عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-22, 03:24 PM   #5

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 04

بعد شهر شعر كريم أن عقل عبير بدأ يتغير وبدأت تفهم بعض الأمور وبدأت تستعيد عقلها تدريجيا. وبدأت أحيانا تشعر بالخوف من كريم. وبدأت الحالات التي تأتيها تقل تدريجيا.

فلم تعد تلعب مع كريم مثل الأول. بدأ كريم أيضا يشعر بذلك. ولكنه ما زال يعاملها بحب وبعطف. أصبحت الحالة تأتيها في الأسبوع مرة، ولا ترتاح حتى ترى وجه كريم وتلامسه بيديها. أحبت عبير كريم ولا تريد ان تفترق عنه. لكن بدأت تنضج وتعرف أنه ليس بابيها. وأنها ليست تلك الفتاة الطفولية. بدأت تسأل وتبحث في حياتها السابقة. ولكن لم تجد الأجوبة عند كريم. حتى يوم من الأيام قررت أن تخرج من المنزل بدون أن تضع الكرتون فوق رأسها. وبدأت تتنقل مع كريم من مكان إلى آخر. يمرون ببعض المطاعم والمدارس والمراكز التجارية. فكان وجود عبير مع كريم وهو يضع الكرتون على رأسه لافت للنظر.

وبينما هما في أحد المراكز التجاري أتتها الحالة فبدأت تصرخ وتقاوم وتضرب الناس حولها. تمكن كريم من السيطرة عليها وأخذها إلى أحد الأركان وكشف عن وجهه فهدأت نفسها وبدأت تلامس وجهه. والناس حولهم ينظرون إليها وهي تنظر إلى الوجه المخيف ثم بدأت تبتسم وتعانقه. ثم أعاد الكرتون على رأسه الكبير.

وبينما هي كذلك تسمع فتاة تقترب منها وتناديها "أحلام" أين اختفيت؟ الجميع كان يبحث عنك. التفتت إليها عبير وقالت: هل تعرفينني. قالت نعم انت أحلام صديقتي في الجامعة. انتظري سأتصل بوالديك سيفرحان بخبر العثور عليك. ابتعد كريم عنهما قليلا وتركها تستعيد ذكرياتها وعائلتها.

وبعد وقت ليس بالطويل أتت عائلة أحلام، أبيها وأمها وجدتها وأقاربها وامتلأ المكان بعائلتها. تحاول أن تتعرف عليهم. ولكن لم تذكر منهم أحد. فهربت منهم وذهبت تختفي خلف كريم. قالت هيا نعود إلى المنزل. قالوا هذه ابنتنا وعندنا الصور والإثباتات. قال لهم على هونكم. أحلام تمر بحالة نفسية ذهابها معكم الآن لن يساعدها. سآخذه إلى المنزل وغدا سنتواصل. بدأت أمها وعائلتها وأقاربها يبكون. قالت لهم جدتها المهم أننا وجدناها ونعرف أين تسكن.

اعترض والدها وقال: لن تذهب ابنتي إلى أي مكان، لم أصدق أننا عثرنا عليها، ستعود معنا إلى المنزل وستأتي أنت أيضا معنا. التفت كريم على أحلام وقال ما رأيك؟ سنذهب مع هذه العائلة لديهم فتيات في نفس سنك. ولديهم ألعاب وطعام لذيذ، ومكان نظيف، قالت: إي مكان تذهب إليه سأذهب معك. أمسكت بيديه، وقالت: اوعدني لا تتركني لوحدي، قال: سأحاول.

عاد كريم وأحلام مع العائلة إلى منزلهم. وكانت فيلا كبيرة وجميلة. استغربت العائلة الترابط الذي بين كريم وأحلام. رغم وجهه المخيف. فهي متمسكة به ولا تبتعد عنه. كان كريم يأخذ أكله في مكان بعيد عن العائلة ويكشف عن رأسه ويأكل لوحده. وكانت أحلام تلحق به وتأكل معه وتبقى معه وتضحك معه بسعادة. أخذت الأم أحلام إلى غرفتها. وبدأت تريها صورها وملابسها وكتب الجامعة وحياتها. ولكن أحلام كانت طفولية لا تفهم أي شيء مما تقول أمها. فخرجت أحلام وأحضرت كريم تسحبه معها إلى غرفتها وبدأت تغير ملابسها أمامه وتسأله عن رأيه. وهو يقول لها هذا رائع وهذا جميل. لم يعجب العائلة علاقة كريم وأحلام فلم يريدونها أن يأتي يوم وتقول تريد الزواج منه.

فلما أتى وقت النوم. طلبت العائلة من كريم العودة إلى منزله، وترك أحلام لتقضي يوم كامل عندهم. لكن كريم لم يبتعد عن المنزل. قال لهم سأكون قريبا منكم فقد تحتاجون لي. نظر إليه والدها لن نحتاج إليك، عد إلى منزلك ولا تعود هنا مرة أخرى.

شعر كريم بحزن وفراغ في قلبه بعد أن تركها وعاد إلى المنزل. أول مرة يدخل المنزل منذ سنة بدون ما تكون أحلام معه. بقي في المنزل يتذكر حركاتها وضحكها ولعبها في كل مكان. ثم نام من شدة التعب والتفكير. استيقظ في الصباح الباكر. على أصوات ضجة وصراخ في الشارع. نظر من النافذة. فإذا هي تقاوم والديها وتضربهم فنزل مسرعا ولم يضع الكرتون على رأسه. ولما رآه الجميع خافوا وتعوذوا، ما عدى أحلام تركتهم ورمت نفسها في أحضانه وبدأت تلامس وجهه حتى ارتاحت. فحملها وصعد بها إلى المنزل. تلومه على أنه تركها ولم يبقى معها، صعد والديها، فوضع الكرتون على راسه، وجلسا يتكلمان معه.

قال والدها لم تكن ليلة سهلة. لم تترك أي شيء في البيت إلا وكسرته ورمت به الجميع. النوافذ والأثاث والمزهريات. وصراخها لم يستطيع أي أحد منا أن يسيطر عليها. قال كريم رغم كبر جسمها إلا أن عقلها ما يزال صغير. قال والدها بحزن إنها في الثانية والعشرين من عمرها. متفوقة جدا وأنيقة جدا الكل يحبها. سمعنا يوم من الأيام أنها انزلقت على الدرج في الجامعة وتأذى رأسها بشدة، أخذناها إلى المستشفى، قالوا انها في حالة عصبية وقد فقدت عقلها، وجزء من ذاكرتها، عدنا إلى المنزل وبعد أسبوع استيقظت، وضربت الدكتور والممرضات، ثم هربت من المستشفى.

قال كريم وجدتها في أحد الشوارع تضرب الناس، ولكن الناس لم يستوعبوا أنها مريضة فضربوها. ثم بدأت تضرب نفسها وتؤذيها وتتلوى على الأرض. فقربت منها وحملتها إلى المنزل. قاومت بشدة حتى سقط الكرتون من على رأسي. خفت أن تصيبها صدمة نفسية أخرى بمجرد أن ترى وجهي، ولكن حصل عكس ما توقعت. وجدتها هدأت وبدأت تلامس وجهي وتبتسم. لا أعلم كيف أفسر هذا. لكن الفتاة أصبحت طفولية. فتعاملت معها كطفلة. وهي الآن تكبر وتستعيد عقلها وذاكرتها بالتدريج. لا تقلقا عليها فهي بأمان عندي وبإمكانكم زيارتها في أي وقت.

قالت الأم هل أستطيع أن أبقى معها. قال كريم، ولكن لا أستطيع أن أبقى اليوم بأكمله بالكرتون على راسي. قالت الأم لأجل ابنتي سأستحمل كل شيء. قال انت أم جيدة فأمي لم تستحمل شكلي. ثم دمعت عيناه. أصبحت الأم تخدمهما وتعد لها أشكال الطعام وتهتم بها وتحممها وتسرح رأسها. لكن أحلام كانت تحب أن تبقى مع كريم وتلاعبه وتنام بجانبه.

رأت الأم كيف يتعامل كريم مع أحلام. وشاهدت بنتها وهي تتصرف بعفوية وطفولية مع كريم. وكيف تبقى معه بدون أدنى خوف من ملامحه التي تكاد تجعل قلبها يخرج من مكانه من الرعب. استمر كريم يلاعب أحلام ويداعبها كالعادة ثم يأخذها معه ويلبسان الكرتون على رأسيهما. ويخرجان كالعادة.

مرت ثلاثة شهور لم تعد تأتيها الحالة مرة أخرى. فبدأ يربطها بأمها ويخرج من المنزل الساعات الكثيرة. لتقوى علاقتها مع أمها. وأصبحت تخرج مع أمها لوحدهما. فهمت أحلام أن السيدة هي أمها. وأن لها عائلة ينتظرون اللحظة التي تعود فيها إلى المنزل. نضجت أحلام وتعافت من المرض التي كان يأتيها. وأصبحت تستوعب الخوف الذي كان المفروض تشعر به مع كريم. فكانت وتشعر بالرعب حينما تشاهده وتستفرغ أحيانا.

فهم كريم أن أحلام تعافت وحصل الي مفروض يحصل من قبل. فبدا يغطي وجهه بوجودها. صرخت أحلام في وجهه وقالت إياك أن تفعل هذا مرة أخرى. قد يكون صعب علي تقبل هذا الشيء لكن سأتعود مع الوقت. ثم عانقته باكية ومودعه. وقالت يجب أن أعود لأعيش مع عائلتي. وسأزورك باستمرار ويجب عليك أن تأتي لزيارتي.

لم يبكي كريم هذه المرة لفراق أحلام. لكن كان سعيد أكثر لتعافيها الكامل. عانقته أحلام مرة أخرى وودعته بحرارة فكانت تلك اللحظات حزينة جدا لكليهما. عادة أحلام إلى عائلتها وإلى طبيعتها ثم ذهبت إلى جامعتها لتكمل دراستها الجامعية. احتفل الجميع بعودتها. انشغلت كثيرا ما بين الدراسة وولائم الترحيب بها. لدرجة أنها لم تزور كريم لفترة طويلة.


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس