آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عانق اشواك ازهاري (2)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة بيت الحكايا (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          23 - امرأة تحت الصفر - راشيل ليندساى ( إعادة تنزيل ) (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          93- الشمس والظلال - آن هامبسون - ع.ق ( نسخه أصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree101Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-05-17, 01:42 PM   #1391

عبيركك

نجم روايتي وفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية عبيركك

? العضوٌ??? » 308350
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 7,127
?  نُقآطِيْ » عبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond repute
افتراضي




عبيركك غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 02:43 PM   #1392

amatoallah

? العضوٌ??? » 174417
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 841
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » amatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond reputeamatoallah has a reputation beyond repute
افتراضي

تسجيل حضوووووووووووووور

amatoallah غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 03:45 PM   #1393

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

مساء الخير على احلى صبايا
عارفين حبيباتي فترة امتحانات و كهربا فش و نت استشهد و حاجات كدة عشان كدة هتعذروني على عدم ردي عليكم خصوصا حوشت الطاقة بالﻻب عشان انزل الفصل.. ان شا الله راح اقيم الردود المذهلة منكن و اتمنى تستمتعوا الليلة مع اخر فصل للعيد طبعا مش اخر فصل بالرواية
اعزائي قراء نوعا ما يبدو انتظروني مع الساعة السادسة بتوقييت غزة و مصر و العراق مع الفصل العشرون و احداث كثيرة ابطال الفصل العباقرة المهندسة و المدير و هيكون فعﻻ فصل فاصل مع كل اﻻبطال تقريبا
و قفلة بليز ما حد يدعي شعبان و ابواب رمضان حرام يعني
انتظروني قمرات


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 03:52 PM   #1394

عبيركك

نجم روايتي وفراشة الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية عبيركك

? العضوٌ??? » 308350
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 7,127
?  نُقآطِيْ » عبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond reputeعبيركك has a reputation beyond repute
افتراضي

الله يستر منك يا ايمان لازم قفله شريره وخاصه انه اخر فصل للعيد يعني حنضل على اعصابنا وقت طويل

عبيركك غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 04:27 PM   #1395

شانزيليزيه

? العضوٌ??? » 180582
?  التسِجيلٌ » Jun 2011
? مشَارَ?اتْي » 599
?  نُقآطِيْ » شانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond reputeشانزيليزيه has a reputation beyond repute
افتراضي

عزيزتي مافهمت يعني بتوقفين الروايه لين بعد رمضان؟؟

شانزيليزيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 04:34 PM   #1396

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبيركك مشاهدة المشاركة
الله يستر منك يا ايمان لازم قفله شريره وخاصه انه اخر فصل للعيد يعني حنضل على اعصابنا وقت طويل
الصدق القفلة شريرة جد
الله يستر كدة تدعوا على البطل انا ما الي دخل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شانزيليزيه مشاهدة المشاركة
عزيزتي مافهمت يعني بتوقفين الروايه لين بعد رمضان؟؟
راح اوقف تنزيل الفصول غاليتي خﻻل شهر رمضان وامتحانات بناتي هتكون خﻻل اﻻيام دي لبداية رمضان فما هاقدر انزل فصل بعد هاد الفصل
هنتﻻقى بالفصول ان شا الله بعد العيد


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 05:59 PM   #1397

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

الفصل العشرون
(20)



لم تجد فيها القدرة على أن تبكي... الخسران موجع في حالتها... المشكلة أنها بارعة في الكمال... خسرانها كامل... انتقامها كامل... وجعها كامل... دائما أمينة في عملها ألا يضيف له أحد شيء بعد ذلك!
أغلقت عينيها و تتمنى لو تبكي... لو تنفجر...
يا الله... لمى و محمد...
يا الله... كيف ستتركهما...
كيف ستبترهما...
لكنها لم تعد قادرة على التحمل أكثر... يعلم الله كم تعبت و يعلم كم أنهكت و يعلم كم تحملت... يعلم كم أملت و يعلم كم كافحت و يعلم كم أعطت و أعطت و أعطت فما بقي لها إلا تلك الذرة من الكرامة لتنسحب. إنها حتى تشك بقدرتها على إعطاء أطفالها أي شيء بعد الآن...
لقد استنزفت بالكامل... عُصرت بالكامل... شعرت بباب غرفتها يفتح دون استئذان... لم تجد فيها القدرة لتغضب على انتهاك ما ظنت أنها تمتلكه من خصوصية، لكن الخصوصية تمنح مع احترام من الآخر... الآخر الذي بدأت ترى حقيقة ملامح روحه أسفل قناع الرجولة و الاهتمام...
المؤلم الأمل الذي تبنته خلال الليلتين الفائتتين، عندما غازلها و حاول أن يمنحها قيمة... ذلك الأمل موجع بارتداد عكسي... ذلك الأمل حرقها بطريقة مهينة بالكامل...
شعرت به يقف أمامها منهك متعب بعد أن أوصل ضيفته لبيتها مقدما ألف اعتذار عنها... نال الرضى من تلك، و عاد لهذه لكي تنال ما تستحق... بدلا من القلق من فعلتها و نتاجها، وجدها جالسة بهدوء أمام النافذة تتأمل ليلة صافية في آخر شهر مارس...
فوجئت به يضرب بقوة علبة الحبوب على الحافة العريضة أمامها... الحركة قد تبدو ادانة، و قد تبدو تساؤل، و قد تبدو شيء لا كنه له...
لذلك ظلت صامتة و هي تنتظر منه البقية... فقط أكمل ما بدأته الحلوة التي تحميها من المجنونات مثلي...
الأمر هو أن خيالها خصب... خصب لدرجة أنها رأتهم بالضبط يسخران منها و من ادمانها... رأتهم و هو يقرب تلك منه و يهمس لها كم يعشق النساء الصاحية...
خصب لدرجة أنها تشعر بآلاف الوخزات لإبر نالتها لفحص الادمان...
خصب لدرجة أنها تكاد ترى لمى تنساها و محمد يعتبرها لم تكن و هي ميتة حية في بقعة منسية لا يهتم أحد إن كانت أو لم تكن!
خصب لترى أنها ظنت بلحظة حمقاء أنها السيدة، و الآن هي البهلوان الذي يسلي السيدة!
نعم خيالها خصب و وجعها خصب...
وجعها كألف بذرة نمت مرة واحدة...
"الحبوب مسكنات عادية للصداع... لكن سلوكك اليوم لم يكن يليق بامرأة محترمة... أو حتى امرأة عاقلة... لذلك فعلا بدأت أشك!"
الحديث الهادئ الصارم...
الحديث الذي لا تريد أن تترجم معانيه فقد وصلت قبل أن يتكلم... بل تنبأت بما سيقول... سحب مقعد و جلس قبالتها موسعا بين ساقية مرتكزا بمرفقيه على فخذيه و هو يميل ناحيتها بتركيز...
"هل تعلمين؟؟... لقد انشغلت كثيرا خلال الأيام الفائتة... لذلك لم أُجْري لك أي فحص منذ أن وصلت... "
أرجوك أكمل... لا تدع لي اية قارب في مرساك...
"ربما لأن تصرفاتك و أفعالك نبأت عن فتاة عاقلة... بالبدء كنت أدقق بكل ساكنة من سكناتك... أراقب بهدوء متى ستظهر الحقيقة و أرى ما هي أبعاد اللعبة... إلا أنني انشغلت كثيرا و نسيت... هل تعلمين لم لين؟ لأنك لا تبدين طبيعية جدا لين، بل فعلا أنت طبيعية حقا، بت لا تشبهين لين القديمة!"
قبل أن تنال صدمة منه و كأنه أخفى مركب بل سفينة لأجلها، اكمل بصرامة...
"على الرغم مما فات، تصرفك اليوم لم يكن أبدا لائق لين... تصرفك اليوم كان فعلا مهين لي و لك و للبيت الذي تقنطين فيه... شيماء تمر بظروف مريعة و قد ظننت أنكم حقا ستكونون خير عون لها... لكنك فعلا صدمتني يا ابنة التربية الأرستوقراطية!"
استمرت على صمتها و هي تدير عينيها لوجهه... أخذت تنظر إليه دون ان ترمش... رعشة مرت على جسده و هو يتذكر لين القديمة المجنونة... هذه هي نفس عينيها الميتة و التي تحرق المركب الذي تركبه كي تتأكد أن لا ينجو أحد معها... رغم ذلك بجلد منه و قيادة، أمر...
"أظن أن أقل شيء تفعليه هو أن تعتذري لها... لقد أخطأت بحق المرأة و أهنتها... ليس أنت فقط، بل لمى أيضا... عندما فكرت بأفعالها رأيت أنها حقا لا تليق على الاطلاق، و كأنك دفعتها لذلك دفعا... لذلك لين لن تترفعي عن أن تعترفي بخطئك و تعتذري لامرأة لم تتطاول عليك قط!"
البرود من عينيها مازال يوتره و حمد الله بداخله عندما ازاحت عينيها عنه للنافذة تنظر للبعيد...
"لو سخرت من ماجدة و ألمك لأجل فقدها... ماذا ستفعل؟؟"
صدم من السؤال الغريب حقا... قبل أن يفكر بالسؤال التالي و الذي سيبنى عليه جوابه أكملت هي...
"لو سخرت من وجعك على الأطفال بالموصل أو حلب أو أركان أو غزة... أو أي ركن آخر منكوب... هل ستتقبل الأمر بصدر رحب؟؟"
ابتسمت بقلة حيلة شبه بسمة و هي ترد على سؤاله بجواب لا علاقة له...
"هكذا الادمان بالنسبة لي... فكرة أن يبقى نيره على عنقي للأبد كانت ممكنة لكنها الآن مدنسة و كأنها توقيع على عقد عهر أبدي!"
صدم من كلماتها و هي تكمل بذات النبرة الميتة...
"مهاب... ربما انقطعتَ عني بعدما عدتُ للوطن لأجل الطفلة، لكنك قبلها كنتَ تعلم كم تعذبتُ، كم عانيتُ، كم ضربتُ، رأسي بالحائط... كنتَ تعلم كيف خضتُ عبر مستنقع وجعي لأتطهر من المخدر... تعلم كم مرة صرختُ كحيوان جريح، و رجوتُ بلا كرامة لأجل حبة واحدة... تعلم كم بذلت من جهد لأثبت للجميع أنني أستحق، و انني قادرة... كما أنك تعلم أنها فترة أريد أن أنساها بكل قوتي، أريد أن أنساها رغم أن النسيان مستحيل، فقررت أن أتصالح معها..."
أخذت ثوان تحاول اعادة نبرات صوتها للهدوء، و ابتلاع الغصة التي تتكوم في حلقها...
"قررت أن تكون دافع لي للأفضل... خبرت الكثير و تعبت كثيرا و انهكت كثيرا لأصل لتلك المرأة التي أمامك... المرأة التي لم تبدل جلدها كالأفاعي فهذا مستحيل لذلك سلخته سلخا عن لحمها حتى تكون جديدة نظيفة..."
رغما عنها تهدج صوتها و هي تكمل...
"امرأة لن تسمح لأي كان أن يسخر من كفاحها و كدها لتكون... أردت أن أكون فخرا لكم و لأجلكم... أنت، لمى، حتى زياد، ظننت أنه يوما ما سيراني، لكنني مخطئة... أنتم لم تتجاوزوا ببصركم لين القديمة... أنتم لم تتحركوا بأعينكم قيد أنملة عن الماضي، و كأن ما وصلت إليه و ما تحولت إليه تحصيل حاصل، لا يفرق عند اتخاذ الحكم!"
لم يدر ما يقول و كلامها بمجمله يحمل الكثير من الصواب... لا يعلم كيف علمت شيماء عن ادمانها و سخريتها من زوجته، لذلك يجد الأمر صعب الهضم، و يوجد أشياء في الخلفية لا يعرفها...
"شيماء تقول أنها رأتك تتناولين حبوب، لكن كما أرى لم ترى إلا هذه الحبوب المسكنة، لذلك لابد أنك أبرزت لها بعض مواهبك الثابتة من القديم و الحديث..."
ظلت تنظر إليه طويلا، قبل ان تميل ناحيته...
"لا يحق لها أو لغيرها أن يحاسبني... أنا الوحيدة التي أحاسب نفسي و أنا الوحيدة المسؤولة عن سلامتي الشخصية... انا فقط مهاب... سمحت لك برضاي أن تمارس دورا لا يحتسب و قبلت أن أقوم بالتحاليل الدورية... وافقت على الحراسة و المراقبة... نعم فعلت لأجل لمى، لكنه كان برضاي و لم يجبرني أحد أو يرسم لي أحد مساري... أنا التي اخلق مساري و أنا التي أعبره، و هل تعلم ماذا؟؟ أنا التي أتحمل دوما وحدي عواقب افعالي... لكن الآن و بعدما علمت مادة المرح بينكما، سأخبرك شيء أخير... "
خفق قلبه بعنف قبل ان تكمل بهدوء...
"لقد وصلنا لطريق مسدود... بل كل الطرق مسدودة و بنفس الحائط، يحيط كل المخارج... كنت أكابر و أخبر نفسي أنه سيرى الاختلاف... سيرى كم تحولت لأكون فخرا له عندما يعود...
كنت أخبر نفسي أنه سيحب أخته كابنته و سيرضى عن تعبي لأجلها...
كنت أخبر نفسي انه سيدعمني و يخبرني أنه فخور بقوتي لاجتاز السكاكين الحادة التي تمزقني كل ثانية... كل لحظة... هل تعلم معنى أن يبدل دمك... أن يبدل تاريخك... أن تعيد برمجة عقلك و حياتك و ردود أفعالك... هذا ما حدث لي و أنا أتوب عن الادمان... هل تعلم كم توجعت... كم بكيت و ضربت رأسي بالحائط و تمنيت الموت ألف ألف مرة... و كل مرة اتحمل و أتجلد لأجل ابنتي و لأجلك... نعم لأجلك... ربما لم اقلها لك قط... لأجلك... لأنك مثل النفس، مثل الماء، مثل الهواء... المرء لا يخبر روحه أنه يفعل أي شيء لأجلها..."
ثم أغلقت عينيها على وجعها بينما اعترافاتها تجعله يشعر بتوجس...
"الحقيقة الناصعة هي انني أحببتك ربما أكثر من نفسي، من أمومتي، من كل شيء آخر... لكنني كنت أعتبر ذلك امر مسلم به و هو ما ظننتك ادركته لذلك كنت تحاول ان ترى مدى تعلقي بك... فهمت خطئي متأخرة عندما رحلت و تركتني دون كلمة... دون وداع... أبحث عنك في كل مكان... أتواصل مع بشر غريبة لاطمأن أنك فقط على قيد الحياة... أبكي ليس شوقا جسديا و لكن شوقا لصوت نفسك في كوني، في مكاني، في بعدي... أبكي كثيرا و أنا أرتاح أنك خرجت من بؤرة جحيم، و أبكي أكثر خوفا عندما تنطلق لأخرى..."
رغما عنها تهدج صوتها و تخلل ذلك البرود من وجع خمسة أعوام هجر طوال...
"هل تعلم ما كان يوقظني آخر الليل و يمنع النوم من عيني؟... هو أن لا تعود و لا أخبرك بها... لا أخبرك أنني آسفة... آسفة لأنني... لأنني فعلت الكثير... آسفة لأنني لم أكن قادرة على توضيح نفسي لك، ربما أنا نفسي لم أكن أعرف نفسي في ذلك الوقت... آسفة لأن لي ماضي مريع كنت في بعضه، و بعض منه صنع آخر... أنا أيضا آسفة لأن ماجدة ماتت..."
الآن الدموع تسيل من عينيها و هي تتذكر موت ماجدة... تتذكر كيف تمنت لو تودعها... و تذكرت كيف زارت قبرها و هي تقسم لها أن تربي ابنتها كما لو كانت حية و تبذل كل جهدها لتكون فخور بها...
"لم أرد لها ان تموت... أقسم لك مهاب لم أرد لها أن تموت... موت ماجدة كان موجع لك و أردت أن أشاركك الوجع، لكنني مخدرة فلم أختبره قط... أنا آسفة مهاب لأنني لا أستطيع أن أكون أما لطفل أنت والده... و آسفة لأنني أردت أن أكون أم... أم لطفل يحمل صلة دم منك... هل تتخيل أنني لَم أفكر قط بالتبني أو حتى الاهتمام بأبناء أخي المستقبليين... لَم أرد إلا أن أكون أما لطفل له صلة دم منك، حتى لو بقيت أنا غريبة... غريبة تطرد و تنتهي خدماتها بكلمة واحدة!"
شعر بقلبه يخفق مع الكلمة الأخيرة... لم يدر ما سيقول عندما تقولها...
عندما تطلبها...
"لكن الأسف لا يكفي... كما ان الذنب لا يمتحى... فعلت بك و بأسرتي الكثير... ظننت أنني ميتة و لا أشعر بما أفعله بكم... لذلك لم أهتم و بانتحارية هوجاء فعلت كل ذلك... و كلمة آسفة لا معنى لها... لا قيمة لها... لذلك لو كان القصاص هو من سيريح الجميع إذن أنا راضية به..."
ثم نظرت لعينيه بنظرات حزينة موجوعة...
"مهاب أنا لم أعد قادرة على التحمل...
مهاب طلقني!"
***
لازالت ترتجف بعد ذلك أن اقفلت الباب خلفه في غرفتها البسيطة، في ذلك الفندق الرخيص... كعادتها كلما توترت أو مرت بها أحداث خانقة تصاب بنوبة ذعر تتدرج قوتها حسب المسبب... دارت حول نفسها و هي تمنع نفسها من الاختناق... ستختنق وحيدة و لن يهتم أحد لمعرفة ما حدث لها؛ إلا عندما تخرج رائحة العفونة من جسدها... تلك الفكرة زادت من انتفاضات جسدها و الكتلة التي تمنع النفس... بيأس وصلت للنافذة و فتحتها بكل قوتها ليهب الهواء الليلي البارد يضرب وجهها و كأنه يوقظها... الميزة الوحيدة في هذا الفندق هو هذه الاطلالة الخلفية... لا شيء... فراغ... لا مباني لا أشجار لا مرافق لا شيء... فقط أرض قاحلة منسية تمتلئ بالقطط الضالة... و هو بالضبط ما تريده... الرهاب من الأماكن المغلقة يخنقها لدرجة مريعة... لقد اُغلق عليها في مكعب لا تستطيع الا الجلوس فيه ضامة جسدها، لمدة ثلاثة أعوام... لم تحلم يوما أنها سترى السماء، لكن عندما رأتها علمت أنها لن تتوقف أبدا عن النظر إليها...
أغلقت عينيها و هي تفكر بوجع... لقد أفسدت الأمر... نظرات مهاب و صمته و يديه المشدودة على المقود جعلتها تلتزم الصمت، كما تعودت عند أي انفعال رجولي... لم يقدم إلا اعتذار بسيط لا طعم له و لا يعني له أو لها شيء... أخبرها الا تفعل أي شيء إلا عندما يكلمها... هزت رأسها دون كلام و هي تصعد لغرفتها... أقفلت الباب مرتين و هي تتمنى لو تبكي و ترتاح لكنه شبه مستحيل... لم تبكي إلا مع ابنة أختها و لأجلها...
الفهم أخيرا ألقى ما لديه لها...
لقد عادت وحدها... عادت للصفر... حتى لو سمحت لمهاب أن يستخدمها لتأديب زوجته أو الانتقام منها او أي شيء آخر، حتى لو فعلت ذلك فقد انتهى الأمر... غضب مهاب الصامت لأجل لين أعلمها بالضبط ما هي مكانتها...
دون دعوة أو تحضير برزت في مخيلتها فجأة صورة لين و هي منهارة من سخريتها من ادمانها... كانت مثلها يائسة بائسة... نظراتها لزوجها صراخها عليها كله صرخة عالية بالوجع بداخلها...
لكم تتمنى لو تكون قوية مثلها و تصرخ بدلا من أن تخنق الوجع في صدرها... حتى الأنين حرمت منه!
حاولت أن تكون قوية عليها... حاولت أن تهين بحقارة امرأة ظنت أنها بلا وعي؛ لتنفس بها بعض من الكبت بداخلها... و الآن فهمت السبب... كانت تكرهها... نعم تكرهها قبل ان تراها... تكره أنها تمتلك كل شيء و فقدته بجنون لأجل المخدر... تكره أنها مدللة و لم تهتم لأحد... تكره أن لها أخ و تركته لأجل حب فشل هو الآخر... تكره أن لها زوج يبتسم عندما يذكر اسمها و تشرق عينه دون أن يدرك و هو يقتصر الحديث منها... تكره أن لها طفلة حتى لو لم تكن من رحمها لكنها لها، تكره أنها لم ترى ما رأته و لم تعش ما عاشته رغم كل المفاسد التي قامت بها...
تكره أنها برضاها و بعبثية مخزية فقدت كل ما تحلم أن تستعيد واحد من ألف منه!
تكره أنها لو ماتت فسيبك لأجلها الكثير... لكن هي... من هي أصلا؟!
كانت راضية... رضيت بكل شيء عندما وجدت ابنة اختها و أيقظت فيها بعض الحياة. كانت راضية و تستطيع أن تقسم على ذلك... لكن بدلا من أن تستقر حياتها، اختفت تلك...
و كل ذلك الغضب الأسود أخرجته في لين الصانع...
ربما لم تصرخ أو تتوعد لكنها تصرفت بحقارة و قذارة...
شعرت بالاختناق مرة أخرى؛ لتفتح عينيها و تحاول أن تتنفس الهواء الطلق من النافذة دون أن تهتم بدرجة برودته...
تستحق كل كلمة قالتها بل تستحق أن تطرد من بيتها من هي لتقارن نفسها بفتاة طاهرة كلين... على الأقل هي تزوجت شرعا، او عرفا، على الأقل تزوجت، ليست مثلها قد لمستها آلاف الأيادي بكل انتهاك و اغتصاب و حقارة...
عادت تغلق عينيها بقوة و كأنها تمنع الصور من النهوض للحياة في خلفية عقلها... التنفس السريع يكاد يخنقها لذلك عمدت لنصائح الطبيبة النفسية و هي تحاول أخد انفاس طويلة و حبسها في صدرها حتى ترتاح قليلا ثم تنفثها ببطء...
أخيرا فتحت عينيها و هي تبتسم للفراغ... هي ورقة محروقة و مع ذلك ما زالت تجبن... و للحق هي لا تعلم لم؟...
هي ميتة و لا تهتم...
لذلك كان أكبر غباء أن تدخل مهاب في ورطتها...
الأمر بسيط جدا بحروف كلمة عائلة...
ابنة أختها في الوطن...
و لن يعيدها سواها!
***
لقد جنت بكل تأكيد فعلت... زوجته المجنونة جنت أكثر من اللازم و وجب عليه كالمسؤول الأول عنها أن يرسلها لمصحة عقليه...
"يجب ان تجد أيمن ابن عمي و تصلح ما أفسدته... يجب أن تعيد لي أسرتي كما كانت... يجب أن تثق بي و بانتمائي لك... عدا ذلك فوفر كل تعبك فلن يتغير رأي!"
حقا؟؟
هل امرأة بكامل قواها العقلية تطلب من زوجها ذلك... غريمه المتيم بزوجته أن يعود للتواصل الطبيعي معهم...
يا لها من نكتة، و يا لها من نكتة سخيفة مملة، لا شيء مضحك بها!
الكارثة الأخرى و التي منعته من خنقها -بعدما تركته وحده في المجلس يستمتع بالحريق من قنبلتها- هو الاعتراف المجنون الذي منحته له زوجة عمها و هي تطلب منه أن يتحملها و يتحمل دلالها، فهو يعلم كيف يكون وحم هدى في الأشهر الأولى...
وحم؟؟
الوحم لا يأت من تناول الدجاج بالكاري في الليل...
الوحم يأت من حمل..
حمل؟؟
هل لهذه الدرجة هو مغفل حتى لا يرى في تقلب هدى الوا ضح دلالات مرت عليه قديما في أول حملها...
يعود له رشده و هو يحسب بعقلية رجل خبير متزوج أنها ستكون حامل بالشهر الثالث أو الرابع تبعا لعلاقتهم المذهلة، و لا يمكن أن تكتشف أنها حامل تتوحم بعد ليلة مرت منذ ثلاثة أسابيع...
بلى يمكن... الأمر ليس صعب أو مستحيل كما قرأ عن الأمر قبل لحظات على الشبكة. من الممكن جدا أن تكون حامل، و من الممكن جدا أن يحدث هذا رغم تناولها الحبوب.
رغما عنه ابتسم بفخر و رضا من حملها... لقد فعلت ما أراده و هو فعلا راضي...
صحيح أنه أحمق ليرضى، و زواجه على شفا جرف هار، لكنه راض... بل سعيد...
لقد زرع رغما عنها بذرة في جسدها و موقن أنها ستنبت عناقيد ستوصلهما اكثر و أكثر...
فقط سيغير استراتيجيته و يحاول أن....... قبل أن يفكر بما سيحاوله نهض للنافة الضخمة خاصته و أخذ يفكر بطلبها للمرة الألف...
الطلب الفاقد لكل أنواع العقل... ربما لو الأخ متربط أو متزوج أو أية كارثة لفكر بأن يتنازل لكن أن يكون عازب ينتظر دمار زواجه، إذن هو لن يكون بقرون يركبها برأسه لأجل هذه الزوجة الحمقاء!
أخذ نفس عميق يحاول أن يهدأ...
حسنا... سيعزوا طلبها المجنون للحمل،
و سيؤول تلك الرغبة للوحم الأحمق،
و سيصبر للشهرين المقبلين،
ثم سيعيدها لبيته حتى لو اختطفها...
الأمر كما ترون ليس صعب!
إلا أنه لن يتركها فرصة سهلة للآخر... فها هي بكل تأكيد غارقة بالورود التي يرسلها لها، و راعى بذكاء ان يختار زهور برائحة خفيفة أو معدومة تلائم وحمها المجنون...
ابتسم و هو يرى الطرد الذي وصله أخيرا من دار مزادات عالمية بإنجلترا... نسخة أولى من ديوان شعري لكيتس شاعر زوجته المفضل... تظن أنه لا يهتم بها أو بعملها، و سيثبت لها أنها مخطئة و أنه يعلم الكثير عن انجازاتها و لو كان ذلك متأخر... و أنه فخور بها و بتقدمها فيه...
سيكون سببا لجعلها تنسى و ترضى و تطبب جروحها... سيجعلها تهدأ و تفكر بعقلانية بحته و تعرف الصواب الواضح...
وجود ابن العم بينهما ليس لصالحهما. و رغم أنه سيعطيها بعض المساحة، إلا أنه سيظل في الصورة دوما، خلال زيارته لابنه و أخذه ليقضي عنده بعض الوقت و اتصالات متكررة معها يسألها عن صحتها و رغباتها و ما تحتاج له... يختم ذلك بطلب العودة و ترد بأن ينفذ شرطها...
تنهد مرة أخرى و هو يصبر نفسه، سينتهي الأمر عند حد ما، لأنه لا يريد حقا أن ينفجر بزوجته أو أهلها انفجار لا يحتمل!
على الطرف الآخر كانت هدى تحن كلما وصلتها باقة ورد جميلة... كلما انتهت المكالمة معه، مفكرة أنه كما يقول ربما كانا يتحدثان وجها لوجه الآن...
هي امرأة بسيطة برغبات بسيطة، و لذلك لن تتنازل رغم الاغراءات المثيرة لتفعل...
لكنها تريد أن يستمر أيمن بحياته... تريده أن يراها سعيدة مع زوج يثق بها كفاية لدرجة أن يصافح منافسه الغير ثابت...
تريد الثقة و الهدوء و الراحة...
هل هي راضية عن أيمن و حاله؟؟... كلا، اقامتها في بيت عمها جعلتها ترى كم هي أنانية في أن تستقر و لو بشكل مذبذب بينما ابنهم يتوه في علاقات غير مكتملة أو مرضية...
لذلك دوائه هو أن يراها مستقرة سعيدة، و لا امل له البتة معها... ربما بعدها سييأس منها و سيبحث بجد عن شريكة ملائمة له...
ببساطة لا تريد أن تشعر بالخيانة لزوجها كلما سلمت عليه أو ضحكت على دعابة منه، أو تذكرا سويا ذكريات قديمة... ذلك الشعور مقزز وقد اختبرته، و لن تسمح لعلاء أن يهديها إياه برفضه لابن عمها...
نعم هي تريد هذا لأجل ابن عمها و الأكثر عمها و زوجته، و بالأكثر لنفسها!
تعود لعلاء فتفكر بتوتر كم أن حبل الكذب طويل و يلتف حول جميع الأعناق بارتخاء و عندما يُشد سيخنق أكثر من روح!
كذبة بسيطة لتطمئن ابن العم، انطلت على العم و زوجته، ثم انطلت على الزوج...
يا الله لأول مرة تتمنى لو كانت بحق حامل!... الآن ماذا تفعل، و علاء يطلب مواعيد ذهابها للعيادة و أنه سيكون معها و سيقف جوارها رغما عنها... يسألها عن تحاليل دمها و ضغطها و سكرها و اللذان بكل تأكيد احترقا مع التوتر الذي تعيشه... يعطيها بدائل نباتية للحوم و البيض و الحليب و اللذين تحرمهم على نفسها طوال حملها... الرجل فعلا بحث لأجل هذه الكذبة الظريفة!
تنهدت بتعب... يجب أن تحل هذه المشكلة على الأقل مع أهلها، فلن تجعلهم يعانون وجع فقد جنين لم يكن أصلا!
و بعزم توجهت لعمها لتطرق الباب على غرفة مكتبه التي يفضل قضاء الكثير من الوقت فيها...
طلبت من زوجة عمها أن تحضر الاجتماع و حمدت الله أن يزن عند والده، و قد كان أكثر المتحمسين لمجيء أخ له...
لذلك بتوتر و خزي قررت أن تبدأ بسرد الحقيقة لأول طرف، بعدها ستخبر علاء و ستنهي الأمر بلا خسائر...
***

يتبع.............................

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 06:00 PM   #1398

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

تمنت لو سافرا بالطائرة الشاسعة الضخمة الكبيرة و التي بها مقاعد متباعدة و مائدة طعام و أخرى لاجتماعاتهم العاجلة، و في الداخل غرفة نوم كاملة... الطائرة التي لن تكون بها حميمية السفر المشترك بالسيارة، كما هما ينطلقان معا بواحدة كبيرة لزيارة والده.
السيارة التي تعيد لها ذكريات لا تريد تذكرها، و نظرات لا تريد أن تفكر بها، و أحلام لا تريد أن تستعيدها...
السيارة التي تشعل فيها حنين أحمق و شوق غبي و الكثير من الآمال التي لا تريد أن تأمل بها...
لم سيارة يا أغيد، لم سيارة؟؟
"الطريق ليست بعيدة ربما ساعة و نصف كما أن الريف و الهواء الطلق قد يفيد في شحن نفسياتنا..."
الله على الابداع و الذكاء...
فربما ستصدق لو كانت تلك الحديقة -الأشبه بمنتزه مفتوح- حول إقطاعيته المسماة بيت؛ مهجورة مذلولة الشجر، لكنها كانت تغازل الربيع بشجر بدأ يخضر و ثلج يذوب... حديقة مليئة بالهواء الطلق يتاخمها بركة طبيعية علمت متأخرة أنها أيضا ملك له... أن ترى شخص يمتلك بركة كتخيلها لشخص اشترى رقعة من السماء... الثراء مرعب يا قوم!
فكرت و عقلها يرحب بالشرود بدلا من التفكير بأشياء أخرى تحدث بالسيارات، فكرت أنها قد قررت أن تستغل أوقات فراغها في العبث في ممتلكات زوجها الضخمة و كأنها الوريثة المفقودة بالأفلام و كل طلباتها منفذة...
لذلك -و هي تعلم أن حولها ألف حارس، استكشفت الممتلكات و الحدائق المعتنى بها و المستنبتات الزجاجية. أحيانا تتفحص القصر بطوابقه الأربعة، و التي معظمها كشقق منفصلة، و لم تفكر أبدا أن تنزل للقبو، رغم أن مخيلتها ترسم لها حائط عالي خشبي ممتلئ بالخمور، فهذا ما سيلائم مخيلتها عن المكان، عالمةً أنه مستحيل من التزام أغيد الديني و حفاظه على الصلاة و صيامه للنوافل، و امتناعه عن المسكرات و المحرمات بشكل عام. هذا علمته قديما حينما كانت صديقته ثم خطيبته، ثم توقف العلم عندما باتت خطيبته المنبوذة، و زوجته المهجورة حتى تنتهي المصائب التي جاءت بها له!
مخيلة أخرى أن ترى مكان للتعذيب يلائم افلام الرعب التي تهواها ميار... و الأكثر منطقية أن تجد جون ترقد براحة بينما ترسل اشعاعات ضارة للأعلى لها و لزوجها...
حسنا... فلتترك مخيلتها العالية و لتستمتع بالفوق، و هي تفكر أنه ربما –رغم اضافته لتصميم كل البيوت الأمريكية- لا يكون هنالك من الأصل قبو هي شغلت عقلها به...
و هكذا لعبت دور المدللة بامتياز، ليس سقوطا بالإغراء، لكن محاولة أن تقنع نفسها أنها هنا في بلد أجنبي وحدها، لا أحد معها...
تترك الوجع و الوحدة و تتآخى مع الطبيعة الباردة و البراعم الطرية، و الثلوج النصف ذائبة، و تفكر بمعضلة عملها. أحيانا ينحرف تفكيرها للرجل الكبير كما يطلق عليه أغيد... الرجل الذي أخبرها أنه صخرته الثابتة دون كلام... أحيانا الأهمية لا يجب أن تدعم بالحروف، و الحب يبتذل إن اعترف به بين المحبين!
في الحقيقة توترها الشديد كان مصدره من تأثيرات ماغي الغير محبوبة... المرأة التي رأتها لمرة واحدة في حفل زواجها، و أعطتها بلا جهد ذلك الانطباع بأنها غير مرحب بها، لكنها نسيتها عندما حصلت على يقين من زوجها، أنه هو الذي لا يرحب بها...
حسنا هي الآن ستكافح لتجد القبول عند الرجل المسن... يوجد عند الفتيات اللواتي تيتمن مبكرا شغف بالرجال كبيري السن... لربما كانت ستوافق على الزواج من أي رجل لو والده أحبها كابنته و عوضها عن اليتم و بشاعته!
تثاءبت بقوة و هي تتمنى ألا تبذل تلك الماجي الكثير من الجهد لتفسد العلاقة التي لم تحدث بعد بينها و بين حماها...
استمرت بالتثاؤب بينما هي تقاوم النعاس و تنظر للريف الجميل... الهواء الطلق و النوافذ مغلقة؟؟
عادت تفكر... لربما هي فقط حساسة في وضع حساس و لربما ماجي امرأة جيدة و مديرها السابق جيد و أغيد يحبها و جون ماتت و ارتاحت منها و........ انتهت الطاقة عندها و هي تفقد الادراك بالنوم على مقعدها الجلدي المريح و اهتزازت لا تكاد تشعر بها في السيارة الضخمة...
كم مر من الوقت عليها نائمة... بكل تأكيد كل الساعة و النصف، لتستيقظ على تربيت خفيف على كتفها... حاولت دفع اليد التي تبذل كل جهدها أن توقظها، و قد دعمت بنداء هادئ...
"لبنى استيقظي... لقد وصلنا..."
لم تنهض بالبدء ثم انتبهت لوسادتها الغير مريحة و التي التصق بها خدها... ثوان أخرى منحها لها بكرم لتعتدل ببطء من رقادها العجيب. لم تكن ككل فتيات الأفلام، راقدة على كتف حبيبها الذي يحيط خصرها بشاعرية... أبدا فلبنى مبتكرة في تكورها الجنيني على الكرسي كله و رأسها يستريح على فخذه الصلبة!
دون أن تشعر بغرابة وضعها اعتدلت و هي تفرك عينيها بارهاق، ثم دارت بعينيها في المكان بعقدة حاجبين مستطلعة لتسقط عينيها على الرجل الجالس في طرف المقعد، لتنزل عينيها لفخذه الذي كانت مستلقية عليها، مرورا بأريكة السيارة لتصل مرة أخر لنقطة البداية من جسدها...
الآن فهمت النومة المريحة التي نالتها و كيف كانت هنالك يد تربت بهدوء على كتفها و تمسح على رأسها و......... يا إلهي ألن تتوقف عن الابداع!!
كعادتها دفنت وجهها بين يديها و هي تتمنى لو تفعل شيء واحد بشكل صائب... صنعت فرجة بين أصابعها لتنظر خلسة لفخذه لتحمد الله أن لا بقعة لعاب هنالك على السروال... على الأقل فضيحة واحدة تكفيها!
انتفضت بقوة على صوته الهادئ المتباعد...
"حاولي قدر المستطاع أن ترتبي نفسك قبل أن نصل!"
و كأن الفهم نزل على رأسها كصاعقة لتدرك الوضع بالكامل...
يا للهول...
لقد كانت نائمة على فخذه طوال الوقت...
يا للهول كانت مبالغة فالمرعب الآن حقا منظرها بكل تأكيد بعينيها الملائمة لدور الزومبي و الخطوط التي رسمتها تجاعيد سرواله على خذها، و... و بعدما تصبح كائن طبيعي يمكنها ان تقول يا للهول على الغباء المقذع الذي نزل عليها...
أخذت نفس عميق و هي تقرر ان تتعامل مع الأمر و كأنه عادي... ليس لأنه عادي، بل لأن الكلام لن يزيدها إلا حرجا و هو سينهيه لصالحه بكل الأحوال، لذلك لم تتحدث و هي تنتظر منه أن يعلق تعليق من تعليقاته الفجة، إلا انها فوجئت به يمد لها زجاجة ماء صغيرة مع منشفة صغيرة تكاد تكون منديلا و هو ينظر لوجهها بإشارة واضحة... حسنا... لقد رأى الأسوأ فلم تقلق... فكت حجابها الذي تحول لنكرة، ثم بللت طرف المنشفة و بدأت تمسح وجهها و عينيها المليئة بالقذى من النوم... لم تهتم حقا للرجل الذي يدقق بكل تأكيد بسكناتها... لا يهم...
"انتبهي حتى لا أسرق دبوسا آخر من دبابيسك إن اقترب لوجنتك!"
لم تفهم ما يقصده عندما رآها تفك الدبابيس من حجابها، ما الذي يعنيه بهذا؟؟
هل يريدها أن تترك الحجاب مرتخي كتلك الموضة التي تُحَدِّثُ الحجاب لمراحل لا تريد أن تعرفها...
لكنها طبعا و كما هو معتاد مع أغيد تركت كلماته تمر و هي أصلا ليست بكامل تركيزها و عقلها يتأرجح بين النوم و اليقظة...
مرآة لا تدري لم موجدة بالسيارة ظهرت لترتب حجابها بالشكل النهائي، و تبدو جيدة المنظر رغم حصولها على سمة خلو البال من النوم...
و هكذا باتت جاهزة لتقابل حماها المرح و زوجته الشريرة...
***
تجلس جوار رجل مسن لا مثيل له بالعالم... رجل و الأبوة مترادفان... منذ أن تلقاها على الباب، و بدلا من سلام بارد مثل زوجته الشريرة فوجئت به يسقط عكازه ويفتح يديه على وسعهما باحتضان قوي كاد أن يرفعها عن الأرض ، لتقول بتلقائية...
"لابد أنك كنت ظهير رباعي في الثانوية!"
ثوان صمت ثم انفجر ضاحكا بمرح دون أن يتخلى عن احتضانها...
"ابنتي الغالية الوحيدة... لقد سقطت عليّ من السماء!"
ردد الرجل الكبير قبل أن يحتضنها بقوة أكثر...
