آخر 10 مشاركات
دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          همسات حروف من ينبوع القلب الرقراق..(سجال أدبي)... (الكاتـب : فاطمة الزهراء أوقيتي - )           »          84 - شريك العمر - ربيكا ستراتون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          152 - الحلم الممنوع - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : حبة رمان - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-11-13, 08:43 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 أسطورة المنزل رقم 5 / للكاتب د. احمد خالد توفيق ، فصحى مكتملة


[/TABLE1]

[TABLE1="width:95%;background-image:url('https://www.rewity.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/11.gif');border:10px double darkblue;"]




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
اسطورة منزل رقم 5
للكاتب / د. احمد خالد توفيق


الملخص
لماذا المنزل رقم 5 بالذات ؟!! لماذا هذا الحماس وهذا الإلحاح االذي يصل إلى ردجة بالقتل ؟! من هم ؟! من أين جاءوا ؟!
هذا ما يحاول العجوز رفعت إسماعيل معرفته ... بالطبع نحن معه .........


قراءة ممتعة لكم جميعاً........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:47 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


اولا :
الشخصيات :
د . توفيق إسماعيل.
السيدة بانكروفت : امرأة عجوز من الطراز الانجليزى الوقور البارد نوعا لكنها كانت سيده طيبه بحق ولم تكن تتدخل فيما لا يعنيها .
الميجور برادبورى أو جود.
جيسون أو الضابط مور.
ساندرا أو الضابطة اورا .
ميدا.
الرجل الوقور أو الكومار فور .
الزوجان :
جيمس شرودر أو الكومار شير
و الزوجة الحسناء كارلا .
جيمس أوسبورن وابنه ألفرد]( ملاحظة : لن يظهرا إلا أخر القصة )



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:47 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الأول
[منتصف الليل..... انتم تعرفون طبعا منتصف الليل ... انه الوقت الذي ينتصف فيه الليل
لا حاجه بالمرء إلى أن يكون خبيرا في علوم الفيزياء كي يعرف هذا ...
منتصف الليل , ولا صوت هنالك سوى الأمطار , وصوت محرك الساعة الرتيب , وقطة تعوي في مكان ما بطريقة تجعلك تتساءل : هل هي حقا قطة ؟
كل هذه الأجواء صارت مألوفة لكم , كما صار صوت العجوز الأصلع النحيل , بصوته المبحوح وعينيه اللتين تحملان أهوال العالم ... عينيه اللتين صارتا عيني مسخ في حد ذاتهم, حتى اننى لم اعد اعرف الخط الفاصل بين من رأى الأهوال وبين الأهوال ذاتها ...
تعالوا نصغ إلى قصه أخرى .
لا تحاولوا تحدى مصيركم ... نعم ... سأحكى لكم اليوم أسطورة المنزل رقم 5 , وهى مسليه ككل الأساطير والقصص التي تحتوى الرقم 5 فى عنوانها
رعب ؟ يوجد القليل منه بالتأكيد .... ثم إن للقصة طابعا باردا قاتما
تعالوا نر ما يدور هناك ... خلف أبواب المنزل رقم 5
تسألوني عن سبب ذهابي إلى استراليا فى ذلك الوقت بالذات ... تسألوني عن سبب اقامتى فى سيدنى فى منزل مسز ( بانكروفت ) ... تسألوني عن كل الرهبة و الفزع اللذين يصيباني كلما سمعت عن قصة أو شاهدت فيلما اسمه ( المنزل رقم كذا ... )
اقول لكم : ان اسئلتكم كثيرة جدا , وقد بدأت تثير اعصابى ... ليس أسوأ من المرأة التى تسأل أسئلة تصعب اجابتها .... أما لماذا ذهبت الى استرليا فشئ يخصنى ... وقد كنت مدعوا على كل حال فلم أدفع تذكرة الطائرة , وهى الكفيلة بأن أتسول بقية حياتى .. ( اعلم بأنكم بدأتم تملوا) أما لماذا أقمت فى منزل مسز ( بانكروفت ) , فلأنها كانت تعرض غرفة للإيجار , وما كانت ميزانيتى لتسمح بالإقامة فى فندق لفترة طويلة ...
كانت عجوزا بالطبع ... عجوز من الطراز الانجليزى الوقور البارد نوعا لكنها كانت سيدة طيبة بحق , ولم تكن تتدخل فيما لا يعنيها على كل حال ... الحق أنها لو تدخلت لما فهمت شيئا من لهجتها الاسترالية التطجينية إياها ... كل العالم ينطق (ديفيد)
كما نكتبها ... لكن الأستراليين يصرون لسبب ما على انه ينطق (ضايفض ) , وغير هذا كثير ....
امرأة لطيفة ومهذبة كانت , وساكنا صموتا متحفظا كنت... و أحببتها أكثر حين عرفت انها لا تطبخ الزوار او تحنطهم او تطعمهم للتماسيح كعادة عامة العجائز....
المنزل يقع فى نهاية شارع طوييل هادئ , تحف به الأشجار على الجانبين ... ثمة مقاعد يجلس عليها العشاق او المتظاهرون بالعشق , وربما تجد أما جالسه مع رضيعها فى عربته , او ذلك العجوز الكئيب الذى تجده فى كل مكان ,الذى يعقد كفيه على بطنه , ويرجع رأسه للوراء و يغط بصوت عال .... إما أرضية الشارع فمرصوفة بذلك الطراز المضلع من الحجارة الزى يسمونه cobble stone او حجر الاسكافي , وهو على قدر علمي ليس مشهدا معتادا إلا فى شرق أوروبا ....
وكنت فى الصباح اذهب لإنهاء عملي الذى لن اذكر أية معلومات عنه , ثم أعود فى الخامسة عصرا لأجد العجوز – نصف الإنجليزية – جالسة فى المدخل تشرب شاي الساعة الخامسة مع البسكويت ذي نكهة الزنجبيل ... وتسألني عما إذا رغبت فى مشاركتها الشاي , فأقبل مره واعتذر مرات ..... انتم تعرفون اننى عازف عن اى نوع من العلاقات البشرية ,وان القبر هو المكان الأمثل لأمثالي .....
بعد هذا أصعد الى حجرتي , فأقضى الوقت فى القراءة والكتابة والنوم والعصبية ,وسماع الإذاعة الأسترالية التى لا افقه نصف ما تقول الطجين .....
طبعا البرد شديد ... كل استراليا عبارة عن ثلاجة كبرى , لكن أحدا لا يشعر بهذا سواي ... الصحة والرياضة والجمال فى كل بقعة هنا ما عدا غرفتي .... وعند العاشرة مساء اكف عن الغضب والسخط , فأنام آملا فى يوم أكثر دفئا , وان أعود إلى الوطن بسرعة....

****************************
متى بدأ كل شئ ؟
أعتقد أن هذا كله بدأ فى الثامن من مارس .... كنت عائدا إلى المنزل كالعادة , لأجد الباب مفتوحا , وكان هناك رجل فارع القامة من الطراز الذى ما زال يعتمر قبعة ... لقد خلعها على كل حال وهو يتحدث مع السيدة , التى وقفت تصغي إليه , وتحرك رأسها فى صرامة , ومن هذه المسافة سمعتها تقول : ( no … no…no ( لا ... لا.. لا )) والرجل يحاول بشكل مهذب أن يقنعها دون جدوى ... مررت بجواره وحييتهما , ثم اختلست نظرة سريعة إليه ... كان فى الخمسين من العمر .. مهيب المن.... لماذا أصفه لكم ؟ كان بوسعى أن اكتب لكم صفحة أو اثنين فى وصفه , لكن هذا مجهود لا طائل من ورائه لأنكم تنسوا كل شئ , وعلى كل حال يكفى انه كان أنيقا مهيبا .... لا شئ غير هذا .....
لم أتدخل فى الأمر طبعا لأنه لا يعنيني ... ودخلت إلى مدخل المنزل حيث كان الشاي والبسكويت ينتظران على العربة المتحركة .... أن هذا الضيف اللحوح قد افسد على السيدة شهيتها كما أرى .....
بعد قليل سمعت الباب ينغلق فى عصبية , وعادت إلى المدخل حيث كنت واقفا وقد نسيت نفسى على ما يبدو .... سألتها فى تهذيب :
د. إسماعيل : ( هل ثمة ما أساعدك به ؟ )
قالت بوجه مكفهر :
السيدة بانكروفت : ( لا شئ .... انه لحوح .. لكن الإلحاح يجعلنى عنيدة ....)
صعدت إلى غرفتى ونسيت كل شئ عن الموضوع ..فقط قلت لنفسى إن الباعة الجوالين فى ( استراليا ) يبدون كأعضاء مجلس اللوردات الانجليزى ... تذكرت شيئا غريبا اننى لم اصف المنزل بعد ...لابد أنكم فهمتم من الكلام انه من طابقين , وانه مريح مهندم ... وانه يحمل رقم 5 .. هذا صحيح .. فى الحقيقة لا اعرف أين يوجد المنزل السادس أو الرابع لأن الشارع خال تقريبا .. لكن رقم 5 كان موجودا فى كل مكان ... على المدخل والباب وعلى صندوق البريد .. .. وكان المنزل خاليا تماما لأن السيدة ترفض كل مستأجر يأتى لها , لكن وضعى كان خاصا ( لأنني فى سن النضج ) كما قلت , ولأن صديقا استراليا أوصاها على ... ولابد أن طباعى المتحفظة المنغلقة الشبيهة بطباع حيوان الخلد قد راقت لها كثيرا ..لم يكن البيت بيتها منذ زمن سحيق .. لقد انتقلت لتعيش فيه فى أوائل الأربعينات مع زوجها الخواجة ( بانكروفت ) ,الذى كان محاسبا حكوميا .. وقد توفى الرجل فى يوم استسلام ( برلين ) بالضبط , ومن يومها ظلت أرملة وحيدة .. ويبدو أن فكرة تأجير غرفة لم تخطر لها إلا منذ عامين ... وكانت تنوى التوسع لو نجحت .. ثمة خمس غرف هنا تصلح للإيجار للرجال الصلع نحيلي القوام , الذين يتصرفون كحيوان الخلد...
أعود للموضوع ...
فى العاشرة مساء دق جرس الباب , وسمعتها تفتحه , وفى هذه المرة راحت تصرخ فى عصبية , ولم أميز من كلامها المتسارع سوى كلمة ( بوليس ) , وهى كلمه عالميه يعرفها الجميع ... قررت أن أمارس دور رجل البيت , فارتديت روبا وهرعت إلى أسفل , لأجدها تتكلم فى مجنونة مع ذلك الرجل المتحمس الذى رأيته عصر اليوم ....
راني الرجل من فوق كتفها , فنفخ فى ضيق, وقرر فيما يبدو أن ينهى المحادثة .. سمعته يقول ضاغطا على كلماته : ( يجب أن تقبلي يا سيدتي .. يجب ..)
ثم لمس طرف قبعته بما يوحى بالتحية واستدار مبتعدا ليذوب فى الظلام ...
قلت لها في حذر :
د . إسماعيل : (هذا البائع اللحوح ؟ لابد أنه مخبول .... )
السيدة بانكروفت : (ليس بائعا .... انه يشترى ولا يبيع ! )
بغباء سألتها :
د . إسماعيل : ( يشترى ؟ يشترى اى شئ ؟ )
أغلقت الباب و أحكمت وضع المزلاج والسلسلة , و قالت وهى تدس كفيها في جيبي كنزتها الصوفية :
السيدة بانكروفت : ( يريد أن يستأجر غرفة هنا لمدة أسبوعين .... )
د . إسماعيل : ( انه حماس مبالغ فيه , لكنى لا أرى ما يمنعك من الموافقة ... لا يبدو لى من ذلك الطراز الذي ... انه – فيما أرى – رجل وقور كريم المحتد.... )
قالت في غضب قاطع :
السيدة بانكروفت : ( الرجال الوقورون لا يقرعون الباب ليلا طالبين منك ما رفضت منحه بعد الظهر ... ثم إن شروطه غريبة ...)
د. إسماعيل : ( غريبة .... ؟ كيف )
تقدمتنى إلى داخل المنزل , وقالت دون أن تستدير لى :
السيدة بانكروفت : ( يريد أن أخلى له المنزل تماما ... منك ومنى طيلة هذه الفترة ! يريد أن ينفرد ببيتي تماما لمدة أسبوعين كاملين !! )



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:48 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الثاني :
الميجور القديم :
ولماذا المنزل رقم 5 بالذات ؟

********
أصابني الوجوم لغرابة الطلب طبعا ... الرجل يريد طرد المرأة لمجرد أنه يريد غرفة ! ..... و الادهى أنه يريد طردي كذلك .... سألت السيدة بانكروفت وقد بدأت القصة تروق لي :
د . إسماعيل : ( مقابل أي شئ ؟ )
السيدة بانكروفت : ( مقابل أن يدفع إيجار ثلاثة اشهر ... )
هززت رأسي في استمتاع , وقلت :
( إن الجنون يفسر كل شئ )
قالت العجوز بانكروفت في اشمئزاز :
( لكنه لا يفسر الوقاحة يا مستر ( إسماعيل ) ... )
ومن جديد راحت تزحف بخفيها الصوفيين متجهة نحو غرفتها ...

* * *
في الصباح جاء الميجور ( برادبورى ) ...
عرفت هذا لأنني كنت اهبط في الدرج متجها إلى وجهتي الغامضة , حين وجدت صاحبة الدار جالسة في الصالة مع رجل أشيب له شعر قصير على جانبي الرأس , وشارب كث كفرشاة البلاط ... باختصار كان يبدو كهؤلاء الجنرالات الإنجليز الذين نرى صورهم في كتب تاريخ الحرب العالمية ... لن أندهش لو كان هذا الرجل قد حارب في ( العلمين )مع (مونتجمرى ) ....
قلت شيئا ما , وكدت ارحل , لكن المرأة قالت في مرح :
السيدة بانكروفت : ( تعال يا د .( إسماعيل ) ... أقدم لك الميجور ( برادبورى ) الذي كان صديق المرحوم زوجي ... )
يعنى لو كان زوجها مات في سن الثلاثين , فعمر هذا الميجور لن يقل عن ستين عاما ... لابد أنه – فعلا – شارك في الحرب العالمية الثانية ... غالبا مع الفيلق الاسترالي في أوروبا .. لم أصافحه لان طباع الإنجليز والاستراليين واحدة في هذا الصدد ... نظر لي نظرة عسكرية حادة , ثم غمغم بتحية ما , وفى يده رأيت صورة فوتوغرافية صغيرة اصفرت من القدم ... قال وهو يعبث بشاربه : ( رباه ! يا له من دهر ! أستطيع هنا أن أميز ( جين ) و ( آرثر ) و ( اليزابث ) , يا لها من مسكينة ! )
قالت السيدة بانكروفت في حزن غامر :
( أوه ! إن السرطان يحسن انتقاء ضحاياه ... حسبتك لا تعرف أنها ماتت .. )
ابتسم في مرارة , وقال :
( كنت في مصر حين اخبروني بالنبأ ... )
مصر ؟ إذن ( اليزابث ) المسكينة هذه توفيت منذ أكثر من عشرين عاما ... لكنهما حزينان كأنها ماتت حالا ...
لم أر داعيا لبقائي أصغى لكل هذا الهراء ...
عجوزان يتبادلان ذكريات ثمينة لكنها لا تهمني على الإطلاق .. وتذكرت أن كل أب مولع بأن يحكى لك ما يفعله صغيره ... كيف كان يبصق على الضيوف وكيف ..... معتبرا هذه معجزات صغيرة , بينما أنت لا تبالي على الإطلاق .... الذكريات بضاعة لا قيمة لها إلا في خزانة صاحبها ... غادرت الدار متجها إلى مهمتي الغامضة ......

*** *** ***
وعندما عدت في الخامسة عصرا , كان الميجور و مضيفتي يشربان الشاي طبعا , ويبدو أنهم لم يفرغا من ذكريات كل من مات بالسرطان من الأحباب ........
على غير عادتها الصموت و الوقور , هتفت مسز بانكروفت :
( خمن ماذا ! إن الميجور ( برادبورى ) راغب في الحصول على غرفة هنا ... )
أطلقت صفير دهشة وأنا لا أبالى شعرة بهذا وقلت لها في حماسة :
( انه النزيل المرتقب طبعا )
ابتسمت المرأة - مرضعة ( أمنمحات ) – في دلال أنثوي مزعج ... فالميجور بالطبع يمثل لها جزءا عزيزا من شبابها , حين كانت شابة وربما كانت جميلة ,و كانت حياتها تبدأ ولا تنتهي ...
قلت لنفسي : لا بأس ... صحيح أن الرجل سمج نوعا , لكنه سيضيف بعض التجديد على حياتنا المملة ... وعلى الأقل هو لم يطاب بطردي ... )
وصعدت إلى غرفتي , لأبدأ طقوس الأمسية المعتادة ... وككل ليلة التهمت عشائي في غرفتي , وهو بعض الشطائر التي ابتاعها من الخارج , ثم أعددت لنفسي بعض الشاي في المطبخ , وكتبت بعض الرسائل وتأهبت للنوم ...
وعند منتصف الليل قرع أحدهم الباب عدة مرات , وسمت المرأة تفتحه وتزجر أحدهم هذا مرارا , وتردد لفظة البوليس ... الغريب هنا أنه من الواضح أن الميجور لم يظهر في الصورة قط ... المفترض أن ينزل ليشد من أزر زوجة صديقه المرحوم , أو كما يقولون في العامية عندنا : ( يعمل أي منظر ) ...
أدركت من الصوت الثاني أن القادم بلا شك ذلك المجنون المتحمس الوقور الذي يبغى طردنا ....
لم اهبط من غرفتي هذه المرة لأنني لست الرجل الوحيد هنا , ثم إن مفاهيم الجدعنة العربية هذه لا تسرى في أستراليا , ولن ترى المرأة سوى أنى مجرده طفيلي آخر يهوى التدخل فيما لا يعنيه ...
سمعتها توصد الباب في شراسة , ثم سمعت هدير القرص مما يعنى أنها تنفذ تهديدها بالفعل ... لكن صوتا حازما جاء من قريب يقول : ( تمهلي يا ( جلاديس ) ....
كان هذا الميجور بالطبع , وفيما بعد أدركت انه هبط في الدرج كر يشرح لها أسبابه : لماذا لا يجب أن تتصل بالبوليس ... وهى أسباب مقنعة بالتأكيد لأنها كفت عن المحاولة ....
ولا أدرى متى سقط القلم من يدي ونمت ....

*** *** ***
في اليوم التالي جاء ( جيمس شرودر ) وزوجته الحسناء ( كارلا ) ....
كان ذلك في الصباح المبكر , و أدركت حين رأيتهما أنهما في الغالب متحمسان بعنف للإقامة في المنزل رقم( 5 )...
كانا يقدمان عرضا مهما للعجوز , و المرأة ترفض باستمرار و إصرار ..... هل تعرفون ماذا كانا يطلبان ؟
نعم ... يطلبان الإقامة بشرط إخلاء المنزل لهما ! ..... كيف عرفتم ؟ لقد صرتم عباقرة هذه الأيام ...
بالطبع لم تعد الفكرة واردة أصلا , لكن المرأة العجوز كانت أقل شراسة في رفضها ... ربما بسبب أن الزوجين كانا جميلي الشكل مبهرين , ولكل جمال هيبة كما يقول ( توفيق الحكيم ) .... كانا بالغي الأناقة , وبرغم أنني لم أعد أميز هذه الأشياء فأنني أدركت أن الفتاة فاتنة ...
مررت بالزوجين وحييتهما بهزة رأس , لكنهما راحا يرمقانني بفضول غير عادى , حتى حسبت أنني نسيت ارتداء البنطال ... ثم همس الشاب للعجوز : ( من هو ؟)
قالت العجوز : ( هذا ليس شأنك , لكنى – كي أريحك – أقول انه طبيب مصري ... نزيل عندي ... )
ونظرت لهما نظرة ثاقبة , لكنهما تبادلا النظرات – الرجل وزوجته – ثم رأيته يهز رأسه نافيا كمن يقول : ( لا ... ليس هو ..)
تباطأت في الابتعاد لأسمع ما يقول , فجاءني صوته الرخيم يسأل العجوز ( و أدركت من نغمة الكلام أنه يعرض عليها صورة فوتوغرافية ) :
جيمس : ( هل رأيت هذا الرجل من قبل ؟ )
العجوز : ( هذا ليس شأنك ... )
جيمس : ( هل جاء ليطلب غرفة ؟ )
العجوز : (أنني أتكلم الإنجليزية أيها الشاب ...)
عاد يقول في إصرار : ( لو جاءك يطلب غرفة , فأنا أنصحك ألا تقبلي هذا شئ لا مزاح فيه ... )
أدركت من الكلام أن المرأة ترى الآن صورة شخص ما غير مرغوب فيه , لكن من هو ؟
( أنا أتكلم الإنجليزية ) ... قالتها بثقة كأنما هي فعلا تتكلم الإنجليزية , وكأن ( الاسترالية ) ليست لغة مستقلة منفصلة ....
كنت ابتعدت عن الأصوات , فرحت أمشى في الشارع الهادئ أفكر ...
ما معنى هذا كله ؟
(( لماذا صار المنزل رقم 5 فجأة أهم منزل في الكون ؟ ))

**** **** ****



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:50 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الثالث : وتجئ ( ساندرا )
ولماذا الرقم 5 بالذات ؟
** **
وفى المساء عدت لأسمع ضحكات عالية صاخبة من قاعة الجلوس ... كنت قد تأخرت قليلا هذا اليوم , لذا لم أتوقع أن أجد جلسة الشاي إياها ...
اتجهت إلى الدرج , فقط لأسمع خطوات مرحة وثابتة من ورائي .... واستدرت لأجد فتاة في العشرين من عمرها تركض حافية , وهى تلوح بزجاجة يفور الزبد من فهوتها ... فما إن رأتني حتى بدا عليها الخجل , وقالت مبهوتة :
( معذرة .. ما كنت أحسب هناك شخصا أخر سوانا ... )
وفى اللحظة التالية برزت مسز (بانكروفت ) من حجرة الجلوس لترى المشهد فقالت وهى تضغط على صدرها كي تكتم الضحك :
( أستميحك عذرا يا د. ( إسماعيل ) ..... لا شئ يمكنه كبح جماح الشباب ... إن ( ساندرا ) تحتفل كما ترى , وإننا لنرحب بانضمامك إلينا ...)
قلت لها في تعاسة : ( إنني لا أهوى الحفلات , خاصة تلك التي توجد بها زجاجات يفور منها الزبد ... ولكن .. من هي ( ساندرا ) ؟ )
طوقت العجوز كتف الفتاة بذراعها , وقالت :
(( ساندرا ) هي ابنة أعز صديقة لي , وأنا لم ألقها منذ عشرة أعوام ... إنني بمثابة خالتها ... )
وتأملت الفتاة بدقة ... الحق أنها جميلة .. لا ينكر هذا إلا الأحمق , لكنى لم أحب عينيها قط , وبنظرة أدق اندهشت من منظر العين في القرنيتين ... إن عينيها زرقاوان , لكن إنساني العين كانا أسودين محددين بدقة , كأنما هما ثقبان صنعا بدبوس في العينين .... منظر طبيعي وربما معتاد , لكنه مزعج إلى حد ما ...
حييت الفتاة وصعدت إلى حجرتي ....
لقد صار المنزل رقم 5 أكثر منازل العالم ازدحاما فيما يبدو ... والى حد ما أنا مسرور لأن المنزل لم يعد مسكونا بثلاث مومياوات تنتظر الموت ( أنا و العجوز و الميجور ) , لكن الأمر صار غربيا ... هذه العجوز حمقاء إن لم تندهش لهذا كله ... حمقاء إن لم تتحول دهشتها إلى الرعب ...
يوجد لغز ما في المنزل رقم (5) , وهذا اللغز جعل الجميع متحمسين للبقاء فيه ....
وما شأني بكل هذا على كل حال ؟ إنهم أستراليون ( في بعض ) وهم أحرار على كل حال.
كان ما آخر من جاء هو ( جيسون ) وقد جاء في صباح اليوم التالي , ودارت بينه والعجوز محادثة قصيرة ...
كان ضخم الجثة كالباب , يبدو عليه العنف , ومن الجلي إن المشاجرات تروق له ... وكان وجهه كتلة من الشعر لها لسان أحمر يبرز من مكان ما , ما بين اللحية والشارب والحاجبين الكثين... لا أدرى أين رأيت لوحة كاريكاتورية تمثل سبع البحر , وكان يبدو كهذا بالضبط ...
كان يقول لها وهو يلوح بإصبع غليظ في وجهها :
( اسمعي يا سيدة .... حين يطلب ( جيسون ) غرفة فهو يحصل عليها .... )
وكانت تقول في ثبات :
( ليس لدى شئ , فعد إلى الحانة التي جئت منها ...)
جيسون : ( إن من يعيشون تحت سقفك لن يقدموا لك خدمة ما ... عليك أن تعرفي أين المصلحة ... )
العجوز : ( أغرب قبل أن أستدعي رجال الشرطة .. )
ثم توقف عن الكلام حين راني , واتسعت عيناه الشرستان دهشة , وراح يرمقني باهتمام .... يبدو أن منظري أغرب مما تصورت ....
قلت له في كياسة :
( يا سيد .... السيدة تعرف إن كانت تريد أن تؤجر غرفة أم لا ... هذا من حقها ...)
هذا هو ما قلت , حتى لا أجد قبضته الغليظة مدفونة في وجهي حتى عظمة السرج التركي في قاع الجمجمة ......
لكن رد فعله فاق تصوراتي .... لقد تدلى وجهه , وهتف بصوت كالفحيح :
( ميدا !؟ هل هذا أنت ؟؟؟ )
قالت العجوز في اشمئزاز :
( أسمه هو ( إسماعيل ) .. ثم هذا ليس من شأنك ! )
لكن الرجل واصل النظر إلى :
( ميدا ! هل أنت ؟ هل تفهم ما أتكلم عنه ؟ )
قلت وقد بدأت أعتقد فيه الخبال :
( ولا حرف يا سيدي .... و إن السيدة لجادة في تهديدها ... )
استدار مبتعدا وهو ما زال يرمقني من فوق كتفه . حتى غاب عن البصر , وللحظة حسبت أن شخصيتي الجبارة هي ما أرغمه على التراجع ، ... هكذا يجب أن يعامل الرعاع , ثم فطنت إلى أن في الأمر سرا لا أدريه ...
وهنا فقط انفجرت ... صحت في العجوز :
( ما سر هذا البيت يا مدام ؟ وما سبب هذا الحماس المجنون للسكنى فيه ؟ )
قالت ما معناه ( علمي علمك ) , ثم أطرقت قليلا , وهمست في قلق :
( د . إسماعيل .. أصارحك أنني خائفة ... أنا عجوز وحيدة ضعيفة , وثمة شئ ما شرير يجرى هنا .. )
قلت لها في حنق :
( لست وحيدة ... لديك الميجور و ساندرا )
قالت العجوز :
( بل أنهما يزيدان الأمر سوءا ... )
قلت :
( ماذا تقصدين ؟ )
أغلقت الباب علينا من الخارج , بحيث صرت أنا وهى خارج المنزل , ونظرت لأعلى تتأكد من أن أحدا لا يراقبنا من نافذة ما , ثم همست :
( إن التشابه تام , ومعلوماتهم دقيقة , لكن مع الثرثرة الطويلة لابد من أن تفلت تفاصيل تجعلك تترد ... هل حقا الأمر كما حسبته , أم أنك وقعت في خلط مريع ؟ )
بغباء عدت أسألها :
( ما زلت لا أفهم .... )
نظرت حولها مرة أخرى لتتيقن من أن أحدا لا يسمعها , وهمست :
( هذان لا يمكن أن يكونا ( ساندرا ) و الميجور ... هذان الاثنان ممثلان يلعبان دوراهما ببراعة ! )

**** **** ****



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:51 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



الجزء الرابع : هل أنت خائف مثلي ؟!

**************************

فتحت الباب , وصاحت :
( ساندرا ) يا عزيزتي ..... أنا ذاهبة إلى مكتب البريد لأسأل عن معاشي .... أرجو أن تعنى بالبيت حتى أعود .... أنت ملاك يا عزيزتي ...)
ثم أغلقت الباب وتأبطت ذراعي محاولة ألا تتعثر ... الحقيقة أن مسز (بانكروفت) لم تكن تحب الشارع , ويبدو أن الشارع لا يحبها كذلك ... وانثنى كاحلها تحتها مرة أو مرتين ...
مشينا بضع خطوات في الطريق الهادئ , حيث لا أحد إلا الرجل العجوز النائم كالعادة ... فما إن ابتعدنا مسافة كافية حتى نظرت للوراء , وهمست :
( حتى لا يسمع أحد ما نقول ... )
ولم أكن بحاجة للشرح على كل حال , فلأمر واضح ... لكنى لا أطيق أن أمشى في الشارع وقد تأبطت امرأة ذراعي , خاصة إذا كانت خادمة الملكة ( أياح حتب ) .. سألتها وأنا ألهث لأنها تتشبث بذراعي بقوة :
( ما الذي يدعوك إلى الظن بأن هذين يتصنعان ؟ )
قال وهى تلهث بدورها :
{ ثمة أخطاء صغيرة في كلامها لا تروق لي .. أخطاء لا يهمك أن تعرفها ، لكنها كثيرة .. مثلا زوجي لم يذق الخمر في حياته بينما الميجور يحكى عن ولع زوجي بالويسكي ... صديقتي لم تكن تعرف كيف تصنع فطيرة التوت , و ( ساندرا ) تحدثت عرضا عن فطيرة التوت التي أعدتها أمها ... أشياء من هذا القبيل ...
( إنني صرت عجوزا سهلة الخداع , ويبدو أن هناك من يعرف أنني لم أر الميجور من عقود , ولم أر ( ساندرا ) منذ كانت في العاشرة من عمرها ... لكن يظل السؤال هو : كيف يعرف هذان كل هذا عنى ؟ )}
كنا ألان في شارع رئيسي تتسابق فيه السيارات – على اليسار كالعادة – ولاحظت أنها تقصد مكتب البريد فعلا .. لعلها تحسب هناك من يراقبها إذن ... سألتها :
<< وما الذي يدفع هذين لانتحال شخصيتين ؟ > >
(( لنفس السبب الذي جاء من أجله الآخرون ... إنها الطريقة المثلية للمبيت تحت سقف البيت ... أنت تعرف أنني طردت كل من حاول السكنى هنا ما عداك ... ويبدو أن هناك من فهم أن الحيلة هي السبيل الوحيد ... ))
سرني أنها بدأت تلاحظ .. فكففت عن السير وسألتها :
(( مسز ( بانكروفت ) ... لاحظت أن هناك حماسا شعبيا غير مسبوق للإقامة عندك ... فهل تعتقدين أن هناك سببا محددا لهذا الحماس ؟ ))
قالت : (( لا أعرف ... ))
سألتها : (( هل البيت مشيد فوق كنز أو شئ من هذا القبيل ؟ ))
أجابت : (( لا أعرف .. انه قديم جدا , لكن لا توجد أية أسطورة تحيط به لو كان هذا ما تقصد ... ))
ساد الصمت من جديد , وبعد تفكير سألتها :
(( ماذا تنوين عمله ؟ ))
أجابت : (( لو كنت أعرف لما سألتك .. ))
هذه هي المشكلة .. ليست المبارزة مبارزتي , لكنها مصرة على أن تناولني السيف وتتنحى ... وعلى أن أقول شيئا رائعا مقنعا لا أبدو به سخيفا ... وقلت لها :
(( لم لا تطلبين الشرطة ؟ ))
قالت : (( ثمة احتمال واه أن يكون هذان هما الميجور و ( ساندرا ) وقد خانتهما الذاكرة ... أعتقد أنه سيكون موقفا سخيفا ... ))
انتابني الغيظ , فقلت لها :
(( إذن ما المطلوب منى ؟ ))
قالت :
(( أن تبقى معي ... أشعر بالخوف الشديد ... فهل أنت خائف مثلي ؟ ))
قلت : (( ليس تماما ... ثم إن وقت إقامتي قد أوشك على الانتهاء ... إن هي إلا أيام وارحل ... ولا أرى أن ... ))
فتحت كيس نقودها , ووقفت أمام أحد باعة الصحف , وانتقت جريدة الصباح وقالت : (( نعم .. معك حق ... أحيانا أتمنى أن يكون لي مكان آخر أذهب إليه .. من الجميل أن يترك المرء كل المشاكل ويركب طائرة ويحلق مبتعدا ... ))
وفى هذه اللحظة مرت بنا سيارة مسرعة , بعثرت بعض ماء الأمطار السابقة المحتشد على جانب الرصيف في وجهنا .... كدت أطلق السباب لولا أنني تصلبت حين رأيت من في السيارة .... إنهم أربعة أفراد ... السائق هو الأخ الشرس الذي عرفناه باسم ( جيسون ) , وجواره الرجل الوقور الذي يريد طردي , وفى المقعد الخلفي يجلس الزوجان الجميلان ....
هذا غريب !
إذن كل هؤلاء السادة متعارفون وعلى علاقة وطيدة ... إذن لماذا يأتون منفردين ؟
لم تر العجوز ما رأيت فقررت ألا أخبرها , فهي لن تستنتج من هذا شيئا مفيدا , وفى الغالب سيتوقف قلبها ذعرا ....
* * *
في المساء دق أحدهم على باب غرفتي , فتنحنحت .... لم يفتح الباب برغم أنه من الواضح أن النحنحة ذات مدلول عالمي ....
(( أدخل ! ))
كذا صحت في عصبية , فانفتح الباب ... بالطبع لم تكن العجوز لأنها لا تدخل غرفتي إلا نهارا , ولم يكن الميجور لأنه لا يطيق رؤيتي ... كانت ( ساندرا )
طبعا ....
توجست خفية لرؤيتها لأنني – كما قلت – لم أحب وجودها قط , ولم أستطع قبول الاعتقاد العام بأنها رائعة ....
كانت ترتدي بلوزة سوداء و تنورة رمادية أنيقة , وبدا لي أنها فرغت حالا من الأكل لأنها كانت تلوك شيئا ما .....
دنت منى وتأملت أوراقي في دلال , وقالت :
((ما هذا الذي تكتبه ؟ ))
قلت : (( مذكرات ... ))
راحت تمرر إصبعها على الحروف كطفل وقالت :
(( هل هذه هي اللغة العربية ؟ كيف تقرءونها ؟ ))
قلت : (( كما يقرأ الهنود الأوردية , و اليابانيون اليبانية ... ))
قالت : (( وما معنى هذا المكتوب ؟ ))
قلت في صبر : ((معناه : أنني لا أرحب أبدا بمن يقتحم خلوتي ليسألني عما إذا كنت أكتب العربية! ))
والحق أن تصرفها بدا لي غير لائق .... دعك من موضوع أنني رجل .... فهم هنا لا يعلقون أهمية على هذه الأمور , ثم إنني أبدو كمومياء ... السخيف هنا هو اقتحام الحجرة دون استئذان .... التطفل على خصوصية شخص غريب تماما عنها .. وتأملت عينيها في ضوء المصباح , فازددت رعبا , من جديد أشعر كأن إنساني عينيها ثقبان في جدار العين ... وقد جعل الضوء اللون الأزرق يبدو كأنما يتوهج ..
قالت بلهجة جادة حازمة :
(( دعك من المزاح وقل لي ... كم من الوقت تزمع البقاء هنا ؟ ))
قلت لها مندهشا :
(( ليس كثيرا .. لماذا ؟ ))
قالت ضاغطة على كل حرف :
(( لو كنت تنوى البقاء حتى العشرين من مارس , فلا تفعل ... أنصحك ألا تفعل .... غادر هذا المنزل كأن الجحيم يطاردك ! ))
تجمد الدم في عروقي هلعا , وسألتها متوجسا :
(( هل لي إن أعرف السبب ؟ ))
ضغطت بأسنانها على شفتيها في عصبية , و إلى درجة أن الدم راح يسيل منها .. وقالت :
(( لن أتكلم أكثر .... لكن لا تقل إننا لم ننذرك ))
ثم مدت يدها فالتقطت أحد المناديل الورقية التي أضعها أمامي , وضغطت به على شفتها السفلى واستدارت مغادرة الغرفة .... تاركة إياي أرتجف كالورقة ....
كنت دائما أقول إن الخطر المعنوي أشد إيذاء من الخطر المادي .
وما كان تهديد الفتاة نفسها ليثير ذعري , لكن الغموض الذي توحي به كلماتها هو ما جعل قلبي يرتجف .....
العشرون من مارس ! هذا هو الموعد المرتقب لأي شئ بالضبط ؟
لا أعرف حقا .. لكن على أن أفر من هنا قبله ... ونظرت إلى التقويم على الجدار ..
كان هذا هو اليوم السادس عشر من مارس ....
وبعد ساعة سوف أنزع هذه الورقة , ويبقى على الموعد ثلاثة أيام ....
* * * * * * *
ثلاثة أيام !
ولكن ... على ماذا ؟!


* * * * * * * * * *



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:52 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الخامس : ستة وواحد ..
قررت أن يكون اليوم التالي أجازة ...
أنتم تعرفون أن الهدف الذي جئت من أجله شارف الانتهاء , وأن قضية المنزل راحت تؤرقني ....
في الصباح استيقظت على راحتي , وكنت قد نمت طويلا بعدما سهرت إلى ساعة متأخرة ... غادرت المنزل ومشيت في الشارع الهادئ المبتل من أمطار ليلة ما ...
لم تكن المدينة في الشوارع ,فهي ساعة متأخرة من النهار حيث الكل في عمله ... مشيت الهوينى قاصدا دار البلدية ...
لماذا دار البلدية ؟ لأنني قد أظفر بمعلومات عن هذا البيت الغامض ... أنتم تعرفون أن كل هذه البيوت في قصص الرعب بنيت فوق مقبرة هندية قديمة - لم يكن هناك في استراليا – أو فوق كنز من كنوز الإزتك , أو يخافها الناس لأسباب تطول ...
لم أجد ما أردت بسهولة , بالإضافة إلى أن التفاهم عسير جدا معهم هنا برغم أننا نستعمل نفس اللغة الإنجليزية , وفى النهاية تطوع موظف متحمس بأن يبحث لي عن المعلومات التي أردتها , وكانت النتيجة مهمة :
أولا : لا توجد أية أساطير تحيط بالمنزل ........
ثانيا : تم بناؤه عام 1884 ... أي أنه يدنو من مائة عام ألان .......
ثالثا : صاحب المنزل القديم يدعى ( ألفرد أوسبورن ) , وهو أخر من امتلك المنزل بعد أبيه , ولم يتزوج أو ينجب , وقد سافر إلى انجلترا بعد الحرب ... لكنه باع المنزل عام 1941 لآل ( بانكروفت ) ... ولم يكن ساحرا ولا ممن يأكلون لحم الأطفال , وبالطبع لم يبع روحه للشيطان ....
المنزل ليس أثرا وليس تحفه فنية , ولا تعلق عليه البلدية أية أهمية ....
شكرت الرجل على هذه المعلومات القيمة ... نعم هي قيمة من حيث النفي .... وأنا طبيب و أعرف أن نتيجة اختبار الورق النافية قد تكون أكثر أهمية من النتيجة المؤكدة .......
لا أهمية للبيت ولا يوجد خطر يحوم حوله ..
إذن لماذا يصر هؤلاء السادة على السكنى فيه ؟
****************
وفى اليوم التالي كنت عائدا إلى المنزل حوالي الواحدة ظهرا , وأنا قد عدت إليه في كل وقت ممكن ما عدا ما قبل الثالثة بعد الظهر .... فهذا إذن طور زمني لم أشرف بالتواجد فيه قط ....
كنت ألان عند بداية الشارع , وكانت الإشارة خضراء تسمح بمرور المارة ... توقفت لحظة كي أحكم معطفي حول جسدي , و كي لا أتجمد ...
على الجهة الأخرى من الطريق , لمحت الشكل المميز للعجوز تهم بالمرور ... كانت تحمل حقيبة السوق السوداء المطرزة بالكانفاه , وقد بدا عليها الهم والشرود ... كانت غارقة في محيط أفكارها ...
ولكنها على الأقل كانت تعرف أن الإشارة تسمح بالمرور , والشارع لم يكن مزدحما على كل حال ....
هنا - كما يحدث في أفلام الرسوم المتحركة - برزت من لا مكان سيارة مندفعة زلزلت أرض الشارع زلزلة , ووضعت السيدة قدمها على الأرض , حين عرفت على الفور ما سيحدث .. رفعت كفى صارخا ...
(( مسز ( بانكروووووووووووووووووووو ووووفت ) ))!
لكن السيارة كانت أسرع من الصوت ... أسرع من صرختي , وسرعان ما طارت العجوز في الهواء , واندفعت السيارة مبتعدة , وكانت لوحتها الخليفة أكثر ازدحاما بالأرقام من أن أتذكره ..
وجريت عابرا الطريق إلى كومة الثياب التي كانت مسز ( بانكروفت ) من دقائق , وطار عقلي شعاعا ...
ثمة لمسة درامية مخيفة في الموت المفاجئ , وهو بالتأكيد يختلف كثيرا عن الموت البطئ الذي يستغرق شهورا أو أياما , مع الكثير من ألأنين والسعال والوصايا .. لمسة درامية تبرر هذه الرجفة في ساقي وضربات قلبي المضطربة , ويدي التي عجزت تماما عن الوصول إلى علبة أقراص ( النتروجلسرين ) في جيب البذلة تحت المعطف ...
ركعت جوارها , وكانت فاقدة الرشد – طبعا – لكنها لم تمت ... ثمة كسور لا بأس بها في عدة مواضع , ونزف داخلي في الغالب لكنها كانت تتنفس ...
ووقف بعض المارة يرمقون المشهد في لامبالاة , باعتبار أن من حق أي إنسان أن يموت في الشارع ! , وكأن التدخل قلة ذوق وافتقار إلى التهذيب ...
صحت فيهم أن يطلب أحدهم الإسعاف بحق السماء , وظهر رجل شرطة عابس من مكان ما وسألني أسئلة تقليدية عن ... أوصافها ... الخ ..
أخيرا جاءت الإسعاف , وعفت أنه ليس من حقي الركوب مع العجوز لأنه لا مكان لي ... هكذا عرفت أسم المستشفى وركبت أول سيارة أجرة قابلتها و لحقت بالمصابة هناك ...
* * *
لابد أن الأمر استغرق دهورا , لكن الساعة قالت لي إن ثلاث ساعات مرت , حتى سمح لي بالدخول إلى غرفتها ...
كانت مضمدة كالمومياء , وكمية كبيرة من الجبس تصلح لبناء معبد فرعوني , ولكنها كانت تتنفس وتبتسم .....
دنوت منها متهيبا وسألتها سؤلا سخيفا :
(( كيف حالك يا مسز ( بانكروفت ) ؟ ))
ضحكت لثانية , ثم آلمتها الجروح فتأوهت , وقالت :
( آي ! حالي كما ترى ... لكن هؤلاء السادة لم يعلموا أية عجوز صلبة هي أنا ..)
ثم نظرت لي بعينيها الزرقاوين الرماديتين المنهكتين , وقالت :
(( هل ستعود للإقامة في المنزل ؟ ))
قلت لها وأنا أمرر عنقي عبر غابة الخراطيم المحيطة بها :
(( ليس لي مكان آخر أذهب إليه ... وفى الغالب سأؤجل سفري قليلا حتى أتأكد من أنك بخير ... ))
قالت في حزم :
(( لا تبق في المنزل ! ))
قلت :
(( ولكن ... الإيجار .... و .... ))
قالت : (( دعك من هذه السخافات ... أذهب ألان وأجمع حاجياتك , ثم أبحث عن أي فندق ... لو اضطرت إلى المبيت في الحديقة العامة فلا تتردد .... ))
فكرت هنيهة , ثم قلت :
(( لم أخطر الميجور و ( ساندرا ) بعد ... ))
(( لا تفعل ... إنهما على كل حال يعلمان !))
((إذن أنت وحدك في هذا العالم ؟ ))
(( أنا وحدي .. لكن الرب معي ... فلن أخاف .. ))
(( و لماذا لا أبلغ ( ساندرا ) على الأقل ؟ ))
(( لا تفعل ... وكن حذرا ! ))
باختصار تريد منى السيدة أن أنسى الأمر برمته ... وهذا شئ يصعب ابتلاعه لكنها إرادتها على كل حال ...
جاءت الممرضة تطردني كالعادة , فحييت مسز ( بانكروفت ) , وغادرت المستشفى مبلبل الأفكار ...
تعرفون هذه المواقف طبعا وتعرفين كيف يبدو المرء حينها ...
* * *
لم يلقني أحد في المنزل حين وصلت إليه بعد قليل ... وسرني هذا , فاتجهت إلى حجرتي وجلست على الفراش شارد الذهن ... ربما طلت هكذا نصف ساعة أو أكثر ...
جميعهم يريد أن أرحل ... العجوز ... و ( ساندرا ) ...
ويبدو أنني سأفعل هذا ... يبدو غريبا أن أترك العجوز في هذه الظروف , لكن لا حيلة لي ... سأحزم حقائبي و ...
ومن جديد تحرك الفلاح الرابض في أعماقي يسألني عن ( الجدعنة ) والشهامة ... المرأة لا رفيق لها بين البشر , وهى عجوز وفى خطر ... فماذا يكون موقفك ؟
في النهاية وجدت حلا وسطا ... سأبقى في المنزل يومين أو ثلاثة حتى تتضح الأمور , وبعها يمكن أن أرحل بضمير مستريح .
ومطمئنا لقراري غادرت الغرفة ...
قررت أن ألقى الميجور و ( ساندرا ) لأبلغمها بما حدث للعجوز ....
نزلت إلى قاعة الجلوس وتنحنحت ثم دخلت , متوقعا ألا يكون هناك أحد , أو على الأقل الفتاة فقط .... لكنى صدمت ...
كان الجميع جالسين .....
( ساندرا ) و ( جيسون ) و الميجور والزوجان اللطيفان والرجل الوقور المتحمس ... ستة من الضيوف غير المرغوب فيهم يجلسون ألان في غرفة جلوس المرأة التي طردت أربعة منهم ......
نظرت حولي في ريبة ... كانوا جالسين في استرخاء بثياب مريحة , وقد انهمك اثنان في مطالعة الصحف , بينما الفتاتان تتسليان بالحياكة ... ورفعوا عيونهم نحوى في برود كأنما يقولون : ثم ماذا تريد هذه المرة ؟
سعلت لأسلك حلقي , ثم قلت موجها الكلام ل( ساندرا ) :
(( مسز ( بانكروفت ) في المستشفى .... حادث سيارة .... ))
ابتسمت وقالت في رسمية :
(( أعرف ... شكرا ... ثم ماذا ؟ ))
(( حسبت أن من واجبي إبلاغك ... ))
(( أكرر أنني أعرف ... ))
وهنا تدخل الميجور ليقول في لجهة عسكرية جافة ...
(( متى تنوى الرحيل ؟ ))
على الدم في عروقي , وقلت ضاغطا على كلماتي :
(( لا أنوى .... ))
(( لا أحد هنا يريدك هنا أيها الشاب ... ))
شاب ؟؟ حقا شاب ... حتى ( رفعت إسماعيل ) يمكن أن يبدو شابا بالنسبة إلى هذا الرجل .... قلت في عصبية :
(( لقد استأجرت غرفتي من مسز ( بانكروفت ) , وهى وحدها صاحبة الحق في طردي منها ... و إن لم تخني الذاكرة فأنتم جميعا مثلي ضيوف على هذا المنزل .. )) هم ( جيسون ) بالنهوض – ليحطم رأسي طبعا – لكن الرجل الوقور أمسك بمعصمه بما معناه ( دعه وشأنه ) , وقال في هدوء (( ربما كنا نأمل في أن تغير قرارك هذا يا د . ( إسماعيل ) ... ))
ثم هز رأسه محييا , فهززت رأسي بالمثل , وصعدت إلى غرفتي من جديد ..
* * *
وفى غرفتي – كالمجنون – أخرجت ورقة ورحت أخط عليها الاحتمالات المختلفة ... طبعا تحولت الورقة إلى حشد من الخطوط المتعرجة و الأسهم .. هذا هو ما يقضى إليه الأمر ...
صارت الأمور ألان واضحة في ذهني .... العجوز صدمتها سيارة بفعل فاعل ... لم يكن حادثا ... من الفاعل ؟ طبعا هو واحد من هؤلاء الستة لطاف المعشر ... بل يمكن إخراج ( جيسون ) من الموضوع لأن السيارة التي دهمت العجوز لم تكن سيارته ...
أعتقد بشكل ما أن الزوج الوسيم هو من فعلها لأن الرجل هادئ الطباع الوقور لا يملك سيارة ...
الهدف : كانت طريقة متحمسة لإرغام العجوز على ترك منزلها ...هذا هو ( العرض الذي لا يرفض ) بلغة رجال المافيا ... و بالتالي صار الباب مفتوحا لدخول أربعة غير مرغوب فيهم هم ( جيسون ) والزوجان والرجل الوقور , وقد صار البيت بيتهم ...
لماذا ؟ لو كنت أعرف لما جلست في حجرتي وحيدا , أخط على الورق أشكالا لا معنى لها ...
هذا البيت خطير ...
لكنى لن أغادره بهذه السرعة
*************************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:53 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء السادس : مفاجأة غير سارة .....
**************
ولماذا المنزل رقم 5 بالذات ؟
***************
صباح اليوم التالي قصدت المستشفى .... مهما حدث يشعر الطبيب بألفة ما مع جو المستشفيات ورائحة المطهرات وثوب العاملين الأبيض , تلك الأشياء التي قد تغرى غير الأطباء بالقئ .....
كانت العجوز في حالة طيبة ... إن رئتيها سليمتان و جمجمتها لا بأس بها ... فلا خطر عليها إلا من جلطات الساقين , وهذه سوف تعلن عن نفسها يوما ما في دورة المياه بعد أول خطوات لها خارج الفراش .... ستسقط ميتة ببساطة , ما لم يكن التمريض هنا يعرف ما يفعله ....
سألتني :
(( أما زلت في المنزل ؟ ))
هززت رأسي أن بلى ....
(( انك عنيد .... وماذا قالوا لك ؟ ))
(( كلهم هناك , وقد طلبوا منى الرحيل .. ))
(( أفعل كما طلبوا منك .. ))
بالطبع لا توجد صيغة مثنى في الإنجليزية , لذا لم تكن تعنى ( قالوا لك – طلبوا منك ) بل تعنى ( قالا لك – طلبا منك ) ...
وأعتقد أنها لم تخمن أنني أستعمل صيغة الجمع متعمدا ... لم أرد أن أضايقها أو أن يجنن جنونها ...
ستصاب بنوبة قلبية لو عرفت بنبأ الزوار المتطفلين ...
اطمأننت عليها وغادرت المستشفى , وفى طريقي إلى المنزل ابتعت بعض الصحف, و مشيت أفكر في هذه القصة .....
فلوب فلوب ! خيل إلي أن بعض الغبار تناثر في وجهي من الحائط الذي كنت أمشي جواره .. لكن هذه أشياء صغيرة ....
كان الطريق خاليا .. نظرت إلى اليمين لأتأكد ثم إلى اليسار .. أكثر من مرة كادت السيارات تدهمني لأنني أنسى أن هؤلاء القوم يقودون سياراتهم إلى يسار الطريق ..
لا بأس .... أتهيأ للعبور....
و فجأة نظرت إلى اليسار-كأنما بحافز خفي- فوجدت السيارة الزرقاء تعوي ذلك العواء المزعج الذي نسميه عندنا في مصر ( طلعة أمريكانى ) و تسمية دول الخليج (تفحيط) ... ورأيتها قادمة نحوي بسرعة جهنمية ....
طبعا لو لم أنظر لما كنت هنا أكتب هذه السطور , لكنى منحت جزءا على ألف من الثانية استطعت خلاله أن أثب إلى الرصيف , وأهوى أرضا , بينما السيارة تمرق كسهم ازرق في الموضع الذي كنت فيه حالا
سائق؟ لا يوجد سائق طبعا .....
كل السيارات التي تبرز من العدم لا يقودها سائق...حسبت هذا مفهوما و متفقا عليه....
أرقام؟ مستحيل قراءة أرقام حين تنطلق السيارة بهذه السرعة , وحين وقفت على قدمي الراجفتين , كانت السيارة في عداد الأوهام .....
يا لي من ساذج !
أنا العقبة الأخيرة في طريق هؤلاء القوم و مشروعهم الغامض, وهم كادوا يقتلون العقبة الأولى –العجوز- فكيف غاب عني أن الخلاص مني أمر بديهي منطقي؟ ))
***********************
فلوب فلوب! خيل إلي أن بعض الغبار....
***********************
صوت (الفلوب) هذا ليس غريبا علي .. أذن كان هناك من يصوب علي بندقية بتلسكوب كاتمة للصوت , ولا بد أن يده اهتزت لأن الطلقة أصابت الجدار على بعد سنتيمترات من رأسي....
ليكن .... لا يمكن إثبات شيء من هذا لدى الشرطة , ولكن الأمور نحت منحنى خطير , و قد حان وقت التخلي عن رسالتي ؛ لأن القبور تعج بالشجعان كما يقولون , فلن يكسب أحد شيئا من قبر جديد .....
وهكذا اتجهت للمنزل حريصا على أن أبقى فوق الإفريز قدر الامكان, وأن أجد السير متجنبا الحركة المنتظمة التي يصعب التنبؤ بها.....
وصلت للبيت دون أحداث, ففتحت الباب ودخلت , ولم يكن ثمة أحد في المدخل ولا قاعة الجلوس......
لاهثا صعدت إلى حجرتي, وبدأت أحزم أشيائي,,استغرق الأمر نصف ساعة, وفي النهاية حملت الحقيبة الثقيلة مترنحا و رحت أهبط في الدرج, محاذرا أن أزل فيدق عنقي ...
كان الباب الرئيسي موصدا,فعالجت قفل (اللاتش) كي أفتحه لكنه أبى أن يتحرك....
غريب هذا....أخرجت مفتاحي و دسسته في الثقب, فأبى أن يدخل...جربت مرارا لكن لا جدوى...
و انتصب الشعر الباقي على جانبي رأسي رعبا....
لقد بدل أحدهم قلب (الكالون) , و لم يعد لمفتاحي قيمة...
لا بأس...كنت أتوقع تصرفا كهذا.....ربما لم يفطنوا إلى أنني داخل المنزل ولست خارجه, وقاموا بالتبديل في هذه اللحظات....
لكني كنت أعرف الحقيقة....
هم يعرفون أنني داخل المنزل... لابد أن يكونوا مصابين بالصمم كي لا يسمعوا الضجة التي أحدثتها منذ جئت....
هؤلاء القوم قد سجنوني هنا عامدين...
فلماذا؟
و السؤال الأخطر هنا هو : هل هم بداخل البيت ألان أم خارجه؟
لأسباب أعتقد أنكم تفهمونها ؛ قررت ألا أبدأ الصراخ كالحمقى,قائلا إن هناك خطأ ما, و إن قفل الباب تغير , وإنني راغب في الرحيل.....
قررت أن أعتمد على نفسي....فما حك جلدك مثل ظفرك...
كانت هناك نافذة بالطابق الأرضي , لكنها مدعمة بالحديد لأن المسز ( بانكروفت) عجوز وحيدة, لابد أن يداهمها لص و يذبحها يوما ما...
هناك المطبخ, وهو في مؤخرة المنزل, ويطل على شرفة جميلة تطل بدورها على حديقة مهندمة كانت العجوز تحبها كثيرا...الشرفة تقودها أربع درجات إلي الحديقة.....
وهكذا تخليت عن الحقيبة العزيزة , ومشيت كالحنكليس-لا أعرف ما هو- نحو المطبخ,و أنا أتمنى ألا أجد العزيز (جيسون) يعد لنفسه بعض الشاي هناك... أنا نفسي أفعل هذا في المطبخ الصغير بالطابق العلوي....
نظرت للمطبخ الفسيح فلم أر أحد .....كان هناك قط رمادي يرمقني في فضول , و أنا لا اذكر أن العجوز كان لديها قط , لكن هذا من حقها....
كان هناك سكين كبير براق بدا لي مغريا , ثم عدلت عن حمله ... هكذا يبدأ الأمر بالبارانويا , ثم يستحيل على إقناع البوليس بقصتي .... ترى هل أستراليا تنفذ عقوبة الإعدام ؟
لا داعي للسلاح .... انه يغرى بالتهور والحلول العنيفة , بينما أنا فعلا لست في خطر ملموس ....
ثمة كعكة اقتطع ربعها على ( رخامة ) المطبخ , وثمة طبق به بعض قطع اللحم التي بقيت من وجبة ما ... والثلاجة تئز كعادتها ... لكن لا يوجد بشر هنا ...
ها هو ذا الباب .. أمد يدي إلى مقبضه وأديره .... لكنه لا يدور ... أرجه رجا لا يستجيب ....
إنهم لم ينسوا شيئا إذن ....
لكن الأمر لم ينته بعد ....
الهاتف ؟ ربما لو ....
هنا سمعت صوت ( ساندرا ) تقول :
(( لا تتعب نفسك يا بروفسور ... لقد تأكدنا من كل الاحتمالات , ورتبنا كل شئ ! ))
*******************
كانت واقفة عند باب المطبخ وقد استندت بظهرها إليه , في وضع ( بروفيل ) كان يمكن أن يكون فاتنا في ظروف أخرى .... ولم تكن تنظر لي على الإطلاق......
وواصلت كلامها وأنا أرمقها في غباء :
(( قد أنذرتك لكنك ركبت رأسك .... و الآن يجب أن تبقى معنا ! ))
قلت مرتبكا :
(( عم تتكلمين ؟ إن العشرين من الشهر لم يأت بعد ؟ ))
(( الاستعداد يبدأ من التاسع عشر ... ))
ثم نظرت إلى وقالت في حزم :
(( ألان عد لغرفتك أرجوك , ولا تضطرني إلى استدعاء ( جيسون ) ! ))
لا ... ليس ( جيسون ) أرجوك !
سأكون طفلا مهذبا ...
سأعود إلى غرفتي ....


***********************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:55 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء السابع : علامات لها مغزاها ...
******************
ولماذا المنزل رقم 5 بالذات ؟
*****************
وفى حجرتي تمددت على الفراش أرمق السقف , والأفكار تدوي في ذهني كما يحدث في الأفلام السينمائية ....
(( يجب أن تقبلي يا سيدتي .... يجب .... ))
(( أنا أنصحك ألا تقبلي ..... هذا شئ لا مزاح فيه ))
(( ميدا ..... هل هذا أنت ؟ ))
(( كيف يعرف هذان كل هذا عنى ؟ ))
(( لا يريدك أحد هنا أيها الشاب .. ))
(( مسز ( بانكرووووفت ) ))!
طبعا لعبت الأفكار دور العاديات اللاتي فرشن لي هراسا به يعلى فراشي ويقشب , كما يقول عمنا ( النابغة الذبياني ) ... وهى صورة رائعة بالفعل ....
تحول الفراش إلى أرض معادية كلها أوتاد ودبابيس , حتى صار من المستحيل أن أتظاهر بالاسترخاء .......
نهضت من الفراش , وبحذر فتحت باب الحجرة .....
لم يكن من أحد هناك ...
مشيت في الممر أتأمل الغرفات على الجانبين ..
كانت بعض الأبواب مفتوحة , وقد صار جليا من الحقائب الموضوعة أو التي تبعثرت محتوياتها ؛ أن كل واحد من الضيوف اتخذ غرفة لنفسه .... إنهم يحتاجون إلى خمس غرف , و لربما اتخذت الفتاة غرفة نوم مسز ( بانكروفت ) , و لربما نام الأخ ( جيسون ) في الحمام ....
الفضول قتل القط ... لا أدرى لماذا يعود هذا المثل إلى ذاكرتي أكثر من مرة هذه الأيام .....
لم يكن هناك خطر ما , وبدا أنه ما من أحد يراني أو يشعر بي , فهم يتعاملون بثقة شديدة في النفس .....
دوت من أقرب غرفة , وكانت مفتوحة , وبحذر خطوت ثلاث أو أربع خطوات لأجد نفسي في وسطها ..... جوار الفراش .....
توجد حقيبة مفتوحة جوار الفراش , وقد فرغت من نصف ما كان بها ..... من الواضح أن هذه حجرة رجل لا امرأة .... وهى مهندمة لا توحي بأن خنزيرا سكنها ... إذن – بالاستبعاد – هي حجرة الرجل الوقور أول من جاء يطلب السكنى ....
بيد باردة كالثلج رحت أقلب محتويات الحقيبة .....
لا شئ إلا الحقيبة رجل متأنق .... قمصان تم كيها بعناية ... بعض العطور ... آلة حلاقة كهربية ....
اتجهت إلى خزانة الثياب الجدارية ففتحتها , ولم يكن بها سوى بذلتين معلقتين وبضع قبعات ....
عم تبحث يا ( رفعت ) ؟ هل تتوقع أن تجد دمية غرست فيها الدبابيس , أو رءوس ( تسانتسا ) منكمشة , أو نجمة خماسية مرسومة على الأرض ؟ لا يبدو أن الرجل من ( أهل ذلك ) , وحتى إن كان من ( أهل ذلك ) فلن يضع هذا في غرفة مفتوحة ....
اتجهت إلى الكومود بجوار الفراش وفتحته ...
أصابتني دهشة عارمة لأنني وجدت في الدرج قلادة ...
قلادة غريبة الشكل لم أر مثلها قط ... كانت لدى صورة فوتوغرافية لها لكنى أضعتها بعد كل هذه السنوات ... لا أعرف كيف أقرب وصفها لك .....
كانت تشبه بقعة من الدم المتجمد اللامع البراق .... كلا ... لم يكن هذا حجرا كريما أعرفه .... والأغرب أنني حين لمستها شعرت بأنها فقدت الكثير من بريقها .. وربما كان هذا وهما ......
وربما لم يكن ........
وأنتم تعرفون فضولي ... ببساطة دسست القلادة في جيبي لأدرسها فيما بعد ...
حان وقت الرحيل الآن .....
لقد كنت سعيد الحظ حتى هذه اللحظة , لكن موقفي سيكون غاية في العسر لو عاد الرجل الآن ....
لكن قدمي لم تطاوعني ....
ركعت بجوار الفراش , ونظرت تحته لأرى ما هنالك ... لم تكن ثمة أحذية , لكنى وجدت أداة غريبة الشكل .. هذه لدى صورتها .... إنها تشبه قلما طويلا من الأبنوس , لكنها ليست كذلك ...
وكالعادة دسستها في جيبي ....
الآن صار الرحيل ضروريا , وهذه المرة استجابت ساقاي .....
*****************************

كانت غرفة أخرى مفتوحة , ومن جديد عاد الصراع بين الواجب والعاطفة كما في أفلام ( توجو مزراحى ) القديمة .... الصوت في مؤخرة عنقي يصرخ : بالله عليك ! كف عن هذا اللعب بالنار ! أنت الذي لم يستطع أبدا فهم لماذا تنزل بطلة الفيلم الحمقاء ليلا إلى القبو الملئ بتوابيت مصاصي الدماء ....
فيجيب الصوت الأخر في مقدمة رأسي إن نسمة واحدة لا تكفى لتحديد اتجاه الرياح , ونقطة واحدة لا تسمح برسم خط .....
لابد من غرفة واحدة أخرى على الأقل !
وهكذا أدخل الغرفة , وأدرك من الجو الأنثوي العام فيها أنها غرفة الزوجة الحسناء ..... ( ساندرا ) لا تقيم هنا .... ومن الواضح أن الزوجين يقيمان منفصلين .....
كان أول ما فعلت هو أن جثوت لأنظر تحت الفراش , وبالفعل وجدت القلم الأبنوسى إياه .... هذه علامة مهمة إذن ... ولها مغزاها بالنسبة لهم ...
فتحت درج الكومود بحثا عن القلادة فلم أجدها ..فتشت الحجرة فلم أجد شيئا غريبا هذا خدر سيدة لا أكثر ولا أقل .. وان لاحظت أن الغرفتين كانتا منسقتين أكثر من اللازم والأسرة مرتبة بعناية ,كأنما لم ينم فيها أحد ..
أما وقد اكتفيت , فقد فررت من المكان فرارا , ولم أجرؤ على تجربة حجرة ثالثة .. فقد صبر الحظ على طويلا وكان مجاملا , لكنه لن يظل يجاملني إلى الأبد ....
وكنت على حق لأنني إذ دخلت حجرتي سمعت صوت أحدهم يصعد في الدرج ... ولو تأخرت ثانية لراني ...
حمد لله !
*******************


في غرفتي أغلقت الباب , ثم جلست على المنضدة أتأمل الأثرين العجيبين اللذين ظفرت بهما , ثم أخرجت الكاميرا وزودتها بعدسة مناسبة , والتقطت بعض الصور ....
القلادة لم تكن لها صفة خاصة .. لم تكن ثمة كتابة على ظهرها ولا علامة تدل على أين صنعت ..
لكنى لاحظت لها خاصية غريبة هي – كما قلت – أنها تتوهج حين أتركها وتنطفئ حين ألمسها ... وعلى سبيل التجربة وضعتها حول عنقي , وتأملت منظري في المرآة ... أبدو غريبا بحق ..
أما الأداة التي تشبه عصا أبنوسية , فكانت ثقيلة الوزن . واضح أنها من معدن لا أعرفه ... معدن له ملمس خشب الأبنوس ... وقد رحت أديرها بين أناملي بحثا عن شئ قابل للفتح فلم أجد .
هنا خطر لي أن أحتفظ بالقلادة تحت قميصي , وأدارى العصا في جيبي ... ثمة شعور يقول لي إن هذه الأشياء مفيدة ...
و الآن ماذا أفعل ؟
يمكنني محاولة الهبوط من نافذة حجرتي ... لكنى لا أملك هذا القدر من الرشاقة , وفى الغالب سأدق عنقي ... في السينما يربطون ملاءات السرير على شكل حبل يتدلون به , ولم أفهم قط من أين يأتون بكل هذا العدد من الملاءات ؟
الهاتف ؟
ليسوا بهذه البلاهة , لكن بوسعي أن أجرب ....
وهكذا يهبط الكهل ( رفعت ) إلى الطابق الأرضي , ويتجه إلى الهاتف ... أين ذهبوا ؟ مستحيل أن يكونوا غادروا المنزل , وأنا أعرف أن هناك على الأقل واحدا في غرفته الآن ..
ليكن ... سأجرب حتى أسمع صوت من ينصحني بعدم المحاولة أكثر ...
هذا هو الهاتف ..كتلة من الإغراء البلاستيكي الصارخ ... يعدني بالخروج من هنا ... ربما يعدني بمصر أيضا ...
ورفعت السماعة ...
كلا ... لم يكن ميتا ... لكنه كان يصدر أصوات غريبة .. كان أناسا يتكلمون بلا انقطاع و دون أن يسمع أحدهم الأخر , وبأغرب لغة يمكن سماعها ....
لغة فيها الكثير من حروف الطقطقة والتجشؤ ....
كأنما هذان الحرفان التاسع و العشرون والثلاثون في الأبجدية .... ولكن أية أبجدية هذه ؟
ضغطت على الزر مرارا عل الضوضاء تنتهي , ولكن بلا جدوى ... صحت ( hello ) عدة مرات , لكن أحدا لم يسمعني .
وضعت السماعة في قنوط ... لا بأس ... لست بالسذاجة كي أتوقع أن تتم المهمة بهذه البساطة ....
***********************
كان الصوت مستمرا , لكنه أكثر وهنا ...
فطنت لهذا , وفطنت إلى أنه آت من القبو ...
قبو المنزل رقم ( 5 ) , وقد دخلته مرتين لأساعد مسز ( بانكروفت ) في شئ ما ... كان قبوا عاديا به بعض الحقائب الفارغة , وظن من المهملات على غرار (جراموفون ) قديم , ومانيكان للتفصيل , وجرائد لا حصر لها ...
لكن الصوت كان آتيا من هناك ...
وفطنت - في دهشة - إلى أنه ذات الصوت الذي سمعته من الهاتف .... كما فطنت إلى أن الشعر على ساعدي قد انتصب , كما يحدث لفراء القطة الذي تدلكه حتى تملأه الكهربية الإستاتيكية ....
هذا المكان مشحون بالإستاتيكية , ولابد أن هناك مجالا مغناطيسيا لا بأس به , لأن رأسي به , لأن رأسي يطن و أشعر بأنني موشك على القئ ... نفس الشعور الذي شعرت به حين مررت بتجربة أشعة الرنين المغناطيسي * ( mri ) منذ أعوام ...
ماذا يفعل هؤلاء القوم تحت ؟
يمكنني أن أذهب لأرى , ولكني غالبا لن أعود ....
هؤلاء القوم ليسوا على ما يرام , وليسوا ملائكة ....
أعرف هذا ... أشعر به
************************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-11-13, 08:56 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء الثامن : أنت دخيل !
ولماذا المنزل رقم ( 5 ) بالذات ؟
************************
سؤال سخيف بلا معنى طبعا .. فلو كان المنزل يحمل رقم ( 6 ) أو رقم ( 7 ) لبدا الأمر غريبا بنفس القدر .. يجب أن يكون السؤال هو : ماذا يحدث هنا ؟!
*************************
عند منتصف الليل سمعت قرعات على بابي , وسمعت ( ساندرا ) تقول في تهذيب :
(( د . ( رفعت ) .. هل أنت نائم ؟ ))
(( وكيف أكون ؟ ))
(( إذن .. أنا بانتظارك .. نحن بحاجة إليك في قاعة الجلوس من أجل موضوع مهم .. ))
نهضت من الفراش , وارتديت ثيابا مناسبة .. ووضعت ذات السترة التي تحوى كنوزي على كتفي .. ثم خرجت لها ..
كانت شاحبة مرهقة , ترتدي ثيابا بسيطة مجعدة .. وقلت لها وأنا أدس ذراعي الأيسر في الكم :
(( هل حان الوقت ؟ هل ستقتادونني إلى الفناء الخلفي لإنهاء الأمر ؟ ))
لم يبد عليها الفهم ولا الاستعداد للمزاح بسبب الإرهاق الشديد وقطب وجهها بما معناه ( عم تتحدث بالضبط ؟ ) , فقلت :
(( أعني أن الوقت قد حان لتفجير رأسي .. ))
قالت في فتور :
(( دعك من السخف واتبعني .. ))
مشيت وراءها متوجسا , حتى وصلنا إلى الطابق السفلي حيث دخلت قاعة الجلوس , وكان الجميع هناك .. أسرة سعيدة كما يقول الأمريكان .. كان دخان التبغ متجمدا في الهواء , بينما كان الميجور يقف وسط القاعة ويداه مشتبكتان خلف ظهره كأنه ( ولنجتون ) يراقب معركة ( ووترلو ) ..
أما الزوجان فجلسا متعانقي الكفين يرمقاني في اهتمام ..
قال الميجور :
(( د . ( إسماعيل ) .. ما زلنا نجد عسرا في تصديق أنك منا .. وعليك إثبات العكس ! ))
كان هذا آخر ما توقعت سماعه .. توقعت طلقة مسدس في رأسي , أو أن يقيدوني و يضعوني في قدر ماء يغلي كي أكون عشاءهم .. كل شئ إلا هذا ..
قلت في كياسة :
(( لماذا أحاول إثبات ما لم أزعمه قط ؟ ))
صاح الزوج الوسيم في انتصار :
(( هذا هو ما قلته مرارا .. ليس هو .. صدقوني .. يجب الخلاص منه الآن !))
قال ( جيسون ) الذي جلس أمام المدفأة كثور المسك , و هو يداعب عضلات صدره المخيفة :
(( لكنني أظن أنه هو .. ))
وقال الميجور و هو يعتصر شاربه :
(( أنا أيضا أحسبه هو .. ))
(( كفاكم سخفا ! ))
قالتها الفتاة في حنق , وراحت تدور حولي كأنما تنوي شراء سيارة , وقالت :
(( ليس هو .. لابد أن العمى أصابكم .. ))
هنا فقط دق جرس في ذاكرتي ..
*********************
(( ( ميدا ) .. هل هذا أنت ؟ ))
********************
لقد كان من الواضح أكثر من مرة أن شكلي أصابهم بنوع من الارتباك .. الزوجان تناقشا بصددى , و ( جيسون ) حسبني من يدعى ( ميدا ) لكنه لم يستطع التأكد ..
إن لي شكلا عجيبا يذكر كل الناس بشئ ما , وذات مرة رأى ( كولبى ) الساحر اليهودي أنني أشبه (إدجار آلان بو ) , بينما رأى ( جيسون ) أنني ( ميدا ) ..
هل أزعم أنني ( ميدا ) هذا ؟ لا فرصة لدى لأنني لا أعرف حرفا عنه , ولا أعرف إن كان شيطانا أم انسيا ..
قال الميجور بلهجة حكيمة :
(( تذكروا النبوءة : كلهم يعود حتى لو نسى أنه منكم .. ربما كان هذا ( ميدا ) وهو لا يعرف ذلك .. ))
قال ( جيسون ) وهو يكور قبضته :
(( إن نداء المنزل أقوى من الإرادة .. انه يلعب دور ذات الغريزة التي تحكم هجرة الطيور .. ))
هنا صاح الرجل الوقور نافد الصبر :
(( كفى سخفا ! إذن ما الذي يدلنا على أنه منا وليس مجرد عابر سبيل ؟ لا تتركوا الأمور عائمة إلى هذا الحد .. ))




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للكاتب, أسطورة, مكتملة, الموسم, احلى, توفيق, حامد, فصحى

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.