23-03-16, 07:49 PM | #4233 | |||||||
نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الخاتمة بعد مرور عام ورود بيضاء جورية تفوح بشذا عبيرها معطرة أرجاء البيت الذي تنساب في ثناياه موسيقى لحن خافت هادئ تبعث الراحة والسكينة والاطمئنان، ظهرت ناي بوجه يترقرق ندى النشاط في ملامحها المتوردة تغمرها دفء السعادة كأنثى أضحت مذهلة النضج والاكتمال.. ثبتت عند الباب تراقب هاشما واقفا بشرود يتأمل لوحة فنية زيتية معلقة على حائط غرفة المعيشة، في بعض الأيام يسيطر عليه حزن لا يستطيع إيقافه، يغوص في بحر حنين وأشواق لذكرى بلسم التي لم تفارق يوما فؤاده وعقله.. ما لا يصدقه أن الحب عاد لقلب ما ظن أبدا أنه يقوى العزف بعد رحيل التي كانت على أوتاره عازفة لحن الهيام تغازله في ليل حار " لون عيونك غرامي".. نداء خافت شده من دوامة أفكاره .. - هاشم .. رفع عينيه عن اللوحة لينظر إلى مصدر الصوت الناعم العذب الذي كان ومازال مهدئا لأعصابه: - حزنك يعذب روحها .. أسرع نحوها يغمرها بذراعيه برقة : - أعتذر إذا أزعجتك دون قصد.. مالت ناي برأسها على كتفة تقاطعه بلطف: - أرجوك لا تعتذر .. قبل زواجنا كنا واضحين صريحين.. أتفهم عواطفك.. لكن دع روحها ترتاح في سلام.. مرر يده على خصلات شعرها الحريري: - تضايقك وجود لوحات بلسم ؟.. - يضايقني بقاء هذه الرسومات العبقرية معزولة عن العالم .. هل فكرت يوما بإقامة معرض يحتضن الأعمال التي أنجزتها؟.. - معرض فني للوحات بلسم!.. - إبداعات فنانة كبلسم تستحق الظهور للعلن لترى النور حتى يستمتع الجميع بجمال روعتها، أنا شخصيا أحببتُ جدا لوحاتها فهي تمنحني راحة نفسية.. كلما شعرتُ بالتعب والإرهاق من ضغوط الحياة أجلس أتأمل وأحلل ما وراء كل خط ولون وحركة فأجد فسحة أمل.. أصغى هاشم بتركيز لاقتراحها: - أنا واثقة أن روح بلسم ستكون سعيدة لو قمنا بمشاركة لوحاتها في معرض يعود ريعه كتبرعات للإعمال الخيرية لمساعدة ذوي الحاجات سيما أطفال ضحايا كوارث الحروب الذين يتعرضون لظلم لا يفهمون أسبابه ويحملون أثار أهوالها طوال حياتهم حين يفقدون أطراف أجسادهم ويشعرون أنهم عاجزين مجرد عالة على من حولهم .. استطردت بغصة لشدة تأثرها : - لنفكر بمقدار العناية الطبية التي سيحظى بها أولئك الصغار المساكين إذا قمنا بتأمين الأموال اللازمة لهم.. هذه اللوحات وسيلة بلسم لتشفي أوجاع كل طفل كسرت الحرب قلبه.. أومأ رأسه إيجابا وهو يتمعّن في رقة وجهها: - أنتِ على حق .. ناي عطوفة فيما يتعلق بتقديم المعونة للآخرين، معطاءة بطبعها حنونة حتى ولو كان ذلك على حساب راحتها.. هاشم رغم انشغالاته المكتظة لا يغيب عنه الانتباه لكل شاردة وواردة تخصّها، في العام الفائت وقف بجوارها يساندها داعما خلال جلسات إعادة التحقيقات بقضية غموض مقتل المليونير ناهض التي أحاطتها شبكة كبيرة من الألغاز والمتاهات لكن الأدلة الجنائية والقرائن والتحليلات أثبتت أن المجني عليه مات نتيجة سم قاتل في الدم دُس له ليقضي عليه تلك الليلة المشؤومة، الشبهات وجهت إلى المرافقين الشخصيين الذين تم إلقاء القبض عليهم عبر منظمة الانتربول العالمية.. فيما بعد تبين أنهم عملاء لعصابة إرهابية مسلحة كان ناهض أحد شركائها البارزين.. نشبت فيما بينهم خلافات حادة ازدادت حمى بشأن حصص توزيع أرباح شحنة مخدرات ضخمة قاموا بتهريبها.. بعد عناء وشقاء تحررت ناي من كوابيس جريمة لم ترتكبها.. هاشم غمرها بعنايته الفائقة واهتمامه اللامتناهي حتى أنه كان يصر على مرافقتها إلى مواعيدها في العيادة.. الطبيبة النفسية فاجأتها عندما كشفت لها بالفحوصات تفاصيل أمور غاية في الدقة!.. حينها فقط فهمت تماما ما قد حاول يوما أن يخبرها به هاشم لكنه فضّل ترك المهمة للطبيبة المختصة التي شرحت بوضوح أن ما تعرضت له لم يكن اعتداءً كاملا، لكن هول الصدمة المريعة جعلت جزء من ذاكرتها مشوش وما زاد في سوء حالتها أنها لم تخضع حينها لعلاج فوري فأخذ ذهنها المريض يصور بغشاوة لعقلها أمورا أكثر مما وقع فعليا.. رغم كل التحديات الصعبة والذكريات الأليمة تمكنا هاشم وناي معا الخروج من تحت الرماد.. تعاونا ليمنعا قدر المستطاع أن لا يؤثر ما حدث في ماضيهما المحزن على حاضرهما، صمدا في وجه الأعاصير والتيارات الهائجة رافضين الخضوع لنهايات حزينة.. - في الفترة الأخيرة أجهدتِ نفسكِ كثيرا بين الاستوديوهات والعمل التطوعي الميداني.. تبدين متعبة !.. أجابته بلهجة وابتسامة ذات معنى: - يبدو أني سأضطر إلى تقليل نشاطاتي والتزام البيت عما قريب.. تعابير الفزع كست ملامح وجهه بانفعال مضطرب: - جوري حبيبتي. أسرعت في الحال تزيل عنه هواجس القلق التي عصفت بقلبه : - لا تقلق .. اطمئن أنا بصحة جيدة.. ما يحدث معي أمر طبيعي.. أشرق ثغرها بابتسامة مشعّة هامسة: - ألم نتفق على أن لا ندع الزمن وطموحنا في سعينا لنجاح العملي يسرقانا من تكوين أسرتنا الخاصة.. __________________________________________________ __________________________________________________ _____________________________ - نجلاء ماذا تفعلين أمام النافذة ؟.. سيصل الجميع وما زال لدينا الكثير مما يجب القيام به من تحضيرات.. تقدم يوسف ووقف وراءها ليحيطها بذراعيه القويتين، طبع قبلة على عنقها فارتسمت على محياها ابتسامة.. أزاحت الستائر السميكة فانسكبت على وجههما أشعة شمس الربيع الساطعة بشموخ مبتهجة بطلوعها بعد حبسها لأشهر وراء غيمات فصل الشتاء، نسائم منعشة دافئة انسابت من النافذة المفتوحة المطلة على الحديقة الخلابة حيثُ جلست ماهيتاب قرب البركة المليئة بالأسماك الملونة التي راحت تتقافز سابحة حول النافورة المزخرفة ترسل رذاذا من المياه إلى الأعلى : - أنظر يوسف.. لم أرَ في عمري كلّه أمي هانئة مرتاحة بسعادة كما هي الآن.. رغم ضعفها تعشق الجلوس في الحديقة محتضنة حفيدها.. - ميلاد ابننا رمزي رد لها روح الحياة .. - صحيح . - ما رأيك بأن نوصي على حفيد ثاني .. تراقصت في عينيه نظرات مشاغبة.. تنهدت نجلاء تتظاهر بادعاء الجدية: - في هذه الأثناء ليس لدينا وقت كافي لمناقشة الموضوع. ألح بلهفة: - ألا ينتابك مثلي توق شديد لمجيء ماهيتاب صغيرة. لمعت عينيها ببريق وهج: - دوما تفاجئني في شتى الطرق بأساليبك المتقنة بذكاء لاستمالتي وإقناعي بما تريده.. أتظن أني نسيتُ حيلة المسدس الذهبي؟! - لم يكن بإمكاني نزع كل ارتياب وشك بداخلك اتجاهي لتشعري بالأمان وتقبلين البقاء معي ألا بتلك الوسيلة.. - احمدالله أنك أعطيتني مسدس مزيف يحتوي رصاص صوت .. - لستُ غبيا لأضع سلاح حقيقي قاتل بين أنامل محبوبتي الحلوة التي أهيم بها عشقا.. - يا ألهي ألا تكف عن فنون مراوغتك بكلامك المعسول.. تبهرني بقدرتك على التأثير بمشاعري، تجعلني استسلم راضخة بطواعية.. ضمها لصدره فمازحته بمرح: - الضيوف على وشك الوصول .. تملصت من ذراعية راكضة بعيدا وصدى ضحكاتها يعلو في أرجاء المكان، لحقها يوسف يمسكها وعدوى الضحك انتقلت إليه في صخب بهيج بإثارة محمومة لشوقه الهادر.. ************* اجتمع الجميع في حديقة الفيلا يتبادلون الأحاديث المتفرقة.. الرجال يقفون أمام مواقد الشواء.. فيما جلست السيدات يتضاحكن في هرج ومرج متفاعلات مع الطرائف التي تلقيها تمارا ببطنها المنتفخة أمامها عن إمكانية ولادة الجنين في هذه اللحظات بعد أن تجاوزت الموعد الذي حدده الطبيب.. لمحت ناي هاشم يبتعد عن أصوات الضجيج، لاحقت خطواته بقلبها قبل عينيها.. راقبته يتكلم في هاتفه النقال باندماج لبضع دقائق ثم أغلقه عائدا بهيبة جاذبيته.. صدح صوته القوي يطلب منهم الانتباه: - بما أننا شكلنا معا فريق عمل متكامل في برنامج صوت من لا صوت له يسعدني أن أنقل لكم خبرا هاما.. اشرأبّت الأعناق تلتفت تحدق ببعضها بعيون فضولية يترقبون بلهفة.. هتفت تمارا بنفاذ صبر: - هاشم أرجوك أخبرنا حالا.. أنا في حالة لا تحتمل الانتظار. أسرع وائل لجانبها يمسك كفها يسأل : - هل حانت لحظة قدوم مولودتنا؟.. أتشعرين بألم حبيبتي؟.. هزت رأسها بالنفي : - يبدو أن طفلتنا ما زالت مترددة .. تعالى صوت هاشم قائلا : - حسنا لن أطيل عليكم .. اتصل بي مكتب نائب وزير الأعلام يبلغني بفوزنا بجائزة أفضل برنامج يتفاعل مع الجماهير تقديرا لما بذلناه من جهد بفتح ملفات معقدة ظن الكثير أن الخوض فيها مستحيل، قضايا بالغة الخطورة والحساسية كانت سببا لتغيير بعض الأنظمة والقوانين.. هاجت الوجوه فرحا واغتباطا بما حققوا من نجاح متميز.. رفع هاشم يديه بحركة ليصمت الجميع من جديد.. - كذلك ستقدم هذا العام جائزة الأعلام لحقوق الطفولة في حفل تكريمي ضخم للمذيعة ناي لما حققته من انجازات هامة بنشاطاتها الخيرية، خاصة مبادرتها بأعمال الإغاثة.. انهالت عبارات التهنئة والمباركات .. - تستحقين أن تنالي الجائزة. - لا أحد غيرك جدير بها . شكرتهم ناي بلطف ثم رفعت رأسها تسأل هاشم بحيرة: - هل من الضروري حضوري الاحتفال؟.. - ألا تنوين الذهاب !.. سيكون احتفالا عالميا رسميا مهيبا!. - طموحي تعدا كثيرا مسألة التفكير بجوائز المهرجانات لأكون نجمة المذيعات.. أومأ هاشم موافقا معقبا: - الجميع يعلم ذلك .. فأنتِ لم تكتفي بظهورك على الشاشة جالسة وراء الميكرفون بل نزلتِ لمعترك العمل الميداني، جمعتِ التبرعات ولم تترددي من مرافقة الشاحنات المحملة بمعونات الإغاثة إلى حدود خط النار لتتأكدي بنفسك من وصولها وتوزيعها على مخيمات اللاجئين.. ************************************************** ************************** وسط هدير تصفيق الحضور في القاعة الكبرى صعدت ناي للمنصة تستسلم الجائزة وتلقي خطابها: - لستُ ممن يلتقطون صورا مع ضحايا الحروب لأستثمرها في حصد الأوسمة.. ما يهمنِي العمل الإنساني، مدّ يد العون للضعفاء لانتشالهم من الفقر والاضطهاد، حمايتهم من استغلال أثرياء الحروب وغابات الأسلحة التي تخنقهم من كل الجهات.. هدفي محاربة الفساد وثقافة العنف وماكينات التفكير وما أصابها في ظل التحولات والانقسامات التي تقضي على آخر مساحة ممكنة من الود والتسامح بل على العكس تجعل المجتمع متحفزا للانقضاض على بعضه في انحطاط أخلاقي مريع.. نحتاج إلى إعلام صادق نزيه ينقل حقيقية معاناة البشرية.. في هكذا ظروف علينا أن نوحّد صفنا فالوضع لا يحتمل فتن جديدة، يخطئ من يظن أن العدو بعيد وتهديداته لا تعنينا.. لتكون كلمتنا واحدة في وجه من يقتلون الأطفال ويبيعون النساء في سوق النخاسة ويقطعون الرؤوس دون أدنى حسّ.. من حق أطفالنا الذين يولدون في وسط الحرائق الممتدة الآن أو الذين ولدوا قبلها ويعيشون في مخيمات حدودية كثيرة أن يعرفوا الجانب المشرق من الحياة، فالعالم ليس مجرد حروب واغتصابات وجرائم قتل مجاني، ثمة الكثير الكثير ما يستحق أن يكبر أولئك الصغار الأبرياء أسوياء صالحين من أجله وهم ليسوا منذورين لأي حرب أخرى تنتظرهم.. _____________________ تمت بحمد الله الى اللقاء مع رواية جديدة بإذن الله | |||||||
23-03-16, 07:58 PM | #4234 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 10 والزوار 2) كاردينيا73*, HYUNAEXOGIRLL, دنيازادة+, الجميله2, samome, karmen83, mona mohamed, نسيم الورد55, آلمآآآآسه, روح معلقه الف الف مبروك حبيبتي لانتهاء الرواية يا رب تنورينا قريبا برواية جديدة رائعة قادمة يا ريت حبيبتي ترسلي لي على الخاص او الفيسبوك ملف روايتك كاملة كوورد حتى اصممها كتاب الكتروني بقالب القسم وخذي وقتك بالتنقيح | ||||||||
23-03-16, 08:02 PM | #4236 | |||||||
مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي
| مبروك نهاية الكواييس لم تعرف ماجرى لتورهان الحمد لله المسدس صوت بس ناي وهاشم وتفاهم وسلام روحي للاثنين يوسف ونجلاء وحياة حب وعشق وائل وتمارا وتفاهم وانسجام نهايه رائعه بانتظار جديدك | |||||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
وإرهاب, قلـب, كوابيس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|