عرض مشاركة واحدة
قديم 20-09-21, 08:03 PM   #8

سميرة زكريا بلقب (سمر)

? العضوٌ??? » 491612
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » سميرة زكريا بلقب (سمر) is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع :"

" مرحباً! هنا المكتب الرئيسي لمستشــ....."
صعق بعد سماع صوته .. كان صوته كالفحيح فهذا آخر ماكان يتوقع! فمن آذى

مرة لتحقيق أهدافه سيؤذي كرة لكن عبثاً ضميراً يكافح ويكابد! رمى كلمته

التي راعت تردده : " انت؟؟! " همهماته الوقحة استفزته بشدة

حالما قال : " وهل هذا غريب؟! " لقد كبر في سنه وشاخ صوته! استعاد رباط شأجه
وعاد هدوئه المعتاد مستعدا ليبادله أطراف الحديث : " قل ماتريد قوله فأنا مشغول ومنهمك فيـ...."
ساخراً : " جيد! وفي أي الاعمال منهمك؟ "

رفع حاجبيه بتعجب مجيبا على سخريته :" ماذا تظن؟.."
تنهد متجاهلا رده : " هل من جديد؟..أعني ألم تستيقظ الأميرة أورورا بعد؟؟ "

في داخله بأشد صدمه وملامحه اكثر بروده فمن اين له بخبر استيقاظه وربما

يكون ايضا مجرد سؤال عن طريق تذكر ..

>>: " عن أي اميرة تتحدث؟ رجاء التزم حدودك! "

ابتسامته الجانبيه احتلت شفاهه : " وهي يجدر بي ان اقول عنه...رجل؟! " وقاحته في حديثه تجعله لايطاق مماأثار الغيظ لدى الطبيب
فقال : " بالطبع!..أولايعجبك؟ "

>>: " يعجبني بل وكثيراً! الا زلت تأمل أن يستيقظ؟ "

وضع الكوب فوق صحنه وجلس يضع قدمه فوق الأخرى متهكماً عليه : " مالذي يزعجك في الأمر ؟ "

اجاب متضايقاً :" قطني! لقد اكتفيت منك اخبرني استيظ ام لا؟ وقتي ثمين! "

تقلبت شفاهه بابتسامة عريضة وقد اجاب : " وانا كذلك! اعذرني فأنا مشغول! "

قطع خط الإتصال موغرا فيه الغضب! لفظ بحنق : " سُحقاً لك! "

أخذ الدكتور صادق الملف الذي كان فوق مكتبه وقلب صفحته ألاولىٰ
ثم قال :" يتصل بلا هدف ولاحوارٍ مفيد عندما يجد نفسه متفرغاً..لن اسمح بتضييع جهودي سدىً! "
نظر الى انعكاس ملامحه في صفحة فنجان القهوة : " مهما كلف الأمر!! "
حركها بشكل دائري واخذ يرشف من كوبه بأتم الهدوء ...


~~~~°°~~~~


مرت الدقائق حتى بلغت الثالثة والنصف عصراً 3:30 london وقد انهى الدكتور صادق اتمام ملف احد مرضاه وتهم خطواته نحو غرفة رائد لمراجعة حالته ..
كانت المرآة على طرف حائط الردهة امام باب الغرفة وقد لاحظ تكثف شعره الاشيب بعد ان طرق الباب لثوانٍ ..
لقد مر عليه الكثير من الوقت وهو يعتلي مهنته حتى أفصح شعره عن عمره! لقد اصبح رأسه كالثلج من تكاثف نمو الخصل البيضاء! ربت وخلل بين نباتات رأسه متأملا سنوات حياته حتى أتاه صوت احد اطباء القسم
: " تفضل! "
سحب الكرسي وجلس بمحاذات سريره .. : " كيف حالك؟ "
أشار له بعينيه كأنه يقول : " ( بخير ) "
سكت لفترة ثم قال : " يبدو أنك قد تحسنت..هل تستطيع الكلام؟ "
رد طبيب القسم : " لا.."
هز صادق برأسه بفهم في حين أكمل طبيب القسم : " صحيح أنه لم يفقد ذاكرته الداخلية وهي المسؤلة عن حركة الجسم الإعتيادية الا أن مرور زمن عليها دون حركة جعل من الصعب التعامل معها.."
أخذ نفسا عميقاً .. تحملق في رائد نظرة مطولاً
كان بعدها حديثه : " رائد ياعزيزي بعد أن تم اصدار هوية لك فإنك تستطيع التحرك بحرية في هذا البلد..لذا يجب أن تكثف جهودك وتستمر في التدريب لفترات طويلة ومتتالية حتى يُختصر ذلك الوقت المرجح ونعطيك التصريح..فهذا مستشفى وليس غرفة للإيجار..أعلم أنه ربما يكون صعبا فتلك مدة ليست بالهينة..اريدك ان تخرج وتعمل وتتعلم وألا تقضي مزيدا من الوقت هنا..ألست معي؟ "
فكر رائد انه من الممكن أخيرا التخلي عن هذا السرير المرهق وأن يصبح بكامل

قوته الجسدية كأي انسان عادي..! وهذا ماكان يألو ويطمح اليه ، الإبتعاد قدر

المستطاع عن مسمى المستشفيات والهروب من آلامه الجسدية المستمرة

وافكاره ومشاعره المبعثرة .. أحلامه أحلام أي مريض يأكل ويشرب ويتحدث

فوق السرير لقد ضاقت آفاق صبره واختنقت أحاسيسه هو سيهرب ان كان

يستطيع المشي لكن المشي الآن أشبه بالمحال! يتملكه حسد لتلك العصافير

التي تنعم بالحرية وترفرف بأجنحتها في الهواء الطلق دون أن تحمل أي كره أو

حقدٍ للآخرين وهذه هي الحرية! سيحاول حتى يصل الى مبتغاه ان شاء الله

فعلى مايبدو هذا الطبيب يفهم شعوره و هذا كان ظن رائد الا أن ماكان يفعله

به هو تخليصه من هذا المكان قبل أن يكتشف الرجل وجوده واسيقاظه والا فإن

كل أعماله ستذهب مع مهب الريح! .. لم ينتبه رائد للطبيب صادق وهو يتحدث

مع طبيب القسم ويتشاركان ملفات عدة .. أشاح بنظره عنهم فلاشيء يدعو الى التطفل ..
بعد خمس دقائق أعطى طبيب القسم لصادق اشارة في لغتهم الأجنبية والتي
تعني حسناً وهمهم ببعض كلمات الترحيب ليثما يغادر الغرفة ويدخل بعده الطاقم ذاته ..
يبدو أنهم قد غيروا خطتهم في التدريب وربما كان هذا ماأشار اليه صادق في كلامه معه!.



~~~~°°°~~~~

مسح الطبيب يديه بعد أن أنهوا عملهم وقال للطبيبة بجانبه : جيد! لم نستغرق سوى ثلاث ساعات لم نتأخر كثيرا! " ابتسمت الطبيبة بلطف .. كانت ذا وجه مستدير وبدانة خفيفة ولها نظارة سميكة تبدو في العقد الثالث من عمرها : " تعلم بمن يذكرني؟ " أمال بشفته جاهلاً فأشارت له برأسها : " باابن عمي! كأنه امامي يقوم بالحركات نفسها! " تقدم أيضا وأجاب :" صحيح لكنني أرى أن رائد فتىً هادئ وذكي ويتعلم بسرعة! " تنهد وبقي يستمع الى مايقولونه وهم يجمعون أغراضهم الشخصية والطبية .. توقف نبض أفكاره عندما سمع أحدهم يقول لزميله : " ( ليس لأخواتي سواي في البيت وأمي عجوز كبيرة لذا فتراني كثيرا ماأتغيب عن العمل! ) " رد الآخر :" لاألومك " شعُر بغصة في قلبه ورواده حزن كاسر!!
~~~~°°°~~~~.
تأتي نسمات الصباح لتداعب الزهور وتشرق السماء بسراجها الأخاذ مطلّة على منازل بريطانيا! .. فتح جون باب مكتب الدكتور صادق تعتليه اشراقة مطمئنة .. طلب صادق من جون الجلوس في المقعد البني والذي يتباها بأروع النقوشات الخضراء التي تبدو وكانها اوراق شجرٍ تتمايل فوق صفحة بنية ثقيلة مما يحيي التراث القديم .. المكتب موجود فوق جميع الغرف منعزلاً عنهم ولايدخل الغرفة الا الضيوف ذو الشأن والأهمية! ظفر الصوت أخيرا على لسان الطبيب :" اهلاً بالسيد جون ماذا ورائك؟ " حك بين كفيه ثم شبكهما وقال :" كما طلبت فلقد استأجرت له شقة مناسبة ورتبناها بالأثاث الذي طلبته " لم يرفع ناظريه عن ازرار تحكم الحاسوب الا أنه نطق : " جيد! وماذا بعد؟ " تنهد ليتحدث :" بحثت له عن عمل صحيح أن ماله قليل الا انه مناسب على مااظن..المشكلة الوحيدة الآن..هي أن الشاب لايملك اي شهادة وبالتالي سيعيد الدراسة من الصفر.. " >>:" سآتدبر الامر.. ".... بعد ثوانٍ قد مرت تحدث جون قائلا : " اعذرني سيدي لكن اريد ان أسألك سؤالا.." رد عليه :" تفضل! إسأل عما تريد سؤاله " رسم يده على حافة زجاج المكتبة السوداء ذات اللمعان حيث تنعكس صورة الفنجان الأبيض المرقش بالخطوط المنحنية على أطرافه اضافة الى انعكاس ساعته المشيرة الى 10:22 london ١٠:٢٢ لندن صباحاً .. التفت اليه :" هل أنت قريبٌ لذلك المريض؟ اعني رائد " اصدر من بين شفاهه صوتاً يحكي النفي .. شد على قبضته :" اذاً من أين اتيت ببياناته؟ ولماذا لاتريد له أن يعرف شيئا عن أهله؟! ألا تشعر أن في الأمر شيء ما؟ " ارجع ظهره الى الوراء ثم أسنده ليقول دامثاً :" يارجل الا تفهمني؟ انني اقول لك ان اهله لم يعد لهم رغبة به! لماذا تعارضني؟ " انتفض بغضب طفيف : " يجب أن اعارضك! كيف لعاقلٍ التخلي عن ابنه؟! انت تقول ماهو مستحيل! " البرود جفى ملامحه وهو يقول بإهمال :" اقلت عاقل؟..أتعلم أن دار الايتام مليئٌ بالمظلومين؟ " عقد حاجبيه بغيظ :" سحقا لهم جميعاً!! الا يعلمون قيمة ابنائهم؟! سحقاً! " قهقه صادق ضحكاً حتى قال :" هون عليك هون عليك يارجل! اعلم ان كونك يتيماً شيء صعب جداً وأن ماعنيته ليس بالهين..ماذا بيدنا ان فعل هذه هي الحياة! " تجاهل كلامه ومازال الغضب مسيطراً عليه : " انت لم تجبني! لما لاتريد لأهله ان يعلموا بأمره؟ " رفع جبينه بتعجب فيبدو لهذا أنه لن يفهم أبدا ولازال مصراً..! ضرب الهواء النافذة كمن يطرق على زجاجها ويعم الهدوء .. صادق بسط شفتيه بابتسامة الهيمنة حين قال جون :" لاأحب التسويف..اخبره عن أهله هذا لن يضرك! " لم يجب ولم يتحدث مطلقا فزفر جون نفسه بعنف وسحب الملف وقد خطى خارج الغرفة فقد أدرك انه لافرار وسيكمل مابدأ به...! جلس رائد بمساعدة من الاطباء وهم قد انهوا التدريب لهذا الصباح وخرجوا جميعاً من حجرته .. امتدت أنظاره خارج النافذة هناك حيث العالم! تلك البقعة المستديرة الذهبية أضاءت فيلقاً من الأرض وتلك الغيوم البيضاء كالقطن نبتت وراءها زهورٌ ذات عبق محمود وأشجارٌ ذات منافع شتى .. كلٌ له مهمة في دنياه كلٌ يطمح ليكون فيجتهد ليحقق مايريد أن يكون ان شاء الله .. ظهر شبح الإبتسامة عليه فحرك رأسه ضاحكاً على الطائرين حين تشاجرا امام نافذته على قطعة خبز صغيرة! لكل شخصٍ رزقه ولن يفوت عليه فمن قدر عمرك سيقدر رزقك! .. تبدو له الحياة في بساتطها أكثر جمالاً وأسهل تعاملاً! أخذ جسده برعشة من البرد المحيط وفتح باب حجرته فقد حان وقت الغداء .. ~~~~°°°~~~~ جلس الفتى على حافة الرصيف يشرب العصير الشائع ويحادث ذاته :" قال سيرميني قال! وهل هو اهل لذلك! على أية حال هذا أفضل بكثير فوجوده بجانبي يعني الموت محبوساً! لايسمح لي بفعل شيء كان حلالاً أو حراماً ويصرخ في وجهي و كأني طفل صغير! أشخاص بهذه المواصفات مزعجون فعلاً! " تفاجئ بصوت فتاة وراءه تقول :" انت محق مزعجون بالتأكيد! لاسيما اذا وصلهم كلام كهذا فإنهم سيزدادون ازعاجاً " التفت اليها وقد اتسعت حلقة عينيه انها ابنة عمه الشرسة مالذي اتى بها الى هنا!؟ ابتسم محرجاً وآردف :" لم أكن أعنيه! " ربطت حاجبيها القصيرين :" لاتكن أحمقاً! رأيتك وانت تتحدث بعيني هاتين! " >>:" اذن أطبقي فمك قبل ان أقتلع عينيك هاتين! " تأبطتها أختها الأصغر وهي تشدها الى الداخل فسحبت يدها منها بعنف وقالت :" احترم نفسك ياهذا من تظن نفسك؟! " استخف بها قائلاً :" ملكاً عليك! " صاحت بغضب :" أقولها للمرة الثانية التزم حدودك!! " بتحدٍ :" والم أفعل؟ " زمت شفتيها بغيظ شديد ثم قالت من بينهما :" ستندم! ستندم! " اعطته نظرة انذار وتوعد بالغ ثم ذهبت الى الداخل ... همس بسخط :" ياله من لسانٍ سليط! "...... ~~~~°°°~~~~.


سميرة زكريا بلقب (سمر) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس