عرض مشاركة واحدة
قديم 14-09-21, 05:52 PM   #3

سميرة زكريا بلقب (سمر)

? العضوٌ??? » 491612
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » سميرة زكريا بلقب (سمر) is on a distinguished road
Rewity Smile 2 *الفصل الثاني*

الفصل الثاني :"

كانت المناطق هادئة للغاية والطرقات شاغرة من الناس .. وأثيث ضباب الليل يمنع الأبصار بالإمتداد نظرا لمنطقه أبعد .. يبدو أنه قد تأخر مجددا .. فهٰؤلاء السكارا والفساق لايختفون عن الأنظار الا بعد هبوط منتصف الليل وسماع صوت جرس الساعه منبأً عن الوقت .. جبناء وحثاله!! هذا مايراه فيهم ويتمتمها عندما يراهم دائماً! .. وضع يده على صدر الباب ودفع بها عليه .. منزله الذي لايملك جرسا ولاحتى يستحق بعينه أن يطرق فربما وقع اذا اشتدّ الطرق فهو على شفى حفرة من الهاوية ولاضروره لذلك!.. أغلق الباب بهدوء وحذر ثم أمسك بعمود خشبٍ طويل وعريض نوعا ما ووضعه على الباب بوضعية معينة كإغلاقه تحرزاً من أي شيء .. تقدم الى الأمام خطوات قليلة ثم زم شفتيه ونادى على أمه منتظرا ظهورها لتحمل عنه الصندوق الثقيل على كاهله .. ركض الى الغرفة التي كان فيها مسبقاً فوجد أخاه نائماً فوق قطعه قماشية على الأرض فجلس بجانبه مباشرة ووضع العلبه جانبا .. سمع صوت أنفاسه المتعبة والمتتاليه برفق والتي كانت صدا في الغرفه الفارغة من الأثاث .. مسح على وجهه مبعدا الذباب القذر عن جسده وهي تمص من دمه كما يشعر بأن البرد ذاته يفعل ..! عدل موضع يده ورأسه حتى لايصدر شخيرا ويرتاح في نومه العميق والغريق .. هذا أخٌ حنون بنظرهم في هذه المنطقه التي يسير الأخ بجانب أخيه كما تسير الضباع جانب الأفاعي .. لاتوادّ ولا أخوة .. نسمة من الرياح لطمت جسده ببرد صرد! فأصدر رامي رعشة قوية من البرد فهم به وأمسك الغطاء ورماه عليه وبدأ بترتيبه ومحاولة جمعه على رامي .. أنفاسه تتوالى بضيق وكأن وحلاً من الهموم والشقاء ابتلعه في حين يغرق عقله الفطن والمميز بالحصانة في دوامة أفكاره ومشاعره المنسوجة رتقا .. ينظر الى أخيه أو بالأحرى كان ينظر الى شريط حياته! .. حدق به مطوّلا وهو يفكر في أمور كثيرة جدا .. حالته المادية و أموره العائلية .. أليس صغيرا على التفكير بهذه الطريقة؟ مع أنه يعد قبل اثنين من آخر فرد أي انه لايزال لديه من يكبره بكثير .. الا أنه يعقب ذلك بأنه مسؤل عن هذين الصغيرين أخته سناء التي تصغره بسنتين ويصغره رامي بأربع سنوات ونصف .. الأيام تمضي بسرعة وتمضي أوجاعها وتطوى مع صفحات الماضي أيام ومشاكل بل كوارث حدثت عندما كان في سن الثلاثة والرابعه والخامسة ومع آخر حادثٍ في بداية سنّ السادسة استمر الوضع ولم يتغير الحال.. سافر والداه من مدينة عربية وهي المسماة ببلاد القدس او فِلسطين .. حين قامت الحرب واشتعلت المجازر عام [ 1982 ] م أبريل .. اشتعلت المجازر! وسافرت القلوب الرحيمة وأصبحت الأرواح رخيصة وترحل كما لو كانت روح نملة! فبعضهم لا يشعر بالذنب تجاهها وكانت من أبشع المسافك في التاريخ!! .. كأنّ دمائهم الغاليه تراب يسكب على الأرض بالنسبة لهم .. واذا انتشر البركان وقلت المياه فإن بإمكان البركان أن يطغى على ماتبقى من المياه النقية.! لك أن تتخيل مقدار الجثث التي أزهقت .. فمانجا منهم الا قليل .. وقد تُرك في فؤادهم داء الإشتياق .. تمزقت قلوبهم الطيبة وهم يودعون الموتى بأيادٍ ملوّحة ومرتجفة .. لايدري أحدهم متى سيكون دوره وكيف ستكون ميتته!. تعلو ألائك الأطفال الأهكاء دموع أستحوذت على الوجنتان لتغسل الرماد الذي عليهما وتصل الى أكبادهم لتحفر ثقبا يبقى الى المستقبل .. في ذلك الأوان لم يكن لدى عائلة رائد أي خيار سوى الهجرة والإبتعاد الى دولة انجلترا ولسوء الحظ هربوا عبر طريقة غير شريعة في نظام السفر .. عبروا البحر منتطين سفينة عادية .. كانت قلوبهم أشد نبضا وأشد عنفاً في تعداد النبض وكانت ستصرخ من الفزع لامحالة .. في كل دقيقة تميل بهم السفينة يمينا وشمالا كسلحفاة لاتجيد السباحة وألقيت في وسط المحيط! وتحاول أن تبذل جهدها لتعيش لكن ليس بالأمر السهل .. تتحرك الأمواج بعشوائية شديدة وتلتطم ببعضها بعنف مصدرة صوتا لاينسى! وتغيب الشمس تماما لتحل محلها الغيوم الكثيفة! وتكتسي السماء ثياب السواد .. كابوس من عواصف ، وبريق يثقب غيوم السماء المتماسكة والثقيلة ، صرخة أقوى من زئير الأسد طغت على صوت ضربات الموج العالي! وهبت الرياح فرسم البرق في صفحة السماء وأرهب الصوت المدوي الأنفاس .. وكأن شجار بين سحب السماء وأمواج الأرض قد بات! .. دوار استولى على رؤسهم أقوى مماكان عليه.! صاحت أم رائد حين بدأ جسدها بالتدحرج سريعا بل الطيران ففزع رامي وهاج فيه البكاء .. عم القلق والأرق.! وماهي الا دقائق ويصيح مدير الطاقم أو المهرب مناديا : " لقد اقتربنا من الهدف.! " ابتهج الجميع وبدأوا بالإستعداد في الحال .. لم تكن مدينة جايويك هدفهم حقا! انما عنا بذلك المهرب هدفهم في النجاة من الزوبعة القوية .. وممازاد الأمر سوءاً هو وصولهم تلك المنطقة وسرقة أموالهم المتبقية والبخيسة من قبل الطاقم الجشع .. وماكان منهم سوى المكوث في أقذر وأفقر مناطق جايويك وأسوأها سمعة! .. عاشوا ومكثوا هناك .. لكن والد رائد بدأ يقع في مشاكل زوجية مع أم رائد وقد تم طلاقهما في إحدى المرات وبشكل عنفي وكره وحقد .. ثم عادا زوجين ثانيتا عندما أدركا خطورة طلاقهما فبينهما أطفال وشباب وبنات وليس حالهم حالا مناسبا خاصة في هذه الأجواء والأماكن .. وأصيبت أمه بشلل نصفي خطر عندما وقع عليها خبر كالصاعقة مماجعلها لم تذق طعم نوم أو راحة ولاطعام ولامشرب .. وصلها خبر من إحدى الصديقات أنها لو لم تكن بالغة لاعتبرت يتيمة! .. لقد فقدت معنى اسم العائلة نهائيا فقد تلوّت قذيفة في سماء فِلسطين وسقط على رؤوس أهلها كما سقط خبر سقوطه صاعقة على رأسها .. وقررت الإنتحار! حاولت ذلك عدة مرات الى أن هددها زوجها بالطلاق مرة أخرى لكن هذه المرة انفصالٌ بلا عودة! .. وأصيبت بحالة اكتئابٍ وفزع شديد! .. لم يعد لها أهل أو مسما العائلة على وجه الأرض .. ماتوا جميعا! .. نفض أفكاره وحرك مقلتيه ورأسه عندما قاطع عقله صوت منخفض صغير.. : " هل جلبت الطعام؟ ".. ابتهج وأشرق وجهه وهو يقول : " الحمد لله هذا طعام لك..تذوقه ولن تندم..عجوز الا أن طبخه لذيذ بحق! " ناوله الصحن فقال : " امم يبدو لذيذا فعلاً..لكن لمَ تأخرت؟ انتظرتك طويلا! " أجاب رائد : " كان العمل كثيراً وشاقا.." قال رامي :" كيف أمي؟ ".. نهض متنهدا بشوق لها ولحنانها الثمين دون إجابة إلى حجرتها .. دخل الى الغرفة ونظر إليها وتعلوه ابتسامة حب واشتياق .. علّ بعضهم يتسائل لماذا لم يطرق الباب؟.. هذا السؤال يذكرني بسؤال سخيف ومبهم .. كيف يطرق المرء الباب المفتوح؟! .. كيف له أن يطرق بابا لاوجود له؟ .. أغلب الأبواب في المنزل مقتلعه وبعضها محطمة .. كانت ترضع ابنها الصغير .. كانت أمه امرأة تلقب بالجمال والحيوية والأناقة .. شعرها الأسود مع العدستين التوأم وبياض البشرة يعطيها كون أن تستحق اسم بدر مضيء..! قالت بحب وابتسامتها تهديها له : " عدت من العمل؟ " أومأ لها بإيجاب واقترب منها يضمها تحرزا من فقدها يوما .. هي أغلى لديه من أي شيء في هذه الدنيا الفانيه .. ربتت على شعره بأمومية وهي الأخرى تحبه فهو ابنها .. يشعر بالأمان والحب كم هم مساكين أولئك الذين لايملكون أما .. هي نعمة جميلة .. أمان وحنان ووأآم وسعادة .. كل هذا أشعر به حين أراها تبتسم لي .. وأخيرا أغمض عينيه ورقد في أحلام وغرق في نوم عميق ......


سميرة زكريا بلقب (سمر) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس