تابع ..
" كاميليا افتحي الباب ..!"
صرخ عماد بها من خلف الباب .. يا الهى هل يعقل انها فعلت شيئاً ما بنفسها ..؟!
لقد قضت ساعتين في الغرفة لم يسمع لها صوتاً ...
شيء ما بوجهها تغير عندما رأت الصغيرة على صدره نائمةً .. ماذا بها ..؟!
هل يعقل انها ولدتها بصعوبة او شيء كهذا ؟! يا الهي انه فاشل بهذه الامور .. لا يعرف ايّ شيء عن امهات .. يعرف ان مشاعرهن تختلف عن مشاعر العازبات فقط .. ولاشيء آخر .. وضع يداً على ظهر اميرة وبسطها عليه .. لا يعرف كيف يحملها ..
ماهذا العجز المرغوب .. رغم انه عاجز عن فعل شيء .. الا انه لايريد تركها .. يريدها ان تبقى في احضانه اكثر فاكثر ..
" كاميليا ارجوكِ ، لا اعرف كيف اضع الطفلة في السرير حتى ..!"
كان يرجوها تقريباً ... فكر متعجباً ..
فتحت الباب فجأة ... متحاشية النظر اليه .. رأسها منخفض وذقنها يكاد يلتصق بصدرها ..
قالت بدون ان تنظر اليه ..:
" سأنيّمها معي ، وعلى ما اعتقد ان سفرنا غداً ..؟!"
الطفلة تأرجحت بين يديه ليديها ..:
" نعــم ... سنسافر صباحاً باذن الله .."
اخذت الطفلة واختفت داخل الغرفة .. مغلقةً الباب خلفها ..
*********************************
" لن نعيد نفس المناقشة العقيمة مجدداً اليس كذلك ..؟! "
يا الهى كيف ينجو من هذه الورطة .. ان امه غير راضية ابداً ..
يعرف ان امر مرضها كان بسببه .. لأنه يتجنب الحديث عن الزواج ..! ولكن ماذا يقول لها الآن ..؟!
" ستتزوج يا مازن ... والا لن قدمي لن تطأ ارض المنزل .. "
" امي ارجوكِ .... لا تفعلي هذا بي ! "
" نعم او لا مازن ؟! اجبني الآن ..!"
" حسناً ... اعرف فتاة رائعة من عائلة شريفة يمكننــ .. "
" امي على الاقل دعيني اختار العروس بنفسي .. "
" حسناً حسناً ولكن بسرعة ، انا سعيدة جداً لأجلكَ بني .. ستعرف اني افعل هذا لمصلحتكَ .. "
كيف ينجو من هذه المعضلة ..
يا الهى ... من اين يجد فتاة تتزوجه ..؟!
هل ينشر اعلاناً مثلاً ..؟!
ام يعتمد على امه وذوقها الذي لن يخذله كما هو متأكد ..
" امي هل تريدين الذهاب الى البيت ، الطبيب قال انكِ يجب ان تأكلي اكثر .. لقد نحفتي كثيراً .. ولهذا ضغطكِ ينخفض .. "
" انا الآن بخير عزيزي .. و سأكون اكثر من بخير اذا تزوجت .. "
كانت مروة تقف والقلق والحيرة تلفان رأسها بلا رحمة .. مالذي تريده امها من مازن ..؟!
بعد أن طال غيابهم ، احست بنفسها فوضعت يدها على خديها احراجاً .. لتمشي نحو الحمام بخطي متعثرة و عندما نظرت الى نفسها في الحمام الفارغ تقريباً ...
شهقت مصدومة من شكلها البشع ..:
اخرجت المناديل المعطرة من حقيبتها ومسحت وجهها برقة ونعومة ..
" لم يبقى في الحياة ما لم تذوقيه من مرارة يا مروة .... ومازلتِ تعيشين !! "
ابتسمت لنفسها .. خرجت من الحمام ..
انتفضت من رائحة المستشفى فاسرعت الخطى نحو غرفة امها ..
جلست على احد الكراسي .. لتنهض من جديد .. ثم لم تستطيع ان تسيطر على نفسها .. طرقت الباب وسمعت اجابة مازن ..
" حسناً كيف هي امي ..؟! "
" مروة ... كفي عن الاسئلة من خلف الباب .. "
" حسناً حسناً ، اخرج امي ودعنا نغادر الآن لأني لا استطيع التنفس .. "
ابتسمت ... لتلتقط حقيبتها وتضعها على كتفها ..
عندها لمحت ظلين يقتربان بسرعة نحوها .. تعرفت عليهم بسرعة الضوء ..
كادت تنسى انهما اخوة .. لم ترى مها منذُ زمن ..
بعد أن كانت هي و مها و كاميليا مثل الاخوات ..
حصل لكاميليا ماحصل .. واختفت كلياً عن الانظار ، لم تتصل بها ابداً ، رغم ان مروة حاولت الاتصال بها ولكنها لم تقدر على الاتصال بكاميليا .. وكذلك مها التي وكأنها لم تتجرء على الاتصال بها .. بعد كل هذه السنوات من الصداقة العميقة ..
لم تكثر التفكير في الامر .. فكل ما تفكر فيه الآن .. هو امها ومازن ومايجري بينهم في الغرفة ..
" مروة ... هل امكِ بخير ..؟! اخبرتني نادية انها قد نُقلت الى هنا ... هل هي بخير ..؟! "
أومأت لها بخفة .. مبعدة نظرها عن كليهما ..
بينما مهند يمسك بكتف اخته بشدة ، وكأنه يعاونها على التحمل ..!
خرجت الام وخرج خلفها مازن يحمل حقيبتها الصغيرة ..
ملامح مازن غائرة على عكس ملامح امه .. التي كانت تبدو وكأنها طفلة نالت حلواها المفضل ..
هتفت ام مازن بفرحة غامرة ، تحضن مروة بقوة ..:
" مازن سيتزوج ، سيتزوج .... "
ارتسمت ابتسامة مستغربة على شفتي مروة .. ثم بالشكل الطبيعي لفّت ذراعيها حول امها ،
بينما مازن تجاهل نظرات الجميع المستغربة ..
مها حدقت به ، صدمة الدنيا تجمعت بوجهها .. ماذا يعني يتزوج ..؟!
شعرت باللون ينسحب من وجهها ..
والرؤية اصبحت غائمة لها ، رأت شفتي مروة تتحرك .. وآخر كلمات سؤالها وصلها ..:
" ستتزوج من يا مازن ..؟! "
امه لم تمهله الوقت ليجيب ..:
" قريباً .. ومازن يعرف وحده من سيتزوج .. لقد قال انه سيختار بنفسه ..! "
رفعت حاجباً باستغراب ضاحك ..:
" من تلك السيئة الحظ .. "
ضربتها امها بظاهر كفها معاتبةً ..:
" تأدبي يا فتاة .. ستتزوجين يوماً ما ايضاً .. "
احمرّت وهي تبتعد عن حضن امها .. لتقول لها باشراق زائف ..:
ام مازن رأت مها ومهند واقفين كليهم مصدومين ..
ابتسمت بحنية وهي تقول ..:
" مها الحبيبة .. كيف حالكِ ..؟! "
ابتسمت مها غصباً عنها امام طيبة هذه المرأة الرائعة لتقول مخفية مشاعرها السلبية ..:
" انا بخير عمتي ... وانتِ ..؟! اخبروني انكِ كنتِ هنا لأن ضغطكِ انخفض .. لا يجب ان ..... "
" كفى حبيبتي انا بخير الان ... وكله بفضل الاخبار الرائعة من مازن ..! "
مازن احاط بكتفها وقبلها على رأسها ليقول بحنان خاص بها وحدها ..:
" انتِ العين والقلب يا امي ..! "
ألام كانت تجيل بنظراتها فوق مها بفضول .. عندما تقدم مهند قائلاً بمزاح ..:
" وانا ..؟! هل تم نسياني من جديد ..؟! "
ضحكت الام من قلبها وبعد التعارفات بينهما قال مازن فجأة ..:
" هيا امي فالنأخذكِ للبيت .. انتِ مريضة ويجب ان ترتاحي . "
ولكن الام كان لديها مخططات اخرى ..:
" عزيزتي مها لِم لا تأتين الى بيتنا غداً ..؟! يصادف عطلة مروة وانا اريدها ان تفرح قليلاً .. لقد تعبت كثيراً في الفترة الاخيرة .. "
نبّهتها مروة كي لا تفضح اكثر امام مهند.. :
" ماذا .... هيا حبيبتي وافقي من اجلي ..؟!"
نظرت مها الى مهند الذي رفع كتفيه بعجز ..
" سأكون سعيدة بالمجيء لزيارتكم طبعاً مع مهند بما ان ابي مشغول جداً .. "
وضعت يديها في جيبها وهي تمشي بعيدة عنهم بعد خمس دقائق ..
" مهند ، هل هناك شيء ما بينكَ وبين مروة ..؟! "
هزّ رأسه نافياً ... وجهه يبدو عليه التفكير العميق ..:
" كان هناك اشياء ... ولكن يبدو ان مروة مصرة على إنكار الامر .. "
توقفت عن المشي لتحدق به مصدومة ..:
" لا شيء .. هيا غيري ثيابك ، لا اعرف لِم دعيتيني اصلاً بما ان سيارتكِ بخير وليس بها عطل .. "
" وهل ممنوع عليّ ان اتصل بأخي العزيز ليوصلني للبيت ..؟! "
نظر اليها بطرف عينه قائلاً باستخفاف ..:
" افعلي هذا مع غيري يا شريرة .. لا اعرف الى متى سأتحمل دلعكِ الماصخ قبل ان اتخلص منكِ ... "
" لن تتخلص مني ابداً .. كان يجب ان تتزوج انتَ ورنا وتخلصني انا منكَ .. الله احبها لهذا انفصلتما بسرعة ولله الحمد .. "
قالت كلماتها الاخيرة وهي ترفع حاجبيها مع بعض ..
****************************
يتبع ..