آخر 10 مشاركات
مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          323-ضاع قلبها -دارسي ماجوير -(كتابة/ كاملة) (الكاتـب : Just Faith - )           »          جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          هذه دُنيايْ ┃ * مميزة *مكتمله* (الكاتـب : Aurora - )           »          عطش السنين ـ رينيه روزيل ـ 464 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          24 - سجن العمر - جيسيكا ستيل ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          2- أصابعنا التي تحترق -ليليان بيك -كنوز أحلام(حصرياً) (الكاتـب : Just Faith - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          همس الجياد-قلوب زائرة(ج1 سلسلة عشق الجياد) للكاتبةالرائعة: مروة جمال *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-05-16, 11:20 PM   #5571

Engineer Esraa

? العضوٌ??? » 361407
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 32
?  نُقآطِيْ » Engineer Esraa is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضووووور مستنيين اون فاير 😂😂😂😂

Engineer Esraa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:23 PM   #5572

haa lo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية haa lo

? العضوٌ??? » 343680
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,977
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » haa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond reputehaa lo has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 249 ( الأعضاء 186 والزوار 63) ‏haa lo, ‏Israa khaled, ‏زهرة مغتربة, ‏enashady, ‏انسيآب..!, ‏اميرة كيليسا, ‏يا من تحب, ‏mesho ahmed, ‏ghdzo, ‏hanene**, ‏ارض اللبان, ‏Alzeer78, ‏Mrmr Reda, ‏سوما, ‏esraa93, ‏Eman Js, ‏JOURI05101, ‏نجوooد, ‏haidy naser, ‏رعشه قلب, ‏ياسمين نور, ‏imy amouna, ‏ALana, ‏hadelosh, ‏mai ali, ‏Engineer Esraa, ‏blackangel, ‏dosha, ‏قهوه مظبوطه, ‏nada yahia, ‏نداء الحق, ‏ايه الشرقاوي, ‏س?ر, ‏tamima nabil+, ‏escape, ‏princessran, ‏زهره ربيع عمري, ‏حائرة انا, ‏forbescaroline, ‏ebti, ‏umryum, ‏Anwr Ahmad, ‏هبه رمضان, ‏summer cloud, ‏الهجرس, ‏ساره يزيد, ‏غير عن كل البشر, ‏shorouk ibrahim, ‏prue, ‏modyblue, ‏shery4, ‏Semara, ‏muna ali, ‏سارقة الظلام, ‏وردة الياسمين الحلوه, ‏braa, ‏laila jaber, ‏روكو, ‏احاسيس ضائعه, ‏عروب 55, ‏mnmhsth, ‏بلاكو, ‏غربة الرووح222, ‏meryamaaa, ‏yawaw, ‏bosy el-dmardash, ‏raga, ‏nashwa magdy, ‏najla1982, ‏amolty, ‏Mona roro, ‏Batol210, ‏آيه ♡, ‏Electron, ‏براءة الجزائرية, ‏نهولة, ‏khma44, ‏shouq Al shehri, ‏meryana, ‏REEM HASSAN, ‏ميمياء9, ‏m7s, ‏صمت الزوايا, ‏نزووف, ‏طوطه, ‏lizabennete, ‏fattima2020, ‏قمر الزمان@, ‏AYOYAAA, ‏dada19, ‏WAFAS, ‏نيورو, ‏menatallah_2000, ‏أم الأبطال, ‏gooore, ‏soma saif, ‏غار, ‏هبوش 2000, ‏ghader, ‏MS_1993, ‏حواء بلا تفاح^, ‏غيدائي, ‏intissar2, ‏ريامي, ‏Hams3, ‏هامة المجد, ‏الجميلة النائمه, ‏meme7, ‏جميلة الجميلات, ‏shfaama, ‏ام الانس, ‏نوف بنت ابوها, ‏ولاء محمد قاسم, ‏za.zaza, ‏الياقوته الحمراء, ‏سهر واشواق, ‏manal abass, ‏دندنه 2008, ‏عشقي لديار الخير, ‏سلمي و نقطة, ‏thebluestar, ‏للفرح ثمن, ‏نوراي, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏Shining Moon, ‏ليله طويله, ‏a girl, ‏يمنى اياد, ‏حووووووور, ‏sosoangle, ‏حب الدنيا, ‏Omaima Refaat, ‏Bassmet Amal, ‏sosomaya, ‏جعفرالدولار, ‏noor jamal, ‏ريمين, ‏hope 21, ‏نجوى1, ‏ام احمدوايادواسر, ‏rosetears, ‏عشق القلم, ‏jjeje, ‏كَيــدْ !, ‏توكااا, ‏Esraa Mosaad, ‏rontii+, ‏لاار, ‏داليا انور, ‏nodas, ‏دلووعة2, ‏sara osama, ‏b3sh0, ‏Zaaed, ‏cloudy9, ‏امزونية العشق, ‏pearla, ‏d2000, ‏nouhailanouha, ‏البتول عبد الله, ‏انكساري, ‏ons_ons, ‏sfaa, ‏ebrU, ‏Ellaaf, ‏secret angel, ‏هبه ياسين, ‏nawaraa, ‏dentistaya, ‏اغلى ناااسي, ‏Aya youo, ‏shams ali, ‏ساره يوسف, ‏قطوف من الامل, ‏elham farrag, ‏eng miroo, ‏rayadeeb, ‏be merciful, ‏khadibima 52, ‏همسات المطر, ‏Eman Hassanein

haa lo غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:23 PM   #5573

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر ..... أنا حنزل الفصل حالا ... أرجو الامتناع عن التعليق دقائق
mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:25 PM   #5574

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الخامس عشر :


أصوات الضحكات في الخارج كانت و كأنما هي سيوف تقطع من روحها رويدا ....
منذ ما يقرب من الساعة و هي جالسة في ... سريره ...
تنظر الى النافذة البعيدة و كأنها ترى منها فعلا .... بينما صوت ضحكاتهما يصلها بوضوح و على الأرجح أنه الصوت الذي أيقظها من النوم !!
لا تصدق أنها قد نامت بالفعل !! .... بعد فعلتها السوداء في الاستسلام له ما أن استيقظت ليلة أمس على قبلاته الدافئة ....
أغمضت عينيها الميتتين النظرات و هي تتذكر تلك اللحظات الناعسة و عقلها الغير مستوعب لوجوده أخيرا ....
كانت قد بدأت تستفيق و تعترض ...
الا أنه لم يتح لها الفرصة ..... بل انقض عليها بكل مشاعره القوية كبحرٍ هائج .....
بدت و كأنها تحارب وحدها وسط دوامة تبتلعها الى أعمق أعماقها دون أن تجد القدرة على الإعتراض .....
فتحت تيماء عينيها و هي تنظر الى النافذة البعيدة مجددا ....
تحاول تحليل مشاعرها الغبية ... على الرغم من أن عقلها بدا أجوفا فارغا تماما ....
لكنها لم تجد الفرصة ...
فقد سمعت صوت باب الغرفة يفتح بهدوء ....
بقت على حالها دون أن تدير وجهها للباب على الرغم من تلك المشاعر العاصفة التي انتابتها ...
مشاعر متضاربة و متناقضة ....
و مرت عدة لحظات من الصمت قبل أن تسمع صوت الباب يغلق بنفس الهدوء !!
للحظات ظنت بأنه قد فضل منحها بعض الخصوصية و تركها لنفسها قليلا ....
الا أنها اكتشفت وجوده في الغرفة و هي تسمع وقع قدميه الخافت على أرض الغرفة وهو يقترب منها بثقة
لم تتحرك .. بل بدت و كأنما قد تحولت الى تمثالٍ فاقد للروح ....
حتى و هي تشعر بثقل الفراش بجوارها وهو يجلس و عيناه تخترقان جانب وجهها و شعرها الهمجي من حولها ....
ظل الصمت طويلا .... طويلا ....... بدا مهلكا و عنيفا ....
حتى شعرت بأنفاسه اللافحة تقترب منها الى أن لامست شفتيه كتفها الغض وهو يهمس فوقه بنعومة
( اذن فقد استيقظتِ أخيرا ...... صباح الخير .... )
أجفلت تيماء و تصلب جسدها على الفور ... و هذا ما لاحظه قاصي فرفع وجهه ينظر اليها بصمت و قد انعقد حاجباه قليلا ... الا أنه لم يتكلم على الفور ...
بل ساد الصمت مجددا لعدة لحظات قبل أن يرفع يده ليبعد موجات الشعر الكثة بحثا عن عينيها ثم قال بصوتٍ أجش خافت
( ألا تريدين النظر الي حتى ؟!! ....... )
لا تعلم كيف أفلتت منها ضحكة صغيرة ساخرة .!.....
و سمعها هو و كأنها ضحكةٍ عالية هيستيرية على الرغم من خفوتها الشديد .... فازداد انعقاد حاجبيه ...
, ثم قال بصوتٍ أجش خافت
( لا تليق بكِ تلك السخرية المريرة يا زمردة .... لما لا تنظرين الى عيني و تواجهيني بشجاعة ؟؟ .... )
مرت عدة لحظات من الصمت قبل أن تنفض شعرها و تدير وجهها الشاحب لتنظر الى عينيه كما طلب ....
كان وجهه صلبا ... مرهقا و غير حليق الذقن .... وعيناه غابتين مظلمتين من الأسرار ...
الا إنهما ما أن واجهتا عينيها الفيروزيتين حتى رقتا فجأة ... و خفت صلابة ملامحه رغم عنه و كأن النظر بهما أضعفه ....
فقال بنفس الصوت الأجش .... بنبرةٍ أكثر خفوتا و كأنه شاردا يحادث نفسه
( عرفت لسنواتٍ طويلة أن عينيكِ جميلتين .... لكنني لم أعرف مبلغ تأثير النظر اليهما في الصباح الباكر , حين يصبح لونهما أكثر شحوبا ..... )
لم ترد تيماء و هي تنظر اليه بدون تعبير .... فتحركت عيناه مجددا على ملامحها ببطىء
وجهها صامت ... شديد البياض أما عيناها فتنظران اليه بلا معنى ....
رأت وجهه يقترب منها ببطىء ... فأخفضت عينيها تلقائيا الى شفتيه اللتين تعرفان وجهتهما تماما ... و ما أن اقتربتا من شفتيها حتى ادارت وجهها الى الجهة الأخرى فسقطت قبلته على وجنتها بنعومة ....
تصلبت ملامح وجهه الا أنه لم يبتعد عنها ,,, بل ضم كتفيها من الأمام بذراعه وكأنه على وشك خنقها لو أقدمت على أي اعتراض .....
تسمرت تيماء و أوشكت على الصراخ الا أنها اجبرت نفسها على الصمت و السكون مكانها وهو يشدد من ضمها الى صدره .....
ثم همس أخيرا فوق وجنتها ,,
( لا زلت لا أصدق حتى الآن أنكِ أصبحتِ زوجتي ..... بعد كل تلك السنوات !! ...... )
ابتلعت تيماء ريقها بصعوبة .... بينما أبقت عيناها مسمرتين على النافذة البعيدة وهي تستمع الى الهمس الاجش فوق بشرتها .....
الى أن تابع بصوتٍ أكثر خشونة و خفوتا ....
( أخشى أن يكون حلما ...... )
أغمض عينيه و تأوه هامسا
( و كأن السنوات لم تمر .... نفس عطرك و نفس رائحة شعرك و ملمسه ...... و ذكرى قبلةٍ قلبت كياني فأنستني نفسي منذ دهور ......)
ظلت تيماء صامتة و هي تشعر بالألم الحاد يمزق صدرها ... الا أنها لم تجرؤ على النطق و الإعتراض
فبأي وجهٍ تعترض و تصرخ به غضبا بعد استسلامها المخزي له ... !!
شعرت بأصابعه تداعب ظهرها وهو يلامس أطراف شعرها بجنون ثم همس في أذنها بخفوت
( هذا الشعر لا تقصيه أبدا ..... يبدو شديد الجنون مثلك تماما , كقطعةٍ منكِ يا زمردة النار ...... )
تحركت تيماء في النهاية و هي تبعد شعرها عن متناول يده ببطىء .... ثم حاولت التحرك الا أنه شدد قبضته عليها فسكنت و هي تقول بصوت فاتر خافت
( ابتعد عني رجاءا .......... )
بدا و كأنه لن يتركها فقد انقبضت أصابع ذراعه المحيطة بعنقها على كتفها بقوة .... و كانت تشعر بقوة ضربات قلبه المهددة بوضوح فوق ظهرها الا أنه في النهاية تركها فابتعدت عنه قليلا متنفسة الصعداء دون أن يظهر أي تعبير على ملامح وجهها الشاحب ....

تأمل قاصي وجهها المحني طويلا ثم فتح فمه ينوي الكلام ... الا أنه عاد و أغلقه و ازداد انعقاد حاجبيه , فأخفض عينيه وهو ينظر الى أصابعه التي كانت تلاعب أصابع كفها المتمسكة بالغطاء .... شارد الفكر تماما ....
ثم قال أخيرا بصوتٍ أجش جاف
( ليلة أمس ...... كُنتُ في حالٍ ........ سيء ..... لكن قبولك بي في نهاية جعلني أفضل .... )
رفع عينيه الى عينيها الصامتتين المتباعدتين .... ثم تابع بصوتٍ أكثر خشونة و خفوتا
( شكرا لكِ ........... )
ساد صمت غريب بينهما .... و تيماء تنظر الى عينيه دون أن تفزع أو حتى دون أن تصدر اي ردة فعل , ثم قالت أخيرا بصوتٍ فاتر
( العفو ...... لا شكر على واجب ..... )
حينها ازداد انعقاد حاجبيه بشدة ثم لم يلبث أن نهض من السرير بقوة جعلتها تترنح من عنف حركته , ونظر اليها مكفهر الوجه قائلا بخفوت أجش
( جهزي نفسك و اخرجي لتتناولي الإفطار معنا ..... سننتظرك ..... )
القى عليها نظرة أخيرة غامضة , و بدا على وشك الإنفجار غضبا لسبب مجهول , الا أنه سيطر على نفسه و ابتعد عنها متجها الى باب الغرفة ...
بينما كانت عيناها تنظران الى ظهره القوي و شعره المتناثر الناعم ....
لكنه و ما أن مر بالباب المفتوح حتى ضربه بقبضته المضمومة بكل قوته ... ضربة أطاحت بالباب جعلته يرتطم بالحائط خلفه بكل عنف
صوت الضربة القوي جعل تيماء تنتفض مكانها بذعر و هي ترى تلك الإنفجارة القوية المفاجئة ,,, قبل أن يخرج من الغرفة دون أن يستدير اليها ...
أما هي فقد فغرت شفتيها قليلا و عيناها ترسمان أمام ادراكها المتهاوي عبارة واحدة قاتلة .......
" هذا الرجل أصبح زوجي ..... و كم أجهله !! ...لا أعرف منه سوى ظلال الخيانة ....بينما قلبي الغبي لا يزال يهفو ليداوي ألمه قبل ألمي !! .... "
أغمضت تيماء عينيها وتركت وجهها يتهاوى و هي تهمس بعذاب
( أستحق هذا العذاب ..... أنا أستحق هذا العذاب بجدارة !! ..... )
.................................................. .................................................. ......................
كانت عيناها هي من تقوداها .... مسمرتين على المطبخ الذي تسمع منه صوت قاصي الهادىء وهو يكلم ابنه !!
و صوت الطفل الصغير يرد عليه مغمغما بصوت خافت طفولي .....
أما هي فقد كانت تتحرك بخطواتٍ بطيئة ... و عينان تنظران أمامهما فاقدتي الحياة .....
الى أن وصلت لباب المطبخ فوقفت به تنظر اليهما بصمتٍ بارد ....
كان عمرو يجلس على احدى الكراسي أمام الطاولة الخشبية البسيطة .... و أمامه طبق واسع , بينما قاصي يقف بجواره وهو يسكب في طبقه ما أعده اليه من فطائر ساخنة ....
شعرت تيماء بالألم ينحر قلبها وهي تتأمله ....
كان نفس الطعام تقريبا !!! ... لا تزال تتذكر طعمه في فمها بعد عشر سنواتٍ كاملة !! .....
نفس البيض و النقانق التي أعدها لها كي تأكل و هي في الرابعة عشر من عمرها ....
حتى أنه في تلك اللحظة بدا أصغر و كأنه قد عاد الى عمر الرابعة و العشرين !! .....
نفس ملامحه و نفس شعره !! .... لكن الخطوط و الجروح بوجهه هي الدليل الوحيد على أن السنوات مرت بهما بكل مرارتها ....
رفع وجهه اليها فجأة و كأنه شعر بوجودها دون أن تصدر صوتا ....
لمعت عيناه قليلا ثم ابتسم قائلا بهدوء
( انظر من قرر ان يشاركنا الإفطار !! ............ )
رفع عمرو عينيه ينظر الى تيماء بصمت دون أن يجيب بينما وقفت مكانها و هي ترفع وجهها ببرود و هي تطع كفيها في جيبي بنطالها الجينز ....
ثم قالت بفتور
( لم يكن عليكما انتظاري ........ )
لم تختفي ابتسامة قاصي ... بل رد ببساطة
( كيف لا ننتظر العروس ؟!! ......... )
اختفى قناعها البارد و ظهر الألم بعينيها واضحا و هي تنظر الى عينيه و كأنها تسأله في صمت
" كيف يمكنك أن تكون بهذه القسوة ؟!! ..... "
و قد قرأ رسالة عينيها بالفعل .... فنظر اليهما طويلا قبل ان يقول بمرح مصطنع
( تعالي اجلسي ...... سأحضر اليكِ طبقا ... )
ظلت واقفة مكانها و هي تنظر اليه يستدير و يوليها ظهره .... فقالت بجمود
( لست جائعة ..... أحتاج الى قهوة فقط ..... )
قال قاصي بلامبالاة بردها الخافت الميت
( بل ستأكلين ...... اجلسي يا تيماء ....)
رفعت عينيها الى عينيه و هي تلمح النبرة العدائية التي ظهرت في أمره الهادىء ... فصدمتها عيناه العميقتان المحذرتان ....
ضاقت عيناها و هي تتسائل إن كان يتخيل أنه قد يسيطر عليها لمجرد استسلامها له ليلة أمس !!
سيكون خاطىء اذن .... و سيدفع ثمن ذلك و ثمن كل ما اقترفه بحقها ....
اسبلت جفنيها حين لاحظت تحديقه المدقق بها ثم تحركت ببطىء الى أن سحبت الكرسي المجاور لعمرو مباشرة و هي تبعد شعرها المبلل عن وجهها و الذي لم تهتم حتى بجمعه ....
الا أنها انتفضت حين شعرت به يقف خلفها و شعرت بيداه تجمعان لها شعرها فجذبت رأسها بقوة الا أنها تأوهت و أغمضت عينيها حين شدد قبضتيه على شعرها ... و حين سمرت رأسها أخيرا , قال قاصي بهدوء بارد
( توقفي عن ذلك يا تيماء ....... )
سحبت نفسا خشنا عنيفا و عضت على شفتيها كي لا تتكلم ... فأخذ يجمع لها شعرها المبلل بكلتا يديه بينما هي تنظر الى عمرو نظراتٍ مبهمة ... وهو يبادلها النظر بفضول ,...
و ما أن انتهى قاصي من جمع شعرها في كتلة كثيفة خلف رأسها حتى قال بخفوتٍ أجش
( ها قد رفعته لكِ عن ظهرك ..... لقد بلل قميصي تماما ! ..... )
اطرقت تيماء بوجهها صامته .... الا أنه مد قبضته ليمسك بذقنها وهو يدير وجهها و يرفعه حتى واجهت عينيه العميقتين المشتعلتين .... فتحركت شفتاه و قال بخفوتٍ هامس
( تبدين جميلة بهذا القميص ......... )
ظلت تنظر اليه بصمت ثم قالت أخيرا بجمود
( لم أرتديه رغبة مني في ذلك ..... أنا أحتاج الى ملابسي ..... )
ضاقت عيناه و يده تربت على وجنتها بنعومة ... ثم قال بنبرة لطيفة مخادعة
( سنشتري ملابس جديدة ..... سأشتري لكِ كل ما تتمنينه من ملابس تليق بعروس جديدة ...)
اوشكت تيماء على الصراخ بجنون و كسر الأطباق أمامها
" هل تدعي الجنووووووون !! .... "
الا أنها عادت و سيطرت على نفسها فأبعدت وجهها عن مرمى يده و قالت بنفس الجمود
( يوما ما يجب علي العودة الى بيتي .... لا أظنك تمانع ....)
تركها قاصي ليفرغ الطعام في طبقها .... ثم دار حول الطاولة ليجلس أمامها بأريحية قبل أن يقول مبتسما و متمهلا
( سنذهب معا بالتأكيد كي تحضري أغراضك ..... على أنني لست في عجلة من أمري , فنحن لا نزال بأول يوم من أيام شهر عسلنا ..... )
تصلبت عيناها و هي تبادله النظر بينما هو يبدأ في تناول طعامه ناظرا اليها بابتسامة لم تصل الى عينيه الحادتين .....
ثم قال ببساطة وهو يمضغ طعامه
( كلي حبيبتي ............)
ألم جديد .... سكين حادة أخرى ... وهو يلفظ بتلك الكلمة بمنتهى البساطة و كأنه يدللها بالفعل !!!
و كأنها عروسه الحبيبة فعلا !! ....
أطرقت تيماء وجهها الشاحب لتخفيه عن عينيه المراقبتين لكل حركة و لمحة منها .... ثم أمسكت بشوكتها و أخذت تتلاعب في طعامها دون أن تتذوقه حتى ....
و هي تشعر بأنه على الرغم من تظاهره بالهدوء و اللامبالاة الا أنه يراقبها بعينين كعيني الصقر ...
لا بأس ..... لا بأس .....
زمت شفتيها هي تضيق عينيها على الطبق أمامها مغلفة نفسها بدرعٍ واقي يحميها منه حاليا ....
لكن خلف ذلك الدرع ... كانت هناك غصة تشطر حلقها نصفين .... و قلب يموت ببطىء ....
قال قاصي يجذبها بقوة من شرودها الجليدي الجامد
( تيماء ........... )
ارتفع وجهها اليه دون ارادة منها , فنظر الى عينيها قبل ان يقول مبتسما دون مرح
( لا أحب صمتك هذا ...... اما أن تتكلمي أو اشغليه بتناولك الطعام ..... )
أرادت الصراخ به أن يضرب بما يحب و ما لا يحب عرض الحائط ....
الا أنها وجدت يدها ترتفع لتضع بعض الطعام في فمها دون أن تبعد عينيها الجليديتين عن عينيه المتفرستين بها ....
و اخذت تمضغ ببطىء و هي تحاصره بعينيها كما يفعل هو ...
الا انه لم يشعر بالحرج .... بل ظل ينظر اليها بقوة دون أن يرف جفناه و كأن بين أعينهما حوار ناري صاعق .... لا يصل صوته اليهما ....
صوت رنين هاتفه دوى فجأة من الخارج مما قطع عليهما اتصال اعينهما ....
فزفر قاصي بضيق قبل أن ينهض من مكانه قائلا بهدوءٍ أجش
( ابقيا مكانيكما ...... و لا تتحركا قبل أن ينهي كل منكما طعامه ..... )
ابتعد ليخرج من المطبخ بينهما اطلقت تيماء نفسها المكبوت اخيرا
نفسا ساخنا ممزقا بدا أشبه بشهقةٍ عالية ... مما جعل عمرو ينظر اليها بصمت , أما هي فقد التفتت اليه بقصد و حدة ....
يوم أمس لم تكن مستعدة لمزيد من الصدمات ... كانت تمر بحالٍ من انعدام الوزن و الوعي .....
و هي تقضي الساعات ناظرة للطفل دون ان تحاول استجوابه ....
أما الآن ....
نظرت تيماء بطرف عينيها الى الباب الذي خرج منه قاصي للتو ... ثم أعادت عينيها الى عمرو بسرعة
و همست تسأله باهتمام
( كم عمرك ؟؟ ............ )
نظر اليها عمرو نظرته الصامتة و ظنت أنه سيتجاهلها ... الا أنه ترك شوكة الطعام ثم رفع كفه مفرودة الأصابع أمام عينيها المعذبتين ....
كان الجواب الذي كانت تخشاه ....
منظر كفه الصغيرة المفرودة كان كأكبر صفعة رفضت تصديقها حتى الآن ....
خمس سنوات !!! ....
أي أن أمه حملت به منذ ست سنوات تقريبا !!! .....
همست تيماء بذهول ...
( قبل أن نفترق !!! ............. )
نظرت الى عمرو مجددا ثم شهقت و همست بألم يكاد أن يكون توسلا
( ما اسمك ؟؟ .......... هل تعرف اسمك كاملا ؟؟ ......)
ظل عمرو صامتا للحظة ثم فتح فمه و تكلم أخيرا بخفوت
( عمرو الرافعي ..........)
أغمضت تيماء عينيها و أخفضت وجهها و هي تحيط جبهتها بكفيها هامسة بصدمة و ذهول
( ياللهي !! ........ ياللهي !! ......... )
رفعت وجهها بعنف و نظرت الى عمرو و همست بصوتٍ مشتد كالوتر
( هل يعيش والديك معا ؟!! ........... )
لكن و قبل أن يجيبها عمرو على سؤالها الهامس ... سمعت صوت قاصي يقول فجأة بوضوح قوي
( لست بحاجة للهمس ..... يمكنك سؤالي عما تشائين تيمائي .... )
رفعت عينيها العنيفتين و نظرت اليه يقف في اطار باب المطبخ وهو ينظر اليها مقطب الجبين على الرغم من الابتسامة الساخرة على شفتيه ....
فقذفت الكلام بوجهه دون أن تستطيع منع نفسها
( أسألك أنت !!! ......... أثق بأول من أقابله في الطريق و لا أثق بك أنت ....... )

ضاقت عينا قاصي وهما تنظران اليها بنظراتٍ مخيفة .... و شعرت و كأنها قد آلمته بحق رغم سذاجة عبارتها المنتقمة ... و كم أشعرها ذلك بالتشفي اللحظي و الإنتصار عليه .....
كم رغبت في تلك اللحظة في ايلامه أكثر ... و أكثر حتى يصرخ طلبا للرحمة
و على ما يبدو أن مشاعرها السادية المعذبة قد ظهرت بوضوح في عينيها الشفافتين ..... فقال قاصي أخيرا بهدوء
( عمرو ..... خذ طبقك و اذهب الى غرفة الجلوس , شاهد التلفاز أثناء تناولك الطعام .... )
بدا عمرو مطيعا تماما وهو ينهض من مكانه ليحمل طبقه معه و يغادر المطبخ بخطواته الطفولية .... بينما وقف قاصي مكانه وهو ينظر الى تيما , ثم كتف ذراعيه ليقول بجمود صلب
( ها أنا أمامك ...... اسألي ما بدا لكِ , أنا مستعد لكل اسئلتك ...... )
نهضت من مكانها ببطىء دون أن تحيد بعينيها الناريتين عن عينيه ... ثم قالت بصوتٍ غريب يرتجف بكل طاقات الاحساس بالغدر و الخيانة
( لقد اكتفيت ........ لقد سمعت كل ما أريده ..... )
ثم اندفعت تنوي تجاوزه لتخرج من المطبخ اللعين ... الا أنه كان أسرع منها فقبض على ذراعها ما أن مرت بجانبه و دفعها بكل قوته يعيدها الى داخل المطبخ مجددا .....
صرخت تيماء بصدمة و هي تصطدم بالحاجز الرخامي من خلفها فتشبثت به بكفيها ناظرة الى قاصي بعينين متسعتين و هي تراه يغلق باب المطبخ ليقترب منها ببطىء و عيناه تبدوان مرعبتين ...
الا أنها رفضت أن تسمح له بارعابها ... فاستقامت و قالت بصوتٍ عنيف
( افتح الباب .... أريد الخروج من هنا .... )
لم تتغير ملامح قاصي من القساوة و الجمود ... بينما هو يقترب منها ببطىء قائلا
( ليس قبل أن تتكلمي ........ )
حاولت التراجع الا أن الحاجز الرخامي منعها من التراجع اكثر ... فصرخت بقوة
( لا أريد الكلام .... و الأكثر هو انني لا اريد سماع أي كذبة أخرى منك ... )
ارتجفت شفتي قاصي للحظة ... الا أنه لم يلبث أن ابتسم بسخرية قائلا
( على الأقل ها قد عدتِ الى صراخك .... فهذا افضل لدي من حالة الجمود الغير مبشرة التي كانت تنتابك منذ الصباح .... )
عضت تيماء على شفتيها و عيناها تبرقان بشراسة لم تعد قادرة على السيطرة عليها أكثر و همست من بين أسنانها بصوت مختنق
( أنت ....... أنت ........ )
كان قاصي قد وصل اليها ... فوقف على بعد خطوة منها مكتفا ذراعيه و قدا بدا ضخما جدا و مخيفا ....
مخفضا رأسه لينظر اليها عن قرب بعينيه المحترقتين ... ثم قال أخيرا بصوتٍ غريب
( أنا ماذا ..... تابعي , فأنتِ تثيرين اهتمامي ..... )
كيف يمكنه أن يكون بمثل هذا البرود و القسوة ؟!! .... ألهذه الدرجة كانت تجهله كليا ؟!!
الهذه الدرجة كانت تحيا وهما لا يصدق !! .... كذبة كبيرة حاكها فصدقتها !! ....
قالت تيماء من بين أسنانها بصوتٍ يرتجف قسوة
( كيف استطعت ....... كيف استطعت خداعي كل هذه السنوات ؟!! ..... اي مهارة تمتلك !! ..... )
لم تتغير ملامح قاصي وهو يراقب عينيها العنيفتين المبلللتين عن قرب .... و ما أن اختنق صوتها في حلقها و صمتت .... حتر رفع يده ليحيط بها عنقها الأبيض الهش .... ثم همس بخفوت
( ربما كنتِ مخطئة ............ أين تلك الثقة التي كنتِ تتشدقين بها دوما .... )
ضربت يده بكل عنف لتبعدها عن عنقها و هي تصرخ بجنون بينما سقطت دمعة حارقة على وجنتها قبل ان تستطيع منعها
( الديك الجرأة لتتحدث عن الثقة ؟!! ....... أي نوع من البشر أنت ؟!! ..... كيف استطعت اخفاء وجهك الحقيقي عني كل تلك السنوات ؟!! ...... أنت شيطان ..... شيطان ..... )
أخذت تضرب صدره بقبضتيها بكل عنف وهو لم يتحرك ليمنعها بل تركها تفرغ به كل عنفها و قهرها ....
ثم قال بصوتٍ أجش خافت
( و ما دمت شيطان لماذا سمحتِ لي بالإقتراب منكِ ليلة أمس ؟!! ..... )

بهت وجهها و هي تنظر اليه بينما العالم يدور حولها بعنف .... ثم لم تلبث أن همست باختناق
( اخرس ............. )
الا أن قاصي اقترب منها خطوة أخرى حتى التصق جسده بجسدها وهمس بصوتٍ أجش أكثر
( لماذا يا تيماء ؟! ......... أعرف لماذا عدت أنا اليكِ و ارتميت في أحضانك لأجد نفسي بكِ .... لكن ماذا عنكِ ؟!! .... لماذا سمحتِ لي بهذا ؟!! ..... )
لا تزال الغبية تملك الحنين اليه كلما تحدث بتلك اللغة الخاصة بينهما ....
عضت على أسنانها بقسوة و هي تخفض وجهها بقهر ....
قلبها الغبي اللعين يستجيب لكلماته التي توهمها أنها وطنه و عالمه الوحيد ....
الا أنها قطعت هذا الطريق بكل قسوة و هي ترفع وجهها اليه لتهمس بشراسة رغم الدموع التي انسابت على وجنتيها
( أم عمرو حملت به منذ ست سنوات ....... )
رمش قاصي بعينيه و كأنها قد اخرجته للتو من ذلك العالم الذي لا يضم سواهمها ....
و بقى على صمته و ملامحه المبهمة ..... بينما ضربته تيماء على صدره بكل قوة و صرخت
( ست سنوات يا قاصي !!! ...... اي قبل أن نفترق حتى !! ....... أي عذر يمكنني أن أمنحك ؟!! ..... )
بقى قاصي على صمته عدة لحظات و هو يراقب انهيارها المعذب امام عينيه ... ثم قال بقسوة
( لم أطلب منكِ أية أعذار ........... )
بهت وجهها و هي تسمع منه تلك النبرة الجافة الخالية من الرحمة .... و الحياة ......
فهزت رأسها قليلا و كأنها تهمس بكلمة لا ...... و كأنها لا تصدق هذا الانسان أمامها الذي تراه حاليا كمنبعٍ للشر و القسوة ....
فغرت تيماء شفتيها و قالت بصوت الحديد الصدىء
( هل انت متزوج منها فعلا ؟!! ......... )
انعقد حاجباه قليلا , الا أنه قال بخفوت
( أخبرتك أنني متزوج منها ........ نعم يا تيماء أنا متزوج من ريماس والدة عمرو .... )
ريماس .... هل هذا هو اسمها ؟؟ ...
هل همس بذلك الاسم وهو يضمها الى صدره !! ......
أومأت تيماء برأسها و كأنها تحاول أن تستمد بعض القسوة منه .... أومأت و كأنها تتوعده و تتوعد نفسها ....
كانت تعض على شفتها السفلى و هي تنظر جانبا و هي تتنفس بسرعة .... بينما دموع القهر لا تزال تتوالى ...
ثم لم تلبث أن رفعت وجهها و نظرت اليه و قالت بصوتٍ هادىء .... صلب ....
( طلقني ............ )
تراجع رأسه للخلف قليلا .... و شحب وجهه للحظة الا أنها كانت تتوهم , فقد قال بصوتٍ كريه
( ظننت أنكِ قد انتهيتِ من جنون الأمس ....... )
اتسعت عيناها بعدم تصديق و هي تسمع عبارته الوقحة .... فصرخت به بكل عنف
( هل أنت عديم الاحساس ؟!! ....... أتظن أنني قد أحيا لحظة واحدة مع رجلٍ خائن ؟!! ..... )
التوى حلقه بصورة واضحة .... الا أنه همس بصوتٍ اجش وهو يداعب وجنتها
( لا ينبغي عليكِ مخاطبة زوجك بهذه الطريقة ..... )
اتسعت عيناها بذهول اكثر و أكثر .... ثم ضربت يده مجددا بكل عنف و هي تصرخ
( يا عديم الأخلاق و الإحساس .... أنت خائن .... خائن .... خائن ...... هل تسمعني ؟؟ ..... )
نظر اليها قاصي بصمت طويل قبل أن يحيط عنقها بكلتا يديه رافعا وجهها اليه بابهاميه ..... ثم نظر الى عينيها و همس بصوته الأجش
( اهدئي قليلا ....... لا تفعلي هذا بنفسك , ستنهارين قريبا ..... )
حاولت التملص منه و هي تصرخ
( ابتعد عني ..... ابتعد عني أيها المجنون الخا....... )
الا أنها لم تستطع اكمال عبارتها .... فقد أخفض وجهه و قبلها برفق .....
أغمضت تيماء عينيها و هي تئن برفض محاولة دفع جسده القوي ....
الا أنه هذا كان من رابع المستحيلات ... فقد كان جسده كجدارٍ حجري .... لم تقوى على ابعاده , بينما شفتيه على النقيض تماما ...
كانتا حنونتين ... مترفقتين ... و كأنه يواسيها و يمتص ألمها عبر قبلتهما ....
صرخت تيماء بصوتٍ متداعي
( ابتعد عني ..... لا أتحمل اقترابك مني ...... )
الا ان قاصي لم يبتعد بل تنقلت شفتاه ما بين وجنتيها و شفتيها هامسا بحنان
( بلى تتحملين ..... ليلة أمس حين ضممتك الى صدري دفنتِ نفسك به بقوة و لم ترغبي في الابتعاد .... لا يمكنك الابتعاد يا تيماء ..... )
كانت تصدر أنينا معذبا مع كل قبلة و همسة حنونة منه .... و هي تحاول التخلص من ذلك السحر الذي يربطهما دون أن تنجح ....
كل لحظة تمر بينهما كانت تجعلها تكرهه أكثر و تكره نفسها معه .....
مرة أخرى تدرك أن ذلك السحر لم يكن جسديا أبدا .... لهان الامر لو كان جسديا ....
بل هو سحر يربط بين قلبها الغبي و قبل ذلك الرجل الخائن الشيطاني لا تملك أن تمحوه ......
أطبقت جفنيها أكثر و هي تقنع نفسها بأنها ستستجمع قوتها خلال لحظة .... فقط لحظة ثم تضربه بأقرب شيء لها ....
الا أن اللحظة أصبحت اثنتين و ثلاث .... ثم أربع ....
الى أن شعرت بنفسها ترتفع عن الأرض وهو يرفع خصرها كدمية صغيرة ليجلسها على الحاجز الرخامي خلفها و ما أن فتحت عينيها الواسعتين حتى انقض عليها هامسا بعنف أجش
( آآآآآآه يا صغيرة ....... لم أعرف يوما فرحة سواكِ ..... )
لو فقط يتوقف عن تلك الكلمات !! ....
لو صمت لاستطاعت أن تقاومه .... الا ان كلماته هي القيد الذي يأسر روحها به .....
روحها التي تصرخ الآن طالبة الحرية .....
تصرخ و تصرخ دون أن يتجاوز صراخها شفتيها الضائعتين بشفتيه .....
أما يداه فكانتا تفكان ربطة شعرها الذي ربطها بنفسه منذ دقائق ....
فاندفع غزيرا نديا لينسكب على كتفه ...يقربه منها اكثر .....
أما ذراعه فقد كانت تضم خصرها اليه بقوة ..... همس في أذنها بجنون
( لن تبتعدي عني مطلقا ...... أتتخيلين أن أتركك بعد كل تلك السنوات ؟!! ...... )
حاولت الابتعاد عنه بالقوة الا أنه شدد من ضمه اليها .... فأغمضت عينيها لتنساب دموعها من تحت جفنيها و هي ترى نفسها على وشك الاستسلام له مجددا .....
فأطرقت بوجهها حتى لامست جبهتها تجويف عنقه .... الى أن قالت أخيرا
( لقد سألتني لماذا استسلمت لك ليلة امس ...... أتريد معرفة الجواب ؟!! ..... )
شعرت بجسده يتصلب للحظة .... لم يتركها , الا أنها أدركت بأنها قد نجحت في انتزاعه من العالم الذي يعيشه و يضيع به كل مرة ....
همس لها قاصي في اذنها
( لماذا ....... اخبريني .......... )
رفعت وجهها المحمر المعذب و نظت الى عينيه ذاتا الجمر المشتعل بعينين تماثلهما اشتعالا .... الا أنها كانت نيرانا من اللهب الازرق يحمل من الكره و الغضب ما يماثل العشق تماما ....
نيران جعلت عينا قاصي تظلمان قليلا .....
الى أن فتحت تيماء شفتيها و قالت بصوتٍ ميت
( لأن الألم بداخلي كان أكبر من قدرتي على الإحتمال ........ )
الآن رأت الشحوب في وجهه بوضوح و قد فقد احمرار عواطفه الجامحة في لحظة ....
الا أنها تابعت بنفس النبرة المقهورة
( لم أتألم يوما مثلما آلمتني أنت بهذا القدر ..... ليلة أمس كنت أموت ..... كنت اموت يا قاصي طوال اليوم و انا أضع كل القصص المحتملة لخيانتك لي ..... و لم تنجح أي منها في تبرئتك أمام عيني .... )
صمتت للحظة تبتلع تلك الغصة الحارقة في حلقها , ثم تابعت مختنقة
( و حين أوشكت على الموت من شدة الألم ..... كنت على استعداد للقبول بأي شيء يريحني ولو للحظات ..... فقط لحظات قليلة أوهمت نفسي بها أن ما أحياه ما هو الا كابوس بشع .... و أنك هنا , تضمني الى صدرك .... و تخبرني بأن كل شيء على ما يرام ..... )
أظلمت عينا قاصي أكثر و أكثر ..... بينما التوى حلقه أكثر , في حركةٍ لا ارادية .... فهمست بصوتٍ معذب قاسي
( لقد خنت نفسي باستسلامي لك ..... لا لشيء سوى لأرحم نفسي من الألم لعدة لحظات فقط ..... هل يمكنك أن تتخيل الآن مدى كرهي لك و لنفسي ؟؟ ...... )
ابتعد عنها قاصي خطوة ... بينما ذراعاه تتباطئان في تركها .... أما عيناه فلا ....
نزلت تيماء ببطىء عن الحاجز الرخامي و هي تخفض وجهها لتنظر بعيدا و هي تبكي بصمت , ثم هتفت باختناق
( وعدت نفسي الا أبكي مرة أخرى قبل رحيلي ..... لكنني لا أستطيع .... ماذا فعلت لك كي تؤلمني بهذا الشكل ؟!! .... لقد أعطيتك كل شيء بحياتي .... أعطيتك حياتي كلها و حاربت الجميع لأجلك .... )
ابتعد قاصي عنها و أدار ظهره لها بينما كانت هي تبكي بصوتٍ خافت ..... ثم هتفت باختناق
( كيف تمكنت من خيانتي ؟؟ ....... كنا لا نزال مرتبطين , أوشكت على أن أفقد حياتي بسببك ..... )
ضحك قاصي ضحكة خافتة , أجشة ..... غريبة الصوت وهو يقول بصوتٍ أكثر غرابة ... مؤذي لدرجة عنيفة
( إن أردتِ الحقيقة فأنا لم أخونك أنتِ ..... لقد خنتها هي ..... فهي من تزوجت في النهاية .... )
رفعت تيماء وجهها و هي تشهق شهقة لم تستطع منعها !!
شهقة عالية و هي تسمعه يجرحها بوضوح ... لا لشيء سوى كي يؤلمها فقط ....
كانت لا تزال فاغرة شفتيها من شدة الألم للحظة .... لكن و قبل أن تنطق , صرخ قاصي فجأة بكل عنف و هو يطيح ذراعه بكل قوته ليضرب صفا من الأكواب الزجاجية التي تطايرت و سقطت على الارض متهشمة بصوتٍ عالي مرعب و قد تناثرت شظاياها كأمطارٍ ماسية .... أو أشبه بقطراتٍ من الدموع ....
صرخت تيماء بذهول و هي ترفع يديها لتغطي بهما أذنيها ....و هي تراقب ما يحدث برعب ...
أما هو فلم ينظر اليها .... بل فتح باب المطبخ بعنفٍ و خرج ....
وقفت تيماء مكانها ترتجف بكل معنى الكلمة حتى احاطت نفسها بذراعيها و هي تنظر الى تلك الفوضى أمامها .... لا تزال في حالةٍ من الصدمة و قد تجمدت دموعها على وجنتيها و بردت حتى أصبحت كالجليد ...
أما عينيها فقد اتسعتا و هي تشعر بنفسها و قد ضاعت في أمرٍ أكبر منها ....
صوت تنفسها كان عاليا و ساقيها لا تحملانها , و ما أن شعرت بأنها على وشكِ السقوط ... حتى انخفضت ببطىء و جلست أرضا , تضم ساقيها الى صدرها بقوة و قد تناثر شعرها الهمجي حولها حتى لامس الأرض ...
و بدت في تلك اللحظة أشبه بنفسها ... حين اختبئت في هذا المطبخ تحديدا منذ عشر سنوات ...
اختبأت لتبكي بعد أن رفضها والدها ..... و بقت هنا تبكي وحدها بصمت
كل شيء يربطها بنفس اليوم ...
و كان هذا اليوم كان بداية لحياتها القصيرة .... أنا الآن , فهو يوم النهاية .....
أغمضت عينيها و أخذت تبكي بخفوت حتى دفنت وجهها بين ركبتيها ....
الى أن سمعت صوت صغير يقول بخفوت
( تيما ............. )
رفعت تيماء وجهها لتنظر الى عمرو الذي وقف في الباب ينظر اليها بصمت وهو يتلاعب باصابع كفه الصغير .... فقالت تيماء بدهشة
( هل تعرف اسمي ؟؟ ....... )
أومأ عمرو برأسه بصمت .... بينما كانت تنظر اليه بتأمل , من المؤكد أنه سمع قاصي يدعوها باسمها أكثر من مرة ... الا أنها لم تتخيل أن تلتقط أذناه الاسم بهذه السرعة رغم صعوبته ....
مد عمرو قدمه الحافية ينوي الدخول الى المطبخ ... الا أنها صرخت به فجأة
( لا تدخل ..... ستجرح قدمك , الزجاج متناثر في كل مكان ..... )
تراجع عمرو بالفعل ... بينما نهضت تيماء باجهاد .... ثم قالت بصوتٍ مختنق و هي تمسح وجهها
( انتظر .... سأنظف المكان ...... )
بحثت عن المكنسة .... الى أن وجدتها في مكانها , أمسكت بها تيماء ثم رفعت حاجبيها ...
انها نفس المكنسة !! .... التي نظفت بها المكان و هي في الرابعة عشر
تنهدت بصمت ثم أخذت تنظف تلك الفوضى بحرص , لكن ألمها لم يكن حريصا .....
كانت تمشي على قطع الزجاج المكسور و هي شاردة الذهن و نازفة الروح ...
فلم تشعر بالجروح التي بدأت تتساقط منها قطرات الدم من قدمها على أرض المطبخ .......
( تيماااااااء ..... احترسي ........ قدميكِ .... )
أجفلت تيماء من صوت الصرخة الرجولية التي انطلقت فجأة فرفعت وجهها لترى قاصي ينظر الى قدميها برعب .....
الا أنها لم تنتبه الى ما يقصد الى أن اندفع اليها و انتزع المكنسة من يدها و رماها بعيدا .... ثم جذبها من يدها ليحميها بقوةٍ بين ذراعيه .... خارجا بها من المطبخ يتبعهما عمرو وهو ينظر اليهما بفضول و عينين متسعتين ...
اندفع بها الى غرفة الجلوس ثم انحنى و أرقدها على الأريكة الواسعة .... و جلس بجوارها ....
ثم رفع قدميها الى ركبتيه وهو ينظر بغضب و قلق الى الدم الذي يغرقهما ... بينما كانت تيماء شاحبة تماما و صامتة .... لا ترتجف حتى , و بمنتهى الغباء قالت بفتور
( الدم سيغرق بنطالك ... و الأريكة أيضا .... )
رفع قاصي يده الى جبهته وهو يصرخ فجأة بغضب
( اخرسي يا تيماء ..... اكرميني بصمتك فقد اكتفيت من غبائك ليومٍ واحد .... )
نظر قاصي الى عمرو و قال آمرا
( عمرو ..... اذهب الى الحمام و أحضر صندوق الاسعافات , أنت تعرف مكانه .... )
أومأ عمرو و انطلق يجري الى الحمام ... فنظرت تيماء بصمت في اثره شاحبة الوجه , ثم القت رأسها للخلف و هي تتطلع الى السقف طويلا قبل أن تقول بخفوت
( إنه يعرف البيت جيدا ..... يحفظ كل زاوية به ..... )
نظر اليها قاصي بطرف عينيه الناريتين قبل أن يهمس من بين اسنانه
( قلت لكِ اخرسي ..... )
الا أنها ظلت على حالها تنظر الى السقف رافعة يدها الى عينيها و هي تقول باختناق
( كيف كنت عمياء الى تلك الدرجة !! ........ )
صرخ بها قاصي فجأة بعنف
( أنتِ عمياء دائما ........ عمياء و غبية ...... )
أطبقت تيماء جفنيها و انفجرت في البكاء فجأة بشدة .... لكنها انتفضت مذعورة حين شعرت بكفه تطبق على فمها بقوة وهو يصرخ مجددا
( توقفي عن البكاء .... بكائك يثير جنوني .... توقفي .... )
اتسعت عيناها المغرقتين في الدموع و هي تنظر اليها من فوق يده المكممة لفمها بينما ملامحه عنيفة لا تلين ....
لكن ضغط يده أخذ يخف تدريجيا ... حتى بدأت أصابعه تمسح الدموع عن وجنتيها بلمساتٍ قوية حازمة .... و عيناه تحدقان بعينيها بمشاعرهما الهادرة الى أن عاد عمرو جريا وهو يحمل صندوق الاسعافات ....
و قال باهتمام طفولي
( ها هو أبي .......... )
كلمة أبي جعلتها تغلق عينيها مجددا , الا أن قاصي قال بخفوت شرس
( أنا لن أكون مسؤولا عن تصرفاتي لو بكيتِ مجددا ....... )
ابتلعت تيماء شهقة مختنقة ... فنظر اليها نظرة عاصفة قبل أن يبعد يده عن وجهها ثم يلتفت الى عمرو ليأخذ الصندوق منه ....
نظرت اليها تيماء وهو يعامل قدميها برقةٍ و حنان لم يعامل بهما قلبها الذي رماه أرضا و سحقه بقدميه ....
كانت يداه حانيتين وهما تتعاملان مع جروحها رغم خشونتهما ....
و ما أن انتهي من ربط قدميها أخيرا حتى أزاحهما بحرص ليضعهما على الأريكة بجواره ... و بقى مكانه جالسا ... مطرق الرأس و شعره يغطي ملامح وجهه عنها , بينما صدره يعلو و يهبط بسرعة ...
بدا و كأنه يفكر في حلٍ لمعضلة عويصة .... بينما تيماء تنظر اليه طويلا و كأنها تتأمله للمرة الأخيرة !!
حينها رفع وجهه المتعب ليبادلها النظر ... و كأنه قد التقط أنها النظرة الأخيرة , فازداد عبوسه و قال بصوتٍ أجش خافت
( يجب أن أخرج من هنا ........ )
ارتفع حاجبي تيماء قليلا ... الا أنها كانت أضعف من أن تعترض أو أن ترد حتى ....
حين لم تنطق قال بخفوت
( لا تغادري قبل عودتي ....... )
أخذت تيماء نفسا مرتجفا ثم قالت بصوتٍ لم تتعرف عليه
( ماذا تريد مني بعد ؟؟ ..... لقد حصلت على ما أردته , و أسدل الستار على هذا المشهد الساخر الحزين .... ما الذي يمكنني تقديمه لك أكثر ؟؟ ...... )
تعقدت ملامح وجهه أكثر .... وهو ينظر الى عينيها المنكسرتين ...
كم بدت في تلك اللحظة كطفلة صغيرة !! ....
مجرد طفلة مجروحة ... بعينيها المتورمتين و شعرها المشعث , و قدميها المصابتين .....
لا يذكر أنه قد رآها يوما أكثر ألما من هذه اللحظة
حتى في كل ما مر بها ..... لم يرها مجروحة الى هذا الحد .....
حين استيقظت صباحا و رآى حالة الفتور الميت الذي تعيشه , شعر بقلبه يهبط بين قدميه ...
شعر بخوفٍ عنيف عليها .... أراد أن يهزها بقوة أو حتى يضربها كي تصرخ و تعلمه أنها لا تزال على قيد الحياة ...
و قد حصل على مبتغاه و انفجرت أخيرا .... الا أنه لم يرتاح ....
كان يعلم أنها تموت أمام عينيه في كل لحظة تمر .... وهو يقف عاجزا ,عالما بأنه الذي أمسك السكين و ذبحها هذه المرة .... لا أحد غيره ....
أبعد عينيه القاتمتين عنها و قال بجفاء أجش
( زوجنا ليس مشهدا من مسرحية يا تيماء .... زواجنا حقيقة عليكِ التعامل معها , شئتِ أم ابيتِ ...لا الهرب )
ابتسمت تيماء بمرارة و هي غير قادرة على البكاء و الصراخ أكثر ... ثم همست بعدم تصديق
( كيف يمكنك أن تكون بهذه الصورة أمامي الآن ؟!! ...... كيف تستطيع ؟!! ...... )
نظر الى عينيها بنظرته العنيفة المنذرة بالشر , لذا قال بصوتٍ أكثر عنفا
( سأخرج من هنا ..... لكن اياكِ أن تحاولي الهرب مني , فأنا قادر على اللحاق بكِ الى أي مكان ..... اياكِ يا تيماء ....... )
نظرت اليه و شفتيها ترتجفان بشدة ... بينما عيناها ترسلان له رسائل الكره واضحة , الى أن همست باختناق كلمة واحدة فقط
( أخرج ............ )
أبعدت وجهها عنه لا تريد أن تراه .... بل تتمنى لو أنها لم تره في حياتها كلها .....
ليتها فقط لم تسعى يوما لوالدها .... فهاهي , لم تحصل على والد و لكن حصلت على جرحٍ غائر لا يطيب بدلا عنه ....
شعرت به ينظر اليها طويلا .... لكنها أبت أن تنظر اليه , فشعرت بقبضتيه تقبضان على ذراعيها لتنهضانها نصف جالسة بقوة ... قبل أن يضمها الى صدره بعنف ! ....
ظنت أنه سيحاول اغوائها و ارضاء نفسه من جديد ... الا أنه لم يتحرك من مكانه وهو يضمها الى صدره ...
كان ممسكا بها بكل قوته و كأنه ينحتها كضلعٍ من أضلعه .....
أرادت ضربه و الإبتعاد ....
الا انه كان ممسكا بها بطريقة غريبة و كأنها الخلاص الوحيد له ..... و كان صدره راحة لها مما فعله بها ذلك القلب القاسي المختبىء خلف ذلك الصدر الرحب ....
أغمضت عينيها على دموعٍ متحسرة و هي تتذكر شعورها منذ يومٍ و نصف فقط ...
حين كانت تحلق فوق الغمام متخيلة حياتها معه أخيرا ....
بعد أن نالت عشقها المستحيل ..... بعد أن فازت بحبها بعد سنوات الفراق ....
لم تتخيل أبدا أن تسوء الأمور الى تلك الدرجة ..... و أن يتحول العشق الى خيانة بأبشع صورها ...
لو يتكلم فقط ...... لو يتكلم و يمنحها اي عذر .... أي مبرر ليريح به قلبها قبل أن تتركه ....
لكن من تخدع !! .... الأمور واضحة امام عينيها وضوح الشمس و لا تحتمل أي تبرير أو أعذار .....
سمعته يهمس في أذنها بقوة
( حين أضمك الى صدري بهذا الشكل ..... أشعر بأنني قد وصلت الى نهاية المطاف ..... أشعر براحةٍ بعد لهاث عنيف .... أي سحرٍ يحدثه بي عناقك يا تيمائي ..... )
افلتت شهقة مدمرة من بين شفتيها المرتجفتين .....و هي ترى الحقيقة المأساوية أمام عينيها
فعناقه يشعرها بالمثل تماما ... و كأنه يصف ما تشعر به بكل مهارة ....
هل يعقل أن تكون تلك المشاعر الجارفة ما هي الا وهم زائف !!!
هل يعقل ؟!! .......
فتحت تيماء عينيها ببطىء و قد تحجرت دموعها .... و ظلت ساكنة على صدره عدة لحظات في شرود تام ...
ثم تملمت أخيرا و هي تحاول الابتعاد عنه .... و حين يأست قالت باختناق
( أخرج من هنا أرجوك ...... )
تصلب جسده لعدة لحظات .... ثم أبعدها عنه برفق فأطرقت بوجهها بعيدا عن عينيه ....
الا انه أمسك بذقنها يرفع ذلك الوجه الشاحب المبلل اليه لتواجه .... و قال بصوتٍ أجش خشن و شديد الخفوت
( سأخرج ...... هل ستكونين بخير ؟؟ ..... )
رفعت عينيها المصدومتين المبللتين الى عينيه .... ثم لم تلبث أن ضحكت عاليا بأقسى درجات المرار ....
لكن ضحكتها ماتت حين ضمها اليه يقتل تلك الضحكة بشفتيه .....
كانت قبلة مريرة كضحكتها .... قوية و عاصفة .......
و قد نجحت في قتل ضحكتها بالفعل ..... و ربما كانت هذه الضحكة هي الضحكة الوحيدة التي يحل قتلها ....
بكل ما حوته من ألمٍ لا يوصف ....
شعرت به يدفعها أخيرا عنه بقوة وهو ينهض من مكانه ....فجلست تيماء تنظر الى ابتعاده العنيف عنها و هي لا تزال تلهث قليلا ... مذهولة من عنف مشاعره و عنف ابتعاده ....
ضمت جسدها بذراعيها بقوة و هي تنظر أرضا , مخفضة ساقيها عن الأريكة ..... لقد أوشكت على أن تناديه كي تمنعه من الإبتعاد عنها !! ...
الا أنها منعت نفسها في اللحظة الأخيرة و جمدت مكانها تفكر بشرود ..... تحتاج الى الإختلاء بنفسها كي تفكر مليا ..... دون تأثيره الطاغي عليها ....
مرت الدقائق تسمع فيها أصوات حركاته المجنونة في الداخل و كأنه أسد حبيس في قفصه ....
و بعد فترة طويلة سمعت صوت خطواته تقترب منها اخيرا , و قال في النهاية بهدوء خافت أجش
( هل تحتاجين شيئا قبل خروجي ؟؟ ............. )
رفعت وجهها اليه ....
كان قد ارتدى ملابسه الأنيقة كاملة ... و بدا كشخص آخر مختلفة كلية ....
شعره مصفف بعناية و قميصه يزيد من جاذبيته .... الا أن ذقنه لا تزال غير حليقة ....
لكنه كان جذابا بشكلٍ يوجع القلب ....
مفاتيحه تتدلى من أصابعه .... مصدرة رنينا رتيب .....
و كل ما استطاعت فعله هو أن هزت رأسها نفيا ... اجابة على سؤاله .....
لم يتحرك على الفور , بل ظل واقفا مكانه ينظر اليها و هي تعود و تخفض وجهها أرضا , ثم تنهد أخيرا ليقول بخشونة
( هيا بنا يا عمرو ......... )
نهض عمرو من مكانه كي يذهب الى يد والده الممتدة اليه ... الا أن تيماء رفعت وجهها في تلك اللحظة ناظرة اليهما ثم همست بصوت فاتر غريب
( يمكنك ....... يمكنك تركه معي .......)







يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:28 PM   #5575

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

( يمكنك ....... يمكنك تركه معي .......)
تسمر قاصي مكانه غير مصدقا لاستسلامها الخافت .... بدت شاحبة و صامتة ... و مسالمة جدا و كأنها قد استسلمت أخيرا ....
اتسعت عيناه و تسارعت حدة تنفسه .... و قال بشك
( هل تريدينه معك ؟!! .......)
هزت تيماء كتفها بلامبالاة ثم قالت بنفس الفتور الخافت
( أنت تبدو منفعلا الآن ..... و أنا أيضا ... لذا أرى من أن تتركه معي و لا تخرج به و انت في هذا الحال ... كما لا أبقى أنا وحيدة هنا .....)
ساد صمت متوتر مشحون بينهما .... و هي تنظر أرضا , تمنع نفسها من فرك أصابعها بتوتر ....
ثم قال قاصي أخيرا بصوتٍ بدا ..... بدا سعيدا بشكل لم تسمعه منذ فترة طويلة
( نعم ...... نعم يمكنني ذلك ...........سأكون أكثر راحة لو تركته برفقتك ...)
لم ترفع تيماء وجهها اليه , فلو كانت قد فعلت لرأت ابتسامة من الحنان مرتسمة على ملامحه القاسية .....
ابتلعت ريقها بتوتر , الى أن قال قاصي أخيرا مخاطبا ابنه
( ابقى هنا يا عمرو .... لكن كن مهذبا و لا ترهق تيماء ...... اتفقنا ؟؟ .....)
رفعت تيماء وجهها تنظر الى الطفل الصغير , الذي أومأ برأسه فأخفضت وجهها مجددا تنظر أرضا ....
و ساد الصمت لعدة لحظات أخرى قبل أن تسمع صوت خطوات قاصي وهو يبتعد بتردد ...
لكنه لم يلبث أن استدار و قال بصوت أجش
( تيماء ....... أرغب في البقاء معكِ .....)
شعرت بيد تعتصر قلبها بعنف و هي تسمع تلك النبرة الصادقة في صوته , الا أنها ابتلعت الغصة في حلقها و همست دون أن تنظر اليه
( كل ما أريده هو البقاء وحدي لفترة ..... فهل ما أطلبه يعد أمرا مستحيلا بعد كل ما مررت به خلال يومين ؟!! .....)
تنهد قاصي بعنف قبل أن يقول بخفوت مكبوت
( حسنا لا بأس ..... ربما كان هذا أفضل لي أنا أيضا , سأخرج الآن , ....... )
أومأت برأسها متجنبة النظر اليه .... الا أنه ناداها بقوة
( تيماء ...........)
قوة ندائه جعلها ترفع وجهها الشاحب اليه ..... فرأت عيناه تتوهجان وهما تشملانها بشعلةٍ من الجمر ... ثم رفع قبضته و ضرب بها على صدره مرتين قبل أن يشير اليها .....
التوت زاوية شفتيها في ابتسامة حزينة ... فسارعت الى اخفاض وجهها بعيدا عنه , فهمس لها بخفوت
( سأفكر في اللحظات التي ستبعدني عنكِ الى أن تنقضي .....)
أبقت وجهها منخفضا ... ثم قالت بخفوت ناعم
( نعم ........... )
حين طال الصمت ظنت أنه سيتراجع عن قراره و يعود اليها ... الا أنها سمعت خلال لحظات صوت خروجه قبل أن يصفق الباب خلفه بكل عنف .....
أطلقت تيماء نفسا مرتجفا و هي ترجع ظهرها للخلف مرتمية على الأريكة .....
" لن تملكني امرأة أخرى كما تملكتني أنتِ ..... فتوقفي عن جنونك "
كانت تلك هي احدى عباراته التي صرخ بها ذات يوم امام نوبة من نوبات غيرتها الجنونية .....
منذ سنوات طويلة ......
صوته كان صارخا .... صادقا ...... و حين نظرت الي عينيه صدقته .....
لم تكن لتكذب عيناه أبدا .......
فتحت تيماء عينيها و استقامت جالسة تنظر الى عمرو الذي جلس قبالها على الكرسي .... فربتت على الأريكة بجوارها و قالت بخفوت
( تعال و اجلس بجواري .......... تعال لا تخف ... )
في الأمس لم يتبادلا الحديث كثيرا .... كانت ترعاه فقط في صمتٍ و دموع الى أن ذهب للنوم , اما اليوم فعزمت على أن تغير هذا الحال ....
نهض عمرو من مكانه و تحرك تجاهها الى أن جلس بجوارها حيث تشير ....
ظلت تيماء تنظر اليه طويلا ثم قالت باهتمام
( أخبرني مجددا ...... كم عمرك ؟؟ ....... )
رفع عمرو كف يده مفرودة في نفس الإجابة ..... زفرت تيماء نفسا حارقا و رقم خمسة يمزقها بعنف , الا أنها سيطرت على مشاعرها و ابتسمت له ثم قالت بخفوت
( رائع ....... ووالدك هو قاصي ؟؟ ..... )
اومأ عمرو براسه في صمت مما جعلها تتنهد مجددا و نفس الالم يتجدد و بقوة أكبر , الا أنها قالت و هي تستدير اليه هامسة بحذر
( هل يسكن معكما ؟؟ ..... أقصد معك أنت و ..... أمك ...... )
هز عمرو رأسه نفيا ... و ظل صامتا .... فقالت تيماء باهتمام
( هل تأتي أمك الى هنا اذن ؟؟ ............. )
مجددا هز عمرو رأسه نفيا مما أراح تيماء قليلا ....على الأقل أن زوجته المدعوة ريماس لم تنم في هذا السرير قبلها ... فهذا يشعرها بغثيان لا يوصف ...
حسنا لقد غير أثاث الغرفة كلها .... لكنه ليس مهما , المهم ألا يكونا قد تشاركا الغرفة .....
لكن من اين لها أن تتأكد ؟!! ....
ربما كانت الغرفة التي حملت فيها زوجته بابنه ... ثم انفصلا بعدها !! ....
أغمض تيماء عينيها و هي تتأوه بصوتٍ معذب .... تحك شعرها بقوة عل الصداع الناشب في رأسها يخف قليلا .....
رفعت وجهها اليه ... ثم قالت بيأس
( هل لديك اخوة ؟؟ .......... )
هز عمرو رأسه نفيا , فقالت تيماء ساخرة بمرارة و هي تنظر أمامها
( و ما الفارق ؟؟ .... طفل واحد أو عشر أطفال .... هل يهم حقا ؟؟ ....... )
عادت لتتأوه بصوتٍ عالٍ و هي ترتمي للخلف بقوة .... ناظرة الى السقف ....
للحظة مجنونة و حين كان قاصي يضمها الى صدره ....
صرخ صوت عالي بداخلها ... صرخة مدوية ....
مستحييييييل ....
مستحيل ....
لم يكن قاصي ليخونها أبدا .....
طريقة ضمه لها .... عيناه اللتين تنضحان ألما خلف قسوتهما .....
لا يوجد انسان في هذا العالم على هذا القدر من المهارة في فن الزيف و الخداع .....
و قاصي خصيصا .... جلف و همجي و لا يتقن التمثيل أبدا .....
من المستحيل أن يكون حبهما مزيفا أبدا ..... من المستحيل أن تكون صرخته بأنه لا امراة غيرها ستملكه .. كذبا ....
مستحيل أن يصرخ بها بينما هو متزوج من أخرى !! .....
فتحت تيماء عينيها الحمراوين و هي تنظر الى السقف بعذاب ... و همست كي تقنع نفسها
( عمرو قاصي الرافعي ..... عمرو قاصي الرافعي ....... عمرو قاصي ...... )
قاطعها صوت عمرو الطفولي وهو يقول بخفوت
( خطأ ........... )
التقطت أذنا تيماء كلمة عمرو الخافتة فنظرت اليه بطرف عينيها و هي تقول بعدم فهم
( ماذا ؟!! ........ )
قال عمرو بجدية
( أنت تخطئين في اسمي ......... )
عقدت تيماء حاجبيها قليلا و قالت بتوجس
( و ما هو الخطأ ؟؟ ......... )
قال عمرو ببساطة
( اسمي عمرو راجح الرافعي ....... )
شعرت تيماء فجأة أن العالم قد تجمد من حولها كما تجمدت الدماء في عروقها .... و الإسم يقصف أذنها كدوي المدافع !!
راجح !! ..... اليس هذا هو اسم ابن عمران الرافعي .... أخا قاصي !!!
قفزت تيماء منتفضة و هي تستقيم جالسة .. مما جعل عمرو يجفل و يبتعد خطوة , الا أنها أمسكت بذراعيه و هتفت بقوة
( لا تخف ...... لا تخف ....... تعال , اقترب مني .... )
عاد عمرو ليقترب منها خطوة .... فسحبت تيماء نفسا مرتجفا كي تهدىء من ضربات قلبها المتسارعة ...
كانت تبذل مجهودا جبار كي تسيطر على نفسها فلا تفزعه ...
ثم ابتسمت له بصعوبة و سألته بصوتٍ مرتجف
( هل أنت متأكد من أنك تحفظ اسمك كاملا بطريقة صحيحة ؟؟ ...... )
أومأ عمرو برأسه ... ثم قال
( نعم ..... نحن نحفظ اسمائنا في المدرسة و الأستاذة تجعلنا نعيدها كل يوم ...... )
فغرت تيماء شفتيها و هي تلهث بقوة ....
ابن راجح !!! ..... لكن كيف انتهى به الحال كابن لقاصي !! ......
ابتلعت ريقها بصعوبة و أبعدت شعرها عن وجهها بأصابع مرتجفة ..... ثم همست باختناق و توسل
( راجح ؟!! .... راجح ؟!! ..... هل أنت متأكد ؟؟ ......)
أومأ عمرو برأسه ... فهزت تيماء رأسها قليلا و هي تحاول الإستيعاب , .......
بالطبع ..... كيف نست أن قاصي لا يحمل أسم الرافعية أصلا !!
لقد غفلت عن هذه النقطة في خضم ما كانت تعانيه .... لذا من المستحيل أن يحمل ابنه لقب رافعي ...
ثم نظرت الى عمرو و قالت بلهفة
( و لماذا لا تسكن مع والدك ؟؟ ......... )
قال عمرو بخفوت
( هو يحضرني الى هنا ثم يعيدني الى أمي .......)
هتفت تيماء بقوة
( لا أقصد قاصي .... بل أقصد ......)
صمتت تيماء فجأة مذعورة و هي ترفع يدها الى فمها , فمن الواضح أن راجح لا وجود له في حياة عمرو سوى اسم محفوظ على الورق فقط .....
هو لا يعرفه أبدا .... و هي ليست من الوضاعة أن تصدم الطفل بتلك الطريقة الخسيسة .. مرهقة سنوات عمره القليلة ....
كان عمرو ينظر اليها بعدم فهم ... فرفعت تيماء يدها تربت على وجنته برقة و هي تهمس
( نعم ..... نعم أقصد قاصي , أنت تحبه ..... اليس كذلك ؟؟ ....)
أومأ عمرو برأسه بكل قوة ... فابتسمت تيماء و عيناها تتلألآن بالدموع و همست باختناق مرير
( طبعا .... و من لا يحبه !! .......)
عضت على شفتيها بقوة و هي تبعد وجهها محاولة التقاط أنفاسها .....
حين طلبت من قاصي ترك ابنه معها , كانت تنوي قلب البيت رأسا على عقب نبشا عن أي شيء يوصلها للحقيقة , و منها استجواب عمرو مجددا ..... و بعدها .....
نظرت الى وجه عمرو الطفولي ..... و هي تفكر بأنها الآن لا تملك سوى اسم جديد ظهر في الصورة و المزيد من الألغاز .....
رفعت ذقنها و قالت بهدوء غريب فجأة على الرغم من نفسها المتسارع و عيناها المشتعلتين
( ما رأيك أن نخرج و نمضي اليوم سويا ؟؟ ........ )
ظل عمرو صامتا ... الا أنها لاحظت من بريق عينيه الصغيرتين أن الإقتراح قد لاقى سعادة في نفسه ...
فابتسمت له و قالت بغموض
( هيا بنا لنستعد اذن ............... )
.................................................. .................................................. ...................
حين نزلت تيماء درجات السلم مسرعة و هي ممسكة بيد عمرو في يدها و في اليد الأخرى حقيبتيهما ...
فُتِح باب الشقة في الطابق أسفل شقة قاصي مباشرة فجأة و خرجت منه امرأة متوسطة العمر ....
كانت تضع القمامة في الخارج , الا أنها توقفت و هي تنظر اليهما باهتمام ثم قالت مبتسمة
( صباح الخير يا عمرو .......... )
توقفت تيماء متسمرة مكانها و هي تنظر اليها .... من الواضح أن الجميع يعرف عمرو ,الا هي .....
كم تشعر بالغباء .... و الغضب .....
نظرت اليها المرأة و هي تضيق عينيها ... ثم لم تلبث أن هتفت بذهول
( تيماء !!! ......... هل أنتِ تيماء ابنة أخت قاصي ؟!! ....... )
ابتلعت تيماء ريقها و هي تنظر الى المرأة دون جواب .... ثم ابتسمت أخيرا و قالت بخفوت
( كيف حالك سيدة امتثال ؟؟ ..... مر زمن منذ أن رأيتك ..... كيف تذكرتني ؟؟ .... )
ابتسمت امتثال بذهول و هي تنظر اليها لتقول
( لن أنسى عينيكِ بالتأكيد .... كما أنني كنت أسأل قاصي عنكِ باستمرار , ألم يوصل اليكِ السلام ؟؟ ..... )
ابتسمت تيماء بحزن و قالت
( بلى أوصله ...... أوصله بأفضل الطرق ..... )
هزت امتثال رأسها و قالت غير مصدقة
( كبرتِ يا تيماء و أصبحتِ عروس ...... )
مطت تيماء شفتيها و قالت بصوتٍ واهي
( نعم أصبحت عروس .... لا تتخيلي الى أي مدى ....... )
قالت امتثال بفضول و هي تداعب شعر عمرو
( متى عدتِ من السفر ؟؟ ......... )
حسنا من الواضح أن قاصي قد نسج الكثير من القصص عن ابنة أخته المزعومة ...
فردت ببساطة
( عدت منذ أشهر قليلة ....... هل ..... هل ترين عمرو كثيرا ؟؟ ..... )
ضحكت امتثال و هي تداعب شعر عمر مجددا قائلة
( أكثر من مرة في الاسبوع ..... تعرفين قاصي , فاشل تماما في رعاية طفل , لذا لا غنى له عن خدماتي بين الحين و الآخر ...... على الرغم من الشعرتين البيضاوين في رأسه ..... )
تنهدت امتثال و قالت بمودة
( آآآه العمر يمر بسرعة ....لقد أصبح ذلك الفتى العابث الذي يرهقني بموسيقاه المزعجة , أبا مسؤولا .....وحيدا و حزينا ... )
ارتجفت شفتي تيماء و همست بخفوت
( الا يزال يرهقك بموسيقاه ؟!! ........... )
ابتسمت امتثال و قالت مستسلمة
( الحقيقة أنني لم أعد أسمعه يعزف على جيتاره منذ سنواتٍ طويلة .... لقد توقفت الموسيقى في هذا البيت منذ وقت طويل ......)
شردت عينا تيماء و اسبلت جفنيها بحزن .... فقالت امتثال بمرح
( البركة في عمرو الآن .... فما أن يصل الى هنا حتى ينقلب هدوئنا الى مفرمة اللحم ..... من شابه أباه )
ارتفع حاجبي تيماء و نظرت الى الطفل الهادىء و سألت بذهول
( هل هو مشاغب ؟!! ...... حتى الآن لم أسمع منه سوى ثلاث كلمات و نصف .... على أساس أنه لا يكمل اسم تيما ...... )
ضحكت امتثال و قالت
( من الواضح أنكِ لم تريه منذ فترة طويلة ....... إنه كفرقع لوز .... يسير على الجدران و يتعلق في الثريات .... )
نظرت تيماء بصدمة الى الطفل الهادىء مطرق الوجه .... ثم قالت بخفوت
( من الواضح أنه قد ورث بعض موروثات الجنون من عمه ........ )
قالت امتثال باهتمام
( عمه ؟!! ........ هل لديكِ خال آخر ؟!!....... )
تداركت تيماء نفسها و قالت مبتسمة بود
( عمه قاصي ... ادعوه بذلك لأنه عم الجميع في المصائب ..... أنا دائخة حتى الآن مما يفعله بي .... أتلقى منه كل لطمة و أخرى ..... حتى تورمت وجنتي من شدة حبه ..... )
ضحكت امتثال و قالت بمرح
( أصدق هذا ..... انه عشرة عمر و كثيرا ما جعلني أفكر في الإنتقال من هنا جديا ..... اذن أخبريني الى أين كنتما ستذهبان منذ الصباح الباكر ؟!! ........ )
رفعت تيماء عينيها البراقتين بغضب استعادته فجأة و ابتسمت بقسوة و هي تقول مدعية المرح
( أنوي خطف هذا الصغير ...... أخبري قاصي ذلك بالنيابة عني ....... )
ضحكت امتثال و قالت بمودة
( امضيا وقتا طيبا ......... )
تحركت تيماء ممسكة بيد عمرو ..... فنادت امتثال من خلفها
( دعينا نراكِ كل فترة يا تيماء ......... )
رفعت تيماء ملوحة بيدها دون أن تلتفت للسيدة امتثال .... بينما تهمس بقسوة
( من يدري ........ من يدري متى سيكون اللقاء ....ربما سأهاجر قبلك يا سيدة امتثال ... )
........................................
حين صدم الهواء البارد وجهها ... أغمضت تيماء عينيها و أخذت منه نفسا عميقا قدر المستطاع .... كي تهدىء من نفسها ....
الى أن سمعت صوت عمرو يسألها ببساطة
( الى أين سنذهب يا تيما ؟؟؟ .......... )
نظرت اليه تيماء بصمت دون أن تتخلى عن كفه الصغير .... ثم قالت بهدوء
( أولا سنذهب لنستعيد سيارتي ..... ثم نشتري بعض الملابس لي و لك .... و بعدها سنمضي وقتا طويلا مرحا سويا ..... لدينا وقت العالم كله ..... ما رأيك ؟؟ ...... )
ابتسم عمرو حتى ظهرت أسنانه و قال بسعادة
( نعم ........... و هل نشتري بعض الحلوى ؟؟ ..... )
قالت تيماء و هي تسحبه معها
( سنشتري كل الحلوى التي تريد لو أحسنت التصرف و أبقيت يدك في يدي ....... اتفقنا ؟؟ ...)
حرصت أن تكلمه كما يكلمه قاصي تماما كي تكسب ثقته و طاعته .... طالما أنه من النوع العفريت يجب عليها أن تستميله أولا ....
رفعت تيماء وجهها و قد اختفت منه كل ملامح المودة و المرح الزائف .... و بقت الملامح القاسية ....
ملامح أنثى مجروحة بسكين الخيانة ...
.................................................. .................................................. ...............
" أبعدها ....... و ابتعد ....... "
لا يزال يذكر هاتين الكلمتين بوضوح ...... على الرغم من مرور خمس سنوات على سماعهما ...
كلمتان بسيطتان في ظاهرهما .... الا أنهما كانتا تضمان تهديدا واضحا بين حنايا أحرفهما القليلة .....
صوت سليمان الرافعي كان قويا و مسيطرا ....
أراد التخلص منها و ..... منه .....
و قد تصادف أن ألقى بهما القدر في طريق أحفاده ..... كليهما ....
هو و ..... ريماس .....
كان يعلم قبل أن يحصل على مزيدٍ من التفاصيل .... أن التهديد لا يشمله , فلو كان يخصه لما كان قد رضخ ....
لكن التهديد كان متجها الى تيماء .... تيماء التي نقلوها بعديا عنه سرا , بعد أن عرف بما اقترفه والدها في حقها .....
كان كالمجنون حين علم ..... و انتهى به الأمر كالثور الهائج في كل مكان الى أن وصل لسالم الرافعي و قام بكسر ذراعه ...
و تلك الذراع كان ثمنها غاليا ..... غاليا جدا ....

قست عينا قاصي وهو يراقب الحديقة الممتدة أمامه ... جالسا على أحدى المقاعد العامة .... يمد ساقيه أمامه بينما يدس يديه في جيبي بنطاله ...
لا يعرف تحديدا كم ظل جالسا هنا ..... تجرفه ذكرياتٍ و ترميه أخرى ....
لكن كل موجةٍ منها كانت تعود به الى نفس الشاطىء .... تيماء..... بره الآمن .....
كان ينتظر هذا اليوم منذ سنوات و يعرف جيدا ماذا ستكون ردة فعلها .... الا أنه أجل اكتشافها عن سبق اصرار و ترصد حتى تصبح ملكه .... كي يقيدها به للأبد ....
أخبرها مرة منذ سنوات طويلة أن التراجع ليس خيارا بالنسبة له .... مهما اكتشفت مدى السواد الذي يحيط به ...
و كان عليها أن تعرف بأنه لم يكن يمزح في هذا ......
حين يجد من هو مثله أرضا ووطنا .... يصبح القتال دفاعا عنها حقا مشروعا بكل الوسائل ...
و تيماء هي أرضه ...... أرضه المهلكة .....
( تبدو معضلة عويصة للغاية !! ........ )
افاق قاصي من أفكاره القاتمة الهائجة على صوت رجلٍ متقدم في العمر يجلس بجواره .....
نظر اليه قاصي بطرف عينيه وهو يتسائل متى جلس هذا الرجل هنا ... و كيف لم يشعر به .....
كان بسيط الملابس ... ودود الملامح , عيناه تثيران الشفقة تلقائيا ....
لكن قاصي لم يكن في حالٍ يسمح له بالشعور بالشفقة تجاه أي مخلوق في الوقت الحالي فقال بجمود
( هل كلمتني للتو ؟!! ........ )
ابتسم الرجل بمرح فازدادت الخطوط عمقا في بشرته الشاحبة وهو يقول
( أنت جالس هنا منذ ما يقرب من الساعتين .... على نفس الحال و نفس الملامح المتجهمة , يبدو أنك لم تجد الحل بعد لمعضلتك ...... )
نظر قاصي أمامه ... بينما تطايرت خصلات شعره متناثرة على جبهته ووجهه ..... ثم قال بصوتٍ اكثر جمودا
( و لا يبدو أنها ستحل أبدا ..... علينا فقط تقبلها ..... )
ارتفع حاجبي الرجل بفضول و قال مهتما
( يبدو انك شاب عميق ..... حسنا أخبرني ماذا يفعل عميق مثلك هنا في مثل هذا الصباح الباكر بمفرده .... لمدة ساعتين ... و ربما ستنتظر مثلهما .... )
ظل قاصي صامتا ... متجهم الوجه , لا تحمل ملامحه أي مودة , ثم قال بجفاء أخيرا
( زوجتي طردتني من البيت ....... )
ارتفع حاجبي الرجل أكثر وهو يسمع عبارة قاصي المختصرة ..... ثم قال بذهول
( يالها من صدفة !! ..... أنا أيضا زوجتي طردتني من البيت .... )
نظر اليه قاصي بشك .... ثم قال بخشونة
( لا ..... أنت اختلقت القصة للتو ...... )
رد عليه الرجل صادقا و بجدية
( هل يعقل أن يختلق رجل في مثل عمري قصة كهذه ؟!! ..... أنا أيضا طردتني زوجتي من البيت و بصراحة كنت أشعر بشعورٍ سيء حيال نفسي .... لكن رؤيتي لك في مثل حالي جعلتني أشعر بشعورٍ أفضل ..... يا محاسن الصدف ..... )
نظر الرجل أمامه و أدخل يده المرتعشة في جيب بنطاله ثم أخرج قرطاسا من الورق ... فتحه بحرص , ثم مده الى قاصي وهو يقول بجدية
( افتح يدك و خذ بعض السوداني ...... لنتسلى قليلا و أنت تقص علي سبب طرد زوجتك لك , بينما أنت ضخم الجثة و في حجم باب الدولاب .... )
زفر قاصي بضيق الا انه مد يده للرجل و تناول منه القليل من السوداني ,, ثم عاد لينظر أمامه قائلا بجمود وهو يتناول بعضا منه
( لتبدأ أنت ...... لماذا طردتك زوجتك ؟؟ .... هل هي معتادة على ذلك ؟!! ..... )
تناول الرجل حبة سوداني وهو يقول بحسرة و ذهول
( خمسة و أربعون سنة هي عمر زواجنا ....... لم يحدث أن رفعت صوتها بوجههي حتى , .... لم يحدث أن غضبت مثل باقي النساء .... و اليوم أفاجأ بانفجارها في وجههي تعدد كل ما قصرت به في حقها ..... )
صمت الرجل وهو يهز رأسه في ذهول ... ثم لم يلبث أن قال مصدوما
( لقد تذكرت بعض المواقف التي مر عليها عشرون .. و ثلاثون عاما و اكثر ...... و كأنها كانت تختزن كل ذلك لتفجره في وجهي يوما ما ..... )
عاد ليهز رأسه أسفا وهو يتناول بعض حبات السوداني بدون شهية .... ثم قال مفكرا
( بصراحة أنا ظننت أنها تعاني من نوبة خرف أو ما شبه ..... لكن و بينما هي تنفجر ... وجدت أنني بالفعل أتذكر بعض مما كانت تحكي عنه ..... مواقف تافهة .... لم أظن يوما أن تعلق بذاكرتها بتلك الصورة .....
يا مؤمن لقد تذكرت جوربا صوفيا يخصها كنت قد قصصته لأستخدم قطعة منه في رتق طاقيتي الصوفية ذات نفس اللون .... منذ خمسة عشر عاما !!! )
نظر اليه قاصي بملامح قاتمة ... شديدة الجمود , ثم قال بصوتٍ اجش خافت
( تتذكر لك مواقف تافهة بعد كل هذا العمر ؟!! ..... ماذا لو كنت قد آذتيها بحق ؟!! .....أذية لا يمكنها أن تنساها أو تغفرها ...ماذا لو كنت لا تستحقها من الأساس ؟!! .. ماذا كانت لتفعل بعد كل تلك السنوات من الصبر ؟؟ ...... )
نظر اليه الرجل بوجهٍ مغضن و مفكر .... ثم لم يلبث أن قال بصدق
( ربما حينها لم تكن لتحيا كل تلك السنوات معي ..... ربما لكنت قد فقدتها منذ وقتٍ طويل في احدى نوبات الالم .... و عشت بعدها أبكي على ما اقترفته ..... )
انقبض صدر قاصي فجأة و غص حلقه فسعل بشدة ..... بدا سعاله مخيفا ووحشيا تقريبا , فذعر الرجل من منظره و أسرع في النهوض من مكانه ليقف خلف قاصي و يضرب على ظهره بكل قوة ...
استمر سعاله للحظات الى أن هدأ بالتدريج .... و بدأ يعود الى طبيعته , فقال الرجل بقلق
( هل أنت بخيرٍ الآن ؟!! ....... )
أومأ قاصي برأسه وهو يسترد أنفاسه بصعوبة .... ثم نظر أمامه بصمت و قد شحب وجهه قليلا , الا أن عيناه قد ازدادتا عمقا و بشدة ....
فجلس الرجل بجواره بحرص و قال بخفوت
( كفى كلاما عني الآن .... و أخبرني عنك , لماذا طردتك زوجتك من البيت ؟؟ ...... )
ظل قاصي على صمته و ملامحه القاتمة المتباعدة .... قبل أن يقول بجمود شارد
( أشياء تافهة ......... )
بدا بوضوح أنه غير صادق , بعكس الرجل الذي تكلم بعفوية و صراحة شديدة .... الا أنه لم يصر عليه , بل نظر اليه بتفهم , ثم لم يلبث أن قال بمرح
( حسنا اذن أخبرني عن زوجتك ......كيف تبدو؟؟ هل هي معتادة على العصبية ؟؟ .... )
ساد صمت طويل و قاصي يبدو شاردا تماما .... و ملامحه كئيبة و كأنه قد ازداد عمرا و أصبح يماثل الرجل الجالس بجواره عمرا .... لكن الفارق ان ملامح قاصي لم تكن مرتاحة كملامح هذا الرجل رغم ضيقه ... بل كانت ملامحه تبدو معقدة .... شديدة السواد ....
الا زاوية شفتيه !! .... فقد التوت في شبه ابتسامة ....
ثم قال بعد فترة طويلة بصوتٍ خشن وهو يبتسم
( إنها تبدو كالجنية .... شديدة الشقاوة و العرفتة ..... عيناها تلمعان كالجواهر و بريقهما خبيث ..... يمكنها أن تثير جنون أعقل الرجال و هي ....... و هي مهلكة بحق , حين تتملك منك , لا تترك الا و قد تشعبت و احتلت كل ذرة من كيانك ..... شديدة التملك الى درجة تثير الغيظ و الضيق .... لكنه مع الوقت يصبح تملكا يشعرك بالملوكية ....... إنها من النوع الذي تجده مرة واحدة في الحياة ان كنت محظوظا بما يكفي .... قد تتعرقل به .... أو قد يقع أمام باب بيتك في يوم من الأيام .... )
صمت قاصي حين تحشرج صوته حتى خفت تماما .... ثم لم يلبث أن قال بجفاء عميق
( هي أرضي و عائلتي ........ هي ..... هي ابنتي ..... )
عاد ليصمت قليلا , ثم ضحك بقسوة و تابع و قد نسي الرجل بجواره تماما
( ما عرفت طعم الأبوة أبدا ..... الا حين دخل عمرو الى حياتي , وحين عرفت ذلك الشعور .... صدمت بأنه قريبا جدا لما أشعر به تجاهها منذ سنواتٍ طويلة .... إنها نسخة مكبرة منه , لكنها نسخة أكثر دفئا و أكثر جنونا .... و حضنها يتسع لرأسي دائما ..... )
صمت قاصي وهو يعقد حاجبيه ..... ثم قال بعد فترة طويلة بشراسة
( إنها تخصني ..... هي وحدها لا غيرها , و أنا أخصها ...... حتى لو كان هذا ينافي كل منطقٍ لعين .... )
صمت قليلا ثم همس بصوتٍ متوحش خافت
( كلما سألني أحد إن كنت فعلا أحبها الى تلك الدرجة , أشعر بالغضب و الإستياء .... فكلمة الحب تلك مناسبة أكثر لقصة وردية .... أما العلاقة بيني و بين تيماء , أقوى من ذلك ...... المنطق هو أنها خلقت لي و خلقت لها .... هذا هو المنطق الذي أفهمه أنا .... و بدونه لا تستوي حياة كل منا ...... الحب ليس طرفا في الأمر ..... بل هي العودة وطنٍ غبت عنه ....... و لن يكون من حقها انتزاعه مني لمجرد أنها اكتشفت انني الشخص الذي حذرها الجميع منه دوما ...... )
عاد قاصي ليصمت وهو يلهث قليلا .... و حين طال الصمت , التفت ينظر بجواره , فوجد أن الرجل الجالس على المقعد بجانبه قد راح في سبات عميق و قد ارتاحت رأسه على عنقه منحنية ....
نظر اليه قاصي طويلا ... بملامح غريبة , تكاد أن تكون أقرب الى الحسد ....
ثم أخرج من جيبه قلما .... و انتزع القرطاس الورقي من يد الرجل ... ففتحه و كتب عليه عبارة واحدة
" حينما تستيقظ .... عد الى زوجتك من فورك , اطلب العفو منها و اشتري لها جوربا جديدا ..... انتهز الفرصة فمشاكلك معها قابلة للحل ....... لكن هناك فجواتٍ سوداء بين الرجل و امرأته , لا تحل الا بانكسار الروح ......ليت زوجتي الصغيرة كانت تحتاج فقط الى جوربا صوفيا أحضره لها مع بداية الشتاء ..... ليتني أملك ما تحتاج اليه ..... امضاء : الزوج المطرود الذي كان يجلس بجوارك "
طوى قاصي الورقة بوجه متجهم .... ثم وضعها بحرص في جيب قميص الرجل النائم .....
و نهض مندفعا ....... ينوي استعادة الجزء المتبقي من روحه و الذي لن يسمح لأحد بانتزاعه منه .... حتى هي ....
.................................................. .................................................. ....................
صعد قاصي السلم جريا .... كل درجتين معا ....
لا يرى أمامه سوى عينيها الفيروزيتين المتألمتين ..... لا يستشعر على صدره الا احتضان جسدها الدافىء الصغير ....
يداه تتوقان الى الاندفاع بين أمواج شعرها المجنون ........ يريد فقط أن يضمها الى صدره و يغمض عينيه كي يرتاح .... لم يشبع منها بعد كي تبعده عنها بهذه القسوة ....
القسوة ليست غريبة عنه ..... لكنها غريبة عن تيماء .... تلك التي كانت مرفأه دائما .....
أسرع الخطا جريا .... و ما أن وصل الى البيت أخرج المفتاح بأصابع خرقاء و فتحه بعنف , قبل أن يدخل مناديا بكل قوة
( تيمااااااء ......... تيمااااااااء ....... )
وقف مكانه قليلا و هو لا يجد اجابة سوى صدى صوته .... فعقد حاجبيه قليلا بينما صدره ينخفض و يتعالى بسرعة .... ثم تحرك ليبحث عنها في كل مكان ... الى أن تأكد بما لا يقبل الشكل أنها قد غادرت !!! ...
وقف قاصي وهو ينظر حوله كالمجنون , ثم نادى بعنف
( عمرووو ....... عمرووووو ...... )
لكن ايضا لا جواب ...... شعر فجأة و كأن أحدهم قد ضرب صدره بمطرقة حديدية ....
أغمض عينيه بقوة وهو يرفع كفه هامسا
" حسنا اهدأ .... اهدأ ..... لا تفقد السيطرة على نفسك .... ربما كانت تشتري بعض الأغراض من مكان مجاور فحسب ..... "
أخرج هاتفه من جيبه بعنف و سارع في طلب رقمها .... الا أن الهاتف المغلق كان هو المجيب عليه ...
أسقط قاصي يده وهو ينظر امامه بملامح جامدة .... لا تعبر عن شيء من الطوفان بداخله ...
استمر به الصمت عدة دقائق طويلة .... مخيفة ... قبل أن يتراجع و يخرج من البيت مغلقا الباب خلفه صفقا ...
من المؤكد أنها لم تأخذ عمرو معها ..... اذن أين يمكنها تركه سوى لدى أحد الجيران ....
ضرب قاصي جرس الباب لشقة السيدة امتثال و ما أن فتحت له الباب مبتسمة حتى قالت بسعادة
( آآآه ها قد أتيت .... لماذا لم تخبرني بمجيء تيماء بعد كل هذه السنوات .... ما شاء الله لقد ازداد طولها و أصبحت عروس ....... )
شعر قاصي بالراحة قليلا ... الا أنها كانت راحة متوجسة .... فهل تركت عمرو و غادرت ؟!! ...
سيكسر عظامها الرقيقة واحدة تلو الأخرى بتمتع لو فعلت هذا .... تيماء هي ملكه الوحيد في هذه الدنيا و لن يسمح لها بانتزاع الشيء الوحيد الذي يمتلكه ....
تكلم قاصي بصوتٍ أجش
( هل هما لديكِ سيدة امتثال ؟ ......... )
ردت عليه امتثال قائلة
( لا .... ألم تتصل بك تيماء ؟!! .... لقد أوصتني باخبارك أنها ستخطف عمرو اليوم بأكمله ..... )
ضحكت السيدة امتثال و بدأت تحكي عن أشياء لم يسمعها قاصي ...
فلقد توقف ذهنه تماما .... و تسمرت ضلاته .... بينما بدت عيناه كجمرتين من الغضب .... و الخوف على كليهما .....
.................................................. .................................................. ...................
لوحت تيماء بيدها الى عمرو الذي كان يصرخ ضاحكا وهو جالسا باحدى عربات الألعاب الكهربية بأحد المجمعات ....
الولد فعلا كالعفريت .... كان يخدعها تماما بخجله في البداية و ما أن تعود عليها حتى انطلقت طاقاته العفريتية .... و أوشك على أن يسير على الجدران بالفعل كما قالت السيدة امتثال ....
ابتسمت تيماء بقوة و هي تشير اليه مشجعة من خلف السياج ... و ما أن انشغل عنها , حتى تساقطت ابتسامتها , حتى بدا الوجه البائس من تحتها و هي تراقبه بصمت ....
الآن ستبدأ طريق طويل في البحث عن جواب .... و ستحصل عليه , لكن ليس من قاصي ...
لكن تثق بكلمة واحدة مما سينطق بها بعد الآن .....
همست تيماء بصوتٍ جاف ميت
( بمن أبدا ؟؟؟ ........ و هل أملك الكثيرين كي أستعين بهم ؟؟ ........ )
ابتسمت بمرارةٍ و هي تراقب عمرو ..... فيما يخص تلك العائلة الواسعة ... لم يمنحها المساعدة سوى شخصين اثنين فقط .... سوار و فريد .....
لقد تركت لها سوار رقم هاتفها و طلبت منها أن تتصل بها لو احتاجت أي شيء ......
لكن ما علاقة سوار بالأمر ؟؟ .... و هل سيكون لديها أي معلومات ؟؟ .....
لقد لاحظت في الفترة التي مكثتها في البلد أن هناك نوعا من التوتر و القطيعة من جهة سوار تجاه راجح ....
وهو في النهاية ابن عمها .... ربما كانت تعرف عنه أكثر منها .... بالتأكيد تعرف ....
أطرقت تيماء برأسها و أخرجت هاتفها من حقيبتها و بأصابع ثابتة ... طلبت رقم سوار .....
حين أتاها الصوت الأنثوي الخافت .. قوي النبرة , قالت تيماء بتردد
( صباح الخير يا سوار ....... إنه أنا تيماء ....... )
ردت عليها سوار قائلة بلهفة
( تيماء ........ كيف حالك , أخبريني عنكِ , كان رحيلك بتلك الطريقة ....... )
قاطعتها تيماء تقول بصوتٍ مختنق قليلا و هي تستدير مستندة الى السياج بساقين رخوتين
( أنا بخير يا سوار .... قد حدث ما حدث و انتهى الأمر .... أنا بحاجة لبعض الأجوبة يا سوار ... أعرف أن ظروفك صعبة و أنني أثقل عليكِ الآن .... لكنني مضطرة ارجوكِ ساعديني ..... )
عقد سوار حاجبيها و استقامت في مقعدها بجوار نافذة غرفتها و قالت بتوجس
( ما الأمر يا تيماء ...... أخبريني ...... )
عضت تيماء على شفتيها قليلا ... ثم قالت بحزم قبل أن تتردد أكثر
( سوار قد يبدو سؤالي غريبا قليلا .... لكن رجاءا الجواب هام جدا بالنسبة لي ..... راجح ابن عمك .... ألديه طفل من زواج سابق ؟؟ ..... حسب ما اعرفه أن زواجه ببدور لا يزال عقد قران ..... )
تحفزت عضلات سوار و هي تعقد حاجبيها بحدة .... بينما برقت عيناها بسطوة غاضبة ...
الا أنها قالت بصوتٍ متصلب
( نعم ....... لديه طفل , لكنه بعيد عن العائلة منذ مولده .......كيف عرفتِ عن الأمر ؟؟ ... )
فغرت تيماء شفتيها و رمشت بعينيها و الشك لديها يتحول الى يقين مع كل لحظة تمر .... الا أنها تحتاج المزيد .... لن تترك الأمر عند هذا الحد , فقالت تسأل سوار بقوة
( هل لا يزال متزوج من أم الولد ؟؟؟ ...... أرجوكِ يا سوار أخبريني ..... هل تعرفين شيئا أكثر ؟؟ ... )
كانت سوار تتنفس بحدة و غضب من ذكرى تلك القصة الكريهة بالنسبة لها ... الا أنها اجابت بهدوء دون أن تخوض في الأعراض و هي تعرف سبب الزواج جيدا
( لقد طلقها منذ فترة طويلة ..... لم يقبل بها جدي كفرد في العائلة ...... )
هبط قلب تيماء بين قدميها و أظلمت عيناها ...... ثم سألتها بخفوت شارد
( عمر الطفل حوالي خمس سنوات .... اليس كذلك ؟؟ ...... )
ساد صمت قصير ... جعل أعصاب تيماء تتحفز و تتوتر .... حتى اوشكت على الاحتراق قبل ان تجيب سوار بحيرة
( بل ثمانية على ما أعتقد ..... مر على أمر الطفل ثمانية سنوات ....... )
استقامت تيماء فجأة قفزا .... و تصلبت ملامحها بعنف عاقدة حاجبيها بشدة .... ثم لم تلبث ان استدارت تنظر الى عمرو الذي كان لا يزال يضحك وهو مستقلا للعربة الكهربية ....
ففغرت شفتيها و قالت و الهاتف لا يزال على اذنها
( خمسة يا سوار .... لا يمكن أن يكون أكبر من خمس سنوات .... ربما تكونين قد أخطأت العد أو نسيتِ بعد مضي كل تلك السنوات ...... )
قالت سوار بصوتٍ أكثر تصلبا
( بل ثمانية .... أنا لن أخطىء عمر تلك القصة يا تيماء ..... عليها اعتمدت الكثير من الأمور بحياتي ... )
فغرت تيماء شفتيها و هي تراقب عمرو الذي كان يلوح لها بقوة .... ثم همست
( لا أفهم ..... لا افهم ........ )
ردت عليها سوار بقوة
( أخبريني عن الأمر يا تيماء و حالا ..... أي شيء قد يخصك و يخص راجح ؟؟ ...... هذا الشخص شديد الخطورة يا تيماء , لا تعبثي معه ..... )
همست تيماء و هي لا تزال في حالة من اللا وعي ... اللا فهم .... التداعي ....
( ليت الأمر كان عبثا يا سوار .... ليته كان .... لقد تعبت جدا ...... والله أنا تعبت , لم أظن أن يفعل بي قاصي ذلك .... )
قالت سوار بحدة
( ماذا فعل بكِ قاصي .... و ما علاقة راجح بالأمر ؟؟ ...... )
قالت تيماء ترد عليها بخفوت
( سوار .... هلا كلمتك بعد قليل ..... رجاءا لا أستطيع الكلام الآن ..... )
الا أن سوار قالت بسطوة
( لن يحدث ..... الآن أخبريني الامر من أوله و بالتفصيل ...... طالما أن اسم راجح قد دخل في الأمر فلن أتركك أبدا ..... )







يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:30 PM   #5576

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

( أريد ابني ..... أرييييد أبني حالاااااااااااااااااااا )
صرخت ريماس بجنون و هي تدور حول نفسها في شقتها الصغيرة .... بينما كان قاصي يجلس أمامها مطرق الرأس .... مستندا بمرفقيه الى ركبتيه .....
لا يجد ردا .... فما كان منها الا أن صرخت بقسوة أكبر
( لماذا أنت صامت بهذا الشكل ؟؟ ....... قم و ابحث عنهما تحت الارض ... أريد ابني حالا ...... )
بقى قاصي على صمته بينما ازدادت قتامة ملامحه .... ثم قال بصوتٍ أجش
( اهدأي يا ريماس ..... غضبك سيزيد الأمر سوءا ليس الا ....... )
توقفت ريماس عن الدوران و التفتت اليه صارخة بذهول
( أهدأ !!! ...... أهدأ !!!! ..... هل هذا هو كل ما تملكه لتخبرني به ؟!!! ..... لقد اختطفت تلك المجنونة أبني بسببك و انت تجلس هنا هادئا بل و تدعوني للهدوء أيضا !!!!! )
رفع قاصي وجهه الغاضب اليها و هتف بقوة
( ابنك أنا المسؤول عن اعادته لكِ سالما ..... أعتقد أنكِ بعد كل تلك السنوات بتِ تعرفين أنني أجيد حماية من هم تحت رعايتي ....... )
ضحكت ريماس بصوتٍ عالي مجنون ... ثم هتفت بقسوة
( واضح ..... واضح للغاية ...... كيف يمكنك تركه لها للمرة الثانية ؟؟ ...... )
قال قاصي ملوحا بيديه بعصبية
( تيماء ليست مجرمة أو خاطفة أطفال .... أنا بالفعل قلقا علي كلا منهما , الا أنني لا أخاف من تيماء ... أنا أثق بها أكثر من نفسي ..... )
صرخت ريماس فجأة بجنون أكبر
( يا غبي ..... يا غبي ..... أنت لا تعرف كيف يمكن للغيرة أن تحول المرأة الى مجرمة ..... خطيرة على نفسها و على غيرها ..... لقد تركت لها ابن غريمتها ....... )
نظر اليها قاصي ثم قال قبل أن يفكر
( لم تكوني يوما غريمتها ........... )
بهتت ملامح ريماس فجأة .... و شحب وجهها ..... بينما بدت عينيها غائرتين و شديدتي العمق ... ثم قالت بصوتٍ واهي ضعيف
( كم هذا رائع !! ..... الا يكفي أنك قد أضعت ابني , بل و تجلس هنا لتجرحني بكل قسوة ....... )
نهض قاصي من مكانه و اقترب منها بينما استدارت بعيدا عنه و هي تضع يدها على جبهتها .... و حاولت الابتعاد حين وضع يديه على كتفيها , الا أنه شدد عليهما كي لا تبتعد و قال بجمود
( أنا لم أقصد أن أجرحك يا ريماس ..... أنا أجرح كل من يقترب مني دون أن تكون لدي النية المبيتة لذلك ... الا من هم ضمن قائمة محددة .... و أنتِ بالتأكيد لست واحدة منهم ..... )
رفعت وجهها الشاحب اليه .... تنظر اليه نظراتٍ خاصة , بات يفهمها بوضوح مؤخرا و يعمل جاهدا على تجاهلها .... ثم قال بصوتٍ أجش وهو يشدد على كتفيها
( أنتِ تثيرين غضبي كثيرا ..... الا أنني لن أتخلى عن حمايتكما أبدا ...... )
نظرت ريماس الى عينيه و قالت بصوتٍ مشتد و متوتر
( لن تتخلى عنا .... رغبة في ذلك أم رغبة في قهر من ظلموك أكثر ؟؟ .......... )
أظلمت عينا قاصي و قال بخشونة وهو يبعد يداه عنها
( هل هذا وقت مناسب لمثل هذه التفاهات !! .......... )
استدارت ريماس بعيدا عنه و رفعت رأسها مغمضة عينيها و هي تهتف بأسى
( معك حق ....... ها أنت قد أضعت ابني .... و قد اخطفته حبيبتك الصغيرة بينما أنا أقف هنا و استجدي منك بعض العطف ....كم هذا مثير للشفقة ..... )
زفر قاصي بقوة وهو يحك جبهته بيده ... ثم التفت اليها قائلا بصرامة
( أنت متوترة الآن و خائفة .... و هذا حقك ...... ارتاحي هنا و انتظريني , لن أعود الا به ...... )
ثم تركها و خرج بينما وقفت تنظر الى خروجه بعينين ضائعتين و غائرتين ..... شديدتي الأسى .....
.................................................. .................................................. ......................
كان يدور بسيارته كالمجنون في كل مكان .....
منذ أن اكتشف أنها قد حررت سيارتها .... و قد ازداد خوفه أضعافا .....
هي لا تعرف أحدا هنا ..... سوى مسك ..... و التي اتصل بها منذ الصباح الا أنها أجابته بحيرة أن تيماء لم تذهب اليها و لم ترها منذ أن تركتهما .... و قبل أن تزيد في الأسئلة كان قد أغلق الخط بقوة ....
الآن و بما أنها في مدينة غير مدينتها .... و قد حررت سيارتها , فمن المنطقي أن تعود الى مدينتها ...
لكن هل يعقل أن تأخذ عمرو معها كي تعاقبه !! .....
لم يكن ليدع الأمر للظنون أكثر .... حين مرت ساعات النهار ببطىء وهو يبحث عنها دون جدوى ...
أتخذ قراره و خرج الى الطريق السريع بكل قوته .... متجها الى مدينة تيماء للبحث عنها ...
و خلال الطريق الطويل كانت عيناه ترسمان له صورا مروعة عن كافة حوادث الطرق التي من الممكن ان تكون قد تعرضت لها هي و عمرو ...
و مع كل صورة كان يشعر بأنفاسه تزهق بين أضلعه .... و صدره يتمزق إربا ... فيزيد من سرعته ....
المنطق يخبره بوضوح أنها ستهجره و تعود الى حياتها السابقة ...
لكنه كان يُكذِب كل منطق ..... كان يصدق روحه فقط فيما يخصها .....
زاد من ضغط قدمه على محرك السرعة ..... و بدت عيناه في جنون مختلٍ عقليا .... لا ينوي على شيء سوى الدفاع عن نفسه و استعادة أملاكه ....
.................................................. .................................................. ..................
سمعت مسك صوت المفتاح في الشقة ... الساعة الثانية عشر ليلا .... فارتفع حاجبيها بعجب و تركت الكتاب من يدها قبل أن تنهض من فراشها و تجري للخارج لترى من أتى في مثل هذا الوقت ....
قالت مسك بقلق
( أبي !! .......... متى وصلت و لماذا لم تخبرني بموعد عودتك ؟؟ ..... )
دخل سالم يجر قدميه و قد بدا متعبا جدا ..... مظلم العينين ممتقع الوجه أكثر مما عهدته يوما , فقالت بقلق
( أبي هل أنت بخير ؟؟ ..... )
أومأ سالم برأسه و قال بخفوت مجهد
( نعم ...... نعم ..... لقد وصلت للتو , ربما أرهقني السفر فحسب ..... )
جلس على الأريكة وهو يرجع رأسه للخلف قليلا كي يرتاح , فجلست مسك بجواره و نظرت اليه عاقدة حاجبيها ثم قالت بقلق
( لا ..... أنت لست بخير يا أبي , ماذا حدث أخبرني ؟؟ ....... )
ظل سالم ينظر الى السقف طويلا وهو يحك جبهته قبل أن يقول بصوتٍ كئيب
( أختك المحترمة ....... تزوجت الوضيع دون علمنا ووضعتنا أمام الأمر الواقع ..... )
اتسعت عينا مسك بذهول و هتفت
( تزوجا فعلا ؟!! ........ متى و كيف ؟؟ ........ )
ظل سالم صامتا وهو يشعر بالخزي و المهانة , ثم قال أخيرا
( أول أمس .... جائا الى البلد بكل وقاحة , ممسكين بأيدي بعضهما ....... تخيلي بنتي أنا تضعني في هذا الموقف أمام الجميع ..... )
فغرت مسك شفتيها و همست
( ياله من مجنون !! ............... )
نظر اليها والدها بغضب و هتف
( هل هذا كل ما تملكينه ؟؟ .... ياله من مجنون !!! ...... )
رفعت مسك كتفيها و قالت بخفوت
( ماذا تريد مني القول غير ذلك يا أبي ؟؟ ...... لقد حاولتما التفريق بينهما على مدى سنواتٍ عديدة و لم يفلح الامر ..... فلتسلمو اذن ... لم تكن تيماء يوما محل اهتمامكم , فلماذا الآن ؟؟ ..... )
نظر اليها سالم بذهول و هتف بغضب
( ما هذا البرود يا مسك ..... لقد أهدرت كرامتي في الوحل و بقيت مكاني بكل تدني أراقب رحيلهما دون ان أتفوه بكلمة خوفا من الفضيحة ........ )
نظرت اليه مسك طويلا ثم قالت بعملية
( انسى امرها يا أبي كما كنت تفعل طوال كل تلك السنوات ....... لا تأبه بطريقة الحياة التي اختارتها ... )
تعاظم ذهول سالم وهو ينظر اليها غير مصدقا لما يسمعه منها .... ثم قال بخفوت مصدوم
( ما بالك يا مسك !! ...... ما بالك !!! ....... )
لم تهتز ملامحها الساكنة و هي تقول بفتور
( ما بالي يا أبي !! ...... أنا أتكلم بعملية , لم تهتم لأمرها يوما .... كيف تشعر بالغضب الآن لمجرد أنها قد اختارت الشخص الغير مناسب للعائلة و القوانين ؟!! ......أنا أخبرك لماذا .... لأنها حين كبرت و اصبحت عروسا تليق بحمل وريثا لك , أصبحت لها أهمية قصوى .... خاصة و أنني حرمتك من هذا .... )
استقام سالم جالسا و أمسك بكتفيها يقول
( ما هذا الذي تخبريني به يا مسك ؟!! ..... هل ترينني أنتِ أيضا لست أكثر من طامع في الأرض ؟!! .... )
عادت مسك لتهز كتفيها و هي تقول بهدوء
( ليس طمعا يا أبي ..... أنا مقدرة لموقفك , الأرض تكون أغلى من الولد أحيانا ... ذلك هو الشعور الذي نشأتم عليه , و لم يشأ الله أن يكون لك ولد ليرث لك أرضك ..... و الحل الوحيد في أحفاد يحملون اسم الرافعي عن طريق زواج تيماء بأحد أبناء أعمامها ..... لن ادعي المثالية و أقول أن الامر مادي و غير مهم .... أعرف أنه شيء صعب عليك ..... لكن في النهاية تظل تيماء روح ... انسانة ..... لا تملك أدنى فكرة عن الأولويات في حياتكم و قد نشأت بعيدا عنك فبالتالي لا تحملان لبعضكما أي مشاعر ..... ليس من المنطقي أن تخضع لكم فجأة هكذا و دون مقدمات لمجرد انكم طلبتم منها ذلك ..... )
صرخ سالم بغضب
( لقد تزوجت ابن زنا ...... تزوجت من ل ........ )
قالت مسك بقوة و هي تدير وجهها عنه
( رجاءا يا أبي ..... لا أحب سماع التالي ....... )
هتف بها سالم بغضب
( ما الذي يملكه ذلك الولد و يجعلكم تتعلقون به بهذا الشكل ؟!! ....... هل سحركم جميعا ؟! ... )
التفتت اليه مسك و قالت بقوة
( أنت من وضعته في حياتنا يا أبي .... من اين كان لنا معرفته قبل أن تنشئه بيننا ؟؟ .... )
صرخ سالم بغضب أكبر
( كخادم ...... عينته كخادم لكما ليس أكثر ..... )
هزت مسك رأسها و قالت باصرار
( لا يا أبي ...... لم يكن خادما ابدا , لم يكن ينقصنا أي خدم .... صلة الدم بيننا انتصرت في النهاية و أصبح ذو أهمية لي و لتيماء ..... لم يكن عليك وضع البنزين بجوار النار ... و الآن تشكو من اندلاع الحريق .... )
بهت لون سالم أكثر و امتقع وجهه و قال بذهول
( كان يستغلكما فقط للوصول الى مآربه ............ )
أطرقت مسك برأسها و هي تقول بخفوت
( هذا ليس حقيقيا يا ابي ..... لكنك مقتنع بما أنت مقتنع به ...... )
أبعدت وجهها عنه و قالت بخفوت
( لا أزال أتذكر نبرة صوته حتى الآن حين أخبرته بمرضي ........ كنت في الخارج وحيدة في المشفى , كنت أحاول ادعاء القوة .... الى ان وجدت اتصالا منه يسألني عن حالي ....
لم يتوقف أبدا عن التواصل معي بعد أن منعته عنا ..... ظل يتصل بي دائما كي يطمئن على حالي , الى أن كان هذا الإتصال الذي لا ازال أتذكره حتى الآن ..... بكل حرفٍ به .... )
صمتت مسك و هي تشعر باختناق شديد منعها من المتابعة ....
الا ان عيناها شردتا و هي تتذكر نبره صوته القوية حين رفعت الهاتف الى أذنها ...
كانت تشعر باعياء شديد .... وحيدة في غرفة العلاج و كأن صوته قد جائها كنجدة من السماء ....
حينها هتفت بضعف جديد عليها
" قاصي ....... كيف حالك ؟؟ ..... لم تتصل بي منذ فترة .... "
ساد صمت قصير قبل أن يقول بصوته الذي فقد مرحه القديم و مشاغبته التي كانت تحبها ....
" أعلم يا اميرة ..... اعذريني , أحيانا أفضل لو لا أتواصل معكِ ..... لكن أعود و أتشوق للسؤال عنكِ ..... كيف حالك ؟؟ ..... و كيف حال خطيبك البائس ؟؟ "
صمتت مسك يومها و أسلبت جفنيها ثم قالت بخفوت ضعيف جدا
" احتاج اليك يا قاصي ..... لم أشعر بالحاجة اليك يوما كما أشعر اليوم ...... "
صمت قاصي و سمعت صوت أنفاسه قبل أن يقول بخشونة
" ماذا حدث ؟!! ..... هذا ليس صوتك أبدا .... هل أغضبك التعيس مجددا , أخبرتك أنني أستطيع ضربه و أنتِ من تمنعينني .... "
ضحكت مسك بينما انسابت دموعها بصمتٍ فجأة .... ثم همست باختناق منتحب
" قاصي .......... "
حينها سمعت صوت أنفاسه أعلى وهو يقول بقوة
" هل تبكين ؟!! ...... ماذا حدث ؟!! ....... "
يومها حاولت السيطرة على نفسها بقوة , لم يكن من عادتها البكاء ... لم تحبه أبدا و لا أي مظهر من مظاهر الضعف .... لكنها كانت ضعيفة بالفعل ...
فالتقطت أنفاسها ثم حاولت القول باتزان ....
" قاصي ..... هناك ما أريد أخبارك به ..... "
ساد صمت متوتر قبل أن يقول بصوتٍ متوجس قلق
" ماذا ؟!! .......... "
ابتلعت ريقها ثم قالت بهدوء و شجاعة
" لقد تم تشخيص اصابتي بمرض خبيث منذ فترة قصيرة ....... و لقد بدأت العلاج بالفعل .... "
لا تزال تتذكر فترة الصمت الذي تلت قولها الهادىء حتى الآن ....
دقيقتين و اربع ثوانٍ ....
كانت تعرف أنه اصيب بالصدمة .... الا أنها في النهاية ظنته قد ترك الهاتف من يده فنادت بقلق
" قاصي !! ........الازلت تسمعني ؟؟ ... "
ساد المزيد من الصمت قبل أن ينطق بصوتٍ غريب جدا
" ماذا قلت ؟؟ ........ "
تنهدت مسك و قالت باستسلام
" للأسف ما سمعته يا قاصي .... الحمد لله على كل حال ... "
تحشرج صوت انفاسه و اختنقت نبرته وهو يقول بذهول
" كيف ؟!! ......... "
تنهدت مسك مجددا و قالت بخفوت
" لقد تجاوزت مرحلة كيف ..... و بدأت أتعود الأمر ..... أرجوك لا تبث الخوف في قلبي , لا أحب الخوف أو الضعف ..... "
كانت تسمع بوضوح صوت ابتلاعه للغصة في حلقه .... فمنحته فترة و هي تبتسم بعطف قبل أن تقول بمرح ضعيف
" كنت أظنك تراني كعالة متعبة فوق كتفيك ..... لكن على ما يبدو انك تكن بعض المشاعر الأخوية لي .... "
همس قاصي بصوتٍ متأوه
" اصمتي ...... فقط .... اصمتي ..... "
أغمضت مسك عينيها فانسابت دمعتان على وجنتيها بصمت .... ثم همست بضعف أكبر
" أنا أشعر بالوحدة هنا يا قاصي .... و كأنني في المنفى أنتظر الموت في كل لحظة .... "
سمعت صوته يقول عنيفا رغم تورم حلقه
" لماذا أنتِ وحيدة ؟!! .... أين والدك و الغبي خطيبك ؟؟ .... "
صمتت مسك حينها قليلا و همست بخفوت
" أبي يعاني حالة من الصدمة منذ أن علم بالأمر .... لا يصدق حتى الآن , لقد كان حريصا منذ أن توفت أي بنفس المرض في التشديد علي بكشوفٍ دورية خوفا من اصابتي بالمرض ... و كان هذا من حسن حظي فقد اسفر آخر كشف عن اصابتي به في مرحلة مبكرة .... لكن و على الرغم من استعداد أبي كل تلك السنوات .... فقد أصابته حالة غريبة من الضعف .... هذه ثاني مرة أراه يبكي بها بعد موت أمي ... كان يبكي مثل الأطفال الصغار .... أتصدق هذا .... و من يومها طلبت منه الا يعود الا بعد أن يتمالك نفسه ..... أما أشرف ..... "
صمتت مسك غير قادرة على المتابعة فحثها قاصي بعنف
" أين هو ؟؟ ......... "
همست يومها بألم
" لا اعلم ماذا به .... منذ فترة وهو متغير تجاههي .... أحيانا أقنع نفسي أنه مثل أبي غير قادر على رؤيتي في مرضي .... لكنني أشعر بأنه يبتعد عني لسبب آخر ... منذ فترة طويلة , قبل مرضي حتى .... "
شتم قاصي بشتيمة نابية بقوة ... فعضت مسك على شفتها و همست
" اهدأ يا قاصي ...... الأمر ليس سهلا عليهما .... "
الا أنه قاطعها بقوة و صرامة ...
" أخبريني أين أنتِ تحديدا و سآتي اليكِ و لن اتركك أبدا ....."
ذهلت مسك و هتفت بقوة
" مستحيل يا قاصي ..... هل جننت ؟!! ......تأتي أين ؟؟ ....أنا في الخارج , و أبي لن يسمح بذلك ... سيقتلك ان رآك ... "
صرخ قاصي بصوتٍ متحشرج
" و سأقتله أنا إن اعترض .... لكن لا تفكري في هذا الآن , فهو غير موجود معظم الوقت على ما يبدو ... سنعالج الأمر حين يكتشف ... أما الآن فأخبريني عن مكانك .... "
هتفت مسك غير مصدقة
" لن تتحمل تكاليف السفر و الإقامة هنا يا قاصي ...... هذا مستحيل ... "
قال بعنف
" سأتصرف في تكاليف السفر , ثم سأجد عملا هناك ...... الآن أخبريني , أم تراكِ لا تحتاجين وجودي ؟؟ ... "
ابتلعت ريقها بصعوبة ... في الواقع كانت تحتاجه جدا .... و جدا .....
كانت تحتاج الى بعضٍ من قوته .... كي تتقوى بها , فهمست أخيرا باختناق
" على شرط ..... سأتحمل أنا تكاليف اقامتك هنا ...... "
هدر بقوة
" اخرسي يا تافهة ..... الآن أخبريني ....... "

عادت مسك من ذكرياتها الحزينة و القوية في آنٍ واحد ....
كانت عيناها متلألأتين بالدموع لكنها كانت أقوى الآن من أن تذرفها ..... فقالت بجمود و هي تولي ظهرها الى والدها
( أشهر طويلة يا أبي وهو يعمل في كل ما تتخيله , كل مهنة مهينة أو صعبة طالما انها تجني مالا أكثر .... كي يتمكن فقط من البقاء بجواري .... ليس له مطلب أو غاية ..... لم تكن حتى قصة حب .... فقط بعض الضمير الحي لديه ..... لم أتخيل أن هناك بشرا يمكنهم التصرف بتلك الطريقة .... أبدا .... بينما خطيبي المحترم كان يواعد أعز صديقاتي .... الى ان عرف قاصي بالأمر و ضربه في أول زيارة له .... )
استدارت مسك تنظر الى سالم الذي كان يبادلها النظر بصمتٍ تام ... و ملامح وجهه مسودة و بائسة ....
ثم تابعت بخفوت
( و عرفت أنت .... و عرف الجميع أن قاصي يجلس بجواري , بل و يمسك بيدي أيضا ...... أنا أيضا وقفت أمام الجميع و تحديتكم أن يتجرأ أحد على المساس به ...... فلماذا لا تصب نقمتك علي كما تفعل لتيماء ؟؟ .... )
رفعت ذقنها و تابعت بقسوة أكبر
( حتى جدي عفا عنه و اعاده للبلد و لدار الرافعية بعد موقفه الرائع تجاه راجح بعد أن أنقذ حياته ..... هل تناسيت كل ذلك يا أبي ؟؟ ..... لقد أنقذ حياة حفيده و استعاد مكانته ..... )
نهض سالم من مكانه بعنف و هدر بقوة
( و كان لديه مآرب في ذلك ..... أنا الوحيد الذي اكتشفت غاياته , لقد خدعكم جميعا ..... )
هتفت مسك بقوة
( أنت الذي لا تزال تخدع نفسك يا أبي .... قاصي لا يريد منك سوى تيماء ..... لا يريد غيرها و سترى الآن أنه سيبتعد عن طريقك تماما .... )
صرخ سالم بعنف
( لقد اخذها ضد ارادتي ...... لقد فضحتني تلك الفاجرة ال ....... )
وضعت مسك يديها على أذنيها و أغمضت عينيها بيأس هاتفة
( كفى أرجوك ........ كفي .... ما دخلي أنا بكل هذا ؟؟ ......... )
صرخ سالم بغضب
( ما دخلك ؟!! ..... انتِ ابنتي ...... من يساندني في تلك المحنة سواكِ ؟؟ ..... بعد كل المحبة التي قدمتها لكِ تضنين علي بمجرد المساندة ؟!! ...... )
نزعت مسك يديها عن اذنيها و صرخت بغضب مماثل
( يا أبي أنا دائما أساندك ..... لكن في تلك الحالة لا أملك اي شيء .... قاصي يريد تيماء و تيماء تريد قاصي و قد اخذها بالفعل .... و نحن لم نعد في زمن استخدام السلاح لمنعهما من الزواج .... فقد سلم بالأمر الواقع و انساها .... اعتبر أن لا ابنة لديك سواي ...... هذه هي المساندة الوحيدة التي أستطيع تقديمها لك ..... )
وقفا كل منهما يواجه الآخر وهما يلهثان و كأنهما في حلبة سباق .... الى أن زفرت مسك أخيرا و قالت بخفوت
( أول أمس كان موعد الكشف الدوري لي ....... )
بهتت ملامح سالم و أجفل فجأة .... فارتعشت أصابع يده و همس بصدمة
( لقد ....... لقد ........ )
رفعت مسك وجهها اليه و ابتسمت قائلة
( لقد نسيت ....... بسبب تيماء , على الأرجح أنها المرة الأولى التي تشغلك تيماء فيها عني ...... )
ابتلع سالم ريقه و قال باختناق و خوف واضح ...
( و ...... و ........ ماذا ؟؟؟ ......... )
ظلت مسك على صمتها تعذبه قليلا ثم لم تلبث أن ابتسمت بهدوء قائلة
( الحمد لله ......... )
زفر سالم بقوة وهو يضع يده على صدره .... قبل أن يتراجع ليعاود الجلوس على الأريكة مجددا و قد عجزت قدماه عن تحمل ثقله .... ثم قال بتعب
( لقد كبر والدك يا مسك ..... و بات غير قادر على المزيد من الحروب ...... )
وقفت مسك تنظر اليه بحزن ثم قالت بخفوت
( اذن ارفع رايتك و سلم يا أبي ..... الحياة قصيرة جدا و لا تستحق مثل هذا الجهد في اللهاث على أشياءٍ زائلة ..... )
ظل سالم على وضعه يحاول تهدئة نفسه قليلا ... ثم فتح عينيه و نظر اليها قبل أن يمد يده اليها قائلا بحنان
( تعالي يا مسك ..... هناك ما أريد مكالمتك بشأنه ...... )
اقتربت منه مسك الى أن أمسكت بيده و جلست بجواره تماما .... فنظر اليها طويلا ثم قال
( جميلة مثل أمك رحمها الله .... نسخة منها في جمالها و قوتها و أصلها المشرف ..... )
افترت شفتيها عن ابتسامة حزينة .... فتابع والدها يقول بخفوت
( لن أنسى أبدا اليوم الذي وقفت فيه أمام الجميع و اختارتني دونا عن جميل أعمامك ...... )
اتسعت ابتسامة مسك الحزينة أكثر قليلا و قالت
( رحمها الله .......... )
تنهد سالم وهو يقول بتعب
( رحمها الله ................ )
نظر اليها مجددا ثم ربت على ظاهر يدها قائلا ببطىء
( لقد تقدم أحدهم لخطبتك مني ........ )
تصلب جسد مسك و ارتسمت المفاجأة على ملامحها .....
معقول ؟!! ..... هل فاتح أمجد والدها في الأمر ؟!! ......
لكن كيف لوالدها أن يكون بمثل هذا الهدوء و التقبل على الرغم من أن أمجد ليس من عائلة الرافعي !! ....
قال سالم باجهاد
( لم تسأليني عن هويته !! ...... الا ينتابك الفضول لمعرفة من هو ؟!! ...... )
مطت مسك شفتيها بصدمة ... ثم قالت بخفوت
( بلى ينتابني ..... من هو ؟؟ ...... )
ابتسم سالم و عاد ليربت على ظاهر يدها قائلا
( زاهر ابن عمك .......... )
سقط فك مسك السفلي في بلاهة و صدمة و هي تكرر مجفلة
( زاهر !! ....... هل تمزح معي يا أبي ؟!! .......... )
عقد سالم حاجبيه و قال بجدية
( و هل أمزح في أمرٍ كهذا .... لقد حادثني في أمرك بالأمس .... و أنا لم أكن في حالٍ يسمح لي بالزيادة في الكلام معه .... فوعدته بأن أرد عليه قريبا .... )
كانت مسك تستمع الى والدها غير مستوعبة .... ثم قالت ما أن انتهى
( لكن هذا غير معقول ..... أنا قطعا لست مقتنعة بعرضه هذا !! ..... )
رد عليها سالم متوترا
( و لماذا عدم الإقتناع ؟!! ..... أنسيتِ من أنتِ و ابنة من ؟!! ...... أنتِ فخر تلك العائلة .... )
ابتسمت مسك بسخرية و أمالت رأسها قائلة بنبرة ذات مغزى
( أبييييي !! ..... انت تعلم لماذا لست مقتنعة , من المستحيل أن يتنازل زاهر عن فكرة الحصول على ابن ... و جميع أفراد العائلة باتو يعرفون بأنني لن .... )
قاطعها سالم قائلا بقوة
( هذا ما حدث ...... لقد طلب يدك مني و بدا متلهفا لدرجة تدعو للضحك ...... فهل أقف و أستجوبه عن مدى رغبته في الأطفال ؟!! ...... )
فغرت مسك شفتيها قليلا و هي تنظر الى والدها بصمت .... ثم لم تلبث أن هزت رأسها قائلة
( عامة من المستحيل أن يناسبني زاهر ...... هذا عرض فاشل من البداية ..... )
هتف سالم بقوة
( عرض فاشل ؟!! ....... زاهر تتمناه كل فتيات العائلة , قوة و مال و شجاعة و أصل .... و يريدك في الحلال و مصمم على هذا .... فماذا يعيبه ؟!! ..... )
قالت مسك غير مصدقة لمدى لهفة والدها
( أبي انظر اليه ..... شخصيته على النقيض مني في كل شيء , لو أردنا ضرب مثال في الفشل الزوجي قبل أن تبدا العلاقة فلا أحسن مني أنا و زاهر ...... )
تذمر والدها وهو يقول باصرار
( اسمعيني جيدا يا مسك ..... من الجنون أن ترفضي رجلا كزاهر .... خاصة و أن .... )
صمت وهو لا يجد الطريقة التي يصيغ بها الكلام , فأتمت مسك كلامه قائلة بهدوء
( خاصة و انه ثبت بأنني بضاعة معيبة ...... و لن يرغب في أحد غيره من أبناء العائلة , اليس هذا ما تود قوله ؟!! ...... )
تنهد سالم بصمت , ثم قال بحزن بعد فترة
( لماذا ترهقين قلبي المثقل تجاهك أكثر يا مسك ....... لماذا الجدال ؟!! .... شاب رائع و تقدم لخطبتك فلماذا الرفض ؟!! ...... )
ظلت مسك تراقبه طويلا و هي صامتة ... كان لسانها يحثها على الرفض القاطع ...
لكن اشارة ما في زاوية عقلها أمرتها أن تتريث قليلا .....
فمنذ وقت طويل و عقلها قد اصبح العضو الوحيد الذي يحركها .... بلا أي مشاعر ....
فقد التفكير و التفكير .... ثم مزيد من التفكير .....
صمتت مسك و قالت بخفوت
( دع هذا الأمر لنناقشه غدا يا ابي .... لما لا تدخل و تبدل ملابسك و أنا سأحضر لك ما تأكله ... فأنت تبدو مرهقا للغاية ..... )
أومأ سالم برأسه وهو يقول بصوتٍ متهاوي
( نعم ..... نعم أنا متعب جدا يا مسك ....... أشعر فجأة بالعجز و عدم القدرة على فعل شيء ... )
أمسكت مسك بكفه و قالت بهدوء
( تعال معي .... سأساعدك ...... )
لكن و قبل أن يتحرك من مكانه ... سمعا صوت رنين جرس الباب , فعقد سالم حاجبيه و قال بحيرة
( من سيأتي في مثل هذا الوقت ؟؟ ......... )
قالت مسك بتوجس
( لا علم لي ..... فأنا كنت سأخلد للفراش قبل وصولك ...... سأفتح الباب , لا تقلق .... )
تحركت مسك الى باب الشقة و فتحته !! .....
الا أنها تسمرت و هي ترى تيماء واقفة مكانها ممسكة بكف طفل صغير في يدها ..... طفل يحمل عددا من البالونات و بعض الهدايا و الحلوى ..... و في عينيه نعاس شديد و كأنه قد استيقظ من النوم للتو ...
ارتفع حاجبي مسك بشدة و هي تقول مصدومة
( تيماء ؟!! ....... ماذا تفعلين هنا ؟!! ........ )
كانت تيماء واقفة بهدوء .... ملامحها فاترة جدا .... عيناها كبيرتين و تحتهما هالاتٍ زرقاء ... الا أنها كانت هادئة و لا يبدو عليها الإنهيار الذي عانت منه صباحا ....
فقط جمود غريب ......
قالت تيماء بهدوء
( كنت أحتاج منكِ خدمة ....... هلا سمحتِ لي بالدخول ؟؟ ..... )
التفت وجه مسك جانبا ... الا أنها فتحت الباب و ابتعدت قائلة
( تعالي ...... ادخلي ......... )
دخلت تيماء متشبثة بكف عمرو .... لكنها تسمرت مكانها و هي ترى والدها الذي وقف ببطىء وهو ينظر اليها بازدراء ممتزج بالصدمة ....
ابتلعت تيماء غصة في حلقها و حمدت ربها انها قد اشترت بعض الملابس الأنيقة صباحا .... من ثوبٍ بسيط وردي و سترة من الجينز ..... و حجاب وردي يناسبه ...
ملابسها جعلت منها فتاة جامعية شابة .... الا أنها على الأقل وفرت عليها بعض الذل كي لا يراها والدها بقميص قاصي الفضفاض الرجولي على بنطالها الجينز كما خرجت صباحا ....
لكن سالم الرافعي لم يتنازل عن تجريحها فقال بقسوة و عنف
( ماذا تفعلين خارج بيتك في مثل هذه الساعة يا محترمة ؟!! ...... و أين زوجك الوضيع الذي سمح لكِ بالخروج في مثل هذا الوقت ؟!! ...... )
امتقع وجه تيماء قليلا .... الا أنها ثبتت نفسها و رفعت وجهها بثقة زائفة ... فتابع سالم باحتقار
( لكن هذا هو المتوقع من ابن حرام لا يعرف شيئا عن النخوة و الشرف ..... )
اتسعت عينا مسك بصدمة الا أن تيماء قالت بصوت مزلزل فجأة
( لن أسمح لك بقول المزيد عن زوجي ...... فهو أشرف من الكثير ممن يدعون الشرف .... )
صرخ سالم فجأة بعنف وهو يهجم عليها
( أتتجرأين على الرد علي ايضا يا فاجرة بعد ما فعلته ...... )
رفع يده ينوي ضربها , الا ان مسك وقفت بينهما بسرعة و هي تهتف بوالدها أن يتوقف ... فنزلت الضربة على وجهها بكل قوة ....
شهقت بصوتٍ عالٍ شهقة امتزجت بأخرى مماثلة من فم تيماء المذهولة ...
بينما هتف سالم بقوة وهو يمسك بذراعيها
( مسك حبيبتي لم أقصد ..... ابعدي يدك عن وجهك دعيني أرى وجنتك ...... )
على الرغم من شهقة تيماء و فزعها على مسك , الا أن منظر والدها المرتعب من الصفعة التي نزلت على وجه مسك بدلا من وجهها هي جلب الى نفسها المزيد من الشعور بالأسى و الحرمان .....
لمعت الدموع في عينيها ... الا أنها ابتلعتها على قلبها بقسوة ... و همست بخفوت جاف
( أنا آسفة يا مسك .... لم أقصد أن أتسبب لكِ في الأذى .... )
صرخ سالم بها وهو يحاول رميها خارجا
( الا زلتِ هنا تتكلمين .... أخرجي ..... أخرجي من هنا و عودي الى المستنقع الذي اخترته بملىء ارادتك ..... )
أمسكت مسك بذراعي والدها و قالت بقوة
( انتظر يا أبي .... لا يمكننا طردها في مثل هذا الوقت ..... أرجوك .... )
هنا تعالى صوت تيماء بقوة و صلابة مزينة بالشجاعة
( أنا سأذهب يا مسك .... لا داعي للاستجداء .... أردت منك خدمة أخيرة ..... )
التفتت اليها مسك بوجهٍ باهت جامد .... و قد بدأت الصفعة في الإحمرار بشدة
فأمسكت تيماء بذراعها و جذبتها اليها و همست في أذنها
( هذا الطفل أمانة عندك ..... سيأتي قاصي ليأخذه بعد قليل ما أن تخبريه أنه لديك .... فقط أخبريه أن عمرو عندك ..... لم أثق بغيرك لتركه عنده , فهو أمانة كما أخبرتك .... )
ابعدت مسك وجهها قليلا و قالت بخفوت
( من هو ؟!! .......... و لماذا لن تذهبي به الى قاصي بنفسك ؟!! .... هل اختلفتما في أول يوم زواج ؟؟؟)
ابتسمت تيماء و قالت برقة
( انه مجرد أمانة .... لا جواب عندي اكثر من هذا ..... و أنا ..... أنا ....)
صمتت قليلا مرتبكة ثم رفعت وجهها لتقول بخفوت
( اردت الإطمئنان على نتيجة كشفك الدوري ........ )
ظنت تيماء أن مسك ستمطرها سخرية من تأخيرها في السؤال , الا أنها على العكس , فقد قالت بجدية خافتة
( هذا دليل على أنكما قد اختلفتما فعلا ..... فلقد اتصل بي قاصي بالأمس ليطمئن بنفسه ..... )
شعرت تيماء بشعور مرير من الهجر و الحرمان .... لم تعد غيرة ...
بل بات شعور آخر اكثر مرارة ..... ذلك الحنان الذي يغدق به على الجميع , أين هي منه ؟!! .....
ابتلعت تيماء الغصة في حلقها ثم قالت بهدوء
( أنا ذاهبة ..... الحمد لله أنكِ بخير و أنا آسفة جدا أنني لم أستطع تقديم العون لكِ في الوقت الذي احتجته .... فأنا .... )
اختنق صوتها و تبللت عينيها و هي تهمس بصعوبة
( فأنا معطوبة بدونه .......... )
عقدت مسك حاجبيها و هي تسمع تلك النبرة المنهزمة , لكن و قبل أن تسألها عما يحدث , كانت تيماء قد استدارت و ابتعدت عدة خطوات .....
لكنها و قبل الخروج التفتت تنظر الى والدها .... كانت نظرة طويلة ..... و من حيث لا تعلم ظهرت ابتسامة على شفتيها !!! ....
ان كان وجه والدها منذ لحظة واحدة ملبدا و عاصفا بعنفٍ مجنونة .... فتلك الابتسامة أربكته ... و جعلته يجفل قليلا ... و كأن شيئا ما قد ضربه ...
كانت ابتسامة غريبة ... بها من الحسرة و الجمال و الاتهام و خيبة الامل .... لكن في نفس الوقت , نوع غريب من الحرمان .....
لكن و قبل أن يتكلم كانت قد خرجت مغلقة الباب خلفها بهدوء .......
نظرت مسك الى الطفل بصمت طويل .... فقال سالم بعنف
( من هذا الطفل يا مسك ؟؟ ......... )
رفعت مسك وجهها الى والدها و قالت بعد فترة من الصمت ....
( ابن صديقة لتيماء يا أبي ... ستمر بعد دقائق و سأنزل لاسلمه لها من باب البناية .... )
هتف والدها بالكثير من الاسئلة الغاضبة ... الا ان مسك كانت شاردة الذهن فلم تسمعه , كانت تلامس شعر الطفل و تتلاعب بنعومته بين أصابعها ....
.................................................. .................................................. ..................
" قبل نصف ساعة ........ "
تعالى نحيبها بصوتٍ عالي مرتجف و هي تجلس على حافة الأريكة تضرب رأسها بقوة و هي تهتف بنشيج متقطع
( أريد ابنيييييييييييييي ..... احضر لي ابنييييييييي ......... )
كان قاصي يدور كالمجنون في المكان و هو يشعر بالعجز و الرعب ....
لقد سافر و عاد من فوره ....
بحث عنها في شقتها التي استأجرتها و عند ثريا و في كل مكان يعرفه دون جدوى .... و ما ان أخبرته ريماس أنها ستتصل بالشرطة حتى ترجاها متوسلا الا تفعل حتى يعود اليها ...
و بالفعل عاد اليها و قد اقترب الليل من منتصفه ....
فوجدها على هذا الحال من الهيستيريا .... حاول تهدئتها مرارا دون جدوى , كانت في حالة من الرعب الذي بدا ينتقل منها اليه ... ليس خوفا من تيماء .... بل مجددا خوفا حتى الرعب عليهما معا ...
مع كل ساعة تمر كان الرعب يتملك منه أكثر ....
تيماء في أضعف حالاتها الآن ... و قد تكون في اكثر حالتها جنونا أيضا .....
سمعت ريماس صوت رنين هاتفها النقال فجأة ....
فرفعت وجهها المتورم .... و هي تنظر الى قاصي نظرة لهفة , قبل أن تقفز على هاتفها لترد بسرعة
( آلووو ..... نعم ..... نعم أنا ...... )
تسمرت عيناها و نظرت الى قاصي الذي كان يبادلها النظر بلهفة اكبر .... ثم فتحت مكبر الصوت ووضعت الهاتف بينهما لترد بصوت مرتجف
( نعم ...... نعم أنا أم عمرو ....... )
ابتلع قاصي ريقه بخوف من القادم , الا أن صوت تيماء انساب فجأة من الهاتف محررا الدم في عروقه بعد ان اوشك على التجلط خوفا ....
( أنا تيماء ....... زوجة زوجك ........ )
انتفض جسد قاصي بعنف و اوشك على الهجوم ليخطف الهاتف , الا أن ريماس منعته بحركة من يدها في منتهى الصرامة ثم رمشت بعينيها المتورمتين و هتفت بسرعة
( أين عمرو ؟ ....... أين أبني , ماذا فعلتِ به ؟؟ ........ )
ردت تيماء بصوتها الطفولي الخافت
( عمرو بجواري ..... لقد قضينا يوما ممتعا معا ..... إنه طفل رائع ....و قد وجدت رقم هاتفك لديه , هو طفل ذكي و يحفظ اوراقه المهمة بحرص كي لا يضيع ..... )
قفزت ريماس من مكانها و هي تصرخ بغضب مجنون بينما تنتحب بشدة
( من أعطاكِ الحق لتخطفي ابني دون اذنٍ مني ؟؟ ........... )
قالت تيماء بنفس الهدوء القاتل و بنغمة محببة بريئة
( كان عليكِ كامرأة عدم الوثوق في زوجة زوجك التي اكتشفت خداعه في اول يوم زواج لهما .... لكنك تركتِ طفلك لي لليوم الثاني , لذا كان علي التصرف .... )
أغمض قاصي عينيه وهو يتخلل خصلات شعره بأصابعه بقوة كادت أن تقتلعه من جذوره ...
بينما هتفت ريماس وهي تبكي بشدة مثيرة للشفقة
( لست أنا من تركته ..... قاصي هو من تركه لكِ كي لا تهربي ..... كان يثق بكِ .... )
تأتأت تيماء بأسف
( تؤ ... تؤ ..... تؤ ...... كان يثق بي بعد أن أفقدني الثقة به !! .... منتهى السذاجة ..... )
اطبق قاصي جفنيه أكثر وبدا و كأنه يعاني ألما يفوق طاقته .... بينما هتفت ريماس و هي تبكي بشدة
( أقسم بالله ان لم تعيدي طفلي حالا فسأبلغ الشرطة عنكِ ...... )
هتفت تيماء مصدومة
( تبلغين عني و أنا عروس لم تتم الأسبوع حتى !! .... لم يكن هذا العشم يا ضرتي ...... )
صرخت ريماس بقسوة و صوتها يختنق من قوة البكاء
( أريد ابني ..... أريد ابني أو أقتلكما معا ...... )
قالت تيماء بخفوت
( ليس بهذه السرعة ...... أريد بعض الأجوبة أولا و اعذريني ان كنت لا اثق في زوجي كي أنالها منه .... )
تأوه قاصي دون صمت , بينما همست ريماس و هي تبكي
( ماذا تريدين ؟؟ ........ )
قالت تيماء بصوتها الرقيق الطفولي الا أنه بدا أكثر صلابة
( عمرو ..... ابن راجع أخو قاصي , اليس كذلك ؟؟ ....... )
فتح قاصي عينيه بقوة وهو ينظر الى ريماس التي توقفت عن البكاء بصدمة ... و تبادلا النظر طويلا قبل ان تقول ريماس بصوتٍ مختنق
( لا أريد لعمرو أن يسمع ذلك .... الا تملكين بعض الرحمة ؟!! ..... )
ردت تيماء بفتور خالي الروح
( عمرو راح في سبات عميق منذ ساعة ....... )
افلتت شهقة بكاء منتحبة من بين شفتي ريماس و هي تهمس بألم
( حبيبي يا ابني ......... )
ردت تيماء بصوت ميت خافت
( انه بخير ..... لكن أريد أجوبة صريحة على الفور كي ينام في حضنك الليلة ..... أو سآخذه و نكمل الليلة خارجا .... )
نظرت ريماس الى قاصي بذعر فأشار اليها أن تتابع الحديث , فقالت ريماس باختناق بعد فترة طويلة
( نعم ...... عمرو هو ابن راجح ...... )
ساد صمت قصير قبل أن تسألها تيماء بجمود
( لكنه ليس ابنك الأول ..... اليس كذلك ؟؟ ...... )
بهتت ملامح ريماس و هي تنظر الى قاصي بعينيها المتورمتين .... أما قاصي فبدا مصدوما مثلها و أكثر ... بينما تابعت تيماء بخفوت
( من صمتك أفهم أن ما أقوله هو الحقيقة ..... أين ابنك الأكبر و الذي عمره ثمان سنوات الآن تقريبا ؟ ....)
ارتجفت شفتي ريماس بشدة , بينما عقد قاصي حاجبيه أكثر و تصلبت ملامحه , فقالت بصوت مختنق
( توفي .... توفي قبل حملي بعمرو ........ )
ساد صمت بائس بينهما .... طويلا , و ظنت ان تيماء ستتابع اسئلتها لكنها ظلت صامتة , فقالت ريماس بصوت اشد اختناقا
( كان من ذوي الاحتياجات الخاصة و يعاني من تشوه بالقلب و لم يصمد طويلا ...... )
صمتت لتبكي بخفوت ..... ثم تابعت بصوتها الأنثوي الرخيم بالبكاء
( كان زواجا عرفيا ..... لكنه مزق ورقة الزواج , و حين أوشكت على رفع دعوى ضده أتهمه فيها بالاغتصاب .... أجبرته عائلته على الزواج بي .... ثم طلقني بعدها بفترة قصيرة .... )
اغمضت عينيها و اخذت تبكي بينما انحنى قاصي ليجلس على الاريكة وهو يسند رأسه بكفيه صامتا ...
فهمست تيماء بخفوت
( و ماذا حدث بعد ذلك ؟؟ ...... كيف حملتِ بعمرو , و متى كان دور قاصي ؟؟ .... )
لعقت ريماس شفتيها بضعف و همست
( عدت أليه مجددا .... كنت أعاني من فقدي لطفلي , فلقد بقى في احضاني فترة كافية كي احبه و اتعلق به , قبل ان يختطفه الموت مني ..... فعشت أياما عصيبة جعلتني أعود راكعة لراجح .... فأنا كنت المفضلة لديه حين لا أيبس رأسي كما كان يقول دائما ..... كنت في حاجة شديدة اليه و قد بدأت أتعاطى المخدرات .... حينها حملت بطفلي الثاني ... فطردني خارجا , لكنني لم أسكت ظللت أهدده و أهدد جده باستمرار أنني لن أسكت هذه المرة .... لكن في الحقيقة كنت أضعف من المرة الأولى , فقد طردتني أسرتي خارج البيت و أصبحت مجرد نكرة لا تمتلك ثمن هذا التهديد الواهي ..... حينها أخبرني جده أن هناك من سيعتني بي و ينفق علي بشرط أن أبتعد تماما ...... أو أنني لن أكسب شيئا على الإطلاق .... )
زفر قاصي نفسا مرتجفا من بين شفتيه .... و بدا و كأنه لا يمتلك القدرة على رفع رأسه .....
أما تيماء فهمست بصوت مختنق
( و كان هذا الشخص المطلوب هو قاصي ........ )
بكت ريماس و هي تقول باختناق
( نعم ............ )
بدا صوت ابتلاع تيماء للغصة في حلقها واضحا للغاية .... قبل أن تهمس بصوتٍ ميت
( و لماذا تزوجك ؟؟ .............. )
شهقت ريماس شهقة بكاء بخفوت , ثم قالت
( كان من المفترض أن يرعاني دون أن يتورط ..... الا أنني بدأت أزيد من تعاطي المخدرات و كان هو معي باستمرار ليل نهار كي لا أعود و أفضح راجح و عائلته .....
مهمته كانت ابعادي .... و أنا كنت في عالم غير العالم .... غير واعية , أهدد باستمرار و أبحث عن المخدر بأي طريقة دون الإهتمام بحملي , حتى بتنا شبه متأكدين أن الطفل سيكون مشوها .....
لكنه أخلف ما اعتقدناه , فقد جاء سليما بمعجزة , كان رائع الجمال .... يخطف القلب ,
و كان قاصي هو أول من حمله بين ذراعيه ..... يومها بكيت بشدة و اخبرته برغبتي في الاقلاع عن حياتي السابقة كلها ..... احيانا كنت انجح و احيانا كنت اخفق ..... فكانت النتيجة انه بات شبه مقيما عندي , يمنعني من الاقدام على ما يضر بطفلي فيلحق بالأول .... و يمنعني من التوجه الى عائلة راجح مجددا ....
و حين أصبحنا مصدر اتهام في أعين من يقطنون حولنا .... عرض علي الزواج صوريا ..... )
صمتت ريماس و اخذت تبكي بشدة ... بينما ساد صمت خانق بين ثلاثتهم ....
لا يقطعه سوى صوت بكاء ريماس الخافت ....
تكلمت تيماء اخيرا بصوتها الطفولي الرقيق و الذي بدا أكثر موتا و ضياعا
( إنه بجوارك و يسمعني ..... اليس كذلك ؟؟ ....... )
رفعت ريماس وجهها المتورم و همست
( نعم .......... )
فهمست تيماء عبر الهاتف بينهما
( اليوم فقط شعرت أنني أكثر يتما من أي يومٍ آخر ..... لقد جرحتني بشكلٍ لم يجرحني أحد به سواك .... كل ما تألمته في حياتي لا يقارن بلحظة من ألمي الآن على يدك ..... )
رفع قاصي وجهه الشاحب و قد حفر الألم به كل خطٍ دقيق في بشرته وحول فمه .... بينما تابعت تيماء بصوتٍ أكثر همسا و خفوتا ....
( أنت رائع ...... أنت شديد الروعة مع الجميع الا أنا ..... الآن فقط اكتشفت أنك لم تكن يوما رائعا معي , بل كنت مؤذيا بدرجة موجعة ..... إن كان هذا سيؤلمك يا قاصي فاسمع اعترافي هذا ... أنا أحبك ..... )
صمتت و بهتت ملامح قاصي بشدة .... لكنها تابعت بغصة بكاء خافتة
( و إن كان سيؤلمك موتي فأنا أتمنى الموت ........ لا أتمنى شيء في تلك اللحظة سوى اذاقتك لمحة من ألمي على يدك ....... )
و قبل أن تغلق الخط ... وصلته شهقة بكائها واضحة بقوة ضاربة ....
حينها قفز قاصي من مكانه صارخا و شياطين العالم تتقافز أمام عينيه المعذبتين
( تيماء ............ )
و امتزجت صرخته بصرخة ريماس
( ابني ..... انتظري اريد ابني ...... )
لكن رعبهما لم يستمر طويلا , فبعد دقائق ..... سمع قاصي صوت هاتفه فرد سريعا صارخا بعنف
( تيماااء !! ....... )
الا أن صوت مسك هو ما وصله و هي تقول بخفوت
( عمرو عندي يا قاصي ..... تعال و خذه , ....... )
.................................................. .................................................. ......................
لقد اكتشف مخبأها ..... حسنا الذكية لو كانت تريد تجنبه لإختارت مكانا لشرب قهوتها غير الحديقة الصغيرة أسفل نافذة مكتبه تماما ....
لقد وجدها بالصدفة حين كان يمد برأسه ناظرا الى صوتٍ ما خارج النافذة ...
جالسة بأناقة على مقعد حديقة بسيطة لم ينتبه لوجوده قبلا ....
تضع ساقا فوق أخرى و هي تضع نظارة سوداء على عينيها تناسب حلتها الأنيقة السوداء ...
بدت مثالا للكلاسيكية الأنيقة في أبهى صورها , ...
ارتشف أمجد قهوته بصمت وهو يراقبها .... انها تبدو كالزئبق ....
على الرغم من ثبات شخصيتها و اتزانها الظاهري الا أنها لا تمكن مخلوق من امساك اي شيء عليها ...
أو أخذ أي عهد منها .....
حتى الآن لا تزال تماطله في التقدم لوالدها طلبا ليدها .... كان هذا حقها في اخذ وقتها في التفكير , هو يعلم ذلك ....
لكن رغما عنه كان يشعر بالغضب ..... لماذا تتردد في القبول به ؟!! ....
هل ترى نفسها تستحق الأفضل ؟!! ....
ظاهريا كانت تمتلك كل طباع الخيلاء و الغرور , لذا لا يستبعد أن تكون شاعرة بقدر نفسها ....
لكنه خالف ما يراه الجميع .... و وضع رهانا على أن تكون مسك الرافعي شخصية مختلفة عما يظنوها ....
و ما حدث هو أنه يرغبها زوجة بالفعل !! ....
هذا هو الاعتراف الذي استغرقه وقتا طويلا كي يعترف به أمام نفسه .....
ربما كانت مشاعره قد اتجهت الى غدير يوما .... لكن اعجابه الآن هو ما يتجه الى مسك ....
كل ما بها يثير اعجابه ....
و هذا ما هو غريب عليه ... لطالما كان يظن أن لديه نموذج معين في النساء اللاتي يثرن اعجابه ....
وهو النقيض تماما من مسك ....
دوما كان يحلم بزوجة شديدة الرقة و الهشاشة .... متواضعة كالنسيم حين يلامس الجميع دون تفريق ...
حتى ملامحها فقد رسم لها ملامح بريئة و ناعمة أشبه بطفلة ....
و لذا فقد جائت غدير و ملأت تلك الصورة المحفوظة لديه تماما ....
كانت تفتنه بمزاحها مع جميع العاملين و ضحكاتها الرقيقة التي لا تتوقف ....
و براءة ملامحها كانت تجذب عينيه , أما غريزة الحماية لديه فكانت تشبعها دون حرج و هي تبث له مدى ضعفها و الصعوبات التي تعانيها ...
كان يظن أنه قد وجد ضالته الرقيقة الضائعة بدونه .... فاقترب بشدة من حبها بصدق ...
الا أن النتيجة كانت كارثية ....
ثم ظهرت مسك .....
شخصية مستفزة لدرجة الجنون ..... باردة و مغرورة و ..... لذيذة .... لذيذة لدرجة لا تصدق ....
مجرد نظرتها المتعالية تجعله يرغب في الابتسام ثم ضربها ....
مضحكة من شدة استفزازها .....
و محترمة ..... كانت لديها قوانين صارمة لا تتعداها , لا تتمادى مع غيرها .... لا تسمح لأحد بتجاوز مساحتها الخاصة كما تسميها ....
الا أنه قد لاحظ شيئا ... وهو أنها قد بدأت تسمح له نوعا ما بتجاوز تلك المساحة ....
ابتسامتها سماح .... اسبال جفنيها أمامه سماح ....
تنهدها المستسلم بحنق منه ... ما هو الا سماح له بتجاوز تلك المساحة الخاصة الباردة التي تحيط نفسها بها بقوة ...
الغريب أنه قد أعجب بها ... و الأغرب أنها بدأت تسمح له بتجاوز مساحتها الباردة الخاصة ...
و الأكثر غرابة أن أمه تبدو و كانها مدلهة في حبها من مجرد لقاء واحد فقط .... و لم تكن مسك به مثال الشخصية الودودة ....
وضع أمجد كوب القهوة الفارغ على سطح المكتب الخاص به , ثم أخرج هاتفه و طلب رقمها قبل أن يعود للنافذة و يمد رأسه نظرا اليها ....
رآها تمسك بهاتفها الموضوع بجوارها على المقعد لتنظر الى الاسم .... ثم لم تلبث أن أطفات الصوت و أعادته الى مكانه مجددا و هي تعاود النظر الى البعيد بملامح باردة ...
تصلبت ملامح أمجد فجأة وهو يخفض هاتفه !!! ....
الآن أصبح غضبه حقيقيا .... لا يعلم إن كان غضبه منها أم من نفسه ......
دس الهاتف في جيب بنطاله , قبل أن يستدير بغضب خارجا من مكتبه وهو يعقد العزم على الا يحترمها مجددا و لو بمجرد نظرة .....
كان يسير في الممر و ملامحه متصلبة , بادية التجمد .... الى أن وصل الى المصعد و الذي ما أن فتح ابوابه حتى وجد مسك تخرج منه بأناقة ....
توقفت مكانها و هي ترفع وجهها اليه حين رأته لا يبتعد عن طريقها فقالت بهدوء
( هل تنوي سد الطريق طويلا ؟!! ........ )
أوشك أن يرد عليها بغضب و يهاجمها بسبب عدم ردها عليه , الا أنه في النهاية أفسح لها الطريق و أشار بكفه قائلا بخفوت فاتر
( تفضلي ......... )
مرت مسك من أمامه و هي ترفع حاجبها متعجبة من استسلامه المهذب على غير العادة .....
و اوشكت على تركه و الابتعاد , لكن و ما أن رأته ينوي دخول المصعد حتى نادته بحيرة
( ألن تحضر اجتماع مجلس الادارة ؟!! ......... بما أنك هنا , لما لا تتنازل وتحضره من باب التغيير .... )
عقد أمجد حاجبيه و قال بدهشة
( هل هو الآن ؟!! ......... )
ارتفع حاجبي مسك معا و قالت تمط شفتيها
( كان علي توقع ذلك منك ........ انه الآن يا أستاذ في قاعة الاجتماعات على يدك اليمنى ...طبعا نسيت مكانها و معك كل الحق .....أعضاء مجلس الادارة قرروا وضع لوحة بصورتك في خانة المفقودين ... . )
ظل أمجد مكانه متصلبا ... صارم الملامح , الا أن الابتسامة أوشكت على امالة زاوية شفتيه قليلا ....
كلمة " أستاذ " خرجت مازحة من بين شفتيها بحلاوة السكر ....
أخفض عينيه و قال بجفاء
( لا بأس ..... تقدميني ....... )
تقدمته مسك , الا أنه قال بفظاظة
( لا .... انتظري .... اتبعيني ...... )
ارتفع حاجبيها من تحت نظارتها السوداء و هي تراه يتجاوزها و يسير أمامها , فقالت بغضب
( الا لديك أي فكرة عن الذوق ؟!! ...... )
رد أمجد بغضبٍ أكبر دون أن يستدير اليها ....
( لا ليس لدي ..... و حلتك شديدة الضيق بالمناسبة ..... )
تسمرت مسك مكانها و هي تنظر اليه مذهولة وهو يبعد عنها بقوة .....
بينما وقفت فاغرة شفتيها ... ثم امالت رأسها تنظر الى نفسها من الخلف و من الجانبين ...
كانت الحلة تناسب شكل قوامها الا أنها لم تكن شديدة الضيق أبدا ...
اعتدلت مسك بوجنتين محمرتين و هي تراقب دخوله الى قاعة الاجتماعات ...... ثم شدت سترة الحلة الى أسفل بقوة و شدت صدرها بغضب و اندفعت الى القاعة ....
بحثت عنه فرأته و قد اتخذ احد المقاعد ليجلس عليها باهمال دون ورقة بيضاء حتى ... بينما هي تحمل ملف اوراقها كاملة ... و كانت تود احضار حاسوبها ايضا لكنها تراجعت ....
اندفعت مسك و جذبت الكرسي المجاور له و ارتمت عليه بعنف لتهمس فجأة بشراسة و هي ترمي بنظارتها على سطح الطاولة
( أنت وقح ....... كيف تسمح لنفسك ؟؟ ..... )
نظر اليها بطرفِ عينيه ليقول باهمال و برود
( هل الخطأ خطأي لانني أنبهك الى ...... يا الهي ما هذا ؟!!!!! .... )
استقام جالسا في مقعده وهو ينظر اليها مصدوما عاقدا حاجبيه و قد تغيرت ملامح وجهه تماما الى الاهتمام البحت ....
فعبست مسك و هي تقول بتوجس
( ماذا ؟!!! ......... )
اشار أمجد الى وجهها و هتف بغضب
( تلك الكدمة في وجهك !!! ...... من صفعك ؟!!! ...... )
سارعت مسك برفع اصابعها الى وجنتها و قد نستها تماما , فقالت بغباء
( اوووووف .... لقد نسيت اضافة المزيد من مسحوق الزينة لاخفائها ..... )
مال امجد الى الأمام و همس بغضب
( من ضربك ؟؟ ........... )
نظرت اليه مسك بغضبٍ مماثل و قالت من بين أسنانها ...
( لم يضربني أحد ... أساسا لا يتجرأ أحد على ضربي ....... )
قال أمجد بعنف و قد ساعده خلو القاعة الا منهما ......
( تكلمي يا مسك ... من أين حصلتِ على تلك الكدمة ؟؟ ..... )
نظرت اليه بتوتر ثم قالت بلامبالاة
( وقع أحد أرفف المكتبة على رأسي ......... )
ارتفع حاجبي أمجد وهو يقول ساخرا
( ما شاء الله !! ..... و قد انحرف بمهارة ليقع فوق اعلى وجنتك تحديدا !! ...... تكلمي يا مسك )
عقدت حاجبيها و قالت بتوتر مشيرة بيدها كحركة البطة
( كنت منحنية و أنا أسند أحد أرجل المكتبة .... هكذا .... فوقع الرف على ...... )
قال أمجد بقوة
( أنت كاذبة فاشلة جدا فلا تحاولي ...... هناك أربعة أصابع مرتسمة على وجنتك يا مسك ..... )
عقدت مسك حاجبيها و رفعت يدها تغطي الكدمة قائلة بحرج
( حقا ؟!!! ............ ياللهي , كيف سأحضر الآجتماع الآن ؟!! ..... )
ضرب أمجد على سطح الطاولة وهو يقول
( تبا للاجتماع ...... اخبريني من ضربك ؟؟ ....... )
نظرت مسك اليه ثم هزت كتفها و قالت ببساطة
( أبي ............. )
تسمر وجه أمجد و ارتفع حاجبيه و قال غير مصدقا
( ضربك و أنتِ في مثل هذا العمر ؟!! ....... لماذا ؟!! ..... ماذا فعلتِ ؟!! ...... )
مطت مسك شفتيها و بدأت في اخراج أوراقها و هي تقول ببرود
( أيجب أن أكون قد اقترفت أمرا جلل كي يضربني ؟!! ...... )
هتف أمجد بذهول
( بالطبع !! ............ )
نظرت اليه بطرف عينيها و قالت باهتمام
( الن تضرب ابنتك أبدا ؟!! .............. )
رمشت عينا أمجد و لمعت بهما الرقة رغم عنه في لمحة خاطفة , ثم قال بخفوت مفاجىء بدا حنونا
( لو كانت لدي بنت فلن أضربها أبدا ........ ستكون ملكة كأمها ..... )
ارتجفت أصابع مسك رغم عنها ... و قد لاحظ أمجد ارتجاف أصابعها .... و سره هذا جدا , الا أنها عادت لترتب ورقها و هي تقول بفتور
( هذا كلام عاطفي جدا ...... لا وجود لرجل يعامل زوجته كملكة ..... )
قال أمجد بجدية
( والدي رحمه الله كان يعامل أمي كملكة ........ )
افلتت ضحكة ساخرة من بين شفتي مسك , جعلت أمجد يعقد حاجبيه بقسوة ,,,, فنظرت اليه مسك و رأت أنها قد أغضبته بحق , فقالت بخفوت
( آسفة لم أقصد السخرية ...... لكن لو كنت ممن يقدرون الصراحة , فأنا رأيت والدتك ..... لا تبدو أنها كانت تعامل كملكة ..... و أنا لا أقصد أي اهانة ..... )
أظلمت عيناه بشدة فقال بقسوة
( هذا يتوقف على تعريف لفظ ملكة بالنسبة لكِ ..... هل كل ما يعنيه هو الرشاقة و الملابس الأنيقة و الماسات ؟!! ...... لو كان هذا هو التعريف لديك فأنتِ اذن سطحية بدرجةٍ لم أتوقعها ..... الملكة هي المرأة التي تجبر زوجها على احترامها و مراعاتها في كل كلمةٍ قد تجرحها حتى و لو كانت مجرد همسة ...... هل عاملك أحد يوما بهذا الشكل ؟!! ..... )
ظل وجه مسك منخفضا شاحبا و هي تتظاهر بترتيب الأوراق ...ثم قالت
( لي صديق ...... أعتقد أنه الوحيد الذي عاملني بهذا الشكل رغم فظاظة أخلاقه ..... ووالدي يدللني ..... لكن ما وصفته بهذه الدقة .... لا ... لا أعتقد أنني جربت الشعور من قبل .... )
ساد صمت متوتر بينهما , و رفضت أن ترفع وجهها اليه , فقال أمجد بصلابة
( من هو هذا الصديق ؟!! .......... )
ارتفع وجهها اليه مجفلة و هي تقول بعدم فهم ....
( ماذا ؟!! ....... )
قال أمجد بفظاظة
( من هو هذا الصديق الفظ الرقيق ؟!! ......... )
ابتسمت مسك رغم عنها و قالت
( آآآآه .... إنه ابن عمي قاصي , لقد رأيته ..... الذي تركني و تزوج أختي ....... )
عقد أمجد حاجبيه أكثر و قال بخشونة
( أنتم عائلة غير مطمئنة على فكرة .......... )
افلتت منها ضحكة رقيقة رغم ارادتها ...... و تلك الضحكة كانت السبب في اضطرابه بشدة , فقال فجأة دون استعداد
( ألديكِ الرغبة في أن تعيشي كملكة لبيتي ؟؟ ...... الآن يا مسك أريد جوابا واضحا ..... )
رفعت وجهها المصدوم اليه .... ووجدت أنه لن ينتظر أكثر ... يريد قرارا حاسما ..... و ما أن فغرت شفتيها لتجيب حتى قال يقاطعها بجدية رقيقة
( و أريكِ كيف يمكنني أن أعامل طفلتي كملكة كما تستحق أمها ..... )
اغلقت شفتيها ببطىء عن الرد الذي أوشكت على قوله .... و زاد عمق الخطين الفاتنين على زاويتي شفتيها ....
و مرت عدة لحظات من الصمت بينهما قبل أن تقول بهدوء
( أنا آسفة يا أمجد ..... لقد فكرت مليا في الأمر و وجدت أننا لا نناسب بعضنا ..... لقد تقدم لي أحد أبناء أعمامي ووافقت ..... و معلومة أخرى , عائلتي لن تقبل بتزويج احد بناتها الا من ابناء أعمامهم , و من تفعل غير ذلك يكون مصيرها أن تخرج من العائلة للابد ...... )
أجفل أمجد بشدة من بساطة رفضها !! .... لم يتوقع تلك البساطة المهينة أبدا !! ......
و قبل أن يجد الرد , كانت مسك قد نهضت من جواره مع دخول أول الأعضاء , فقالت ببرود
( لقد وصل ابي .... نسيت اخبارك بأنه سيحضر الإجتماع ...... )
ابتعدت عنه بسرعة بينما ظل هو مكانه يحاول استيعاب رفضها البارد عكس ما ظنه خلال الأيام الماضية تماما , و نظر اليها و هي تقترب من والدها برأسٍ منخفض فابتسم لها سالم الرافعي و قد بدأ أعضاء مجلس الادارة في التوافد ... وهو يقدمها لهم بفخر .. محيطا كتفيها بذراعه ...
أما هي فقد اسدلت غرة ناعمة في حركةٍ سحرية كي تغطي بها كدمة وجهها .... وجهها الذي بدا شاحبا و بعيدا جدا ....
أما هو فقد نهض من مكانه و غادر القاعة أمام أعين الجميع المتسائلة .... و أمام عينيها المظلمتين بخيبة أمل لم تحسب لها حساب قبلا ....
.................................................. .................................................. ....................
الليلة التي كان يأتيها بها في الحلم ....
كانت هي السعادة الوحيدة التي باتت تعيشها هذه الأيام الطويلة و الليالي الاطول ....
ابتسمت له و همست برقة
" سليم ........ اشتقت لك .... "
كان وجهه مضيئا في بياض القمر .... و ابتسامته خطفت عينيها الشاحبتين .....
تعلم أنها تحلم ....
كانت من البشر القلائل اللذين يعلمون أن الحلم حلما وهم يعيشون تفاصيله ... فتبقى بداخلهم المرارة و الخوف من الاستيقاظ ...
تململت قليلا و همست بأسى ....
" لا تذهب الآن ..... ابقى قليلا ...... "
الا ان ابتسامة سليم بدأت تتلاشى .... و رائحته الطيبة تختفي ببطىء ليحل محلها عطر قوي جدا و كثيف .... كثيف الى درجة خانقة .....
عقدت سوار حاجبيها في نومها المتقطع .... و هي تتعرف ذلك العطر دون ان تستوعب صاحبه ....
لكن ما هي الا لحظة و اختفى حلمها الجميل من أمام عينيها , حين أطبقت كف قوية خانقة على فمها بقوة ....
فتحت سوار عينيها على أقصى اتساعهما , الا أن الظلام كان دامسا ....
لا شيء ينير الغرفة سوى ضوء القمر الشاحب المتسلل من النافذة ....
و كان هذا الشعاع الشاحب كافيا لرؤية العينين الشرستين اللتين تعلوان عينيها مباشرة ....
بينما جسدا قوي يسجى فوق جسدها و يكبلها بالأغطية ....
ذعرت سوار و اخذت تصرخ بقوة من تحت تلك الكف القوية .... الا أن صوته الأجش همس في أذنها بلهجة غريبة
( لن تكوني لغيري ....... سأقتل عنادك هذا , فقد أخطأتِ في محاربة حقي بكِ من جديد يا سوار .......... )



انتهى الفصل 15 قراءة سعيدة


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:32 PM   #5577

Roqaya Sayeed Aqaisy

نجم روايتي وكاتبة بمنتدى قلوب أحلام وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Roqaya Sayeed Aqaisy

? العضوٌ??? » 345099
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 3,439
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Roqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond reputeRoqaya Sayeed Aqaisy has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اخر طلب تيمو ووعد اي برومس يو لن ازعجك نهائيا ... بليز خلي قاصي يطلع بريئ الفصل دا عشان اقدر اصوم رمضان وانا مطمئنة البال بليزززززززززززززززز دا طلب جماهيري يا فندم

Roqaya Sayeed Aqaisy غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:33 PM   #5578

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

مسا الخير تيمو وحشتيني كتير الله يوفقك يوفق أولادك فى امتحانتهم تسجيل حضور

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:36 PM   #5579

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 291 ( الأعضاء 218 والزوار 73)‏tamima nabil, ‏ranoushi, ‏yaraa_charm, ‏rontii+, ‏Fatima hfz+, ‏ملكة بأخلاقي, ‏ولاء محمد قاسم, ‏haa lo+, ‏ناميس, ‏بت ابريش, ‏دلووعة2, ‏Omaima Refaat, ‏غربة الرووح222, ‏ebti, ‏ام رناد, ‏لامار جودت, ‏bila korn, ‏أسماء44, ‏shery4, ‏reem112, ‏سارقة الظلام, ‏نوف بنت ابوها, ‏ghader, ‏نجوooد, ‏هّـمًسِـآتٌـ, ‏نداء الحق+, ‏اميرة كيليسا+, ‏نجمه الصباح, ‏سنا هيت+, ‏hidra, ‏maimickey, ‏meryamaaa, ‏fattoma2020, ‏amiraa22bk+, ‏fattima2020, ‏**sweet girl**+, ‏eng miroo, ‏*ماريان*+, ‏fatma khaled, ‏omniakilany, ‏MS_1993, ‏روح هاربة, ‏REEM HASSAN, ‏lizabennete, ‏رفيدة هشام, ‏يمنى اياد, ‏دعاء 99, ‏yasser20, ‏جاسمينات باسو, ‏حواء بلا تفاح^, ‏عيوني تذبح, ‏escape, ‏mnmhsth, ‏وردة الياسمين الحلوه, ‏الصقر الصقر, ‏رشا عادل, ‏dada19, ‏Sibelle, ‏سلمي و نقطة, ‏jjeje, ‏الآنسة تاء, ‏هبه رمضان, ‏نزووف, ‏haidy naser, ‏babo, ‏shams ali, ‏bonoquo, ‏روكو, ‏طوطه, ‏mesho ahmed, ‏زهره ربيع عمري+, ‏براءة الجزائرية, ‏Bassmet Amal, ‏ام هنا, ‏ثمرو, ‏Semara, ‏hanene**, ‏khma44, ‏زهرة مغتربة, ‏رمـاد الشوق, ‏lolo575, ‏يا من تحب+, ‏samiataha, ‏نبيله محمد+, ‏ياسمين نور, ‏ghdzo, ‏imy amouna, ‏flower 33, ‏bella vida, ‏احاسيس ضائعه, ‏ارض اللبان, ‏Lalloush, ‏forbescaroline, ‏braa, ‏جومانه عادل, ‏Eman Js, ‏abeer t, ‏Mrmr Reda, ‏Israa khaled, ‏enashady, ‏انسيآب..!, ‏Alzeer78, ‏esraa93, ‏ALana, ‏hadelosh, ‏mai ali+, ‏blackangel, ‏قهوه مظبوطه, ‏nada yahia, ‏ايه الشرقاوي, ‏س?ر, ‏princessran, ‏حائرة انا, ‏umryum, ‏Anwr Ahmad, ‏summer cloud, ‏الهجرس, ‏ساره يزيد, ‏غير عن كل البشر, ‏shorouk ibrahim, ‏prue, ‏muna ali, ‏laila jaber, ‏بلاكو, ‏yawaw, ‏bosy el-dmardash, ‏raga, ‏nashwa magdy+, ‏najla1982, ‏amolty, ‏Mona roro, ‏Batol210, ‏آيه ♡, ‏Electron, ‏نهولة, ‏shouq Al shehri, ‏meryana, ‏ميمياء9, ‏m7s, ‏صمت الزوايا, ‏قمر الزمان@+, ‏AYOYAAA, ‏WAFAS, ‏نيورو, ‏menatallah_2000, ‏أم الأبطال, ‏gooore, ‏soma saif, ‏غار, ‏هبوش 2000, ‏غيدائي, ‏intissar2, ‏ريامي, ‏Hams3, ‏هامة المجد, ‏الجميلة النائمه, ‏meme7, ‏جميلة الجميلات, ‏shfaama, ‏ام الانس, ‏za.zaza, ‏الياقوته الحمراء, ‏سهر واشواق, ‏manal abass, ‏دندنه 2008, ‏عشقي لديار الخير, ‏thebluestar, ‏نوراي, ‏الزهرة البيضاء 2, ‏Shining Moon, ‏ليله طويله+, ‏a girl, ‏حووووووور, ‏sosoangle, ‏حب الدنيا, ‏sosomaya, ‏جعفرالدولار, ‏noor jamal, ‏ريمين, ‏hope 21, ‏نجوى1, ‏ام احمدوايادواسر, ‏rosetears, ‏عشق القلم, ‏كَيــدْ !, ‏توكااا, ‏Esraa Mosaad, ‏لاار, ‏داليا انور, ‏nodas, ‏sara osama, ‏b3sh0, ‏Zaaed, ‏cloudy9, ‏امزونية العشق, ‏pearla, ‏d2000, ‏nouhailanouha, ‏البتول عبد الله, ‏انكساري, ‏ons_ons, ‏sfaa, ‏ebrU, ‏Ellaaf, ‏secret angel, ‏هبه ياسين, ‏nawaraa, ‏dentistaya, ‏اغلى ناااسي, ‏Aya youo, ‏ساره يوسف, ‏قطوف من الامل

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 28-05-16, 11:38 PM   #5580

روح هاربة

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية روح هاربة

? العضوٌ??? » 343253
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » روح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond repute
افتراضي

راح اقراء الفصل بكرا على رواقة حابة استمتع فيه إلى آخر درجة شكرا على الفصل

روح هاربة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.