آخر 10 مشاركات
307 – الحب والخوف - آن هامبسون -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree156Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-03-12, 03:12 PM   #351

7oureya

? العضوٌ??? » 213525
?  التسِجيلٌ » Dec 2011
? مشَارَ?اتْي » 292
?  نُقآطِيْ » 7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute7oureya has a reputation beyond repute
افتراضي


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

7oureya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:12 PM   #352

مايا كناز

? العضوٌ??? » 116431
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 892
?  نُقآطِيْ » مايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond reputeمايا كناز has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

مايا كناز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:13 PM   #353

اميرة بيتنا

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 149852
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond reputeاميرة بيتنا has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الصفحات ما تظهر عندي
ليش


اميرة بيتنا غير متواجد حالياً  
التوقيع
أحبك يا وطن واسرج خـــيول الشوق بـفـوادي
أحبك يا وطن واغزل خيوط الشمـــس لعـيونـك
إماراتي بك اتفاخـَر.. واقــول: بلادي.. بلادي


رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:14 PM   #354

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

الفصل الأول

عرس كامل وهناء، الجد عبد الله الشرقي


في البيت الكبير ذي الطابع القديم؛ يقام اول عرس بين ابناء العم، اول حفيدين لعبد الله يربطهما الزواج؛ كامل وهناء، الجد ذو السبعين عاما يجلس بهيبته على كرسيه الذي لا يشغله غيره حتى في عدم وجوده، عيناه تراقبان ابناءه واحفاده بعين الرضا، اولاده الثلاثة الذين شاركوه الرحلة منذ نزوحهم معه من الريف الى العاصمة قبل عشرين عاماً، ابنه البكر مجيد كان بوقتها في السابعة والعشرين متزوج من ابنة عمته اخلاص ولم يكن لديه اطفال إلّا كامل، الأوسط حميد كان في الخامسة والعشرين متزوج ايضا ومن ابنة عمه آمال ومعهما طفلين هناء وسليمان، اما ولده الاصغر محمد فكان ما زال شابا يافعا في العشرين ولم يكن متزوجا آنذاك، نزوحهم للمدينة الضاجة باغراءات لم تخطر ببالهم يوماً وقد كان لها تأثيرها السيء على محمد بالذات، صحيح ان محمد بذل قصارى جهده مع أخويه لبناء مشروع اقتصادي للعائلة تمثّل في البداية بمحل صغير للنجارة وتطور ليشمل اليوم ثلاثة مصانع معروفة في البلد لتصنيع الاثاث بانواعه، لكن محمد كانت له نزواته بفعل أضواء المدينة المبهرة، عاقر الخمر وأقام علاقات نسائية محرمة، حاول الاب ردعه لكنه لم يستطع، يعترف انه في البداية اعتبرها طيش الشباب وسينتهي، لكن اصدقاء السوء سحبوه أكثر وأكثر، خاصة مع تحسن الوضع المادي للعائلة.
ابتسم الاب بحنان وهو ينظر لابنه محمد الان وهو على ابواب الاربعين، انه أصغر ابناءه وأكثرهم شبها بوالدته المرحومة، وربما هذا هو السبب الحقيقي لانه لم يستطع ردعه في ذلك الوقت، اما اخواه فلم يبذلا مجهودا حقيقيا مؤثرا، مجيد لم يكن يهمه الا العمل، يعشق المال، ما ان يصل جيبه لا يفارقه! حميد كان رقيق القلب وليس لديه القدرة على ان يكون شديدا فاكتفى بمحاولات نصح لم تجدِ نفعا، ومحمد كان يحتاج الشدة وربما شيء آخر، نور يخترق ظلمة المعاصي التي سقط في هاويتها، نور دعا الاب ربه ان يضيء به قلب ابنه الاصغر، واستجاب المولى وجاء ذلك اليوم عندما رآى محمد وبالصدفة فتاة بهرته أكثر من اضواء المدينة، انها ندى وهي كقطر الندى، جميلة كلوحة فنية، شقراء بعينين خضراوين واسعتين، جمالها مختلف عن جمال النساء في عائلته، فنساء العائلة يميلون للسمرة والشعر الحالك، تعلق قلب محمد بندى وكانت صفحة جديدة في حياته محت ما قبلها، الجد عبد الله وافق مباشرة على زواج محمد من ندى رغم اعتراض ابنه البكر مجيد وقوله ان محمد يجب ان يتزوج من العائلة، لكن عبد الله اراد انتشال ابنه من طريق الضلال واستغلال عشقه لندى كي تحميه من نزغات الشيطان، وفاقت ندى توقعاته، نعم الزوجة هي، صحيح جعلت محمد يتّخذ بيتا منعزلا عن بيت العائلة فخالف بذلك اخويه اللذين ما يزالان حتى الان يسكنان البيت الكبير مع عائلتيهما، لكن ندى استطاعت خلال بضع سنوات ان تحول محمد الى رجل يخاف الله في الصغائر قبل الكبائر فلم يعد يقرب الخطايا، يعشق بيته ويعشق الجلوس مع ابنتيه الصغيرتين ياسمين وجنى.
ياسمين كانت نسخة عن امها، خَلقا وخُلقا، اما جنى فجمالها الاسمر واضح كما كان واضحا مشاكستها وتمردها وخفة ظلها، ألقى الجد نظرة نحو ندى ببطنها المنتفخة وهو يدعو الله ان تنجب الولد هذه المرة فمحمد يحتاج لعزوة مثل اخويه.
عادت عينا الجد لتراقبا أحفاده ويفكر من سيتزوج من؟ وكيف ستكبر وتعمر فروع هذه الاسرة لتطرح مزيدا من الثمار، اسرة أكمل رعايتها بمفرده بعد وفاة زوجته قبل نزوحهم من الريف، أطلق تنهيدة اشبه بترنيمة شجن حزينة، ما يزال يفتقدها بعد كل هذه السنوات.
***
ياسمين محمد الشرقي

ركضت ياسمين نحوه ما ان رأته يجلس بين أولاد عمومتها، ضفائرها الذهبية تتراقص بجنون على ظهرها لتجاري لهفة الطفلة ذات الثماني سنوات، رأته يتحدث مع اخيه حاتم لكن عيناه ابتسمتا بنظرة مشعة ما ان رآها تركض نحوه، لم يبالِ بتذمر الجميع لتفضيل ياسمين له دونهم جميعاً! لا احد يعرف لماذا هي متعلقة بسليمان دونا عن ابناء الاعمام الآخرين، تلقف سليمان جسدها الصغير بين ذراعيه ثم رفعها عاليا كعادته لترتفع فوق مستوى راسه وتتدلى عناقيد شعرها حتى تلامس وجهه، تضحك بابتهاج بينما هو يخبرها انها أصبحت ثقيلة ولم يعد قادرا على حملها هكذا ولكنها تصر على التمسك برقبته لتخبره ان يذهب بها لمحل العم عبد الستار حتى يشتري لها المثلجات، فيستسلم سليمان برحابة صدر كما يستسلم لحكمها عليه ان يحملها طوال الطريق ذهابا وايابا، أسرّت له قرب اذنه " انا احبك سليمان، احبك أكثر منهم جميعاً " فتذوب عينا سليمان حناناً وهو يقول " وانا احبك صغيرتي"
***

جنى محمد الشرقي

بنظرات شقية وخطوات تتعمد عدم اصدار صوت تقدمت جنى ذات السبع سنوات من ابن عمها عماد الذي كان يبحث عنها بيأس منذ نصف ساعة، عماد يكبرها بخمس سنوات مع ذلك هو يفضل اللعب معها هي دونا عن باقي الاولاد، يلاحقها يلتصق بها وهي تشعر به كالعلقة! لاتطيقه ولا تطيق التصاقه بها، لقد اوقعته في مقالب لا تعد ولا تحصى ودائما تنتهي بعقوبة من والدها فتحتج هي قائلة بحنق انه يفضل ابن اخيه عليها هي ابنته لمجرد انها فتاة وهو صبي.
هذه المرة كانت تحمل معها قطع الثلج في قدح زجاجي، وقبل ان يتنبه لها وبخفة شديدة سحبت قميصه من الياقة وسكبت الثلج فيه! ما حدث بعدها كانت موجات ضحك من الجميع بينما ينطنط عماد هنا وهناك وهو يحاول اخراج قميصه من بنطاله ليتخلص من تعذيب بضع مكعبات أوهى من ان تعيش لبضع دقائق! الاحراج لطّخ وجه عماد الاسمر بحمرة قانية، نظرات الغضب والحقد و.. خيبة الامل كانت موجهة لجنى في الاساس لكنها شملت جميع ابناء العم حتى جده ووالديه واعمامه لم يتوقفوا عن الضحك! قميصه كان مبللا، ولكن احساسه بالكرامة المهدورة منعه من التنازل ليظهر ضيقه بالبلل على ظهره، كان يكزُّ على اسنانه وهو يرى جنى تفقد حتى اهتمامها بالسخرية منه واخذت تتعلق كقردة على ظهر اخيه حامد الذي يكبره بسنتين بينما حامد يضحك من قلبه " عماد.. لا تتضايق من جنى انها تحب المزاح، خذ هذه المنشفة احضرتها لك " صوت ياسمين الجميل وابتسامتها اللطيفة زادت حنقه وحرجه بدل ان تخففه! وجد نفسه يفرغ غضبه فيها وهو يدفعها بقوة بعيدا عنه ويصرخ " لا اريد ايتها السخيفة التافهة! " كانت ياسمين رقيقة الجسم حتى ارق من جنى رغم انها الأكبر ودفعة عماد كانت كافية لتسقط بقوة على الارض ليتبعه توجعها، شيطان خبيث جعل عماد يضحك ساخرا منها وقبل ان يقول ما يشفي غليله عاجلته لكمة على وجهه أسقطته ارضا ثم صوت جنى الهادر يصرخ فيه " ايّاك ان تؤذي اختي مرة أخرى! "
كان صدر جنى يعلو ويهبط من شدة الغضب وهي تتخصر وتنفث النيران بنظراتها قبل أنفاسها نحو هدفها الأزلي؛ (عماد)، اما عماد فقد كان مذهولا بينما يشعر بأمه تركع جواره وهي تقول بلهفة " هل تشعر بالالم بني؟!" ثم ألقت نظرة عاتبة نحو جنى التي رفعت ذقنها بكبرياء لتقول وهي تساعد اختها على النهوض وترتيب ملابسها " الرجل الحقيقي لا يضرب الاناث " كانت الدموع تجري بصمت على وجه ياسمين بينما التفتت لها جنى وقالت بحنان " هل انت بخير اختي؟ " هزّت ياسمين رأسها بنعم بينما تمسح دموعها لكن صوت والدهما كان قريبا وواضحا وهو يقول بحزم " بنت يا جنى، تعالي هنا! " تنهدت جنى بضيق وهي تلتفت نحو والدها بعد ان ألقت نظرة لا مبالية نحو عماد ووالدته ثم تحولت لنظرة مطمئنة وهي تلمح ياسمين تلجأ لأحضان سليمان، قالت وهي تقترب من والدها بخطوتين " نعم ابي " قال الاب بحدة " لماذا ضربتِ ابن عمك؟" عقدت جنى حاجبيها وقالت " لانه دفع ياسمين وآذاها دون وجه حق " قال الاب بصرامة " اذا اخطأ هو وضرب اختك هذا لايعني ان تضربيه انت في المقابل وتردي الخطأ بخطأ أكبر منه " قالت وهي تهز كتفيها " لا اجد الامر مهما، ابناء عمي يتقاتلون فيما بينهم طوال الوقت وكل واحد منهم يدافع عن إخوته الاصغر فلماذا لا افعل مثلهم؟!" علا صوت ضحكات الجد عبد الله ثم قال " اقسم إنك بعشرة اولاد يا بنت محمد " نظر محمد لوالده بعتب رقيق وقال " ابي لا تشجعها اتوسل اليك" فرد الجد بمرح " عليك ان تكون فخورا بها " عاد محمد لينظر نحو ابنته فلم يملك إلا ان يعجب بشجاعتها وهي تقف امام الجميع بكبرياء لتدافع عن نفسها وعن اختها، تنهد وهو يقرب يده ليداعب خدها بحنان ثم قال بصوت منخفض" بنيتي لا تكوني كالاولاد خشونة، انت زهرة جميلة كأمك وأختك لا اريد ان تكوني حادة الطباع هكذا " ابتسمت جنى وقالت بابتهاج طفولتها " انا زهرة مثل ياسمين؟" رد الاب بحنان غامر " انت وياسمين أجمل الازهار في حياتي " ضحكت وهي تمد ذراعيه لوالدها فانحنى الاب ليحملها وهو يهمس بأذنها " اذا كنت تحبين والدك اعتذري بعد قليل من عماد " عبست جنى وهي تقول على مضض " حسنا ساعتذر ولكن عليه ان يعتذر ايضا عن دفعه لياسمين " هزّ الاب رأسه بقنوط وقال " كم انت طفلة عنيدة!"
***
قالت آمال لاخلاص وهي تنظر باتجاه ندى بينما الحقد يقطر من كلماتها " لا اعلم من تحسب نفسها؛ الجميلة المبجلة؟! لماذا لا تجلس معنا؟! ام انها تحب استعراض اهتمام زوجها بها بجلوسها بجانبه والتصاقها به طوال الوقت؟! " ردت اخلاص بصوت منخفض " آمال اتركيها وشأنها، انت لا تحبينها فلماذا تريدين منها الاقتراب؟ ثم انها جلست معنا في البداية وانت عاملتها ببرود " رفعت آمال رأسها بترفع وقالت " انا اعاملها مثلما هي؛ غريبة، مجرد غريبة ودخيلة على عائلتنا " تنهدت اخلاص والتزمت الصمت، انها تعرف ان آمال تموت غيرة وحسدا من ندى، ليس بسبب جمالها المختلف فقط، ولكن لعشق محمد الواضح لها، نظرت اخلاص لآمال بسخرية مريرة وهي تراها ترسل هذه النظرات المسمومة نحو ندى، قالت اخلاص في سرها " ايتها الغبية يا ابنة عمي، انت متزوجة من حميد الأكثر رقة بين إخوته، فماذا لو كنتِ متزوجة من مجيد بكل قسوته وجبروته؟! " ثم عادت اخلاص لتنظر باتجاه ندى المبتسمة دوما بينما زوجها محمد يجلس جوارها، بدت زاهية رغم حملها الممتلئ، تعترف اخلاص ان حميد ليس كمحمد، حميد رقيق لكنه لا يولي زوجته الاهتمام مثلما يفعل محمد مع ندى، لكن العتب على آمال وليس عليه، اخلاص لم تفهم يوما ابنة عمها آمال رغم انهما تربتا سوية في بيئة قروية واحدة، لكن آمال كانت دوما أكثر تعقيدا من ان يستوعبها عقل اخلاص، رأت تقبّض يدي آمال بينما تنظر باتجاه الجد عبد الله وهو يُجلس جنى على حجره ويقبّل خدها بفخر! قالت آمال من بين اسنانها " لا اعرف لأجل ماذا يقبلها؟! كان يفترض ان يصفعها على ما فعلت مع عماد " ثم استدارت بحدة نحو اخلاص وقالت " لا اعلم كيف التزمتِ الصمت؟! كان يفترض ان تصفعيها انت على فعلتها مع ابنك " نظرت اخلاص بتسامح نحوها وقالت " آمال انها مجرد طفلة صغيرة " ردت آمال بحدة " بل انها طفلة قليلة الادب والاحترام وعمي عبد الله يشجعها " صمتت قليلا لتضيف باستهانة وسخرية " وانا اعرف لماذا يفعل ذلك " عقدت اخلاص حاجبيها وقالت بتساؤل " لماذا يفعل ذلك؟" ردت آمال وهي تقول بترفع " لان محمد ليس لديه صبيان " عينا اخلاص اتجهتا نحو بطن ندى وقالت " ربما الصبي سيأتي هذه المرة " ردت آمال بقسوة " إنها لا تنجب إلا الفتيات، وسترين! "
***

بعد اسبوع

في بيت محمد الشرقي وعلى مائدة الطعام، ابتسمت ندى في سرها وهي ترى جنى تغمز لياسمين وتحثها على انهاء طعامها بسرعة، هذه الفتاة لا تعرف الراحة والهدوء ابدا، ما ان انهت ياسمين صحنها حتى هبّت جنى واقفة على قدميها وقالت وهي تسحب ياسمين من ذراعها " امي سنلعب في الخارج" ودون انتظار رد ركضت الفتاتان تتضاحكان وتتفقان على مقلب ستفعلانه في ابنة الجيران المتكبرة.
مد محمد يده ليمسك يد زوجته ثم رفعها لشفتيه وقال بابتسامة محببة " سلمت يداك على الطعام " ردت ندى الابتسامة له ووجهها الشاحب ينبئ بقرب الولادة، أجفل الاثنان من صرخات علت في الخارج ارادت ندى ان تقف على قدميها لكن ركبتاها ارتجفتا وخانتاها لتعود إلى كرسيها بينما عيناها تلاحقان زوجها محمد الذي خرج راكضا.
ميّز محمد صرخات ابنتيه وكان يشعر بهذا الرعب ان يكون اصابهما مكروه، ما ان خرج من الباب الداخلي للبيت حتى وجد جنى وياسمين جالستين على الارض تصرخان وتنوحان بينما فتى مراهق مسجى على وجهه على الارض والدماء تغطي ظهره العاري!
كان محمد يرتجف وهو يتقدم من الفتى؛ حتى لو لم يرَ وجهه.. حتى لو لم تصرخ ابنتاه بأسمه، فقد عرفه! انه حامد ابن اخيه مجيد! تماسك محمد وهو ينحني ليجلس على الارض ويهدئ ابنتيه كي يفهم ما جرى، من كلماتهما المبعثرة الباكية فهم انهما تفاجتآ بابن عمهما يركض في الشارع عاري الصدر، حافي القدمين وما ان وصل اليهما حتى هالهما تعابير الرعب على وجهه وقبل ان يسألاه عمّا حدث سقط امامهما على الارض ليكتشفا ظهره المدمى!
" محمد.. ماذا هناك؟ " صوت ندى المرتجف أربكه، التفت إليها وهو يقول بما يستطيع من الهدوء " لا تهلعي.. يبدو ان حامد تشاجر مع أحدهم، لا تقلقي، فقط اتصلي بجارنا الطبيب كي يأتي ويعاينه " لم تسأل ندى المزيد وهرولت بما تسطيع لتفعل ما طلبه زوجها، كانت ياسمين وجنى تبكيان بلا توقف بينما محمد يحاول حمل حامد، لم يكن طفلا فهو مراهق في الرابعة عشرة وببنية خشنة نسبة لأقرانه، نقله للداخل وهو يحث ابنتيه على الهدوء.
جحظت عينا محمد وهو يستمع لكلام الطبيب الغاضب! لم يكن غضب الطبيب منه، ولكن ممن فعل في فتى مراهق هذه الفعلة! قال محمد بعدم تصديق " هل أنت متأكد يا دكتور؟" رد الطبيب بنفس الحنق والغضب " كل التأكيد، الفتى تم جلده! وأرجح استخدام الحزام لان هناك أثر للجزء الحديدي من الحزام على ظهره "
ابتلع محمد ريقه وهو ينظر باتجاه غرفة نومه حيث ترك ابن اخيه تحت رعاية زوجته وابنتيه بعد ان عالج الطبيب جروحه رغم ان حامد لم يستيقظ من غيبوبته لحد الان! عاد محمد للطبيب وقال بحرج بالغ " انا لااعرف ما حدث، حقا لااعرف من فعل به هذا،" رد الطبيب بحزم " يا أبا ياسمين انت جاري منذ سنوات ولذلك سأسمح لنفسي ان اطلب منك حماية الفتى، لقد سبق والتقيت والده؛ ومع احترامي لك اعتقد جازماً أنه من فعل هذا، فطباعه العنيفة وافكاره المحتدة كانت أكثر من واضحة " مشاعر محمد كانت تتأرجح بين الخزي من موقفه والغضب مما فعله أخوه.
محمد يجزم أكثر من الطبيب أن أخاه هو الفاعل! فمجيد رجل عنيف ولديه قسوة في تربية الصبيان بالذات، الأفكار السخيفة ان القسوة عليهم ستجعلهم رجالاً!
بعد خروج الطبيب وقف محمد يراقب ابنتيه اللتين تبكيان بصمت وتأبيان ترك حامد بمفرده، الفتى ما يزال في سباته وهو مستلقي على بطنه ووجهه جانبا، جنى وضعت رأس حامد على حجرها وأخذت تملس على شعره الداكن بينما ياسمين استلقت بجانبه على السرير وامسكت يده واخذت تقرأ سورة الفاتحة وما حفظته من سور قصيرة في المدرسة، اما ندى فقد ازداد شحوبها واخذت تتعرق بوضوح، اقترب منها وهمس في اذنها " حبيبتي اذهبي لترتاحي في غرفة البنات وانا سأعتني به " هزّت ندى رأسها وهي تقترب من السرير لتجلس جوار حامد وتقول بصوت مرتعش " لن أتركه " تنهد محمد ثم التفت ليخرج من الغرفة فهناك مكالمة مهمة يجب ان يجريها.
***
علا صراخ مجيد في أجاء البيت هادراً " قلت لك أحضر ابني! لا تضطرني لفعل ذلك بنفسي يا محمد " رد محمد وهو يحاول كتم غيظه وغضبه " مجيد استعذ بالله من الشيطان الرجيم واجلس لنتفاهم " صرخ مجيد ثانية " لا اريد التفاهم، اين ابني؟ انا سأحضره بنفسي " وقرن أقواله بالأفعال وهو يتّجه ناحية غرفة النوم التي يعلم انها تخصّ أخاه وزوجته، لكن بعد خطوتين فقط وجد محمد يقف في وجهه مانعاً إياه بالقول الحازم " زوجتي في الغرفة؛ هل ستدخل عليها هكذا؟! " كزّ مجيد على اسنانه وقال " هل تلوي ذراعي محمد؟! ليس من حقك حجب ابني عني " رد محمد وقد بدأ صبره ينفد " قلت لك اجلس حتى نتكلم، حامد في وضع صحي لا يسمح بأن تأخذه الان " قبّض مجيد يديه والتزم الصمت بينما اضاف محمد بهدوء وهو يسحبه من ذراعه " تعالَ يا اخي، تعالَ لنجلس ونتكلم "
استمع محمد لكلمات اخيه الأكبر الهادرة وهو يصف ابنه بالفاسق! يبدو ان حامد متأثر بالصحبة السيئة وكان يشارك اصدقاء السوء في الهرب من المدرسة والتسكع في أماكن غير نظيفة، اليوم امسكه والده وهو يدخن السجائر واكتشف انها لم تكن سجائر عادية! قال محمد أخيراً " مجيد، الامر لن يحلّ هكذا، ضربه او جلده سيجعله يهرب منك ويلجأ للشارع، هل تدرك انه جاء راكضا وهو شبه عارٍ من بيت العائلة إلى بيتي؟!" علا صوت مجيد وهو يقول " وماذا كنت تريدني ان افعل؟!" رد محمد بصبر " اخي انا لا احاول لومك، ولكن اسمح لي بمساعدتك " مسح مجيد وجهه باحباط وقال " كيف؟" قال محمد بتمهل" ما رأيك ان يأتي حامد ليعيش عندي في بيتي؟ هنا سنبعده عن اصدقاء السوء وسننقله لمدرسة اخرى تماما حتى يشعر انه يبدأ من جديد " رد مجيد بتشكك " ولكن كيف يمكن ان يترك بيته؟! وماذا سأقول لأمه؟!" قال محمد " هنا بيت عمه يعني بيته ايضا، وأمه عليها ان تتفهم ان هذا لاجل مصلحته، انت تعرف انني وندى سنعامله كما نعامل بناتنا بل وأكثر، لذلك ارجوك وافق " تنهد مجيد وقال بتشوش " دعني افكر بالامر " ابتسم محمد براحة لان هذه الجملة تعني انه سيوافق.
لكن الراحة لم تدم طويلا فبعد منتصف الليل علا صراخ ندى آذناً بخروج نسل محمد الشرقي الجديد الى النور.
***

بعد ست سنوات، في بيت محمد الشرقي
ياسمين في الرابعة عشرة،
جنى في الثالثة عشرة،
و.. علي.. في السادسة

كانت جنى وياسمين تكتمان ضحكتهما بينما كانتا تختبئان في احدى اركان الحديقة بانتظار القادم، امسكت جنى بيد اخوهما علي ذو الست سنوات وهي تؤكد عليه ان يلتزم الصمت وعلي بوجهه الوسيم يضح يده على فمه ليخنق ضحكته هو الآخر، فُتح الباب الخارجي للبيت وسمعوا صوت خطوات يعرفونها وعندها مدت ياسمين يدها لتفتح صنبور الماء بينما اخرجت جنى خرطوم الماء من خلف ظهره ليركضوا جميعا باتجاه ضحيتهم، والضحية لم يكن إلا حامد، علا الضحك بينما حامد يصرخ بمرح ويتوعد العقاب، لكنه كان قد تبلل تماما قبل ان يستطيع امساك (المُخطِط الأول) للعملية؛ جنى، فحملها على كتفه ليتدلّى جسدها على ظهره فتارة تضرب بيديها وتارة تضحك بهستيريا وتارة تطلب الرحمة! اما علي الصغير فكان الثاني عندما حمله حامد بذراعه الآخر ولم يتوقف على الضحك، صرخ حامد وهو يلاحق المجرمة الثالثة " لن تفلتي يا سمين، سأمسكك بأسناني! " اخذت ياسمين تركض حافية القدمين وهي تهرب منه هنا وهناك، لم تتنبه للقادم الآخر والذي ارتطمت بصدره العريض الصلب، شهقت من المفاجأة ثم وبدون اي تردد تعلقت برقبته وقالت من بين ضحكاتها " أنقذني سليمان، حامد قال سيعضني! " ضحك سليمان عاليا وهو يلف ذراعه حولها ويقول " عليك ان تتوقفي عن المشاغبة فتسلمي من هذا الدب الذي يسمي نفسه حامد " هنا قال حامد بصوت جهوري " حتى سليمان لن ينقذك من الدب " تعلقت ياسمين أكثر بسليمان وخبأت وجهها في عنقه وقالت بأنفاس متلاحقة وضحكات ناعمة " إياك ان تتركني له، لن اكلمك لأسبوع كامل اذا تركته يعضني "
صوت بارد قطع جو المرح العاصف،كان عماد يقف عند البوابة الخارجية يراقب ما يحدث وهو يلبس قناع السخرية بينما من الداخل يشتعل بالغيرة! قال ببرود " ألم تكبر يا حامد على لعب الطفولة هذا؟!" حدج حامد أخاه الاصغر بنظرة نارية وقال بأستنكار " لعب الطفولة؟!" كان حامد ما يزال يحمل جنى على كتفه وعلي بذراعه الاخرى ولكن المرح والضحك غادرهم جميعاً، حتى ياسمين ابتعدت عن عنق سليمان وشعرت بتوتر عضلاته! جنى كانت تحاول الالتفات لتواجه البغيض عماد، ولكنها لم تستطع، أضاف عماد بسخرية أكبر " مؤكد ألعاب طفولة، انظر لنفسك، هل انت شاب في العشرين حقا؟! لا تبدو أكبر من ياسمين بتصرفاتك هذه! يبدو ان بقاءك هذه السنوات في بيت عمي محمد لم يخلق منك الرجل الذي يريده ابي " اتسعت عينا حامد في غضب مستعر فترك علي لينزل واتبعه بجنى ثم اقترب من اخيه وهو يقول بغضب " دوما لك لسان الافعى هذا " ابعد سليمان ياسمين عنه وهو يبتسم لها مطمئنا بينما تقدم ليقف بين ابنيّ عمه ليحول دون شجارهما فقال بصوت حازم " توقفا انتما الاثنان، إنكما تفزعان الاطفال " ضحك عماد باستهزاء وقال " اطفال؟! ايُّ اطفال! لم تعد ياسمين وجنى طفلتين، لذلك هذه الألعاب الطفولية لم تعد مناسبة لا لهما ولا لاخي، ولا حتى لك يا سليمان" النظرات المصدومة كانت كلها موجهة نحو عماد الذي أخذ ينقل نظراته بين سليمان و حامد ثم قال وقد أعمته الغيرة والحقد " ام انكما تجدان اللعبة أكثر اثارة لأنهما لم تعودا طفلتين! " لكمة على وجه عماد أوقعته ارضا، لم يكن مصدرها حامد، بل سليمان! هدر صوت سليمان وهو يقول " أيها الخسيس عديم الشرف! هل أوصلتك غيرتك ان تطعن اهل بيتك؟! " انحنى نحوه ليسحبه من ياقة قميصه وقال من بين أسنانه " اقسم بالله إذا أعدت هذا الكلام لأقطعَنّ لسانك " ثم دفعه بعيدا.
تراجع عماد للخلف والندم والقهر يستوليان على مشاعره، قال بتلعثم بينما عيناه تحيدان باتجاه حامد وابناء عمه محمد المرتعبين من خلفه " أنا آسف، لم اقصد ما قلت، اردت فقط.. " لكن سليمان قاطعه وهو يسحبه للشارع ويقول " توقف عن الكلام وارحل الان، واحمد الله ان عمك محمد لم يسمعك " تمتم عماد بانكسار " أنا.. آسف " تحرك ليبتعد في الشارع عندما ناداه سليمان فتوقف واستدار اليه فقال سليمان بنظرات متعاطفة " اذا كنت تريد الحصول على الحب فازرعه أولاً كي تحصد ثماره لاحقاً، لا فائدة من الغيرة يا عماد، الغيرة تولّد الكره والنفور " هزّ عماد رأسه وابتعد ليمشي في طريقه بحثا عن سيارة اجرة تعيده لبيته.
***

في غرفة الجلوس

لا تزال جنى تشعر بالضيق من كلام عماد، لم تستطع نسيانه ولا نسيان وجهه وتعابيره، تنهدت وهي تحاول الجلوس بطريقه مريحة على الاريكة ومشاركة ياسمين وعلي بهجتهما بالتفرج على فلمهما المفضل، نظرت لياسمين وعلمت انها متأثرة مثلها بالضبط ولكنها تحاول تجاوز الامر بالصمت وملاعبة علي الذي نسى كل ما حدث ما ان شغّلت له ياسمين الفلم، سليمان لحق بوالدها في المعمل لعمل طارئ بينما حامد ذهب ليغير ملابسه المبللة في غرفته التي خصصت له منذ ست سنوات، تنبهت لعودة حامد وهو يرتدي ملابس رياضية مريحة ابتسم لها بطريقة مرحة وعيناه العسليتان تلمعان، علمت ما يريده فضحكت رغما عنها وهي تشير بسبابتها " لا.. انا متعبة " حاولت ان تقف لتهرب لكنه امسكها قبل ان تغادر الاريكة واجلسها مرة اخرى ثم استلقى على الاريكة ووضع رأسه على حجرها وقال بتوسل " رجاء جنى، رأسي يؤلمني " تنهدت باستسلام واخذت تلاعب خصلات شعره القصيرة كما اعتادت ان تفعل له دوما، تصورت انه غفا سريعا كعادته عندما فاجأها قائلا بصوت غلب عليه النعاس " لا تنزعجي من كلام عماد، انه غيور سخيف " لم ترد جنى بشيء فعاد ليقول " انت وياسمين وعليّ اقرب إلي منه، انتم أفضل ما حصل لي في حياتي " بعدها توقف عن الكلام فأدركت جنى انه راح في سبات عميق.
***

بعد شهر
لم تتوقف ياسمين عن البكاء منذ ان علمت بسفر سليمان، لقد اعتصمت في غرفتها وتأبى ان تسلم عليه قبل سفره، حاول حامد رفع معنوياتها بدعاباته ومرحه، ولكنه فشل في إخراجها من مزاجها الحزين الحانق، انها لا تتصور أن تمر بضعة أيام دون ان ترى سليمان؛ فكيف بأشهر؟! هل من الضروري سفره هو بالذات ليفتتح لأعمال العائلة فرعا في بلد مجاور؟! لماذا لا يذهب أحد اولاد عمها الآخرين؟! فليذهب عماد المزعج فيتخلصوا من سماجته ايضا.
طرقات رقيقة على الباب علمت مصدرها، لم تقل شيئا وآثرت الصمت، عادت الطرقات ليعقبها صوته الحاني " صغيرتي اسمحي لي بالدخول كي نتكلم " قالت باحتجاج ودمعاتها تقهر جفنيها " لا، انا لن اكلمك " ضحك برقة وقال " لكنك تكلميني الان " هبّت لتقف على سريرها وقالت بحنق متزايد " انت تسخر مني يا سليمان؟! حسنا، الجميع أصبح يسخر مني الان اليس كذلك؟! " صمت قصير اعقبه صوت سليمان وهو يقول من خلف الباب " سادخل الان يا صغيرة فيبدو ان هناك حديثا طويلا بيننا " انتظر قليلا قبل ان يفتح الباب ليجدها تقف فوق سريرها في الوسط تكتّف ذراعيها بتمرد وضفائرها الذهبية تستقر الى الخلف على ظهرها بينما عيناها تبرقان وفمها مزموم، رفع حاجبيه قليلا وقال بتعجب " اول مرة أراك عصبية المزاج هكذا، ما بك يا صغيرة؟ ومن يتجرأ على السخرية منك؟! " ادارت وجهها جانبا بحركة تمرد ولم تنطق بشيء، فتقدم منها وما ان وصل إليها حتى مد يده لها وقال " انزلي عن السرير لقد أصبحتِ كبيرة لتقفي عليه دون ان تتجاوزي طولي وانا اريد ان اكلمك براحة دون ان اضطر لرفع رأسي عاليا اليك " التفتت اليه وقالت بحنق " ولكني دوما ارفع رأسي عاليا لأكلمك " ابتسم بمداعبة وقال " انت اعتدتِ الامر اما انا فلا، انزلي صغيرتي " تنهدت وهي تضع يدها في يده الممدودة لتنزل قدميها أرضاً وتجلس على السرير فجلس سليمان جوارها، ظلت تنظر للامام بينما تشعر بنظراته منصبّة على وجهها، قال أخيراً " من يسخر منك؟ ولماذا؟" ترقرقت الدموع في عينيها والتفتت اليه وهي تقول " كلهم يسخرون مني، وبالأخص ايمان، " قال بنعومة " لماذا؟" ردت بحرقة وهي تشير لفمها وتكشر عن اسنانها " لاني أضع مقوّم اسنان بشع ويجعلني بشعة جدا " قال سليمان بحنان " مقوّم الاسنان لا يجعلك بشعة ابدا " قالت بألم وهي تمسح دموعها " بل انه كذلك، انت تقول هذا لانك تحبني ولا تريد جرح مشاعري " ابتسم بعذوبة وقال " صغيرتي، انظري الي " رفعت وجهها اليه وقد بللت الدموع رموشها الكثيفة، قال والحنان يتدفق من عينيه" من يملك هاتين العينين لا يمكن ان يكون بشعا " قالت بأمل متردد " حقا سليمان؟ انت لا تحاول رفع معنوياتي اليس كذلك؟" هزّ راسه نفيا وقال بصدق " انك تملكين أجمل عينين رأيتهما في حياتي، انت جميلة جدا ياسمين، لا تدعي احدا يجعلك تعتقدين خلاف ذلك، مقوّم الاسنان سترفعينه قريبا لذلك كوني قوية ولا تهتمي للسخافات " قالت بتردد " حسنا سأحاول " قال سليمان " والان نعود لسفري الليلة، لماذا لا تريدين توديعي؟ " عاد الغضب لياسمين وقالت بحرقة " انا لا اريدك ان تسافر بالأشهر، انا اشتاق اليك كثيرا " ابتسم وقال " وانا سأشتاق لك ايضا صغيرتي ولكنه العمل، يجب ان اذهب بنفسي واعدك ان احاول عدم التأخر " لكن ياسمين لم تقتنع فعاد ليقول بلطف " انت كبيرة الان ياسمين وعليك ان تفهمي ان هذا لمصلحة العائلة، لا اريد ان اسافر وانت ما زلت متضايقة، ارجوك يا صغيرة،اذا كنت تحبين سليمان حقا ودّعيني بابتسامة واسعة منك اتذكرها في غربتي " بتردد رفعت عينيها اليه وقالت برجاء " انت ستحاول ان لا تتأخر، صحيح؟" هزّ رأسه بنعم تنهدت وهي تفتح شفتيها الناعمتين لتكشف عن ابتسامة واسعة ولكنها سرعان ما وضعت يدها على فمها وقالت " لا، لا اريد ان تتذكرني باسناني البشعة هذه " ضحك سليمان عاليا وقال وهو ينظر لعينيها " بل ساتذكر عينيك اللتين تنافسان خضرة المحيط بهاء "
***

بعد مرور سنة،
ياسمين في الخامسة عشرة،
جنى في الرابعة عشرة

عائدة من بيت صديقتها، اسرعت جنى في خطواتها وهي تنظر لساعة يدها، عليها الاسراع فالجميع بانتظارها كي يذهبوا للبيت الكبير من اجل استقبال سليمان العائد بعد غياب، عينا جنى حادتا بفضول نحو السيارة الفارهة المتوقفة على جانب الطريق بمسافة عشرين مترا تقريبا عنها، الوقت كان عصرا ومع ذلك خلا من المارة، في ظرف آخر ربما شعرت ببعض الخوف، لكن مع هذه السيارة بالذات لا داعٍ لذلك، انها تعرفه، يسكن في نفس الحي، ومن لا يعرفه؟! فهو فؤاد حكمت ابن الرجل الأكثر ثراء، شاب في الثانية والعشرين، وحيد والديه، لم يكن شديد الوسامة، ولكن من الواضح تهافت الفتيات حوله من كل الانواع والاصناف، شقراء.. سمراء.. شعر احمر.. بني.. اسود، سواء أكان طويل ام قصير، لا يهم ان كانت طويلة القامة ام قصيرة، ممتلئة، ام نحيفة! المهم انها تحمل صفة انثى في هويتها الشخصية! الشاب يستذوق كل انواع الجمال؛ من اعلى مستوياته إلى أدناها، كان هذا موضوعاً لتندر الفتيات جميعا في المدرسة وهن يراقبن تسرب المتحذلقات ليصلن اليه بطرق كثيرة، اجرأهن كانت تلك التي وقفت بمنتصف الشارع عندما لمحت سيارته قادمة لتضطره للوقوف! لم تنسَ جنى هذا الموقف ابدا الذي حدث في العام الماضي، فقد كانت عائدة مع ياسمين من مدرستهما للبيت مشيا على الاقدام كالعادة عندما لمحت تلك المجموعة من الفتيات اللاهيات والتي كانت الفتاة الجريئة احداهن، كنّ على الجانب الآخر من الشارع، لم يكُنَّ بنفس عمر جنى وياسمين بالتأكيد، بل أكبر بما يقارب الثلاث سنوات، فؤاد لم يخيب امل تلك الجريئة فتوقف بسلاسة حتى كاد ان يمس جسدها بمقدمة سيارته لكن الفتاة لم تخف ولم تتحرك من مكانها وظلت تنظر اليه بتحدٍ مرح! فأخرج رأسه من النافذة الجانبية وقال بابتسامة واسعة " كان يكفي ان تشيري بإصبع واحد لتحصلي على توصيلة مجانية " جلجلت ضحكة الفتاة وأعقبتها ضحكات صديقاتها، ثم رمت احداهن بحقيبتها إليها وهن يصفّرن لتلتقط الفتاة الحقيبة وتهرول راكبة جواره!
جنى كانت تتابع الموقف بإثارة وفضول بينما ياسمين احمرت خجلاً واستهجاناً وهي تتحدث بحدة عن سوء خلق الفتاة، بل وكل مجموعة الفتيات اللواتي شاركنها.
عادت جنى بافكارها نحو صاحب السيارة الفارهة الذي أوشكت ان تمر بجانبه وهي تحاول قتل فضولها وتحاشي النظر لتكتشف من صديقته الجديدة الان، الثوب الاحمر كان أكثر اغراء من جدية محاولتها لقتل الفضول، عينا جنى ميّزتا الفتاة، بيتها يقع على بعد شارعين فقط من بيت جنى، تلك الفتاة أصبح اسمها مدرجا على القائمة السوداء منذ فترة، ولكن الان.. ومع فؤاد، مؤكد ستتصدرها! لم تكن تكبر جنى إلا بسنتين ومع ذلك سمعتها رديئة جدا، حركت جنى نظراتها لتبعدها عنهما عندما التقتا بعينيه، انها المرأة الاولى التي تنظر لعينيه مباشرة، عيناه نرجسيتان لامعتان، نظراتهما لا تحدها حدود ولا توقفها اي معايير أخلاقية، اغتاظت جنى من نظراته التي أربكتها! شعرت انها قد تم ضبطها في موقف رفعت رأسها كبرياء ومرت بهما وهي تتجاهلمها تماما، لكن الأسوأ حدث عندما سمعت سؤاله لرفيقته يصل مسامعها؛ قال بصوت رخيم جذّاب " من هذه السمراء؟"
***

في سيارة أجرة عائدا من المطار..
عاد سليمان أخيراً لربوع الوطن، لقد اشتاق لهذه الرائحة التي يعفرها دفء الارض ونسمات هواء لا تصله إلا هنا، لا يصدق انه قضى عاما كاملاً في بلد مجاور، عام لم تسنح له الفرصة كي يقوم ولو بمجرد زيارة سريعة، اشتاق لكل فرد من عائلته، انه لا يحتمل هذه الغربة وقراره كان صائبا، باسل سيأخذ مكانه في المعمل الجديد وهو سيعود لمعمل والده يديره كما كان يفعل سابقا، باسل يحب السفر والتغيير وهذه ستكون فرصة رائعة له، ربما سيبحث عن زوجة مناسبة من اقاربه فهو في الثامنة والعشرين الان ومتعفف عن الرذيلة لذلك حان الوقت ليبني عائلته الخاصة ويستقر.
عيناه تعلقتا بالبيت الكبير ما ان اوقف السائق سيارته، اخذ سليمان عدة أنفاس ليستعيد احساسه بالمكان، لقد طلب منهم ان لا يستقبلوه في المطار وبدلا من ذلك أصر ان ينتظروه في البيت الكبير، حتى انه رفض ان يخبرهم بوقت وصول طائرته كي يفاجئهم، فقط أخبرهم باليوم.
اعطى سائق السيارة التي أقلّته أجرته وحمل حقيبتيه المحملتين بهدايا للجميع دون استثناء، ثم تقدم نحو البوابة الحديدية ليفتحها.
من بعيد لمحها، فتحت الباب الداخلي الخشبي المزخرف ثم أخذت تركض نحوه، ثوب أخضر عكس لون عينيها وشعرها الذهبي المحلول كامواج تضرب على كتفيها، شفتاها لامعتان تبتسمان بشوق لتكشفا عن صف من أسنان اللؤلؤ المنضود، ترفع فستانها لتكشف عن ساقيها وقدميها الحافيتين.
عيناها لم تفارقا وجهه بنظرات ترسل الفرح الخالص لرؤيته، اتسعت عينا سليمان انبهاراً، ثم همس بصوت لم يصل إلا لعتبة أذنيه " بسم الله ما شاء الله! "
***




انتهى الفصل الاول (تحديث 2022)



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 14-08-22 الساعة 11:10 AM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:14 PM   #355

mola_elec
 
الصورة الرمزية mola_elec

? العضوٌ??? » 53379
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 596
?  مُ?إني » cairo
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » mola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond reputemola_elec has a reputation beyond repute
¬» قناتك max
افتراضي

akhier 3 pages mesh 3ayzeeen yezharo

mola_elec غير متواجد حالياً  
التوقيع
It is love that asks, that seeks, that knocks, that finds, and that is faithful to what it finds
رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:14 PM   #356

salyali
عضو ذهبي
alkap ~
 
الصورة الرمزية salyali

? العضوٌ??? » 182402
?  التسِجيلٌ » Jun 2011
? مشَارَ?اتْي » 158
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » salyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond reputesalyali has a reputation beyond repute
افتراضي

الصفحات فى الصفحة الاولى مو ظاهرة

salyali غير متواجد حالياً  
التوقيع

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:14 PM   #357

عذراء الجليد

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية عذراء الجليد

? العضوٌ??? » 155211
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,983
?  نُقآطِيْ » عذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond reputeعذراء الجليد has a reputation beyond repute
افتراضي

كاري يا عمري الصفحات مش راضية تفتح

عذراء الجليد غير متواجد حالياً  
التوقيع
كلماتكم هزت قلبي ومشاعري.. كنتم ولا زلتم وستبقون من اروع من ادخله القدر الي عالمي... شكرا لسؤالكم.... احبكم في الله









أن كًآن هنآكًـ .. ـآمنيات جميلهـٍ في ,
حيآآتيٍ..فبقآئك معي ,
هي آجملها ♥

رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:15 PM   #358

ذبحني احزاني

? العضوٌ??? » 120047
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 163
?  نُقآطِيْ » ذبحني احزاني is on a distinguished road
افتراضي

يعطيك الف عافيه

ذبحني احزاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:16 PM   #359

نورالكون15

? العضوٌ??? » 149568
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 441
?  نُقآطِيْ » نورالكون15 is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

نورالكون15 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-12, 03:17 PM   #360

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

احبائي انزلت الفصل كتابة .... خلص لن انزل الفصول صفحات مرة اخرى ....
الافضل كتابة لتظهر للجميع ....
اسفة للخبطة ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.