آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-02-13, 11:57 PM   #111

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




- 54 - " الشـــك "

تبللت الأرض بمياه الأمطار الغزيرة في ذلك الليل, وبالقرب من بوابة المستشفى توقفت والدة "هنري" وهي تمسك بمعطفها البني ويقف هو خلفها
مباشرة وعلى وجهه ملامح الإستياء والضيق ويرمقها بنظراتٍ غاضبة وحرك شفتيه قائلاً بإستنكار:
ـ لم يكن هناك داعٍ لقول هذا لـ "روبرت", لا أفهم السبب.
اخذت الأم نفساً عميقاً وارتدت معطفها واخرجت شعرها من الخلف وتقدمت بخطواتها إلى الأمام بدون ان تنطق بأية كلمة ولم يجد "هنري" حلاً سوى
اللحاق بها...
ألصق "روبرت" ظهره على الحائط وبقي ينظر للأعلى وكلمات والدة "هنري" تتردد في اذنه فأغمض عينيه ليتذكر ذلك الموقف الذي حدث بعد خروجها
من غرفة الطبيب, حيث وقفت بجانبه ورمقته بإحتقار وقالت بنبرةٍ قاسية:
ـ تذكر بأنني لم افعل هذا من أجلك او من أجل والدتك الحقيرة, فعلت هذا بسبب "هنري"... لا تنسى ذلك.
احنى "روبرت" رأسه لها وقال رداً عليها بهدوء:
ـ انني ممتنٌ لكِ, ولن انسى مساعدتكِ لنا.
تضايقت الأم كثيراً من تصرف "روبرت" فقد توقعت أن ينفعل ويغضب كما كان يفعل ذلك, لهذا اشاحت بوجهها وتابعت طريقها ولحق بها "هنري" وهو
يقول بإستغراب:
ـ والدتي... انتظري لحظة.
اقتربت "بريتي" منه ورأت الحزن في عينيه فعانقته بهدوء وقالت مخففةً الألم الذي بصدره:
ـ لا عليك, كل شيءٍ سيكون على ما يرام.
تراجع "روبرت" للخلف قليلاً وابتعد عن "بريتي" وقام بتغطية عينيه بكفه وضرب بيده على الحائط بقوة وارتجفت كتفاه وهو يردد قائلاً:
ـ لم اتمكن من الدفاع عن نفسي ولا لوالدتي... تباً.
وبقي يضرب بجبهته على الحائط بغضبٍ شديد وقلبه ينبض حقداً من كلمات تلك المرأة القاسية...

دخلت والدة "هنري" إلى المنزل ونزعت معطفها ورمته على الأريكة وصرخت على ابنها الواقف خلفها
بغضب وانزعاج:
ـ هذا يكفي يا "هنري".... لم اعد قادرةً على الإستماع إليك اكثر من ذلك.
رد عليها "هنري" قائلاً بإنفعال:
ـ انا احاول ان اوضح لكِ بأن ما فعلته كان خاطئاً....
ادارت الأم جسدها إليه واشارت له بإصبعها قائلة:
ـ إذا رأيتك تسير او تتحدث مع شخصٍ مثل هذا, لن اسامحك.
عقد "هنري" حاجباه قائلاً بجدية:
ـ سأفعل ما يحلو لي... فأنا لم اعد طفلاً كما كنت في الماضي.
كانت هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها "هنري" مع والدته بهذا الأسلوب وهذا ما دفعها للتضايق فحملت نفسها وصعدت لغرفتها بينما بقي "هنري" يفكر بطريقةٍ يبرر فيها تصرف والدته لـ "روبرت"...

في صباح اليوم التالي, تلاشت الغيوم السوداء من السماء لتسمح بظهور أشعة الشمس... توقفت فتاةٌ جميلة بشعرٍ اشقر قصير يصل إلى اسفل اذنيها
بقليل امام مبنى كبير وصعدت الدرج الأبيض بهدوء وهي ترتدي بلوزةً بيضاء مع تنورةٍ سوداء قصيرة وحذاءٌ طويل يصل إلى ركبتيها, وتقدمت بكل
ثقة حتى وصلت إلى بوابة الدخول الزجاجية التي فتحت من تلقاء نفسها وتقدمت نحو الداخل وحين رآها أحد الموظفين وهو يحمل ملفاً ابيض في يده
ركض مباشرةً بإتجاهها ورحب بها قائلاً بإندهاش:
ـ آنسة "مايا", اهلاً بعودتك, متى وصلتِ؟
تطلعت "مايا" في شكل الشركة الداخلي ورأت بأنه ما زال كما هو فأبتسمت متسائلة بعدما وجهت ناظريها نحو الموظف:
ـ هل الرئيس موجود؟
هز الموظف رأسه بنعم, فمرت من جواره بكل تعالي وتكبر وتابعت سيرها إلى الطابق الثاني حيث يوجد مكتب المدير المسئول عن الشركة وحين
وصلت توقفت عند بداية الطابق تسمرت في مكانها حالما رأت "مايكل" يساعد احد الموظفين هناك وبقيت ترمقه بإعجاب وسارت بإتجاهه بخطواتٍ
لا ارادية وحين رآها الموظف الآخر وقف مباشرةً وقال بإحترام:
ـ أهلاً آنسة "مايا".
ورفع "مايكل" رأسه ورمقها بإستغراب فهو لا يعلم سبب نظراتها الغريبة له, فوضع يده على كتف الموظف وابتسم قائلاً:
ـ سنكمل العمل لاحقاً.
واخذ اوراقه ومر بجوارها فأمسكت بيده بدون تردد وحين شعرت بأنه يرمقها بنظراتٍ متسائلة ابعدت يدها وقالت وقد احمرت وجنتيها خجلاً:
ـ المعذرة, لم أرك هنا من قبل.
رد عليها "مايكل" بجدية ولم يبتسم قط :
ـ هذا صحيح!.. فأنا موظفٌ جديدٌ هنا.
وابتعد عنها ليعود إلى مكتبه و ظلت هي واقفةً في مكانها وارتسمت على شفتيها ابتسامةٌ رقيقة واحست بأنها ترى السعادة تفتح ابوابها لها, وأخيراً
حتى أنها نسيت بأن تذهب إلى الرئيس..
واحست بأحدهم يضع كفه على كتفها ويهزها قائلاً بتساؤل:
ـ يا آنسة, هل أنتِ بخير؟
استيقظت "مايا" من حلمها الجميل لترى وجه ذلك الموظف فقالت بضجر:
ـ تباً... جعلتني انسى ما جئت لأجله.
وتابعت تقدمها وفتحت درفتي باب مكتب الرئيس فرفع عينيه إليها وعلت الابتسامة شفتيه حالما رآها مباشرةً ونهض من على مكتبه وعانقها بحنان
وهو يقول بسعادة:
ـ "مايا", يالها من مفاجأةٍ ساره.
جلست "مايا" على الأريكة واظهرت الحزن على ملامح وجهها فلاحظ الرئيس ذلك وجلس بجوارها متسائلاً:
ـ ما الأمر؟.. لا تبدين سعيدة.
هزت "مايا" رأسها بنعم وردت عليه قائلة بإنزعاج:
ـ والدي... أريد العمل هنا بالشركة.
رفع الرئيس حاجباه بإندهاش ونهض من مكانه وهو يقول بإرتباك:
ـ أنتِ... تعلمين جيداً بأن هذا مستحيل.
وقفت "مايا" امام والدها وامسكت بكلتا يديه وقالت بتوسل وعيناها تلتمعان:
ـ أرجوك, اسمح لي بالعمل هنا... وأعدك بأنني لن اخطئ كالمرة السابقة.
لم يتحمل الأب رؤية دموع ابنته الحزينة, فأخفض رأسه وقال بصوتٍ خافت:
ـ حسناً.
قفزت "مايا" من شدة فرحها وقبلة والدها في خده فأوقف فرحتها هذه بقوله:
ـ ستعملين كمساعدة فقط.
فكرت "مايا" قليلاً ووجدت بأنها فرصةٌ ذهبية للتقرب من "مايكل" لهذا أومأت برأسها موافقة وقالت:
ـ حسناً, سأعمل مساعدةً لمن؟
توجه الرئيس نحو مكتبه وفتح الدرج الأخير واخرج منه ورقةً بيضاء واعطاها إياها, فأمسكت بالورقة وقرأت المكتوب فيها ثم تساءلت:
ـ من يعمل هناك؟
ارجع الرئيس ذراعيه وراء ظهره ووقف امام النافدة الزجاجية ورد قائلاً:
ـ إنه موظفٌ جديد يدعى "مايكل", يمكنك رؤيته في المكتب المجاور.
تمنت "مايا" من اعماق قلبها ان يكون نفس الشخص الذي التقت به, لهذا غادرت المكتب مسرعة لترى من هو ذلك الشخص, فلم تشئ الإنتظار دقيقةً
واحدة لتعرف واقتربت بخطواتٍ مرتجفة رغماً عنها من باب المكتب المجاور وفتحت جزءً بسيطاً منه لترى من هناك, فأتسعت عيناها اندهاشاً عندما
رأته وطرقت الباب وسمعت صوته وهو يقول:
ـ تفضل بالدخول.

فتحت "مايا" الباب بهدوء ودخلت ولم يكلف "مايكل" نفسه برفع رأسه ليرى من الذي جاء واكتفى بالقول:
ـ ضع لي المعلومات هنا واذهب.
ارتبكت "مايا" قليلاً ولم تعرف ما تقوله فرفع "مايكل" رأسه وحين رآها اغلق حاسبه المحمول بسرعة ولم يعرف ما يقول فبدأت "مايا" بالحديث:
ـ أنا سأعمل مساعدةً لك هنا.
اشتد غضب "مايكل" وصرخ في وجهها قائلاً بدون قصد:
ـ لستُ بحاجةٍ إلى مساعدين.
وعندما لاحظ الخوف في عينيها تراجع عن كلامه وحرك يده قائلاً:
ـ أرجو المعذرة, لم اعرف ماذا اقول.
لم تفهم "مايا" سبب تصرفه الغريب, فـ "مايكل" لم يكن يرغب بأي احدٍ ان يساعده لكي لا تفسد خطته في القضاء على هذه الشركة وهذا ما جعله
يغلق حاسوبه عند رؤيتها, وحاولت "مايا" اخفاء خوفها وقالت بثقة:
ـ لا داعي للإعتذار, يبدو بأنك منهمكٌ بالعمل... لذا اذا احتجت للمساعدة لا تتردد في طلبي.
وغادرت المكتب واغلقت الباب خلفها فضرب "مايكل" بيده على المكتب بقوة, بينما بقيت "مايا" عند باب المكتب تفكر وتتساءل بداخل نفسها:
ـ لماذا يرفض المساعدة؟... ولماذا اغلق الحاسوب عند رؤيتي؟... هناك شيءٌ ما ويجب أن اعرفه.

جلست "تينا" على الطاولة في حديقة منزلهم, وامامها قدحٌ من القهوة الساخنة وعيناها تتركز على البوابة متأملةً عودة "مايكل" بأسرع وقتٍ
ممكن, فاالعمل قد ابعده عنها حتى انه لا يرجع للمنزل إلا لكي ينام فقط ويستيقظ باكراً ولا يجد وقتاً لتناول الإفطار معها, ثم قلبت الكتاب الذي بيدها
وفكرت بعمل شيءٍ يسعده وينسيه العمل قليلاً....
وقررت اقامة حفلةٍ عشاء خاصة له في غرفتها, وذهبت لتجهز كل شيء وتجعله سعيداً...

وضع "مايكل" يده على مكتب الرئيس وقال بإستياء:
ـ سيدي, أنا لستُ بحاجةٍ إلى مساعدةٍ من احد.
قال له الرئيس بنبرةٍ غاضبة:
ـ لا تنسى بأن تلك الفتاة هي ابنتي... وأنا المسئول عن هذه الشركة وافعل ما يحلو لي.
تقوست حاجبا "مايكل" في ضيق وعقد قبضة يده قائلاً بداخل نفسه:
ـ هكذا إذن... حسناً سوف اجعلك تندم على هذا بالتأكيد.
وقاطع تفكيره صوته وهو يقول بنبرةٍ باردة:
ـ إذهب إلى عملك الآن.
تنهد "مايكل" بضجر وغادر المكتب وحين فتح الباب رأى "مايا" تقف امامه ومر بجوارها دون ان يعيرها اي اهتمام فألتفتت إليه وهي تحتض بعض
الأوراق بين ذراعيها وظلت تراقبه حتى دخل إلى مكتبه ثم همست بداخل نفسها:
ـ إنك تخفي شيئاً, وسوف اعرفه... انتظر فقط, فأنت لا تعرف من اكون.

في المساء, اعدت "تينا" طاولة الطعام وغطتها بغطاءٍ ابيض ووضعت ازهاراً حمراء في المنتصف والشموع في كل ارجاء الغرفة و
اغلقت الستائر واطفئت الأنوار واشعلت الشموع وارتدت ثوباً احمر قصير وملتصقٌ بجسدها وهي لا تعلم ما حدث لـ "مايكل" اليوم....
وجلست على سريرها تنتظر عودته بشغف لترى ردة فعله....
في ذلك الوقت, كان هو غارقاً في العمل ونسي الوقت حتى انه اغلق هاتفه النقال لكي يتحاشى كل الإتصالات.... وظلت "تينا" تنتظره وكان الوقت
يمر ببطء وفي كل دقيقة ينخفض املها اكثر بعودته اليوم وتنظر للطاولة والعصير والأكواب الزجاجية ثم تنهدت واحست بالضيق ووصلت الساعة
إلى الواحدة ليلاً, عندها دخل "مايكل" إلى الغرفة وكانت "تينا" مستلقيةً على السرير وقد غلبها النُعاس, وبقي يتطلع في شكل الغرفة فأقترب من
"تينا" ومد يده لكي ييقظها لكنه تراجع واطفئ الشموع وقام بتغطيتها بغطاء السرير وقال بحزن شديد:
ـ أنا آسف "تينا".... ارجوكِ سامحيني.
ورسم قبلةً على خدها ففتحت عينيها بسرعة ورفعت رأسها من على الوسادة وقالت بسعادة:
ـ "مايكل", كنت بإنتظارك.
وحين حاولت النهوض وضع كفيه على كتفيها واخفض رأسه قائلاً:
ـ لا تنهضي... يمكنك النوم الآن, فأنا متعبٌ جداً.
وخرج من الغرفة واغلق الباب خلفه, فأحست "تينا" بوخزةٍ في قلبها وحين نظرت لشكل الغرفة وهي مظلمة اشفقت على نفسها اكثر من الإشفاق عليه
لم يعر اي اهتمامٍ لما قامت به واكتفى بالإعتذار فقط وذهب لينام في غرفته المجاورة لغرفتها, فألتمعت عيناها بدموع الألم والقت برأسها على الوسادة
وتمنت لو انهما بقيا في المانيا, فهو لم يكن يتصرف هكذا معها كالآن... لقد سرقه العمل منها وهذا اكثر ما يزعجها...

استيقظت "مايا" في الصباح الباكر لتذهب إلى الشركة قبل الجميع, وسرقت المفاتيح من حقيبة والدها قبل ان يستيقظ وركضت مسرعةً إلى الشركة
ووصلت وهي تتنفس بسرعة وقلبها يخفض بشدة وصعدت لحيث مكتب "مايكل" وحين حاولت فتح الباب وجدته مغلقاً وبحثت بين مفاتيح والدها لعلها
تجد مفتاحاً اضافياً له وفعلاً قد وجدت ودخلت لكنها لم تجد حاسوبه على المكتب وبحثت في كل مكان لكن دون جدوى, ثم سمعت صوتاً خلفها فألتفتت خلفها
وجسدها يرتجف لكنها اطمئنت حين رأت المسئول عن التنظيف فأبتسمت قائلة:
ـ صباح الخير.
ابتسم الموظف بحنان وقال:
ـ صباح الخير يا آنسة, هل تبحثين عن شيء؟
فكرت "مايا" بأن تسأل هذا المسئول لعلها تجد اجابةً لديه فقالت:
ـ ألا تعلم اين يضع السيد "مايكل" حاسبه المحمول؟
رد عليها الرجل بإستغراب:
ـ يأخذه معه في العادة.... السيد "مايكل" لا يترك شيئاً في مكتبه على الإطلاق.
رفعت "مايا" حاجبيها في اندهاش وتأكدت شكوكها الآن, الموظف العادي لا يأخذ كل شيءٍ معه, وتأكدت أيضاً بأنه يخفي امراً ما ولكن كيف تعرفه
هذا هو السؤال الذي كان يدور بذهنها ولك تجد جواباً له حتى الآن....
فشكرت الرجل على هذه المعلومات وخرجت من المكتب وعادت للمنزل بسرعة قبل أن يحين موعد دوام الموظفين....


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-13, 12:02 AM   #112

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

- 55 - " اليـوم الأخيــر "


وقفت "تينا" امام النافدة وهي ترتدي ثوباً ابيض قصير يصل إلى اسفل ركبتيها مباشرةً, وبقيت تفكر بما يتوجب عليها فعله في هذه الفترة...
أليس من المفترض أن تقوم بمساعدة والدها كما يفعل "مايكل"؟..
لماذا لم تفكر بهذا منذ البداية؟... فرفعت حاجباها وهمست بداخل نفسها قائلة بحماس:
ـ صحيح!.... هذا أفضل من البقاء هنا بدون عمل.
وارتدت معطفاً رمادي اللون وحملت حقيبتها وخرجت من الغرفة مسرعة لتتوجه إلى شركة والدها وهي لا تملك ادنى فكرةٍ عما يفعله "مايكل" في
هذه الفترة, ولم يخبرها حتى بأنه يعمل في الشركة التي تسببت في تدمير والدها....

جلست "مايا" على مكتبها ويبدو عليها التوتر وهي تفكر بعمق وترفع عينيها إلى "مايكل" الذي يجلس بالمكتب المقابل لمكتبها ويعمل على الحاسوب
ولا يعيرها اي اهتمام فوضعت كفها على جبهتها وقالت بضجر وصوتٍ خافت:
ـ لم يطلب مساعدتي منذ ان وصلت.
فنهضت من مكانها وتوجهت نحوه بخطواتٍ مترددة وحين اقتربت منه اكثر ولاحظ وجودها اغلق الحاسوب مرةً أخرى فقالت له بعصبية:
ـ لماذا تتصرف هكذا؟.. أليس من المفترض ان نعمل سوياً؟...
اتكئ "مايكل" بيديه على المكتب وقال ببرود:
ـ لم اطلب مساعدتك, لهذا لا تتدخلي في عملي.
ثم سمعا احدهم يطرق الباب, ودخلت سكريترة المدير وانحنت لهما بإحترام وقالت:
ـ سيدي يرغب برؤيتك.
هز "مايكل" رأسه موافقاً وترك حاسوبه وذهب في عجل, وبقيت "مايا" لوحدها ووجدت بأن هذه هي فرصتها الوحيدة وعليها استغلالها, فجلست
على مكتبه وبدأ العرق يتصبب من جبينها حين فتحت الحاسوب لكي ترى ما يخفيه, واتسعت عيناها عندما رأت بأن كل ما يقوم به هو شيءٌ عادي...
فرفعت عينيها وقالت بحيرة:
ـ كيف هذا؟... لماذا يستمر بإخفاء عمله وهو لا يفعل شيئاً خاطئ؟
وفتح "مايكل" باب المكتب وتقدم نحوها ببطء والجدية ظاهرةٌ على ملامح وجهه وسألها قائلاً:
ـ ما الذي تفعلينه؟
وقفت "مايا" على قدميها ببطء, ورمقته بتساؤل ثم حركت شفتيها قائلة:
ـ أنا آسفة لأنني شككت بك.... سامحني ارجوك.
امسك "مايكل" بيدها وسحبها بعيداً عن المكتب بهدوء وجلس ليتابع عمله ولم تجد "مايا" عبارةً مناسبة لكي تقولها وشعرت بأن قدميها التصقتا
بالأرض ولم تستطع الحراك, فأدار رأسه إليها وتعلقت لسانه حين رأى الدموع في عينيها فقامت بمسحها بسرعة واظهرت ابتسامةً لطيفة على شفتيها
وقالت بمرح:
ـ سأذهب لأحضار بعضاً من العصير.
وخرجت راكضةً من المكتب واغلقت الباب خلفها, ومحت ابتسامتها الكاذبة واحست بإحباطٍ شديد, وجرت خلفها ذيول الخيبة.... بعد وقت وقفت "مايا"
امام مكينة العصير وملئت الكوب الأبيض ثم اخذته وشربت القليل منه وطرأ في بالها الشك من جديد, فأنزلت يدها وقالت بتوتر:
ـ هل يمكن.... هذا مستحيل!
وسقط الكوب من يدها وانسكب كل العصير على الأرض ولم تبالي بل استمرت بالسير بخطواتٍ سريعة وتردد بداخل نفسها:
ـ كيف انطلت علي هذه الخدعة؟... من الطبيعي ان يقوم بهذا لكي لا يُكشف أمره....
وعضت اصبعها وابطأت قدميها بعض الشيء وقالت بمكر:
ـ لدي خطةٌ جيدة.

بعدما وصلت "تينا" إلى الشركة أوقفت أحد الموظفين وسألته عن "مايكل", وكان رده لها:
ـ لا أعلم عنه شيئاً, فهو لم يأتي إلى هنا منذ مدة.
حركت "تينا" رأسها وقالت له بشرود:
ـ حسناً, شكراً.
رفعت "تينا" يدها إلى صدرها ولم تعرف ماذا تفعل, فقد تفاجأت كثيراً بالرد الذي سمعته الآن من الموظف, فأخرجت هاتفها النقال من الحقيبة
واتصلت به لكن هاتفه مغلق كالعادة, فتنهدت بعمق واعادته لمكانه وغادرت الشركة وهي مستاءةٌ للغاية وبقيت تفكر بالمكان الذي يذهب إليه
أثناء العمل, لذا قررت انتظاره اليوم ريثما يعود لكي تعرف الحقيقة...
دخلت "تينا" إلى غرفتها ورمت بمعطفها على السرير, واتسعت شفتيها ضيقاً وقالت:
ـ لا اعرف ما الذي تخطط له, "مايكل"؟

شارفت الشمس على المغيب في الوقت الذي حملت فيه "مايا" اغراضها وغادرت الشركة, وبينما كانت تنزل من الدرج ادارت رأسها للخلف ناظرةً
إلى الأعلى وبالتحديد للنافدة التي تطل على مكتبها, ثم توجهت نحو سيارتها الخاصة وفتحت الباب وركبت وفجأةً لمحت "مايكل" يراقبها من النافدة
لكنها تظاهرت بعدم الانتباه وحركت السيارة... فأبتسم بإرتياح وعاد لمكتبه وحين جلس قال ساخراً:
ـ سينتهي كل شيءٍ اليوم....
وأخذ اوراقاً كان بالقرب من حاسوبه وتابع كلامه قائلاً:
ـ ذلك المدير المغفل, طلب مني مراجعة هذه.... لم يكن العمل صعباً هنا كما كنت اتخيل.
اوقفت "مايا" سيارتها في الساحة الخلفية من الشركة ووضعت رأسها على المقود ولم تستطع اخفاء ضحكاتها الواثقة وهي تقول:
ـ أنا لستُ مغفلة.. لست مغفلة... لن اقع في حيلٍ رخيصة.
قام "مايكل" بتدوين كل المعلومات وارسلها لحاسوبه في الشركة الأخرى وكان في غاية السعادة لأنه اتم عمله أخيراً وبدون اية مشاكل ولم يعلم
بأن هناك محنةٌ كبيرة ستعترض طريقه....

احتضن "روبرت" يد والدته وسط كفه وخرجا معاً من المستشفى, والإرهاق ما زال ظاهراً على وجهها, ثم اوقفت قدميها عن السير للحظة
وقالت متسائلة بدون ان ترفع رأسها:
ـ أخبرني يا "روبرت", هل كنت على مشارف الموت فعلاً؟...
ورفعت عيناها الدامعتان إليه متابعةً كلامها بنبرةٍ حزينة:
ـ سمعت الطبيب يقول بأنهم لم يحصلوا على دمٍ كافٍ لي بالمستشفى... إذن من قام بمساعدتي؟
حرك "روبرت" عيناه يميناً وشمالاً ولم يعرف كيف يرد على والدته, فأكتفى بالقول لكن نبرته لم تخفي ارتباكه:
ـ وجدنا شخصاً بالصدفة, وتبرع لكِ بدمه.
هزت الأم رأسها نفياً وكأنها لا تصدق ما يقوله, وعظت شفتيها بألم قائلة:
ـ هذا غير صحيح!.... بالرغم من كل شيء..... رغم كل ما فعلته.... قامت بمساعدتي...
اتسعت عينا "روبرت" في اندهاش بدون ان يعرف من اين اكتشفت والدته هذا الأمر, وسألها بحيرة:
ـ والدتي... هل كنتُ تعرفين؟
اغلقت والدته بكفها على شفتيها وهزت رأسها بنعم والدموع تنهمر من عينيها, واستجمعت شجاعتها وقالت بجدية:
ـ خذني إلى هناك أرجوك.... أرجوك يا "روبرت".
لم يجد "روبرت" وسيلةً للرفض ولم يسألها حتى كيف عرفت بالأمر, لكنه اراد ان ينفذ لها رغبتها لهذا قام بإيصالها إلى منزل تلك المرأة....

عندما هبط الظلام, كان "مايكل" قد انهى كل عمله في هذه الشركة, ووضع استقالته من العمل على مكتبه واخذ الحاسوب معه لكي لا يبقي
دليلاً خلفه, وخرج من الشركة وما زالت "مايا" تراقب من بُعد وعندما رأته شغلت سيارتها بسرعة ولحقت به بعدما ارتدت قبعةً سوداء على
رأسها وطاردته بطريقةٍ لا تسمح له برؤيتها لترى إلى اين سيذهب وطوال الطريق وهي تداعب بأصابعها على المقود, وبعد سيرٍ دام عشر دقائق
اوقف "مايكل" سيارته عند منزل "تينا" فتوقفت "مايا" بعيداً وحدقت بالمنزل الفخم وقالت بإندهاش:
ـ هل يسكن في هذا المنزل؟... إنه رائع.
وهزت رأسها نفياً وقالت بغضب متابعةً كلامها:
ـ علي ألا افكر بهذا الآن.... يال غبائي.
وعندما اطمئنت بأنه قد دخل واصبح المكان آمناً اقتربت بسيارتها واوقفتها عند البوابة خلف سيارته مباشرة, ونزلت لترى اسم صاحب المنزل
وعندما اقتربت من اللوحة وقرأت المكتوب اتسعت عيناها لأقصى حدودها وتذكرت كلام والدها حين قال ضاحكاً وهو يحمل سجارةً بيده:
ـ لقد استوليت على شركة "ألبرت" والآن لن يتبقى لهم شيء.
تسمرت "مايا" في مكانها وعرفت كل شيء, وعرفت كذلك لماذا جاء "مايكل" للعمل في شركة والدها... لقد استولى على كل شيء ووالدي لا
يعلم حتى الآن, فقالت "مايا" بصدمة:
ـ يا إلهي... اكاد لا أصدق.... لكن يجب أن أتأكد بنفسي.
وركبت سيارتها مسرعة عائدةً للمنزل لتجمع معلوماتٍ عن شركة "ألبرت"....

دخل "مايكل" إلى غرفة "تينا" وهي تجلس على الطاولة وتشرب فنجاناً من القهوة, فأبتسم في وجهها وقال بسعادة:
ـ مرحباً يا حبيبتي.... لقد عدت باكراً من أجلك.
وسحب الكرسي وجلس بجانبها فوضعت قدح القهوة على المنضدة ورمقته بنظراتٍ متسائلة وقالت:
ـ أين كنت؟
تعجب "مايكل" من سؤالها المفاجئ وابتسم مجيباً بهدوء:
ـ كنت بالشركة.... ألديك شكٌ في ذلك؟
نهضت "تينا" من الكرسي ووقفت امام النافدة بنبرةٍ غاضبة:
ـ لماذا تستمر بالكذب يا "مايكل"؟.... أنا اعلم أنك لم تكن بالشركة فقد ذهبت إلى هناك اليوم وأخبروني بأنك لم تأتي منذ مدة....
والتفتت إليه متابعةً كلامها:
ـ ألن تخبرني ما معنى هذا؟
استمر "مايكل" بالإبتسام لها وازداد غضبها اكثر وادارت ظهرها إليه فأقترب منها اكثر وربت بكفيه على كتفيها وقال:
ـ كنت قلقةً علي, أليس كذلك؟.... صحيح أنني لم اذهب إلى شركة سيدي منذ مدة لكن هذا لا يعني أنني لم اكن اعمل.
التمعت عينا "تينا" وهي تعيد له نفس السؤال السابق:
ـ إذن, أين كنت؟
امسك "مايكل" بيدها وجلسا معاً على السرير وشرح لها كل ما كان يفعله منذ البداية حتى هذه اللحظة, وكانت تتفاجئ بما تسمعه اذناها واكمل
كلامه قائلاً:
ـ لن اسامح اي شخصٍ يقوم بتدمير مستقبل هذه العائلة... لقد انتقمت منهم جميعاً.
امتلئت عينا "تينا" بالدموع فرحاً بما فعله, وندمت على كل كلمةٍ قالتها له فقالت وهي تحاول الإبتسام:
ـ شكراً لك "مايكل"....
وعانقا بعضهما بكل حب, ومسح على شعرها وهو يقول:
ـ غدا سأكمل ما تبقى, وسيعود كل شيءٍ لوضعه الطبيعي.

فتحت الخادمة الباب لـ "روبرت" ووالدته وسمحت لهما بالدخول وادخلتهما إلى غرفة الضيوف ريثما تأتي السيدة "اليزا" والدة "هنري"....
ساعد "روبرت" والدته "آن" على الجلوس في الأريكة الخضراء وقال مبتسماً:
ـ استرخي قليلاً... ما زلت متعبة.
وفجأةً دخلت السيدة "اليزا" فوقف "روبرت" منفرداً ومنع "آن" من ذلك فأغلقت الباب بهدوء وتقدمت بكل كبرياء وجلست قائلة:
ـ المعذرة لأنني لم اسمح للخادمة بتقديم شيءٍ لكما, فأنتما لا تعتبران ضيوفاً لي.
كاد "روبرت" أن يتحدث لكن "آن" امسكت بيده وطلبت من المغادرة فأخفض حاجباه وقال:
ـ لكن...
ونظر إلى عيني والدته الغاضبة فغادر الغرفة ليترك لهما الحرية في التحدث مع بعضهما...
بدأت الآنسة "آن" بالحديث قائلة بنبرةٍ مرهقة:
ـ لا اعرف كيف اشكركِ على ما فعلته لي.... اعلم بأنكِ لن تسامحي المرأة التي تسببت بموت زوجك, لكن....
قاطعتها "اليزا" بحقد وصرخت عليها قائلة:
ـ وما زلتِ تملكين الجرأة على القدوم إلى هنا أيتها القاتلة.
ارتجف كتفي "آن" وقالت والدموع تتلألأ في عينيها:
ـ صدقيني اردت مساعدتكِ في ذلك اليوم, لكن زوجي رفض وبشدة فقد اضاع بعضاً من نقوده في صفقةٍ فاشلة ورفض اعطائي ما تبقى منها
لكي اساعد اعز صديقةٍ لدي.
ضحكت "اليزا" بسخريةٍ بالغة وقالت بجدية:
ـ اتظنين بأنني سأصدق هذا الكلام الفارغ الآن؟.... بعد مضي عشرين سنة.
نهضت "آن" من الأريكة وقالت مبتسمة:
ـ عرفت بأنك ستقولين هذا, لذا جئت لأقدم اعتذاري.... ولا تنسي ما كان يربطنا ببعضنا في الماضي.... وداعاً.
اثرت هذه الكلمات على قلب "اليزا" لكنها لم تتراجع عن قرارها وكانت هذه نهاية كل شيءٍ بينهما.....

بحثت "مايا" عن المعلومات الخاصة بشركة "ألبرت" والموظفين الذين يعملون هناك, لكنها لم تجد بينهم اسم "مايكل" مطلقاً فهو لم يُسجل بعد
بل ما زال بإسمه المستعار, فدخلت إلى معلومات كل موظفٍ على حدا لترى صورهم الشخصية وتوقفت عند صورة الموظف الذي يدعى "توماس"
وحدقت به جيداً وقالت بحيرة:
ـ شكله يبدو مختلفاً بعض الشيء, لكن الملامح واحدة... يبدو انه قام بخداع "ألبرت" أيضاً.
وضربت بيدها على المكتب وقالت بضجر:
ـ تباً, لم اجد شيئاً.
ثم لمحت كلمةً بجانب اسمه وكُتب عليها "معلوماتٌ أخرى" وحين فتحتها وجدت ما تبحث عنه فقالت بمكر:
ـ وأخيراً.. إنتهى أمرك "مايكل".
وبقيت مستيقظةً حتى الصباح, فلم تستطع النوم بسبب ما يحدث من حولها....
والآن... لا أحد يعلم ما الذي ستفعله "مايا"... وهل ستنتقم من "مايكل" كما فعل هو بوالدها؟....



********************************************



في اليوم التالي, أثناء فترة الدوام كان المدير في مكتبه يتحدث مع احد الموظفين ويراجع بعض الملفات معه, ثم اغلق الملف الأزرق وسلمه للموظف
وقال بدون ان يرفع رأسه إليه:
ـ قم بإستدعاء "مايكل".
تلعثم الموظف في كلامه وهو يرد على المدير قائلاً بإرتباك:
ـ السيد "مايكل" لم يأتي للشركة اليوم يا سيدي.
نظر المدير إلى الموظف بنظراتٍ متسائلة وصرخ عليه قائلاً:
ـ هذا مستحيل!... طلبت منه مراجعة معلومات مهمة للغاية ومن المفترض ان يسلمها اليوم, اذهب وتأكد من قدومه.
هز الموظف رأسه موافقاً بدون تردد وسار بخطواتٍ سريعة نحو الباب وحين خرج نزع المدير النظارات عن عينيه وقال بإستياء:
ـ يال غبائه.
دخل الموظف إلى مكتب "مايكل" ولم يجد أحداً وحتى "مايا" لم تصل بعد, ولمح بالصدفة ظرفاً أبيض على المكتب فأخذه وقلبه للخلف واتسعت
عيناه لأقصى حدودها حين رأى الكلمة المكتوبة وانطلق مسرعاً إلى الرئيس ليخبره بالأمر, وبعد مرور وقتٍ قصير قام المدير بقراءة الإستقالة وعبارة
وجهه توحي بالخوف والقلق وسمع الموظف يقول:
ـ لم يترك السيد "مايكل" شيئاً على مكتبه, فقد اخذ الحاسوب أيضاً.
ارتجفت يد المدير ونهض بقوة من مكتبه وضرب بيده على المكتب وقال بعصبية:
ـ ذلك الحقير, لقد كان يخدعني طوال تلك الفترة.
ورمى بالورقة إلى الموظف وهو يتابع كلامه قائلاً:
ـ إقرأ المكتوب هنا.
وحين بدأ بالقراءة قاطعه صوت "مايا" من الخلف وهي تقول بثقة بالغة والإبتسامة على شفتيها:
ـ لقد خدعكم بسهولة.... لستم سوى مجموعةٍ من الحمقى.
التفت الإثنان إليها وهي متكئةٌ على حافة الباب وقد عقدت ساعديها نحو صدرها, فعقد الموظف حاجباه بضيق ورد عليها وهو يحرك
الرسالة بيده:
ـ تتحدثين بثقة بالغة, من يدري ربما تكونين مشتركةً معه بهذه الجريمة.
تقدمت "مايا" نحو الموظف ولم تبالي بوجوده حتى, ورمقة والدها بنظراتٍ متسائلة فأبعد عينيه عنها وقال:
ـ البارحة قمت بتسليمه معلوماتٍ مهمة عن شركتنا ليقوم بمراجعتها.
تحجرت "مايا" في مكانها فهي لم تكن تعلم بهذا, فضربت بكلتا يديها على المكتب وقالت:
ـ فعلت هذا من دون ان تعرف من هو "مايكل".... ما هذا التصرف الأحمق؟
واخفضت صوتها قليلاً وتابعت كلامها قائلة وهي تعقد قبضة يديها بقوة:
ـ "مايكل" كان يعمل هنا للإنتقام منك... أتعلم هذا؟... قمت بتوظيفه فقط بدون ان تجمع معلوماتٍ كافية عنه.
رمقها والدها بنظرات الحيرة وسألها قائلاً:
ـ ما الذي تقصدينه؟
تنهدت "مايا" بعمق واخفضت رأسها وهي تجيبه بنبرةٍ غاضبة:
ـ إنه موظفٌ في الشركة التي قمت بسرقة اموالها, شركة السيد "ألبرت".
تسارعت نبضات قلب والدها في خوف, وبقي يحرك عينه يميناً وشمالاً ولم يعلم ماذا يقول... فأكملت "مايا" حديثها بإبتسامةٍ ممزوجة بالغضب
والحزن:
ـ من يدري ما هي المعلومات التي حصل عليها أيضاً....!
وقاطعها صوت الموظف الغاضب وهو يصرخ قائلاً:
ـ لن اسمح له بكشف أمرنا, لن اسمح بذلك.
وركض مسرعاً للخارج والمدير يطلب منه التوقف لكن بلا فائدة, وجلس على كرسي مكتبه الأسود ووضع يده على رأسه وهو نادمٌ على اللحظة
التي سمح فيها لـ "مايكل" بالعمل هنا, فأعادت "مايا" النظر إليه وسألته بهدوء:
ـ ألن تفعل شيئاً؟
اخذ المدير نفساً عميقاً ورد عليها قائلا:
ـ سوف اترك الأمر له هذه المرة.

وضع "مايكل" ورقةً بيضاء على مكتب الضابط في مركز الشرطة, فنظر إليها بتمعن ورفع عينيه إليه وسأله قائلاً:
ـ هذه الشركة تعمل على اختلاس الأموال من شركاتٍ اخرى بدون علمٍ من احد, والجميع يعلم بأن هذه جريمة.
حرك الضابط رأسه موافقاً وقال:
ـ حسناً, ومن الجيد أنك احضرت لنا الدليل على صحة كلامك... يمكنك الإنصراف الآن لنقوم بعملنا.
انحنى "مايكل" له وغادر المكان بعدما اطمئن قلبه, وان خطته قد نجحت تماماً وعاد كل شيءٍ إلى ما كان عليه... وانطلق ليكمل بعض
الأمور في شركة "البرت"....

اعلنت نتائج المرحلة الثانوية وذهب "جاك" ليعرف نتيجته وقلبه يخفق بشدة وهو يسير نحو اللوحة البيضاء المعلقة بساحة المدرسة والطلاب
يلتفون حولها وكل واحدٍ يرغب بمعرفة النتيجة النهائية التي سوف تؤهلهم لدخول الجامعة, واقترب "جاك" أكثر ولمح بالصدفة اسمه من بين
الناجحين بتفوق فعلت الإبتسامة شفتيه وقال بسعادة:
ـ نجحت... لقد نجحت بتفوق... هذا رائع.
وركض نحو الخارج بكل سرعته ليوصل هذا الخبر السعيد إلى عائلته ...

في المساء, بينما كان "مايكل" يقود سيارته عائداً إلى المنزل, اخذ هاتفه النقال واتصل بـ "تينا", فرفعت الخط وانتقل إلى مسامعه صوتها
الدافئ وهي تقول:
ـ مرحباً "مايكل".
اتسعت شفتيه بإبتسامةٍ لطيفة وهو يرد عليها:
ـ "تينا", انا انتظركِ بالخارج.... سنذهب معاً في نزهة, ما رأيكِ؟
أحست "تينا" بسعادةٍ كبيرة وقالت بحماس:
ـ حسناً, سوف آتي حالاً.
واغلقت الهاتف وقامت بإرتداء معطفها الأبيض ذات الأزارير السوداء وحملت حقيبتها وخرجت من المنزل, وكانت في غاية السعادة فهذه
أول نزهةٍ يقومان بها منذ عودتهما من ألمانيا.... وركبت معه في السيارة وسألته بلطف:
ـ إلى أين سنذهب؟
أجابها في مرح:
ـ لا أعلم.
وضحكت عليه وانطلق بسيارته لكن تبعه شخصٌ لم يكن بالحسبان, ذلك الشخص هو الموظف "جورج" الذي وعد بالإنتقام من "مايكل" على
فعلته الذنيئة بتخريب سمعة الشركة.... وفجأةً رن هاتفه المحمول ورد عليه بجفاء وانتقل إليه صوت "مايا" الباكي وهي تقول:
ـ الشرطة قامت بالقبض على والدي... ما الذي تفعله حتى الآن؟
رفع "جورج" حاجباه بإندهاش وقال متسائلاً:
ـ لماذا؟... وكيف حدث ذلك؟...
ردت عليه وهي تمسح دموعها المنهمرة بغزارة على خدها المتورد:
ـ لقد اخبرهم "مايكل" بأن والدي كان يختلس الأموال من شركاتٍ أخرى بدون علم أحد... ما العمل؟
ضرب "جورج" بيده على المقود وقال بغضب:
ـ سوف أتصرف, لا داعي للقلق.
واغلق الخط ورمى بالهاتف في الكرسي الآخر, وهمس بداخل نفسه قائلاً في حيرة:
ـ ما العمل الآن؟... حتى القتل لن يجدي نفعاً, سوف احمي الرئيس منه.
وبقي يلاحقه من مكانٍ إلى آخر, وأخيراً اوقف "مايكل" سيارته ونزلا هو و"تينا" ودخلا معاً إلى السوق ونزل "جورج" كذلك واخذ معه مسدساً
اسود وادخله في جيبه, ابتسم قائلاً بثقة:
ـ من الأفضل أن يموت بجانب حبيبته.
ودخل إلى السوق معهم, ولم يلاحظه أحد.... وقفت "تينا" بجانب خاتمٍ يلمع ببريقٍ فضي مع الأضواء وقالت :
ـ إنه جميل.
وقف "مايكل" بجانبها وسألها قائلاً وهو يربت بكفه على كتفها:
ـ أتودين الحصول عليه؟
ادارت "تينا" رأسها إليه وقالت:
ـ كلا... لقد اتينا إلى هنا للمشاهدة فقط... لن اشتري شيئاً, موافق؟
هز "مايكل" رأسه موافقاً وتشابكت اصابعهما مع بعضها وخرجا من ذلك المحل للإنتقال لمكانٍ آخر, لم يتمكن "جورج" من القيام بشيء وسط
ذلك الإزدحام الهائل وفضل انتظاره بالخارج....

طرق "جاك" باب غرفة "ميمي" فسمحت له بالدخول, وعندما دخل وجلس على السرير بدت ملامح الحزن ظاهرةٌ على وجهه, فأقتربت "ميمي"
منه وسألته بحيرة:
ـ ما الأمر؟.. ألست سعيداً بنجاحك؟
اغمض "جاك" عينيه مع انسدال شعره عليها وقال وهو يحرك رأسه:
ـ كلا... الأمر ليس كذلك.... إنه الأمر يتعلق بـ "تيما".
لم تستطع "ميمي" استيعاب الأمر, إلا حين رفع رأسه ورمقها بنظراتٍ حزينة وهو يتابع كلامه قائلاً:
ـ والداي يريدان مني دراسة الطب في الخارج... وإذا ذهبت إلى هناك لن أتمكن من رؤية "تيما".
وضعت "ميمي" يدها على كتفه وقالت له بحنان:
ـ أيهما اهم بالنسبة لك, "تيما" أم الدراسة؟... اعلم بأنه قرارٌ صعب, لكن...
وسقطت دمعةٌ من عينه وقال بنبرةٍ باكية:
ـ لا أريد.... يكاد رأسي ينفجر كلما فكرت بهذا الأمر.... ما الذي ستفعلينه لو واجهتكِ مثل هذه الحالة؟
ابعدت "ميمي" عيناها عنه ولم تتمكن من الإجابة فهي لم تقع في موقفٍ صعب كهذا, واكتفت بالقول:
ـ لماذا لا تسأل "تيما" عن رأيها بالأمر؟
اخفض "جاك" حاجباه وقال بنفس النبرة السابقة:
ـ لأنني أعلم بأنها ستوافق.... لكن بداخلها ترفض هذا...
وغرقا الإثنان في جوٍ من التفكير ولم يتمكنا من الوصول إلى حلٍ حتى الآن....

عندما خرجا كلٌ من "مايكل" و "تينا" من السوق, وكانا متجهان إلى السيارة, وجه "جورج" مسدسه نحوه بإتقان وهو يختبئ خلف جدع
الشجرة بالحديقة المقابلة للسوق, وارتجفت يداه وبدا متردداً في البداية واشتد غضبه حين تذكر ما فعله للمدير, ثم اطلق النار بقوة عندما
كاد "مايكل" أن يفتح الباب واستقرت في ظهره عندما اداره للخلف ليفتح الباب, وسقط مباشرةً على الأرض بقوة وصرخت "تينا" بخوف
واتجهت نحوه وحملت رأسه من الأرض وهزته قائلة:
ـ "مايكل".... "مايكل"...
وانطلق حارسان من السوق وقاما بإلقاء القبض على "جورج" الذي تسمر في مكانه ولم يتمكن من الحراك بعد ما فعله ....
فتح "مايكل" عيناه بهدوء وقال متألماً:
ـ أنا بخير... لا تقلقي...
وجاءت سيارة الإسعاف مسرعة وتم نقله إلى المستشفى برفقة "تينا"..... وطوال الطريق و"تينا" تعانق يده بين كفيها, والدموع تنهمر من عينيها
فأدار رأسه إليها بصعوبة وابتسم قائلاً:
ـ لماذا تبكين؟.... لن اموت بهذه السهولة يا حبيبتي.
التمعت عيناها بدموع الحزن وهي تخاطبه بنبرةٍ مرتجفة:
ـ كاد قلبي يتوقف خوفاً عليك, ما الذي سيحدث لي إذا رحلت عني؟
احس "مايكل" بخوفها الشديد واراح يده على خدها وقال بنبرةٍ مرهقة:
ـ إنني أتألم اكثر كلما رأيت دموعكِ.... لذا ... ارجوكِ... كوني قوية...
واغمض عينيه ولم يعد يستطيع الكلام... فامسكت بيده مرةً اخرى وهزت رأسها موافقة بعدما مسحت دموعها حتى وصلوا إلى المستشفى....


************************************************** ***


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-13, 12:03 AM   #113

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



- 56 - " التفكيـر العميـق "

حمل "جاك" هاتفه النقال وسط كفه الأيمن, وبقي يتطلع بإسم "تيما" ويتردد بالضغط على زر الإتصال, فهو لم يعرف كيف يدخل في صلب
الموضوع مباشرةً, وكيف سيوضح لها الأمر....
وفجأةً, رن هاتفه ورأى أنها المتصلة هذه المرة, فأرتجفت اصابع يده وضغط زر الرد ووضع السماعة في اذنه وقال بنبرةٍ خافته:
ـ مرحباً.
انتقل إلى مسامعه نبرة صوتها الهادئة وهي تقول مرحبةً به:
ـ كيف حالك "جاك"؟... مباركٌ لك النجاح.
سألها "جاك" في استغراب:
ـ كيف عرفتِ ذلك؟
وقفت "تيما" مقابلةً للنافدة وقالت بإبتسامةٍ صافية ترتسم على شفتيها:
ـ ذهبت إلى مدرستك ورأيت النتيجة بنفسي... لا تتصور سعادتي بذلك.
التزم "جاك" الصمت لبرهة واحست "تيما" بأنه يود قول شيء, لكنه متردد فبادرت بالحديث قائلة:
ـ "جاك", ألست سعيداً؟
عظ "جاك" شفتيه وجلس على سريره وقال بنبرةٍ حزينة:
ـ بالطبع سعيد.... كيف لا اكون سعيداً وانا اتحدث مع حبي الأول..!
اخفضت "تيما" حاجباها ببطء, وشعرت بأنه يخفي شيئاً فتنهدت قائلة بصوتٍ حنون:
ـ حسناً إذن, سأغلق الخط.
وفاجئها صوته وهو يقول بتوسل:
ـ لا تفعلي ذلك.... أرجوكِ...
اتكئت "تيما" بظهرها على النافدة وانتظرت منه ان يكمل حديثه لكنه لم يفعل ذلك, وظلت هي صامته لتعطيه فرصةً اخرى, فحرك شفتيه وابتلع
لعابه بصعوبة قائلاً بإرتباك:
ـ أنا.... أنا.... لا أريد الإبتعاد عنكِ لدقيقةٍ واحدة.... لذا... لذا... هل ستظلين تحتفظين بحبنا للأبد؟... مهما حدث....
اتسعت شفتي "تيما" بإبتسامةٍ اشعرتها بالإرتياح من كلماته, وعرفت بأنه حزين ومتضايقٌ من امرٍ ما, لكنها لم تشئ أن تسأله الآن, وردت
على تسائله قائلة:
ـ اعدك... اعدك بأني سأحافظ على هذا الحب.
سقطت دمعةٌ ساخنة من عينه وابتسم رغماً عنه وقال بنبرةٍ مرتجفة:
ـ "تيما"... أنا أحبك, أحبك كثيراً.
احمر وجه "تيما" خجلاً وقالت له بصوتٍ خجول:
ـ وأنا أيضاً... تصبح على خير.
واغلقت الهاتف بسرعة وفعل هو نفس الشيء, واستلقى على سريره وفرح بأن هناك من يشاركه نفس الشعور واحس بأن الأمور ستسير
بشكلٍ جيد....

وصل والداي "تينا" إلى المستشفى وجاء إليها مسرعين وهي تجلس على مقاعد الإنتظار بجانب الغرفة, وحين وصلا سألها والدها بخوف:
ـ ما الذي حدث؟....
ردت عليه "تينا" محاولةً اخفاء حزنها:
ـ اصيب "مايكل" بطلقةٍ من المسدس, لكن اصابته ليست خطيرة حسب ما قاله الطبيب.
اراح الأب يده إلى صدره وقال مطمئناً:
ـ حمد لله, كنت قلقاً عليه.
نهضت "تينا" من مكانها ووقفت عند النافدة الزجاجية التي تفصلها عنه, ورأته وهو مستلقٍ على السرير الأبيض, ولم تستطع منع عينيها
من ذرف الدموع, وركضت إلى الباب ودخلت إليه ولم يستطع والديها ايقافها وجلست بجواره وامسكت بيده واحتضنتها إلى صدرها وقالت
بحزنٍ شديد:
ـ "مايكل", أنا احتاج إليك في كل لحظة..... اريدك ان تكون بقربي...
وقبلة يده بكل حب, ومسحت بيدها على شعره البني وابتسمت رغماً عنها وبقيت تحدق به طوال الليل ... ولم تبعد يديها عنه دقيقةً واحدة....
ولم تغفو عينيها عنه للحظة, وكلما نظرت إليه تذكرت كل اللحظات الجميلة التي قضتها معه ....

رن هاتف "رينا" النقال وهو على المنضدة, فنهضت من سريرها واخذته وضغطت زر الرد وقربت السماعة من اذنها وقالت مبتسمة:
ـ مرحباً, "بريتي".
انتقل إلى مسامعها صوت "بريتي" وهي تقول مرحبةً بها وتسألها:
ـ "رينا", هل ستكونين متفرغةً بالغد؟
جلست "رينا" على الكرسي بجانب المنضدة وفكرت قليلاً ثم ردت عليها قائلة وهي تحرك رأسها:
ـ بالطبع, ما الذي تريدينه؟
اجابتها "بريتي" بهدوء :
ـ اريد الذهاب للتسوق واريد منكِ مرافقتي, هذا كل شيء.
سُعدت "رينا" كثيراً بهذا الطلب وردت عليها بحماس:
ـ حقاً؟.... سأتصل بـ "ساكورا" لكي تذهب معنا.
اتسعت شفتي "بريتي" بإبتسامةٍ لطيفة وقالت بدون تردد:
ـ حسناً, اراكِ غداً.
واغلقت الخط ووضعت الهاتف على السرير وجلست بجانبه وعقدت اصابع يدها مع بعضها وظلت تفكر بـ "روبرت" فهو لم يتصل بها
منذ يومين, فأخذت الهاتف لتتصل لكنها هزت رأسها معارضة واعادته إلى مكانه وتنهدت بضجر ووضعت رأسها على الوسادة البيضاء
واطفئت الأنوار واغمضت عينيها لكي تنام....

امسك "آندي" بصورة "ماريان" وحدق بها بتمعن, واحس بالإرتياح حين رأى الإبتسامة على شفتيها وتخيل بأنه يرى "ساكورا" بدلاً منها
وسُعد كثيراً لأنها ما تزال بجانبه, وسيظل برفقتها دائماً ولن يفارقها للحظة, ثم اعاد الصورة إلى درج مكتبه, واطفئ النور ليستعد للنوم...
في نفس ذلك الوقت, اخرجت "ساكورا" ثوباً قصيراً رمادي اللون ووضعته على السرير, وعدلت وقفتها وابتسمت قائلة:
ـ سأرتديه في الغد عندما اذهب للتسوق مع "رينا".
وعلقته بواجهة الخزانة واستلقت على سريرها وكانت تنتظر الغد بشوقٍ كبير...

اصدر هاتف "لوسكا" صوتاً يعلن عن وصول رسالةٍ جديدة بينما كانت تقرأ كتاباً وهي تجلس على سريرها بالقرب من النافدة وضوء القمر
منبعثٌ منها, فألتقطت الهاتف وفتحت الرسالة وقرأت محتواها:
ـ كلمات حبي لن تكفي لأعبر لكِ عن مشاعري الحقيقية, حبي يزداد كلما القاكِ, واضمكِ إلى صدري... أحبكِ... "جيم".
سقط الكتاب من يد "لوسكا" بعدما قرأت هذه الرسالة, وابتسمت بخجل واحست بأن نبضات قلبها تتسارع مع كل ثانيةٍ تمر, فكتبت له رسالةً
لتعبر فيها عن مشاعرها اتجاهه بكل صدق:
ـ لا معنى لحياتي إذا لم يكن حبي موجوداً, زرعت بقلبي حباً لا يمكن لأحدٍ تصوره, وسيظل قلبي ينبض بذلك الحب... أحبك...
واحتضنت الهاتف بين كفيها وتمنت لو كانت بقربه الآن لتشعر بأنفاسه, وترى بريق عينيه..... وهو أيضاً احس بنفس ذلك الشعور بعدما قرأ
رسالتها الأخيرة, وعرف بأن تحمل مشاعر صادقةً في قلبها...

بزغت شمس الصباح معلنةً عن بدء يومٍ جديد, ولاحظت "تينا" خيوط اشعة الشمس تتداخل من بين فتحات ستائر غرفة "مايكل" بالمستشفى
ففتحت جزءً منها ورأت ذلك المنظر الخلاب, فقد كانت النافدة تطل على حديقة المستشفى المغطاة بالأشجار الخضراء مع اصوات العصافير في
الصباح الباكر, ففتح "مايكل" عيناه ببطء وادار رأسه إلى الجهة التي تقف فيها وهمس قائلاً بنبرةٍ هادئة:
ـ "تينا"؟
التفتت "تينا" إليه بسرعة وارتسمت على شفتيها ابتسامة السعادة حين رأته وركضت إليه وعانقته بحنان وهي تقول والدموع تتلمع في
عينيها:
ـ "مايكل".... حمد لله على سلامتك يا حبيبي... كاد قلبي يتوقف خوفاً عليك.
واعادت النظر إليه وكان يبتسم لها بطيبة, فمسحت دموعها وقالت برقة:
ـ كيف تشعر الآن؟
اجابها بنفس النبرة السابقة:
ـ قلت لكِ بأنني بخير.... لن اموت بهذه السهولة.... وايضاً رؤيتك بجانبي جعلتني اشعر بتحسن.
ضمت "تينا" يده بين كفيها وهزت رأسها وهي تقول:
ـ بقيت بجانبك طوال الليل.... وكنت انتظر اللحظة التي تفتح فيها عينيك لتراني بجانبك يا حبيبي.
احتضن "مايكل" كفها بأصابعه وابتسم بإرتياح وبقيا يحدقان ببعضهما بصمت, بينما كانت العصافير تداعب زجاج النافدة وحلقت في السماء
الزرقاء الصافية, في نفس تلك اللحظة امسكت "ساكورا" بثوبٍ اسود اللون وبه لمساتٌ فضية جميلة, واتجهت نحو "رينا" و"بريتي" وقالت
بلهفة وهي تحتضن الثوب:
ـ ما رأيكما بهذا؟
ابتسمت لها "رينا" وهي تجيبها بمرح ونبرةٍ ساخرة:
ـ جميلٌ جداً, ويناسب شكلك الطفولي.
احمرت وجنتي "ساكورا" من شدة الإحراج وقالت بصوتٍ خافت:
ـ لست كذلك.
وذهبت للبائعة لتطلب شرائه, فألتفتت "رينا" إلى "بريتي" التي تنظر إلى الملابس بشرود وكأنها في عالمٍ آخر, ولاحظت ذلك وقامت بمناداتها
عدة مرات لكنها لم ترد عليها, فربتت بكفها على كتفها وسألتها بحيرة:
ـ "بريتي", ما بكِ؟
استفاقت "بريتي" من شرودها وتظاهرت بأنها بخير, واخفت ملامح الحزن بإبتسامةٍ كاذبة وقالت وهي تدير ظهرها:
ـ لنتوجه لمكانٍ آخر.


وتقدمت قبل "رينا" التي لحقت بها وتركت "ساكورا" منسجمةٌ في ذلك المحل, توقفت "بريتي" عن السير في منتصف السوق المزدحم بالناس
وعقدت اصابع يدها على معطفها وتوقفت "رينا" بجانبها وقالت بحماس:
ـ هذا المحل يبدو رائعاً... هيا نذهب إليه.
وامسكت بيدها وسحبتها خلفها وادخلتها إلى محلٍ يبيع ساعاتٍ جميلة, وكل المكان يضيء بالإضاءات الذهبية, فأشارت "رينا" بإصبعها إلى
ساعةٍ فضية وقالت لها بطيبة:
ـ لماذا لا تشترين هذه لـ "روبرت"؟
اتسعت عينا "بريتي" قليلاً واخذت الساعة بيدها وابتسمت بإرتياح ونظرت إلى "رينا" وقالت متناسيةً الحزن:
ـ معكِ حق.
وقامت بشرائها وخرجتا معاً من المحل, وفضلا البقاء في احدى الطاولات لشرب قليلٍ من القهوة ليأخذا قسطاً من الراحة, ووصلت إليهما "ساكورا"
وصرخت عليهما بضيق:
ـ لماذا لم تخبروني بأنكما هنا؟
ضحكتا الإثنتان عليها وسحبت لها "رينا" كرسياً وقالت لها:
ـ اجلسي فقط, وكفي عن التذمر.
جلست "ساكورا" ووضعت كيس الملابس بجانبها على الأرض, اما "بريتي" فقد شربت القهوة وقالت بإنتعاش:
ـ اشعر بتحسنٍ الآن... لم انم طوال الليل لأنني كنت منشغلةً بأمرٍ ما.
سألتها "ساكورا" بفضول:
ـ ما هو هذا الأمر؟
رمقتها "رينا" بنظراتٍ غاضبة, فأرتبكت "ساكورا" وقالت بإحراج:
ـ انا آسفة... لم اكن أقصد...
قاطعتها "بريتي" قائلة بنبرةٍ هادئة:
ـ لا داعي للإعتذار.... افضل الإحتفاظ بأموري الخاصة لنفسي فقط.
احست "ساكورا" بخجلٍ كبير, ولم ترى اي داعٍ لسؤالها هذا ولم ترفع عينيها إلى "بريتي" بعد ذلك, ثم حملت حقيبتها ووضعتها على كتفها
قائلةً ببرود:
ـ لنعد للمنزل... فأنا متعبة.
عندما خرجوا من السوق ونزلت "بريتي" عبر الدرج جاء طفلٌ بدا في العاشرة من عمره كان يركض على المزلجة ولم ينتبه لها وهي تنزل بسبب
الأشجار المحيطة بالسور الخارجي للسوق فأصطدم بها ووقعت على الأرض بقوة وسقط كل ما في حقيبتها ايضاً فنزلت "رينا" ومع "ساكورا"
مسرعتين إليها, وامسكت "ساكورا" بكتفيها وقالت لها:
ـ هل أنتِ بخير؟.... هل أصبتِ بأذى؟....
فتحت "بريتي" عينيها ببطء وقالت وهي تبتسم:
ـ أنا بخير.
ووقفت على قدميها بمساعدتها, واخذ الفتى المزلجة من الأرض وانحنى امامها قائلاً بخوف وكتفيه يرتجفان:
ـ أنا آسف, ارجوكِ سامحيني.
اقتربت منه "بريتي" ورفعت رأسه وقالت له بحنان:
ـ لا تخف, انا لست غاضبةً منك... يمكنك الإنصراف الآن.
علت الضحكة شفتي الفتى وحرك رأسه موافقاً وابتعد راكضاً وهو يلوح لها بيده, بينما كانت "رينا" تعيد الأشياء إلى الحقيبة لمحت الخاتم الذي
وجده "روبرت" في ساحة الجامعة والتقطته بهدوء وبقيت تحدق به وادارت رأسها إلى "بريتي" واخفضت عينيها لترى ما إذا كانت ترتدي الخاتم
الخاص بها وتفاجأت حين رأته بإصبعها واعادت النظر إليه والتمعت عيناها واتسعت شفتيها ضيقاً, وهزت رأسها نفياً وعندما حاولت إدخاله إلى الحقيبة
ترددت كثيراً وفجأةً سمعت همسات "بريتي" وهي تسألها:
ـ ما الذي تفعلينه؟
اخفضت "رينا" حاجباها وقالت والإبتسامة تعلو شفتيها وهي تقرب الخاتم من "بريتي":
ـ لا شيء... هذا الخاتم يبدو جميلاً.
اخذته "بريتي" وقالت بمرح:
ـ صحيح!.... ليتني أعلم صاحبة هذا الخاتم لكي اعيده لها.
نهضت "رينا" من على الأرض وقالت لها بإندهاش:
ـ ألا تعلمين لمن هو؟
حركت "بريتي" رأسها بـ لا, واحست "رينا" بأن يخصها لكن لسانها تعلقت ولم تستطع قول شيء, فأعادته إلى الحقيبة واعطتها لـ "بريتي"
وقالت ضاحكة:
ـ تفضلي.
اقتربت "ساكورا" منهما قائلة:
ـ ألن نذهب الآن؟
وتابعوا طريقهم وبقيت "رينا" تفكر بأمر ذلك الخاتم وبأنه يخصها, وحاولت التحدث والصراخ بأعلى صوتها لتقول بأنه لها, وبقيت "بريتي" تتبادل
الحديث مع "ساكورا" و"رينا" تسير خلفهما وتوقفت قدميها عن السير لبرهة وقالت بصوتٍ خافت:
ـ أنا... أنا...
ورفعت عينيها لترى بأنهما لم ينتبها لها, فتابعت السير خلفهما وهي تنظر إلى الطريق فأغمضت عيناها ببطء وقالت:
ـ يجب أن انسى امره... لكن كيف؟...
وفتحتهما مجدداً وهي ممتلئتان بدموع الحزن والندم وتابعت كلامها قائلةً بداخل نفسها:
ـ إنها الهدية الأولى التي حصلت عليها من "هنري".... لا يمكنني نسيان تلك اللحظة.... إذا تخليت عنه بهذه السهولة ... هذا يعني...
يعني... بأنني سأتخلى عن "هنري" في يومٌ من الأيام....
وتجمدت في مكانها واحست بأنها انتقلت إلى عالمٍ آخر... وغرقت في بحرٍ من التفكير العميق, وعرفت بأنها ضعيفة... نعم ضعيفة... "بريتي"
لن ترفض اعطائها اياه لكن كان يحوم في ذهنها سؤالٌ واحد:
ـ كيف وصل إليها؟.... ولماذا لم تخبرها؟... ربما تغير كل شيء لو أنها فعلت ذلك....
ادارت "بريتي" جسدها للخلف وقالت مستغربة:
ـ ما بها "رينا"؟
والتفتت "ساكورا" كذلك وهزت كتفيها في حيرة وهي تقول:
ـ لا اعلم.
ونادتها بأعلى صوتها فرفعت "رينا" رأسها بسرعة وركضت إليهما وقالت مبتسمة:
ـ المعذرة, لا اعلم ما الذي اصابني؟
واعادت النظر إلى "بريتي" وابتسمت قائلة بتردد:
ـ "بريتي".. اعتذر لأنني لم اخبركِ منذ البداية... لكن الآن.... هل يمكنكِ اعادة ذلك الخاتم إلي؟
رفعت "بريتي" حاجباها بإستغراب وقالت لها:
ـ هل هو...
هزت "رينا" رأسها بنعم وقالت بتوسل:
ـ نعم... ارجوكِ....
ضحكت "بريتي" في مرح وقالت وهي تربت بيدها على كتف "رينا":
ـ بالطبع سأعيده... لكن لماذا لم تخبريني بذلك من قبل؟
احست "رينا" بالإرتياح وقالت:
ـ حقاً... لم اعرف كيف اخبركِ بذلك... لذا... فكرت ملياً بالأمر ووجدت بأن هذا افضل.
فتحت "بريتي" الحقيبة واعطتها الخاتم فأخذته "رينا" بكلتا يديها وشعرت بالسعادة تغمر قلبها, ثم سمعت "بريتي" تقول لها:
ـ انكِ خجولةٌ جداً.... نحن صديقتان لذا لا تترددي في طلب اي شيءٍ مني.
ادخلت "رينا" الخاتم بإصبعها وتابعوا طريقهم, وبدأ قلب "رينا" ينبض بإرتياح مع مرور كل ثانية وهاقد حُلت مشكلتها ببساطة ولم يكن هناك
داعٍ لكل ما فكرت به, هذا ما اعتقدته هي بعدما عادت هديتها إليها.....

دخل "جاك" إلى غرفة والديه فطلب منه والده الإقتراب اكثر, فأغلق الباب خلفه وتوجه إلى الأريكة وجلس بجانب والده فوضع يده على كتفه
وقال له بطيبة:
ـ هل انت مستعدٌ للسفر من أجل الدراسة؟
اخفض "جاك" رأسه وقال بإحباط:
ـ لا اعلم.... اشعر بأني غير قادرٍ على دراسة الطب يا والدي.
تقوست حاجبا والده في حيرة وقال له متسائلاً:
ـ ماذا تعني بذلك؟.. ألم تقل لي منذ ان دخلت إلى المرحلة الثانوية بأنك ترغب بدراسة الطب؟... ما الذي جعلك تغيرك رأيك الآن؟..
حرك "جاك" عينيه يميناً وشمالاً, ورفع رأسه قائلاً بجدية:
ـ اريد الدراسة هنا, لا ارغب بالسفر للخارج.
نهض والده من على الأريكة وقال له في ضيق:
ـ ما الذي ستدرسه هنا؟.... لا يمكنني القبول بهذا, لقد اوصلت اوراقك إلى هناك.. لذا اياك ان تعارضني.
صرخ عليه "جاك" قائلاً بإنزعاج:
ـ من سمح لك بعمل هذا؟... لماذا لم تأخذ رأيي قبل ذلك؟....
رد عليه والده بعصبية:
ـ ستذهب... ولن اغير كلامي, ستسافر صباح يوم الأحد المقبل... هل هذا واضح؟
غادر "جاك" الغرفة وهو منزعجٌ للغاية واغلق الباب خلفه بقوة ودخل إلى غرفته ورمى بنفسه على السرير وقال وهو يضرب بيده:
ـ تباً.... تباً... لا يمكنني القبول بهذا.... "تيما" ما الذي علي فعله الآن؟.... اخبريني....

عندما شارفت الشمس على المغيب, كان "مايكل" يجلس متكئاً على الوسادة البيضاء وبجانبه "تينا", وكذلك والديها... وبدأ السيد "ألبرت"
بالحديث قائلاً:
ـ عندما يخرج "مايكل" من المستشفى بسلام سنقيم احتفالاً كبيراً لكما.
قالت "تينا" بحماس:
ـ هذا رائع بالفعل... شكراً لك يا والدي, سنقيم احتفالاً بمناسبة عودة الشركة كما كانت و.....
قاطعها "ألبرت" قائلاً بصوتٍ هادئ:
ـ بل بمناسبة زواجكما.
اتسعت عينا "تينا" لأقصى حدودها ولم تعرف ماذا تقول, هل تقفز من شدة الفرحة ام تكتفي بالإبتسام, فأبتسم "مايكل" بهدوء ورمقته "تينا"
بإستغراب وقالت متسائلة:
ـ ما الذي يجري هنا؟... هل اخبرت والداي بالأمر؟...
هز "مايكل" رأسه بنعم وتابع كلامه قائلاً:
ـ وقد وافق السيد "ألبرت" على ذلك, وقررنا ان نجعلها مفاجأةً لكِ.
عانقت الأم ابنتها "تينا" بحنان وقالت:
ـ انا سعيدةٌ من اجلك يا حبيبتي... اتمنى لكِ السعادة...
فرحت "تينا" كثيراً ولم تستطع سوى الضحك من شدة الفرح والتفتت إلى والدها وقالت شاكرة:
ـ أشكرك يا والدي... اشكرك من كل قلبي.. وانتِ ايضاً يا والدتي.
وادارت رأسها إلى "مايكل" وقالت بخجل:
ـ اتمنى ان تشفى سريعاً.... لكي لا يبقى عائقٌ في طريقنا.
رد عليها "ألبرت" قائلاً:
ـ قال الطبيب بأنه يمكنه المغادرة بعد يومين, فإصابته ليست خطيرة كما كنا نتصور.
اراح "مايكل" كفه على خد "تينا" وقال بهدوء:
ـ سوف احميكِ بكل ما اوتيت من قوة.... اعدكِ بذلك.
وضعت "تينا" يدها فوق كفه وحركت رأسها موافقة, وتسارعت نبضات قلبها كلما تحدث "مايكل" إليها......

رفع "جاك" هاتفه وتوقف عند اسم "تيما" وتردد في الإتصال بها وبقي حائراً طوال الليل لا يعرف ما يفعله, فلم يبقى سوى اربعة ايامٍ ويسافر
ويتركها خلفه, كيف سيتمكن من فعل ذلك... الا يكفي أنها فقدت حبها الأول والآن يأتي هو الآخر ويرحل عنها بلمح البصر.....
هذه التساؤلات التي طرأت في باله ولم يجد لها جواباً حتى الآن....
وظلت "تيما" تنتظر اتصاله هي الأخرى, وتمسك الهاتف بكفيها ولم تستطع الإتصال به خوفاً مما سيقوله, فقد احست بأن هناك امرٌ مهم يخفيه
عنها, وقد يسبب الحزن لها.....



************************************************** ********







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-13, 12:06 AM   #114

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

- 57 - " فــي بحــر الحــب "




امسكت "تينا" بكتف "مايكل" وخرجا معاً من المستشفى عند الصباح, وتوقف عن السير بجانب السيارة الرمادية التي جاءت لإصطحابهما للمنزل من طرف
السيد "ألبرت", فأدار "مايكل" رأسه إليها وقال بلطف:
ـ لن انسى صنيعكِ هذا طيلة حياتي.
اكتفت "تينا" بالإبتسام له وفتحت باب السيارة وامسكت بطرف معطفها وقالت وهي تحني رأسها برسمية:
ـ تفضل, سيد "مايكل".
ضحك عليها "مايكل" واقترب منها اكثر وقال بنبرةٍ ساخرة:
ـ هذا الدور يناسبكِ.
واستمر بالضحك وهو يركب السيارة, فأحمرت وجنتيها بخجل وركبت بجانبه واغلقت الباب وانطلق السائق بالسيارة....

زفر "جاك" في ضيق وهو يتكئ برأسه على النافدة الزجاجية, ويراقب حديقة المنزل بشرود وينظر إلى هاتفه في كل دقيقة معتقداً بأن
"تيما" ستتصل به, فهو لا يملك الشجاعة لفعل ذلك وفجأةً دق احدهم باب غرفته فلم يحرك شفتيه مطلقاً, فدخلت "ميمي" وهي تحمل حقيبة
ملابس متوسطة الحجم بيدها فألتفت إليها واخفض عينيه إلى الحقيبة وتساءل بحيرة:
ـ ما هذه؟
وضعت "ميمي" الحقيبة على السرير وقالت والإبتسامة تعلو شفتيها:
ـ طلب مني والدي ان اساعدك في ترتيب اغراضك.
وفتحت خزانة ملابسه بينما عقد حاجباه في غضب واقترب منها بخطواتٍ سريعة واغلق الخزانة ورمى الحقيبة على الأرض بقوة وصرخ
عليها قائلاً بعصبية:
ـ لا أريد السفر, لماذا لا تفهمون ما اشعر به؟
وجثم على ركبتيه, فنظرت إليه "ميمي" بإشفاق وجلست امامه واحتضنته إلى صدرها وظلت تمسح على شعره بصمت ولم يتمكن من
حبس دموعه الحزينة, وانتظرت حتى يهدأ قليلاً ويتمكن من الكلام فمسح دموعه وابتعد عنها قائلاً:
ـ انتِ لا تعلمين شيئاً, "ميمي"..... "تيما" بحاجةٍ إلي... ولن اتركها مهما كان الثمن, حتى لو كلفني ذلك حياتي.
تنهدت "ميمي" بإستسلام ولم تعرف ماذا تقول له, ففضلت مغادرة الغرفة بهدوء واغلقت الباب خلفها, ادار "جاك" رأسه للخلف واعاد النظر
إلى النافدة وغرق في التفكير من جديد...

رن هاتف "بريتي" بينما كانت نائمة, ففتحت عيناها على صوت الرنين فألتقطته من المنضدة وردت بدون ان ترى من المتصل, وانتقل إلى مسامعها
صوت "روبرت" وهو يقول:
ـ صباح الخير, أميرتي.
رفعت "بريتي" رأسها عن الوسادة وفرحت كثيراً لسماع صوته وكأنها عادت للحياة من جديد, فردت عليه قائلة ومتظاهرةً بالتعب:
ـ اميرتك متعبةٌ جداً اليوم, وغير قادرة على النهوض....
شعر "روبرت" بالقلق عليها وقال بإندهاش:
ـ لماذا لم تتصلي بي؟... "بريتي", هل انتِ بخير؟
وصمتت لبرهة ثم جعلت نبرة صوتها ارهق من السابق وقالت:
ـ "روبرت", آسفة.... لم اعد قادرة..... آسفة...
واغلقت الخط بسرعة, ولم تتمكن من منع نفسها عن الضحك بعدما سمعت صوته المرتجف, وكاد قلبه يتوقف خوفاً عليها, فأعادت رأسها إلى
الوسادة وقالت ضاحكة:
ـ سيأتي راكضاً الآن... هذا عقابه لأنه لم يتصل بي منذ يومين....
خرج "روبرت" مُسرعاً من المنزل, وركب سيارته وحين حاول تشغيلها لفت نظره شخصٌ يلوح له بيده ويشير لإطارات السيارة فنزل "روبرت"
ليرى ماذا هناك, ورأى ان الإطار قد افترغ من الهواء, فوضع يده على رأسه وقال منزعجاً:
ـ لماذا يحدث هذا معي؟!.. اللعنه.
فأوقف سيارة أجرة وركب فيها وطلب منه ان يوصله بأقصى سرعة للمكان الذي وصفه له.....
ارتدت "بريتي" ثوباً رمادي اللون وقصير يصل إلى ركبتيها ومفتوحٌ من خلف ظهرها, ورفعت شعرها للأعلى وتركت بعض الخصلات
على كتفيها, ووقفت امام المرآة وقالت بسعادة:
ـ ما علي الآن سوى انتظار وصوله إلى هنا.
في نفس تلك اللحظة, توقفت السيارة بمحاذاة المنزل ونزل "روبرت" ودق الجرس وبقي ينتظر واعصابه تتحرق من الداخل, ففتحت له الخادمة
فسألها قائلاً:
ـ هل الآنسة "بريتي" هنا؟
هزت الخادمة رأسها بنعم وقالت بإحترام:
ـ انها بغرفتها.
واحس "روبرت" بأنها مريضةٌ جداً فدخل إلى المنزل وصعد إليها, ودق باب الغرفة فتوجهت "بريتي" إليه وفتحت الباب وتظاهرت بأنها متفاجئةٌ
برؤيته اما هو فقد كادت انفاسه تنقطع حين سألها قائلاً:
ـ "بريتي", ما الذي اصابكِ؟.... قلتِ بالهاتف انكِ مريضةٌ جداً....
اخفت "بريتي" ابتسامتها وادارت ظهرها إليه وهي تقول:
ـ الن تدخل؟... ام انك تفضل البقاء بالخارج؟....
دخل "روبرت" واغلق الباب خلفه فألتفتت إليه والإبتسامة على شفتيها ومدت يديها وهي تقول:
ـ هل ترى أنني مريضة؟... لا تقلق أنا بخير....
اخفض "روبرت" حاجباه وقال بإندهاش:
ـ اتقصدين انكِ كذبتِ....
وقاطعته قائلة بجدية:
ـ بالضبط... كذبت عليك .... لأنني اردت رؤيتك, الا يحق لي ان اشتاق إليك؟....
وتقدمت إليه بخطواتٍ بطيئة حتى وصلت إليه ووقفت امامه مباشرة وقالت وعيناها تلتمعان كالنجوم:
ـ لم تغب عن تفكيري مطلقاً خلال الأيام الماضية, احسست بالقلق عليك وكلما اردت الإتصال بك...... لا اعلم ما يحدث لي....
فهم "روبرت" ما تحاول "بريتي" قوله بالضبط, فأبعدت عينيها عنه وسمعت يهمس لها قائلاً:
ـ أنا أيضاً, افتقدكِ كثيراً.... وكاد قلبي يتوقف حين سمعت صوتكِ المُرهق....
اتسعت عينا "بريتي" وهي ترمقه بإستغراب, واتسعت شفتيها بإبتسامةٍ رقيقة واحتضنا بعضهما بكل حب, فتابع "روبرت" كلامه قائلاً:
ـ أنا أحبك, أحبكِ يا أميرتي الفاتنة.
ردت عليه "بريتي" قائلةً بنبرةٍ خجولة:
ـ وأنا ايضاً... أحبك, "روبرت" ولا استطيع التوقف عن حبك ما دمتُ على قيد الحياة.

كتب "جاك" كل ما بداخل قلبه في رسالةٍ اوصلها لـ "تيما" بينما كانت تتناول الغذاء مع والديها وحين سمعت صوت الهاتف وهي على طاولة
الطعام وفتحت الرسالة لتقرأ محتواها وحين اكملت القرأة تغيرت ملامح وجهها واصبح شاحباً, فلاحظ والديها ذلك وكذلك "آندي" الذي يجلس
مقابلاً لها, فسألها قائلاً:
ـ "تيما", ما بكِ؟.... من أين هذه الرسالة؟...
استوعبت "تيما" الأمر سريعاً وابتسمت قائلة بإرتباك:
ـ انها من صديقتي... المعذرة, لقد شبعت.
وغادرت الطاولة وشك "آندي" بأمرها وسمع والده يسأله في حيرةٍ قائلاً:
ـ ألا تعلم ما بها؟
حرك "آندي" رأسه نفياً واكمل طعامه وفكر بأن يسألها لاحقاً.... صعدت "تيما" راكضةً الى غرفتها وحين دخلت اغلقت الباب بالمفتاح وفتحت
الرسالة من جديد لتقرأها جيداً فربما تكون مخطئة ولم تستوعب جيداً ما جاء فيها وكان محتوى الرسالة من "جاك" حيث قال:
ـ "تيما" ... أنا آسف... آسف جداً... لقد وعدتكِ بأن ابقى بجانبك طوال حياتي لكن القدر شاء غير ذلك, سأسافر إلى الخارج بعد اربعة
أيامٍ من الآن لإكمال دراستي الجامعية, هذه رغبة والداي ولا يمكنني معارضتها.... أنا آسف قد لا استطيع رؤيتك او سماع صوتكِ إلا بعد
فترةٍ طويلة, ولا احد يعلم ما قد يحدث حتى ذلك الحين.... وتذكري دائماً انني سأظل احبكِ للأبد.. ومهما طالت المسافات بيننا فانني ما زلت
أحبكِ... وداعاً يا حبيبتي... "جاك".
غرقت عينا "تيما" بالدموع وبدأت تلتقط انفاسها بصعوبة وجثمت على ركبتيها في الأرض وظهرها ملتصقٌ بالباب واستمرت بالبكاء والدموع
تنهمر على خدها المتورد وغطت بكفها على عينيها وبدا صوتها مسموعاً وهي تبكي بألم وتردد قائلاً بنبرةٍ باكية:
ـ اذا رحل.... سأعود الى الظلمة مجدداً.... "جون" ما الذي يتوجب علي فعله الآن؟... لا اريد الوقوف في طريق مستقبله.....
انا احبه... احبه من كل قلبي....
في ذلك الوقت كان "آندي" يقف بجانب باب غرفتها ويسمع صوتها وهي تبكي, بدون ان يعرف السبب فتردد ان يطرق الباب, وفضل أن
يتركها بمفردها حتى تهدأ قليلاً وابتعد عن الغرفة, ومسحت "تيما" دموعها وكتبت رسالةً له لتخبره عن رأيها بهذا الموضوع, فوصلت
الرسالة إليه وفتحها بسرعة وقرأ ما جاء فيها وكان المكتوب:
ـ "جاك", اتمنى لك التوفيق, وسأدعمك دائماً.... لا تتردد في الرحيل من أجلي.... اذهب ولا تفكر إلا بمستقبلك....
رافقتك السلامة يا عزيزي.
تفاجئ "جاك" من رسالتها هذه, فكلامها هذا يبين بأنها ليست حزينة مثله.... اصبح خد "تيما" متورداً من شدة البكاء والشرود ظاهرٌ على وجهها
وما تزال جاثمةً على الأرضية وتتنفس ببطء وتمنت لو انها تستطيع ايقافه وفي الوقت ذاته لم تشئ ان يتخلى عن طموحه من
اجلها فهذه تعتبر انانية منها....
هذا ما كانت تفكر فيه "تيما" ورفعت رأسها للأعلى واغمضت عينيها لتنزل دمعةٌ ساخنة وتستقر بالأرض.....

رمى "جاك" بهاتفه على الأرض فتفكك إلى اجزاء, واحس بأن اعصابه تحترق من الداخل ويتنفس بصعوبة, وتضايق كثيراً من رسالة "تيما"
وشعر بأنها لا تبالي بأمره, فأخفض رأسه مستسلماً وسار بخطواتٍ متقاربة مغادراً الغرفة وتوجه إلى والديه في غرفة المعيشة وحين فتح الباب
ودخل التفتا إليه ولاحظا الشحوب على ملامحه فسألته والدته بحيرة:
ـ ما الذي اصابك, "جاك"؟
حرك "جاك" عينيه إلى والده وقال بصوتٍ جاد:
ـ فكرت بالأمر ملياً, ورأيت بأن كلامك صحيح.... سوف اسافر واكمل دراستي الجامعية.
فرحت والدته بهذا الخبر, اما والده فقد تفاجئ كثيراً ولم ينطق بكلمة بينما عانقت الأم ابنها وهو متجمدٌ في مكانه ورغب حينها بالصراخ بأعلى
صوته لكن شفتيه لم تعد قادرة على التحرك وهمس بداخل نفسه:
ـ وداعاً... وداعاً يا حبيبتي.... "تيما".
احست "تيما" بوخزةٍ في قلبها فرفعت كفها ووضعته على صدرها وصبت الدموع من عينيها وعرفت بأن "جاك" قد اتخذ قراره بالرحيل بعيداً
عنها, وقد قررت ان تستسلم للأمر الواقع.....

دخلت الخادمة إلى غرفة "تينا" وهي تحمل هديةً كبيرة مغلفةٌ بغلافٍ ابيض وبها شريطٌ أحمر ووضعته لها على الأرض, فنهضت "تينا"
من سريرها وتساءلت قائلة:
ـ من اوصل هذا؟
هزت الخادمة كتفيها قائلة في حيرة:
ـ لا أعلم يا آنسة.
اقتربت "تينا" من الطرد ورأت به بطاقةً عند بداية الشريط الأحمر, وكُتب فيها بخطٍ غير مألوفٍ بالنسبة لها ( أتمنى لكِ السعادة )... رفعت "تينا" حاجباها
وفتحت الهدية وتفاجأت بما رأته واخرجت فستاناً ابيض ومرصعٌ بالجواهر الفضية ووقفت وهي تمسك بطرفيه فعلت الإبتسامة شفتي الخادمة
وهي ترى "تينا" تحمل الفستان بيدها وقالت بسعادة:
ـ عرفت... لابد بأنه من السيد "مايكل".
اتسعت شفتي "تينا" بإبتسامةٍ سعيدة ولم يكن هناك حدودٌ لسعادتها ونزلت راكضةً إلى والدتها في الصالة وهي تحمل الثوب وقالت لهما وعيناها
تلتمعان فرحاً:
ـ انظرا, "مايكل" احضر لي هذا.... هل انا بحلم؟
ضحكت والدتها في مرح وقالت:
ـ ليس "مايكل" من احضره يا عزيزتي.
اختفت الإبتسامة من شفتي "تينا" وقالت بإندهاش:
ـ من احضره اذن؟
نهضت والدتها من الأريكة وربتت بكفيها على كتفي ابنتها وقالت مبتسمة بطيبة:
ـ والدكِ هو من احضره لكِ... ليعبر لكِ عن مدى سعادته بزواجك.
امتلئت عينا "تينا" بالدموع واحتضنت الثوب وقالت بنبرةٍ خافته:
ـ اشكرك يا والدي... اعدك بأن سعادتي ستكون كبيرة مع من احب...
صعدت الأم معها وهي تقول بعجل:
ـ هيا زواجكِ سيكون بعد ثلاثة ايام يجب ان تستعدي لذلك.
هزت "تينا" رأسها موافقة وتابعت الصعود مع والدتها, واحست بأنها تصعد سلم الحياة السعيدة و"مايكل" ينتظرها هناك....

ارسلت "تينا" بطاقات دعوة لحضور حفل الزفاف إلى كل صديقاتها بالجامعة, وطلبت من السائق ان يوصلها إلى الاماكن التي كتبتها
في الورقة التي معه, وتجولت هي مع والدتها بالسوق لشراء بعض الأشياء..... وقررت الا تلتقي بـ "مايكل" إلا في ليلة الزفاف...
وصلت بطاقة الدعوة إلى "ساكورا" فأخذتها من صندوق الرسائل عند بوابة المنزل, وحين فتحتها وقرأت ما بها فرحت كثيراً وقالت بسعادة:
ـ لا أصدق بأن "تينا" ستتزوج.. انه افضل خبرٍ سمعته في حياتي.
ودخلت راكضة إلى المنزل..... بعدما قرأت "ميمي" بطاقة الدعوة اتصلت بـ "تينا" وقامت بتهنئتها على الزواج ووعدتها بالقدوم...... اما
"لوسكا" فقد كانت تختار الثوب المناسب الذي ستذهب به إلى زواج صديقتها "تينا".....

امسكت "رينا" بيد "هنري" بكل لطف وسارا معاً في ارجاء المدينة, والتقطا الصور أيضاً وذهبا إلى السينما... وجلسا في المكان المخصص لهما
في قاعةٍ مظلمة ولا يظهر فيها إلا ضوء الشاشة, وادارت "رينا" رأسها إليه فرمقها بإستغراب وهي تبتسم له وتنظر إلى الخاتم بيدها وحين رآه
ابتسم لها وقال بطيبة:
ـ يبدو اجمل وانتِ ترتدينه.
احمرت وجنتي "رينا" في خجل وابعدت عينيها عنه ولم تنطق بكلمة وبقيا يتابعان فيلماً رومانسياً.....

عاد "آندي" إلى غرفة "تيما" وطرق الباب عدة مرات وهو ينادي عليها لكن بلا فائدة, وحاول فتحه لكنه كان مغلقاً من الداخل فطرقه بقوة
اكثر من السابق وهو يقول بعصبية:
ـ "تيما", افتحي الباب... ما الذي تفعلينه بالداخل؟.... "تيما".
في ذلك الحين بينما كان "آندي" يحترق قلقاً عليها, كانت "تيما" ملقاةً على الأرض ولا تدري بما يدور من حولها فقد اصيبت بصدمةٍ كبيرة عندما
فكرت بأن "جاك" سيرحل عنها وربما لن يعود أبداً....
وبعد محاولات "آندي" في فتح الباب قام بكسر القفل ودخل راكضاً وتفاجئ برؤيتها وهي مستلقيةٌ على الأرض فحملها وهزها بقوة وهو
يصرخ قائلاً:
ـ "تيما"... افيقي ... ما الذي اصابكِ؟... "تيما".
وكان العرق يتصبب من جبينها فقام "آندي" بإستدعاء الطبيب بسرعة...... وبعد مرور وقتٍ قصير قام الطبيب بمعاينتها ووالديها يقفان
خلفه وكذلك "آندي" فنهض الطبيب وقال بهدوء:
ـ يبدو بأنها اصيبت بصدمة... إنها فاقدةٌ للوعي الآن فقط.... وستكون بخير عندما تأخذ قسطاً من الراحة....
انحنى الأب للطبيب وقال له شاكراً:
ـ شكراً لك ايها الطبيب.... وسنخبرك إذا طرأ امرٌ جديد.
كانت صوت الطبيب ووالدها يتردد في اذنيها كالصدى لكنها لم تفتح عينيها, وتمنت لو انها فارقت الحياة لترتاح من هذا العالم الذي سبب
الحزن والألم لقلبها, وبعدما اطمئن والديها عليها غادرا الغرفة وتركا "آندي" بمفرده بجوارها.... فأمسك بيدها وقال بحزن:
ـ ليتني اعرف ما تشعرين به.... إنكِ تخفين الكثير عني... لماذا؟.... "تيما" انا اعلم انكِ مستيقظة.... افتحي عينيكِ أرجوكِ......
وانتظر لكي تفتحها لكن دون جدوى فتنهدت وتابع كلامه قائلاً:
ـ انكِ بداخل دوامةٍ كبيرة.... حاولت مراراً اخراجكِ منها لكن بلا فائدة, اتعلمين لماذا؟... لأنكِ لا تملكين القوة لفعل ذلك....
فتحت "تيما" عينيها وقالت له بنبرةٍ باكية:
ـ أنت مخطئ..... كلما قاومت كلما ازداد حجم تلك الدوامة... لذا لا استطيع الخروج منها..... لا استطيع ابداً...
ودمعت عيناها من جديد, لكن هذه المرة شعرت بأن دموعها هذه ستكون الأخيرة ولم تعلم سبب ذلك الشعور.... وبقيت تتحسس نبضات قلبها
المتسارعة وصوته يرن في اذنيها.....

في مساء يوم الزفاف, كان هناك اشخاصٌ يقومون بتجهيز قاعة الإحتفال ويضعون الأزهار على اطراف الطاولات.... اما "تينا" فقد كانت واقفةً
بغرفتها وهي ترتدي ثوب الزفاف الأبيض وقد بدا في غاية الروعة عليها وشعرها المرفوع للاعلى بشكل جميل والخادمة تقوم بمساعدتها في
اصلاح الثوب من الخلف وكانت "تينا" تفكر بردة فعل "مايكل" حين يراها خاصةً وانه لم يلتقي بها منذ ثلاثة أيام.....
ثم وقفت الخادمة امامها وقالت لها منبهرة:
ـ إنكِ في غاية الجمال يا آنسة "تينا".
ابتسمت "تينا" وردت عليها قائلةً بهدوء:
ـ شكراً لكِ.
وفجأةً طرق احدهم باب الغرفة فتوجهت الخادمة لتفتح الباب ودخلت "ساكورا" وهي ترتدي الثوب الأسود المرصع بالجواهر الفضية وبه وشاحٌ
لامعٌ جميل وقالت مرحبة:
ـ مرحباً... "تينا".... فاجأتكِ صحيح؟
علت الضحكة شفتي "تينا" حين رأتها واقتربت منها قائلة:
ـ "ساكورا".... لا اصدق بأنكِ جئتِ بنفسكِ إلى هنا.
اتسعت شفتي "ساكورا" لأقصى حد وقالت بمرح:
ـ لم آتي إلى هنا لوحدي....
وادارت ظهرها وتابعت كلامها قائلة:
ـ انظري...
ودخلت "رينا" وبرفقتها "ميمي" و"بريتي" وكذلك "لوسكا" وكادت عينا "تينا" ان تدمع حين رأتهم جميعاً بجانبها, وقالت بإرتياح:
ـ انا سعيدةٌ جداً لأنكم بجانبي في هذا اليوم... لن انسى هذا أبداً.
ردت عليها "رينا" قائلة بلطف:
ـ لا تكوني رسميةً هكذا... لا تنسي بأن الصداقة تجمعنا.....
هزت "بريتي" رأسها بنعم بينما تكلمت "لوسكا" وقالت متظاهرةً بالإنزعاج:
ـ لماذا لم تخبرينا ان لديكِ صديق؟
احمر وجه "تينا" خجلاً فضحكت "ميمي" وقالت وهي تخفض حاجباها:
ـ إنها تمزح فقط....
قالت "تينا" رداً عليها بكل هدوء:
ـ كل شيءٍ جاء فجأة.... ولا اعرف كيف وصلنا إلى هنا... اشعر بأنه يختلف عن الجميع.. ويملك شخصيةً مطابقةً لشخصيتي... وقلوبنا
متقاربةٌ جداً من بعضها... أنا احبه وسأضحي من أجله...
فهم الجميع قصد "تينا" من كلامها هذا, وان الحب قد انساها كل ما يدور من حولها, فهي ايضاً غارقةٌ في بحرٍ من الحب مثلهم تماماً....
وبعدها قاموا بتهنئتها وغادروا الغرفة متأملين ان يروها في قاعة الزواج... ولوحت بيدها لهم حتى اختفوا عن ناظريها.....

امسك "ألبرت" بكف "تينا" وادخلها إلى القاعة الكبيرة التي تحيط بها الأزهار الوردية من كل جانب والطاولات المملؤة بالناس, ثم رفعت
عيناها لترى "مايكل" ينتظرها في نهاية الجسر المؤدي إليه, كان الجميع يتطلع إليهما بإعجاب فأمسك "مايكل" بيدها ووقفت بجانبه وابتسم
هامساً لها:
ـ تبدين جميلة بهذا الثوب يا حبيبتي.
ضغطت "تينا" بقوةٍ على يده وقالت بخجل:
ـ انه اسعد يومٍ بحياتي... اليوم الذي انتظرناه طويلاً... اتى أخيراً.
وبعد انتهاء كل الإجراءات اللازمة قام "مايكل" بإدخال الخاتم بإصبعها وفعلت هي نفس الشيء ثم قبلا بعضهما وسط هتافات الجميع وخرجا
من القاعة والناس يلتفون حولهما ويرمون الأزهار عليهما بسعادة ويوجهون التهاني لهما..... وتعالت اصوات الموسيقى ارجاء المكان ورقص
الحاضرين في جوٍ من الرومنسية.... بينما كانت "ميمي" تنظر إلى "تينا" بإنبهار قالت موجهةً كلامها لـ "جوزيف":
ـ أتمنى ان اصبح مثلها في يومٍ من الأيام.
وادارت رأسها لـ "جوزيف" فأرتبك قائلاً بإحراج:
ـ اتمنى ذلك ايضاً.
ثم قاما بالرقص معاً لكي يستمتعا بهذه الليلة, التقط "روبرت" كوبان من العصير الأحمر واعطاه لـ "بريتي" الواقفة بالقرب من احدى الطاولات
فأخذته منه وابتسمت له وشربت القليل منه, واعاده "روبرت" إلى الطاولة وانحنى لها لكي توافق على الرقص معه فأمسكت بيده ورقصت
مع البقية... التصق ظهر "ساكورا" بـ "رينا" بينما كانت ترقص مع "آندي" فألتفتا لبعضهما واكتفا بالضحك وتابعا الرقص..... نظرت "رينا"
إلى "هنري" وسألته قائلة:
ـ سأنتظر اليوم الذي اصبح فيه مثل "تينا" و "مايكل".
رد عليها "هنري" مبتسماً:
ـ لا تقلقي.... سأبذل جهدي لأفوز بكِ يا حبيبتي.
واستمرت الحفلة حتى هبط الظلام واصبح الوقت متأخراً.... وفي نهاية الحفلة ركبا "تينا" و"مايكل" سيارتهما ولوحت "تينا" للجميع وقالت لهم:
ـ لن انساكم ابداً... إلى اللقاء.
وتحركت السيارة مبتعدةً عنهم وعاد الجميع للمنزل..... ركبت "لوسكا" في السيارة بجانب "جيم" وحين اغلقت الباب سألها "جيم" قائلاً:
ـ هل تودين القيام بنزهة؟
اتسعت عينا "لوسكا" لأقصى حدودها ونظرت إلى الساعة ورأت انها تجاوزت العاشرة مساءً فقالت له بتذمر:
ـ هل انت جاد؟... الوقت متأخرٌ جداً... وانا متعبة.
ضحك "جيم" بسخريةٍ وقال:
ـ كنت امزح فقط.... فأنا اعرف جوابكِ مسبقاً.
بعد مرور وقتٍ قصير, توقفت "ساكورا" بمحاذاة المنزل و"آندي" يسير خلفها فقالت بدون ان تلتفت إليه:
ـ اتعلم؟... انني احلم بليلةٍ كهذه.... منذ وقتٍ طويل...
اقترب منها "آندي" واحتضنها من الخلف وقال:
ـ سأجعلكِ دائماً سعيدة وسأظل بجانبكِ دائماً.
رفعت "ساكورا" يدها لتمسك بكفه وهزت رأسها موافقة واحتضنا بعضهما بكل حب.......

في صباح اليوم التالي, توجه "جاك" نحو غرفة "ميمي" ودق الباب عدة مرات منادياً عليها, فطرقه بقوة اكثر من السابق فرفعت "ميمي"
رأسها عن الوسادة قائلةً بضجر:
ـ ماذا تريد في هذا الصباح؟
ولم تتلقى منه رداً فأبعدت الغطاء من فوقها وفتحت له الباب وقالت متسائلةً بضيق:
ـ ماذا الآن؟
رد عليها "جاك" بجدية وصوتٍ جاف:
ـ الم تخبريني بأنكِ ستقومين بإيصالي إلى المطار اليوم بنفسك؟.. ام انكِ نسيتِ ذلك.
اتكئت "ميمي" برأسها على حافة الباب وقالت بإرهاق:
ـ حسناً.... سأغير ملابسي وآتي إليك.
واغلقت الباب لكي تقوم بتغيير ملابسها..... وبعد مرور الوقت نزلت "ميمي" عبر الدرج وهي ترتدي معطفها الأخضر ورأت "جاك" ينتظرها
بالصالة وبجانبه حقيبة السفر فأقتربت منه وقالت:
ـ "جاك", هل نذهب الآن؟
هز "جاك" رأسه بنعم بدون ان ينطق بكلمة واخذ حقيبته وسار معها للخارج, وركب السيارة والحزن ظاهرٌ على قسمات وجهه واغلق الباب بقوةٍ
كبيرة فتفاجأت "ميمي" من تصرفه الغريب وركبت السيارة وانطلقت متجهةً إلى المطار....
بقي "جاك" يتطلع من خلال النافدة طوال الطريق, فأرادت "ميمي" اضافة جوٍ غير هذا فقالت بمرح:
ـ عندما تصبح طبيباً لن نحتاج للذهاب إلى المستشفى.... فأنت ستقوم بمعالجتنا... اليس كذلك؟
لم يغير "جاك" وضعيته مطلقاً, فتابعت "ميمي" كلامها لكن بسبب شروده لم يستطع ان يسمع شيئاً مما تقوله, وتوقفت عند الإشارة الحمراء وقالت
بضجر وهي تضع رأسها على المقود:
ـ إنك مملٌ حقاً... لم تبدي اية استجابةٍ منذ ان ركبت السيارة....
رفع "جاك" عينيه إلى الإشارة الحمراء وبقي يحدق بها ويردد بداخل نفسه قائلاً:
ـ اللون الأحمر يعني الحب.... اما الأصفر يعني الإنتظار.... والأخضر يعني الإنطلاق.....
فأتسعت عيناه لأقصى حدودها حين تحولت الإشارة للون الأخضر ففتح الباب بسرعة مما ادى إلى توقف "ميمي" وهي تصرخ قائلة:
ـ ما الذي تفعله, أيها الأحمق؟
التفت "جاك" إليها وقال بعصبية:
ـ "تيما" بإنتظاري... لن اتركها ابداً.
وركض بعيداً عن السيارة ونزلت "ميمي" لكي تلحق به لكن اصوات السيارات خلفها جعلها تتنهد بضيق وتركب من جديد وتسير للأمام قليلاً...
كان "جاك" يركض في الشوارع بسرعة ولا يبالي بالسيارات هناك, واحس بأن "تيما" كانت تكذب عليه حين اوصلت له تلك الرسالة وتمنت له
النجاح في مستقبله....
في نفس تلك اللحظة, كانت "تيما" تجلس بجانب قبر "جون" وتضع الأزهار والدموع قد جفت من عينيها وحركت شفتيها قائلةً ببرود وهي
جالسةٌ على الأرض:
ـ لقد رحل "جاك", وعدت للوحدة من جديد.... اعتقد بأن هذا افضل.... فأنا لا استحق الحب....
وقاطعها صوت "جاك" من الخلف وهو يقول بأنفاسٍ متلاحقة:
ـ أنتِ مخطئة.
ادارت "تيما" رأسها للخلف بسرعة واتسعت عيناها حين رأته يقف خلفها مباشرةً, فنهضت من على الأرض ببطء وهي تقول بانصطدام والدموع
تملئ عينيها:
ـ "جاك"... لماذا لم ترحل؟.... لماذا عـ ....
واحتضنها إلى صدرها فجأة وهمس في اذنيها قائلاً وهو يبتسم:
ـ اشتقت إليكِ يا حبيبتي.
ربتت "تيما" بيديها على ظهره وابتسمت بسعادة والدموع تنساب على خديها بغزارة, ثم نظر إليها ومسح دموعها وقبلها بكل حنان واحست
بأن نبضات قلبها تتسارع مع كل لحظة وهي بقربه.... فقالت له كلمةً واحدة:
ـ أحبك... ولن استطيع العيش بدونك.
وبقيا بقرب بعضهما, ونسي "جاك" تماماً موعد سفره وفضل البقاء واكمال دراسته هنا ليكون بقربها دائماً..... فكل واحدٍ منهما يحب الآخر
وقد غرقا في بحرٍ من الحب....



************************************************** ****










The End
وانتهت قصة فتيات في بحر الحب, هذه القصة التي جعلتني اخرج كل ما بداخلي.... لقد عشتم معي كل افراحها واحزانها.....
وقضيت افضل الأوقات وانا أقرأ ردودكم الرائعة.... واتمنى من كل قلبي ألا تكون هذه القصة هي الأخيرة..... فما زلتُ ارغب بتطوير
نفسي والكتابة بأسلوبٍ افضل من هذا بكثير.......
اشكركم واشكر كل من دعمني وشجعني على انجاز هذا العمل الرائع.... وإلى لقاء آخر إن شاء الله....


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-13, 08:08 AM   #115

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

كانت هذه رواية الأسبوع الفصحى

نرجو أن تكون قد حازت على رضاؤكم

على أن نلتقي الأسبوع المقبل برواية فصحى جديدة

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:12 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.