عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-21, 09:02 AM   #4

سميرة زكريا بلقب (سمر)

? العضوٌ??? » 491612
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » سميرة زكريا بلقب (سمر) is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله ..
عذراً على تأخير هذا هو الفصل الثالث ....


الفصل الثالث :"

صباح مشرق وأنيق .. نسمات ناعمة وجو هادئ .. تتناغم الطيور على كنائف المنازل منشدةً صباح يومهم بإبداع وتتالي .. تزورهم أسنى أنواع الطيور والعصافير وتقف تستعرض ماوهبها الواهب .. ريشها المهرقش بألوان زاهية يعكس أشعة الشمس الوهجاء فينطلق لسانها بلحن مجود .. تصطف البنات محاولات تقليد شيء من صفيرها المثالي لكن العصافير ترفع رأسها بتباه وغرور مفحم وتعجز الفتيات مهما حاولن فعل ذلك .. يسير رائد بين لمّة الشباب والأطفال.. هذه أول أيام طريق الإجتهاد والثقافة .. في هذا اليوم سيبدأ رائد رحلته الدراسية .. الصف الأول الإبتدائي دراسة رائد .. سرور وسعادة في محياه .. يسير بمعاني النشاط .. يحمل عنفوان الشباب وحذق الأطفال .. كم هو جميل أن تذهب الى مدرسة ويصبح لك أجمل الأصدقاء .. الكثير من يجحد معنى الصداقة والدراسة بينما هي كنز لمن لم يذقها .. يمشي محاولا تفادي الحفر الطينية وآثار الزجاج الحاد .. سماء صافية .. لاتتواجد أي غيمة في صفحتها الزرقاء .. رأى ينبوع ماء منهمر من إحدى الحلقات الحديدة فأمال رأسه وجعل الماء ينسكب على رأسه ووجه بتدفق وتجمع الأطفال كذلك وبدأوا بفعل الشيء ذاته لايعلم هل هو تقليد أم أنها عادة لم يرها فيهم من قبل؟ .. شعر بأقدام من يدوسون قدمه من الزحام فتراجع مباشرة حتى لايصاب بأي أذى .. أكمل طريقه مرة أخرى وهو يتقافز كالعصفور فوق الأغصان المتناسقة .. وينشد الأناشيد الغريبة التي اخترعها من باطن عقله الطفولي الجميل .. لكن فجأة صادف في طريقه سيارة غريبة على حين غرّة .. ماخطب سيارة في منطقتنا؟ من المستحيل تواجد أدوات حديثة كهذه! بل ومستحيل أن يختار شخص بغناء فاحش منطقة كهذه للعيش فيها..! كانت سوداء كالفحم وزينة مقدمتها بيضاء كالحليب .. سيارة في ذلك المكان لها هيبتها حقا .. بدأ ينظر فيها وبطريقة كأنه يتفحصها .. عجلات نظيفة ومن الصعب تواجد خدش صغير في هيكل السيارة وزجاجها الرمادي نظيف كذلك .. من يستطيع امتلاكها؟ كم من السنوات قد عمل؟ كم أسبوعا قضى في تعبئة الماء؟ آسئلة تطرحها عيناه وهما لاتكادان تتزحزحان عنها .. تفصح نظراته مدا تعجبه ودهشته من السيارة الجميلة والأنيقة! .. امتدت أقدام بحذاء لامع ربما لو وقف على جمر لما تأذت أرجله المكتسية بجلد غالي بينما كانت قدما رائد ملطخة ببعض الطين والأوراق اليابسة .. فتح الباب ليخرج رجل يبدو عليه الثراء ..! ليس رائد وحده من كان يراقب سيارته وملابسه التي ماكانوا ليرتدوها أو يروها من قبل .. أعطاهم نظرة تكبر واستعلاء وعدل قميص بذلته السوداء الآنيقة .. سار عدة خطوات لكن نظرات الأطفال لم تدع له مخرجا كأنهم قد سحروا بمايرونه.! هل هذه أول مرة يرون فيها ثيابا؟ ماذا دهاهم؟! كانت نظرات الناس حوله تقول الإطراء ونظراته تقول الإستعلاء والإستحقار .. لايكادون يرون حاجبيه الكثيفين وعيناه الغليظتين بسبب ذقنه التي حجبت كل شيء فذقنه المائلة الى الحمار هي مااستطاعوا رؤيته .. مظهره يعطي انطباعا روسيا غليظ الملامح .. في قلبه شوكة التكبر والغرور لايشك في وجودها الا من لم يراه مطلقا .. حاجبه كثيف اضافة على رموشه القصيرة وفقيرة التعداد .. أشار لأحد الحراس حوله بإبعاد كل شخص في طريقه .. فحياه بطاعة وبدأ بتنفيذ عمله .. فصاح أحد الأطفال مماجعل الجميع ينظر اليه حين قال بذهول : " ماذا يوجد هنا؟؟! .. سأنادي إخوتي..!! " نظرة من طرف عيني الرجل جعلت قلب الطفل ينكسر أشعرته بأنه لافرق بين وجوده وفراقه كأنه ذبابة ستموت بعد ثلاثة أيام ولا يهتم لها أحد ..! صدق المثل حين قال..: المغرور كرجل فوق الجبل .. يرى الناس صغارا من بعيد ويراه الناس صغيرا .. جفل الطفل عندما رأى قطبة حاجبيه مع عكفة أنفه بقرف .. ماهذا التجبر و التكبر؟ ان لم يكونوا أغنياء فهذا لايعني أنهم حشرات! الفقر ليس من ضمن خيارات الإنسان .. أعاد بصره للطريق ومشى ويديه خلف ظهره وكأن رقبته لم تعتد الميل الى الأسفل مطلقا فهذا ظهره المنتصب لايدرون كيف يمكنه نصبه لهذه الدرجة بل لماذا يؤذي نفسه بهذه الطريقة؟! واختفى وسط الحراس الذين يتبعون ظله ويحرسونه بدقة متناهية! .. بقي بعض من الحرس عند السيارة لحمايتها وطردوا تجمهر الأطفال عنها .. ابتعد عدة أمتار وقد أخذ عن الأغنياء صورة التعجرف وعدم الإحترام! يالها من صورة وضيعة.! كيف يتمكن قلبه من اعطاء صور سيئة لذاته!؟ همس رائد والحروف تخرج من بين أسنانه : " متعجرف من يظن نفسه؟؟! أتمنى ألا أكون غنيا ان كان تعاملي هكذا مع الناس! ياله من احتقار! " وقلب عينيه بغيظ .. رفص الحجر الصغير الذي كان أمامه بقوة فتناثر التراب اذ لم يرمي الحجرة فقط بل بكل التراب الذي كان أمام قدمه وبدأ يكح ويفرط في السعال بسبب غباره .. بصق بعض التراب الذي قد تناوله عنوة مع الهواء : " سحقاً!! " قالها بانزعاج واشمئزاز .. توجه سريعاً الى أقرب ينبوع صغير .. ارتشف قليلا منه وغسل وجهه حتى أصبح نظيفا .. يبدو أنه كان قد أخطأ الطريق قبل أن يرمي الحجر فهذا الطريق الذي فيه الينبوع هو طريق مدرسته الجديدة .. ابتسم برشاقة وأخرج من فاهه قهقهات الضحك كيف له أن يهتدي برمي حجرة بل كيف ينسى المكان الذي دله عليه والده جيد أنه لم يكمل الطريق وإلا تاه بين الجهلة! وأخيرا تنفس الصعداء لقد وصل الى مبتغاه .. هاهي أبواب المدرسة تفتح من جديد هاهي تستقبله بأجمل التحيات .. ربما كانت المدرسة هي أفضل مبنا في المنطقة ولكنها لاتنقص من العيوب فجدارها حديدي ولاتتواجد سوى سبعة غرف مصطفة .. لايوجد نظام مرتب ولامكان نظيف .. ومع ذلك فإن الجميع يحاول قدر المستطاع جعل المكان مرتبا وجديدا .. من الممكن أن يحدث تماس بأي وقت فلذلك ترى الجميع متخوفين .. طرق أحد الأبواب فأتاه الرد : " أُدخلْ " دخل الى الصف بابتسامة واسعه ومبتهجة ومن فرحته نسي مايجب عليه فعله فتوجه على الفور الى أحد الطاولات الفارغة وجلس عليها بحماس .. رفع المعلم رأسه وعدل نظاراته الطبية فإذا برائد يدخل دون أن يلقي التحية أو يعرف نفسه.! فقال بتحير واستنكار : " من دخل منذ قليل ياأطفال؟ ".. نظر بعضهم الى رائد مترقبين ردة فعله وتداركه الموقف ففهم المعلم من كان قد دخل وسبقه غلطه .. قال بهدوء : " أعتقد يافتى بأنك أنت رائد خليل ؟ " أومأ له وقال بظرافة : " حزرتها أستاذ.." ضحك بعض الأطفال حوله بسخرية وتهكم ورائد ينظر ويسأل نفسه لم يضحكون فهذا طبعه الدائم مع الجميع ولم يقصد السخرية .. ضرب المعلم البريطاني العصا على الطاولة مانعا تسرب الضجة أكثر ثم ابتسم قائلا :" أهلا بك رائد ".. قال بعدها وهو يفتح على صفحة الكتاب : " هيا الى الدرس صفحة رقم أربعة عشر.. " لم يكن رائد يحمل كتابا فرآه طفل ما على هذه الحال فاقترب منه وشاركه الكتاب .. شكره رائد على ذلك فقال الطفل : " ماكس .. أنت؟ " ابتسم ابتسامة واسعة ثم مد يده وأجاب : " ألم تنتبه لكلامي منذ قليل.؟ رائد.." فمد الأخير يده وصافحه بسرور ورد : " أنا لاأنتبه للمعلم أنتبه لك؟ لكن مع ذلك تشرفنا " ترك ماكس يد رائد عندما لاحظ نظرات المعلم الغاضبة من الإنشغال عن الدرس وتظاهر بفتح الكتاب الا أن نظراته لم تختفي الابعد مجهود من التمثيل .. لكنه لم يمل ولم يتعظ فأبقى عينيه على السبورة وقال مخفِضاً الصوت بحرص شديد على ألا يسمعه معلمه وسأل بصوت كالفحيح : " من أين أنت؟ يبدو أنك عربي..فهل صدق حدسي؟ " رفع ماكس الكتاب نحو عينيه في حين أجاب رائد والسعادة تتراقص على وجهه فأخيرا ربما يكون لديه شخص ما يتسلى معه ويمضيان وقتاً معاً : " أجل من أرض القدس .. عربي وهذا مايدعوني للفخر حقا.." نظر اليه الفتى بأعينٍ حزينة فأومأ رائد له مستفسرا فتنهد وقال : " أكل ماحل بك ولاتزال تفتخر ب.. ببلادك؟! " ابتسم رائد بفهم ورد عليه كما يرد والده أو كما يعلمه وبالأحرى ممافهمه : " أنا مسلم..وديني يحثني على ألا أتشائم بمصيبتي! فأنا أحب بلادي واليهود هم من اعتدوا.. وأنا أنتظر الفرج من الله! " علت الدهشة ماكس الذي يكبره بثلاثة أعوام وقد أعاد السنة بسبب رسوبه : " مسلم؟! سمعت عن المسلمين يالها من صدفة..أتعلم يارائد؟ أن والداي متعصبان للنصرانية؟.. كم أحببت التعرف عليكم لكنهما يمنعانني بحجة دينهم.." ضرب المعلم بالعصا على الطاولة بقوة فهدأ الجميع نظر الى رائد وماكس وعيناه ترمقنهما بسخط .. قال بصوت عال : " ماكس!. أريد تفسيراً! ماسبب هذه الضجة؟؟! " أنزل ناظريه الى الأرض دون إجابة لكن المعلم أكمل : " الآن ليس وقت التعارف!!..معكما اليوم بطوله.." ابتسم رائد بسخرية ومرح ثم قال : " نحن اليوم بطوله الذي تتحدث عنه مشغولون.! " أشار المعلم بسبابته :" هذه آخر كلمة أسمعها منك..! وإلا فاعتبر نفسك مطرودا! " بقيت الأنظار معلقة ببعضها لعدة ثوان حتى صرف المعلم انتباهه عنه مكملا درسه .. مر الوقت ببطئ بؤروق .. لكن رائد أمضى يوما سعيدا ومرحاً .. وقبل أن يرنّ الجرس تذكر بعض الأمور التي حدث معه أثناء وقت الراحة حيث قام بجعل جميع طلبة المدرسة يركضون وراءه مهرولين ومتوعدين وتذهب محاولاتهم أسفا بالإمساك به .. مع كل ذلك الفقر والبيئة البئيسة والمرض الشديد والأحوال الصعبة جدا ترآهم هادئين مع كل تلك الظروف الا أن قلوبهم الطيبة تبعث الإطمئنان وحياتهم بين بعضهم مليئة بالحنان .. قد يكون رغيف خبز يجعلهم سعداء بينما ذو مال يأكل ممايشتهي لكنه لن يكون سعيدا برغيف خبز كما تكون سعادتهم .. فإن كان الشخص طيبا قنوعا فحاله جميلة في غنائه وفقره .. وان كان عكس ذلك ففي فقره إما يقتنع ويعيشه بسعادة أو يعيش فقره في بؤس وغناه في كآبة .. هذه حال المتكبرين ذو الطبع الجشع غير راضين بما قسم لهم..!!





هل ستتمر تلك السعادة التي خالطت أنواع المعانة الدنيوية ؟
مالذي سيحصل بعد ذلك ؟
وماهي تلك المفاجئة التي وقعت صدمة عليهم ؟
تابعوني لتعرفوا البقية !


سميرة زكريا بلقب (سمر) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس