عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-21, 09:26 AM   #6

سميرة زكريا بلقب (سمر)

? العضوٌ??? » 491612
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » سميرة زكريا بلقب (سمر) is on a distinguished road
افتراضي

لقد تأخرت أياماً عدة في تنزيل الفصول لذا ، معكم الفصل الخامس أدناه ..



الفصل الخامس :"

حياة جديدة تحيطها الأوجاع العاطفية التاهئه كفراشة وقعت فريسة في مصيدة شباك العنكبوت تبحث عن ملجأ لها تعرفه جيدا لكنها تجهل الطريق وقد فات الأوان .. أحلام أغلقت النوافذ بيأسٍ مغمضة عينها بوداع ترش الدموع كمالمطر لتسقي أوراق الورود البنفسجية وتغلق نوافذ الأمل باكتئاب وخوف من الماضي .. الإشتياق غلبها ففتحت عينها باشراق وتأهب وباشرت بكذلك النوافذ لتسمح لسطوع الشمس وأشعتها الثمينة بالتجول كما يحلو لها فاليأس أصعب من كونه محطما للآمال .. صوت عداد النبضات يدندن بهدوء وحبل الغذاء معلق في ذراعه كلدغات النمل الذي يعشعش في بيته .. تقاريرٌ تُسجل من الممرضات عن حالته الحالية وصحته .. عادت أفكاره المشوشة للنهوض بعد مبية طويل .. لقد عاد صوته الداخلي أخيرا ليخاطب عقله ويهز قلبه ويتلاعب بمشاعره فتلك السنوات الطويلة لم تتدع للماضي أثرا لكنها تركت الإرتياب وأياما لايمحوها الزمن! .. عاد يشعر بأنفاسه وبعض أطراف جسده ومع هذا فإن جسده لايستجيب .. صوت تلك العدادات كصوت انطلاق الرصاص في عقله المستيقظ للتو .. يشعر بآن جسده يطير في سماء أو يسبح في محيط !.. وفجأة بدآ وكأن عقله يتخبط ألوان متفاوتة تدور حول مقلتيه والأصوات تصبح أكثر إزعاجا! تتزلزل الأحداث في عقله ورأسه وحواسه شعور يداهمه بأن كل أعضاء جسده ستتفجر لامحالة! .. صداع مؤلم وفظيع! وكأنها لحظة الإرتطام بالحياة! إزدادت الأصوات اقترابا وصخبا! أصابعه حدث فيها تنمل شديد ودمه بدأ يغلي كالماء في ابريق شاي من شدة تدفقه.! وفي لحظة أشبه بلحظة خروج الجنين ليصطدم بهواء الحياة فتح رائد أجفانه بخوف وإرهاق!! .. كان المكان مظلما وهادئا..لم يكن هناك من ضوء سوى ضوء القمر المنبعث من النافذة .. في تلك ناوبه إحساس بالخوف والمسؤلية والإشتياق عندما رأى بزوغ القمر! نصف قمر؟ هل هذا يذكرني بشيء ما إذاً؟ .. وفي تلك الوهلة توقفت الممرضة الواقفة أمام السرير عن التحرك ونال الشحب وجهها وسقطت الأوراق من يدها متبددة .. همست بصعوبة : " غير معقول " اندفعت بسرعة الى جرس الإنذار بجانب السرير ضغطت عليه وخرجت تنادى باللغة البريطانية : " ستفنِي جورجيا!! دكتور..! " .. بعد خمس دقائق جاء طاقم كامل من الأطباء والممرضات وهرعوا حوله يفحصون سلامته .. يقول بين نفسه بتعجب : ( ماذا حدث ليندفعوا ويتفاجئوا هكذا؟! ) وأخيرا نطق الطبيب بالعربية لغته الأم : " هل تقدر على الكلام؟؟ " عقد حاجبيه محاولا اصدار صوت ما يدل على وجود حباله الصوتيه ونجح في ذلك بعد عدة محاولات .. ابتسم الطبيب براحة واطمئنان عندما أمسك بإحدى تقارير الممرضات ورفع الهاتف ليتحدث به مع شخص ما .. ترك سماعة الهاتف جانبا ثم طلب من الممرضات مساعدة رائد على الجلوس ثم غادرن بأمر منه .. خرج الى مكتبه وبعد ساعةٍ كاملة عاد الى غرفة رائد فنظر إليه مستفسرا فأجاب نجدة حيرته بعد دقيقة رتب فيها بعضا من كلامه .. زم شفتيه مبتدأ الحديث بابتسامة واسعة : " أولا و قبل كل شيء..أبارك لك نجاتك واستيقاظك من غيبوبتك والتي لن يصدقها أي طبيب قد قام بفحصك مسبقاً! وأحمد الله على سلامتك..ولاتخف تبدو الآن في أفضل حال.." همهم رائد قليلا لكنه عجز عن الكلام فاستوعب الطبيب في الحال المشكلة التي تدور في رأسه فعدل وضعية جلوسه أكثر وبدأ بتقليب الاوراق بين يديه وعينا رائد معلقتان في عينيه فقال :" في الحقيقة لاأعرف كيف نجوت! من ذلك الحادث المروع! " توسعت حلقة بصره من الدهشة! فهو لايعلم أي حادثٍ يتحدث عنه .. أكمل الطبيب كلامه بتوتر : " سيدي.. ربما تصاب بالدهشة والخوف بل الجزع وربما حتى في بعض المواقف نادراً بالجنون!..لكنني في كل الأحوال أتفهم شعورك وحالتك النفسية جيدا..لاتقلق يمكننا مساعدتك ومساندتك حتى تعود كما كنت ان شاء الله وتقف بسلاسة على قدميك وسأحكي ماحدث لك بالتفصيل هذا طبعا الم يضايقك حاليا.. " لم يجد أي اعتراض على عكس ماتوقع وجد استفسارا واندفاع بالغاً لمعرفة الحقيقة فأخذ نفسا عميقاً وأكمل :" لقد مر على الحادث حوالي..ثلاثة عشر سنة!! منذ ذلك الحين وأنت في غيبوبة طويلة للغاية بل لم نتخيل استيقاظك مطلقا فسبحان الله!..التقطنا جسدك أشبه بالميت من إحدى البلدان الفقيرة لاأذكر موقعها بالتحديد لكنني أعرف بأنها أفقر مناطق انجلترا بريطانيا..أعتقد بأنك كنت في السابعة من عمرك تقريبا حسب ماأذكر..لكنك كنت صغيرا والإصابة بالغة وخطيرة ميؤس شفائها في رأسك وصدرك وأقدامك وإصابات مؤلمة في باقي جسدك ورضوض كثيرة!..عذراً لكن اضطررنا آن ذاك بتجريدك من كليتك! لأن إصابتها كانت ستبقيك في نزيف داخلي وأمراض أخرى عديدة..كان علينا بترها حتى ترتاح عندما تعود للحياة ولاتعاني من آلمها ويتوقف النزيف الحاد! وللأسف فحتى الآن لازلنا نجهل من كان السبب في كل ذلك ومن كان الجاني! " لم ينبس ببنت شفة من الصدمة وشعر بضيق ينافس أنفاسه..أكمل الطبيب باكتئاب محاولا تفادي الجوانب السلبية للصدمة وبتوتر مضاعف :" ويبدو أنك قد فقدت ذاكرتك !! ولم يعد بإمكاننا جمع الكثير من المعلومات عنك أو عن هويتك! " جحظت عيناه وامتقع وجهه ! لم يستطع الكلام أو التعبير عما بداخله! أبصر حوله في الغرفة أي جهل أكبر من عدم معرفة الإنسان بماضيه ومن يكون؟ حملق بافكاره بعيدا عن كلام الطبيب ففجوة فارغة في عمره قد احتلته لثلاثة عشر سنة..ضياع في ازقات الحياة وظلمة حالكة تنتمي الى قسوة قلوب البشر والى أقنعتهم التي تسجن الأوجاع في الصدور جاعلة للقلم حيرة في أي نوع المواقف يكتب ويزمجر حبراً مليئا بأشعار عربية تحكي معنى التئام الجروح نادراً مضيفة خطوطا مزجت من الأحقاد والدموع درباً من المشاعر التي ذاتها خالطت وعانقت أفكاره!..كأنه يحاول فك عقدة من خيوط حيرته وأسئلته! لاحظ أخيراً كف الطبيب فوق كتفه وصوته الذي يبعث الإطمئنان وهو يقول : " هذا لن يقف في طريقك يابطل أعتقد أنك الآن في سن العشرين والآن تستطيع السير في شبابك وتحقيق أحلامك..هل هذا أفضل فعلا أم الموت؟.." قال في نفسه بألم : " ان كنت بلا ماض فأنا ميت! "... الطبيب وهو يجمع أوراقه : " يلزم عليك أن تدخل دورة إعادة التأهيل حتى تعود كما كنت وتستطيع التحرك بحرية وتباشر حياة جديدة..لكنك حاليا ستبقى في المستسفى لبعض الوقت حتى تستعيد صوابك..سنكمل الحديث في وقت آخر فلعلك تريد أن ترتاح..اطمئن! نحن بجانبك وفي أي وقت نحن مستعدون لمساعدتك أنت كأخينا! " طبطب على ظهره ثم نزع يده وتركه يحاكي صدمته وأوجاعه المريرة..من أنا في هذا العالم؟ لمن أنتمي وهل هناك من ينتمي لي؟ بعد ساعة من الوقت .. أتت ممرضة تحمل صحناً به نوع من الطعام عليه مصاصة تسهل على رائد تناوله فهو بحاجة الى دورة إعادة التأهيل..ابتسمت قائلة : " ثلاثة عشر سنة كلها على غذاء السيروم..هذا طعام لك أعدته احدى الممرضات وأعتقد أنه مناسب لحالتك..بالهناء والشفاء " وضعته على طاولة مطوية فوق السرير وانصرفت الى الخارج .. أخرج آهات الألم وكأنها خرجت من أخمص قدميه حتى بلغت فمه وحملت همه .. لم يستطع تناول أي شيء ليس لديه القدرة على ذلك .. أفكاره مشوشة و شهيته مسدودة .. وأكثر ماخطر بباله عن ماذا كان يفعل قبل أن يصاب بالحادث؟ ماذا كان يفعل ومع من كان وفي أي وقت وفي أي مكان؟ ابتسم محاولا مواسات نفسه ببعض الكلمات الدافئة فربما أنقذه هذا الحادث شديد الخطورة مماكان أصعب عليه وربما انتشله من ساحة الخطر في الوقت ذاته .. بعد نصف ساعة دخل رجل غريب يرتدي ثيابا رسمية سوداء مع الطبيب ثم جلس أمامه على الكرسي وجعل يتكئ على ذراعه .. ابتسم بتهكم! لم يتوقع استيقاظه بعد كل تلك الفترة.! لم يعطه رائد أي اهتمام فهو لايزال يحاول تخفيف الصدمة .. شبك أصابعه وابتدأ بلغة البلد البريطانية : " على ماأعتقد كان اسمك هو رائد فعندما وجدناك كان أكثر ماسمعته ممن كانوا حولك وبالطبع كانوا يعنونك..مرحباً! أنا المحامي جون فليند..تشرفنا سيد رائد.." قال وهو يعدل قميص بذلته : " أعلم أن الوقت غير مناسب أبداً لهذا الحديث فأنت ربما لم يمض سوى ثلاث ساعات منذ استيقاظك لكن الأمر عاجل فعلا..سيدي أعتقد أن في هذه الحالة دونما هوية فإنك لن تتمكن من فعل أي شيء خارج هذا المستشفى وقد يتم تصريحك من هنا قريبا..لذا سأحاول مساعدتك وإخراج هوية معتمدة لك..هذا في حال تذكرت اسمك الثلاثي على الأقل وبعض البيانات المهمة وسأحاول جمع الباقي " قال الطبيب : " كيف يتذكر ذلك وهو فاقد للذاكرة؟! " خزر المحامي جون الى الأرض فستصعب الأمور وتتناوب للأسوأ ماذا سيفعل في الوقت الحالي يالها من ورطة عصيبة!...... ليس كل أمر سيء شر للإنسان ولاضده أو ضد أحلامه ألا متناهية .. يتصور الإنسان دوما حينها أن هذا انتقام من القدر ويبدأ بتخيل امور لامعنى لها ! كثيرون من يتشائم بالقدر وللأسف فهذا يذكروني بحكاية كل طفل كره المدرسة وعاندها بشدة ونظر إليها كجحيم دنيوي لايطاق .. ليس كل ألم يعني الشر والحزن! فلا تتشائم بالقدر مادمت لاتعرف مايخبئ لك بعد ولماذا حدث ذلك .. كل مايحدث في حياتك حتى كل نبضة يدقها قلبك بأمر الله .. وليس بأمر القدر .. والله عز وجل لايظلم أحداً .. الآن تبكي من الحزن والمصائب المتراكمة .. وربما غدا ستبكي لكن فرحاً .. ابتسم وقل ( الحمد للّٰه ) وتذكر مايقول المثل الصيني " ( من لايحسن الإبتسامة لاينبغي له أن يفتح متجراً ) " القطار دوما مايكون مزدحما عندما تهم لتسافر في رحلة جميلة .. هناك ستختلط أنفاسك بأنفاس من حولك وتشعر بالإشمئزاز والمضايقة من الجميع لكنك تصبر وتتحمل بل وتبتسم لأ لايتعكر مزاجك لأنك تعرف أن هذا لن يدوم وان هناك منتهىً بل ورحلة طال انتظارك لها فلم العجلة؟ .. لايهم ان تكون قمراً في وسط السماء! لكن كن نجما بين النجوم فمهما بلغ سواد السماء وكثافة الغيوم تبقى ابلج ساطع!. تنفذ بلجة الصباح من بين الستائر الخفيفة القطنية متسللة إلى داخل غرفةٍ والتي سميت بالنائم الإنطوائي وسبب ذلك هو عدم قدوم أي من الأقارب أو الأصدقاء للإطمئنان على يتيم الهوية! كانت ليلة غريبة إلتزم فيها رائد تلقي الصدمات التي توالت وتنوعت وكانت مسدا له في طريقه نحو العالم..! لاذت أحاسيسه بالفرار من الواقع لكن الواقع أساس الحل ومنه تحل المشكلة .. ومنذ ساعة لاأكثر كان المحامي آن ذاك يحاول استدراج ذاكرته لتكون على رأس لسانه تلقائيا لكن كل شيء ذهب مع مهب الريح .. سقطت احدى ورقات زهرة الزنبق على الطاولة التي تبدو من طراز قديم .. تبدو فعلا متناسقة وكأنها ترحب به وسعيدة لأجله .. أزاحت الرياح الستائر لتغير جو الغرفة في حين دخل طاقم من الأطباء من قسم إعادة التأهيل والتفوا حوله وهموا بأعمالهم فلم يطق رائد انتظار عدة أيام حتى يبدؤا العلاج .. حاولوا بكل جهدهم تحريك الأطراف التي بقيت نائمة لحين طويل .. في تلك الأثناء كان الطبيب عند الردهة يقول للمحامي : " علينا إيجاد حل سريع سيد جون ".. جون : " كيف تريد مني تدبر الأمر وحتى اسمه الثلاثي لايذكره وهو حتى الآن لايستطيع الكلام فمن أين آتي بباقي البيانات اذاً؟ .. في المحكمة لن يُقبل هذا الأمر على الإطلاق!! " رد الطبيب بصوت منخفض : " اتفهم مدى صعوبة الوضع لكن......." قاطعه جون مسرعاً : " إذاً ماذا سنفعل؟ عاجلاً أم آجلاً اذا كتب له سيخرج وسيبدأ حياته..دكتور كيف استقبلته بل وعالجته دون أن تطلب من أهله الهوية!؟..ألم تفتش الشرطة المستشفى من حين لآخر؟ كيف لم يكتشفوا وجوده غير الرسمي؟ " أغمض الدكتور عينيه لوهلة ثم عقد حاجبيه ولم ينظر إليه بتاتاً فهو عازم على مساعدة الشاب ولو بأي وسيلة ويبدو أنه لافرار من ذلك .. أغمض عينيه مجددا وهو يستعيد ذاكرته .. هناك قبل ثلاثة عشر سنه .. كان الجميع يصرخ حول جثته ويبكي! امه تضرب فخذها بكل ماأوتيت من قوة لقد فقدت ابنها الثاني بعد أهلها وهي على استعداد كامل للإنتحار مهما حدث! .. تمسح خده الملون بالدماء ودموعها تسير فوق خديه أيضا صاحت بصوت متحشرج أشفق عليه العيان وكانت تأمل أن يجيب : " راائد استيقظ يارائد أرجوك ياولدي مابك؟ سأعطيك اكبر حصة من الفطيرة بل كلها أعدك لكن استعد صوابك!! أنت نائم فقط صحيح؟ ارجوك اجبني أرجوك ياراائد! بني !!! " اختفى صوتها وفقدت السيطرة على جسدها وهبت رياح فأطفأت شمعات النار المضاءة حوله لقد كان الظلام حالكاً والأصوات تعج بالأنين والبكاء والحزن مسيطرٌ عليهم .. كان رامي يمسك بتنورة فستان أخته الكبيرة ويقول بغيرة تعلوه ابتسامة غريبة خالية من الفرح أو الحزن! :" محظوظ! فطيرة كاملة له وحده..لم لم تستيقظ أيها الاحمق ستضيع فرصتك!! " هز ثيابها المرقعة وسألها : " من سيأتي لنا بالطعام منتصف الليل ثانية؟ " نزلت إلى مستوى طوله وضمته بحرارة ثم شهقت باكية..! تتلألأ الدموع في مقلتي والد رائد التي لم يعارض هبوطها! هاهو ذا يفقد العزيز الثاني! مسح عينيه قبل أن يلاحظهما أحد وتأبط زوجته وبدأ في جرها بعيدا حتى يعود إليها وعيها .. اقترب من رائد حتى أصبح في محاذاته فاتسعت عيني رامي من الدهشة وقال بتعجب! : " أبي يبكي!! " اقترب من رأس رائد وضمه متحسسا وجنتيه وعينيه وقد طليتا بالدم! قال يغزوه الألم : " بني!..لقد وعدتك بأن آخذك إلى فِلسطين و نعيش هناك بسلام..لكن لم أتوقع انني ربما آخذك إلى المقبرة!! عوضا عن ذلك! لم أستطع تحقيق حلمك ياعزيزي..اعذرني! أعدك بتحقيق ذلك! سيعيش هناك أطفال كثر مثلك في بلادهم التي حلموا بها بسلام ان شاء الله..رائد يابني.! لاتعد إلى هنا مجددا!..اذهب إلى حياتك بعيدا عنا..ربما تجد حياة أفضل! " فجأة أتت لرامي لحظة تذكر حالما قال والده ( ربما تجد حياة أفضل! ) عندما وجد رائد جالسا أمام النافذة ونطق بكلمة :" ( ربما أجد هناك حياة أفضل! ) فصاح رامي : " وهل سيذهب إلى القمر وحده؟ وأنا أيضا أريد الذهاب لن أتركه يذهب!! " زم عينيه لتسقط دمعة مريرة جلس أمامه القرفصاء فوجده يقطب حاجبيه ويقول بتصميم :" قال مرة بأنه ربما يذهب إلى القمر! أنا أريد ذلك أيضا! كيف تتركونه يذهب وحده ؟؟! تفضله علينا ياأبي؟! وامي ستعطيعه فطيرة أيضاً؟ هذا كثير!! " احمرت عيناه بسبب كثرة الدموع وظن أن قلبه قد انفطر..! ربت على شعره بحنان ثم جره إليه ولم يقل أي شيء سوى دموع حكت الكثير وفجأة إذا بضوء سيارة إسعاف بكامل مجهزاتها .. صاح الطبيب بعد أن نزل من السيارة وهو يركض نحوه مسرعاً :" ابتعدوا حالاً! " أمسك جسده اثنين من الرجال ينقلونه نحو السيارة وطاف حولهم خمسٌ من سيارات الشرطة وسيارتي إسعاف وخمسة عشر متدربا وثلاثة أطباء متفوقين مهنيّا .. كان من بينهم الدكتور الذي عالجه فقال بصوت إعلاني قلق : " من والد المصاب؟؟ " فأشار له عثمان بالقدوم فاقترب منه وأخذه بعيدا قليلا وقال : " هل أنت فعلا والده؟ " غمز له بنعم ثم : " دكتور أعلم بأن الوقت ليس مناسبا للحديث لكن...في الحقيقة كما تعلم فنحن لاجئون من فلسطين وحياتنا صعبة جدا..قد تظنني قاسياً لكنني لا أود عودته إلينا حتى ليشقى في عمره بسبب فقرنا وقلة حاجتنا لذا.." تردد بعض الشيء لكنه استعاد رباط شأجه وتحدث قائلا :" أرجو منك سيدي مساعدتنا قليلا وكذلك أنا بصراحة غير متأكد من عودته كما كان في فترة بسيطة مطلقا إلا أن يشاء الله ذلك..قد يطول الأمر وقد لاترانا مجددا في هذا المكان!..أرجو منك أن لا تخبره بأي شيء عنا رجاء ان عاد للحياة حقا..لكن قل له هذا الكلام وأن هذا ماأستطيع اخبارك به عن ماضيك فحسب..قل له بأن يباشر حياته وأن يكون رائد من جديد ويختار طريقه نحو الحياة..عد إلى فلسطين وابدأ حياتك كإنسان آخر!.." أمسك كفيه بترجٍ وإصرار :" أرجوك دكتور..لاتخيب ظني وقل له ذلك..ساعده أرجوك! أنا آسف فعلا لايمكني التنازل عن قراري..أريده أن يعيش أرجوك ساعده وعالجه فحتى.. " أخفض رأسه بحزن وكتم حزنه في حنجرته : " فحتى تكلفة العلاج لاأملكها..دكتور اقولها ثانية! أرجوك ساعده تدبر الأمر! " هز اوجه بتفهم واستيعاب .. فكر للحظات ثم رفع رأسه قائلا باستعجال :" ربما أساعدك ان شاء الله لكنني بحاجة إلى بعض المعلومات حتى أتمكن من اصدار هوية رسمية له دون توعك والا فلن يفيده ترككم له.. " ابتسم والده بفرح فلم يكن ليظن بأن الأمر سهل إلى هذه الدرجة لقد بدى مستحيلاً قال الأخير : " كما تريد دكتور لكن لضيق الوقت لن أتمكن من الحديث المطول معك لذا فسأعطيك ورقة فيها كل المعلومات عنه وانتقي منها ماتراه مناسبا.." أشار له :" لحظة من فضلك " دخل إلى الداخل وبحث عن الورقة .. التفت الطبيب يمنة ويسرى وهو يشاهد فرط حزنهم وفقرهم العارم .. كان هناك طفل يبدو في الرابعة من عمره ذا وجنتين حمراوين من البرد يضم ركبتيه عله يشعر ببعض الدفئ ناظرا إلى تجمع الناس حول المأساة التي حدثت في عائلة رائد! تقدم خطوة نحو الطفل إلى اليمين فاستوقفه صوت والد رائد : " سيدي! " فالتفت إلى جهته ليكمل : " لقد وجدتها..هذه هي تفضل " فتحها وأبصر فيها انها جيدة ولابأس بها أومأ برضى : " حسنا لكن سوف آخذ أولا رأي بقية أفراد الأسرة لأتأكد من الوضع فضلاً " والد رائد باضطراب :" لاسيدي.! أعني..أنه ليس بالأمر الضروري فهل وجدت أماً تترك ابنها هكذا بسهولة؟ متأكد أنها لن تقبل وبهذا سيبقى يعيش بيننا في حزن وضيق وهذا مالاأريده..! اعتني به أرجوك.." تنهد بتفكير لأنه اذا قبل فسيتحمل النتائج لكن توجد بعض المعلومات وسيتدبر الأمر المستشفى ملك له الآن! .. لم يقل أي شيء بعد أن التفت إلى الشرطي الذي نادى عليه للتو.. الشرطي :" هل عرفت من المتسبب بذلك؟ " نفى ذلك الطبيب قائلا :" لا.. ألم تكتشفوا انتم ذلك بعد؟ " رد عليه : " حتى الآن ربما نحتاج لعدة أيام حتى نكتشف الأمر ونبحث في الموضوع أكثر.." أومأ بتعجب : " دكتور ألن تلحق بالإسعاف؟؟ " أجابه : " حالاً "....لم تجد الشرطة أيت أدلة على الفاعل وأغلقت القضية ولم تفتح منذ تملك اليأس رجال الأمن حتى النخاع .... نكزه جون قائلا : " هل أنت بخير؟ " أفاق من شروده وترك السيد جون بمفرده ينظر إليه باستغراب .. ذهب الى الطابق الأرضي للمستشفى اخرج المفتاح وأداره بانتظام .. الأثاث بسيط وقديم تبدو غرفة مهجورة يطلوها الغبار من كل جنب وناحية .. سحب احد الادراج فوجد ورقة مطوية اكتست بغبار شديد فنفخ عليها مبعدا اياه .. جلس على سرير صغير نوعا ما وفتحها .. انها هي فعلاً مخطوط بداخلها كل مايحتاجه المحامي للهوايا تقريبا .. تحسس بأصبعه اسم ( رائد عثمان خليل..) همس ناطقا : " لالم ينتهي المطاف! لازال هناك أمل!.." رفع نظره وهمس دون شعور : " ( سناء.. عثمان خليل!) "!!!




مالأمر؟؟!
ماوراء كل هذا؟...
أسئلة كثيرة تدور لكن لن تأتي إجاباتها على الفور !


سميرة زكريا بلقب (سمر) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس