عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-21, 03:31 PM   #5

MooNy87

مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية MooNy87

? العضوٌ??? » 22620
?  التسِجيلٌ » Jul 2008
? مشَارَ?اتْي » 47,927
?  مُ?إني » واحة الهدوء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » MooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond reputeMooNy87 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
لا تحزن ان كنت تشكو من آلام فالآخرون يرقدون
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

قالت (هناء):
- « أنت تعرف أن هؤلاء الغلمان ساديون حتى النخاع، مولعون بالإيذاء وإحداث الأضرار .. مجرد حيوانات شرسة تمشي مكشرة عن أنيابها ، وهي لا ترحم الضعف أو الوهن .. و(رامي) ضعيف واهن .. إنه لا يعرف شيئاً عن العالم الخارجي ولا يعرف كيف يتعامل معه ، وقد تربى على أرق المشاعر وأنظفها .. ليس له مكان في تلك الغابة القذرة ..»
- « حتى لا أطيل عليك أقول : إنه تعرض للتحرش به في المدرسة .. هناك هذا الصبي البدين الذي يدعى (هشام) ، والذي قرر أن هدفه الوحيد في الحياة هو التنغيص على ابني الرقيق .. لقد تشاجرت مع أمه مرتين من قبل ، وهي امرأة بدينة مزعجة مثله ، وأعتقد أنه لو منحني أحدهم مدفعاً رشاشاً فإنني أعرف ماذا سأفعل به بالضبط .. سأجعل العالم مكاناً أجمل بعد خمس دقائق لا أكثر .. »
فالذي حدث هو أن مشادة ما وقعت بين (رامی) و (هشام) دون أن تلاحظ المعلمة ، كانت نتيجتها هي لكمة في بطن (رامی) دون أن تلاحظ المعلمة ، ثم تمزيق كراسته دون أن تلاحظ المعلمة .. وفي اللحظة التالية انفجر (رامی) غضباً ووثب لينشب أنيابه ومخالبه في (هشام) ، وفي هذه المرة لاحظت المعلمة ..
- الله .. الله ! لقد صار هذا ( سويقة ) وليس فصلاً .. »
قالتها المعلمة طبعاً ، ولسبب ما تصر على لفظة ( سويقة ) للدلالة على الفوضى ..
ثم بدأت المذبحة .. لا أدري حظ تلاميذ المرحلة الابتدائية اليوم ، لكن - في ذلك الزمن كان الجلد أسلوباً تربوياً شائعاً في المدارس .. وقد تلقی (رامی) عدداً من الجلدات على ظهره الصغير ، لكن أسوأ ما في الأمر هو أن هذا تم أمام ( هشام) .. (هشام) المتشفى الذي التمعت عيناه وحشية وتلذذاً .. والذي طبعاً لم يمسسه سوء ..
لم يبك الصغير .. فيما بعد أجمع الجميع على أنه لم يبك .. فقط كانت هناك تلك النظرة في عينيه وهو يرمق المعلمة بعد انتهاء العقاب .. نظرة طويلة بلامعنى على الإطلاق ، أتبعها بنظرة مماثلة إلى (هشام) البدين ..
وحين عاد إلى الدار أخبر (هناء) بالقصة كلها ، فصممت على أن تواجه المعلمة وتلقنها درساً لا بأس به أبداً .. إن الغد سيشهد مواجهة ديناصورين من ديناصورات ما قبل التاريخ .. صراع المردة ..
وبعد الانتهاء من موضوع المعلمة سيكون علي (هناء) أن تمزق (هشام) وأمة بأسنانها ، هذا لن يجعل الغد شاقاً ، لكنه بالتأكيد يحتاج إلى الاستيقاظ مبكراً ..
وفي الغد ذهبت (هناء) إلى المدرسة مع (رامی) هذه المرة و واتجهت إلى مكتب مشرف المدرسة (الناظر) ، وهو شيخ يصر على أن هناك سبباً واضحاً لتسمية الوزارة بـ (التربية ) قبل ( التعليم ) ..
كان الجو في المكتب متوتراً فوق العادة ، وكان الرجل يضع سماعة الهاتف ، بينما وقفت معلمة أو معلمتان والذهول على وجهيهما لا بد أن واحدة من هاتين السفاحتين قد تسببت في قتل طفل آخر لم يفعل شيئاً ، أو فقأت عينه ..
دخلت (هناء) المكتب ، وقالت في حزم أنها أم (رامی) وإن هناك كلمتين لا بد لها من أن تقولهما أمامه للمعلمة .. نظر لها المشرف للحظة ثم نظر إلى المعلمتين نظرة ذات معنى ، وقال :
- « ثقى أنها لن تضايق ابنك ثانية ياسيدتي .. »
- « هذا جميل .. ولكن من يضمن لي ؟ »
تعبير غريب ارتسم على وجهه ، وهو يقول :
- « هذه المكالمة كانت من زوجها .. إنها لم تصح من النوم قط .. إن جنازتها ستخرج بعد صلاة الظهر .. »
وانفجرت معلمة في البكاء لدى سماع هذه الكلمات ..
ببلاهة وقفت (هناء) تنظر إلى ما حولها ، وراح فمها ينفتح ويغلق كما تفعل سمكة الزينة في الحوض ..
غريب هذا .. يا لها من مصادفة ! وبالطبع تبخر حقدها في لحظة .. فهي كانت من النوع الرقيق غير الحقود الذي لا يستطيع أن يحتفظ بكراهيته لخصم مات منذ ساعتين ..
- « غـ .. غريب هذا .. لم أكن أعرف .. »
قال وهو يشيح ببصره عنها وينهض من على مكتبه :
- « طبعاً لم تكوني تعرفين .. لا أحد يعرف .. والآن لو سمحت وأخذت ابنك معك إلى الدار .. لن تكون هناك دراسة اليوم لأننا جميعا سنذهب لحضور الجنازة .. »
وقالت إحدى المعلمتين وهي ترمقها بكراهية وتتهائف :
- « الكل كان يحبها ! رحمها الله .. »
شعرت (هناء) - ككل العصابيين - بتأنيب ضمير لا مبرر له كأنها بالفعل تسبيت في موت المرأة ، وساعات كلمات المعلمة التي تحمل معنى اللوم في جعل حالتها النفسية تسوء فأخذت (رامي) معها وغادرت المكان .. ولم تستطع أن تحبس دموعها بدورها ..
أما (رامي) فلم يستوعب كدأب الأطفال إلا أن اليوم إجازة ، وأنه تخلص من المعلمة الشرسة التي كان - يرحمها الله - يكرهها كالشيطان .. فلماذا تبكي أمه إذن مع أن الحياة صارت أجمل بكثير ؟
وفيما بعد عرفت الأم أن المعلمة لم تكن تشكو من شيء. لم تكن تعاني أي مرض .. كلنا في الحياة سواء ، ولا يوجد قانون يمنع معلمة شابة سليمة الجسد من أن تبيت ليلتها في القبر..
- « بعد يومين .. لقد عاد (رامي) ليخبرني في سعادة أن (هشام) مات .. لمته على ما يقول واتهمته بالكذب .. بعد هذا اتهمته بالقسوة لأن ما قاله صحيح .. »
« مات الصبي في حادث .. كان يعبر الشارع بدراجته أمام تلك الشاحنة .. رحمه الله .. يبدو أنهم عانوا كثيراً في جمع أجزائه .. »
- « الثالث هو الأستاذ (مجدي) .. حسبت هذا مفهوماً .. »
الأستاذ ( مجدي ) هو مدرس الرياضيات في تلك المدرسة ، وبلغة المدارس الابتدائية نقول إنه مدرس حساب .. وبالطبع كان (رامي) يكره الحساب ككل طفل آخر. وكان الأستاذ (مجدي) رجلاً ضخم الجثة كالقدر شرساً .. من ذلك الطراز الذي يتجمع اللعاب عند طرفي فمه مما يجعل النظر إلى وجهة عملاً بطولياً .. وكان يضع عوينات غليظة يستحيل معها أن ترى عينيه ..
وفي ذلك اليوم بالذات أخرج الصبي إلى لوح الكتابة وناوله قطعة الطبشور وطلب منه أن يحل مسألة كسور معقدة على ما يبدو .. وقد وقف (رامی) المسكين كأنه مومياء (حتب حرس) عاجزاً عن الكلام أو البدء أو مجرد التفكير .. وهكذا أمسك الأستاذ (مجدی) بالصبي من أذنه وراح يعتصرها ، وهو يوجه له عبارات مهيئة للغاية على غرار :
- « ماذا تفعل في البيت يا أبو جهل ؟ هل تبيع الكرنب على قارعة شارعكم ؟ »
وكان اللعاب يتجمع أكثر فأكثر حتى صار النظر إلى وجهه عذاباً .. ولم يصدق الصبى أن أذنه على هذا القدر من المرونة التي تسمح لها بأن تدور حول محورها ست مرات دون أن تقطع ..
و في النهاية تلقي صفعه علي خده مع أمر مباشر بأن يعود ( خيبه الله ) إلي مقعده .. لم يبك الصبي .. كل من رأي المشهد قال أنه لم يبك .. فقط نظر للمعلم نظرة طويلة صامتة ، ثم عاد إلى مقعده ..
يقول من رأوا المشهد كذلك إن المعلم - للمرة الأولى - بدا مرتبكاً .. ارتج عليه الكلام ، وغزت رجفة ما شفتيه .. هناك من زعموا أن عينيه جحظتا لكنهم في الغالب كاذبون .. إذ من يستطيع رؤية عيني هذا الرجل خلف عويناته ؟
بعد هذا بيوم أصيب الأستاذ (مجدي) بنوبة قلبية وهو في غرفة المدرسين .. كان جالساً يقوم بتصيح بعض الكراسات ، والمدرسون واقفون يثرثرون ..
ثم .. بوم ! استداروا ليجدوا الرجل وقد انكفأ رأسه على المنضدة وفقد النطق ..
وهنا تضرب ( هناء ) كفا بكف ، وتقول في لهجة ذاهلة :
- « قل لى الآن بربك ما رأيك ؟ هل هذه مصادفات ؟ هل ابني مبارك إلى هذا الحد، وإلى درجة أن كل من يضايقه يموت ؟ »
هناء عبد الجليل ( من أقارب رفعت أسماعيل )
أسطورة طفل آخر
العدد 46


MooNy87 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس