آخر 10 مشاركات
في ظلال الشرق (20) -شرقية- للكاتبة الرائعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          382 - زهرة المطر - بارباره مكماهون (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          1- أهواك - شارلوت لامب * (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] زينه هي الموت والمنعوت والنجوى بقلم/black widow(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي الرواية الجديدة التي تفضلونها
فكرة جديدة تماما 2,055 56.56%
جزء ثاني لرواية بأمر الحب 665 18.30%
جزء ثاني لواية لعنتي جنون عشقك 913 25.13%
المصوتون: 3633. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree505Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-07-15, 12:04 AM   #21401

samahss

مشرفة منتدى عبير وأحلام وعضو فريق الكتابة للروايات الرومانسية وماسة الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية samahss

? العضوٌ??? » 111513
?  التسِجيلٌ » Mar 2010
? مشَارَ?اتْي » 39,598
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » samahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond reputesamahss has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 297 ( الأعضاء 230 والزوار 67)
‏samahss, ‏شكرإن, ‏crazygirl-1995, ‏سهرانة الليل, ‏meryamaaa, ‏noran assal, ‏hebaa, ‏الوردة الشوكية, ‏3sola20, ‏منى العبدي, ‏dentistaya, ‏رحيل الامل, ‏sara8639, ‏Electron, ‏سنا الورد, ‏أم الأبطال, ‏sosoangle, ‏ابن الشام2, ‏al-azony, ‏عيوشة.رجب, ‏sama*, ‏feriel barcelona, ‏نداء الحق, ‏gooore, ‏Samar warshan, ‏amiraa22bk, ‏fattima2020, ‏رولا احمد, ‏جرح الغياب, ‏Mنrنĥ Ṩsنmį, ‏The yellow rose, ‏markunda, ‏همس الرموش, ‏غير عن كل البشر, ‏زهرة مغتربة, ‏ام البنات1989, ‏rontii, ‏omnue2006+, ‏hope 21, ‏jjeje, ‏hedoq, ‏bonoquo, ‏Just give me a reason, ‏الاف مكة, ‏butter fly, ‏Nana_9, ‏maha_1966, ‏meriam 1992, ‏hanene**, ‏الدمعة الحائرة, ‏NANAMONTANA, ‏اموواج, ‏AyOyaT, ‏Diego Sando, ‏أُمْنِيـَّــآتـٌ أُنــْثَوِيــَّـﮧْ, ‏secret angel, ‏كيف ينتهى الحلم, ‏حنان الرزقي, ‏نهولة, ‏روكارو, ‏خفوق انفاس, ‏dr.nahid abdallah, ‏اميرة بيتنا, ‏ريتاج55, ‏ام مزن, ‏nancy_nana, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏yara, ‏اسية232, ‏ruby angel, ‏لجين1991, ‏sweera, ‏amana 98, ‏بيبه الجميله, ‏imy amouna, ‏hager_samir, ‏emoza, ‏khma44, ‏بسنت محمد, ‏شاكرةلله, ‏هبوش 2000, ‏ألآءمصر, ‏beauty anastasia, ‏socomisso, ‏princess sara, ‏mrmoorh, ‏tota2008434, ‏Shosh A, ‏عشق العين, ‏ماسال, ‏rosemary.e, ‏بعثرة مشاعر, ‏maysleem, ‏ن و ا ر ى, ‏zerozero, ‏سكر نبات, ‏yoda5, ‏صمتي كلام*سو*, ‏sapo, ‏نزووف, ‏nono sweetie, ‏fatima zahraa, ‏البيضاء, ‏جاكلي, ‏غروري مصدره أهلي, ‏طائره النمنمه, ‏مريم جمال, ‏roro.rona, ‏IMANECRAZYGIRL4, ‏الفراشه السودااء, ‏souka2012, ‏ام معتوق, ‏توته الاموره+, ‏sama2_egypt, ‏دلووعة2, ‏اغلى ناااسي, ‏أسماء44, ‏dekaelanteka, ‏سمر لولو, ‏ميسلودي, ‏عراقيــه, ‏بلادي بلاد التوحيد, ‏رودينة محمد, ‏الياقوته الحمراء, ‏منوشه العسل, ‏سميرة احمد, ‏زهرة الكاميليا4, ‏كفى, ‏kmnbvc, ‏littlebee, ‏ام ياسر., ‏عماد52, ‏هوجو12, ‏hadia44, ‏ربروبة, ‏الراجيةرضاربها, ‏maf, ‏sweetlikechoclate, ‏rosetears, ‏سلمي و نقطة, ‏نورسي, ‏انسه ريلاكس, ‏بيبوبن, ‏صمـــ الجروح ـت, ‏shammaf, ‏frfo00r, ‏fathimabrouk, ‏نور محمد, ‏Fayّun, ‏dhouha89, ‏شروق الشمس هلا, ‏dont worry, ‏نسمة صيف 1, ‏نيو ستار, ‏zozo ammar, ‏i3lawi94, ‏priscila, ‏شيمو عصام, ‏Maryoom salem, ‏ارض اللبان, ‏ملك جاسم, ‏MNA, ‏زهره البوفارديا, ‏dill, ‏رؤى الرؤى, ‏nabooll, ‏tamima nabil+, ‏amen alselawi, ‏haneen el nada, ‏نبيله محمد, ‏b3sh0, ‏jene, ‏kajio60, ‏Mary~), ‏براءة الجزائرية, ‏lelly, ‏Eman kassem, ‏جنون الزمن, ‏غرامي الدلوعه, ‏hadelosh, ‏ام عمر يحيى, ‏ensho, ‏نجدي 21, ‏omniakilany, ‏سهم الغدر, ‏halla maher, ‏همسه ود, ‏الآنسة تاء, ‏ksuhaila, ‏Nontak, ‏دعاء 99, ‏Omniaah, ‏penguin, ‏شموسه3, ‏RazanB, ‏أخت داليا, ‏متعثرهـ, ‏sara alaa, ‏امانى منجى, ‏omiyad, ‏اميرة الرومنسية, ‏ouma ima, ‏sasad, ‏chahinezb, ‏نادية 25, ‏صرخات هادئة, ‏شمع الأمل, ‏جعلنى عاشقه, ‏nour azzam, ‏لوحة رسم, ‏beeboo_050, ‏hafiidaa, ‏hinddoya, ‏kimi mi, ‏فخر الإمارات, ‏سنديان, ‏fatifleur12, ‏ايه كامل, ‏عفراء الطاهر, ‏ماريامار, ‏s.m..ssous.m.s


samahss غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:06 AM   #21402

Hebat Allah

مشرفة منتدى البرامج والحاسوب ومصممه في الروايات والقصص المنقولة وكاتب فلفل حار و فراشة متالقة بالقسم الازياء وشاعرة متألقة وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Hebat Allah

? العضوٌ??? » 275242
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,334
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Libya
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Hebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
أنا شخص لذاتي أكتب عن نفسي وعن حياتي .. لا أكتب لصديق خان ولا لحبيب ليس له في القلب مكان ..هبوش
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضووووووور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 295 ( الأعضاء 229 والزوار 66) ‏Hebat Allah*, ‏dr.nahid abdallah, ‏عيوشة.رجب, ‏Mنrنĥ Ṩsنmį, ‏خفوق انفاس, ‏سهرانة الليل, ‏noran assal, ‏maha_1966, ‏secret angel, ‏اميرة بيتنا, ‏AyOyaT, ‏ريتاج55, ‏نهولة, ‏الاف مكة, ‏أم الأبطال, ‏الزهراألزهراء, ‏ام مزن, ‏ام البنات1989, ‏شكولاين, ‏أُمْنِيـَّــآتـٌ أُنــْثَوِيــَّـﮧْ, ‏nancy_nana, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏Samar warshan, ‏yara, ‏jjeje, ‏اسية232, ‏butter fly, ‏ruby angel, ‏feriel barcelona, ‏لجين1991, ‏al-azony, ‏sweera, ‏حنان الرزقي, ‏amana 98, ‏lolo ahmed, ‏سلمى ستار, ‏بيبه الجميله, ‏imy amouna, ‏hager_samir, ‏NANAMONTANA, ‏emoza, ‏khma44, ‏اموواج, ‏بسنت محمد, ‏hedoq, ‏شاكرةلله, ‏روكارو, ‏سنا الورد, ‏نداء الحق, ‏bonoquo, ‏meriam 1992, ‏هبوش 2000, ‏Electron, ‏samahss, ‏الوردة الشوكية, ‏ألآءمصر, ‏beauty anastasia, ‏socomisso, ‏princess sara, ‏mrmoorh, ‏tota2008434, ‏Nor sy, ‏Shosh A, ‏عشق العين, ‏ماسال, ‏rosemary.e, ‏fattima2020, ‏بعثرة مشاعر, ‏hope 21, ‏maysleem, ‏ن و ا ر ى, ‏sama*, ‏zerozero, ‏سكر نبات, ‏yoda5, ‏صمتي كلام*سو*, ‏sapo, ‏نزووف, ‏nono sweetie, ‏3sola20, ‏fatima zahraa, ‏البيضاء, ‏sosoangle, ‏رحيل الامل, ‏جاكلي, ‏غروري مصدره أهلي, ‏hanene**, ‏طائره النمنمه, ‏مريم جمال, ‏roro.rona, ‏IMANECRAZYGIRL4, ‏gooore, ‏زهرة مغتربة, ‏الفراشه السودااء, ‏souka2012, ‏ام معتوق, ‏توته الاموره, ‏sama2_egypt, ‏دلووعة2, ‏اغلى ناااسي, ‏أسماء44, ‏dekaelanteka, ‏Just give me a reason, ‏سمر لولو, ‏ميسلودي, ‏The yellow rose, ‏عراقيــه, ‏غير عن كل البشر, ‏omnue2006, ‏بلادي بلاد التوحيد, ‏رودينة محمد, ‏الياقوته الحمراء, ‏منوشه العسل, ‏سميرة احمد, ‏زهرة الكاميليا4+, ‏جرح الغياب, ‏dentistaya, ‏rontii, ‏همس الرموش, ‏كفى, ‏kmnbvc, ‏littlebee, ‏ام ياسر., ‏عماد52, ‏هوجو12, ‏hadia44, ‏ربروبة, ‏الراجيةرضاربها, ‏maf, ‏crazygirl-1995, ‏sweetlikechoclate, ‏rosetears, ‏سلمي و نقطة, ‏نورسي, ‏انسه ريلاكس, ‏بيبوبن, ‏صمـــ الجروح ـت, ‏shammaf, ‏frfo00r, ‏fathimabrouk, ‏نور محمد, ‏منى العبدي, ‏Fayّun, ‏dhouha89, ‏شروق الشمس هلا, ‏dont worry, ‏نسمة صيف 1, ‏نيو ستار, ‏ابن الشام2, ‏zozo ammar, ‏i3lawi94, ‏priscila, ‏شيمو عصام, ‏Maryoom salem, ‏ارض اللبان, ‏ملك جاسم, ‏MNA, ‏زهره البوفارديا, ‏dill, ‏رؤى الرؤى, ‏nabooll, ‏tamima nabil+, ‏amen alselawi, ‏haneen el nada, ‏نبيله محمد+, ‏b3sh0, ‏jene, ‏kajio60, ‏Mary~), ‏sara8639, ‏براءة الجزائرية, ‏lelly, ‏Eman kassem, ‏جنون الزمن, ‏غرامي الدلوعه, ‏hadelosh, ‏ام عمر يحيى, ‏ensho, ‏نجدي 21, ‏omniakilany, ‏سهم الغدر, ‏halla maher, ‏همسه ود, ‏الآنسة تاء, ‏ksuhaila, ‏Nontak, ‏دعاء 99, ‏Omniaah, ‏penguin, ‏شموسه3, ‏RazanB, ‏أخت داليا, ‏متعثرهـ, ‏sara alaa, ‏امانى منجى, ‏omiyad, ‏اميرة الرومنسية, ‏ouma ima, ‏sasad, ‏chahinezb, ‏نادية 25, ‏صرخات هادئة, ‏Diego Sando, ‏شمع الأمل, ‏جعلنى عاشقه, ‏nour azzam, ‏لوحة رسم, ‏beeboo_050, ‏hafiidaa, ‏hinddoya, ‏kimi mi, ‏فخر الإمارات, ‏سنديان, ‏fatifleur12, ‏ايه كامل, ‏عفراء الطاهر, ‏ماريامار, ‏s.m..ssous.m.s, ‏هيرو01

mareen likes this.

Hebat Allah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:07 AM   #21403

Hebat Allah

مشرفة منتدى البرامج والحاسوب ومصممه في الروايات والقصص المنقولة وكاتب فلفل حار و فراشة متالقة بالقسم الازياء وشاعرة متألقة وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Hebat Allah

? العضوٌ??? » 275242
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 6,334
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Libya
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Hebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond reputeHebat Allah has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك carton
¬» اشجع ahli
?? ??? ~
أنا شخص لذاتي أكتب عن نفسي وعن حياتي .. لا أكتب لصديق خان ولا لحبيب ليس له في القلب مكان ..هبوش
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضووووووور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 295 ( الأعضاء 229 والزوار 66) ‏Hebat Allah*, ‏dr.nahid abdallah, ‏عيوشة.رجب, ‏Märäĥ Ṩsämį, ‏خفوق انفاس, ‏سهرانة الليل, ‏noran assal, ‏maha_1966, ‏secret angel, ‏اميرة بيتنا, ‏AyOyaT, ‏ريتاج55, ‏نهولة, ‏الاف مكة, ‏أم الأبطال, ‏الزهراألزهراء, ‏ام مزن, ‏ام البنات1989, ‏شكولاين, ‏أُمْنِيـَّــآتـٌ أُنــْثَوِيــَّـﮧْ, ‏nancy_nana, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏Samar warshan, ‏yara, ‏jjeje, ‏اسية232, ‏butter fly, ‏ruby angel, ‏feriel barcelona, ‏لجين1991, ‏al-azony, ‏sweera, ‏حنان الرزقي, ‏amana 98, ‏lolo ahmed, ‏سلمى ستار, ‏بيبه الجميله, ‏imy amouna, ‏hager_samir, ‏NANAMONTANA, ‏emoza, ‏khma44, ‏اموواج, ‏بسنت محمد, ‏hedoq, ‏شاكرةلله, ‏روكارو, ‏سنا الورد, ‏نداء الحق, ‏bonoquo, ‏meriam 1992, ‏هبوش 2000, ‏Electron, ‏samahss, ‏الوردة الشوكية, ‏ألآءمصر, ‏beauty anastasia, ‏socomisso, ‏princess sara, ‏mrmoorh, ‏tota2008434, ‏Nor sy, ‏Shosh A, ‏عشق العين, ‏ماسال, ‏rosemary.e, ‏fattima2020, ‏بعثرة مشاعر, ‏hope 21, ‏maysleem, ‏ن و ا ر ى, ‏sama*, ‏zerozero, ‏سكر نبات, ‏yoda5, ‏صمتي كلام*سو*, ‏sapo, ‏نزووف, ‏nono sweetie, ‏3sola20, ‏fatima zahraa, ‏البيضاء, ‏sosoangle, ‏رحيل الامل, ‏جاكلي, ‏غروري مصدره أهلي, ‏hanene**, ‏طائره النمنمه, ‏مريم جمال, ‏roro.rona, ‏IMANECRAZYGIRL4, ‏gooore, ‏زهرة مغتربة, ‏الفراشه السودااء, ‏souka2012, ‏ام معتوق, ‏توته الاموره, ‏sama2_egypt, ‏دلووعة2, ‏اغلى ناااسي, ‏أسماء44, ‏dekaelanteka, ‏Just give me a reason, ‏سمر لولو, ‏ميسلودي, ‏The yellow rose, ‏عراقيــه, ‏غير عن كل البشر, ‏omnue2006, ‏بلادي بلاد التوحيد, ‏رودينة محمد, ‏الياقوته الحمراء, ‏منوشه العسل, ‏سميرة احمد, ‏زهرة الكاميليا4+, ‏جرح الغياب, ‏dentistaya, ‏rontii, ‏همس الرموش, ‏كفى, ‏kmnbvc, ‏littlebee, ‏ام ياسر., ‏عماد52, ‏هوجو12, ‏hadia44, ‏ربروبة, ‏الراجيةرضاربها, ‏maf, ‏crazygirl-1995, ‏sweetlikechoclate, ‏rosetears, ‏سلمي و نقطة, ‏نورسي, ‏انسه ريلاكس, ‏بيبوبن, ‏صمـــ الجروح ـت, ‏shammaf, ‏frfo00r, ‏fathimabrouk, ‏نور محمد, ‏منى العبدي, ‏Fayøun, ‏dhouha89, ‏شروق الشمس هلا, ‏dont worry, ‏نسمة صيف 1, ‏نيو ستار, ‏ابن الشام2, ‏zozo ammar, ‏i3lawi94, ‏priscila, ‏شيمو عصام, ‏Maryoom salem, ‏ارض اللبان, ‏ملك جاسم, ‏MNA, ‏زهره البوفارديا, ‏dill, ‏رؤى الرؤى, ‏nabooll, ‏tamima nabil+, ‏amen alselawi, ‏haneen el nada, ‏نبيله محمد+, ‏b3sh0, ‏jene, ‏kajio60, ‏Mary~), ‏sara8639, ‏براءة الجزائرية, ‏lelly, ‏Eman kassem, ‏جنون الزمن, ‏غرامي الدلوعه, ‏hadelosh, ‏ام عمر يحيى, ‏ensho, ‏نجدي 21, ‏omniakilany, ‏سهم الغدر, ‏halla maher, ‏همسه ود, ‏الآنسة تاء, ‏ksuhaila, ‏Nontak, ‏دعاء 99, ‏Omniaah, ‏penguin, ‏شموسه3, ‏RazanB, ‏أخت داليا, ‏متعثرهـ, ‏sara alaa, ‏امانى منجى, ‏omiyad, ‏اميرة الرومنسية, ‏ouma ima, ‏sasad, ‏chahinezb, ‏نادية 25, ‏صرخات هادئة, ‏Diego Sando, ‏شمع الأمل, ‏جعلنى عاشقه, ‏nour azzam, ‏لوحة رسم, ‏beeboo_050, ‏hafiidaa, ‏hinddoya, ‏kimi mi, ‏فخر الإمارات, ‏سنديان, ‏fatifleur12, ‏ايه كامل, ‏عفراء الطاهر, ‏ماريامار, ‏s.m..ssous.m.s, ‏هيرو01

mareen likes this.

Hebat Allah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:07 AM   #21404

al-azony
alkap ~
 
الصورة الرمزية al-azony

? العضوٌ??? » 169344
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 455
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » al-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond reputeal-azony has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

منظرة الفصل على احر من الجمر
mareen likes this.

al-azony غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:08 AM   #21405

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر .... أنا حنزل الفصل الآن ....
النت عندي ضااااااااااااااااااايع
لذا أرجوكم بشدة .... أن توقفوا التعليقات بعد هذه المشاركة للتسهيل عليا
توكلنا على الله

mareen and imy88 like this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:09 AM   #21406

rosetears
alkap ~
 
الصورة الرمزية rosetears

? العضوٌ??? » 99098
?  التسِجيلٌ » Sep 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,314
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond reputerosetears has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

rosetears, ‏feriel barcelona, ‏أسماء44, ‏همس الرموش, ‏ابن الشام2, ‏سلمى ستار, ‏خفوق انفاس, ‏starmoon, ‏beauty anastasia, ‏yara, ‏ن و ا ر ى, ‏Mنrنĥ Ṩsنmį, ‏سهرانة الليل, ‏RAHPH, ‏كريستنا, ‏sama*, ‏جرح الغياب, ‏اميرة الرومنسية, ‏Amouur12, ‏hebaa, ‏شكرإن, ‏الوردة الشوكية, ‏noran assal, ‏كتكوته زعلانه, ‏emoza, ‏zerozero, ‏samahss, ‏penguin, ‏sapo, ‏hibatalrahmane, ‏fattima2020, ‏حنان الرزقي, ‏الدمعة الحائرة, ‏نور الصباح5, ‏crazygirl-1995, ‏gooore, ‏amiraa22bk, ‏بنت بلدي, ‏jus6me010, ‏عشق العين, ‏الاف مكة, ‏princess sara, ‏sosoangle, ‏al-azony, ‏Electron, ‏dr.nahid abdallah, ‏khma44, ‏fatima zahraa, ‏روكارو, ‏زالاتان, ‏منى العبدي, ‏عراقيــه, ‏imy amouna, ‏زهرة مغتربة, ‏dentistaya, ‏أم الأبطال, ‏نداء الحق, ‏majda sarito, ‏meryamaaa, ‏3sola20, ‏رحيل الامل, ‏sara8639, ‏سنا الورد, ‏Samar warshan, ‏رولا احمد, ‏The yellow rose, ‏markunda, ‏غير عن كل البشر, ‏ام البنات1989, ‏rontii, ‏omnue2006, ‏hope 21, ‏jjeje, ‏hedoq, ‏bonoquo, ‏Just give me a reason, ‏butter fly, ‏Nana_9, ‏meriam 1992, ‏hanene**, ‏NANAMONTANA, ‏اموواج, ‏AyOyaT, ‏Diego Sando, ‏أُمْنِيـَّــآتـٌ أُنــْثَوِيــَّـﮧْ, ‏secret angel, ‏كيف ينتهى الحلم, ‏نهولة, ‏اميرة بيتنا, ‏ريتاج55, ‏ام مزن, ‏nancy_nana, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏اسية232, ‏ruby angel, ‏لجين1991, ‏sweera, ‏amana 98, ‏بيبه الجميله, ‏hager_samir, ‏شاكرةلله, ‏هبوش 2000, ‏ألآءمصر, ‏socomisso, ‏mrmoorh, ‏tota2008434, ‏Shosh A, ‏ماسال, ‏rosemary.e, ‏بعثرة مشاعر, ‏maysleem, ‏سكر نبات, ‏yoda5, ‏صمتي كلام*سو*, ‏نزووف, ‏nono sweetie, ‏البيضاء, ‏جاكلي, ‏غروري مصدره أهلي, ‏طائره النمنمه, ‏مريم جمال, ‏roro.rona, ‏IMANECRAZYGIRL4, ‏الفراشه السودااء, ‏ام معتوق, ‏توته الاموره, ‏sama2_egypt, ‏دلووعة2, ‏اغلى ناااسي, ‏dekaelanteka, ‏سمر لولو, ‏ميسلودي, ‏بلادي بلاد التوحيد, ‏رودينة محمد, ‏الياقوته الحمراء, ‏منوشه العسل, ‏سميرة احمد, ‏زهرة الكاميليا4, ‏كفى, ‏littlebee, ‏ام ياسر., ‏عماد52, ‏هوجو12, ‏hadia44, ‏ربروبة, ‏الراجيةرضاربها, ‏maf, ‏sweetlikechoclate, ‏سلمي و نقطة, ‏نورسي, ‏انسه ريلاكس, ‏بيبوبن, ‏صمـــ الجروح ـت, ‏shammaf, ‏frfo00r, ‏fathimabrouk, ‏نور محمد, ‏Fayّun, ‏dhouha89, ‏شروق الشمس هلا, ‏dont worry, ‏نسمة صيف 1, ‏نيو ستار, ‏zozo ammar, ‏i3lawi94, ‏priscila, ‏شيمو عصام, ‏Maryoom salem, ‏ارض اللبان, ‏ملك جاسم, ‏MNA, ‏زهره البوفارديا, ‏dill, ‏رؤى الرؤى, ‏nabooll, ‏tamima nabil, ‏amen alselawi, ‏haneen el nada, ‏نبيله محمد, ‏b3sh0, ‏jene, ‏kajio60, ‏Mary~), ‏براءة الجزائرية, ‏lelly, ‏Eman kassem, ‏جنون الزمن, ‏غرامي الدلوعه, ‏hadelosh, ‏ام عمر يحيى, ‏ensho, ‏نجدي 21, ‏omniakilany, ‏سهم الغدر, ‏halla maher, ‏همسه ود, ‏الآنسة تاء, ‏ksuhaila, ‏Nontak, ‏دعاء 99, ‏Omniaah, ‏شموسه3, ‏RazanB, ‏أخت داليا, ‏متعثرهـ, ‏sara alaa, ‏امانى منجى, ‏omiyad, ‏ouma ima, ‏sasad, ‏chahinezb, ‏نادية 25, ‏صرخات هادئة, ‏شمع الأمل, ‏جعلنى عاشقه, ‏nour azzam, ‏لوحة رسم, ‏beeboo_050, ‏hafiidaa, ‏hinddoya, ‏kimi mi, ‏فخر الإمارات, ‏سنديان, ‏fatifleur12, ‏ايه كامل, ‏عفراء الطاهر, ‏ماريامار


rosetears غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:11 AM   #21407

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل السابع و الأربعين :
نهض من مكانه متأوها بخفوت وهو يرمش بعينيه ... شاعرا بصداعٍ يمزق عقله الغير واعي بعد ...
متأملا المكان الغريب الذي يستلق على سرير وثيرٍ به ...
احتاج الى عدة لحظات وهو ينظر الى السقف الأنيق قبل أن تمتد ذراعه فجأة بعنف .. قابضا على الأغطية الخالية بجواره .... و أغلق قبضته عليها حتى ابيضت مفاصل أصابعه ...مدركا أنها ليست بجواره دون حتى أن يستدير برأسه بحثا عنها ....
و دون حتى أن يستطيع منع نفسه ... كانت عيناه تبرقان بوحشية و صوته يهدر صارخا بجنون و هيستيريا
( ملك ........................ )
و خلال لحظات كان يندفع من جناح العرائس الذي دخله معها ليلة أمس قبل أن يسقط فاقد الوعي ..
و أمام أعين النزلاء و العاملين الذاهلة ...
كان عريس الأمس يخرج من الفندق صباحا مندفعا بعنف وهو لا يزال بحلة الزفاف على الرغم من تشعثها .... كتشعث شعره الناعم الهمجي ... بعد أن قلب المكان مهددا صراخا كالمجنون بأنه سيخرب هذا المكان و يزهق روح كل العاملين هنا ...
استقل سيارته التي كانت تنتظره في مرآب الفندق و انطلق بها ...... و عيناه تدلنان على ان هذا الصبي مجنون ....
و ما ان وصل الى مقر سكن وعد و ملك .. حتى اوقف سيارته بشكلٍ عنيف عشوائي مصدرا صريرا عاليا
ثم انطلق جاريا على السلالم الى شقتهما واخذ يضرب على الباب و الجرس معا صارخا
( ملك ... ملك ..... افتحي الباب ...... )
كانت وعد في ذلك الوقت تعد كوبا من القهوة و هي تدلك شعرها الطويل محاولة السيطرة على الصداع الرهيب الذي لم يفارقها منذ ليلة أمس ....
لكنها انتفضت على صوت ضرب الباب المفاجىء و بهذا الشكل المجنون
رفعت عينيها الى ساعة الحائط ... و هالها أن تكون الساعة لم تتجازو الثامنة صباحا بعد.... و تسائلت عن ذلك الذي يضرب الباب بمثل هذا العنف و في مثل هذا الوقت ...
لكنها ما أن سمعت الصوت الصارخ باسم ملك ... حتى زمت شفتيها بإدراك و رفعت رأسها بقوة و هي تحاول استجماع شجاعتها ...
فتركت فنجان القهوة و تقدمت ببطىء من باب الشقة الذي كاد أن يتحطم الى شظايا تحت قبضة ذلك المجنون ..
و للحظات اوشكت على تركه حتى يضرب رأسه بأقرب جدار ... لكنها نظرت حولها قليلا بتوتر و هي تخشى من تلك الفضائح في بداية الصباح و سمعة ملك التي لا تزال على المحك ...
نظرت الى نفسها و هي لا تزال ترتدي منامتها الفضفاضة ذات المربعات .... و قررت الدخول كي تبدل ملابسها ...
الا ان اهتزاز الباب اثر ضربة اخرى مجنونة جعلها تعدل عن الفكرة حين تيقنت ان الباب لن يحتمل ضربة اخرى تحت قبضته ...
لذا زفرت بعنف و هي تتجه الى الباب .. و ما ان وصلت حتى اخذت نفسا عميقا ثم رمت شعرها الى الخلف و فتحت الباب ...
و كأنما فتحته لعاصفة ... بل إعصار , داهم الشقة و دفعها بعيدا وهو يدخل كالمجنون صارخا
( أين هي ؟! ....... ملك ..... ملك ..... )
ارتطمت وعد بالجدار بعد ان دفعها بالباب .. فتأوهت بصدمة ... و هي تنظر اليه عاقدة حاجبيها , و ما ان استعادت توازنها حتى وقفت و هي تصرخ
( أنت ...... الى أين تظن نفسك ذاهبا ؟! ........ )
الا أن كريم لم يكن في حالةٍ عقلية متزنة تسمح له بالرد ..و هو يندفع من غرفةٍ الى أخرى صارخا باسم ملك ...
جرت وعد خلفه و هي تهتف بغضب
( ليس من حقك اقتحام بيتي بتلك الصورة الهمجية ..... اخرج من هنا قبل أن أطلب لك الشرطة ... )
كانت الغرف قد انتهت أمامه و لم يجد مليكته بعد ... فاستدار الى وعد بقوة ...
حينها صمتت وعد .. و تراجعت خطوة بصدمة و هي تنظر الى عينيه المخيفتين ... حمراوين بلون الدم .. و بهما بريق مسعور ....
رمشت وعد بعينيها و هي تدرك أن الهجوم ليس أفضل وسيلة للتعامله مع هذا الولد ...
اقترب منها كريم ببطىء و عيناه تلمعان بالشرر .. ثم همس بخطورة
( أين ملك ؟ .......... )
تراجعت وعد خطوة أخرى و هي تحاول الحفاظ على هدوئها ... ثم قالت بثبات يستحق الإعجاب
( سؤال عجيب ..... المفترض أن أسألك أنا هذا السؤال ..... أين ذهبت أختى في صباح زفافها ؟!! .... ماذا فعلت بها كي تهرب منك ؟ ...... )
كان كريم يقترب منها ببطىء و عيناه مثبتتان على عينيها ... ثم لم يلبث أن ضرب الجدار بقبضته بكل عنف وهو يصرخ بجنون
( توقفي عن الهراء ..... أين ملك ؟؟ .....)
انتفضت وعد بقوة , و عدت بداخلها .. واحد ... اثنان ... ثلاثة ...
ثم دون كلمة استدارت عنه و هي تنطلق جارية , تنوي الخروج من باب الشقة ... الا أنها وجدت نفسها و قبل أن تصله .. مقيدة بقوةٍ عنيفة , جعلتها تشهق ألما .. وهو يديره اليها بعد أن قبض عليها , ثم أخذ يهزها بعنف
وهو يصرخ بوجهها
( ألى أين تظنين بإمكانك الهرب ؟ّ! ..... هل تتخيلان أنكما ستتمكنان من خداعي ؟! .... أين هي ملك ؟! ... )
كان العالم ينتنفض أمام عيني وعد مع كل هزةٍ عنيفة منه ... و هي تنظر اليه بعينين متسعتين ...
و كل ذهنها يعمل في سبيل ايجاد وسيلة للهرب من ذلك المختل .... ...
رفعت ذقنها أخيرا قائلة و هي تحاول كسب بعض الوقت
( لو أصاب أختي أي مكروه فسأحملك المسؤولية كاملة ...... )
حينها اظلمت الدنيا أمام ناظريه الشيطانين و هاجت نيرانه ... و فقد السيطرة على مكابح غضبه , فرفع يده عاليا و هبط على وجهها بصفعةٍ تركت بصمتها اصبعا اصبع على وجنتها ....
لدرجة أن التوى وجهها جانبا ....
اتسعت عينا وعد أكثر و أكثر .... حتى أنها فقدت القدرة حتى على الصراخ ....
بينما شقت شفتها السفلى و انحدر منها خيط رفيع من الدم الأحمر الدافىء ...
نظر كريم بوجهٍ باهت الى الخيط الأحمر و عينيها المصدومتين المتسعتين ... بينما وقف هو مكانه يلهث بجهد .... و كأنها لحظة انتظار قبل أن يهجم أيا منهما على الآخر ...
ابتلع كريم ريقه بصعوبة وهو يقول بصوت خافت مهتز
( أين ملك ؟! .........)
كانت وعد تنظر اليه بذهول و هي تتنفس بصعوبةٍ ..... لا تصدق أنه يسألها عن مكان ملك متجاهلا الصفعة التي أنزلها على وجهها للتو و مزقت شفتها .....
طرفت بعينها اليمنى مرة .... ثم قالت بعد فترة طويلةٍ بصوتٍ ثابت ... جامد
( لقد بحثت في المكان بأكمله ........... )
رفع يده ليقبض على فكها بقوةٍ جعلتها تغمض عينيها بشدة من الألم وهو يهتف من بين أسنانه
( انطقي أين هي ملك ......... أنطقي ......فأنا لن أتمكن من السيطرة على نفسي أكثر من ذلك )
أولم يفقد السيطرة عليها بعد ؟!!! .... الا يدرك أنه يعاني من اختلال ؟!!! ..
يالله .... كيف لكِ أن تسقطي فريسة فخ هذا المجنون يا ملك ؟! ...... كيف ؟!!! ..
الا أن وعد لم تجازف بنطق افكارها ... بل قالت بهدوء زائف
( الأجدر بك هو البحث عن زوجتك و أرجاعها سليمة .... عوضا عن المكوث هنا لفترة أطول و ضرب أختها ...... فملك لن تكون سعيدة بما تفعله الآن .....)
اشتعلت عيناه أكثر ... و انتفض صدر وعد بخوف ... منتظرة حركة مجنونة منه , الا أنه صرخ غاضبا مجددا وهو يرميها من يديه لترتطم مجددا بالجدار ... تتأوه ثانية بصمت ,
بينما كان هو يندفع خارجا وهو يصرخ كالمجنون بهذيان
( سأجدها ..... اقسم بالله سأجدها .... و حينها لن أرحمكم جميعكم ..... جميعكم ... )
مع كل صرخة من صرخاته كان يطيح بيده اي شيء يصله .... و تعالى صوت التحطيم و التكسر بفظاعة , الى أن خرج أخيرا و أختفى صراخه ...
رفعت وعد يدها الى صدرها اللاهث و هي ترتجف بشدة .... عيناها متسعتان بذهول و قد سمحت لنفسها بالرعب أخيرا ....
و حين عجزت ساقيها عن حملها ... فسقطت جالسة على الأرض و هي تتنفس بسرعة و تعب ...
تحدق بالفراغ محاولة السيطرة على صدمتها ... و ما أن وجدت صوتها حتى همست بذهول
( ياللهي !! ....... ياللهي ....... ما اللذي حدث للتو ؟!! ....... )

.................................................. .................................................. ...................
صرخ سيف هادرا وهو يستدير عن نافذة مكتبه الضخمة
( تبا لذلك يا علا !!! ..... إنها ثالث مرة أعيد بها شرح ما أريد , لم تكوني بمثل هذا الغباء من قبل !!)
صدمت علا و بهت وجهها ... حتى أنها فغرت شفتيها بصمت و ذهول ... بينما ارتفعت يدها لتلامس بطنها المنتفخة قليلا ثم قالت بصوت مختنق ذاهل
( هذا لأنك أصبحت مختلف الأسلوب ... لم أعد أفهم طريقة عملك , لدرجة أنني بدأت أشعر أنك تتقصد ذلك كي تهينني .....)
نظر اليها بوجهٍ ذاهل مثل وجهها , الا أن ذهوله كان مختلطا بغضب عنيف بدأ يعتاده يوميا .. ثم انفعل صارخا
( أتقصد ذلك لإهانتك ؟!!! ..... )
صمت وهو يضحك بوحشية ملوحا بذراعيه
( ما أروع ذلك !! .. سيف الدين فؤاد يترك ما له و ما عليه و يتفرغ كي يثير غضب السيدة علا المبجلة !!! )
ازداد اختناقها و هي تتمسك ببطنها أكثر ... ثم قالت بصوتٍ منتحب
( سيد سيف أنا أعمل معك منذ عدة سنوات ... لم تشكو مني ولو لمرة واحدة ... كما أنك لم تهني من قبل بتلك الطريقة ..... لو كنت تريد ابعادي عن العمل فقط قلها ببساطة ..... عامة أنا يجب أن أستريح من هذا الضغط العصبي الذي أتعرض له مؤخرا ...... )
و انفجرت في البكاء العنيف فجأة بصوتٍ عالي و هي ترفع يديها لتغطي بهما وجهها ...
حينها تسمر سيف مكانه وهو ينظر اليها مصدوما هو الآخر .... شعر بشعور غريب وهو يراجع ما نطق به منذ لحظات و توقف مذهولا من قدرته على ايذاء امرأة ضعيفة أمامه خاصة بعد عملها سنواتٍ معه
ابتلع سيف ريقه وهو يفتح يديه قائلا بخفوت
( علا ... أنا ....... )
الا أنها رفعت رأسها هاتفة باختناق و نحيب حتى بدت كالأطفال
( أنا آسفة سيد سيف .... اريد العودة لمكتبي , أشعر بالتعب ... )
ثم استدارت و خرجت من مكتبه جريا و هي تبكي بصوتٍ وصله بوضوح و غرابة .... فوقف مكانه ينظر الى مكان اختبائها بوجوم ...
كان في الأيام الأخيرة قد تحول الى شخصٍ همجي , شرس الطباع ... يعلم أن الجميع ينفرون من التعامل معه ....
و كأنه مدمن يحاول انتزاع السم من أوردته ببطىء مؤلم ....
زفر بقوةٍ وهو يرفع يده الى جبهته مطرقا برأسه ... يحدق الى بساط مكتبه الأنيق ... يضع يديه بجيبي بنطاله بتعب و كأن كاهله مثقلا بآلاف الأحمال ...
رفع رأسه للأعلى مجددا وهو يأخذ نفسا عميقا , جعل صدره يتضخم حتى أوشك على أن يقتلع أزرار قميصه ...
وعد ......
وعد .......
أي غباءٍ جعله يضمها اليه ليلة أمس .... و يستشعر نبضها على صدره مجددا !! ....
أي جنونٍ ذلك الذي جعله يطبع قوامها على جزعه بقوةٍ جعلته يستشعر كل ارتعاشة من ارتعاشات جسدها !!
جنونه القديم بعينيها .... الحزن النابض بهما منذ اللحظة التي رفعتهما اليه .. باحمرارهما الآسر و جفنيها المسبلين ..
حينها وجد نفسه يهمس متأوها بداخله بهمسٍ أجش دون أن يصعد الى شفتيه
" مسار طويل يا جارة القمر ...أوله عيناكِ و آخره "
ليضمها اليه متماليا بها .... و دون أن تتأخر كانت قد أحاطت عنقه بذراعيها ...
و قد اختلط اللحن بدقات قلبيهما العنيفة اليائسة ....
كانت تهمس على قلبه باسمه دون أن تعي ذلك .... لكنه كان واعيا لاسمه بصوتها الهامس الشارد ....
واعيا لملمس شعرها على ظهرها و يده فوقه تتنعم بجماله البراق ..
واعيا لكل نبضة من نبضات جسدها الحزين كحزن عينيها ... و كأنها قد ازدادت نحافة و هشاشة ...
يكاد أن يسحق عظامها اللينة لو ضغط عليها بقوةٍ أشد قليلا ....
و طال بهما النغم الى أن أقدم على أغبى خطوة من الممكن أن يقوم بها ....
حيث رفع رأسه و نظر الى عينيها الشاخصتين اليه بذهول ... ثم قال بخشونةٍ خافتة قاطعة
( أتريدين العودة يا وعد ؟! ......... أخبريني بذلك و سأعيدك ..... )
اتسعت عيناها قليلا و فغرت شفتيها و هي تنظر اليه و كأنما صدمة كهربية اصابتها فوقفت أمامه مشدوهة .. ترتجف بوضوح .... فابتلعت ريقها قليلا و رمشت بعينيها مرة قبل أن تقول متلعثمة
( ما اللذي ..... جعلك ..... تغير رأيك .... بهذه السرعة ؟! ..... )
نظر الى عمق عينيها وهو يقول بصوتٍ حازم
( لا أريد أن أظلمك .... آخر ما أريده هو أن أظلمك مجددا ...... )
تجمدت مكانها و تحولت الى تمثالٍ من الرخام و هي تنظر اليه بفراغ ... بينما مد يديه ليمسك بذراعيها بقوةٍ جعلتها تحني رأسها للخلف قليلا تنظر اليه .... ثم قال متابعا بقوة
( لقد جرحتني العديد من المرات يا وعد ..... لكنني لم أطلقك لأعاقبك .... أبدا .... فلو أردتِ العودة فقط انطقي الكلمة .... و سأعيدك الي .... )
طرفت بعينيها المهتزتين قليلا و هي تنظر جانبا الى السماء الداكنة .... تحاول أن تجلي حنجرتها الخشنة ...
و حين طال الصمت بهما ... قال بقوةٍ و صرامة
( أجيبيني الآن يا وعد ....... الآن ....... )
ارتجفت زاويتي شفتيها بوضوح ... لا يعلم إن كانت تحاول الإبتسام بفشل , أم أنها تريد البكاء .... لكنها رفعت عينيها الى عينيه أخيرا .... ثم قالت بهدوء خافت يكاد لا يسمع
( أنت لم تظلمني .......... اطمئن .... )
تسمر مكانه وهو ينظر الى وجهها الشاحب .... عاقدا حاجبيه بشدة , بينما عيناه تلتهبان ..
حينها ابتعدت وعد عن مرمى يديه ببطىء و صعوبة ..... متراجعة بظهرها عدة خطوات و هي تنظر الى عينيه بصمت قبل أن تهمس بخفوت
( آسفة لأنني آذيتك ....... لم أقصد فعل هذا مطلقا .... و لقد آذيت نفسي أكثر ... )
رمشت بعينيها تجلي الغلالة الزجاجية التي تجمعت أمام حدقتيها .. ثم تابعت بإختناق
( آسفة يا ابن عمتي .......... )
ثم استدارت أمام ناظريه المشتعلين و طرقت بكعبي حذائيها على الأرض الرخامية بسرعة و هي تبتعد عنه ... و كأنها لم تكن سوى مجرد سرابا .... و كأن رقصتهما كانت حلما و انتهى سريعا ...
ساعات الليل المتبقية انقضت عليه .... وهو كالمجنون , لم يغمض له جفن من مدى غبائه ...
منظرها و هي تجري مبتعدة عنه لا يزال معلقا بذاكرته بكل عنف ...
رفع سيف رأسه ليزفر بكلِ قوةٍ ضاربا على سطح مكتبه بعنف مما جعل اقلامه تتناثر في كلِ اتجاه ... ثم استند بكفيه الى سطح المكتب هامسا من بين أسنانه ..
( غبي ..... غبي ........ )
أغمض عينيه قليلا محاولا تهدئة نفسه ... فهو مكشوفا للجميع بهذا العنف الذي ينتابه ,
لطالما كان يفتخر بغلاف السيطرة على الذات الذي اكتسبه على مدار السنوات .... و كان الغطاء لعنفه القديم ...
رفع رأسه متنهدا وهو ينظر الى الباب المفتوح .... حيث خرجت علا باكية بعد ان انفجر بها و أهانها ...
المسكينة قد تصاب بأذى من شدة ما تحملته في الأيام الأخيرة ...
عقد حاجبيه وهو يستقيم ناويا اللحاق بها ... و ما أن اقترب كي يخرج من الباب حتى اصطدم به جسدا أنثويا ناعما برقة حتى أن صاحبته تكاد تكون سقطت على صدره ...
ابتعد سيف مرتبكا للخلف قليلا وهو ينظر الى ميرال التي كانت على وشك دخول مكتبه المفتوح ...
بينما علا وجه سيف القليل من إحمرار الحياء الذكوري ... وهو ما يفتنها به منذ أن بدأت تتعرف اليه ... و تراقبه عن كثب ...
ابتسمت ميرال بجمال و هي تعض باطن خدها قليلا ... تراقبه بصمت خبيث ..
من يصدق أن هذا الضخم القوي العنيف ... يرتبك ما أن يصطدم بامرأة !! ..... و هذا ما يجعله غريبا نادرا ...
سؤال قوي لا يزال يداعب ذهنها بفضول عنيف ... هل كانت وعد أول امرأة بحياته ؟! ... و هل كان يرتبك هكذا من التواصل معها حين كانت تحت أنظاره هنا في العمل ؟!
غيرة غريبة لا تناسب مركزها تداهمها تجاه تلك الفتاة النكرة و التي من الظلم مقارنتها بها ... لكنها على الرغم من عدم اهميتها الا أنها استطاعت الإستيلاء على هذا الرجل الرائع المهيب الواقف أمامها ...
تراجع سيف للخلف قليلا وهو يتنحنح بخشونة قائلا بارتباك
( آسف .......... )
وقفت مكانها مستندة الى مقبض الباب بمرفقها تبتسم بإغراء و هي تراه يتجه الى مكتبه بعد أن عدل عن قرار الخروج ... فقالت بنعومة
( لما الأسف ؟! .... أنا التي دخلت دون اذن ..... لكن الباب كان مفتوحا ... )
ابتسمت بجمال ثم همست متابعة
( هل يمكنني الدخول ؟! ....... )
استقر بمقعده وهو ينظر اليها بوجوم قائلا بهدوء
( تفضلي طبعا يا ميرال .... لا تحتاجين الى اذن .... )
اتسعت ابتسامتها و هي تتحرك لتغلق الباب ثم اتجهت اليه برشاقة الى أن جلست تضع ساقا فوق أخرى أمامه ...
ثم قالت بنعومة و هي تسند ذقنها الى كفها
( اذن ..... ماذا فعلت بالمسكينة علا ؟! .... كانت تبكي و وجهها يرثى له .... )
عقد سيف حاجبيه بندم ... بينما علا العبوس وجهه دون أن يجد ردا .... لكنها رأفت بحاله و مالت اليه تشبك ذراعيها فوق سطح مكتبه قائلة برقة
( لا بأس .... علا طيبة و يمكنك مراضاتها بكلمة رقيقة .... المشكلة ليست بعلا و إنما المشكلة بمدير علا ..... الى متى يا سيف ؟! ..... )
رفع وجهه ينظر اليها بصمت ... دون أي تعبير و كأنه لم يسمعها ...
و كأنما تريد أن تمنع عليه طريق التهرب فقد قالت متابعة
( لقد سمعتني و فهمتني ..... الى متى ؟!! ......... )
زفر سيف وهو يبعد وجهه بعيدا ليقول بلهجةٍ جافة
( ميرال رجاءا .... لو الموضوع يخص حياتي الخاصة فلا تتابعي ..... )
رفعت ذقنها و هي تنظر اليه بتحدي قائلا دون رهبة
( بل سأتابع ...... فأنا لن أتخلى عن الرجل الذي أحب بهذه السهولة ....)
رفع وجهه اليها بسرعةٍ ... ذاهلا قليلا بينما ازداد ارتباكه .... لكنه لم يستطع التفوه بكلمة ... بينما كانت هي تتحداه بعينيها ثم قالت بهدوء
( ماذا ؟! ........ أتتعجب من جرأتي ؟! ... ام ستدعي بأنك لم تكن تعرف قبلا ؟! .....)
اطرق سيف برأسه وهو يربت بأصابعه على سطح المكتب ببطىء .... ثم قال أخيرا بخشونةٍ خافتة
( ميرال ...... أنا ......... )
صمت وهو ينظر بعيدا .... بينما كانت هي تتابعه بعينيها بإلحاح ... ثم قالت بعد أن خانته الكلمات للمرة الاولى
( أنت ماذا ؟! ...... أنت مطلق ..... و هذا أنسب قرار اتخذته منذ زواجك بوعد ...)
رفع رأسه اليها قائلا بقوة و جدية
( لا أحبذ نطق اسم وعد هنا .......)
مالت بوجهها و هي تقول بخفوت
( لماذا ؟! ....... لأنك تقدرها أو لأنك تنوى اقصائها من حياتك نهائيا ؟! ....)
رفع عينيه القاتمتين اليها وقال بجفاء
( و هل هذا يشكل فارقا بالنسبةِ لكِ ؟! ......... )
رفعت حاجبيها و هي تقول بجرأة أكبر
( بالطبع ... و فارقا ضخما ,,...... فأنا أفضل الإختيار الثاني بكل تأكيد...... )
زفر سيف بقوة وهو يسأل نفسه غاضبا لماذا لا يكون صارما معها و يمنعها من الخوض بحياته الخاصة بدرجة أكثر جدية ... أنه يتساهل معها مما يجعلها تتمادى في الحديث ...
لكنها وترته بجرأتها و اعترافها الصريح ... فبات غير قادرا على صدها بالقوة ....
رفع عينيه اليها ... يراقبها بصمت , و وهو يعلم أنها في الآونة الاخيرة باتت لا تتواني عن الإهتمام بمظهرها لدرجة الجرأة أحيانا دون اغفال أناقتها الشديدة ....
تراجع للخلف مقعده وهو يفكر أنه لم يكن منيعا تماما تجاهها منذ أن طلق وعد .....
شيئا ما جعله يستشعر وجودها الأنثوي الفج من حوله ..... وهو يعلم علم اليقين أن السبب في ذلك هي وعد نفسها ....
فمنذ طلاقهما وهو يشعر بشعور الرجل المحتاج لوجود امرأة بحياته ... و الحقيقة أن هذا الشعور ينتابه حتى قبل الطلاق .... فالعلاقة بينه و بين وعد رغم عنف مشاعرها .. الا أنها كانت تفتقد الى الراحة و الإستقرار ...
و ها هي خرجت من حياته ... تاركة اياه مشوشا من بعدها .... كأي زوج يتذوق جفاء الحياة بدون امرأة للمرة الأولى ...
بينما قبل أن يقابل وعد ... لم يكن يشعر بنفس هذا الإحتياج لإمرأة ....
وعد دخلت حياته و قلبت كل مشاعره الجسدية و الروحية و أثارتها بتوهج .... ثم خرجت ... أو هو أخرجها .. ليس فارق بين الإثنين ... النتيجة واحدة ...
النتيجة أنه كرجل مطلق , خرج للتو من علاقة زواج فاشلة لا تزال آثارها متوهجة و عاصفة بداخله ... يحتاج الى أمرأة .... مهما حاول الإنكار ....
جسده يتقلب ساخنا ليلا ... و مشاعره تنتفض طالبة وعد .... بينما يستعذب وجود من تمنحه ذلك الإهتمام الرقيق الذي حرم منه ..... أو الذي لم يمتلكه من الأساس ......
انتفض قليلا دون أن يظهر ذلك على عضلات جسده وهو يسمع صوتها يتخلل أفكاره بهدوء قائلا
( طالما قررت المضي بحياتك .... فلا تتردد .... و لا تسمح للحنين بأن يضعفك ....)
كان ينظر اليها بصمت طويلا وهو يراها مثال المرأة التي يحلم أي رجل بها
جميلة بوضوح ... أنيقة لدرجة مذهلة ... عريقة العائلة .... ذكية و طموحة و قد رفعت العمل على أكتافها بكفاءة خلال غيابه ...
و فوق هذا كله .... تنتظره منذ أشهرٍ طويلة ... واضعة حبها تحت يديه .... و كأنها الأنثى الضعيفة التي لا تريد سواه ...
رفعت نفسها أمامه ووقفت تمد ذراعيها المتشابكين أمامها و كأنها تتمطى ... فازداد التصاق قميصها الحريري بمنحنياتها الجذابة الممتلئة ... فابتلع غصة توتر وهو يخفض نظره بصعوبة ...
بينما كانت تراقبه مبتسمة بنفس الإرتباك الرجولي الذي يثير شهيتها و يجعله يختلف عن زملائها في عملها خارج البلاد .... و عن كل رجلٍ عرفته سابقا ...
ثم قالت أخيرا بدلال
( اذن .......... هل نخرج اليوم سويا ؟! ..... أم تتخلى عني ككل مرة ؟ ......)
رفع سيف نظره اليها صامتا وهو يستند الى ظهر مقعده بتكاسل ... يرمقها من تحت جفنيه المظللين ... يراقب محاولاتها التي لا تكل و لا تمل أبدا .....
و حين التقت أعينهما .. واجهته بتحدي و هي تبتسم بإغراء قائلة بكل وضوح
( امنحني الفرصة ..... و امنحها لنفسك ...... )
انتظر ساكنا مكانه عدة لحظات ... ثم قام من مكانه ببطىء وعيناه على عينيها ... و هي تبتسم بخبث صيادٍ يلقي شباكه بمهارة ....
بينما سيف يدور حول مكتبه الى أن وصل اليها واضعا يديه في جيبي بنطاله فوقف أمامه و عيناه لا تزالان تحاولان الغوص بعمق عينيها .... تحاولان بصعوبة شديدة .... دون جدوى ...
بينما الغوص بعيني وعد هو أسهل من شربة ماء ......
أغمض عينيه لجزء من الثانية ... ثم عاد و فتحهما وانتظر لحظة قبل أن يقول بصوتٍ أجش خافت
( أتحبين المأكولات البحرية ؟؟ ........ )
برقت عيناها كقطةٍ مدللة منتصرة .... بينما همست بوله و دلال و ابتسامةٍ حمراء قرمزية
( أعشقها ....... أريد المحار يا سيف )
ثم رفعت يديها تعدل من ياقة قميصه التي لم تكن في حاجةٍ الى التعديل من الأساس ... وهي ترتفع على أطراف قدميها .... فاقترب وجهها من وجهه ...
حينها عاد ليرتبك من جديد و تزداد القتامة على ملامحه وهو يستشعر وجودها الأنثوي ....
لم يكن يوما من المتقريبن من النساء ... الا في حالةٍ واحدة ....
وعد .....
و التي كان يتلهف الى استنشاق رائحة شعرها .... لمس ظاهر يدها بحركةٍ عابرة ...
حتى انه تجرأ ذات يوم على تقبيل وجنتها .....
ضمها الى صدره حين كانت تبكي وحدها في المشفى خلال مرض والدها ....
وعد هي الوحيدة التي جعلت منه رجلا لم يعرفه من قبل .... يتنازل بضعف و يجبرها على قبول هذا التنازل ....
ابتلع غصة مسننة مرة وهو يشعر بالمزيد من الغضب من نفسه .... حين تذكر صراخها ذات يوم
( لا تلمسني مجددا ...... لن أقبل ذلك منك بعد الآن .... فأنا لست حبيبتك السرية و لن أكون )
أغمض عينيه بينما شحب وجهه لتلك الذكرى .... فرفعت ميرال حاجبها و هي تعلم بأنه سافر الى سماء وعد مجددا ...
فوضعت يدها برفق على صدره و هي تهمس برقة
( ألازلت معي ؟! .............. )
رفع سيف يده ببطىء ليغطي بها يدها على صدره ... ثم ربت عليها قليلا برفق , قبل أن يخفضها بإصرار عن صدره ...... و ما أن فتح فمه ليرد بأنه معها .... حتى سمع صوت رنين هاتفه ...
عقد حاجبيه و انتفض قلبه بقلق في اللحظة التي رد فيها سريعا وهو يستدير عن ميرال
( وعد !! ......... )
كان الوقت لا يزال مبكرا جدا كي تتصل به لأي سببٍ كان ..
و زاده صوتها قلقا بعنف و هي تهتف بعنف
( سيف ..... ذلك المجنون كريم , يبحث عن ملك وهو في حالةٍ مريعة ..... لقد تهجم علي و ضربني و منذ أن خرج من هنا وهو ..... )
لم يسمح لها بالمتابعة و هو يقاطعها هادرا بصوتٍ خطير و عينان متسعتان بذهولٍ ... مخيفتان بجنونهما
( ضربك ؟!!!!!!!!!!!! ....... )
انتفضت ميرال برعب من صرخة سيف الشرسة التي زلزلت أرجاء المكان ...
بينما صرخ متابعا و قدا بدا عليه الذهول وهوعلى وشكِ قتل أحدهم
( كيف ضربك ؟! ..... هل أنتِ بخير ؟! ....... )
تأففت وعد و هي تهتف بقوة
( لست أنا المهمة الآن يا سيف ..... المهم أنه يبحث عن ملك كالمجنون .. و أنا أخشى أن .... )
الا أن سيف كان يصرخ وهو يندفع من مكتبه المفتوح هادرا أمام عيني علا المذهولتين المرتعبتين من صراخه العنيف
( كيف ضربك ؟! ....... أجيبي قبل أن أرتكب جريمة .... هل أصابك ؟! ..... )
زفرت وعد بنفاذ صبر و هي ترتجف قليلا دون أن تخرج بعد من تأثير الصدمة ... فقالت بوجوم
( مجرد صفعة .... لا تخف انه مجرد صبي مختل جبان ..... )
صفعة!!
كان سيف قد اندفع الى المصعد وهو يشعر بالجنون يتضاعف أمام عينيه الحمراوين ... متنفسا بسرعةٍ لاهثا من شدة العنف بداخله ...
بينما بقت ميرال بمكتبه و هي تزفر بنفس العمق ... ثم لم تلبث ان انحنت الى سطح المكتب تضربه بقبضتها هاتفة بغضب و نفاذ صبر
( تبا ...... تبا ...... تبا .....)

اما وعد فقد تكلمت أخيرا قائلة بقلق
( سيف ...... سيف ... هل سمعت شيئا مما نطقت به ؟! ....... )
قال سيف بصوتٍ قاتم خطير و باختصار
( سمعت أكثر مما أحتاج .......... )
و دون كلمة أخرى ... أغلق الهاتف وهو يستقل سيارته و يصفق بابها بعنف لينطلق بها ...
بينما ترك وعد تنظر الى الهاتف المغلق بوجهها بوجوم و هي تقول
( لقد أغلق الخط !! ......... ماذا اذن ؟!! ........ ما المفترض أن أفهمه من ذلك ؟! ... )
رمت الهاتف جانبا و هي ترتمي على الأريكة بتعب ... واضعة يدها على معدتها المتقلصة المتألمة ....
و أخذت تنظر الى السقف عدة لحظات لتجلي تفكيرها و تركز على المعتوه الذي هاجمها منذ دقائق ... و الذي يلاحق ملك حاليا ....
لكن لم تكد تمر عدة لحظات و هي شاخصة تنظر الى السقف ...حتى انسدل جفناها ببطىء و أغمضت عينيها .... فراحت في سباتٍ عميق .....
( وعد .......وعد ...... افتحي الباب ..... )
ابتسمت برقةٍ و دلال و هي تسمع صوته العميق يناديها .... وهما لا يزالان بشهر عسلهما , و هي في الحمام تراقب وجنتيها الحمراوين على غير عادتهما ... و شفتيها المنتفختين بأشواقه ...
بينما صوته يطرق الباب خارجا وهو ينادي بصرامةٍ عابثة
( افتحي الباب يا وعد ....... )
فضحكت برقة و هي تعلم نواياه جيدا .... تلك الأيام هي حلم مقتطع من ذاكرة حياتها , حيث غاب عنها الألم و الشقاء و تحولت الى قطة مدللة نهمة ... شعور غريب عليها و كأنها تطفو فوق سحابة وردية
(وعد ........... وعد .... افتحي الباب ...... سأحطمه )
شعرت بالإنزعاج و هي تشعر بصوته يشتد و يهدر غاضبا .... و رنين هاتفها يختلط مع صراخه , فبات الحلم مزعجا بشكلٍ لا يحتمل
فتحت وعد عينيها بصعوبةٍ و تعب ....و هي تنظر حولها حيث تبخر الحلم الوردي ووجدت نفسها مستلقية على أريكة شقتها ....
بينما صوت سيف يبدو هائجا على الباب وهو يضربه مع رنين هاتفها المستمر ...
عبست وعد بشدة و هي تهمس
( ما هذا الإزعاج من بداية الصباح ؟!! ......... )
نهضت من مكانها و تعثرت عدة مرات حتى كادت تقع على وجهها الى ان استقرت واقفة ... ثم اتجهت الى الباب و فتحته ناعسة غبية
ثم صرخت بغضب
( ماذا .... ماذا .... ماذاااااااااااااااااااااا )
وقف سيف مكانه ينظر اليها وهو بحالٍ لا يحسد عليه .. بينما نسي اصبعه على جرس الباب ...
فصرخت وعد مجددا
( كفى ..... كفى .......... )
انتفض وهو يرفع اصبعه أخيرا عن جرس الباب قبل أن يستعيد توازنه و يندفع دافعا اياها الى الداخل وهو يمسك بكتفيها هاتفا بوحشية
( هل أنتِ بخير ؟! ......... )
رفعت يدها تشبكها بموجات شعرها الشعثاء و هي تحاول تذكر ما حدث .... و حين تمكنت أخيرا من الإستيعاب و الإستيقاظ ... حتى تأوهت قليلا
( آآه نعم يا الهي .... نعم .... نعم أنا بخير ...... )
صمتت للحظة تلتقط أنفاسها قبل أن تقول بخفوت
( انتظر لحظة لأرى من كان يهاتفني بمثل هذا الإصرار ..... )
هزها سيف بخشونة وهو يهدر حانقا
( إنه أنا أيتها الغبية ...... كدت أن أحطم الباب فوق رأسك و أنا أظن أن مكروها قد أصابك ... )
ارتجفت وعد قليلا و هي تهمس بوجوم
( لقد غفوت قليلا ........... )
كان سيف ممسكا بكتفيها وهو يتفحصها بعينيه ... كل ذرة منها و كأنه يتأكد أنها بخير ...
الى أن وصلت عيناه الى شفتها السفلى المكدومة و الممزقة .... فكتم أنفاسه بقوة وهو يشتم بهمسٍ لم تتبينه ...
كانت وعد قد استفاقت تماما ووقفت بين يديه .. رافعة وجهها اليه , تنظر الى عينيه الغاضبتين
و حين سمعت همسه الغاضب المتهور ... حتى رفعت أصابعها المرتجفة تمس جرحها و هي تهمس بارتباك
( إنها بسيطة ...... مجرد جرح صغير لا تقلق .... )
رفع سيف يده ليقبض على كفها , و أبعدها عن شفتيها قائلا بخشونة
( لا تلمسيها ............... )
طافت عيناه على احمرار وجنتها اثر صفعة كريم .... و دون أن يدري كان يتلمسها .... و كأن ملامساتها هو رد فعل تلقائي لا يستطيع السيطرة عليه ....
أخفضت وعد عينيها ازاء التعبير العميق بعينيه و الذي كاد أن يغرقها ببحورٍ عميقةٍ مظلمة ...
و نظرت الى نفسها بمنامتها الفضفاضة ذات المربعات .... و هي تلعن الغباء الذي جعلها تنام قبل أن تبدل ملابسها ...
ابتلعت ريقها و هي تقول بوجوم
( إنه شخص مختل يا سيف ..... أخشى أن يتمكن من الوصول الى ملك .... )
كانت ملامح سيف قد تحولت الى حجرٍ صلب لا يلين .... ثم قال بجفاء خافت
( أعرف أنه مختل ... الخطأ خطأي لذا أنا سأتولى أمره .......... لا تخافي على ملك إنها بأمان ..... )
أخذ نفسا عميقا , قبل أن يقول بخفوت
( تعالي لنعالج شفتك المكدومة ......... )
رفعت وعد يدها تبعد شعرها عن وجهها بارتباك و هي تهمس
( لا حقا الأمر لا يستحق .......أنا .... )
الا أن سيف كان قد أمسك يدها و جرها الى المطبخ ...... دون أي اعتبار لكلامها المشوش , ثم أجلسها على كرسي و اتجه الى المبرد ليخرج مكعبات الثلج ....
كانت وعد تراقبه بكتفين منخفضي العزيمة وهو يتصرف و كأنه في بيته .....
للحظات بالفعل تخيلت البيت بيته .... تلك الشقة الأنثوية الصغيرة , تحتوي وجوده الذكوري القوي .... ليكاد أن يملأ المكان كله .....
استدار سيف اليها , فوقف مكانه للحظة وهو يراقب نظرتها الشاردة ... و شفتيها الفاغرتين قليلا كطفلٍ يحلم بليلة سعيدة ....
شعر بداخله بشيء ٍ ينهش صدره و كأنه عطف .... أو شفقة ....
لا يعلم ما هو مكان الشفقة بينهما .... الا أنها شفقة مختلفة , تجعله يريد أن يمنحها كل ما تريده و ترفض طلبه بعناد و اباء ...
اقترب منها ببطىء وهو يسحب كرسيا الى أن جلس أمامها و أخذ يمرر مكعب الثلج على شفتها السفلى ببطىء فتأوهت و انتفضت من برودتها ....
قال سيف بصوتٍ آمر أجش
( لا تتحركي ............ )
سكنت وعد مكانها و هي ترى وجهه القريب من وجهها ... فابتلعت ريقها بصعوبة , و صدمت حين انحدرت عينها على حلقها يراقب حركة عضلتها التي فضحت تأثرها ....
احمر وجهها بشدة ... بينما ابتعد سيف عنها قليلا وهو متضخم الصدر , يبادلها النظر بصمت ....
فأسبلت جفنيها و هي تقرأ السؤال بعينيه ...
" لقد عرضت عليكِ العودة ليلة أمس ...... فلماذا تكابرين ؟! ... "
أغمضت وعد عينيها للحظة و انتفضت حين شعرت به ينهض و يبتعد عنها .... فلم تجد القدرة على فتح عينيها .....
قال سيف أخيرا بصوتٍ جاف
( هل أنتِ معتادة على التعمق في النوم بهذا الشكل ؟!! ......)
رمشت بعينيها عدة مرات و هي تنظر اليه بعدم فهم و كأنه ينتزعها انتزاعا و بقسوة من عالمٍ خاص تحياه ...
فقالت بغباء
( ها ؟!!! .......... )
وضع سيف يديه على وركيه وهو يقف أمامها يهيمنة جبارة قائلا
( حين أتيت و طرقت الباب .... كنت نائمة كالأموات , هل هذه ظاهرة جديدة مؤخرا ؟! ...... الا تشعرين بما حولك حين تخافين أو تتوترين .... )
أغمضت عينيها و هي تزفر بقوةٍ هاتفة
( كفى .......... كفى يا سيف .... لا تبدأ من جديد ..... لقد كرهت تطفلك على حياتي الصحية ... )
رفعت رأسها اليه بعنفوان و هي تنفض شعرها هاتفة بقوة
( أنا بخير ...... بخير .... بخير ... و حتى و إن لم أكن , فلدي طبيب مختص بحالتي , لا تشغل بالك أنت )
بادلها النظر بصمت .... فشعرت بالندم من حدتها ....
لكن الا يدرك أنها آخر ما تريده أو تتمناه هو أن تظهر أمامه بمظر المريضة ..... المحتاجة الى مساعدة ....
الا يعلم كيف يجعلها ذلك تشعر بالتوجع أمامه .......
أطرقت بوجهها أمامه بشرود و الإعتذار يحاول الخروج ..... لكن و قبل أن تنطق ...
سمعت صوتا رخيما ينادي بقلق من الخارج
( وعد ......... وعد هل أنتِ هنا ؟!! .......... )
انتفضت مكانها بذعر و هي ترفع وجهها الى سيف الذي تحولت ملامحه الى ملامح تعرفها جيدا ... تلك الملامح الذي تجعله يبدو و كأنه رجلا منبعثا من زمن الكهوف ....
فتحت شفتيها و هي تهمس بخفوت
( لا بد أنه سمع ...... سيف ..... سيف انتظر لحظة ..... )
كانت وعد تهتف خلفه و هي تجده يندفع خارجا من المطبخ ...
نهضت من مكانها و هي تخرج خلفه جريا ...... لتراه واقفا في مواجهة يوسف الذي دخل من باب الشقة الذي تركاه مفتوحا ....
فابتلعت ريقها و هي تنظر اليهما متواجهان و كل منهما على وشكِ قتل الآخر ....
كان يوسف هو أول من تكلم على الرغم من صدمته الطفيفة في رؤية سيف خارجا من الداخل في هذا الوقت من الصباح ....
فقال بجفاء قليلا
( هل انتِ بخير يا وعد ؟! ..... لقد سمع الجيران صراخا و رأوا رجلا ينزل صارخا كالمجنون ... ماذا حدث ؟!..... )
فتحت وعد فمها لترد ... الا ان صوت سيف قصف كالرعد وهو يستدير اليها قليلا ناظرا الى منامتها
( ادخلي أنتِ ......... )
اتسعت عيناها بصدمة .... الا أن سيف هدر مجددا بصرامة أكبر
( الآن .......... )
عبست قليلا الا أنها تراجعت و ذهبت الى غرفتها تشتم كل أنواع المجانين اللذي اقتحموا صباحها هذا ....
استدار سيف ناظرا الى يوسف وهو يضع يديه في خصره قائلا بهدوء
( أخرج من هنا ........... )
اتسعت عينا يوسف قليلا ... لكنه أخفى عدوانيته بمهارة وهو يضحك بخفوت .... قبل أن يسأل بهدوء
( هل لي أن أعلم بأي حق تتكلم بعد أن طلقتها ؟! ....... )
رد عليه سيف بقوةٍ زلزلت أرجاء المكان
( إنها لا تزال في فترة العدة ...... و قبل أي شيء فهي ابنة خالي و أنا المسؤول عنها .. و علمت أنك دخلت شقتها مجددا بهذا الشكل ... فسيكون حسابك معي عسيرا ...... )
ظل يوسف واقفا مكانه ينظر الى سيف طويلا و عيناه تضمان مشاعر متناقضة , لكنه على عكس سيف كان اكثر قدرة على الحفاظ على هدوؤه ....فقال ببساطة
( حسنا يا ابن عمتها ...... شهرين فقط و تنتهي العدة ... و حينها سيكون لنا كلاما آخر .... )
ثم استدار خارجا من الباب المفتوح ... لكن قبل أن يخرج تماما كان قد استدار مبتسما بسخرية و هو يطرق على الباب قليلا قائلا
( سأنصح وعد فيما بعد الا تترك بابها مفتوح لأي كان ..... فالأغراب لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم )
خرج يوسف من الباب ... و حينها اندفعت وعد الى سيف هاتفة
( ما هذا الذي تفعله ؟! ..... من أعطاك الحق لتطرد ضيفي و شريكي في العمل بهذه الصورة ؟!! .... )
الا أن سيف استدار اليها صارخا بقوة
( اخرسي ........... )
بهتت ملامحها و هي تتراجع للخلف خطوة أمام عنفه ... بينما كانت عيناه الحادتان تعصفان بعينيها ...
ثم قال بجفاء
( سأذهب الآن ............ اغلقي بابك جيدا و لا تفتحي لأي مخلوق ....)
استدار خارجا وهو يقول بصرامة
( و لا تنسي أنني ابن عمتك ......... و سأظل كذلك ..... )
فغرت شفتيها بذهول و هي تراقب خروجه و الباب الذي صفقه خلفه ..... فسقطت جالسة بملامح شاحبة و هي تدرك بأن سيف قد طلقها بمحض ارادته ... الا أنه لن يسمح لها بأن تحاول إخراجه من حياتها ...
هذا إن حاولت !! ... و هذا هو ما تشك به .....
.................................................. .................................................. ....................
لقد حصل على الإتصال الذي يريده ....
اتصال فزع من أمه تخبره أن زوج ملك موجود عند البوابة الخارجية وهو يصرخ بجنون و هذيان مطالبا بها ...
أظلمت عينا سيف وهو يغلق الهاتف قائلا بخفوت متوحش
( كنت أنتظره .......... لقد وفر علي عملية البحث عنه ... )
ثم زاد من السرعة و عيناه تضيقان بتصميم بينما صدره يكاد أن ينفجر وهو يتخيل تلك الكف التي ضربت ما هو ملكه .... وعد ....
و خلال دقائق معدودة ... كان قد وصل و التهبت عيناه مباشرة وهو يجده لا يزال واقفا يضرب الباب بقدمه و تبدو عليه علامات الجنون ...
فأوقف السيارة بصرير عالي ... ثم نزل من السيارة وهو يبدو و كأن الشر قد سكنه و سيطر عليه فصرخ بغضب
( كلامك معي أنا ........... ابتعد عن الباب )
استدار كريم عن الباب وهو بهيئته المشعثة و قميصه الأبيض المفتوح .. بينما شعره متطاير يشاركه الجنون
ضاقت عيناه وهو ينظر الى سيف بشراسة ... يلهث بقوة ... ثم قال أخيرا بصوتٍ مهتز خطير
(أنت ....... أنت .... وثقت بك و بوعدك , حين أخبرتني ان ملك ستكون ملكي ...... )
نزع سيف سترته وهو يلقيها على حاجز صغير .... و اخذ يفك أزرار كمي القميص بكل هدوء .... ثم نزع ساعة معصمه وهو يقول متمهلا بصوتٍ هادىء .... مرعب
( أولا .... ملك ليست ملكا لأحد غير نفسها ..... ثانيا هي كانت عندك وبين يديك , فاذا لم تستطع أنت الحفاظ عليها فهذا لا يخصني .... خاصة أنها استغلت اللحظة الأولى كي تهرب منك .....ثالثا ... )
كان قد وصل اليه .... و في لحظةٍ خاطفة كان قد قبض على مقدمة قميص كريم بيده ... بينما طارت الأخرى في قبضةٍ ذات بأس تلكمه في منتصف أنفه ...
صرخ كريم متأوها وهو ينحني مغطيا أنفه بكفه التي امتلأت دما ... لكن سيف لم يتركه وهو يقبض على حفنة من شعره يرفع وجهه اليه مجددا ....
و رفع يده ليصفعه بكل قوةٍ حتى تهاوت ساقيه لولا أن سيف كان ممسكا بشعره بكل قسوة وهو يقول بوحشية
( ثالثا حين تتجرأ على صفع زوجة سيف الدين فؤاد رضوان ........ يكون فأنت حينها تندرج تحت قائمة المختلين ..... و هذا ما لن أغفره لك ..... )
رفع يده ليصفعه مجددا حتى جرحت زاوية شفتيه و زاغت عيناه ... حينها امسك سيف بمقدمة قميصه بكلتا قبضتيه وهو يقرب وجهه منه ليقول بلهجةٍ تجمد الدم في الأوردة ....
( لو علمت أنك اقتربت ..... مجرد اقتراب ... من أي شارع تمر به زوجتي , أقسم بالله أن أشوه ملامحك و أقطع من لحمك حتى تموت أمام عيني ..... )
ثم رماه أرضا بكل قوته وهو يصرخ
( و الآن اذهب من هنا ..... و ليكن بعلمك أن ملك هي أبعد لك من نجوم السماء )
نهض كريم وهو يبصق دما .... يترنح قليلا , وهو ينظر الى سيف لاهثا ... ثم هتف بجنونٍ خفتت نبرته خوفا
( ما تفعلونه قذارة ..... و أنا لن أتركها ..... لن أتركها ..... )
قال سيف بصرامة و هو يقف أمامه بثبات
( ملك لن تكون لك أبدا بارادتها و رغبتها هي لا نحن.... و خير لك أن تعترف بذلك كي لا يصيبك المزيد من الأذى منا .... و احمد الله أنني لازلت أمتلك بعض من الشفقة تجاهك و الا لكنت قتلتك بعد ما فعلته مع زوجتي ...... و الآن اذهب قبل أن أغير رأيي .... )
استدار كريم وهو يجر قدميه وهو بحالٍ يرثى له .... هاتفا بيأس لم يعترف به بعد
( لن أتركها لكم ...... لن أتركها ..... )
خرج تحت أنظار سيف الذي كان ينظر اليه بصمت ... متسائلا كيف صار حليما الى تلك الدرجة التي جعلته يسمح له بالخروج على قدميه .... فطوال الطريق وهو يفكر كيف سيخرجه من هنا كسيحا كي لا يفكر مجددا في التهجم على أي من بيوته ..... او من يخصونه .....
.................................................. .................................................. ......................
تنهدت وعد و هي تقول بتعب ممسكة بهاتفها
( هل أنتِ متأكدة من أنه لا يستطيع الوصول اليكِ ؟!! ..... الآن فقط صدقتك ... إنه مجنون تماما و أصبحت مرتعبة من فكرة أن تطالك يداه ..... )
اظلمت عينا ملك قليلا و هي تنظر الى نفسها بالمرآة .....
نعم يمكنها تخيل أن تطالها يداه ..... فقد حدثت بالفعل عدة مرات من قبل .... حين كان فاقدا لكل قوانين العقل و المنطق ...
تنهدت ملك بصمت و هي تشعر بالأسى على ذلك الماضي ...
من المفترض أن تشعر بالخوف و الرعب .... فهي فعليا تأذت أذى يرقى الى مستوى الجرائم على يديه ...
اغتصاب .. تزوير ... اجبار على الإجهاض ....
اليس من المفترض الآن أن تشعر بالرعب لبحثه خلفها ... خاصة بعد هربها منه بتلك الصورة ؟!
لكن الغريب أنها لم تشعر بالخوف ....
لأن رائف بالخارج ..... انه ينتظر خارج الكوخ الصغير منذ ليلة أمس ... أو ما تبقى منها ...
ما يقارب عدة ساعات وهو جالس في الخارج .... بعد أن أقسم لها بأنه لن يغادر .... أبدا ...
على الرغم من أن كريم لا يعرف مكان هذا الكوخ ... الا أنه أقسم لها أنه لن يغادر بابه كحارسٍ أمين ....
ابتسمت قليلا برقة على الرغم من الألم الظاهر بعينيها الجميلتين .... و اصابعها الرقيقة تلاعب خصلة من شعرها الهائم الطويل ....
ثم قالت بخفوت
( لا تخافي يا وعد ...... رائف يحرسني بحياته ... )
عقدت وعد حاجبيها و هي تدور حول نفسها تكاد القرون ان تنبت من رأسها من شدة الغيظ و هي تهتف
( رائف ..... رائف .... بالله عليك كلما استدرت وجدت رائف هذا يقف خلفك ... من هو هذا الرائف الذي ظهر لنا في الحظ حديثا ؟!! ..... بالله عليكِ لماذا تثقين به ؟!! ..... إنه خال المختل ..... كيف نثق بأنه لا يساعدهم ؟!!! ..... )
زمت ملك شفتيها و رفعت ذقنها ثم قالت بثقة
( أنا أثق به ....... لقد وضعه القدر بطريقي .... لا أعلم كيف كانت حياتي لولا مسانداته لي .... )
زمت وعد شفتيها هي الأخرى .... فبان الشبه بينهما في تلك اللحظة .. ثم قالت بثقة
( أنا لا أثق به ........... )
هزت ملك رأسها يأسا ... ثم قالت بهدوء
( الا تثقين بسيف ؟!! ........ )
عقدت وعد حاجبيها و توتر قلبها قبل أن تقول بخفوت مرتبك
( طبعا أثق بسيف ............ )
ابتسمت ملك و هي تقول
( وهو يثق برائف .... و أرسلني معه بدلا من بيته لأنه أول مكان سيبحث به كريم .... )
مطت وعد شفتيها و هي تفكر بامتعاض
نعم ... بينما غفل عن امكانية تهجم كريم عليها هي .....
تعلم أنها غير منصفة , فلا أحد تخيل أن يفقد كريم البقية الباقية من عقله و يتطاول عليها بهذا الشكل ...
قالت وعد أخيرا بجمود
( اذن متى سأراكِ ؟!! ..... الى متى ستظلين هاربة بهذا الشكل ؟!! .... )
تنهدت ملك و هي تقول بخفوت
( رائف يقول سأظل هنا الى أن يتم الحكم بقضية الخلع التي سنرفعها .... و يتأكد من محضر عدم تعرض سيتقدم به تجاه كريم ....... )
عبست وعد و هي تقول بخفوت
( ألن أراكِ لكل هذا الوقت ؟!! ...... ربما يمكنني المجيء اليكِ اذن ... )
قالت ملك بخفوت
( قد يتبعك كريم ...... أي شيء متهور متوقع منه ..... )
تنهدت وعد و هي ترتمي جالسة على حافة سريرها لتقول بيأس ضاغطة على جبهتها
( أنا أحتاجك يا ملك .... العمل يتضاعف بشكل مهول .. حتى أنني زدت العاملات اثنتين جديدتين و أيضا لا نستطيع اللحاق بكثرة الطلبات ....... )
ابتسمت ملك و هي تقول برقة
( مبارك يا وعد ...... أنا سعيدة من أجلك جدا ...... )
رفعت وعد رأسها و هي تقول بغيظ
( انه عملنا معا يا غبية .... لذا يجب ان تتواجدي معي .... تساندينني ..... كما أن بعد التصميمات لن يظهر جمالها في الصور الدعائية الا بقياسها عليك ..... أنتِ الوجه الدعائي لنا .... )
ضحكت ملك لأول مرةٍ بنفسٍ صافية منذ عدة أشهر ... ثم قالت بخفوت
( هذه فكرة يوسف و انتِ صدقته .... أنا لست وجها دعائيا أبدا .... و لا اعتقد أنني سأكون ... )
قالت وعد بجدية
( لقد سألني عنكِ عميل هام ..... يريد طلبا بالجملة و يريدك أن تكوني العارضة الأساسية لهذه الطلبات ... )
عادت ملك لتضحك و هي تقول بعدم تصديق
( ياللهي .... لقد ذاع صيتي و أصبح العملاء يطلبونني بالإسم للحصول على مجرد صورا مني !!! .....)
قالت وعد بجدية
( و ما المشكلة في ذلك .... طالما سيجعلك الوجه الأساسي لتصميماتنا بالإضافة لكونك شريكة بالعمل ... انه شيء لطيف و سيزيدك ثقة بنفسك و ينسيكِ ما مررتِ به .... )
تنهدت ملك و هي تقول
( لا أعلم يا وعد ....... أنا على مشارف قضية خلع و العديد من المشاكل .... و قد يثير ذلك حفيظة كريم و جنونه ...... )
عبست وعد بشدة و هي تقول بصرامة
( هل ستسمحين له بالتحكم في المتبقي من حياتك ؟!! ....... )
نظرت ملك مجددا الى عينيها في المرآة ... و تعجبت أن رأت اصرارا جديدا يلمع في عمقهما العسلي اللون ...
و دون تفكير قالت بثقة
( مطلقا ......... لقد أخذ ما يكفيه , و أقصى ما أستطيع تقديمه ....... لذا كفى تعني كفى .... )
أغلقت ملك الخط مع وعد و هي تنظر الى نفسها بابتسامة غريبة ... جديدة ...
الا أن تلك الإبتسامة تجمدت قليلا حين التقت عيناها بالعينين في الصورة المعلقة خلفها فوق السرير ....
استدارت ملك تنظر الى الصورة ... تلك الصورة التي تشع عيناها حيوية ...
حين دخلت الى البيت منذ عدة ساعات ....
وجدت رائف يرافقها تماما كالمرة السابقة ... لكن هذه المرة وجدته يشير الى عدة أكياس جديدة وهو يقول بخفوت دون أن ينظر الى عينيها
( لقد جلبت لك بعض الملابس لتناسب الفترة التي ستقضينها هنا )
كان من المفترض وقتها أن تشعر بالسعادة لإهتمامه ... الا أنها شعرت ببعض الجمود و هي تستشعر نفوره من فكرة ارتدائها ملابس زوجته المتوفاة و التي لا يزال يحتفظ بها حتى الآن ...
المرة السابقة حين ارتدتها لم تكن في حالتها العقلية المتزنة ... كانت تريد أن تخلع ثوب الزفاف بأي طريقة ....
الآن هي في كامل وعيها .. و من المستحيل أن تعيدها .... لكنه سبقها و أحضر لها الملابس الجديدة خوفا من أن تكرر فعلتها الحمقاء مجددا .....
ترى هل يمرغ وجهه في ملابسها كل ليلة ليتشمم عطرها الراحل ؟!!
كانت ملابس زوجته مغسولة و قد تأكدت من ذلك .... لكن الصورة لم تبارح تفكيرها ...
منظررائف وهو مستلقيا على هذا السرير الواسعلا ... يستنشق عطر ملابس زوجته المتوفية ....
خاصة و أن هذا الكوخ يبدو كمحرابٍ لحبهما .... به صورها و ملابسها و كل أغراضها الخاصة ...
مرتبة بعناية ... في مكانٍ بعيد ... لا يعرفه كريم حتى ....
أي أن رائف أخفاه عن عائلته و منح سره لإثنتين فقط ...
رؤى .... و هي .....
أطرقت ملك وجهها ببطىء و هي تهمس دون أن تدري
( لقد تطفلت على مخبئكما السري للمرة الثانية ....... و أنا آسفة لذلك ... )
صمتت قليلا ... ثم عادت لترفع عينيها اليها و هي تهمس بصوتٍ باهت
( هل كان يحبك الى تلك الدرجة ؟!! .......... )
هزت رأسها قليلا و هي تضحك بسخرية قائلة
( سؤال غريب ...... فرجلٍ مثل رائف من الظلم أن يوصف حبه بالحب .... رجل مثله لا يستطيع الا أن يكون أكبر العاشقين ..... رجل يمكنه أن يخبىء امرأته بداخل قلبه و يغلقه عليها بمفتاحٍ مدموغٍ على راحة يده ..... )
صمتت قليلا و هي تبتلع ريقها بعدم تركيز .. ثم عادت لتهمس و هي تنظر الى الصورة
( لقد نعمتِ بعشقه .... لكنك رحلتِ سريعا .... سريعا جدا , ... و على ما يبدو أنه لم يسمح برحيلك بعد )




يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:17 AM   #21408

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

جلس رائف منحنيا للأمام ... مستندا بذراعيه الى ركبتيه ... ممسكا بفرعِ شجرةٍ رفيع , يخط به على بعض الرمال المتناثرة أمامه .....
منذ عدة ساعات وهو يجلس أمام باب كوخه الصغير ... على الأريكة الخشبية العريضة بجوار سيد الذي رآهما يدخلان الى الكوخ ... و خلال عدة دقائق خرج رائف كالعادة ... لكن دون أن يغادر هذه المرة ..
بل جلس الى جواره دون كلام ..... فتنهد سيد وهو يهز رأسه صامتا ... و أخذت أكواب الشاي تتوالى عليهما و هما جالسين يتجاذبان أطراف الحديث ... الى أن شرد رائف منذ بعض الوقت
جذب سيد الأرجيلة و أخذ يشعل حجرها وهو يلوح أمامه ... ثم مدها الى رائف قائلا
( تفضل يا سيد رائف ....... )
رفع رائف رأسه متفاجئا وهو ينظر الى الأرجيلة المشتعلة ذات الرائحة القوية .... فرفع حاجبيه يقول بقوة
( لا يا سيد شكرا ..... لقد توقفت عنها منذ أيام الدراسة ..... )
عقد سيد حاجبيه وهو يقول بلهجته الصعيدية
( خذ يا رجل ..... و أشعل بها ما يضايقك ..... )
ظل رائف ينظر اليها بطرفِ عينيه .... قبل أن يأخذ انبوبها الطويل مستسلما وهو ينفث دخانها القوى في السماء رافعا رأسه بشرود ...
و كان سيد قد حضر له واحدة أخرى يحتفظ بها للطوارىء .... فنفس دخانها في الهواء هو الآخر .. ثم قال بجدية وهو يكتم أنفاسه
( كل مشكلة و لها حل يا سيد رائف ...... )
نظر رائف الى سيد بطرفِ عينيه وهو يسحب نفسا من الأرجيلة ... ثم قال بلا تعبير
( حقا !!! ............ )
أومأ سيد برأسه قائلا بأهمية و تأكيد
( طبعا ...... خذها كلمة مني .... لقد مر وقت طويل بعد زوجتك الأولى رحمها الله )
ضيق رائف حاجبيه وهو ينفث دخان الأرجيلة ... ناظرا الى سيد بتوجس و ارتياب .. ثم قال بهدوء
( و ما المشكلة في ذلك ؟!! ......... )
سحب سيد نفسا من أرجيلته ومائها يصدر فقاقيع كثيرة .. ثم نفث دخانها في الهواء وهو يقول
( كل المشكلة ...... على ما يبدو أنك نسيت الإهتمام بنفسك و أنت تشغل بالك بكل من حولك ... و نسيت أنك رجل له متطلبات ...... )
عقد رائف حاجبيه أكثر وهو يسحب نفسا عميقا ...... مستمعا لسيد بصمت ....
لكنهما انتفضا فجأة حين فتح باب الكوخ و خرجت ملك منه بهدوء ... متلحفة بشال خفيف , تضم به جسدها ... و شعرها الطويل ينسدل من تحته واصلا الى فخذيها ...
كانت كأجمل ما قد يبدأ به الصباح .... لوحة نادرة الوجود تكاد تكون شفافة لتنبض الحياة منها ...
اتسعت عينا ملك و هي تنظر اليهما قائلة بصدمة
( ماذا تفعل يا رائف ؟!!! ...... هل أنت معتاد على تدخين الأرجيلة ؟!! ......منذ متى ؟!! .... )
أسرع الى مناولة سيد أمبوب الأرجيلة بيده وهو يقول بخفوت
( لا .... كان مجدر نفسا فقط ............ لقد توقفت عنها منذ أيام الدراسة .... )
رفعت ملك ذقنها و هي تقول ببرود
( مجرد نفس !! ....... واضح ........ رائف من فضلك أريدك قليلا ........)
ارتفع حاجبيه قليلا وهو يرى تلك الصغيرة تخاطبه بلهجةٍ حازمة و كأنه يصغرها سنا .... لكن على الرغم من ذلك كان وقع لهجتها عليه لذيذا ... منعشا .... به رنة تجعله ينزل الى عمرها ....
فنهض مسرعا بينما أخذ سيد يلوح ليطير الدخان بعيدا وهو يقول بسرعة
( اذهب يا سيد رائف ..... الصلح خير ......... )
استدارت ملك تنظر اليه برقة من فوق كتفها ثم نظرت الى رائف مبتسمة و هي تقول برقة عاقدة حاجبيها قليلا
( اي صلح هذا الذي هو خير ؟!! .......... )
عقد رائف حاجبيه وهو يقول بخفوت
( مرري الكلمة ..... و معظم كلام سيد منذ هذه اللحظة ..... )
ضحكت قليلا ... ثم ابتسمت و هي تراه يقف أمام الباب ليمد يده يدعوها للدخول قبله مبتسما
مما جعل زاويتي عينيه تتغضنان بتلك الحركة التي تحبها و تجعلها تشعر أن كل شيء على ما يرام ....
بل رائعا ...
نظرت الى عينيه للحظة ... فابتعد بعينيه عن عينيها ..... فدخلت و هي تبتسم أكثر و برقةٍ أكبر
دخلت و هي ترتجف قليلا دون سبب ... ثم سمعت صوت الباب ورائف يغلقه بهدوء خلفه ...
ثم قال بخفوت
( هل كل شيء على ما يرام ؟!! ...... هل تحتاجين لأي شيء ؟! .... )
استدارت اليه مكتفة ذراعيها و هي تدعي رسم الصرامة على وجهها قائلة بهدوء
( أرجيلة يا رائف ؟! ....... و في مثل هذا العمر؟! ....... )
ارتفع حاجبيه ... و ارتبكت أحشائه و تعقدت ... بينما كانت شبه ابتسامةٍ تحارب للظهور على شفتيه وهو يقترب منها ببطىء ... ناظرا اليها دون أن تحيد عينيه عن عينيها ....
ارتبكت ملك قليلا ... بل كثيرا في الواقع و هي تراه يقترب منها ... و عيناه جريئتان في النظر الى عينيها بخلاف عادته في الهرب بهما عن عينيها ...
لكنه توقف على بعد عدة خطوات منها كانت كفيلة لتزيد ارتباكها ... فزادت من ضم جسدها بذراعيها الى أن أطرقت بوجهها المحمر .. غير قادرة على متابعة تحدي عينيه ... فقال بهدوء و ثقة
( أولا ..... لقد كانت مجرد عدة أنفاس .... لتمضية الوقت الذي أقضيه على باب القصر و أنا أحرس الأميرة بداخله ..... )
شهقت ملك بصمت و هي ترفع وجهها اليه مذهولة ... فاغرة شفتيها قليلا و هي تسمع كلامه الغريب ...
و ما أن نال ما يريده من ذهولها و عودتها الى عمرها بعد ان كانت تمثل دور ناظرة المدرسة ... حتى ابتسم أكثر و تغضنت زاويتي عينيه أكثر وهو يضيف بجفاء مصطنع
( ثانيا ..... لا تلمحي لرجلٍ بأنه قد تقدم في العمر ...... أبدا ...... )
على الرغم من انفعالها و ارتباكها الذي كادا أن يفتكا باتزانها الداخلي ... الا أنها كانت هادئة ظاهريا .. متسعة عينين ... متوردة الوجنتين ... فقالت بخفوت محاولة السيطرة على نفسها
( أنت لست متقدما بالعمر ....... )
رفع رائف احدى حاجبيه وهو يقول هامسا مبتسما ليقترب منها خطوة أخرى
( لا ؟!! ......... )
لم تستطع الرد وقربه منها يربكها ... فاكتفت بأن هزت رأسها نفيا ببطىء و عيناها بعينيه ...
فازدادت ابتسامته قوة وهو يقف ليقول بخفوت
( جيد .......... )
أسبلت جفنيها قليلا و هي تزداد احمرارا ... فقال رائف بجدية
( هل كنت عند كلمتي يا ملك ؟! ...... هل تثقين بي الآن ؟! .... أخبرتك ألا تخافي ...أخبرتك ألا أجعل رجلا آخر يمسك الا على جثتي ..... )
هل كان يعي ما نطق به للتو ؟!!! .... أم أنه كان مغيبا وهو ينظر اليها بتلك الطريقة ؟!! ...
إن كان سيمنع أي رجلٍ (آخر) من مسها .... فمن هو الرجل الأول ؟!! .... هل يقصد كريم ؟!! ...
لا .. لا ... لا تظن أن هذا هو ما قصده .....
فكرت ملك بذلك مصدومة ثم رفعت وجهها اليه وهي تقول بكل قوة
( لطالما وثقت بك يا رائف .......... )
و هنا اتسعت ابتسامته .... لتظهر أسنانه كلها ... و كانت تلك طفرة من نوعها .... ثم قال أخيرا بلهجةٍ ذات مغزى
( اذن احتفظي بتأكيدك هذا ...... فسأطالبك بعد فترةٍ ليست بطويلة .... )
ظلا ينظرانِ الى بعضهما طويلا دون الحاجة للكلام ... و كأن حوار أعينهما كان أعمق من أن يفهماه ...
أو أن يستوعبه كلاهما ...
ابتلع رائف ريقه بخشونةٍ ثم تنحنح قائلا بجدية و صرامة لطيفة
( اذن يا أميرة ..... ماذا كنتِ تريدين مني ؟!! .... )
رمشت بعينيها وهو يفيقها من حلمٍ لم تراه بعد ... و همست بعدم فهم
( ماذا ؟!! ......... )
ابتسم رائف قليلا ليقول بصوتٍ رجولي به لمحة من العبث
( لقد حططتِ علينا أنا وسيد كالصقر في ساعةٍ مبكرةٍ من الصباح لأنك تريدينني بشيء ما .... فما هو ؟! ... هل نسيتي ؟!! ..... )
تلجمت قليلا و هي تحاول عبثا تذكر فيما كانت تريده ... بينما هو ينظر اليها مبتسما ... سعيدا سعادة طفولية لم يعرفها منذ وقتٍ طويل ...
الى أن رفعت ملك وجهها و هي تقول متذكرة
( آآه ...... كريم ......... )
أظلمت عيناه و تعقدت ملامح وجهه ... ما أن نطقت الإسم على شفتيها .....
و ذكرى قبلته السافرة ليلة أمس تمزق أحشائه .... لكنه تمالك نفسه و قال بخشونةٍ و جفاء
( ماذا به ؟! .............. )
ارتجفت قليلا من مظهر وجهه القاسي ... وهو مظهر باتت معتادة على تلك الملامح حين تقسو فيما قد يمسها بسوء .... و على الرغم من شعورها بالأمان الا أنها لم تتمنى أن تثير غضبه و ....... ألمه ...
فأطرقت بوجهها و هي تقول
( لقد هاجم وعد هذا الصباح ...... و كان كالمجنون .... )
انعقد حاجبي رائف أكثر و أظلمت عيناه أكثر و أكثر ... لكنه قال بقلق
( هل مسها بسوء ؟!! ........... )
تنهدت ملك و قالت بخفوت
( إنها بخير ....... لكنني أخشى عليها مما قد يفعله مجددا ..... أنا أعرف كريم يا رائف .... أعرف ما يستطيع فعله ..... يمكنه في لحظةٍ أن يتحول لشيطان لا يخضع لضميرٍ أو اي شعور انساني ...... )
رأت عضلة في حلقه تتشنج بشدة .... فعلمت أنه فهم قصدها ... و آخر ما كانت تريده هو أن تشير الى اغتصابها من جديد ... لكنه قرأ التلميح رغما عنه و عنها ....
فاقترب منها الى أن وقف أمامها .... لكنها كانت قد أخفضت وجهها دون أن تجرؤ على النظر اليه ...
و حين يئس من أن تنظر اليه .... مد يده ليقبض على وجنتها يرفع وجهها اليه وهو يقول بخفوت و بنبرةٍ آمرةٍ صلبة
( انظري الي .......... )
ابتلعت ريقها تحت يده الممسكة بذقنها .... و لم تجرؤ على تنفيذ أمره , فأعاد بلهجةٍ أكثر أمرا .... و أكبر حنوا
( انظري الي يا أميرة ....... )
تجرأت بعد مجهود على رفع حدقتيها الحزينتين الى عينيه ... المتغضنتين لكن دون ابتسامةٍ هذه المرة ...
فقال رائف بنبرةٍ بها انفعالٍ قوي وهو ينظر لعينيها دون أن يحررهما
( ماذا أفعل لأنسيكِ ما مررتِ به ؟! ........ فقد قولي و أنا حاضر .... )
ابتسمت بارتجاف .. الا أن ابتسامتها لم تصمد فانهارت بسرعة ازاء الإنفعال المرتسم بعينيه ... لتقول باختناق
( هذا هو فقط ........ فقط كن حاضرا ....... لا أحتاج أكثر من ذلك ..... )
صمت للحظاتٍ وهو ينازع شيء ما بضراوة ...... و عيناه تسألان السؤال دون أن تجرؤ شفتيه على النطق به ... الى أن قال أخيرا بقوةٍ دون أن يدرك بأن القوة قد انتقلت الى قبضته و هي تشد على ذقنها
( ملك أتتز ............... )
صمت في اللحظة الأخيرة ..... بينما ملك تنظر اليه بعينيها المتلهفتين لسماع ما يريده .... و حين ظل صامتا منعقد الحاجبين و كأنه يتألم ... قالت بنفس قوته
( ماذا يا رائف ؟!! ...... كنت ستسألني سؤالا .... لماذا صمتت ؟!! .... )
كان هو من ابتلع ريقه هذه المرة .... و أصابعه تربت دون وعي على بشرة وجنتها .... متأملا كلِ ذرةٍ من ملامحها البيضاء الناعمة البريئة ....
فقالت ملك تترجاه .. بل تتوسله بنفاذ صبر يائس
( ماذا يا رائف ؟!! ........ كنت تسألني شيئا ..... )
أغمض عينيه لعدة لحظات ... قبل أن يتنهد مسقطا يده عن ذقنها قائلا بصبر
( كنت أسألك ...... أتجدين الملابس التي أحضرتها لكِ مناسبة ؟!! ..... )
تبلدت ملامحها ... و زمت شفتيها و هي تنظر اليه بيأس ..... و ظلت صامتة تحاولة التغلب على خيبة الامل التي ضربتها .... الى أن قالت في النهاية بفتور
( إنها جيدة ......... شكرا لك ..... )
عبس رائف وهو يقول باهتمام لطيف
( لكن ملامح وجهك تنطق بالعكس ...... ألم تعجبك ؟! .... لقد مضى على آخر مرة اشتريت بها ملابس نسائية زمنا طويلا .....لكنها على الأقل تفي بالغرض في الظروف الهامة ... . )
كلامه العفوي كان يصفعها بشدة ..... هل كان يبتاع ملابس زوجته بنفسه ؟!! ....
تنهدت و هي تحاول التغلب على خيبتها المضاعفة ... فقالت تفتعل الإبتسام
( إنها رائعة يا رائف ............. بل أكثر من رائعة في الواقع ... )
رفعت عينين مداعبتين اليه و هي تقول مبتسمة برقة بشفتيها المتكورتين المازحتين رغم خيبتهما
( وهل فستان السهرة الذي وجدته ..... يفي بالغرض للظروف الهامة ؟!! .... )
رفع رائف يده يحك مؤخرة شعره وهو يقول بحرج و قد سحرتها ملامحه الرجولية المجفلة
( آآه هذا الفستان !! ..... هل وجدته؟! .. كان من المفترض أن يكون لمناسبةٍ مهمة و قد نسيت أن أخفيه ... )
الحقيقة أنها ذهلت حين رأت صباحا فستانا معلقا في الدولاب ... بهرها بجماله و بساطته ...
فستانا من الشيفون الأبيض .... بل رقته تكاد أن تكون قاصفة .... و الأزهار الصفراء تغطي صدره و أكمامه ...و حوافه السفلية .... لينزل منسدلا على قوام من سترتديه بأناقة و رقي ....
شكت للحظة أنه يخص زوجته على الرغم من أنها لم تراه المرة السابقة .... لكن فضولا جعلها تفتش الفستان الى أن رأت بطاقته لا تزال معلقة بعنقه .....
و كم انتظرت من وقتٍ كي تسأله عن السبب الذي جعله يشتري هذا الفستان لها
لكنها تماسكت و هي تقول بحياء و فضول
( اي مناسبة تلك ؟! ........... )
نظر اليها رائف و عيناه تنطقان بالكثير ... ثم قال أخيرا بهدوء
( الإحتفال بحصولك على الطلاق ..... نهائيا و الى الأبد ..... )
برقت عيناها للحظات و هي تميل بوجهها ... تتخيل موعدا ضرب بينهما تكون به حرة و تجلس الى جواره ....
تنهدت برقة و هي تهمس بتعب
( اذن فهو موعد بيننا .... متى يحين ؟ ...... متى يحين ؟؟ ... )
برقت عيناه هو الآخر .... ثم قال بخفوت
( قريبا ...... قريبا جدا يا ملك .... ...... )
ابتسمت له .... فاهتزت نبضاته و فقد احداها فاختل توازنه ....
أطرق رأسه وهو يحاول تجلية حلقه ... ثم قال بصوتٍ أجش قليلا
( لم تخبريني ..... هل تحتاجين لأي شي ؟! ....... هل البيت نظيف كما يجب ؟؟ ..... )
أومأت برأسها ببطىء و هي تبتسم له برقة .... تتأمله قبل كل كلمةٍ تنطقها .. ثم همست
( إنه نظيف جدا ......... كنت أنوي تنظيفه ما أن استيقظت , لكنني لم أجد ما أفعله ......... من ينظفه ؟؟ زوجة سيد ؟؟ )
ابتسم رائف وهو يقول بهدوء دون حرج
( بل أنا من أنظفه بنفسي باستمرار ...... لكنني بذلت جهدا أكبر لقدومك .... )
ذهلت ملك و فغرت شفتيها ... ثم همست بعدم استيعاب
( المكان تم كنسه ... و مسحه ..... هل فعلت ذلك بنفسك ؟! ...... )
عقد حاجبيه بفخر وهو يمسح على قميصه النظيف الغالي
( شيء بسيط سيدتي ........ أنا رجل متعدد المواهب )
نظرت اليه تتأمله .... وسيما ... وقورا ... يحتل الشعر الفضي رأسه مما يزيد من جاذبيته .....
ملابسه الأنيقة و عطره الأخاذ يسحرها .... لكن كل ذلك يغلف رجلا غريبا من نوعه ... يهب من فوره لنجدة فتاة في مأساة ... حنون وهو يعتني بخاله ... والد زوجته المتوفاة حتى يومه هذا ....
بسيط لدرجة أن ينظف البيت بنفسه .!!....
همست ملك بانبهار
( لماذا لا تستعين بمن يتولى المهمة ؟!!....... )
صمت رائف قليلا وهو يتهرب من عينيها ... شاردا بعينيه للحظةٍ خاطفة في المكان من خلفها , قبل أن يقول بهدوء خافت
( لا أحب أن يدخل أحد الى هذا المكان ..... أفضل الإعتناء به بنفسي ... )
و مع ذلك أدخلها هي ؟!! ......
فكرت ملك في ذلك بوجع و كأنه لكمة في منتصف صدرها .... و مما زاد الوجع أنه ابتعد عنها خلال لحظة ... فقال بنفس الهدوء لكن دون انطباع يريحها
( بما أنني هنا ...... هل يمكنني الدخول الى غرفة النوم لعدة لحظات , إن كان لا يضايقك هذا .... )
شعرت بنفسها تنتفض من صوته الذي تغير اثر مطلبه الموجع .... مما جعلها تفغر شفتيها بصدمة ...
و كأنه غاب عنها فجأة ..... و كأنه رحل الى عالمٍ آخر ....
فأوجعها وجعه .... و آلمها أكثر مما ينبغي ويسمح به وضعها ..
لكنها قالت باختناق جامد
( انه بيتك ........ كيف تطلب الإذن كي تدخل احدى غرفه ؟! ..... )
استدارت عنه و هي تحارب ظهور دموعٍ حارقة بعينيها .... دموع أنانية .... قاسية ....
ثم قالت بقنوط
( تفضل ........... )
وقف مكانه للحظة , ينظر الى ظهرها المتصلب ... و شعرها المنهال عليه بحياةٍ ذهبية وهاجة ....
فاستدار عن نهر الذهب لينظر الى باب غرفة النوم بصمت ... قبل ان يتقدم اليه بخطى متثاقلة ...
و قف بإطاره عدة لحظات ... قبل أن يأخذ نفسا و يدخل ببطىء الى الغرفة .... مغلقا الباب خلفه بهدوء !!!
الا أن ذلك الهدوء بدا كصفقة عنيفة مدوية ... جعلت ملك تنتفض مكانها و هي تستدير . تنظر الى الباب المغلق ... بصدمة !!
استند رائف الى الباب المغلق وهو ينظر بصمت الى الصورة المعلقة فوق السرير ....
تلك العينان اللتان تربيتا على يديه .... حتى اصبحتا تنظرانِ الى ما يشير اليه ... و تمتنعان عما ينهي عنه .... حتى جاء اليوم الذي تمردت بهما عليه .....
استقام من استناده و سار الى الصورة حتى جلس على حافة السرير ينظر الى الصورة بصمت , قبل أن يقول بخفوت رقيق بقوةِ الجبال
( اشتقت اليكِ يا رؤى ....... )
كانت ملك في تلك اللحظة قد فعلت أكثر التصرفات دناءة ... وهو ما لم تقم به من قبل ...
حيث لم تستطع مقاومة فضولٍ شرس بداخلها كان ينهشها ... حيث سارت الى الباب المغلق .. و استندت اليه بكفيها ... و هي تقرب وجهها من سطحه لترهف السمع عدة لحظات دون ان تسمع صوتا ... الى أن سمعت صوت رائف في النهاية يقول بنبرةٍ لن تنساها أبدا
( اشتقت اليكِ يا رؤى ...... )
فغرت ملك شفتيها ... و تجمعت الدموع مجددا أمام حدقتيها و هي تبتعد عن الباب بسرعة ... شاعرة بضربةٍ لم تتوقعها ابدا ....
بينما كان رائف ينظر الى عيني زوجته يتابع بنبرةٍ حزينةٍ رغم ابتسامته
( صدقيني كنت أتمنى وجودك هنا أكثر من اي شيء آخر في هذه الحياة ...... أنتِ طفلتي التي تربت أمامي يوما بيوم ... و ستظلين دوما طفلتي .... )
أطرق برأسه قليلا وهو يتنهد بثقل و جهد .... ثم همس يقول
( لم أراكِ بأحلامي منذ فترة ....... )
ثم عاد ليرفع وجهه اليها متابعا بخفوت
( لماذا امتنعتِ عني بأحلامي حبيبتي ؟! ........ أتعاقبيني ؟! ...غاضبة مني ؟! ... . )
عاد ليتنهد مجددا وهو ينظر جانبا ليقول بصوتٍ فاقد الحياة قليلا
( يوم رحلتِ عني أقسمت الا أحيا ....الا و أنتِ معي و بداخلي ...... فرضت على نفسي عقابا ... سبق و فرضناه عليكِ دون رحمة أو شفقة .... فضيعنا أجمل سنوات عمرك و آخرها ..... )
صمت يبتلع غصة مؤلمةٍ بحلقه .. ثم تابع باختناق
( كنت راضيا بتلك الوحدة التي ضربتها لنفسي ..... هادئة ... بسيطة ... و يكفيني بها حزن فراقك ..... )
رفع عينين متخاذلتين الى الصورة مجددا ثم قال بخفوت
( لم أخطط أبدا لأن أحيا من جديد .... أتنفس عبيرٍ آخر غير عبيرك .... و تحتلني فتاة صغيرة دون اذن أو انذار .... و كأنها عاصفة قلبت مياه حياتي الراكدة ..... )
صمت يلتقط نفسه قبل أن يقول متابعا بهدوء
( آسف يا رؤى لأن غيرك عرفت طريق هذا البيت و رحلتِ أنتِ ...... آسف صغيرتي .... )
أطرق برأسه ينظر الى خاتم الزواج يلفه حول إصبعه .... وهو يهمس
( ليتني عرفت من قبل أن النهاية سريعة بهذا الشكل ........ لكنت أوصلتك الى من اختاره قلبك بنفسي ... و جعلتك تتشبثين بذراعي و أنت ترتدين فستان الزفاف له ..... كي تسعدي بالمتبقي من عمرك القصير ..... )
همس متابعا بألم
( ليتني كنت أعلم ...... ليتني أستطيع ارجاع xxxxب الساعة للخلف ..... )
ظل صامتا قليلا وهو يبتلع تلك الغصة المسننة بحلقه ..... يقرأ الفاتحة و يدعو لها مسبلا جفنيه على عينين حمراوين .... تحاربان الدموع التي ظلت حبيسة قلبه بكرامةٍ رجولية ...
ثم نهض من مكانه متجها الى الصورة الحبيبة ... ليرفعها باحتراس عن الحائط .... و فعل المثل مع ملابس رؤى و أغراضها الخاصة ... حيث جمعها بحقيبةٍ صغيرة كانت فوق الدولاب .....

انتفضت ملك مديرة رأسها بسرعةٍ و هي تراه خارجا من غرفة رؤى .... و اتسعت عيناها الباكيتان و هي تراه يحمل صورتها تحت ذراعه .... و باليد الأخرى يحمل حقيبة لم تحتاج الكثير من الذكاء لتستنتج ما بداخلها ....
بينما رفع هو وجهه اليها مبتسما بحنان .... لكن الإبتسامة لم تلبث أن تبددت عن وجهه وهو يرى الدموع على وجهها بغزارة .... فعقد حاجبيه وهو يقول بقلق
( أتبكين يا ملك ؟! ........ لماذا ؟؟ .... ماذا حدث ؟!!! ..... )
صدمت و هي ترفع يدها الى وجنتها لتجدها مبللة دون أن تدري .... و همست لنفسها بهلع
" نعم أنا أبكي !! ..... لماذا أبكي ؟!! ..... لماذا ؟!! ... "
ضمت الشال الى جسدها بقوةٍ وهي تنظر اليه بصمت متجاهلة إجابة سؤالٍ لا تعرفه ... لكنها قالت بخفوت يكاد لا يسمع
( أنا بخير ........ أنت ..... لماذا أخذت أغراض زوجتك و صورتها ؟! ..... )
ارتفع حاجبيه غير مستعدا لهذا السؤال الصريح ..... لكنها سارعت لتقول بلا تعبير ... و بصوتٍ واهي خافت
( لم أكن لأعبث بها ....... المرة السابقة لم أكن في أفضل حالات اتزاني .... و أردت التخلص من فستان الزفاف بأي طريقة ........ )
عقد حاجبيه بشدةٍ وهو ينظر اليها كمن ينظر الى شخصٍ يهذي .... ثم ترك الصورة على أقرب كرسي ... و أنزل الحقيبة أرضا .... ليقترب منها بسرعة لكنها استدارت تخفي بكائها الصامت عنه و هي تشعر بالذعر ...
الا أنه أمسك بكتفيها ليديرها اليه بسرعةٍ و قوة .... فأخفضت وجهها أمامه ... حينها قال رائف بصرامة
( ملك ...... ملك ..... توقفي عن البكاء حالا ..... اسمعيني جيدا ..... ملابس رؤى غالية عندي جدا ... لكنني لست ممن يقدسون الأشياء الفانية ..... أنا أحرص على غسلها كل فترة بنفسي .... و لم أمانع أن أرى شيئا منها عليكِ حين احتجتِ ذلك ...لو كانت رؤى معنا الآن لطلبت ذلك منكِ بنفسها ..... )
أغمضت ملك عينيها بشدةٍ و هي تشهق باكيةٍ بصوتٍ عالٍ دون ارادةٍ منها ....
فعقد رائف حاجبيه أكثر وهو يهزها بقوةٍ هاتفا بصرامة
( ملك ..... توقفي عن تلك التصرفات .... لا أحبها و لو استمريتِ بها فلن أعود الى هنا مجددا .... )
أخذت تشهق دون صوت و هي تعتصر عينيها كي لا تبكي ..... محاولة التوقف ... الى أن سعلت و هي تختنق بغصتها المريرة .... لكنها كانت قد هدأت قليلا .. فقال رائف بصرامة
( هل توقفتِ الآن ؟! .......... )
أومأت برأسها بصمت و هي ترفع يدها لتمسح وجنتها المبللة المنتفخة بظاهر كفها .... فقال بجديةٍ و جفاء
( أنا لم أرى من هي أقوى منك يا ملك ..... لكنك تصرين على التصرف بطفوليةٍ بين حينٍ و آخر ..... و هذا ما لا يليق بكِ ..... )
كانت تتنفس بسرعةٍ و هي مطرقة الوجه .... تتلقى تأنيبه بشفتين منتفختين متكورتين ....
فعبس بشدةٍ و هو غير قادر على محاربة ابتسامةٍ تشق طريقها الى شفتيه الصارمتين .... ثم همس بجفاء حنون
( ربما أنتِ مجرد طفلة بالفعل .......... )
رفعت اليه عينين عابستين غاضبتين ... حمراوين و هي تمتم بحنق
( لست طفلة ............... )
فابتسم وهو يقول رافعا أحدى حاجبيه ....
( بتبرم شفتيك هاتين ؟!!! ...... أشك بذلك ..... )
مطت شفتيها أكثر بامتعاض ... لكن بداخلها كانت تشعر بحرج رهيب من حالة الهيستيرية الغير مفسرة التي انتابتها للتو .... و التي كانت تحمل شيئا ما مختلفا عن الإحساس بالذنب ... شيئ آخر ....
قال رائف بصرامةٍ محببة
( لو تصرفتِ بهذا الشكل مجددا ... فاعتبري موعدنا لاغيا .... )
رفعت نظرها اليه ... ترنو بعينين جميلتين , ممازحتين في احلك اوقاتهما .. ثم قالت
( لن يلغي موعدنا شيء , .......... و تأكد من ذلك ..... )
صمتت للحظة , ثم ابتسمت هامسة برقةٍ اكبر و بصوتٍ كنغماتٍ صيفية , بليلة سمر
( لن أفوت فرصة ارتداء فستاني الجديد ...... مطلقا ........ خاصة و أنني سأكون حرة ..... كهذا الفستان )
ابتسم رائف وهو ينظر الى عينيها ... ثم قال بثقةٍ تخللت كيانها
( قريبا يا ملك ...... قريبا جدا ان شاء الله ....... )
ابتسمت بحزن و هي تستمد من ثقته ... علها تستطيع الصمود بها للأشهر القادمة ....
تنحنح رائف قائلا بخفوت
( يجب أن أخرج الآن ......... )
لكنه ظل واقفا مكانه ..... مترددا و كأنه لا يريد الخروج .... و هي كانت تشعر بالخسارة .... تريده يبقى معها ...... ولو لعدة لحظات .... لكنها تعرف أن تلك اللحظات غير منتهية بالنسبة لها ..... و كأنها ترتوي من وجوده .....
لذا همست بتردد و أمل
( الا تجلس معي قليلا لتفطر معي ....... يمكنني تحضير الإفطار خلال لحظات ..... )
تحركت عضلة بحلقه وهو يقاوم تلك الهالة أمامه من البراءة و الجمال .... فقال بخفوت أكثر
( يجب أن أخرج الآن يا ملك ........ )
و دون أن ينتظر كان يتجه الى الصورة و الحقيبة التي تركها ... فقالت ملك بسرعة رغم اهتزاز صوتها الخافت
( لماذا اذن تأخذ هذه الأشياء معك ؟؟!! .......لم أكن لأعبث بها .... )
توقف مكانه للحظة مطرقا برأسه .... ملامحه الوقورة بعيدة عنها ... ثم قال أخيرا بهدوء و رفق
( أعلم يا صغيرة ...... أنا فقط سأنقلها لمكانٍ أقرب لي ....... )
عقدت حاجبيها بينما انحنت عيناها دون صوت .... ببساطةٍ لم تستطع الكلام .... كما لم يستطع هو إضافة المزيد

يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:22 AM   #21409

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

( والدك يكاد أن يخنقني يا محمد ...... إنه يدقق في الشراء لدرجة تثير الجنون ... لقد نسيت نفسي و صرخت به في المحل ..... )
تنهد محمد وهو يستمع اليها عبر هاتفه .... ثم قال بهدوء
( نعم هو نفسه ...... والدي و أعرفه ...... لكنني ظننت أنه قد يتغير ما أن تدخل امرأة لحياته فتعدل ما فسد بعقله ........ )
عقدت كرمة حاجبيها و هي تتصفح الأوراق أمامها بمكتبها بالمصرف ... واضعة سماعة هاتفها المحمول بأذنها ..... فقالت بصرامة
( عيييب يا ولد ....... لا تتكلم عن والدك بهذا الشكل .... )
صمتت تتأفف قليلا ثم قالت بغيظ
( يوم الشقاء حين يصمم على مرافقتي لشراء طلبات البيت بعد العمل ..... لقد ظل أمس بالمحل ممسكا بعلبتين من الحليب يفاضل بينهما حتى كدت أن أصاب بشلل في المخ من شدة ما ارتفع ضغطي و ضغط على اذني ..... علبتين من الحليب !!.... كل الفارق بينهما هو مجرد خداع ايهامي من الدعاية المصدرة الينا و المتمثلة في تصميم العلبة ليس الا .... بينما مصدر الحليب واحد !! )
تأففت مرةٍ اخرى بحنق بينما قال محمد بيأس
( و هل فقدت أمينة عقلها من قليل !! ...... لقد ظل يدقق بكل ما تبتاعه , الى ان منعها تماما من الشراء و اصبح هو من يشتري كل شيء .... وهو يظن نفسه جهبذ في الشراء .... )
رفعت كرمة وجهها و هي تبتسم هاتفة بسعادة
( بسم الله ماشاء الله !! ... متى تعلمت معنى كلمة جهبذ!!! ...... لقد تحسنت بفضل دروسي في اللغة العربية ... بالإضافة الى الرياضيات ..... كرمي يغرقك من رأسك و حتى أصابع قدميك ...... المهم .... نسيت أن أقص عليك ردة فعل والدك أمس حين تجرأت و أخبرته بأنني معتادة على شراء الحليب الطازج ثم أقوم بغليه ........ )
سمعت محمد يقول بشك
( هل تجاوز بألفاظٍ نابية !! ....... )
رفعت كرمة يدها لتظلل بها جبهتها و هي لا تتمالك نفسها من منع ضحكها بعنف و هي تقول
( لقد كاد المسكين أن يصاب بنوبةٍ قلبية ..... وهو ينظر الي بذهولٍ عاقدا حاجبيه و أنا أخبره أنه يأتي من البقرة مباشرة .... و نستخرج منه القشدة أيضا بدلا من شرائها هي الأخرى معلبة و غير طازجة .... )
صمتت قليلا و هي تضحك بشرٍ مغمضةٍ عينيها ... ثم قالت ضاحكة
( لقد حاول أن يتكلم عدة مرات الا أن الكلام خانه .... فوضع يده على صدره وهو يقول في النهاية " قلبي !! ... ستتسببين في موتي ذات يوم ..." ... )
قال محمد باستسلام ضاحكا
( هذا هو المتوقع من رجلٍ لا يزال يبتاع ملابسي الداخلية حتى الآن ...... )
رفعت كرمة عينيها للسماء و هي تقول بقنوط
( آآآه لا تبدأ بهذا الأمر !! ...... من بين الأشياء التي كان يفاضل بينها أمس هو خف للحمام خاص بي .... وهو يقول بجدية عاقدا حاجبيه " راحة الظهر في البيت تبدأ من خف حمام رياضي صحي ... خاصة مع قدمك المسطحة !! " )
عقدت حاجبيها و هي تقول بغيظ
( أنا قدمي مسطحة يا محمد ؟!! ..... حسنا أعلم أنني أعاني من القدم المسطحة لكن ليست الى درجةٍ مرضية ... اليس كذلك ؟!! .... محمد ؟!! ... يا محمد ؟!! .... لماذا لا تجيبني ؟!! ... )
قال محمد بلطف
( حسنا لو تجاهلنا الصوت الذي تصدره قدميكِ ليلا حين تدخلين المطبخ حافية القدمين .. فتبدو كممصاتٍ شافطة .. بوييك ... بويييك ... بويييك ....حينها من الممكن ان نخدع أنفسنا و نقول أنكِ لا تعانين من القدم المسطحة .. )
عقدت حاجبيها بشدة و هي تقول
( قدمي لا تصدر هذا الصوت ..... ليست الى تلك الدرجة !! .... )
قال محمد ببساطة
( لقد كنا على المائدة ذات يوم و سمعنا صوت قدميكِ ... فقال حاتم مبتسما بصوتٍ خافت " زوجة ابيك من الممكن أن تمشي على الجدران بقدميها الملتصقة بالأسطح هذه " )
ازداد عبوس كرمة بشدة و هي تقول بلهجةٍ شريرة
( هل قال والدك هذا ؟!!!........ أتعلم أن بطنه قد بدأت في البروز و هو يخفي ذلك علينا ؟!! ... لقد اشترى طقم من البناطيل اكبر مقاسا و هو يظن أنني لم ألاحظ ..... )
قال محمد اعترافا بالحق
( اي شخص يسكن معك سيظهر له بروزا في البطن يا كمرة ....... )
عقدت حاجبيها و هي تقول بقنوط
( ابن والدك صحيح .......... المهم .... هل تأكل جيدا أم أن والدتك لا تزال مستمرة اتباعك لتلك الحمية الدنيئة ؟! ......)
قال محمد ببؤس
( أنا جائع جدا يا كمرة ..... أمي تمنع عني كل النشويات و السكريات ... على الرغم أنني زدت عندك كيلو جراما واحدا فقط ....... )
هتفت كرمة و هي تضرب صدرها بيدها بلوعة
( يا حبيب أمك !!! ..... آه يا ابني المسكين !! ..... أنت جائع و أنا هنا عاجزة عن إمدادك بالطعام !! )
زمت شفتيها و هي تشعر بالرغبة في ضرب تلك الأم التي تترك طفلها ينام جائعا لمجرد كيلو جرام واحدا !!! .... انه تعنت ..... ربما لو زاد ستة أو سبع كيلوجرامات لمنحتها بعض العذر ...
حاولت أن تتجنب ذلك التفكير العتيق .... ثم قالت مغيرة الموضوع و هي تتنهد
( المشكلة في والدك يا محمد أنه انسان معقم أكثر من اللازم ..... هناك فرق في الحضارات بيننا .. أحيانا أظن أن الإنسان الطبيعي يحتاج الى بعض التلوث بحياته كي تتقوى أمعائه و يكتسب مناعة ....... )
قال محمد وهو يمط شفتيه
( نعم ..... تعرفين انه يجعلني أستحم في اليوم ثلاث مرات الى أن قاربت على الإختفاء ..... )
ابتسمت كرمة بخجل و لسان حالها يقول بعبث
" وهو يجعلني أفعل أكثر منذ ذلك أحيانا !! ........ "
لكنها عضت على شفتها بخبث و هي تحاول ابعاد تلك الصورة عن رأسها .... فقالت باتزان
( اذن ..... كيف تقضي أوقاتك بدوني ؟! ....... )
قال محمد بحماس
( زوج امي رجل مجنون في الواقع ... لا يترك لي مجالا للملل ... أنا أركب خلفه على الدراجة البخارية مؤخرا .... و لن تصدقي ماذا فعلنا في عطلة نهاية الأسبوع !! .... لقد قفزنا من طائرة بالبراشوت رغم أن سني أقل من السن المسموح به ..... لكن صديقه مكن لنا الأمر .... و كان رااااااائعا ..... )
عبست كرمة و هي ترفع وجهها قائلة برعب خفي
( و هل يعلم والدك عن تلك الأنشطة ؟!! ....... )
قال محمد بقوة
( لا تخبريه يا كمرة .....إياكِ و أن تشي بي .... اياك و الا فلن أحكي لكِ شيئا مجددا ..... )
عبست كرمة بشدة و هي تشعر بالرعب على محمد ... و الغضب على أمه .... و الجنون من زوجها المتهور ... لكنها لا تستطيع المجازفة بفقد ثقة محمد بأن تشي لحاتم ..... فهي تريد المعرفة بكل تفاصيل حياته منه هو شخصيا طالما يثق بها ......
فقالت كرمة بصرامة
( لن أخبر والدك شرط أن تقسم لي حالا بانك لن تعيد تجربة الطائرة تلك ...... )
هتف بتوسل
( كمرة !! ...... )
الا أن كرمة قالت بصرامةٍ قاصفة
( و أنا أعني ما أقول يا محمد ........... )
زفر بحنق و استياء لكنه قال في النهاية
( أقسم على ذلك ......... أنتِ مزعجة كبثرة شباب ظهرت في الوجه صباح يومِ حفل التخرج المدرسي .... )
قالت كرمة بنفس الصرامة
( و أنت تحمل رأسا ضخمة تشبه كرة السلة بينما لا تحوي سوى مخ في حجم حبة البازلاء ..... )
سمعت فجأة طرقا على باب مكتبها ... فسمحت له بالدخول دون أن ترفع نظرها و هي تعمل على حاسبها باهتمام ...
دخل احد حراس الأمن للمصرف وهو يقول بتهذيب
( سيدة كرمة ..... هناك سيدة تصر على مقابلتك فوجدت أن أرافقها الى مكتبك لأتأكد من موافقتك ... )
رفعت كرمة وجهها و هي تعقد حاجبيها .... ثم قالت محدثة محمد في سماعة هاتفها
( يجب أن أغلق الخط الآن يا محمد ...... سأهاتفك لاحقا ...... اعتني بنفسك من أجلي ... )
و ما أن وضعت الهاتف حتى قالت بهدوء و هي تتسائل عن هوية من تريد مقابلتها هنا في مكان عملها
( دعها تتفضل ....... )
انزاح الرجل جانبا وهو يمد يده لإمرأة تقف خلفه .... و التي ما أن ظهرت مطرقة الرأس بخنوع أمامها حتى اتسعت عينا كرمةٍ بهلع و جنون ... لكنها لم تسمح لأي من ذلك بالظهور على ملامحها الهادئة ....
فابتلعت ريقها ثم قالت بهدوء زائف
( آه نعم أعرفها ..... تفضل أنت .... شكرا ... )
أومأ الرجل برأسه و انصرف .... فنهضت كرمة من مكانها منتفضة و هي تندفع للباب تغلقه بهدوء بينما الدماء تغلي بعروقها بجنون ... و ما أن أحكمت غلق الباب حتى استدارت الى علياء بعينين شرستين و هي تقول من بين أسنانه بخفوت كي لا يسمعها أحد
( أنتِ ..... كيف تجرؤين على المجيء الى هنا ؟! ..... كيف تجرؤين ؟!! ..... بعد آخر ظهور لكِ ببيتي .. الآن تجرؤين على المجيء الى محل عملي .... الا تعلمين أن زوجي يعمل هنا معي ... وهو على بعد عدة خطوات من مكتبي !! .... و لو رآك لأصبحت كارثة فوق رأسي ..... )
كانت علياء تستمع الى كرمة مطرقة الرأس و كأنها اعتادت الخنوع و المذلة .... لكن كرمة لم تكن في حالةٍ تسمح لها بالتعاطف معها ... فقالت بصوتٍ حاد تمنع صراخه بصعوبةٍ و عيناها تلمعان بالنفور
( ماذا تريدان مني ؟!!! .... لقد تركت لكما بيتي و حياتي و رحلت .... فلماذا تقتحمان حياتي الجديدة و تصران على إفسادها ؟!! ....... )
رفعت علياء وجهها الباهت الناعم الى كرمة و هي تقول بخفوت و استعطاف
( هل افهم من ذلك أنكِ قابلتِ محمد يا سيدة كرمة ؟!! .... )
اتسعت عينا كرمة بذهول و كأنها تنظر الى مجنونة فاقدة الأهلية .... ثم رفعت ذراعيها تلوح بهما بعدم تصديق لتنزلهما على وركيها بجنون ... و مالت الى علياء تهمس بشراسة
( هل أنتِ مجنونة ؟!! ....... اسمعيني جيدا .... ستغادرين هذا المكان حالا و دون أن تكلمي أي مخلوق أثناء خروجك من هنا ..... و من فضلك للمرة الأخيرة ابتعدي عن حياتي للأبد .... )
اهتزت حدقتي علياء و رمشت بعينيها أمام هجوم كرمة الشرس على الرغم من إنخفاض صوتها الذي يكاد يكون همسا ... خوفا من أن تفضحها ...
فابتلعت ريقها و هي تشعر بالخزي ... لترجع خصلة من شعرها الأسود الفاحم الناعم خلف أذنها ... ثم عدلت من وشاحها الأسود حول وجهها ...
لكنها تشجعت و هي تقول بصوتٍ مختنق
( أعلم أنني اثقلت عليكِ كثيرا .........)
رفعت كرمة حاجبها و هي تقول بسخرية
( أثقلتِ علي ؟! ....... سرقة زوج من زوجته لا تعد اثقالا .... بل يمكنك القول أنني خربتِ بيتي ... )
صمتت كرمة تتنهد بقنوط و هي تغمض عينيها .... ثم لم تلبث أن فتحتهما لتقول ببرود
( لا داعي لفتح صندوق الماضي من جديد ....... غادري هذا المكان و حياتي كلها حالا .... )
رفعت علياء احدى يديها متسولة و هي تهتف برجاء
( سأذهب ... أقسم لكِ سأخرج من حياتك للأبد ..... لكن أرجوكِ ... ارجوكِ ... أتوسل اليكِ .. أخبريني عن مكان محمد .... لقد ترك البيت و هجرني ..... )
امتقع وجه كرمة ... و أجفلت ... بينما استقرت عيناها على يد علياء التي وضعتها على بطنها تلقائيا ...
فلم تتمالك كرمة من الهمس بشرود عاقدة حاجبيها
( فعلها ؟!! .......... )
لكن علياء سمعت همسة كرمة الخافتة ... فقالت برجاء
( لقد رأيتهِ........ اليس كذلك سيدة كرمة ؟؟ .... و أخبرك أنه سيتركني ؟؟ ..... أرجوكِ أخبريني )
تنهدت كرمة بغضب من محمد و هي تكتف ذراعيها ...ثم قالت بفتور
( رأيته مرة ..... كان مشوشا .... و يريد الإبتعاد لفترة ....... )
أطرقت علياء بوجهها الشاحب كشحوب الأموات ... ثم همست بخفوت و خزي و هي تضغط على بطنها أكثر
( هل أخبرك ........ هل أخبرك ....... لماذا تركني ؟؟ ..... )
تأففت كرمة و هي تخفض وجهها جانبا بنفاذ صبر .... و عضت على شفتها محاولة التماسك و الصبر ... لكنها قالت في النهاية بصوتٍ لا تعبير له
( مبارك على الحمل ........... )
رفعت علياء وجهها الميت الى كرمة و همست بعذاب و بنبرةٍ لا تكاد تسمع
( هل ..... هل أخبرك أنه ....... يشك في ابوته لهذا الجنين ؟؟ ..... )
رفعت كرمة وجهها لأعلى بنفاذ صبر و هي تستدير عن علياء واضعة يديها في خصرها ... ثم قالت بفتور
( اعذريه ...... عشر سنوات ليست بفترة هينة من اليأس ..... )
تقدمت علياء من كرمة رافعة يديها و هي تهمس بأسى
( أعذره .... اقسم بالله أعذره من كل قلبي .... أنا نفسي أصبت بالذهول حين عرفت بحملي .... لكن فقط أريده معي ... أنا أحتاجه .... فليفعل بي ما يشاء لكن وهو معي و بجواري ...... )
أغمضت كرمة عينيها بنفاذ صبر ... بينما تابعت علياء بعد فترة صمت
( هل تصدقينه سيدة كرمة ؟؟ ........ )
ارتفع حاجبي كرمة بذهول و هي تستدير الى علياء الشاحبة بدرجة مخيفة ....ثم قالت بعدم تصديق
( هل أنتِ طبيعية يا فتاة ؟!! ...... هل جئتِ الى هنا خصيصا كي تسأليني رأيي عن شرفك ؟؟؟ .... )
أغمضت علياء عينيها بألم و هي تخفض وجهها .... ثم قالت بخنوع
( بل جئت أتراجكِ كي تخبريني بمكان محمد ...... و أنتِ لن تخبريني بمكانه لو كنتِ تصدقين شكه ... )
زمت كرمة شفتيها بغضب ... و أخذت تطرق الأرض بكعب حذائها العالي دون وعي من فرط حنقها ...
و ظلت عيني علياء مثبتتين على كعب حذاء كرمة الغالي الثمن و الأنيق .....
الا أن كرمة قالت ببرود
( أنا لا أعلم مكان محمد ..... صدقي أو لا ...... و الآن اذهبي من فضلك ..... )
ارتجفت شفتي علياء و كأنها توشك على البكاء ... ثم قالت بإختناق و تردد خائف من ردة فعل كرمة
( كنتِ تكلمينه حين دخلت و تطلبين منه أن يعتني بنفسه ...... )
رفعت كرمة حاجبيها بذهول و هي تقول بعدم تصديق
( هل تتهمينني بالكذب ؟!! ..... حقا ؟!! .... وواتتكِ الجرأة ؟!! ..... )
ابتلعت علياء ريقها و هي تهمس باختتناق
( لا عاش و لا كان ....... لم أقصد ....... )
صمتت و هي تبكي فجأة دون أي صوت ..... فقط ارتجاف شفتيها و دمعتين متساقطتين على وجنتيها جعل منظرها مؤذيا بدرجةٍ مفزعة ...
تنهد كرمة بيأس .... و هي تلعن الشفقة التي تتسلل اليها الآن ... ليس من المفترض أن تشعر بالشفقة على المرأة التي ساهمت في خراب بيتها من قبل .... حتى و لو كانت قد تجاوزت الماضي ....
ظلت كرمة تنظر الى شكلها البائس عدة لحظات ... ثم قالت أخيرا بفتور خافت
( كان ذلك محمد ابن زوجي حاتم .... صبي في الثانية عشر من عمره .... )
رفعت علياء وجهها الى كرمة مغرقا بالدموع .... فرفعت طرف وشاحها لتمسح به الدموع عن وجهها ثم همست باختناق
( حقا يا سيدة كرمة ؟!! ........ )
رفعت كرمة يديها ملوحة بهما و هي تهتف محدثة نفسها بغضب
( ها هي تتهمني بالكذب من جديد !!.......... )
أخفضت علياء عينيها اليائستين و هي تقول بأملٍ مغدور
( ماذا أفعل الآن ؟!! .... الى من أذهب بعدك يا رب ؟!! ..... )
زفرت كرمة بغضب و هي تهمس لنفسها
" تبا لك يا محمد !! ...... أنت لن تتغير و لو مرت عليك العصور "
قالت كرمة بصوت خافت صلب
( أفضل ما تفعليه الآن هو الرجوع الى أهلك و انتظار عودة محمد .... فقط امنحيه بعض الوقت كي يكتشف خطأه ..... )
رفعت علياء عينيها المتورمتين الى كرمة و هي تقول بخوف
( أنا في مصيبة كبيرة يا سيدة كرمة ..... ليس لي سوى جدتي .... و أنا لا أستطيع أن أعلن حملي و زوجي يشك بخيانتي ...... لذلك لم أخبر أمه و شقيقاته حتى الآن ...... لو علمن بشك محمد ستمزقنني حية دون حتى سؤال ..... )
زمت كرمة شفتيها و هي تقول بامتعاض
( هل تخبريني عنهن !! ..... إنها عشرة طويلة ..... )
ظلت كرمة تنظر طويلا الى الفتاة المرتعبة و كأنها تقف ضائعة في مهب الرياح .... و دموعها تجري بصمت على وجنتيها و كأنها تخشى حتى البكاء بصوت مسموع ....
لكن شفتيها كانتا تهمسان
( يا رب أنت تعلم أنني مظلومة .... يا رب ...... )
اظلمت عينا كرمة بعطفٍ رغمٍ عنها ..... ثم تحركت اخيرا الى مكتبها فتناولت حقيبتها و اخرجت من حافظتها كل الأوراق المالية التي تحملها ....
فاستدارت الى علياء تمسك بيدها و تضع بها الأوراق المالية قائلة بحزم
( خذي هذه النقود و عودي لبيتك و لا تغادريه .... و أنا سأرسل لكِ من يحمل لكِ مثلهم كل شهر الى ان يعود محمد ..... )
نظرت علياء الى النقود بيدها بذعر و ذهول .... ثم رفعت وجهها المرتعب الى كرمة ... بعينين متسعتين ... بينما أحمر وجهها بعنف , ليفقد ألوانه في اللحظة التالية .... و يتناوب عليها الشحوب و الإحمرار ...
و حين استطاعت الكلام أخيرا.... زمت شفتيها و هي تنظر الى الأوراق المالية بيدها ....
ثم لم تلبث أن اقتربت خطوتين من مكتب كرمة ... لتضع النقود على سطحه بكل تهذيب
و رفعت رأسها هامسة بإباء
( زادك الله من خيره سيدة كرمة ...... أنا لم آتي الى هنا طلبا للمال .. لقد ترك لي محمد ما يكفيني ... و بيته سيظل مفتوحا من ماله لحين عودته ..... )
أطرقت بوجهها الشاحب لتخفي علامات الكرامة المهدورة بقوة ... ثم قالت بجمود
( سأغادر الآن .... و لن أزعجك مجددا ..... )
شعرت كرمة بالخزي مما فعلته بتلك المسكينة الحقيرة التي سرقت زوجها ذات يوم .... لكنها مسكينة على الرغم من ذلك ... و لقد أوقعها غبائها و حظها العثر في الزواج من محمد .....
فالزواج من محمد يحتاج الى الجلد و الصبر .... و نكران الذات الى آخر درجة ...... و مع ذلك هو رجل يسهل حبه .... تماما كما أحبته تلك المسكينة المستكينة الصغيرة ....
راقبتها كرمة و هي تتجه للباب مطرقة الرأس ... لكنها فجأة توقفت و هي تترنح في مكانها لدرجة أن استندت الى الجدار كي تمنع سقوطها ...
حينها سارعت كرمة اليها تمسك بمرفقها و هي تقول بقلق
( هل أنتِ بخير ؟؟ ...... )
أومأت علياء برأسها بإعياء لكن كرمة عقدت حاجبيها بشدة و هي تلحظ للمرة الأولى هزالها و ضعف صحتها ..
فقالت تخاطبها بخفوت و تردد
( ماذا ستستقلين الى بيتك ؟؟ ......سأرسل معكِ سيارة بسائق يوصلك الى باب البيت )
ردت علياء بصوتٍ ذاهب الأنفاس
( لا تشغلي بالك .... سأستقل الحافلة الصغيرة )
الا أنها أغمضت عينيها و هي تشعر بالدوار .... و موجةٍ من الغثيان تضربها بعنف .... و كان من الفترض بكرمة أن تترك مرفقها كي ترسلها الى بيتها بغير رجعة ... الا أنها ظلت مشبثة بها , ناظرة اليها بقلق ..
ثم قالت أخيرا
( مع أي طبيبة تتابعين ؟!! ...... )
همست علياء بعد تردد
( طبيبة...... و لماذا الطبيبة ؟!! .... أنا بخير ..... )
قالت كرمة عاقدة حاجبيها
( يجب عليكِ المتابعة مع طبيبة نسائية منذ الشهر الأول .... كي تطمئني أن الأمور كلها بخير ... )
ابتسمت علياء بجهد ... فبان عليها الهزال أكثر و همست بصعوبة
( لم نعتاد تلك الرفاهية في المنطقة التي نسكنها ..... كل النساء تحمل و تلد دون متابعة و غيرها ... )
مطت كرمة شفتيها و هي تتأمل علياء ... و لم تستطع منع لسانها من القول بلهجةٍ شريرة رغم هدوئها
( يبدو أنكِ نسيتِ أنني كنت أسكن نفس المنطقة ..... و تحديدا في بيتك نفسه ... الذي كان بيتي يوما ما ... )
بهت وجه علياء أكثر ... حتى أصبح كالملاءة البيضاء .,..... يتناقض مع شعرها الأسود الحالك ..
و اتسعت عيناها بصدمة .... و كأن كرمة صفعتها على غفلة ... و بالفعل أطرقت برأسها متألمة بفعل تلك الصفعة المعنوية ....
حينها شعرت كرمة بالندم مجددا .... فتنهدت بنفاذ صبر و هي تقول بصرامة
( تعالي ...... سأقلك للبيت بنفسي ...... و لا تخرجي مجددا بحثا عن محمد .... هو سيعود بنفسه ... )

استمر الطريق طويلا ... صامتا و مملا ... بل مشحونا بالتوتر و هي تجلس بجوار علياء في المقعد الخلفي ترمقها بطرف عينيها بين الحين و الآخر .... حيث كانت علياء تبدو مهزومة ... منكسرة ....
تستند برأسها الى زجاج النافذة و تنظر الى الطرقات بعينين خاويتين .....
تنهدت كرمة بانقباض ... من المفترض أن تشعر بقليل من التشفي أو الفرح .... طبيعة النفس البشرية و ضعفها يأمرانها بذلك ... الا أنها لم تستطع في الواقع الا أن تعطف عليها ....
ما تعرضت له أخيرا من شكٍ بخيانتها و هي تحمل أول طفل لها .. كفيل بأن يكسرها باقي العمر ...
عقدت كرمة حاجبيها و هي تلاحظ يد علياء تنقبض على بطنها ... و ملامحها تتشنج من الألم ..
فقالت بقلق
( ماذا بكِ ؟!! ..... أنتِ لستِ بخير مطلقا !! ..... )
لهثت علياء قليلا و هي تهمس بألم
( انا بخير ...... أنا فقط أتمنى الإستلقاء بسريري ..... )
صمتت فجأة و هي تجفل .... ثم رمشت بعينيها و هي تتجنب النظر الى كرمة ....
ثم قالت بارتباك
( لم اقصد أن أثير غيظك ...... إنه سريرك ..... )
نظرت كرمة الى السائق ... ثم أعادت نظرها الى علياء التي كادت أن تختفي تحت مقعد السيارة من شدة غبائها و إحراجها ....
الا أن كرمة قالت بهدوء
( هل تعلمين المثل القائل ... جئت لتكحلينها فأصبتِها بالعمى !! ..... )
عضت علياء على شفتها و هي تهمس باختناق
( ياللهي !! .... لم أقصد .... أنا غبية ..... اعذريني أرجوكِ ... )
مطت كرمة شفتيها بامتعاض و هي تقول
( عامة سريري الآن أكثر روعة و راحة ............. )
ابتسمت علياء بإجهاد و هي تقول بخفوت
( ليجعله الله لكِ راحة و هناء ............. )
شعرت كرمة بالحزن اللعين عليها مجددا ... فظلت تنظر اليها بصمت قبل أن تقول بعد لحظات حازمة
( سنذهب الى طبيبتي أولا يا حسين من فضلك ..... )

جلست كرمة أمام طبيبتها المبتسمة دائما و أبدا ... لكنها هذه المرة كانت تبدو غير راضية و هي تقول بعد عمل الفحوص اللازمة لعلياء
( بصراحة صحتها ضعيفة جدا .. و ضغطها عالي .... و كل هذا يجعل من حملها غير ثابتا , بخلاف النزيف الذي يداهمها من حين لآخر ... كل هذه علامات غير مبشرة ..... إنها توشك على إجهاضه في أي لحظة ... )
اتسعت عينا كرمة بهلع و هي تسمع تلك الكلمة البشعة .....
إجهاض !! ... بعد عشرة سنوات من الحرمان ؟! ..... لا محمد لا يستحق هذا الألم مهما كان ما فعله و آذى به غيره ....
تخيلت أن يضيع منه الطفل بعد أن تحققت له معجزة السنوات الطويلة من الصبر و فقدان الأمل ...
فقالت كرمة بقوة
( أرجوكِ أخبرينا بما تأمرين به .. و سننفذ التعليمات كلها .. زوجها يتمنى هذا الطفل منذ سنواتٍ طويلة ... )
قالت الطبيبة تتنهد
( سنفعل ما بوسعنا .... لكن خلال هذه الفترة هي تحتاج الى راحةٍ تامة و استلقاء على ظهرها خلال الثلاث اشهر القادمة .... هي أهم و أضعف أشهر في مرحلة ثبات الجنين ... و مبدئيا ستتابع معي أسبوعيا ... لكن لتأتي مستلقية في سيارة .... و لا تستقل أي وسيلة مواصلات و تتعرض لمطبات الطريق .... أتفه و ابسط شيء حاليا قد يسبب إجهاضها ... حتى و لو أصيبت بالسعال ..... )
كانت أثناء ذلك تكتب عدة ابر للتثبيت و أدوية و فايتامينات عديدة ..و أقراص حديد ....
و كرمة تراقب القلم يخط بسرعة ... بينما ملامحها كانت حزينة ..... مشتاقة ...
رفعت الطبيبة وجهها و نظرت الى كرمة و ابتسمت قائلة
( و ماذا عنكِ أنتِ ؟؟ ...... لماذا لم أركِ منذ فترة ؟؟ ...... لدينا برنامج نريد البدء به ... )
ابتسمت كرمة بمرارة و هي تنظر الى تلك الورقة التي تحوي بعض ابر التثبيت و أقراص الحديد ... و التي بدت لها اجمل من كل الرسائل الغرامية في الكون في تلك اللحظة
و كم تمنت لو تحمل اسمها هي ..... كم تمنت ان تستلقي هي على ظهرها بدلالٍ خوفا على ولي العهد المنتظر باشتياق ....
همست اخيرا بسخرية حزينة
( أنا ؟! ...... أنا موجودة ..... أين سأكون ؟! ...... دعينا نهتم بها أولا ثم نبدأ طريق الأمل من جديد ... ربما تمكنت من اللحاق بقطار الأمومة قبل أن اصل لسن اليأس من الإنجاب ..... )
عقدت الطبيبة حاجبيها و هي تقول بإمتعاض
( أنا راضية بذمتك و ضميرك ..... هل هذا كلام انسانة مثقفة ؟!! ..... )
ابتسمت كرمة و هي تقول بخفوت
( اخبرتك من قبل ..... حين يصل الأمر الى الأمومة ... تتحول المرأة الى كائن أقل ثقافة ... يقتنع بكل ما هو متوارث من عاهات و خزعبلات .... و يأسٍ قبل حتى الوصول الى ما هو مسمى بسن اليأس ..... )
نهضت من مكانها و هي تجد علياء تخرج من غرفة الكشف .. تتسند على يدِ ممرضةٍ غير قادرة حتى على تقوية ساقيها .... لكن نظرتها الحزينة الى كرمة اخبرتها انها سمعت الجزء من حديثها اليائس ....
نعم ... هذا ما كان ينقصها ..... ان تشفق عليها الفتاة الصغيرة غضة القوام و التي تحمل بأحشائها طفلا ....
رفعت كرمة ذقنها و هي تعدل من حقيبتها قائلة بحزم
( هيا لنغادر ..... لقد تأخرت على بيتي , و اريد التأكد من اخذك للأدوية و الإبر قبل أن أتركك ... )
.................................................. .................................................. ....................
بعد اسبوع ....
كانت كرمة واقفة في المطبخ الضيق و الذي تحفظه جزءا ... جزءا .... و تعرف كل تفصيلة به ...
تحضر الحساء و هي تلف خصرها بمريول المطبخ المهترىء القديم ....
زمت شفتيها بعد أن زفرت بحنق
منذ اسبوع و هي تكاد أن تنهار تعبا ..... تخرج من العمل مبكرا قليلا لتتجه الى الجامعة و تنجز ما يخص دراستها بسرعةٍ قياسية ... قبل أن تذهب الى علياء ... و تعمل على تحضير الطعام لها و رعايتها
و الحق أن علياء كانت صحتها تتدهور سريعا .... يكاد العثيان أن يفتك بها حتى هزلت و اصبحت كالشبح ..
كلما نهضت من مكانها سقطت أرضا مغشيا عليها
الى أن نهرتها كرمة بعنف الا تتحرك أو تنهض من فراشها قبل أن تأتيها مساء كل يوم ....
لقد دخلت ذات يوم بالمفتاح الذي تملكه ... و اصابها الهلع حين رأت علياء ممددة أرضا أمامها و شكلها و كأنها قد فارقت الحياة ...
و على الرغم من أنها تضع لها بعض الأكياس الخاصة كي تتقيأ بها .... الا أن الأمر أفلت منها في الكثير من الأوقات و تقيأت في الأرض .... و بالطبع لا يوجد سوى كرمة لتنظف ما تتركه ....
لمدة أسبوع و هي تبحث لها عن سيدة أمينة كي تخدمها لكن دون جدوى .....
لو كانت تثق أن أمينة لن تشي بها عند حاتم , لكانت استعانت بها .... لكن طبعا أمينة ستستغل تلك الفرصة كي تمزقها اربا لدى حاتم ...
مالت كرمة برأسها و هي تستشعر حركةٍ في الخارج ... فوجدت علياء تسير بتعب متسندة الى الحائط و يدها على بطنها .....
فزفرت كرمة بغضب و هي ترمي السكين من يدها لتخرج االيها مندفعة و هي تهتف بحنق
( لماذا نهضت من سريرك ؟!! ....... ألم آمرك بالا تتحركي !! ... )
استندت علياء الى الجدار قليلا و هي تلهث
( أشعر أنني أحترق خزيا بتركك تخدمينني بهذا الشكل يا سيدة كرمة ....... أرجوكِ أنا لا أتحمل ذلك ... )
زمت كرمة شفتيها و قالت بإمتعاض تساندها كي تعيدها الى سريرها
( لو كنا وجدنا مساعدة .... لكنت تركتك صدقيني ... و الآن هيا الى سريرك ... )
ساعدتها الى أن جعلتها تستلقي على سريرها نصف جالسة ... ثم همست بخفوت
( كل النساء تحملن .... لا داعي لتلك الرفاهية .... )
أرادت كرمة أن تقول
" لا .... ليست كل النساء تحملن .... "
لكنها امتنعت عن ذكر ذلك خوفا من أن تخشى علياء من حسدها .... كما كانت شقيقات محمد يفعلن ذلك أمامها و من خلفها ...
جلست كرمة على حافة سرير علياء ... الذي كان سريرها ذات يوم ...
تنظر الي وجهها البريء و شعرها الحريري الناعم المنسدل على كتفيها كستارٍ حريري دون حياةٍ به .. يثير الأعجاب بنعومة ملمسه .. و أحيانا الملل من فقدانه للحركة و الحياة ..
لكنها كانت تحمل جاذبية مستكينة تبعث على الراحة مهما أنكرت كرمة ... خاصة بعد أن ألبستها قميص نومٍ فضفاض قطني ... اظهر نحافتها و بياض بشرتها المتناقض مع شعرها الأسود مما جعلها تبدو كبياض الثلج بطلة قصة الأطفال
انها مستكينة لدرجة تثير النفور في البداية ... لكن يوما بعد يوم تبدو استكانتها من النوع الطريف .... و كأنها بطة تائهة ... تعبر الطريق ....
قالت كرمة أخيرا بهدوء
( اسمعيني جيدا ...... حملك ضعيف جدا .... و ضغطك لم ينخفض حتى الآن .... و النزيف مستمر ... و ذلك يشعرني بالرعب .... أتعلمين لماذا ؟! .... لأن زوجك يحلم بهذا الطفل منذ عشر سنواتٍ كاملة و أكثر ... و قد فقد الأمل منذ سنين عديدة .... و فقد معها جزء من رجولته المتمثلة في منح زوجته طفلا .....
أتتخيلين الآن مدى أهمية ذلك الطفل الذي تحملينه ؟! ....... حاولي التشبث به بأقصى درجة .....
لأن والده يستحق .... والده هو من أمسك بيدي... لولاه لما كنت ما أنا عليه الآن ....
لذا إن كان قد أصابه غباء مؤقت ..... فأنا لم يصبني ... لذا سأحاول أن أساعدك الى أن يعود ..... )
صمتت قليلا و هي تخفض وجهها ثم قالت بخفوت
( إنها مسؤولية مرعبة ....... أشعر أنني أحفظ ذلك الجنين بحياتي .... )
رفعت كرمة وجهها الى وجه علياء الشاحب و عينيها المنحنيتين عذابا .... ثم قالت بهدوء خافت و بعينين قويتين عكس عيني علياء
( لذا ساعديني ..... أرجوكِ ....... )
ابتسمت لها علياء بضعف ....و بشفتين ترتجفان همست
( أنا .......... أنا ......... )
و سرعان ما مالت في جلستها للأمام و كأنها ستصاب بالإغماء .... لكنها تشبثت بذراعي كرمة
قبل أن تتقيأ في حجرها !!!
فغرت كرمة شفتيها ...تبلد وجهها و اتسعت عينيها و هي تحاول استيعاب أن زوجة محمد قد تقيأت للتو عليها !!!
و لم تستطع الإيتان باي ردة فعل ... سوى حاجبا واحدا شريرا ... ارتفع ببطىء شديد ...
حينها ذعرت علياء و انفجرت في البكاء شاهقة
( ياللهي .... أنا آسفة ..... أنا آسفة جدا ..... أرجوكِ سامحيني .... ياللهي لقد أفسدت ملابسك الجميلة الغالية !!.... )
لم تستطع كرمة الرد لعدة لحظات .. و مع ذلك كانت لا تزال ممسكة بذراعي علياء تدعمها ... و المسكينة المستكينة كانت تنتفض بشدة لدرجة أن جسدها كان يرسل ذبذبات بائسة الى جسد كرمة عبر يديها ...
فاستجمعت كرمة كل قوتها و هي تقول ببلادة
( لا بأس ..... لا بأس ..... خير ... خير .... يمكننا اعتباره خيرا كسكب القهوة ... أو كطائرٍ قضى حاجته فوق رأسي .... قالوا قديما أنه خيرا و سأكسو ....... )
شهقت علياء باكية و هي تطبق جفنيها بشدة .... فتنهدت كرمة حسرة على الملابس التي ضاعت و تسائلت بجنون هل كان من الضروري ان ترتدي هذا الطقم اليوم بالذات !!....
لكنها ساعدت علياء كي تستلقي للخلف ... و قالت بوجوم
( سأحضر ما أنظف به وجهك ....... و توقفي عن البكاء رجاءا ..... )
و بعد أن انتهت من تنظيف وجهها ... و تنظيف المكان .....
أخذت منشفة مبللة و ظلت تمسح بها ملابسها الى أن التصقت بجسدها و هي تشتم سرا بحنق ...
لو تجد فقط امرأة تساعد علياء .... لو تمكنت من العثور على واحدة .... تتنقل بين علياء و جدتها المريضة ... لكن هيهات ... أين تجد مثل تلك القديسة ....
سمعت فجأة طرقا على الباب ... فتسمرت مكانها و هي ترفع وجهها .....
ثم همست بقلق
( ستكون مأساة لو كانت أم محمد ... او إحدى شقيقاته ... لا أرغب في رؤية أي منهن الآن ..... )
اسبوع كامل مضى و لم تقم احداهن بزيارة المسكينة التي تركها ابنهم وحدها .....
فقد حملوها ذنب اختفائه .. و أقسمت أمه إن لم يعود قريبا فلن تبقى هنا في هذا البيت ...
و طبعا علياء أخفت خبر حملها الذي يشك محمد بنسبه ...... فلو عرفن بهذا الأمر سينصبون لها محكمة علنية و تكون فضيحتها فضيحة تتحدث عنها المنطقة بأسرها .....
اقتربت كرمة من الباب و هي تقسم أنها لو رأت أي منهن فست .........
فتحت الباب بعنف ... لكنها تسمرت فجأة مكانها .... و شعرت و كأن دلوا من الماء البارد .... بل من الجليد القاسي ... قد هطل فوق رأسها ....
فابتلعت ريقها ... و رفعت ذقنها و هي تقول بوجوم
( حاتم !! ............. )
كان واقفا أمام الباب ..... بكل بهائه و نظافته التي تكاد تجعل ما حوله جميلا ....
يضع على عينيه نظارته السوداء الداكنة .... تخفي نظرته عنها ....
لكن ملامحه كانت أكثر من كافية كي تشعر بانطباعه .... ملامحه الوسيمة كانت جامدة وكأنها نحتت من صخرٍ يعلو قمة جبلٍ شامخ ....
لم يتكلم اي منهما وهما ينظران الى بعضهما بصمت .... و على الرغم من انها لا ترى عينيه الا انها شعرت بهما تنحدران عليها ببطىء
بدئا من شعرها الذي خرجت به من المصرف مصففا بعناية اليوم ... مجموعا في اللفة الأنيقة التي يعشقها
بينما هو الآن مرفوعا فوق رأسها بإهمال و تتناثر منه خصلا متموجة مما يدل على أنه تدلى اليوم عشرات المرات و قامت بجمعه عشوائيا فوق رأسها ....
و قميصها الأبيض الناصع كان مبللا ... و ملوثا بعدة بقع ... أزراره العلوية مفتوحة و أكمامه مرفوعة فوق مرفقيها .....
التوى انفه قليلا ... فلمت كرمة ان رائحتها الساحرة قد وصلت الى أنفاسه ....
لكنها لم تشعر حتى بالتقزز من نفسها ... كل ما شعرت به هو الجمود ... و البلادة ....
كانت من المفترض ان تصاب بالذعر .... أو أن تستعطفه ليسمع .... لكنها وقفت أمامه جامدة ... رافعة ذقنها بإباء ...
ثم قالت اخيرا بهدوء .. تبدد ظلام الصمت بينهما
( ادخل على الأقل لنتفاهم ......... )
لكن عضلة به لم تتحرك ... ملامحه لم تتشرب لمحة انسانية ... بل ظلت صخرية و أكثر ....
فغرت كرمة شفتيها تتنهد بصمت و قالت بفتور خافت
( حاتم ........ )
لكنه فجأة .... و دون كلمةٍ واحدة ... استدار ليبتعد !! .....
دون كلمة !!! .....
شاهدت ظهره وهو يبتعد .... فابتلعت ريقها و هي تكرر بنفس الفتور و بتعب واضح
( حاتم !!! ........ )
لكنه لم يرد ... و لم يلتفت لها ... الى أن اختفى ....
ظلت كرمة تنظر في اثره بصمت ... و هي تنظر الى نفسها .. تعرف أنها لن تستطيع الخروج خلفه جريا الآن ...
فأغلقت الباب و استندت اليه ... مرجعة رأسها للخلف ... تنظر الى السقف القديم المتقشر ... ثم لم تلبث أن قالت بخفوت فاتر متبلد
( ياللمصيبة !!! .......... )
.................................................. .................................................. ......................
فتحت كرمة باب بيتها بعد مرور ساعتين ....
و دخلت بحذر و عيناها تنتظران تلقي وعدهما متمثلا في كارثة محققة بأي لحظة ....
لم تسمع صوتا .... و لم تراه ... فأخذت تهمس بخفوت
( يا رب اجعله نائما ..... يا رب يسقط في سباتٍ عميق لا يستيقظ منه قبل ثلاث أيام .. مصابا بفقدان ذاكرة جزيئا لآخر حدث مر به ..... )
سارت بحذر ... محاولة الا تصدر صوتا ....
ثم مدت يدها تشعل الضوء الداخلي بحرص ... الا أنها شهقت عاليا و رفعت يدها الى صدرها ... و هي تراه يجلس الى مائدة الطعام .... مشبكا كفيه ... ناظرا اليها بعينين كالصقر ... و نفس الملامح الصخرية ...
اخذت كرمة نفسا مرتجفا .... ثم استسلمت لمصيرها و اقتربت منه ببطىء ... و دون كلمة واحدة , سحبت كرسيا مجاورا و جلست أمامه صامتة تنظر اليه .... تسند ذقنها الى كفها بصمت ... و تتلاعب باليد الأخرى بسلسلة مفاتيحها ....
و بعد مرور عدة لحظات .... قالت كرمة بفتور
( من المؤكد و البديهي .... أنني لا أواجه هنا شكا في سلوكي أو اتهاما بخيانة !! .... )
التمعت عينا حاتم بشر و هو ينظر اليها نظرة مرعبة ... فارتجفت داخليا ... الا انها تماسكت و لم تظهر شيئا من خوفها و هي تقول بشجاعة و قوة
( محمد لم يكن في البيت ........ )
انتفض حاتم واقفا لدرجة ان سقط الكرسي الذي يجلس عليه ارضا مصدرا صوتا مرعبا ... تماما كملامحه المرعبة في تلك اللحظة
مما جعل كرمة تنتفض هي الأخرى واقفة بخوف و هي تتراجع بسرعة عنه .... ناظرة اليه ...
لكنها أعادت بشجاعة مشددة على كل حرف على الرغم من ارتجافها الداخلي
( محمد لم يكن في البيت منذ فترة طويلة في الواقع ... لقد رحل و زوجته لا تعلم مكانه ... )
كان يقترب منها كنمرٍ يستعد للهجوم على فريسته الى أن وقف أمامها تماما ... ينظر اليها بملامح تعرفها في حالات غضبه ... غيرته ... شعوره بالغدر ....
و قبل أن تضيف كلمة أخرى كان قد مد يده يمسك خصلة شعر مبللة من شعرها ... فقال بابتسامةٍ ساخرة .. مخيفة ...
( شعرك مغسول يا كرمة ...... هل أخذت حماما ببيته ؟!!!! ..... )
ارتجفت أكثر و أكثر و هي ترفع ذقنها علها تضاهي طوله .... ثم قالت بصوتٍ باهت
( لقد تقيأت علياء علي ........... )
بدت كلماتها كهذيان غبي حتى لأذنيها هي ...... لكنها انتفضت فجأة حين انخفضت يده لتقبض على ذقنها بقوةٍ جعلتها تتأوه وهو يصرخ بصوتٍ كزئير الأسد جعلها تغمض عينيها امام صراخه
( تتحممين ببيته ؟!!!!!! ...... تتحممين ببيته !!!!!!!!! .... هل هناك حميمية اكثر من تلك ؟!! .... )
صرخت كرمة بغضب
( احترم نفسك .... انا لن أسمح لك بقول المزيد ............. )
رفع كفه فجأة ... فشهقت و هي تظنه ينوى ضربها .... الا أن قبضته ضربت الحائط بجوار وجهها
لم تكن المرة الأولى التي يفعلها .... لقد نال الحائط بجوار وجهها العديد من اللكمات و السبب الوحيد كان محمد ... دائما ....
أخذت نفسا عميقا و صرخت بقوة
( اضربني يا حاتم إن كان ذلك سيريحك .... لقد اعتدت الضرب منذ سنواتٍ طويلة ..... و لن أغضب منك حتى .... لكن على الأقل اسمعني ..... )
الا انه اخفض كفيه مطبقا بهما على كتفيها يهزها بقوةٍ كدمية قماشية وهو يصرخ
( اسمع ماذا يا كرمة ؟!!! ...... أنكِ تكذبين علي لمدة أسبوع ... اسبوع كامل و أنت تكذبين متجهة لبيته كل يوم ...... كل يومٍ يا كرمة ....... )
ابتلعت ريقها و هي تنظر اليه ثم همست بوجوم
( متى عرفت ؟! ........... )
ضحك قليلا بوحشيةٍ دون مرح
( منذ اليوم الأول في الاسبوع ..... حين خرجتِ دون أن تخبريني ..... و حين عدت للبيت , حكتِ كذبةٍ طويلة عريضة .... بينما علمت أنا من حارس الأمن أنكِ غادرتِ مع امرأة بسيطة الهيئة .... أوصلها اليكِ بنفسه .... )
صمت وهو يلهث بغضب .... بينما قالت كرمة بفتور تكمل كلامه
( لذا قررت أن تراقبني !! ...... )
ابتسم ابتسامة قاسية .... بينما عيناه كانتا تنظران اليها بيأسٍ آلمها .... فقال أخيرا بصوتٍ جامد لا حياة به
( لم أراقبك عمري ..... الا اليوم ...... بعد سبعة أيامٍ و أنا انتظر أن تخبريني بما تخفيه عني ..... لكن كالعادة .... تبنين جدارا مصمتا حولك .... لا تسمحين لي بالدخول منه , ... بينما انتِ ترجين الي كلما كانت سمائك صافية و غير ملبدة .... )
ابتلعت كرمة غصة في حلقها لتقول باختناق و خفوت
( ما أخفيت عليك الا خوفا على مشاعرك ......... )
ضحك بصوتٍ عالٍ جعلها ترتجف ... و هي تلاحظ القسوة و الألم في ضحكته و عينيه
ثم قال بلهجةٍ خافتة قاسية
( خوفا على شعوري ؟!! ....... لو كنتِ تعلمين معنى تلك العبارة لما أهنتِ رجولتي بهذا الشكل كل مرة يا كرمة .... )
أغمضت كرمة عينيها و هي تهمس بتعب و اختناق و الم
( ياللهي .... ارجوك لا تبالغ يا حاتم ......... )
فتحت عينيها و هي ترى الوقع السيء لكلماتها على ملامحه ... الا أنها قالت متابعة بشجاعة رغم ألمها
( زوجته مريضة ..... بينما هو رحل و تركها .... لم أره يا حاتم ..... )
ضحك بسخرية مريرة وهو يقول بلهجةٍ مخيفة
( هل تريدين اقناعي أنكِ تعطفين على المرأة التي سرقت زوجك منكِ ؟! .... أم أنكِ ببساطة تمثلين دور المرأة الأصيلة الطيبة .... ليأتي و يجدد حبه لكِ وهو يراكِ تعتنين ببيته ..... )
اتسعت عينا كرمة بذهول و هي تسمعه ... ثم لم تلبث أن صرخت بغضب
( غبي ............ )
تراجع حاتم بها الى أن ارتطمت بظهرها الى الجدار .... فأغمضت عينيها متاوهة بينما لكم الجدار مجددا ... و هذا التصرف أثار حنقها أكثر و اكثر .... ففتحت عينيها و هي تصرخ بصرامة
( اضربني يا حاتم ..... اضربني و لا تكبت نفسك بهذا الشكل ..... صدقني لن أدينك و لن تنتقص قيمتك في عيني .... أعلم أنك غاضب بجنون و معك كل الحق .... لذا اضربني ثم أجلس بجوارى لأتكلم معك .. )
صمتت قليلا تلهث بسرعة و عنف ... ثم تابعت صارخة بقوة و شجاعة
( أجلس بجواري لأهدم الحاجز الذي بنيته حول نفسي أمامك ..... اليس هذا ما تريده ؟!! ... و أنا أيضا أريده ..... أريد أن أشرح لك ..... أريد أن أنطق اسم محمد دون خوف ..... )
اتسعت عينا حاتم بغيرةٍ مجنونة ... ووحشيةٍ لم تخفها ... بل ضربت الأرض بقدمها و هي تصرخ بجنون
( محمد .... محمد ... محمد .... محمد .....لست خائفة من نطقها لألف مرة .... . )
صمتت لتلتقط أنفاسها ... ثم تابعت هاتفة
( أتعلم لماذا ؟! ....... لأنني لم أعد أحمل ما يدينني أمامك ..... لم أعد أشعر بتأنيب الضمير أمامك ..... )
صمتت تلهث مرة أخرى ... ثم هتفت
( لأنك زوجي .... أنت زوجي و حبيبي ..... انا أحبك أنت , الا يشكل ذلك لك فارقا ؟!!!!! ..... )
صرخ حاتم بجنون وهو يلكم الجدار بجوارها
( و هل شكل لكِ أنتِ فارقا ؟!!!!!! ..... و انت تكذبين علي أثناء نومك بجواري كل ليلة ..... تذهبين لبيته دون اذن مني رغم انني منعتك من مجرد ذكر اسمه ..... تتحممين ببيته !!!!!!!! ... تتحمممين ببيته !!!!! .... هل تبقى لكِ أي من الحياء لم تفقديه بعد ؟!!!! .... )
صرخت كرمة بجنون
( أخبرتك أنه رحل .... والله وحده أعلم بمكانه أو بإمكانية عودته ... و أن زوجته البائسة تقيأت علي ...... و هي مريضة ..... إنها حامل ...... حامل ..... هل تصدق تلك المعجزة بعد عشرة سنوات !!! ..... )
اتسعت عينا حاتم بذهول .... لم يكن ذهولا بسبب المعجزة .... بل ذهولا تمثل في سؤاله المصدوم
( تحافظين على ابنه ؟!!! ...... خاطرتِ بحياتنا معا ... لتحافظين على ابنه ؟!!! .... حتى لو لم يكن منكِ ؟!!! .... )
ظلت كرمة تنظر اليه بصمت و هي تلهث تعبا .... و قد تناثر شعرها أمامها , ثم قالت أخيرا بخفوت
( نعم يا حاتم .... أحافظ على ابنه و لو لم يكن مني ....)
أظلمت عيناه بشدة وهو ينظر اليها نظرة غدر .... ثم استدار عنها بعنف و كأنه يحميها من غضبه وذهوله ... و يحمي نفسه من ألم ما سمع ... فقال بخشونةٍ قاسية متألمة
( ابتعدي عني ..... لا أريد رؤيتك ....... )
لكنها اندفعت خلفه هاتفة بقوة هادرة
( بل ستراني و تسمعني رغما عنك ....
أتعلم لماذا أحافظ على ابنه ؟! .... لأنني مدينة لهذا الرجل ..... لولاه لما كنت وصلت لما أنا به الآن ...... هذا الرجل هو اليد الأولى التي امتدت لي قبل ان أضيع مثل الكثيرات ..... أنا مدينة له يا حاتم .....
فقد اعطاني اسمه و بيته ... و لم أكن أنا شيئا ..... و بدأت لأكون شيئا فشيئا على يديه ..... لولاه لما أكملت تعليمي و بقيت كما أنا الآن ......
لقد حققت حلمي بفضله على الرغم من الظروف الصعبة التي فرقت بيننا .... لكني لن انكر أنني حققت حلمي بفضله بعد الله ...
و الآن حين علمت أن حلمه قد تحقق بمعجزة لكنه يوشك على فقده ..... أقسمت على أن أعمل ما بوسعي كي أرد بعضا من ديني تجاهه ....
و أنا لست أشعر بالندم أو الخزي ..... لكنني آسفة لأنني آلمتك ....... )
كان حاتم واقفا مكانه .... ظهره اليها .... مطرق الرأس و الكتفين .... مما جلعها تشعر برغبةٍ عنيفة في الجري اليه و احتضان ظهره .... و تدليك كتفيه الى أن تريح تعبه ... وتزيح الثقل عنهما ....
لكنه قال أخيرا بصوتٍ غريب لم تعرفه
( لقد وضعته بيننا كثيرا يا كرمة ...... كثيرا جدا .... حتى باتت حياتنا متوقفة على مكان وجوده ... و حالة حياته ....... و أنا ليست لي القدرة على التعامل مع هذا الوضع أكثر ...... كفى يا كرمة ... كفى ... )
استدار اليها ينظر الى وجهها المصدوم الخائف من كلامه .... وجهها الجميل الذي لم يعشق بحياته أكثر من عشقه لهذا الوجه و تلك الملامح ....
ثم قال أخيرا بصوتٍ ميت
( أنتِ تحبينه يا كرمة ........ و هذه هي أكبر خيانة ترتكبينها بحقي , أنا لا أستحقها ..... لكن الخطأ كان خطأي منذ البداية .... )
أطرق برأسه عدة لحظات ... قبل أن يرفع وجه الذي تحولت ملامحه الى لونٍ رمادي فاقد الحياة
( اخرجي من حياتي يا كرمة ....... اخرجي ..... )
فغرت شفتيها بذهول و اتسعت عيناها .... ثم همست بصدمةٍ قاتلة
( ماذا ؟!! ............. )
عاد ليستدير عنها .... و كأنه غير قادرا على رؤية ملامحها و صدمتها .... ثم قال بخفوت
( اخرجي من هنا ............ )
اتسعت فتحة فمها ... و ازداد اتساع عينيها ... و للحظة هزلية تخيلت مشهدا كوميديا ... حين يقوم أحدهم بطرد مالك المكان من ملكه ؟!!
لكنها قالت بعدم استيعاب
( هل تطردني ؟!! .......... هل تطردني يا حاتم ؟! ...... لمن أذهب ... ليس لي سواك !!! .... )
رفع اليها عينين قاسيتين .... ميتتين .... و بهما ألما صارخا ينزف وجعا .... بينما كتفت كرمة ذراعيها و رفعت ذقنها و هي تقول بقوة
( هذا بيتي ...... و أنا لن أرحل لأي مكان ..... فلترحل أنت لو أردت .... )
ظل تحدي الأعين بينهما طويلا .... عيناها قاسيتان قويتان ... متحديتان ... بينما عينيه .... عينيه تشعرانها بال ..... بالغدر ... و كم آلمها ذلك !!
الى أن قال حاتم أخيرا بصوتٍ جليدي
( اذن ابقي هنا ..... أنا من سيرحل ....... )
فغرت شفتيها مجددا و سقط قلبها بين قدميها و هي تراقبه بغباء ... يخرج من البيت , صافقا الباب خلفه
فهمست بذهول
( ياللمصيبة !! ..... هل خُرب بيتي للتو أم أنني أتوهم !! ...ألم يكن من الأفضل لو لجأت للإغراء بدلا من التهديد ؟!! ... . )



يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 26-07-15, 12:26 AM   #21410

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

كانت تجلس على الأريكة ... تضم ركبتيها الى صدرها , تحدق في الفراغ أمامها ...
لن تبكي لأنه سيعود الآن ..... انه حتى لا يستطيع النوم دونها ...
نظرت كرمة الى ساعة الحائط و التي تشير الى الثانية عشر ليلا .... ثم عادت لتنظر أمامها بعينين متجمدتين
سيعود ... لأنه يجب أن يعود ....
ليس من حقه أن يربح قلبها بعد صراعٍ طويل عنيف .... ثم يرحل هكذا ببساطة !!
لقد انتزع حبها له رغما عنها .... لم تكن تنوي أن تحبه , لكنه كان من الصبر و الدهاء بحيث جعلها تستيقظ ذات يوم و تكتشف بأنها مدلهة في حبه ....
و الآن يريد الرحيل ؟!! ..... لا والله أبدا ... لن تسمح له ... فدخول الحمام ليس كخروجه
لم تدري انها كانت قد بدأت تهتز قليلا الى الأمام و الخلف بعصبية ...
الى أن سمعت صوت جرس الباب فجأة .... فانتفضت من مكانها تجري بكل قوتها اليه و هي متأكدة بأنه حاتم
على الرغم من أنه لم يكن ليستخدم جرس الباب ... لكن قلبها كان معميا .. متلهفا لرؤياه بأي طريقة
فتحت الباب بقوةٍ و هي تهتف بلهفة
( حاتم ............ )
لكنها توقفت و هي تلمح داليا زوجته السابقة و معها محمد الذي رفع اصبعيه علامة النصر قائلا
( لقد جئت ...... لكن يمكنني العودة لو كان هذا هو رأيك الرتسم على وجهك .... )
هتفت كرمة تتنهد بقوة
( محمد ......... .....أخيرا عدت .. )
و هي تضمه الي صدرها لدرجةٍ جعلته يختنق فقال محمد بتذمر
( شعري ..... ... شعري .....
تبرعت داليا للكلام بتعالي رافعة احدى حاجبيها بعد فترة
( من الواضح أن حاتم ليس موجودا !! ...... كما أن هاتفه مغلق .... )
أرجعت كرمة شعرها المشعث الفوضوي خلف أذنيها و هي تشعر بالتذمر لأنها ترتدي أحقر ما لديها من واقع اليأس الذي تحياه .... الم تجد أحقر من ذلك القميص القطني الذي يصل الى ركبتيها و يبدو كخرقة التنظيف !!
بينما داليا التي أتت على حين غفلةٍ في منتصف الليل كعادتها الفجة ...و هي تبدو في قمة جمالها و أناقتها لدرجةٍ مذهلة ... تجعل منها الأم المثالية في الحفاظ على شكلها !! ..
و حمدت كرمة الله ... أن حاتم ليس هنا كي يقارن بينهما !!! ....
قالت كرمة بتردد
( آه نعم ..... لديه عملا مهم في منطقةٍ ليس به ارسال ......)
ظلت داليا تراقبها برضا ... ثم قالت أخيرا
( آها ....... و أنتِ كيف حالك ؟ .... تبدين رائعة .... )
مطت كرمة شفتيها و هي تزفر بداخلها دون أن تظهر ذلك على وجهها و هي تقول بابتسامة رسمية
( شكرا لكِ ..... و أنتِ أيضا ..........)
مالت داليا على إحدى ساقيها بأناقة ... ثم قالت بابتسامة جميل لكن كرمة رأتها بغيضة
( الن نسمع خبرا مفرحا قريبا يا كرمة ؟!! ....... كم مر على زواجكما حتى الآن ؟! .....)
رفعت كرمة عينيها للسماء .... و هي تفكر بقرف
" ما تلك الحركات الشعبية ذات النصف كم كما يقولون ؟!! ... لقد هربت من تلك التلميحات , و الآن تعود لتسمع نفس السؤال الفضولي الغبي و الذي لا يسأله الا من يعاني عاهة فكرية
فرفعت رأسها و هي تقول ببرود
( هذا السؤال انتهى طبع نسخته منذ التسعينات يا داليا ؟!! ...... )
و حين وجدت أنها زادت من وقاحتها تماما .... خاصة أن داليا رفعت حاجبيها بذهول من الإجابة ...
فافتعلت كرمة ضحكة سخيفة مفتعلة لتبين انها تمزح ..... و ظلت داليا ممتعضة قليلا .. قبل ان تشاركها السخافة بنفسها في حكةٍ سمجة ....
بينما كان محمد يراقبهما بصمت مكتفا ذراعيه ... يستند بكتفه الى اطار الباب و قد بدا يشبه حاتم تماما في وقفته تلك .... ثم قال بهدء
( هالة الملائكة بدأت تنير فوق رأسيكما .... هلا توقفتما عن التمثيل .... أريد الدخول ... )
رمقته كرمة بنظرة تأنيب لوقاحته ... بينما قالت داليا بلهجةٍ ممطوطة
( انتظر يا محمد .... فوالدك ليس هنا ..... )
رفعت كرمة ذقنها و هي تقول
( هذا بيت محمد .... يدخله وقت يشاء .. في وجود والده أو غيابه ..... ثم أن حاتم أوشك على الوصول )
قالت داليا بلهجةٍ أنثوية مغيظة
( كان يجب أن يأخذه حاتم بعد يومين ..... لكن ظهرت لدينا سفرة مفاجئة .... )
أومأت كرمة برأسها و هي تهمس بداخلها
" كالعادة .... و ما الجديد؟! .... الظريف في الأمر أن داليا تظن بأنها تضايقها بتلك التصرفات .. لا تعلم أنها تسديها معروفا جليلا .. حين تعيرها ابنها .... ابنها الذي يشعرها بأنها .... صديقة .. و أخت .. و ..... أم ..."
قطعتها كرمة بقوة و هي تمسك بمعصم محمد و كأنها قبضت عليه ...
( لا تهتمي لذلك أبدا ........ أنا سأعتني به و احضر أمينة بنفسي غدا صباحا كي تطمئني ..... )
رفع محمد حاجبه وهو يقول
( على أساس أن تحممني و تغير لي حفاضي ؟!!! .......... )
كانت حربا صامتة بين كرمة و داليا .... و كرمة متشبثة بكتفي محمد تضمه اليها بنظراتٍ متحدية ...
مستعدة لأن تخطفه و تصفق الباب لو حاولت داليا استعادته ....
قالت داليا أخيرا على مضض
( لا بأس اذن ........ سأهاتف حاتم ما أن ....... يعود من تلك المنطقة عديمة الإرسال ... )
ثم غادرت بأناقة أمام نظرات كرمة الغاضبة ..... فركلت حصوة بقوة و لحظها العاثر أصابت حذاء داليا العالي ... مما جعلها تجفل و تتعثر ..
و ما أن استدارت ... حتى أصاب كرمة الرعب , فدخلت و أغلقت الباب بسرعة ... و هي تستند اليه بظهرها بعينين متسعتين .... ثم لم تلبث أن انفجرت ضاحكة و هي تغمض عينيها ...
حينها قال محمد رافعا حاجبه
( هذه أمي التي ركلتها بحصوةٍ للتو !!! ...... و تضحكين أمامي ؟!!! .... )
حاولت كرمة تغطية فمها بيدها لكنها فشلت في إخفاء ضحكها ..... ثم لم تلبث ان قالت بعينين براقتين و هي تسعل
( نعم ... تلك هي امك التي ركلتها بحصوة ..... و ذاك هو والدك الذي سيعود رغما عنه كي يرعى ابنه.... )
هجمت عليه تشبعه عناقا و هي تشعث رأسه هاتفة
( لقد جئت في وقتك تماما ...... )
جحظت عينا محمد من شدة العناق و هتف باختناق
( و يا ليتني لم آتي ........ )
.................................................. .................................................. ......................
ظل ينظر اليها طويلا في نومها .....
كان يكذب حين ظن ان الحب اللعين قد انتهى ما أن عرف حقيقتها الغير مشرفة
هذا ما اكتشفه كلما ارتجفت بين ذراعيه ....
نفس الشعور القديم بالحماية يتسلل بخيانةٍ الى صدره فيزيد من ضمها ....
زم وليد شفتيه وهو يتراجع ليستلقي على ظهره محدقا في السقف ... مكتفا ذراعيه تحت رأسه ....
و همس بصوتٍ ميت
( الى متى ؟! ......... و ما هي النهاية ؟! ....... كان خطأ كبيرا أن استسلمت لنزوة غضبك ... و ها أنت تحاول ابعاد النهاية دون حتى التفكير بها ...... )
سمع أنينها بجواره .... فالتفت برأسه ينظر اليها بصمت ووجوم ....
لقد اعتاد ذلك الأنين و نومها الغريب .....
مضت ليالٍ عديدة .... شاركها بها الفراش بكل معنى حميمي و متهور .. عله يكتفي منها ... الا أن ذلك لم يحدث ...
بل كانت بداخله رغبة تزداد ضراوة كل ليلة ....
رغبة تختلف عن الرغبة الجسدية العادية .......
رغبة في منحها الرضا الجسدي ..... فقد كانت تعاني من فتور غريب , على الرغم من تمثيلها العكس ....
لكنها لم تستطع خداعه .... و كم كان يشعره ذلك بالإهانة ...
لم يكن يميز نفسه كثيرا .... لكنه متأكدا أنه على الأقل أكثر تناسبا معها عن باقي أزواجها .....
لكنها كانت فاترة ..... جامدة ... رغم عينيها اللتين تتلاعبان اغراءا مزيفا .....
و تسائل بسخرية و ازدراء .... كيف أمكنها خداع أزواجها بمثل ذلك الإغراء المزيف !! ....
انها لا تشعر بأي قيمةٍ للعلاقة الزوجية ... و لا تهتم لها أصلا ...
أرجع رأسه مجددا للخلف ..... يعلم أن أولى أيام زواجهما كان يتفنن بحيوانيةٍ في التحقير من شأنها
و من المؤكد أن لهذا دورا في الأمر ..... لكن بعد ذلك تأكد بأن برودا مزمنا يسكنها .....
كل يوم يكتشف أنها تعاني اهتزازا و احتراسا يسكن حدقتي عينيها الخضراوين الشبيهتين بعيني القطط الحذرة ..
شعر بها تركل بجواره و تنتفض و هي تئن .... فتنهد بصمت معتادا على ما ينتابها أثناء النوم كل ليلة ...
استدار اليها و قد بدأت حركاتها تزداد عنفا و هي تنقلب على بطنها ثم ظهرها ... بينما ساقيها وجدتا الطريق الى ساقيه كي تتعارك معه و هي تختنق و تئن ....
استلقى على جانبه وهو يقيدها ليحد من حركتها العنيفة قائلا بفتور من اعتاد الأمر
( بشرى ...... بشرى ..... إنه مجرد كابوس ...... )
لكن حركاتها ازدادت قوة و هي تضربه و تتصارع معه ... و بدأت تصرخ , فاعتلاها بصدره القوي العضلات وهو يهتف بقوة
( استيقظي ....... استيقظي ...... )
شهقت شيراز مرتين .... ثم فتحت عينيها و هي تشهق المرة الثالثة ...
ظلت تنظر الى وليد الذي يعلوها بعينين متسعتين ... و جسدها لا يزال يصارعه , الى أن هتف وليد بقوة
( كفى ..... لقد استيقظتِ ..... )
أخذت تنظر حولها قليلا ...قبل أن تهدأ تدريجيا و ترتمي مستلقية بجواره .... و هي تنظر الى السقف بعينين مجهدتين ....
ثم لم تلبث أن أدارت وجهها اليه بحذر ... تراقبه بتوترو صمت .... بعينيها الكبيرتين قبل أن تقول بخفوت
( هل أنت مستيقظا دائما ؟!! ..... الا تنام ؟! ... كلما فتحت عيني وجدتك تنظر لي في الظلام....ما هذا الرعب ؟!! ..)
نظر اليها بإشمئزاز قبل أن يمط شفتيه قائلا
( و هل من يستلقي بجوارك يغمض له جفن ؟! ...... أنتِ تصارعين كالثور في السرير ....ليتك تصارعين بتلك الكفاءة في صحوك عوضا عن نومك ....)
احمر وجهها بشدة من وقاحته ...وعقدت حاجبيها قليلا .... ثم قالت بخفوت
( لم ألحظ من قبل أنك لست راضيا ؟! ..............)
ظل ينظر الى السقف قبل أن يقول ببرود
( و من يكون راضيا مع دمية من القش ؟! ......... )
شعرت و كأن صفعة نزلت على وجهها للتو !! .... دمية من القش ؟! ....إنها المرة الأولى التي ينعتها أحد أزواجها بوصفٍ كهذا ....
و كم كان لفظا مؤذيا ..... اراحت وجنتها على الوسادة تنظر اليه بصمت ... ثم قالت أخيرا بفتور
( تعلم جيدا أنني لست كذلك ............ )
نظر اليها بطرف عينيه ... ثم قال ببروده الجليدي
( لا يسعني سوى الإشفاق على من ظنوا بأنهم دفعوا لقاء ما يستحق ......... )
رمشت بعينيها و هي تتلقى الصفعة الثانية .... ثم قالت بخفوت و أصابعها تلف زاوية وسادتها
( لا تشفق عليهم ..... كانوا أكثر من راضيين ...... )
لم تستطع التقاط أنفاسها قبل أن تجد ثورا هائجا و قد التف حولها حتى هيمن عليها تماما ... بينما واجهتها عينين غاضبتين ..... غضبا باتت تعرفه و تتأقلم معه مع مرور الأيام ....
فأغمضت عينيها منتظرة صفعة حقيقية هذه المرة ....
استمر بهما الصمت طويلا .... هي ترتجف قليلا ... بينما كان جسده يشع بحرارة الغضب و الوحشية ....
فابتلعت ريقها بضعف .... فتبعت عيناه حركة حلقها و قبضته تغلق بشدة وهو يحاول منع نفسه من ضربها
و حين طال به الصمت ... تجرأت على فتح عينيها ... و هالها أن ترى ذلك التعبير الغريب بعينيه ...
تعبير لم تستطع تفسيره ... الا أنه كان عنيفا ... جعلها ترغب في البكاء ... فابتلعت غصة حادة بحلقها قبل أن تهمس بإختناق
( لماذا تؤلم نفسك ؟! ......... )
كان همسها مترجيا .... غريبا على اذنيه , فتابعت بخفوت أكبر و كأنها تنشج دون دموع
( أنا لا أريد ايلامك أكثر ..... لكنني مضطرة للدفاع عن نفسي ..... لطالما كنت شرسة في الدفاع عن نفسي و هذا ما فرضته علي الحياة ...... )
ظل ينظر الى عينيها و قبضته تنقبض اكثر و اكثر .... و صدره يرتفع و يهبط ...قبل أن يدفعها عنها بإزدراء وهو يعاود الإستلقاء بعنف رج السرير قائلا بإزدراء
( ستظل أنفاسك عابقة بالقذارة للأبد ........ لكن لا رغبة لي في تلويث يدي بضربك مجددا... )
أسبلت جفنيها قليلا بألم .... ثم همست متنهدة بفتور
( أنت لا تعاقبني لكذبي عليك .... او حتى اخفائي لحقيقة حياتي ...... )
صمتت قليلا ثم تابعت بفتور أكبر
( أنت تعابقني لأنني كنت ملكا لثلاث رجالٍ قبلك ......... )
ازدادت سرعة حركة صدره ... و بدت ملامحه متشنجة لدرجة التلبد بعواصفٍ من الغضب القاتم ....
فقالت بخفوت مختنق
( لا يمكنك أن تحاسبني على الماضي ...... لا يمكنك معاقبتي على شيءٍ فعلته قبل أن أعرف بوجودك ... هذا ليس عدلا ....... )
لوت زاوية الوسادة أكثر حول إصبعها .... ثم تجرأتٍ على الهمس بصوتٍ لا يكاد أن يسمع
( وليد ..... الا زلت ....... تحبني ؟! ....... )
انتفضت رأسه تستدير اليها وهو ينظر اليها بوحشية .... فقالت تهمس
( لا أصدق أن يضيع ذلك الحب الذي كنت تتحدث عنه في لحظةٍ واحدة ..... و الا فأنت على الأرجح كنت تتلاعب بي ....... )
ظل ينظر اليها طويلا و قد تجمدت ملامحه ... ثم قال أخيرا ببرود
( و هل كنت أعرض عليكِ الزواج لو كنت أتلاعب بكِ ؟! .... أي سببٍ آخر يجعلني أتنازل و اتزوجك رغم الفوارق بيننا ؟! ....... لكن ردا على سؤالك , فنعم .... الحب يمكن أن يموت في لحظةٍ واحدة ليولد مكانه الإزدراء ..... فالحب و الإزدراء لا يقترنان .. )
ارتجفت شفتيها قليلا .... و هي تبعد عينيها عنه .... وحين صمتت قال وليد ببرود يصدمها بعد فترة
( و أنتِ ؟! ......... هل كنتِ تتلاعبين بي حين أخبرتِني بحبك ؟!! ..... )
رفعت عينين دامعتين اليه ... ثم همست بإختناق
( و لماذا أتلاعب بك ؟! ...... لم تكن الصيد الأمثل ..... شابا قويا ثريا مثلك , يختلف عن نوعية من يقبلون بي ......كان مجرد حلما و لم أسعى في أكثر أحلامي جنونا بأن أحاول الإيقاع بك ..... لكنك أنت من حاصرتني بمشاعرك .... )
شعرت بإختناق أكبر فصمتت
مد يده ليحيط بوجنتها فجأة ..... فغطاها كلها , مما جعلها تفتح عينيها على أقصى إتساعٍ لهما و هي تحدق به ...
لا تصدق أنه يقوم بتلك الحركة الرقيقة .... منذ زواجهما و الذي بدا و كأن سنواتٍ قد مرت عليه ....
ظلت تنظر اليه .... تتنعم بتلك الكف القوية و دفئها ... قبل أن يقول بخفوت و صوته الرجولي الجاف ناظرا لعينيها
( اذن .... ألازلتِ تحبينني ؟؟ ......... )
فغرت شفتيها الرقيقتين و هي تنظر اليه بذهول .... لم تسأل نفسها هذا السؤال منذ أول يوم بزواجهما ... و كأنها قد فقدت الأمل و عادت الى دورها الحقيقي في الحياة ...
لكن مجرد صوته الخافت وهو يسألها هذا السؤال بحنان ... جعلها تتذكر كل الايام الجميلة بينهما أثناء عطلتها
أوقات الغروب على ذلك الشاطىء .....
حنانه الذي لم تعرف مثله من قبل ...
دفاعه عنها في كل موقف و هو يظهر لها من تحت الأرض .......
أغمضت عينيها لعدة لحظات و تخيلت أنها عادت الى هناك ....مستلقية على الرمال الدافئة ... تضمها ذراعاه فأخذت تمرغ وجنتها بكفه و ابتسامة حزينة تظلل شفتيها ....
و بكل غباء .. و دون أن تتعلم همست تتنهد
( أحبك ..... أحبك ....... والله أحبك ........ )
مرت لحظة قبل أن يقول بصوتٍ بارد كالجليد
( جيد ..... اذن آمل أن يجعلك ذلك تعانين بنفس القدر الذي اشعرتيني فيه بالغباء.... )
فتحت عينيها بذهول و قد سقطت عليها عبارته كشظايا حادة .... أصابت منها ما أصابت ....
فاستدارت عنه على جانبها الآخر تدفن وجهها في وسادتها ..... تحارب موجهة الدموع التي داهمتها ....
و ما أن استطاعت الكلام أخيرا حتى قالت بإختناق
( أنا أريد النوم وحدي منذ اليوم ............. )
كان يعلم أنها تبكي ... لكنها كانت تحاول جاهدة اخفاء ذلك ... و كان ذلك يشعره بالغرابة ...
من أن تكون فتاة لها مثل حياتها لا تزال تملك بعض الحس المرهف كي تبكي من أي كلمة!!
لكنه رد ببرود
( الأمور هنا لا تسير وفق رغباتك ........ )
هتفت باختناق دون أن تستدير اليه
( أنا لا أستطيع النوم بجوار أحد .......... أشعر بالخوف حين يكون هناك من يراقبني ... )
قال بنفس البرود وهو ينظر الى السقف
( اذن سيكون هذا تدريب جيد لكِ كي تتخلصي من مخاوفك .......... )
هتفت بجنون و هي تضرب الوسادة بقبضتها
( أنا أريد النوم وحدي ...... لا أريدك بجواري ...... )
شعرت بقبضته على ذراعها تديرها اليه حتى استلقت على ظهرها وهو يشرف عليها من علو ...
الا أن وجهه أجفل قليلا وهو يفاجىء بسيلٍ من الدموع أغرق وجهها دون صوت ...فتحرك فكه قليلا وهو يتأمل عينيها الباكيتين بصمت .....
لا يمكنها تمثيل هذا القدر من الدموع ....
حينها قال بجفاء
( توقفي عن البكاء ليل نهار ......... )
صمت قليلا و هو يتأملها .... شفتيها المكتنزتين المنتفختين شهيتين بدرجة محببة ... و عيناها الباكيتان تملكانه بوقاحتهما المختلط بالحذر الساكن بهما ..... انه يشتهيها بدرجةٍ لا تنضب و لا تقل .....
ربما الحب و الازدراء لا يقترنان
لكن من المؤكد أن الرغبة و الإزدراء لهما رأيا آخر
و دون أن يدري كان يخفض وجهه اليها ليمس فكها بشفتيه ... الا إنها انتفضت فجأة هاتفة بصرامة على الرغم من دموعها
( لا أريد ............ )
تسمرت شفتاه على وجنتها ... فرفع وجهه قليلا بملامح قاتمة ... ثم همس بجفاء في اذنها
( أخبرتك أن الأمور لا تسير هنا وفقا لرغباتك ....... )
و عاد ليقترب منها و قد خدرته طفولتها عديمة التربية و الأخلاق ..... لكنها تشنجت بين ذراعيه و هي تهتف بعنف
( لا أريد ...... لا أريد ..... كفى ....كفى . )
لم يعر رفضها اهتماما وهو يظنه مجرد تمثيلا رخيصا من أدوارها العديدة .... لكنها زادت من تشنجها عن قصد و هي تتلوى بين ذراعيه بعنف ... مما اثار حنقه عليها أكثر فقيد معصميها فوق رأسها بقوةٍ ترعبها ....
هذا الفطحل لا يمكن حتى مجرد التفكير في مقاومته ....
فشعرت بالجنون و هي تجد نفسها مقيدة بالكامل بينما هو ينهال عليها بأشواق رجلٍ حديث الزواج مهما بلغ حقارة ما يتقاذفانه من اتهامات
اخذت تتنفس بسرعة .... و هي تطبق شفتيها بعنف ... و تغمض عينيها بشدة .... محاولة السيطرة على الجنون المتنامي بداخلها قبل أن تنفجر بفعل متهور ....
لكنها لم تستطع التحمل لأكثر من عدة لحظات .... فعادت للتلوي بعنف و جنون و هي تصرخ
( ابتعد عني ...... لا أريدك الآن ........ )
و أثناء تلويها أصابته ركبتها اصابة حساسة .... مما جعله يتأوه و يبتعد عنها صارخا وهو يلهث
وقد بدت ملامح مخيفة من شدة الغضب المسيطر عليه
( تبا لكِ .... هل عدتِ لحالاتك الهيستيرية من جديد ؟!!! ........ )
انتهزت شيراز الفرصة و قفزت واقفة ......... ثم صرخت بغضب ... وهي تبصق الكلمات بوجهه
( بل عدت للقرف منك ... و لم أعد أتحمل اقترابك القذر مني مجددا ....... )
اتسعت عيناه بشدة ... بينما أوشكت ملامحه على الانفجار من شدة اللون القاتم المنتشر عليها ... و ما أن رأته يندفع الى ازاحة الغطاء من عليه ....
حتى جرت بعنفٍ و الجنون و الذعر يتلبسانها و هي لا ترى أمامها سوى الحمام .... الغرفة الوحيدة التي يمكن احكام غلقها في هذا البيت ....
كان قلبها يدق بعنف و هي تسمع خطواته الهمجية خلفها ... بينما هرمونات خوفها تدفعها بجنون للإختفاء
الى أن وصلت للحمام وفي اللحظة الأخيرة قبل أن تغلق الباب كانت ملامحه المخيفة قد ارعبتها و هو على بعد خطوةٍ خلفها .. فصفقت الباب بعنف في وجهه ...
رأت مقبض الباب يتحرك بعنف ... ثم ضربة جعلت الباب يرتجع و جعلتها تنتفض متراجعة للخلف أكثر ...
و صوته يصرخ
( افتحي الباب يا بشرى ........ هل أنتِ مجنونة ؟..... لماذا تتصرفين على هذا النحو ؟! ... )
ابتلعت ريقها و هي تتراجع للخلف خطوة أخرى ... و صوته يكاد يثير الرجفة في نفسها بعنف ...
و اثناء تراجعها لمحت صورتها في المرآة .... فنظرت الى نفسها و هي تستند الى الحوض بيدين ترجفان
عيناها واسعتان بشدة .... و صدرها يلهث بسرعةٍ مجنونة ....
أسبلت جفنيها بحزن و هي ترفع يديها المرتجفتين لتغلق قميص نومها ببطىءٍ شديد تخفي وشمه الرجولي عليها و هي محنية الرأس و الكتفين .... بينما شعرها الزغبي متهدلا حول وجهها ... معبقا بأنفاسه اللاهثة الساخنة
ارتجفت شفتيها بقوة و هي تنتفض اثر ضربة أخرى منه ... فنظرت الى الباب بصمت ....
بينما كان هو يضرب الباب بقوةٍ هاتفا بغضب
( بشرى ..... افتحي الباب ..... هل أنتِ بخير ؟! ..... لماذا صمتِ ؟! .... بشرى ..... بشرى .... )
لم ترد و هي تتنفس برهبة ....
لا تدري كيف تتصرف .... و لماذا تفعل ذلك من الأساس؟! .....
ما فعله بها رابح كان مريعا ... و مع ذلك تحملته لحظة بلحظة .... و تفننت في ارضائه كي تحصل منه على ما تريد .... فلماذا تفعل ذلك بوليد ؟! ....
لماذا تنفر منه و تزدريه الى تلك الدرجة ؟! .....
فعلى الرغم من السم الذي يحقنها به في كلماته ... الا أن ما يفعله لا يقارن بذرةٍ مما فعله رابح .....و زوجها الأول ... و القذر مشرف الدار .....
أما وليد .... فهي تريد ارضاءه ..... أقسمت أنها تريد ارضاءه ... خاصة و أنها على ما يبدو لا تزال تحبه بكل غباء ....
لكنها ببساطةٍ لا تستطيع .... كلما اقترب منها شعرت بالنفور .... تريد قربه من بعيد لبعيد ....
تتمنى رعايته ..... حنانه .... لكنها تبغض العلاقة الزوجية منه .....
ربما لأنها تشعرها بالحقارة .....
لم تشعر أبدا من قبل بالرغبة في تلك العلاقة مع أي من ازواجها ... و لا مع أي رجل ..... تعرف جيدا أنها تعاني برودا طويل الأمد ....
لكنها كانت تجيد التمثيل عليهم ببراعة ..... الى أن أحبت وليد .... و تزوجته ..... ففقدت القدرة على التمثيل !!
و كأنه أصابها بلعنةٍ ما .....
انتفضت فجأة صارخة و هي ترى الباب يفتح بضربةٍ عنيفة لم يتحملها رتاجه الضعيف ....
دخل وليد وهو عاري الصدر ذو العضلات ..مما يشعرها دائما بالخوف نظرا للفارق بين حجميهما ...
كانت ملامحه غاضبة بشدة و هو ينظر اليها ليرى ان كانت بخير ... و ما أن تأكد بأن مكروها لم يصبها ... حتى هدر و هو يضرب الباب بقبضته بعنف
( تبا لذلك الجنون !! ..... هل تظنين أن بإدعائك هذا الدور من الجنون سيخولك بأن تتصرفي كما شئت ؟!! .... )
كانت تنظر اليه بعينين متسعتين .... وهي تراقب اقترابه منها ...
و بحركةٍ واحدة انتزعت شفرات الحلاقة الخاصة به ... لتتناثر حولها في كل مكان كألعابٍ نارية ... باستثناء واحد فقط ظل بيدها ... رفعته أمام وجهها و عيناها تبرقان بشر ... ثم همست مشددة من بين أسنانها
( لم يكن عليك استخدام شفرات تقليدية ........... فهي ليست المرة الأولى التي أستخدمها ..... )
تسمر وليد مكانه و اتسعت عيناه .... بينما بقت شيراز مكانها و هي ممسكة بالشفرة امام وجهها بكل تصميم ... متابعة بصلابة ...
( حين أقرر أنني اكتفيت و لا أريد ...... فأنا لا أريد ...... من خالفني من قبل , ندم على ذلك ,.... و عليك البدء في تعلم هذا الدرس ......... )
فهي لم تنصح ملك بأن تحتفظ بسلاحٍ صغير في صدر فستان زفافها من فراغ ........
اقترب وليد من شيراز ببطىء دون أن يجفل و عيناه على عينيها .... بينما هي تزداد ضراوة في الإمساك بالشفرة ... لدرجة أن انسدل خيط مم الدم على إصبعها دون أن تعي ذلك .... لكن وليد كان واعيا لكل حركاتها .... وهو يقترب منها بحرص .... قائلا بخفوت
( هل تريدين جرحي يا بشرى ؟! ..... الم تكتفي بعد ؟! .....اكتفيتِ مني لكنك لم تكتفي من جرحي بعد .... )
لم تتحرك و لم تتغير ملامحها .... لكن اهتزازا طفيفا بحدقتي عينيها أخبره أنها تأثرت للحظة ....
فقال بصوتٍ خافت ... قريبا لصوته القديم عند البحر ... و الذي افتقدته بشدة ....
( أين هو اذن الحب الذي نطقتِ به منذ دقائق ؟! ........... )
ارتجفت شفتيها مصاحبة لحدقتيها .... و انحنى حاجبيها كطفلٍ يريد البكاء لكنه خائف .....
أخفضت وجهها قليلا ... فاقترب منها أكثر وهو يقول بهدوء
( اتركي تلك الشفرة من يدك يا بشرى كي لا تزيدي من جرح نفسك .......... )
ابتلعت ريقها و هي ترفع وجهها اليه بصمت .... ثم قالت بفتور
( سأتركها ما ان تخرج من هنا ........ أنا سأنام في الحمام .... )
رفع ذقنه و أظلمت عيناه وهو يشعر بالإهانة تفور بدمه ..... تلك الحقيرة تهدد بقتله ... تفضل النوم في الحمام ..... كل ذلك لمجرد ألا يلمسها ....
هتف بخشونة وهو يندفع اليها
( و تملين شروطك ؟! ............. )
حركته المفاجئة جعلتها ترتعب على حين غرة و قبل أن يصل اليها كانت قد رفعت معصمها الى الحوض و هي تصرخ
( ابتعد و الا قتلت نفسي ....... )
لكنها لم تكن بحالةٍ سوية فقد شطرت باطن معصمها بالشفرة قبل حتى أن تتم تهديدها ....
تسمر وليد مكانه وهو ينظر بذهول الى الدم الذي يقطر من باطن معصمها .... فتمالك نفسه بسرعة على الرغم من شحوب وجهه ...
فأمسك بيدها بسرعةٍ و فتح الماء على جرحها وهو يصرخ بجنون
( مجنونة ...... يا مجنونة ........ تبا لجنونك ...... )
أخذ يجس جرحها بإحتراس بينما صدره ينبض بعنف ..... ثم تنهد قليلا بارتجاف وهو يدرك أنه جرح سطحي تهديدي لم يصل الى أوردتها ....
التقط المعقم و الرباط اللاصق فأخذ ينظف لها جرحها الى أن غطاه و ربطه في النهاية دون أن ينظر اليها
و ما أن انتهى حتى رفع عينيه اليها .... عينين مخيفتين ..... مرعبتين .... بينما هي واقفة أمامه ساكنة ... و معصمها بيده ... بمنتهى البراءة !....
ثم هدر فجأة بقوةٍ وهو ينحني ليحملها فوق كتفه .... متجها بها الى غرفة النوم ... فأخذت تصرخ و تصرخ و هي تضرب كتفيه و ظهره ... الى أن ألقاها على السرير و قبل أن تتمكن من الهرب من الناحية الأخرى للسرير .... كان قد أمسك بخصرها يعيدها مجددا بينما هي تصرخ دون توقف
( لا أريد ........ لا أريد الليلة مجددا .......)
الا أنه صرخ بها هائجا من شدة الغضب
( تبا لكِ اخرسي ...... أهو تطعيم ؟!!!! !!!!!........ )
ابتعد عنها للحظة وهو يتجه الى دولابه .... ثم عاد اليها بخطواتٍ تضرب بوزنه فوق الأرض ... مرسلةٍ الذبذبات الغاضبة عبر الأرض و منها الى السرير ...
اتسعت عينيها و هي مرمية على السرير نصف جالسة و شعرها فوق وجهها بتشعث ....
تراه ممسكا بربطتي عنق ...... ففكرت بهذيان و ذهول
" هل سيخنقني ؟!! ..... هل سيخنقني ؟!! ........ "
فمنظره وهو يقترب منها ببطىء .... و عيناه متوحشتان ... بينما الربطتين تتدليان من قبضتيه القويتين , فبدا مرعبا و على وشكِ ارتكاب جريمة ....
و ما أن وصل اليها حتى حاولت الهرب مجددا بعد أن افاقت من صدمتها ... لكنه كان أسرع منها فهجم عليها وهو يقيد معصميها معا بربطة عنق ....أحكم وثاقها جيدا .... ثم وصلها بالاخرى ليربطها بمعصمه !!!
ثم هتف بازدراء
( ماذا كانوا يرون بكِ ؟! ....... قصيرة متوحشة , أبعد ما تكون عن الإغراء !! .... )
و ما أن انتهى حتى سقط مرتميا على ظهره أمام عينيها المذهولتين ... وهو يرفع ذراعه الأخرى فوق عينيه ...
فغرت شفتيها بغباء ... ثم لم تلبث أن أخذت تشد يديها بقوةٍ و هي تصرخ بجنون
( لا أحب التقييد ..... لا أحب التقييد ... )
لكنها كانت كمن تجذب جدارا منيعا .... وما ن شعرت بالتعب .. حتى استلقت بيأس و هي تبكي مختنقة بنفس الكلمة و صوتها يذوي من الجهد الذي بذلته
( لا أحب التقييد ..... )
حين شعر أخيرا بأن حالة الهيستيريا التي أصابتها بدأت في الذبول ... قال ببرود مزدري
( اطمئني ...... لو كانت بداخلي ذرة رغبة بكِ فقد بددتِها بكفاءة ......و لن ألمسك ولو كانت حياتي تعتمد على ذلك ... )
أغمضت عينيها و اخذت تبكي بصوتٍ خافت علها ترقق من قلبه عليها ... لكن دون جدوى ...
ذراعه ظلت تحجب عينيه عنها ... الى أن تعبت في النهاية و توقفت عن البكاء .. مكتفية بتنهيداتٍ صغيرة ...
الى أن راحت في سباتٍ عميق ... مصدرة شخيرا ضعيفا من شدة المجهود الذي بذلته
حينها رفع وليد ذراعه عن عينيها ينظر اليها بصمت .....
يتعجب تلك الفتاة التي جعلها زوجته .....
محمرة الجفنين ... منتفخة الشفتين .... مضمدة المعصم ... مقيدة اليدين بمعصمه !!!!
اي كارثة تلك !!! ..
نعم كان يعلم أنها ليست على تمام التوازن .. لكنه لم يظن أن حالتها بمثل هذه الكارثية ...
وهو متأكد أنها لا تزال تخفي أكثر مما عرفه .... لكنه خائف من معرفة المزيد عنها ...
يقنع نفسه أنها مرحلة مؤقتة ثم سيدعها تذهب الى حالها .... لكن يوما بعد يوم , يزداد التخيل صعوبة .....
مد يده ببطىء وهو يفك قيدها .... فتأوهت قليلا , مما جعله يشعر بوعكةٍ مؤلمةٍ بصدره ..... لكن عندما سكنت دون أن تستيقظ , تمكن من حل الرباط بهدوء .... و من فورها استلقت على جانبها تعطيه ظهرها و كأنها شعرت بأنها حرة أخيرا ....
في تلك اللحظة .... تذكرها و هي تخرج من تحت سطح الماء , فاتحة ذراعيها للسماء و هي تهتف بطفولية
" أنا حرة ........ "
ظن يومها أنها لن ينسى هذا المنظر أبدا .... لكنه نسيه و الآن فقط تذكره ....
ظل مستندا الى مرفقه ... يراقبها بصمت و احباط .....
أتدرك مدى الإهانة التي يشعر بها حاليا !!! .....
كيف تعترف أنها تحبه , و في اللحظة التالية تنفر منه و كأنه كائن جرب !! ......
استلقى على ظهره وهو يشعر بالتقزز من الوضع كله .... لقد جعل من نفسه أحمقا يستحق كل ما يناله .....
ظل ينظر الى السقف بصمت ... بينما بدأت هي رحلة أنينها اليومية و هي تتصارع مع الأغطية ....
بينما كان لسانها يتمتم و كأنها تخاطب أحدهم
( ليأخذك الله و يريح العالم من أمثالك ........ )
ظل وليد مستلقيا بملامح جامدة .... و لم يندهش كثيرا حين أتبعت كلامها بأن بصقت على صاحب الحظ السيء ....
إنها تبصق حتى و هي نائمة !!! ...... أي مستنقع لفظها الى حياته !! .....
.................................................. .................................................. ..................
( هل ستخرج ؟!! ........ )
نفس السؤال كل يوم بصوتٍ حزين باهت .... و كأن الإجابة ستتغير , .... لكن شيئا ما بنفسه هو ما تغير ..
فشعر بنوعٍ من لوعةٍ تقرصه وهو يسمع الصوت المنكسر من خلفه ....
لكنه قال بجفاء
( الا تملين السؤال ؟! ...... أم تظنين أنني عاطل !! ..... )
تلاعبت شيراز بأصابعها و هي تقف خلفه .... يوليها ظهره ....
لقد استيقظت اليوم ووجدت نفسها وحيدة في السرير .... و عادت اليها كل ذكريات ليلة أمس دفعة واحدة ففغرت شفتيها ذهولا مما اقترفته من مصائب دفعة واحدة ... لدرجة أنها رفعت معصمها تتأكد من أنها قد جرحت نفسها بالفعل ... و حين شاهدت الرباط اللاصق , أغمضت عينيها متأوهة بغضب من نفسها ...
نظرت الى ظهره بصمت و هو يحضر بعض الأوراق بصمت... مرتديا كامل ملابسه ...
فظلت صامتة قليلا , ثم أخذت نفسا عميقا و قالت بخفوت
( ظننت أن عملك في الفندق فقط ... و أنك هنا في عطلة ! .... )
استدار وهو يقول ببرود دون أن ينظر اليها
( انا مجرد مساهم في الفندق ... و اذهب الى هناك للإستجمام فقط ...... )
ابتسمت باهتزاز و هي تحاول تهدئة الأجواء بينهما ... ثم قالت
( هذا ينبهني بأنني لا أعرف الكثير عنك ........... )
أجفلت بشدة وهو يضحك عاليا ضحكة خشنة .... قبل أن يقول بلهجةٍ مقيتة ..
( احمدي ربك أنكِ لم تنالي نفس صدماتي تجاهك ....... )
ابتلعت ريقها و التوى حلقها بتوتر .... و رأته وهو يبتعد عنها ناويا الخروج ... فأسرعت خلفه لتقول بصوتٍ خافت ضعيف
( وليد ............ )
توقف مكانه يزفر قليلا و ظنت أنه سيتجاهلها و يتابع طريقه ... الا أنه استدار ينظر اليها ... و كانت تلك المرة الأولى التي ينظر فيها لها منذ الصباح ....
كانت تحاول جاهدة الإبتسام في محاولاتٍ واهية فاشلة ... فتتكسر الإبتسامة على شفتيها لتنخفض زاويتهما بتعب .... ثم قالت أخيرا بخفوت
( بالنسبة لما حدث ليلة أمس ........ أنا كنت ..... )
التوت شفتيه بامتعاض مما جعلها تصمت و هي تبتلع اجفالها ... بينما لوت يديها خلف ظهرها كطفلة مذنبة ...
نظر الى شعرها الذي رفعته في لفتين طريفتين فوق رأسها .....
ووجهها الخالي من كل مساحيق التجميل .... فبدت كمراهقةٍ في الخامسة عشر من عمرها لا أكثر ...
تذكر اليوم الذي ضفره لها في ضفيرتين قصيرتين .....
ذلك اليوم الذي بكته بعنف لأن ملك تمتلك ضفيرة طويلة !!!....
ضاقت عيناه قليلا وهو يتذكر تلك العبارة .... و سرح تفكيره مع ملك !!! ..... لابد أنها تعرف الكثير .....
أكثر من مجرد فتاة تحمل لها أغراضها و تقلم أظافرها !! .....
لماذا لم يفكر في هذا الأمر من قبل ؟!! .......
و يبدو أن عينيه قد أطالتا النظر الى لفتي شعرها طويلا ...و لاحظت هي ذلك , فابتسمت بارتجاف وهي تقول بخفوت رافعة يدها تتلمس احداهما
( أتتذكر حين ضفرت لي شعري ؟! ......... كنت أبدو جميلة للغاية , هلا ضفرته لي مجددا ... )
صمتت قليلا أمام نظرات الإستهجان بعينيه ... فهمست بخفوت أكثر
( كبادرة صلح ........... )
انخفض صوتها تماماحتى صمتت في آخر حروفها .... و أخفضت وجهها و هي تشعر بالغباء ....
قال وليد أخيرا بصوتٍ جاف .. ضربها كالسوط
( لو أردت صلحا .... فآخر ما تفعليه هو تذكيري بتلك الأيام ...... )
لم تجرؤ على رفع وجهها اليه .. لكنها عضت على شفتها بقسوة .... و ما أن شعرت به يتحرك ليخرجو يتجاهلها .. رفعت عينيها و هتفت
( وليد لا تتركني مجددا ..... لقد تعبت من ذلك السجن الإنفرادي .... )
استدار ينظر اليها مبتسما بسخرية قاسية ... ثم قال باستهزاء
( الآن فقط أيقنت بأنكِ مختلة العقل !! ....... ربما كنتِ نسيتِ صراخك المجنو ليلة أمس و صراعك بأن أتركك لتنامي وحدك ! ...... )
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر الى الغضب الكامن في أعماق عينيه ... لكنها هتفت بقوة
( انت تحتجزني هنا كمجرد أداة جسدية .... تستخدمها لتفرغ بها رغباتك ليلا ... بينما تتركني هنا وحيدة طوال اليوم .... على الأقل اسمح لي بالخروج وحدي ..... )
التمعت عيناه بالشر وهو يقول بنبرة الخطر
( و هل أسلم اسمي لكِ و أثق بكِ ؟!!! ....... ما أدراني بالمكان الذي ستتجهين له بغيابي ؟! ...... )
انعقد حاجباها و هتفت بشراسة
( أخبرتك أن الخيانة ليست من طبعي ..........و انت تدرك ذلك جيدا ... )
استدارت تبتعد عنه مندفعة بغضب و هي ترفع يديها لتفك اللفتين عن شعرها بوحشية كادت أن تقتلع شعرها معها .... لكنها لم تهتم ....
و قبل أن تختفي عن أنظاره ... استدارت اليه فجأة و صرخت بغضب
( و اسمك قد سلمته لي بالفعل ...... و أنا أستطيع خداعك لو أردت , حتى لو أغلقت علي الف باب ... انظر فقط الى بابكو انت خارج .... انت تتركه مفتوحا دون أن توصده ... الا يخبرك ذلك بأن آخر ما تفكر به هو أن أتصرف بما يسيء الى اسمك الغالي ؟!! ..... )
و دون أن تنتظر منه ردا ... كانت قد جرت الى غرفتها و صفقت الباب بكل عنف ....
استدار وليد ينوي الخروج و قد أعماه الغضب منها و من البيت بأكمله ... لكنه سمعها تصرخ بأعلى صوتها من غرفتها
( حيوااااااااان متخلف ......... )
اظلمت الدنيا أمام نظراته ... و احمر وجهه بعنف ...و أوشك على أن يقتحم الغرفة و يحطم كل قطعة اثاث فق رأسها ... الا أنه آثر الخروج قبل أن ينتهي هذا اليوم بجريمةٍ دموية ....
فصفق الباب بعنف ... جعل شيرازتنتفض في مكانها مترقبة .... ثم سرعان ما انخفض كتفاها بخيبة و هي تنظر الى نفسها ...
جالسة أرضا .... فاتحة ساقيها الممدوتين ... و بينهما تقبع العديد من قمصانه و ربطات عنقه ... و التي كانت قد بدأت في قصقصتها الى قطعٍ صغيرة بمقصٍ قصير !! ...
نظرت الى الأشلاء المرمية أمامها ... ثم همست تتسائل بوجوم
( ماذا أفعل ؟!!! .......... )
زفرت بعمق و هي ترجع رأسها للخلف مستندة بها الدولاب من خلفها و همست مجددا بصوتٍ واهي
( ماذا أفعل ؟!!! ......... )
.................................................. .................................................. ......................
تحركت وعد بحذائها ذو الإطارات و هي تبتسم بين السيدات العاملات في المعرض ....
كانت تقدم المشروبات بنفسها كمن اشتاق للأيام القديمة ..... خاصة بوجود علي , لكنه الآن أصبح شابا وسيما أنيق الملبس ... يقص بنفسه و ربما تقدم أكثر في العمل ! ....
لذا استولت على حذائه ذو الإطارات .... و هي تتحرك به لتعبث هنا و هناك ... بين السيدات العاملات ...
لقد عقدت صداقة مع كل واحدة منهن .... حتى بات المعرض هو أجمل مكان تقضي به وقتا في حياتها الصعبة الحالية ....
بينما حين تبدأ في التعامل مع الزبائن ... فإنها تتحول الى امرءة أخرى ....
امرأة تتلبسها الثقة و الأناقة بدرجةٍ ملفتة للأنظار .... ...
وضعت وعد كوب الشاي أمام كوثر .... فسمعت صوت علي ينادي من باب المكان
( وعد .......... هناك من يسأل عن ملك ..... )
رفعت وعد وجهها المجفل و هي تتحسس الكدمة المتخلفة عن ضرب الحقير زوج ملك لها ....
فابتلعت ريقها متخوفة من الضربة التالية .... لكنها تشجعت و هي تقول بخفوت
( تشجعي يا وعد ..... منذ متى ترهبك ضربة!! ...... )
تحركت بالحذاء تزيد من سرعتها و هي عاقدة حاجبيها ... الى أن وصلت للباب متجاوزة علي الذي كان ينظر بحيرة غير مستوعبا لما تفعله ... لكنه أدرك بعد فوات الأوان أنها قد فقدت السيطرة على مكابح الحذاء فاندفعت خارجة م باب المعرض و هي غير قادرة على التوقف ... فهتفت
( الحقني يا علي !! ........... )
كان وليد واقفا عند الباب منتظرا و حين رآها خارجة تتعثر في الإطارات مستغيثة .... مد يده تلقائيا يلتقطها من عنق قميصها كالأرانب ليوقفها مكانها لدرجةٍ كادت أن ترفعها أرضا من شدة قوته و عضلاته ...
ظلت وعد تجاهد الى أن اتزنت أخيرا فوق الإطارات بأعجوبة ... ثم هتفت بصرامة و هي تجذب ملابسها
( أنا بخير .... أنا بخير ..... أترك ملابسي ... )
تركها وليد وهو يدرك أنها نفس الشابة الوقحة التي كانت تدافع عن شيراز ....
و من جهتها .. فقد تعرفت عليه وعد ما أن وقعت عيناها عليه , فهتفت و قد برقت عيناها غضبا
( أنت ؟!! ...... أنت الذي تهجمت علينا ... ضارب النساء الحقير .... ماذا تريد مجددا ؟!! ... لا زوجة لك عندنا هذه المرة لتبحث عنها ....... )
ارتبك وليد و أظلمت ملامحه ... وهو ينظر حوله ثم قال بخشونة
( هلا أخفضتِ صوتك قليلا ...... الأمر له ملابساتٍ لا دخل لكِ بها ..... )
اندفعت تهتف بغضب
( الملابسات الوحيدة هي دخول قبضتك بملامح وجهها .... أي رجلٍ يضرب زوجته هو رجلٍ جبان )
هذه المرة لم ينظر حوله .... لكنه شعر و كأنها ضربته ضربة موجعة ....
و فهمت وعد نظراته خطأ فرفعت ذراعها لتحمي وجهها و ق بدأت تتوتر من اي رجلٍ تحتك معه ... فتجد ضربة تلصق وجهها بين كتفيها ....
اطرق وليد بوجهه قليلا .... فقالت وعد بهدوء حازم
( عامة .... لا دخل لي ما دامت المسكينة الغبية قد اختارت العودة معك بارادتها ..... و الآن اذهب من هنا قبل أن أطلب لك الشرطة .... )
رفع وليد وجهه ليقول بخفوت
( اريد رؤية ملك ....في موضوعٍ يخص زوجتي ... رجاءا .... )
ضاقت عينا وعد و تعجبت مجدد من تلك الصداقة الغريبة التي تجمع ملك بامرأة لا تشبهها في اي شيء و تكاد أن تثير الشبهات ....
قالت ببرود
( ملك ليست هنا .... انها مسافرة ... )
رد وليد محاولا الحفاظ على تهذيبه قدر الإمكان
( انا أريد أن أسألها فقط عدة أسئلة تخص حياة زوجتى ..... أظنها تحتاج المساعدة .... فهلا أخبرتها أنني أريد رؤيتها ؟!! .... هي ستوافق , فقط اخبريها أن زوج بشرى يريد مقابلتها .... )
رفعت وعد عينيها اليه و هي تقول بنفاذ صبر
( أخبرتك أنها ليست هنا .... أتريد تفتيش المكان ؟! ..... ثم اليست زوجتك اسمها شيراز على ما أظن ؟! .. )
زفر وهو يميل برأسه جانبا بخيبة أمل .. ثم قال بفتور
( اسمها الحقيقي بشرى ..... )
ضاقت عينا وعد و هي تشعر بأن الاسم ليس غريبا عليها .... ليس الإسم فقط , لكنه ساعد في أن يعيد اليها وجه شيراز مرة أخرى و هي تدرك بأنها قد رأتها من قبل ....
و مرت عدة لحظات من محاولة الإستيعاب .... و عيني بشرى الخضراوين الخائفتين تسيطران على ذاكرتها بذهول .... فهتفت فجأة بصدمة
( بشرى !!!!!!!!! ...... ياللهي , كيف غفلت عن الشبه ..... )
انتفض وليد مكانه وهو يقول
( هل تعرفينها ؟! ...... ظننت أن ملك هي فقط من تعرفها ..... )
ارتمت وعد لتستند بظهرها الى الجدار خلفها و هي تحدق في البعيد .... ثم قالت بشرود
( بل كانت صديقتي أنا .... فهي من عمري و ليست من عمر ملك ..... كنا جميعا أخوات في دار للرعاية ..... ياللهي لقد مر زمن طويل ... كيف لم أتبين ملامحها المرة السابقة ..... )
قال وليد باهتمام
( هل هذا يعني أنكِ تعرفين عنها ما قد يفيدني أم أن العلاقة بينكما كانت قديمة جدا .... و من الأفضل أن تساعدني ملك !! .... فهي من كانت تلبي طلباتها و تسكن بجوارها .... )
رفعت وعد عينيها اليه بصمت ... تتأمله طويلا ... ثم قالت أخيرا بخفوت
( كنت تقول أنها في حاجةٍ الى المساعدة ..... و انا أقول لك دون أن أعرف أي مما قد حدث لها فيما بعد .... أنها حتما تحتاج الى المساعدة ..... )
ضاقت عينا وليد بشدة وهو يستوعب كلامها .... من الواضح أنها قد ابتعدت عن بشرى منذ الطفولة ... فما هو المهم لديها ليساعده على فهم طبيعة شخصيتها ....
قال أخيرا بهدوء
( هلا جلسنا قليلا لنتكلم ؟ ...... رجاءا ......... )


انتهى الفصل 47

قصصية, Msamo and imy88 like this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:51 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.