عرض مشاركة واحدة
قديم 16-06-22, 11:04 PM   #3

pretty dede

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية pretty dede

? العضوٌ??? » 371679
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,532
?  نُقآطِيْ » pretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond reputepretty dede has a reputation beyond repute
افتراضي



كان الساعة قد تعدت الثانية صباحًا, حيث لا تسمع صوتًا للأحياء..

مجرد خربشات، أصوات حشرات، حفيف أوراق الأشجار, التي تتحرك بفعل الهواء العنيف المُصاحب لليل فصل الشتاء..

صوت ارتطام قوي لنافذة الشرفة التي لم تُحكم إغلاقها؛

ثم مرةً واحدة دوى سقوط شيء ما, وتحطمه بقوة؛

جعلها تنتفض من مكانها بذعر؛ حيث كانت تشاهد التلفاز؛

فهي لم تستطع النوم لكونها بمفردها في المنزل..

عائلتها قد ذهبت في عطلة سريعة, حين كانت بجامعتها

التي تمكث بها, وعادت لتجدهم مسافرين ..

لم تعتد البقاء بمفردها أبدًا؛ حتى بسكنها الجامعي لديها رفيقة في غرفتها..

شعرت بالذعر والرعب الشديدين، كيف لها ألا تشعر بذلك!..

فهي تخاف البقاء وحيدة غرفتها الجامعية, عند عودة رفيقتها, تُسرع إلى إحدى الغرف التي تتواجد بها رفيقاتها الأخريات، وتندس بينهن كدخيل متطفل..

فما بالك بمنزل كبير فارغ, لولا المسافة, ومعانة السفر لعادت أدراجها سريعًا..

دوما كانت تخاف ذلك المنزل, تشعر بانقباض غريب به..

لديها شعورين متناقضين اتجاهه..

تكرهه بشدة, فقد شهد على موت أختها الكبرى..

ولا زال شبح الذكرى يخيم على رأسها مشهد لن تنساه أبدًا..

وبنفس الوقت تحبه, لأنه جمع الكثير والكثير من الذكريات المحببة إلى قلبها..

لعلبهما معًا شجارهما, أفراحهما وأحزانهما حتى إصاباتهما..



كيف لك أن تشعر هكذا!..

شيء غريب أن تريد الهرب من مكان وفي نفس الوقت تهرب إليه..



لا أحد يعلم حتى الآن سبب موت أختها المفاجئ؛ أو بالأحرى انتحارها.. ربما كانت تعلم, أو لا تعلم..

كل ما تتذكره من المشهد جثة أختها ممددة على أرضية القبو السفلي, ذلك المكان الذي كانتا قد خصصتاه للعبهما, مكانهما السري الخاص بهما, بعيدًا عن أحاديث وعالم الكبار..

حين تجلسان فيه تنفصلان عن العالم, حيث أحلامهما وأمانيهما..

كان أحب الأماكن إلى قلبها؛ لكنه أصبح أبشع وأسوء مكان في نظرها بعد الحادث..

لم تطأه قدميها منذ ذلك اليوم؛ ولكن ذلك الصوت القوي كان قد أتى من ناحيته..



ارتجفت كليا، أسنانها تصتك ببعضهما بصوت مسموع،

عيناها زائغتان، تتحرك حدقتاها باضطراب, لا تدري ماذا تفعل؟..

تريد تجاهل ذلك الصوت, وتبقى قابعة بغرفتها الآمنة المضاءة كليًا؛

كأنها بمنتصف النهار؛ ولكن عودة ذلك الصوت, وبقوة أكبر جعلها تقفز من مكانها،

تراجعت للخلف بهلع أكبر, حيث جلست متوارية بجانب الفراش، متكورة على نفسها،

ضامة ساقيها إلى صدرها، وتحيطهما بذراعيها؛ وكأنها تحمي نفسها من اللا شيء..

ظلت هكذا فترة لا تدري كم بقت على هذا الشكل حتى هدأت قليلاً،



لكن ما لبثت حتى وجدت الإضاءة تهتز تضيء، وتنطفئ مرة بعد مرة،

ثم تلك النافذة التي تتأرجح بفعل الهواء والستائر المتطايرة..

وفجأة أظلمت الغرفة, لتصرخ صرخة مُدوية مرعوبة, وهي تنتفض واقفة، تبحث عن شيء تضيء به الغرفة..

بحثت عن هاتفها فلم تجده, بحثت عن مصباح الإضاءة الصغير؛ لكن عبثًا؛ مما اضطرها للخروج من الغرفة بحثًا عن مصدر للإضاءة،

تحركت بخطوات حذرة تتلفت حولها بخوف، وما إن وصلت إلى المطبخ؛ حتى تحسست طريقها بيدها مستندة إلى الجدار،

تُمسك بعلبة الثقاب لتشغل العود,

وما إن أشعلته، حتى وجدت أحدهم بوجهها؛ جعلها تشهق صارخة بذعر شديد، تلقي العود أرضًا لينطفئ،



تسمع اسمها بهمس مألوف لديها

"مي"

اتسعت عينا مي بشدة، تتنفس بعنف،تدور حول نفسها، جسدها متشنج ينتفض رعبًا، تسمع وقع خطوات تركض بخفة, ضاحكة بمرح،

كأن أحدهم يلعب بسعادة, والضوء يضيء مرة وينقطع مرة أخرى، ثم يعود بعد ذلك طبيعي, أغمضت عينيها, مُطبقة على جفنيها،

ثم فتحتهما ببطء شديد بعد أن اعتادت عيناها الضوء،

لتجد باب القبو المتواجد بالمطبخ قد فُتح، وصوت أغنية تعرفها؛ بل تحفظها عن ظهر قلب يتردد صداها بأذنيها،

أغنيتهما المفضلة، صوت صغيرتين ترددانها بمرح طفولي..

دمعت عيناها بشدة، تبتسم بمرارة واشتياق، تحركت قدماها بخطوات لا إرادية متثاقلة إلى باب القبو,

تُمسك به تقبض على حافته بقوة، تنهدت تبتلع ريقها بصعوبة، تتحرك هابطة الدرج المؤدي للأسفل..

ومع كل درجة كانت عيناها تتسعان انبهارًا؛

وهي ترى الأضواء والزينة المعلقة بالمكان، صغيرتان تضحكان وتلعبان؛

ولكن ما أثار دهشتها تلك الشابة الجميلة التي كانت تراقبهما بهدوء, وتردد معهما الأغنية..

ثم التفتت إليها تبتسم برقة..

نظرت إليها مي بعدم تصديق, تهتف بانشداه:" روان!.."

أومأت روان برأسها, وقالت برقة:" أجل حبيبتي, إنها أنا.. تعاليَّ.."

مدت إليها يدها, تحثها على التقدم..

تحركت مي باتجاهها, تمد يدها بلا شعور تُمسك بيدها، فوجدتها باردة..

نظرت إليها بتساؤل؛ لكن روان ابتسمت تشير لها برأسها للصغيرتين،

قائلة بشرود:" أتذكرين؟.. كنا نلعب سويًا هنا ونغني.."

ابتسمت مي بحزن, قائلة بمرارة:" بلى .. كيف لي أن أنسى!.. لقد كان عالمنا الخاص.."

هزت روان رأسها نفيًا, وقالت بهدوء مصححة بعتاب:" ولا زال مي, ولكنكِ أنتِ من ابتعدتِ.."

انهمرت دموعها, تقول بتحشرج:" لقد تركتني روان ورحلتِ.."

نظرت إليها روان عاقدةً حاجبيها, مرددة بدهشة:" أنا تركتكِ مي؟.. لم أفعل.."

هزت رأسها تبكي, هاتفة بحنق:" بلى.. تركتني روان ورحلتِ.. رحلتِ وخلفتني وراءكِ.. لم تفكري بي وكيف سأكون بعدكِ..

رحلتِ لتتخلصي من عالمكِ وشعوركِ بالألم؛ لتتركيني أتجرع الألم وحدي.. لم تفكري ولو للحظة أنك ستتركينني وحيدة بلا أخت أو صديقة.. بلا أمان بلا وطن.."

كانت تبكي بمرارة, تنظر إليها بعتاب ولوم،

وتضيف بلوعة:" كنتِ صديقتي الوحيدة, كنتِ وطني من أشكوه همي وحزني.. من يطمئنني أنني سأكون بخير..

مهما حدث سينقضي الحزن والألم.. ولكن كنتِ أنتِ من تسبب بألمي برحيلكِ بتلك الطريقة..

تركتِ يدي وجعلتني أسقط في هوة لا نهاية لها.."

عقدت روان حاجبيها تنظر إليها بصمت، عيناها تضجان بألم لما قالته..

ثم تنهدت, تقول بخفوت:" كنت هنا طوال الوقت مي.. انتظر حضوركِ.. انتظر أن تأتي لمكاننا لنتحدث سويًا كما السابق.. ولكن أنتِ من هجرتِ مكاننا ولم تأتي.."



اتسعت عينا مي تنظر إليها بعدم تصديق، ثم هتفت مستنكرة بحدة، تلوح بيدها:" كيف تريدين مني أن آتي إلى هنا مرة أخرى!.. المكان الذي شهد موتكِ.. لقد رأيتكِ ممددة على الأرض ميتة.. هنا.. لقد دمرتِ الذكرى روان.."

ثم تساءلت:" لماذا.. لماذا فعلتِ ذلك روان؟.. لماذا قتلتِ نفسكِ؟.. كيف استطعتِ أن تكوني بهذا الضعف؟.."

تسارعت أنفاس روان بشكل ملحوظ، عيناها تتلونان باللون الأحمر, والغضب قد بدأ يزحف إلى ملامحها،

تقول بتحذير:" يكفي مي لا تزيدي.."

لكن مي الغاضبة بشدة, عادت تقول بإلحاح:" أخبريني لماذا؟.. لماذا خنتِ عهدنا بألا نفترق روان؟.."

نظرت إليها بعينين حمراوين كالدم, مرعبتين جمدتا الدماء في عروقها وقد تحول وجهها إلى وجه آخر مخيف,



صارخة بغضب شديد؛ جعل الأرض تهتز أسفل قدميها:" قلت لكِ يكفي.. لا أريد الحديث عن الأمر.."

ثم اختفت بدون سابق إنذار تاركة مي متسمرة بعينين متسعتين بهلع، قلبها ينتفض كأرنب مذعور..

أجفلت مرتدة خطوة للخلف مع صوت النافذة، تتلفت حولها تبحث عن روان بارتياع, وهي ترى القبو قد عاد مظلم وبارد, يخلو من مظاهر البهجة والأضواء التي كانت تلفها قبل لحظات،

حتى الصغيرتان اختفتا أيضًا..

لفت ذراعيها حول نفسها تدلك بيديها جسدها, تشعر بالبرد ينخر عظامها،

تنهدت بأسى ثم صعدت الدرج بخطوات متثاقلة، وارتمت على الأريكة بالطابق السفلي, تفكر فيما حدث منذ قليل..

كانت روان تحدثها, ومعها.. ولكن كيف وروان قد ماتت؟..



ثم ذلك الوجه المرعب والصوت الذي صم أذنيها بعد أن غضبت..

دارت بعينيها بالمكان بخوف، حقا هذا المنزل مخيف.. أرادت أن تصعد لغرفتها، لكن قدماها لم تعودا قادرتين على حملها، وعقلها المسكين لم يكن يتحمل كل ذلك لترتخي أجفانها، وتذهب في سُبات عميق..
**********
يتبع




التعديل الأخير تم بواسطة pretty dede ; 16-06-22 الساعة 11:21 PM
pretty dede غير متواجد حالياً  
التوقيع

مَجَامِرُ القلوب
https://www.rewity.com/forum/t487636.html

قيود العشق
https://www.rewity.com/forum/t472889.html

دموع رسمها القدر
https://www.rewity.com/forum/t369219.html
رد مع اقتباس