493-وعد-جيسيكا هارت -روايات احلام الجديدة(كتابة /كاملة)*

[*سهى*]

جعلتها تنسى أين هي وما الذي تقوم به.. رفع غاي رأسها ببطء وتردد.
لعدة لحظات لم يفعل شيئا سوى النظر إلى وجهها بابتسامة ملتوية: " انا آسف! ما كان يجب أن ابقوم بهذا. لكنني لم استطع المقاومة ".
وصلتها كلماته عبر غيمة من الارتباك والعواطف المضطربة. تمتمت قائلة: " لماذا فعلت هذا؟ "
تجاهل غاي سؤالها. لمس خدها بأصابعه بطلف، وسألها: " هل أنت على ما يرام؟ "
في الواقع، لا! هي ليست على ما يرام، إنها ترتجف، وتشعر بالارتباك من عودتها المفاجئة إلى الواقع. بدت مصدومة من ردة فعلها القوية على عناقه، وخائفة من رغبتها بالارتماء بين ذراعيه. أدركت وهي تحترق إذلالا، أنها لم تحاول حتى القيام باعتراض رمزي. استجمعت قواها، وقالت بمجهود هائل: " أنا بخير. انا على أحسن ما يرام ".
سألها غاي بقلق: " هل انت واثقة؟ تبدين متوترة "
كلمة متوترة لا تكفي لوصف حالتها، لكنها غير مستعدة للاعتراف بذلك، لذا كررت: " أنا بخير حقا ".
وضع غاي يديه تحت مرفقها، ثم استدار، وبدأ بالمشي، كأن شيئا لم يحدث.
قالت لغاي إنها بخير وإن الأمر ليس مهما، وهذا صحيح. هذا ما أخبرت نفسها به مرارا وتكرارا تلك الليلة. السبب الوحيد لأرقها هو التعب واختلاف التوقيت. اليس كذلك؟ تنهدت لوسي واستدارت وضربت وسادتها، لكنها لم تشعر بالراحة. ما زالت تشعر بطنين في
رأسها من ذكرى عناقه، وكلما ظنت أنها أزاحتها من مخيلتها وصنفتها في إطار الاشياء التافهة، تتفجر من جديد بكل تفاصيلها المؤثرة.
أصدرت أنينا خافتا، ودفنت رأسها في الوسادة. كيف أمكنها القيام بذلك؟ واتتها فرصة كبيرة لتدفع غاي عنها بازدراء، فلِم لم تقم بذلك؟ هي مغرمة بكيفن، الذي لم يعانقها يوما هكذا... آه، ليته فعل!
تنهدت لوسي، واستلقت على ظهرها من جديد.. اخذت تحدق بامتعاض نحو السقف. يا لها من أمسية مميزة! لقد اتهمها بالكسل والجبن، ثم عانقها لك العناق السخيف. حسنا! سوف تثبت لغاي أن ذلك لن يسبب لها الحزن والأسى. غدا سوف تجد لنفسها عملا، وترى
من الذي سيشعر بالمهانة في النهاية.
********
توقفت لوسي عند الباب الخارجي لمصرف دينجرفيلد، ونظرت إلى الأعلى نحو واجهة المبنى الأخاذة، حيث الزجاج يعكس زرقة السماء الربيعية. هي ليست واثقة حتى من قدرتها على طلب وظيفة في مكان كهذا، لكن حتى المصارف الاستثمارية ليست في مأمن من المضايقات اليومية. لقد رحلت إحدى موظفات الاستقبال يوم الجمعة دون إنذار، وهي ممثلة عرض عليها فجأة دور ما. عندما دخلت لوسي لترى إن كانت قادرة على تملق أحدهم كي تحصل على مقابلة مع قسم الموارد البشرية، وجدت عاملة الاستقبال الموجودة تصارع للتعامل مع طابور من الناس الذي يريدون المعلومات، بينما الهواتف ترن بلا توقف.
ببساطة، ذهبت لوسي إلى خلف المكتب، وبدأت تجيب على الاتصالات الهاتفية. أخذت تشرح بسهولة أن موظفة الاستقبال غير موجودة، وعرضت أن تتلقى رسالة. تفاجأت من عدد الأشخاص الكبير الذين قالوا ببساطة إنهم سوف يعاودون الاتصال لاحقا.
عندما انتهى الصخب، نظرت ايموغن، وهي موظفة الاستقبال نحوها بامتنان. بعد أن شكرتها، سألتها: " ما الذي تفعلينه هنا؟ "
" أنا أبحث عن عمل مؤقت ".
ابتسمت إيموغن:
" حصلت على العمل. متى يمكنك البدء؟ ".
****************

