شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t203756.html)

بنوته عراقيه 10-06-12 11:57 PM

1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)**
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


*
*
*


سداسية شارلوت لامب مكتوبة كاملة:


1109 - شئ من الحقيقة ( العدد الأول )

https://www.rewity.com/forum/t175165.html

1107 - معركة التملك ( العدد الثانى )

1108 - دورة الأيام ( العدد الثالث )
https://www.rewity.com/forum/t305015.html#post9401375

1110 - الدلال ( العدد الرابع )
https://www.rewity.com/forum/t326212.html
1111 - الحلم ( العدد الخامس )
https://www.rewity.com/forum/t171100.html
1112 - الإستسلام ( العدد السادس )
https://www.rewity.com/forum/t308223.html





1107-معركة التملك-شارلوت لامب

الجزء الثاني من سداسيه شارلوت لامب

كتابه فريق الروايات الرومانسيه المكتوبه




فريق الكتابه

بنوته عراقيه ... روح الغالين ...فيروز علي ... *دلوعه* ... احزان الامس








لا احلل النقل .. لا احلل نقل جزء من الروايه
ولا احلل نقل كل الروايه ... لا احلل نقل الروايه باي طريقه كانت


رابط الكتاب ملف وورد
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
رابط الكتاب بصيغة pdf

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي
رابط الكتاب بصيغة txt

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

بنوته عراقيه 11-06-12 12:00 AM



كانا على خلاف ...
وفي العمل وفي الحب
كان دانيال بروني مدير مكتب الشؤون الاجنبيه في صحيفه سننتال رجلا لايطاق بشكل لم تر روز مثله في حياتها فهو عنيد الراي والاسوا من كل ذلك كان رئيسها في العمل
فلماذا تجد نفسها منجذبه اله ؟ ولماذا اصبحت مشاجراتهما مكشوفه لزملائهما في امكتب كما المعارك التي تدور بين نيكولس كاسبيان وجينا تيريل ؟ لقد كانت روز تعلم ان المعارك الدائره بين جينا ونيكولاس هي لاجل السيطره على الصحيفه فهل تجرؤ هي على ان تامل بان دانيال انما يريد فقط السيطره على قلبها...؟


بنوته عراقيه 11-06-12 12:00 AM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

بنوته عراقيه 11-06-12 12:01 AM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

بنوته عراقيه 11-06-12 12:03 AM

قراءه ممتعه انتظرونا غدا مع الفصل الثاني

مليون همس 11-06-12 12:09 AM

يسلموووووووووووووووووووو

روح الغالين 11-06-12 10:48 AM


روح الغالين 11-06-12 11:01 AM

عندماخرج الجميع ,قالت جينا :"لا اريد أن ابقى وحدي,يا روز,فانا أخافمن


أن يعودنيكولاس ."


أجابت روز لآوية شفتيها : لن يدهشني ذلك بالنظر إلي ما بداعليه ."


قالتهذا وهي تفكر في أنها ما كانت لتحب بان تكون في مكان جينا فيما لو عاد نيكولاس ,فقدرأت في عينيه غضبا عارما عندما أرادت له جينا ظهرها,ثم هو ليس بالرجل الذي يدير خدهالأيسر لمن يضربه علي خده الأيمن.

عضت جينا شفتها ثم قالت :"إذا لم يكن لديك موعد,وليس لديكمانع....فهل لك في أن تبقى لتناول العشاء معي ثم تنامي هنا الليلة؟

أنني سأعيركقميص نوم ,مقياسنا متشابه كما أظن ...."

قالت روز ببشاشة :" هذا يسرنيجدا"

وهكذاجلستا ذلك المساء في المنزل الهادئ تتحدثان , وأثناء فترات الصمت التي كانت تسودبينهما ,كانت روز تسمع صوت هواء الربيع في الحديقة ورذاذ المطر, فقد كان هذا الشارعهادئا أثناء الليل إذ لم يكن ممرا عاما للسيارات . ولكن حركة السير في لندن ممكنسماعها علي الدوام آتية من بعد .

كان العشاء وجبة خفيفة من بقايا الطعام الذي تخلف عن المقصففي النهار كما أخبرتهم دفني مديرة المنزل , وقد تجهم وجهها :" أننا سنستمر في

أكل كل البقايا لمدة أيام ,لقد كنت اعلم أننا أسرفنا في شراءكميات من الطعام دون حاجة لذلك ."

قالت روز وهي تتلذذ بسمك السلمون البارد مع السلطة والفاكهةالطازجة :

" لاباس في ذلك ما دام لذيذا كهذا ."

و أخذت تشجع جينا علي الأكل ,ولكنها لم تستطع أن تقنعهابتناول أكثر من لقمة واحدة من كل نوع ,تساءلت روز عما إذا كانت جينا قد ورثت البيت

وهي تنظر حولهافي غرفة الطعام الأنيقة هذه , إذا كان قد أصبح ملكا لها فستشعر فيه بوحدة بالغة وهيتسكن فيه بمفردها , فهل ستحتفظ به أم تبيعه ."

كانتا تتناولان القهوة في غرفة الجلوسعندما تصاعد رنين جرس الباب الخارجي ,فاستقامت جينا في جلستها علي الفور حتى كادتتهرق قهوتها.

ثمهمست تقول وقد شحب وجهها :"انه هو "رمقتها روز بنظرة شاردة مفكرة , كانت تعلم أنجينا لديها صديق تخرج معه وذلك حتى وقت قريب ,

وهو بيات فان ليدن .....ولكن كان هناكشيء شخصي جدا بالنسبة إلي الطريقة التي جعلتها تتصرف نحو نيكولاس كاسبيان بذلكالشكل ,فما الذي يدور بينهما ؟ذهبت مديرة المنزل لتفتح الباب ,فسمعت الفتاتانأصواتا صوت دفني تتكلم بغلظة , ثم صوت رجل ,ولكنه كان من الانخفاض

بحيث لم تستطعروز أن تمييز ما إذا كان صوت نيكولاس .

لكن الارتياح بدا علي جينا وهي تتنهد طويلا:"كلا,انه ليسصوته." قالت ذلك ما جعل روز تنظر إليها بحدة وفضول :"لا بد أن سمعها كان جيدا,و إلالما تمكنت تمييز صوت نيكولاس مهما بلغة درجة انخفاضة ."

نقرت دفني الباب ثم دخلت تقول :"يريدالسيد سيلد أن يراك لمدة خمس دقائق , يا سيدتي ."

اتسعت عينا جينا الخضرا وان :" السيدفيليب سيلد ."

"نعم."وكانت دفني تعلم أنه هو الذي عجل بوفاة السير جورجبتسببه بالنوبة القلبية تلك ,فبدا الغضب في وجهها كما احمرت وجنتاها وهي تنفجرقائلة :"أن مجيئه إلي هنا هو منتهى الوقاحة والصفاقة في رأيي , هل اخبره بان يعودمن حيث أتي ؟"

قالت روز متسائلة :"عجبا لقدومه ."نظرت إليها جينا مجفلة , ورمقتها بنظرة مترددة :" هل جاء ليعبر عن آسفة ؟"

تمتمت دفني :"لقد فات الوقت لذلك ,وليسبإمكانه أن يريح ضميره بهذه السهولة ."

قالت روز لجينا :"أظن عليك أن تريه,وعلي كل حال , ربما لميوقع بعد علي عقد بيع أسهمه لنيكولاس , وقد يكون بإمكانك أن تجعليه يغير راية , حتىانك لست بحاجه إلي كثير من الإقناع .......عليك فقط أن تبكي قليلا , وتضعي في عينيكنظرة كئيبة ضارعة ....."

قالت جينا برعب :" آه ؟ كلا , لا استطيع ذلك يا روز , فهذايحرجني جدا."

" حتى وان كان ذلك لكي لا ينال نيكولاس كاسبيان السيطرة الكاملة علي جريدة سنتنال؟"

أجفلت جيناوتوهج وجهها ولم تقل شيئا .بينما قالت روز لمديرة المنزل:

"هل لك أن تدخلي السيد سيلد من فضلك؟"

قالت ذلكبحزم حين اتضح أن جينا لا تستطيع أن تعطي قرارا في الأمر.

وبدا علي المرأة وكأنها تريد أن تناقشها ,ولكن روز قابلت نظراتها بحزم مما جعل المرأة تهز كتفيها وتخرج من الغرفة .

عادت عليالفور مع السيد فيليب سيلد , الذي وقف مترددا ينظر إلي المرأتين وقد بدا انه فوجئبوجود روز هناك ,ثم ما لبث أن تقدم نحو جينا:

"أنني آسفة لتطفلي في وقت كهذا .....فقدصدمني موت السيد جورج,و أريدك أن تعلمي مبلغ ندمي ......"وسكت فجأة وهو ينظر إليجينا متوسلا .

"كان علي أن أتي إلي الجنازة , ولكنني كنت مازلت أحاول أنأقرر ما علي أن افعل ,والي ذلك الحين بدا لي من الخطأ بالنسبة إلي أن أدرك ذلك "

رفعت جينابصرها إليه أخيرا ,متفحصة وجهه لترى أن كان مخلصا في آسفة هذا,لقد بدا أشبه بغلاممنه برجل في أوائل العشرينات من العمر ,ولم تستطع إلا أن تقتنع بشحوب وجهه والتعاسةالبادية في عينية .

وعاد يقول متوسلا :" أنني أدرك انك تعتبرينني ملوما إلي حدما ,ولكن استمعي إلي علي الأقل ."

ترددت جينا لحظة ثم تنهدت قائلة :"حسنا , اجلس يا سيدسليد."

روح الغالين 11-06-12 11:03 AM


" ادعيني فيليب ,أرجوك ."قال ذلك وهو يجلس علي كرسي قرب منها,سألته روز :"هل يمكنناأن نقدم إليك شيئا تشربه ؟"
" آه, كلا ..... لا أريد إزعاجك ...."
" آه ,لاإزعاج في ذلك ,أتريد عصيرا أو قهوة ؟"
" كوب عصير,من فضلك , وشكرا ."فسكبت عصير برتقال في كوبوعادت به إليه
نظرت روز إلي جينا , من وراء ظهره,مشيرة إليها أن تكون أكثرلطفا معه ,
فقدكان واضحا لروز انه كان قد أعاد التفكير في مسالة بيع أسهمه لنيكولاس ,وذلك بسببشعوره بالذنب إلي وفاة السير جورج ,وعلي جينا أن تعمق من شعوره هذا,وتستغله لكييجعله يبيع أسهمه لها هي .
ألقت عليها جينا نظرة جفاء وهي تهز رأسها بخفه ما لم يدهشروز كثيرا, وهي التي تعلم أن ليس من طبيعة جينا أن تخفي مشاعرها الحقيقية ,مهما كانمقدار الاعتماد علي ذلك .
أخذت روز تتأمل فيليب بإمعان وهي تناوله كوب العصير ,أي نوعمن الرجال هو يا ترى ؟
من الواضح انه كان في أوائل العشرينات من العمر , شابا رشيقاذا وجه صبياني وشعر بني ناعم كان يتهدل علي إحدى عينيه مرة بعد أخرى ما كان يجعلهيبعده بحركة مستمرة ضايقت روز , فهي لم تكن تميل إلي الفتيان ذوي الرشاقة و الظرف ,وهذا الفتى يملك عينين متألقتين فاتحتي الزرقة ما جعلها تظنه تافها مغرورا ,لقدكانت غالبا ما تلاحظ أن الرجالالذين يملكون أعينا بهذا الشكل كانوا يميلون إلي الغرور , حتى فمه , كما رأت كان يدل علي ذلك , فهل تلاحظ جينا كل ذلك هي أيضا , ياترى؟
كانت روزتعلم أنها هي أكثر قسوة في الحكم علي الناس ,من جينا والتي هي ارق قلبا من أن تظنالسوء في احد , شرب بعض العصير من كوبه , ثم منح جينا أحدى ابتساماتها الضارعة .مرةأخرى ,هذا إلي نظرة صبي صغير تائه ما جعل روز تتمنى لو ترفسه .
وقال :" صدقيني أنني لم أكن اعلم أي ردة فعل ستحصل إذا أنا بعت نيكولاس كاسبيان تلك الأسهم , لقد اخذ يحدثني عن ذلك أثناء حفلة العشاء , وكنت اعلم أن السير جورج كان يتعاملمعه , وان كاسبيان كان سيستلم الصحيفة , اما الذي لم أكن اعرفه فهو أن أسهمي كانتستمنح كاسبيان السيطرة المطلقة ما يفسد اتفاقا كان معقودا بينهما .....
وعندماانفجر السير جورج بتلك العاصفة من الغضب فوجئت أنا تمامابذلك."
بداالإخلاص في صوته وملامحه ,إذ نظرت روز إلي جينا ,أدركت أن الفتى قد ابتدأ يقنعها , علي الأقل ,واخذ هو يؤكد قوله :" صدقيني أنني لو كان لدي أية فكرة ,لما وافقت عليالبيع علي الإطلاق ."
قالت جينا وهي تبتسم له :"أنني أصدقك"وكانت روز تنظر إلي كلذلك وهي تعلم أن ذلك الصفح الرقيق كان حقيقيا تماما,وليس لكي تكسب فيليب سيلدبإعادته إلي صف تيريل , لقد كانت حثت جينا علي أن تكون بالغة اللطف واللياقة حيالفيليب سيلد , وذلك لكي تستعيد منه أسهمه , ولكن هذه لم تكن طريقة جينا مطلقا فيالتعامل فهي لا تستطيع أن تمثل دورا ,وإنما كانت متأثرة حقا بما تسمعه لتوها ,وقدصدقت قصة فيليبسيلد , والتي اعترفت روز بأنها تبدو شبه حقيقة , ولكنالموضوع الآن هو هل وقع سند البيع ؟وهل أصبحت أسهمه الآن لنيكولاسكاسبيان؟
وضعفليب كوب العصير وهو يبادل جينا ابتسامتها ثم يقول :"لو كان بإمكاني أن أغير ما حدث ,لفعلت صدقيني ."
فقالت برقة :"أنا واثقة من ذلك , وكذلك واثقة من أن السيرجورج يعرف هذا الآن , هو أيضا , أنني اعلم انه تألم جدا بما كان ظنه عذرا منك له ,فقد كان يشعر دوما بالإعزاز لا سرتك .
"فقد كان ولدك وجدك صديقين حميمين له .....كان يثق بهما ويفكر فيك دوما ,أنت أيضا يا فيليب ,أن من المهم جدا بالنسبة إليه أن يعلم بأنك لمتكن تعلم خطورة ذلك العمل ."
أجفل فيليب سيلد وبدا عليه الاضطراب فقد كانت جينا تتكلموكأن الرجل مازال حيا .
وجهت روز عينيها علي جينا ,متمنية لو أنها تسأله عما إذا كانقد سلم الأسهم إلي نيكولاس , أو ما إذا كان بإمكانه إبطال هذه الاتفاقية , ولكن لمتكن هذه الفكرة تدور في رأس جينا,بطبيعة الحال,وإنما ابتسمت فقط لفيليب وقد اغرورقتعنينها بالدموع .
بدا مسمرا في مكانه وكأنه يرى حلما , جينا بثوبها الأسودالملتصق بجسمها , وشعرها الذي هو بلون أوراق الشجر المتساقطة في فصل الخريف , وبشرتها الشفافة النقية ,وفمها الوردي ملتويا حزنا .... كل ذلك كان بالغ الجمال ماجعل فيليب سيلد لا يستطيع تحويل عينيه عنها.
سألته روز أخيرا بنفسها قائلة :"هل تمانجاز الاتفاقية ؟هل أصبح نيكولاس كاسبيان هو مالك الأسهم الآن ؟"
نقل فيليب ببطءعينيه المتأملتين ,من جينا إليها وهو يقطب جبينه متمالكا نفسه :"كلا , لم أتحدث فيالواقع ,مع كاسبيان منذ ذلك الحين , لقد اتصل بي هاتفيا أكثر من مرة ,ولكنني طلبتمهلة لاعادة التفكير في الأمر."عاد ينظر إلي جينا وقد عادت الرقة إلي ملامحه :"وكماقلت , لم احضر الجنازة لأنني كنت لم أقرر بعد ما علي أن افعل .ولكنني أظن أن علياحتفظ بأسهمي ..."
فأشرق وجه جينا وقالت :" أحقا ؟آه يا فيليب ...."
ابتسمسعيدا للطريقة التي نظرت فيها إليه وقال :" سأطلب من المحامي أن يتصل بكاسبيانويخبره بأنني غيرت رأيي ."
قالت روز باهتمام :"ولكن قد يحاول أن يدعي بأنك ملتزمقانونيا بالاتفاقية ,فقد قلت أنت نعم , وتصافحتما علي ذلك,وفي دنيا المال , يمكن أنيكون هذا عقدا ملزما."
أجاب فيليب وهو يهز كتفيه :"ليس في هذه الأيام , وأنا واثقمن أن المحامي يمكنه أن يجعل ذلك كلاما فارغا."
قالت روز بلهجة جافة :"فلنأمل بان يكونكلامك صحيحا , ولكنك تعلم أن نيكولاس كاسبيان لن يعجبه هذا ."
بدا شيء منالضعف علي فيليب , ولكنه قال :"انه لا يستطيع أن يأكلني ."

روح الغالين 11-06-12 11:05 AM

وابتسم لجينا ابتسامة صبيانية واسعة ,مزهوا بنفسه :"فلحمي غليظ لا يؤكل ."
كانت هذه مزحه منه , فابتسمت له مجاملة ,أنهى فيليب شرابه ثم نهض واقفا :"حسنا , الأفضل أن اذهب ,وأنا أسف لهذه الزيارة المتأخرة ,ولكنني كنت أتمشى قريبا من هنا , أفكر,عندما أكون وحدي أفكر بشكل أفضل ,كما أن المشي يساعدني علي ذلك ,وكنت قد قررت أمري لتوي عندما أدركت أنني أصبحت قريبا من بيتك ورأيت النور مضاء , فاندفعت عند ذلك ارن الجرس......"
ومنحها تلك الابتسامة الصبيانية مرة أخرى , فوقفت جينا تمد له يدها وهي تبادله الابتسام برقة :"أنني مسرورة لمجيئك يا فيليب , أن نومي الليلة سيكون أفضل كثيرا بعد أن سمعت الآن ما أخبرتني به ."
قال وهو يحملق فيها :"أنا مسرور لهذا ." وفي تلك اللحظة تصاعد رنين جرس الباب بحزم ,هذه المرة , فقفزت جينا وتعلقت بيد فيليب .
نظر إليها بدهشة , فهمست جينا قائلة له وهي ترتجف :" انه هو ......"
فسألها :" من ؟" وعند ذلك سمعوا صوت دفني في الردهة :"لا تستطيع السيدة تيريل أن ترى أحدا هذه الليلة ....." ثم ارتفع صوتها :" تعال هنا ...
ما هذا الذي تفعله ؟ لا يمكنك أن تدخل إلي هناك ......."
انفتح الباب علي مصراعيه ,فشحب وجه جينا وهي مازالت متشبثة ب فيليب ناظرة بهلع إلي الرجل الذي وقف علي العتبة .
أخذت عينا نيكولاس الرماديتان تجولان في أنحاء الغرفة بنظرات كالثلج , مستوعبة كل شيء ......روز جالسه في كرسيها , وكوب فيليب الفارغ علي المنضدة الصغيرة ......جينا وفيليب يقفان وسط الغرفة ويدهما متشابكة .
ثم قال بصوت ناعم أرسل قشعريرة في جسم جينا :"حسنا , حسنا يا سيلد , لم أكن أتوقع أن أراك هنا ."
واستقرت نظراته علي اليدين المتشابكتين وقد ضاقت عيناه , فأسرعت جينا بسحب يدها .
توهج وجه فيليب وتملكه ا لتوتر ونظرات نيكولاس العنيفة تنصب عليه , ولكنه حاول أن يواجه الرجل الآخر بشجاعة :" مرحبا , يا نيكولاس , جئت لكي اخبر جينا أن ......"
ولكنه الآن اخذ يتلعثم بشكل سيء وهو يرى نيكولاس ينظر إليه بحقد لا يعرف الصفح :"حسنا ,بعد أن أدركت أنني اقترفت غلطة .....في قولي
أنني .... سأبيع أسهمي ......و........"
سكت فجأة وهو يبتلع ريقه وينظر إلي جينا بجانب عينة فراها تمنحه ابتسامة عطف رقيقة ما شجعته علي إنهاء حديثه بقوله باندفاع :"
" لقد غيرت رأيي ."
انفجر نيكولاس قائلا :" ماذا؟" أجفل فيليب وكأن هذا السؤال رصاصه اندفعت نحوه .
" أنا..... "
فسارعت جينا إلي انقاذه :"انه لن يبيع أسهمه لك ."قالت ذلك بصوت بارد كالثلج.
حول نيكولاس نظراته المتوعدة إليها:"لا يمكنه التراجع الآن , فقد تصافحنا عند عقد الاتفاق ."
قال فيليب وقد توهج وجهه :"ارفع .... ارفع دعوى علي ."
وقالت جينا :"إذا هو لم يشأ أن يبيع فلن يمكنك إرغامه ."
قال نيكولاس مهدد جينا :"سننظر في هذا الأمر,فانا لن ادع تلك الأسهم تذهب إليك بدون قتال , لأنها إذا أصبحت ملكك فستصبح لك السلطة الأولى , وأنت لا تعرفين شيئا عن إدارة الصحف , فأنت ستوقعيننا جميعا في الإفلاس في غضون عدة أشهر ."
قالت جينا :"انه لن يبيعني إياها ."
قطب نيكولاس حاجبيه الأسودين , ونظر إلي فيليب قائلا :"ما الذي ستفعله بها إذن ؟"
أجاب :" سأ .....سأحتفظ بها , وسأبيع أسهما أخرى لأحصل علي النقود التي أنا بحاجة إليها , سأحتفظ باسهم صحيفة سنتنال وسأبقى في مجلس الإدارة ."
جمد نيكولاس في مكانه وهو يحدق إليه بعينين ضيقتين لامعتين :"أنني اتساءل عما جعلك تغير رأيك "وحول نظرة نحو جينا التي كانت واقفة وكأنها منحوتة من الثلج ,وسألها :"كيف جعلته يغير رايه ؟عندما دخلت إلي هنا رايته يمسك بيدك ,ما الذي وعدته به بضبط إذا هو وافق علي عدم البيع ؟"
فاضت عينا جينا بالازدراء وهي تجيبه بقولها :"أن لديك عقلا شبيها بفتحة المجاري ."
قال نيكولاس لأويا شفتيه :"أنني افهم الرجال ."
فقالت جينا بمرارة :" ليس الشرفاء منهم ,فانا لم أعده بشيء, لقد غير رأيه لأنه شعر بالذنب بالنسبة إلي السير جورج , أنني اعلم أن ليس لديك ضميرا, ولكن فيليب لدية ."
سألها متباطئا :" لماذا تمسكين بيده إذن ؟"
" كنا نتصافح لان فيليب كان علي وشك الخروج ."
قال نيكولاس وهو يفتح الباب ويشير إلي الفتى بالخروج :"الأفضل إذن أن يخرج ."
فقال فيليب وهو ينظر إليه متحديا :" سأبقي طالما كانت جينا بحاجة إلي ."
فقالت جينا وهي تمنحه ابتسامة مرتجفة :"هذه شهامة بالغه منك ,يا فيليب
ولكن الوقت قد تأخر , والسيد كاسبيان سيخرج هو أيضا , تصبح علي خير يا فيليب وأنا شاكرة لك جدا مجيئك هذا ."
فشخر نيكولاس ساخرا , بينما كان فيليب , يقول لجينا :"تصبحين علي خير إذن ......وإذا احتجت إلي فرقم هاتفي في الدليل ...."ثم اوما لروز محييا , و خرج من الغرفة متجنبا النظر إلي نيكولاس , بينما وقف هذا ينظر إلي جينا عابسا ,فقالت له دون أن تنظر إليه :"أرجوك أن تخرج , وأنا اعني هذا , فانا لا أريد أن أراك أو التحدث إليك مرة أخرى ."
قال بجفاء :"إذا لم يبعني فيليب أسهمه , فسنشترك أنا وأنت في إدارة الصحيفة ,فاخبريني بضبط كيف ستعملين معي دون أن تتكلمي إلي ؟"
احمر وجه جينا قليلا , وهي تعض شفتها السفلى كطفله وقد خفضت بصرها وهي تفكر بهذا الأمر , وكانت قد أدركت لتوها ما الذي كان يعنيه تغير فيليب لرايه .
وتمتم نيكولاس ساخرا :"هذا ما كان يريده السير جورج ."
ربما هو يسخر منها , ولكن هذا كان صحيحا , فقد كان السير جورج يامل ويخطط لهذا الأمر ......وهو أنها قد تتابع , يوما ما , إدارة صحيفة سنتنال لتحميها من أن يدمر نيكولاس كاسبيان كل ما تمثله الصحيفة هذه من مبادئ.
قالت :"ربما سيكون علي أن اجلس في مجلس الإدارة, و لكن ......"
فقاطعها بقولة :"وستعملين في المكتب , أيضا , فأنت تعلمين أن السير جورج كان يريد منك أكثر من مجرد حضور اجتماعات مجلس الإدارة ."
توهج وجهها احمرارا , والتهبت عيناها الخضراوان :"لا أراك تظنني سأعمل لأجلك كما كنت اعمل لأجل السير جورج ؟"
" هذا ليس مطلوبا منك , فاكثر الوقت لن أكون موجودا ,أنني سأكون غائبا بقية هذا الاسبوع ,لاعود فامضي اياما قليلة , اعود بعدها لأغيب أسابيع ,ولكن بامكاننا أن نتحدث في امر مستقبلك صباح الاثنين القادم ,فالي اللقاء ذلك الحين ."وإذ استدار نحو الباب , وقعت عيناه علي روز فقال لها بعنف وهو يبتسم :"اقفلي فمك, يا روز فانا أرى مكرا في عينيك , تصبحان علي خير."
لم يترك لها الفرصة تجيبه , إذ كان قد أصبح في لحظة خارج الغرفة ,بينما أخذت الفتاتان تنظران إلي بعضهما البعض بحيرة حين سمعتا الباب الخارجي ينصفق خلفه , أخيرا قالت روز:" أن الرجل زوبعة بشرية ."
جلست جينا علي قرب كرسي :" لا استطيع العمل معه ."
حتى ولو لم يكن سيمكث في لندن بشكل دائم ,فانا لن استطيع احتمال ذلك ,أن مكوثي معه خمس دقائق في نفس الغرفة , ستجعلني اشعر وكأنني في معصرة ."
أخذت روز تتأملها بإمعان مقطبة جبينها :"هذا ما يبدو عليك الآن ,هيا بنا ,يا جينا , نذهب إلي الفراش ,فانا نفسي متعبة , وما أنا بحاجة إليه هو ثمانية ساعات نوم متتابعة ."
نامت بشكل جيد جدا ,ولكن نظرة منها في الصباح , إلي جينا ,أدركت منها أنها لم تنم علي الإطلاق ,فقد كان ثمة هالات قاتمة تحت عينيها , بينما وجهها شديد الشحوب ,وألحت عليها روز بالخروج معها للتمشي في أحدى الحدائق العامة حيث الربيع قد تجلت مظاهره في الأنحاء .
تناولتا الغداء في مطعم لا يبعد كثيرا عن بوابة الحديقة العامة ,وكان عازف ماهر يعزف علي البيانو أثناء تناول الزبائن الطعام .
وعندما انتهى العزف ,أخذتا تصفقان بحماسة , فابتسم العازف وتقدم منهما يتحدث إليهما , ولهذا طلبتا منه الجلوس معهما ليتناول القهوة التي كان سبق وطلبها ,كان طالبا في أحدى كليات لندن للموسيقى ,كما قال لهما ,ولكنه يشتغل عازفا في المطعم عدة ليالي في الأسبوع وكذلك في عطلات نهاية الأسبوع وذلك لكي يوفر لنفسه نفقاته الشخصية .
التنقل والطعام والموسيقى ,كل ذلك أعاد شيئا من اللون إلي وجنتي جينا ,فهي الآن أكثر استرخاء , تبتسم أحيانا , واقل اكتئابا بكثير .
في طريقهما إلي منزل تيريل,قالت روز :"علي أن اذهب إلي بيتي ,فان لدي الكثير من العمل . سأعمل عدة ساعات ولكن إذا أردتني أن أعود إليك فسيسرني هذا ."
قالت جينا باسمه :"كلا, فانا سأكون علي ما يرام , أشكرك لوجودك معي الليلة الماضية , فقد كنت مسرورة جدا لذلك ."
أنزلتها روز أمام بيتها , ثم ذهبت إلي منزلها , كانت توخت أن تبقى باسمة بشوشا وذلك لأجل جينا , ولكنها ما أن انفردت بنفسها حتى عاد إليها ذلك الشعور بالقلق علي والدها,وكان أول ما قامت به هو رؤية ما إذا كان لها رسالة في الهاتف ,ولكن مازال لا يوجد خبر من والدها ,فعادت تطلبه ولكن دون جواب ,أعادت سماعة الهاتف إلي مكانها , ثم سارت نحو النافذة تنظر إلي الشارع أسفل ,كانت تسكن في منزل قديم الطراز مبني علي سفح تله , كان المنظر رائعا , ولكن الوهن كان قد ابتدأ ينال من البيت ,فصاحبه لم يدهنه قط ,كما أن الخشب متعفن ,و في الداخل كان الأثاث
قديما ضعيفا , وكان هناك فئران وخنافس , وكانت الحديقة تعج بالأعشاب الطفيلية..... ولكن روز كانت تفضل هذا علي صندوق الاسمنت العصري الذي يسمى شقة ,بكل أجهزة القرن العشرين الكهربائية والخالية كلها من سحر القديم ودفئه , لم يكن ذهنها الآن يفكر في البيت أو مناظره ,علي كل حال ,فقد كانت مشاعرها تضطرب وهي تفكر في اسئله لا جواب لها ,لماذا لم يتصل بها والدها ؟والي أين ذهب ؟ولماذا فعل هذا بذلك الشكل المفاجئ ,ودون القيام بأي من ترتيباته المعتادة ؟
رن جرس الهاتف فجأة, فقفزت إليه لاهثة :" الو؟"
سمعت ذلك الصوت المألوف يقول دون أن يعرف بنفسه :"هذا أنا .....الم يأتك خبر عن والدك بعد ؟"
كف قلبها عن الخفقان :"كلا , وأنت ؟"
فقال دانيال :"كلا ."
تملكها الغضب منه علي الفور :"يا لك من معتوه, ظننت لحظة أن لديك خبرا عنه ,لقد كدت تسبب لي نوبة قلبية ."
فقال :"ما كان لك أن تقفزي مسبقا إلي النتائج ."
" لماذا اتصلت بي ما دام ليس لديك أي خبر ؟"لقد شعرت بطبعه سيئا ....فما
الذي حدث له يا ترى ؟
أجاب بخشونة :"ظننته في لندن لأنني أخذت اتصل بك هاتفيا منذ امس دون جواب منك ,فأخذت أتساءل عما قد يكون هناك , والدك يختفي , ثم أنت ,أين كنت طوال الليل ؟"
توهج وجهها قليلا :"هذا ليس شانك ."
فقال بلهجة قاسية :"أرجو إلا تكوني سهرت مع احد من المكتب خصوصا إذا كان متزوجا ,فانا لا أحب المشاكل ."
فقررت روز إلا توضح له الأمر , ذلك أنها لم يعجبها طريقة الكلام , فقالت وهي تضع السماعة :"وداعا"

كانت تتوقع , أن يعاود الاتصال ,فصممت علي أن تتشاجر معه إذا هو فعل ,ولكنه لم يتصل .منذ أن كانت تلميذة في المدرسة و دانيال يلقي عليها اوامره ,ويمنحها نصائحه وينتقدها وكانت تكره هذا منه , خصوصا عندما كان يحاول أن يتدخل في حياتها الشخصية ,وذلك بالنسبة لعلاقاتها الغرامية ,فهو لم يكن يريدها لنفسه ,ولكنه كان يظن ,كما يبدو أن لديه الحق في أن يختار لها رجلها بنفسه .
مضى وقت كانت تظن نفسها فيه ,مغرمه به ,وكانت قد تركت مدرستها الانكليزية الداخلية و أمضت سنه في باريس مع والدها حيث أخذت تذهب إلي مدرسة فرنسية لتحسين لغتها ,وكان دانيال يعمل في باريس في ذلك الحين , هو أيضا,فكان يمضى كل أوقات فراغه معها ومع والدها ,وهكذا وقعت روز في غرامة ,حتى أن قلبها كان يخفق كلما رأته يدخل غرفة ,وكانت واثقة من أن دانيال كان مغرما بها هو أيضا .فقد كانت عيناه السوداوان تبتسمان دوما لرؤيتها ,وتبدو الحرارة في صوته ,وكان يأتي في كل عطلة أسبوعيه ليأخذها إلي السباحة أو التزحلق علي الجليد أو السينما , وأثناء أمسيات الأسبوع كان يسهر معها ومع والدها حين لا يكون أي منهما مشغولا ,ثم يتعشون معا ويلعبون الشطرنج أو حتى يجلسون لمجرد الحديث , انه في الحقيقة لم يغازلها قط ,ولكنها كان واثقة من أن ذلك سيحدث يوما ما ,فكانت تسير وكأنها فوق السحاب .والسعادة تدير رأسها,قررت ذات ليلة أن تقوم هي بالمبادرة , حيث أن دانيال يبدو خائفا من ذلك .....فجاءت إليه تعترف بحبها له , وفوجئ هو وشعرت هي للحظة واحدة ,بتألق ورقة بالغة في نظراته ما لبثت أن تحولت إلي نظرة ساخرة وهو يبعدها عنه ضاحكا منها بقسوة منهيا أحلامها , بقوله :"ما هذا الذي اسمعه منك , يا فتاتي الصغيرة ؟ما زال أمامك وقت طويل لكي تكبري وتتصرفي كامرأة ."
لقد سخر منها , وما زالت هذه الذكرى تسبب لها الإجفال والشعور بالمذلة .
بعد تلك الليلة , أخذت روز تتجنب دانيال قدر أمكان , بينما كان هو ينظر إليها بعينين ساخرتين ما كان يزيد شعورها سوءا , أما والدها فلم يظهر عليه انه لاحظ شيئا , ما جعلها تشعر بالارتياح , فهي لم تكن تريد أن يأخذ والدها عنها فكرة سيئة ,وبعد ذلك بعدة أسابيع , ترك دانيال باريس إلي حيث التحق بوظيفة أخرى ’ ثم مضت عدة سنوات قبل أن تقابله مرة أخرى
كانت روز تغيرت بشكل جذري أثناء تلك السنوات , فقد أصبحت أكثر صلابة , وقد صممت علي إلا تسمح قط لرجل بان يجعلها تشعر بمثل ذلك الخزي والإذلال مرة أخرى , ولم تجعل للحب مكانا في حياتها ’فقد كانت مشغولة عن ذلك ببناء مستقبلها من وراء مهنتها بالصحافة .وذلك بتعلم اللغات ودراسة الشؤون العالمية والجغرافيا والتاريخ وكل شيء ضروري لمراسلة البلاد الأجنبية .
كانت سنوات التجوال مع والدها قد جعلتها تتذوق تلك الحياة ,فهي لم تكن ترغب في وظيفة نظامية هادئة من التاسعة صباحا إلي الخامسة مساء,
و ذلك يوميا دون تغيير , فقد كانت روز تحب المجهول وكل شيء جديد غامض , ذلك ما كانت تريده عندما التحقت بهذه المهنة في صحيفة سنتنال فكان أن تملكتها صدمة بالغة وهي تجد أن دانيال كان يعمل في نفس الصحيفة محررا في مكتب الشؤون الأجنبية هو أيضا كما انه رئيسها في العمل .أما ما لم تكن تتوقعه , فهو أن يسد الطريق أمامها في المهنة , فهو لم يكن يرسلها إلي الخارج إلا عندما لا يكون هناك سواها.وحتى حينذاك , كان يحرص علي أن يكون ذهابها إلي الأماكن الآمنة في أوروبا , فالرحلات الخطرة البعيدة كان يرسل إليها الرجال فقط ,ناقشته , توسلت إليه لكنها لم تصل إلي نتيجة فقد كان دانيال لا يتراجع عما كان صمم عليه,
في الأيام التي تلت , لم تر روز دانيال كثيرا, ولكنها عندما ذهبت إلي العمل صباح الاثنين التالي ,وجدته هناك , رأته من مكتبها في مكتبة الجديد ذي الجدران الزجاجية وهو يسير رائحا عاديا بقلق , يتحدث بالهاتف في يد , بينما يمسك بيده الأخرى تقرير وكالة أخبار يقراه , كان شعره الأسود غير منظم كما أنه كان يرتدي قميصا دون جاكت فوقه . و مفتوحا عند العنق , كان دانيال يستعد للعمل,كما كان يقول زملاؤه كلما رأوه يفك أزرار قميصه وربطة عنقه , ويلقي بجاكتته جانبا .
حولت عينها عنه,ثم جلست وابتدأت تتفحص الأوراق القادمة إلي مكتبها ,
ووقف احد زملائها بجانب مكتبها وهي تدرس موجزا لريبورتاجات هذا الصباح لترى مبلغ أهميتها :"حسنا يا روز ,هل أعجبك هذا المكان ؟" أنا لم أحب العمل هنا ,هل لاحظت مبلغ حرارة جو الغرفة ؟أنهم رفعوا درجة حرارة جهاز التدفئة المركزية ما جعل الجو خنقا لا يحتمل ."
وضعت روز الأوراق التي في يدها جانبا ,ثم قالت له ضاحكة :"جيمي , انك لا تكون سعيدا إلا إذا وجدت ما يدعو إلي الانتقاد ."
فلوى أساريره :"حسنا , هناك شيء يجعلك سعيدة ,وهو الاجتماع الصباحي بعد نصف ساعة , أنا واثق من أنهم سيرسلون أحدا منا إلي مدينة مكسيكو لتغطية هذا المؤتمر الدولي ."
" أن ادوارد هناك ."
" ادوارد مريض , وهم يشتبهون في أصابته باليرقان بعد أن اصفر جلده ."
قالت روز بذعر :"آه , ما أفظع هذا ,أن الرعب يتملك زوجته دوما حين يكون خارج البلاد ,وهي تريده أن يعمل في مكتب بشكل ثابت في الوطن .
فهز جيمي كتفيه :"أن شيرلي أمراه عصبيه , وإلا لماذا في رأيك , إصرار ادوارد علي البقاء في البلاد الأجنبية ؟"
نظرة إليه عابسة :"يا لك من ماكر ,مسكينة تلك المرأة ,فهي تحب زوجها, ولا تستطيع أن تمنع نفسها من الشعور بالقلق عليه ."ولكن ذهنها لم يكن مشغولا بزوجة ادوارد , بل كانت تستعرض بسرعة اسماء المراسلين الذين ليسوا في الخارج ,وهي تتساءل من منهم سيرسله دانيال إلي مدينة مكسيكو , فقد كان عددهم قليلا.
قالت له :"أتظنه سيختارك أنت ؟"
فقال بابتسامه ذات معنى :"نعم , هذا ما أظنه , فلا تتعلقي بالأمل.لأنني اعرف مكسيكو , أما أنت فلم تذهبي إليها بعد , أليس كذلك ؟"
" بل ذهبت إليها عدة مرات ."وفيما بعد ,عندما أثير نفس الموضوع أثناء الاجتماع والذي ترأسه دانيال .كررت نفس دعواها , فنظر إليها دانيال باستخفاف قائلا :"ذلك عندما كنت طفلة ."
" آخر مرة ذهبت إلي هناك كنت في السابعة عشر ."
فقال :"بل في الخامسة عشرة ."ثم تمتم يقول:"ولم يكن هذا من زمن بعيد "
فضحك الجميع بينما قالت روز متظاهرة بالهزل بينما كان الاستياء يحرقها
" ولهذا مازلت أتذكرها جيدا ."
ألقى دانيال عليها نظرة ساخرة :" انك لن تذهبي ."
فقالت باحتجاج :" انك لا ترسلني إلي أي مكان ممتع ,علي الإطلاق ."
" بل ستذهبين ولكن ليس إلي مكسيكو , انك أنت من سيذهب ,يا جيمي أن مقعدك محجوز في الطائرة للساعة الثانية بعد ظهر هذا اليوم ,وهذا يمنحك وقتا للذهاب إلي بيتك إذا شئت , لا تنسى اخذ تذكرتك وأوراقك من هيلاري , وهي ستخبرك في أي فندق حجزت لك فيه غرفة , كما أن لديها العملة المتداولة هناك ."
اوما جيمي برأسه وهو ينهض واقفا,مانحا روز ابتسامة إغاظة قائلا:"أرجو لك حظا أفضل في المرة القادمة ."
لم يظهر استياءها من فشلها أمام زملائها ,فهزت كتفيها بعدم اكتراث :"
" ابلغ تحياتي لادوارد إذا أنت زرته , واحذر التعرض للعدوى منه."
اخذ دانيال ينظر إلي القائمة التي في يده وقال:"والآن هناك بولندا . أن بإمكانك أن تتكلم اللغة البولندية يا توم . أليس كذلك ؟"
وكان توم نابغة في اللغات , فهو يتكلم كل اللغات الأوروبية تقريبا , فأومأ قائلا :"متى سيكون سفري ؟"
تحدث معه دانيال , وبعد ذلك غادر توم القاعة علي الفور, هو أيضا . ثم اخذ يتحدث عن شؤون العالم الرئيسية التي يرى أن المفروض تغطيتها في نشرة الغد من الصحيفة ,وكان قد سبق زار مكتب التحرير الجديد للتفاهم علي الاجتماع الصباحي بين الأقسام , فأعطى الأذن بالسير قدما في ما يريد تغطيته من شؤون .
كان لديهم مراسلون مقيمون في البلدان الرئيسية , مثل أمريكا و الهند واليابان وكثير من بلدان أوروبا وغيرها ,ولكنهم أحيانا يرسلون مراسلا ثانيا عندما يكون في احد البلدان عدة مشاكل كبرى تجري في وقت واحد , وحاليا كان هناك عدد من المشاكل الأجنبية تحتل أخبارها واجهة الصحف ,وكان كل مراسلي لندن المقيمون’ تقريبا ,قد أرسلوا إلي الخارج في رحلات قصيرة .
عدا عن روز , كان هنالك اثنان فقط من المراسلين دون عمل يذهبان إليه ,فاخبرهم دانيال أن يستمروا في عملهم اليومي في قراءة الصحف الأجنبية ثم يضعان ملخصات لمحتوياتها , مختارين ما يرونه مناسبا لإعادة طبعة في سنتنال.
نهضا يبغيان الخروج , فقال دانيال لروز :"انتظري لحظة من فضلك يا روز ."
وعندما أصبحا وحدهما , قالت بغضب :" لماذا أنا دوما آخر من ترسلونه للعمل ؟ لا أريدك أن تقول أنني أتخيل ذلك , أنني اعلم أن هذا غير صحيح , أن لديك شيئا ضدي ,فأنت تكرهني فقط لأنني ابنة ديسموند , وجعلك السير جورج تمنحني وظيفة في صحيفته هذه,فأنت تكرهني لهذا السبب , ولهذا ترسل بدلا مني أي شخص غيري يكون حاضرا فألان مثلا.....أنا بإمكاني أن أتكلم الاسبانية بطلاقة , فقد أمضيت في مكسيكو أشهرا مع والدي , كما تعلم , ولم يكن هذا منذ وقت طويل ,فلماذا لم تدعني اذهب ؟"
رد عليها بحدة يقول :"لأنني أريد أن أرسلك إلي مونتريال ."

روح الغالين 11-06-12 11:06 AM

انتهى الفصل الثاني جاري تحميل الفصل الثالث

مهانا العراقيه 12-06-12 03:52 PM

اخيرا نزل الجزء الثاني كنت انتظره بلهفة لان ما عندي بس الجزء الاول والاخير و قبل الاخير شكرا بنوته حبيبي تحياتي الج وللكادر

luna4 13-06-12 07:14 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . ت الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

بدوية اكشن 13-06-12 08:45 AM

يسلمووووووووووووووووو

duaa2 13-06-12 01:33 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

"GUST ME" 13-06-12 02:23 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ترنيمة عشق ! 13-06-12 05:36 PM

شكراً روايه جميله

*...لامـ♥ـار...* 13-06-12 06:29 PM

يـــــــــســـــــــلــــ ـــــمــــــووووووووووووو الايادى

^ـــ^

tota642000 13-06-12 08:21 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

love big 14-06-12 07:07 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوته عراقيه (المشاركة 7009157)
المحتوى المخفي لايقتبس

يسلمووووووو الرواية رائعة

nissweetaa 14-06-12 09:07 AM

رد غلي روايه
 
شكرا واجد واجد علي روايات رائعه وسلمت الايادي

صابره على المر 14-06-12 02:43 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنوته عراقيه (المشاركة 7009142)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

:rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::r ogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rog aan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaa n::rogaan::rogaan: شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . روووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووعة
*
*:rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan::rogaan:: rogaan::rogaan::rogaan::rogaan:
*





1107-معركة التملك-شارلوت لامب

الجزء الثاني من سداسيه شارلوت لامب

كتابه فريق الروايات الرومانسيه المكتوبه




فريق الكتابه

بنوته عراقيه ... روح الغالين ...فيروز علي ... *دلوعه* ... احزان الامس








لا احلل النقل .. لا احلل نقل جزء من الروايه
ولا احلل نقل كل الروايه ... لا احلل نقل الروايه باي طريقه كانت



mona ak 14-06-12 04:41 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

هيوووونه 14-06-12 08:30 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

دموع وشموع 14-06-12 11:09 PM

من الملخص شكل الرواية حلوة

لمى .. 15-06-12 12:07 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

hadir shalaby 15-06-12 12:14 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

نوره المطيري 15-06-12 12:36 AM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

سيراا 15-06-12 05:39 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بيلا بوتر 16-06-12 04:39 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

um_aldwahy 16-06-12 07:30 PM

many thanks for your work

روح الغالين 16-06-12 10:20 PM

الفصل الثالث
صباح الاثنين , ساور جينا الإغراء في أن تتجاهل أوامر نيكولاس لها, وتبقى في البيت .
كانت قد قالت لهيزل علي الهاتف , في الليلة السابقة :" وبعده ,فان لدي الكثير من الأعذار .....أن لي الحق حتما ببضعة أيام عطلة .أولا,لأنني مشغولة جدا بتصفية أمور السير جورج الشخصية .أن علي أن أتابع مقابلة محامية , واقرأ مستنداته ."
قالت هيزل علي الفور :"يسرني جدا أن أقدم خدماتي للمساعدة إذا كان بإمكاني ذلك ."
فقالت جينا متنهدة :"انك فتاة رائعة ,ولكنني أظن أنهم لا يستغنون عنك في المكتب , تبا لهذا الصداع الذي يتملكني ......وهذا عذر آخر لي ."
"حسنا , لا تذهبي إلي العمل إذن ,أنني سأقول لهم انك مريضة جدا ."
" لقد كان قال انه سيغادر لندن خلال بضعة أيام ,علي كل حال."
"إذن ,فكل ما عليك أن تفعليه هو أن تبتعدي عن الأنظار إلي أن يسافر."
قالت جينا بتردد:"نعم"
ولكن هي إذا لم تكن موجودة , فمن الذي سيمنعه من صرف عدد كبير من موظفي سنتنال ؟ولقد ابتدأ فعلا بذلك عندما صرف المحرر هاري ديردن والمدير العام جو ماكينلي , جاعلا مكانهما رجلين من معارفه .وكذلك صرف آخرين , ولكن جينا تشتبه في أن نيكولاس لم يفرغ من هم فاسه بعد .
وسيكون هناك موظفون سيعتبرون فائضين عن الحاجة .و آخرون يحالون إلي تقاعد مبكر وهي تعلم أن السير جورج سيتوقع منها أن تناضل في سبيل احتفاظ هؤلاء بوظائفهم .لقد ترك لها أرثا مزدوجا,ذلك المذكور في وصيته ,
والذي عبارة عن الأموال والأسهم والبيوت وهي تساوي ما لم تتوقعه قط والتي أثارت الذعر في نفسها .....أما الثاني فهو الإرث غير المذكور ,والذي هو المسؤولية تجاه الصحيفة التي أسستها أسرته وأدارتها عدة أجيال ,ومن يعمل فيها ."
كانت شغفت بالرجل العجوز , وكانت تعلم ما كان يريدها أن تعمل , و
هكذا عادت تتنهد وهي تقول لهيزل :"كلا ,أنني سأحضر إلي العمل ,السير جورج لن يقبل مني الهرب من أول معركة ."
كان المدخل إلي موقف السيارات تحت الأرض في شارع اندي ,ولكن السائق انزل جينا في شارع راتكليف علي ضفاف النهر والذي كان هذا الصباح باردا
اغبر اللون كعيني نيكولاس ,ومثلها عنفا ووعيدا . وما أن دخلت إلي المبني حتى ابتدأ المطر في الهطول .
كانت الساعة التاسعة تقريبا وقد اخذ المجمع يموج بالحركة , مختلفا جدا عما كان يوم السبت الماضي قبل الجنازة ,عندما لم يكن نصف الموظفين في العمل .كان الجميع يسرعون رواحا ومجيئا كالنمل في الغابة وراها.
البعض منها ,فاخذوا يحيونها وقد بان العطف في ملامحهم وواحد أو اثنان وقف ليحدثها بمقدار آسفة لوفاة السير جورج ,فكانت تشكرهما باسمه برقه .
كان الطابق المحتوي علي مكاتب المدراء أكثر هدوءا , فسارت في الممر إلي أن وصلت إلي مكتبها حيث كانت هيزل , في تنورتها الرمادية الأنيقة وكنزتها السوداء , جالسة وراء مكتبها . وعندما دخلت جينا رفعت بصرها إليها مبتسمة بحرارة .
" كيف حال راسك هذا الصباح ؟"
قالت لاويه شفتيها :"ما زال بين كتفي ."
فضحكت هيزل :" ولكن الصداع ذهب أليس كذلك ؟"
" نعم شكرا كيف حالك أنت ؟"
" بخير "
سألتها جينا مازحة :" وكيف حال بييت ؟"
فاحمر وجه هيزل :"انه بخير هو أيضا ,أن الحياة رائعة حاليا,في الواقع يا جينا وأتمنى لك نفس الشيء وان تنتهي كل مشاكل ."
" شكرا, وأتمنى ذلك أيضا ."قالت جينا ذلك وهي تنظر إلي الباب المؤدي إلي المكتب آلاخر حيث مكتب نيكولاس , ثم قالت مخفضة صوتها :"بالنسبة لذكر المشاكل , هل هو موجود؟"
"نعم ولدي أوامر بان ادعوك للتفضل بالدخول إليه حال وصولك ."
" أراهن علي انه قال لك (أرسليها إلي )وليس(دعيها تتفضل بالدخول).
" حسنا, لقد ربحت الرهان."وقبلت هيزل شفتيها.
تنهدت جينا قائلة وهي تنصب قامتها :"حسنا أظن علي التعود علي هذا ."
" هل ترغبين في فنجان من القهوة ؟"
" نعم من فضلك , حسنا تمني لي حظا حسنا ."
قالت هيزل وهي تضغط زر الجهاز في مكتب نيكولاس :"أتمنى لك حظا سعيدا ."ثم وجهت حديثها إلي نيكولاس :"السيدة تيريل هنا ,يا سيدي."
فجاءها صوت نيكولاس العميق أمرا :"أرسليها إلي المكتب ."
نقرت جينا علي الباب , فسمعته يقول :"ادخلي يا جينا ." دخلت غرفة المكتب مغلقة الباب خلفها ونظراتها تتجه إلي المكتب .
كان نيكولاس يجلس خلفه , كما كانت هي منذ أيام ولكنه كان يملا جو الغرفة بشخصية قوية ومسيطرة كانت جينا تعلم أنها لن تتوفر لها .
قال مشيرا إلي كرسي في الناحية الأخرى من المكتب "اجلسي ."فاجتازت الغرفة الفسيحة ,علي كره منها متقدمة نحو المكتب ."
استند نيكولاس إلي الخلف في مقعدة وهو ينقر علي المكتب بأنامله :" أن علي أن استقل الطائرة هذا الصباح إلي روما ,ولهذا سنختصر حديثنا . أنني افترض,ما دمت أنت هنا ,انك قبلت فكرة أننا سنعمل معا."سكت وهو ينظر إليها متحديا بعنف وإصرار .
لم تثق جينا بنفسها في أن تقول شيئا ,وبعد لحظة أومأت بالإيجاب.
فقال وقد توتر فمه :"دون نزاع مكشوف لا أريدك أن تظهري العداء أمام الناس مرة أخرى ,كما فعلت أثناء الجنازة ,أو أن تهينينني أيضا أمام الناس أنني لم اقل شيئا آخر مرة تقابلنا فيها لأنني أدركت انك كنت ما تزالين حزينة مصدومة ولكن إذا حدث هذا مرة أخرى , فسأفعل وربما لن يعجبك ما سيحصل ."
فهمست تقول :"لا تتوعدني ."
أجاب بحدة :"هذا ليس توعدا , بل هو تحذير .ان علينا أن نعمل معا,ولن يمكننا هذا إذا أنت لم تتعاوني معي ."
قالت جينا بصوت أكثر ثباتا :"أنني هنا فقط لان السير جورج يريدني أن ابقى وابذل جهدي في سبيل مصلحة موظفي سنتنال وأنا سأتعاون معك أثناء ساعات العمل ."
أمعن فيها النظر وهو ينقر بأصابعه وقد توتر فمه , ثم هز كتفيه قائلا:"
أرجو أن يفهم كل منا الآخر , إذن أريدك أن تعلمي في هذا المكتب كلما كنت غائبا عن لندن . أن المدير الجديد , سين ييتس سيتولى كل شؤون إصدار الجريدة ورئيس التحرير الجديد فابيان ارنود هو بطبيعة الحال المسؤول عن شؤون التحرير.أن كل الأقسام ستعمل حاليا كعادتها حتى الآن,أنني سابقي هيزل فورس في وظيفتها السابقة والتي هي سكرتيرة الرئيس المسؤول . وأنت ستكونين عيني وأذني , تماما كما كنت بالنسبة للسير جورج ,وكذلك المتكلمة باسمي أيضا إذا دعت الضرورة لذلك. . وفي كل الأوقات ستعملين فقط تحت إدارتي ."
نهضت جينا وضربت المكتب بقبضتها قائلة وقد توهج وجهها :"أنني لن أكون دمية بين يديك ."
فاستمر نيكولاس في كلامه بخشونة ,متجاهلا ما قالت :"انك ستتصلين بي يوميا ,وستحرصين علي أن أتلقى خلاصة كل ما يجري هنا.....انك ستكتبين كل ذلك وترسلين إلي الفاكس ,في أي مكان أكون فيه .و سأتلقى تقارير أخرى , مالية وصحيفة ,ولكن ما أريده منك هو رأيك الشخصي في ما يحدث في الجريدة ."
" و أيضا لا أريد أن أتجسس لأجلك ."
" لا تكوني سخيفة , أتظنين رئيس التحرير يظن أني اطلب منه التجسس عندما اطلب منه تقريرا يوميا عما ينشره في الصحيفة , وما لا ينشره....
ولماذا؟ أو أي صحافي يترك العمل,أو يلحق به أو يأخذ اجازة مرضية ؟ كلا بالطبع فهو يعلم أن علي أن ابقى علي اتصال مع كل صحفي في أوروبا , وقراءتي لها يوميا لا تخبرني كيف تدار ,هذا ما أنا بحاجة إلي معرفته يمكنني أن أكون في أي مكان ولكن من الضروري أن أعوض عن ذلك
بشكل ما.أن علي أن أكون علي علم بالوضع في كل صحيفة ."
"لماذا؟"لم يكن سؤالها هذا لكي تغيظه وإنما كانت تريد أن تعرف السبب,ولديه كل تلك الصحف , الذي يجعله يشعر بان عليه أن يراقب كل شيء في كل منها,بمثل هذا الحرص .
نظر إليها بفروغ صبر:"لقد كنت فوجئت مرة بإضراب حصل في أحدى صحفي , وذلك منذ سنوات . وقد استمر هذا الإضراب أشهرا وكلفني مبلغا باهضا ,كان ذلك من الممكن التنبؤ به مسبقا لو أنني كنت أراقب أوضاع الموظفين في تلك الصحيفة ,ولما كان ذلك حصل وقد أخذت من ذلك درسا في الحذر والمراقبة ,وهكذا لن يحدث إضراب كهذا أينما كنت ,مرة أخرى ,فانا الآن اعرف بالضبط ما يحدث في كل صحيفة املكها."
شهقت جينا وهي تقول :"انك تمزح."
نظر إليها بجفاء :"كلا."
" ولكن ...كيف...متى يمكنك قراءة كل ذلك؟"
"أن سكرتيرتي الخاصة تلخص المعلومات التي ترسل إلي بالفاكس كل صباح. عليك أن تتعرفي إلي رينيتا.....أنها سويسريه من قسم الناطق الألمانية . وهي بالطبع تعمل في مركزنا في لكسمبورغ , وتدير مكتبي هناك أثناء غيابي والذي يستغرق أكثر الأوقات . أن أكثر بريدي يصل إلي يدها,فإذا وجدت من الضروري أن أقراه بنفسي ارستله مع رسول خاص أو , إذا لم تكن أوراقا سرية , ترسله بالفاكس إلي وعندما تقوم بالتلخيص , إذا رأت أن علي أن أقرا شخصيا أي فاكس معين ,فهي تضع نجمة بجانب مختصر ترجمتها له,فأرى أنا ذلك الفاكس فاعرف ما تظنه هي ذا أهمية وأنا بطبيعتي ,ذو قدرة علي السهر ولهذا أقرا الكثير أثناء الليل ."
حدقت جينا إليه مقطبة جبينها.ان ذلك يفسر الكثير من قدرته علي تحمل كل ذلك العبء من العمل ظاهرا , يبدو نيكولاس كاسبيان رجلا ذا قدرات فوق طاقة البشر.وعندما يجلس إليه الشخص تملأه الطاقة الهائلة التي تنبعث منه,بالهيبة .
رفع نيكولاس حاجبيه ساخرا:"أهي أحلام يقظة ؟"
احمر وجهها وحولت نظراتها عنه,وقد أدركت فجأة أنها كانت تحملق فيه بشكل ثابت مستمر ,ولا بد انه كان يتساءل عمل يجول في خاطرها.
فتمتمت تقول :"أسفه ...."
قال وقد تغير صوته فأصبح أكثر عمقا وشعورا :"جينا هذه حماقة منا ...ألا يمكننا أن .....؟"حينئذ تصاعد رنين الهاتف فاخذ نيكولاس يشتم بصوت خافت .
تناول السماعة ثم قال بحدة :"أظنني قلت لك أنني لا أريد إزعاجا ."ثم اخذ يستمع لحظة وقد قطب جبينه :"آه ,حسنا جدا . صليها بي."ونظر إلي جينا قائلا :"هذا غريب . أنها رينيتا تتصل بي من لوكسمبورغ . أنني أسف إذ علي أن اخذ الخط ,فلو لم يكن الأمر هاما لما اتصلت بي , ولكن الحديث لن يكون طويلا ,فهي لا تضيع الوقت ."
فأومأت جينا تقول :"هل انتظر في الخارج ؟"ابتدأت بالنهوض ولكنه أشار لها بيده أن تبقى :"كلا, ابقي حيث أنت ."ثم اخذ يتحدث في الهاتف وهو يستدير بكرسيه"رينيتا؟"ابتسم وهو يتكلم فتصلبت جينا في كرسيها وهي تتساءل عما عسى أن تكون العلاقة بينه وبين تلك المرأة أن اسمها جميل .....فهل هي أيضا جميلة ؟من الواضح انه يثق بها .....لا بد أنها ذكية ماهرة . منذ متى تعمل عنده ؟وسرح بها خيال مكونا قصة دائرة بين الاثنين , هل هما حبيبان أما كانا كذلك؟ورسخت الصور داخل رأسها فجعلتها تشعر بتعاسة بالغة .
كان يتحدث بالألمانية بسرعة وصوت عميق منخفض وشيئا فشيئا وجدت جينا نفسها أن بإمكانها فهم الكلمات الغريبة وهي تتذكر دروس الألمانية التي كانت تتلقاها في المدرسة :"نعم , الحق معك ,فالأمر مستعجل. دعيه معي , حسنا سأكون غدا في روما وهناك سأرى فنسنتي وبعد ذلك سآتي إلي لوكسمبورغ لا بد أن يكون هناك سواء كان مشغولا أم لا." واخذ نيكولاس يستمع قليلا ,ثم ضحك قائلا :"إلي اللقاء يوم الخميس أو الجمعة علي الأكثر . وداعا يا رينيتا ."
وضع السماعة ثم اخذ يحدق إلي مكتبة لحظة وكأنه نسى وجود جينا بينما كان ينقر بأنامله علي المكتب غائب الذهن .لقد كانت تعلم انه يفعل ذلك دوما عندما يكون مستغرقا في التفكير , فقد طالما رأته يفعل ذلك .
ثم رفع بصره إليها,وقال وهو يتخلل شعره بيده :"أسف, أين كنا؟"
" كنت تطلب مني أن أرسل إليك موجزا عما يحدث في سنتنال ,يوميا."
" نعم أرسلي الفاكس إلي لوكسمبورغ وستحوله رينتيا إلي ."
فقالت :"للمزيد من التلخيص ."
قال بابتسامة صارمة :"أنها ترسل الفاكس كاملا. ولكن خلاصة ما يكون عليك أن ترسليه يدخل في تلخيصها اليومي . أنني سأقرأ الفاكس الذي ترسلينه إذا كنت بحاجة لذلك ."
فتمتمت تقول :"أو بالأحرى إذا رأت سكرتيرتك أن بحاجة إلي ذلك."
التمعت عيناه :"في حالتك أنت ,قد اجعل المراسلة شخصية ." ابتسم بعنف .
شحب وجه جينا ,ثم قالت بلهجة جليدية :"لا تفعل هذا من فضلك ."
"انك ستستعملين هذا المكتب أثناء غيابي .وعندما أكون هنا ستشاركين هيزل مكتبها ,ألا إذا كان لديك اعتراض علي ذلك......"
قاطعته قائله :"كلا, ليس لدي اعتراض علي ذلك طبعا ."
فأومأ قائلا :"أنني اعلم أنكما صديقتان فرأيت أنكما ستنجحان تماما.أن مكتبها فسيح تماما ويمكنه أن يستوعب مكتبا آخر . والآن عليك أن تحتفظي بنسخة عن كل كلمة ترسلينها بالفاكس إلي .فإذا كان ما تريدين أخباري به سريا . فسترسلينه بيد موظف إلي لوكسمبورغ."
" هل سيكون علي أن استمر في التلخيص أثناء وجودي هنا في لندن؟"
" نعم , أظن ذلك . ففي الاستمرار في ذلك فائدة , ومعلوماتك ستعطي صورة واضحة عن كيفية إدارة الصحيفة سنتنال وبهذا يمكنني أن استخرج في المستقبل أي معلومات احتاجها."
قالت :"أن هذا لن يأخذ النهار بطوله لانجازه , أليس كذلك؟"
" أريد أن تنجزيه قبل كل شيء في الصباح وسرعان ما ستتمكنين من كتابته في خلال ساعة , أو ساعة نصف علي الأكثر ,وبعد ذلك عندما لا أكون هنا , سيكون لديك عمل كثير عليك انجازه ,إذ تمثلينني كما تمثلين نفسك ,تذكري انك ستكونين الآن في مجلس الإدارة ."وسكت لحظة ثم قال بفتور :"أنني جعلتك نائبة الرئيس ."
شهقت جينا بعجب :"نائبة الرئيس ......؟ولكن ......ماذا يستدعي هذا أن اعمل؟"
فقال :"عمل كثير ستعرفينه فيما بعد . أما بالنسبة للحاضر فعليك أن تلزمي المكتب ,فنهضت جينا بدورها ووقفت عندما وقف بجانبها .
لم تحتمل أن تكون قريبة منه بهذا الشكل . ربما تحدث نفسها بأنها تكرهه , ولكنها لا تستطيع منع مشاعرها من أن تتحرك نحوه .فقد اخذ قلبها يخفق لمجرد انه وقف إلي جانبها . حولت عينها عنه وهي تحاول السيطرة علي مشاعرها تلك .
سألها :"أتعلمين أن بييت يخرج مع هيزل؟"وعندما أومأت إيجابا,
عاد يقول:"ألا يزعجك هذا ؟"
نظرت إليه قائلة :" أنني من الأشغال بحيث ليس في حياتي فسحة للرجال , علي كل حال ."
"آه ,أحقا ؟"قال ذلك وعيناه تلتمعان , وإذا بالهاتف يعود إلي الرنين فتحول نحوه عابسا يجيب ,واغتنمت جينا الفرصة فانسلت خارجة من غرفة المكتب .
***
في عصر ذلك اليوم , كانت روز في الطائرة المتوجهة إلي مونتريال ترشف كوبا من المياه المعدنية وهي تدون ملحوظات عما عليها أن تفعله هناك.
استدارت تحدق من خارج النافذة , كانت غيوم بيضاء تسبح تحتهم ,وكان الجو هادئا صافيا ممثلا يوما ربيعيا رائعا."
كيف الجو في مكان إقامة والدها , يا ترى ؟أخذت تتساءل عن ذلك عابسة . لماذا رحل بعيدا تاركا حياته هنا هل تملك السأم ؟هل حياته ككاتب بين أربع جدران لم يعجبه ؟هل هو مريض ؟أم هل استدعي فجأة بشكل عاجل إلي مكان ما فنسى القيام بالترتيبات المعتادة قبل الرحيل .
كان من السهل الدخول إلي شقته , كما قالت لها السيدة غاسبارد عندما اتصلت بهم تخبرهم بمجيئها . فقد كان والدها متفقا مع امرأة تأتي لتنظيف الشقة مرة في الأسبوع وذلك أثناء وجوده في مونتريال وكانت السيدة غاسبارد تعرفها فتطوعت بان تحضر المفتاح منها وتسلمه لرون عند حضورها إلي مونتريال
رسميا , كانت رحلتها هذه بتكليف من دانيال لكتابة مقالة عن السياحة في مونتريال , طلبا لجذب الإعلانات عن هذا الأمر .
كانت الصحيفة قد سبق وأرسلت مراسلا إلي القسم المتكلم بالانكليزية من كندا ,ولكن طلب من دانيال أن يرسل مراسلا يتكلم الفرنسية وذلك إلي كوبيك و المصورون المحليون سيجهزون مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية .
كانت قد قالت لدانيال بعد أن شرح لها مهمتها :"أشكرك لإرسالك لي."
فهز كتفيه قائلا :"حتى ولو لم أكن اعلم انك ستبحثين عن والدك , فانا كنت سأجدك الخيار الأفضل لذلك . فأنت تعرفين المدينة بشكل أفضل مما يعرفه أي شخص آخر ما عداي ." فقد كان هو قد ولد في مونتريال أيضا من أسرة فرنسية كانت هاجرت إلي هناك بعد الحرب العالمية الثانية .
فقالت له :"ومع هذا فانا اعترف بفضلك علي ."
ابتسم قائلا :"لا تظني أنني لا أتذكر ."
كانت تعرف معني النظرة التي بدت في عينية . فقد كان دوما يحاول استفزازها , ولكنها اليوم كانت صممت علي ألا تتشاجر معه.
ردت عليه بحدة :"أنني واثقة من انك لا تنسى ."لقد نظر إليها دانيال حينذاك , بإمعان وقد تغير وجهه وتألقت عيناه السوداوان فجأة .تملك روز الاضطراب فجأة , واخذ قلبها يخفق وتملكها الذعر , وما لبثت أن استدارت قائلة :" أرى أن اذهب لأعد نفسي للسفر ."
كان دانيال قد استعاد حزمة مرة أخرى , وامتلأت عيناه سخرية , ولكنه أجابها بهدوء :"من الواضح انك ستبحثين عن والدك أثناء وجودك هناك ,ولكن لا تنسي القيام بالعمل الذي أنت مرسله لأجله."
فقالت بلهجة متوترة :"لن أنسى ."لم تكن مهمتها صعبة ,فهي مثل دانيال قد عاشت في مونتريال أثناء طفولتها , ولم تتركها ألا بعد أن توفيت والدتها وابتدأ والدها جولته الصحافية حول العالم . فهي لم تنس تلك المدينة قط . وفي السنوات الأخيرة أخذت تذهب مع والدها إلي هناك لمرات كثيرة .
كان قد عاد للعمل هناك مرة أخرى في صحيفة كندية فرنسية تدعى الصحافة وذلك في مونتريال حيث تعرف إلي دانيال لأول مرة والذي كان قد دخل لتوه مهنة الصحافة .
ومن خلال والدها , تعرفت روز إلي كثير من رجال الصحافة و فهي بإمكانها أن تتصل علي الفور بكل المصادر لكي تنجز المقالة التي طلبها دانيال منها وكانت رحلتها ستطول ثلاثة , أيام , وهذا يعني أنها ستجد الوقت الكافي للتجوال في المنطقة حيث شقة والدها , فتتحدث إلي أصدقائه وترى أن كان بإمكانها أن تجد أثرا يدلها علي مكانه.
حاولت أن تنام مريحة رأسها علي الوسادة الصغيرة التي أحضرتها لها مضيفة الطائرة مع بطانية تغطت بها ولم تنس قبل كل شيء,أن توقت ساعتها علي ساعة مونتريال , كما علمها والدها.
عندما هبطت الطائرة عند مطار ميرابيل أسرعت في الخروج حيث أنها لم تحضر معها سوى حقيبة سفر خفيفة , ثم استقلت تاكسي إلي المدينة . تملكها الارتياح وهي تجد الجو ربيعيا صحوا رغم بقايا الثلوج علي جانبي الطريق’والتي جعلت البرودة كما تعهدها.
سارت بها السيارة عدة أميال وعندما أخذت تنظر إلي إشارات السير المكتوبة بالفرنسية , تملكها الشعور المعتاد بأنها قادمة إلي وطنها.
كانت لغة روز هي الفرنسية وذلك إلي حين وفاة أمها والتي كانت فرنسية الأصل . وهكذا عاشت في شقتها الصغيرة في مونتريال في بيئة فرنسية حيث كانت أمها تغني لها بالفرنسية , وتقرا لها قبل النوم حكايات بتلك اللغة .
عندما رحلت أمها , وكانت روز في السادسة انتقل, بها والدها إلي انكلترا حيث استلم عملا في صحيفة سنتنال .وقد أدركت فيما بعد أن والدها كان شعر بأنه يريد الابتعاد عن المدينة التي كان فيها سعيدا.فقد كانت مونتريال مليئة بالذكريات الحزينة . أما بالنسبة إلي روز فقد كان حزنها لهذا التغيير في حياتها يوازي حزنها لوفاة والدتها.
لم تنسى قط يومها الأول في المدرسة الجديدة , حيث كانت طفلة صغيرة شاحبة يتملكها الخوف والاضطراب وهي ترى نفسها محاطة بهؤلاء الغرباء ذوي الألسن الأعجمية. لقد جلست إلي طاولتها حينذاك تبكي أمها وتملاها التعاسة .
أما ما حدث معها أثناء السنوات القليلة التالية فقد كان صفحة بيضاء في ذاكرتها . ولا شك أنها ابتدأت تتخذ أصدقاء حالما تعلمت شيئا من الانكليزية , وسرعان ما أصبحت تتكلمها بطلاقة . وعندما بلغت الثامنة تملكتها صدمة أخرى .فقد انتقل والدها إلي وظيفة مراسل أجنبي واخبرها أنها ستذهب إلي مدرسة داخلية وذلك أثناء وجودة في الخارج."
لقد كرهت روز السير جورج لأنه قدم لوالدها تلك الوظيفة التي أبعدته عنها. ولم تكن تعلم أن والدها كان ينتظر لحظة تكبر فيها هي إلي حد يكفي لكي يتمكن معه من تركها والانطلاق في عمله بصفة مراسل أجنبي ,
وهو العمل الذي كان يتمناه علي الدوام . كل ما كانت تعلمه هو أنهم أبعدوها عن والدها .
كان والدها قد لها:"ترين يا روز أنني ساجول حول العالم ,لا ادري , بين دقيقة واخرى , أين سأكون فانا لا استطيع أن اجرك معي وإذا كان علي أن اقلق لأجلك فلن اتمكن من القيام بعملي علي الوجه الاكمل . فأنت بحاجة إلي مكان امن تعيشين فيه بسلام وهدوء وقد وجدت لك مدرسة داخلية جيدة في الريف حيث ستعيشين في الهواء النقي وسيكون لك أصدقاء تلعبين معهم."
لقد انهمرت الدموع من عينيها وهي تنشج باكية :"أبي ؟ أريدك أن تتركني خذني معك ....."
ولكنه أجابها :"لا استطيع , يا روز أسف ولكنني لا استطيع , ولكن هذا لن يكون إلي الأبد , كما تعلمين فنحن سنمضي الإجازات معا,والعطلات الصيفية في فصول الصيف."
لكنها لم تستمع إليه واخذت تبكي بصمت ما جعل صبره يفرغ فيقول :"لا فائدة من البكاء ,يا روز. فهذا ما سيكون."
وكان قوله هذا فاصلا.
بقي الفصل الدراسي الأول في ذاكرتها ممثلا ثاني أكثر الفترات حزنا في حياتها .
لقد كانت واثقة من أن والدها قد هجرها ورحل عنها إلي الأبد كما فعلت أمها من قبل . كانت تبكي كل ليلة علي وسادتها حتى رسائل والدها وبطاقاته الملونة لم تخفف عنها .ولم ترسل البشاشة علي وجهها ألا بعد أن انتهى الفصل الدراسي الأول , وضعت في طائرة مسافرة إلي مصر حيث كان والدها في انتظارها في مطار القاهرة .
أخذت بعد ذلك تمضي كل إجازة طويلة مع والدها أينما كان المكان الموجود فيه , طالما هو امن بالنسبة إليها,وكان غالبا كذلك . لقد عشقت تلك العطلات وما كانت تراه من مناظر جديدة وشمس ساطعة وأماكن غريبة .
وقد بعثت أسفارها الغيرة في نفوس رفاقها في المدرسة وجعل لها سمعة في الحنكة ومعرفة العالم.
وحيث أنها دوما كانت تتعلم شيئا من لغة البلاد التي كانت تزورها , فقد ساعدها هذا كثيرا عندما قررا أن تكون مراسلة أجنبية , وهذا طبعا يحتاج إلي تعلم لغات عديدة قدر الإمكان . وقد اكتشفت أثناء تلك العطلات الصيفية مع والدها,أن لديها استعدادا فطريا لتعلم اللغات بسرعة ,وكذلك غراما برؤية البلدان المختلفة وسكانها.
تعلمت روز أن ليس ثمة خبرة دون ثمن فقد علمها موت والدتها أن تحتمل الأحزان وزادتها وحدتها بعد ابتعادها عن والدها ,جلدا علي مجابهة ما يأتي به الدهر.
كانت التاكسي قد وصلت الآن إلي المدينة ثم دخلت في الشوارع الضيقة المزدحمة وعندما نظرت حولها , أدركت علي الفور أين أصبحت . كانت علي بعد شوارع قليلة من المرفأ وشقة والدها فاقتربت من زجاج النافذة وأخذت تنظر وقد تملكتها البهجة .
بعد خمس دقائق , كانت تقف في طريق جانبي تنظر إلي شرفة شقة والدها , شبه أملة في أنها سترى النافذة مفتوحة وتسمعه يناديها . ولكن النوافذ بقيت مغلقة . تنهدت روز وهي تصعد السلم إلي حيث مدخل الشقة , ثم قرعت جرس الباب المكتوب عليه اسم غاسبارد .
فتحت الباب السيدة غاسبارد , وهي امرأة صغيرة الحجم ذات شعر اسود خطة الشيب, فحيتها بحرارة وألحت عليها بالدخول لتناول القهوة قائلة :"لا بد انك متعبة بعد تلك الرحلة الطويلة من لندن . وأنا آسفة لان زوجي ليس هنا إذ انه في زيارة لشقيقه هنري الذي يعمل في المتحف في مدينة فودريل ."
وأثناء صنعها القهوة كانت تتحدث إلي روز بسرعة لم تتمكن هذه من مقاطعتها :"هل أنت جائعة ؟هل اصنع لك طبق عجة؟استطيع أن اصنعها لك بأسرع من غمضة عين , وستكون ألذ عجة تتذوقينها في حياتك ."
أخذت تضحك لمديحها لنفسها , وهي تتابع قائلة :"ولكن هذا صحيح ,فانا اعشق الطبخ ,وما تحبينه يمكنك صنعة جيدا علي الدوام ."
قالت لها روز مجاملة :"دوما كان أبي يقول انك طاهية ماهرة هل تذكرين آخر مرة رأيت فيها أبي ؟هل أنت واثقة من انه لم يمنحك فكرة عن مكان ذهابه؟ "
أجابت المرأة لاوية شفتيها :"حتى انه لم يشر إلي انه مصمم علي السفر . كنا نتحدث في أمور عديدة , ولكنني لا اذكر شيئا مما كنا نقوله , ولكن لو انه كان مصمما علي الرحيل لأخبرني بذلك فهو دوما يفعل ذلك ."نظرت باهتمام إلي روز وقد عقدت حاجبيها :" حتى أنني لا اعرف متى رحل لأننا كنا في الخارج طوال ذلك النهار وعندما عدنا وجدنا جيجي جالسه علي عتبة بابنا وما أن رأتنا حتى أخذت تموء جائعة فقلت لزوجي أترى السيد قد نسى أطعامها مرة أخرى ؟لان هذه كانت عادته عندما يكون مستغرقا في العمل وهكذا قرعت جرس شقته , ولكنه لم يجب كما أنني لم اسمعه يطبع علي الآلة الكاتبة ,وهكذا أطعمت جيجي ,ولم أفكر بعد ذلك في الأمر ولكنها عادت في اليوم التالي فأدركت أن والدك لابد قد سافر كما انك لا تعرفين مكانه .
أرجو ألا يكون قد حدث له شيء ."
وضعت روز فنجان قهوتها ثم نهضت واقفة وهي تقول :" آه ,أنني واثقة من أنني ساجد رسالة في شقته لأجلي يشرح لي فيها الأمر .شكرا يا سيدتي ."
حملت حقيبة ملابسها الصغيرة وصعدت إلي شقة والدها الكائنة فوق شقة آل غاسبارد . كان في الشقة غرفتا نوم صغيرتين , وغرفة جلوس تفتح نافذتها علي الشرفة والتي كان يتناول فيها الطعام عندما يكون الجو دافئا , أما عندما يكون باردا فقد كان يحب تناول الطعام في مطعم بالغ الدفء .
كانت الشقة نظيفة للغاية علي غير العادة ولا بد أن المرأة المكلفة بالتنظيف قد بذلت جهدها في ذلك منذ غياب والدها .
ذلك انه أثناء وجودة كان يلقي بالكتب والصحف في كل مكان.وضعت روز حقيبتها علي الأرض وأخذت تطوف الشقة تبحث عن اثر يرشدها إلي أبيها رغم انه لم يكن لديها فكرة عما تبحث عنه في الواقع . لا بد أن يكون قد ترك رسالة ولم تعرف ما إذا كان قد اخذ معه ملابس إذ لم يكن يبدو أن هناك فراغا بين قمصانه وبذلاته في الخزانة .
وخيرا تخلت عن تفتيش الشقة وصنعت لنفسها شيئا من القهوة , ثم جلست خلف مكتب والدها وبجانبها الهاتف والدليل ,لكنها قبل كل شيء فتحت دفتر العناوين الخاص بابيها والذي وجدته في الدرج الأعلى من مكتبة . ربما الأفضل أن تبدأ بالاتصال بأصدقائه في الصحافة وبهذا يمكنها أن تضرب عصفورين بحجر واحد , فهي تسألهم عما إذا كان أي منهم يعلم شيئا عن مكان أبيها و في نفس الوقت ترى ما بإمكانهم أن يخبروها به عن السائحين في مونتريال ووسائل اجتذابهم .
أخذت ترتشف قهوتها وتحدق في الصفحة التي انفتح عليها دفتر العناوين .
كما ثمة بقعة بنية اللون علي الصفحة اليمنى . وعقدت روز حاجبيها مفكرة.
كانت تعلم ما هذا الشيء .....فقد كانت هذه بقعة خلفها فنجان قهوة كان موضوعا علي الصفحة ليبقى الدفتر مفتوحا.
كانت هذه أحدى عادات أبيها السيئة والتي اكتسبها خلال سنوات من العمل بسرعة , فيكتب بيد واحدة,ويمسك الهاتف بيد أخرى بينما يبقي الدفتر مفتوحا بوضع الفنجان علية.وقد طالما تجادلت هي معه خوفا من أن يتلف الدفتر .
نظرت إلي الصفحة اليسرى من الدفتر بسرعة . كان ثمة سطران عليهما كتابة باللغة الفرنسية .وكذلك عنوان في باريس دون إشارة إلي اسم صاحب العنوان,كما لم يكن هناك رقم هاتف . كانت روز تعرف المنطقة الواقع فيها هذا العنوان في باريس , ولكن هذا لم يكن يعني شيئا . فوالدها يعرف مئات الناس في باريس .....فهذا العنوان قد يكون كتب في أي وقت كان في الماضي .
ما عدا أن الدفتر انفتح من نفسه علي تلك الصفحة وكان فنجان القهوة قد وضع هناك من وقت قريب جدا,ولمدة طويلة .
قررت أن تتصل بالاستعلامات الهاتفية وترى أن كان بإمكانها أن تحصل علي رقم هاتف ذلك المسكن .ولكن هذا كان مستحيلا معرفته ما دام ليس هناك اسم , كانت تعلم هذا,ولكن يأسها دفعها إلي المحاولة .
لكن هذا لم يأت بنتيجة , وضعت روز السماعة ثم جلست تفكر عابسة وهي تتساءل عما إذا كان الأمر يستحق تجربة وسائل أخرى لمعرفة صاحب العنوان.إن بإمكانها أن تتصل بأحد ما في باريس وتسأله إن كان بإمكانه أن يعثر علي شيء .وابتدأت تبحث في دفتر عناوين أبيها , وبعد لحظة تصاعد رنين الهاتف ما جعلها تجفل للمفاجأة .
مضت لحظة لم تستطع فيها التحرك , إلي أن أصبحت فجأة مقتنعة وكأنها في حلم بأنها ستسمع صوت والدها في الهاتف فأمسكت السماعة وهمست:
" أبي ؟أهذا أنت؟"












yara_1001 17-06-12 03:48 AM

merci ktiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiir

سُقياَ 17-06-12 06:11 AM

؛




مشكورةة عع الروايةة . . .

ساهرة الليل 17-06-12 10:45 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ام السهر 18-06-12 03:59 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ترجمان الحياه 20-06-12 04:29 PM

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

riri1 20-06-12 04:33 PM

thanxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxxx

سمر7777 20-06-12 10:42 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

ميليسا 21-06-12 01:36 AM

مممممممممس:wow11:


الساعة الآن 10:06 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.