14-11-10, 09:13 PM | #52 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| تساءلت للمرة الأولى بجدية عما إذا كان وصولها هكذا بشكل مفاجئ ، خطوة حكيمة أو عاقلة ، أليس من المحتمل أن جون يخطط لبناء بيت كبير لهما ، قبل أقدامهما على الزواج ؟ربما ... ولكن صغر هذا المكان لن يشكل عائقاً في وجه سعادتهما . ستحوله إلى بيت حقيقي ..... ستطلب كمية كبيرة من الأقمشة الجيدة لأعداد ستائر جديدة ، ستضع سجاد ملونة على الارض ، وستستبدل السرير الصغير بآخر مزدوج . أما في غضون ذلك .....ماذا يهمها أكثر من الزواج ، والعيش معاً بسعادة وهناء ! ولكن العزلة القاتلة ....آه منها ! أنها المشكلة الكبرى ! ماذا ستفعل طوال النهار ، أثناء وجود جون في العمل ؟ ستنتظر عودته على أحر من الجمر ، وستعوض أثناء الليل عما يفوتها خلال النهار ! ماذا عن الآن ؟ هل تبدأ بإفراغ حقيبتها وكيسها ؟ سمعت حركة قرب الباب ، فألتفتت بسرعة لتشاهد رجلاً طويل القامة عريض المنكبين ....يتأملها بتمعن وإغراء .سألته بلهفة : " هل وجدت جون ؟". " لا ، ولكني أعرف مكان وجوده . " أفزعتها البرودة الجافة في نبرة صوته ، ولكنها سيطرت على أعصابها ، وقالت : " عظيم ، رائع ! إذن .....الوداع ، يا أندريه " . " لا ، يبدو أنني مضطر لأبقائك معي فترة إضافية " . " مـاذا ؟". " ستأتين معي " . حدّقت به مذهولة ....لا تصدق عينيها أو أذنيها ، ولم تعد تسمع سوى نبضات قلبها ، وأنفاسها المتقطعة .سألته بصوت مرتجف : " هل ......هل حدث شيء ......لجون ؟". " لا ، إنه يقوم برحلة تفقديه أستطلاعية " . تنفست الصعداء ، ثم تنهدت وقالت : "أوه ........، لا بأس إذن . سأنتظره هنا لحين عودته " . " لن يعود هذه الليلة . هيا ، يا سالي ، تحركي " . " هل ستأخذني إلى فندق ؟". بدأ أندريه ، وكأنه متضايق من تصرفات هذه الفتاة الصغيرة . نظر إليها وقد عيل صبره ، ثم قال بمزيج من الحدة والسخرية : " فندق ! سآخذك إلى مزرعتي " . " لا ! لا ،لن أذهب معك!". " بل ستأتين يا صغيرتي " . أن لم يكن معتاداً من قبل على العصيان والتمرد ، فهذا ما ستفعله معه الآن . رفعت رأسها بعنفوان بالغ ، وقالت : " لا يمكنك ارغامي على ذلك . " " متأكـدة " . كان صوته ناعما! .....ولكن اليدين اللتين أنقضتا بسرعة رهيبة على ذراعيها وأمسكتا بهما ، كانتا بعيدتين كل البعد عن الرقة والحنان والشفقة .جذبها نحوه كفراشة صغيرة ، وبدون أ ي عناء أو كلل وقال لها : " ستفعلين ما أقوله لك ". حاولت عبثاً التملص منه ، وهي تقول بصوت مرتعش : "لا ! لا أقدر على ذلك!". " يا لك من مزيج غريب عجيب ، لا يهلك أبداً التسلل ألى شاحنة أنسان لا تعرفينه .....وبعد ساعات طويلة معه . تتراجعين بغضب عارم لمجرد التفكير لتمضية ليلة واحدة داخل منزله ". همست بصوت يفيض كرهاً وحقداً : " لماذا تتحدث بمثل هذه البشاعة عن كل شيء ؟ أنك أخبث وأحط انسان عرفته في حياتي !". " وأنت بالتأكيد أكثر الناس سخافة وغباء . " "أعتقد أنني تصرفت بغباء ، ولكني لست مضطرة أبداً لزيادة الأمور سوء ا". ! " صحيح ، ولهذا فعليك أخذ امتعتك والتوقف عن أضاعة وقتي " . هزت رأسها بعزة وأباء قائلة : "لن أتحرك من هنا شبراً وحدا " . " سأمنحك دقيقة واحدة لا غير " . ماذا سيفعل فيها لو تحدته وتمردت عليه ؟أعجبتها الفكرة إلى حد ما ، فقالت له : " لا يمكنك إرغامي على الذهاب معك !". " هل ترمين قفاز التحدي والمبارزة في وجهي ؟". ضمها نحوه بسهولة فائقة, على الرغم من محاولاتها الفاشلة للتملص منه ، ثم قال لها بلهجة ساخرة : " استغرب إذا كانت لدى جون أي فكرة على الأطلاق عما سيواجهه معك ". | ||||
14-11-10, 09:15 PM | #53 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| لقسوته ..وتعجرفه ! أنه يعاقبها.... ويحاول أذلالها ....ليثبت لها من هو السيد المطاع ! ولكن قربها منه على هذا النحو . جعلها تنسى كرهها له .....وعندما أبعدها عنه قليلا , نظرت أليه كمتوسلة تطلب المزيد من الصدقة والأحسان , أحست بأن الدماء نبضت في عروقها . وحاولت دراسة وجهه والدخول إلى أعماق عقله وتفكيرة . ولكن قناعا غريبا أفشل محاولاتها ورد نظراتها على أعقابها . تطلعت ألى عينيه فلم تفهم منهما شيئاً . بسبب تلك البرودة الرهيبة التي تغطيهما . نظرت ألى فمه ، فرأته يتحرك بطريقة مرعبة .....وسمعت صوتاً ساخراً يخرج منه كخنجر حاد : " أظن أنك أصبحت مستعدة الآن للذهاب ، أليس كذلك ؟". ثارت ثأئرتها بشكل لم تعرف له مثيلا في اي وقت مضى ، واحست برغبة جامحة لتوجيه صفعة قاسية إليه . كيف يجرء على معاملتها هكذا ! كأنها قطة صغيرة لا حول لها .... يلعب بها ويغيظها متى شاء . ثم يرميها بلامبالاة .أنه يعرف بالتأكيد أن لديه القدرة على أغاظتها وأزعاجها . ويستغل هذه القدرة لتحطيمها .....لمعاقبتها على التسلل ألى شاحنته والتجرؤ على الحضور ألى شخص يعتقد أنها لا تناسبه . ستذيقة لأول مرة في حياته طعم الرفض والتحدي . قالت له بلهجة باردة : " لا ! لا ، لن أذهب معك ! هل تظن أن هذا العرض الصغير التافه الذي قدمته لتوك ، سيغير موقفي ؟". نظر إليها بعينين تشتعلان ناراً ، ثم اقترب منها مجدداً وقال : " يبدو أنك تفضلين أساليب العنف ,ولكنك لا تعرفين تماماً ماذا تعرفين يا صغيرتي ". فشلت جميع محاولاتها لمقاومته ، فهو يتمتع بقوة هائلة ، جرها إلى خارج الكوخ بطريقة تخلو من أي رقة أو شفقة ، ثم رماها داخل الشاحنة بعنف بالغ . قذف أمتعتها ألى الصندوق الكبير ، وقفز بسرعة إلى مكان السائق . أدارت وجهها عنه ، كيلا يرى الدموع الحارة التي تترقرق من عينيها . كانت دموع سخط وغضب ، وليس دموع ألم وأشفاق على الذات . أغضبتها قساوته ووحشيته .....وأغضبتها أكثر من ذلك نفسها ومشاعرها الضعيفة الخائنة . فمع أنها تكرهه بسبب معاملته الفظة والخشنة لها ، إلا أنها مطيعة وصاغرة له . لقد حدث لها شيء ما في اليومين الأخيرين ..... . شيء لا تعرفه أو تقدر على تخيله وتفسيره ....شيء تحتقر نفسها بسببه . ولكن ....لماذا هذا الضعف الشديد أمامه ؟ سألته بعد تجفيف دموعها وألتقاط أنفاسها : " إلى أين تأخذني الآن ؟". " إلى بيتي . ألم أقل لك ذلك ؟". " ماذا سيقول جون عن هذا الأمر ؟". " هل تسألين عما إذا كان سيدعوني ألى المبارزة والقتال ، لأنني أخذتك إلى عريني ؟ لا يا عزيزتي لن يفعل ذلك . سيكون سعيداً لأنني قمت بالشيء الوحيد المحتمل في مثل هذه الظروف " . سألته بصوت هامس حزين : " لماذا ؟ لماذا لم تتركني في حوض التماسيح ؟". " لأن ما من أنسان ، حتى أنا ، يمكنه السماح لطفلة غبية بالبقاء وحيدة في مخيم منعزل داخل منطقة تعج بالحيوانات الضارية ، هذا هو السبب " . " أنا قادرة على الإهتمام بنفسي " . "هل تعرفين أوضاع هذه المناطق على حقيقتها ؟". هزت رأسها نفياً ، وقالت : " ولكنني متأكدة من قدرتي على معالجة مشاكلي بدون الأستعانة بأحد ...أنا مضطرة لتعلم ذلك ، عاجلاً أم آجلاً . ثم .....لاشك في أن المنطقة ليست خالية تماماً " . " ليس فيها الآن أي انسان على الأطلاق " . "ضيوف ....سياح ....عمال .... .". " لا أحد أبداً ، أنها منطقة يحافظ عليها مالكها حباً بها وبحيوناتها ، وليس بسبب الأرباح الضئيلة التي يحصل عليها من السياح " . دهشت وأحتارت فيما يقوله لها هذا الرجل . علقت بصوت متردد : " ولكنني تصورت.. ..قال لي جون في رسائله أن السياح يحضرون إلى هنا لمشاهدة الحيوانات وتصويرها " . " صحيح ، ولكن بأعداد قليلة وفي فترات متقطعة .ثمة فرق كبير بين حوض التماسيح والحديقة الوطنية ، يا سالي " . اوه ، كم يؤثر عليها أستخدامه أسمها على هذا النحو ! قالت له : " أعرف ذلك . ولكن ، أين بقية الحراس ؟". " مع جـون " . أذن ....كان تصرفه معها بداعي القلق عليها والأهتمام بها . أنه قادر احياناً على تطعيم وحشيته وقساوته ، بشيء من الليونة والحنان . قالت له : " كنت تفكر بي ...". ضحك بأنفعال ، وقاطعها قائلاُ : " بك ؟ أي شيء قد يحدث لك ، لا يكون ألا بسبب تصرفاتك ,,..وأنت مسؤولة عنه ، لا ، كنت أفكر بجون " . سألته بحدة وعصبية : " ألا يهمك أبداً إذا افترسني أسد ؟". تأملها بعينين قاسيتين ، ثم قال لها بلهجة خالية من أي عطف أو حنان : "جون هو الذي سيهمه الأمر. !". | ||||
14-11-10, 09:18 PM | #54 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| 7- سأقتلعك من الجذور كان بأمكانها الرد عليه بقسوة جارحة , ولكنها سيطرت على أعصابها أنقاذا لماء الوجه . فما من معركة تخوضها ضد أندريه كونورز , ألا وتنتهي بفوزه ... وخسارتها . مهما بلغت حدة جوابها , فلن تكون كلماتها كافية لمواجهة تلك الملاحظات الشريرة الاخيرة . فضلت الرد على تعليقه الخبيث بالأحتقار الصامت الذي يستحقه . أنها في الوقت الحاضر رهينة هذا الرجل الفظ , والذي يبدو من تصرفاته القاسية المتعجرفة أنه لا يعرف معنى المدنية المتحضرة. ستبوء جميع محاولات التصدي له بالفشل الذريع , لأنه سيقتلعها من جذورها كما تفعل الرياح العاتية مع شجيرة صغيرة ضعيفة . لم يعد أمامها الآن الا أن تأمل في عودة جون المبكرة , كي تتمكن من نسيان هذا الكابوس المزعج وتبدأ في التأقلم مع حياتها بهدوء وسكينه . الصمت التام ! يا له من دواء ناجح في مثل هذه الحالات المزعجة ! لم يقل لها أندريه شيئا عن المسافه التي تفصلهما عن مزرعته , ولا هي سألته . ماذا ينفع السؤال , عندما يكون الأنسان مجبرا على أطاعة الأوامر دونما أعتراض أو مناقشة . أنها الأن بين يديه ..... بالمعنى المجازي فقط . ولكنها لن تسمح له أبدا بعد اليوم بأي شيء اخر . ستقف له بالمرصاد , حتى ولو كلفتها المقاومة الضارية حياتها ... ومهما طالبت عواطفها بالاستسلام له ! ركزت نظراتها وأهتمامها على المناظر الطبيعية الخلابة , فأنستها بعض أحزانها وجعلتها تفهم ألى حد كبير هذا الجمال الساحر الذي جذب جون الى منطقة كحوض التماسيح .أنه ليس جمالا عاديا بالمعنى التقليدي , أو كما يظهر في البطاقات السياحية الملونه , ولكنه وحشي مثير يسلب العقل ويفعم الخيال والنفس بالحيوية والبهجة .هذه هي أدغال أفريقيا كما كانت منذ مئات السنين , وقبل أقتحام المدنية لمعاقلها وأسوارها . لا حياة هنا ألا للقوي القادر ... أنها معركة البقاء ! تعهدت سالي لنفسها بأنها ستكون من الأقوياء . وستثبت لأندريه أنه مخطئ تماما في أعتبارها فتاة ضعيفة مدللة .ولكنها تساءلت بأنفعال شديد عن سبب هذه الرغبة الجامحة , طالما أنها تريد طرده من حياتها وأفكارها ... وطالما أنها تحتقره وتزدريه ! ألم تعد قادرة على التفكير بهدوء وروية , وبأمور لاعلاقة لها أطلاقا بهذا الرجل اللعين ؟ تحولت الشاحنة ألى الطريق العام , فشعرت سالي أنها تدخل عالما آخر . عادت مناظر الحقول والبساتين , وغابات الاشجار المخصصه لصناعة الاخشاب .لاشك في أنهما أصبحا الآن على مقربة من منزل أندريه , ومكان عمله . لم يقل لها شيئا عندما أنعطف عن الطريق الرئيسية الى أخرى ترابية . وتؤدي ألى بوابة حديدية ضخمة تحمل الأسم الجميل ... أرض الصنوبر . تأملته سالي وهو ينزل من الشاحنة ويفتح البوابة على مصراعيها , فتأكد لها عندئذ بوضوح تام انه يعمل في مجالي التشجير وصناعة الاخشاب . تأملت طريقة مشيته القوية , التي توحي بثقة كبيرة في النفس ,وبقدرة فائقة على تحمل الصعاب ومجابهة الأخطار. أدخل الشاحنة ألى أرض الصنوبر , ثم أقفل البوابة الكبيرة وتابع طريقة نحو المنزل ..... دونما أي تعليق أو كلمة , أحست سالي برغبة قوية لتوجيه عدد كبير من الاسئلة , ولكن عزة نفسها منعتها من ذلك ... مع أنها لم تمنعها من مراقبة هذه المنطقة التي تضج بالنشاط والحركة . هنا شاحنات مختلفة الأحجام والأوزان محملة بكميات ضخمة من جذوع الاشجار , وهنامجموعة من الحطابين والحمالين يشربون الشاي . وهنالك كلاب حراسة تقوم بدوريات منتظمة للمحافظة على المنطقة والمقيمين فيها . ولاحظت سالي كيف يلوح الرجال بأيديهم ويرفعون قبعاتهم تحية وأحتراما ... للسيد كونورز .أتضح لها أن تلك الابتسامات العريضة التي ترحب بوصوله , أن أندريه رجل يعرف كيف يجمع بين المقدرة والأنصاف .... وكيف يمسك بزمام الأمور بطريقة تضمن له نتائج باهرة , وطاعة عمياء مبنية على المحبة وليس على الخوف . تساءلت مرة أخرى عما أذا كان بأمكان النساء أيضا التمتع بأطاعة أوامره . شأنهن في ذلك شأن الرجال ! ربما .... ولكنها لن تكون أحداهن ! لن تعيش مرتاحه على الأطلاق , أذا أضطرتها ظروف معينة للعمل بموجب أوامره أو تعليماته ! ما بالها تعود الى التفكير به وبأوامره ! فلديها جون الذي تعرف أن حياتها معه ستكون سهله وهادئة ومفعمة بالحب والحنان ... تماما كما كانت عليه منذ ايام الطفولة . | ||||
14-11-10, 09:20 PM | #55 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| أما بالنسبة للمرأة التي تختار العيش مع أندريه ... وتحبه ويحبها ... فكيف ستكون حياتها ؟ حاولت سالي تجاهل الطعنه الصغيرة المؤلمة التي أحس بها قلبها , عندما أدركت بأقتناع راسخ أن هذا السؤال الذي لن تتمكن أبدا من معرفة جوابه . برز المنزل فجأة أمامهما , فحبست أنفاسها لصعوبة أخفاء أعجابها ... ولخوفها في الوقت ذاته من كشف خبايا مشاعرها له .أنه أشبه بالقصور ... يشرف على سفح جبل تغطيه أشجار الصنوبر بكثافة مذهلة , وتحيط بجرانه البيضاء الرائعة من ثلاثة جوانب حديقة غناء تضم أجمل أنواع الزهور . هل هذا هو المكان الذي يقيم فيه أندريه كونورز ؟ كانت تظن أن بيته مختلف كل الأختلاف عما هو عليه من جمال الهندسة وحسن الذوق , هل يعقل أن يكون لهذا الرجل الفظ القاسي مثل هذا المنزل , الذي يعتبر رمزا للفن والابداع ؟ أوقف الشاحنة ونظر أليها بأرتياح , فأحست أنها مخطئة في تقييمها له . هذا البيت الرائع هو الأنعكاس الحقيقي لشخصيته القوية ..... نسيت في تلك اللحظة تحفظها أتجاهه , فقالت ببساطه وبراءة : أنه جميل جدا " . " يسرني أنه أعجبك , يا سالي " . لم تسمع صوته أو تشاهد في عينيه أي سخرية أو تهكم , بل حرارة ومودة غير متوقعتين . الدفء والحنان مع هذا الرجل المتحجر القلب , شيئان نادران ... ورائعان للغاية . ولكن هذا السحر لم يدم سوى بضع لحظات . أذ عاد ألى تركيز أهتمامه على الطريق لقطع المسافة القصيرة المتبقية . أقبل جميع الخدم لتحية صاحب البيت العائد , بالمحبة والأحترام ذاتهما اللذين لاحظتهما قبل قليل في وجوه العمال وعيونهم . كلهم مسرورين بعودته ... أخذتها مدبرة المنزل, ماريا ألى غرفتها وأبلغتها بأن الغداء سيكون جاهزا خلال نصف ساعه . أحست سالي بكثير من الأرتياح لوجود أشخاص آخرين في هذا المنزل . على الرغم من أن الوضع الحالي سخيف جدا فيما لو تمت مقارنته بأحداث اليومين السابقين . تسللت ألى شاحنة رجل لا تعرفه , دونما أعتبار للمظاهر أو المضاعفات .... وأمضت معه ليلة بكاملها على مقعد ضيق وتحت غطاء واحد ... وهاهي الأن تشعر بالأرتياح والأمان لوجود أناس آخرين في مثل هذا القصر الكبير , الذي يضم بالتأكيد أكثر من خمس غرف نوم وعدد من القاعات والممرات . لن يكون أندريه كونورز وحده الذي سيقول لها أنها تأخرت كثيرا في العودة ألى رشدها . فهي نفسها أحست بسخافة تفكيرها , وعدم جدوى قلقها أو فزعها . ومع ذلك , فأن مجرد وجود خدم في هذا البيت يمنحها شعورا بالاطمئنان والراحة . هل يعقل أنها ليست خائفة من أندريه , بل من عدم قدرتها بعد الآن على كبح جماح رغباتها وأحلامها ؟ هل هي واثقة تماما من أن قلبها لن يخونها , فيما لو حصل الأن أي أحتكاك مماثل لما جرى معها سابقا . تبا لهذه الافكار والتساؤلات المنافية للعقل وللمنطق ! لا يمكنها أضاعة المزيد من الوقت, أذ عليها التوجه ألى قاعة الطعام خلال اقل من خمس وعشرين دقيقة . خلعت ثيابها بسرعه ودخلت ألى الحمام الداخلي ... الذي أعجبها كالغرفة المخصصه لها . لم تر الشيء الكثير من هذا المنزل , الا أن الذي رأته حتى الآن يوحي بالذوق الرفيع والسخاء . الستائر والسجاد وغطاء السرير , حتى مناشف الحمام, ذات ألوان جميلة هادئة ...... وتتناسق مع بعضها كلوحة زيتيه لفنان مرهف الحس رقيق المشاعر .أناقة جذابة وبعيدة عن التكلف , وجودة في العمل حتى الآتقان التام ... هل هو متزوج ؟ لم تسأله ... ربما لأنها خائفة من الجواب ! من المؤكد أنه ليس متزوجا . وألا لكانت سيدة القصر واقفةأمام الباب لأستقبال زوجها وضمه ألى صدرها , ولكن ... أليس ممكنا أيضا أن زوجته لاتعرف موعد عودته , وأنها تقوم الآن بنزهة على ظهر حصانها أو تقود سيارتها السريعه ألى أقرب قرية لأبتياع بعض الحاجيات ؟ لو أنها زوجته لما كانت تركت البيت أبدا.. وظلت قابعة فيه لحين عودته . | ||||
14-11-10, 09:24 PM | #56 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| كفى , كفى ! خرجت من الحمام بأنفعال شديد , وأخذت تجفف نفسها بخشونه وعصبية , أصبح عقلها كقلبها ... لا يمكن التكهن بتصرفاته أو التحكم بأندفاعه . كم سيضحك عليها أندريه وزوجته , ففيما لو علما بما يجول في خاطرها من أفكار وآراء ! قد يكونان الآن غارقين في الضحك , وهو يروي لها قصة العروس النافذة الصبر التي تسللت مع فستان زواجها ألى شاحنة رجل غريب ! أنتهت من تجفيف نفسها , ففتحت حقيبتها وراحت تقلب ثيابها لأختيار أفضلها وأجملها . لم يكن يهمها قبل دقائق معدودة سوى خلع ثيابها الوسخة وأستبدالها بأخرى نظيفة منعشة . أما الآن فمن الأهمية بمكان أن تبدو أنيقة ..... وسمعت صوتا خفيفا يضيف كلمة الجمال ألى الأناقة . قد يسخر منها أندريه كونورز وزوجته ,ولكنها ستفرض عليهما أحترامها , لن تسمح لهما أو لغيرهما بالقول أنها عروس لا تليق بجون . وقفت أمام المرآة لتتأمل النتائج التي توصلت أليها , مع أنها لم تكن أبدا من النوع الذي يهتم بالمظاهر الخارجية ألى هذه الدرجة . قد يصر أندريه على رأيه , ولكن ذلك المتعجرف المتغطرس سيراها ..... ولهذه المرة فقط ..... في ذروة اناقتها وتبرجها . تذكرت بصعوبة الأرشادات التي أعطتها أياها ماريا للوصول الى قاعة الطعام . دخلت تلك الغرفة الفسيحة فلم تجد أحدا , ولكنها لا حظت بسرعه ان المائدة معده لثلاثة أشخاص .سمعت أصواتا في الخارج , أعقبتها على الفور ضحكة أندريه المرحة . أخذت نفسا عميقا , وكأنها تشجع نفسها على مواجهة محنة رهيبة , ثم خرجت الى الشرفة . توقف الحديث فور ظهورها , واستدار نحوها وجهان ...... لرجل يدعى أندريه وأمرأة لابد وأنها زوجته . دعاها للأنضمام أليهما , فلم تتمكن من التحرك . أصطكت ركبتاها , وأحست بأنها على وشك الأنهيار , كانت تتوقع أن يكون متزوجا , فلماذا الشعور بالصدمة ؟ هل لأن الصورة التي رسمتها في ذهنها عن زوجة أندريه تختلف عن الحقيقة والواقع ؟ هل جعلها الجمال الفائق لهذه المرأة تشعر بالضعف ..... أو بعقدة نفسية هي بغنى عنها ؟ مهما كان الأمر , فكيف تفسر الصدمة التي أصيبت بها ؟ ستحاول فهم الموضوع على حقيقته , عندما تعود ألى غرفتها في وقت لاحق . نظرت اليها السيدة الجذابة بعينين فاحصتين وقالت لها ببرودة : " المتسللة الصغيرة ! يالها من فكرة جريئة وغير عادية !". شعرت سالي بأن هذه الأمرأة تتهمها ضمنا بالغباء والرعونة ... وقد تكون على حق . فهل من الممكن مثلا أن تلجأ سيدة مثلها ألى وسيلة نقل مماثلة , مهما كانت الظروف ؟ ألا يفسر هذا الأمر طريقة تصرف أندريه أتجاهها ؟ جلست قربهما , وهي تتمتم قائلة : " الغاية احيانا تبرر الوسيلة " . شاهدت بريقا خاطفا في عينيه , هل أعجبه الجواب , أم أغضبه تجرؤها على أستفزاز زوجته ؟ مهما كان الأمر فقد سبق السيف العذل ... وعليها الآن تقديم واجب الشكر لهذه المرأة على حسن ضيافتها . قالت لها بلهجة اكثر ودا : " انا ممتنه لقبولك استضافتي , يا سيدة كونورز " . " انا لست السيدة كونورز " . قفز قلبها من مكانه, ولكنها تمكنت من أخفاء فرحتها العارمة . لم يتدخل أندريه لتوضيح الامر , فقالت السيدة الرائعة الجمال بصوت دافئ حنون : " يبدو أنك أهملت واجبا أجتماعيا ضروريا , أيها الحبيب . " لم تعش فرحتها طويلا , أذ أوحت لها الكلمة الأخيرة بأن هذه الأمرأة الجذابة لم تصبح بعد زوجة أندريه ..... ولكنها على وشك ذلك , سمعته يقدمهما ألى بعضهما مكتفيا بذكر الأسمين : " بربارة سنكلير ... سالي اوبريان " . سألها عن نوع الشراب الذي تفضله قبل الغداء , فطلبت كوبا من عصير الليمون .... وليقولا عنها مايريدان . أنهما يعتبرانها في أي حال, طفلة صغيرة او فتاة مراهقة غبية . أحضر لها كوب العصير , فوجدت فيه حلا ولو جزئيا لمشكلتها الحالية . ركزت نظراتها عليه كيف تخفي الأرتباك الذي يشتعل في داخلها , والألم الذي يحز في نفسها . عاد أندريه وبربارة ألى الحديث , الذي كانا يتبادلانه قبل وصولها ألى الشرفة , ولاحظت سالي بمرارة أن السيدة الجميلة توجه الحديث حسب مشيئتها وتحاول عمدا عدم أشتراك الضيفة الشابة فيه . | ||||
14-11-10, 09:27 PM | #57 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| في أي حال , لم يكن بأمكانها المشاركة في الأحاديث ... حتى ولو أرادت ذلك . فهي تتناول أماكن تجهلها وأشخاصا لا تعرفهم . ولكن العلاقة الحميمة كانت واضحة للغاية .... وضحكات أندريه توحي بأنه يتمتع بأحاديث صديقته المرحة والشيقة . دخل الـثلاثة الى القاعة , فقدمت لهم ماريا ومساعدتها أطباق الطعام ثم أنسحبتا بهدوء وأنتظام . سألتها بربارة ببرودة : " هل ستطيلين البقاء هنا , يا آنسة ؟". فوجئت سالي باللهجة العدائية التي لم تحاول برباره أخفاءها كثيرا , وتساءلت عما اذا كان أندريه قد تعمد عدم أطلاع صديقته على السبب الحقيقي لمجيئها الى هذه المنطقة . قالت لها : "أوه , لا , سأتزوج من جون لانج . تصورت أنك تعرفين ....". توقفت عن أتمام جملتها , عندما شاهدت النظرة الغريبة التي وجهتها بربارة نحو أندريه , ولكن صوتا في داخلها دفعها الى المضي في القول وبقوة : " أنني الآن بأنتظار عودته " . " أوه , أنه لخبر مثير حقا ! أندريه حبيبي , ألا تعتقد أن متسللتك الصغيرة هي أفضل زوجة لحارس الحيوانات البرية ؟". أحست سالي بوجود مودة في لهجة بربارة , وأستعدت لتحمل أحد تعليقات أندريه اللاذعة , ولكنه رفع حاجبيه بعصبية , ثم أكتفى بالقول : "ألا تريدين مزيدا من الذرة , يا بربارة ؟". ودعتهما بربارة سنكلير بعد فترة قصيرة من أنتهاء الغداء , وبعد توجيه دعوة لأندريه لتناول العشاء معها ... في بيتها ... ليلة الاحد . تأملت سالي صاحبة القد الجميل ,وهي تغادر الساحة الكبيرة أمام منزل أندريه بسيارة سباق حمراء اللون , ثم ألتفتت نحو سيد القصر . بدا متجهم الوجه ومتوتر الملامح والأعصاب , وعادت الى عينيه تلك القساوة المألوفة والعنجهية المعهودة . لم تعد تعرف ماذا تفعل , فقررت الأبتعاد عنه بطريقة مهذبة هادئة . قالت له بعد فتره صمت طويلة : " أعتقد أنني سأقوم بنزهة في الحديقة . هل لديك مانع ؟". " هل تركبين الخيل ؟". " نعم " . " أنا ذاهب الآن الى المعمل . أذا كنت راغبة في مرافقتي فسوف تعد لك ماريا الثياب الضرورية لذلك " . أرتبكت ... وترددت , فقال لها بشيء من الحدة ونفاد الصبر : " هيا , قرري !". لم تتردد هذة المرة . لو لم يكن راغبا في ذهابها معه , لما كان دعاها الى ذلك . أبتسمت وقالت : " بكل سرور " . لم تدرك مدى أتساع عينيه الزرقاوين الجميلتين , والبريق الأخاذ الذي كان ينطلق منهما , ولكنها رأت تلك القساوة المرعبة في عينيه وتعابير وجهه . أختفت أبتسامتها , وشعرت بأنقباض شديد حبس أنفاسها وأرهق أعصابها . رفضت التراجع عن رأيها وقرارها , فثمة دافع قوي في داخلها يصر على معرفة المزيد عن هذا الرجل وحياته ..... قبل مغادرتها أرض الصنوبر . لاحظت سالي أن الملابس المخصصة لركوب الخيل تناسبها تماما . هل هي لبربارة ؟ وأذا كانت فعلا لها , فأي ملابس اخرى تركتها هنا ايضا ؟ آلمها تصورها لأحتمال وجود ثياب هذه المرأة في منزل أندريه ... وربما في غرفة نومه بالذات . سرحت شعرها بأنفعال شديد . بسبب هذه الأفكار المزعجة التي تبرز في رأسها بين الحين والآخر . خرجت من البيت , فوجدت أندريه بأنتظارها قرب جوادين أصليين رائعين . ساعدها على ركوب حصانها , مع أنها لم تكن بحاجة لأي مساعدة . جعلتها اليدان القويتان اللتان رفعتاها ألى ظهر الحصان تشعر بأنها ....أنثى , وتحظى برعاية رجل قوي قادر . نسيت بربارة وكل شيء يتعلق بها , وركزت أهتمامها على الطريق التي تؤدي ألى الغابات . كانت تفصل بينهما بضع خطوات , فتمكنت من مراقبته عن كثب .أحست بسرور دافئ وهي تتأمل هذا الرجل الذي يعرف كيف يمسك بزمام الأمور في كافة المجالات والممارسات . وزاد من أرتياحها ذلك النسيم العليل , والروائح الشذية العطرة , وجمال الطبيعة الساحر , شعرت سالي بسعادة لم تعرف لها مثيلا منذ فترة طويلة . نزلا عن جواديهما أمام المعمل الضخم , فهرع مديره للترحيب بأندريه والتحدث معه ..... فيما راحت سالي تتطلع حولها بأعجاب بالغ . كان المعمل يضج حركة ونشاطا والجو عابقا برائحة الخشب . العمل جار على قدم وساق , وعلى أعلى مستويات الكفاءة والتنظيم .ومع ذلك , كان يخيم على المعمل والعمال شعور بالطمأنينة والسكينة لا تعرفه مصانع المدن . أنها الطبيعة ... والقيادة الحكيمة والعادلة لأندريه كونورز ! | ||||
14-11-10, 09:29 PM | #58 | ||||
نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة
| أنهى صاحب المعمل حديثه وتعليماته , ثم دعاها للقيام بجولة أستطلاعية في الداخل . أعجبت بأسلوبه السلس الممتع , وبطريقة شرحه التفصيلي لطبيعة العمليات والأشغال التي تقوم بها هذه المعامل . لم تكن تعلم شيئا تقريبا عن الجهود الجبارة والمراحل الطويلة , التي تتطلبها وتمر فيها عمليه صناعة الأخشاب , أنه الآن اندريه جديد يختلف تماما عن الرجل الآخر الذي كان يجرحها بسياط كلماته القاسية والسامة أو يفجر في قلبها عواطف مجنونة .أندريه الجديد يحب عمله ويكرس حياته لمهنته . أندريه الذي تراه أمامها الآن يفتخر ويعتز بكل شبر من أرضه وغاباته , وبكل قطعة من معداته ... وأهم منذ لك كله , معاملته لجميع العاملين معه وبخدمته . لم يتحدثا أبدا أثناء عودتهما الى بيته , ولكن الصمت بدا لأول مرة خاليا من التوتر والأنزعاج ... وكأن كلا منهما غارق في افكاره وتأملاته . ركزت سالي تفكيرها على أحداث اليومين الماضيين ... قرية ستريمز , الرحلة المجنونة , أرض الصنوبر , وحوض التماسيح , شعرت فجأة بعذاب الضمير لأنها لم تفكر بجون منذ ساعات . يالهذه التطورات المثيرة , وسرعة تلاحقها على هذا النحو المذهل ! لو أنها وصلت الى ستريمز قبل يوم واحد , أو بعد يومين , لكانت أستقلت سيارة الركاب الكبيرة وتوجهت مباشرة الى خطيبها . ولكنه القدر ... في أي حال , لم يتغير بالطبع أي شيء أساسي . سوف تتزوج جون , وسيعملان معا على تدعيم علاقتهما وتوطيدها . لن يعرف خطيبها أبدا بالفوضى والأرتباك النفسيين الرهيبيين اللذين تعرضت لهما خلال اليوميين الماضيين . أما فيما يتعلق بها شخصيا فهي تعرف تماما أن نظرتها الى الحياة لن تعود أبدا الى ما كانت عليه ... قبل هذا اللقاء مع اندريه ! | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|