عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-20, 11:17 PM   #300

نورهان عبدالحميد

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص من وحي الاعضاءوألتراس المنتدى الأدبي وبطلة اتقابلنافين؟وشاعرةوقلم ألماسي برسائل آدم ومُحيي عبق روايتي الأصيل وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية نورهان عبدالحميد

? العضوٌ??? » 300969
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,663
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond reputeنورهان عبدالحميد has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ليعي البشر السر العظيم... فان أرادوا حياة ...فليفسحوا في قلوبهم مجرى ...لنهر من الحب .
افتراضي



جميلاتي قبل ان ابدأ اذكركم بملاحظة كتبتها بتقديم هذا العمل

(الحوار لا يمثل الرأي الشخصي للكاتب دائما بل يمكن أن يكون عرض لوجهات نظر شخصيات متعددة بأساليب تفكير مختلفة.)

بهذا الفصل سيتم ذكر المشهد الوحيد الذي ظهرت به صدفة بروايتي ( عشقك عاصمة ضباب ) للتذكير بما حدث في حفل عودة حمزة وقمر العامري

قراءة ممتعة مقدما




البريق الرابع

أسوان

بعد صلاة العشاء خرج يستقبله أمام ورشة ميكانيكا السيارات التي ورثها أباً عن جد .. لم يتعلم بل ورث الخبرة مع الورشة وبتعليم أبيه شق طريقا في الحياة
خبرة ميكانيكية وخبرة حياتية جعلت روحه نقية ليستقبل وافده بحفاوة الترحيب والتواضع

" أنرت يا أكرم .. هذا العمل لا يليق بك لكن حتى تجد عملا مناسبا "

نظر أكرم حوله بورشة السيارات والحركة العمالية الدائرة بها ليقول بشبه ابتسامة

" مناسب يا مرتضى .. سلمت "

يربت مرتضى على كتفه قائلا

" البلد ليس به عمل ماذا نفعل ؟ "

للحظات ظل أكرم صامتا وكأنما توقفت ردوده كما توقفت حياته ، هذا العمل الذي وجده بعد طول بحث ، وللحق هو لم يجده بل طلبه من مرتضى وهو لم يتأخر أن يلبي
الورشة هنا بالحي الذي انتقلوا إليه من سنوات بعد أمر الإزالة الذي جاء للبناية التي يسكنون بها قديما ، هنا التقى بابنة الجيران ليتعذب بها بقية حياته
لا يعرف لمَ أعاد ما قاله مرتضى مجددا لتنغزه كلمة بلد فيدافع عنه رغم نبرته الخافتة بالخسارة

" البلد به عمل لكن لمَن يبحث جيدا يا مرتضى"

لكن أيضا ليس للشبهة أمثاله !
هو المهندس المعماري الذي حارب وانهزم لينتهي به الأمر مكسورا يحاول الاقتناع بحاله
يبتسم مرتضى متنهدا يرد بتواضعه

" على كل حال .. هذا العمل سيعطيك خبرة في مجال آخر وهذا جيد "

اومأ أكرم برأسه فقال مرتضى وهو يسبقه للدخول

" هيا الآن سأكون معك خطوة بخطوة "

تحرك أكرم خلفه لكنه التفت نحو بناية عبد الجليل يتذكر يوم طردهم منها ، والدته تمنعه عن الذهاب لفؤاد بعد كل هذا وبعدما عرفا حقيقة ما حدث بالماضي
تخاف الثأر لدرجة أن جعلته يقسم بالله ألا يذهب إليه
لكنه سيقنعها أن يذهب يسوي كل تلك الأمور العالقة بل ويحاسبه على ما فعله بأخته
سيارة فارهة دخلت الحي لفتت انتباهه لتتوقف أمام البناية تماما وينزل منها شاب وسيدة كبيرة السن ، أخرج الشاب باقة أزهار صفراء كبيرة وعلبة حلوى من سيارته ليصعد هو والسيدة للبناية !
أزهار وحلوى وسيارة ! .. والبناية ليس بها إلا ابنة عبد الجليل المخطوبة و ... دموع !
ظل أكرم مكانه لحظات كأنما توقف جسده عن الحركة كقلبه المصدوم ليعلو صوت مرتضى من الداخل

" يا أكرم تعال هيا "

أعاد أكرم بصره إليه ليتحرك بصعوبة داخلا للورشة.


وبالأعلى جلست دموع على أبعد كرسي بغرفة الصالون أمام العريس المصون ووالدته تسأل بابتسامة سمجة

" وأنتِ لم تُخطَبي من قبل أبداً يا حبيبتي ؟! .. سمعت أن عمركِ ثلاثين عاما !! "

نظرت دموع لوالدها جمال الجالس أمامها يبتسم بيأس من العريس الغير مناسب ثم رفعت ذقنها ترد ببرود

" لا للأسف .. الرجل الذي أحبه لا يريد الزواج بي بعد أربعة عشر سنة حب !!.. تخيلي يا ( طنط ) !! "

هز الشاب رأسه جوار والدته المصدومة مثله قائلا

" نعم !! .. ماذا تقولين ؟! "

أجابت دموع ببديهية باردة موجهة حديثها لوالدته

" أقول يا ( طنط ) ! .. أم أقول يا ماما أفضل ؟! .. أظن عمركِ تخطى الستين يا حاجة وماما ستليق بكِ أكثر "

هتفت والدة العريس بشر

" نعم يا حبيبتي !! "

ابتسمت دموع ساخرة بوجه الشاب لتسأله بملامح جامدة

" وأنت .. هل نزلت ثورة الخامس والعشرين من يناير ؟ "

امتعضت ملامحه مكررا باستغراب

" ثورة ! "

تنهدت دموع لتسأله مجددا

" ماذا تعرف عن حلف الناتو ؟ "

تبلدت ملامح الشاب ووالدته ناظرين إلي مجنونة رسميا لتقف دموع تقول

" ألا تعرف ما هو حلف الناتو ؟! ... طلبك مرفوض "

تنهد جمال ناظرا إلي رفعة وقفتها بحزن ، دموع تريد رجلا على مستوى تفكيرها وموقفها السياسي .. وللأسف ذلك الرجل في حضرة الغياب.





نزل العريس ووالدته بباقة الأزهار الصفراء تهتف

" هيا يا بني هيا هذه مجنونة "

نظر الشاب ليديها قائلا بحسرة

" أمي هل نسيتِ علبة البسبوسة ؟ "

ضربت السيدة على رأسها ترد بفجيعتها الكبيرة

" لقد وضعناها على طاولة بجوار الباب فنسيتها لكن والله لن اصعد لذلك البيت مجددا .. هيا هيا عوضك على الله يا بني "

يركبان السيارة ليغادرا فلم يقاوم أكرم تلك النار التي يقف عليها ليخرج مسرعا من الورشة هاتفا

" سأفعل شيئا واعود حالا يا مرتضى "

يتجه للبناية صاعدا حتى الطابق الثاني ليتوقف أمام شقتها حين سمعها فتأكد أن العريس جاء لها حقا .. بدأوا يدقون بابها بهذه السرعة .. ومنذ متى توقف دق الباب ؟!
وبالداخل لا يعرف جمال ماذا أصابها في وقفتها الساكنة إلا حين استدارت إليه وعلا صوتها

" قلت لك لن أتزوج بهذه الطريقة أبي "

رد جمال مجفلا

" لم أقل تزوجي .. هل رأيتِ المأذون بالباب ؟! .. قلت قابلي مَن يريدون خطبتكِ على الأقل "

تهتف دموع بعصبية

" لا أريد رؤية أحد "

استند جمال برأسه على عكازه مهموما ثم نظر إليها متسائلا بنبرة أجفلتها هى

" أما زلتِ بانتظار أكرم ؟ "

قبض أكرم يده وهو يقف خلف باب شقتها ينتظر ردها الذي جاءه بنبرة فارغة جامدة

" لست بانتظار أحد لكنني لن أباع كبضاعة يأتي مَن يعاين ويشتري "

تتجعد ملامح جمال حزناً قائلا

" أنا سأبيعكِ يا دموع ! "

يتأسى وجهها فتظهر خطوط تحت عينيها الدقيقة تشي بخسارة قلب رقيق ومرارة عمر ماضٍ معتذرة

" أنا آسفة .. آسفة .. لم اقصد "

عيناها تدمعان بضعف تخفيه أمام والدها لكنه يلمس وجع روحها قائلا بحزم

" أنا فقط لا أغلق الباب أمام أحد مناسب .. ولن أغلقه مثلكٍ يا دموع "

أطرقت دموع ترجع شعرها الطويل للخلف متنفسة بقوة تريد حلا ، عالقة هى ..
في منتصف رجل انغمست وتشتت أمرها حين لفظها بعيدا
ترفع رأسها تنظر لوالدها ثم تتجه للباب ترتدى معطفها المعلق قائلة

" سأنزل لأشتري شيئا "

تركها جمال تخرج لتفعل ما تفعله كل مرة .. تحت درج البناية جلسة بسيطة تركها حارس البناية يوما لتظل مكانها تتخذها دموع مجلسا للوحدة .. واليوم تركها تبكي حزنها علها تفيق لنفسها أخيرا.


تنزل دموع الدرج إلي جلسة صارت جلستها ، تعتني بها وتنظفها لتظل لها ، خاصة أن لا أحد يأتي إلي هنا سواها .. وأكرم
كانا يجلسان هنا بسنواتهم الأولى بكلية الهندسة ، ليدخل أكرم معتقله يكمل به أخر سنة بعد التماسات عديدة للمسؤولين ، وتكمل هى سنتها الأخيرة ناسية نفسها ومذاكرتها ، تجهز له هو أوراقه ومحاضراته تبعثها مع والدته وأخته وهو يرفض مقابلتها
لتكمل بعدها رحلتها في معهد الموسيقى .. لأجل صوته.
ما إن نزلت أخر درجة متجهة لتحت الدرج تضيء هاتفها حتى فوجئت به أمامها مستندا للجدار
واقفا في ظلمة تماثل ظلمة روحه
أربعة عشر عاما حب بعينيه .. وبعينيها أضعافهم انتظار وحزن وخذلان
نظرة جعلت شفتيها ترتعشان بدموعها لتقول بألم ساخر

" لا تنظر إليّ هكذا وإلا ظننت أنك ما زلت تحبني لا قدر الله ! "

لا تعلم ماذا جاء به الآن هنا لكنه أمامها
يمد كفه نحوها ينادي قلبه قبل لسانه

" تعالي "

تنساب دموعها ضعفا لسلطة فرضها قلبها عليها نحوه ، لا أحد تستمع لكلمته .. إلا أكرم
تنظر لكفه ممدودة للفراغ فتشيح بوجهها ليسقط أكرم يده قائلا

" لا تفعلي شيئا رغما عنكِ "

تقسم أنها نبرته القديمة لكن .. منهزمة
لم تنظر إليه وهى ترد بخفوت

" انتظارك كان بإرادتي ماذا أخذت منه ؟! "

يقترب أكرم منها وقلبه ينقبض بحدة يتأمل ملامحها الجميلة بوجهها المستدير على الضوء الخافت قائلا

" يداكِ ترتعشان على الكمان .... خفت أن تهتز إرادتكِ وقراراتكِ أيضا بعد ... "

صمت .. فرفعت عينيها إليه تكمل

" بعدك !! "

ينخطف لوهج عينيها كما تنجذب إليه رغم قوة صوتها

" تظن أنك محور حياتي وكل حياتي واقفة بعدك "

يتمالك مشاعره كي لا يعانقها هروبا فيها فيقول باختناق متحشرج مكتوم الغضب

" أنا لم اعد اصلح لكِ دموع افهمي .. أكرم الذي تعرفينه انتهى ولن يجلب لحياتكِ سوى الدموع التي وعدتكِ ألا تنزل من عينيكِ "

تعقد دموع حاجبيها محاولة أن تفهم متسائلة

" لهذا قلت لي أنك لا تحبني ؟! "

نظر أرضا .. ففهمت !
اتسعت عيناها رفضا ولم تشعر وهى تدفعه بقبضتها في كتفه قائلة بحدة

" هل تخاف عليّ منك حقا ؟! .. انتظرتك ثماني سنوات وأنت ترفض مقابلتي وتأتي الآن تقول لي لا اصلح لكِ !! .. لكن تستطيع أن تهديني لغيرك كي يمتلكني ويتمتع بي وتحولني أنا لخائنة وأنا افكر بك على إنك هو "

يقبض أكرم على كتفيها هاتفا بلا وعي

" دموووع "

تنظر لعينيه المظلمة يهالها انفعال تلك الكلمات على وجهه .. غيرته تتفجر كما لم ترها قبلا على ابن الجيران .. غيرة رجل تراها حارة حارقة
تأوهت دموع من قوة يديه محاولة الابتعاد فتهدأ نبرتها قليلا

" أكرم لم ينتهِ .. دعنا نبحث عنه معا .. دعنا نعيده معاً "

يتركها أكرم بملامحه المعذبة يستدير لا ينظر إليها فتضع يدها على كتفه بملامحها العاشقة وقولها العذب

" تزوجني أكرم .. لا أريد منك شيئا .. لا أريد سوى أن احمل اسمك لكن لا تسلمني لغيرك ليأخذ ما هو ملكك منذ مولدي .. أنا أحبك أكرم "

ابتعد أكرم نافضا يدها عنه يقول بقوة

" افهمي .. أنا شبهة وسأحول حياتكِ إلي جحيم "

اقتربت دموع أكثر تهتف

" قلت لك أنت لست الوحيد الذي سُجِنَ ظلما "

استدارت تواجه عينيه الحمراء غضبا وعذابا تتابع بصمودها

" نحن نزلنا الثورة معا يا أكرم .. حلمنا بـ ( عيش وحرية وعدالة اجتماعية ) .. وسرقوا حلمنا .. نحن أبسط شباب في البلد لم نكن ننتمي لحزب يسند ظهرنا ولا لرجل سياسي يدفع لمَن يهتف لمصلحته .. نحن صدقنا حلماً وأردناه بأرواحنا .. أردنا أن يكون لنا كلمة في حياة ضاع منها سنوات بنفس الوضع .. البلاد تتغير مَن يحيا ومَن يموت ونحن على نفس الحال .. وضاعت ثورتنا بعدما ظننا أننا نجحنا .. ضاعت وكدنا نضيع معها "

بوسط الظلام وضوء هاتفها بيدها يضرب الجدار بقبضته هاتفا بحرقة

" كدنا نضيع !! .. كدنا فقط ؟! "

تقف دموع جواره لا تهتم بيأسه تواجهه أكثر

" لو لم يقل الشعب كلمته لكنا اليوم في عهد التوريث ونفس الأشخاص وأولادهم يحكمون البلد إلي الآن .. أم نسيت ؟! .. أما أنت وأمثالك .. فأنتم لم تضيعوا يا أكرم .. كل ثورة في العالم لها ضحاياها .. كلنا نزلنا وأرواحنا على كفوفنا فداءا لمصر "

يهز أكرم رأسه وصوته يختنق بنفس النبرة المحترقة

" ليتنا لم نفعل "

تتمسك بكتفه تدفعه لينظر إليها قائلة بقوة روحها

" نحن لم ننزل ضد شخص يا أكرم .. نحن نزلنا ضد فكرة .. نزلنا ندافع عن هدف وحرية وعدالة .. نحن لا نحارب الأشخاص بل نحارب أفكارهم .. أليس هذا كلامك ذات يوم ؟! .. أن الشعب المصري عاطفيا بطبعه ويُشخِص كل الأمور فيكره العاصي والمعصية معا بينما الحق أن نكره المعصية ولا نكره العاصي بل ندعو له بالهداية .. أليس هذا أيضا ما قلته لي ؟ .. نحن نزلنا الثورة رغبة في تصحيح وضع وليس إيذاء احد حتى لو كان ظالما .. وهذا أيضا كلامك "

تهز أعماقه تتداخل بروحه وهى تلمس وترا مؤلما له

" أنسيت خالد سعيد يا أكرم .. نسيت دموع والدته ؟ "

دمعت عيناه .. خالد .. ذلك الشاب الذي جاء الدنيا ليكون شرارة الثورة .. ويرحل
بظاهر يده يمسح دمعة بزاوية عينه والألم يتشعب بكل جسده متسائلا بحشرجة

" وهل تغير الوضع الآن ؟! "

عيناها تتوهجان وهى تهتف بأمل صامد حر

" نعم تغير .. نعم .. الآن سيكون للبلد رئيس جديد كل عدة سنوات حتى إن تجددت مدته بإرادة الشعب "

التفت وجهه إليها ساخرا بقسوة

" إرادة الشعب ! "

أظافرها حفرت بكتفه ترد بغضب

" لا تكن مثل هؤلاء الذين يريدون أن يأتي الرئيس بعصا سحرية ينفذ لهم ما يريدون .. كل بلاد العالم بها مشاكلها لكننا لا نعرفها لأننا ننظر من الخارج للصورة اللامعة القوية .. لا تخبرني أن بإمكان أي رئيس أن يحول دولته لأقوى وأغنى دولة بالعالم في يوم وليلة .. ولا حتى بسنة أو عشر .. هناك شعب كامل ملايين البشر في رقبة فرد واحد ولا أحد يبدأ بنفسه "

أطرق برأسه وأفكارها تنكشف له كما علمها من قبل وجدها ، وهى تزرع به ما زرعه بها

" لكننا الآن معنا الحل الأفضل .. أن يأتي رئيس كل عدة سنوات محددة يفعل ما بوسعه لصالح البلد ثم يرحل ليأتي غيره فيفعل أكثر مما فعل سابقه حتى يُذكَر بالتاريخ أكثر ويأتي مَن بعده ويفعل أكثر وأكثر وهكذا وهكذا وكله بالنهاية يصب لمصلحة البلد والشعب "

وجهها يكاد يراه واضحا يشع ويشع وقلبها يطرق بعنف شديد تواصل

" هذه هى سنة الكون يا أكرم .. التغيير .. الليل والنهار يتعاقبان كل يوم جديد ونحن ما زلنا نعيش بوهم الساحر المُنتظَر الذي سيصلح كل شئ حتى نحن .. ما زلنا بالبداية لذلك لا نشعر بالتغيير أو نشعر أن الوضع يسوء .. لكن لننتظر ونرى "

عيناه تحتد على وجهها وجسده وأفكاره ومشاعره وكله معها يتفاعل ويتفاعل وهى تواصل وتواصل

" لا أحد يبدأ بنفسه .. بلدنا التي كدنا نموت من أجلها وأنت سُجِنت مطالبا بحريتها رجالها يبصقون على شوارعها ويلعنونها ويلعنون أنفسهم لأنهم منها "

صمتت صدرها يعلو ويهبط بقوة وهى تنظر له تنتظر عودة محتومة
تتوهج بقوة مواقفها وافكارها وحريتها وينتقل وهجها إليه لكنه .. لكنه ..
خسف الأرض تحتهما معا بكل برود

" أنا لم أعد اهتم بالسياسة دموع "

سكنت دموع أمامه ولم تستطع إلا همسة

" سياسة ! "

بعد كل ما قالت لم يهتز به إحساس واحد !
أكان عابرا بسبيلها .. لا يليق بأنثى المطر
بوقته تخلو الطرقات وأرصفة الذكرى من عبير البشر .. لكنها التي ترى ذاتها تحت قطرات دمعه
موسم الشتاء وقوته
واثق الخطى يمضي رعداً .. ومن قوته جاءت قوتها
يدها المنسية على كتفه تبتعد لتتقبض بتلك القوة هاتفة وهى تدفعه بكتفه مجددا

" إذا انكسرت هكذا واستسلمت فأنا التي لا تريدك "

غادرت من أمامه لتتركه في ظلامه الذي اختاره .. ظلاما قاتلا.



ليلة طويلة قضاها بالورشة يحاول أن يتناسى صوت دموعه وروحه والشيء الوحيد الذي يمتلكه بالدنيا
يسير عائدا لمنزل عمه قاسم في ظلام آخر .. مختنق الروح .. بارد الجسد
يدخل أحد الشوارع الجانبية شاعرا بحركة مريبة خلفه !
استدار أكرم ينظر بحذر و ...
عصا غليظة نزلت على رأسه ليضع كفه على رأسه الذي غرق دماءا .. وعصا أخرى ضربت ظهره ليقع على ركبتيه هاتفا بصعوبة

" مَن أنتم ؟ ... ماذا تريدون ؟ "

لكن لم يجبه أحد والضربات تنزل على جسده حتى تركوه بالشارع بألم مبرح ..
وذكرى لها تطفو بعقله

" دموع !.. ما هذا الاسم .. كيف اسموكِ اسما كهذا ؟! "
" ما به ؟! .. إنه رقيق وجميل "
" يقولون أن كل شخص يأخذ نصيبا من اسمه .. لكن اعدكِ يا دموع أني سامنحكِ كل السعادة ولن تنزل من عينيكِ الجميلة دمعة واحدة معي "
" وأنا أثق بك أكرم "

خان الثقة .. خان كل شيء ، في وقتٍ لا يصلح فيه الندم.



تجلس الزهراء على الأريكة بالبهو تنتظره بأول يوم عمل له ، تنظر للساعة التي تجاوزت الثانية صباحا بقلق
وكيف لا تقلق و' فؤاد رافع ' ابن عمهما راسل ؟!
طرقات ضعيفة على الباب جعلتها تنهض مسرعة لتفتح و.. بعد أول نظرة للمنظر أمامها صرخت

" أكــرم !!! "

فأمامها بالكاد يقف أكرم على قدميه مغرق الوجه بدمائه ليدخل الشقة بصعوبة وهى تصرخ

" أكرم مَن فعل بك هذا ؟! "

ركضت ألماسة من غرفتها على صوت أمها فشهقت متفاجئة لتهتف الزهراء وهى تسنده لصدرها

" اطلبي سيارة لنذهب به إلي المشفى "

رد أكرم بخفوت متألم مستندا على أمه

" لا .. مشفى لا ... أنا سأكون بخير "

تتجه ألماسة إليهما تسنده معها بينما تبكي الزهراء بحرقة وهى تلبي طلبه كما يريد

" حاضر يا حبيبي حاضر .. اطلبي الطبيب يأتي ويراه يا ماسة "

توميء ألماسة برأسها قائلة وهى تسنده بذراع ويدها الأخرى تحاول مع هاتفها

" حاضر "


بعد ساعة كانت ألماسة تتلقى تعليمات الطبيب وتأخذ الوصفة الطبية لتشكره على حضوره بهذا الوقت وتوصله لباب الشقة .. بصمت أخذ عمها قاسم الورقة من يدها لينزل ويحضر الأدوية وتقف هى تفكر فيما حدث
أعصابها مفككة تنظر حولها بحزن يتراكم داخلها ولا مجال لتخرجه

صوت رسالة على هاتفها أجفلها ففتحته تقرأ

( كنت قد قررت أن ابدأ بكِ بما إني نذل كما قلتِ ، لكن بما إنكِ قوية لهذه الدرجة فلن يكسركِ إلا أمكِ وأخيكِ ، شاهدي جيدا قبل أن يحين دوركِ يا بنت زاهد )

قبضت ألماسة على هاتفها وقلبها ينقبض أكثر وأكثر.

دخلت غرفة أكرم الهامد الجسد مربوط الرأس على سريره تحمد الله أن الأمر ليس أكثر من كدمات وسيزول ألمها بالوقت
تسمع سؤال الزهراء وهى ما زالت تبكي

" مَن فعل بك هذا ؟ "

يحاول أكرم الوصول ليدها قائلا بألم

" لا اعلم ... كانوا ثلاثة أشخاص لم أرهم من قبل "

تتمسك الزهراء بكفه قائلة بغضب

" فؤاد أرسلهم أليس كذلك ؟ "

هز أكرم رأسه يرد

" لا اعلم "

لكن صوت ألماسة ارتفع بقوة

" لا "

نظر كلاهما إليها باستغراب فتابعت بنفس النبرة

" فؤاد هذا يضرب بنفسه لا يرسل أحدا يأخذ حقه عنه ... غالبا هؤلاء أرادوا سرقة أكرم "

وبداخلها كانت تحترق هامسة وهى تنظر من الشرفة

" سامحني يا أكرم .. أنا السبب "

لو لم تذهب إليه أخر مرة لما كان يرد على ما فعلته .. معذور !.

يتبع هنا👇👇
https://www.rewity.com/forum/t462693-31.html



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 16-01-21 الساعة 05:59 PM
نورهان عبدالحميد غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس