آخر 10 مشاركات
216 - قيود من رماد - ليز فيلدينغ -أحلام جديدة (الكاتـب : monaaa - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          343 - جزيرة الحب - جانيت هامبتون - م.د ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          246 - عروس تنتظر الدموع - جانيل دينسون (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          341 - خيانة حب - كاي هوجز - م.د** (الكاتـب : عنووود - )           »          18- الدوامة - شارلوت لامب (الكاتـب : فرح - )           »          6 - كذبة واحدة تكفي - كارول مورتيمر (الكاتـب : فرح - )           »          13- نجمة الجراح - كارول مورتيمر (الكاتـب : فرح - )           »          354 - الحلم و الحقيقة - هيلين ستراسر - المركز الدولي** (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي الرواية الجديدة التي تفضلونها
فكرة جديدة تماما 2,055 56.56%
جزء ثاني لرواية بأمر الحب 665 18.30%
جزء ثاني لواية لعنتي جنون عشقك 913 25.13%
المصوتون: 3633. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree505Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-08-15, 11:56 PM   #21901

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي


فتحت شيراز الباب ببطىء و هي تنظر من شقه الضيق .....و ما أن رأت لجين أخت وليد تقف أمامها مبتسمة
حتى قالت بلا أي مقدمات ترحيبية
( أخاك غير راضٍ عن اختلاطك بي.......)
كانت لجين تنظر اليها و قد تعجبت فظاظة ألفاظها الأنها لم تشعر بالغضب .... بل شعرت نوعا ما بالشفقة تجاهها على تلك العبارة المفاجئة .... فقالت ببساطة
( أنا في العادة أطيع أخي ...... لكنني أيضا أمتلك عقلا يمكنني من موازنة الأمور .....)
ظلت شيراز مكانها دون أن تفسح لها الطريق ... فقالت لجين رافعة حاجبيها
الن تدخليني الي بيتك؟!!.......) )
ترددت شيراز و هي تمسك الباب قائلة بتوتر
(هذا بيت وليد ....)
قالت لجين مبتسمة ....
(اذن ابتعدي لو سمحتِ......)
زمت شيراز شفتيها لا تعلم إن كان من العقل مخالفة أوامر وليد فيما يخص أخته بالذات ... فقد لاحظت أنها تمثل له منطقة خاصة لا يحب لأحد أن يعبرها ....
لكنها في النهاية ابتعدت على مضض و قالت بخفوت
( تفضلي.......)
دخلت لجين أمامها ثم استدارت لها ما أن أغلقت شيراز الباب و قالت ...
(كيف حالك اليوم ؟! .... أرى أنك أصبحت أفضل بكثير ....)
كانت شيراز واقفة أمامها تلوى اصابعها كتلميذة مرتبكة و زاد حرجها و هي تسمع تلميح لجين لضرب وليد لها ... لذا قالت بقنوط
( أنا بخير .... شكرا لكِ ......)
جلست لجين على احدى الأرائك ..... ثم ربتت على المكان بجوارها و هي تقول بمودة
( تعالي و اجلسي بجواري بقت شيراز مكانها مترددة قليلا .... ثم تحركت اليها و جلست بجوارها على حافة الأريكة مشبكة أصابعها فضحكت لجين قليلا بتعاطف و هي تراها أبعد ما يكون عن زوجة مضيفة في بداية زواجها .... بل تكاد تبدو و كأنها تريد طردها في أي لحظة تفاديا لغضب وليد
لذا قالت لجين بهدوء
( لم يتسنى لنا الكلام في المرة الماضية .... فوضعك لم يسمح بالكثير من الحديث حينها )
ابتلعت شيراز ريقها و هي تفكر
" ها هو التحقيق سيبدأ ... ففي المرة السابقة ... أخذت لجين تضمد لها كدماتها دون اسئلة بينما الغضب كان يكسو ملامحها مما جعلها شبيهة بأخيها في غضبه لكن شيراز يومها كانت في حالة من الخزي يرثى لها ...ليس بسبب الضرب او الكدمات التي رأتها لجين .... فقد اعتادت الكثير من الاهانة في حياتها لكن سببا واحدا كان يثير خزيها و رعبها وهو الظن الذي سيساور أخت وليد و خالته حين يجدان عروسه مضروبة كل هذا الضرب صباح زفافها !!.... و منعهما من الاختلاط بها و حجزها في البيت كل هذا ليس له سوى معنى واحد ..
سيتطرق الى ذهن كل من يراها .... خاصة و أنها متأكدة بأن وليد لم يخبرهما بأنه قد سبق لها الزواج قبله ....
انتفضت فجأة و هي تلتفت الى لجين قائلة بتوتر
( لا أريدك أن تسيئي بي الظن مما حدث.........)
عقدت لجين حاجبيها قليلا بحيرة ثم قالت
(و ما هو هذا الظن السيء تحديدا ؟!!........)
ارتبكت شيراز أكثر لكنها لم تتمالك نفسها من القول باضطراب
(عروس ..... و بصباح زفافها .... يكون وجهها مليئا بالكدمات و غيرها... ليس له سوى معنى واحد ....)
صمتت فظلت لجين تنظر اليها بهدوء .... و حين ازداد الصمت رفعت حاجبها و قالت تحثها على المتابعة بهدوء
( ما هو المعنى ؟....... قولي ...)
ابتلعت شيراز ريقها .... ثم قالت بخفوت متقطع
(أنا ... امرأة ... شريفة .... لا تظني أن أخاك قد اكتشف مثلا أنني ....)
صمتت للحظة ... ثم قالت متابعة باضطراب أكثر دون ان ترفع عينيها عن الأرض
( أنا لا أفعل شيئا في الحرام ...أقصد .... أنا لم أفعل شيئا في الحرام ....)
صيغة الحاضر التي استخدمتها أشعرتها بالرخص و كأنها مهنة تمتهنها لقوت يومها !!!
ساد صمت طويل غريب جعل شيراز تبدو و كأنها على حافة بركان من شدة التوتر ... و هي تلعن غبائها و لسانها المنفلت دون لجام من المؤكد أن أخت وليد تظنها الآن غريبة الأطوار ....
ما هذا اللذي نطقت به للتو ؟! !.... لعنت كل جينات الغباء التي تحملها خلاياها .....
لكن لجين قالت بعد فترة ببساطة ... لا تتناسب و جنون ما نطقت به شيراز
( أولا....الخلاف المجهول و العنيف بينك و بين وليد ... بدأ قبل زواجكما و كان هذا واضحا وضوح الشمس حين قابلتك على السلم ليلة زواجكما ..... أي قبل أن يدخل بكِ .. اعذريني في اللفظ ....
ثانيا وهو الأهم ... أنت تعانين من ارتياب فظيع بالبشر ... كيف استنتج عقلك أن هذا هو ما سأفكر به ؟)! ....
اضطربت شيراز أكثر .. و بدت مثيرة للشفقة و هي تفرك أصابعها ...ثم قالت أخيرا بتوتر خافت رافعة شعرها خلف أذنها ..و هي تنظر الى لجين بطرف عينيها....
( أنت على الأغلب تظنين بأننني غريبة الأطوار .... اليس كذلك ؟.....)
قالت لجين مبتسمة
(على الأقل لست بغرابة أطوار وليد بما فعله .... لقد صدمني به .....لكنني اعتدت الا أحكم على أحد قبل أن أفهم .... فمابالك بأخي الوحيد .....)
تجرأت نظرة شيراز أكثر و هي ترفع عينيها قليلا لتراقب لجين التي كانت تربكها بأناقتها حتى و هي بملابس البيت ...
لغتها كانت راقية جدا و تضم بضعة كلمات من لغتين على الأقل ... انهما أولاد عز و أصول ... هي و أخاها ... و هذا ظاهرا عليهما بوضوح مما يجعلها تشعر بالتضاؤل أكثر ...
قالت لجين تقاطع تأملها السري
(أذن ،،، اتحبين أن أناديك شيراز أم بشرى ؟........)
قبل أي رد كانت عيناها تراقبان لجين مرة بعد أخرى ... و يدها الشاردة تعدل من ياقة قميصها البيتي .. ثم ردت بخفوت بعد تردد
( بشرى .......)
قالت لجين مبتسمة
(و ماذا عن شيراز ؟.... كيف حصلت عليه ؟......)
انخفض صوت شيراز و هي ترد بقنوط بعد عدة لحظات
(انه مجرد اسم شهرة .....)
قالت لجين مبتسمة
(عامة أنا أفضل اسم بشرى .......)
رفعت شيراز عينيها اليها و همست
(وليد أيضا يفضله ..........)
صمتت للحظة قبل أن تتابع متداركة
(كان ..... كان يفضله .....)
قالت لجين باهتمام
( انه الاسم الذي أخبرني به أول مرة .....)
تفاجئت شيراز و رفعت وجهها اليها و قالت بارتباك
(هل أخبرك الكثير عني ؟!!.........)
اتسعت ابتسامة لجين و هي تقول
( الكثييييير ..............)
شعرت شيراز بنفسها تتجمد ...... تتعرق و تبرد في نفس الوقت ...
الا انها استطاعت القول بصوت مهتز
( ماذا أخبرك ؟!!..........)
ردت لجين ببساطة
( أتريدين الحقيقة ... دون تكلف أو تصنع ؟!!....)
ارتبكت شيراز أكثر .... و شعرت بأنها تريد أن تدفن نفسها تحت الأرض
ترى هل تعرف هي الأخرى ماضيها و كانت تخفي عنها تلك المعرفة ؟!!
ستموت .... ستموت .... لو كانت أخت وليد الراقية تعرف عن حياتها السابقة لكنها تمكت من تحريك رأسها قليلا بالايجاب المرتعب فقالت لجين و هي تتراجع في الأريكة ببساطة ..واضعة ساقا فوق (أخرى منذ فترة طويلة .... اتصل بي خصيصا و كانت مكالمة ليست ككل المكالمات ... مكالمة استغرقت الليل بأكمله صوته كان يشرق على الرغم من خفوته
اخبرني أنه وجد فتاة دخلت قلبه دون استئذان ... جنية قصيرة بعينين خضراوين براقتين كالقطط ... تكاد أن تضيء في الظلام.....)
فغرت شيراز شفتيها بذهول ... بينما اتسعت عيناها و تابعت لجين تقول مبتسمة
( كان يضحك وهو يقول أنه نفسه غير مصدق للسرعة التي تم بها الأمر لكن كل ما يعرفه أن يومه بات لا يشرق بأنواره الا كلما رآها و تسلى بإغاظتها و اثارة غضبها.......)
كان نفس شيراز يخرج كتأوه مختنق .... بينما أذنها تلتقط نغمات من زمن فائت .... ساحر
ضحكت لجين قليلا ثم قالت
( ضحكت معه كثيرا وهو يقص على انطبعات وجهك كلما أثار غضبك و كم يكون متلذذا بمراقبتك في جنونك و كأنك فتاة من نوع غريب لم يقابله قبلا حتى ظننت أنه ساديا و اغتظت منه .....)
كانت تضحك ببساطة الا أن شيراز اضطربت و ابتلعت ريقها و هي تستمع اليها بوجوم .... ثم قالت لجين بحذر
(هل أتابع بصدق ؟!!........)
رفعت شيراز وجهها و أجفلت ،، لكنها قالت برهبة و بصوت باهت خائف
( نعم أرجوك ......... تابعي)
قالت لجين ترد عليها باعجاب
(قال لي أنها فتاة بسيطة .... من أسرة بسيطة ... قد لا تحمل نفس اللغات التي تتقينها ... لكن على الرغم من ذلك كانت كلما تلجأت و اضطربت في قراءة قائمة الطعام شعرت في الرغبة في ضمها لصدري ... ووددت لو أن أخبرها بأني على استعداد للقراءة لها العمر كله .....و تعليمها كل ما ينقصها و ما فاتها .... حتى لسانها السليط ... على الرغم من رغبتي في تنظيفه بالصابون أحيانا .... لكنني في نفس الوقت أشعر بالسعادة حين توجه سهامه الى الدفاع عن نفسها ضد اي انسان يتعرض لها .....
شجاعة بدرجة تثير الاعجاب في النفس .... لكن على ما يبدو أن الإعجاب قد تطور في داخلي قبل أن ا ستطيع السيطرة عليه .....و تحول الي تمسك بها .... بتلك الجنية العفريتة .....)
صمتت لجين أخيرا و هي تنظر الى شيراز التي كانت تبادلها النظر .... فاغرة شفتيها قليلا ....
معها بجسدها .... لكن روحها في مكان آخر ....
انتظرت لجين عدة لحظات ربما احتاجت شيراز لها .... ثم قالت أخيرا بصوت خافت كي لا تجفلها (كان يتكلم بصدق ...... و كان متعجبا من ذلك الاحساس الذي يخالجه لأول مرة...... إنه اخي و أعرف جيدا متى يكون صادقا ....)
رمشت شيراز بعينيها عدة مرات و هي تعود ببطىء من سفرها البعيد .... ثم قالت أخيرا بجمود و هي تنظر الى لجين
(ربما أدرك مؤخرا أن الفوارق بيننا كانت أكبر من ذلك الشعور المفاجىء .... و الذي لا يتجاوز الاعجاب بفتاة سليطة اللسان ... تفترس كل من يقترب منها بغير حق .... ردت عليها لجين تقول بهدوء إن كان قد تسرع حقا .... فأنا لا أرى أنه يتصرف حيال الأمر فها أنت هنا ... في نفس البيت مع خالته و اخته .... تحملين اسمه .....)
أطرقت شيراز بوجهها و هي تبتسم بسخرية حزينة كم تكون المظاهر خادعة أحيانا ....
ثم قالت بخفوت متوتر و هي تتجنب النظر الى لجين .. و مع ذلك لا تتمالك نفسها من النظر اليها خلسة من طرف عينيها مرة أو مرتين....
( أنت لا تسأليني الكثير الأسئلة ؟! ..... ظننتك تريدين معرفة كل شيء عني ... عن زواجي السريع بأخيك ....عمن أكون ...و عن سبب المعاملة التي ترينها من وليد تجاههي ....)
ابتسمت لجين و هي تقول ببساطة ...
(أنت غير مستعدة للكلام بعد ...... و لو تكلمت و أنت غير مستعدة فستغيرين الحقائق رغما عنك .....)
شعرت شيراز أن هذا هو بالفعل ما حدث مع وليد .....
كانت غير مستعدة لمقابلة شخصا مثله .... و دخوله حياتها أمام ذهولها و انكسارها ... فاضطرت الى تغيير الحقائق كلها أمامه ...كي تتجنب خزيا بعد آخر
فقد بدأت الكذب قبل حتى أن تقع في حبه.....
لم تكذب كي تبهره ... بل كذبت لترسم حياة تمنتها....
لقد كذبت من أجل نفسها ... و ليس طلبا لحبه ....
قاطعتها لجين فجأة و هي تقول ببشاشة
( أتعرفين ما أنت بحاجة اليه ؟! ...... تحتاجين الخروج من هذا الحبس الانفرادي ...تحتاجين الخروج الي الشمس و الهواء ..... كم يوم مر عليك هنا و انت منقطعة عن العالم و البشر ؟!! .... و ماذا فعلتِ خلالهم ؟!!! ......)
أجفلت شيراز و هي تفكر .......
" ماذا فعلت خلالهم ؟!! ..... كنت سجينة فراش وليد ... ألبي رغباته .... و أحاول أن أثير حبه القديم .... لكن الفشل كان يلاحقني مرة بعد مرة ....."
لكنها بدلا من هذا قالت برفض تلقائي
(تلك هي أوامر وليد .... وهو لن يقبل حتى ولو رجوته )
قالت لجين رافعة احدى حاجبيها
(لذلك بالذات .... نحن لن نخبره)
فتحت شيراز فمها قليلا و اتسعت عينيها بذهول .... ثم لم تلبث أن ضحكت بعصبية و هي تهز رأسها نفيا بسرعة قائلة
( لا لا لااااا ... أخاك ليس الشخص المناسب كي تعبثين معه لم اتعافى بعد من صفعاته السابقة )
عقدت لجين حاجبيها و هي تشعر بغضب يطبق على صدرها...
الهمجية هي الكلمة المناسبة لوليد في تلك اللحظة !! ....
كانت تعرف أن وليد في حالات غضبه يكون عنيف متهور .... لكنها لم تتخيله همجيا بائسا الى تلك الدرجة
اي عصر يعيشه ؟! ... و اي بيئة نشأ منها كي يتصرف على هذا النحو ؟!!!....
نظرت الى شيراز بتدقيق و هي تفكر بغضب
"و تلك الفتاة زوجته !!... اي بساطة تلك التي تتكلم بها عن صفعاته و احتجازه و كأنها اعتادت الذل و الاهانة .... لماذا هذا الخنوع و القبول بالذل طالما أنها امرأة ذات عنفوان و شراسة في الدفاع عن نفسها ؟! ....
أهو الحب هو السبب في خنوعها ؟! ... اذن سحقا له إن كان يفعل هذا بالمرأة.....
ابتلعت لجين غضبها و حاولت الابتسام و هي تتكلم باتزان
( انفضي رعبك هذا يا بشرى ... و اخرجي من شرنقة هذا الزواج قليلا كي تتمكني من التوصل الى قرار بشأنه ......)
مالت شفتي شيراز بنفس السخرية الحزينة و هي تقول باستسلام
(أنا لا أملك القرار ........)
مالت لجين فجأة في جلستها و هي تهتف بصرامة
(لماذا لا تملكين القرار ؟!! ....هل أنت انسانة ذات شخصية و كيان أم أنك حيوان يتم ربطه ؟!!....)
ابتلعت شيراز ريقها و التوى حلقها و هي تنظر الى غضب لجين ...
أرادت أن تجيبها الصدق .... وهو أن الجواب الثاني كان اختيارها الدائم مهما تظاهرت بالعكس ....
و أحيانا لم يكن خيارها .... بل كان فرضا عليها أطرقت برأسها فانسدل شعرها الفوضوي حول وجهها و أخفاه فتابعت لجين بعنف أقل ... لكن بصرامة أشد
(أين الفتاة التي تدافع عن نفسها و التي احبها وليد ؟!!........)
لم ترفع شيراز وجهها .... بل قالت بخفوت بعد فترة
( أخبرتك أنه أساء الاختيار .... و أخطأ الفهم ....)
رجعت لجين في مقعدها و هي تنظر اليها بجفاء ... تدقق بها و بداخلها رفض يعيد اليها أمجادها الجهورية .... قبل أن تختار السكون لفترة نقاهة احتاجتها لنفسها .... متظاهرة بالاستسلام لمن حولها ... بينما هي في الواقع صامتة مستسلمة لنفسها و ليس لهم الى أن تقف من جديد بعد الكبوة التي أصابتها جراء ما حدث لها ....
• قالت لجين في النهاية بهدوء
• ( انهضي من مكانك يا بشرى .... ارتدي شيئا جميلا و اخرجي معي انسي حياتك لبضعة ساعات .... ربما اكتشفت بها شيئا جميلا .....)
• رفعت شيراز عينين ضائعتين اليها ثم قالت بفتور
• ( ردة فعل أخاك لو عرف ستكون مريعة .....)
• ابتسمت لجين قليلا و قالت بتحدي
• ( خائفة؟.....)
• ظلت شيراز صامتة قليلا ... و هي تفكر منذ متى كانت تخاف الضرب أو الصراخ ؟
• و في الواقع حاجتها للخروج تستحق المجازفة و حتى تحمل بعض الضرب
• تشعر بالجدران تضيق بها و تطبق عليها .... و هي لا تفكر سوى في استعادة قدرتها على ابهار وليد خلال علاقتهما الجسدية .....

لذا رفعت وجهها اليها و قالت بخفوت لكن أقوى قليلا
(لست خائفة .....)
ابتسمت لجين و هي تقول
(جيد ..... هيا اذن اذهبي لتبدلي ملابسك بسرعة و لن نتأخر .... أعدك بذلك)
نهضت شيراز من مكانها .... لكنها وقفت لتقول بتردد
( لا أعلم إن كنت أمتلك ملابسا مناسبة ......)
عقدت لجين حاجبيها و هي تقول
(الم يشتري لك وليد ملابسا كافية ؟!.......)
ترددت شيراز قليلا ثم قالت
(اشترى الكثير ..... لكنه مزق معظمهم قبل حتى أن ارتديهم)
ظلت لجين تستمع اليها و هي فاغرة شفتيها بذهول ثم قالت تعيد كلام بشرى غير مصدقة
(اشتراهم ثم مزقهم بنفسه ؟! .... ماذا أصاب أخي ؟.....
ماذا فعلتما ببعضكما بالله عليك حتى وصلتما الى تلك الحالة ؟!!........)
أخفضت شيراز وجهها و هي لا تجد الجواب المناسب ... فتنهدت لجين و هي تقول ترد على نفسها (أعلم أنني لن أحصل على الجواب الصادق الآن لذا لا داعي للسؤال اسمعي .... سأنزل لأحضر لك شيئا ترتديه من ملابسي ...... ثم نشتري بعض الملابس أثناء خروجنا .... سأحاول أن أخفي أمر خروجنا معا عن خالتي .... فهي لا تسلم الا بطاعة وليد بعينين مغمضتين ....)
قالت شيراز فجأة
(لدي العديد من الملابس الرائعة بشقتي الخاصة ... يمكننا أن نمر عليها ....)
لكنها لم تلبث أن عقدت حاجبيها و هي تقول مكلمة نفسها
( آه .... نسيت أن وليد قد أخذ مني المفاتيح ..... لكن لا أعتقد أنها مشكلة ...حارس الأمن يستطيع فتحها ....)
قالت لجين متباسطة في الحوار
( هل تمتلكين شقة خاصة بك ؟..........)
رفعت شيراز وجهها الى لجين .... و رغما عنها جالت عيناها عليها من جديد
رشيقة ... طويلة ... تجلس أمامها بأناقة واضعة ساقا فوق الأخرى حتى حجابها المنسدل على رقبتها كوشاح زادها أناقة و كلماتها الأجنبية الغير مفهومة لها ....تزيد من توترها ....
كانت تبدو كالخادمة بجوارها!!......
لذا جعلها سؤال لجين البسيط ترفع رأسها و هي تقول بلمحة من صوت شيراز القديمة التي كانت تتعالى على كل من حولها
(أمتلك شقة في مكان راقي .... و سيارة خاصة .... و ملابس تملأ خزانتي .... بخلاف حسابي في المصرف .... )
رفعت لجين حاجبيها و هي تستمع على الرد المبالغ فيه بالنسبة الى سؤال بسيط !!....
تلك الفتاة تعاني خللا ما ... لكنها تثير العطف و الرغبة في حمايتها ....
لذا ابتسمت و قالت برقة
( كم هذا رائع ..... القيادة تسهل لك الكثير)
عبست شيراز و هي تدرك أنها لم تبهرها تماما ... ربما لو كانت قد رأتها منذ أشهر ... حين كانت تسير بين الناس فتلتفت لها الرؤوس .... و تتسع لها الأعين الجائعة ... لكانت عرفت أنها ليست تلك المتواضعة الواقفة أمامها الآن ....
كانت شفتيها متكورتين باحباط ... لكنها ردت بقنوط
( وليد أخذ مفاتيح السيارة كذلك ......)
ادركت ما قالته بوجوم ... فرفعت وجهها و هي تقول متداركة
( لا يحب أن تقود زوجته سيارة........)
ظلت لجين صامتة بلا تعبير .... و قد أخبرتها ملامحها أنها لم تصدقها في النقطة الأخيرة ....
فالسبب في سحب مفاتيح السيارة هو نفس السبب في سحب مفاتيح الشقة .. وهو نفسه في تمزيق ملابسها .... انه يفرض عليها نوع من الحصار و كأنه ..... و كأنه لا يثق بها
تنهدت لجين بقوة ثم قالت بهدوء
( اذن دعينا لا نضيع المزيد من الوقت .... سأذهب لاحضر لك شيئا من ملابسي)
الا أن شيراز قالت
( الن نذهب الي شقتي لاحضر ملابسي ؟!.......)
وقفت لجين و استدارت اليها لتقول بشك
(هل هي من نفس النوعية التي مزقها وليد ؟!...)
صمتت شيراز و هي تطرق بوجههها مفكرة بل أسوأ في الواقع
لكن لجين عرفت الجواب دون الحاجة لأن تسمعه ..... لذا قالت مبتسمة بلين
( اذن فلن نذهب الى هناك .... فنحن لا نريد سوى الستر في يومنا هذا )
خرجت لجين أمام أنظار شيراز الساكنتين .... ثم لم تلبث أن جلست على حافة الأريكة و هي تهمس لنفسها بصوت خافت
"ما الذي أفعله ؟!!!........ أي صلة أو نقطة مشتركة تربط بيني و بينها ؟!!!
.................................................. .................................................. ...............
و قفت شيراز أمام المرآة و هي تنظر الى نفسها يمينا و يسارا تشعر بشيء خاطىء ....
كانت ترتدي فستانا طويلا بخطوط أفقية متدرجة الألوان بكل درجات الأزرق و الفيروزي و السماوي ... حتى بدت كحورية بحر ... بينما تعلوه سترة قطنية بيضاء بأكمام طويلة ....
قالت لجين برضا و هي تنظر اليها
( كنت أعرف أن هذا الفستان القصير علي سينفع يوما ما ......)
قالت شيراز بتردد
(أشعر أنه ..... لا يناسبني)
هتفت لجين بدهشة
(هل أنت مجنونة ؟! ..... تبدين مذهلة ..... الألوان تكمل لون عينيك فتبدين و كأنك قد خرجت من البحر للتو .......)
ظلت شيراز تنظر الى نفسها ..... ثم قالت بخفوت
( لا أعلم ..... لكنني أشعر أنني انظر لانسانة غريبة)
قالت لجين بعد فترة
( ليس هذا عيبا ... جربي أن تتغيري ولو قليلا .... قد يعجبك التغيير ....)
زمت شيراز شفتيها بتوتر .... ثم قالت بخفوت
(حسنا اذن .... لا بأس )
نزلتا على السلم محاولتين الا تصدرا صوتا .... لكن و ما أن مرتا أمام شقة لجين و خالتها حتى فتح الباب فجأة!!
تسمرت كل من لجين و شيراز مكانهما وهما تريان سمية تقف في الباب بملامح جامدة ... قاسية ...
و عينين كالجليد ...
فتنهد لجين دون أن تتكلم للحظة ثم قالت أخيرا
( سنخرج قليلا يا سمية .... احتاج لبعض الهواء ....)
ظلت سمية تنظر اليهما بنظرات اوشكت على أن تجمدهما ... قبل أن تقول بصوت لا تعبير له
( كل انسان يتحمل نتيجة فعله ... فلست المراقب هنا)
قالت لجين و هي تمسك بيد شيراز لتجرها خلفها بسرعة
(شكرا يا سمية ...لا نريد منك سوى هذا ... لن نتأخر)
لكن شيراز شعرت بشيء ما جعلها تستدير و تنظر الى عيني سمية الباردتين .. و كانت لا تزال تنظر اليها و كأنها كانت تنتظرها كي تلتفت ...
فشعرت شيراز بكيانها يتجمد من نظرتها التي لو كانت تقتل لكانت أسقطتها للتو صريعة ...
فأسرعت لتدير وجهها عنها و هي تشعر بالخوف !!....
لم تخف من جنون وليد و غضبه ,..... و ها هي تخاف من نظرة من خالته!!!


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 08-08-15, 11:56 PM   #21902

hager sibawah

نجمة روايتي ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية hager sibawah

? العضوٌ??? » 273732
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 984
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » hager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond repute
افتراضي

انا هنا انا هنا انا هنا
mareen likes this.

hager sibawah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 08-08-15, 11:59 PM   #21903

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

لم تصدق شيراز أنها من الممكن أن تقضي وقتا ممتعا كما فعلت مع لجين ....
لم تتسوق مع فتاة من قبل !!!
كانت تشتري بسفه قديما ما أن تحصل على نقود من أزواجها ..... لكنها لم تذق من قبل متعة التسوق مع فتاة
كانت لجين لا تتوقف عن المزاح و الضحك .... حتى أنها كانت تسخر من الكثير من المعروضات و الملابس ...
كانت تمسك بأحد الفساتين القصيرة للغاية و تقول رافعة حاجبها بتوجس
( ماذا نفعل بهذا ؟!! ... إنه يصلح كعصابة للعين !! ..... )
لم تشأ شيراز أن تخبرها بأنها كانت ترتدي ما هو أقصر من قبل !! .....
لكنها كانت تبتسم ... و تدريجيا بدأت تتحول الإبتسامة الى ضحكات خافتة ....
الغريب في الأمر أنها لم تدير الرؤوس خلال سيرها .... بل كانت مجرد فتاة عادية .... بشعرها الذي تحول بنيا بعدما فقد أصباغه ... ووجهها الخالي من أصباغ مشابهة ....
كانت اشبه بفتاة جامعية ..... لكنها أنيقة ... و جميلة ....
بينما كانت لجين قمة في الأناقة و الروعة ... بتنورتها الأسبانية البيضاء ذات الطبقات .. و التي كانت تدور من حولها بأنوثة دون أن تظهر منها شيئا ... و قميصها القطني الوردي و حجاب مماثل ... بينما سترة مخرمة بيضاء قصيرة .. تزين ذراعيها ....
زارتا عدة محلات لم تعرف شيراز بوجودها .... و كانت تنظر الى لجين بانبهار و هي تتكلم ما بين العربية و الإنجليزية و الفرنسية معا .. اثناء التسوق ...
مما كان يجعلها تمد رأسها و تضيق عينيها ... محاولة الفهم من الثلث العربي من الكلام ....
و بعد أن انتهيتا ... كانت لجين تضحك و هي متأبطة ذراعها ... ثم قالت و هي تمسح دموع الضحك من عينيها
( كم كنت في الحاجة للخروج ..... مضى وقت طويل منذ خرجت آخر مرة .... مثلي مثلك يا بشرى )
ابتسمت شيراز بصمت .... فقالت لجين تقول باهتمام
( أنتِ قليلة الكلام .....هل أثير مللك ؟؟ .... )
رمشت شيراز بعينيها و هي تقول بتوتر ...
( لا ..... لا طبعا ......)
كانت لجين قد توقفت أمام أحدى المقاهي الأنيقة و هي تنظر اليها بشرود .... ثم قالت بصوت غامض و كأنها وصلت أخيرا
( اسمعي ...... لقد تعبت .... و أريد مشروبا .... تعالي لنجلس قليلا ..... )
دخلتا وهما تحملان العديد من الأغراض و الملابس ..... وقفت لجين مكانها تدير عينيها قليلا في المكان ... الى أن ابتسمت و هي تخفض وجهها أرضا قبل أن تختار طاولة لتجلس عليها ... فتبعتها شيراز و جلست هي الأخرى ...
كانت لجين شاردة .... مسندة فكها الى اصبعها الطويل مقلم الإظفر بعناية ....
على الرغم من سعادتها السابقة الا أنها تحولت الى شاردة .... و ظهر بعض الحزن في عينيها لم تستطع اخفائه ....
رفعت وجهها فجأة .... و ابتسمت ... ابتسمت برقة و تهذيب و خجل ..... ثم عادت لتخفض وجهها من جديد ....
فالتفتت شيراز خلفها محاولة معرفة لمن ابتسمت لجين ....
دققت النظر في جميع الجالسين خلفها .... الى أن شاهدت رجلا يدقق النظر بهما و يبتسم برقة و حنان ...
كان وسيما ... بسيط الملابس رغم أناقتها ... يجلس الى طاولة خاصة .. ليست كطاولات الجالسين .. و كأنها طاولة حجزت له خصيصا .....
كانت عيناه سعيدتان .... و ملامحه تنطق بالإنشراح .... وهو لا يخفض عينيه عن لجين التي كانت مطرقة بوجهها بخجل ... و ابتسامة تلامس ثغرها بجمال ... و ندم ....
شعرت شيراز بأن لجين لم تكن تريد أن ترفه عنها وحدها .... بل من الواضح أنها أرادت رؤية هذا الرجل ....
جاء النادل وهو يسلمهما القائمة ... فنظرت اليها بشرود و هي تقول برقة
( ماذا تطلبين ؟؟ ..... أنا سأطلب شيئا أحبه جدا في هذا المكان ...)
و أخذت تنطق اسما طويلا جدا يبدو ايطاليا ..... ثم رفعت رأسها و هي تخيرها بينه و بين شيء آخر ... له أسم أكثر طولا .... قالت عنه أنه نوع حلوى فرنسية ....
ظلت شيراز تنظر اليها بملامح متبلدة .... و كأنها لم تسمع شيئا ... فقالت لجين و هي تعيد عينيها عن ذلك الرجل الذي تنظر اليه خلسة
( لماذا لا تختارين يا بشرى ؟!! ..... أم تريدين شيئا آخر ؟!! ..... )
أخذت بشرى نفسا طويلا ... قبل أن تقول بخفوت
( ألم تذكري أن وليد قد أخبرك ... بأنه أحب فتاة ..... لا تتقن نفس لغاتك ؟!! ..... )
عقدت لجين حاجبيها و هي غير مدركة لما تقصده شيراز ... فقالت بحيرة
( نعم ......... )
قالت شيراز بفتور
( اذن لماذا تصرين على ادخال الكثير من كلمات للغات أخرى في كلامك ؟! ...... أعرف قدري جيدا مقارنة بك .... لكن لا أحب الا أفهم ما أسمعه ..... فلماذا تصرين على ذلك ؟!! ...)
فغرت لجين شفتيها ... و شحب وجهها و هي لا تجد ما تنطق به لعدة لحظات ...
ثم قالت بصوت مضطرب
( أنا آسفة ..... آسفة جدا يا بشرى .... كنت انطق بعبارات بسيطة ... لا تتعدى الكلمتين .... ظننت الجميع يعرفها .... فقد اعتقدت أن وليد يقصد ... دراستي الصعبة و الترجمة الطويلة ... و اللغات بمفرداتها المعقدة .... لم أظنه يقصد أبسط الكلمات !! .... )
تنهدت و هي تنظر الى شيراز بصمت ... ثم تابعت تقول
( أنا أتقن تلك اللغات لأنها كانت ضمن دراستي .... و كنت أستاذة جاميعة أدرسها.... )
ارتفع حاجبي شيراز و اتسعت عيناها بذهول و هي تهمس منبهرة ... و شاعرة بالضآلة أكثر و أكثر ...
( أنتِ ...... أستاذة جامعية ؟!!! ...... )
أطرقت شيراز بوجهها بعد أن نطقت بسؤالها الباهت .... و لم تسمع لجين و هي تقول بصوت باهت
( كنت ...........)
كيف ينظر اليها وليد ؟!! ..... كيف يطيق النظر اليها و لمسها بعد كل ما عرفه عنها ... بينما أخته بمثل هذا المستوى العالي ؟!! .....
قالت لجين بتردد ...
( بشرى .... ماكنت انطق به .... مفهوما للمتعلمين .... هل يعتبر تطفلا لو سألتك ... الى أين وصلتِ في التعليم ؟!! .....)
كان السؤال الذي تخشاه شيراز .... فأغمضت عينيها للحظة .. و أرادت الكذب , لكن كيف الكذب و لسانها يفضحها .... لذا قالت بوجوم و هي تنظر بعيدا مشبكة ذراعيها
( الإعدادية .......... )
رمشت لجين بعينيها و هي تظن بأنها لم تسمعها .... فقالت بصدمة
( عفوا ؟!! .......... )
زفرت شيراز دون أن تنظر اليها ... و كررت بقنوط
( الإعدادية .......... )
ازدادت الصدمة على وجه لجين .... ثم قالت بخفوت
( و لماذا لم تكملي ؟!! ...... حتى ولو بالتعليم المجاني !! ..... )
ظلت شيراز ناظرة للبعيد ... ثم قالت
( ظروف .......... )
بللت لجين شفتيها و هي تراقبها بصمت ... الى أن ابتسمت في النهاية بعطف و هي تقول بصدمة لم تزول بعد
( لا بأس ....... أعدك أن أنتبه فيما بعد ....أرجوكِ اعذريني ....سامحيني ... )
رفعت شيراز وجهها اليها ... ثم قالت بهدوء
(أسامحك بشرط ...... أن تخبريني لماذا نحن هنا تحديدا؟؟ ... و من هو هذا الرجل خلفي الذي لم ينزل عينيه عنك منذ أن دخلنا ؟؟... و قد دخلنا لنراه فلا تحاولي خداعي .... أخبرتك أنني اكره عدم الفهم ....)
تفاجئت لجين بمدى قوة ملاحظتها ... أم أنها هي التي أصبحت ضعيفة الى حد الانكشاف ؟....
لكنها لم تتضايق .... و طالت منها نظرة خلف كتف لجين اليه و كان لا يزال ينظر اليها مبتسما .... سعيدا برؤيتها بخير ملامحه قريبة للنفس جدا .... مما يجعل منه رجلا وسيما ...دون تكلف أو بهرجة ....
ابتسمت له بخجل ... ثم أعادت عينيها الى شيراز قائلة بهدوء
(هذا الرجل هو صاحب هذا المقهى .... وكان قد تقدم لطلب يدي بعد أن رآني أجلس هنا دائما .... لفتت انتباهه فاعجب بي و تقدم لخطبتي .....)
قالت شيراز باهتمام و كأنها تسمع قصة
( و طبعا قبلت به .......)
نظرت لجين اليه .... ثم قالت بهدوء
(بل رفضت .....)
دهشت شيراز و قالت
( لماذا ؟!!!..........)
ردت عليها لجين و هي تتنهد
( لم أكن أعرف عنه شيئا سوى أنه صاحب المقهى الذي أحب الجلوس به ... و بعد أن تقدم لخطبتي وضع كل المعلومات عنه أمام وليد ...
فعرفت أنه بعد وفاة والده اضطر الى ترك دراسته الجامعية كي يرعى أمه و اخوته ... لذلك تأخر في الزواج قليلا .... ثم بدأ الحال يزدهر معه ... فأصبح لديه محلين و هذا المقهى الذي يجلس به في هذا الوقت كل يوم ليقرأ بينما تزوجت شقيقتيه و تخرج أخاه من كلية الهندسة ...
حينها شعر بأنه قد أتم رسالته و بدأ التفكير في الزواج ...
الى أن رآني و أعجب بي .....)
صمتت قليلا . ثم قالت بصوت اكثر خفوتا و هي تنظر اليه
(و على الرغم من اعجابي بقصته و شهامته و رجولته .... الا أنني شعرت بالفارق في المستوى التعليمي بيننا ...
ليس أنني أكثر منه علما ... بل في الواقع أنه كان قد التحق بالجامعة لكنه لم يتمكن من المتابعة .... كما أنه شخص مثقف ..لا يكف عن القراءة أبدا .....
لكن بصراحة أردت الزواج من أستاذ جامعي .. لذلك رفضت بلطف دون أن نجد الفرصة حتى كي نتكلم و نتعارف ....)
ارتفع حاجبي شيراز و هي تستمع اليها ....
تفكر في حال الدنيا فلو وجدت مثل هذا الرجل ببداية حياتها لربما كان وضعها أصبح مختلفا ...
لكن بمن تقارن حالها ؟!!....
فلجين بالفعل من حقها أن تختار شريك حياتها و هي تضع ساقا فوق أخرى ....
فقالت بخفوت
(و ماذا حدث بعد ذلك؟؟........)
قالت لجين بحزن
(خطبت لأستاذ بكليتي .....و كنت راضية عنه تماما بعقلي فتوقفت عن المجيء الى مكاني المفضل نظرا لحرج الموقف....)
صمتت قليلا ... و هي تبتلع غصة في حلقها ثم تابعت
(الى أن حدثت معي مشكلة ... أودت بوظيفتي و اهدرت كرامتي و انتهكت روحي .....)
عقدت شيراز حاجبيها و هي تقول
(ماذا حدث؟!! ........)
تنهدت لجين تجيبها بعد فترة
(باختصار كان لدي طالب ..... يكاد أن يكون رأس الفساد في الجامعة كلها ... حاول عدة مرات لفت انتباهي اليه على الرغم من أنه يصغرني سنا ... لدرجة أنه تقدم لخطبتي من باب التفاخر ليس الا .... و ما أن اتخذت اجراءات صارمة ضده عدة مرات ... حتى نصب لي فخا ...)
صمتت للحظة غير قادرة على المتابعة ... الا أن شيراز قالت باهتمام و هي عاقدة حاجبيها
( ما هو الفخ ؟!! .......)
قالت لجين محاولة التظاهر بالهدوء
(تمكن ذات يوم من تكميم فمي بمخدر و جري الى سيارته و الذهاب بي الى مكان ما ... و قام بالتحرش بي ومعه اثنين من عصابته و التقط عدة صور لي ... قام بنشرها في كل مكان و وصلت الى هواتف الجميع ...
ثم تركوني ملقاة بهذا المكان و فروا هاربين......)
شهقت شيراز دون صوت و هي تشعر بغثيان قديم يخنقها ... يطبق على صدرها ...
الى أن تابعت لجين و هي تحاول التنفس بهدوء دون تفاصيل أكثر ...
( حاولت الصمود بعدها و العودة الى عملي بعد تقديم شكاوى في كل مكان و حتى الاعلام ...
دون جدوى في نيل حقي ممن فعل بي هذا كانت فضيحة علنية كبيرة ....
هزت أرجاء الجامعة ... لذا نصحوني في الكلية بصورة غير مباشرة بضرورة أخذ أجازة طويلة
و الا أدخل لطلابي بعد تلك الفضيحة طبعا رفضت و صرخت و كنت أنوى المتابعة بكل جنون ... لكن للأسف أصبت بانهيار و احتجت الى علاج طويل بعدها .....)
نظرت الى الرجل خلف شيراز ... ثم قالت مبتسمة بحزن
(أثناء وجودي بالمشفى ..... جاء هو لزيارتي كل يوم ... لم يتركني أبدا ... و كأننا نعرف بعضنا ... صوته لا يزال بأذني و هو يحدثني عن الصبر و دعوة المظلوم ...و أن الله سيأخذ لي حقي ...
استطيع القول أنني عشت على صوته تلك الايام العصيبة و ما أن خرجت حتى عاد الى حياته ..
لكني أتذكر آخر جملة قالها لي ...
"كوني بخير ... أريد سماع الخير عنك دائما " ....)
شعرت شيراز بألم حاد بداخلها ..... يكاد أن يخرقه كخنجر
لم تكن أبدا مرهفة الحس الى تلك الدرجة من قبل لكنها همست باختناق
( و خطيبك ؟!! ........)
نظرت اليها لجين ثم ضحكت عاليا و قالت
(الاستاذ الجامعي؟!! ..... لم يستطع التأقلم مع الوضع بالطبع و هرب بنفس اللطف الذي رفضت أنا به هذا الرجل خلفك ...)
كانت شيراز تنظر اليها طويلا و هي تتنفس بسرعة و تكاد أن تسب بأقذع الألفاظ ....
تريد أن تبصق كلاما دنيئا من بين رذاذ بصقتها ....
لكنها عوضا عن ذلك قالت بصوت يرتجف
(أخبرتني للتو بشيء يخصك .. يخجلك ... بمنتهى البساطة الا تشعرين بالخوف أو الحرج مني ؟!! أو حتى الخزي ؟!!....)
رفعت لجين عينيها اليها ثم قالت بقوة رغم خفوت صوتها
(لماذا الخزي يا بشرى ؟! ... أنا لم أخطىء بشيء كي أشعر بالخزي أو الخوف....
الخزي و الخوف شعوران لمن يختار الخطأ بارادته ....لكن خلاف ذلك فهما يتحولان الى السبب في تجبر أمثال هذا الحيوان ....)
صمتت للحظة و هي تنظر الى البعيد و قالت
(ثم أنه ليس موضوعا خاصا .... أخبرتك أنني جعلت منه فضيحة علنية و لن أسكت الا بنيل حقي و الرجوع الى وظيفتي ... أنا فقط في فترة نقاهة ....)
قالت شيراز بصوت يرتجف خافت بشدة
(و ماذا عن ... وليد ... ماذا كان وضعه ؟؟ .....)
ابتسمت لجين فجأة و هي تقول
( كفانا هذا اليوم .... الكثير من المعلومات أكثر مما يحتمل الهدوء الذي طلبناه .... ثم أنني وعدتك بالا أؤخرك ..... هيا لنخرج ...)
اطرقت شيراز بوجهها و هي تشعر بشيء غريب بداخلها ...
نعم الخزي و الخوف هما لمن يختار الخطا .... و ليس من يجبر عليه
أشارت لجين الى النادل تطلب الحساب .... لكنه جائها بسرعة وهو يقول بتهذيب
( السيد يرفض أن تدفعي الحساب يا آنسة ........)
انتفضت و هي ترفع وجهها اليه فوجدته لا يزال ينظر اليها مبتسما بحنان .. و حاولت الإشارة بعينيها أنها ترفض ذلك ... الا أنه رفع يدا حازمة مفرودة...فلوح بها بحركة واحدة حازمة وهو يرفض الجدال ... فزمت شفتيها بعتب ....
كان بينهما حوارا لطيفا بالإشارات ... و ما أن نهضت هي و شيراز ... كان عليها المرور به ...
فأطرقت بوجهها الأحمر وهي تراه ينهض من مكانه .... و ما أن مرت به حتى همست بخفوت
( السلام عليكم ..... شكرا لك .... )
لم تتوقف كي تحادثه .... بل كانت لحظة وحيدة مرت به و هي تقول عبارتها الخجولة ....
وهو لم يستوقفها .... بل وقف مكانه ليقول بنفس اللحظة
( و عليكم السلام و رحمة الله ...... كوني بخير .... )
.................................................. .................................................. ...............
• لا يعلم كم مر عليه من الوقت وهو يدور بسيارته بكل جنون ....
• سرعته الجنونية كانت تندفع من داخله .... و ليست من تروس محركات سيارته جنون الكلمات التي سمعها كانت تطوف و تتداخل بين اسمين ... بل ثلاث.....
• بشرى .... شيراز .... لجين....
• تداخلت الأحداث و تشابكت فعجز عن التفريق ..
• و كأنه يرى الطفلة الصغيرة المنتهكة .... محاصرة في زاوية ضيقة و ثور هائج يهاجمها ضاغطا عليها
بينما تكبر لتصبح آية في الجمال ... أستاذة جامعية تفرح كل من ينظر اليها فتشبعه فخرا ...
لتسقط في هوة سوداء ...... صارخة تستنجد به ....
ضرب المقود بيده فجأة و هو يصرخ ...
( لماذا أنا ؟!! ..... لماذا أنا ؟! ...... الأنني لا أستطيع التحمل؟!! .... فجائتني الضربتين متتاليتين بكل قسم من قلبي )
داس على المكابح بكل قوته وهو يتفادى الإصطدام بسيارة اخرى بكل قوته ... فدار بسيارته دورة كاملة .. قبل أن تقف تماما
بينما توقفت السياة و نزل قائدها وهو يشتم و يصرخ .... حينها فتح وليد الباب و خرج من سيارته مندفعا كثور هائج وهو يمسك بقميص الرجل دافعا اياه حتى استلقى على مقدمة سيارته مذعورا بينما وليد يرفع قبضته الأخرى وهو يصرخ بجنون
( ماذا تريد ؟؟؟ ...... ماذا تريد ؟؟؟ ...... انطق مجددا بما كنت تقوله .... )
هتف الرجل مذعورا وهو ينظر الى قبضة وليد المرفوعة و الكفيلة بتهشيم فكه
( أنا آسف ...... أنا آسف ...... )
اهتزت حدقتا وليد قليلا وهو ينظر اليه .... بينما كان يلهث بسرعة مهلكة ....و كأنه يعود الى وعيه سريعا ....
فتركه منتفضا وهو يبتعد ... ففر الرجل بسيارته مذعورا من ذلك المجنون الذي وقع بطريقه في هذا اليوم الغير عاطفي اطلاقا .....
مشى وليد حتى وصل الى سيارته .... فاحنى ليجلس أرضا مستندا الى اطارها ..... رافعا ركبتيه ليستند بذراعيه اليهما وهو يشعر بأنه اكثر تعبا من أن يقود حاليا ....
كان لا يزال تحت تأثير الغثيان الذي شعر به مما سمعه من قصة بشرى .....
مئات الفتيات يتعرضن يوميا للتحرش .... و كان عليه أن يكون أقوى من ذلك عند سماعه قصة مشابهة ،،، لكن أن تجد القصة لديه نفس الصدى متمثلا بأخته لجين ؟!!
فقد كان هذا اكثر من احتماله ....
اي صدفة جعلت منه مشاهدا لقصتين تحرش تخصان اثنتين في حياته ؟!!....
اثنتين لا واحدة .....
أخته ......و ..... زوجته...... شاء أم أبى فشيراز زوجته ......
و هذا جعل منه حيوانا وهو يعرف الآن لماذا تئن بالكوابيس كل ليلة بعد أن يتركها....
انها ترى فيه صورة الحيوان الذي كان يستغل جسدها أي تفسير آخر اذن لنفورها منه ؟!!.....
جعله هذا الاحساس يشعر بالقشعرة و القذارة ..... و أن لا شيء قادر على تنظيفه ....
لكن هل من المفترض أن تجعله تلك القصة يتغاضى عن حياتها التي تلت ذلك ؟!!.....
و الأسوأ خداعها له الى أن سقط أسير حبها ......
بداخله حقد كبير لافسادها هذا الحب الذي يكنه لها ......حقد يجعله غير قادرا على الغفران .....
فأي دوامة تلك التي يعيشها ؟!!...
دوامة تجعله غير قادرا على نبذها ... خاصة الآن ....
بعد أن عرف ما تعرضت له في طفولتها هل يطردها خارجا و يتظاهر بأنها تستحق ذلك لخداعها ؟!!!
ترى لو فعل ذلك .... ألن يفكر كل يوم و كل لحظة في مصيرها ؟!! ...
و أي الطريق الذي سلكته ..... و أي حضن تستلقي به الآن ........
.................................................. .................................................. ............................
دخل البيت ليلا ... منهوك القوى ... يجر قدميه بتعب ....
فتسمرت مكانها و هي تسمع صوت خطواته ... كان عليها أن تنتظره أن يأتيها ككل ليلة ....
الا أنها هذه الليلة بادرت و انتظرته و قررت الخروج اليه ....
كانت على استعداد لتحمل كل قسوته الليلة .... لذا خرجت بتوتر و هي تحاول تمهيد نفسها اليه ...
و ما أن رأته حتى وقفت ملتقطة أنفاسها .... قبل أن تقول بخفوت
( مساء الخير ........ )
كان منحني العنق ... ناظرا الى الأرض و ما أن سمع صوتها حتى تسمر مكانه ... ليرفع رأسه ببطىء في اللحظة التالية .... ثم تشنج و كأنه رآى عفريتا أمامه ...
هذا هو الانطباع الذي تلقته شيراز و هي ترى ملامح وجهه المصدومة بنفور !!! ... مما جعلها تتراجع خطوة هي الأخرى للخلف !!
هل هي بشعة الى تلك الدرجة ؟!! ..... لقد تأنقت من اجله ... و أنتظرته و هي مصممة أن تجعله يشعر برغبتها .... فما الذي أصابه ؟!! ....
وقف ينظر اليها ... يرى ما ترتديه ..... أو بمعنى أصح ما لا ترتديه .....
كانت مكشوفة لديه بالكامل .. دون خجل أو حياء .... تقف بدلال و هي تبتسم بإغراء ... ابتسامة طارت ما أن رأت صدمته ...
قال وليد بخفوت ميت مغمضا عينيه
( ماذا تفعلين ؟!!! ........ )
عادت اليها بعضا من روحها على الرغم من توجسها من ردة فعله .... فقالت بعذوبة و هي تتمايل , عساه يفتح عينيه و ينظر اليها مجددا
( انتظرك .......... )
رأت حلقه يتشنج بوضوح على الرغم من الإضاءات الجانبية التي أشعلتها جاعلة للمكان ضوءا خافتا ...
ثم فتح عينيه أخيرا ....وهو ينظر اليها مجددا و كأنه ينظر الى شيء مخيف .. مما جعلها تتوتر بجدية
ماذا به ؟!! ..... لماذا يتصرف على هذا النحو ؟!! ......
هل عرف بخروجها مع لجين ؟!! ..... لكن إن كان قد عرف فهذا من المفترض أن يجعل منه عنيفا .. لا خائفا منها بتلك الطريقة ؟!! ..... هل يظنها ستأكل ذراعه ؟!! .... ماذا به ؟!! ...
قال أخيرا بصوتٍ قاتم أجش
( غطي نفسك ........... )
ارتفع حاجبيها و هي تنظر اليه ... ثم قالت بحيرة
( لماذا ؟!! .......... )
صرخ فجأة بجنون وهو يرفع يديه الى جبهته ثم لوح بهما بعنف
( تبا لذلك ....... غطي نفسك يا شيراز و ابعدي جسدك عن نظري .... )
تراجعت خطوة أخرى و هي تحيط جسدها المرتعش بذراعيها ... لكنها قالت بصوت مرتجف
( وليد ...... لو كان السبب ليلة أمس ..... فأنا آسفة ..... كان هذا خارجا عن ارادتي ... أرجوك سامحني , صدقني أنا لا أفتعل الجنون أمامك ... أنا فقط أحيانا أفقد السيطرة ..... )
صمتت و هي تحرك ذراعيها غير قادرة على تبرير نفسها ... لأنها لا تملك تفسيرا منطقيا ....
لكنها لم تحتاج الى لحظات أكثر وهو يندفع اليها كالمجنون .... اندفاعه و ضخامته جعلها تشهق عاليا و هي ترفع ذراعيها أمام هجومه الضاري ...
الا أنه جذب ذراعيها ليطوح بهما بعيدا ... قبل أن يضمها الى صدره بقوةٍ أوشكت على أن تقسمها نصفين ....
كانت تشهق و ترتجف بعنف ... تحاول أن تسيطر على الرعب الذي نبع بداخلها .... خوف من أن يستخدم عنفه اثناء علاقتهما .... و على الرغم من أنها لم تخشى هذا يوما مع رابح ....
لكن خلال اللحظات التالية .... أدركت أنه لا يزيد عن ضمها ..... يضمها الى صدره و يعتصرها دافنا وجهه في عنقها وهو يرفعها عن الأرض و كأنها لا تزن شيئا ....
فمه فقط هو من كان يقبل النبض المرتعش في عنقها !! .....
أخذت تتنفس بصعوبة و هي تدرك أنه بالفعل لا يقدم على المزيد ....
أرجحت ساقيها قليلا لتتأكد بأنها لا تلامس الأرض بالفعل ...
و بتردد رفعت ذراعيها لتحيط بهما عنقه و هي تلامس شعره .... لا تعرف تلك الحالة الجديدة عليها !!!
هل هو يرغبها أم لا ؟!!! ..... لأول مرة لا تملك الجواب عن تلك الأمور ....
و بعد وقت طويل ... همست بخفوت شديد جدا في أذنه
( ماذا بك ؟! ......... الا تريدني ؟!!....... )
تأوه بصوتٍ أجش .... وصلت ذبذباته عبر عنقها ... بينما رفع وجهه عنها بصعوبة وهو يفلتها لتنزل أرضا على قدميها ....
و أخذ ينظر الى ملامحها .... عينيها الخضراوين الكبيرتين ... تكادان تبتلعان وجهها كله و تجعل منها جنية صغيرة ... و شعرها الذي تحول الى اللون البني الفاتح ....
أطرق برأسه قليلا قبل أن يقول بخفوت
( كيف حال جرحك ؟! ........ )
عقدت حاجبيها قليلا و هي تقول بعدم فهم
( أي جرح ؟!! ........ )
مد يده يمسك بمعصمها ... ليرفع الضمادة عن رسغها بقوةٍ آلمتها قبل أن يرميها أرضا باهمال .... و كل اهتمامه كان موصبا الى الجرح بباطن معصمها .....
قالت شيراز بحيرة
( آآآه هذا الجرح ؟!! ...... كنت قد نسيته ....لم أشعر به أصلا ..... )
صمتت ثم رفعت وجهها اليه و هي تقول بخفوت
( وليد ..... أرجوك اغفر لي جنوني ........ )
نظر الى عينيها طويلا جدا .... نظرة تحمل الكثير مما لم تفهمه .... قبل أن يترك معصمها ليسقط الى جانبها ... ثم قال بجفاء خافت ينبض بالألم
( ليت جنونك كان هو ما يتطلب الغفران ....... لقد كان هو سبب حبي لكِ ...... لكنني أحببت فتاة غير موجودة ..... و أنت السبب في ذلك , هلا أخبرتني الآن أين أجدها ؟!! ...... )
همست و هي ترفع وجهها اليه بتوسل
( ها أنا ذا ..... إنها أنا ........ والله هي أنا ..... الا يمكنك فقط أن تتغاضى عما سبقك من حياتي .... )
أغمض عينيه طويلا .... قبل أن يقول بصوت أجش
( أنظري الى نفسك ........ و ستعرفين بأنني من المستحيل أن أتغاضى عما سبق من حياتك ..... )
ابتعدت عنه خطوة و عيناها تلتمعان بالدموع ثم قالت بصوتٍ مكتوم بينما الغضب يلمع من عينيها تحت غلالة الدموع
( الا أروق لك ؟!! ..........أتحتقرني الى تلك الدرجة ؟!! ...... من اذن كان يجرني الى سريره كل ليلة .... على الرغم من احتقاره و غضبه .... تابعا شهواته كالبهائم !! .....أهو شبح مما سبق من حياتي ؟!! )
رفع يده عاليا ..... و قد ارتسم الغضب على ملامحه ماحيا كل أثر للعطف السابق .... مما جعلها تغمض عينيها منتظرة الصفعة .... رافعة وجهها ...ضامة قبضتيها الى جانبيها دون أن تحاول الهرب ....
الا أن يده ظلت عالية لفترة وهو ينظر اليها ... يلهث من شدة الغضب و الألم .....
لكنه أنزلها فجأة .... ففتحت عينيها بتردد .... و هي تنظر اليه ... فاستدار عنها وهو يهدر بصوتٍ قاسٍ
( ادخلي غرفتك ...... و اغلقي بابها , فمن اليوم ستكون لكِ غرفة مستقلة ..... )
ارتفع حاجبيها و برد غضبها في لحظة ... ثم مدت يدها دمعة خائنة بظاهر يدها و هي تقول بصدمة
( ماذا ؟!! .......... )
استدار اليها وهو يقول ساخرا دون مرح
( ألم يكن هذا هو رجائك ليلة أمس ؟!! ..... حسنا لقد واقفت على طلبك .... و ستكون لك غرفتك ... علك تستطيعين النوم بلا كوابيس ...... )
همست شيراز و هي تقترب منه خطوة
( لست أنت سبب تلك الكوابيس ..... أنا حتى لا أتذكرها ..... )
عاد ليستدير اليها بعنف وهو ينحني اليها ... ليهمس أمام وجهها
( كاذبة ..... تتذكرينها و تتذكرين من كان يشاركك بها .... )
فغرت شفتيها و هي تتراجع خطوة لتقول
( يشاركني .......... من تقصد ؟!! .......... )
تنهد مغمضا عينيه قبل أن يقول بخفوت مجهد
( غطي نفسك يا بشرى ...... و اذهبي الى غرفتك , علك تنعمين ببعض الراحة .... )
همست برجاء و توسل تناقض نفسها
( أريدك بجواري ............. )
نظر اليها بملامح جامدة ... بينما عيناه تتعذبان و قال أخيرا بخفوت
( لأي شيء ؟!! ..... لأمسك بيدك حتى تغمضين عينك ؟!! ..... )
اتسعت عيناها و هي تهتف بقوة
( انظر الي ............ )
دارت حول نفسها فاتحة ذراعيها و هي تقول
( انظر الي و أجب على نفسك ........ أنا ملكك .... و ليلة أمس أنا آسفة عليها صدقني .... )
عاد ليغمض عينيه وحلقه يتشنج بقوة ..... فتوقفت عن الدوران و هي تنظر الى حاله الغريب ... الى أن قال أخيرا بصوت خافت
( أنت تحتاجين للمساعدة ......... )
عقدت حاجبيها بشدة ... ثم لم تلبث أن ضحكت بعصبية و هي تقول بحيرة
( أتظنني مجنونة ؟!! ...... كل هذا لأنني تجرأت على رفض الفتى الرائع مرة من بين الليالي السابقة كلها ؟!! ....... )
رفع عينيه اليها .... ثم هدر بجمود جليدي أرسل الرجفة الى جسدها
( أستطيع رميك خارج هذا الباب حالا و بالشكل الذي أنت عليه ...... و سأكون سعيدا مرددا كل كلمة قذرة تصوبينها ضدي ثم تعودين بعدها للتذلل و طلب السماح ..... الا أنكِ و للأسف بسبب نزوة غضب مررت بها .. جعلت منكِ زوجتي , لذا أنا مجبر على حماية اسمي الذي تحملينه .....
و أول تلك الحماية هي أنني بصراحة لا أثق بكِ ...... لذا ستبقين بهذا البيت الى أن تنالين المساعدة التي تحتاجين .... و هذا ينقلنا لثانيا ... أنت ستنالين المساعدة يا بشرى شئتِ أم أبيتِ ....... )
تراجعت للخلف و الرعب مرتسم على وجهها من أن يرميها خارجا بالفعل بجسدها المكشوف !!
لكنه ضحك بازدراء وهو يلاحظ خوفها الظاهر على وجهها ....
ثم قال بجفاء مخرجا مظروفا أبيضا من جيب سترته .... اقترب منها ليمسك بكفها المرتجف رغم عنها ... ثم وضعه في يدها بالقوة
( لا تخافي ..... أخبرتك أنني سأحافظ على اسمي .... خذي هذا ليطمئنك قليلا , و ليكون حافزا لكِ كي تقبلين البقاء هنا و تقبل المساعدة .... )
قالت بشرى بخوف و أسى
( ما هذا ؟!! .............. )
قال بجمود
( انظري اليه ..... انه خطاب المصرف , افتحيه و انظري الى حسابك الجديد الذي أضفته لكِ ....)
نظرت المظروف بيدها بلا تعبير ... ثم رفعت وجهها لتهمس بصوتٍ واهي
( تلك الخطابات تصل على شقتي ..... هل ذهبت الى هناك ؟!! ...... )
لم يرد عليها وهو ينظر اليها بصمت طويلا ... قبل أن يقول بجفاء
( من اليوم ستصلك هنا ......... الآن اذهبي و احسبي أرباحك .... )
استدار عنها بصعوبة .... بينما سمع وقع قدميها الحافيتين أخيرا و هي تبتعد عنه مكسورة الخاطر ... و ما أن دخلت غرفتها ... حتى استدار ينظر الى بابها الذي لا يزال مفتوحا ... ثم زفر بعنف وهو يغمض عينيه عن جسدها الساكن خلف هذا الباب .... المفتوح .... يحاول اسكات شهوات البهائم كما قالت للتو ...
لكن ان كانت شهوات البهائم .... فماهذا الألم الذي يفترس روحه ؟!! ....
شعر بقوة تجذبه الي الباب المفتوح .... فاقترب منه مسيرا ببطى الى ان نظر منه ....
فوجدها لا تزال على حالها ... جالسة على حافة الفراش دون أن تغطي نفسها ... ممسكة بخطاب المصرف .. تدقق النظر به و هي تخفض وجهها حتى كاد ان يلامس الورقة ....
و اصبعها يلاحق الرقم الأخير !! .........
أغمض عينيه وهو يهمس بداخله بيأس و شعورٍ بصفعة باردة على وجهه
" لا فائدة ..... من اعتاد البيع من المستحيل أن يفهم لغة غيره .... "
رن هاتفه فجأة ... مما جعل شيراز تنتفض مكانها و هي تدرك وجوده ... بينما التقت أعينهما ... قبل أن يرفع هاتفه الى اذنه .... و قال
( كيف حالك يا سمية ...... نعم وصلت للتو ..... كنت قد .... )
صمت قليلا وهو يستمع اليها ... قبل أن يعقد حاجبيه بشدة وهو يهمس ناظرا الى شيراز بشراسة جعلتها تشهق بداخلها و هي تتراجع للخلف على السرير ...
بينما قال بخفوت خطير
( من ؟!! ........ أين ذهبتا ؟!! ..........)
ظل يستمع اليها .. و عيناه يزيد غضبهما .... و هي تتراجع أكثر و أكثر و الخطاب مجعد في يدها .. بينما دخل هو الى الغرفة قائلا
( حسنا ....... أغلقي الخط الآن يا سمية ..... )
و كان هذا هو آخر ما نطق به وهو ينظر الى شيراز بجنون وهو يصفق الباب بقدمه متقدما منها و عيناه تقدحان شررا و هي تنظر اليه مرتجفة ..... تتسائل أين ذهبت شجاعة الصباح ؟!!!


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:03 AM   #21904

سااجدة الحبيب
 
الصورة الرمزية سااجدة الحبيب

? العضوٌ??? » 348322
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 221
?  نُقآطِيْ » سااجدة الحبيب is on a distinguished road
افتراضي

نزل الفصل 48ولا لسه
mareen likes this.

سااجدة الحبيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:05 AM   #21905

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

سمعت صوت المفتاح بباب الشقة ... فانتفضت برعشةٍ من السعادة الخفية و هي تشعر بأن البيت قد أشعل اضواءه تلقائيا بعودة صاحبه و مالك قلبها من جديد ....
جرت الى مرآتها تتأكد من ملابسها البسيطة و التي اختارتها بعناية ...
مرتدية بنطالا من الجينز الضيق .. بحمالتين طويلتين على كتفيها .. بدا رائعا مع قميص قطني أبيض .. ضيق كذلك ...
أما شعرها فقد أهتمت به الى أن بدا لامعا و متموجا فوق ظهرها ... راقصا على نغمٍ خاص كما يقول حاتم دائما متغزلا بجماله ....
أخذت نفسا عميقا ... ثم خرجت من غرفتها تتهادى و قد رسمت على وجهها ملامح اللامبالاة الزائفة ....
لكن قلبها فقد إحدى خفقاته ما أن رأته واقفا بمنتصف البيت .... صلب الملامح , يتلاعب بسلسلة مفاتيحه و عيناه تدوران بحثا عن أهل البيت دون أن يبصرها بعد ...
ابتلعت ريقها و هي تتأمل وسامته و شعره اللامع ! .... تبا إنه يكاد أن يفوقها جمالا و هذا ليس عدلا .....
شعره بدا مبللا ... و قد ارتدى ملابسا أخرى غير التي خرج بها ليلة أمس ....
شعرت بالغيظ منه و هو يتصرف بحريةٍ في بيته الآخر .... وودت لو باعته أو حتى منحته بلا مقابل ...
لكنها كانت تشعر في نفس الوقت تشعر بالأسى عليه مما شعر به أمس وهو يكتشف خداعها له ... و تصرفها بنفس الحرية و الحميمة ببيت طليقها ...
تنهدت بداخلها رغما عنها ..... و هي تود لو تهجم عليه قافز تتعلق بعنقه .. تعتذر له بقدر ما يسمح لها المتبقي من عمرها ... تخبره أنها مظلومة النوايا للمرة الأولى بحياتها ....
اخذت نفسا عميقا و رفعت رأسها لتقول بصوتٍ ناعم هادىء
( مساء الخير ......... )
استدار حاتم على عقبيه ينظر لها ... وللحظات خانته عيناه و تكلمت لغة جسده وهو ينظر اليها بمنظرها الغريب عليها نوعا ... و كأنها تبدو فتاة جامعة منتعشة ....
اتسعت ابتسامتها الواثقة ... و عادت اليها روح المتلاعبة المدللة التي ولدت على يديه هو ...
من المستحيل أن يقاوم حاتم تأثيرها عليه ... و هذا هو ما أكتسبته من ثقةٍ خلال زواجهما .... و كانت تتلاعب بعبثٍ على أوتاره طوال الفترة السابقة ...
لكن لحظةٍ مرت , جعلت حاتم يكتسب صلابة ملامحه بسرعة البرق ... ليكسو وجهه بقناعٍ أرجفها وهو يرد تحيتها بجفاء
( مساء الخير .... أين محمد ؟! .... )
أجفلها بروده الذي لم تعتده من قبل ....
اعتادت صراخه و عصبيته .... انفعاله و غيرته , لكن ذلك الجفاء القاسي ضرب قلبها بشدة ...
لكنها رفعت ذقنها و هي ترد بجفاء مماثل
( بغرفته ....... هل أنت ضيف كي تسأل عن مكانه ؟! ..... )
لم يرد عليها حاتم وهو ينظر اليها بنفس الجفاء المتصلب ... بينما قالت كرمة متابعة تستفزه كي يخرج عن صمته
( ضيف أنت أم ضيف ؟!!! .... ها .... ها ؟!! ..... )
وضعت يديها بخصرها و هي تنفض شعرها المتموج بحركةٍ عنيفة من رأسها قائلة بقوة
( طبعا ضيف .... حين تبيت ليلتك خارج بيتك و بعيدا عن زوجتك .. دون أن تتحلى باللياقة اللازمة لتخبرها عن مكان مبيتك , تصبح ضيفا ... يستحق أخذ واجبه في مشروبٍ بارد ... ثم ينصرف سريعا لأن الوقت متأخر و نريد أن ننام ..... )
ارتفع حاجبي حاتم بدهشة قليلا و هو يراقب انفعالها الذي تزايد مع كلماتها الى أن تحول هتافا غاضبا في نهايته .... لكنه لم ينفعل هو الآخر كما كانت تتوقع , بل ظل القناع الصلب على وجهه مما أثار خوفها أكثر ...
فابتلعت ريقها و هي تقول بحدة
( أين بت ليلتك يا حاتم ؟!! ... لقد اتصلت بك عشرات المرات و أنا أنتظر عودتك .... و حين يئست أرسلت لك رسالة أخبرك بعودة محمد للبيت ..... )
ظل حاتم صامتا وهو يراقبها بصمت ... فاقتربت منه بعينين تلتهبان و همست بلوعة
( أين كنت يا حاتم ؟!! .... كدت أموت رعبا حين ذهبت للعمل و صدمت بغيابك ...... لولا ردك بعدها على رسالتي برسالةٍ باردةٍ سخيفة , لكنت انهرت من الرعب ... )
كان ينظر اليها مخفضا رأسه .... و عيناه مظلمتان عميقتي السواد و الغضب ... بينما ظهرت ابتسامة استهجان على شفتيه ... رأتها كرمة بوضوح .. فصرخت وهي تلوح بيديها و قد بدأت سيطرتها على نفسها تنهار ...
( لا تبتسم هذه الإبتسامة .... امحها من على شفتيك .... )
رفع حاتم ذقنه قليلا وهو يقول بصرامة
( ماذا تريدين يا كرمة ؟ ....... )
ارتبكت قليلا أمام سؤاله المباشر .. فتراجع وجهها و هي تضفط اصابع كفيها , ثم قالت بتوتر
( أين بت ليلتك ؟...... )
رد ببساطة دون أن تلين ملامحه
( تعلمين أنني كنت بشقتي القديمة ..... ماذا بعد ؟ ..... )
رمشت بعينيها عدة مرات .. و قد بدأت شفتيها في الإرتجاف ... فاقتربت منه الى أن وصلت اليه و بتردد رفعت كفيها لتريحهما فوق صدره الصلب القوي ... و همست برجاء ملتاع
( لماذا لم تعد يا حاتم ؟!! ... لماذا ؟!! ......هل تتخيل ما شعرت به و ساعات الليل تمر بطيئة و انا أنتظرك الى أن تأكدت بذهول مع شروق الشمس أنك قد نمت بالفعل بعيدا عني !!! ... )
استمرت عيناه في الغوص بعينيها بصلابةٍ و بأس ... فلم تستطع تبين تأثره من عدمه ....
لم تعرف إن كان صدره يتحرك بسرعة تحت كفيها ... متأثرا بها أم من شدة الغضب ...
لكن قلبها أخبرها أن صدره ينتفض مثلها .... تلك المضخة القوية تحت كفيها تهدر بحبها ....
فهمست برجاء ملتهب
( هل تمكنت من النوم بعيدا عني يا حاتم ؟! ........ )
رفع يديه ليطبق بهما على كفيها ... قبل أن يدفعهما عنه بحزم و هو يستدير عنها بقساوة دون أن يرد ...
و على الرغم من أن حركته قد آلمتها , الا أنها لم تتركه فدارت حوله تواجهه من جديد و هي تتشبث بذراعيه
هامسة تتابع
( هل أغمض لك جفن و أنا لست بين ذراعيك يا حاتم ؟! ....... أنا لم أستلق حتى .... بقيت جالسة مكاني أراقب الباب حتى الصباح ...... )
صمتت تلتقط أنفاسها المهتاجة ... ثم قالت بخفوت و ألم
( ألم نتفق الا نبتعد عن بعضنا أبدا ؟! ...... مهما غضبنا و أختلفنا .... نظل بجوار بعضنا الى أن تنهزم كل خلافتنا !! ... اليس هذا ما تربيت عليه و على يديك ؟! ..... )
أخفضت وجهها قليلا على الرغم من اصابعها التي حفرت بقوةٍ في لحم ذراعيه .. ثم همست
( أعلم انك غاضبا .... و لك كل الحق بذلك , لكن على الأقل ....... )
لم تكن مستعدة للقبضة التي اندفعت لتقبض على فكها بقوةٍ مما جعلها تشهق مبتلعة المتبقي من كلماتها و عيناها تتسعان بذعر أمام النظرة المخيفة بعينيه .. بينما قال بخفوت أرسل الرجفة الى أوصالها
( غاضب ؟! ....... هل ترين أن تلك هي الكلمة المناسبة لوصف ما أشعر به حاليا ؟! ... )
ابتلعت كرمة ريقها تحت قبضته القوية المؤلمة ... ثم همست بإختناق تطلب كل ذرة شجاعة بها
( حسنا ..... أكثر من غاضب ...... )
رفع احدى حاجبيه مهددا و عيناه تلمعان بقوةٍ أفظع ... فهمست باختناق أشد
( مجنون ........ أكثر من مجنون بقليل ....... )
ظل ينظر اليها قليلا بنفس الملامح المخيفة قبل أن يقول بصوتٍ ضرب قلبها بعنف
( بل مطعون ........... )
شعرت و كأن الكلمة ما هي الا طعنة نفذت من صدره الى صدرها لينزف قلبها بشراسة .... فأغمضت عينيها على دموعٍ تريد الإنفجار من عينيها .. و همست بألم
( أرجوك لا تقل ذلك ...... ... )
فتحت عينيها النديتين تنظر الى عينيه المغلقتين أمام حبها ... و تابعت بهمسٍ عاشق
( أنا كرمة يا حاتم ...... تلك المدللة التي كنت تتحمل منها الكثير ....... )
أظلمت عيناه بألمٍ قليلا ... و شعرت بأنها قد لمست قلبه أخيرا ... الا أنه قال بجفاء
( و كنت مستعد لبذل عمري كله كي تتدللي به ....... )
فغرت شفتيها بألم و هي تهمس بعدم تصديق و استنكار
( كنت ؟! ......... ماذا تعني تلك الكلمة بالضبط ؟!.......... )
ترك ذقنها ببطىء وهو ينظر الى عينيها نظرة طويلة ... لن تنساها أبدا ... ثم قال أخيرا بخفوت
( تعني أنني لم أعد أتحمل اقحامك لرجلٍ آخر بيننا بعد الآن يا كرمة ....... لن أكون أبدا الطرف الثالث )
فغرت شفتيها باتساع أكبر و هي تهتف بذهول
( اقحامي لرجل آخر ؟!! ..... ...... هل هذا ما تراه ؟! ...... الآن بالذات ؟! ... بعد أن أصبحت حياتي كلها ... عائلتي الوحيدة بكل أفرادها... )
أطرق بوجهه قليلا ثم استدار عنها وهو يقول بخفوت
( لن ينقصكِ شيئ يا كرمة ........ البيت لكِ .... و اسمي سيظل لكِ الى أن تقرري العكس .... )
رفعت حاجبيها بتعجب ساخر بينما الدموع تغرق عينيها و هي تكتف ذراعيها قائلة باستهزاء مرير
( ما هذا الكرم البالغ بالله عليك ؟! ........ )
استدار اليها بصمت ...وهو يضغ قبضتيه في جيبي بنطاله , ناظرا لوجهها بنظرةٍ ساكنة ... صلبة .. مجافية
ثم قال أخيرا بصوتٍ قاس
( و تجرؤين على التهكم ؟! ..... لكن هذا متوقع منكِ , فأنا من دللتك كما تقولين ... و ها أنتِ تقفين أمامي تهزأين بكلامي بكل قلة حياء ... غير عابئة بالنار التي تشتعل بداخلي ..... )
تأوهت كرمة بصوتٍ عالٍ مستسلم فجأة و هي تجري اليه و دون سابق انذار تعلقت بعنقه حتى وقفت على اطراف اصابعها .... و اخذت تقبل كل ذرةٍ من وجهه
عينيه .. و جنتيه ... زاويتي شفتيه .... تطبع شفتيها بقوةٍ دامغةٍ على شفتيه الصلبتين المخاصمتين و هي تتوسل هاتفة بين كلِ قبلةٍ و أخرى
( أنا آسفة ..... أنا آسفة ..... أرجوك سامحني ........ )
أغمض عينيه لعدة لحظات وهو يدرك بأنها تتلاعب به مجددا ... مستغلة كل أسلحتها الفتاكة بضراوة ...
فابتلع ريقه وهو يقف أمامها كجبلٍ من صخرٍ صامت لا ينبض بالحياة ... مخفيا ما يجيش بصدره بمهارة ...
و بعد لحظاتٍ طويلة .... أخرج يديه من جيبي بنطاله ... ليضعهما على خصرها المائل بحدة تحت ملابسها الضيقة الوقحة ....
حينها ... حررت وجهه من أسر شفتيها و هي تنظر اليه مبتسمة من بين دموعها الغزيرة ... بعد أن أحرقت كفاه الساخنتان خصرها .... و ظنت أنه استسلم أخيرا ...
لكن أبعدها عنه برفق .... فماتت ابتسامتها و هي تنظر اليه مجفلة ,. قبل أن يقول بخفوت
( لن يفلح هذا يا كرمة ........ )
نزلت على قدميها و هي تستسلم لكفيه المبعدتين لها .... تهز رأسها نفيا ... و رفضا لما تراه أمامها من جفائه ...
الى أن رفع رأسه و هو ينظر الي نقطةٍ ما خلف كتفها ... ثم قال بصوتٍ خافت ... ساكن ..
( تعال يا محمد ......... )
ابتعدت كرمة بسرعةٍ و هي تستدير مطرقة الرأس ... تمسح الدموع عن وجهها بظاهر يدها ... مبتعدةٍ عنهما , بينما اتجه محمد الى والده ليحيه بصوتٍ واجم خافت ..
اولتهما كرمة ظهرها و هي ترفع وجهها محاولة التقاط نفسها المتعب المتألم ... بينما قال حاتم بهدوء
( اذهب لتعد حقيبة سريعة يا محمد كي نذهب ...... )
هنا .. انتفضت كرمة و هي تستدير اليه بشراسةٍ ... قائلة بصرامة على الرغم من عينيها الحمراوين
( تذهبان الى أين تحديدا ؟! ......... )
قال حاتم بجفاء
( الى شقتنا القديمة .......... )
وضعت كرمة يديها في خصرها و هي تقول بقوة و قد استعادت شخصيتها القوية الحقيقية و نبذت الشخصية المدللة المتلاعبة ...
( محمد لن يغادر بيته مطلقا ....... )
رمقها حاتم بنظرةٍ صارمةٍ ذات مغزى الا تفتح هذا الحوار أمام محمد ... لكنها تحركت بسرعة لتقف أمام محمد و كتفت ذراعيها و هي تقول متجاهلة نظرته الغاضبة
( محمد لن يغادر لأي مكان و يتركني ..... هذا بيته ... وهو عائلتي .... )
ارتفع حاجبي حاتم قليلا ... بينما كانت عيناه تهددانها بصمت ... لكنه فضل تجاهلها وهو يلتفت الى محمد قائلا بهدوء صلب
( هيا يا محمد ...... لقد تأخر الوقت .... )
امتقعت ملامح كرمة و هي تظن أنهما سيتركانها بالفعل .... لكن محمد تحرك من خلف كرمة ... ليقف أمامها و قال بهدوء
( لن أغادر هذا البيت .......... )
تنهد حاتم بنفاذ صبر وهو يغمض عينيه .... رافعا يده الى خصلات شعره ...ثم رفع وجهه بعد عدة لحظات .. مكتسيا بقناعٍ أكثر صرامة و قال بصوتٍ مخيف رغم هدوءه
( لا أمتلك الوقت أو الصبر المناسب الآن يا محمد .. لذا رجاءا و بمنتهى الهدوء , اعد أغراضك لنغادر ... )
رمشت كرمة بعينيها و قلبها بقع بين قدميها ... محمد لن يصمد أمام حاتم كثيرا ...
الا أن محمد رفع ذقنه و بدى شبيها بحاتم كثيرا وهو يقول بهدوء مماثل
( لن أترك كمرة ........ لذا لو أردت أنت المغادرة , فاذهب .... )
امتقع وجه كرمة قليلا .. ثم وضعت يدها على ذراع محمد و هي تقول بخفوت
( لا تكلم والدك بهذه الطريقة يا محمد .... ربما من الأفضل أن .... )
الا أن محمد قاطعها وهو ينظر الى حاتم قائلا
( لن أذهب ........... )
حينها بان الغضب على وجه حاتم و قال بصرامة ..
( اذا لم تتحرك حالا سأحملك على كتفي ..... فهل تخرج بكرامتك أو بدونها ؟! .... )
نظرت كرمة اليه متسعة العينين ... و همست بوجع
( لهذه الدرجة ؟! .......... )
نظر اليها حاتم نظرة صامتة ....وهو يرى جيدا تحطم روحها بأوامره الصارمة ... لكن أولم تحطم قلبه هي أولا ؟! ...
قال محمد بهدوء وهو يشدد على أحرف كلماته
( يمكنك المحاولة .... فقد فعلتها من قبل حين كنت أصغر سنا و أردت البقاء مع أمي وقتا أطول .... فحملتني رغما عني لتغادر و أنا أصرخ و أركلك بقدمي .... لم أنسى هذا الموقف على الرغم من أن سنواتٍ عديدة قد مرت ..... لكن أنا الآن كبرت و أتمرن على الدفاع عن النفس .... لذا سأقاومك بقوة و قد تنتصر ... لكن هذا الانتصار سيكون غير شريف .... )
بهت وجه حاتم .... و ضاقت عيناه ... بينما شعرت كرمة بقلبها يحترق حزنا و لوعة عليه ....
ممن سيحتمل أكثر ؟! .... منها أم من ابنه الوحيد ؟! ....
لكن محمد تابع وقد با الغضب على ملامحه الفتية
( لن أغادر بيتا آخر أريده بسببك ..... ليست مشكلتي ان لم تتوافق مع أمي فتطلقتما دون أخذر رأيي ... و ليست مشكلتي إن كنت تزوجت كمرة و اكتشفت الآن أنك لا تريدها .....
أنا أحببتها و لن أتركها بمفردها .... خاصة و أن هذا هو بيتي .... و بيتها كذلك ....
هل نسيت حين أخبرتني بأننا يجب أن نصبح لها عائلة لأنها لا تمتلك واحدة ؟! .... و لأنها خرجت من دار رعاية فهذا يجعل منها فتاة مميزة و يجعلنا نقدرها اكثر ... )
فغرت كرمة شفتيها باسمه الصغير دون صوت ... و تلألأت الدموع بعينيها و هي ترى ذلك الشبل الصغير يقف أمامها مدافعا عنها ...
و رغما عنها رفعت عينيها الى حاتم الذي كان يستمع لابنه بملامح باهتة .... ممتقعة ..
و حين التقت عيناه بعيني كرمة المغروقتين بدموعها .. لم تمتلك سوى أن تبتسم ....
للحظات التوت زاويتي شفتيه فيما يشبه .... ابتسامة مماثلة ..... ليس لها معنى سوى أنه تأثر بسعادتها على الرغم من كل شيء
على الرغم من ألمه من جفاء ابنه تجاهه ... على الرغم من غضبه منها و شعوره بطعنتها له ....
لكنه لا يزال يتأثر لسعادتها و حزنها ......
نظر الى محمد الذي قد انحنى قليلا متخذا وضعية للدفاع عن النفس ... رافعا قبضتيه ... عاقدا حاجبيه !!
لقد وقع الولد أسير حبها .... و خضع لسلطان جمالها ككل من يعرفها ....
ابتلعت كرمة غصة حادة و هي تقول بصوت مختنق
( أخفض قبضتيك يا محمد ..... عيب ..... أنت تغضب ربك ووالدك .... )
رفع حاتم وجهه وهو يبتسم ابتسامة ساخرة مريرة ... ليقول بهدوء جاف
( و ماذا عنكِ ؟! .... ألم تغضبي ربك و زوجكِ حين خالفتِ ما طلبه منكِ ؟! .... )
اظلمت عيناها بأسى ووجع .. و شعرت و كأنه سؤاله قد لكمها في منتصف قلبها .. الا أنها تمالكت نفسها و رفعت وجهها تقول بهدوء مختنق قليلا
( هل هذا الكلام يصح بيننا الآن .. أمام الولد ؟!! .....)
ابتسم ضاحكا بألم .... ثم قال بهدوء
( يبدو أنني لست موضع ترحيب هنا كما أرى .......... )
أخذ نفسا عميقا تضخم له صدره حتى كادت أزرار قميصه أن تتطاير من مكانها .... بينما همست كرمة رأسها نفيا و هي تهمس بلوعة
( لااااا ... لاااااااا ..... )
لكنه لم يسمعها وهو يقول بعملية جافية ..
( كما ترغبان ... فليبقى محمد معكِ .... و أنتِ المسؤولة أمامي عن سير دروسه و تمريناته .... )
اقترب منها ببطىء و عيناه على عينيها .. بينما قلبها يخفق بعنف الى أن وصل اليها ... فسحبها من ذراعيها بعيدا قليلا عن مسامع محمد ... و انحنى بوجهه اليها .. فرفعت وجهها اليه تلقائيا و هي تتلهف كي يروي القليل من ظمأ شوقها اليه .... لكن شفتيه لامستا أذنها وهو يهمس بصرامة ليست مسموعةٍ لسواها
( تلك الملابس التي ترتدينها ..... تبدلينها حالا ... و لا ترتدين مثلها مجددا أمام محمد ..... مفهوم ؟! ... )
على الرغم من خيبتها أنه لم يمنحها قبلةٍ مجاملة حتى ولو كطابع بريد من باب الشفقة ...
الا أن قلبها انتفض كقلب مراهقة و امالت وجهها حتى وصلت شفتيها الى أذنه و هي تهمس تستعطفه بالسؤال القديم المداعب بينهما
( تحافظ على أخلاقه .... أم تغااااااار ؟؟ ..... )
كان رده دائما قبل أن يسحبها اليه بعنف و امتلاك
" و أغار عليكِ من نفسي ....... "
الا أنه هذه المرة لم يمنحها تلك العبارة التي تروي قلبها دائما .... بل رفع وجهه اليها بتعبير غير مقروء
ثم ابتعد عنها و شعرت و كأنه يقتسم جزءا من قلبها ... ذلك الجزء الذي يمنحها الحياة على حبه ...
بينما نظر الى محمد نظرة طويلة صامتة .... ثم قال أخيرا ..
( اعتني بها ..... طالما أنك وقفت أمامي مدافعا عنها بشراسة ...... )
نظر نظرة أخيرة الى كرمة التي همست باسمه هاتفة برجاء و توسل ... لكنه استدار ليخرج , مغلقا الباب خلفه بهدوء ...
بينما بقى محمد و كرمة وحدهما ينظران في الفراغ ... و قالت كرمة مجددا و هي ترفع يدها الى صدرها
( ياللمصيبة !! ..... لقد غادر والدك للمرة الثانية يا محمد ! ..... )
.................................................. .................................................. .................
وقف محمد مكانه مكتفا ذراعيه و قد اسقط في يده .... ينظر اليها متنهدا بصمت ...
فجائت أمينة و هي تحمل طبق من أطباق الفطور ... لتقف بجواره أمام مائدة الطعام و قالت بطرفِ شفتيها ..
( الا زالت كما هي منذ أتيت الى هنا ؟! ......... )
نظر محمد الى كرمة التي كانت تجلس تحت مائدة الطعام ... رافعة ركبتيها الى صدرها ...
شاردة العينين ... أمامها طبق كبير من الحلوى الجلاتينية موضوع على الأرض ... تأكل منه بملامح ضائعة .. غير مصدقة لما يحدث ...
فتنهد محمد قائلا
( كما هي .... لم تتحرك ..... )
زفرت أمينة بنفاذ صبر و هي تقول ممتعضة
( يا زين من اختار والدك !!...... كل مرةٍ تفاجئنا بل و تبهرنا بالمزيد من ابداعات تصرفاتها ... لو أعلم من يحسد والدك و عمل له عملا شريرا يفسد زيجاته ... لكنت ابطلت العمل ... لكن والدك ليس مقتنعا بذلك ... )
نظر محمد الى أمينة بصمت الى ان انتهت .. ثم قال بهدوء
( تعلمين أنها تسمعك ..... اليس كذلك ؟! ...... )
نظرت أمينة الى كرمة بتشكك ثم قالت بثقة
( أعتقد أنها في عالم آخر .... أنظر الى حدقتيها يسكنهما الجنون المؤقت .... )
هز محمد رأسه قائلا بهدوء
( لا ....بل هو فخ ... و هي تسمعك جيدا و تنتظر اللحظة المناسبة كي تفرغ بكِ كل بؤسها الحالي ... )
مطت أمينة شفتيها و هي تقول
( إن كانت هي البائسة .... فماذا يكون ابني المسكين حاتم و الذي لم يهنأ حتى الآن بيوم زواج طبيعي دون اختلالات ..... )
أغمضت كرمة عينيها للحظة ... ثم قالت بصوتٍ منهزم
( أنا لست مختلة .... و أستطيع سماعك بوضوح .... هلا تركتماني قليلا ؟ّ! .... الا يمكن للمرء أن يحصل على قدرٍ من الخصوصية ببيته ؟! ...... )
نظر محمد الى امينة و هو يقول
( أخبرتك أنها تسمعك ..... لحظة و ستهجم عليكِ من تحت المائدة كأحد ثعابين أفلام الرعب ... )
زفرت كرمة بقوة و هي تهتف بغضب
( هلا تكلمتما عني ..بعيدا عني ؟! ........ )
ضحك محمد وهو ينظر الى أمينة قائلا
( انه يصلح كمطلع لأغنية .....كأغنية من هم مني ليسوا مني !! .... )
ضحكت أمينة و هي تقول
( والله شخصية غريبة جدا ..... لقد فاقت أمك بمراحل .... )
قال محمد ضاحكا ..
( على الأقل لم استيقظ ذات يوم لأجد أمي تجلس تحت المائدة !!! .... الآن عرفت أن أمي سيدة العاقلين .. ذكريني أن أقبل يديها المرة القادمة )
هزت كرمة رأسها يأسها و هي تهتف بنفاذ صبر و يأس بصوتٍ مختنق من الألم
( الا تمتلكان ذرة من الشعور لتراعيان بها مشاعر البشر ؟! ....... أنا أتألم هنا ....... )
اقتربت أمينة من المائدة لتضع الطبق على المائدة فوق رأس كرمة مباشرة ... و قالت بهدوء
( حسنا .... هل يمكنك أن تبتئسي في مكان آخر .... فقد تأخر الفطور جدا الى أن وصلت ..... )
انحنت تنظر اليها ثم قالت ببساطة
( يمكنك الجلوس فوق الدولاب و الإكتئاب هناك براحتك .... أكثر خصوصية و هواءا !!....... )
نظرت كرمة اليها بعينين منتفختين متبلدتين ... ثم قالت بخفوت
( زواجي على وشكِ الإنهيار ..... الا يمكنك التعاطف ولو قليلا و أخذ الأمر بجدية ؟! .... )
رفعت أمينة حاجبيها و هي تقول
( بالنسبة الى زوجة تجلس تحت المائدة ؟! ..... الا ترين أن الجدية تعتبر اختيارا بعيدا قليلا ؟! .. )
استقامت أمينة و هي تضرب كفا بكف ... قائلة بخيبة أمل
( زوجات اليوم .... بدلا من أن تحاربي للحفاظ عليه , تجلسين هنا تحت المائدة كالفئران !! .......... )
مدت كرمة وجهها من تحت المائدة و هي تهتف بقوة
( انصحها أن تتوقف يا محمد .... )
اقترب محمد لينحني اليها .. جالسا القرفصاء أمامها وهو يقول بهدوء
( أمينة محقة يا كمرة .... أنتِ لن تحلي شيئا بجلوسك هنا ... )
نظرت اليه كرمة بعينين حزينتين لتقول بخفوت
( تعال اجلس معي لتتناول بعضا من الحلوى و ترفه عني قليلا ..... )
انحنى محمد ليجثو على ركبتيه داخلا معها تحت المائدة ... بينما صرخت أمينة من المطبخ تقول بغضب
( إياك أن تملأ بطنك بتلك الحلوى يا محمد قبل الفطور..... و الا أخبرت والدك ... )
مطت كرمة شفتيها و هي ترفع عينيها يأسا ... بينما همس محمد وهو يلتقط واحدة
( سآكل معكِ لكن لا تخبريها ..... فتخبر حاتم وهو يتمنى التحجج بأي شيء كي يبطش بكِ..... )
صمت يمضغ واحدة ... بينما قالت كرمة بخفوت
( شكرا لدفاعك عني أمام والدك ...... لم أتخيل أن يتركني كلاكما و أبقى في البيت وحيدة ...لكن أنا آسفة جدا لأنني كنت السبب في حدوث خلاف بينك و بينه )
قال محمد ببساطة
( لا تهتمي .... الخلاف أكبر منكِ ...... )
قالت كرمة بخفوت
( آآه يا محمد .... ليت لي والد مثل والدك ! .... لو تعرف قيمته لما قسوت عليه بتلك الصورة ... )
التقط واحدة أخرى دون أن يرد .... ثم قال أخيرا بجفاء
( انه يريدني نسخة منه ..... و هذا لا أطيقه .... )
قالت كرمة مبتسمة و هي تتأمله بشغف
( أنت بالفعل نسخة منه .... و لذلك تتضاربان )
مط محمد شفتيه وهو يقول بامتعاض
( راااائع ........ اذن سأكون مجرد متسلط آخر .... )
صمت قليلا ثم قال وهو يدقق النظر بها
( كمرة ....... هل ستنفصلين أنتِ و حاتم ؟! ....... هل المشكلة كبيرة فعلا الى تلك الدرجة ؟! .. )
ابتلعت كرمة ريقها بصعوبة ٍ و هي تشعر بخوف يكاد يشل حركة أحشائها ....
ظلت تنظر الى عيني محمد طويلا و هي فعليا ترتجف ... ثم قالت بخفوت
( المشكلة فعلا كبيرة يا محمد ... على الأقل من جهة والدك ... لكن ... )
صمتت تطرق برأسها تتنفس بسرعةٍ قليلا قبل أن ترفعه لتقول بكل تأكيد
( لكنني لن أسمح أبدا بالإنفصال يا محمد ....... أتتذكر تلك المرة التي كنت أنوي السفر بها ؟! .... لكنني تناسيت الفكرة ما أن شعرت بحاجة هذا البيت لي .... و ليست مجرد حاجتي أنا له ... و منذ هذا اليوم , قررت الا أدع لأي شيء أو شخص الفرصة كي يفكك الكيان الجديد الذي نقوم ببنائه .... أنا و أنت ووالدك ... )
مدت يدها تمسك بذقن محمد ثم قالت بإصرار و هي تنظر الى عينيه
( و ها أنا أكررها الآن .... لن أسمح لأي أحد بأن يفكك هذا الكيان ... حتى ولو كان والدك .... )
صمتت قليلا تبتلع غصة مؤلمة هي تهمس بتأكيد
( ليس من حقه الإبتعاد بقرارٍ منه ........ هذا القرار يجب أن يكون مشتركا و ليس فرديا ..... لن أسمح له .... لن أسمح له أبدا .... اتفقنا ؟! ... )
أومأ محمد برأسه بعد تردد .... ثم قال بخفوت
( هل ستذهبين مجددا الى تلك السيدة التي تشاجرتما بسببها ؟! ....... )
بهتت ملامح كرمة و ارتبكت أمام عينيه المتفحصتين ... ثم قالت بخفوت
( كيف عرفت سبب الخلاف ؟! ....... )
هز محمد كتفه وهو يقول
( سمعت بعضا من شجاركما ..... و لم يكن صعبا معرفة أنها نفس السيدة التي جائت الى هنا و ذهبنا معا لرؤية زوجها .... )
ارتبكت كرمة أكثر و أخفضت وجهها .... بينما تابع محمد ببساطة
( و عرفت بأن زوجها هو من كان زوجك سابقا ........ )
انتفضت كرمة ترفع وجهها و هي تنظر الى محمد بعدم تصديق ... و فغرت شفتيها و قد ألجمتها صراحته ...
حين طال صمت كرمة و شحوبها .... قال محمد مجددا
( هل ستذهبين لها اذن ؟‍!! ....... )
ظلت كرمة تنظر اليه طويلا ... و هي تشعر بالتضاؤل أمامه ... ثم قالت أخيرا بتركيز بطيء
( ماذا لو ..... ماذا لو افترضنا بأن غريمك في المبارة .. قد سقط أرضا مصابا و احتاج مساعدتك ذات يوم ؟! ..... هل كنت لتساعده ؟! ..... أم تتركه و أنت تشعر بسعادة غير قادر على تفاديها ؟! .... )
قال محمد بهدوء
( أساعده طبعا .......... )
أومأت كرمة برأسها قليلا ... ثم قالت بخفوت أكبر
( و ماذا لو ..... لو كانت المبارة قد انتهت من الأساس ... و لم يعد هذا الشخص غريمك ... بل مجرد انسان يحتاج لمساعدتك .... و أنت تعلم لو أنك رفضت ,و أصابه مكروه فستظل نادما طوال عمرك على شيء قد لن تعود به xxxxب الساعة من جديد ..... )
قال محمد مجددا
( الإجابة هي أنني سأساعده مجددا ........ لكن ....لكن ماذا لوكانت مساعدته ستضر بي ؟! ..... ليس على الإنسان أن يكون متفانيا ليضر نفسه قبلا .... حين يساعد شخصا ما ....
تلك السيدة لو خسرت جنينها ..... فسيكون هذا قدرا ... حتى لو ظللتِ تخدمينها العمر كله .....لأن ربما كان الله يريد معاقبة زوجها بخسارة هذا الطفل ..... )
فغرت كرمة شفتيها بذهول و صدمة .... لم تصدق هذا الصبي !! ..... انه يتكلم بسلاسة و يسر ... موضحا وجهة نظره بمنتهى البساطة
و حين لاحظ نظرتها شعر بالحرج قليلا وهو يحك رأسه ... و قال
( ربما سمعت أكثر قليلا مما ينبغي .... لكنني كنت أريد معرفة الى أين سينتهي شجاركما ..... )
كانت كرمة لا تزال تحت تأثير الصدمة .. فرفعت حاجبيها و رمشت بعينيها محاولة التعامل مع الوضع دون حرج .... فقال محمد بخفوت
( ليس عيبا أنكِ كنتِ متزوجة من قبل ! ..... أنا معتاد على ذلك ... أمي كانت متزوجة من حاتم و الآن هي متزوجة من رجل آخر .... و حاتم كان متزوج من أمي وهو الآن متزوج منكِ ... الأمر عادي ... )
صمت قليلا وهو يتلاعب بقطع الحلوى الجلاتينية ... ثم قال أخيرا
( لكن المشكلة الحقيقية ..... في ذهابك الى ذاك البيت من جديد .... اعرف أن حاتم ليس عادلا فهو يرى أمي كثيرا ..... لكن على الرغم من ذلك ,ذهابك الى هناك قد يهدم هذا البيت ..... لذا أنا أيضا سأحارب معكِ كي نحافظ عليه ..... و هذه الحرب تبدأ بأنني ...... )
صمت قليلا ... ثم رفع وجهه اليها ليقول بمنتهى البساطة
( بأنني آسف .... لكنني لن أسمح لكِ بالذهاب الى هناك مجددا ....... )
اتسعت عينا كرمة أكثر و أكثر و هي تنظر اليه ... مصدومة الملامح , بينما قال محمد بهدوء
( على الرغم من اختلافي مع حاتم ... لكنه حملني مسؤولية حمايتك , و أنا لن أسمح لك بالذهاب الى بيت الرجل الآخر .... )
رمشت كرمة بعينيها ... تهز برأسها قليلا ... ثم قالت متلجلجة و كأنها تلميذة أصغر منه
( الرجل الآخر غير موجود بالصورة اطلاقا يا محمد ...... فهل تثق بي ؟! ... )
هز كتفه بباسطة و هو يقول
( هذا لا يشكل أي فارق ....... لن تذهبي يا كمرة .......... )
ارتفع حاجبيها حتى كادا أن يلتصقان بمقدمة شعرها .... ثم قالت ببطىء
( الا ترى أنك أصبحت متسلطا أنت الآخر ؟! ....... )
عاد يهز كتفه قائلا
( و إن يكن ........ أنا هنا أمثل مكان حاتم , لذا من الطبيعي أن أكون متسلطا قليلا ..... خاصة و أنني أحارب في سبيل هذا البيت ..... ام أنكِ كنتِ ترفعين شعارات زائفة ؟!! .... )
عقدت حاجبيها و هي تهتف بغضب
( أنا لا أرفع شعارات زائفة ....... أنا سأعيد والدك ولو رغم عنه ..... )
قال محمد بهدوء
( اذن قومي بما عليك فعله ..... و أنا سأقوم بما علي فعله .... )
تنهدت كرمة و هي تربع ساقيها بيأس ..... ثم قالت بقنوط
( انا لا اريد الذهاب الى هناك .... لكن تلك المرأة مريضة و ضعيفة لدرجة أنها مستلقية باستمرار و هي على الارجح لم تاكل شيئا منذ امس ....... كيف يمكنني تركها بتلك الصورة متظاهرة بأنه لا دخل لي ..... )
سمعا فجأة صوت أمينة يقول بامتعاض
( هذا الولد القرد ... احسنت تربيته ,.... الفتى الذي في عمر ابنك عرف و فهم أنه عليكِ طاعة زوجك ..... بينما أنتِ يابسة العقل كشجرة ميتة .... )
نظرت كرمة الى محمد تمط شفتيها بغيظ و هي تهمس له دون صوت
" لقد زهقت منها ........ جدا "
قالت أمينة بصوتٍ عالٍ
( سمعتك ........... )
و سرعان ما انحنت على ركبتيها أرضا و هي تتأوه بصعوبة ممسكة بظهرها ... الى أن استقرت أمامهما قائلة
( تبا لجنونك يا فتاة ...... كي يتمكن المرأ من محادثتك يجب عليه تعلم فنون و مهارة زحف الفئران ... )
صمتت للحظة تتنهد ... ثم قالت بغلظة
( اسمعي يا فتاة ..... منذ أن أتيتِ الى هذا البيت و أنا لا أطيقك ... أشعر و كأنك عبء وضع فوق أكتافنا .. فأنا أكثر ما أكرهه هو الميوعة ... و أنتِ منذ أتيتِ و أنتِ تبكين و تئنين ... و تتأوهين من أوجاعك النفسية مما جعلني أرغب في بعض الأحيان في سد حلقك بجورب من جوارب محمد ..... )
نظرت كل من محمد و كرمة الى بعضهما بصمت ... لكن محمد غمز بعينه كي لا تقاطعها و الا سيكون مصيرها كمصير نملة وقفت في مواجهة ثور هائج ...
لكن امينة رفعت وجهها فجأة تقول
( لكن و بما أنني في لحظة حق .... وجدت أنكِ معدن نادر من البشر ,و خدمتك لتلك المرأة التي تزوجت من طليقك ...كان فعلا نادرا .... يشبه ما قمته به مرة قديما .... لذا أنتِ لا تتصفين بالميوعة اطلاقا .. بل انت صلبة و ذات صبر يتحمل شقاء السنوات ..... )
اتسعت عينا كرمة بعدم تصديق .. ثم لم تلبث أن تأوهت قائلة بامتنان و هي تنحني لتعانقها
( اوووه يا يا أمينة .. كلامك جميل جدا ... هيا لنفتح صفحة جديدة معا .... )
الا أن امينة دفعتها و هي تقول متذمرة بناد
( ابتعدي يا فتاة .... اخبرتك أنني لا أطيق الميوعة ..... )
عادت كرمة الى مكانها و هي تمط شفتيها بغيظ ... لكن أمينة تابعت بفظاظة
( خلاصة القول ..... أنا سأساعدك ..... لأنك تستحقين .... سأذهب أنا لأساعدها ..الى أن نعثر على امرأة متفرغة لهذه المهمة ... )
اتسعت عينا كرمة ... لكنها قالت بقوة و اصرار
( لا ااا لاااا .... لن أسمح بذلك يا أمينة أبدا .... تلك هي مشكلتي و لن أسمح بأن تخدمي أحد من طرفي ... )
قالت أمينة بجدية
( و تحرميني من ثواب تلك المهمة ؟! ....... )
هزت كرمة رأسها بعدم اقتناع و هي تقول
( لا يا أمينة ....... مكانك هنا ... هذا بيتك و نحن اسرتك ....و لا تليق بك خدمة الغير )
قالت امينة بقوة
( لن تذهبي اليها طالما ان زوجك يشعر بالضيق لذلك .... و بنفس الوقت لا يمكنني ان اترك فتاة يتيمة تحتاج الى مساعدة في حملها الى ان نجد من يساعدها ..... لقد فعلتها مرارا و ساعدت اناسا ظلموني قبلها .. لكن لم تمر كل مرة الا و قد انصفني الله بشيء اكبر و اعظم ..... )
همست كرمة بتردد
( لكن حاتم سيغضب .... و لن يسمح لكِ ..... )
انعقد حاجبي امينة بصرامة ... و تخصرت باحدى يديها و هي تقول هاتفة مستنكرة
( حااااتم ؟!! .......أوامر حاتم تسري عليكِ أنتِ فقط .... لا علي !! .... لقد كنت أضربه على رأسه وهو في دراسته الجامعية .... عشنا و سمعنا أن السيد حاتم يأمر و ينهي على أنا !!!! .... )
ضحك محمد وهو يقول
( هلا سجلنا ذلك المقطع و أرسلناه له ... كي لا يتجبر علينا مرة أخرى ؟! .. .... )
الا أن أمينة قالت بتخاذل قليل
( دعونا فقط لا نخبره ..... فنحن لا ينقصنا النكد و الكآبة أكثر من ذلك ... ووالدك حين يقرر أن يكون كئيبا يمكنه أن يحصل على الجائزة الأولى في النكد ..... )
نظرت الى كرمة و هي تقول بهدوء خبيث قليلا
( ما عليكِ سوى اعطائي العنوان ...... و اذهبي انتِ الى عملك , فمديرك لن يقبل بتأخيرك اليوم تحديدا ... و قد يقذفك بأقرب شيء في رأسك أمام باقي العاملين ...... )
برقت عينا كرمة قليلا و هي تفكر تلقائيا في ما سترتديه عند ذهابها للعمل ....
و ما أن استقامت أمينة واقفة ... حتى مدت كرمة رأسها قائلة بسرعة
( أممممم ... أمينة .... هناك أيضا جدا علياء .... أمرأة مسنة , ليس لها سوى علياء .... تحتاج فقط الدواء و تحضير الغذاء ... ليس أكثر ... )
وقفت أمينة مكانها و هي تعض على أسنانها ... هامسة
( صبرني على بعضٍ من عبيدك يا رب .......)


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:10 AM   #21906

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

جلس حاتم مكانه يضغط أعلى أنفه بين عينيه بتعب ....
منذ ليلتين كاملتين لم يغمض له جفن ....
تراجع في مقعده بوجوم وهو ينظر الى سقف مكتبه ... ليجد أن وجهها مرتسما أمامه ...
بعينيها اللتين تشبهان اللوز شكلا و البندق لونا ..... و شفتيها العنبتين .... و شعرها المتماوج على صدره بنغمٍ لحنه هو في اذنه ....
لقد دربها على مدى أشهر طويلة كي لا تستطيع النوم بدونه .... و نسي أنه هو نفسه قد خضع لنفس التدريب
بات شريدا بدونها ليلا ... و السرير يبدو و كأنه ساحة مهجورة باردة .... يكاد يجزم أنه يسمع صوت حشرات الليل ذات الصفير بدون وجودها ....
جسده يشتاق الى ضمها ..... فقط ضمها ....
علم على مدى الاشهر الماضية ... ان العلاقة الجسدية كانت آخر نقطة في قائمة ما يجمع بينهما ...
مجرد نومها بجواره ساكنة بين ذراعيه ... في حالات ارهاقها .. تعبها ... ظروفها النسائية الخاصة
كان أجمل لديه من كل المشاعر التي خبرها بحياته ....
و على قدر ما منحته من سعادة .... كان نفس مقدار الألم الذي طعنته به مرة بعد مرة ...
أغمض عينيه للحظة وهو يفكر ... أنه لا يستثني نفسه من الخطأ ....
فبينه و بين نفسه كان يعلم أنه انتزعها بقوةٍ قسرية ... من حبِ الرجل الوحيد بحياتها ... فظل شبحه يطوف بينهما بعدها ....
هو متأكد من أنه نجح في جعلها تحمل له بعض مشاعر الحب ...
لكن حتى تلك الحرب كانت في منتهى القسوة ... كان يمارس عليها كل ما يستطيعه من فنون و قدرات كي تقع في حبه ...
و كانت هي ظمأة للحنان .... متعبة و تحتاج الى الراحة ....
لذا أحبته لمميزاته ...
بينما أحبت زوجها السابق بعيوبه .... فأي حب أعمق ؟!!!
كانت الإجابة مؤلمة بشدة .... جعلته يزفر نفسا و كأنه نزيف الألم من جرحٍ لا يهدأ ....
سمع طرقا على باب مكتبه فاعتدل جالسا وهو يدعو الطارق للدخول وقلبه يخبره أنها هي ...
لقد جائت الى العمل اليوم منذ الصباح ...
ذهل وهو يراها بكامل أناقتها لدرجة تخطف الأنفاس ... لم تكن ترتدي ما هو سافر التأنق كما طلب منها من قبل ...
لكنها خدعته و اهتمت بكل تفصيل صغير في مظهرها حتى بدت و كأنها تتوهج بجمالٍ راقٍ براق
كان عذابا بالنسبة له أن يتجاهلها طوال اليوم و هي تعمل معه في نفس المكان ... خاصة و انها ترميه بنظراتها ذات المغزى و الإغراء .. و ترسل اليه ابتساماتٍ خبيثة غير ظاهرة لغيرهما ..
و كأنها استجمعت قوتها تماما و تناست حزنها سريعا ... و عادت الى شخصيتها المتلاعبة
و بالفعل ما أن فتح باب مكتبه حتى وصله عطرها الذي يحفظه عن ظهر قلب ....
رفع وجها رسم الجمود عليه باتقان .... لكن صدره تضخم برؤيتها تدخل الى مكتبه بجمالها و عيناها المثبتتين في عينيها بتحدي يكاد أن يكون وقاحة ...
و ما أن وصلت الى مكتبه حتى انحنت لتستند الى المكتب بكفيها و هي تقول مبتسمة برقة
( مساء الخير ........ لم نحظى بفرصة منذ الصباح كي نلقي حتى التحية الى بعضنا ! ....)
تحرك حلقه قليلا وهو يتأمل وجهها المتقن الزينة ... و توقفت عيناه لعدة لحظات على شفتيها الورديتين المنتفختين ....
تبا لها حتى أحمر الشفاة يبدو طبيعيا تماما ... و مع ذلك يمنح شفتيها مسحة من جاذبية مهلكة ..
لكنه قال بجمود لا يتوافق مع النار المشتعلة بصدره
( مساء الخير .............)
رمشت بعينيها دون أن تفقد ابتسامتها حلاوتها ...و قالت بغنج
( هكذا من بعيد لبعيد ؟! ............. )
رفع عينيه الجامدتين الى عينيها .... بينما المكتب بينهما يشهد على أيام ذات عشقٍ مجنون ...حيث كان يجلسها حاتم عليه ليشبعها شوقا يجعله يتحمل المتبقي من يوم العمل الطويل
لكنه قال بجفاء محاولا تناسي تلك الصورة
( تأخرتِ اليوم ............. )
اتسعت ابتسامتها و هي تستقيم واقفة ... لتدور حول المكتب ببطىء تحت أنظاره الى أن وصلت اليه ... فاستعد لأن يستدير عنها لو كانت تنوي الجلوس بحجره ...
لكنها أخلفت ظنه فجلست على سطح المكتب أمامه واضعة ساقا فوق أخرى .... مما جعله يخفض نظره تلقائيا الى قدمها الصغيرة في الحذاء الأسود ذو الكعب العالي الرفيع جدا ...
تأفف بداخله و هي تؤرجحهما ... بينما قالت كرمة بكل تهذيب و ابتسام
( أنا آسفة ..... لم أقصد التأخير , لكنني قضيت ليلة صعبة ...... زوجي أغضبني و كنت أحاول أن اراضيه ..... أترى الظلم ؟! ..... )
مالت اليه ووضعت كلتا يديها على ذراعي كرسيه .. فحاصرته تماما بين ذراعيها و هي تميل اليه لتقول بإغراء مقصود
( كيف يمكنني العمل في مثل تلك الظروف النفسية الصعبة ..... )
كان قربها منه يستهلك أعصابه ... و عطرها يملأ خلايا رئتيه .... و هي تعلم ذلك و تستخدمه بكل شراسة ... يكاد أن يرى الخبث بعينينها ....
لذا كان صوته محتدا خشنا وهو يكاد ينهرها أمام وجهها بكل صرامة
( اسمعي يا كرمة .... طوال سنوات عملي كنت أفصل بين عملي و بين حياتي الخاصة ... و لن أقبل الآن بأن يتم التلميح بأنني أميزك في العمل كونك زوجتي ..... لذا ان لم تستطيعي الإنتظام في العمل فستنالين نفس الجزاء ...... )
ارتجفت شفتيها قليلا و أغمضت عينيها للحظةٍ أمام هديره الذي تطايرت بسببه رموش عينيها ....
ثم فتحتهما و هي تبدو كطفلٍ على وشكِ البكاء ... مما جعل جسده جله يصرخ به معترضا .. كل عضلة ذكورية به تئن كي تحضتضنها و تربت عليها و تراضيها ....
لكن كرمة حين تكلمت ... لم يكن صوتها يرتجف كشفتيها ... بل كان هادئا مبتسما و كأنها تراضي طفلا صغيرا
( أنا أحد مدراء الفرع يا حاتم ..... لذا الا ترى أنك تبالغ قليلا بسبب تأخري بعض الوقت ؟! ..... ماذا نترك اذن لحديثي التعيين ؟! ..... )
ابتلع ريقه وهو يود لو يدفعها بقوةٍ كي لا ترى تأثيرها عليه .... لكنها رأته ... و ابتسمت و هي تنظر الى تحرك حلقه ... مما جعل حاتم يقول بصرامة
( هل هذا كلام شخص يحترم عمله ؟!! ....... لولا معرفتي بكِ لكنت .... )
اقتربت منه أكثر حتى كادت شفتيها أن تلامس شفتيه و هي تقول بهمس جميل
( و هل تعرفني جيدا ؟! ....... لو كنت تعرفني لما تركتني أعاني وحيدة طوال الليل ... حتى تأخرت على عملي و هي ظاهرة نادرة ..... )
رفع حاتم عينيه اليها ... ثم قال بهدوء
( لطالما كنت تعانين من ليالٍ طويلة .... بعضها من الوحدة و بعضها من العنف الجسدي و النفسي ... و كنتِ تأتين الى عملك في اليوم التالي و كأن شيئا لم يكن ..... )
بهتت ابتسامتها و اختفت ..... و تراجعت عنه ببطىء دون أن تنهض عن سطح مكتبه ....
بل ظلت جالسة أمامه ساقاها متدليتان دون حركة ...تنظر الى عينيه بوجوم .... و كأنه صفعها للتو...
و كان هو مذهولا من نفسه .... كيف استطاع النطق للتو بما نطق به حالا ؟!! ...
لعن نفسه وهو يرى انكسار عينيها ... و في نفس الوقت كانت النار تحرقه وهو يرى أنها لا تزال متأثرة بالماضي
ضحك بداخله بسخرية مريرة وهو يسأل نفسه
" و هل نست الماضي يوما ؟!! ..... "
كان يراقب ملامحها المضطربة و هي تحاول السيطرة عليها .... ثم قالت أخيرا و هي تمد يدها لتمسك لفة صغيرة كانت قد تركتها على سطح المكتب منذ أن دخلت ...
و مدتها اليه وهي تقول بخفوت ... حاولت جاهدة أن تجعله عاديا
( لقد حضرت لك بعض الشطائر .......... )
تمكنت من الإبتسام له و هي تتابع بحلاوة
( لقد أحكمت الخطة من حولي .... فكنت تشاركني الشطائر التي اشتريها .. و تدريجيا منعتها عني , لذا لم أجد بدا من صنع غيرها في البيت .... تذوق كل منها و قل رأيك بصراحة .... لقد تفننت في مكوناتها و الوانها ..... )
كانت عيناه قاسيتان ... صخريتان .. و على الرغم من ندمه الرهيب على ما نطق به الا ان بساطتها المفتعلة جعلته يقول هادرا
( هل سمعتِ ما قلته للتو ؟!! ..... أتتظاهرين بأنه لم يؤلمك ؟!! ..... )
طار التلاعب و الدلال من ملامحها ... و بقت تنظر اليه هادئة بعض الوقت .... قبل أن تقول برقة
( أتريد أن تؤلمني يا حاتم ؟! .......... )
سؤالها البسيط جعله يشعر بأنه مجرد رجل شرقيا في الجزء السيء منه ... ذلك الجزء الذي يؤذي امرأته لا لشيء سوى بدافع الإمتلاك ... و كم أشعره ذلك بالحقارة ... فقال بعد فترة طويلة
( لا يا كرمة ..... آخر ما أريده هو ايلامك ....... )
كانت تريد الصراخ به بجنون
" اذن عد الي ..... فبعدك عني يؤلمني ... بل يمزقني .... و يزهق روحي بمنتهى القسوة "
الا أنها تماسكت و تابعت خطتها و هي تقول ببشاشة و حلاوة ابتسامتها تسحر قلبه
( جيد .......... فأنت لم تفعل ...... )
و أمام عينيه المتسعتين من بساطة كلامها ... قالت مبتسمة و هي تفرد ظهرها و تضع يديها على ركبتيها متظاهرة بالحرج و عيناها تنطقان بالشقاوة
( أنا لم آتي الى هنا بسلامة نية ..... في الواقع أريد منك طلبين ..... )
ارتفع الآن احدى حاجبيه وهو غير قادر على مجاراة عفويتها ...
و كم ذكرته بأول مرة رآها فيها
تلك المرة التي أهلكت صدره بنفسٍ مهتز ... دون أن يجد وقتها سببا منطقيا لما شعر به .....
قال أخيرا بصوتٍ جامد
( و ما هما ؟!!............ )
قالت بدلال و أنوثة
( أولا أريد طلب الاذن منك في الخروج مع فريدة اليوم ........ )
ظل ينظر اليها بلا أي تعبير .. و كأنه لا يزال يحاول استيعاب برودها الذي يريد ضربها بسببه و كأنها لم تقترف شيئا يسيئ ...
فقال بصوتٍ صلب مزدري قليلا
( الن تذهبي اليوم الى بيت طليقك ؟! ......... )
كانت لهجته شبه مهينة ... لم تعتدها منه بنبرتها المزدرية و الكلام المباشر بها دون مراعاة لمشاعرها
لكن .. هل راعت هي مشاعره قبلا ؟!! ..
لذا امتصت الألم و الإهانة كأسفنجة مرنة ... و ابقت ابتسامتها على شفتيها بمعجزةٍ و قالت ببساطة
( أنت أوضحت بما لا يقبل الشك أنك ترفض ذلك ..... لذا فأنا لن أذهب الى هناك مجددا ... كأي زوجة مطيعة لزوجها و تستحق العطف ... و الرفق.... )
كان صوتها ينخفض شيئا فشيئا و ابتسامتها تزداد اغراءا ... و هي تميل اليه مرة أخرى ... تحاصره بذراعيها مرة ثانية ... ثم همست تتابع أمام شفتيه بصوت لا يكاد يسمعه ... بل يقرأ أحرفه من على شفتيها الهامستين
( و الرضا ....و السماح ..... لأنها اشتاقت اليك جدا ..... جدا .... )
انعقد حاجباه فوق عينيه المخاصمتين .... فتنهدت و هي تبتلع الباقي من همسها الحنون قبل أن تستقيم متنحنحة و هي تقول بعفوية
( لكن لا تقلق ....... فقد تدبرت مساعدة لها تجعلني مرتاحة الضمير ..... )
قال بصوت قاس غريب
( أتظنين أنني قلق على ... بيت زوجك السابق ؟!! ...... )
قالت كرمة بهدوء ... و ثقة
( بل علي أنا ....... فلو تركت ذرة الرحمة و الانسانية الأخيرة المتبقية لدي , حينها ستعرف أنني لازلت مرتبطة بالماضي .....)
تنحنحت مرة أخرى أمام عينيه المدققتين بكلماتها ثم قالت بثقة
( المهم ....... هل يمكنني الخروج اليوم ؟! ...... )
رد عليها بصوتٍ أجش صارم
( الى أين ستذهبان ؟!! ................ )
ابتسمت اكثر و هي تقول معددة على أصابعها
( أولا سنذهب للتسوق بالطبع .... فكريات التسوق بدأت في التناقص من دمي بشكلٍ خطير مؤخرا ... ثانيا سنذهب الى طبيب نغم كي نجري لها بعض الفحوص العادية ... و أنا أحب الذهاب جدا ... ثالثا و أخيرا سنذهب الى وعد في معرضها .... لأن فريدة تريد تفصيل فستان خاص جدا ... لمناسبة مميزة مع زوجها و أنا نصحتها بالذهاب الى وعد .... و ربما لو شعرت بالغيرة حينها فسأفكر في تفصيل فستان خاص لي أنا أيضا كي أفاجىء به زوجي ..... )
كانت تنطق عبارتها الأخيرة بتحبب واضح و تزيد من دلاله ... بينما هو صارم الملامح , لا يلين و لا يضعف تحت ضغط الإغراءات ... فقال بجفاء
( متى ستعودان ؟ .......... )
شعرت بالغيظ من عناده .... لم يسبق أن تطلبت مصالحته كل هذا الوقت , لكنها كتمت غيظها و قالت ببراءة
( كل هذا قد يستغرق منا بضعة ساعات ..... أي أننا سنعود في الثانية عشر ليلا ربما ..... )
اتسعت عيناه و انعقد حاجباه و هو يهدر أمام وجهها قائلا
( تعودين في منتصف الليل وحدك ؟!! .... هل جننتِ ؟!! ..... أم أنكِ بالغتِ في تقدير مقدار تساهلي معكِ ؟! ... )
رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تقول بوداعة
( متى تريدني أن أعود ؟ .......... )
قال حاتم بصوت قاطع لا يقبل الجدل
( آخر موعد لرجوعك هو التاسعة ........ و سأهاتفك من هاتف البيت الأرضي كي أتاكد من رجوعك في الموعد ..... )
ارتجفت ابتسامتها حنانا و همست
( لأنه لا يصح أم لأنك تخاف علي ؟!! ........... )
و كانت تنتظر الرد الآخر المعتاد .. حين يهمس لها بوله
" أخاف عليكِ من النسيم المتخلل شعرك .... "
لكم كانا يلهوان بالكلمات و الأسئلة و كأنهما عاشقان شاعران لا يحملان للدنيا هم أو نكد ....
اظلمت عينا حاتم و قال بخفوت أجش
( لدي عمل يا كرمة ..... و قد أطلتِ البقاء )
هذا الآن آلمها جدا .... أكثر من كل صراخه و عدوانيته .... فابتلعت ريقها و رفعت وجهها بكبرياء قائلة بهدوء
( لم تسألني عن طلبي الثاني قبلا ......... )
تنهد بغضب لكنه قال بنفاذ صبر ...
( ما هو ؟! ...... اطلبي ثم اذهبي سريعا ....... )
عقدت حاجبيها قليلا .. لكنها قالت بصيغة آمرة باردة مختصرة
( أريد مالا ........ )
ارتفع حاجبيه وهو يسمع طلبها لأول مرة .... لكم ضايقته سابقا باستقلاليتها ...
كانت دئما تخبره بكل وقاحة أنها تملك راتبا ضخما ... و ترفض تماما أن تتسوق و تكلفه مالا هي ليست بحاجة له
كانت حساسة جدا ... تريد أن تفهمه في كل لحظة أنها لم تتزوجه من أجل أن يشبعها بالرفاهيات التي تعشقها ..
يكفيها فقط أنه لا يغرمها شيئا في البيت و بالتالي فراتبها كله ملكا لها .... فكيف يشتري لها ما تحبه ايضا ؟!
ستشعر حينها أنها عالة مادية شبيهة بالعلقة ... و هذا الشعور لم تعتده أبدا في حياتها ...
و كم كان هذا الكلام السمج يخنقه و يثير حنقه .... حتى أنهما تشاجرا كثيرا بسبب هذا الأمر ... قبل أن تستلم مرة و ترفض مرة بعزة نفس ...
كان يصرخ بها أنه يريد شراء الاشياء الجميلة لها ... يحب أن يلبسها بنفسه ... لا أن تقتصر مهمته على خلع ملابسها ... يريد أن يكون أباها لو اقتضى الأمر .... يريد أن أن يجعل المال رابطا معنويا بينهما ... لا ماديا ....
و كانت ترضخ بامتعاض ... و تقريبا بعض القرف ....
لكنها الآن تجلس أمامه ... تأمره ببرود أنها تريد مالا !! ....
تمالك نفسه سريعا و قال ببرود مماثل
( اسحبي من البطاقة التي أعطيتها لكِ ........ )
قالت بقنوط
( ليس بها مال ...... و قد قضيت على راتبي كله ...... )
نظر اليها بشك .... و هو يعقد حاجبيه , ثم لم يلبث ان هز رأسه بنفاذ صبر وهو يخرج حافظته من جيبه ... و يفتحها قائلا
( لست أدري .... أن كان معي الآن ما يكفيكِ لكن ..... )
مدت يديها تأخذ الأوراق التي أخرجها و هي تقول
( هات ما معك ...... سيفي بالغرض بينما يمكنني تأخير الدفع لوعد .... هي تحاسبني اخيرا ... )
ارتفع حاجبيها و قد التقطت عيناها صورتها التي تزين محفظته ... فرفعت عينيها اليه و هي تقول بسعادة حقيقية
( جيد أنك لم تتخلص من صورتي كما تخلصت من الأصل ...... )
أغلق حافظته بقوة و قصد أمام عينيها الفضوليتين .... قبل أن يقول بجفاء بارد
( الصورة هي مجرد ذكرى جميلة ... لا تجرح , بينما الأصل يفعل ..... و بقسوة .... )
تجمدت ملامح كرمة و هي تقول بفتور
( هل أصبحت مجرد ذكرى جميلة الآن ؟!! ......... )
رفع حاتم حاجبه وهو يقول ببرود
( أنتِ الأصل حبيبتي ..... الأصل هو من يجرح ... لا الصورة ... )
رفعت كرمة وجهها بملامحه المتألمة و هي تنظر اليه بثبات على الرغم من اهتزاز روحها و قلبها ... ثم قالت بجدية
( جرحتك كثيرا سابقا يا حاتم ... أما هذه المرة لم أفعل .... لكنك ترفض أن تفهم ... و ترفض حتى أن تغفر .... فالى متى ستظل على هذا الحال ؟! .... )
ارجع حاتم ظهره في مقعده و رفع وجهه اليها ... و لم تستطع ان تعبر بحور عينيه الداكنة ثم قال أخيرا بهدوء بدا قاسيا في اذنيها
( تتصرفين بأنانية ثم تطبين الغفران .... الا ترين أنكِ من القسوة بحيث لا تدركين مدى الضرر الذي تسببينه أحيانا لمن حولك ... لمجرد أن تظهري بدور البطلة أحيانا .... و الضحية أحيانا أخرى !! ..... )
فغرت شفتيها بذهول و هي تهمس قبل ان تستطيع منع نفسها
( أنا يا حاتم ؟! ............. )
د عليها بصوتٍ مكبوت أكثر غلظة
( ما تفعلينه يؤكد لي أن حياتك السابقة لا تزال تحتل حيزا كبيرا يا كرمة .... بعقلك ... و قلبك .... لكنك تريدين كل شيء ..... الاستقرار بحياة لطيفة جديدة دون مشاكل , مع بقائك البطلة المتفانية في حياتك السابقة بين الحين و الآخر ...... )
ضرب المكتب بقبضة يده فجأة مما جعلها تنتفض بذعر أمامه كخادم مرتعب ... بينما هو يهدر بقسوة
( كي يعض أصابع الندم كل يومٍ و كل لحظة على غبائه حين اختار غيرك ...... )
صمت يلتقط أنفاسه للحظة ثم هدر بصوت اكثر قسوة و عنف
( و أنا أرفض أن أكون جزئا من تلك المعادلة المريضة............... )
اظلمت عيناها بشدة ... و تشوشت الرؤية أمام ناظريها , فاخفت ملامح وجهه العنيفة .... بينما كان صدرها يتمزق بقوة و هي تشعر بظلم أكبر من طاقتها و من نيتهاالغبية في مساعدة علياء و رد بعض الدين لمحمد
كي تستطيع ان تكون حرة الأثقال و الديون في حياتها الجديدة .....
تراجعت خطوة للخلف و هي تهز رأسها نفيا بينما عيناها تترغرغان بدموعٍ اكثر ... لكنه كان قد استدار قليلا وهو يقول بجفاء
( اخرجي يا كرمة ..... لقد عطلتني بما يكفي .... )
ابتلعت المتبقي من كرامتها ... واستطاعت بمعجزةٍ أن تمنع نفسها من البكاء ... فطرفت بعينيها بأناقة و هي ترفع ذقنها قائلة بتهذيب بارد
( حاضر سيادة المدير ........ آسفة أنني أخذت الكثير من وقتك .. و شكرا على المال ... )
رفعت اللأوراق بيديها قليلا و هي تبتسم بسخرية حزينة .... ثم استدارت لتغادر بأناقة ... لكنه ناداها بجمود
( كرمة ........ )
استدارت اليه بوجهٍ غاضب ... حزين ... مكسور و حانق .... فقال وهو يستدير بكرسيه بعيدا عنها
( خذي الشطائر معكِ ...... فأنا لا آكل أثناء العمل ...... )
عقدت حاجبيها وودت الصراخ بعنف و جنون
" منذ متى يا عيوني ؟!!! ..... رحم الله أياما كنت تشاركني فيها شطائري المسكينة و أظل المتبقي من اليوم جائعة !! ... "
لكنها أمسكت نفسها بصعوبة و ضحكت قليلا بقسوة ثم قالت
( القها لو أحببت ...... لكنني أظنك قد كبرت قليلا على رمي شطائرك ؟.... يا سيادة المدير ... )
انصرفت الى الباب و هي تضرب الارض بأناقة ... لكن و قبل أن تخرج التفتت اليه تملي عينيها المشتاقتين من وسامته و جمال محياه .. و هي تعلم أنه سيبيت بعيدا عنها مجددا هذه الليلة .. ثم تحول صوتها ناعما .. واعدا و هي تقول بحنان
( سأنتظر مكالمتك الليلة ........... )
و حين استدار اليها عاقدا حاجبيه ... تابعت مبتسمة برقة حزينة
( كي تطمئن الى أنني وصلت في الموعد و لم أخالف الأوامر ....... )
ثم خرجت بسرعة مغلقة الباب خلفها بهدوء و دون صوت ... بينما ظل حاتم مكانه ينظر الى الباب المغلق بألم و غضب ... ثم لم يلبث أن تراجع بظهره وهو يلقى رأسه للخلف يزفر بقوة ... ثم همس بخفوت بعد فترة طويلة
( كيف ستمر ساعاتِ ليلة طويلة أخرى ... و أنتِ لستِ بين أحضاني يا مدللة ؟!! .....يا من تتلاعبين بطيش فتصيبين من تصيبين بسهامك ... لتعلو الضحكة ثغرك الشهي بشقاوة ..كيف ؟!!! ... )
.................................................. .................................................. ..................
أخذت وعد تعمل بفن و هي تشعر بنشوى هوايتها تتألق بداخلها ... تلف القماش الحريري حول جسد فريدة الرائع ... .. عدة أقمشة بألوان متناسقة ... قامت بلفهم حول خصرها و كتفيها و تحت ذراعيها .. لتكون منها في النهاية فستانا متكاملا رائعا ... قريبا جدا لما استشعرته حين رأت الشقراء خضراء العينين .. ناعمة الشخصية ... ثم قالت و هي لا تزال تضبط ثنيات القماش كي تحصل على الهيكل المرتسم ببالها ...
( اخبريني عن المناسبة ......... )
كانت فريدة تنظر الى المرآة أمامها و هي مبتسمة مبهورة بالشكل الذي شكله القماش دون تفصيل .. ثم وعت الى أن وعد تكلمها ... فضحكت برقة و قالت بنعومة
( عفوا ........ آآآممم ... هي مناسبة خاصة .... انها المرة الأولى التي رأينا بها بعضنا .... )
ارتجفت أصابع وعد قليلا على القماش ... لكنها أرغمت نفسها على الثبات بينما تابعت فريدة ضاحكة ووجنتيها تحمران خجلا
( أتعرفين تلك اللحظة التي يكتب عنها في الروايات .. " و عرفت وقتها أن حياتها لن تعود كسابق عهدها " ... )
ظلت وعد صامتة قليلا و هي تزيد من سرعة عملها .. كفنان ينحت تمثالا .. بينما تدفق شعرها من حولها .. لا يحجزه سوى نظارتها السوداء المرفوعة أعلى رأسها .... ثم قالت أخيرا بصوتٍ خافت أثاره الحنين
( نعم ..... أعرف تلك اللحظة ..... لحظة دخلت فيها الى مكتب فخم .... اطلب العون ...و كان يجلس خلف المكتب رجل لم أرى بمثل تأثيره رجل ..... يحيط به السكون و الوقار ..الى أن رفع عينيه الى عيناي .... )
كانت قد انتهت من عملها .... فاستقامت تنظر الى فريدة بتأمل , ثم امسكت بكتفيها و أدارتها الى المرآة مجددا ووقفت خلفها و هي تتابع بهدوء بينما شردت عيناها الرماديتان بعيدا
( فعرفت حينها أن حياتي لن تعود كسابق عهدها ........... )
كانت فريدة تستمع اليها بانبهار و هي تنظر الى الفستان الذي اصبح كاملا .... ثم لم تلبث أن ضحكت برقة و هي تقول
( يبدو أنكِ تفهمين جيدا ما أخبرك عنه ........ و أن هناك فارس ينتظرك في مكان ما .... )
ابتسمت وعد بشرود و هي تقول بخفوت
( ربما ......... )
لكنها رفعت ذقنها و هي تتابع بحرفية
( اذن ما رأيك ؟! ...... هل هذا يناسب ما تفكرين به ؟!! .... )
هزت فريدة رأسها قليلا بعدم تصديق و هي تقول منبهرة
( صدقا لقد أعجبني احكامه على جسدي بتلك المهارة و الإلتفاف الجديد .... سيكون رائعا .. و الألوان !!!!! )
صمتت للحظة ثم قالت
( من كان ليظن أن البرتقالي المتوهج ينسجم مع الوردي الداكن !!! .... أنا أبدو .... مشتعلة ... متوهجة .... لم ارتدي يوما سوى الألوان الرقيقة .... السماوي .. الوردي الفاتح .... و غيرها .... لكن تلك الشعلة من الألوان تجعلني مختلفة ... )
قالت وعد مبتسمة ببساطة
( و هذا هو القصد ..... طالما أنك تتحدثين عن تلك اللحظة الخاصة التي كنتِ بها مختلفة ... و كأنه أشعل بكِ شيئا .... فما عليك سوى اختيار ما يجعلك مختلفة عما اعتاد رؤيتك به ..... )
ابتسمت فريدة بجمال و هي تتأمل القماش الجميل المشتعل .... ثم لم تلبث أن قالت بسعادة
( أنت حقا موهوبة ........ أنا موافقة على كل ما ستنفذينه ... )
ابتسمت لها وعد بمودة ... ثم تركتها لتعدل من ملابسها بينما اتجهت الى كرمة التي كانت تلاعب الصغيرة نغم على حجرها و تهدهدها بينما ابتسامتها تبدو أكثر اشراقا من اللحظة التي دخلت فيها بكآبة الى المكان ..
سحبت وعد كرسيا و قلبته لتجلس عليه مستندة بذراعيها الى ظهره امام كرمة ... ثم قالت بخفوت
( اذن هذه هي فريدة !! .... من أين لكِ بمعرفة هذه البشر النظيفة !! ..... الفتاة ستضيء ذاتيا من شدة الرقي و الجمال !! ......لقد تعطرت ثلاث مرات منذ أن دخلت الى هنا !! ... انها تجعلني أشعر بكروموسومات الذكورة في داخلي تتزايد ... )
مطت كرمة شفتيها و هي تهمس بحزن و أسى
( كل قريبات حاتم بهذا الشكل ...... لا عجب اذن أين يكون ذكور العائلة في مثل جماله !... )
مطت وعد شفتيها هي الأخرى ثم همست بغيظ
( لو ستبدأين في تعداد مزايا زوجك و البكاء عليها ... فاخرجي من هنا .... فأنا لست في حال يسمح لي بتحمل المزيد من النكد و الكآبة ....... )
رفعت كرمة وجهها الواجم الملامح و هي تقول بكآبة
( لقد انتهى بنا الحال منفصلتين بلا اطفال يا وعد ........ وحيدتين من العجائز ... نتسلي ببعض بذور البطيخ ... )
رفعت وعد عينيها الى السماء بيأس و هي تهمس
( ها نحن سنبدأ وصلة البكاء على الرجال ...... )
ثم اخفضت وجهها و هي تقول
( اقسم أنني لم ارك خلال السنوات الأخيرة الا و أنتِ تبكين على رجل .....)
زفرت كرمة و هي تقول ببؤس
( على الأقل انتِ أفضل حالا مني ....... تزوجت مرة واحدة .... و لا يزال زوجك هائما بكِ يتمنى اشارة من اصبعك .... بينما استهلكت أنا رجلين و لم احصل على ظفر طفل .... )
تأوهت وعد بصوت طوييل و هي تضغط أعلى أنفها .... تمسك نفسها من ضربها في تلك اللحظة ... ثم قالت بغيظ
( من هذا الذي ينتظر اشارة من اصبعي ؟!! ...... ذلك الذي طلقني ما أن طلبت ؟!! ..... و من لم يرغب في الطفل من البداية ؟!! ...... قولي كلاما منطقيا كي أتمكن من الإكتئاب معك بنفسٍ مفتوحة .... )
أطرقت كرمة برأسها بائسة الملامح... فنظرت اليها وعد بغضب لعدة لحظات , ثم لم تلبث أن أشفقت عليها .. فتنهدت و هي تقول
( اليس هناك من بعض بوادر الأمل ؟! ..... ولو ابتسامة حتى ؟! .... )
مطت كرمة شفتيها و هي تقول بقنوط
( ابتسامة ؟!!! ....أي ابتسامة بالله عليكِ ؟!! لو استطاع أن يبصق بوجهي لفعل ..... أول مرة يكن قاسيا الى هذا الحد .... لقد أسمعني اليوم كلاما كالسم ..... )
قالت وعد بغضب
( والله تستحقين أكثر .... لقد حذرتك المرة السابقة و مع ذلك لم تحترمي نفسك ... فتحملي اذن ما يقع فوق رأسك من بلايا منوعة ..... )
رفعت كرمة وجهها و هي تقول بصلابة
( لن أعيد تبريري مجددا ........ لقد سئمت الشرح ..... هل ماتت الانسانية ؟!!! .... )
صرخت وعد .. لكنها لم تلبث أن أخفضت صوتها و هي تنظر حولها ...
( انساااااانية !! ...... و هل أنتِ المبعوث الرسمي للإنسانية ؟!! ..... والله أن زوجك رجل محترم ....لو أن سيف مكانه لجعل مني بساطٍ يقوم بنفضه مرتين يوميا الى أن أتعلم الأدب .... )
زفرت بغضب و هي تقول بنفاذ صبر
( استغفر الله ........)
قالت كرمة بغضب
( اخفضي حدة توترك ..... أنتِ تضايقين الصغيرة ... )
شتمت وعد بخفوت و هي تنظر بعيدا ... بينما ظلت كرمة تداعب شعرات الصغيرة بين ذراعيها بشرود الى أن قالت بخفوت دون أن ترفع وجهها الى وعد
( أنا أريد لمحمد أن يسعد .... و سعادته لن تكون الا برؤية طفل له ..... حينها سأكون مرتاحة الضمير و أنا أعيش ذلك الحلم الوردي الخيالي مع حاتم ..... )
صفقت وعد بيدها و هي تقول بفظاظة
( و ها قد انقلب الحلم الوردي الى كابوسٍ كحلي يا نابغة زمانك ....... )
زمت كرمة شفتيها كالأطفال و هي تعود للإطراق بوجهها .... ثم قالت بخفوت و يأس
( كيف أصالحه يا وعد ؟! ....... أنصحيني ارجوكِ .... سأموت ... )
تنهدت وعد و هي تقول بوجوم
( ألم تجدي من هي أكثر فشلا كي تسأليها النصيحة ؟! ...... الكثير من الفتيات يتمكن من تحويل ابناء عماتهن الى أزواجهن .... بينما أنا .... اللهم لا حسد ... نجحت في تحويل زوجي الى ابن عمتي .... مقدرة فذة ُأُشكر عليها .......... )
بقت كرمة صامتة و هي تداعب الطفلة بحزن دون أن ترد ... بينما كانت وعد تراقبها بتعاطف ثم قالت أخيرا بصوتٍ خافت رقيق
( هناك شيء وحيد وهو نقطة ضعف سيف تجاهي التي لا تخيب ....... )
رفعت كرمة وجهها بأمل و هي تقول بسرعة
( ما هي ..... أرجوكِ انطقي بها و سأفعلها ولو بحياتي ...... )
ابتسمت وعد بحزن و هي تهمس بعشقٍ يقطر من حروفها
( لن تنجحي للأسف ....... انها مرضي .... مرضي هو الشيء الوحيد الذي يحول سيف من جلف فظ الأخلاق الى طفل مرتعب ..لدرجة أنني أتمنى لحظتها لو ضممته الى صدري و ربتت على شعره الى أن يهدأ ... و لهمست في أذنه أن يهدأ ... فلا أحد يأخذ غير نصيبه .... و أن خوفه هو ما يزيد من احساسي بالمرض ..... )
تأوهت كرمة بخفوت و هي تهمس .... مربتة على ركبة وعد
( حبيبتي ..... انتِ بألف خير .... لقد اكد الطبيب لك ذلك ..... )
ابتسمت وعد و هي تقول ببساطة
( لست خائفة ....... لكنني لا أحب خوف سيف .... من بين كل المشاعر السلبية التي منحتها له , الا هذا الشعور .... لم أرغب يوما أن يشعر به بسببي ...... لأنني ..... )
صمتت قليلا .... ثم تنهدت قائلة
( لأنني أحبه ..... و من يحب لا يفعل ذلك بمن يحبه ...... )
ابتسمت كرمة بحب .... ثم همست بخفوت
( هل تشتاقين اليه يا وعد ؟! ................. )
أومأت وعد برأسها عدة مرات و هي تهمس مع كل مرة
( نعم ..... نعم أشتاق اليه جدا ..... بكل عيوبه و فظاظته و قسوته ..... بكل حبه و تملكه و خوفه علي .... نعم اشتقت اليه جدا .....جدا .. )
همست كرمة بخفوت
( تصنعي حجة و هاتفيه ...........)
رفعت وعد عينيها الى كرمة بصمت ... ثم تنهدت قائلة
( المهم .... دعينا نهتم بمشكلتك ..... ماذا قررتِ ؟!! ...... )
ظلت كرمة صامتة قليلا ... ثم قالت بخفوت
( لو كنت حامل لما تركني و خاصمني ..... الحمل يبدد أي خصام ..... )
رفعت وجهها الى وعد ... ثم قالت بهدوء خافت
( ان لم أستطع أن أمرض كي أحنن قلبه علي ..... فسأحمل ..... )
قالت وعد تلقائيا و هي ترفع حاجبا متوجسا
( ممن ؟!! .......... )
قالت كرمة بغضب
( احترمي نفسك ......... )
تداركت وعد نفسها و هي تقول
( لم أقصد ..... قصدت ..... أليس زوجك غاضبا و قد ترك البيت ؟؟ .....و حسب بعض معلومات الثانوية العامة المترسبة في ذاكرتي .. فإن الحمل يحتاج الى شريكين !!! .. )
رفعت كرمة كتفها و هي تقول بخفوت
( من يدري ؟!! ......... )
تابعت بخفوت
( أي تصرف سيكون أفضل من الجلوس بهذا الشكل كالمطلقات ..... )
رفعت وجهها الى وعد و قالت بخفوت
( عفوا ,...... لم أقصد اهانة .... )
مطت وعد شفتيها و قالت بامتعاض
( خذي راحتك حبيبتي .... أعرفك في حزنك , تتحولين الى رتاج باب صدىء .... )
عقدت كرمة حاجبيها مفكرة و هي تقول
( لقد كان هذا لقبك على ما أظن في الدار .... اليس كذلك ؟! .... )
قالت وعد بفظاظة ...
( بغض النظر ...... آآآه لن تصدقي من رأيت خلال الايام الماضية ...بشرى .... أتتذكرينها .. من الدار .. )
اتسعت عينا كرمة بذهول و هتفت
( بشرى ؟!! ...... أين و كيف وجدتك ؟! .... و كيف حالها ؟ .... )
قالت وعد بصوت جامد
( كانت ملك تعرف طريقها .. كما تواصلنا أنا و أنت منذ ترك الدار ....أما عن حالها ..... فلا أعتقد أنها بخير ... تبدو و كأنها قد مرت بأسوأ مما رأته في الدار و انتهى بها الأمر متزوجة من شاب ضخمة الجثة ... همجي .... كانت مضروبة الوجه حين رأيتها ..... )
تأوهت كرمة و هتفت رافعة يدها الى فمها
( ياللهي !! ... المسكينة حظها قليل منذ بداية حياتها ..... و هل سترينها مجددا ؟!! .... )
رفعت وعد كتفيها و هي تقول بصوت منقبض
( لا أعلم ..... هذا يتوقف عليها , تبدو منساقة خلف زوجها و لا تريد غيره .... لكن لو شاءت و عادت الي سأساعدها قدر استطاعتي ..... لطالما كانت هذه الفتاة تشعرني بانقباض الصدر .... )
عادت فريدة في ذلك الوقت ... فقالت كرمة بخفوت
( نتكلم لاحقا ..... فأنا لا أريد الكلام عن الدار أمامها ..... )
أومأت وعد برأسها ببطىء و هي تلاحظ الابتسامة المشرقة التي رسمتها كرمة غصبا على وجهها ... لطالما استطاعت كرمة التكيف مع كل شيء .... و كل شخص .... لكنها في النهاية تكتشف أن التكيف وحده ليس كافيا .....بل فهم الآخر أولا .... هذه هي مشكلتها مع سيف ... يفهمان بعضهما الى حد الغباء ... مما يجعل تكيفهما مستحيلا ...
.................................................. .................................................. ...................
ضغط سيف جبهته بيده وهو يشعر بصداع يتفاقم .... فارجع رأسه للخلف قليلا وهو يغمض عينيه .. الى أن سمع طرقا على باب مكتبه ... فقال دون أن يفتح عينيه
( تفضل ........ )
دخل الولد المسؤول عن المشروبات يحمل قهوته .... ليضعها على سطح المكتب قائلا
( قهوتك يا سيد سيف ...... )
شبه ابتسامة ارتسمت على شفتي سيف ... لكنها ماتت بسرعة , ثم اعتدل ببطىء و بدون حماس في مقعده وهو يتناول فنجان القهوة و قد كان في حاجة اليه بشدة ... و ارتشف منه رشفة بينما الولد يضع كوب الماء ...
انقبض وجه سيف و انعقد حاجبيه وهو يقول بعدم رضا
( ما هذا يا ابني ؟! ....... اسبوع كامل لك هنا و القهوة تتحول من سيء الى أسوأ كل يوم .. )
قال الولد محاولا التبرير
( انها كما تحبها تماما يا سيد سيف .... قهوتك تحديدا اقف أمامها و اصنعها باهتمام يفوق الحد ... أنا لا أعرف أين الخطأ ؟! .... أنظر الى وجهها !! .... يعلوها بطبقة ممتازة .... )
زفر سيف بغضب وهو يقول
( حسنا كفى كلاما ... اتركها و اذهب الى عملك .... سأتوقف عن شرب القهوة ... سأشتري ماكينة قهوة أمريكية و أكتفي بها .... هيا اذهب .... )
انصرف الولد مكسور الخاطر .... الا أن سيف ناداه وهو يبدو أكثر غضبا من نفسه ... ثم قال بجفاء لطيف
( اجعله شايا منذ الغد ..... أريد شاي كل صباح ... و شكرا لك .... )
ابتسم الولد وهو يقول
( شكرا لك يا سيد سيف .... خشيت أن تصرفني من العمل ... )
زفر سيف مجددا بعد انصراف الولد ... فهمس لنفسه ضاحكا مستاءا
( كنت على وشكِ صرف الفتى من العمل لمجرد أن قهوته ليست كقهوتها .... أو ربما لمجرد أنه ليس هي .....)
أمسك بهاتفه يفتحه بشرود وهو يتطلع الى صورها مجددا ... يبتسم لكل صورة و حلاوتها ...
يكاد يسمع صوتها و هي تضحك مصورة نفسها ....و همس بخفوت بعد أن اختفت ابتسامته
( جميلة أنتِ ....... يا بنت خالي ... )
لكن طرقة على الباب جعلته يجفل ويغلق الصور ليستقيم جالسا ... وهو يرى ميرال تدخل حاملة معها بعض الاوراق قائلة بحبور
( صباح الخير ...... تركت لك الفرصة المناسبة لاحتساء قهوتك , لأنني أريد مناقشة شيء هام معك في العمل .... )
مط سيف شفتيه وهو يقول بصلابة
( فرصة كعدمها ...... القهوة لا تُشرب .... )
كانت عيناها الصقريتين قد لمحتا محاولته اخفاء هاتفه .... لكنها لم تعلق , بل على العكس ضحكت بأناقة و هي تقول
( آآآه منك يا سيف ........ )
اقتربت منه باغراء ودلال و هي تهمس بنعومة
( شديد التطلب أنت ...... و لا يرضيك أي شيء ..... )
عبس قليلا وهو يراها ترتدي كل يوم ملابس أضيق مما تسبقها .... فزم شفتيه مخفضا وجهه ... الا أنها لاحقته و هي تدور حول مكتبه .... فباتت قريبة منه للغاية و هي تنحني لتلتقط فنجان قهوته ... و بكل جرأة رفعته الى شفتيها و ارتشفت منه رشفة و عيناها من فوق حافته تنظران الى عيني سيف بتحدي ...
بينما كان هو يراقبها بصمت ... دون أن يتحرك من مكانه ... متأثرا بأنوثتها , لا ينكر .... لكن بداخله رفض لما يحدث ... لم يكن هذا طبعه ....
تذكر عبارة وعد الغاضبة ذات يوم قبل أن تغلق الهاتف في وجهه
" هنيئا لك الإنحراف المتأخر ...... "
رغم عنه و دون أن يدري .... ارتسمت ابتسامة على وجهه و هو يتذكر صوتها الغاضب بعبارتها الوقحة ...
و كانت تلك الذكرى الصغيرة , كفيلة بطرد الإغراء الذي انتابه تجاه ميرال و حركاتها المكشوفة ...
لكن الى متى يقاوم مشاعر رجولية أثارتها وعد ثم رحلت ؟!! ....
ابعدت ميرال شفتيها عن الفنجان ببطىء متعمد و هي تقول معتقدة أن الإبتسامة كانت لها ...
( القهوة جيدة .... باردة قليلا لكنها جيدة .... )
قال سيف بهدوء وهو يستند بمرفقه الى ذراع كرسيه ...
( لقد اعتزلت القهوة ........... ربما لو اشتريت لي ماكينة قهوة أمريكية فستفي بالغرض ... )
اشرقت ابتسامتها و هي ترفع حاجبها بانتصار قائلة
( من عيوني ............ )
تنهد سيف وهو يستدير ناظرا الى أوراق العمل أمامه ... فقالت ميرال بدلال
( الى أين سنذهب اليوم ؟ ......... )
قال سيف بهدوء دون أن يرفع وجهه اليها
( الي أين تودين الذهاب ؟!.......... )
قالت برقة و هي تحرك اصبعها الى سطح المكتب وصولا الى ذراع سيف
( أمممم ... أيمكننا أن ...... نغير الخطة قليلا اليوم .... )
قال سيف بنفس الهدوء دون أن يرفع وجهه
( اطلبي ما تشائين .........)
جلست على حافة مكتبه فرفع وجهه مصدوما وهو يرى جسدها المتكور بجوار ذراعه مباشرة ... فابتعد سريعا كي لا يلامسها ... لكنها بدت .... بدت ... و كأنها لم تلاحظ ... بينما قالت برقة
( لما لا نجعله عشاءا ..........أريد السهر معك .. )
رفع سيف عينيه الى عينيها ورفع حاجبيه قائلا بعد فترة
( الا اعتراض من أسرتك ؟! .......... )
لم تتمالك نفسها من الضحك متفاجئة ... ثم قالت ببساطة
( نحن نخرج معا منذ اسبوعين ..... فهل يختلف الغذاء عن العشاء ؟!! ... )
أمال سيف رأسه رافعا حاجبه بتعجب وهو يقول
( وجهة نظر ........... )
فقالت برقة
( اذن ........ هل نخرج الليلة ؟!! .... )
رفع وجهه اليها ينظر اليها طويلا وأصابعه تطرق على سطح المكتب بشرود ... قبل أن يقول بهدوء
( نعم ...... لكن سأمر أنا عليك ....و هناك .... أمر أريد أن أعرضه عليكِ حينها.... )
ابتسمت ميرال و هي تميل بوجهها قائلة بكل أنوثة العالم
( أنا تحت أمرك ............. )
.................................................. .................................................. ......................
كانت وعد تسمع لكوثر مهتمة .... والأخير منكبة على ماكينة الخياطة... تودعها همها ....
حتى أن وعد لم تحضر كرسيا ... بل انحنت لتجلس القرفصاء أمامها و هي تشبك ذراعيها على طاولة كوثر .. تومىء برأسها و هي تسمع عن أبنائها الثلاث ...
قالت كوثر بخفوت و هي تتنهد
( طفلين معاقين ...... هما حمل يكاد أن يقسم ظهري في كثير من الأحيان .... لكن والله ما أن أرى ضحكة كل منهما حتى يضيع تعبي بلحظة ...... )
ابتسمت وعد برقة و هي تمسك بمعصم كوثر .... تميل بوجهها مصغية , بينما تابعت كوثر قائلة
( أنا فقط أخشى أن يصيبني مكروه .... فمن لهما بعد الله .... منذ أن طلقنى والد الأطفال و قد رفع يديه عنهم تماما ..... )
قالت وعد برقة
( أنتِ أم مثالية يا كوثر ..... كم أتمنى لو كانت لي ام مثلك .... و أولادك محظوظين بكِ ... )
قالت كوثر بحزن متنهدة و هي تعيد وضع الخيط في ثقب الإبرة
( و ما فائدة المثالية طالما أنني لا أستطيع نفعهما بها ...... الحمد لله على كل حال ... و الحمد لله على الطفل الصحيح بين الثلاث أطفال ... أتمنى فقط من الله أن يبقيني على قيد الحياة الى أن يشتد عوده قليلا فيتمكن من رعاية شقيقيه .... )
قالت وعد بخفوت و رقة
( فليعطكِ الله الصحة ..... نحن هنا عائلة واحدة .... أنا لا أملك عائلة , لذا و منذ فتحت هذا المشروع أشعر و كأن عائلتي تزداد فردا كل يوم ... تكبر و تتفرع .... نحن لن نترك أطفالك ... و أنتِ لن تتركي هذه العائلة ... و ستعيشين عمرا مديدا ان شاء الله ... و سأذكرك بذلك حين نصبح عجوزين ... غير قادرين على ادخال الخيط في هذا الثقب الذي سيستحيل رؤيته حينها ..... )
ضحكت كوثرا قليلا وهي تقول بمحبة
( جازاكِ الله خيرا يا وعد ..... الكلام معكِ يهون الضيق .... )
رفعت عينيها و هي تنوي متابعة الحديث ... الا أنها قالت متفاجئة تنظر الى الباب
( اليس هذا زوجك يا وعد ؟! ....... )
انتفضت وعد و هي تدير وجهها الى الباب ... و انتفض قلبها بعنف حين رأت سيف واقفا ....بطوله الفارع , مستندا بكتفه الى اطار الباب ... يراقبها بصمت , دون أن تستطيع قراءة تعبير وجهه ...
لم تصدق أنه هنا .... كانت منذ ليلة أمس و هي تفكر في حجة تمكنها من مهاتفته .... و ها هو يسبقها و يأتي بنفسه و كأن قلبه قد أحس برغبتها في سماع صوته ...
فكت ذراعيها .. و استندت بكفيها على الطاولة لتستقيم واقفة أمام عينيه المراقبتين لكل حركة تقوم بها ..
فارتبكت و تعثرت خطوة و هي تقترب منه ببطء الى أن قالت بابتسامة جميلة
( ما هذه المفاجأة ؟! ........... )
ظل سيف ناظرا اليها ... يشبع عينيه منها قليلا , فترة العدة قاربت الإنقضاء .... و كم كان ينتهز الفرص كي يرتوي خلالها من رؤيتها بكل تملك ...
حين دخل الى المكان و وجدها جاثية على عقبيها ... مستندة بذراعيها الى الطاولة التي تعمل عليها تلك السيدة كوثر ... فتنه منظرها ... كانت بساطتها تجعله أسيرا لتلك الهالة ....
خاصة بشعرها الحالك السواد و المحتجز بنظارتها فوق رأسها .... و عيناها .... عيناها تمنحان التفهم و العطف لمن يحتاجه ...
الا يخبرها أحد أنه في أشد الحاجة الي بعضٍ من تلك النظرات كما هو في حاجةٍ الى قهوتها؟!! ...
قال أخيرا بهدوء
( مفاجأة سارة أم ........... )
ترك العبارة مفتوحة .... فارتبكت أكثر و لعنت ذلك الوهن الذي أصبح ينتابها منذ طلاقها و يجعلها خائرة القوى و المقاومة لسحره ....
حاولت التقاط أنفاسها .. ثم رفعت وجهها و هي تقول
( تفضل بالجلوس ..........لحظة واحدة )
نظرت حولها بحثا عن كرسي .... ثم اتجهت الى واحد بعيد و حملته , لكنها فوجئت بسيف خلفها يمد يده ليحمله عنها ... وهو يقول بخفوت
( اتركيه ............ )
تركته بالفعل و هي تشعر بخجل أحمق و كأنها مراهقة مسكينة ... و حاولت حمل واحد لها , الا أنه حمله هو الآخر بيده الأخرى وهو يقول
( أين يمكننا الجلوس ؟! ....... )
رفعت وعد وجهها تنظر حولها فوجدت أن العيون كلها مسمرة عليهما بفضولية , فعبست و هي تقول بغلظة
( ماذا ؟! ........ انه سيف ... ألم تروه من قبل ؟! .... )
ابتسم قليلا بينما الجميع يعود الى عمله ... بهمست وعد بخفوت
( تعال عند الباب ..... أو تحب أن نصعد الى شقتي ؟؟ )
قال سيف مباشرة
( لا .... شقتك لا ....... )
شعرت بغصة من رفضه المباشر ... لكنها لم تظهر له اهتمامها بالموضوع و اشارت له بيدها و هي تقول بفتور
( تفضل ......... )
قال سيف قبل أن يجلس ...
( أردت أخبارك أن ملك ستنتقل للسكن في بيتي ما أن نرفع قضية الخلع إن لم يكن لديك مانع ...... )
وقفت أمامه رافعة وجهها اليه .... ثم قالت بشك و هي تضع يديها على وركيها متأرجحة قليلا
( ألم يصلح الهاتف لإخباري بهذه المعلومة ؟!! ........ )
حينها قال بفظاظة
( و هل وجودي أصبح بغيضا على قلبك الى تلك الدرجة ؟!! ..... )
قالت وعد من بين أسنانها ...
( لا تضع كلماتٍ في فمي لم أنطق بها .......... )
انحدرت عيناه الى شفتيها رغم عنه .... لا تزالان نفس الشفتين العريضتين المستقبلتين بسخاء ...
و رأت نظرته مما جعلها ترتعش مجددا فقالت كي تلهيه عن النظر اليها بتلك الصورة المهلكة
( أجلس أرجوك .... عنقي آلمني من النظر اليك ... )
انتظر الى أن جلست وهو ينظر اليها بصمت ... ثم جلس أمامها حتى كادت ركبتاه أن تلمسا ركبتيها .. فضمتهما و هي تبعد شعرها خلف أذنها بتوتر ... حينها ابتسم سيف بسخرية وهو يقول
( هل تخشين أن ألمسك أم أن هناك سببا آخر ؟! ....... )
شعرت بالغضب البارد يفور بداخلها من سخريته ....سخريته كانت الشيء الوحيد القادر على استدعاء دنيا أخلاقها و طباعها ... فرفعت وجهها اليه و قالت ببرود
( نفس السبب الذي جعلك ترفض الصعود الى الشقة ...... )
ظل مكانه ناظرا اليها بملامح قاتمة قبل أن يقول بصوتٍ قاسٍ
( أرى أنكِ لازلتِ وقحة ......... )
قالت بنفس البرود
( عامة ها قد ارتحت من وقاحتي ....... )
زفر وهو يميل بذراعيه ليستند الى ركبتيه ... ناظرا الى الأرض .... و كم بدا متعبا ...
شعرت بقلبها يهفو لوعة اليه .... فقالت بعد عدة لحظات
( تبدو متعبا .......... )
قال بصوتٍ خافت دون أن يرفع وجهه اليها
( أعاني من صداعٍ فظيع .......... )
التوى حلقها ألما ... ثم انتظرت عدة لحظات قبل أن تقول ببشاشة
( دعنا نبدأ من جديد ....... كيف حالك يا سيف ؟! ... إنها مفاجأة سعيدة أن نراك اليوم !! .... )
و فردت ظهرها و هي تمد يدها اليه ببادرة صلح ....
ظل ناظرا الى الأرض للحظة ... قبل أن يرفع وجهه و ينظر الى يدها الممدودة ناحيته نظرة أجفلتها و بعثت بها مشاعر عنيفة .... لكن تلك المشاعر لم توازي قطرة من اللحظة التي تلتها حين استقام ليمسك بيدها بيده اليسرى .... ثم غطاها باليمنى وهو ينظر الى كفها الرقيق الأبيض بين أصابعه السمراء الضخمة ...
و مضت عدة لحظات وهو يربت على ظاهر يدها بشرود ... و هي تموت من حركته البسيطة ....
الى أن رفع وجهه اليها ناظرا الى عينيها ليقول بخفوت و بابتسامة مجهدة
( أنا بخير حال يا وعد ...... و السعادة من المؤكد هي سعادتي برؤياكِ ... )
زفرت نفسا مرتجفا بشدة ... و قلبها يكاد نبضه أن يهز جسده الضخم عبر كفيهما ...
فقالت بصوتٍ مختنق قليلا
( لما لا أحضر لك فنجان من القهوة ....... )
تأوه بصوتٍ عالٍ وهو يقول من أعماق قلبه
( آآه .. أرجووووكِ ........ )
ابتسمت و كأنه قد طلب منها أن تسكن قلبه للأبد .... فقالت بسعادة حقيقية
( دقائق و تكون جاهزة ......... )
و بالفعل خلال دقائق كان يراقبها وهي تقترب منه باحتراس ... حاملة صينية القهوة و كوب الماء.. تنظر اليها بحرص كي لا يضيع وجهها ....
فأخذ وقته في النظر اليها ... و كأن الاشهر لم تمر سريعة بينهما .... و كأنها تدخل مكتبه خافضة رأسها باستسلام و هدوء ظاهري .... بعيدا كل البعد عن روحها الجامحة و كرامتها العالية في السماء ...
عام كامل و قد اقترب عيد زواجهما ... و الذي سيأتي مرافقا لطلاقهما ...
رفعت وجهها اليه كي تلتقي نظراتهما .. فتوقفت مكانها للحظة , ثم تابعت اقترابها الى أن وضعت الصينية أمامه على طاولة صغيرة .... فأخرجت الفنجان له ... و ناولته قرصين من المسكن و هي تقول باهتمام
( تناول هاذين كي يزول صداعك ......... )
تناولهما منها و أصابعه تحفر باطن كفها مرسلة الرعشة جعلتها تنتفض بقوة ... فقال دون أن ينظر الي عينيها
( آسف ...... )
لم تكن واثقة من هوية ذلك الإعتذار ... الا أنها شعرت بالرعب من ان يكون قد شعر بانتفاضتها جراء لمسته العرضية
هل لهذه الدرجة هي مكشوفة أمامه ؟!! ......
أمرها عقلها أن تبعد عينيها عنه ... الا أن عينيها عصيتا الأمر و أخذت تراقبه وهو يرتشف القهوة .. قبل أن يرجع رأسه للخلف قليلا مغمضا عينيه .... وعلى شفتيه شبه ابتسامة ... ثم همس و كأنه يحدث نفسه
( رااااااائعة ....... )
ابتسمت بحنان نادر ..... ثم قالت برقة
( ربما علي أن أغير نشاطي و أفتتح مقهى ... لأقدم به القهوة بنفسي .... )
ضحك قليلا بخفوت و استياء ... ثم قال بخشونة دون أن يفتح عينيه من حالة الإنسجام التي يعيشها حاليا
( و هل تظنين أن الجماهير المتدفقة حينها , ستكون آتية لأجل عيني القهوة ؟!! ........ )
اتسعت عينيها ... و توترت بسذاجة غبية .... و كأنه ابن الجيران الذي يغازلها و يتحرش بها ... و ليس من يجلس أمامها هو من كان زوجها لمدة عام كامل ....
ضحكت بغباء ... ثم ابتلعت منتصف ضحكتها و هي تعقد حاجبيها محاولة السيطرة على جنون تلك اللحظة ..
فقالت بخفوت أحمق
( شكرا ........ )
ضحك سيف بقوة .... و استغرق وقته وهو يفتح عينيه اليها قائلا
( لطالما شعرت بالغيظ و الجنون من كلمتك الباردة تلك .... " شكرا " ... كنتِ تقولينها في أكثر المناسبات من حيث عدم المناسبة .... )
ضحكت قليلا هي الأخرى و هي تخفض وجهها ... تتلاعب بخصلة حائرة من شعرها فتنته ببريقها ....
قالت وعد بخفوت
( كنت أعامل صاحب عملي حينها .... ماذا كنت تريد أكثر منها ؟! .... )
تنهد سيف وهو يتأملها ... ثم قال أخيرا وهو يتأمل المكان محاولا الخروج من تلك الهالة المحيطة بهما ..
( بمناسبة العمل ...... كيف تسير أمورك هنا ؟! ..... )
رفعت وعد وجهها متفاجئة من سؤاله اللطيف ... فنظرت الى المكان هي الأخرى و كأنها تريد الجواب .. فقالت بخفوت .... و بعض الزهو يتسلل الى نبرتها رغم عنها ككل مرة تكلمت بها عن عملها
( العمل يزدهر كل يوم .... بتنا لا نستطيع ادراك كل الطلبات , لذا نقدم اعلانات وظائف لخياطات محترفات .. كل يومين .... المشكلة أنني أريد كفاءة معينة و أصابع موهوبة .... )
نظرت اليه ثم تابعت
( على فكرة ..... ستجد برنامج دعائي يستضيفني لأننا نقوم بالتحضير لعرض جديد خلال أشهر .... )
رفع سيف حاجبه وهو يقول بصوت باهت
( هل سأراكِ على الشاشة أيضا ؟!! ....... )
ارتبكت لصوته الباهت فأخفضت وجهها بتوتر ... ثم قالت بصوت منخفض اكثر و بايجاز
( لو أردت ......... )
ابتلعت ريقها ... ثم قالت
( البرنامج يشجع كل مشروع لشاب نجح سريعا و ينبىء بالمزيد ..... )
أومأ سيف برأسه دون رد ... و نظر بعيدا وهو يشعر بثقل في صدره جعله يحتقر نفسه .... هل لهذه الدرجة يخيفه نجاحها ؟! .... و لماذا بعد أن خسرها و انتهى الأمر ...
قال سيف أخيرا بصوت خافت لكن صادق
( مبارك لكِ يا وعد ...... أنتِ تستحقين كل الخير )
شعرت بألم غريب في صدرها .... لكنها همست بقنوط دون أن ترفع وجهها
( شكرا ....... )
ابتلع غصة في حلقه وهو يتأمل رأسها المحني .... و كم شعر بالرغبة في تقبيل جبهتها , لا يعلم لماذا , لكن جبهتها الناصعة المنخفضة ... مرفوعة الشعر بنظارتها القططية ... كانت تطلب شفتيه لتطبعا عليها طابع الحنان .... لكنه يشك في نفسه الا يتطاير الطابع الي شفتيها ... و هذا هو ما هما في غنى عنه حاليا ....
تنحنح قائلا بخشونة أكبر من المعتادة
( حسنا ..... لقد أتيت لعدة أسباب ...... أولها أن أخبرك بأن ملك سنتنقل الى بيتي ما أن نباشر في قضيتها ... خاصة بعد أمر عدم التعرض الذي حصلت عليه بسبب ما فعله زوجها المجنون معكِ .....)
كانت الذكرى كفيلة بأن تجعل ملامحه تزداد قتامة و تنفسه يتوهج بالغضب .... مما جعل وعد ترتجف قليلا داخليا ... الا أنه تمالك نفسه و أخذ نفسا قويا قبل أن يقول متابعا
( انه يترصدها كالمجنون .... لذا أخشى على بقائها هنا معك وحدكما .... فأنا لا أتوقع أن يستسلم بسهولة ... لذا في بيتي ستكون أكثر أمانا .... خاصة و أن وجودها لدى رائف ليس مناسبا أكثر من ذلك ....)
رفع وجهه اليها ثم قال بهدوء
( فهل لديكِ مانع ؟! ..........)
أرادت الصراخ بجنون .... " نعم لدي مانع ... لدي مانع الوحدة , فما ذنبي أنا ليتركني الجميع ؟! ... "
الا أن لسانها نطق بنبرةٍ فاترة عادية
( ليس دي مانع يا سيف .... أنت قريبها الوحيد و قد اعتربتك أخيها الكبير ... و أنا شاكرة لك على كل مساعدتك لها ...... و أرجو الا يسبب هذا المزيد من المشاكل لك و لأسرتك .... لكن طبعا تعرف أن بقائها لديك للأبد مستحيلا .... يوما ما يجب أن تتجاوز الخوف و تعود الى أختها و بيتها .... سنهزمه معا ... )
قال سيف بخفوت
( أعتقد أن تلك الخطة ممكن أن تتغير قليلا .... فهناك من يريدها ... و طلبها مني ما أن تنتهي عدتها ... )
اتسعت عينا وعد بصدمة و هي تميل اليه قائلة بلهفة
( هل لديك خاطبا لها ؟!! ..... حقا يا سيف ؟! ..... من هو ؟!! ..... )
ترددت قليلا .. ثم تابعت بشك
( سيف ...... اياك أن يكون شخصا دون مستواها بكثير بحثت عنه كي تزوجها !!.. بسبب ما تعرضت له .... لقد عانت الكثير و ليس من العدل أن تتنازل أكثر ..... )
تجمدت ملامح سيف وشحب وجهه للحظة ... ثم قال بخفوت قاس قليلا
( نظرتك لي تتدنى يوما بعد آخر يا وعد ......... )
ارتجفت قليلا و قالت بندم رافعة يدها الى جبهتها ... تهز رأسها بيأس
( أنا آسفة .... آسفة .... أنا أصبحت حساسة جدا فيما يخص ملك .... )
تنهد سيف وهو يقول بجفاء
( ليكن بعلمك ... أنه رجل ذا هيبة ووقار و مستوى عالٍ و رفيع ..... و أنا شخصيا أتمنى أن يوافق ... فهو الشخص الوحيد القادر على تفهم مشكلتها ....... )
اتسعت عينا وعد للحظة ... ثم عقدت حاجبيها ... قبل أن تهتف بذهول
( لا!!! لاااااااالااااا ..... مستحيل .... هل نتخلص منهم لنزوجها واحدا آخر من نفس الفصيلة !!! .... هل جننت يا سيف ؟!! ..... )
ارتفعت بعض الروؤس على مسمع العبارة الأخيرة ... فنظر اليها بصمت طويل قبل أن يقول بجفاء و صرامة
( أتحبين أن أقص لكِ لسانك ؟! ....... )
ابتلعت هتافها و هي تنظر حولها بحرج ... ثم نظرت اليه و هزت رأسها نفيا بوداعة ... فتنهد بغضب وهو يقول
( اذن اتركي الموضوع لوقته ......... )
قالت وعد بخفوت
( اذن ما هو الأمر الآخر الذي تريدني به ؟!! ........ )
لانت ملامحه قليلا .... قبل أن يخرج من جيب سترته مظروفا ورديا نظر اليه برقة .... قبل أن يقول وهو يمده اليها بتردد ... قائلا بهدوء
( تفضلي ....... هذه لكِ ..... )
نظرت وعد الى المظروف المزين الجميل , قبل أن تفتحه بحيرة لتنظر داخله ....ثم لم تلبث ان رفعت وجهها هاتفة بسعادة
( زفاف مهرة !!! ........ أخيرا ؟!! ...... )
ابتسم سيف قليلا وهو يرتوي من جمال ابتسامتها ذات الأسنان النادرة ... كتلك المطابقة للصور على هاتفه ...
بهتت ابتسامته وعقد حاجبيه وهو يهمس بداخله بوجع
" كيف سأتمكن من محوها ؟!! ...... مجبر أنا على ذلك خلال أيام , فأين القوة لفعلها ؟!! ...... )
اخفض وجهه قبل أن يقول بخفوت
( انها دعوة خصيصا لكِ ....... إنها بطاقة الدعوة الأولى التي يتم صنعها .... )
تأوهت وعد و هي تقول برقة
( آآآه يا سيف !! ....... سأحضر بالطبع .. و سأتأنق بكل ما أستطيع ... لو استطعت أن أكون نجمة تلك الليلة فسأفعل حتى تكون فخورا بأن تلك النجمة هي زو....... )
ابتلعت ريقها ...و كلمتها ... ثم تابعت بخفوت
( هي ابنة خالك ........... )
نظر اليها بصمت و قد ضربه كلامها في الصميم .... وهو يستحق .... يستحق ما يناله ... فهل من الممكن أن تكون أجمل مما هي عليه في تلك اللحظة ؟!! .....
الا يمكنه ايقاف تلك اللحظة لبعض الوقت ؟!! ..... للمتبقي من العمر مثلا ؟!! .....
رفعت وعد عينيها اليه و هي تقول بخفوت ساحر ... يكاد أن يكون سحرا
( و ما هو الأمر الثالث ؟!! .......... )
عقد حاجبيه و أظلمت عيناه ..... ثم قال بعد فترة طويلة بصوت أجش خافت
( أرجئي الأمر الثالث ...... ربما تكلنا به في وقت لاحق .... )
اتسعت ابتسامتها و هي تقول بخفوت رقيق
( كما تحب .......... )
ظلا ينظران الى عيني بعضهما و قد ماتت الابتسامات و بقت النظرات مسحورة ... فهمس بصوتٍ لا يسمع
( كيف سأغض البصر عن عينيك ؟!! ....... )
همست متسائلة و هي تقترب منه قليلا
( ماذا تقول ؟!! ............. )
رمش بعينيه وهو ينهض فجأة ... ليعدل من قميصه قائلا بصوت صلب
( أقول ....... أراكِ في حفل الزفاف اذن ........... الى اللقاء ... )
راقبته وهو يبتعد خارجا .... وكأنه كان حلما مقتطعا من الزمن ... و انتهى سريعا ...
ثم أطرقت بوجهها مبتسمة برقة .... ممسكة بأحد أقلام الخياطة و هي تتلاعب به و ترسم على الطاولة ...
و من بين رسومها كتبت
( كيف سأغض البصر عن عينيكِ ؟!! ......... )



انتهى الفصل 48


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:14 AM   #21907

hager sibawah

نجمة روايتي ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية hager sibawah

? العضوٌ??? » 273732
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 984
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » hager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond reputehager sibawah has a reputation beyond repute
افتراضي

الرد هيتحذف عشان فالنص
احب اقول تانى انى هنا ومش مصدقة نفسي

imy88 likes this.

hager sibawah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:15 AM   #21908

الماسيه

? العضوٌ??? » 329461
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 184
?  نُقآطِيْ » الماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these partsالماسيه is infamous around these parts
افتراضي

.........................

الماسيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:17 AM   #21909

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

انتهى الفصل يا سكاكر .... عاوزة تعليقات استعدادا للفصل المقبل .... فصل المفرقعات و الألعاب النارية
كله ياخد ساتر ....


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 09-08-15, 12:24 AM   #21910

أنا لك علي طول

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية أنا لك علي طول

? العضوٌ??? » 118610
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,542
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك max
افتراضي

ربنا يستر ما بحبش المفرفعات :-\

أنا لك علي طول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.