369 - جزيرة الحب الضائع - سارة مورغن - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة )

[لهيب الظل]

وهز توم كتفيه بسخرية ، ثم قال : ( نعم .. حسناً .. اعترف بأنني اتحمل جزءاً من الخطأ . كنت قد مرحت قليلاً مع بعض الزبائن ، ثم ظهرت انت وقد بدوت في حالة ضعف شديدة ، ثم ، حسناً..).
مدت لوران يدها لمست ذراعه ، وقالت : ( لابأس يا توم ، كلانا يعرف بأنك لم تقصد الإساءة . إننا مجرد اصدقاء . هذا ما نحن عليه انا وانت ، أليس كذلك ؟ ).
تأوه توم وقال بجفاء : ( ادركت منذ وقت بعيد ، بأن رجلاً واحداً على هذا الكوكب يستحوذ على اهتمامك . وانا اعتبر نفسي محظوظاً لأنني فقدت الأمل من ناحيتك منذ سنين عديدة ، ووجدت لنفسي حكاية حب لطيفة في مكان آخر).
ندت عن لوران ابتسامة ساخرة ، وقالت : ( أنا مسرورة لأن احدنا تمكن من ذلك ).
ثم شحبت ابتسامتها قبل ان تتابع قائلة : ( انها غلطتي ، فبسببي اصبح زاندر يكرهك . في تلك الليلة عندما وجدنا معاً ، كان بإمكاني ان انبهك لو أردت ، لكنني عندما رأيته واقفاً ، كل ما فكرت فيه هو الإنتقام . لقد كانت غلطتي حقاً ! ما كان يجدربي أن أثير غيرته ).
يومها ، لعبت لعبة خطيرة ، لأن تفكيرها كان مشوشاً . في الواقع ،اكتشفت بأن لديها القدرة على ان تكون ععنيدة وغيورة ، تماماً مثل زاندر.
ارتعد توم للذكريات ، ثم قال : ( حسناً ، قدمي لنا خدمة ، ولا تجعلي ذلك الفتى يغارمجدداً . هل رأيت النظرة التى ارتسمت على وجهه عندما رأني اليوم ؟ ظننت بأنني سأموت ).
أغمضت لوران عينيها ، وبدا وجهها متوهجاً وهي تتذكر الطريقة القاسية التى عاملها بها . كان بارداً ولا يمكن التواصل معه ، ورفض حتى مجرد الإصغاء اليها . زكأن لم تجمعهما علاقة حميمة أبداً . كل ما كان يهمه انها خانته ، وهذا كفيل لإنهاء ما بينهما . لم يكن مستعداً للإصغاء الي أي تفسير أو تبرير . أما لوران فقد جعلتها قسوته وبعده عنها تعتقد بأنها سوف تقضي من الألم .
فتحت عينيها ، وفكرت . انها لم تمت فهي ما تزال هنا ، وهي لن تسمح لزاندر فولاكيس بأن يدمرها مرة ثانية . حدق توم فيها وقال : ( قولي بأنك لن تكوني هنا عند السابعة والنصف ).
-لن اكون هنا .
راخت نبضات قلبها تتسارع وهي تتذكر وعيده بانه سوف يجدها . إن كان الرجل يبحث غن مطاردة ما ، فإنه سيحصل عليها .استرخي توم قليلاً قال : ( لا تذهبي الي البيت أيضاً ، سيكون من السهل عليه إيجادك هناك .اخرجي في نزهة أو إذهبي الي أحد المقاهي في ناحية من لندن ، حيث لا يفكر المليلردير اليوناني بانك ستكونين هناك حتى وانت ميتة .اشتري لنفسك شعراً مستعاراً . اصبغي شعرك ، وزيدي وزنك قليلاً او حتى اربعين كيلوغراماً .أو لربما ينبغي عليك قضاء بضع ليال في فندق متواضع ) .
ندت عن لورين لبتسامة باهتة : ( كلانا يعرف بأن الهرب سوف يزيد من تصميمه علي إيجادي . زاندر فولاكيس لا يخسر أبداً ) .
لكنها صممت على تصعيب الأمر عليه .أغمضت عينيها لفترة وجيزة ، وأخذت نفساً عميقاً .ماذا يريد بالضبط ؟ ولماذا يريدها أن تعمل لديه ؟ لقد فعلت ذلك في السابق ، منذ خمس سنوات...
**********************************************

حصولها على وظيفة في ادارة العلاقات العامة في شركة صناعات فولاكيس ، وذلك مباشرة بعد انتهائها من دراستها الجامعية ، كان من اكثر الأمور إثارة بالنسبة الي لوران . في مكتب لندن لتتعلم اساليب العمل ، وتحصل على فكرة عن مدى اتساع امبراطورية فولاكيس التجارية . كانت حينهابرفقة خريجين ىخرين ، وتوم فار كان أحد هؤلاء الثلاثة .
اما زاندر فولاكيس نفسه ، فلم تكن تراه . وأسوة بكل النساء اللواتي يعملن لديه ، راودتها الحلام أمام صورته المطبوعة على الصفحة الأولي من التقرير السنوي للشركة . إلا انها في الواقع لم تتوقع بان تلقاه شخصياً . فانتشار مكاتبه في كل مكان في كل العواصم الرئيسية في العالم ، جعله يسافر دوماً متنقلاً بينها ، وهذا لم يترك له سوى القليل من الوقت للإختلاط بالآخرين ، باستثناء موظفيه الكبار.
كان من الممكن ألا تلتقيه على افطلاق ، لولا مشاركتها في أفتتاح أحد فنادقه الجديدة في منطقة الكاريبي .

[sasy]

تسلمى اختى على المجهود فى انتظار التكملة

[لهيب الظل]

كان رئيسها قد قال لها صباح أحد الأيام ستبقين هنا لمده ثلاثه أشهر ,ثم تنتقلين بين أقسام الشركه المختلفة للتعرف عليها, ثم ستعينين فى منصب يمكنك من أستقبال الصحفيين وترتيب زياراتهم الى فنادقنا. نحن نسمى ذلك "الاعلان الذكى". والفكر تتلخص فى تقديم العشاء والخدمات لهم, وجعلهم يشعرون بالسرور بحيث يذهبون الى منازلهم ثم يبدأون بكتابه أشياء مدهشة عن افندق ومالكه).
شعرت لوران بالانبهار للقاء تلك الشخصية الاسطورية اخيراً, الذى جعل من حطام شركة والده شركة متطورة وأكبر مؤسسة تجارية فى العالم . قام فولاكيس بذلك كله ,وهو لم يزل فتياً بعد. وسألت رئيسها هل سيكون حاضراً).
هز رئيسها كتفيه قائلاً ليس لدى أى فكرة . فغالباً ما يكون هذا الرجل فى الجو متنقلاً بين إجتماع وآخر, أو فى السرير مع إحدى العارضات أو الممثلات المدهشات. لذلك لا تسرحى بخيالك بعيداً فى هذا الاتجاه).
وبالتأكيد, لم تسرح لوران بافكارها وهى تعد حقيبة سفرها الى الكريبى. ولم تكن لديها أى رغبة, وهى ما تزال فى الحادية والعشرين من عمرها, للوقوع فى الحب على اطلاقاً, مع اى كان لا سيما مع زاندر فولاكيس, بغض النظر عن وسامته أو ثرائه. فالرجل ذو سمعة سيئة مع النساء, وهى بالطبع تمتلك الفطنة اللازمة التى تجعلها تستسلم لذلك النوع من الرجال.
وفى احدى الامسيات كانت تجلس فى المطعم,وتتحدث الى احد الضيوف, عندما ادركت بان احدهم يراقبها. جلس الرجل بعيداً عن الجمهور الصاخب,وكان يتميز بهاله من السلطة والتأثير المطلق لقوته الجسدية وبدأ وجهه شديد الوسامه كان يجدر بها ان تميزه على الفور, لكن ذلك لم يحصل ربما يعود السبب فى ذلك الى ان الصورة الموجودة على التقرير السنوى لم تستطع التقاط الملامح الذكورية المتوقدة للرجل الواقف امامها.
أشتبكت نظراته بنظراتها بقوة بينما كانت عيناه تتأملان شعرها الاشقر الطويل بأعجاب جرئ, الى ان اصبحت عاجزه عن التنقس, واصابتها حاله من الارتعاش. تعمدت أن تنظر الى الخارج مصممة على تجاهله, فهو غير مناسب أبداً بالنسبة اليها. إذ بدا من الواضح انه فاحش الثراء, فهو يقيم فى مجمع سياحى فخم, وهى لم تتعود التلاعب مع اصحاب المليارات مهم كانوا مدهشين.
لكن يبدو ان تجاهلها لم يجدها نفعاً, إذ راح الرجل يخطو بأتجاهها, ما جعلها تشعر بالارتباك. ثم قالأريد أن تتناولى العشاء معى).
سألته لوران بتهذيب بارد( هل تحصل دوماً على ما تريده؟).
قوة نظراته سلبتها أنفاسها وذلك قبل ان يجيبهاربما).
-لا يسمح لى بتناول العشاء مع الضيوف هنا...
غمرها زاندر بابتسامه ساحرة, ما جعل التزامها بقواعد العمل يتضائل فى اعماق دماغها المشوش, قبل ان يضيف لست ضيفاً هنا).
بالطبع كان عليها ان تعرف من هو عند هذه النقطة, لكنها لم تتمكن من ذلك. ولم يحدث هذا الامر الا بعد مرور وقت طويل, وبعد ان تحدثا بالتفصيل عن الكثير من الاشياء. وعندما لاحظت طريقة المعامله المختلفة التى يحيطها به موظفوه, كانت لوران قد بدأت تشعر بانها وقعت فى حبه.
-أوه يا إلهى...أنت...أنت...؟
سقطت الشوكة من يدها, واتسعت حدقاتها عندما أدركت أخيراً من هو الشخص الذى تتناول العشاء معه. رفع زاندر حاجبه الداكن الى الاعلى, والتمعت عيناه بالتسلية, ثم سألها أنا؟).
ابتلعت لوران ريقها,غير قادره على تفادى نظراته المقلقة, وقالت كان على أن اعرفك. لكنك تبدو مختلفاً عن صورتك فى التقرير السنوى للشركة).
عندئذٍ, ضحك زاندر, وشاركته هى ضحكته بعدأن قال معلقاً آه, ذلك الكتيب المصقول ذى الأربعين صفحه).
بدت ضحكتها مليئة بالتوتر, ذلك لانها تتناول طعام العشاء مع ملياردير اعتاد مواعدة نساء جميلات, وجميلات جداً فقط.
-لا يمكننى مواعدة رئيسى, لأن ذلك يخلف قواعد العمل.
تنقلت نظراتها بين رموشه السوداء الكثيفة وفمه المكتنز, ثم قال بصوت خفيض:
-لكننى انا من يضع القواعد هنا. وهكذا, أستطيع إما أن أغير القواعد أو أن أصرفك من العمل.
تشدق زاندر بهذا الكلام بتكاسل, وهو يغمس حبات فريز فى كوب الشوكلا الساخن, ليضعها فى فمه.
ثم...هذا ما فعله بالضبط, بعد ذلك بزمن طويل, صرفها من العمل!



*******

[ممنوع القتراب]

مشكورة اختي ع الرواية

[لهيب الظل]

على بعد خمسة أميال ، كان زاندر فولاكيس يزرع أرض مكتبه الفخم في لندن جيئة وذهاباً ، وهو مازال يفكر بلقائه مع لوران اونيل .
راقبه أليك بحذر قبل أن يقول : (سوف اجد شركة علاقات عامة أخري).
لكن زاندر واجهه بنظرة عابسة ، وهو يصارع مشاعر غير مألوفة لديه بالكامل .
- لماذا ؟
بدا أليك مرتبكاً بعض الشىء وهو يوجه بتردد ملاحظته الي زاندر : 0 لأنكما .. حسناً ، بدا من الواضح أنكما ، انتما الأثنان ، تكرهان بعضكما ).
يكرهان بعضهما ؟
لقد مر في السابق بمشاعر عديدة تجاه لوران أونيل ، بدت له كلها جوهرية وقوية ، إلا أن الكراهية لم تكن من بينها ، بكل تأكيد . راقبه أليك مطولاً قبل أن يتجرأ ويساله كم استمر زواجكما؟)
- أربعة أسابيع وثلاثة أيام ، وست ساعات . قبل ذلك ، كان والدي يحافظ على أقصر مدة في الزواج .لكن قصب السبق الآن هو من نصيني .
حدق أليك الي التعابير القاسية التي ظهرت على وجه رئيسه ، ثم تنحنح قائلاً : ( حسناً ، لعل ذلك هو ما أشاراليه كوروبولس عندما قال بأنك لاتتمتع بأي التزام تجاه الحياة العائلية ).

وافق زاندر : (من المؤكد ان فترة اربعة اسابيع وثلاثة ايام وست ساعات لا تعتبر سجلاً مؤثرأ لماضي شخص ما ).
علا العبوس وجه أليك وهو يقول : ( حسناً! من المؤسف ألا نستطيع العمل مع شركة فونيكس للعلاقات العمة .وان أفترض بأن لوران أونيل هي الأفضل ، سواء كانت زوجة سابقة لك أم لا.وهي الشخص الوحيد الذي يستطيع اقناع كوربولس بأنك تكترث بالآخرين . أما في الوقت الحاضر ، فنحن لا نستطيع حتى إقناعه بالإجتماع بك ).
نظر زاندر بتأمل نحوه ، بينما راحت اصابعه النحيلة القويه تنقر نغماً رتيباً على خشب الطاولة المصقول ، وهو يستوعب هذه الجرعة من المعلومات . ثم سأله : ( أما زال يرفض ترتيب اجتماع بيننا ؟ )
هز أليك رأسه فيما بدت خيبة الأمل واضحة على محياه ، وانشغل بتقليب رزمة من الأوراق ، ثم اجاب : ( لا شك في ان محاولة تلميع صورتك لتبدو ذلك الرجل الطيب ، هي اصعب مهمة اخذتها على عاتقي . إذ كلما ظننت أنني حققت تقدماً مع كوربولس ، يأتي أحدهم من مكان ما وينشر فضيحة عنك . أما إذا عرف الرجل العجوز بأنك مازلت متزوجاً ، فيصبح من المستحيل إقناعه ، لأن هذا الرجل ما زال متزوجاً من المرأة نفسها منذ أن كان في العشرين من عمره).
أعطى أليك رأيه هذا وقد ظهر عليه السأم ، فدفع برزمة الأوراق بعيداً عنه واضعاً قلمه فوقها .

قال زاندر بنعومة فائقة: ( وافترض بأن هذا هو السبب الذي يجعله يعيش في الجزيرة ، لأن الجزيرة تقيد فرصة في إقامة علاقات مع نساء اخريات ).
زاندر ليس في الواقع ذلك الرجل الذي يؤمن بقدرة أي إمرأة على ان تكون مختلفة. وان كانت تجارب والده لم تقدم له دليلاً كافياً على ذلك ، فبالتأكيد تجاربه الخاصة اعطته ذلك الدليل . وقف برشاقة وبدأ يذرع الغرفة مجدداً . ثم توقف بغتة ، وقد اختفت من وجهه الوسيم كل إمارات البهجة ، وقال : ( تأكد من امر واحد يا أليك . لن أصرف النظر عن هذه الصفقة ) .
ذلك لأنه لن يستريح قبل ان تصبح جزيرة الخليج الأرزق ملكه .
تأوه أليك وهو يقول : ( لا امتلك حلاً واضحاً ) .
أما زاندر ، الذي خطا بإتجاه النافذة ، واخذ يحدق الي الشوارع في الأسفل فقد اقترح عليه : ( إذن ، جد لي حلاً أقل وضوحاً . إن كنت بحاجه الي تغيير صورتي الإجتماعية ، فسأفعل ذلك ، وزوجتي هي التى ستحقق لي هذا الإنجاز ) .
قال ذلك ، وهو يدير ظهره لمحاميه . وفجأة ، خيم صمت مطبق على المكان .
-انك تمزح !
-ان لا امزح في شؤون العمل . لكن

[لهيب الظل]

- لكن تلك المرأة تستطيع الحاق أذي كبير بك ، فهي تكرهك .
عندما تذكر زاندر الإحساس بجسدها الرشيق بين ذراعيه ، شعر باستجابة جسدية وتوتر في فكه ، وقال : ( انها لا تكرهني ) .
انها خائفة منه ! خائفة من ذلك الإنجذاب القوي بينهما .
وقف أليك على قدميه والعرق يقطر من جبينه منه ، ثم قال : ( بصفتي محاميك علي أن انصحك بألا ..).
تلاشي صوته تدريجياً تحت ضغط قوة النظرة الحارقة التي رماه بها زاندر ، فهز رأسه وهو يغلق الملف بحركة خاطفة قاءلاً : ( انها مخاطرة كبيرة ، زاندر) .
- انا اعشق المخاطرة ، كما تعلم .
- حسناً ، في هذه الحالة ، علي ان اعترف بأنني لا أفهمك .
لم يبد زاندر أي ردة فعل إذا كان يعاني هو الآخر يعاني من صعوبة في فهم تصرفاته .وبالنسبة الي رجل يفتخر بأنه لا ينظرالي الوراء أبداً ، وهاهو يركز على علاقته الكارثي ة مع لوران بشكل مقلق ، ربما يعود ذلك السبب في ذلك الي رفضها العمل معه .ضحك بصوت على عجزه عن نجاهل ذلك التحدي الذي القته في وجهه . وفكر ان علاقته بها قد أخذت المسارنفسه منذ البداية .فعندما يبدأ احدهما بالمواجهة ، يرد الآخر بعنف أكبر . وهكذا فإن علاقتهما تفجرت بكاملها . إلا ان تلك العلاقة بالذات جعلته يشعر بالإثارة أكثر من أيه علقة اخري .
أما امكانية الإتصال بها من جديد ، فقد جعلته يشعر بالترقب ، وملأته يإثارة تتعدى إدراكه بالكامل .


نهــــــــــــــــــــاية الفصـــــــــل الثــــــــــــــــــــــ ــــــالـــــــــث

[love big]

ننتظرك بفااااااااااااااااااااااا رغ الصبر

رووووايه راااااااااااااائعه بجد ويكفي ان البطل يوناني > تحبهم


عساك ع القوه اختي

[لهيب الظل]

4- الجميلة والوحش

نظرت لوران الى ساعة يدها, وأدركت بأن الوقت قد حان للتحرك, إذا ما أرادت الأخذ بنصيحة توم, والتسكع فى لندن. دخلت إلى الحمام الملاصق لمكتبها, وحدقت إلى صورتها فى المرآة. وبدلاً من رؤية سيدة الأعمال المتبرجة الكاملة الأناقة, رأت وجه الفتاة التى كانتها قبل سنوات خمس من الآن.
أغمضت لوران عينيها بسرعة وهى تفكر أن المرء مهما فعل لتحسين صورته الخارجية, لا شئ يمكنه تغيير ما هو عليه فى الداخل. فظاهرياً, لم يكن هناك أى دليل يشير إلى الفتاة البريئة التى وقعت فى غرام زاندر فولاكيس بجنون. أما فى الداخل... فى الداخل, فإن تلك الفتاة الشغوفة ذات المشاعر المتوقدة, التى إكتشفها زاندر, ما تزال منتظرة بكل حيويتها ودفء مشاعرها.
بدت مشاعرها خارج نطاق السيطرة بالكامل. مشاعر فجة بدائية, لم تستطع هى نفسها إدراك كنهها. كل ما جمعها بزاندر كان شديد القوة, حتى ألم الفراق.
أغمضت لوران عينيها مرة أخرى وهى تمسك بالمغسلة بقوة. إذا ما ركزت بشدة على ما أصابها بعد افتراقهما, فسوف تختفى تلك الحاجة الجسدية التى تشعر بها. وهى بالتأكيد لم تعد تلك فى سن الحادية والعشرين, كما أنها لم تعد تلك الفتاة الساذجة.
علاقتها بزاندر لم تعرفها بالحب فقط, بل إن ما تعرفه عن الألم والحزن والفقدان, تعلمته منه أيضاً. وبفضل زاندر أصبحت خبيرو بهذه الأمور.
وهذا هو بالضبط سبب هروبها فى الإتجاه المعاكس.
التقطت لوران بنطلون جينز من إحدى خزائنها.ووجدت لنفسها بلوزة بيضاء نظيفة, ثم أسرعت بتبديل ملابسها, وأخيراً, لفت شعرها الأشقر لتخفيه تحت قبعة. شعرت بالأرتياح لمظهرها البعيد عن مظهر سيدة الأعمال الأنيقة التى رآها زاندر من قبل. انتعلت زوجاً من الأحذية العملية, المريحة. ثم تأبطت حقيبتها وأنطلقت.
حتى لو رآها زاندر فى ملابسها هذه, فليس هناك أى إحتمال بأن ينظر اليها على الإطلاق. فزاندر لا يلتفت إلا إلى النساء الأنيقات, أما هى فقد بدت أقرب الى فتاة شوارع صغيرة.
كانت الشوارع فى الخارج مزدحمة بالناس المتجهين الى منازلهم, لكنها استطاعت برشاقة بعيداً عن المكتب. أشارت إلى سيارة أجرة كى تقلها, ثم أمرت سائقها بالتوجه إلى النهر. لا شك أن نزهة صغيرة سوف تساعدها فى تسكين الألم الذى تشعر به فى رأسها. بالأضافة إلى أنه يمكنها طلب فنجان من القهوة وشئ من الطعام فى أحد المقاهى المنتشرة على ضفافه.
بفضل توم تمكنت لوران من إستعادة حياتها الطبيعية مرة ثانية . والآن باتت تشعر بالاستقرار, وبأنها استأنفت حياتها من جديد. وهى حياة تبعد ملايين الاميال عن شركة صناعات فولاكيس, وعن زاندر. وهى بالتأكيد, لن تسمح له بتخريب حياتها مرة أخرى, وبأية طريقة كانت.

* * * * * * * * *

-كنت على حق أبها الرئيس, لقد هربت. استقلت سيارة أجرة باتجاه النهر, ثم أكملت طريقها سيراً على القدمين. ومنذ ذلك الحين وهى تمشى. وبصراحة أقول لك, بأننا عانينا كثيراً كى لا نفقد أثرها. لكنها لا تبدو مثل صورتها المعتادة.
حدق زاندر إلى حارسة الشخصى وقد ظهر العبوس على وجهه, ثم اطلق العنان لضحكه مترددة, فهذا التصرف مألوف لدي لوران. على الرغم من معرفتها بأنه يمتلك من وسائل تقصى أثرها ما يجعله يجدها بسهولة, إلا أنها ما زالت مصرة وبعناد, على تسجيل موقفها. لا غرابه فى أنهما كثيراً ما تصادما بشراسة. استغرق زاندر بالتأمل قليلاً, قبل أن يدلف الى المقعد الخلفى لسيارته, ويعطى تعليماته الى السائق. لا شك بأن لوران هى الشخص الوحيد الذى التقاه, والذى يتميز بمثل هذا العناد والتصميم على الأطلاق.
كانت النساء يحمن حوله ويغرمن به طيلة حياته, باستثناء لوران. فهى الوحيدة التى تجاهلته وازدرته, ثم اججبرته على ملاحقتها. وهى المرة الاولى, فى حياته التى يلاحق فيها امرأة. كانت لوران تجادل وتتحدى فى المواضيع التى أعتادت الاخريات ان يتغزلن فيها ويمرحن, كما اعتادت على التركيز على الفروقات الموجودة بينهما, وهو الأمر الذى جعله يفقد صوابه نتيجة لخيبه أمله فى تصرفاتها.
لوران هى نقيض المرأة التى نشأ على تقديرها, فهى بعيدة جداً عن المرأة اليونانية المطيعة. ذلك الاختلاف كان جزءاً من الجاذبية التى شعر بها نحوها. لطالما بدت لوران متأنقة ومتالقة, وتمتلك وجهات نظر خاصة بها فى كل المواضيع, ما جعل السيطرة عليها أمراً بالغ الصعوبة. بأختصار, إنها المرأة المناسبة تماماً لرجل يقدر التحديات مثل زاندر. استرخى زاندر فى مقعده, وراح يفكر فى إمكانية الدخول فى مواجهة معها, بينما لاحت ظلال ابتسامة على وجهه الوسيم. لطالما كانت علاقتهما ملتهبة ومشبوبة بالعاطفة,إلا ان رؤيتها اليوم جعلته يدرك مدى توقه اليها. ارتجف جسدة باكثر الطرق البدائية الممكنه. ما اجبره على استخدام قوة ارادته الاسطورية كى يكبح جماح نفسه ذلك هو بالضبط الخطأ الذى اقترفه فى السابق, فقد سمح لشهواته الجسدية بالتأثير على أحكامه. وهو حتى الآن لا يستطيع التفكير بالسبب الذى جعله يقدم على الزواج بها بمثل هذة السرعة.
أنتبه زاندر الى ان السيارة قد توقفت تماماً, فنظر من خلال نافذة السيارة, وركز نظرة على المقهى. راح يتفحص الطاولات بشكل سريع, وما لبس العبوس ان علا وجهه لأنه لم يستطع تمييز لوران على الفور. إلا أنه عاد ونظر مجدداً, وسرعان ما ظهرت الابتسامة على فمه الذى كان مطبقاً بحزم.
هل اعتقدت لوران حقاً ان بإمكان قبعة بايسبول وبنطلون جينز ان يخفيا هويتها؟ مع انها بدت من الخلف أشبه بالصبيان. إلا ان زاندر تعرف بسهولة على تلك الرقبة النحيلة, على انحناء كتفيها الضيقتين وذقنها الدقيقة المرتفعة التى تدل على العناد وبدا له أنها تجلس فى وضعية تجعلها مستعدة للهجوم. ببساطة, إنها منتظرة ان يتن اكتشاف مكانها, كى تبدأ بنفث النيران واللهب. بعد إيماءة سريعة لسائقة, ترجل خارج السيارة, ومشى الى حيث كانت جالسة وهو يستطيب امكانية المواجهه مجدداً.
شعرت لوران بوجوده قبل ان تراه, إذ انها لاحظت التغير فى وجوه الناس من حولها. وفجأة, اصبح جو المقهى المزدحم مشحوناً إذ خفت الاحاديث التى كانت دائرة بين الناس. وجلس الرجال على مقاعدهم بصلابة اكبر, وتوقفت النساء عن اعطاء اى انتباه الى مرافقيهن, وبدلا من ذلك , تركزت نظرات اعينهن على شخص يقف خلفها. وبالطبع عرفت لورن من هو ذلك الشخص. لا احد سوى زاندر يمتلك ذلك النوع من التأثير على الناس .زاندر وحده يستطيع إيقاف الحركة في المقهي بأكمله.
استعرضت لوران في ذهنها المسافة التى يمكنها قطعها إذا ما وقفت فجأة ، وراحت تركض هاربة . لكنها شعرت بتوتر شديد ، فحضرت نفسها للمواجهة رافضة التطلع حولها ، او الإعتراف بوصوله بأية طريقة كانت .
جلس زاندر على الكرسي المقابل لكرسيها ، متجاهلاً النظرات المتلهفة التى انتزعها من النساء المتحلقات حوله . وكبتت لوران ضحكة مرة . لم يكن الأمر يتعلق فقط بنظراته الساحرة القوية التى تثير الرعشه بين بنات جنسها ، بل رجولته الصارخة التى تنشر جواً من السلطة والنجاح من حوله .استطاع زاندر إجتذاب النساء اليه كما يفعل المغنطيس تماماً .
رفعت بصرها ليلتقي بنظراته ، وقد ظهر التوتر في عينيها الزرقاوين استعداداً للمواجهة المنتظرة . انها الطريقة الوحيدة الممكنة للتعامل مع هذا الرجل ز اما إذا أظهرت اي دليل ليونة ، فهو سيجتاحها بالكامل .
- أتتسكع هنا يا زاندر ؟
ااجال زاندر نظره في المقهي البسيط ، وهز كتفيه بإستخفاف قبل ان يقول : ( انت قمت باختيار ارض المعركة ) .
المعركة ؟ فكرت لوران فجاة بأن مجمل علاقاتهما كانت عبارة عن معركة . راقبته وهو يحول نظرته الي النادل الذي هرع نحوه بسرعة مذهلة ، ثم ينظر بطرف عينه الي الحارسين الشخصيين الذين يحومان على بعد مسافة قليلة .
كان زاندر قد بدل ملابسه الرسمية وارتدي ملابس بسيطة هي عبارة عن بنطلون متقن التفصيل وقميص من الكتان . إلا أنه بدا شديد الأناقة على الرغم من هذه البساطة . فكل بوصة من جسمه تعلن انه ملياردير يوناني . طلب قهوة لنفسه, بعد ان لاحظ ان كوبها مازال مليئاً بالعصير ، ثم صرف النادل بإيمائة خفيفة من ذلك الرأس المتغطرس .
حملقت لوران فيه وامارات الغضب باديه عليها, وقالت إذاً, امرت رجالك بملاحقتى).
- وهل ظننت بأننى لن أفعل؟.
-لقد هدرت جهداً بشرياً, إذ ليس لدى ما أقوله لك يا زاندر, الا إذا كنت تريد مناقشة مسأله الطلاق.
-آه, نعم... الطلاق.
أستلقى على كرسيه الى الوراء , واضعاً إحدى ساقيه بأرتياح فوق ساقه الاخرى, فى حركة رجولية واضحة. بدا فكه القوى داكناً بسبب لحيته النابته, بينما راح شعره يلمع بلون اسود براق تحت أشعه شمس الغروب. أما بشرته السمراؤ فبدت بلون الذهب الفاتح, بينما ظهرت بضع شعرات سوداء من تحت قبة قميصه . وشعرت لوران بجفاف فى فمها. فحملت كوب شرابها واخذت منه رشفه كبيرة.
-اتساءل لماذا لم تتصلى بمحاميك قبل الآن؟
بدت نبرة صوته سلسه وكأنها تشجع على متابعه المحادثة. اتكأت لوران على كرسيها وكأنها تحاول إيجاد مسافة أكبر بينهما, ثم قالت كاذبة ذلك لاننى لا أفكر بك على الاطلاق. كانت فترة زواجنا قصيرة, حتى اننى نسيتها تماماً).
ما أن انهت كلامها حتى وضعت كوب شرابها على الطاولة فى محاولة لاخفاء ارتجاف يدها.أخفض زاندر رموشه وقال أحقاً ؟ ).
شعرت لوران بتسارع فى دقات قلبها, وتمنت لو انها تستطيع قراءة افكاره. لا شك أن دماغ زاندر يعمل بسرعة تفوق سرعة مقاتلة نفاثة. وسارعت تقول نعم ).
-وماذا بشأن مشاعرنا المتبادلة , لوران؟ أتراك نسيت ذلك أيضاً؟
ضمت أصابعها فى كفيها بشدة, وهمست نعم).
رفع زاندر حاجبه بسخرية, وقال بصوت ناعم كالحرير إذاً لماذا ترتجفين؟ أليس من الغرابة أن يشعر كل منا بالرغبة تجاة الآخر, على الرغم من كل ما حدث بيننا؟).
أرعبتها قدرتة على قراءة أفكارها بهذه السهولة, فأسرعت تمسك بالكوب مرة اخرى. لكن يدها كانت ترتجف الى حد جعل الشراب على اصابعها , وقالت الشئ الوحيد الذى أرغب فيه بشدة هو أن تعود من حيث اتيت).
استرخى فى مقعده وهو يشعر بالرضا من نفسه, ثم قال تأكدى يالوران, بأنك ستكونين معى أينما توجهت).
حركت كلماته شيئاً ما فى اعماقها, وشعرت بكتفيها النحيلتين تتجمدان. لكنها صممت على محاربة هذا الشعور بكل ما فى جسدها من نسمات الحياة. فركزت نظراتها على وجهه الوسيم الذى يدفع المرء الى الجنون, فيما راح الشرر يتطاير من عينيها ,ثم ردت عليه بحدة بل ستذهب وحدك يازاندر, إلا إذا كنت تنوى أن تختطفنى فى وضح النهار. وانا أحذرك بأننى سأصرخ بصوت مرتفع جداً).
تشابكت نظرات عينيه السوداوين بنظراتها, وامتلأ الجو بالتوتر. قال زاندر بنبرة ناعمو ملؤها الأغراء أعرف شدة صراخك يا آنى, وأعرف ما الذى يجعلك تصرخين).
جعلها كلامه تتوقف عن التنفس, فأغمضت عينيها لبرهة. هذا ليس منصفاً على الإطلاق! لم ينادها أحد بهذا الاسم, إلا زاندر. وحتى هو, لم يكن يطلق عليها هذا الاسم إلا عندما يكونان متقاربين فى أكثر لحظاتهما الحميمة...شعرت لوران بجسدها يلتهب فى كل ذرة من ذراته. وضعت كوب شرابها على الطاولة, ثم راحت تنظر حولها بحذر شديد قبل ان تقول انت مقرف ).
هل تفضلين نقل هذه المحادثة الى مكان اكثر خصوصية؟
-ما أفضله هو ان تتركنى لوحدى, لانى لن أذهب الى اى مكان معك, يازاندر.
اجابها زاندر بصوت متكاسل, جعل اطراف اعصابها تصاب بالخدر بل هذا ما ستفعلينه يالوران).
-اجلسى.
لم يأمرها بذلك بصوت مرتفع , الا ان صوته جاء بارداً كالثلج, ما جعلها غير قادرة على الحراك بسبب القوة التى نضحت منه. تجمعت الدموع خلف مآقيها, لكنها نظرت بعيداً وهى تشعر بالغضب من نفسها. ثم قالت مصممه على عدم اظهار اى ضعف امام هذا الرجل لا, فأنا لا استمتع بهذه المحادثة ).
-الخيار يعود اليك ؛ فإما ان نتحدث هنا , او نتحدث فى فندقي على انفراد).
راح الشرر يتطاير من عينيها, وقالت غاضبه وبكلمات اخرى, ليس لدى اى خيار).
تجاهل زاندر اتهامها له , ورفع كتفيه العريضين دونما اكتراث, ثم قال هذا هو الوضع بالضبط, ان كان هذا ما ترينه).

[لهيب الظل]

في تلك الحظة ، احضر النادل المزيد من المشروبات ، بينما جلست لوران في مقعدها مرة اخري ، وهي تغلي من الغضب . راحت تراقب النادل وهو يحوم حول زاندر ليتأكد من تلبية طلباته كلها .
عندما اصبحا اخيراً لوحدهما ، تناول زاندر رشفة من القهوة ، وما لبث العبوس ان علا وجهه .ثم قال ببرودة هذه القهوة مقرفة ، سأكون في غاية السرور إذا ما عدت الي اليونان ).
اقترخت عليه إذن اذهب ).
ظهرت ظلال ابتسامة على شفتي زاندر ، ثم قال إنني أنوي ذلك ، لكن لدي عمل على انجازه قبل ان اذهب ، وبرفقتك طبعاً ).
بادلته نظرته ببرود : ( قلت لك في السابق ، إنني غير مهتمة بعرضك ).
- أحقاً ؟ لن يفاجئك إذن ان تخسري العديد من زبائنك نتيجة ما اسمعه منك، يا لوران !
استلقي زاندر على كرسيه بإسترخاء تام . وبدا متحكماً تماماً بأعصابه في الوقت الذي كشف فيه عن بعض اوراقه.
شعرت لوران باللون يفر من وجهها .أتراها نسيت مدى النفوذ الذي يتمتع به ؟ أو لعلها لم تعرف ذلك في السابق ؟ وقال : ( إنك لن تقدم على ....؟
رد عليها بابتسامة : ( أوه ، بلى سأفعل يا عزيزتي ) .
راح قلبها يدق بعنف داخل صدرها ، وسألته : ( لم تراك ترغب في ان أعمل معك ؟ )
- لأنني مضطر الي تغيير صورتي الإجتماعية ، وعلي إنجاز ذلك بسرعة .
ندت عن لوران ابتسامة غير مرحة ، وقالت : ( أتعني بأن الناس بدأوا يعرفونك على حقيقتك ؟ بدأت صورة رجل الأعمال المثالي تنهار، أليس كذلك يا زاندر؟ )
لم تتحرك نظرته ، لكنها لمحت ومضه خطرة في عينيه السوداوين،واستشعرت رجفة سرت في أوصالها بغض النظر عن رأيها فيه ،فإن زاندر خصم رهيب ،وسيكون من الحماقة ان تحاول التقليل من شأنه .ارجعت كتفيها الي الوراء ، واجبرت نفسها على النظر مباشرة في عينيه ،ثم قالت : ( لا أستطيع مساعدتك .لن مهنتي هي ان أكشف الجانب اللين في الناس ، وان اجعلهم يبدون بمظهر أكثر انسانية ، واكثر قرباً للآخرين . وكلانا يعرف بانك لا تملك هذا الجانب اللين يا زاندر .بالإضافة الي ذلك ، انت مشهور بقشوتك وبعم شعورك بالعاطفة ، واعتقد ان ما من شيء يمكنه تتغير هذه الحقيقة) .

[maya80]

Min dadlik fin hiya tatima elriwaya ihna bilintidar