الموضوع: الحب... إستثناء
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-22, 08:10 PM   #3

ندى.سعيدى

? العضوٌ??? » 494068
?  التسِجيلٌ » Oct 2021
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » ندى.سعيدى is on a distinguished road
افتراضي الحب .... إستثناء/ الفصل الثالث

عاد أيهم بعد يوم مرهق إلى منزله، حيث الدفأ ورائحة الخبز المنزلى، دخل لقاعة الجلوس قائلا
_السلام عليكم أمى.
_اهلا، أين بت البارحة؟ لما تركت المنزل وكأن القيامة قامت؟!

أشاح ببصره بعيدا وسكت، يعرف رأى أمه بشأن إلينا، وقد حذرته من تحطيم قلب ليلى، وبدل هذا تحطم قلبه هو، لذالك لاخيار له غير الكتمان حتى يجد حلا نهائيا لجميع مشاكله بداية من المالية، إلى مشكلة قلبه العالق مع إلينا، أجبرها الطبيب على المكوث فى المشفى لمتابعة حالتها، وهى تكتمت عن إخباره بسبب تدهور حالتها وفى النهاية وعدته بأنها ستهتم بنفسها الليلة، ربما عليه أن يأخذ لها بعض الطعام المنزلى أفضل لها من نومها جائعة، لكن كيف سيفاتح أمه بالأمر؟!

تنهد بتعب، لم تطاوعه نفسه تركها بمفردها، يكفى كتمانها لكل شيء داخلها، تذكر حين كانت مراهقة صغيرة وصارحته بإعجابها بشخصيته
" أدهم أنت مميز، تذكر أنك مشع رغم إنكسارك وحسرتك، أنت لاتملك شيء لكنك تعطى الكثير، أنت كريم حقا، بقائى معك يعطينى شحنة إيجابية قوية، أنت لاتعلم كم تساعدني إبتسامتك"

يومها شعر بالخجل، وهى سخرت منه كما لم تفعل منه قبل، فيما بعد علم أنها تعانى الأرق، فسار يتسلق الشجرة ليصل لغرفتها حتى يحكى لها قصة، كيف سينساها ومابينهما تاريخ من المشاعر؟! كانت تفاجأه بتنكرها الغريب، لم يعلم أن التنكر سيرافقها فى أسوء المواقف لترسم الهدوء بدل الصراخ والبكاء.
..........................

لم ترغب بسؤال أيهم عن كيفية معرفته لمكانها، هو ليس خارقا، وأيضا أبيها ليس على علاقة معه، هناك حلقة مفقودة، لكن لاتهتم، ندمت لأنها وعدته بالبقاء هنا، بدأت تشعر بالضجر، وهذا معناه التفكير فى ماضيها وهى لن تهتم، وفجأة طرق الباب، لم ترغب بالرد، لاتريد من يفسد خلوتها، لكن هذه النغمة تعرفها عن ظهر قلب، فابتسمت لأن أيهم قد جاء لزيارتها، وماإن فتحت الباب حتى تبددت فرحتها لتصبح دهشة، هناك شابة أمامها، ترتدى ثيابا بسيطة تلف حجابا بنى اللون وذات عينان عسلية، بدا الفضول جليا فى ملامح إلينا وقالت بخيبة أمل
_ أعتقد أنك مخطئة فى الغرفة.
ليأتيها صوت أيهم من خلف ليلى
_ كلا هى ليست مخطئة، لقد قررت تعريفك على ليلى خطيبتى.

تراجعت بصمت سامحة لهما بالدخول، وجلست فى زاوية كأنها تعاقب نفسها، ليتولى أيهم تلطيف الأجواء
_ كان لابد من أن تتعرفا على بعضكما البعض، لأنكما مهمان فى حياتى.
إقتربت ليلى من إلينا ممسكة بيدها مرحبة بها ببشاشة
_ مسرورة بالتعرف عليك.
_ وأنا أيضا، هل تشربان شيئا؟
نفا كيلاهما،ثم أخرجت ليلى علبة طعام واضعة إياها أمامها قائلة
_ لابد أن طعام المستشفيات لايعجب، لهذا أحضرنا معنا بعض الطعام منزلى الصنع، أيهم أخبرنى أنك تحبين المعكرونة هكذا!!
ضيقت عيناها بتفكر وأبعدت العلبة بنفور بدا واضحا
_ أعتقد أنى أصبحت أكرهه منذ فترة، أسفة لإضاعة جهدكم.

نظرت ليلى لأيهم تستنجده طالبة منه التدخل، لكن الأخر يعرف أن صديقته كشفت الكذبة، قبل قدومه لهنا، إتصل بعلياء والدتها سائلا إياها إن كانت تريد شيئا ليفعله لإلينا، فماكان منها إلا أن طهت هذا معتقدة أنها مازالت تحب نفس الطعام بنفس طريقة التزيين، لكنها تغيرت، مؤسف أنها أصبحت مجرد روح فارغة من الداخل، فطرد هذه الأفكار بعيدا ملطفا الأجواء
_ كيف قضيت وقتك هنا؟
رفعت كتفيها بلامبالاة متمتمة
_كالعادة، لايوجد شيء مميز.
لتتدخل ليلى مغيرة الموضوع
_ غدا... ماقولك بتقضية اليوم معى فى المنزل، سأسر بأن أريك بعض أعمالى الحرفية.

إبتسامة ليلى البلهاء، سلوكها اللطيف معها، بريق عينيها الذى يدل على حماسها بعث فى إلينا شعورا بالضجر، هى تكره هذا الصنف من الناس، اللذين يغمرونك بعاطفة غريبة منذ أول لقاء، تجاربها علمتها أن لاتثق بها، لذالك ستبتعد عن طريقها، فقالت ببعض الخيبة المصطنعة
_أسفة، أعتقد أنى منشغلة ببعض الإجتماعات الخاصة بالعمل.

رفع أيهم حاجبه سخرية منه على كذبتها، لترد عليه برفعها لحاجبها أيضا بمعنى"أتحداك أن تفعل شيئا"، الغبية تسعى لإقصاء نفسها بعيدا عن الجميع، لأن عقلها يخبرها أن لاتثق بأحد، من الجيد أنها لم تصل لمرحلة عدم الثقة بنفسها أو الهلوسة، هم بالتكلم والتعليق، لكن طرقات خافتة على الباب أسكتته، ثم دخلت الممرضة ممسكة بباقة من ورد البنفسج، أفضل أنواع الزهور،ومن أهم الأسرار التى لا يعلمها غيره وغير أمها، فعض شفته بخنق، أمها لم ترضى عدم الإطمئنان على إبنتها، كان يعلم أن فى هذه اللحظة بالذات ستتغير أمور عديدة، وأولهم سلوكها تجاهه، فهى أخذتها بابتسامة واضحة على شفاهها ووضعتها فوق الطاولة، ثم تمددت مغطية رأسها بدون قول أى كلمة، إنعزلت عن العالم مفكرة فى أمها، هذا المخلوق العجيب، لماذا عاد لحياتها؟! وشدت من الغطاء حولها كى لاتكتشف رعشة جسدها.

تفهم أيهم ردة فعلها الصامتة تلك، وتحت دهشة ليلى، طلب منها الخروج تاركا إياها تختلى بنفسها، لن ينام الليل حتى يعرف لما تكره إلينا والدتها بهذه الطريقة، لن يترك صديقته تعيش فى دوامة من الأفكار المظلمة والماضى التعيس خاصتها.

_فى المرة القادمة قبل أن تعرفنى على شخص ما تعلم أن يكون مهذبا كى لاأعيش مواقفا كهذه!!
تجاهل الرد علي ليلى وهو يتصل على علياء، لم يتوقف عن السير ذهابا وإيابا فى بهو المشفى، كان منفعلا وهذا واضح جدا، مما دفع الشك يسيطر على قلب ليلى لتقول بصوت عال نسبيا
_ دع أمرها لتذهب للجحيم، ألم أخبرك أنها أنانية!! لو كانت تملك ذرة إحترام لما فعلت لنا هذا.

حدق فيها لبرهة غير مستوعب حديثها، أراد التكلم، لكن رسالة من عند إلينا وصلته" دعنا نتقابل فى سطح المشفى بمفردنا. " فسارع بإرسال مخطوبته للمنزل، وصعد لها، كانت هادئة أكثر من هدوء الليل، ثيابها خفيفة، عينيها حمراء، لكن لا يبدو عليها البكاء، إقترب منها مبتسما، فتكلمت بما فى قلبها حتى تحطم إبتسامته
_ أنا أكرهك، هل تعلم هذا؟
_لقد صرت أعلم الأن.
_ أكرهك بطريقة لايمكن أن تتصورها...
رفع كتفيه بلا إهتمام
_عادى، هذه معلومة قديمة جدا.

إنفجرت ضحكا بجنون غريب عليه نوعا ما ثم تنهد رامقة إياه بنظرات قاتمة
_ شعورى هذا لديه أسباب، وأحدها لأنك فقير.
توسعت إبتسامته لتظهر غمازاته، وجلس مستندا بظهره على الحائط
_ أوووه هذا تمييز طبقى...

توجهت لتجلس حذوه ورفعت رأسها للسماء وتكلمت بشرود
_أنا أكرهك، لاتأخذ كلامى على محمل المزاح، أنا جادة
_ومن أخبرك أنى لا أصدقك؟!
لتصرخ فيه بحدة
_عليك إبداء إنفعال!!
_ماذا عن إبتسامتى؟ أهى غير كافية؟

سمع تأففها، لم ينظر لها، بل ترك لها حرية قول ماتريده، يعرف إلينا، تكره الأشياء لأسباب، ونادرا مايحظى بلحظة إعتراف معها، لكن لماذا فضل البقاء معها بدل إيصاله لليلى؟ أليست الأخرى أولى به؟! لكن على مايبدو قلبه معلق بهذه المرأة، إلينا، بجميع حالاتها مميزة، إلينا الطفلة الباكية، والشابة الطائشة والمرأة الفاتنة، كل حالاتها تحكى قصة لن يفهمها أحد غيره، لايوجد رجل قادر على إحتواءها غيره،لهذا أمسك بيدها ليبث لها الدفأ وأجبرها على النظر له
_ إلينا...أنا حقا أحتاج لإعترافاتك...أنت أيضا مميزة، تذمرك وشكواك لى يجعلانى شخصا مميز، أنت لاتعرفين شعور أن تترك الجميع فقط لأجل القدوم لى، مرافقتى، أحببت أم كرهت نحن ننتمى لبعضنا البعض، ربما إعترافى متأخر، لكنك جزء مهم فى حياتى، أريدك أن تكونى مشعة، أنت تعطينى الطاقة لأتحمل، لأن فى قرارة نفسى، أعلم أنه لايمكننى الإستسلام لأنك تعتمدين على، أرجوك إبقى قوية ..

بدون وعى منها شعرت بدموعها تنحدر على خدها، ثم فوق يده، فنظر لها باهتا
_ أنتِ تبكين!!
ضربت صدره بوهن وتعالت شهقاتها
_أنت لاتعرف كم إحتجت لكلام كهذا، أنت لاتفهم أن أعيش كنكرة غير مرغوب بها، أرجوك إسحب كلامك حتى أرحل مطمئنة، أرجوك أريدك أن تكرهنى كما أفعل، تجاهل وجودى وحسب.

قرب رأسها لصدره ماسحا على شعرها، تماما كما هى العادة، ينسى الجميع بوجودها، حتى خيال ليلى إندثر نهائيا، لقد بعثرت كيانه وهو عاجز عن التصرف، وحين شعر بهدوءها، سمح لنفسه بتقبيل جبينها قبلة بريئة، ليسمع صوتها المبحوح من النحيب
_ أنت لاتكرهنى صحيح؟!
_وهل يكره الشخص روحه؟ هل سيكره نبضه؟ هل هناك من يرفض الحياة بعد أن ردت إليه؟

تنهدت بيأس مجيبة
_ إنها أنا يا أيهم، أنا من ترفض الحياة خشية الخذلان، أرفض حتى رؤية وجهى فى المرأة كى لايخذلنى جمالى، كل شيء قابل للإنكسار...أتعلم، أنا حقا أكره الفقراء لكنى لا أكره الفقر، عشت مع أمى سنوات طفولتى الأولى، كنا بالكاد نتناول الطعام، لم يهمنى هذا، بقدر سعادتى بوجودها حذوى، كانت بهجتى خاصة حين عوضت غياب أبى، جاءتها فرصة للزواج برجل غنى، شاركتها أحلامى بأن تصبح لى أخت وأنى سأتقبل هذا الرجل، لكن...حتى أمى الشىء الثابت الوحيد...إنكسر.

دفنت إلينا رأسها فى صدره كأنها تحتمى من الجميع فيه هو، ثم واصلت الحديث بصوت خافت
_كانت شخصا طماعا، لقد رأيت هذا بعينى، لم أصدق نفسى إلا حين سمعت حديثها مع جدتها تخبرها أنها لم تعد تريدنى فى حياتها، فهى تخجل من وجودى لأنها تريد حياة جديدة، قضيت شهران أعانى من تحرش زوجها الحقير، وفى النهاية ذهبت إلى أبى...

وانفجرت فى البكاء، ليضمها لصدره أكثر مواصلا تقبيل جبينها
_لابأس عزيزتى لابأس حبيبتي، لقد مر كل شيء، لن أسمح للكوابيس بأن تعود لك، أعدك..
_أنت لن تتركنى صحيح؟!
_أنت كنزى الثمين...أنت كل شيء...لن أسلم فيك أعدك، لن أكرهك مطلقا...
شددت من حضنه، وهدأت قليلا، ثم تمتمت
_دعنا نخرج من هنا...أشعر بالإختناق.
وقف أولا ثم مد لها يده مساعدا إياها على الوقوف، وبعدها نفض لها ثيابها ووضع سترته فوق كتفيها
_ دعينا نتجول هنا وهناك...



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 13-01-22 الساعة 07:52 PM
ندى.سعيدى غير متواجد حالياً