق الأمل. تجربه جديده, بداية جديده و فرح قريب.


Mermaid3002 غير متواجد حالياً