07-11-10, 05:01 AM | #31 | ||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| { 5 } جلس الشيخ فى الردهة ووضع ذقنه فوق عصاته , بدأت الاصوات الذهنية تعاود نشاطها , هذه المرة كان يسمع جلبة وأصوات عالية , وسمع لأول مرة صوت إبنتيه عصمت وعايده , وكانت عايده أكثرهم حباً لأبيها عن بقية إخوتها , ولولا ظروف سفرها الدائم مع زوجها السفير ما كانت لتتركه أبداً , كانت عايدة تصرخ فيهم عايدة : - أبوكم ما زال على قيد الحياة , وها أنتم تتعاركون على ميراثه ؟ يالكم من بؤساء ؟ هل وصل بكم الجحود إلى هذه الدرجة ؟ جاوبتها عصمت بصوتها الفظ المستفز عصمت : - نحن لا نقسم ميراثاً , ولكن هذا لا يمنع أن يبحث كل منا عن حقه المهدر , فها هو أخوك الأكبر قد باع القصر ولم يعطنى حقى من ثمن بيعه . عادل ( غاضباً ) :- إغلقى فمك الكريه هذا , لقد أعطيتك من ثمنه أكثر مما تستحقين , فانت أصلاً لا تستحقين أى شئ , فهل تأخذين أموالنا لتعطيها لزوجك المليونير ؟ إنه لا يحتاج تلك الأموال . لقد صدق أبوكِ عندما قال عنه أنه لص محتال , عصمت ( فى شراسة ) : - هل تجرؤ أيها النذل ؟ أنسيت من انت ؟ وماذا قدمت من تنازلات لا يقبلها أى رجل لكى تصل إلى ما وصلت إليه ؟ عزت ( صارخاً فى الجميع ) : - إخرسوا كلكم .. نحن لم نجتمع هنا لكى نتشاجر , ولا لكى يحاسب كل منا الآخر , إن حالة أبيكم متدهورة جداً , إنه يكاد يكون جثة هامده , لولا تلك الأنفاس التى تتردد فى صدره , لابد من نقله إلى مستشفى حالاً ووضعه فى العناية المركزة , عصمت : - وماذا سيفيد وضعه فى مستشفى الآن ؟ إنها مجرد أيام يقضيها , فليقضيها فى فراشه افضل له ولنا , إنتبه الشيخ من أصواته الذهنية على يد تهزه فى رفق , ليجد أمامه فتاة تقول له . الفتاة : - سيدى .. توفيق بك ينتظرك الآن , تفضل بالدخول إليه نهض الشيخ وتلفت حوله فلم يجد نفسه فى نفس مكتب المحاماة الذى كان به منذ دقائق , بل وجد نفسه فى ردهة فسيحة فخمة جداً , وهناك طاقم من السكرتارية وموظفين يجيئون ويرحلون , أين يرى نفسه الآن ؟ دخل إلى مكتب ( توفيق رمضان أبو المحاسن ) فوجده أمامه يجلس خلف مكتب أنيق , ويرتدى حلة أنيقة ويضع على عينيه عوينات ذهبية رقيقة زادته وقاراً , كان قد اصبح فى الستين أو السبعين من عمره أدرك الشيخ انه قد مر من خلال فجوة زمنية كبيرة تلك المرة فقد أصبح يعتاد ذلك الآن , ولم يعد يندهش له , تفرس فيه توفيق جيداً محاولاً ان يتذكر إن كان قد عرفه من قبل أم لا , دعاه للجلوس , وتنحنح منتظراً أن يفصح الشيخ عن سبب تلك الزيارة وإلحاحه فى طلب مقابلته , أدرك الشيخ أنه لابد ان يقول شئ الشيخ : - لقد مرت سنوات طوال , لقد شاب رأسك وتجعد وجهك , ولكنى أرى أنك قد أصبحت من رجال الأعمال القلائل ذوى الشهرة الكبيرة فى البلد , توفيق (مندهشاً ) : - أرى أنك تعرفنى جيداً , رغم أنى لا أذكر أنى قد قابلتك من قبل ؟ الشيخ : - يكفى أنى أعرفك , وأعرفك منذ زمن بعيد , أبعد مما تتخيل , توفيق : - ربما أكون قد إلتقيتك فى وقت سابق , ولكنى لا أستطيع تذكر ذلك , الشيخ : - لا تشغل بالك بتلك المسألة , فقد جئت لأقول لك كلمتين وسأرحل فوراً . لقد مرت سنين عمرك فى مشقة وجهد جهيد , حتى تمكنت فى النهاية من تحقيق هذا المركز الإجتماعى والمالى العظيم , لقد آن لك أن تستريح , نظر إليه توفيق متعجباً من لهجته التقريرية الآمرة , ولكن الشيخ إستطرد قائلاً بنفس تلك اللهجة الشيخ : - لم يعد باق فى العمر قدر ما ذهب , عليك أن تترك أعمالك لإبنائك وتستريح , فقد آن أون الراحة , توفيق : - من أنت .. ؟ الشيخ : - قلت لك لا تشغل بالك بهذا الآن , يكفى أننى أعرف من أنا , وربما جاء اليوم الذى تعرف فيه من أنا . وتذكر دائماً أننا لا نملك أن نعاند اقدارنا , تركه الشيخ فى حيرته وغادر مكتبه دون أى كلمة زيادة , | ||||
07-11-10, 05:03 AM | #32 | ||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| { 6 } خرج الشيخ إلى الطريق وأشار إلى إحدى سيارات الأجرة , ركب فيها وطلب من السائق التوجه إلى العباسية , كانت عيناه الأن تريان كل شئ بوضوح كبير , عادت الألوان كما كانت زاهية , الصور أمام عينه غاية فى الوضوح , جلس الشيخ فى المقعد الخلفى وأسند ذقنه إلى عصاته , داهمته تلك الأصوات الذهنية , هذه المرة كانت اصوات مختلطه , فيها ما يعرفه جيداً , وفيها ما هو غريب عنه , أصوات جلبة وأحاديث خافته أحياناً , عالية أحياناً أخرى , شعر بها وكأن المتحدثين يقفون بجواره , هناك أياد يشعر بها تقلب فى جسده , أشياء بارده يشعر بها تلامس صدره العارى , كان صوت إبنته عايده باكياً وهى تسأل عايده :- اليس هنالك أى أمل ؟ صوت : - نحن نحاول يا سيدتى , عادل : - إهدئى يا عايده , لم يعد بأيدينا شئ , عزت : - أرى أن نخرج للإنتظار فى الخارج ؟ عماد : - وأنا أيضاً افضل هذا , ولكن أين عصمت ؟ عايدة : - إنها فى حجرة المكتب الخاصة بوالدنا , عادل ( فى حنق ) : - يا لها من إمرأة بشعة أختكم تلك , وماذا تفعل فى حجرة المكتب الخاصة بأبينا ؟ عزت ( متهكماً ) : - لابد أنها تبحث عن أى أوراق أو سندات لتستولى عليها قبلنا , عايده ( يعلو صوت بكائها ) : - كلنا بشعون , كلنا مقصرون , نحن لا نستحق شيئاً مما سيترك أبانا , عادل ( غاضباً ) : - أكره بشدة من يريد أن يرتدى ثوب الملائكة عماد ( ساخراً ) : - نحن فى موقف سقطت فيه كل الأقنعة , لم يعد هناك ما يستحق التزييف , عزت :- كلٌ يغنى على ليلاه , الصوت :- لم يعد هناك أى فائدة , لقد إنتهى كل شئ , تنبه الشيخ وفجد نفسه واقفاً أمام بيت , لم يكن غريب عليه مطلقاً , توقف امام شقة , وضع يده فى جيبه ليخرج مفتاحاً فتح به الشقة , توجه مباشرة إلى حجرة النوم , وجده مسجى فوق الفراش , بشرة شاحبة , وجه برزت عظامه , تفرس فيه جيداً , أنه هو ( توفيق رمضان أبو المحاسن ) , جلس على طرف الفراش , هزه برفق ففتح عينيه , نظر إليه كأنه لا يراه , جاء صوته واهناً توفيق : - من أنت ... ؟ الشيخ : - أنا صديق ورفيق عمرك , توفيق : - أنا لا أعرفك , الشيخ : - ربما عرفتنى بعد قليل , توفيق : - وما الذى أتى بك الآن ؟ الشيخ : - جئت لآخذك معى , توفيق : - تأخذنى معك ... ؟ ؟ إلى أين تأخذنى ؟ الشيخ : - إلى دارك توفيق : - ولكن هذه هى دارى , الشيخ : - لم تعد دارك الآن , توفيق ( مستسلماً ) : - ولكنى لا أقوى على السير , الشيخ : - ستقدر الآن .. جرب وسترى توجه الشيخ إلى صوان الملابس وأخرج منه جلباباً أبيض وشال أبيض , طلب من توفيق أن يرتديهما , إرتدى توفيق الثوب الأبيض الناصع البياض , نظر فى المرآة , وجد بقع صغيرة سوداء متناثرة فوق الثوب الأبيض , كانت قليلة ولكنها واضحة , تساءل فى إنزعاج توفيق : - إن الثوب الناصع البياض ملطخ ببعض البقع السوداء الشيخ : - ومن منا يملك الثوب الناصع البياض دون أى نقاط سوداء , توفيق : - والآن إلى اين سنذهب ؟ الشيخ : - سترى بنفسك الآن ... هبط الشيخ بصحبة توفيق رمضان أبو المحاسن , وجدا سيارة سوداء أمام البيت , ركباها وإنطلقت بهما فى سرعة , توقفت السيارة فى مكان قفر , أمام بناء من طابق واحد , كانت هناك بوابة حديدية صدئة , فتحها الشيخ بمفتاح كان معه , دخل ضوء النهار ليبدد الظلام , تقدم الشيخ ومن خلفه توفيق , سأله الرجل توفيق : - أين نحن ؟ هل هذه هى دارى التى قلت لى عليها ؟ ولكنها ليست دارى . الشيخ : - الآن اصبحت دارك , توفيق : - ولمن هذا القبر الذى يتوسط الغرفة ؟ الشيخ : - إقرأ هذا الشاهد وأنت تعرف , ونظر توفيق إلى الشاهد الرخامى فوجد مكتوب عليه {{ كلُ نفسٍ ذائقة الموت }} هنا يرقد المرجو له المغفرة توفيق رمضان أبو المحاسن 1927 - 2010 توفيق : - أهذا قبرى أنا ؟ الشيخ : - نعم , لقد اصبح دارك الآن . نظر إلية توفيق وقد زالت الغشاوة عن عينية , وأصبح يرى الحقيقة متبلجة أمام ناظريه , إنه رجل ميت , وهذا هو قبره , قال مستسلماً توفيق : - لقد حانت لحظة الفراق , الشيخ : - بل حانت لحظة اللقاء , توفيق : - ولكنك لم تخبرنى بعد ؟ من أنت ... ؟ الشيخ : - أولم تعرفنى بعد ؟؟؟ أنا ( توفيق رمضان أبو المحاسن ) تمت بحمد الله 25 / 1 / 2010 | ||||
07-11-10, 11:07 AM | #33 | ||||
نجم روايتي وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نهاية شريط حياته ... و نهاية اخر انفاسه...لم تعد قسوة ابنائه ذا اهمية...و لا الاملاك التي يتقاتلون من اجلها ... فلنأمل نحن ايضا ان يكون ثوبنا ناصع البياض...ولنعمل على ذلك..... أخ pazoka ...شكرا لك | ||||
07-11-10, 03:29 PM | #34 | ||||
نجم روايتي وإعلامية قسم التسالي وكونان قلوب أحلام
| اخ بازوكا يسلمووووووو بجد على الرواية الرائعة صدقنى دموعى انهمرت و لم ترد ان تتوقف ثوب ابيض ملطخ ببعض البقع السوداء الحاج توفيق <<< استمتعنا بشدة برحلتك و راينا العالم من منظور مختلف فعلا عندما يحين موعد اللقاء <<< لا شىء من مشاكل الحياة تهم او خيبات الامل تبقى اثر فيا بشدة بان اباهم يلفظ انفاسة الاخيرة و هم كل ما يهمهم الميراث ان الحياة قاسية عايدة <<< بجد كنت نعم الابنة الصالحة عزت <<< اشعر انك طيب حقا و لكن تيار الحياة يجرفك و تهتم باباك جقا عادل عماد عصمت <<< ان من قام بتربيتكم شخص واحد مالذى اخطأ بة حتى يقابلة هذا الجحود الى اللقاء فى ابداع اخر ينسجة قلمك اخ بازوكا | ||||
07-11-10, 09:55 PM | #35 | |||||
روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| اللهم إجعل خير عمرنا آخره و خير عملنا خواتمه و خير أيامنا يوم نلقاك فيه ... اللهم آمين كلهم بشعين و داخلهم أسود حتى عايدة ... أين كانت و والدها وحيداً فى شقته ... ألا يتخيلون أنهم سيكونوا فى مكانه فى يوم فى المستقبل ... لم لا يتذكرون و لا يتعظون ... لم ؟؟؟ أبو مروان تسلم على القصة المؤثرة و ربى يجعلها فى ميزان حسناتك و إن شاء الله تكون عبرة لمن يعتبر ... فى إنتظار جديدك ... بالتوفيق إن شاء الله | |||||
08-11-10, 03:28 PM | #36 | |||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء
| شكراً اخي ابو مروان على الخاتمة المؤلمة لأخر لحظة كنت أرجو أن يتبدل أحد الأبناء ولكن جميعهم بشعين بهذا الشكل شيء مفجع أن يظل الإنسان طوال حياته يتعهد حياته بالأخلاق والقيم الرفيعة وتكون تلك خاتمته بهذا الشكل البشع ماذا لو كانوا فقراء أعطاهم الله كل هذا وأصابهم داء السعار ربنا يعوضه في الأخره أما أولاده فستكون لكل واحد مأساة جزاءاً وفاقاً على ما فرطوا في حق والدهم أعمالك تحمل قيمة رائعة دوماً فشكراً لك وفي إنتظار جديدك في أمان الله | |||||||
11-11-10, 01:39 AM | #37 | ||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| الاخوات الكريمات بينو الزهرة البيضاء هبة فاطمة كرم زهرة البنفسج الفنانة مروة وكل من تابع تلك القصة أشكر لكم حسن متابعتكم الدائمة راجياُ من الله أن يكون هذا اللون الجديد قد أعجبكم كلمة أخيرة اريد ان أقولها هذه القصة تجسيداً لقوله سبحانه وتعالى {{ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ{19} وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ{20} وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ{21} لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ{22} }} ق لكم منى ارق تحية وشكر جزيل | ||||
16-11-10, 05:04 PM | #38 | ||||
نجم روايتي وقاصة وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الأعضاء وعضو متألق ونشيط بالقسم الأدبي
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخي ابو مروان القصة جميلة جداً وحزينة وفيها العبر التي نغفلها لفد تأخرت كثيراً في قرائتها ولكن اعذرني بسبب ظروفي الصحية لكني عدت وان شاء الله سأقرأ كل مافتني الا ان انتكست حالتي من منا لايريد ان يعود ويرى شريط حياته يمر امامه ربما هو شيء من التسائل يبقى في انفسنا لنعرف اين اخطأنا ؟ وكيف وصل بنا الحال الى ذلك المصير ؟ ربما تكون تلك العودة متأخرة وتشهد على اللحظات الاخيرة من تلك الحياة التي فنى الانسان عمره في تعبها وشقائها ليسعد من حوله ولكن ماذا كان الجزاء ؟ الجحود والنكران تسلم اخي ابو مروان بأنتظار القادم سلامي | ||||
16-11-10, 08:19 PM | #39 | |||||
نجم روايتي وكـاتـب فـي قـسـم وحـي الاعـضـاء
| اقتباس:
يا هلا يا هلا كيفك نسمة كل سنة وانت طيبة والف حمد لله على سلامتك والف لا بأس عليكِ طمنينى على صحتك يارب تكونى بخير | |||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|