06-05-08, 05:06 PM | #21 | ||||
| وليس فرحها برؤيته . تمالكت نفسها ، فوقفت أمامه متماسكة وقالت بصوت فاتر : -كنت على وشك الذهاب . مر من أمامها وتقدم ليجلس على حافة المكتب كما فعلت تلك الشابة التي افترضت انها زوجته . قال لها : -لاحظتك تتأملين الصور ، هل تروق لك مصارعة الثيران ؟ -لم ... اشهد اية مصارعة . هل كل تلك الصور لك انت ؟ -نعم . و معظمها التقط اثناء مصارعتي الأخيرة . فألقت نظرة سريعة على التي تمثله مقذوفاً في الفضاء وأشاحت عنها مرتعدة واذ بها تواجه بريقاً ساخراً في عينيه الراصدتين حركاتها . فغمغمت قائلة : -لم اكن ادرك أن المصارعة قد تؤذي المصارع و الثور معاً . انها لعبة قاسية ومحطة للكرامة . -اهذا رأيك ؟ هي في الواقع أقل خزياً للرجال من خزي الملاكمة أو المصارعة البدنية ، وأقل قسوة على الثيران من قسوة سباق الحواجز على الخيول . فالثيران الشجاعة يصفق لها الناس هنا مثلما يصفقون للرجال الشجعان . ابتسم لها واردف : -لكنك لم تأتي هنا لنناقش هذا الموضوع . تفضلي بالجلوس و دعيني أقدم لك شراباً. انزلق عن حافة المكتب وسار الى خزانة مقفلة فتحها و قال : -اتحبين شراب قصب السكر ؟ انه منعش و لذيذ المذاق . -ارجوك ، لا تزعج نفسك . يجب أن أذهب . سار الى حيث تجلس وقدم لها احدى الكأسين قائلاً : -ليس قبل ان تطلعيني على سبب مجيئك . البنت غابرييلا عرفتني صباح امس ، اليس كذلك ؟ -اجل . -يالسوء الحظ! اذن واجهت متاعب ؟ اومأت بالايجاب ورشفت الشراب متذكرة انها لم تأكل شيئاً مغذياً منذ وجبة الافطار . و قال برقة : -ضعي حقيبتك جانباً وتعالي نجلس لتروي لي كل ما حصل . أخذ الحقيبة من يدها وألقاها على الارض ثم قاد سوريل الى مقعد مزدوج من خشب الماهوغاني مكسو بقماش مزين بالرسوم كان يملأ فجوة النافذة . أدهشها لطفه وطغى عليها فلم تبد أية مقاومة . و قال يحثها : -والآن ، ماذا حدث ؟ -فقدت عملي . أطلق سباباً بذيئاً بالاسبانية مما جعلها تنظر اليه جفلة ، فقال باسماً : -انها لغة خاصة بمصارعي الثيران ... هل ذكر لك السبب الذي حداه الى فصلك ؟ -قال السنيور انهل انني كذبت عليه وتعمدت اخفاء هويتك حين زعمت ان اسمك دومينغو . واعتبرني غير اهل للثقة واتهمني بتورطي مع زوجته في مؤامرة و لهذا لن يسمح باستمرار اقامتي في بيته ... لماذا لم تطلعني على اسمك الحقيقي ؟ لماذا كذبت علي ؟ حدّق اليها للحظة ثم اشاح وجهه عنها و قال مسنداً ذراعيه على ركبتيه : -الشرح ليس سهلاً ... لكني حالما علمت انك تعملين لدى رامون انهل توقعت ان تجابهي مشكلة اذا اكتشف انك قضيت الليل معي انا بالذات . توقف ليرشف من كأسه ثم اضاف بصوت مشحون بالمرارة : -ان نجاحي كمصارع ثيران اقتضى مني ان اعيش القسم الاكبر من مراهقتي تحت اضواء الشهرة الساطعة . كنت اذا نظرت فقط الى احدى النساء يفترض الناس فوراً انها عشيقتي أو انها ستصبح كذلك . التفت اليها من وراء كتفه وسألها مقطباً : -اتفهمين ما أعني ؟ -أظن ... ذلك . -اذن قد تفهمين ايضاً ، لماذا فكرت أنه من الافضل لمصلحتك الاّ اذكر لك اسمي الحقيقي ، وذلك خشية ان تذكريه لمخدومك . انا لم اكذب ، فدومينغو هو اسمي الثاني . جرع بقية الشراب محدقاً الى الكأس الفارغة : -لقد فشلت خطتي ويؤسفني جداً انك فقدت عملك بسبب اضطرارك الى قضاء الليل معي . استدار فجأة صوبها ثم مد ذراعه على ظهر المقعد و قال ناظراً اليها من بين اهدابه الكثيفة : -حين افترقنا امس لم يخطر لي انني سأراك ثانية بهذه السرعة . شعرت باشارات خطر تتعرج في داخلها . كان قريباً جداً فتحس الدفء ينبعث منه . كانت ممزقة بين رغبتين ، رغبة في لمسه و الاستسلام لدعوة الحب المتألقة في عينيه ، و رغبة في القفز و الهرب من الغرفة و من البيت ، و العودة الى ميدلين بأقصى سرعة ممكنة . العودة الى ... كيف وصفتها مونيكا ؟ آه ... العودة الى الأمان و الضجر . لكنها لم تنفذ أياً من الرغبتين . تحاشت نظرته المركزة و نظرت الى كأسها قائلة : -لو لم تلح علي مونيكا بالمجيء لما أتيت . انها توافقني على أنه من الظلم أن افقد وظيفتي و أحمل وزر ذنب لم اقترفه . لقد كذبت قليلاً ، لكن مبالغتها قد تجعله يدرك انها لم تأت فقط لتراه و تجعله بالتالي يلتزم حدوده . -أنا أوافق أيضاً ، و ليتني استطيع اصلاح الأمور ... فقاطعته قائلة بلهفة : -اوه ، بوسعك أن تصلحها و ذلك بأن تعود معي الى ميدلين لتقابل رامون انهل وجهاً لوجه و تخبره بأنك لم تتواطأ مع مونيكا على استعمالي كوسيط. -المعذرة ، اني لا افهم معنى لكلامك . لقد ابتعد عنهاعلى الأقل ، و عاد نبضها الى طبيعته . قالت موضحة : -اصرت مونيكا على أن أرافق الفتاتين في رحلة التزلج مما جعل زوجها يعتقد الآن ، أن التقائي بك كان خطة مدبرة ، أي أنها طلبت الي أن أجدك لأبلغك رسالة منها و انقل اليها رسالة منك . تبخر الدفء من عينيه وبدتا قاسيتين و باردتين كما الصوان . -رسالة ؟ من أي نوع ؟ فأجابته بحدة : -لم اتورط في شيء كهذا من قبل ولذا لا يمكنني الاجابة على سؤالك . شعرت سوريل بالأمان حين نهض واقفاً وسار بعيداً ليملأ كأسه من جديد. فتابعت تقول : -لكنني اعلم أن رامون انهل يعتقد أن زوجته ، أو أنت ، أو كليكما ، يحاول احياء العلاقة التي كانت بينكما قبل حصول الحادثة . استدار ليوجهها و قال بسخرية قاسية : -مع امرأة مقعدة ؟ فردت بحدة مماثلة : -ستتمكن من المشي عما قريب ، فمنذ بدأت أشرف على تمارينها و تدليكها ، تحسنت كثيراً عن ذي قبل -فهمت . | ||||
06-05-08, 05:12 PM | #22 | ||||
| وضع كأسه جانباً ، وسار اليها ليقف امامها مشبوك الذراعين منفرج الساقين و قال : -و هل تعتقدين حقاً ، أنني اذا قصدت رامون انهل و أفهمته بأني لا اهتم بتاتاً باعادة هذه العلاقة ، ستستردين وظيفتك ، و ستسترد هي ثقته بها ؟ ضايقها ارتيابه الواضح ، فاستقامت في جلستها وواجهت نظرته الساخرة بقولها : -لو لم أعتقد أن الأمر جدير بالمحاولة لما جئت اليك . هلا فعلت ذلك من فضلك ؟ فأجاب بصوت حازم قوي : -كلا . لا استطيع . -لكنك قلت انك تود اصلاح الأمور ؟ -اصلاحها بالنسبة اليك لا بالنسبة الى تلك التافهة التي ورطت نفسها بنفسها من خلال تصرفاتها الحمقاء ! الى أين تذهبين ؟ كانت ، لشدة غضبها من موقفه الساخر اللاذع ، قد قفزت واقفة و هرعت تحمل حقيبتها لتخرج من الغرفة لكنها توقفت فجأة حين وجدته امامها ، يسد فتحة القنطرة بقامته و ذراعيه الممدودتين . فقالت بنظرة متأججة : -اريد العودة الى ايبارا . سألها بلطف : -لم انت غاضبة مني الى هذا الحد ؟ -بسبب موقفك من مونيكا! قد تقول بعد قليل ، انها هي التي ركضت وراءك بدون أن تحرك أنت ساكناً ! -هذا صحيح ، فأنا لم اركض وراء اية امرأة في حياتي . فهتفت بصوت ثائر : -تعني أن النساء كن يركضن دائماً وراءك ! اوه ، ما أشد غرورك ! -لماذا انا مغرور ؟ لأنني ذكرت الحقيقة ؟ مونيكا انهل هي التي كانت تلاحقني الى السومبريرو لتتزلج نعي في كل مرة اذهب الى هناك و لم اطلب اليها ذلك . كما لم ادعها انا الى المجيء الى هنا ، لتعتدي على خصوصيتي . -لابد انك فعلت شيئاً . لا يعقل أن يكون كل ذلك قد حصل من جانب واحد. -بل حصل ، فهي ليست من النوع الذي يمكن له ان يجذبني ، ولو أن رامون انهل كان يقوم بواجبه الزوجي كما يجب لما اضطرت هي الى البحث عن صديق . وهنا لاحت على جانب فمه ابتسامة خفيفة ورقت عيناه وهو يتابع : -هناك طرق عديدة لارضاء الزوجة ولتحبيبها الى بيتها ، ومعظمها طرق ممتعة جداً. -اذن ، ما الذي منعك من استعمال هذه الطرق مع زوجتك نفسها ؟ سقطت ذراعاه الى جنبيه و قال محدقاً اليها بذهول : -زوجتي ؟ انا لست متزوجاً . -اوه ، انت بالفعل لا تطاق ! حسناً ، ليس لك زوجة لأنها تركتك . -بماذا تهذين بحق السماء ؟ -زوجتك كانت هنا بعد الظهر . هي التي أدخلتني وأرسلت تخبرك انني هنا. اسمها انيز. حدق اليها بنظرة متأملة وهو يكتف ذراعيه ويتأرجح على قدميه ، ثم ابتسم بالتواء وتشدق قائلاً: -آوه ، نعم ، انيز انها جميلة ، اليس كذلك ؟ لكنها ليست زوجتي . -اوه . أحست للحظة انها غبية جداً ، لكن حين فطنت الى حقيقة علاقة اخرى ، لابد انها تربطه بأنيز ، احست بسخونة تصبغ وجنتيها وبرغبة ملحة في الهرب من ذلك البيت فوراً . تذكرت تحذير مونيكا فغمغمت وهي تتقدم الى الردهة : -ماكان يجب أن اتهور بالمجيء الى هنا .. لكنه سد طريقها ثانية وقال برقة : -ومع ذلك انا مسرور لأنك اتيت ، وأرجو ان تبقي. -ابقى هنا ؟ كم هو وقح هذا الرجل ليقترح عليها البقاء ! خنقها الغضب ثم تنفست بعمق و تابعت : -لابد انك تمزح ! سأرجع الى ايبارا لأبيت في الفندق. فأجابها متحدياً: -وكيف ستصلين الى هناك ؟ -مشياً على قدمي . هل لك ان تفسح لي الطريق ؟ حاولت ان تزوغ منه يمنة ويسرة الاّ انه كان يستبقها و يسد طريقها . انه يتحرك بسرعة الفهد ولن تنتصر عليه في هذه اللعبة . اذعرها فشلها ففقدت اعصابها و صرخت : -اوه ، هل لك ان تكف عن معاملتي كواحد من ثيرانك المسكينة ، وتدعني امر ؟ | ||||
06-05-08, 05:15 PM | #23 | ||||
| -هذه مقارنة صائبة فأنت كثور صغير ، ثور احمر عصبي ، وتريدين تمزيق لحمي .اتعلمين ان لدينا رقصة في كولومبيا تسمى التشتشيمايا وحيث تمثل المرأة دور الثور وتحاول ظعن شريكها ؟ اذن حاولي مرة ثانية ، ايتها الثورة الصغيرة ، وانظري ماسوف يحدث لك . اثارتها سخريته ، فاندفعت بقوة الى الامام حين انتحى جانباً ورأت الطريق سالكة الى باب البيت . لكنه سرعان ما اعتقل خصرها بذراعه ثم الصق ذراعيها بجنبيها . فهتفت تطلب منه افلاتها وهي تضرب ساقيه بحقيبتها في محاولة ركيكة لايذائه ولتجعله بالتالي يرخي قبضته . اجابها بفتور : -لن افلتك .الآن وقد اصبحت هنا ، سوف ابقيك هنا لتعيشي معي. فشهقت قائلة : -اعيش معك ؟ لابد انك فقدت عقلك ! ثم قذفت رأسها الى الخلف كي تستطيع النظر اليه . وتابعت بصوت ثائر لاهث : -ادركت الان لماذا لا يسمح رامون انهل لابنتيه بأن تختلطا مع مصارعي الثيران .أنت لست فقط بلا اخلاق بل مجنون ايضاً ! لا . لا اريد العيش معك. -ستفعلين ذلك . بعد ان تمكثي هنا فترة من الوقت .أنت الآن غاضبة جداً الى حد لاتعرفين معه ماتريدين. ثارت فيها نزعتها الاستقلالية فأحست نفسها ترفض بعنف اية محاولة لتقييدها ، وهتفت هائجة : -لن ابقى ، وأنت لا تستطيع ارغامي على البقاء. -اجل ، استطيع ان اسجنك في غرفة واقطع عنك الطعام الى ان تستسلمي. وللحظة ظهرت قسوته الاسبانية الموروثة في تقلص شفتيه ، وحذرها بريق عينيه الفولاذي من مغبة معارضته لكنها قالت : -من تظن نفسك ؟ قاتل النساء ، ذو اللحية الزرقاء ؟ -لا ارغب في منافسة ذلك الوحش ، بل افضل استعمال الاقناع بدل العنف. ثم حنى رأسه باغراء قرب رأسها وأردف : -سوريل ، ابقي معي . سترتاحين هنا اكثر بكثير مما سترتاحين في ذلك الفندق المليء بالبق و الحشرات . ستكونين ايضاً في امان اكبر . -اوه ، لا ريب سأكون مرتاحة وسط هذا الترف المحيط بك . لكن ...أمينة ؟ مالت على حاجز ذراعيه مبعده وجهها عنه و تابعت : -امينة ، معك انت ؟ اشك في ذلك كثيراً. -قضيت النهار اتساءل عن طريقة تمكنني من رؤيتك والاتيان بك الى هنا . لكنك جئت من تلقاء نفسك ولذا لن اسمح لك الآن بالرحيل . تسللت يده الى عنقها من تحت ستارة شعرها الحريرية وجذبها نحوه ولامس فمه خدها في قبلة ناعمة وهمس لها : -احبك يا سوريل و اريدك. فأجابت بعذوبة ساخرة : -كبديلة لانيز ؟ وهنا ابتعد عنها فجأة فشعرت انها حققت انتصاراً مهماً عليه ، وأردفت : -الم يخبرك احد انك لاتستطيع ان تحصل دائماً على ماتريد ؟ -اجل ، سمعت ذلك عدة مرات في طفولتي لكنه لم يؤثر فيّ بل جعلني اكثر تصميماً على نيل بغيتي او على ايجاد طرق لنيلها . لكن ماذا كنت تقولين بخصوص انيز ؟ -قلت اني لست مثلها . -هذا صحيح . فلو كنت مثلها لما رغبت فيك . -قصدت بأنني لست من النوع الذي يمكنك ابتياعه بالثياب الفاخرة و المجوهرات النادرة . -لا افهم . هل لك ان توضحي ذلك ؟ -اوه . لااخالك تفهمني اكثر مما افهمك ، فنحن نختلف اختلافاً شاسعاً في نظرتنا الى كل شيء ، واهذا لن أبقى هنا لأعيش معك . تصبح على خير يا سنيور . استدارت ومشت بسرعة على ارضية الردهة اللامعة ثم اتجهت الى الباب الخشبي الكبير ، مستقيمة الظهر ، مرفوعة الرأس . توقعت بأن يلحق بها ، وتساءلت كيف ستتصرف في هذه الحال ، لكنه لم يفعل ، بل لم يناديها ليستوقفها ، وهكذا استطاعت ان تفتح الباب وتغادر البيت . وحالما اصبحت خارجة ، ركضت عبر الباحة المضاءة وتحت القنطرة ثم سلكت الدرب المتعرج نزولاً على التل و المؤدي الى طريق ايبارا. لنا لقاء مع البقية تحياتي للجميع :006: | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
177-انقذني الغرق ..فلورا كيد - ع.ق - (كتابة/ كاملة )** | Fairey Angel | روايات عبير المكتوبة | 270 | 15-04-24 07:15 AM |
158 - مصارع الثيران - فلورا كيد - ع.ق | pink moon | منتدى روايات عبير القديمة | 933 | 24-03-24 07:45 PM |
169 - لحن الجنون - فلورا كيد - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة *) | lola @ | روايات أحلام المكتوبة | 1376 | 16-12-23 10:23 PM |
30- لا تقــــولي لا - فلورا كيد - ع.ق ( كتابة / كاملة **) | Fairey Angel | روايات عبير المكتوبة | 273 | 23-11-23 09:02 PM |
10 - اليخت - فلورا كيد - ع.ق ( كتابة / كاملة **) | جين اوستين333 | روايات عبير المكتوبة | 272 | 21-11-23 09:24 PM |