قراءة للمجموعة القصصية "أجيئك حيث تكونين "للأديبة القديرة د.إيمان البقاعي

[فاطمة كرم]

جاءتني منذ أيام هدية غالية على قلبي من الأديبة الرقيقة د.إيمان البقاعي
منحتني بكل كرم كتابين من مؤلفاتها
الكتاب الأول :-الوطن في أدب الشراكسة الأديغه العربي والمعرب)
وهو كتاب الكتروني يعتبر مرجع في موضوع ندر من تحدث عنه وبوابة منيرة وخصبة للمزيد من الأبحاث والأطروحات حوله لكنه في المقابل دسم يحتاج لتركيز وقراءة متأنية
لذا قررت قراءته على مهل بينما أستمتع بهديتها الثانية وهي :-

المجموعة القصصية : أجيئك حيث تكونين

القصة الأولى : أجيئك حيث تكونين
تتعرف من خلالها عن معنى الجفاف والتصحر عندما ينتشر ويتوغل في دواخلنا فيبتلع من حولنا كل الفرح وألوانه
عن معنى العدم عندما لا تجد من ينتظرك بعد كل نجاحاتك ليفرح بها ويشاركك إياها
عن معنى الخواء وفقدان الأشياء قيمتها عندما تنتصر علينا الأحداث فنتمسك بحبل الحياد الذي يفرض علينا المشي عليه في الكثير من الأحيان مع عدم الرغبة في مغادرته لعدم الفائدة , فلمن نقاوم ولمن نتلون والأيام تتكرر في رتابة قاسية
حتى يأتي من ينفض كل هذا التصحر من الوطن المتغرب حولها ويمنحها سبب للابتسام , للمقاومة , للنجاح والتألق
تتعلم أن الأحبة يمكننا أن نتخذهم أوطان أكثر اتساعا وأجمل ألونًا من أوطان قد ضاقت واستحالت إلى حجارة وبعض الأعشاب الجافة
الأحبة على اختلاف مسمايتهم نبض قلوبهم يؤنسنا ويمنحنا الرغبة في مقاومة الألم كي نحيا

القصة الثانية : أرسطو وأم علي
فيها مفارقة فلسفية طريفة عن الصداقة وآثار الزمن التي تجعل من أصدقاء الأمس أشخاص بعيدين كل البعد عنا وعن ميولنا , وعن المرأة التي تنهمك في أسرتها لدرجة التخلي عن اسمها كيف تكون منطفئة تنتج نسخ مكررة تقليدية مثلها
بالمناسبة من أول تعارفي على أم علي وأبنائها انتابني الخوف الشديد على اللوحة وتنفست الصعداء عند نجاتها من أيديهم

القصة الثالثة : صَيْدٌ
هذه القصة من أجمل قصص المجموعة , قرأتها من قبل على شبكة روايتي الثقافية وأثارت في حينها بداخلي الكثير من التأمل
كنت حانقة من الزوجة لهذه اللامبالاة التي أبدتها تجاه زوجها رغم خطورة ما يحدثها به على علاقتهما
صيد ! كم هو دقيق هذا التعبير .. نعم هو صيد ما يثيرنا في أي علاقة انسانية وإذا سدت قنوات الإتصال تموت هذه العلاقة ببطء لأنها لا تجد ما تتغذى عليه , ليس الزواج فقط لقد جربت هذا الفتور والملل في علاقات صداقة قوية انتابها الاعتياد ومن فرط معرفة الطرف الأخر وألفة وجوده يمكننا أن لا نراه ولا نشعر بقيمة وجوده الكبيرة في حياتنا إلا لو غادر امممم وأحيانا حتى لو غادر لا نشعر لأن هناك ما حل محله في ظل الفتور والاعتياد , كلمة صيد أوقدت سراج صغير في عقلي وتساءلت ما الحل ما هي الخلطة السحرية لمحاربة الاعتياد الذي يصيب العلاقات بالجمود فهذين الزوجين لهما نفس الاهتمامات فما سيكون أكثر من عشق أشياء متقاربة حتى تستمر جذوة الحب متقدة ؟
مخيفة القصة وقد عرضت مشكلة مستمرة بل تتعرض لانتكاسة أشد .. وتركت سؤال معلقًا في دهاليز عقلي بأن : كيف نبقي هذا الصيد حيًا يثيرنا مطاردته حتى تظل العلاقة تتقد بالحرارة ؟ أتمنى أن أجد الإجابة ذات يوم

القصة الرابعة : مسرحية هزلية
هنا زوجة تعاني من الفراغ , لا تعمل شيئًا في ظل وجود حماتها النشيطة والمهتمة بأعمال المنزل وزوج يحرص على الشكليات الإجتماعية كباقة وردة وبطاقة تهنئة بعيد الزواج , مجرد قالب جميل لعلاقة زوجية متضررة بالصمت , لا يأخذ شكواها بعين الاعتبار ويعتبره هراء فلسفي رغم أنه يعاني هو الأخر من هذه العلاقة الفارغة لكن الشكليات أهم فهو يضع همومه في الكتابة والقراءة عوضًا عن حلها أما هي فتشعر أن هناك شيء خاطيء في حياتها يجب عليها معالجته هذه الرؤى المختلفة بينهما أعتبرها صدع كبير سينهي هذه المسرحية الهزلية ذات يوم

القصة الخامسة : الأخر
أعتبر هذه القصة اهداء خاص لكل من استحق السعادة بعدما أعطى ووفى كل أمانة ومسئولية أسندت إليه لم يقصر ولم يتخاذل أو يخذل من تحت رعايته , تأتي ساحرة صغيرة اسمها "تيكي" لتعطيه السعادة التي يستحقها ملفوفة بأجمل الأشرطة وأبهاها .. سنة في الكون ما تمنحه من خير سيعود لك لا محالة بالشكل الذي تحتاجه تماما لترضى
القصة السادسة : قارئة الفنجان
كيان التعليم التقليدي الذي صار منخورا لا يلامس بأي طريقة متطلبات نمو هذه الأجيال
ولذلك مثال بسيط مديرة المدرسة تقتنص الفرصة لتقرأ فنجان قهوتها مع أم الطفل لتكتشف عقليتها التي تشتعل بالأساطير المكذوبة فتفر الأم بعد فقرة خداع طريفة لتهرع إلى ما ينتظرها من مكافحة الشعوذة ومن يهتمون بها !

القصة السابعة : طيف ابتسامة
هي مقطوعة حنين لوطن يسمى بالأم لا يخذل أبدا أبناؤه حتى في الذكرى يترك على وجوههم طيف ابتسامة وطمأنينة لما امتلكوه ذات يوم من حب ودفء

القصة الثامنة : سهرة رأس السنة
قصة نسائية بامتياز تذكرني باجتماعنا حول جدتي حفظها الله وأطال عمرها , ما أدفء هذه السهرة وما أجمل الود الذي ظلل جنباتها , استمتعت بحضور ماما عفت القوي والتي تتمثل فيها المرأة الشركسية التي استعرضت عبر ومضات من ذكرياتها عادات وتقاليد شركسية تعتز بها كل الإعتزاز .. شكرا ماما عفت على الأمسية اللطيفة استمتعت بصحبتكن كثيرا

القصة التاسعة : ضجيج
معاناة المثقف أو الإنسان المهذب وسط مجتمع سادت فيه الهمجية والسوقية واقتحام خصوصية الأخر بكل تبجح في ظل عدم وجود رادع

القصة العاشرة : جطلاي
القصة صورة طريفة عن استقبال نساء القرية البسيطة على اختلاف أعراقهم لأطباق استقبال القنوات العربية والأجنبية , أجد القصة تلامس المعنى الحقيقي لتعريف التكنولوجيا عند جيل الأباء غير المتعلمين يتلخص في مضيعة للوقت وخروج عن السمت الجماعي , كما هو حال الناس مع أي شيء جديد ومستحدث

القصة الحادية عشر : إنها حرب تموز
هي الحرب .. عندما يصبح الترقب هو صاحبك الدائم , والخوف من الأسوأ والمتاح في كل لحظة .. شيء معتاد , عندما تصبح بديهيات الحياة ترف نتشبث به حد التوسل .. هي الحرب قدرنا نحن العرب إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا

القصة الثانية عشر : لولو تساعد عمو المُسَحِّر
قصة جميلة ودافئة تصلح للطفل أيضًا لأن فيها الكثير من الطرافة , لولو وهي تستيقظ وايقاع العائلة في التحرك تباعا لاسكات بكائها المرتفع حتى استيقظ الحي بأكمله على نغمات لولو وبهذا قد ساعدت عمو المُسَحِّر

القصة الرابعة عشر : ليسَ غولًا وليست أسنانه سوداء
قصة تصلح أيضا للطفل , رائعة دكتورة إيمان عندما تتسلل بأناقة إلى عقول الأطفال كي تطرح هواجسهم بكل بساطة في قصة جميلة , أحببت عمو سليمان وأكبرت فيه احتواءه لوليد .. قصة جميلة وقعها شيق

مجموعة جميلة ثرية ومنوعة ترضي ذائقة القاريء المميز , يعيش خلالها لحظات جميلة ممتعة بين سطور أدب شديد الرقي , فيها حكمة الأجداد واعتزاز بقيم راسخة , فيها أنوثة ملونة بأرقى وأبهى صورها , وطفولة فتية بهواجسها وفضولها الغض

شكرا جزيلا د. إيمان على الهدية الرائعة أمتعتيني وأنستني كلماتك وتشرفت بمصافحة فكرك الراقي
تحياتي لكِ ولقلمك الرائع

لمن يريد قراءة المجموعة القصصية ومؤلفات أخرى للأديبة القديرة تجدوها في هذا الموضوع هنـــا اهداء منها لقراء شبكة روايتي الثقافية ولكل محب للثقافة

في أمان الله

[أمة الله]

مساء السموّ حبيباتي ...


منذ مدّة رأيت موضوعكِ حبيبتي فطوم وإبتسمت فمواضيعكِ لابدّ وأن تحمل معها إقتراح لـ رواية جديدة .. وهذه المرّة لروائية لم يسبق لي أن سمعت بها .. وزادت إبتسامتي أكثر فمنذ أسبوع إبتدأت قراءة رواية لكاتبة أوّل تجربة لي معها وكانت أيضا هديّة .. رائعة الهدايا التي تأتي على شكل كتب ..
قمت بتحميل رواية أجيئكِ حيث تكونين وإن شاء الله أجد لها وقتا في غرم إنشغالاتي المتراكمة ..
شكرا على هذه المتعة ..


لكِ كلّ الحبّ ^_^