[*سهى*]

ها هي لوسي هنا صباح يوم الاثنين. جذبت سترة البذلة التي استعارتها من ميغ، ورفعت كتفيها. ربما لن يكون هذا العمل سيئا جدا.
سوف يمر غاي أمامها كل يوم، وهي لا تطيق صبرا لترى وجهه عندما يجدها جالسة خلف مكتب الاستقبال.
رحل غاي قبل أن تستيقظ في الصباح التالي لخروجهما معا. شعرت بالارتياح لعدم اضطرارها إلى مواجهته، مع ذلك شعرت بالاستياء لأنه لم يزعج نفسه ويودعها قبل أن ترحل لتقيم عند ميغ. تركت له رقم هاتفها المحمول مع ملاحظة شكر مقتضبة. لم تستطع الذهاب في صمت، رغم أن هذا ما قام به غاي. لكن كيف تراه سيتمكن من الاتصال بها لترتيب اللقاء مع والدته؟ أخبرت لوسي نفسها، أن هذا هو السبب الوحيد الذي دفعها لترك رقم هاتفها له.
ها هي إيموغن تنتظرها، لترحب بها في الردهة الواسعة، مكتب الاستقبال موجود إلى جانب المصاعد الزجاجية الجوانب، وهو مجهز بوسائل التكنولوجيا الحديثة. نظرت إليها لوسي بارتياب في بادئ الامر، لكن عندما أخبرتها إيموغن عن طريقة استخدامها، أحست انها قادرة على التعامل معها. انشغلت لوسي بسيل الزوار والمكالمات الهاتفية بينما زودتها إيموغن التي غالبا ما ذكرت اسم غاي في حديثها بمعلومات عن المصرف.
" هو مجرد رئيس صوري. أليس كذلك؟ ".
نظرت إليها إيموغن مصدومة، وقالت: " هو رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي "
" حسنا! هذا مصرف عائلي، لذا افترض أنه رئيس مجلس الإدارة فقط لأنه من آل دينجرفيلد، لكن من يقوم بالعمل الحقيقي؟ ".
قالت إيموغن مؤكدة: " هو من يقوم بالعمل ومن يتخذ القرارات. لقد خضنا بعض المعارك مع مجلس الإدارة منذ موت والده، لكنه سيطر على الوضع، حتى إن دينجرفيلد أصبح الآن رائدا في عالم الاستثمارات. غاي دينجرفيلد هو شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، لكن اسمه لامع في عالم المال ".
سرعان ما اتضح للوسي أن إيموغن هي من أشد المعجبين بغاي: " العمل لديه ممتع حقا، فهو مراع لمشاعر الآخرين. لدي صديقة في قسم التسويق استغرقت سنوات عديدة لتنهي دراستها الجامعية، وعندما نجحت في الامتحان النهائي، أرسل لها غاي باقة ورود ".
" يبدو لي أن مساعدته الشخصية هي التي تراعي مشاعر الآخرين ".
هبّت إيموغن للدفاع عنه، وقالت بإصرار: " تلك كانت فكرة غاي، وعندما اكتشف أن إحدى الفتيات تواجه أوقاتا صعبة، طلب منها أن تأخذ عطلة بقية النهار، وأرسل لها قسيمة لقضاء يومها في المنتجع ".

تنهدت إيموغن: " هو فائق الوسامة أيضا. حسنا! لا بد أنك رأيته من قبل. إنه يجعل أي امرأة تتمنى لو أنها ليست متزوجة وسعيدة في زواجها "
أكملت قبل أن تجيب لوسي: " هذا لا يعني أنه قد ينظر إليّ، فهو يحظى دائما بصديقات فائقات الجمال ".
قالت لها لوسي: " أنت فاتنة ".
بدت إيموغن مسرورة بكلام لوسي، لكنها قالت: " أنا لست مثل كاسندرا وولف ".
لم يثر عمود الشائعات يوما اهتمام لوسي، لكنها سمعت عن كاسندرا وولف عارضة الأزياء الشهيرة، إذا هي كاسي الذي ذكرها غاي بطريقة عادية في مطعم جيوفاني. ونظرا للصورة التي تتذكرها عن كاسندرا وولف، لا عجب أن والدته اعتبرتها نحيفة جدا.
يبدو أن إيموغن هي مصدر معلومات غير محدودة عن غاي: " انفصلا هي وغاي منذ عدة أشهر، وعادت كاسندرا الآن إلى صديقها القديم "
لم يسع لوسي سوى السؤال: " هل انزعج غاي كثيرا عندما تركته؟ "
" ليس كثيرا. أراه دائما في مزاج جيد، وعلى شفتيه ابتسامة لطيفة ".
عرفت لوسي نوع الابتسامة التي تقصدها. أكملت إيموغن قائلة: " واعد فتاة أخرى بعد كاسندرا، لكنه لم يحضرها أبدا إلى هنا. سمعت عنها لفترة ما، لكن غاي ذهب إلى أستراليا بعد ذلك "
أشرقت عينا إيموغن، وتابعت: " ربما هو حر من جديد. أتمنى ذلك "
حدقت لوسي بها بسخرية: " ظننتك سعيدة في زواجك!"
" هذا صحيح، لكنك غير متزوجة. أليس كذلك؟ ربما لديك فرصة ".
" مع غاي دينجرفيلد؟ لا أظن ذلك، هو ليس من نوع الرجال الذين أفضلهم ".
بدأت الذكريات تتراقص في مخيلتها، وتؤكد لها أن هذا لم يكن رأيها عندما عانقها. نظرت إليها إيموغن وكأنها مجنونة، لكن لوسي غيرت الموضوع بسرعة. أحست أنهما تكلمتا عن غاي أكثر مما ينبغي.
إنها تتلهف لرؤية ردة فعله عندما يكتشف أنها نجحت في التحدي، كما تشعر بنقمة غامضة لأنه لم يزعج نفسه بالمجيء إلى العمل بعد. ربما هو الآن يلعب الغولف أو الإسكواش. ربما سيأتي لاحقا عندما تصبح المصاعد شبه خالية، كي يتجنب الاختلاط مع الموظفين. زمت شفتيها بغضب. هي حتما لن تسرع لتملقه عندما يأتي. لن تنكر أنه كان كريما معها، لكن كما سبق وأكد لها هو يملك الإمكانيات للقيام بذلك. كرمه لم يمنعه من إزعاجها. عانقها عناقا أذاب عظامها، ثم رحل في الصباح التالي دون أن يزعج نفسه ويودعها.

[*سهى*]

[COLOR="Blue"]

همست إيموغن: " ها هو قادم ".
لحقت لوسي نظرة إيموغن التي اتجهت نحو مصاعد المصرف، حيث خرج ثلاثة رجال. رأت غاي يتكلم والرجلين الآخرين يستمعان باهتمام. كلهم يرتدون بذلات أنيقة، لكن لسبب ما لم تر لوسي سوى غاي. هو يدير ظهره لها، لكن قلبها بدأ فورا بالارتجاف عندما ميزت كتفيه وقفا رأسه. شعرت بقوة طاغية تملأ المكان وبيد ضخمة تقبض على أعماق ذاتها. ها هم يتصافحون الآن. عاد رفيقاه إلى المصعد، بينما توجه غاي نحو السيارة المركونة في الخارج. قال عندما مر بجانبهما: " صباح الخير، إيموغن!"
رسمت إيموغن ابتسامة متكلفة: " صباح الخير ".
سرعان ما لاحظ غاي وجود شخص آخر إلى جانبها، اتسعت ابتسامته، لتتجمد بعد لحظة عند رؤية لوسي، التي بدت رزينة في بذلتها ذات المربعات التي استعارتها من ميغ.
" لوسي؟! ".
تجمد في مكانه، وأحست لوسي بإيموغن تستدير لتحدق بها.
رأت لوسي الدهشة في تعابيره، فابتسمت بلطف، وقالت: " صباح الخير، سيد دينجرفيلد ".
تعافى غاي من الصدمة بسرعة. اقترب من المكتب، وصحح كلامها قائلا: " غاي! نحن نستخدم الأسماء الأولى هنا. أليس هذا صحيحا إيموغن؟ "
كادت نظرات إيموغن إليه تقارب العبادة. أومأت بتلهف: " آه! أجل، بالطبع "
اتسعت ابتسامة غاي عندما استدار نحو لوسي: " مبروك! فاجأتني بالفعل، سندريلا. علي الاعتراف أنني لم أتوقع حصولك على عمل صباح اليوم وهنا بالذات. لِم لم يخبرني أحد أنك سوف تعملين هنا؟ "
تعمدت لوسي أن تبدو هادئة بالرغم من صعوبة ذلك، فنظرات عينيه مركزة على وجهها، واعماق زرقتهما تشع بابتسامة تثير توترها كالعادة. قالت: " أنا واثقة أنك شديد الإنشغال لتهتم بمسألة سخيفة مثل عاملة استقبال مؤقتة "
" أشغالي الكثيرة لا يمكن أن تلهيني عن طاقم عملي، لوسي ".
قالت إيموغن بولاء: " هذا ما كنت أخبرها به "
ابتسم لها غاي، وقال: " لا بد أنك أدركت أنني ولوسي التقينا من قبل "
قالت لوسي بسرعة قبل أن يضيف أي شيء آخر: " في أستراليا، لكننا لا نعرف بعضنا جيدا. أليس كذلك غاي؟ تغيرت الأمور الآن بعد عودتنا إلى لندن "
" تغيرت بالفعل ".
بطريقة ما علمت لوسي أنه يفكر بعناقهما على رصيف الميناء. أضاف: " تغيرت كثيرا ".

[/COLOR

]
انتهى الفصل الرابع

[*سهى*]

الفصل الخامس
إنه شخص آخر

أخبرهما غاي أنه في طريقه لحضور الاجتماع ، لذلك عليه الذهاب . رفع يده مودعا ، واتجه نحو الابواب ، بينما تجنبت لوسي النظر نحو ايموغن ز عندما غادرت سيارة الليموزين ، سألت ايموغن بإصرار :
" أهناك شيء يجب أن أعرفه ؟ ".
" لا ، صدقاً ".
أردفت مؤكدة عندما رأت نظرة الشك في عيني ايموغن : حل غاي ضيفا في المزرعة التي كنت أعمل فيها ، وعدنا إلى لندن على متن طائرة واحدة . هذا كل مافي الأمر . نحن بالكاد نعرف بعضنا البعض .
بشكل ما ، هذا الكلام صحيح ، هي لاتعرف غاي حق المعرفة ، لا تعرف مالذي يخفيه مزاجه الجيد ، ولا تدري مالذي يزعجه ، ولا تعرف شيئاً عن أفكاره واحلامه وآماله ، كل ما تعرفه هي الابتسامة في عينيه ، وبراعته في ركوب الخيل ورمي الحبل ، وتعرف أيضاً طريقته في العناق .....
عاد غاي حوالي الساعة الثالثة ، رفع يده وحياهما وهو متجه ناحية المصاعد ، لكنه لم يتوقف ليتحدث إليهما . مالذي قد يدفعه للقيام بذلك ؟ هي مجرد عاملة استقبال ترتدي بذلة مستعارة . أخبرت لوسي نفسها أنها لاتهتم ، لقد نفذت التحدي ، والآن من الأفضل أن لا تتعامل معه ابدا ، أن أراد غاي رؤيتها فهو يعلم أين يجدها . ومع ذلك وجدت صعوبة في عدم الألتفات في كل مرة تفتح بها أبواب المصاعد ، ووجدت صعوبة في السيطرة على الغصة الصغيرة في قلبها في كل مرة تكتشف فيها أن القادم ليس هو .
وفي اخر النهار ، شعرت لوسي بالإعياء من جراء محاولة التركيز على كل المعلومات الجديدة ، واحست بالفرح عندما اعلنت ايموغن أنه حان وقت العودة إلى ا لمنزل. مع ذلك لم تكن متشوقة لرحلة العودة إلى منزل ميغ . هذا الحذاء الغير مألوف يضغط على قدمها منذ بداية النهار ، وليها ان تمشي مسافة طويلة بعد النفق .

[*سهى*]

الفصل الخامس
إنه شخص آخر

أخبرهما غاي أنه في طريقه لحضور الاجتماع ، لذلك عليه الذهاب . رفع يده مودعا ، واتجه نحو الابواب ، بينما تجنبت لوسي النظر نحو ايموغن ز عندما غادرت سيارة الليموزين ، سألت ايموغن بإصرار :
" أهناك شيء يجب أن أعرفه ؟ ".
" لا ، صدقاً ".
أردفت مؤكدة عندما رأت نظرة الشك في عيني ايموغن : حل غاي ضيفا في المزرعة التي كنت أعمل فيها ، وعدنا إلى لندن على متن طائرة واحدة . هذا كل مافي الأمر . نحن بالكاد نعرف بعضنا البعض .
بشكل ما ، هذا الكلام صحيح ، هي لاتعرف غاي حق المعرفة ، لا تعرف مالذي يخفيه مزاجه الجيد ، ولا تدري مالذي يزعجه ، ولا تعرف شيئاً عن أفكاره واحلامه وآماله ، كل ما تعرفه هي الابتسامة في عينيه ، وبراعته في ركوب الخيل ورمي الحبل ، وتعرف أيضاً طريقته في العناق .....
عاد غاي حوالي الساعة الثالثة ، رفع يده وحياهما وهو متجه ناحية المصاعد ، لكنه لم يتوقف ليتحدث إليهما . مالذي قد يدفعه للقيام بذلك ؟ هي مجرد عاملة استقبال ترتدي بذلة مستعارة . أخبرت لوسي نفسها أنها لاتهتم ، لقد نفذت التحدي ، والآن من الأفضل أن لا تتعامل معه ابدا ، أن أراد غاي رؤيتها فهو يعلم أين يجدها . ومع ذلك وجدت صعوبة في عدم الألتفات في كل مرة تفتح بها أبواب المصاعد ، ووجدت صعوبة في السيطرة على الغصة الصغيرة في قلبها في كل مرة تكتشف فيها أن القادم ليس هو .
وفي اخر النهار ، شعرت لوسي بالإعياء من جراء محاولة التركيز على كل المعلومات الجديدة ، واحست بالفرح عندما اعلنت ايموغن أنه حان وقت العودة إلى ا لمنزل. مع ذلك لم تكن متشوقة لرحلة العودة إلى منزل ميغ . هذا الحذاء الغير مألوف يضغط على قدمها منذ بداية النهار ، وليها ان تمشي مسافة طويلة بعد النفق .

[*سهى*]

وقال غاي بنبرة عادية جداً : " أنا واثق من أمكانية تأمين سلفة لك أن أردت ".
" آه سأكون بخير ، سوف تقرضني ميغ بعض النقود إذا احتجت ".
أيعني ذلك انها تدع ميغ تعتني بها كما تفعل ميرديث عادة ؟ أزاحت لوسي هذه الفكرة المزعجة من رأسها : " رفقة ميغ ممتعة . لم ألتق بكثير من النساء في ويرنداغو ، ولم أدرك سابقا كم اشتقت للثرثرة ".
" أيعني ذلك انك عدلت عن العودة إلى هناك ؟ "
أجابت لوسي بسرعة وانزعاج : " لا "
لماذا يصر غاي على اعتبار مشاعرها تجاه كيفين غير حقيقية ؟ بالطبع ، هو الآن يتساءل أن كانت متيمة بكيفين مثلما تدعي ، بعد أن بادلته العناق في تلك الليلة .
رفعت ذقنها : " بالتأكيد ٍسأعود ، لكن ذلك لايعني عدم الاستفادة لأقصى درجة من وجودي هنا ".
" ستخيبين أملي أن لم تفعلي، سندريلا . أنت ماهرة في الاستفادة من وقتك ".
تساءلت لوسي ، لماذا تجعلها الحورات مع غاي تدور في متاهة . قالت في محاولة لتغيير الموضوع من جديد : " هناك أخبار جيدة عن ريتشارد . أنا أذهب كل يوم إلى المستشفى ، وقد استفاق من غيبوبته ".
" إذا ثبت ان ميرديث محقة ، صوتك أحدث فرقاً ".
" لسنا متأكدين من ذلك ".
تحركت لوسي بانزعاج . لا تريد التفكير أن ريتشارد مغرم ٌ بها بقدر ما يعتقد والداه وميرديث . ذلك يعني أنها قد تجرح مشاعره من جديد يوما ً ما : " أنا متأكدة أن الأمر مجرد صدفة . مازال مريضا ، وغير قادر على الكلام كثيرا لكنه يتحسن ".
" حسنا هذه أخبار جيدة . لابد أن والديه يشعران بالارتياح ".
" هما فرحان جدا بالطبع ......".
" لكن ؟ ".
عبست لوسي : " الأمر صعب جدا ً ، بدا يتعاملان معي وكأني زوجة ولدهما . ربما هما لا يستمعان عندما أذكر حبيبي ، أو لا يصدقانني ، لكن الأمر أصبح محرجاً ".
" أنت حتما ً لا تتكلمين عني بما فيه الكفاية ".
حمل صوت غاي بعض الاستمتاع ، ولعنت لوسي اللحظة اللحظة التي اخبرت فيها والدي ريتشارد أن اسم حبيبها الوهمي هو غاي ، لماذا بحق السماء ، لم تختار أسم بول أو جاك أو ايثلبالد ؟ أي أسم عدا غاي ! نظرت إليه بغضب ، وقالت :
" أنا لا أتكلم عنك أبدا . احاول ذكر حبيبي الوهمي بقدر ما أستطيع ، لكن كلامي لا يؤثر بهما ، لا يمكنني التكلم مطولاً عنه . أنا ادعي انه متيم بي . مالم أتوخى الحذر ، سينتهي بي الأمر إلى القول أنني متزوجة ! ".
" أنا واثقة ان غاي لن يمانع لابد أنه أصبح شخصا تائهاً بعد أن عانقك ".
علت موجة من الاحمرار خدي لوسي ، وشعرت بالامتنان لأن الاضواء خافتة في المقعد الخلفي ، إلى جانبها ، بدا غاي ضخماً جدا وشديد القرب ، راحت اعماقها ترتعش من جراء شعرها به ، اما ذكرى عناقهما على رصيف الميناء فسحبت كل الهواء من المكان .
تمتمت قائلة : " من الغباء انني اخترعت هذه القصة ".
استدارت، وأخذت تحدق من النافذة ، وهي تتمنى زوال الاحمرار عن وجهها ، قال غاي بطريقة عملية : "حسنا ماحدث قد حدث ، بالطبع ، يمكنك أخبار والدي ريتشارد أنك أخترعت الأمر برمته ، لكن عندها سوف تشعرون جميعا بالأحراج ".
" أعلم . فكرت بهذا الأمر ، لكنهما منشغلان بكثير من القضايا الآن ".
تنهدت لوسي ، وتابعت : " علي تعلم التفكير قبل أن افتح فمي الكبير ".
اخذت السيارة تتحرك ببطأ بسبب زحمة السير ، ثم توقفت مجدداً عند اشارة حمراء . نظرت لوسي إلى ساعتها .
" هل فكرت يوما ً في استخدام النقل العام ؟ ".
" أفعل ذلك أن كنت متوجها مباشرة إلى المنزل ، لكن علي القيام ببعض الامور هذا المساء . أنا ذاهب إلى المستشفى لرؤية أمي ، ثم إلى حفل استقبال في غالدهول ، ولاحقا سأتناول العشاء مع بعض الاصدقاء في يوتناي ، لذا بدا لي من السهل استخدام السيارة كما أن ستيف سوف يحصل على أجر أضافي . هذه أحدى ميزات الثراء فاحش ! ".
" كيف جرت جراحة والدتك ؟ ".
" يقول الأطباء أنها جيدة جدا ، بدأت تمشي قليلا ، أجريت لها عملية تبديل ورك مزدوجة ، وهذه جراحة كبيرة ، لكنها تظن أنها الآمرة الناهية على جناح الجراحة بأكمله في المستشفى ، ولا شك أن الطاقم الطبي يتوق لذهابها إلى المنزل ".
" متى ستعود إلى المنزل ؟ ".
" خلال الأسبوع القادم . حضر المعالج الفيزيائي ، ولدي الآن قائمة بالأمور التي قد تساعدها بعد خروجها من المستشفى ، أضفت درابزين على الدرج ، واشتريت كرسياً ذا عجت جديدا وسريراً مرتفعاً ، ولكني واثق أنها ستتهمني أني أخترت الأشياء الخاطئة ".
قال ذلك بمزاح ، لكن لوسي لم تضحك، نظرت إليه ، وعلى وجهها تجهم بسيط .

[*سهى*]

" كنت أعتقد أن شخصاً مثلك هو قرة عين والدته ".
رفع غاي حاجبه : " شخص مثلي ؟ ".
" أنا واثقة أنك مدركٌ تماما لوسامتك ، ويمكنك أن تكون ساحرا ً عندما لا تتصرف بطريقة مزعجة جداً ، فاهتمامك بالآخرين واضحٌ جدا . أنا شخصياً لا أقدرك ، لكن أي والدة قد تتمنى الحصول على أبن مثلك . بعض النساء يشعرن بالأمتنان إذا اتصل بهن أولادهن مرة في الشهر ، ناهيك عن زيارتهن يومياً في المستشفى ".
ضحك غاي وقال بهدوء : " أعتقد أن والدتي ممتنة ، وهي تحبني . أنا واثق من ذلك . كل مافي الأمر أنها لا تستطيع إظهار مشاعرها، لا تنسي أنها نشأت في أٌقاصي استراليا ، الحياة صعبة هناك ، وفي تلك الأيام لم يكن الأهل يشجعون الأولاد على التعبير عن مشاعرهم ، بالإضافة إلى ذلك ، واجهت أمي الكثير من الأوقات الصعبة . تصرفها الفظ ليس سوى وسيلة للتعامل مع حقيقة أنها فقدت أكثر شخصين تعزهما في هذا العالم ".
تساءلت لوسي أليس غاي أغلى شخص على قلب والدته ، سألته :
" والدك ؟ ".
لم تفصح تعابير وجهه عن أي مشاعر : " وأخي مايكل كان قرة عين والدتي ووالدي أيضا . كان مايكل ابناً مثالياً ، عمل بجد ، فكان الأول في مدرسته، وتميز بأنه شخص متزن ومسؤول، لم يشك للحظة واحدة من مصيره في استلام الأعمال في دينجرفيلد بعد استقالة والدي ،لطالما سٍالته أن كان يود القيام بشيءٍ آخر في حياته ، كان يستمتع قليلاً ، لكن مايكل لم يهو يوماً المجازفة ،انضم إلى الشركة بعد تخرجه من الجامعة مباشرة ، وبدا بمنتهى السعادة لمجرد الذهاب يومياً إلى العمل ، هذا مثير للسخرية حقاً ."
" لماذا؟ ".
" الذهاب إلى العمل هو ماتسبب في مقتله ، تعرض لحادث سير لم يعرف من تسبب به ، كان يعمل حت وقتٍ متاخر ، وكان الظلام قد حل ، لكنه كان يستخدم ممر المشاة دائماً يقوم مايكل بالأمور الصحيحة ، ليس ذنبه أن سائقي اليارات المسروقة المتهورين يتوقفون عند ممر المشاة ، أو أنه كان يجتاز الطريق عندما وصلوا إلى المنعطف .
تنهد غاي وهز رأسه : لقد قتل على الفور ".
" أنا آسفة ! ".
من دون تفكير وضعت لوسي يدها على يده المستقرة بتكاسل على فخذه، أدار غاي يده ، فالتقى كفهما ، وتشابكت أصابعهما .
" منذ ذلك الحين ، لم يعد والداي إلى سابق عهدهما ، أصيب والدي بازمة قلبية بعد أشهر قليلة من الحادث ، ثم رحل وترك أمي وحيدة ، وهي في حالة الحداد منذ ذلك الوقت ، انسحبت إلى عالمها الخاص ، وكلما تصرفت بقسوة، أذكر نفسي أنها مازالت تعاني ".
المزاح جزء اساسي من شخصية غاي ، لذا كادت لوسي تشعر بالصدمة عندما اكتشفت أنه مر بكثير من الأحزان في حياته ،أفترضت أن مزاجه الجيد ناجم عن حياة ساحرة سهلة ، لكنها مخطئة ، أحست بتأنيب الضمير . ربما يتمتع غاي بالكثير من الامتيازات ، لكن من الواضح ان شخصيته أعمق مما أعتقدت . هو بعيد كل البعد عن كونه فتى لعوباً كما ظنت في استراليا .
شدت على اصابعة بتعاطف صامت ، وسألته : " ماذا عنك أنت ؟ ".
فكرت أن خسارته توازي خسارة والدته : " هل كنت مقرباً من مايكل ؟ "
هز غاي رأسه نفياً : " يكبرني مايكل بحوالي العشر سنوات . كنت أحترمه ،لكن فارق العمر حال دون تقاربنا . مع ذلك ، كان أخي ".
ساد الصمت للحظة ، وتساءلت لوسي أن كان يدرك أن أيديهما متشابكة.
لم تدر لوسي مالذي يجدر بها قوله : " عشر سنوات فترة طويلة ".
نظر غاي نحوها : " أظن أنني كنت غلطة ".
شعرت لوسي بالأرتياح عندما لمعت ابتسامته من جديد : " بالطبع مايكل كان أكثر لطفاً من أن يقول ذلك ، لكنني أكتشفت الأمر بنفسي، حتى عندما كنت صبياً صغيراً أدركت أنه يمثل كل مايحتاج إليه والداي. كان مقدراً لمايكل أن يدير شركة العائلة ، ولم يبق لي ما أقوم به سوى أن اكون صعب المراس . لا يعني ذلك أني كنت أغار منه .... على الأقل لا أعتقد ذلك ".
أضاف بصدق وتاكيد : " لم أكن أريد حياة مايكل في المصرف ، أردت المغامرة والإثارة أردت حياة مختلفة ".
" ألهذا أخترت ركوب الخيل ؟ "
أبتسم شاكراً لأنها تذكرت : " نعم ، كان ذلك أحد طموحاتي الأولى ، لكن بعد السقوط عن صهوة الجواد عدة مرات في ويرنداغو ، نزعت الفكرة من رأسي ، أجبرت على ارتياد الجامعة ، لكني تركتها بعد حين ورحت أجوب العالم بمرحٍ صاخب لبعض الوقت ، قمت بالأبحار والتزلج وركوب الأمواج .... فعلت كل مايستهويني . في الماضي كنت روحا حرة مثلك ".
شعرت بدفء وقوة اصابعه حول يدها : " بالطبع ، لم يوافق والداك على تصرفك ".

[*سهى*]

" روعهما أضاعتي للتعليم الباهظ التكلفة ، وأنا بالطبع لا ألومهما . لم يفهما لما لست مثل مايكل ، في الوقت الذي حصلت فيه على كل الامتيازات التي نالها ، لم أكن أريد سوى الاستمتاع بوقتي ، وهذا مافعلته ، أنا لست نادماً على أي شيء ، بالرغم من اعتقادي أنني جرحت والداي أكثر مما حسبت ، تصرفت بكثير من الأنانية ".
" ثم توفي مايكل ؟ ".
حاول جاهداً عدم أظهار أحاسيسه : " ثم توفي مايكل ، وتلاه والدي ، وعندها أصبحت مضطرا لاستلام العمل ".
استقرت نظرة لوسي على وجهه ، وقالت بهدوء : " لابد أن الأمر كان صعباً " .
لم يكترث غاي بتعاطفها ، بل قال : " شعرت بالكثير من الأسى على نفسي في ذلك الوقت ، آخر ماكنت اريده هو الاستقرار لكن بدا لي أن ‘دم قيامي بالأمر سيظهر وكأنني اخذل أبي ومايكل ، لذلك علقت لوح التزلج وعدت إلى المنزل لأقوم بما يتوجب من أجل أمي ، ولن تكتشفي أبدا ما الذي حصل ".
" ماذا ؟ ".
أشرقت تلك الابتسامة المألوفة الرائعة في الظلام ، وقال : " أكتشفت أني أحب القيام بذلك . الأمر لا يشبه ركوب الأمواج ، لكن المصرف الاستثماري يتمحور حول المجازفات وجني الأموال هو الأثارة بحد ذاته . آخر ماتوقعته هو الاستمتاع بالأمر، لكن ربما تشربت من والدي أكثر مما كنت أدرك ".
تابع قائلا : " لم يكن الأمر سهلاًابدا ، واجهت الكثير من النزاعات مع أعضاء مجلس الإدارة المتقدمين في السن ، والذين ينظرون إلي على أنني الشاب غير المسؤول ، مرت أربع سنوات على استلامي الإدارة ، والآن بدأوا يتقبلون وجودي . الامر عينه ينطبق في عدو نواحٍ على والدتي ، مازلت بالنسبة لها ذلك الشاب المتهور ".
أومأت لوسي برأسها وقالت : " مثل ميرديث الذي مازال الشخص المنطقي وأنا الشخص الغير مسؤول ، هل يمكن تغيير نظرة عائلتينا تجاهنا ؟ "
" على الأرجح لا! لكن يمكن تغيير نظرتنا لذاتنا ".
أخفض غاي نظره إلى الأسفل ، وأدرك فجاة أن يديهما مازالتا متشابكتان ، فحرر أصابعه من أصابعها وعلى وجهه أبتسامة باهتة : " على أي حال يمكننا المحاولة ".
شعرت لوسي بالبرودة والارتباك عندما أفلت يدها ، وانها أصبحت وحيدة ، لم تجد ما تفعله بيدها ، فوضعتها على حضنها، وراحت تحدق بها ، خافت أن تبدأ يدها بالارتجاف ، فقبضت عليها بيدها الأخرى ، وهي تفكر بكلمات غاي .
سألته ببطء : " أهذا هو الهدف من التحدي الذي فرضته علي ؟ "
نظر غاي إلى وجهها وقال : إن كان هذا ماتريدينه .

انتهى الفصل الخامس

قراءة ممتعة للكل

[الواحة]

مشكورة ع روايه موفقه

[anabel]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .