آخر 10 مشاركات
رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          195_بعد عدة براهين_ليليان بيك_عبير الجديدة (الكاتـب : miya orasini - )           »          1 - العاصفة في قلبها - مادلين كير - روايات ناتالي** (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          152 - الحلم الممنوع - مارغريت بارغيتر (الكاتـب : حبة رمان - )           »          7-هل يعود الحب -مارغريت كالغهان - روايات ناتالي (الكاتـب : Just Faith - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-05-18, 04:34 PM   #21

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*

كم من الصعب جداً على العاشق ، شرقياً كان أم غربياً ، أن يعلم أن حبيبته اليوم ستصبح ملكاً لغيره ، رغم أنه لم يعايش معها حالة حب كما تمنى ، رغم أنه لم يسمع صوتها يوماً ، إلا أنها سيطرت عليه و على كافة حواسه .. كأن الدنيا تغلق أبوابها في وجهه اليوم ، كأنها تقول له لا مكان لك عندي ... منذ طفولته كان يحلم أن يجرب شعور العشق حقاً ، ذاك الذي كان يراه في الأفلام ، العشق الجنوني ، كان يتمنى أن يعيش معها حباً يحارب فيه الدنيا ، كما حارب مجنون ليلى ، لكن القدر و الدنيا كلها كانت تقف ضده ، كان يخاف العشق لكثرة ما سمع عن ذله و تعبه .. لكنه سقط فيه دون أن يشعر ، و دون إرادته ، وجد نفسه غارقاً في امرأة تفاصيلها أعقد من أن يفهمها ، تفاصيل وجهها ، ضحكتها و حزنها و بؤسها و صمتها ، جسدها الهزيل الذي تخرج منه قوة تضاهي قوة الجبال .. دون أن يشعر وقع أسيراً لها ، أسيراً لامرأة لا تعرف أنه أسيرها ، فلا هي قتلته ، و لم تعتقه يوماً ، تركته حائراً بين قضبان عشقها ، لا يجد أي جواب لأسئلته ..
تقدم من الباب و هو يترنح و ينظر إلى ساعته مستغرباً من زيارة أحدهم في هذا الوقت المتأخر ، وصل بصعوبة إلى الباب ، فوجد ريم أمامه تقف بفستانها الخمري ، تنظر إلى حاله الرثة بشفقة و تقول : هل يمكنني الدخول ؟؟
أفسح لها المجال و قال بكلمات مختلة : اووه ريم ! تبدين رائعة ..
دخلت و هي تنظر إلى الصالة التي تملؤها الفوضوية ، و زجاجة خمر فارغة على الطاولة ، و الأخرى في يده ، جلست و قالت : يبدو أنك مررت بيوم صعب !
تبعها إلى الصالة و جلس أرضاً ، شرب الكثير من الخمر قبل أن يرد : كان صعباً جداً ، سديم تزوجت ..
التزمت الصمت و هي تنظر إليه بعتاب ، كيف يشرب الخمر بتلك الشراهة ، و ما علاقة الخمر بالحزن في معتقداتهم ؟ عم الصمت بينهما ، هو يشرب بلا رحمة ، و هي تفكر فيه و تستذكر ذلك اليوم الأول الذي داست فيه بيته ، كان بحالة تشبه حالته تلك ، ثملاً لا يعرف ماذا يفعل ، لكنه لم يكن حزيناً ، كان سعيداً جداً ، حين ترقى في رتبته في الجامعة ، خرج ليحتفل بنجاحه في إحدى الملاهي ، ليجدها هناك تسهر مع صديقاتها ، انتهى الاحتفال ذلك برغبة قضاها كما كان يفعل مع أي فتاة يصادفها في مكان كذلك ، و مصيبة حلت على رأس ريم لا تعرف الآن كيف تتخلص منها ..
قالت بهدوء : سديم ، لم تتزوج .. طالب لم يأتِ .. تركها اليوم ..
نظر إليها بعينين ذابلتين ، كأنه لم يستوعب ما سمع منها ، بدأ يضحك بهستيرية و يتفوه بكلمات بالإيطالية لم تفهمها ريم .. نظرت إليه مطولاً لتحاول أن تفهم سبب ضحكه ، سألته كثيراً : ما الذي يضحكك سيمون ؟؟؟
لم يجبها ، ظل يكرر ذات الكلمات بالألمانية و صوت ضحكاته يتعالى ، ليعديها أخيراً بداء الضحك الهستيري ، فجلست إلى جانبه و أخذت تضحك معه دون أن تعرف السبب !


*

السعودية – الرياض

ودّعه عند باب المنزل بعد أن اتفقا على اللقاء غداً ، تركه راشد ، و توجه هو نحو بيته ، إلا أن ثلاثة رجال ملثمين اقتربوا منه و غطوا أنفه بمنديل عليه مادة منومة ، حاول أن يتفلت منهم لكنها ثوانٍ كانت كفيلة بأن تفقده وعيه ، و يرتخي جسده بين أيديهم ليحملوه إلى السيارة المظللة بسرعة ، و يتحركوا دون أن يُشعروا بهم أحداً ..


خلال ساعتين من الزمن ، في مكان معتم يتوسط سقفه نور أبيض خفيف ، بدأ يفتح عينيه بانزعاج و يشعر ببعض الصداع في مؤخرة رأسه ، شعر بعدم قدرته على الحركة ، عدم اتضاح الرؤية لديه في أول دقيقة منعه من رؤية الحبال التي تربطه فوق الكرسي ، بعد دقائق ، حاول أن يصرخ و لكن هناك أيضاً ما وضع على فمه ليمنعه من الكلام ،
كان يجلس أمامه رجل متلثم و مغطى بالكامل ، لم يستطع أن يعرف من ملامح وجهه شيئاً ، قال بصوت مخيف : يعني يا فواز انت اجبرتنا نتصرف معاك بهالطريقة ..
لم يكن أمامه سوى لغة العيون ، التي سألهم بها : من أنتم ؟ و ماذا تريدون ؟ و لماذا جئتم بي إلى هنا ؟
ضحك بصوت عالٍ و مريب ، ثم قال : انا جبتك هنا عشان أربيك ، هذا ثالث تنبيه لك ، في الأول طلبنا منك تسحب المقال بأدبك و احترامك ما رضيت ، هاجمنا بيتك و ما فهمت ، واضح إن جلدك يحكك ، و ما راح تنعدل إلا لين أربيك بايدي !
حاول أن يحرك الكرسي ليعلن عن غضبه ، بدأت حرب النظرات الحاقدة بينهما ، حتى غمز فواز بعينه لذلك الرجل كأنه يقول له أنه لن يثنيه عما يفعل إلا الموت ..
صرخ على رجاله : توصوا فييه ، ما أبي ينسى هاليوم بحياته ..



*


روما – إيطاليا

استند إلى الباب بعد أن قرع الجرس ، كان مرهقاً من كل شيء مر به اليوم إلا من الضربات التي تلقاها مؤخراً من عمه جلال ، فتحت له الباب لتفاجئ بمنظره .. قميصه الأبيض ملوث بالدم ، و وجهه يقول أنه مر بألف حادث قبل أن يصل إليها .. اقتربت منه لتمسك بذراعه و تقول : طاالب ! شو صاير من عمل فيك هيك ؟
لم يكن قادراً على الرد ، و بالأحرى ، لم يشعر برغبة في فتح أي حديث معها .. دخل بهدوء و حركات بطيئة ، استلقى على الكنبة بارهاق و أغمض عينيه و هو يفكر في كابوس اليوم ، متى سينتهي ؟ ترى ما هي حالتك الآن يا سديم ؟ أتغفري لي ركام الخيبات تلك التي خلفتها في قلبك ؟ لكنني سأكره نفسي تلك المرة إن عفوتِ ، أنا لا أستحق غفرانكِ ، ولا أستحق حتى دمعة تنزف من قلبك الطاهر ، لو تعلمي يا سديم أنني لا أستحق ، لو تثني صفحتي في كتابك إلى الأبد ،أو حتى تمزقيها و تحرقيها ، لأتحول إلى مجرد فتات من الرماد ، يكنّس و يلقى في سلة المهملات .. لو تدوسي علي كما تدوسي على أي حشرة مؤذية ترينها .. فأنا و بكل ضعفي و هواني أعترف ، لا أستحق إلا أن أُسحَق تحت قدميك ، و كم يكون مشرّفاً لي ، أن تسحقيني أنتِ ، أنتِ وحدك من بين نساء الأرض جميعاً ، بكعب حذاءك ..

جاءت من المطبخ و هي تحمل صحناً فيه ماء بارد و منديلاً ، و كيساً من الثلج بيدها الأخرى .. جلست أمامه على الطاولة ، عصرت المنديل بيدها و وضعته عند فمه ، دون أن يفتح عينيه أمسك بيدها و أزاحها جانباً رافضاً مساعدتها ، كأنه يتمنى أن تدوم تلك الكدمات على وجهه عمراً ، علها تمحو ما اقترف من ذنوب بحق محبوبته .. علها تكفر عنه سيئاته ..
رشا : أكيد هيدا أبوها لسديم عمل فيك هيك !
لم يرد عليها و لم يؤكد كلامها ، فأردفت : العمى شو هالهمجية ، شو في تار بيناتكن ليعمل فيك هيك ؟؟ شو هيدا يا عمي شو الجواز بالغصب ؟؟ يعني يا بتتزوج بنته يا بيموتك عالخالص ؟
تأفف من كثرة كلامها المسيء الذي لم يجد له داعٍ أبداً ، قال بهدوء ، و بصوت مبحوح : رشا أتوقع اللي تبيه صار ، ماله داعي هالكلام ، تكلمي عنهم باحترام .. و الأحسن تسكتي لأني مو قاادر أسمع أي كلام ..
ابتسمت بخفوت و قالت و هي تتحسس خده : طيب حياتي قوم خود شاور و ارتاح بغرفتي .. لازم تنام انت تعبت اليوم ..
دون أن ينظر إليها ، و دون أن يرد عليها ، توجه بحركات غير متوازنة نحو الحمام ، كم كان يومه مرهقاً ، يشعر أنه جُلِد كثيراً اليوم ، كل قطعة في جسده تؤلمه .. قلبه يكاد يخرج من بين ضلوعه كثر ما نبض اليوم .. عقله منشغل بسديم ، يود لو يذهب إليها الآن ليطمئن على حالها ، ترى ماذا تفعلين الآن ؟ و ما هي حالتك ؟
خلع جميع ملابسه و ألقاها أرضاً ، أخذ ينظر إليها بندم ، تلك الملابس كانت ما سأرتدي في يوم فرحي ، إلا أنها اليوم لا تذكرني إلا بعزاء أقيم في قلبي ، لا تذكرني إلا بالخنجر الذي غرسته في ظهر سديم ليخترق قلبها و كامل جسدها .. جلس تحت الماء البارد دون أن يشعر ببرودته ، بدأت الدموع تنهمر من عينيه بصمت قاتل ، كم يصعب عليك أن تكون أبكماً في عز حاجتك للصراخ و البكاء .. كم هو صعب يا سديم ..



-

دخل إلى غرفتها و قد بانت على شكله علامات التعب ، كان يبدو أنه عائد للتو من مناوشة كبيرة ، لكن ذلك لم يجعل سديم تتحرك من مكانها أبداً ، كانت تجلس ضامة ركبتيها إلى ذقنها فوق سريرها ، بفستانها ذاته ، تنظر في الأفق ، الدموع متجمعة في محاجرها لكنها تأبى النزول .. تظل في مكانها حتى تجف ، ثم يأتِ بدلاً منها ..
اقترب منها والدها بإرهاق و قال و هو يعلم أن كلامه لن يغير شيئاً : يبه ، قومي غيري فستانك و نامي ..
رفعت نظرها إليه دون أن ترفع رأسها عن ركبتيها ، كأنها تستهجن طلباً كذلك .. كأنها تقول أرجوكم ، اتركوني أعيش الحزن كما يجب ، اتركوني أقوم بأداء الواجب تجاه قلبي ، لأحزن و لأبكي .. تلك خيبة يا أبي ، لا يمكن تجاوزها كما تتخيل .. أتعرف ما معنى أن تُترك الفتاة في ليلة عقد قرانها ؟ أتعلم ما معنى أن ينتهي يومي هذا دون أن أرقص و أغني و أفرح ؟ دون أن أمسك بيده لأقول أمام العالم كله هذا زوجي و حبيبي ؟ أتعلم ما معنى أن ينتهي يومي دون أن أضع في بنصري الأيمن خاتماً نُقِش عليه اسمينا و تاريخ يومنا هذا ؟
لِم اخترت يومنا هذا بالتحديد يا طالب ؟ لِم لم تتراجع مِن قبل ؟ لماذا أردت أن تذيقني أقسى أنواع الإهانة و الكَسْر ، ماذا فعلت أنا حتى أُعاقب هكذا ؟
كانت عينيها تحكيان كلمات أقسى من كل الأفعال ، كلاماً لا يمكن لأي كان أن يفهمه .. دفنت رأسها بين ركبتيها ، استنشقت نفساً طويلاً ، جعلت أبيها يعلم أنها لن تستجيب لطلبه الآن ، فاكتفى بتقبيل رأسها بألم ، و خرج من غرفتها مخذولاً ..



*

حتى في صورنا لا توجد لنا ذكرى جميلة يا طلال ، حرمتني حتى من ابتسامة مزيفة في صورة يوم كهذا ، كأنك أردت أن توثق هذا اليوم كأتعس يوم في حياتك ..لا أدري ما الذي يرغمني على البقاء معك ، رغم أنك لم تصر علي في البقاء ، و رغم أنك لم تحاول حتى أن تجد حلاً لمشاكلنا العالقة .. حتى حين فرضت عليك أن ينام كل منا بانفصال عن الآخر لم تمانعني ، بتّ متأكدة أن تغيرك معي في المستشفى ما كان إلا شعوراً مؤقتاً بالندم و تأنيب الضمير تجاهي ..
تنهدت تنهيدة طويلة أخرجت كل ما بداخلها ، أغلقت ألبوم صورها ، و خرجت إلى الصالة إذ لا زالت تسمع صوت التلفاز من الخارج ، فقالت بينها و بين نفسها بهمس : معقول للحين ما نام ؟
حين وقفت عند باب الصالة وجدته يغط في سبات عميق ، و قد نسي التلفاز مفتوحاً ، ينام بعمق و هو يضع يداً فوق رأسه و الأخرى على بطنه .. ابتسمت و هي تراه بتلك الوضعية ، كم يبدو الإنسان بريئاً أثناء النوم ، كأن كل الصفات التي ألصقت به رغماً عنه من قذارة الدنيا ، تغفو أيضاً و تختبئ في حجورها أثناء النوم ، فلا يظهر عليه إلا الطيبة و البراءة و الجمال ، ربما هذا سر ازدياد جمالكَ يا وجعي و أنت نائم ، ربما هو ما يجعلني أعشق تأملك في نومك .. اقتربت منه بخطوات هادئة كي لا توقظه ، أغلقت التلفاز ، ثم تقدمت من الغطاء المطوي إلى جانب قدميه ، فتحته و اقتربت منه لتغطأه ، لكنه كان يضع شيئاً ما تحت يده النائمة فوق بطنه ، يخفيه بعناية ، و ربما يحتضنه .. بهدوء لمست يده لتبعدها عن ذلك الشيء ، أخذته لتلقي نظرة إليه ، كم أنت مؤلم يا طلال ، أنا في الداخل أتأملك ، و أنت هنا تتأمل ريتالك .. دققت النظر في شكله و أخذت تقارن ما بين الصورتين ، كان الفرح مترجماً في عينيه ، و شفتيه ، في كل أجزاء جسده الملتصق بجسدها كأنه يود أن يمتزجا معاً ليصبحا جسداً واحداً .. بسرعة وضعت الصورة فوق الطاولة ، و لتوترها تحرك جهاز التحكم من مكانه ليصدر ضجيجاً بسيطاً للغاية لكنه كان كفيلاً بإيقاظ طلال من نومه الخفيف .. نظر إليها و قال بصوت ناعس فيه النوم : عزة ! للحين ما نمتي ؟
بارتباك ردت : نمت ، بس قمت اشرب فـ لقيتك مو متغطي و غطيتك ..
نظر في ملامح وجهها الجامدة ، تفقد الصورة التي كانت في حضنه لم يجدها ، كانت فوق الطاولة ملقاة بإهمال ، عرف أنها رأتها ، و أنها تكتم في عينيها تلك الغيرة الفاضحة .. التفت بجسدها لتذهب ، لكنه فاجأها بقبضة يده تشتد على ذراعها و يقول بهمس : عزة ..
التفتت بنصف جسدها إليه و نظراتها ملؤها العتاب و اللوم ، مدت يدها الثانية لتفك قيد يدها الأولى ، دون كلام .. و تحركت من أمامه نحو الغرفة محاولة أن تخفي ما في قلبها من نيران ..


*


قَبل ساعات الفجرِ الأولى ، حين صمتت الشوارع كلها ، و دخلت في سبات عميق ، وقفت سيارة على بعد كيلومترات قليلة عن مركز الأمن ، فتحت بابها الخلفي و ألقت به إلى الأرض ، فاقداً وعيه ، لم يره أحد .. لكن خطأهم تلك المرة كان فادحاً ..
جاءه الاتصال في قصره و هو يجلس و يشرب كوباً من القهوة السادة ، ليقول : ممتاز .. أنا راح أسافر مع عيلتي هاليومين ، بنهدي الشغل هالفترة ..

،

حين رأى في طريقه نحو العمل جثة ملقاة على الأرض لم يعرف لمن هي ، توقفت سيارته بسرعة و نزل منها ، ليفاجئ بفواز منهكاً من الضرب ، في جميع أجزاء جسده ، ملقى على الأرض كالجسد بلا روح ، بصعوبة اقترب منه و حاول أن يحمله إلى السيارة و هو يقول : فوواز رد علي ! انت صااحي ؟؟؟
لم يأتِه أي رد منه ، وضعه في المقعد الخلفي للسيارة و توجه نحو أقرب مستشفى ...


*


روما – إيطاليا

استيقظ بإنزعاج من صوت المنبه ، أطفأه لينظر إلى حوله بتشتت و يتأفف من الصداع في رأسه ، وجدها أمامه تنام بنصف جسدها فوق السرير و النصف الثاني على الأرض ، بلا غطاء .. صُدِم من وجودها ، فهو لا يذكر أي شيء كان في البارحة ، أزاح غطاءه عنه و توجه نحو الحمام ليغسل وجهه ، و يحضر ماءًا ساخناً ليستحم ، من عندها .. استيقظت ريم على صوت المياه ، فركت عينيها بنعس ، ثم تحركت نحو الحمام و هي تدفئ نفسها بيديها و تقول بلهجة مرتجفة : صباح الخير ..
لم يرد فوراً ، كان يتمضمض الماء بعد أن نظف أسنانه ، و لا زال الصداع يأكل رأسه .. بعد أن انتهى من المضمضة ، نشف فمه و قال : صباح الخير ..
نظرت إليه مطولاً ، و هو يحاول أن يتجاهل نظراتها .. عادت إلى السرير لتختبئ تحت الغطاء ، تفكر في حالته في الأمس ، و تحاول أن تربطها بحالته اليوم ، لو كان يذكر ما أخبرته لكان حاله مختلف تماماً ..
خرج من الحمام و هو يلف المنشفة حول رقبته و ينشف شعره ، نظر إليها و قال : لم أتيتِ إلى هنا ؟
ابتسمت بسخرية : أتيت لأواسيك ، ألم تر كيف كانت حالتك البارحة ؟
اكتفى بالصمت و هو يعرف مقصدها من الكلام ، قال و هو يعطيها ظهره ببرود ممتزج بالقلق : هل حصل شيء ما بيننا ؟
صمتت و هي تفكر ، ألتلك الدرجة بات قربي يخيفك ! كم لدي الفضول لأعرف ما هو الذي وجدته في سديم و لم تجده فيني ؟ كيف استحقت هي بتلك البساطة ما لم أستحقه أنا ؟ دون أن تقدم لك أي شيء ، إنها بخلت عليك حتى بنظراتها ، و في الأمس كانت تتجهز لتصبح امرأة لرجل غيرك ، أنا التي لم أكن يوماً إلا لك ، لكنك لم تنظر إلي أبداً .. كم أشعر بالرخص كلما فكرت في تلك الليلة التي قضيتها معك ، أشعر أنني كنت مجرد أداة قضيت بها شهوتك ، ثم شعرت بالندم كثيراً في اليوم التالي .. لكنكم لا تفهمون ذلك ، فلستم تقدسون الأجساد كما نقدسها نحن ، علاقة كتلك تشبه الطعام و الشراب لديكم ، لا يهم نوعه ، طالما أنه يسد حاجتكم .. التفت سيمون إليها لينظر نظرة بمعنى : أجيبي !
رفعت الغطاء عن جسدها و نهضت عن السرير ، اقتربت من حذاءها و ارتدته ، أخذت سترة سوداء معلقة في الغرفة و قالت : سأستعير سترتك مؤقتاً ..
ينظر إليها بنصف عين و يسألها : إلى أين ؟
ردت و هي تضع السترة فوق كتفها و تعدل شعرها بيدها : سأعود لبيتي ، شكراً على استضافتك ..

*يُتبَع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-05-18, 04:37 PM   #22

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*


فتح عينيه ببطئ و هو يشعر أن الألم يسري في كامل جسده ، تنقل في أنظاره في هذا المكان ، أخذ وقتاً حتى استوعب و استذكر ما حصل معه ، هو الآن في المستشفى ، يده اليسرى ملفوفة بالشاش ، و شعر بوجود لاصقات الجروح على وجهه و جبينه ، نادى بصوت خافت على راشد الذي كان يقف أمام النافذة يراقب المارة بشرود تام .. حين سمع صوته التفت إليه بسرعة و اقترب منه : فواز ، شلون صرت الحين ؟
بذات الخفوت : الحمدلله .. ( بابتسامة خافتة ) ، للحين عايش ..
تنهد راشد و هو ينظر إليه بلوم و عتاب ، جلس أمامه و هو يقول : فواز ، ما يصير تستهين باللي صارلك ! هالمرة اخطفوك ، المرة الجاي بيذبحوك !
فواز : شتبيني أسوي يعني ؟
راشد : سوّ اللي يبونه ، اسحب هالمقال اللي بيجيب آخرتك ياخي !
فتح عينيه بدهشة من كلامه : انت يا راشد تقول هالكلام ؟؟ انت عارف كل شي و لازم تكون أكثر واحد فاهمني !
راشد : أنا فاهمك ، لكن حياتك و حياة عائلتك تعرضت أكثر من مرة للخطر ، ياخي اشتغل باسم ثاني غير اسمك ، حياتك بعد مهمة مو لازم تستهين فيها !
صمت فواز و هو يفكر في كلام راشد ، فيه شيء من المنطقية ، لكنه ما اعتاد يوماً التخفي خلف أسماء وهمية ، و ما اعتاد أن يعود من منتصف الطريق ، إما أن يمشي حتى آخره ، و إما أن لا يسلكه منذ البداية .
ابتسم راشد و قال : تدري ؟ خالد قال إنه يبيك ترجع للشغل .. يبينا نشتغل كلنا مع بعض ...
فواز : ما هو فواز وِلد سلطان اللي يشتغل تحت إمرة هذا الولد ! انت تبيني أشتغل عند هذا اللي ما يعرف شي في الدنيا !
راشد بابتسامة واسعة : لا تظلمه ، صحيح اهوة أصغر منا في السن لكن ما شاء الله عنه ، رجال عارف شنو شغله و يشتغل بذمة و ضمير ، و ما شاء الله عقله متفتح و ذكي ، و يقدر يلاقي الخيوط لأعقد القضايا .. بعدين هذا الولد تربيتك أنت ، منت واثق باللي دربتهم ؟
تنهّد فواز ، و راح يفكر بصمت في عرض راشد و خالد ..


*


خرجت من غرفتها و هي تربط الروب فوق قميص نومها القصير ، مدت رأسها لتبحث عنه في المطبخ لكنها لم تجده ، نادت عليه و لم يرد .. توقعت أنه قد خرج .. لكنها وجدته مُستلقٍ في الصالة على الكنبة ، يضع سيجارة في فمه و غارق في أفكاره ..اقتربت منه و جلست على الطاولة أمامه ، قالت بعتب : عم ناديك ليش مش عم ترد ؟
أخرج السيجارة من فمه ، نفث دخانها و قال دون أن ينظر لها : شتبي ؟
مدّت يدها لوجهه و أخذت تتحس احدى الكدمات تحت عينه : بعدك موجوع ؟
أمسك بيدها و أنزلها عن وجهه بقوة و عنف ، قام و أطفأ سيجارته ، ثم توجه إلى الداخل مع صوتها تقول : لوين بدك تروح ؟؟
بصوت جهوري غاضب : جهــنّـــم ..
دخلت خلفه ، وقفت تراقبه و هو يرتدي ملابسه الملطخة بدمائه بسرعة و يبدو التوتر على حركاته .. توجه إلى الباب و هو يضع مفتاح سيارته و جواله في جيبه ، أوقفه صوتها و هي تقول : ما تنسى اليوم ..
أدار وجهه نحوها ، غمزها و قال بمعالم غضب على وجهه : أنسى شنو ؟
اقتربت منه بحركات متمايلة و قالت بدلع و هي تلتصق به : اليوم ، بدنا نتزوج ..
ابتسم بخبث ، اقترب منها أكثر ، أمال رأسه و هو يحدّق بشفتيها ، حتى ظنت أنه سيقبلها ، اقتربت منه ببطئ ، و قبل أن تتلامس شفتيهما قال بهمس : زواج ما راح نتزوج ، و سوي اللي تبيه ..
ابتعد و هو ينظر إليها ترمقه بنظرات حاقدة ، تدفق الدماء إلى وجهها جعله يبدو شديد الحمرة على وشك الانفجار .. خرج من البيت و أغلق الباب خلفه بغضب ..
ضربت قدميها بالأرض بحرقة و قالت : عم تتحداني ياا طالب ؟؟ بسيطة ...


*

نزلت من غرفتها و هي ترتدي ثيابها و حجابها ، لم يتوقع أبيها أن يراها تخرج بتلك السرعة من الأزمة التي مرت بها .. نزلت و هي تصطنع ابتسامة على وجهها ، قبلت خده و كتبت في دفترها : أنا رايحة الجامعة يبه ..
اتضحت لها علامات التعجب و الاندهاش على وجه أبيها .. الذي قال : يبه ، انتِ ما نمتي كويس ، خليكِ اليوم ارتاحي ..
اختفت ابتسامتها ، ليحل مكانها العبوس ، تنهدت بألم .. ثم كتبت : يبه ، اذا حبست نفسي هنا بموت ..
جلال : بسم الله عليك يا بعد أبوك .. خلاص يبه سوي اللي يريحك ، و اذا أزعجك أي شي دقي علي ..
قبلت جبينه و ودعته ، ابتسمت ساخرة حين قرأت رسالة سيمون الأخيرة .. يا لسخرية أقدارنا يا سيمون !


*


: منير ، وش سبب هالسفرة المفاجأة الحين ؟
أجابها و هو يدقق النظر في الأوراق ما بين يديه : مو وقته هالكلام ، بعدين أفهمك ..
قالت بقلق : انت وش مخبي عني ؟ ليش أحسك دايماً خايف و عندك أسرار أنا ماعرفها ..
أنقذته من تلك الورطة ابنته الصغيرة ، التي دخلت بفرح لتقول بلهجة طفولية : يببه ، صدق بنساافر روماا ؟
حملها بابتسامة و وضعها في حضنه : ايه حبيبتي صدق ، راح آخذكم رحلة على كل إيطاليا ..
بلهجة آمرة قالت أمها " نجوى " : روان روحي لغرفتك ، ما يصير تدخلي علينا من دون استئذان ..
وقف منير و هو يمسك بيد ابنته ، و ينظر بعتاب إلى زوجته ليقول : هذي بنت صغيرة يا بنت الناس .. " التفت إلى ابنته " : حبيبتي روحي العبي مع أختك ولا تخربوا شي ..
خرجت روان من الغرفة ، ليقف منير أمام زوجته و يقول بغضب : انتِ وش فيكِ ؟
تكتفت و هي تقول : وش فيني يعني ! بعلم بنتي الأدب !
بسخرية رد عليها : بتعلمينها الأدب ؟ أقول بلا كثرة حكي .. انزلي حضريلنا الغداء ..
بعناد أصرت على وقوفها مكانها : مو قبل ما أفهم ليش دائماً تتهرب من أسئلتي !!
بدأ الغضب يسيطر على تفاصيل وجهه : نجوى انزلي حضريلنا الغداء ولا تعصبيني أكثر .. انتِ عارفة لا عصبت وش ممكن أساوي !

*


*مقتطفات من البارت القادم :

: حبيب قلبي انتَ يا الله شو اشتقتلك !

: هذي اهية اللي نبيها من زماان !

: يا ليتك مسويتها بس ، كان افتكيت منك ..

: خلاص ماله داعي الكلام أو النقاش ، كل شي صار مكشوف و أنا مابي أسمع أي كلام منك ..



( انتهى )


لا تقولوا لي قصيير ! 24 صفحة .. ان شاء الله البارت القادم راح يكون أطول أكيد ، هذا كتبته على عَجلة بصراحة لأن طول الأسبوع كنت مشغولة ، أتمنى يكون أعجبكم .. :]] "$

أحبتي نلتقي الجمعة القادمة ، الجمعة الأولى في رمضان كل عام و أنتم بألف خير جميعاً و عسى أن يعيده الله علينا و على كافة المسلمين في كافة أنحاء العالم بالخير و السلام و الأمان ..
ما تحرموني من تواجدكم اللطيف و لا تنسوني من صالح دعائكم .. أحبكم ..

قَمـرْ !





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-05-18, 01:37 AM   #23

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. أخبااركم ؟

أتمنى أن يكون الجميع بخير ..
بإذن الله اليوم سأقوم بوضع الجزء الثاني عشر من روايتنا : كربةٌ بكْماء / قَـمـرْ !
أتمنى أن ينال إعجابكم و رضاكم ..
في البداية أود أن أبارك للجميع بالشهر الفضيل ، كل عام و أنتم بخير أعاده الله علينا و عليكم باليمن و البركات .. و أتمنى أن لا تلهيكم الرواية عن استغلال هذا الشهر الفضيل فيما يرضي الله عز و جل و رسوله الكريم ..


أتمنى لكم قراءة ممتعة ..

لا تُلهيكم الرواية عن أداء الصلاة .

“تفاصيلك كلها تسبح في رأسي، تمرق كما طاب لها في ممرات دماغي. تستفزني. تتحرش بي. تفرض نفسها عليّ بفظاظة. لا تستأذن الدخول أو الخروج. تأتيني في أية لحظة، وفي كل حين. شئت ذلك أم لم أشأ.”

حَسنْ سامي يوسف .




(12)




كانت مفاجأة أن يصدفها في ممر القسم ، فهي قد احتفلت البارحة بعقد قرانها ، ولا بد أن تكون قد أجازت نفسها .. كان الحزن يغطي معالم وجهها ، و لم يرَ تِلك اللمعة في عينيها .. بدَت في تلك المرة كامرأة تخطّت سن اليأس ، كامرأة مر عليها الكثير .. لكنه كان عاجزاً عن تخمين ذلك الدمع المتجمع في عينيها ، و شحوب وجهها و وهن جسدها ..
تخطّته بسرعة و هي تمشي ، كأنها تحاول التهرب منه ، لكنه صوته أوقفها حين قال بتعجب : سديم ! ماذا تفعلين هنا ؟
لم يسمع صوتاً سوى صوت أنفاسها المتسارعة ، انتظرها حتى تلتفت إليه ، لكنها لم تفعل ، أخذت شهيقاً قوياً لم تتبعه بزفير ، لتتحرك بسرعة متجاهلة سؤاله ، محاولة أن تمنع نفسها من البكاء و هي تستذكر الفاجعة التي مرت بها في الأمس ..



*

جـدّة

استيقظت من نومها و هي تشعر بألم حاد في ظهرها ، تأملت منظرها و ضحكت من سخافة شكلها ، لا زالت ترتدي فستانها الأبيض الذي تجعد و أصبح بحاجة إلى الغسيل و الكوي .. نَظرت إليه و هو يغط في نومٍ عميق فوق السرير بلا غِطاء .. نظرت إليه بلوم و حقد .. كانت قد طلبت منه أن يتركها و شأنها إن لم يكن يشعر برغبة بالزواج منها ، لكنه لم يفعل .. حتى هذه اللحظة لا زال لوقع كلماته عليها ذات التأثير ..
" غادة ، أنا تزوجتك عشان أرضي أبوي و أمي و بس .. أنا آسف إني بقول لك هالكلام ، بس قلبي مشغول بوحدة ثانية .. عارف إني ظلمتك .. بس هذا اللي صار .. "
ما هو ذنبي أنا التي لم اعرفك يوماً حتى أدفع ثمن عِشقك هذا ؟ أدفع ثمنه زواجاً على روق ، و فستاناً أبيضاً كاذباً ..
أزاحت نظرها عنه حين لاحظت أنه بدأ يفتح عينيه ، نظر إليها و هي تجلس و تحدّق في الأرض ، و أصابعها تتلاعب في الشبرة السوداء المربوطة على خصر فستانها .. تنهّد بألم و قال : غادة ..
دون أن تنظر إليه : نعم ؟
عزيز : ليش نمتي عالصوفة ليش ما نمتي عالسرير ؟
نظرت إليه و علامات الاستفهام على وجهها .. اكتفت بالصمت و لم ترد ، فقد لاحظت أنها لا يمكن أن تناقشه في تناقضه هذا ..
نهض و توجه نحوها ، جلس إلى جانبها و قال بخجل : صدقيني يا غادة حاولت ، لكن أمس .. كانت قدامي .. ما قدرت ألمسك و أنا أتخيلها مكانك !
وقفت غادة لتقول بغضب : انت مو خجلان و انت قاعد تقول هالكلام بوجهي ؟ ما عندك أي مراعاة لمشاعري ؟؟
عزيز : غادة ، لو سمحتي كوني هادية و متفهمة ..
بذات النبرة الغاضبة : شنو اللي تبيني أتفهمه ؟ إن زوجي عاشق وحدة ثانية و تزوجني مغصوب ؟؟ لو أنا قلتلك هالكلام بتتقبله ؟؟؟
لم يجِد أي رد على كلامها ، فأردفت بنبرة يتضح فيها البكاء : قلتلك ، و كنت حاسة من البداية إنك ما تبيني ولا تبي هالزواج كله .. قلتلك طلقني و خلينا ننهي كل شي بس ما رضيت .. أنا وش ذنبي ليش أتحمل أنا مسؤولية حبك ؟؟؟ و ليش ما تزوجتها ليش تزوجتني أنا ؟؟
تنهّد عزيز ليقول : ما أقدر أقول لك عن السبب .. غادة ، إذا تبي أطلقك أنا جاهز .. ما راح أظلمك معاي ..
ضحِكت بهستيرية ، و هي تسمع كلامه .. يعرف أنها لن تطلب الطلاق الآن ، خاصة أنهم لم يكملوا يوماً واحداً سوية .. يعرف أنه ليس من مصلحتها أساساً الطلاق .. لذلك عرضه عليها و هو مرتاح الضمير ...
بعد أن أنهت موجة ضحكها قالت : ممكن تفضي الغرفة بغير ملابسي و باخذ شاور ..


*

" لو تعرفي يا ريتال ، كم أصبحت سيئاً من بعدك " ..
وضع الصورة في جيبه و راح باتجاه الحمام ، كانت عزّة كعادتها تحضر الفطور في المطبخ .. شعر بالخجل من أن يقول لها صباح الخير . شعر بالخجل حتى من النظر في عينيها ..
بينما كان في الحمام يغسل وجهه ، جاءه صوتها و هي تناديه من الخارج : الفطور جاهز يا طلال ..
خرج من الحمام ، فوجدها جالسة على الكنبة في الصالة ، ناداها : تعالي افطري !
ببرود : مو جوعانة ..
تحرك نحوها ، وقف مقابلها و هو يلمح الحزن في عينيها : ليش ما تبي تاكلي ؟
عزّة : قلتلك مو جوعانة ...
جلَس على الطاولة مقابلها و قال بابتسامة : بس أنا مابي آكل بروحي .. يلا قومي معاي ..
عزّة : طلال قلتلك مابي خلاص !
وقفت و تحركت نحو غرفتها ، قالت و هي تنظر للساعة : راح تتأخر على عيادتك ..
لم يجبها ، فالتفتت إليه لتقول : ايه صحيح .. اليوم بروح أنا و أمك و رهام علشان نبارك لعزيز و غادة ..
نظر إليها و هو يرفع حاجبه : مافي روحة !
ابتسمت لتستفزه : بس أنا ما خذيت اذنك .. أنا أبلغك ..
طلال و هو يحاول أن يتمالك نفسه : عزّة ! لا تختبرين صبري .. قلتلك ما في روحة !
تكتّفت : و ليش ؟؟
طلال : المفروض إنك عارفة !
عزّة : لا والله ما أعرف .. أنا وعدت خالتي إني بروح معاها اليوم ، و من الواجب إني أروح و أباركلهم .. يا ليت تكبر عقلك شوي ..
اتّسعت عيناه بدهشة : هذا الكلام لي أنا ؟؟
عزة : أجل للجدار ؟؟؟
بغضب : عـــــزّة !!
ابتسمت ابتسامة جانبية و هي ترمقه بنظرات ذات معنى لم يفهمه .. تجاهلت امتعاضه و دخلت إلى غرفتها ..

*


بنبرة باكية : و شلون صرت الحين ؟؟
فوّاز : سمر حبيبتي ماله داعي تبكين ، أنا بخير الحمدلله ما صارلي شي ..مجرد رضوض ..
مسَحت عينيها و قالت : هالكلام ما يفيدني أبغى أشوفك الحين ..
فوّاز : سمر ، الله يرضى عليكِ والله إني تعبان و مو ناقصني .. خلّك مكانك .. و أنا أوعدك إني رح أزوركم بأقرب فرصة ..
سَمَر : فواز ، ما اقتنعت إنك ضروري تترك هالشغل ؟؟ بعد ما وصل الضرر لك ، واضح إنهم ما بيسكتون لك ما رح يتركوك .. اتركه ، و خلينا نعيش بهدوء ، والله تعبنا !
تنهّد بقلة صبر : اللي قاعدة تطلبيه مستحيل يا سمر .. بس أنا رح أعمل بنصيحة راشد و رح أشتغل باسم مستعار .. و ترى انطلبت علشان أرجع للمركز ، و قاعد أفكر في الموضوع ..
فتحت عينيها على اتساعهما : ترجع للشغل ؟؟ و بعدين لو اشتغلت باسم مستعار ما راح يعرفوك ؟؟ رح يعرفوا إنك نفسك و إنك غيرت اسمك !! فواز لوين تبغى توصل ؟؟؟ عاجبتك حياتنا كذا كل واحد فينا بديرة ؟؟
فوّاز : أكيد مو عاجبتني ، بس الأمن مسؤوليتي بعد .. هذا شغلي افهمي عاد شغلي ماقدر أتركه لأي سبب ..
هزّت رأسها بيأس و قالت : طيب يا فواز ، دامك كذا يكون بمعلومك أنا الحين ماخذة بنتي و رايحة لبيت أهلي .. و مابي منك شي غير طلاقي .. أنا ماقدر أكمل معاك ..
دُهِشَ مما سمع ، و من تفكيرها بالطلاق .. : سمر وش قاعدة تقولي ؟؟ سمممر !!
أغلقت الخط دون أن تسمع منه حتى كلمة واحدة .. و قامت فوراً لتبدأ بتوضيب حقائبها ، رفعت سماعتها على أخيها و طلبت منه أن يأتي ليأخذها ..


*


طرَقت باب المكتب ، فسُمِح لها بالدخول فوراً .. رفع نظره إليها و قال : كيف حالك يا ريم ؟
تنفست بعمق : بخير .. لِم طلبتني ؟؟
بدأ يطرق على الطاولة بقلمه ، و يقول بتوتر : سألتك في الصباح سؤالاً ، و لم تجيبيني ، أريد إجابة الآن ..
ابتسمت بسخرية ، و التزمت الصمت ..
كرر سيمون : ريم ، قلت لكِ أريد إجابة الآن .. لا تحاولي أن تتلاعبي بأعصابي !
ريم : أتلاعب بأعصابك ؟ ألتلك الدرجة يخيفك أن تكون قد اقتربت مني في الأمس ؟؟ لترتاح يا دكتور ، لم يحدث أي شيء بيننا .. و لن يحدث ذلك ، لأنني أرفض أن أكرر خطأي معك .. أنا من أرفض ذلك و لست أنت ..
تنهّد براحة ، و ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة .. قالت : هل تريد مني شيئاً آخر ؟
سيمون : مممم ، نعم .. سديم ، ما بها ؟؟
توجّهت للباب لتخرج ، و قالت دون أن تنظر إليه : طالب تركها في الأمس ، و لم يحضر لكتب الكتاب ..
خرجت دون أن تلتفت إليه ، أو ترى تلك المعالم الغريبة التي رُسمت على وجهه ,, لا يعلم إن كان عليه أن يفرح لخبر كهذا ، أو يحزن لأجل سديم .. كان يبدو عليها الإنكسار ، من رآها لن يرضى بحالتها حتى و إن كان ألد أعدائها ، فكيف يرضى هو لقلب عشقه أن يهان و يؤذى بلا رحمة ؟
بسرعة ، و بدون تفكير .. أخرج جواله ليرسل لها : سديم .. لا تحزني أبداً ، فالحزن لا يليق بكِ .. لا يليق بك إلا الفرح ، و لا يليق بوجهك الجميل إلا الابتسامة ، و تذكري دائماً ، أرجوكِ تذكري أنني معك ، لن أتركك ..

من جِهتها ، قرأت الرسالة ، ابتسمت من بين دموعها بألم .. لو لم تكن الشخص الخطأ يا سيمون ، لو لم تكن تقف في وجهنا كل تلك الحدود ، لكنت عشقتك بلا حدود ، لأحببتك حتى آخر نفس يسري في جسدي .. لكنّك ، أبعد من أن تُنال ، على الرغم من قربك الشديد ، إلا أن بعدك أشد ، و أقسى ..
حذفت الرسالة ، و ظلت تبكي مكانها على كرسي الحديقة ، ذاته الذي وافقت عنده على الزواج بطالب ..

*

في كل مرة يخاطر أكثر ، الحقد يكبر في قلبه كلما رأى ذلك المكان ، تمر به تلك الذكرى كوحش يجب أن يحاربه ..بعينين تشعان غضباً و حقداً ، اقترب بخطوات بطيئة نحو باب المستودع الظالم الذي قُتِل فيه أخيه .. وقف خلفه واضعاً أذنه عند الباب ليحاول أن يسمع الحديث في الداخل ..
منير بغضب صرخ : أغبيـــــاء !! كم مرة قلتلكم تنتبهوا على هالموضوع !!!
قال " مصطفى " بخوف : دكتور ، مادري شلون راح عن بالنا هالموضوع ..
حاول أن يلتقط أنفاسه ليرد : في كاميرات مراقبة بالمنطقة ؟؟
مصطفى بصوت خافت : مم ، ما ندري ..
ضرب فخذيه بقوة : أكييد في كاميرات .. عند الأمن أكيد في كاميرات ...
عمّ الصمت لدقائق ، أردف بعدها منير بأنفاس متسارعة : السيارة وين الحين ؟؟
مصطفى : رجعناها للشركة ..
منير : و على اسم منو استأجرتوها ؟؟
مصطفى و هو ينظر إلى وليد الواقف إلى جانبه : على اسم وليد ..
منير وجّه كلامه لوليد : طيب ، إنت بتسافر معي .. الليلة راح نسافر على روما .. لازم نسافر بسرعة قبل لا يشوفوا كاميرات المراقبة ..

في الخارج ، ابتسم خليل ابتسامة النصر ، و لا زالت علامات الاستفهام تحوم حول عقله عما كانوا يتحدثون .. لكن الأهم ، أنه عرِف بسفرهم هذا ..
تحرّك بسرعة قبل أن يخرج أحد منهم ، واضعاً فوق رأسه طاقية و يلف على وجهه شالاً ليتخفى به ..


*

يُتبَع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-05-18, 01:40 AM   #24

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*

مدّ يده إلى جيبه ليخرج مفتاح البيت الذي أخذ عنه نسخة ، فتح الباب و دخل و هو كاره نفسه .. مشى بخطوات بطيئة ، صوت غريب يسمعه في الغرفة ..ضحكاتها المتعالية تدل على عدم وجودها وحدها ..
بدلع قالت و هي تقبله : حبيبي يا الله شو شتقتلك ..
وقف عند باب الغرفة المغلق و هو يتمنى أن ما يسمعه صحيحاً .. : فاون حياتي تعا لهون ..
فتح الباب بسرعة ، فانتفضت من مكانها و قالت بخوف : ما حسيت عليك ! ايمتى دخلت ؟؟
لم يرد على كلامها ، ظل واقفاً مكانه ينظر بدهشة إلى ذلك الذي يجلس فوق السرير .. بضحكة قالت : طالب ، بعرفك على جروي ، اسمه فاون .. اقتربت منه و قالت : فاوون سلّم على طالب ..
تنفّس بسرعة و بانت الخيبة على وجهه ، و قال : وش هذي الكلمات حبيبي و اشتقتلك ، في وحدة تقول هالكلام لجرو ؟؟ استخفيتي ؟
بضحكة : هههههههههههههه ، كنت مضيعتو و اليوم رجع عالبيت .. اييه طالب شوبيك شو كنت مفكر عندي شب بالبيت ؟؟ لا حياتي ما بعملا و بخونك أنا !
طالب : يا ليتك كنتِ مسويتها بس كان افتكيت منك ..
مشت نحوه بحركات مثيرة و قالت بدلع : شو حياتي بلاقيك رجعت بسرعة لعندي .. أكيد ما لقيت مكان تاني .. مكانك هون ..
ابتعد عنها و هو ينظر إليها بتقزز ، رفع سماعة جواله بتأفف حين رأى أن المتصل هو سعود .. رد بنبرة جافة : نعم ؟
سعود : طالب ، لازم أشوفك و نتكلم ..
خرج من الغرفة : نتكلم في شنو ؟؟
سعود : الكلام اللي قلته أمس .. وش تقصد فيه ؟
بابتسامة جانبية : أي كلام ؟
أخذ نفساً عميقاً : انت عارف نفسك وش قلت ..
طالب : ايه عارف نفسي وش قلت ، و أظن كلامي كان وااضح و ما يبيله تفسير ..خلاص ماله داعي الكلام أو النقاش ..كل شي صار مكشوف و أنا مابي أسمع أي كلام منك ..
سعود : بس يا ولدي احنا لازم نتكلم و ..
قاطعه بنبرة حادة مليئة بالحرقة و الألم : لاا تقول ولدي .. خلاص كافي نضحك على بعض أنا ماني ولدك .. و عارف هالكلام من زمان و ساكت .. خلاص كافي أنا مليت من هالكذبة ..
أغلق الخط في وجهه ، جلس على الكنبة و بدأ يتنفس بصعوبة .. تأفف و هو يسمع صوت خطواتها المقتربة نحوه .. رآها تحمل في يدها شريط الفيديو و في عينيها نظرة التهديد ، ابتسم بسخرية و تجاهلها .. فقالت : شو يا طالب ، بيظهر نسيت وعدك لإلي ؟
ببرود : أنا ما وعدتك بشي !
ردّت بامتعاض : طالب ، أنا ما عندي مزح ، و ما عندي أي مشكلة إني ابعت هالفيديو هلأ لبيّك و لسديم و لكل الدني خليهن يشوفوا الدكتور طالب المحترم على حقيقته ..
وقف و هو يضع جواله في جيبه ، و يحمل بيده لابكوته الأبيض ، اقترب منها بخطوات هادئة ، وقف مقابلها .. اقترب بوجهه منها حتى أصبح لا يفصل بينهما سوى القليل من الهواء ، قال بنبرة حادة : شوفي يا رشا ، أبوي اللي قاعدة تتكلمي عنه الحين ما يهمني أمره ، ولا يهمني يشوف هالفيديو أو لا .. و سديم خسرتها بجميع الأحوال ، سواء شافت الفيديو أو لا ، خسرتها للأبد .. و لا تفكري إني خسرتها عشان خاطرك ، أنا خسرتها بسبب غبائي ، و لأنها تستاهل شخص أحسن مني أنا تركتها ، مو لأني خايف منك .. يعني ( قال و هو يمد الكلام بطريقة مستفزة ) أعـــلــى مــــا بخــــيلــــك اركــــبـــــي ..
رمقها بنظرة ساخرة ، و خرج من عندها تاركها غارقة في ذهولها من بروده المفاجئ ..


*

في مساء اليوم المنهك هذا .. كانت مستلقية فوق سريرها ، و عيناها متعلقتان في سقف الغرفة .. الحيرة تبدو على وجهها ..
أطفأ فيصل الأنوار ما عدا نور وحيد خافت .. استلقى إلى جانبها و قال بقلق : سلوى ..
ردّت عليه و هي بذات الوضعية : نعم ؟
فيصل : صارلك فترة مو على بعضك ، صاير شي جديد ما أعرفه ..
تنهّدت بعمق : لا ما في شي ...
اقترب منها أكثر ، وضع يده تحت ذقنها و أدار وجهها نحوه : سلوى أنا عارفك ، حطي عينك في عيني و قولي ، شصاير ؟
سلوى بتذمر : خلاص فيصل قلتلك ما في شي ..
فيصل بإصرار : ما راح أتركك إلا لين تقولي شصاير ..
أخذت نفساً عميقاً ، نظرت إليه و قالت : عندي خبرين .. الأول عرفته اليوم ، و الثاني مخبيته عنك من شهور ..
عقد حاجبيه : من شهور ؟؟؟ قولي وش مخبية ؟؟
سلوى : خليل .. يعرف مكان الرجال اللي خطفهم .. و مراقبه ..
بصدمة : شنــــــووو ؟؟؟ و ليش ماا قاال ؟؟
هزّت رأسها : مادري ، مو راضي يقول لي .. بس اللي فهمته إنه ما يبغى أحد غيره ينتقم منه ..
بعصبية قال : و انتي شلون تخبي عني هالموضوع كل هالفترة ؟؟ مو عارفة خطورة اللي قاعدة تقوليه ؟
وضعت يدها فوق يده : لأن خليل حلفني إني ما أقول لأحد .. و كنت حابة أكسب ثقته يمكن يبلغني بكل شي يسويه ، لكن طلعت غلطانة .. قاعد يتصرف من ورانا و يتكتم على كل شي يعرفه و ما يبينا نعرف شي !
رفع اللحاف عن جسمه و قال : طيب أنا أعرف شلون أخليه يقول كلشي ..
استوقفه صوتها و هي تقول : و أنا حامل ..
وقف مكانه متصنماً مما سمع ، التفت بوجهه إليها : شنو ؟؟
ابتسمت و هي تشبك أصابعها ببعض : أنــا حـــامــل ..
ابتسم بفرحة حتى بان صف أسنانه ، و عاد بخطواته إليها ليجلس فوق السرير و يمسك بيدها : متأكدة ؟؟
هزّت رأسها بـ " نعم " : اليوم تأكدت ..
قبّل يديها بحب و فرحة : الحمدلله ربنا ما نسانا .. الحمدلله ..
تحسست شعره بحنية و هي تراقب تلك الفرحة التي غابت عن وجه زوجها لفترة طويلة .. تحولت ملامحه للعبوس و هو يقول : بس خليل ، حله عندي ..
همّ بالنهوض مجدداً ، لتشد على يده و تقول : حبيبي ، أنا برأيي ما نفتح الموضوع معاه ..
فيصل : تبيني أشوفه قاعد يضيع قدامي و أظل ساكت ؟!
سلوى : مو كذا ، خليل أنا أدرى الناس فيه ، لو ايش ما ساويت ما راح يتكلم .. ولا راح يقول شي .. الأفضل نراقبه من بعيد .. و نتابع كل تحركاته ..
فيصل : بس هالشي صعب علينا يا سلوى .. ممكن بأي وقت يترك المدرسة و يطلع و يسوي اللي في راسه .. و أنا ماقدر أراقبه طول الوقت ..
سلوى بتأييد : معاك حق ، و أنا عشان كذا فكّرت بحل ..
باهتمام : قولي ؟



*

: عـزّة ... صح ؟؟
نظر إليها بدهشة ، كانت عيناه تسألانها : من أين عرفتِ ؟
بابتسامة ساخرة : الأعمى ينتبه لنظراتك لها اليوم ..
بكذب حاول أن يخفي ما تفضحه عيناه : أي نظرات يا شيخة .. كلها ربع ساعة قعدت معاكم و بعدين تركتكم و رحت لربعي !
بصوت خافت : و تظن الربع ساعة ماهي كافية لتفضح عشقك لها ؟؟ الكل كان منتبه شلون كنت تناظرها .. حتى عمتي أم طلال كانت منتبهة .. ما توقعتها منكم يا عزيز .. هه ! و اهية اللي باين عليها مسكينة و طيبة ... واضح إن ماحد غيري مسكين ..
وقف ليقول بحدة : فعلاً إنك مسكينة ، واضح إنك بديتي تخرفي و يتهيألك أمور ماهي موجودة .. عزة تربت معانا من صغرنا ، محترمة و كلها أدب و ما أسمحلك تتكلمي عنها بهالطريقة ..
وقفت بمحاذاته لتقول بحرقة : طبعاً ، هذي حبيبة القلب شلون تبيني أتكلم عنها ..
حاول أن يتهرب من النظر في عينيها : من وين جايبة هالكلام الفارغ ؟
تجاهلت سؤاله : تدري ؟ بحياتي ما راح أسامحك يا عزيز .. بحياتي ..
تركته و مشت نحو الغرفة ، و نهراً من الدموع سال فوق خديها ، أحرقتها ملوحة دموعها .. أما هو .. فجلس و هو يمسح وجهه بكفيه .. ألتلك الدرجة بان عشقها على وجهي ؟


*

طلال بغضب : اليوم طلعتي من غير موافقتي .. عارفة إن شرعاً ماا يجوزلك تطلعي من البيت من غير موافقة زوجك ؟؟؟ ولا هذي بعد تبيني أعلمها لك ؟
نظرت إليه بطرف عينها و هي ترفع حاجبها ، و بابتسامة ساخرة : زوجي ؟ و شرعاً ؟
أمسك بذراعها و أدارها نحوه غاضباً : عزة ، واضح إن جلدك يحكك !
عزة : واضح إنك إنت اللي تعودت تستقوي علي ، مفكر إنك لا ضربتني بتصير رجال ؟
وضعت كفيها فوق صدره لتبعده بهدوء عنها ، اقتربت من الدولاب ، فجاء من خلفها و هو يقول بامتعاض مختبئ في نبرة صوته : هالحين أنا ماني رجال ؟
التفتت إليه ، وجهها بات قريباً جداً من وجهه ، بارتباك من قربه قالت : انت ما عندك شغل تشتغله غيري ؟
رفع حاجبيه و هو يقول بهمس : لا ما عندي ..
أمال رأسه ، و اقترب بشفتيه من شفتيها ، قبل أن تتلاقيا ، ابتعدت عنه بعنف : طلال ! لا تحاول تقربلي مرة ثانية ..
حاولت أن تبتعد عنه لكنه حاصر خصرها بقبضة يده القوية ليقول بالهمس ذاته : أنا زوجك ..
ألصقها بباب الدولاب ، اقترب منها أكثر حتى لامس أنفه أنفها ، بصوت خافت : اشتقتلك ..
أصبح صوت نبضات قلبها مسموعاً لديه ، و أنفاسها المتسارعة لفحت وجهه ، ارتجفت شفتيها و قالت : لو سمحت طلال .. ابعد عني ..
طلال : خايفة مني يا عزة ؟
قالت بنبرة باكية و هي تحاول أن تفكّ حصارها من بين يديه : اييه خايفة و مابيك .. ابعد عني !
ابتعد عنها بخيبة و هدوء : مافي داعي تخافي .. ما راح أقربلك إلا برضاتك ..
خرج مسرعاً من الغرفة ، لتجلس هي فوق سريرها واضعة يدها فوق صدرها الذي يعلو و يهبط ، محاولة أن تهدئ من نبضاتها المتسارعة ..


*



بفخر : قدرنا نحصّل رقم السيارة اللي اختطفتك ..
فواز بفرحة : صدق ؟؟؟ ممتاااز .. معناته اقتربنا نوصل للمجرم ..
راشد : إن شاء الله .. بكرا راح أروح أنا و خالد لشركة السيارات و نشوف منو اللي استأجرها ..
تنهّد و اتضح عليه الفرحة الناقصة ، سأله راشد : شفيك فواز ؟؟ ما فرحت ؟
فواز بتفكير : إلا فرحت .. بس ..
راشد : بس شنو ؟
فواز و هو يحتاج إلى أحد يفضفض له : اليوم زوجتي كلمتني .. قالت تبي الطلاق ..
رفع حاجبيه مستغرباً : ليش ؟؟؟
فواز : صارلها فترة مصرة علي إني أترك الشغل ، خاصة بعد اللي تعرضناله في الفترة الأخيرة .. و أنا مو موافق ، و في النهاية قالت إنها ما تقدر تكمل معاي و تبي الطلاق ..
راشد : و إنت شنو قلتلها ؟
هز رأسه بقلة حيلة : ما تركتلي مجال أتكلم ، و اليوم كلمت أمي قالتلي إنها تركت البيت و راحت لأهلها في الشرقية ..
راشد : روح لها و كلمها .. حاول تقنعها .. في النهاية اهية اكيد قالت هالكلام من خوفها عليك ..
فواز : بس يا راشد أنا خايف أروحلهم و أكون مراقب ، و يحاولوا يأذوهم مرة ثانية !
راشد يطمئنه : لا تخاف ، الوضع هنا تحت السيطرة .. روح و توكل على الله ..
هز رأسه بموافقة : و نعم الاتكال ..
راشد ممازحاً و هو يحاول أن يلطّف الجو : شفت فايدة اللي ما يتزوج ، لا زواج ولا عوار راس ..

*

مرّ اليوم ، فالثاني .. حتى انتهى الأسبوع ..

كانت تجلس في المقهى المفضل لديها ، تراقب المطر الذي يرتطم بهدوء على زجاج النافذة ، و من خلفها على الطاولة الثانية ، يجلس منير مع وليد ، يتحدثان بصوت خافت عن خطة لاختطاف طفل من هنا ، ثم السفر بأقصى سرعة ..
جاءها النادل ليسألها عما تطلب .. فأشارت له أنها تريد كوباً من القهوة ، لكنه لم يفهم عليها .. طلبت منه ورقة و قلم ، كتبت طلبها عليه ، و بررت عدم كلامها بأنها بكماء ..

خلفها ، كان يراقبها منير ، و استطاع أن يخمّن أنها بكماء ، ليقول بهمس : هذي اهية اللي نبيها من زماان !!
استدار بوجهه لينظر إلى تلك التي يقصدها ، ثم أعاد نظره إليه دون أن يفهم ، فقال منير : هذي البنت خرساا ، ما تتكلم .. و واضح إنها سعودية .. يعني لو صارلها شي هنا ماحد بيسأل عنها .. و نقدر نخطفها بكل سهولة ..
صمت وليد و هو يفكر في كلامه ، ليقول باستفهام : بس شلون راح تعمل العملية ؟
ابتسم بخبث : أنا ما سافرت هنا يا ذكي إلا لأني مأمن المكان و كل شي أحتاجه لمثل هالعملية ..
هزّ رأسه بعد أن فهم .. ليقول منير : أبيها الليلة .. راقبها .. الليلة لازم تكون بين أيدينا ..



*

مقتطفات للبارت القادم :

: يا الله تصبرني وش هاللعنة اللي لاحقتني من أصحاب الرداء الأبيض !
: يلا خلينا نستمتع بوقتنا شوي قبل لا يبلش الشغل ..
: لو سمعت هالكلام على لسانك مرة ثانية ما بيحصلك طيب ..

: لاا تقـــــررب !! أنااااااا حــــــذرتك

( انتهى )

عاارفة إن البارت مو طويل مثل ما وعدتكم .. لكن صدقاً صدقاً رمضان شاغلني ، الصلاة و الصيام و الطاعات طبعاً أهم من الروايات .. و أنا مابغى أروّح هالشهر الفضيل من غير ما استغله .. و انتوا بعد مابيكم تنشغلون بقراءة البارتات الطويلة .. عشان كذا أبيكم تتحملوني هالفترة و بعد العيد إن شاء الله بنرجع للبارتات الطويلة ..

تقبل الله صيامكم و طاعاتكم ..

لا تنسوني من صالح دعائكم .. أحبكم ..

قَمـرْ !





فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-06-18, 08:52 PM   #25

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
أولاً ، اعتذار كبير عن التأخير لكن إعادة كتابة البارت و صياغته من جديد أصعب من كتابته أول مرة لذلك أخذ معي وقت و أنا أحاول أطلع بنفس الشكل اللي كان فيه قبل لا ينحذف ..
ثانياً ، كل فترة أقرأ الأجزاء السابقة من الرواية أحب أشوف إذا في أخطاء عشان أتجنبها ، طلع في أخطاء مضحكة الصراحة هههه ، فأنا أعتذر عن أي خطأ غير مقصود ..
ثالثاً : لما أقفلت الرواية كان عندي ظرف صعب ، و وضعت العذر مع طلب الإغلاق و توقّعت المشرفة تدرجه ، لكني استغربت إن الرواية انقفلت من دون توضيح للسبب .. لذلك أعتذر عن اللي حصل كان خارج إرادتي

رابعاً ، روايتنا تعتمد عَ مبدأ خُماسيّات الأعوام ، يعني نختصر أحداث كل عام بخمس أجزاء .. لكن من رؤيتي أشوف إن في بعض الأعوام تحمل أحداث كثيرة و مفصّلة ولا يمكن اختصارها في 5 أجزاء فقط .. لذلك قررت أن يكون لكل جزء قسمين أو ثلاثة حسب ما تتطلبه الأحداث " القسم أ ، و القسم ب ، القسم ج ، و هكذا "
.. أتمنى تكون وصلتكم الفكرة ..

و الآن نبدأ بالجزء الثالث عشر من روايتنا ، كُربة بكماء ..

(13) – أ

“ أعرفك ، لأن روحي التقت روحك ، الا يكفي التقاء الارواح ليكون مادة للتعارف ..ما تالفت عليه الارواح يبقى متصلا حتى بعد الموت ”

ذائِقة الموت / أيمن العتوم.




الشّرقية .


رَند بصوت خافت حتى لا توقظ ابنة أختها : يعني وش قررتي هالحين ؟
تنهّدت سمر بألم و حزن ، قالت و الحيرة تطغى على معالم وجهها : مادري يا رند ، محتارة مو عارفة ايش أسوي ، المشكلة أوقات أحس إن ما عندي سبب كافي لطلب الطلاق ، و المشكلة الأكبر إني مابي أخسره ، و تهديدي بالطلاق كان بس عشان أبيه يحس فيني و يتراجع عن اللي يسويه فينا !
وَضعت يدها فوق ركبة أختها ، و قالت بتفهّم : حبيبتي أنا فاهمة عليكِ ، بس من يوم ما تزوجتيه و انتي عارفة طبيعة شغله ، الحين ما تقدري تقولي له اترك شغلك ، بعدين دام إنهم حطوه في راسهم ما بيتركوه حتى لو ترك الشغل ..
سَمَر : هذا اللي مخوفني يا رند ، خايفة في يوم أصحى ما ألاقيه ، خايفة يقتلوه هذولا ما يخافوا من شي ، اخطفوه المرة الماضية و كانوا بيقتلوه .. خايفة يتركني و يترك بنته و يروح ..
تنهّدت رند بحيرة و هي لا تعرف كيف يمكن أن تواسي أختها : طيب حبيبتي ، و الحين ايش الحل ؟ عندك حل ممكن تقترحيه على فواز ؟ لأني مثل ما قلتلك ما بيتركوه حتى لو ترك الشغل ..
سمر بتفكير : عندي حل ، و رح أقوله في الوقت المناسب ..


*

الرياض

راشِد : انت شنو اللي مخليك مهموم لهالدرجة ؟ خلاص عرفنا من صاحب السيارة ، و راح نوصله لو كان في آخر الدنيا ..
فوّاز تأفف : مادري يا راشِد ، يعني وارد جداً يكونوا استأجروا هالسيارة على اسم شخص ثاني ماله علاقة في الموضوع كله !
راشد : لا ، هالكلام مو صحيح ، لو كان كذا ما كان سافر بهالسرعة و ترك البلد ..
فوّاز : بس اهمة بعد مو معقولة يكونوا بهالغباء ، و يردوا البلد بعد ما هربوا !!
راشد : احنا بننتظر فترة إذا رد البلد من المطار نلقطه ، و إذا ظل هارب ترانا عارفين وين اهوة الحين .. يعني ما رح ينحاش منا !
أشاح بوجهه بعيداً عن راشد ، و بدأ يفكر في همومه الأخرى .. ثمة أمور عالقة في رأسه لا يجد لها حلاً ، يشعر بها و كأنها صخرة ثقيلة مثبتة على صدره ، فتجعله عاجزاً عن رفعها .. يفكّر في حياته التي تحولت إلى روتين بارد ، بعد غياب زوجته و ابنته .. يعلم أنه قادر على كسر الثلج الذي غطى علاقتهما في الفترة الماضية ، لكنّه مجبر على التضحية .. لا يمكن أن تسير حياته كما يُحب ، لا بد أن يضحي بإحدى عِشقيه ليستمر ..


*

رومـا

فرِح كثيراً لجرأتها في اتخاذها قراراً كذلك ، كان يظن أن عمليّتها الأخيرة ستجعلها تلغي فكرة استعادة صوتها نهائياً .. لكن خيانة طالب لها لم تكن جرحاً بقدر ما كانت صفعة قوية أفاقتها ، جعلتها تحب الحياة أكثر رغم أن ما فعله بها لا يمكن أن يجعل منها إلا فتاة بائسة كسيرة لا تملك ذرة من الثقة بالنفس .. تفعل كل ذلك لتثبت لنفسها قبل الجميع ، أنها مليئة بالحياة ، و أن صوتها لم يَمت ، إنما خرج في رحلة طويلة ، و قد حانت عودته الآن .. طلبت منه أن ترى الطبيب بمفردها لتستفسر عنه عن إمكانية تكرار العملية مرة أخرى .. وضعها أمام المستشفى ، و طلب منها أن تُرسِل إليه حين تقرر العودة ..و في الخفاء أعين تراقبها ، و عقول تَحيك لها المؤامرات ..


*
وَقَف و هو يراقب العيادة من الخارج ، من خلال الأنوار عرف أن طالب في الداخل ، احتار في ذاته ما بين الدخول إليه و العودة .. فكّر كثيراً فيما سيقوله له لكنه يشعر الآن أن الكلمات تاهت منه و لم يعد قادراً على تقديم تبرير واحد بسيط على ما فعل .. بعد تردد طويل ، دخل بحركات متوترة إلى المبنى ، دخل في المصعد و هو يستجمع قِواه .. حين وصل شعر بالتردد يزداد أكثر ، و أكثر من مرة فكر في الرجوع ، لكنه في النهاية التقط أنفاسه ، استجمع قِواه .. و دخل .. كانت العيادة فارغة ، حتى السكرتيرة لم تكن موجودة .. طرق باب الغرفة ليأتي صوت طالب من الداخل بالانجليزية : تفضّل .
فتح الباب بيد مرتجفة ، كان طالب جالساً على كرسيه الدوار معطياً ظهره للباب ، حامِلاً كتابه ، و واضعاً نظارته الطبية فوق عينيه و يقرأ بتركيز .. وَقف سعود يتأمله بصمت ، كأنه لم يراه منذ زمن طويل .. التفت طالب ، اتسعت عيناه حين وجد أبيه واقفاً بتلك الحالة أمامه .. نزع نظارته و وضعها فوق الطاولة ، يشعر بالأسف لرؤيته بتلك الحالة ، لكن شيئاً في قلبه كان أقوى من حبه له ، أقوى من كل المشاعر الأخرى ..
بمكابرة قال : نعم ؟؟
سعود : ما تبي ترد بيتك ؟
دون أن ينظر إليه : بعمره ما كان بيتي ...
سعود : هالكلام ماهو صحيح ، بيتي اهوة بيتك ، و أنا ابوك أنا ربيتك و تعبت عليك و علّمتك .. لا تلومني لأني ما بغيت أحسسك إنك غريب أو إني أتصدق عليك .. بغيت أحسسك إنك ولدي و إني مجبور فيك عشان عمرك ما تشعر بالامتنان تجاهي ..
رفع حاجبه و ابتسم بسخرية : يعني هالحين انت ما سويت شي غلط ؟
ابتلع ريقه ، و رد : غلط ، نعم غلط أخبي عنك هالموضوع ، و حرام بعد .. بس هالشي كان مو بارادتي .. أنا ما تزوجت ولا صار عندي أولاد عشانك ، عشان مابي أحبهم أكثر منك و أظلمك ..
أطبق عينيه بألم و هو يسمع كلماتٍ تفرحه و تحزنه في ذات الوقت ، كلمات تجعله يشعر بالامتنان تجاه ذلك الرجل ، و في ذات الوقت يشعر باللوم و العتب و الحقد ..
وقف و هو يخلع روبه الأبيض و يلقيه جانباً ، ثم قال دون أن ينظر إليه : بسكّر العيادة من بعد إذنك ..
مشى إلى الباب و وقف ينتظر خروجه .. بلوم نظر إليه سعود ، و خرج من عنده خائباً .. التقط طالب دمعة كانت على وشك السقوط ، أغلق باب عيادته ، ثم توجّه إلى بيت رشا ..

*

تبكي بإنهيار ، تلك المرة الأولى التي تبوح فيها بسرّها إلى أحد ، و لم تجِد أحداً يفهمها سِواها ، سألتها : و هلأ شو يلي مخوّفك ؟
ريم ، تحاول أن تتحدث باتزان : أنا خايفة أرجع مصر خايفة أهلي يعرفوا باللي حصل ، والله هيقتلوني !
بدأت تشع نظرات الحقد من عينيها و تقول : كلّه من ورا هالحيّة سديم ! ولك مش هي اللي سرقت منّك سيمون ؟ يخرب بيتا ولك هي و ما بتحكي ولا كلمة طلع منّا كل هالشي ، لو بتحكي شو كانت عملت !
ريم : أنا عارفة إن سديم ملهاش ذنب في أي حاجة ، هي عمرها ما حاولت تتقرّب منه أو تاخده مني ، حتفكر ازاي أساساً تاخده مني و هي متعرفش اللي بيننا !
ابتسمت رشا بخبث : هههه ، حبيبتي انتي بتفكري إنّا ما بتعرف بس هي بتعرف كل شي ، و بتعمل حالا بريئة و ما دخلا ، بس هالشي كله قدامنا بس ، من ورانا ما بنعرف شو بتعمل ، يعني مش معقول يكون سيمون تعلّق فيها هالقد و هي ما عملت معه شي يخليه يتعلق فيا !
عقدت ريم حاجبيها و هي تنظر إلى رشا باستفهام : عملت معاه حاجة زي ايه يعني ؟
أمالت رأسها ولا زالت الابتسامة الخبيثة ترتسم على وجهها : وحدة متلها بتكون ناطرة إشارة من شب ، لأنه بتعرف إنه ما حدا بيقبل فيها على عيبها .. فأكيد مش رح تفوّت فرصة متل سيمون .. لَيكي حتى طالب ما قدر يكمّل معا .. وحدة متلا أكيد بتكون معقدّة و بتغار من كل البنات التانيين لأنه هية ببساطة مش متلنا .. و برجع بقلك مش رح تفوت فرصة متل سيمون ..
شردت ريم و هي تفكر في كلام رشا ، ليست مقتنعة تماماً بما تقول ، على الرغم من أن ما تقوله منطقي بالنسبة لفتاة بكماء ، إلا أنها تعرف أن سديم ليست كغيرها من الفتيات ، ولا يمكن أن تفعل ما تقوله رشا ..
أخرجها من شرودها صوت فتح الباب ، نظرت إلى رشا متعجّبة ، ارتبكت رشا كثيراً من قدوم طالب في هذا الوقت .. دخل طالب بحركاتٍ بطيئة ، جمِد في مكانه عندما رأى ريم ، التي بدأت تتجول بنظراتها المندهشة بينهما ، نظرت إلى ريم بصدمة و كأنها تسألها عن سبب وجود طالب ، فقالت رشا بخجل : طالِب ، في مشاكل بينه و بين بيّه لهيك هوة ساكن عندي هالفترة ..
رفعت ريم حاجبيها و هي تبتسم بعدم تصديق ، التفتت إلى طالب الذي قال : أرجوكِ ريم مابي سديم تعرف إني هِنا ..
قالت و الغضب يتضح في نبرة صوتها : ما تخافش ، أساساً سديم مش حيهمها إنت فين و مع مين ، إنت انتهيت بالنسبة لسديم ..
حَملت حقيبتها و خرجت بسرعة بعد أن ألقت إليهم نظرة استحقار و قَرف .. وجّه طالب كلامه لرشا بغضب : ليشش ما قلتي إنهاا عنددكك ؟؟!
جلست رشا أمام التلفاز ، و ردّت بلامبالاة : ما بعرف إنك رح تجي بدري !
رمقها بنظرة غاضبة ، و دخل إلى الغرفة متجاهلها ..

*

بصوت خافت متجنباً أن تسمعه زوجته : أرسلت لك عنوان المكان برسالة ، مابي أي مشاكل .. مفهوم ؟
وليد و هو يراقِب بتركيز : تآمر دكتور منير ..
مُنير يتلّفت حوله : اهية وين الحين ؟
وليد : في المستشفى ، و أنا مراقبها من ساعة دخولها للحين ما طلعت .. أول ما تطلع نبدا الشغل ..
منير : طيب ، إياك يصير مشاكل أو أي أحد ينتبه لك ..
وَليد يبتسم بخبث : لا تخاف ، الشارع هنا فاضي خاصة بهالوقت و هالجو ، و البنت ما تتكلم ، هذي أسهل عمليّة خطف أسويها بحياتي ..
مُنير براحة : عفيه ، يلا شوف شغلك ولا وصلتوا دق علي ..
أغلق وليد الخط ، و أعاد تركيزه إلى باب المستشفى لينتظر خروجها ، في الداخل .. خرِجت من عند الطبيب في قمّة سعادتها حين أخبرها أنها قادرة على تكرار العملية ، و أن نسبة نجاحها هذه المرة قد يكون أعلى من المرة السابقة ..أرسلت لأبيها رسالة كي يعود و يأخذها .. وقفت عند باب المستشفى ، لتمشي في الجو الماطر الذي تُحب .. تاهت في جمال الطريق و هي تفكّر بسعادة في مستقبلها ، كما عادتها ، تنسى نفسها دوماً في الطريق .. انتظرها وليد حتى ابتعدت عن منطقة المستشفى ، كي يتجنب تصوير كاميرات المراقبة .. نزل متلثماً من السيارة و اقترب منها بخطواتٍ بطيئة .. أصبح خلفها ، قريب منها جداً .. وَضع منديلاً على فمها ، ضغط عليها حتى فقدت وعيها ، بحركة سريعة حملها ، وضعها في السيارة و تحرّك مسرعاً ، و سيارة أخرى بنوافذ مظللة لمجهول تبِعتهم بحذر ..مسافة طويلة قضوها في السيارة ، بدأت خلالها سديم تستيقظ ببطء و تنظر حولها بتعجب و استغراب من المكان ..نهضت فجأة و هي تستذكر ما حصل معها ، فهمت أنها اختُطِفت ، بدأت أطرافها بالارتجاف لشدّة خوفها ، لاحظ وليد استيقاظها من خلال مرآته ، ابتسم و قال : صح النوم يا حلو !
ازداد خوفها و هي تسمع نبرات صوته المرعبة ، بدأت تتحسس الكرسي حولها محاولة البحث عن حقيبتها و جوالها لكنها لم تجِد شيئاً .. حاولت أن تفتح الباب و تلقي بنفسها من السيارة لكن الأبواب كانت مغلقة .. كل محاولاتها في الهرب كانت فاشلة .. بدأت تبكي برجاء و تحاول التوسل إليه بإشاراتها و تعابير وجهها و عينيها لكن ذلك لم يجدي نفعاً ..


؛

خرج من المستشفى متوتراً حين فهِم من الطبيب أن سديم خرجت من عِنده منذ فترة ! لم يجِدها داخل المستشفى ، ولا في الكافتيريا ولا حتى في الشارع ! أين اختفت ؟ حاول الاتصال برقمها أكثر من مرة لكنه مغلق .. بدأ الخوف يتسلل إلى قلبه ، لكن ما تبادر إلى ذهنه هما شخصين لا ثالث لهما ، سيمون أو طالب .. كِليهما لهما مصلحة في اختطاف ابنته .. في البداية ، رفع جواله و اتّصل بِرشا ، التي كان يجلس طالب إلى جانبها .. باستغراب و هي ترى إسمه : عمو جلال ! شو بدّه بهالوقت ؟
عقد طالب حاجبيه مستغرباً مثلها ، ردّت : آلو ، أهلا عمو ..
جلال بنبرة يتضح فيها الخوف : يبه شفتي سديم أو اهية عندك ؟؟
رشا : لا أبداً عمو ما شفتها اليوم !! صاير شي ؟؟
جلال : تركتها عند الدكتور في المستشفى ولما رجعت ما لقيتها ..
رشا : عمو يمكن عم تشرب شي بشي كافتيريا ما تقلق !!
هز رأسه : دوّرتها فـكل مكان مو موجودة اختفت !!! طيب عمي تسلمي آسف أزعجتك ..
رشا : لا عمو ولو ..
أغلقت الهاتف ، لاحظت نظرات طالب المُتسائلة ، قالت دون أن تنظر إليه : سديم مش مبينة ..
بصدمة : شنو ؟ شلون يعني ؟
رشا ببرود : شو بيعرفني ! أخدا للدكتور و لما رجع ما كانت موجودة .. ما تقلق يمكِن بتكون راحِت شي مشوار مع سيمون ..
ضغط على أسنانه بغضب ، شدّ ذراعها بقوّة : احترمي نفسك و انتي تتكلمي عنها ..
تَركها و اتّجه نحو الباب بسرعة و بدأ يرتدي حذاءه ، بينما تقول هي بسخرية : بسرعة روح لعندا اوعك تفوّت فرصة .. خليها تهينك متل كِل مرّة ..
نظر إليها بحدّة ، و هو يفتح الباب : حسابك بعدين .


؛


ينظر إليها و هي متكورة على نفسها في زاوية الغرفة المظلمة تلك .. بابتسامة خبيثة و أفكار مخيفة تحلّق في عقله ، اتصل بمنير ليخبره بنجاح عملية الاختطاف ، الذي أمره بالتحفظ عليها لمدّة ساعتين حتى يتمكن من ترك زوجته و أطفاله .. أغلق الجوّال و أعاد نظره إليها ، تبكي و تتجول بنظراتها في ذلك المكان المعد بأدوات طبية و سرير ، تحاول أن تفهم ما سيحدث الآن .. اقترب منها ببطئ و هو ينظر إليها كالذئب الجائع لفريسته .. تحاول أن تبتعد و تود لو بإمكانها الدخول في الجدار الذي خلفها لتختفي و تهرب منه .. تحسس خدّها بيده ، قال بصوت خافت : مو حرام كل هالجمال ما يتكلّم ..!
في كل ثانية يزداد ارتجافها أكثر ، حملها بين ذراعيه و توجّه بها ليلقيها فوق السرير ، و يقول بدناءة : يلا خلينا نستمتع بوقتنا شوي قبل لا يبدا الشغل ..
نَزع حجابها بقوة عن رأسها لينساب شعرها على خديها فيلتصق بدموعها و هي تحاول أن تهرب منه .. بدأ يفكّ أزرار عباءتها بقوّة بينما تحاول مقاومته لكن دون جدوى .. خلع قميصه بسرعة ، كان كالمخمور بلا عقل ولا وعي .. كل ما يريده الآن فقط هو قضاء رغباته .. و يقول أنها ستموت أساساً فلن يؤثر عليها ما سأفعل بِها .. حين بات قريباً منها ، و بدأ يقبّلها رغماً عنها في مختلف أجزاء جسدها الهزيل ، صرخت ، صرخت مستنجِدة ، لسنواتٍ طويلة لم تستطع أن تصرخ .. لكنّها صرخت اليوم و هي تعرف أن صدى صرخاتها لن يسمعه أحد في مكان مهجور كهذا !
كان أقوى بكثير من مقاومتها ، لوهلة شعرت أنها تقترب من النهاية .. و أي نهاية تِلك ! أأموت مسلوبة الشرف ؟! هذا ما كانت تفكّر فيه حين خُلِع الباب ليِدخل رجلاً مهيوباً برداء أبيض يقول بغضب : يــــا نــــذل !! ابعد عنهااا !
ابتعد بحركة سريعة ، أخرج سلاحه و وجهه نحوه : اطلع برا أحسن لا أقتلك !!
لم يستمِع إلى كلامه ، أخرج هو الآخر سلاحاً و وجهه نحوه ليقول بتهديد : رصاصة برصاصة ، ما أخليك تأذيها و أنا عايش و رب الكون ..
تحرّك أكثر نحوه ، حمل قميصه بخوف : لاا تقررب أناا حذرتــــك !
لم يستمع إلى كلامه ، رفع مسدسه و أطلق رصاصة على قدمه ليمنعه من اللحاق به ، ثم ولّى هارباً من الغرفة و هو يراه مستلقياً على الأرض .. بصعوبة حاول أن يقِف ، غض نظره عنها و هو يقول : استري نفسِك يا أختي و خلينا نمشي بسرعة ..
كانت منهارة ، ربما لم تستمع إلى ما قاله أو لم تستوعبه ! ظلّت جامدة في مكانها لا يصدر منها سوى الدموع .. تفهّم حالتها لكن يجب أن يتحركوا بسرعة من هنا قبل أن يأتي ذلك الرجل بمن يساعده .. اقترب منها بصعوبة و الألم يزداد في قدمه ، أخذ عباءتها و ساعدها في لبسها دون أن ينظر إليها ، ثم ناولها حجابها لتضعه فوق رأسها بخجل ، و بإهمال .. سألها قبل أن يخرجوا : تقدري تسوقي سيّارة ؟؟
تذكرت ، أنها قبل عامين كانت قد أخذت دروساً في القيادة لكنها لم تستخرج رخصة ، هزّت رأسها بنعم ، ليقول براحة : كويس لأني أكيد ما بقدر أسوق بهالحالة .. يلا نطلع من هِنا بسرعة ..
لم يكن يفهم صمتها ، وقفوا ليخرجوا ، كاد أن يسقط فأمسكت به .. بخجل ، بعد أن شعر أنها أذِنت له ، وضع ذراعه فوق كتفها ليستنِد عليها دون ممانعة منها .. و خرجوا بسرعة من هذا المكان ، ركِبت خلف المِقود خائفة ، و هو يطمئنها ، و يحاول أن لا يفقِد وعيه كي يدلها على الطريق ..



*

جدّة


مؤخراً ، أصبح يتأخر كثيراً في الفترة الأخيرة .. تشعر بالملل خلال جلوسها في البيت وحيدة ، لو لم تكن قاسياً يا طلال ، لو لم تكن متوحشاً في تِلك الليلة ، لكنت الآن ألاعب ابنتي الصغيرة ، أقبّلها و أشم رائحتها ، كانت ستقرّبك مني ، ستحببك بي ، لكنّك قتلت أي محاولة مني للاقتراب منك .. ليتك لم تتركني وحيدة يا أبي ، ليتك تعلم كم التشويه الذي تركه طلال في قلبي بلا رحمة ..
تنهّدت لتخرج من أفكارها مع صوت فتح الباب ، ظلّت في مكانها ، تلف قدماً فوق الأخرى ، و تلعب بضفيرتها القصيرة .. دخل إلى الصالة يقول بتعب : السلام عليكم ..
عزة ببرود : و عليكم السلام ..
ألقى روبه الأبيض جانباً ، ثم ارتمى بجسده فوق الكنبة مرهقاً ، أغمض عينيه بتعب ، و هو يعرف أنها تراقبه كما كانت تفعل دوماً ..
بابتسامة قال ممازحاً : شيلي عيونِك عني ، زي ما قالت المخضرمة نانسي عجرم ..
حاولت أن تخفي ابتسامتها من مزحه الغليظ ، لتقول بجدية : طلال ، أبي منّك شي ..
على نفس وضعيته ، و عيناه مغلقتان : تآمري يا عزّتي بس مو الحين لأني تعبان ..
رفعت حاجبها من كلمته " عَزّتي " ، أول مرة يقول تِلك الكلمة .. حاولت أن لا تضعف أمام حُسن معاملته ، و تقول : لا الحين بطلب ، أنا قاعدة أمل بروحي كل يوم في البيت ..
طلال : وش أسوي ؟ أسويلك مهرّج ؟
رفعت الوسادة الصغيرة ، و ألقتها في وجهه بحركة فاجأته و هي تقول بامتعاض : طلااال !!
ابتسم و هو يسمعها تنادي إسمه بدلع ، اقترب منها : عيوون طلال ، قلـــب طلال .. قولي وش تبي ؟
توتّرت من قربه ، و هي تلعب بأظافرها : أبي نرجع نسكن عند خالتي ..
عَبَس فجأة ، و رد : لا ، مستحيل ..
عزّة : لييش ؟؟!!!
طلال : مــزااج ..
عزّة باحتجاج : هالكلام مو منطقي إنت طالع كِل اليوم و أنا قاعدة بروحي هنا و طفشانة ..
طلال : عزّة ، قلت لا يعني لا ، عارفة إني ما أثني كلامي صح ؟؟
بهمس مسموع : تثنيه وقت اللي تبي بس ..
طلال نظر إليها بعينين متسعتين : وش قلتي ؟
بارتباك : مما قِلت شي !
ارتسمت على شفتيه ابتسامة النصر ، وقف بكسل و هو يقول : قومي عشيني ..
عزّة : نـعــم ؟
طلال يعطيها ظهره متجهاً لغرفته : يلا حبيبتي بموت من جوعي ..!
ظلت شاردة به دون حِراك و هي تتساءل : هذا شـفيه اليوم كذا ؟!!



*

روما

عاد خائباً من مركز الشرطة ، جلس على الكرسي و هو يحاول أن يفكّر بتركيز و يمنع نفسه من البكاء .. عاود الاتصال بها عشرات المرات ، لكنّه لم ينجح في الوصول إليها .. اقترب منه طالِب بخجل و بطء ، قال بصوت خافت : عمي ! ما رجعت سديم ؟
رفع نظره ليعرف صاحب السؤال ، فوجئ به فوقف بسرعة و هو يقول بغضب : انت وش جابك هنا وش تبي ؟؟؟
طالِب بهدوء : عمّي ، اهدى شوي .. احنا لازم نفكّر وين ممكن تكون راحت سديم !!
جلال : هالشي ما يخصّك ، و مالك علاقة وين راحت بنتي .. مفهوم ؟
طالِب بتجاهل لكلماته اللاذعة : طيّب عمي ، بلغت الشرطة ؟؟ أكيد قالولك ما يصير تبلّغ إلا بعد 48 ساعة على اختفاءها ، طيب وش بنسوي الحين ؟ من هنا ل 48 ساعة ممكن نخسرها !!
جلال غاضباً من إصراره على التدخل : اللي بتسويه إنك تذلف من قدّامي الحين فوراً قبل لا أرتكب فيك جريمة !!
سعود ، جاء من خلف طالِب و قد لاحظ أنّهم مختلفان ، فقال : مو وقت الهواش الحين ! تعالوا نقعد و نفكّر شلون بنوصل لسديم !!
ابتعد جلال عنهم داخلاً إلى المستشفى مجدداً علّه يجِدها و هو يقول : خذ وِلدك و روحوا مِن هِنا ..
اقتربوا منه بسرعة و هم يسمعوا صوت جواله ، يرد هو بخوف : آلو ! نعم ابنتي مفقودة منذ أكثر من ساعتين و جئت لأبلغ عن غيابها لكنّكم طلبتم مني الانتظار لمدّة 48 ساعة ...
سمِع ما سمِع بصدمة و خوف ، ليقول بعدها بصوت مرتجف : بنـــتــــي !!!



*

شدّه من قميصه بغضب : غــــبـــــــــي ! شـــــلوون تفلت منّك شلـــــــوووون !!
بارتجاف : والله ياا دكتوور ما كِنت متوقع إن في واحد لاحقنا ولا حتى حسيت عليه !!
لكَمه على أنفه لكمةً أسالت الدم منه و ألقته أرضاً : أكييد ماا بتحس عليه لأنك غــبي و عقلكك مووو معااك قاعِد تفكر شلوون بتغتصب البنــت ؟؟!!! مِن متى نشتغل بالاغتصااب ؟؟
وَليد بغضب ، و للمرة الأولى يرادده بالكلام : يعني الاغتصاب أسوأ من القتل و بيع الأعضاء ؟ ما هي كانت بتموت ! الشرهة علي كنت بخليك تروّق نفسك قبل لا تبدا شغل !!
ثار كالبركان و هو يسمع كلامه الغبي ، ليقول : ماني مقرِف مثلك ولا أفكر بهالأمور .. الحين وش بقول للجماعة اللي وعدتهم وش بقوول ؟؟؟
وَليد بخوف : مادري خلاص يعني قول ما قدرنا و خلاص !
ابتسم منير : ما قدرنا ها ؟!!
وَليد ، و هو يرى الموت في ابتسامة منير الخبيثة تِلك : وش بتساوي ؟
أخرج مسدسه و هو يقول ببرود : تردي إنّك من بعد ما استأجرت سيارة باسمك في الرياض صِرت خطر علي ، و لازم أنتهي منّك ..و في نفس الوقت أستفيد !



*


نهاية القِسم الأول من الجزء 13 ، نكمِل قريباً جداً .. بصراحة فكرة تحديد موعد معين للأجزاء ممكن اهية السبب بعدم قدرتي على الالتزام ، لأني أكون محشورة في الوقت ، و هالشي يشتتني و يخليني غير قادرة على ابتداع أفكار جديدة ، و يمكن هذا أحد أسباب إغلاق الرواية ، لذلك نتركها على التيسير إن شاء الله ، و بإذن الله لن أتأخر عليكم ..

تعالوا نشوف شويّة مقتطفات من القِسم الثاني من الجزء :

: إنت دايماً كِذا تدخّل نفسك فـ أمور تجيبلك الحلقة الأخيرة !

: إنتي طالِق ..


انتظروني يا أحباب ، أحبكم كثيراً ..

قَمـرْ !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-07-22, 05:04 AM   #26

هند .ربا

? العضوٌ??? » 448449
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » هند .ربا is on a distinguished road
افتراضي

متى البارت وهل الروايه متوقفه؟

هند .ربا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-23, 10:09 AM   #27

أمامة مولودة نوفمبر

? العضوٌ??? » 484346
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » أمامة مولودة نوفمبر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هند .ربا مشاهدة المشاركة
متى البارت وهل الروايه متوقفه؟
الرواية متوقفة ولا
من زمان انتظرها تكمل عشان ابدا لانها اسلوبها في الحروف لها اصوات


أمامة مولودة نوفمبر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-12-23, 12:37 AM   #28

ليلى هشام

? العضوٌ??? » 290657
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,539
?  نُقآطِيْ » ليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond reputeليلى هشام has a reputation beyond repute
افتراضي

رووووووووووووووووعه

ليلى هشام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.