آخر 10 مشاركات
جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          سلسلة فينسينتي... للكاتبة: Angela Bissell (الكاتـب : Gege86 - )           »          و أَمَةٌ إذا ما ابتُلِيَت في شرَكٍ ما جنتَ *مميزة* *مكتملة* (الكاتـب : فاطمة عبد الوهاب - )           »          383 - همسات الندم - جين بورتر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-07-16, 03:09 AM   #6881

أورور
 
الصورة الرمزية أورور

? العضوٌ??? » 140121
?  التسِجيلٌ » Sep 2010
? مشَارَ?اتْي » 438
?  نُقآطِيْ » أورور is on a distinguished road
Elk


مساء الخير تسجيل حضور بانتظار الفصل تيمووووو

أورور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 03:20 AM   #6882

ساما555

? العضوٌ??? » 356595
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 59
?  نُقآطِيْ » ساما555 is on a distinguished road
افتراضي

بانتظااااااار الفصل

ساما555 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 03:34 AM   #6883

bna

? العضوٌ??? » 336834
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 220
?  نُقآطِيْ » bna is on a distinguished road
افتراضي

صباح الخير
امتى حينزل الفصل
������
انا في النتظار


bna غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 03:50 AM   #6884

هوس الماضي

نجم روايتي وعضوة بفريق الكتابة للروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية هوس الماضي

? العضوٌ??? » 330678
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,193
?  نُقآطِيْ » هوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير .... 😊😊😊😊

هوس الماضي متواجد حالياً  
التوقيع












رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 03:50 AM   #6885

هوس الماضي

نجم روايتي وعضوة بفريق الكتابة للروايات الرومانسية

 
الصورة الرمزية هوس الماضي

? العضوٌ??? » 330678
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,193
?  نُقآطِيْ » هوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond reputeهوس الماضي has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخير .... ��������

هوس الماضي متواجد حالياً  
التوقيع












رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 03:54 AM   #6886

ياسمين قمر

? العضوٌ??? » 374881
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 3
?  نُقآطِيْ » ياسمين قمر is on a distinguished road
افتراضي

فييييين الفصل الجديد مستنيييين

ياسمين قمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 04:08 AM   #6887

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

صباح الورد للجميع ..... انا حنزل الفصل حالا
mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 04:09 AM   #6888

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الثامن عشر :

( أين نحن ؟!! .................. )
همست سوار بتلك العبارة و هي تنظر الى البيت المضيء في عتمة الليل .....
كانت قد خرجت من السيارة ما أن أوقفها ليث .... لكنها ترنحت و هي تشعر بالدوار , فسارع ليث اليها ليسندها و يلف خصرها بذراعه ....
فهمس بقلق
( سوار ....... ماذا بكِ ؟!! ...... )
لم ترد عليه على الفور ..... بل شعر بوجهها يسقط مثل الزهرة الذابلة فازداد قلقه ... حينها مد يده و أمسك بذقنها يرفعها, لينظر الى عينيها ....
كانت لا تزال مغاطة الوجه .... فقط عينيها المحدقتين به بعدم تركيز هما الظاهرتين ... واسعتين و ذهبيتين في ضوء القمر ....
فمد يده و أزاح الغطاء عن ملامحها ببطىء حتى انسدل بعيدا .......
حينها فقط همس مبهورا دون أن يستطيع منع نفسه
( سبحان من خلق الذهب في عينيكِ يا مليحة ....... أي جمال هذا ؟!! ..... )
اتسعت عيناها قليلا قبل أن تزيغ نظراتها ..... و شعر بثقلها يزداد على ذراعه المحيطة بخصرها , فشدد عليها وهو يهتف بقلق
( سوااااااار ........ )
همست و هي تشعر بثقلٍ غريب في رأسها
( أشعر بالدوار ......... )
انحنى ليث ووضع ذراعه الأخرى تحت ركبتيها .... قبل أن تشعر بنفسها ترتفع عن الأرض و يضمها صدر قوي كواحة فسيحة ..... فلفت ذراعيها حول عنقه و هي تشعر بنفسها تتأرجح في الهواء و على وشك السقوط .... لكن هذا لم يمنعها من الهتاف بخشونة و هي تتحرك بضعف
( أنزلني يا ليث ...... ماذا تفعل ؟!! ..... )
تحرك ليث وهو يحملها الى الداخل .... قائلا بصوتٍ عميق , بدا و كأنه زمجرة نابعة من أعماقه
( ماذا أفعل ؟!! .... أحملك الى الداخل , الى بيتنا ..... )
تحركت مرة اخرى تريد المقاومة و النزول , الا انه شدد عليها فمنعها من الحركة فهتفت غاضبة
( انزلني يا ليث ..... لن أدخل دارك بهذا الشكل ..... )
الا أنه ادار وجهه حتى لامست شفتيه اذنها وهو يقول بخفوت عميق
( لو حالت الظروف دون قدومك لداري في هودج , فعلى الأقل ستدخلينه محمولة بين ذراعيً .... و لن يمنعني احد من حقي ..... )
سكنت سوار عن الحركة لعدة لحظات و هي تلمح ذلك التهديد الخفي في نبرته ...
ترى هل قصد ما فهمته أم أنها تتوهم فحسب جراء حالتها الذهنية المشوشة ؟!! ....
رمق ليث عينيها الواسعتين بنظرةٍ قاطعة ... قبل ان تشعر به يتحرك صاعدا الدرجات القليلة أمام بابه الضخم .....
كان الباب مفتوحا و الأنوار كلها مضاءة مما جعلها ترف بعينيها هامسة و هي تقرب وجهها من عنقه
( الضوء شديد .... أعاني من صداع عنيف ...... اطفىء الأضواء .... )
لامست شفتاه جبهتها الملساء و همس لها بصوت خافت
( سآمر باطفاء كل الأضواء على الفور .... أغمضي عينيك و اريحي رأسك على كتفي ... )
الا انها رفعت عينيها اليه و همست بعدم فهم
( ستأمر من ؟!!! ..... هل هناك احد غيرنا في هذا الدار ؟؟ ؟...... )
رفت عيناها و هما تنخفضان لتنظران الى شفتيه اللتين التويتا في شبه ابتسامة , ثم قال بصوتٍ أجش قوي
( كنت أود لو كنا وحدنا يا مليحة ..... لكن هناك خادمتين هنا تحت خدمتك ..... )
ابتلعت سوار ريقها و همست بصوتها القوي و هي تبعد عينيها عن مرمى عينيه
( لا أحتاج الى خدم .... اصرفهما يا ليث رجاءا ..... )
كان قد بدأ يتحرك بها ...... ثم همس بخفوت
( ليتني أستطيع ......... لكنني لن أتركك هنا للحظة واحدة في غيابي , هناك أربعة رجال أشداء يحرسون البيت .... و الخادمتين هنا لمساعدتك .... )
ارتجف نفس سوار و أسبلت جفنيها و هي تهمس
( لا أريد رؤية أحد من العائلة ..... رجاءا ....... لا أملك كل قوتي لمواجهة أحد الآن و أنا أكره أن يراني أحد بمثل هذا الضعف .....)
الآن لم تتخيل ابتسامته , فقد ابتسم لها بالفعل و قال بخفوت
( طلباتك أوامر قبل أن تنطقي بها ..... لقد أمرت أن تتوقف التهاني , عند حدود هذه الأرض نظرا للظروف .... لذا , لا نساء ... لا أعمام .... لا أقارب ..... و الآن سآخذك الى غرفتنا ....أغمضي عينيكِ فهما ترفان بشدة , سأحملك الى الغرفة ثم أعطيكِ اقراص للصداع ....)
كانت تود المقاومة .... تريد أن تظل مرفوعة الرأس وواعية لكل ما حولها ..... لكنها كانت حاليا في حالة عنيفة من الإعياء ... لذا همست تبرر ضعفها
( لقد ...... خدرني أكثر من مرة .....)
توقف ليث مكانه ....
و شعرت بذراعيه تتصلبان من حولها و كأنهما أصفاد من حديد ..... حينها رفعت عينيها المتعبتين اليه , الا ان عيناه صدمتاها .... كانتا سوداوين للغاية , غاضبتين و مهددتين .... فارتجفت للحظات بين ذراعيه ...
الا أنه قال بصوت خفيض ... آمر
( اصمتي ........ )
فغرت سوار شفتيها و هي تسمع منه تلك النبرة القاسية للمرة الأولى ... فهمست مصدومة
( هل تخاطبني أنا بتلك النبرة ؟!! ...... )
الا أن جوابه كان للمرة الثانية , أكثر خفوتا لكن أشد سطوة ...
( قلت .... اصمتي , ..... )
تحرك بها عدة خطوات تجاه السلم ... لكن سرعان ما خرجت احدى الخادمتين و هي تهتف
( مبارك يا سيد ليث .... مبارك , جعلها الله زيجة الهناء و الخير ... )
ابتسم لها ليث على مضض بينما قال بهدوء دون أن يحرر سوار احمر وجهها بشدة من منظرها و ليث يحملها بين ذراعيه علنا و بتلك الطريقة ... لم يحدث لها يوما أن تعرضت الى مثل هذا العرض المجاني ...
( شكرا يا أم مبروك .... السيدة متعبة قليلا لا تقوى السير على قدميها , سآخذها الى فراشها كي ترتاح .... )
هتفت أم مبروك بهلع
( الف سلامة للسيدة .... الف سامة لك سيدتي , هل أحضر العشاء سيدي ؟؟ .... عشاء عرائس كامل في انتظاركما .... )
قال ليث وهو يصعد السلم
( لا يا أم مبروك .... اطفئي كل الأنوار ثم يمكنك الذهاب الى غرفتك , أنا سأتولى الأمر من هنا .... )
هتفت من خلفه
( لا يصح يا سيد ليث ..... هل عدمتني كي تخدم نفسك و عروسك !! .... )
قال ليث بصرامة دون أن يستدير اليها
( تصبحين على خير يا أم مبرووك ....اطفئي الأنوار ثم الى غرفتك الآن ..... )
ثم صعد حاملا سوار دون كلمة اضافية ... بينما وقفت أم مبروك مكانها تنظر اليهما بفضول و اهتمام ....
و ما أن اختفيا من أمام عينيها حتى سارعت تنفذ ما أمر به ليث ...
أما هو فقد وصل الى غرفتهما ... ففتحها منحنيا بسوار و التي ازداد تشبثها بعنقه كي لا يوقعها ...
الا أنه لم يوقعها .... لم يكن ليوقعها أبدا , خاصة و أن عيناه التقيتا بعينيها فارتبكت و خففت من ضغط ذراعيها على عنقه ...
حينها همس لها بخفوت
( أتخافين انحناءة كهذه ؟!! .... اذن من الجيد أنكِ لم تأتي الى داري في هودج , فانحناءته مخيفة ... )
نظرت سوار الى عينيه و قالت بإباء
( أنا لا أخشى شيئا ....... )
ارتفع حاجب ليث .... و قال بهدوء
( جيد , للحظة شككت في الأمر , خاصة و أن قلبك يخفق بعنف فوق كفي ..... )
احمرت وجنتي سوار أكثر ...و حاولت التلوي كي تبعد جسدها عن مرمى يده , الا أنه كان من القوة بعكس الارتخاء الساري في جسدها حاليا ....
دخل بها الى الغرفة , و أغلق الباب بركلة من قدمه ... ثم تحرك بها حتى وضعها على السرير الضخم برقة متناهية ....
سرير بأربعة أعمدة ... شديد الضخامة و منحوت بفن عالي ... تغطيه الستائر من كل جهاته و تعطيه جوا من الملوكية ...
ككل جزء في الغرفة .... باضوائها الجانبية الشاحبة و أثاثها الراقي و الذي يكاد أن يكون ذو ذوق أثري .....
ما أن شعرت سوار بنفسها تتحرر منه حتى قفزت واقفة على قدميها ...
الا أن الحركة السريعة جعلتها تترنح و قد اصابتها نوبة مفاجئة من الدوار .....
أمسك ليث بها قبل أن تقع أرضا فأمسكت بذراعيه تثبت نفسها .... و ما أن أستقر العالم أمام عينيها حتى هزها قليلا وهو يقول من بين أسنانه ....
( توقفي عن حركاتك القوية كالفرس تلك .... أنتِ مرهقة و مصابة بالصداع و الدوار .... ستقعين أرضا بهذه الحركات العنيفة المفاجئة ... )
ابتعدت عنه سوار و هي تتململ , الا أنه أحاط خصرها بذراعيه و جذبها اليه حتى ارتطمت بصدره فاتسعت عينيها و هي ترفع وجهها الشاحب اليه ....
للحظات ظلت على صدمتها الثانية ..... جسدها ملاصقا لجسده بالكامل , .... تستشعر كل نبضة به ...
بينما عيناه تنظران الى عينيها و كأنه يحثها على استشعار كل ما يمر به من انفعالاتٍ قوية ...
ابتلعت سوار ريقها و همست تحاول الابتعاد
( ابتعد عني يا ليث ...... )
لكنه لم يبتعد .... بل ظل على امساكه بها و هي تحاول التحرر مبعدة وجهها الى اليمين و اليسار , خاصة و هي ترى وجهه ينخفض اليها مجددا ....
شهقت سوار و ازدادت حدة حركاتها حتى انتابها بعض الجنون ... الا أن وجهه وصل الى وجهها و لامست شفتاه أذنها وهو يزمجر بخشونة آمرة
( اياكِ أن تنطقي بشيء مجددا عما حدث .... الجدران لها آذان .... هذا الأمر سيموت .... )
تسمرت سوار مكانها لعدة لحظات ... قبل أن تدفعه بكل القوة المتبقية لديها ....
لكنها لم تكن لتقارن بقوته , فشعرت و كأنها تدفع جدارا ثابتا .... حينها فقط قرر أن يحررها ببطىء و دون عجلة ....
فسارعت سوار الى الابتعاد عدة خطوات مترنحة الى الوراء و هي تنظر الى عينيه بنظراتٍ جارحة ...
ثم قالت بخفوت
( لم يكن عليك التضحية يا ليث ..... هذا الأمر سيلاحقنا طويلا و سيعرف آجلا أو عاجلا .... ما كان عليكِ تقديم هذه التضحية .... )
ضاقت عينا ليث وهو يراقب كبريائها المهان ....
كانت صغيرته تنزف بداخلها لما لحق كرامتها و شرفها من امتهان ..... و كان نزيفها يحدث صدى من العذاب أضعافا بداخله ....
و ها هو ... بدلا من أن يسارع للنيل من هذا الحيوان القذر ... يقف أمامها آمرا الا تنطق بهذا الأمر أمام أحد !! ....
من حقها أن تشعر بالمزيد من الهوان .....
أخذ ليث نفسا عميقا ... ثم قال بهدوء بطيء كي تستوعب
( اسمعيني جيدا يا سوار .... لن يعرف مخلوق عن سبب اسراعنا في الزواج , أعلم أن الليلة هي ليلة سكون ما قبل العاصفة في عائلة الهلالي بسبب المفاجأة التي وضعتهم بها .... لكن وعدي لكِ الا يعلم مخلوق بالسبب .... أما تضحيتي كما تدعين , فاتركيها خارج الموضوع ....
لن اتنازل للرد على هذا الإفتراء من الأساس ..... )
أسبلت سوار جفنيها و استدارت بعيدا عنه ....
كانت في حاجة لأن تبعد عينيها عن مجال هيبته التي تغطي مساحاتٍ واسعة من أي مكانٍ يتواجد به ...
ثم قالت بصوت رخيم
( أتعني أنك لم تضحي ؟!! ......... هل يقبل رجل غيرك بمثل هذه الزيجة ؟!! ..... )
راقبها ليث بصمت ... في عبائتها السوداء ... و رأسها المرفوع ... و النافذة من أمامها تضفي عليها سحرا أخاذا ....
سوار امرأة لا تواجه الا بالقوة .....
يشهد الله كم يود لو أذاقها رقة و نعومة العالم كله ... و يغدق عليها من الدلال حتى تتحول الى لينة ضعيفة ...
الا أنها ليست من هذا النوع .... لا تواجه الا القوي ... وهو لا ينقصه القوة ...
لذا أجابها بهدوء
( ربما لا ..... لكنني فعلت .... )
ساد صمت قصير لعدة لحظات قبل أن تقول بصوتٍ مشتد كالوتر
( لأنك أشفقت على مصابي ...... )
رد ليث بكل هدوء و دون أن تهتز نبرة صوته
( بل لأنني أريدك ........ )
انتفضت سوار تنظر اليه مصدومة ..... لكن ملامحه كانت قوية و حاجبيه منعقدين و كأنه يتحداها أن تتحدى اعترافه ....
رمشت سوار بعينيها و هي تقول بصوتها المترفع
( ما هذا الكلام ؟!! ....... ألفاظك فجة و أنا لا أقبل بها..... )
لم يرد عليها على الفور .... بل اقترب منها ببطىء , بينما أخذت تتراجع و هي تنظر اليه بعينين واسعتين
ثم قال ليث وهو لا يزال يقترب منها
( ربما تريدين اعترافا بالحب مثلا !!.... كأيام الصبا ...... )
بهتت بشرة وجهها , و أصبح شديد البياض وهي تنظر الى خطوات اقترابه و الشبيهة باقتراب خطواتِ ليث جائع .... لا يهم بالإنقضاض على فريسته , بل يغازل أنثاه .... فهو مليكها الوحيد ....
ابتسم ليث دون مرح , ثم قال بهدوءٍ و ثقة خاطفة
( الحب أصبح كلمة هزلية يا سوار .... اكتفيت بها لسنواتٍ طويلة و كأنني شاعر يرثي حبه الذي لم يحظى به يوما .... لكن الآن , الشاعر أصبح ملكا , فقد نال الملكة التي تغنى بحبها لسنوات و التي كانت أبعد له من النجوم .... أتراه يتكلم بنفس الصيغة ؟!! .... لا والله , فلقد نال القوة و سلطان الحب زاده جاها ....فطالب بحقه بكل عنجهية و اقتدار .. )
ابتلعت سوار ريقها الا أن عضلات حلقها كانت متشنجة مما تسمعه ففغرت شفتيها و قالت بصعوبة
( توقف .... توقف يا ليث عن هذا الكلام , لقد مات زوجي منذ أشهر قليلة .... الا تمتلك بعض الإحترام !! ..... )
وقف ليث مكانه ينظر الي عينيها المصدومتين .... ثم قال بهدوء
( رحمه الله , كان أخي و صديق العمر .... لكنه يعد زوجك يا سوار , .... انا زوجك الآن و عليكِ تقبل هذه الحقيقة .... ثانيا , ليس لي ذنب في أنها أشهر قليلة يا مليحة الوجه و الروح ..... لو كان الأمر بيدي لانتظرت بدلا من الدهر دهور ...... لكن القدر حكم أن تكوني لي قبل اكتمال العام ..... )
شهقت سوار و جرت في خطوات واسعة حتى أمسكت بأحد أعمدة السرير و كأنها تدعمها من السقوط ... ثم نظرت اليه بنظراتٍ أبية و قالت بترفع
( اتركني الآن يا ليث رجاءا .... اذهب الى بيتك ....... عد الى زوجتك فأنا مرهقة جدا و أكاد أن أسقط من فرط تعبي ..... )
رأته يبتعد عنها فتنهدت براحة ... الا أن راحتها لم تستمر لأكثر من لحظتين حتى تسمرت مكانها و هي تراه يغلق باب الغرفة بالمفتاح ثم يعود اليها ....
و عيناه حادتان كعيني الصقر ... فهتفت بقوة آمرة
( ماذا تفعل ؟!! ..... إن كنت تتخيل أنك قد .... قد .... قد ..... )
ارتفع حاجبيه و بدأ في خلع ملابسه أمام عينيها الذاهلتين ثم قال ببساطة
( قد !!!! ...... ماذا ؟!! ..... تابعي أنتِ تثيرين اهتمامي .... )
وقفت سوار مكانها و ازداد تشبثها بعمود السرير و رفعت ذقنها لتقول آمرة
( اخرج من هذه الغرفة يا ليث ........ )
قال ليث وهو يخلع سترته المشغولة ...و يلقيها أرضا , ثم بدأ في فك أزرار قميصه أمام عينيها الواسعتين ....
( وأين أذهب ؟!! ......... تلك الغرفة المعدة للعروسين !! ... هل أتركها و أبيت ليلتي في غرفة أخرى كعريس متخاذل !! .... ستكون فضيحة في حقي يا سوار و أنتِ لا ترضينها لي .... )
نظرت سوار الى الغرفة تتأملها للمرة الأولى ... ثم هتفت و هي تكلمه بلهجتها الملوكية و كأنه تابع من أتباعها
( بيت من هذا ؟!! ....... و اين هي زوجتك ؟!! ..... )
ابتسم ليث وعيناه تلتهمانها ... بتفاصيل عليائها و شموخ نظراتها رغم الخوف اللائح بهما .....
ثم قال بهدوء
( هذا بيتك .... كنت أعددته لهريرة منذ وقت طويل , كامل و جاهز بكل ما يلزم .... لكنها سافرت مع زوجها كما تعلمين ... لذا لم تسكنه أبدا , حتى حين تأتي الى البلد كانت تصمم على النزول ضيفة في بيتي .... لذا حين اقترب زواجنا و لم تسمح لي الفرصة كي أبني بيتا جديدا ... قمت بشراءه من هريرة و سجلته باسمك ...
و الآن سأبدأ في بناء بيت جديد لها ... أمامها وقت طويل قبل أن تفكر في الإستقرار هنا هذا إن فعلتها ... لذا أمامنا الوقت الكامل لتجهيز البيت الجديد لها ..... )
فغرت سوار شفتيها و هي تنظر الى الغرفة مجددا و كأنها لا تصدق أن يتصرف بمثل هذه البساطة .... بينما تابع ليث قائلا بخفوت أكثر ... و به رنة جعلت رعشة تسري في أطرافها
( ثانيا ..... زوجتي تقف أمامي , بكل بهائها و عنفوان نظراتها رغم الارهاق البادي في عينيها .... )
هتفت سوار بقوة
( لا تتلاعب بالألفاظ معي يا ليث ..... أنا أسالك عن زوجتك ميسرة .... )
ضاعت البسمة من على شفتيه .... بينما وقف مكانه للحظة ثم قال بسخرية لا مرح بها
( هل ظننتِ أن أسكنك نفس الدار معها ؟!! .... ليلة في غرفتها و ليلة في غرفتك , لا يفصلهما سوى ممر واحد ؟!! ....... لا أفعل بكِ شيئا كهذا يا ابنة وهدة الهلالي ...... )
رفعت سوار وجهها و قالت بتصلب
( أنا ابنة غانم الرافعي ....... )
نظر اليها ليث طويلا قبل أن يقول بخفوتٍ قاسي
( لم تعتبريها اهانة من قبل يا سوار .... على ما يبدو أن أشياءا كثيرة قد تغيرت بكِ يا سوار دون علمي .... )
نظرت الى عينيه و قالت بقساوة
( البركة في احد أفراد عائلة الهلالي .... هو من حرمني زوجي و زرع الحقد بداخلي تجاهكم ..... )
عند عبارتها القاسية ... توقف ليث مكانه و نظر اليها بنظرة غير مصدقة .... ثم قال متأكدا مما سمعه منها
( الحقد !! .... تجاه عائلة أمك ؟!! .... هل أنتِ سوار حقا ؟!! ....... )
صرخت سوار بقوة صرخة بدت كزئيرٍ شرس
( أنتم قتلتم زوجي ...... ماذا تتوقع ؟!! ....... )
صدمتها نبرة ليث حين هدر بكلمتين تردد صداهما في الغرفة
( اخفضي صوتك ....... )
ارتبكت من نبرته القوية .... و أجفلتها عيناه العنيفتان , الا انها هتفت بكل المتبقي لها من قوة
( لا تستخدم معي تلك النبرة مجددا ..... انا سوار غانم الرافعي , و الآن أخرج من هنا .... لقد تعبت , الا تمتلك بعض الرحمة ؟!! ..... )
رأته يخلع قميصه المفتوح ... ثم يرميه أرضا بغضب ثم رفع وجهه اليها و اقترب منها .... و عيناه تطلقان الشرر الذي لم تره بعينيه من قبل ....
خوفها مما ينويه جعلها تستجمع قواها و تفر هاربة حيث الباب المغلق .... الا أنه كان أسرع منها , فالتقطها بين ذراعيه و سار بها الى حيث السرير و هذه المرة ألقاها بقوة مما جعلها ترتمي على السرير ككومةٍ من الحرير الأسود .... شهقت سوار و هتفت
( أنا لا اقبل أن تعاملني هكذا ......... )
الا أن ليث هجم عليها و ثبت ذراعيها لأعلى رأسها مما جعلها تتلوى بعنف و كفرسٍ غير مروضة ...
لكنه قال أمام وجهها الرافض بنبرة ترتجف غضبا
( توقفي عن المقاومة و الا والله سوف أنال حقي بكِ الآن و حالا أمام عينيك الجميلتين المرهقتين .... توقفي ... )
تسمرت سوار مكانها و هي تلهث غير مصدقة لتهديده المباشر لها ... لكنها سكنت تماما كي لا ينفذ تهديده , ليس خوفا منه .... لكن اعترافا منها بأنها الآن في أضعف حالاتها الجسدية و الذهنية و العصبية ....
ظل ليث مكانه مشرفا عليها و مقيدا معصميها الى أن تأكد من توقفها عن المقاومة تماما ....
فتشنجت عضلات عنقه قبل أن يفلتها ليستقيم واقفا .... ثم قال ببرود جليدي
( ابقي مكانك حتى أحضر لكِ أقراصا مسكنة للصداع .... و أخرى لتساعدك على النوم و تخفف من صدمتك التي تعرضتِ لها ..... و أقسم بالله يا سوار لو تحركتِ من مكانك فسوف أنفذ وعيدي ..... )
رأته ينفض معصميها بقوة ... ثم يبتعد عنها ليتجه الى باب جانبي في الغرفة , فاستنتجت انه الحمام الملحق بها .... بينما ظلت سوار مكانها تلهث ناظرة الى السقفف بعينين واسعتين ....
لا تصدق ما تعيشه !! .....
إنها زوجة ليث !!! ..... و على ما يبدو أنه ينوي تنفيد كافة بنود عقد الزواج دون رجعة !!! .....
لطالما نظرت الى ليث على أنه رمزا للهيبة و القوة .... معلمها و كبير عائلتها حتى منذ صغر سنه ....
لكنها لم تتخيل أبدا أن يكون زوجها من لحم و دم .... له مطالب و حقوق !!!
حقوق !!! .....
اتسعت عينا سوار بصدمة و هي تتخيل صورا معينة من تلك الحقوق !! .....
سمعت صوت أقدامه فنظرت اليه بسرعة لتراه يقترب منها , حاملا في كفه ثلاثة أقراص ... و كوب ماء ...
قال لها بصوتٍ آمر
( اجلسي ....... )
ارادت أن ترفض نبرته المهينة تلك ...... الا أنها كانت ترتجف بتعب جسدي مريع , جعلها ترمش بعينها من شدة الألم ... في رفيف لا ارادي تقريبا ...
عقد ليث حاجبيه بشدة وهو يلاحظ حركة عينيها المتلاحقة ....
فاقترب منها و دس ذراعه تحت خصرها , ثم اخذ يرفعها برفق حتى استقامت جالسة ... قرب احد الاقراص من شفتيها و همس بخفوت حازم
( افتحي فمك ......... )
فالتقطته سوار و هي ترتعش من شدة التعب ... ثم وضع كوب الماء على شفتيها لترتشف منه ...
تبعه بالقرص الثاني ثم الثالث ... و هو يساعدها في أن تبتلعهم , و ترتشف من كوب الماء على مهل ...
الى ان انتهت ... حينها شعرت بنفسها تنخفض الى ان استلقت على السرير برفق .... فأغمضت عينيها مستسلمة لتلك الراحة التي لم تعرفها منذ وقت طويل ....
لكن وعيها كان لا يزال قلقا ... مرتابا فهمست بأنين
( ليث ......... )
اقترب منها ليث ليهمس في أذنها بخفوت
( يا روح ليث و قلبه ............ )
همست و هي على وشكِ أن تغيب عن الوعي
( لا أريد اتمام هذا الزواج ..... لا تجبرني ....... لست هنا لهذا .... )
ساد صمت قصير و هي تشعر بالظلام يلفها شيئا فشيئا .... الى أن سمعت صوته يهمس لها
( بلى سأجبرك ..... سأجبرك على عشقي حتى تترجين القرب مني .... )
شعرت بنفسها تهوى من سفح جبلٍ عالٍ فشهقت عاليا .... و تشبثت بجانبي السرير ...
الا أن ملمس شفتين دافئتين على وجنتها و صوت هامس
( لا تخافي ...... لن تقعي .... صدري لكِ هودج يا مليحة العرائس .... )
حينها استسلمت و تركت لوعيها حرية المغيب علها ترتاح مما مرت به ......
أما ليث فنظر اليها طويلا بعينين كئيبتين ... تنظران الى صغيرته المرهقة و التي نال منها اقذر الحيوانات و تسبب في ضعفها بتلك الصورة ....
مد يديه ليفك عنها وشاح رأسها بحرص كي لا تستيقظ .... لفة ثم الأخرى ... الى أن جذبه بعيدا قبل ان يرميه ارضا ....
ثم نظر طويلا الى هذا الوجه الناصع البياض ... مقاوما جينات الأسمرار في هذه البلد ... بملامح جميلة تأسر القلب ....
بينما شعرها الأسطوري مجموع في تزمت كحلقاتٍ فوق بعضها متراصة خلف رأسها تزيده ألما بالقيود الحديدية التي تثبته ...
مد ليث اصابعه و اخذ يفك الدبابيس واحدا تلو الآخر .... يحرر هذا الليل الهمجي من عقاله تحت وطأة أنظاره المسحورة ....
و استغرق دقائق طويلة الى أن انسدل شعرها كنهرٍ أسود على وسادته ....
مد أصابعه ليمشط الخصلات المستريحة على حجره !!! ... و همس بخفوت منبهر
( أي حلم هذا ؟!! ....... و تجادليني فيكِ ؟!! .... مجنونة أنتِ يا صغيرتي الأبية ...... )
رفع عينيه الي وجهها مجددا فاستقرتا على شفتيها الواسعتين .... ناعمتين باستفزازٍ يأمره بأن يتنعم بجمالهما للحظات ...
فهمس متابعا بصوت أجش
( تلك الشفتين أي سحر يسكنهما !! .... لم أرتوي بل حتى لم أقترب من حد الإرتواء منهما و من شهد مذاقهما ..... حتى الآن لازلت أسأل نفسي هل قبلتك فعلا أم أنه مجرد حلم كباقي أحلامٍ موجعة لا توجع و لا تشبع ..... لا دليل عندي سوى سرقتة شفتيكِ عنوة ..... سامحيني يا صغيرتي التي قاربت الثلاثين تحت سقفٍ غير سقفي ..... لو كنت أمتلك قوتك لانتظرت طلب الاذن منكِ , لكن سارق أنا حين أستشعر مذاقهما لا يزال يداعب أنفاسي ..... )
اقترب منها بوجهه .... الى أن داعبت أنفاسه شفتيها فافترقتا بتأوه ناعم ,,,,
حينها أطلقت الأسد الحبيس بداخله , فانقض عليها يشبع هذا الجوع مرة بعد مرة ... برفق يذوب حلاوة كي لا تستفيق فتمنع عنه هذا الشهد الساحر ....
همس ليث بين شفتيها النائمتين المخدرتين من هجوم شفتيه
( عمر مضى و أنا أحاول تحصين نفسي تجاهك ...... الى ان بتِ لي و بين ذراعي لن يفرقنا انسان أو جان .... أحبك يا صغيرتي .... أحب تلك الفوضى التي تلقي بها ذكراكِ في كياني .... )
ترك ليث لنفسه العنان ... فزادت أشواقه حتى تأوهت سوار في نومها بخفوت ....
حينها ابتعد عنها بقوةٍ تفوق قدرة البشر ... وهو ينظر الى ساحرته مستلقية بالسرير بعد ان خلع عنها عبائتها السوداء و بقت على عبائتها المزينة المبعثرة ... بينما شعرها كان كعاصفة تغطي معظم السرير ...
همس ليث بصوت أجش مذهول
( من أي قصة اسطورية خرجتِ ؟!! ....... حلم أنتِ أم حقيقة ؟!! ..... )
شعر أنه على وشك اقتحام خصوصيتها بأكثر الطرق دناءة ... لذا ابتعد عنها قسرا و اتجه الى الحمام , ليغرق نفسه تحت شلال من الماء البارد وهو يشتم هذا الضعف الذي تخطى شيب شعره ....
.................................................. .................................................. .....................
( اهدأي يا بنتي .... اهدأي , لا تشمتي الأعداء بكِ ..... )
تنطق بكلماتها بينما هي مرتعبة من منظر ابنتها ....
كانت مشعثة الشعر ... عيناها تبرقان كمن تقمصها جان و العياذ بالله ...
محتجزة في غرفتها بأمر من والدها ... ففجرت كل جنون غضبها في تكسير زجاجات العطور و البخور و الزيوت الثقيلة ... حتى أوشكت أمها على الاصابة بالإغماء
صرخت ميسرة بجنون و هي تستدير حول نفسها
( كيف ...... كيف ..... أخبروني ...... لقد خرج صباحا أمام عيني , كيف حدث أن عاد بها زوجة ؟!! .... متى و كيف و من أمر باطلاق الأعيرة النارية ؟!! ...... إن لم يكن هذا فعل مارد سفلي فلمن يكون ؟!!! .... انها ساحر .... ساحرة ..... ساااااااااااحرة .... )
أمسكت بآخر قنينة عطر و هي تصرخ بجنون لتضربها في المرآة فتهشمها بكل عنف مما جعل أمها تصرخ و هي تجري من أمامها
( ساااااااحرة .... تسخر الجان ...... ملعونة ..... ملعوووووووووووووونة .... )
توقفت لتتشبث بطاولة النافذة و هي تنظر الى المتبقي من صورتها المهشمة في المرآة
ثم همست بلهاث غير مستقر
( كيف ؟!! ..... كيف فعلتها ؟!! .... مع من تتعامل ؟!! .... من أي شيخ تستقي فنون السحر ؟!! ..... لقد جربت كل شي و لا تزال تهزمني كل مرة .... مع من تتعامل ؟؟ .... من هو الجان المقترن بها ؟!! .... )
هتفت أمها بهلع
( اهدئي يا ميسرة ..... اهدئي ....... هل ضاع كل ما تكلمنا به صباحا ؟!!! .... لا فارق ان تزوجها اليوم أو غدا أو بعد عام .... المهم أن تركزي على مكانتك و لا تفقديها ... و بما تفعليه الآن ستفقدين كل ما تبقى لكِ .... )
زاغت عينا ميسرة و هي تحادث نفسها في المرآة كالمجاذيب
( هناك سر ...... هناك سر و يجب أن أعرفه , أو أن أتعلم فنون سحرها .... )
.................................................. .................................................. ................... ..
أشرقت الشمس منذ ساعاتٍ و أرسلت أشعتها الذهبية لتنافس جمال عيني صغيرته ...
الا أنهما كانتا لا تزال أسيرتي سباتهما العميق ....
جلس ليث على احدى مقاعد الغرفة وهو يراقبها دون كلل أو ملل .....
مستندا بمرفقيه الى ركبتيه ....
يحاول اشباع عينيه من جمالها , فتبتسم شفتيه اشتهاءا لعذوبة شفتيها التي لم يقاومها طوال ساعات الليل الطويلة ....
تنبهت أعصابه كلها في تحفز مشتاق وهو يرى تململها بنعومة ... فأخذت تتمطى و هي ترفع ذراعيها كالأطفال حين يستيقظون ....
و ها هما الشمسين الصغيرتين تشرقان ...
ابتسم ليث وهو يراها ترف بجفنيها متطلعة الى سقف الغرفة عدة مرات الى ان انفتحتا أخيرا ....
ظلت على صمتها طويلا قبل أن يقول ليث بهدوء مبتسما
( صباح الخير يا عروس .......... )
انتفضت سوار جالسة مرة واحدة لتواجهه ......
اتسعت ابتسامته وهو يرى هذا المنظر المهيب أمامه ....
ملكة من العصور القديمة تستقيم مفرودة الظهر ... مرفوعة الذقن منسدلة الشعر حولها واصلا الى السرير و هي تنظر اليه بحذرٍ و قوة .... عنفوان و كبرياء ....
حاجب وحيد مرتفع و هي تتحداه أن يواجهها الآن و هي في عز قوتها و تماسكها بعد ان نالت قسطا وافرا من الراحة ...
ترى هل ستواجهه بنفس الشجاعة لو علمت أنه انتهك جمال شفتيها مراتٍ و مرات ... دون خجل أو ندم !! ....
حين طال الصمت بينهما , قال ليث أخيرا بهدوء
( أردت أن أقول صباحية مباركة ..... لكنني أدخرها الى صباحية ليلة دخلتنا ..... )
احمرت وجنتاها الا أن عضلة منها لم تتحرك و لم يرف لها جفن و هي تواجهه بنفس الملامح القوية .....
تنهد ليث ثم قال اخيرا بهدوء
( حاولت ايقاظك لصلاة الفجر .... الا أنكِ لم تسمعيني من الأساس ... كنتِ غائبة عن الوعي .... )
أيضا لم ترد ... لكنه لم ييأس بل قال
( هيا لتتناولي افطارك ..... أنتِ لم تأكلي شيئا منذ أمس , سأطعمك بنفسي لو اقتضى الأمر ..... )
لكن سوار لم ترد , بل ظلت تنظر اليه بنفس النظرة ... بعينيها اللتين تشبهان شمسين ذهبيتين بأشعة أهدابها الطويلة ....
فتح فمه ينوي اقناعها ... تعويضا لها عن قسوته معها الليلة الماضية ...
الا أن صوت رنين جرس الباب قاطع ما كان ينوي قوله ....
انتفضت سوار و هي تنظر الي باب الغرفة عاقدة حاجبيها ثم نظرت الى ليث بتساؤل ... فقال بحيرة
( لا تقلقي بهذا الشكل ... ربما كان أحد الرجال يريد شيئا .... ستفتح أم مبروك ثم تخبرني ... )
لكن بعد لحظتين تماما من فتح الباب .... سمع كلاهما صوت زغاريد عالية تشق جدار الصمت المحيط بالدار !!!!
اتسعت عينا ليث ... بينما برقت عينا سوار ببريق وحشي و هتفت بذهول و غضب
( زغاريد ؟!!!!!! ...... كيف ...... كيف استطعت فعل هذا و زوجي لم يمضي على موته بيد رجل منكم سوى ..... )
قاطعها ليث هادرا بقوة
( اهدأي يا سوار ...... ........ )
الا أنها قفزت من السرير لتقف أمامها رامية بأكوام شعرها للخلف و هي تهتف بحدة و شراسة
( لن أهدا و لن أمررها على خير مطلقا ...... كيف استطعت ؟!!!!!! ..... )
هتف بنفاذ صبر
( هل أنا من يزغرد ؟!!!!! ...... اهدأي و ابقي مكانك لأرى من أتى , دقائق و تنتهي هذه المهزلة ... )
خرج من الغرفة مسرعا وهو يشتم بصوت خافت .... بينما نظرت سوار الى حيث اختفى بعينين تفيضان قهرا ..... و غضبا ....
أسرع ليث ينزل السلالم كل درجتين معا ... و صوت الزغايرد يعلو و لا يتوقف ....
الى أن توقف مكانه مصدوما و هو يرى أن ميسرة واقفة مكانها تظلل فمها و تزغرد بأعلى صوتها ....
متزينة بكل ذهبها ... و زينة وجه تكفي أفراحا و أفراح ..... بينما شعرها مصفف بعناية في موجاتٍ ملتفة .....
ترتدي احدى عبائتها المطرزة بالذهب تحت عبائتها السوداء ......
بينما تقف خادمتها خلفها تحمل صينية ضخمة جدا على رأسها .......
هدر ليث فجأة بكل عنف
( كفى يا ميسرة .......... ...... )
توقفت بالفعل و استدارت اليه و برقت عيناها بنظرات مخيفة , الا أنها لم تفقد ابتسامتها الحمراء القانية ...
ثم هتفت بدلالٍ و رقة
( صباحية مباركة يا زوجي الغالي ....... )
ارتفع حاجبي ليث بذهول , ثم قال بعدم فهم
( ماذا تفعلين هنا يا ميسرة ؟!! ......... )
اقتربت منه و هي تقول بنعومة وغنج
( أبارك لزوجي في صباحيته ..... هل تخيلت أن أتركك ؟!! .... أنت عشرة عمري و كل حياتي و ما يسعدك يسعدني ..... )
عقد ليث حاجبيه غير مصدقا لما يحدث !! .... ينظر الى ميسرة بارتياب و تعجب ....
بينما كانت هي تنظر خلف كتفه الى حيث نزلت سوار ووقفت في منتصف السلم تراقبهما !!....
كانت لا تزال في عبائتها الجميلة المطرزة التي ارتدتها غصبا للزفاف .... بينما انساب شعرها من حولها جميلا حتى أردافها ....
لكن ميسرة لم تترك منها ذرة الا و فحصتها بعينيها البراقتين المخيفتين ..... ثم هتفت منادية
( صباحا مباركا يا عروس ..... أرجو الا أكون قد أزعجت خلوتكما ..... لكنني لم أكن لأترك زوجي دون أن أهنئه و أقوم معه بالواجب ...... )
استدار ليث بسرعة ينظر الى سوار الصامتة الواقفة تنظر اليهما عن بعد ....
بينما تابعت ميسرة تقول بدلال و هي تقترب من ليث
( هلا سمحتِ لي بأن أقبله .... فقد تركته لكِ ليلة كاملة ...... )
و دون أن تترك لهما فرصة استيعاب ما يحدث , كانت قد أمسكت بمقدمة قميصة و وقفت على اطراف أصابعها .... لتقبل شفتي ليث بنعومة !!!!
شهقت سوار بصوتٍ عالٍ و هي تغطي وجنتيها المحمرتين هلعا ...
ثم استدارت تصعد السلم جريا ....
بينما صرخ ليث بقوة وهو يبعد معصمي ميسرة عن قميصه وهو يهتف
( هل جننتِ ؟!!!!! ..... الا تمتلكين ذرة من الحياء ؟!! ....... )
أما ميسرة فقد ابتسمت و هي تهمس لنفسها
" و هل رأيت جنونا بعد يا زوجي الحبيب !!! ........ "





يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 04:11 AM   #6889

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

" أريد رؤيتك .....رجاءا لا ترفضي , أحتاج للكلام معك .... "
رسالة مختصرة جدا ... و مع ذلك كان التوسل يكاد أن يفيض بوضوح من كل حرفٍ منها ....
تكاد تسمع صوته المحبب وهو ينطق بتلك الكلمات بينما تنحني عيناه الكحيلتان في رجاءٍ جذاب كما كان يفعل دائما كلما تدلل عليها و أراد منها شيئا ....
أعادت مسك قراءة الكلمات المختصرة مجددا و التي وصلتها في رسالة على هاتفها منذ أكثر من نصف ساعة ...
و لم ترد .... فقط ظلت تنظر اليها بصمت و هي متكئة في كرسيها الوثير بشقتها ... و ساقيها تحتها بنعومة مريحة ...
عيناها تبرقان بلمعانٍ حزين .....
و بحركةٍ رتيبة من اصبعها , فتحت ملف الصور المخزنة على هاتفها ... الى أن وصلت للصورة المطلوبة ...
صورته .....
أشرف الرافعي ..... صورته القديمة التي كانت تحملها معها , ظلت تنقلها من هاتف الى اخر دون أن تمحوها حتى الآن ....
كانت في حاجة الى تلك الصورة ... لذا حرصت على ألا تضيع منها , .....
كلما شعرت بتخاذل أو ضعف يتملكها كانت تنظر الى صورته المحببة الى عينيها ....
حينها فقط تتملكها القوة من جديد و يذهب التخاذل أدراج الرياح .... و هي تنظر الى عينيه المبتسمتين بشقاوة و الكحل الرجولي بهما طبيعي ....
ابتسمت مسك ابتسامة صغيرة و اصبعها يتحرك برفق على تلك الملامح الشقية الوسيمة ....
لطالما رأته الأكثر وسامة بين أبناء أعمامها .... و أكثرهم سحرا .....
كان مرحا و يفيض بالجاذبية ... و لديه حس بالتملك لا يملك أحد أن يقاوم جبروته ... الا هي ...
رغم صغر سنوات عمرها كانت دائما تضع حدا لهذا التملك و العنجهية .... فيسريان على الجميع و لا يسريان عليها ..
لأنها مسك سالم الرافعي ....
و رغم حبها له و عشقها اللامحدود ..... الا أن كبريائها كان لها قانون لا تكسره أبدا ......
كانت تتصرف معه بثقة مطلقة .... ثقة في نفسها أكثر من ثقتها في حبه ,
لم تتخيل مطلقا أن يغدر أشرف بها يوما ..... أن يكسر قلبها .....
و يسحق كبريائها بتلك الصورة عديمة الرحمة كما فعل ...... و لماذا ؟!! .... و لأجل من ؟!! .....
فتحت مسك شفتيها ببطىء و همست بخفوت و كأنها تكلم الصورة بخفوت
( لأجل من ؟ّ!! ..... غدير ؟!! ..... صديقتي التي كانت تشاركني الوسادة في ليالٍ كثير ... نقضيها في ضحكٍ و أحاديث لا تنتهي !! ...... كيف أخفيت عني قدرتك الهائلة على الخيانة ؟!! ..... )
صمتت و هي تنظر الى الصورة التي كانت تنظر اليها بنفس الابتسامة الشقية و الملامح الرجولية الجذابة .... و كأنها تسخر منها .....
فضاقت عيناها و همست بصوتٍ أكثر خفوتا ....
( هل أدعي انها السبب في خيانتك ؟!! ..... أم أدعي أن مرضي هو السبب ؟!! ....... أي عذرٍ أمنحه لرجلٍ سمح لأخرى بأن تسرقه ؟!! ........ )
عادت لتصمت من جديد ... و اصبعها يتحرك على حاجبيه المستقيمين بخطٍ طبيعي مشطور ....
ثم قالت بخفوت و كأنها تحادثه شاردة
( أنا اعرف أنك ستعود ذات يوم ..... هذا شيء أنا متأكدة منه , و قد لا تراه أنت لأنك استسلمت الى نوبةِ جعلت منك أعمى .... ضرير لا يبصر الا تلك اليد التي امتدت بخبثٍ لتلامسك ..... لكنك في النهاية ستعود و حينها لن أملك شيء لأقدمه لك ..... لقد انتظرت طويلا كي أرى هذا اليوم الذي تأتيني فيه خائبا نادما .... لكن على ما يبدو أن هذا اليوم سيتأخر قليلا بعد ..... لذا ليس أمامي سوى أن أتوقف عن انتظاره و المضي قدما بحياتي .... علي الاعتراف ان رؤيتك نادما لن تصلح الصدع الذي احدثته في داخلي .... )

أرجعت رأسها للخلف و نظرت الى السقف بصمت ......
الى أن رن هاتفها تماما كما توقعت ....
ارتسمت على شفتيها ابتسامة باردة ... ناعمة ... دون ان تخفض عينيها الى الهاتف في يدها , و انتظرت مستمعة الى رنينه المستمر ... و كأنه لحن يشجيها الى أن تكرمت في النهاية و أخفضت رأسها لترفع الهاتف و ترد باتزان دون أن تفقد ابتسامتها الهادئة
( مرحبا أشرف .......... )
كان باستطاعتها أن تسمع التوتر الحاد في صوت أنفاسه قبل أن يقول بصوت متصلب
( أنت موجودة اذن و متفرغة للرد ..... لماذا لم تجيبي رسالتي ؟؟ ..... )
ارتفع حاجبيها و لم تحرك عضلة من جسدها المتراخي ثم ردت ببساطة
( أجيب أو لا أجيب هذا أمر يعود الي يا أشرف .... حتى لو كنت متفرغة , الا أنني لست مضطرة للتبرير ..... ثم أن الرسالة لم تنال اعجابي ....... لقد أخبرتك من قبل أنني لا أقبل بما تطلبه .... )
هتف أشرف بنفاذ صبر
( أنا لازلت ابن عمك يا مسك , لا تجعلي مني غريبا ...ثم أنا أريد الكلام معك في أمر هام ...... )
التوت ابتسامة مسك قليلا و هي تقول بهدوء
( أنت من جعلت نفسك غريبا يا أشرف ...... ليس خطأي ..... )
سمعت صوت زفرته واضحة فانتظرت بملامح جامدة و الهاتف على أذنها الى أن قال في النهاية بصوته المتملق الذي تعرفه جيدا
( أنا فقط أحتاج للكلام معكِ يا مسك ...... رجاءا .... )
تمطت مسك مكانها و انزلت ساقيها من على الكرسي على مهلٍ ثم قالت بنعومة
( حسنا تكلم ...... أنا أسمعك ...... )
ساد صمت قصير , قبل أن يقول بحذر
( لن يفلح الكلام في الهاتف , .... أريد أن ..... أراك .... )
للحظة شعرت بالكلمة و كأنها تتوهج ببريق خاص تعرفه ..... بريق افتقدته منذ سنوات .....
لكم طلبها منها بنفس النبرة ... و كان جوابها أن تبتسم بخجل و تعده باللقاء وقتما يشاء .....
لم تكن تعلم في تلك اللحظة أن المرارة قد حولت ابتسامتها الى ابتسامة حزينة ملتوية .....
لكنها فتحت فمها و همست أخيرا بفتور
( لا أستطيع ...... هذا غير لائق ......... )
لكن أشرف لم ييأس , بل على العكس ... لقد لمح بعض التراجع في صوتها , فقال بلهفة
( بلى .... بلى يا مسك ..... أنا أريد أن أراكِ , إما أن توافقي أو آتي الى شقتك ..... )
أطرقت مسك بوجهها و قالت بخفوت
( لن أفتح لك الباب .......... )
حينها رد عليها بصوتٍ .... كانت تعلم أن خلفيته ابتسامة مترددة
( لن تبقيني خلف بابك المغلق يا مسك ........ ليس بعد كل تلك السنوات ... )
شعرت بالرغبة في اقفال الخط .... الا أنها تمالكت أعصابها و ردت ببرود
( بلى سأفعل .......... و " خاصة " بعد كل تلك السنوات ..... لم يعد اغلاق الأبواب أمرا صعبا بالنسبة لي ... )
ساد صمت طويل بينهما ... و كل منهما يضع الهاتف على أذنه .... كان هو ينظر الى البعيد شاردا , بينما هي لا تنظر لأبعد من خطوة واحدة , كأنها عينيها قد تحولتا الى نظرةٍ من زجاجٍ هش .... بارد .... جامد ....
الى أن قطع أشرف الصمت أخيرا قائلا بخفوت
( أين ألقاكِ ؟......... )
" أين ألقاكِ ؟!! ...... "
سؤال بسيط قاطع .... به من الغرور و العنجهية ما يجعلها قادرة على رمي الهاتف بعيدا , الا أن فضولها هذه المرة كان اكبر من ان تفعل ذلك .....
كانت تريد لقائه بالفعل .... تريد أن تسمع ما يود قوله ...... و كأنها تنتظر شيء ما .... لحظةٍ انتظرتها طويلا .... لكنها لا تزال متأخرة .....
فتحت مسك شفتيها و قالت أخيرا بهدوء خافت , بلا تعبير أو حياة
( يمكنني الخروج وقت الراحة من العمل غدا و لقائك في المقهي الملاصق له ....... )
لم تتوقع ان يجيبها بتلك السرعة و اللهفة
( سأكون هناك ........ )
قالت مسك و هي تبعد شعرها الناعم عن وجهها بأصابعها الطويلة ببطىء
( لكنني أخبرك الآن أنها ستكون دقائك معدودة ..... اتفقنا ؟؟ ...و الآن اعذرني مضطرة الى اغلاق الخط . )
ساد الصمت للحظة قبل أن يناديها بقوة
( مسك !! .......... )
لم تتغير ملامحها و هي ترد عليه بجمود
( نعم .......... )
تردد لعدة لحظات قبل أن يقول بنعومة
( شكرا لكِ .......... )
حينها ابتسمت .... ابتسمت نفس الابتسامة المائلة .... ثم قالت ببرود
( العفو ........ )
أغلقت مسك الهاتف ووضعته جانبا بينما تراجعت في مقعدها مجددا لتنظر الى السقف .... بينما أصابعها تتحرك في خصلات شعرها بشرود ... من منبته و حتى اطرافه و كأنها تختبر طوله ...
بداخلها باب أغلقته منذ فترة طويلة ..... صفقته بمعنى أصح تجاه أي انسان يحاول أن يمس جزءا من روحها دون ارادتها ....
و قد برعت في هذا حتى الآن ......
لماذا اذن تشعر و كأنها .................
لم تستطع أن تسأل نفسها السؤال ..... لأنها سمعت صوت رنين الباب , فعقدت حاجبيها ممتنة لهذه المقاطعة و كأنها قد وصلت بأفكارها الى " منطقة غير مرغوبة .... "
نظرت مسك بحيرة الى ساعة الحائط ....
كانت تشير الى السادسة مساءا ..... و لا تعلم من يمكنه القدوم في هذا الموعد .....
نهضت بتثاقل لتفتح الباب .... الا أنها تسمرت و هي ترى الزائرتين الغير متوقعتين على الإطلاق ........
ظلت مسك على وضعها جامدة الملامح قليلا ... واسعة العينين و هي تنظر الى وجه جارتها وفاء ....
و التي كانت تقف في الباب ....
كانت مترددة و مرتبكة ... الا أنها كانت مبتسمة ......
لكن مسك لم تهتم بها قدر اهتمامها بالمرأة التي تقف خلفها ....
لقد كانت هي نفسها والدة أمجد التي سبق و قابلتها !! ....
" المنطقة الغير مرغوبة !!! ....... "
لا تعلم لماذا عادت تلك العبارة الى القفز أمام عينيها ....
تكلمت وفاء بحرج و قالت
( مساء الخير يا مسك ...... كيف حالك ؟؟ اعذرينا ان كنا قد طرقنا بابك دون موعد .... لقد كانت خالتي في زيارة لي , و رغبت في النزول اليكِ لاقاء السلام ..... هل عطلناكِ عن شيء ؟؟ .... )
كانت مسك لا تزال صامتة بملامح جامدة تماما كالرخام ... بينما وفاء تكثر من حديثها الودود , و ما أن صمتت و طال الصمت حتى ارتبكت قائلة
( هل فعلنا ؟!! ....... هل عطلناكِ عن شيء هام ؟!! ..... )
للحظات لم ترد مسك عليها , بل كانت تنظر الى المرأة المتوسطة في العمر و المبتسمة تلقائيا على الرغم من أنها لا تبصر .... ملابسها بنفس الذوق , بسيطة و بألوان هادئة .....
قد تكون راقية الخامات الا أنها بسيطة التصميم جدا دون أي ميزة خاصة ....
أما ملامحها فقد كانت ترسم الرضا و التفاؤل ..... لا غير .....
أبعدت مسك عينيها عن المرأة اخيرا و نظرت الى وفاء قائلة بفتور
( أنا أرتاح عادة في مثل هذا الوقت ..... لذا ,.... لا , لم تعطلاني عن شيء هام ...... )
اتسعت ابتسامة وفاء و ظلت منتظرة على الباب ... الى أن رفعت حاجبيها ناظرة الى مسك في تساؤل ...
فارتفع حاجبي مسك بنفس التساؤل و كأنها تنتظر ما ستقوله !! ....
فقالت وفاء بمودة
( هلا سمحتِ لنا بالدخول لعدة دقائق ؟؟ ........... )
ارتفع حاجبي مسك اكثر و كأنها صدمت من الطلب المباغت ... فمالت بعينيها جانبا الى شقتها ثم أعادتهما الي الزائرتين قائلة ببرود و اختصار على مضض
( طبعا ....... تفضلا ...... )
ابتعدت عن الباب ووقفت جانبا و هي ممسكة به بينما الغضب بدأ في الانتشار بداخلها على نحو متهور !!
ما تلك الصفاقة !! ...
كيف تأتيان الى الزيارة دون موعد مسبق ؟!! ...... ما هذه التصرفات البدائية !! ....
بدأ دمها يغلي على مهل بينما وجهها جامد القسمات ,...
تنظر الى وفاء التي كانت ممسكة بكف والدة أمجد و هي تساعدها قائلة
( على مهل يا خالتي ...... احذري ..... )
لكن و ما أن مرت بها والدة امجد حتى رفعت يديها فجأة و تحسست كفي مسك الى أن امسكت بذراعيها قبل أن تشدها اليها قائلة بحرارة
( حبيبتي ... تعالي الى أحضاني , دعيني أتنشق هذا العطر الطيب .... كيف حالك يا حبيبة أمك .... )
اتسعت عينا مسك و هي تنخفض بالقوة اثر جذب السيدة لها بلهفة ....
فأغمضت عينيها منتظرة أن ينتهي هذا العناق .... لكنه طال و كأن تلك السيدة كانت تنتظرها منذ زمن طويل و قد عثرت عليها أخيرا ....
ابعدت مسك نفسها عن والدة امجد ببطىء .... و هي تنظر الى ملامحها البشوشة الغير مبصرة .... ثم قالت بجمود
( تفضلي ....... )
أمسكت السيدة بكف مسك و قالت بحبور
( ساعديني أنتِ ........ )
ارتبكت مسك و عقدت حاجبيها , الا انها لم تملك سوى الإمساك بكفها و مساعدتها لتدخل بحذر بينما قالت وفاء مازحة
( من أكثر منكِ حظا الآن يا مسك !! ..... لقد نلت شرف مساعدة خالتي الجميلة بناءا على طلبها الخاص و هذا نادر جدا .... لقد بدأت أشعر بالغيرة ..... )
" من منكِ أكثر حظا !!!!! ..... "
لكم شعرت مسك بالغيظ و الغضب في تلك اللحظة ....
و كان التزامها الصمت يعد ارادة قوية منها .....
أغمضت عينيها للحظة و هي تأخذ نفسا عميقا كي تسيطر على أعصابها .. ثم قادت والدة أمجد ببطىء الى أن ساعدتها على الجلوس الى أقرب أريكة .... و ما أن همت بالإبتعاد , حتى تشبثت بها السيدة و جذبتها قائلة
( الى أين أنتِ ذاهبة ؟؟ ..... تعالي و اجلسي بجواري ....... )
جلست مسك بجوارها رغما عنها و غضبها الداخلي يتزايد شيئا فشيئا .... بينما تلك المراة لا تقبل بأن تفلتها أبدا , ....
اما وفاء فجلست على كرسي مقابل و هي تقول
( لقد أصرت خالتي على رؤيتك هذه المرة ....... )
نظرت مسك اليها قائلة بعدم فهم
( هذه المرة !! ......... )
أومأت وفاء قائلة
( نعم ..... كانت تريد المجىء معي كي تقوم بواجب العزاء منذ أشهر .... لكنني أخبرتها أنكِ لستِ مستعدة ..... )
آآآه نعم لقد تذكرت ....
بعد وفاة سليم .... لقد اتصلت بها وفاء مرارا كي تأخذ منها موعدا لتقوم بواجب العزاء ... الا أن مسك كانت تتهرب منها .... حتى توالت الأشهر فتوقفت وفاء عن المحاولة ...
حسنا لكن هذا ليس عذرا لهما كي يباغتاها بهذه الزيارة المفاجئة دون موعد .... و كأنه فرض بالقوة !!!! ....
ربتت والدة أمجد بكفها الحنون على ركبة مسك و هي تقول بلطف
( البقاء لله يا حبيبتي .... لقد حزنت جدا للخبر ..... )
التقطتت مسك نفسا غاضبا ....
لكم تكره المجاملات الاجتماعية !! ....
كيف يمكن لامرأة ان تحزن لوفاة ابن عم فتاة لم تقابلها سوى مرة واحدة .... بينما لم ترى المتوفي اطلاقا ...
ما تلك المبالغة !! ......
أبقت مسك على هدوءها الظاهري دون أن تجيب فتابعت المرأة برفق حزين
( هل ترك الفقيد أطفال من بعده ؟!! ........... )
ارتبكت مسك من السؤال المفاجىء .... لكنها قالت بصوت مكتوم
( لا ..... لم يكن له أطفال ...... )
تنهدت والدة أمجد و قالت بحزن
( لا أعلم إن هذا أكثر رحمة لزوجته , فلم يتيتم لها أطفال ...... أم أحزن لحالها في بقائها وحيدة قبل أن تحظى بطفل يملأ حياتها و يعوضها عن فقدها لزوجها ..... )
صمتت و هي تتنهد بتعاطف ثم قالت
( عسى الله الا يحرم أحدا من الذرية ..... و يعوضها خيرا بصبرها على الإبتلاء ..... )
أطرقت مسك بوجهها دون أن تجيب .... لقد قررت التزام الصمت تماما ....
لكن ملامحها كانت كئيبة ... و كانت هذه الزيارة هي آخر ما توده في هذا اليوم تحديدا ...
تطوعت وفاء لتقول بلطف
( كفى حديثا عن هذا الموضوع يا خالتي .... لقد بان الحزن على وجه مسك و نحن لم نأت اليوم كي نجدد أحزانها .... )
ارتفع حاجبي والدة امجد و اتسعت عيناها بحنانٍ أمومي مفاجىء .... فرفعت كفها الى أن لامست وجه مسك , فاحتضنت ذقنها و هي تقول بحرارة و لطف
( لا يا حبيبتي ..... لا تحزني , إنه طريق و الكل يجتازه , ...... رحمه الله و اسكنه فسيح جناته ... )
لم ترد مسك مجددا , فشدتها السيدة بلطف و هي تقول مبتسمة
( تعالي الى حضني يا قمر .......)
أغمضت مسك عينيها و هي تتشنج ... هامسة لنفسها بتوتر و غضب
كفى عناقا ...... كفى .... لا أطيقه .......
الا أنها وجدت وجهها يرتاح على كتف المرأة بحنان و هي تربت على شعرها قائلة ...
( كم أنتِ جميلة يا حبيبتي ....... تبدين كالبدر .....)
رفعت مسك ناظرة اليها قليلا بدهشة .... فضحكت وفاء و هي تقول بخبث

( لا تتعجبي هكذا يا مسك .... لقد وصفك أمجد لها بالتفصيل و خالتي لم تتوقف يوما منذ أن تقابلنا في المرة الأخيرة عن طلب رؤيتك .... لكن الظروف لم تكن سانحة ....)
احمرت وجنتي مسك قليلا .... و الغضب في داخلها ينتشر و ينتشر ... مرسلا ذبذباتٍ خطيرة في الجو ....
لذا و حقنا للدماء ... حاولت النهوض قائلة بأدب بارد
( لحظة واحدة ........... )
الا أن والدة أمجد أمسكت بكفها قائلة
( الى أين أنتِ ذاهبة ؟؟ ......... )
زفرت مسك دون صوت و قالت بصبر على وشك النفاذ
( سأحضر لكما مشروبا .... ماذا تفضلان ؟؟ ..... )
نهضت وفاء من مكانها و هي تقول ببساطة
( ارتاحي أنتِ يا مسك ..... أنا سأعد الشاي ...... )
اتسعت عينا مسك و هي تقول بصدمة
( لا ..... لا ..... من فضلك اجلسي ..... )
الا أن وفاء قالت مبتسمة و هي في طريقها للمطبخ بالفعل
( أنا مصممة ..... أنا أعرف طريق المطبخ فشقتك كشقتي , ارتاحي انتِ و تبادلي الحديث مع خالتي .... )
فغرت مسك و هي ترى وفاء تتحرك في شقتها بأريحية و دون خجل
فهمست لنفسها
" ما الذي يحدث ؟!! ... ما تلك الجرأة الأقرب للوقاحة ؟!! .... "
لكن كف والدة أمجد أعادتها الى وعيها و هي تربت على ركبتها فالتفتت مسك اليها و هي تسألها
( كيف حالك يا حبيبتي ؟؟ ...... اشتقت اليكِ ... )
زمت مسك شفتيها بنفاذ صبر و قالت من بين أسنانها
( لم نتقابل الا مرة واحدة فقط ..... هل معقول أن تشتاقي الي سيدتي ؟!! ...... )
اتسعت ابتسامة المرأة و قالت ببشاشة
( أولا لا أريد سماع كلمة سيدتي تلك .... أنا أسمي أم أمجد .... و لكِ أنتِ فقط , يمكنك أن تدعينني بخالتي مثل وفاء .... لكن لو أردتِ من الآن يمكنك أن تدعينني بأمي ..... )
هتفت مسك مصدومة قبل أن تستطيع منع نفسها
( أمي !!!!! ......... )
رقت ملامح والدة أمجد أكثر و قالت بحنان
( خرجت من فمك بطعم السكر ..... ما أجملها منكِ ..... )
تنهدت مسك و هي تنظر بعيدا و قد بدأ توترها يهدد بأن يفضحها , فقالت والدة أمجد متابعة
( ثانيا وهو الأهم .... إن لم أشتاق الى عروس ابني فلمن أشتاق اذن ؟!! ... اشتاقت لكِ الجنة يا حبيبتي ... )
التف رأس مسك بقوة لتنظر اليها ... ثم هتفت هذه المرة بصدمة
( عروس ابنك !! ...... لكن .....)
قاطعتها أم أمجد بحنان
( لقد تأخرنا في طلب يدك من والدك , لكن الظروف التي مرت بها عائبتك لم تكن مناسبة .... لذا تحججت اليوم كي آتي و اراكِ ..... )
حكت مسك جبهتها و هي تقول بخفوت
( ياللهي !! ........... )
الا أن أم أمجد قالت بنعومة
( منذ وقت طويل , لم أشعر بولدي أمجد يتحدث عن فتاة كما سمعته يتحدث عنكِ ....... )
رفعت مسك وجها مرتبك قليلا و قالت بفتور
( حقا !! ....... كيف ...... )
ابتسمت أم أمجد لتقول برقة و هي تربت على كف مسك
( لمست في صوته اهتماما خفيا , حاول أن يخفيه عني ... الا أن أذني المرهفة التقطته .... لقد بدأ ولدي يكبر في العمر و أنا أكثر .... و لا امنية لي في الحياة سوى أن أحمل طفله بين ذراعي قبل أن أموت ..... )
امتقع وجه مسك فسارعت الى خفضه و هي تقول بجمود
( نعم ...... حقك ..... )
قالت أم أمجد مستبشرة
( لا أفكر في شيء تقريبا منذ أشهر سوى في هذا الطفل الذي انتظره .... الغالي ابن الغالي ... ابن حبيب عمري ..... أريد أن أراه سعيدا مرتاحا في بيته و مع عروسه .... لقد تعب من أجلنا كثيرا و آن له أن يرتاح .... )
ظلت مسك صامتة ... ناظرة الى البعيد .... لكنها لم تدرك بأن كفها الحرة كانت تغطي كف ام امجد و كأنها تطلب الدعم من انسانة غريبة .....
قالت أم أمجد بهدوء و أمل
( هل تفكرين في ترك عملك يا مسك ؟؟ ....... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تنظر اليها , ثم قالت بعدم فهم
( ماذا ؟!! ..... بالطبع لا ..... لكن لما السؤال ؟!! ..... )
ابتسمت أم أمجد بخجل و قالت
( كنت أتمنى لولدي ربة منزل .... متفرغة لتربية أطفاله , ليس تزمتا مني .... لكن انتِ ترين وضعي .... لن يمكنني المساعدة كثيرا و كم يحزن هذا قلبي .... حين أسمع عن الجدات و ما يقدمنه من مساعدات الى أحفادهن .... أشعر بالشفقة على أحفادي .... )
ضحكت أم أمجد فجأة بحنان و قالت متابعة
( هل تصدقين هذا !!! ..... أنا لا أتخيل وجودهم فحسب , بل أنني أشفق عليهم ايضا و أتمنى لهم جدة أكثر نفعا مني ...... )
ازدادت شحوب وجه مسك ... و غارت عينيها في نظرة شاردة طويلة , بينما تابعت أم أمجد قائلة برقة
( فهمت من أمجد أن ...... والدتك متوفية ...... )
ابتلعت مسك الغصة في حلقها و قالت بصوتٍ متزن الا أنه بدا مختنقا قليلا
( نعم والدتي متوفية ........ منذ سنوات .... )
لا تذكر بأنها أخبرت أمجد عن ذلك .... لكنها لم تشغل بالها كثيرا عن كيفية معرفته بوفاة والدتها ....
أما والدته فضمتها الى صدرها قائلة
( يا حبيبتي ... رحمها الله .... اعتبريني والدتك من اليوم .... كنت أتمنى أن أكون أكثر نفعا , لكن ما باليد حيلة .... الحمد لله على كل حال , لقد تحمل أمجد عبء مساعدتي لسنواتٍ طويلة ..... قلبي راضٍ عنه و عنكِ يا حبيبتي .... )
رفعت مسك ذقنها و التقطت أنفاسها قائلة بحزمٍ زائف
( هل يعلم السيد ..... هل يعلم أمجد بزيارتك ؟؟ ...... )
اتسعت ابتسامة والدته اكثر بخبث و هي تقول
( لا ...... لقد تهورت من نفسي حين لم اطيق الإنتظار أكثر ...... )
أومأت مسك بوجهها و هي تقول بصوتٍ مكتوم
( نعم ........ كما توقعت ....... )
ثم رفعت وجهها و نظرت الى السيدة قائلة بهدوء
( لكن كيف وصلتِ الى هنا اذا لم تمانعي في السؤال ؟!! ........ على ما أعتقد أن أمجد لا يزال في العمل , تركته هناك منذ ساعتين و كان لديه المزيد من الأوراق عليه انجازها .... )
ابتسمت ام امجد اكثر ... ثم قالت بخبث
( احضرتني مهجة ابنتي ..... شقيقة أمجد ...... أنا لدي ثلاث أبناء ... أمجد هو الأكبر و مهجة و مصطفى .... )
بهتت ملامح مسك و قالت بتوجس
( اخته ؟!! ..... و أين هي ؟!! ........ )
أجابتها أم أمجد قائلة
( تنتظرنا في شقة وفاء ... لم نرد أن نثقل عليكِ بزيارة ثلاثتنا , على أنها أكثر منا حماسا و هي على الأرجح الآن تتقلب على الجمر كي تراكِ .... )
اصدرت مسك صوت واهي يبدو كضحكة باهتة ... ثم قالت بلا تعبير
( كم هي مراعاة منكِ سيدتي ....... )
اجابتها ام امجد بتصميم حاسم ...
( خالتي .... أو أمي أفضل ........... )
ردت مسك بقوة قليلا
( خالتي أم أمجد .... اسمعيني للحظة رجاءا ........ )
لكن أم أمجد قاطعتها أخيرا قائلة بمرح
( مهجة متزوجة و لديها أربعة أطفال ...... أمجد يطلق عليهم جيش التتار .... )
ارتفع حاجبي مسك و قالت
( أربعة !!!..... ألم تتسرع قليلا في مثل هذا العدد ! ...... )
ضحكت أم أمجد و قالت بحنان
( لقد خسرت الكثير من صحتها بالفعل , .... زوجها كان يريد الأطفال كلهم متقاربي الأعمار و حين بدأ وضعهم المادي يتأثر ... سافر للعمل في الخارج و تركها هنا هي و اطفالها , لكن أمجد يتحمل مسؤوليتها هي و اطفالها و يساعدها دائما ..... و يخبرها باستمرار مهونا عليها الأمر , أن أطفالها هم الجيل الجديد لأسرتنا الصغيرة وهو يريد لتلك الأسرة أن تكبر و يتزايد عدد أفرادها .... انه يعشق الأطفال , لو تريه يلعب معهم , ستظنين بأنه قد عاد طفلا صغيرا .... لقد حمل المسؤولية منذ وقت طويل بعد وفاة والده رحمه الله .... و لم يعش الكثير من طفولته و مراهقته ... لقد ربى اخويه و اصبح لهم والدا لا أخا ..... )
كانت مسك تنظر اليها بنظرات فارغة ... ثم اجابت في النهاية بكلمة واحدة فقط
( نعم ............ )
ترددت أم أمجد قليلا ثم رفعت أصابعها و لامست شعر مسك و قالت بخجل
( الا تفكرين في الحجاب يا مسك ؟؟ ....... )
ارتفع حاجبي مسك اكثر ... حتى كادا أن يلامسا منابت شعرها !! ... تلك السيدة لا تنفك عن ادهاشها و صدمتها كل لحظة ... لكنها تمالكت نفسها و قالت باتزان
( لماذا السؤال تحديدا ؟؟ ....... )
اجابتها أم أمجد بمزيد من الخجل
( آآآه ..... أنا لا أقصد أن أضايقك , لكن أمجد لطالما فضل أن يتزوج من فتاة محجبة ..... )
فغرت مسك شفتيها باستنكار ... و كانت على وشك الصراخ بغضب ملوحة بكفيها , الا أن منظر وجه السيدة الهادىء و المليء بالأمل و السعادة ... كان يمنعها و يجعلها تتمسك بذرة التهذيب المتبقية لديها ...
الا أنها ظلت تلوح في الهواء و تضغط على أسنانها حتى كادت أن تحطمها , بينما تابعت أم امجد قائلة برقة
( شعرك ناعم كالحرير .... من المؤكد ان أمجد يغار من رؤية الجميع له ..... )
أرادت مسك الصراخ عاليا و بسخرية أن غدير لم تكن محجبة ؟!! .... و لا تظن أن أمجد قد اعترض يوما ....
و لا تظن أن غدير نفسها فكرت في الحجاب يوما ,
على الرغم من أنها ارتدته و خلعته أكثر من مرة .... الا أن مسك تعرفها أكثر من نفسها ...
كانت تفعل هذا كل مرة لسبب معين .... و ليس عن اقتناع ....
ترى هل تعرف أم أمجد عن غدير ؟!! .......
أسقطت مسك كفيها و قد شعرت فجأة بحالة من اليأس و الكآبة .... و نظرت حولها بنظراتٍ غائرة ....
ما اللذي يحدث ؟!!! ....
ما تلك الأسرة الغريبة ؟!! .... و لماذا اقتحمت حياتها دون اذن ؟!! ....
أسرة متراجعة فكريا .... تتعامل مع الفتاة المترشحة للزواج من ابنها و كأنها ملكية خاصة , قد يتوجب اجراء بعض التعديلات عليها ....
لا عجب أن هذا البغيض هو نتاج تلك الأسرة بتفكيرها المتراجع .....
ارجعت مسك ظهرها للخلف و هي تكتف ذراعيها متنهدة بحزن ....
شيء ما بعث من حولها غيمة من الكآبة , طغت على موجات الغضب .... و كانت تفضل الغضب أكثر !!.....
.................................................. .................................................. ......................
اثناء قيادته لسيارته متجها الي بيته
كان يشعر بنوع من الخيبة
شيء ما أصابه
احباطا تملكه ... منذ فترة قصيرة لا يستطيع تفسيره
تحديدا منذ ان رفضته مسك الرافعي
بداخله حالة من الغضب العارم من نفسه قبل أن يكون منها.....
لم يكن شديد الاعجاب بشخصها منذ البداية... .
فلماذا اذن تلك الموجة من الاحباط ؟!!
لم يكن يوما من هذا النوع من الرجال .....ممن تخدعهم كبرياء حمقاء اقرب الى الكبر لمجرد ان فتاة رفضت عرضه للزواج !! ....
من حقها ان ترفض......
ضرب امجد المقود فجأه وهو يهتف محادثا نفسه بغضب
( لا ليس من حقها الرفض. .... لقد تعمدت التلاعب بعرضي فلم تكن حاسمة في رفضه من البداية لقد كان كلام الجميع صحيحا عنها منذ البداية.... ما هي الا مجرد مغرورة متكبرة. ... تتلاعب باعجاب الجميع بها )
زفر بصوت مكتوم ... و تمالك نفسه كي يركز على الطريق ....
بينما عيناه تلمعان بذلك الغضب من الذات ...
ثم همس مجددا من بين أسنانه ...
( كان عليك الحذرمنها يا أمجد ..... كليوباترا هي ... لم يكن عليكِ النظر اليها قبل محاربتها ...فقبلك هزمت رجالا بغرورها .... . )
كيف له أن يواجهها الآن في العمل .... وجها لوجه ... و كل منهما يعرف أنها حققت نصرا رخيصا عليه ....
أمجد الحسيني تقدم لطلب يدها و هي كمسك الرافعي ... رفضته بالطبع !! ....
ضرب المقود مججدا بغضب وهو يهمس من بين أسنانه
( من أين جائتك فكرة الزواج بها بالله عليك ؟!! ...... و لماذا ؟!! ..... هل نفذت فتيات الكوكب و لم تتبقى منهن سوى ألمظ الرافعي ..... تبا لها ..... )
و أثناء موجة الغضب التي جعلته يهمس شاتما من بين أسنانه , سمع رنين هاتفه ... فرفعه الى أذنه ما أن رأى اسم أخته و رد عليها
( السلام عليكم يا مهجة .... كيف الحال حبيبتي ؟ ..... )
ردت عليه مهجة بصوتها الحنون الأقرب الى صوت أمهما ...
( و عليكم السلام و رحمة الله يا حبيب أختك ..... أين أنت ؟ .... الازلت في العمل ؟!! ..... )
رد عليها أمجد بصوت رقيق و قد ساعدته نبرة أخته في التخلص من بعض ضيقه ....
( أنا في طريقي للبيت ..... لقد تأخرت اليوم قليلا .... )
عقد أمجد حاجبيه وهو يسمع ضحكة قصيرة من أخته ... ضحكة خبيثة لم تطمئنه , قبل أن تقول بمرح
( حسنا أردت فقط أن أطمئنك كي لا تقلق حين تصل الى البيت و لا تجد أمي هناك ..... فهي معي .... )
اتسعت عينا أمجد على أقصى مداهما و هو يشعر بقلبه يسقط أرضا .... فهتف فجأة بقلق
( معك ؟!! ...... كيف معك ؟!! .... أين أنتما ؟!! .... هل أمي مريضة ؟!! ..... هل انتما لدى الطبيب ؟!! ..... تكلمي يا مهجة ..... )
قالت مهجة بسرعة و حرارة
( لا تقلق يا حبيبي ... امي في احسن حال , أنها معي ..... )
هتف أمجد بقوة و قلقه يتضاعف
( كيف لا أقلق .... أمي لا تخرج الا بصحبتي فقط , أين أنتما يا مهجة ... تكلمي فقلبي على وشك أن يقتلع من مكانه ..... )
هتفت مهجة بصدق
( والله يا حبيبي أمك في أحسن حال ..... لقد خرجنا قليلا فحسب .... اليس من حقي اصطحابها الى حيث تريد أم أن الدور يقتصر عليك فقط ؟!! ..... الا يكفي أنك ترفض اقامتها عندي ؟!! ...... )
قال أمجد بصوت متشنج
( توقفي عن اللعب على أوتار العواطف يا مهجة .... أمي لا تخرج بدوني , أين أنتما و كيف خرجتما ... )
ردت مهجة متنهدة بيأس
( لقد استقلينا سيارة أجرة ........ )
هتف أمجد بغضب
( سيارة أجرة يا مهجة ؟!! ..... ماذا لو حدث أي شيء ؟!! ... ماذا لو تعثرت أمك أو أصابها مكروه , ... ماذا لو تاهت ؟!! ..... )
صرخت به مهجة بنفاذ صبر
( أنا أم لأربعة أطفال يا امجد .... هذا يعني أنني لن أضيع أمي مطلقا , هلا توقفت عن الحماقة ؟؟ ...... )
هتف أمجد بقوة
( أين أنتما الآن ؟ ..... سآتي لآخذكما ... )
ترددت مهجة قليلا مما جعل أمجد يقول بقلق متضاعف
( مهجة .... بالله عليك , هل أمي بخير ؟!! .... هل هي مريضة ؟!! .... )
تأففت مهجة و هي تقول
( لا حول و لا قوة الا بالله ...... والله أمك بخير , حسنا نحن في زيارة لابن خالتك .... )
عند هذه الجملة شعر أمجد فجأة بأن كل قلقه تحول الى جليد تصلب في منتصف عموده الفقري ....
فقال بلا تفكير و التوجس ينتشر في جسده كالنار في الهشيم
( أيهن ؟!!!!!!! .......... )
ردت مهجة و قد تألقت بنعومة خبيثة ؟!!
( أمممممم ترى أي واحدة ؟!! ..... هل هي مثلا التي تسكن فوق ست الحسن و الجمال ؟!! .... عروس المستقبل ؟!! ...... )
أصدرت سيارة أمجد صوت صريرا عاليا وهو يضغط على المكابح ... متجها الى جانب الطريق قبل أن يوقف السيارة تماما متجاهلا عددا من السباب و الشتائم المنطلقة من سياراتٍ خلفه ...
انه حتى لم يسمعها ....
كان كل تركيزه منصبا على ما تفوهت به مهجة للتو ..... فقال بصوتٍ متشنج مرتعب
( اياكِ .... اياكِ .. اياكِ أن يكون ما أفكر به صحيحا ؟!! .... سأقتلك يا مهجة و أشرب من دمك اقداحا ... )
لكنها و بدلا من أن ترد عليه , هتفت به بغضب
( كيف تنوي الزواج يا أمجد و تختار العروس و تخفي الأمر عني ؟!! ...... كيف تفعل هذا ؟؟؟ ..... أنا غاضبة منك جدا , لكنني أجلت الشجار قليلا الى بعد أن يتمم الله أمر خطبتك على خير ... )
اتسعت عينا أمجد بذهول وهو يقول
( خط ...... ؟!!!!! ...... مهجة أين أمي ؟!! ...... )
عادت مهجة لتضحك من جديد ضحكة أرسلت في جسده موجة من الرعشة المرتابة .... ثم قالت بدلال و أنوثة
( تحت ........... )
تصلب أمجد تماما .... و توقف قلبه و زهقت أنفاسه وهو يقول
( تحت أين ؟!! ......... )
قالت مهجة بامتعاض
( تحت أين بالله عليك ؟!! .... تحت الأريكة مثلا ؟!!! .... تحت عند العروس تزورها .... )
لقد تحققت المأساة ..... وقعت الكارثة ....
ضرب أمجد جبهته بكف يده بقوة , قبل أن يخفضها ليضرب بها المقود هاتفا بغضب
( لااا ... لاااااا ... لاااااااا .... تبا لكِ يا مهجة ... أقسم أن ...... سأقتلع قلبك و ألقي به في أقرب سلة مهملات .... )
هتفت مهجة بغضب هي أيضا
( لماذا ؟!! ...... أمك هي من طلبت و ذهبت .... اطمئن لن تتكلم في الموضوع رسميا ..... لقد ارادت فقط أن تسلم علي المذكورة ...... )
أغمض أمجد عينيه وهو يقول بخفوت
( ياللهي ..... لن يكون وضعي أسوأ , يا فرحة المذكورة بالمزيد من الانتصار ..... منك لله يا مهجة .... )
قالت مهجة باستياء
( لا تدعو علي ..... أنا لدي أطفال أريد أن أرعاهم ..... أمك هي من طلبت و أنا كابنة بارة نفذت لها ما تريده .... حتى أنني نفذت أوامرها بألا أنزل معهما , على الرغم من احتراقي رغبة في رؤية العروس ..... هل هي جميلة يا أمجد ؟!! ...... )
هتف أمجد بجنون
( اخرسي .... اخرسي ...... كلمة اخرى و اقتلع أنفك و اثبته في الحائط .... هل أنتِ في شقة الخائبة الأخرى وفاء ؟؟؟ ...... )
قالت بقنوط كالأطفال
( نعم .......... )
هتف بقوة و حنق
( اذن ابقي عندك و لا تتحركي ..... سآتي لآخذكما ...... تبا لكِ يا مهجة , ظلمك من سماكِ مهجة ... انتِ ابتلاء ...... )
أغلق الهاتف و رماه على المقعد المجاور له ... ثم تحرك بسيارته وهو يشتم بكل قوة .....
ماذا يفعل الآن ؟!! ......
كيف يتصرف ؟!! .......
يا فرحة ألمظ فيكِ يا أمجد ......... ياللشماتتها الآن !! ...
تذكر عبارة عادل امام الشهيرة في احدى المسرحيات ... حينها فقط زاد السرعة وهو يشتم مجددا بصوت عالٍ ....
و خلال دقائق قليلة كان قد وصل الى البناية التي تقطنها وفاء و مسك .... فأوقف السيارة و نظر اليها بوجهٍ قاتم من شدة الغيظ و الغضب .....
لو كان عليه لكان اتصل بأمه و طلب منها أن تنزل على الفور ... الا أنه كان مضطرا لرؤية مسك ... ليؤكد لها بنبرة قاطعة أنه لم يرسلهما و أن الموضوع قد انتهى ....
سيخبرها بهذا من أمام الباب و بكل ترفع .... ثم يصحب أمه و الغبية ابنة خالته و يغادرها للأبد ....
.................................................. .................................................. ....................
كانت مسك لا تزال على حالها ... تنقل عينيها الجامدتين بين أم أمجد و وفاء المبتسمة تلقائيا و كأنها ولدت بهذه الإبتسامة .....
الى أن تنحنحت أم أمجد و انحنت لتلتقط حقيبتها الموضوعة أرضا .... فأخذت تفتشها بأصابع حساسة و هي تقول مبتسمة
( لم أحضر معي هدية تليق بكِ يا مسك .... لكن لدي شيء غالي بقلبي لكِ ..... و أتمنى أن تقبليه ... )
أخرجت علبة من القطيفة الحمراء ... ففتحتها بأصابعها المكتنزة و هي تمدها الى مسك قائلة بسعادة
( هذا الخاتم كان لأمي .... كان لديها خاتمين , أحدهما بفصوصٍ خضراء أخذته مهجة يوم خطبتها .... أما هذا ففصوصه سوداء براقة .... بلون شعرك الجميل .... وهو من نصيبك .... )
نظرت مسك الى الخاتم فاغرة شفتيها ...
كان خاتما ضخم من الذهب الأصفر ... الفصوص السوداء به متراصة حول نفسها في دوائر لتبدو في النهاية كوردة سوداء لامعها يتخللها الأصفر الذهبي .....
كان الخاتم رغم ضخامته , الا أنه يبدو كتحفة فنية ...... أو أثرية .....
رمشت مسك بعينيها قبل أن تأخذ نفسا عميقا , ثم قالت بهدوء خافت
( إنه رائع يا سيدتي ..... لكنني لا أستطيع القبول به ...... )
انعقد حاجبي أم أمجد بانكسار خاطر واضح .... لكنها قالت بصوتٍ متقطع
( لكن لماذا ؟!! ..... ألم يعجبك ؟!! ..... أتذكر أنه كان جميلا ..... )
اطرقت مسك بوجهها قبل أن تقول بخفوت
( أظن أنه من الأفضل أن تتكلمي مع أمجد قبلا ..... هناك أمور اختلفت .... )
أعادت أم أمجد العلبة الى حجرها و قالت بوجهٍ ممتقع
( أي أمور .... آخر مرة تكلمت معه , كان متحمسا و كان على وشك أخذ موعدا من والدك !! ..... )
لعقت مسك شفتيها , الا أنها رفعت ذقنها و نفضت شعرها للوراء و هي تقول ببساطة
( ربما كان كلامك مع أمجد أفضل .... لكن أنا آسفة , لا يمكنني القبول بالخاتم .... )
أغلقت أم أمجد العلبة الصغيرة ببطىء و عي تنظر أمامها بعينين منكسرتين .... و لم ترد , مما جعل مسك تنظر اليها بطرف عينيها ....
فلعنت هذا الضعف المتسرب الى نفسها .... ليس من المفترض أن تشعر بالأسى عليها ....
تلك السيدة جريئة أكثر من اللازم ... و مقتحمة لحياة الغير في سبيل ما يريده ابنها ....
كما أنه لا تمتلك أي أصول للزيارات و الخصوصيات .....
عليها أن تعرف من الآن أن بنات الناس لسن رهن اشارة اصبع من اصابع ابنها الغالي .....
حسنا انها تبالغ قليلا , لكن عليها أن تكون حازمة في تعاملها مع هذا النوع من البشر ....
سمعت صوت رنين جرس الباب ... فنهضت مسرعة , و هي ترحب بتلك المقاطعة التي منحتها الفرصة للهرب مؤقتا من تلك النظرة المنكسرة ......
فتحت مسك الباب بسرعة أكثر من اللازم ... الا أنها توقفت مكانها تلهث قليلا و هي تنظر... اليه !! ....
المنطقة الغير مرغوبة بنفسها تقف على باب بيتها
كان واقفا منخفض الرأس ...... ثم رفعه ببطىء كي ينظر اليها , على الرغم من انه حضر الكلمتين اللتين آتا خصيصا كي يلقي بهما في وجهها دون النظر اليها ...
لكنه فعل .... و فعلت هي ...
نظر اليها فارتبكت و تأرجح الباب في يدها ....
كانت ترتدي حلة رياضية بيتية و قد تركت شعرها منسابا على كتفيها بحريته ... أما عينيها فكانتا قلقتين و هي تختلس النظر اليه ....
حينها فقط سمع عبارته مجددا ترن في أذنه
" كليوباترا هي ... لم يكن عليكِ النظر اليها قبل محاربتها ...فقبلك هزمت رجالا بغرورها ...."
فتح أمجد فمه ليقول بخفوت
( أنا آسف ........... )
اتسعت عينا مسك و فغرت شفتيها قليلا قبل أن تقول بعدم فهم
( ماذا ؟!! ........... )
رد عليها أمجد بنفس الخفوت وهو ينظر الى عينيها
( أنا آسف على ما حدث ... لم أجد الوقت لأخبر أمي عن انتهاء الأمر و للأبد .. لم أكن أعلم بزيارتها لكِ )
أخفضت وجهها و هي تلعق شفتيها بتوتر ... فانساب شعرها حول ذلك الوجه الكلاسيكي الأنيق , مما جعله ينظر اليها مجددا ....
قالت مسك بخفوت
( لا بأس ...... أعلم أنك لم تكن على علمٍ بهذا ....... )
رفعت وجهها اليه فأخفض وجهه وهو يمتنع عن النظر اليها بقوة ارادة ....
كان من الواضح على هيئتها أنها ترتاح في بيتها دون أن تعلم بمجىء كل هذا الجمهور المفاجىء .....
و كانت جميلة ..... جميلة بشكلٍ استثنائي ....
الحقيقة أن مسك الرافعي جمالها استثنائي في كل حالاتها ..... عليه ان يعترف بهذا .....
تكلم امجد اخيرا بخفوت ناظرا الى الأرض .... و يداه في جيبي بنطاله بيأس
( هلا اخبرتهما بوصولي .......... )
فتحت شفتيها ... ثم سارعت بالقول
( آآآه ..... نعم , بالتأكيد ..... لحظة واحدة ....... )
نظرت اليه للحظة , فاختلس اليها نظرة جعلتها تستدير بسرعة و تدخل الى شقتها .... بينما وقف أمجد مكانه رافعا رأسه وهو يتنهد بعمق ....
ما هذا الغباء في التعامل ؟!! ....... إنه يبدو كالأخرق .........
رفع رأسه حين أطلت وفاء و هي تسند والدته بحرص , فحدجها بنظرةٍ مهددة غاضبة .... مما جعلها تسارع بخفض عينيها و هي تقول
( أمجد واقف أمام الباب يا خالتي ........ )
رفعت أمه وجهها المنكسر و هي تقول بخفوت
( أمجد حبيبي ........ )
عقد أمجد حاجبيه وهو يقول بقلق
( هل أنت بخير يا أمي ؟!! .......... )
ردت أمه بابتسامة حزينة
( نعم حبيبي أنا في أحسن حال ..... لقد أتيت دون اذن منك , لا تغضب مني .... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تتسائل في صمت
" اذن منه هو ؟!! ..... هل اشتروا الشقة ؟!! ........ ما تلك الأسرة ذات العشم الزائد ؟!! .... "
و ما جعل حاجبيها يرتفعان أكثر هو نبرة أمجد الهادئة
( مستحيل أن أغضب منكِ يا حبيبة ؟؟ ..... وفاء هلا ساعدتِ أمي في الذهاب الى المصعد .... أريد الكلام مع مسك للحظات .... )
أومأت وفاء برأسها ثم ساندت والدته و هي تقول بخفوت
( هيا يا خالتي .......... )
ابتعدا عنهما ببطىء , فالتفت أمجد الى مسك قائلا بخفوت كي لا يسمعاه
( حسنا لقد اعتذرت لكِ لكن هلا اخبرتني الآن لماذا تبدو أمي منكسرة الملامح الى هذا الحد ؟!!!! .... )
وضعت مسك كفيها في خصرها و هي تنظر اليه في وقفة متحدية لتقول بتهديد خافت
( لحظة .... لحظة ..... هل تحاسبني ؟!! ..... )
غصبا عنه رمقتها عيناه في وقفتها المستفزة .... و لم تدرك أن تلك العينين قد فتنتا بها ...
مما جعله يسارع بخفض وجهه وهو يقول بخفوت متذمر
( أنا لا أحاسبك ..... لكن أمي امرأة مريضة و ضريرة .... هل تقبلها بعفويتها التي قد تبدو جريئة في بعض الأحيان أمر شاق تماما ؟!!! ....... )
هتفت مسك من بين أسنانها همسا
( و من أخبرك انني لم أتقبلها ؟!! .......... )
أشار أمجد جانبا حيث تقف امه و ابنة خالته على مسافة قريبة ... ثم همس من بين أسنانها
( انظري الى وجهها و أنت تعرفين الجواب ..... )
مدت مسك وجهها و همست بغيظ و شراسة
( هذا لأنك لم تخبرها بقراري .... كبريائك الذكوري رفض الاقتناع بأن هناك امرأة تجرأت و رفضت عرضك الكريم للزواج ....... أنت السبب في الانكسار البادي على وجه أمك , لأنني بكل تهذيب اضطررت الى رفض خاتم جدتك التي كانت تريد اهدائه لي بمناسبة قرب الخطبة السعيدة ...... )
عقد امجد حاجبيه و قال بصدمة
( هل حاولت اهدائك الخاتم ؟!! .... خاتم جدتي الأسود ؟!!! ....... )
" كم يشبهها هذا الخاتم ؟!! ...... كيف لم يلحظ هذا من قبل ؟!! .... "
الا ان مسك لم تلحظ شروده ... بل قالت بعنف
( نعم حاولت .... ربما كنت تفضل أن آخذه منها شاكرة , ثم ارفض الخطبة فيما بعد ؟!! ..... )
زم أمجد شفتيه و ضيق عينيه ..... ثم قال اخيرا بخفوت
( هلا اخبرتني ماذا قالت لكِ أيضا ؟!! ........ )
رفعت مسك ذقنها فانسابت نظراته على شعرها الذي تراجع للخلف و هي تقول بخيلاء
( طلبت مني ترك العمل للتفرغ للأولاد ... و التزام الحجاب ..... )
أغمض عينيه وهو يقول هامسا بخفوت
( آآآه يا أمي ......... ما هذا الموقف الذي وضعتني به ..... )
الا ان مسك لم تتراجع بل تابعت بنبرة بدت باهتة قليلا
( و أخبرتني كم أنت متلهف للحصول على الكثير و الكثير من الأطفال ....... )
نظرت اليه نظرة طويلة بصمت ... بينما هو يبادلها النظر , قبل ان يقول بصوت جامد
( على ما يبدو أنكِ لا ترغبين في الأطفال من الأساس !! ...... )
ساد الصمت بينهما طويلا ... ثم رفعت ذقنها اكثر و همست بترفع
( نعم ...... أنا لا أحتاج للأطفال .... أنا راضية بحياتي كما هي .... )
حينها لم يرد عليها أمجد على الفور ... بل رمقها من قمة رأسها و حتى أخمص قدميها , ثم قال أخيرا بمنتهى الهدوء و بابتسامة مهذبة
( و أنا لا أراكِ أما مناسبة تليق بأطفالي ..... )
اهتزت حدقتي مسك قليلا ... وارتبكت ملامحها للحظة قبل أن تتكفل ابتسامة مصطنعة و هي تقول بأناقة
( جيد ........ يبدو أن كل منا قد عاد الى مساره الصحيح .... )
أومأ أمجد برأسه تهذيبا وهو يقول بنفس الابتسامة الباردة
( على ما يبدو .... و الآن اسمحي لي , يجب أن أذهب الى أمي فقد طال انتظارها .... )
رفعت مسك وجهها الأنيق و قالت بترفع
( هيا ..... الحق بأمك ....... )
ثم أغلقت الباب في وجهه دون حتى القاء التحية ..... ظل أمجد واقفا مكانه وهو يعض على شفته السفلى بينما النيران تغلي في صدره على مهلٍ فتحرقه أكثر .... لكنه سرعان ما سيطر على نفسه و استدار متجها الى أمه و ابنة خالته التي كانت تنظر الي ما يحدث بنظرةٍ كئيبة .... بينما والدته لا ترى لحسن الحظ ....
أما مسك فقد استندت الى الباب المغلق و هي تتنفس بسرعة .... ثم لم تلبث أن رفعت يدها لتمسح دمعة حارقة .. اقتلعتها بعنفٍ قبل أن تطول وجنتها .... ثم ابتسمت بأناقة .....







يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 31-07-16, 04:15 AM   #6890

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

نفس الجلسة .... و نفس الساق فوق أخرى .....
و عيناها تراقبان الجالس أمامها يتلاعب بفنجان قهوته ..... و كأنه يحاول فتح الحوار دون أن يجد السبيل ....
كانت تراقبه بصمت ... لا تترك منه اي انفعال الا و تسجله داخلها .....
رأته يبتسم أخيرا محدقا في الفنجان ... ثم قال دون أن يرفع وجهه اليها
( الشعر القصير يليق بكِ ...... حين أتذكر ثورتي عليكِ كلم قصصتِ أطرافه , لا أتخيل أنه يعجبني الآن بتلك الصورة الأنيقة ...... )
ساد صمت طويل بينهما و مسك تراقب ارتباكه بدقة ...
لا يزال جذابا .... لكن الشقاوة قاربت على الاختفاء من عينيه و ابتسامته !! .....
لم يعد نفس الفتى البراق الذي يلفت الأنظار اليه من مجرد ابتسامة .....
قالت مسك بنعومة و هي ترفح الفنجان الى شفتيها
( هذا الشعر لا يعد قصيرا ... لقد تجاوز حدود كتفي , انت لم تراه حين كان قصيرا بحق .... كشعر صبي مراهق .....و الأسوأ ... رأسي خالية من الشعر تماما ..... )
ضاعت الابتسامة عن شفتيه و ازداد تقليبه للقهوة في فنجانه حتى باتت سائلا لا شكل له ......
لقد تعمدت مسك ترك شعرها اليوم حرا طليقا متطايرا في الهواء بنعومة .....
و اعتنت بمظهرها جيدا ... و لم تنسى احمر الشفاة القاني الذي نادرا ما تضعه .......
حتى الإبتسامة المدروسة لم تنساها ....... ارتدتها مع حذائها ذو الكعب العالي .....
قالت مسك بتهذيب و لطف
( كيف حال غدير ؟!! ... لم أراها في العمل منذ عدة أيام !! ....... )
الآن لم يفقد ابتسامته فحسب ... بل انعقد حاجبيه و تلبدت ملامحه كلها .... لكنه لم يرفع وجهه لها , بل قال بصوت متوتر بعد فترة صمت طويل
( لقد فقدت طفلها ........... )
اتسعت عينا مسك بصدمة حقيقية .... ثم قالت بتعجب
( حقا ؟!! ....... كيف حدث هذا ؟!!! ....... )
هز أشرف كتفيه و قال بخفوت
( دون أي سبب ...... كان حملا غير مستقرا ..... لكنها تبالغ في ردة فعلها بالنسبة لكونها فقدته في بداية الحمل ...... تبكي ليل نهار و عازفة عني تماما و كأنني السبب في فقدانها للطفل !! ..... )
رفع كفيه مستسلما وهو يضحك باستهزاء مرير ...
نظرت اليه مسك ثم قالت بهدوء
( لا تبدو حزينا لفقدانك للطفل !!! ...... اليس طفلك أنت أيضا ..... )
هز أشرف كتفيه و قال باستسلام
( بالطبع حزنت لفقده ..... الا أن علي الإعتراف بأنني لست مولعا بالأطفال تماما .... )
راقبته مسك طويلا ثم قالت بخفوت
( نعم أعرف هذا ........ لم تكن الأبوة هي حلمك الأول , لذلك لم أستطع أن أمنحك العذر حين تركتني .... كانت خيانة مع سبق الإصرار ..... لا دخل للأطفال في الأمر .... )
نظر اليها مبهوتا من كلامها الصادم المفاجىء .....
فغر شفتيه للحظة قبل ان يقول بوجوم
( مسك ........... )
ابتسمت ابتسامة من اجمل ابتسامتها و هي تقول بنعومة مميزة
( نعم ؟؟ .......... )
فتنته ابتسامتها .... فنظر اليها طويلا و بداخله شوقا اليها منذ سنوات , فمال فجأة الى الطاولة و همس من بين أسنانه
( لا تتزوجي زاهر ..... اياكِ .......... )
ارتفع حاجبي مسك ببراءة و رفعت فنجانها الى شفتيها مجددا و هي تقول بدهشة زائفة
( هل عرفت بالأمر ؟!!! ......... )
هتف أشرف بقوة
( بالطبع عرفت ..... اخبرني والدي ...... و بات الجميع يعلمون في العائلة .... كيف تقدمين على فعلة كهذه ؟!! .....هل جننتِ يا مسك ؟؟ .. )
بينما هي تنظر اليه مبتسمة بأناقة ... كان أمجد يدخل الى المقهى حيث اعتاد في كثير من الاحيان الخروج من العمل و المجيء الى هنا طلبا لكوب ورقي من القهوة , لا يستسيغه الا من هذا المكان كمعظم العاملين في الشركة ....
وقف ليسجل طلبه بهدوء .... و ما ان انتهى , حانت منه التفاتة بنظرة لا مبالية شاردة للطاولات , الى ان تسمرت عيناه عليهما !!!!!
مسك و زوج غدير !!!! ..........
لم يكن يوما متهورا .... كان مثالا لهدوء الاعصاب طوال عمره , فماذا حدث الآن ؟!! .....
نظرت مسك الى أشرف و قالت برقة
( زاهر ابن عمك زوج تتمناه الكثيرات ........ )
هتف أشرف من بين أسنانه
( كثيرات لكن اي منهن ليست أنتِ يا مسك ...... بالله عليكِ هل جننتِ ؟!!! ..... مسك أنا ...... )
توقف عن الكلام و عقد حاجبيه وهو يرى ظل الرجل الذي اقترب منهما و عيناه تلمعان بشررٍ صامت ....
كان هذا مدير غدير في العمل !! .... ماذا يريد منهما ؟!! .....
وصل أمجد اليهما فرأته مسك و عقدت حاجبيها بدهشة قبل أن تنزل ساقها من فوق الأخرى ....
أما هو فأسند كفه الى ظهر مقعدها و انحنى اليهما مبتسما بزيف قائلا بنبرة متشنجة
( المقهى ممتلىء بالعاملين في الشركة ..... لذا دون فضائح انهضي و اسبقيني للشركة ...... )
.................................................. .................................................. ...............
انحنى الى الحوض في حمام شقته ضاربا وجهه المكدوم بالماء البارد عدة مرات , ثم استقام ناظرا الى صورته في المرآة .....
كان وجهه مشوها من شدة الضرب ......
شفتيه مجروحتين و منتفختين .... ووجنته زرقاء أسفل عينه اليمنى .... بينما لون داكن منتشر في خط كالسيف على الوجنة الأخرى ....
بخلاف ما نال جسده من اصاباتٍ و مهانة ......
لكن كل الألم ..... لا يعادل ألما آخر ......
ألم فقده لسوار من جديد .....
لقد ضاعت منه سوار للأبد ......... خطفها منه ابن الهلالي ....
تمتع بها و ذاق من جمالها المحرم ......
نال ما تاه اليه طويلا .....
ضاعت سوار للأبد ........
بداخله نيران هوجاء ..... رغبة سادية في تعذيب أي كائن حي ......
سمع صوت رنين باب شقته .... فنظر جانبا بملامح جامدة ... لا حياة بها ..... ميتة كجثةٍ هامدة ....
ثم تحرك ببطىء ليفتح الباب .....
و ما أن فتحه حتى ابتسم قليلا .... ابتسامة غامضة وهو ينظر الى من تقف بالباب ......
لقد كانت بدور ....... بعينيها المتورمتين من بكاء ليالِ طويلة ......
هتفت بدور من بين شفتيها بصوتٍ مرتجف
( راجح ........ راجح أريد الكلام معك أرجوووك ....... )
ظلت الإبتسامة الغامضة على وجهه وهو ينظر الى ملامحها التي لم تفقد برائتها رغم أن جسدها قد فعل .....
كانت فوضوية الملابس و كأنها ارتدت أول ما وقعت عليه يداها ......
قال راجح بصوت غريب
( كيف تمكنت من السفر الى هنا ؟!!! ......... )
ردت بدور بصوت مرتجف
( توسلت لأمي أن تقنع أبي بان يسمح لي بالسفر لأن لدي اختبار هام ...... هل أستطيع الدخول ؟؟ ..... )
برقت عينا راجح و همس بنعومة
( بالطبع ........ تعالي ......... )
تقدمت بدور للداخل و قد زاد عرجها وضوحا ...... و ما أن أغلق باب الشقة خلفها حتى استدارت اليه و هتفت بتوسل
( راجح ....... ماذا سنفعل ؟؟؟ ...... أرجوك طمئنني ..... أنا أموت في اليوم ألف مرة ..... )
ارتفع حاجبي راجح وهو يخرج سيجارة من علبته ..... ثم أشعلها وهو يقول بعدم فهم
( عما تتكلمين ؟!! ......... لا أفهم .......... )
هتفت بدور بذعر
( عن موقف العائلة منك ...... ماذا فعلت لتستحق ما حدث لك ؟!! ....... كيف ستقنعهم بإعادتي الى عصمتك ؟؟؟!!! ......)
ضحك راجح وهو يقول بدهشة
( من قال أنني سأحاول من الأساس ؟.!! ........ لن يقتنعوا مطلقا ..... )
فغرت بدور شفتيها .... و امتقع وجهها المتورم ..... بينما تسمرت مكانها تنظر اليه كالمجنونة .....
فهمست بعدم استيعاب
( ماذا .... ماذا تقصد بأنك لن تحاول ؟؟!!! ...... )
قال راجح ببساطة وهو ينفث دخان سيجارته في الهواء .....
( أعني أن كل شيء قسمة و نصيب .... و أنا لن أفرض نفسي كزوج على أسرة لا تريدني لابنتها ..... )
ازداد اتساع شفتيها و امتقاع وجهها ... و تحولت عينيها الى بركتين غائرتين من الذعر ...
بينما أخذت تهذي قليلا
( لكن ..... لكن ...... و ماذا عن ما حدث بيننا ؟!!! ....... )
ابتسم راجح بغموض وهو ينظر الى عينيها المرتعبتين , ثم قال ببساطة
( ماذا حدث ؟!! ..... كنا زوجين و ما فعلناه لم يكن حراما ..... )
لطمت بدور وجهها و هي تصرخ بجنون
( لم يكن حراما ؟!!! .... لم يكن حراما ؟!!! .... و هل تسري الامور بتلك الطريقة في بلدنا ؟!! .... )
قال راجح ببرود وهو ينفث دخان سيجارته في وجهها المذعور
( و ما دامتِ تعلمين أن الامور لا تسري بتلك الطريقة في بلدنا ..... لماذا وافقتِ و فرطتِ في نفسك بهذه السهولة ؟؟ ...... )
ازداد شحوب وجهها حتى حاكى شحوب الموتى .... فرفت اصبعها المرتجف الى صدرها
( هل تكلمني أنا يا راجح ؟!! ...... أنا من فرطت بنفسها ؟!!! ..... )
قال راجح بلامبالاة
( و من غيرك هنا ؟!! ........... )
صرخت بدور بجنون
( كنت مرغمة ...... انت أرغمتني في المرة الأولى بيننا , أتذكر ؟!! ....... )
ضحك راجح عاليا أمام عينيها المرتعبتين .... ثم لم يلبث أن نظر اليها و قال بتلذذ
( أول مرة كنتِ مرغمة !! .... و ماذا عن عشرات المرات بعدها ؟!! ..... هل أرغمتك بهم أيضا ؟!! ..... )
صرخت بدور فجأة و هي تهز رأسها ذعرا
( توقف ..... توقف ..... أرجوك قل أنك لا تعني ما تقول . أنت فقط تخيفني ... ترعبني كي تأدبني .... و أنا موافقة ... لكن ارجوك اقنعهم بالعودة لي .... ارجوك يا راجح , سمعتي بين يديك ..... )
كان ينظر اليها مستمتعا .... ينال بعضا من كرامته المراقة كزوج ضربوه أمام زوجته و ارغموه على طلاقها ...
لذا فلتنال ابنتهم من بعض ما أذاقوه .....
اقتربت منه بدور لتمسك بكفه و هي تشهق باكية متوسلة
( أرجوك يا راجح تستر علي .... انا أبنة عمك , ... لا تفضحني ..... أرجوك , سأقبل يدك إن أردت .... )
انحنت على ركبتيها و اخذت تقبل كفه , بينما وقف مكانه ينظر اليها من علو وهو ينفث من دخان سيجارته ... و هي تبكي و تتوسل مجددا
( سأقبل قدمك لو أردت .... و سأكون خادمة لك العمر بأكمله ..... لكن لا تفضحني ..... )
انحنت أمام عينيه و قبلت قدمه بالفعل حتى بللتها بدموعها ....
ثم قال راجح أخيرا بمنتهى الهدوء
( انهضي .............. )
رفعت بدور وجهها المتورم لتنظر اليه بأمل , فمسحته بظاهر يدها , الا أنها نهضت واقفة و هي تشهق باكية ....
اقترب منها راجح و لامس وجنتها ليقول بنعومة
( أنت ترتجفين ذعرا كأرنب مسلط سكين على عنقه ...... تعالي الي و أنا سأهدىء من ذعرك .... )
تشنجت بدور للحظة و هي تستوعب تلك النبرة التي تعرفها جيدا .... الا أنها لم تتأكد من مقصده الا بعد ان شدها اليه محاولا اقتناص شفتيها بقوة , ... فصرخت بدور بذعر و هي تقاومه بكل قوتها ....
لكنه بدا كالثور الهائج وهو يهاجمها مجددا .... حتى خلع الحجاب عن شعرها بعنف , و حرر شعرها الأسود على كتفيها ....هامسا بقساوة
( لا زلتِ زوجتي .......... )
صرخت بدور أعلى و أعلى .... الا انه رماها أرضا بسهولة مع ساقها العرجاء و التي لم توفر لها الهرب السريع .... ثم انقض عليها محاولا فتح أزرار قميصها ....
ظلت بدور تقاتل باستماتة وهو يبدو كالمجنون المنتشى بصراخها ....
الى ان طالت يدها مطفئة السجائر الزجاجية الموضوعة على احدى الطاولات القصيرة ... فأمسكتها و ضربته على رأسه بقوة ....
رأت بدور بذعر خيط من الدم يسيل على جبهته وهو يصيح عاليا بألم كحيوان متوحش
( أيتها المجنونة ............. )
لكنها لم تنتظر .... بل قفزت واقفة لتلتقط حقيبتها و حجابها , ثم خرجت من الشقة جريا و كأن الشياطين تلاحقها بينما أصابعها ترتجف محاولة غلق أزرار قميصها و لف حجابها بعشوائية .....
أما راجح فقد انهال عليها بسبابٍ عالٍ وهو يمسك رأسه النازف متأوها بوحشية ............
.................................................. .................................................. ....................
استلقت تيماء في فراشها القديم و هي تنظر الى السقف بعينين متورمتين من البكاء ... لكنهما جافتين
ككل مرة بكت فيها الى أن نفذت دموعها ....
سمعت طرقا على باب غرفتها فقالت بهدوء
( ادخلي يا أمي ......... )
دخلت ثريا الى غرفة تيماء , ثم أغلقت الباب خلفها و قالت برقة مبتسمة
( كيف حالك الآن ؟؟ ......... )
استقامت تيماء لتجلس في السرير ثم قالت بخفوت
( أفضل حالا يا أمي ......... لماذا لم تنامي حتى الآن ؟؟ ....... )
بدا بعض الارتباك على وجه ثريا .... الا أنها اقتربت من سرير تيماء لتجلس على حافته بالقرب من ابنتها , بينما أخذت تفرك أصابعها بتوتر .....
نظرت تيماء اليها بصمت .... ثم قالت بتوجس
( ما الأمر يا أمي ..... أنتِ تخفين عني شيئا ..... قولي رجاءا , لم أعد أمتلك القوة لتحمل الصدمات .... )
ابتسمت أمها بتوتر و قالت بمرح
( جيد أنكِ تركتِ بعض الملابس هنا ...... غرفتك كما هي و كأنها تنتظرك ..... )
حكت تيماء شعرها الغزير , ثم قالت
( أشك في أن شيئا ما كان ينتظرني ...... أنا شخصية لم يقسم لها أن ينتظرها انسان أو حتى جماد .... أنا أفكر حاليا في اقتناء قطة ..... ربما كان حظي معها أوفر .... )
همست ثريا بألم
( لا تتشائمي بهذه الدرجة ...... مررتِ بتجربة سيئة و مضت , لست الوحيدة .... لقد مررت أنا بأسوأ منها على الأقل حظك أفضل من حظي .... فأنتِ أدركتِ خطأك و أنت وحدك دون طفل .... أما أنا فقد شاء حظي العثر أن أحمل بكِ ..... )
صمتت فجأة و هتفت بوجهٍ باهت
( لم أقصد ..... لم أقصد ما تفوهت به ...... لقد قصدت أنني كنت شابة صغيرة بمفردي و أنتِ تربيتِ وحدك دون أب ...... )
ابتسمت تيماء بمرارة و قالت
( لا عليكِ يا أمي .... أفهم ما تقصدين , أعتقد انني صرت منيعة ضد الألم ..... انظري الي , زوجة ثانية , ضاعت منها المنحة التي كانت تتمناها و هي الآن على وشكِ الإنفصال و مع هذا أجد القدرة على الإبتسام !! .... انا عديمة الإحساس , الست كذلك ؟!! ..... )
ابتسمت ثريا بحزن و قالت بخفوت
( لا ..... لستِ عديمة الإحساس ..... انما أنتِ قوية بشكل اثار دهشتي منذ طفولتك , لا تستلمين و لا تخضعين للكآبة فتسمحي لها بهزيمتك ...... بعكسي تماما , أحيانا كثيرة كنت أغار منكِ .... أتصدقين ذلك ؟!! ..... كنت أنظر اليكِ في طفولتك و مراهقتك و كنت أشعر بالغيرة من مدى صلابتك و مرونتك في نفس الوقت كما أنكِ كنت شجاعة و ذكية و متفوقة .... بينما أنا ......... )
صمتت و هي تطرق بوجهها بحزن .... ففكرت تيماء أن تلك هي عادة ثريا دائما ....
تحب أن تأخذ دور البطولة ....
انها تحتاج الى دورها في الكآبة الآن و أن تكون ملكة الدراما .... الا أن ثريا تنوي أن تسرق منها الدور ....
تنهدت تيماء باستسلام و همست متراجعة للخلف
( و أنا أيضا كنت أغار منكِ .............. )
ارتفع وجه ثريا بصدمة و هي تقول متفاجئة
( تغارين مني أنا ؟!!! ..... على أي شيء ؟!! و هل أمتلك شيئا تغارين مني لأجله ؟!! ...... )
قالت تيماء رغبة منها في منحها القليل من الرضا عن الذات
( لطالما كنتِ أجمل مني بكثير ..... كان كل من ينظر الينا يتسائل لماذا لم أولد جميلة مثلك و اشبهك .... )
ابتسمت ثريا و قد بدت ملامح الرضا على وجهها بالفعل , فابتسمت تيماء و هي تراقبها بصمت ...
أمها تستحق الشفقة , لا القسوة كما كانت تعاملها احيانا .....
قالت تيماء بخفوت
( أين زوجك عاري الصدر ؟!! ...... لماذا لا أسمع صوت ضحكاته الغبية ؟!! ...... )
ردت ثريا بتوتر
( لقد طلبت منه المبيت خارجا الليلة .......... )
ارتفع حاجبي تيماء و بدت متفاجئة بالفعل , ثم سألت أمها مذهولة
( حقا يا أمي ؟!!!! ...... فعلتِ هذا لأجلي ؟!! لم يكن عليكِ فعل ذلك !! ........ )
ازداد الإرتباك على وجه ثريا ...... فبدأ الشك يساور تيماء .... الا أن ثريا قالت متجنبة الموضوع أكثر
( هكذا أفضل ..... المهم الآن أن تتخلصي من هذا الحيوان الذي تزوجتِ منه ..... و للأبد هذه المرة ... )
شعرت تيماء بالألم يشطر صدرها نصفين ما ان سمعت كلمة للابد ....
المها في حد ذاته كان كفيلا بأن يجعلها تلتقط نفسا متوجعا و تغمض عينيها ..... ظلت ثريا تراقبها طويلا ثم همست بخفوت مندهش و حنون في آن واحد
( الازلتِ تحبينه يا تيماء ؟!! .......... )
ردت عليها تيماء بهدوء دون أن تفتح عينيها
( نعم يا أمي .... أحبه و لن أتوقف عن حبه طوال حياتي , تلك باتت حقيقة سلمت بها منذ وقتٍ طويل و علي التعامل مع ألمها ..... )
همست ثريا بخفوت
( كيف هو الحب يا تيماء ؟!! ..... هل نشوته تفوق هذا الألم الذي تعيشينه حاليا ؟!! ..... )
فتحت تيماء عينيها و نظرت الى أمها متفاجئة ... ثم قالت تسألها
( كيف تسألين ؟!! ...... الا تحبين زوجك عاري الصدر ؟!! ..... إنه أحمق ومستوى ذكائه محدود ... لكن من الممكن أن يكون محبوبا لو أراد .... )
ابتسمت ثريا بسخرية مريرة و قالت بخفوت
( رامي !!! ...... إنه ليس حبيبا و لا يليق بهذا المنصب ..... إنه فقط ........ )
صمتت بحرج , فقالت تيماء بقوة
( لا أريد سماع تفاصيل مقرفة يا أمي رجاءا ...... وصلني المعنى ...... )
أطرقت ثريا بوجهها المتخاذل , فشعرت تيماء بتأنيب الضمير ..... حينها ربتت على كفيها المتشابكين و قالت بلطف
( حسنا دعنا من عاري الصدر ..... و أخبريني عن أبي ...... )
انتفضت ثريا و هتفت مجفلة
( والدك ؟!! ...... ماذا به ؟!!! ..... هل عرفتِ أنني ؟!!! ..... )
قاطعتها تيماء لتقول برفق
( اهدئي يا أمي ..... كنت فقط أسألك إن كنتِ قد أحببتهِ يوما ؟!!! ....... )
زفرت ثريا نفسا متوترا أثار ريبة تيماء أكثر .... الا ان ثريا أجابت بحزن مرير
( لم أجد الوقت لأقرر ....... لقد دخل حياتي سريعا و خرج بصورة أسرع ........ ما كنت بالنسبة اليه سوى نزوة .... رماها ما أن أخطأت و جلبت الى هذا العالم عواقب غير محمودة ..... )
ابتسمت تيماء ابتسامة بلا مرح و قالت بفتور
( و كنت أنا العواقب الغير محمودة .......... هذا الحديث يمنحنى القوة كل مرة أسمعه بها , كي لا اسمح للتخاذل بأن ينال مني ...... )
قالت ثريا اخيرا بقوة
( لن اسمح لكِ بأن تتخاذلي هذه المرة يا تيماء ..... ستتخلصين من هذا الظالم زوجك ........ )
تنهدت تيماء و قالت بألم
( الامر ليس بمثل هذه البساطة يا أمي ..... قاصي لا يستسلم أبدا ..... انه خصم شديد الشراسة .... )
تنهدت ثريا و همست بغضب
( آآآآآآه يا تيماء .... كم حذرتك منه !! ..... لطالما كنتِ ذكية في كل شيء , الا فيما يتعلق بقاصي .... تتحولين فيه الى حمارة و تطول اذناكِ ...... )
ظلت تيماء صامتة لعدة لحظات قبل ان تنفجر ضاحكة فجأة .......
رمقتها ثريا باستياء..... ثم لم تلبث ان ضحكت هي الأخرى ....
ظلت تيماء تضحك و تضحك و تضحك حتى دفنت وجهها في الوسادة ..... فقالت ثريا بعد فترة طويلة بشك
( تيماء ؟!! ...... هل تضحكين أم تبكين ؟!! ......... )
ظلت تيماء تشهق تلك الشهقات الى أن أمسكت ثريا بكتفيها و رفعتها بالقوة .... ثم لم تلبث أن هتفت بحزن
( تيماااااااااااء ........ )
كان وجه تيماء مغرقا بالدموع و هي تشهق باكية .... فضمتها ثريا الى صدرها و أخذت تمسح شعرها بوجنتها و هي تهمس برفق
( لا بأس حبيبتي ....... لا بأس ..... سيزول هذا الألم سريعا ....... )
صرخت تيماء بقوة باكية كالأطفال
( أنا أحبه يا أمي ........ أحبه جدا ....... )
همست ثريا بأسى
( ياللهي ..... ما أغباكِ !!! ........ )
أخذت تيماء تبكي باختناق ... حتى تحول بكائها أخيرا الى شهقاتٍ خافتة ......
و استمرت ثريا في التربيت على شعرها بحنان , الى أن دق جرس الباب فجأة .....
رفعت تيماء وجهها و قالت بخفوت
( هل عاد زوجك ؟!! .......... )
ارتبكت ثريا و قالت بخفوت مطرقة الوجه .......
( لا أظن ....... ابقي هنا , سأذهب لأرى من بالباب ..... )
.................................................. .................................................. .....................
( كبرتِ يا ثريا و بان عليكِ العمر ...... )
نظرت ثريا الى سالم بنظرات فارغة .... و رفعت يدا تلامس بها شعرها دون وعي ....
لم تظن أن رؤيته بعد كل هذه السنوات ستولد بها كل هذا الإحساس بالمرارة !!!
الا أنها قالت بخفوت
( و أنت أيضا كبرت يا سالم .... و بان عليك العمر , لكنك لم تأتي الى هنا كي نتحسر على الشباب الضائع ...... لقد أتيت من أجل ابنتك , شئت أم أبيت , فهي ابنتك .... قف بجوارها لمرة واحدة في حياتك .... استشعر أبوتك لها , فقد تندهش حين تعثر عليها ....تيماء شابة نادرة , ينتظرها مستقبل مبهر .... ارجوك ساعدها حتى لو أخطأت .... تظل ابنتك .... ماذا لو أخطأت مسك ابنتك الأخرى ؟!! هل كنت لتلقي بها في الطريق كما فعلت مع تيماء ؟!! ..... . )
نظر اليها سالم طويلا قبل أن يقول بجمود
( أين هي ؟!! .......... )
ردت ثريا بقلق
( في غرفتها ...... لا تعرف بمجيئك ....... )
قال سالم بنبرة صارمة
( اذهبي و نادها ............ أريد الكلام معها .... )
سمع صوت تيماء يقول من خلفهما بهدوء
( لا داعي ...... ها قد أتت أليك بنفسها ....... )
شحب وجه ثريا و هي تنظر الى تيماء مرتبكة من النظرة الميتة التي رمتها بها ......
بينما استدار سالم لينظر الى تيماء ببطىء .....
توقف للحظة وهو يراها بصورة مختلفة ...... كانت تبدو كأمرأة صغيرة ..... امرأة غير ناضجة بعد ....
بان عليها الزواج ..... لا يستطيع تفسير ذلك لكنه ظهر عليها , قد يكون في ملامح جسدها الفتية أو ربما في هذا الإدراك المؤلم بعينيها الشفافتين ..... هل حقا كانت عينيها بمثل هذا اللون منذ مولدها .؟!! .... أم أن لونهما ازداد عمقا بسبب ما تعرضت له ؟!! ......
شعرها الطويل جدا .... متى كان طويلا ؟!! ..... هل كان طويلا طوال عمرها أم أنه كان قصيرا ؟!! .....
قميص نومها الطفولي هو الشيء الوحيد الذي جعلها أشبه بطفلة حزينة , كسرت دميتها .... فظهر هذا في عينيها .... الا أنها هي كانت الدمية المكسورة هذه المرة .....
قال سالم دون مقدمات
( هل أدركتِ الآن مدى غبائك ؟!! ...... أم أنكِ لن تتعلمي بعد ؟!! ...... )
نظرت اليه تيماء و تفحصت شكله ككل مرة تراه بها ..... ثم قالت أخيرا بهدوء
( نعم يا أبي ..... أدركت مدى غبائي , لا أملك الإنكار , فمن الواضح أن أمي قد تطوعت و أخبرتك بكل شيء ..... )
أطرقت ثريا بوجهها كثر .... بينما ظهر شيء ما في عيني سالم .....
و كأن لفظ أبي بتلك النبرة قد أربكه للمرة الثانية ......
زم سالم شفتيه و قال مشيرا اليها باصبعه قائلا
( اسمعيني جيدا يا فتاة ....... حين اتصلت بي أمك , تركت كل ما بيدي و أتيت .... عسى أن تدركي أخيرا أنني لم أكن مثال الوالد الشيطاني كما تخيلتِ ...... لقد اخترتِ طريقك , و الصواب أن أتركك لهذا الطريق حتىت تهلكين في نهايته .... الا أنني سأحاول مساعدتك للمرة الأخيرة ..... هذا الحقير ستتطلقين منه , برغبتك و ارادتك ...... فهل أنت موافقة على أن أحررك منه أم تريدين الحياة لمتبقي من عمرك كمجرد جارية لشخص وضيع مثله ؟!! ....... )
وقفت تيماء مكانها .... تنظر الى والدها طويلا وهو يقدم لها المساعدة للمرة الأولى متنازلا ......
عيناها تراقبانه بصمتٍ حزين ...... لكم اشتاقت هاتان العينان اليه ...... لكنها الآن باتت ضريرة , لا تعرف الشوق له و لا تتذكر ملامحه ......
تعالى صوت طرق على باب الشقة مع رنين مستمر للجرس جعل ثريا تهتف بتوتر
( من الآن ؟!!!!! ........ )
خرجت من غرفة الجلوس تاركة تيماء و سالم مع بعضهما ....ثم فتحت الباب بعنف و هي تصرخ
( ما اللذي ؟!!! ........... )
الا أن عاصفة اقتحمت البيت بقوة وهو يدفعها مناديا بقوة
( أين تيماء ؟!!! ...... تيماااااء ....... )
صرخت به ثريا بجنون
( هل تمتلك الجرأة على المجيء الى هنا بعد كل ما فعلته بابنتي ؟!! ......... )
الا أنه لم يرد , بل نادى مجددا بقسوة \
( تيماااااء ؟؟!!!! .......... )
خرجت تيماء جريا من غرفة الجلوس فوجدت قاصي يقف في منتصف الشقة صارخا يناديها كالمجنون ....
و ما أن نظر اليها بقميص نومها حتى اشتعلت عيناه و صرخ فيها بعنفٍ
( كيف تأتين الى هنا و في البيت رجل غريب ؟!! .... منحتك بعض الوقت كي تهدأي لكن لا ان تعودي الى هنا .... اذهبي و ارتدي ملابسك , ستأتين معي حالا .... )
فغرت تيماء شفتيها و قالت بعدم تصديق
( الا حدود لجبروتك يا قاصي ؟!!! .... انا لا أصدق نفسي ...... )
هدر بها صارخا
( صدقي اذن ..... ستأتين معي رغما عنكِ )
و دون أن يترك لها المجال اندفع اليها و جرها من خصرها بالقوة , الا انها اخذت تصرخ به و أمها تضربه بكلتا قبضتيها .....
( أتركني يا قاصي ...... أتركني لن آتي معك .... )
صرخ بها قاصي وهو يجرها جرا الى باب الشقة
( و أنا لن أسمح لك بالبقاء بهذا الشكل مع رجل غريب .... حاولي منعي و سترين وجها أشد سوادا من كل ما رأيته مني حتى الآن ...... )
كانت تحاربه باستماتة ,..... بينما هو يبدو كرجلِ كهفٍ وصل الى نهاية صبره ....
تعالى صوت سالم هادرا فجأة بقوة
( اتركها يا ولد .............. )
تسمر قاصي مكانه فجأة .... و استدار ناظرا الى سالم الذي خرج من غرفة الجلوس ببساطة
و ما أن أخذته المفاجأة .... حتى تحررت تيماء منه و ركضت لتقف خلف والدها !!!!!!!!
فغر قاصي شفتيه وهو ينظر الى هذه الصورة التي لم يراها من قبل ... تيماء واقفة تحتمي خلف سالم الرافعي منه !!!!!!!!
حينها فقط شعر و كأنه تلقى صفعة من حديد ...........




انتهى الفصل 18 ... قراءة سعيدة


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.