"أبي يعشق كرة القدم لدرجة أنه يصر على عدم تغيير هدية عيد ميلاده!"
"أوه نعم تذاكر السوبر بول... لكنني لم أحضر الأخيرة... رغم أنني شاهدتها ببث حي و مباشر، هاذان الطاغيتان أجبراني أن أبقى في المشفى"
تأبطت ذراعه فورا لتقوده للجلوس على مقعده المريح مع منظر مثير للضحك جدا من الخلف حيث أن رأسها يصل لإبطه بالضبط...
"لقد أخبرني أغيد بإصابتك... يا إلهي لقد قلقت عليك كثيرا... يجب أن تكون أشد حذرا!"
لوح بيده بلا اهتمام...
"أرجوك... لقد ظننت أن البيت سيضاف إليه عنصر مرح لا مثل هاذين الاثنين..."
ضاقت عينيها بعدما جلست جواره على الأريكة بطريقة تآمريه و هي تقول...
"أنا أيضا أريد أن أتحالف معك عمي... فهذان الاثنان يظنان أنهما بقدراتها سيغلباننا..."
"عمي؟؟ لبنى هنا لا نقول عمي... يمكنك أن تناديني آدم!"
لو أمرها ان تشركه بالاستعاذة مع الشيطان الرجيم لما انتفضت بهذه القوة... هزت راسها أكثر من مرة نافية...
"لا يصح... أبدا لا يصح... أنت بمكانة والدي رحمه الله... بالكاد أنادي محسن بمحسن... فكيف تريدني أن أناديك باسمك.. هذا فقط....."
و هزت راسها اكثر بنفي مستبعد...
"فقط لا يجوز!"
الصمت بعد كلماتها ملئ بضحك منفجر جعلها تشعر ببشرتها تتورد بضيق شديد، لولا أن الرجل حضنها أكثر من كتفيها باعتزاز....
"الآن فهمت كيف فتنت بها أيها الخبيث!"
التورد ببشرتها تحول لحمرة مشتعلة، بينما تختلس النظر للخبيث الذي يجلس جوار ماجي بحلف مضاد لهما...
"ليس لأجل ذلك فقط... فلبنى ستفاجئك حقا بما تحويه داخلها من عادات و تقاليد تذكرك بوالدك رحمه الله".
ظلت صامتة و الضيق المعتاد من نظرات ماجي المسلطة عليها يكاد يعريها بالكامل... ماذا تريد منها هذه المرأة؟
استمرت الجلسة المرحة في الحديقة الباردة و بعدما وقف الرجلان يشعلا النار في الشواية و يرصا الأنواع عليها و حديثهما ودود جدا... ابتسمت بهناء و هي ترى ماجي الأخرى مشغولة بشيء ما و كأنها تتجنبها لتبقى بعيدا تجلس كخيال مخفي لا يفيد...
و بعد الحاح شديد عاد لها الرجل المسن و ترك ماجي مع زوجها يقلبا اللحوم على النار...
"الآن أيتها الفتاة الأصيلة... حدثيني عن نفسك..."
ابتسمت و هي تخبره بلا تقنين عن بيتهم عن اختيها الاثنتين و عن أمها الهادئة التي تحب أن يوجد حولها ذكر قائد دوما، و إلا اختل ميزانها...
أخيرا تحدثت عن محسن و محبتها الشديدة له و اعتزازها به...
ابتسمت و هي تذكر له أسماء أطباق شعبية شغف بها و تمنى لو يأكلها... لتجد نفسها تعده أن تعد له ما يشاء خلال هذه الزيارة...
و هو من ناحية أخرى بدأ يحدثها عن أغيد... لا تدري لم أغيد الذي يتحدث عنه الرجل يختلف عن أغيد الذي تزوجته... هل هو كالعملة له وجهين وجه لها و وجه لهم... أم هي لم ترتقي بعد لتراه بالكامل... لا زالت تتذكر أنها كبير عليها... دوما كبير...
نظرت إليه بشرود. يرتدي كنزة بلون الرمل و سروال أسود جينز ملائم لها و حذاء رياضي مريح بينما يتحدث مع ماجي بانطلاق...
"لم أر أغيد يبغي الاستقرار إلا الآن... حتى عندما جاء بجينفر هنا كخطيبته لم أتوقع لهما ان يستمرا..."
الشرود قطع فورا مع كلمة جينفر... هل له اكثر من امرأة؟!
"جينفر هي جون كما تحب أن نناديها... أظن أنها مريضة أو شيء كهذا كما أخبرني أغيد... لم تكن الفتاة مستقرة... كانت بحاجة دوما لاهتمامه الشديد بها، دوما تشعره بالتقصير الشديد لأجل أشياء لا أفهم كيف يلوم نفسه لأجلها... ربما هو يظن أنه العبقري الوحيد لظنه لما هو آت، لكنني لم أر لهما مستقبل لهما معا... ببساطة لم تكن قادرة أن تسعده، أو حتى تسعد نفسها..."
الآن توسع أذناها لتلتقطا كل كلمة من الرجل... لا مجال للشرود!
"إذن لم وافقت على زواجه منها؟"
سألت أخيرا و هي مازالت تتدقق بمنظره و هو يضحك تلك الضحكة النصف صادقة على شيء قالته ماجي... المرة الوحيدة التي ضحك بها من قلبه معها يوم أخبرها أنها من كوكبة الدجاجة و هو من المريخ... اللعنة لقد شردت و فاتها الشرح المهم عن تلك الجون!
"..... و هكذا، ترين أنني لا أمتلك السلطة الكاملة لأمنعه!"
عقدت حاجبيها و هي ترفع رأسها لأعلى لتنظر للرجل...
"لكنك والده... يجب على الابن سماع كلام الأب!"
ابتسم ابتسامة هادئة، قبل أن يقول...
"هذا في عالم آخر... الآن نحن نقدم المشورة، و على الابن الاختيار إن كان سيفعلها ام لا".
مطت شفتيها و هي تقول بلا رضا...
"لا أظن أن ذلك يعجبني... بالنسبة لي الأب كائن مقدس أنافس نفسي في ارضائه!"
ابتسم الرجل بمحبة... لقد احب تلك الطفلة الساذجة و التي تظن أنها ستلعب مع الكبار بقوة... دون أن تعلم أن نقطة تفوقها هي سذاجتها!
"كما يقال اختلاف ثقافات!"
كانت قد مدت يدها لتشرب كوب عصير البرتقال الطازج عندما اكمل الرجل...
"و سأرى بكل الأحوال كيف ستتعاملين مع طفلك قريبا!"
ليخرج ذلك الصوت بووووووووووش و هي تشرق بالعصير و تبدأ بالسعال و العصير يخرج من أنفها و فمها بمنظر مهين...
"ابنتي هل أنت بخير؟؟"
"لبنى ما الذي حدث؟؟"
سؤالان الأول من المفتي الكبير الجالس جوارها و قد تفاجأ بالفعلة السوداء تلك، و الثانية من أغيد الذي قفز كبطل إغريقي ليحمي حبيبته من العصير و الاغتصاص به!
أخيرا استطاعت أن تلتقط أنفاسها و هي تتناول منديلا لتمسح الكارثة التي حدثت لها...
"لا شيء، فقط شرقت بالعصير... لا شيء مهم، أنا آسفة فعلا... هل يمكن أن أذهب للحمام لأغسل وجهي..."
"أوه طبعا... خذها أغيد للحمام ريثما أقف بدلا منك مع ماجي... لست ذلك العجوز العاجز عن الشواء كما تظن!"
سارت مع أغيد للحمام، لكنه لم يخرج بل أسند كتفه على أطار الباب، يتأملها و هي تفك حجابها للمرة الألف لتغسل وجهها و بأسى تأملت الحجاب الذي امتلأ بالبقع..
"ما الذي أخبرك به والدي عنه لتفجري بهذه التفاعلات الغير محسوبة!"
ابتلعت ريقها و هي تفكر لو كان زوجها طبيعي لطلبت منه أن يأتها بحقيبتها الصغيرة لتبدل الحجاب... أما الآن فهي مجرمة تستجوب فقط...
"خذي!"
صدمت منه و هو يناولها الحقيبة... هذا الرجل فعلا صندوق مفاجآت!
"و الآن... أخبريني، كيف صدمك والدي؟"
ضمت شفتيها بتوتر قبل أن تقول...
"لقد تحدث عن أبنائـ...ـنا، أنا و أنت... فقط صدمت من سلاسة حديثه و كأنه أمر مسلم به!"
أغلق عينيه بحلم مع نفس عميق...
"حاولي أن تتمالكي نفسك المرة المقبلة... لا أريد لأبي أن يشك بشيء!"
توقفت يدها التي تدير الحجاب الجديد حول رأسها و هي تترك النظر لنفسها لتنظر إليه...
"حاضر... أوامر أخرى!"
"نعم... أخبرتك أن تلتصقي بوالدي، لكن لا تلتحمي معه... لا أريده أن يتعلق بك بهذه القوة".
ضمت شفتيها بغضب أشد، ثم رفعت حاجبا متحديا...
"جيد... سأخرج و أخبره بالحقيقة، و لنرى ما وجهة نظره... لحظة لا تقل... لو آذيت والدي لبنى بحرف واحد فسوف ترين التطرف الحقيقي!"
لم يبتسم و هي تقلده في آخر جمله، بينما هي تأخذ نفس قصير قبل أن تلتفت إليه بالكامل...
"شكرا على المساعدة أغيد... لكنني أريد بعض الخصوصية في الحمام!"
ابتسم تلك الابتسامة التي تتبادلها السحالي و الأفاعي...
"هل تعلمين... ماجي أمريكية، و بدأت تشك في علاقتنا... قبل قليل استغربت أنني أتركك ملتصقة بوالدي بينما أغازل المشواة!"
الآن نبض قلبها تصاعد و هي تتراجع خطوة بعيدا عنه...
"لقد اتفقنا أنه لا يوجد عندنا و عندكم... أنت قلت لا شيء من هذا سيحدث... أنت قلت لي ذلك!"
ابتسم تلك الابتسامة الذئبية التي سوف تصيبها بأزمة قلبية...
"هذه ليست المشكلة الوحيدة... لكن كل شيء في وقته... على العموم لم ترتدين حجاب في البيت... أنت تعلمين أن والدي محرم دائم لك!"
عقدت حاجبيها و هي تفكر بكلماته السابقة و اللاحقة، ثم ببطء أعادت فك الحجاب مدركة صواب كلماته...
حدق بها و هي ترتدي فستان بتنورة واسعة غجرية لونه أسود و عليه الكثير من الورود الصغيرة بألوان مختلفة، و قد ارتدت معه مكملات الزينة الملائمة... حذائها الأبيض كان مريح و مرتفع بكعب مسطح ليسهل حركتها...
"لو سمحت هل يمكنك أن تخرج، أريد أن استعمل الحمام".
ابتسم بهدوء و هو يدخل الحمام ليتناول حجابها الملقى على رخامة المغسلة...
"سأطلب من ماجي أن تغسله، و سأنتظرك لنعود سويا كزوجين محبين!"
هزت رأسها بموافقة المهم اخرج من هنا، نظرت بداخل الحقيبة يوجد مشط و كحل و احمر شفاه... يمكنها أن ترتب نفسها و.... و فوجئت به يقترب منها و عينه في عينيها، بينما يهمس بخبث...
"هل تعلمين ما يفكر بها الزوجان بالخارج... ربما كنا صنعنا طفلا في هذه الثلث ساعة التي قررت فيها أن تغسلي وجهك من العصير!"
لم تفهم ما قاله إلا بعدما خرج و أغلق الباب خلفه!
ظلت واقفة بغضب من قلة حيائه ثم ألقت دبوس على الباب خلفه بغيظ و هي تتمنى لو تفقأ عينه ذلك قليل الأدب و الحياء!
***
كانت جلسة هانئة و جميلة حقا... استمتعت بتناول الطعام المتبل الطري و قد شعرت بشيء في قلبها أن زوجها علم أنها لا تحب النقانق أو اللحوم الحمراء بشكل عام، لتجد بعض أفخاذ الدجاج المشوية أمام طبقها... ذلك الاهتمام منه جعلها تشعر بشوق لأهلها الذين دوما يدللونها بالطعام أملا بأن يزداد وزنها... بعد الوجبة صعد آدم ليرتاح، و قد أمر ابنه أن يأخذها كما هو معتاد عندهم في نزهة حول المكان... لشد ما يختلف أن تذهب مع سيمون، و أغيد، فالرجل كان يتحدث عن الأمور بطريقة مختلفة... طريقة تجعلها تفكر بمشاعر تلك الشجرة و ألم ذلك الاسفلت و......
أخذ يحدثها عن الضاحية التي تكاد أن تكون عربية و قد لاحظت أن يافطات الاعلانات مكتوبة باللغتين و كل بلد تعرض ما لديها... أحبت المكان، و أكملت النزهة معه رغم البرودة الشديدة التي تكاد تخترق طبقات المعطف و الوشاح و الحجاب المضاعف...
المهم تنزها إلى أن مالت الشمس للعصر، ليتفاجئا برذاذ المطر الذي بدأ يتساقط حولهم محولا الاسفلت للون أسود... رغم أنها تمنت أن يستمرا بالسير تحت المطر كأغنية ماجدة الرومي، إلا أنها اطاعته عندما جذبها لمقهى راقي و حمدت ربها أنه يوجد أكثر من رأس محجبة هنالك...
خلعت معطفها الثقيل و هي ترتاح في دفء المكان... سمعته يقول بعدما استقرا جالسين حول منضدة أنيقة خشبية...
"هنا ستشربين ألذ كوب كاكاو بالمارشملو..."
عقدت حاجبيها و هي تسأل...
"المارشملو؟؟ الحلوى اللينة تلك التي أعد منها عجينة السكر أحيانا!"
عقد الآخر حاجبيه دون فهم، لتقول و قد شعرت بالانتصار أنها تعرف ما لا يعرف...
"عجينة السكر تلك التي أزين بها الكعك... أعلم أنك رأيتني في المطبخ أزين الكعك أكثر من مرة..."
ابتسم نصف ابتسامة و هو يقول...
"إذن هذا هو فنك..."
أومأت و هي تقول ببعض الحماس...
"قل الصدق... هل كنت ستعرف هذا الفن؟؟"
مالت رأسه قبل أن يرد...
"الصدق، كلا... لم يخطر ببالي أنه فن من الأصل!"
هزت رأسها بغير رضا...
"إنه فن أحلى من النحت و الرسم... يمكنني أن أرسم لوحة كاملة على الكعكة بألوان صالحة للأكل... لكن الذكور طبعا يفكرون بشكل شوفيني أمام أي ابداع كان... لو أنت الذي تجيد التزين لوجب علي أن أنبهر!"
رفع حاجبيه و هو يتراجع بظهره على كرسيه...
"على مهلك سيدتي... فقط كنت أبدي ملاحظة!"
"بالنسبة لمدير عالمي تلك الملاحظة مهينة!"
"هيا لبنى، أنت تعلمين أنني لم أكن أعرف أصلا أن تزين الكعك يعد فن... لقد ظننت ان الآلة أخذت مكان الانسان في كل شيء يتعلق بهذا الأمر".
لثوان ظلت تنظر إليه ثم قررت أن تسكت و تتجاهله... هكذا فقط!
الجدال معه مضيعة الأعصاب و الوقت...
و قد دعم قرارها بالكوب الضخم الملائم للبحارة و الذي وضع أمامها و جوره بسكويت بينما هو أخذ القهوة السوداء فقط...
"هل هو لذيذ؟؟"
سألها و هو ينظر إليها لتمط شفتيها بقوة كأنها تبتسم...
"لم أتذوقه بعد... سأنتظر حتى يبرد قليلا!"
لوح بيده بقلة حيلة و هو يقول...
"لا أتخيل أن أشرب أي شيء أقل من درجة الغليان... أشعر أنه يفقد مذاقه بالبرودة!"
"لذلك خلق الله الناس بميول مختلفة و أذواق مختلفة... بعض الناس تحب أن تشرب صودا كاوية، و بعضهم يحب أن يشرب الماء... تصور!"
"يبدو أن السيدة مازالت متضايقة لتقليلي من احترام فن تزين الكعك... لكن صـ........"
"انظر!"
التفت ليدها التي تشير خلسة للمائدة المجاورة لهم...
"هذا الطبق مرتب و أنيق و حوافة نظيفة... تخيل أن يقدم بفوضى البطاطس مخلوطة مع الصلصة و الصلصة لا تغطي اللحم جيدا و تناثرت بكل عشوائية على حواف الطبق، هل كنت ستتقبل أن تأكل طبق مرتب أنيق مزين بالخس و الطماطم أم طبق كله فوق بعضه باعتبار أنه سيختلط بالنهاية في المعدة... رجل مثلك طاف كل مطاعم العالم... صدقا هل ستتحمل أن يقدم لك طبق كما أسلفت!"
حك ذقنه لثوان، قبل أن يقر بصحة رأيها...
"معك حق... فعلا التزيين مهم... ربما لأنني لا آكل الحلويات على الاطلاق فلا أهتم لهذا الأمر... المهم أنهي كوبك لدي مفاجأة لك لو توقف المطر..."
"مفاجأة؟؟ هل هي سارة أم........"
هز رأسه و هو ينظر حوله باسترخاء...
"أحسني الظن لبنى!"
عقدت حاجبيها بلا فهم و هي تتحسس الكوب تختبر درجة حرارته....
"أنت و محسن... كل واحد يقول لي خذي الحذر لا تثقي بأحد، و تحاولا بكل قوتكما ان تثبتا لي أنني غير قادرة على معاجلة مسائل حياتي... ثم عندما اطبق ما تقولانه، أجدكما تهزان رأسيكما بحكمة و تقولا لي بعقلانية، احسني الظن لبنى!"
مرة اخرى تسخر من نبرة صوته، او ربما محسن...
"ربما المشكلة أنك كرجل مصاب بعمى الألوان... لا تفرقين بين حليفك و عدوك!"
"لعلمك... انا أميز الألوان جيدا، و إلا ما كنت ممتازة في فني. و من ناحية أخرى، أمتلك من الغريزة و العقل ما يكفي لأميز حليفي من عدوي... لحظة دعني اكمل... صحيح لا أمتلك ربع خبرتك لكنني لن اظل أعيش بظلك... يوما ما سأمتلك القدرة الكافية لأعلم".
اندلعت موسيقى قديمة تلائم الموشحات الأندلسية لموسيقار معروف نسيت أسمه...
"جميلة... أليس كذلك؟؟"
هزت راسها و هي تبتسم ابتسامة حالمة من جمالها... تكاد تغلق عينيها و هي تتشرب نقائها... أما هو فابتسم و هو يفكر انها تقريبا نسيت ما كانت محتدة لأجله... تلك موهبة قلما يملكها احد... ليس النسيان و لكن صعوبة الحقد... علم أنها لا تستطيع أن تحقد على أحد بسهولة و عندما سألها قديما عن ذلك ردت عليه ببساطة...
"الحقد و الكره كالحب طاقة تتولد منك او تكتسب من غيرك... يجب ان تثابر و تبذل جهدا ضخما ليحدث... لن اكره أو أحقد على شخص إلا لو آذاني حقا..."
انتبه لها و هي تدور بعينها في المكان...
"يوجد كثير من المحجبات هنا..."
هز رأسه بإيجاب و هو يقول..
"نعم... الجالية الاسلامية في ديربورن هي الأكبر، حيث يوجد الكثير من المساجد و المدارس و المتاجر العربية..."
"هذا فعلا لذيذ!"
أخيرا تذوقت الكوب ببطء و كأنها خبيرة في التذوق، قبل أن تكمل و هي تتأوه بتلذذ مع الرشفة الثانية...
"فعلا، فعلا لذيذ... يجب أن أجعل سام أن يتعلم كيف يعده لي..."
"سام؟؟"
"ألا تعرف سام؟؟ إنه الطاهي الخاص عندك... رجل جدا لطيف علمني الكثير من الحيل في التزيين و أطلعني على أشياء لم أكن أعرفها... أخبرني بالنهاية أنه من الممكن أن يوصي بي عند أصدقائه لأعمل في هذه المهنة الصعبة... يوجد عندي شغف و موهبة بدائية تعوض قلة دراستي للطهو بشكل عام!"
"أرى أنك بدأت تصنعين خطوط أمان و رجعة!"
وضعت الكوب بحرص على المائدة من شدة ثقله...
"على المرء أن يفكر بمستقبله... لو لم أنجح كمهندسة فلربما نجحـ...... أوه أنت لا تقصد ذلك..."
لعقت شفتيها اللتان نالتا بعض الحلاوة من الكاكاو...
"نعم فكرة جيدة... فعلا يحتاج الواحد لخطوط رجعة و أمان... شكرا لأنك نبهتني..."
ثم رفعت الكوب و رشفت رشفة أخرى و هي تحاول ان تستلذ به كما أول رشفات لكنه فقد شيء مهم من مذاقه مع تعكر مزاجها...
أعطاها بعض الوقت إلى أن شعر أنها لن تستطيع أن تشرب اكثر...
"هيا لنغادر..."
و دون أن يشاورها سحب يدها و خرج، لتفاجئهم الأمطار التي تحولت من رذاذ لزخات مستمرة تتساقط بكل قوتها...
لكن و إن ظنت أنه سيغفل عن ذلك فهي واهمة، فها هي السيارة تقف أمامهم و السائق ينزل ليفتح لها الباب و حاجب المقهى يحمل مظلة لأجلها حتى تركب... شعور بالانفصال داهمها من الاهتمام الغير ممكن مدعوم بثروته...
فكرت و هي تدخل بعدما نفضت بضع قطرات عن أنفها و وجنتيها... المطر دوما خير في بلادها، لذلك لا تحب تطير هؤلاء القوم منه، رغم أن الجو هنا مثلج حقا...
الصمت و الدفء بالسيارة و طقطقة المطر على النوافذ محفز قوي لتنام و لا تعلم من قبل أنها تحب أن تنام في السيارات... لكنها كتمت التثاؤب و هي تتمنى لو تفتح النافذة فتضربها بضع قطرات مطر... تذكرت بطفولتها كيف كانت هي و سلام يتنافسون من ستبتل بهذه الطريقة أقل... و كانت هي خبيثة تدفع سلام تجاه النافذة بشكل مفاجئ...
لن تنام لذلك هي بحاجة لتحفيز عقلي، و هل يوجد تحفيز عقلي اكبر من الأخ الجالس جوارها...
"قلت لي أنك حضرت لي مفاجأة... أهي مفاجأة من نوع وردة جميلة يتوسطها دودة مقززة، أم مفاجأة حلوة حقيقية!"
مط شفتيه قبل أن يقول...
"لقد خذلني الجو... كنت سآخذك بنزهة بالدراجة حول المكان..."
عقدت حاجبيها و هي تسأل...
"دراجة عادية من التي يركبها ساعي البريد، أم دراجة بات مان بمحرك؟!"
تنهد و هو يقول عالما ردها...
"ساعي البريد!"
هزت رأسها قبل أن تسأل...
"هل تتسع لاثنان... أذكر أن مقعدها صغير لا يكاد يحتوي راكب واحد..."
"كنا سنأخذ دراجة مزدوجة لو أحببت، أو دراجة لك و دراجة لي!"
ابتسمت و هي تلتفت إليه...
"أنا لا أجيد ركوب الدراجة و لابد أنك تعلم... امممممم و لا تقل أنك تنوي أن تعلمني... و أظن أنني كبرت على هذه الألعاب!"
"ركوب الدراجة أمر جدا ممتع..."
نبرته الدفاعية أسعدتها بقوة... أخيرا تهجم...
"نعم ممتع... لكن لولد بالصف الثاني... لكن و أنت كبير... ظننت أن عندك كهف كباتمان و لديك تلك الدراجة المثيرة!"
"امممممم الدراجة المثيرة... قولي منذ البدء أنت معجبة ببات مان و دراجته..."
هزت كفتها و هي تقول...
"لا يوجد امرأة لا تعجب ببات مان!"
مط شفتيه باستهزاء و هو يقول بسخرية...
"الثروة أم القوة؟؟"
هزت كتفها و هي ترد...
"الازدواجية... لا أعلم يوج به شيء مختلف..."
لم يعلق و حل صمت قصير محفز للنوم، لتعود و تلح دون رغبة بالسكوت...
"هل تعلم؟؟ لم أتوقع أنك تشاهد الأفلام مثلنا... أو حتى تقرأ روايات كبعضنا... أتخيل انك تقضي وقت فراغك بالتدريب العقلي على التخطيط و السيطرة!"
ثوان مرت و قد أدركت كم هي حمقاء بصراحتها...
"رأيك الشخصي فيّ صعب زوجتي العزيزة... لكن الحقيقة أنني بشري و لي ميول و هوايات أيضا أقضي بها أوقات فراغي..."
اعوج حاجبيها بلا تصديق...
"هوايات... لا تقل لي أنك تحب قيادة الدراجة كهواية!"
الاستخفاف بكلماتها جعله يتمنى بسادية لو جعلها تجرب أن تصعد جبل بالدراجة لكنه ترك ذلك لوقته...
"سوف تتعرفين لاحقا على هوايتي... أما الآن فقد وصلنا للبيت... اقتربي حتى احتضنك و نبدو و كأننا زوجان لا يحبا أن يفترقا... أنا أمزح، فقط ناوليني يدك فحتى لو كنا كما سبق، ما كنت سأستعرض بحبي أمام الجميع!"
ثم تلى ذلك سهرة لطيفة مع أهل الدار أمام المدفئة الحجرية و قد استقبلهم آدم بأن جذبها من يد ابنه و هو يقول بجدية...
"ابتعد عن ابنتي و هي عندي. يكفي انها تقيم معك!... لا تحاول قط أن تستأثر بها لنفسك، و احمد ربك أنني سمحت لك أن تخرج معها اليوم!"
و لا تدري بالضبط كيف دار بينهم الحديث و لا كيف رفضت شرب أي شيء بعد كوب الكاكاو الذي سيكفيها لعامين، و لم تفهم بعدها أي شيء و هي تميل برأسها على طرف الأريكة المزدوجة نائمة...
"هذه الفتاة تنام بلا أية اثقال... إما ضميرها خفيف للغاية و لا شائبة به، أو ضميرها ميت... لم أنم بمثل هذه الطريقة منذ أعوام..."
"و لم يثقل ضميرها؟... مازالت طفلة لتتسخ دواخلها بأية شائبة!"
ابتسم العجوز لماجي، و هو يدافع عن ابنته التي فعلا أحبها منذ أن رآها تلج البيت... منظرها أحيا به حنينا لعالم حرم منه بالكامل منذ أن منع من السفر خارج الولايات... مشتاق بكل قوته لوطنه الأصلي و يتمنى لو يزوره قبل ان يموت... آخر مرة زاره كان أصغر من تلك الفتاة بعامين و بعدها انشغل بعمله مع والده و سلسلة مطاعمهم الأنيقة و الاهتمام بالمواكبة للتطور، و لم يشعر بفقد تلك النعمة إلا عندما سلبت منه بالكامل...
"هيا يا رجل، احمل زوجتك و اصعد بها لغرفتكم... و لا تقلق من أي ضوضاء تفعلانها، فغرفتنا بآخر البيت... هيا، أم هي ثقيلة عليك يا أخي الرياضي!"
و هكذا و بعدالة ربانية وجد أغيد نفسه يرقد جوار امرأة تشعله حقا و حرمها على نفسه لأسباب يجد أنه من الصعب أن تقنعه الآن... لم يبدو السبب مثالي أو حتى منطقي و تلك الجميلة ترقد جواره... لم لا يستغل نومها و يخبرها بالغد أنها تقربت منه و يسخر منها و من فعلها... تنفس بهدوء محاولا عبر ذلك أن يسيطر على بدائية رغباته... تذكر بذات السخرية الذاتية نومها في السيارة... كان مشغول في شيء ما يفعله على حاسوبه اللوحي ليتفاجأ برأسها يميل مرة واحدة فيسقط على صدره... ثوان كتمت انفاسه بحدث لم يتوقعه قط... هل لبنى أخيرا جنت و فقدت السيطرة على رغباتها في الطريق العام!
عقله العبقري لأول مرة يخذله في التحليل و الاستنتاج إلا عندما دُعم فعلها بقرينة و هي الغطيط الناعم!
تنفس وقتها براحة قبل أن يريح رأسها على فخدة لتتكور في نومتها كهر صغير... شعوره بها وقتها كان مختلف... راحة نومها معه يعني ثقة لا ارادية خرجت منها ناحيته... يده دون ارادة شكرتها و أخذت تمسح على رأسها و كتفيها براحة لتتنهد تنهيدة حلوة و تعود لتكمل نومها... ذلك النوم الهادئ الهانئ المشابه لنومها الآن جوارهّ!
التفت إليها و هي راقدة بنعومة على الفراش صوت تنفسها ثابت ناعم و فعلا تبدو خالية من أردان الدنيا كلها... هي هانئة و أنا أغلي...
ابتسم بتفكه ذاتي من نفسه، بكل الأحوال هو يستحق و يستحق و يستحق... و سيفقد الكثير من احترامه الذاتي إن ترك الفراش الضخم لها وحدها و رقد على الأرض... بل سيبقى و يثبت أن قوة العقل تغلب قوة الرغبة، و أنه سيسيطر على كل رغباته التي اشتعلت منذ أن حملها متراخية و جسدها الضئيل يلتصق به... و ما أن ظن أن المحنة انتهت بعدما أرقدها على طرف السرير، لتسطع في رأسه فكرة أنه يجب أن تبدل ثيابها... بكل تأكيد هذا الفستان غير مريح للنوم... تذكر جون التي لا تستطيع النوم بقطعة قماش واحدة تسترها، بل تقول النوم عاطفة بدائية، و اعتنقها بذات البدائية!
حسنا، جون كانت ملحدة بلا دين، لذلك كانت تحاول أن تلتصق بشعارات كالأم الطبيعة و خلافه، بعكس هذه التي لو استيقظت و هو يبدل ثيابها فستقتله. لكي لا يغضب والده لو مات ابنه تركها تنام بثيابها الغير مريحة، و لينم هو كما يحب بثيابه الداخلية... أو الجزء السفلي منها فقط...
رفع اللحاف الشتوي الدافئ و دخل ليجد نفسه في تلك الحميمية مع زوجته... اللعنة إنها تنام و أنا أتخيل... تستحق أغيد... أنت حرمته على نفسك لأسباب في ضوء الشمس منطقية أما الآن و هي تنقلب لتنام على بطنها و شعرها ينزل على وجهها، الآن هو يعترف أنه أحمق بلا أية خطوط رجعة للعقل...
تنهد أخيرا و هو ينقلب على ظهره، محاولا تجاهل تنفسها الذي يسمعه بكل وضوح...
يجب أن ينهي هذا التعذيب و يجب ان ينهيه قريبا قبل أن يفعل شيء يفقده كامل احترامه الذاتي...
***
يتبع.....................

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 06:01 PM   #1399

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

استيقظت على صوت حركة في الغرفة...
رغم أنها نامت لدهر بقلب رضيع راضي إلا أن رأسها كانت خفيفة تحاول أن تستقر على كتفيها، بينما ترى زوجها يردتي حلته الأنيقة و يتحرك بسرعة في الغرفة يجمع أشياؤه ليصفها بالحقيبة... ظلت لثوان تنظر إليه ثم سألت سؤال منطقي...
"أنت ذاهب لمكان ما؟؟"
دون أن يهتم بالرد على الصوت الناعس الناعم الذي يخرج من كل نساء الأرض مثيرا محرضا، استمر بالحديث مع شخص ما على الهاتف و هو يتحرك بتلك السلاسة...
عنها عادت للسرير و كأنها زوجته منذ عشرة أعوام تعرف عاداته و أنه لن يترك من يحادثه ليهتم بها...
مالت برأسها لترى الوسادة المنبعجة جوارها، مما يعني أن شخص ما نام جوارها... عقلها يصفى و هي تحاول أن تتذكر... عقدة حاجبين كبيرة تحاول أن تساعدها على استعادة ما حدث... كان آدم يسألها عن أماكن في البلد و كيف تطورت و تغيرت عن ذكرياته القديمة... ثم تحول الحديث مع أغيد و ماجي و هي تستمع لهم بنصف عقل و هم يتحدثون عن الدراجات الهوائية و كيف يجب أن يتوقف أغيد عن قيادتها...
و بعدها لا تذكر شيء تاليا... نومها بالعادة ليس ثقيل لكن الخروج و السير و الحديث و الحماسة و أكيد كوب الكاكاو، كل ذلك جعل جفنيها ينغلقا لمدة تسع ساعات متتالية لتستيقظ على أثر وسادة جوارها...
قلق من نوم رجل جوارها؟؟!
لِم تقلق من شيء لا تشعر أنه حدث؟... نومها كقتيل حماها من توتر تلك المشاعر و الكوارث، و نعمة من المولى أنها لا تتقلب لتفعل كالقصص و تميل لتلتصق به... لقد كانت أختيها تسخران من نومها الثابت كحجر الصوان. المشكلة أنها فهمت تلميحه الساخر متأخرة؛ عن المشاكل الأكبر، لذلك تحمد ربها أنها نامت جيدا؛ لأنها لن تنام الليلة التالية على الاطلاق!
"لبنى... انهضي و جهزي نفسك... سوف نغادر".
"لأين؟؟ ألم تخبرني أننا غدا سنعود بالليل..."
الصوت الناعم... هذا ما ينقصه بعد ليلة أرقة قضاها يتقلب كأنه بين فكي قرش...
"استجد شيء ما و يجب أن أعود... لذلك انهضي لا وقت لدي... هيا تحركي..."
نهضت تستند على يديها...
"هل الشيء المستجد له علاقة بالعمل؟"
ثوان وقف يفكر و كأنها سألته عن رغباته السرية العميقة و السرية جدا، قبل أن يومئ برأسه أخيرا بحذر، لتعود تستلقي على الفراش الوثير المريح...
"إذن اذهب و دعني هنا... انت ستذهب لعملك و تتركني وحدي في البيت... على الأقل هنا صحبة جيدة".
عقد حاجبيه و هو يفكر بكلماتها بينما هاتفه يرن بمكالمة جديدة مستعجلة...
"أفضل أن تعودي للبيت... هنالك ستكونين بأمان..."
هزت رأسها بغير اقتناع من كلماته...
"ارسل لي حاشيتي الخاصة و اذهب أنت لأي مكان تريده... لقد وعدت العم آدم أن أعد له بسبوسة بالقشطة..."
وقف ينظر إليها و كأنها تحولت لفأر...
"بسبوسة؟؟... لبنى أبي يعاني من السكر... لا يجوز أن يأكل بسبوسة".
"بل يصح... طالما يأخذ علاجه، يصح... احمد ربك أنه لا يوجد عندكم جبن بلدي و عجينة كنافة و إلا كنت أعددت له أحلى طبق كنافة بالعالم... لذلك كن كريما و دعني هنا... هيا أغيد أن لن تفتقدني و لن تفتقد وجودي خصوصا أن حبنا يكاد يغرق المكان... اذهب لعملك و اتركني مع والدك الطيب..."
مط شفتيه و هو يقول ببطء...
"ألا ترين أنك تفرضين وجودك على القوم... فرضا أنهم لا يريدونك!"
هزت رأسها من سخف فرضه و هي تعتدل بجلستها مدافعة...
"مستحيل أن يكون والدك يمثل علي كل الحب الذي أغدقني به بالأمس... لا يمكن أن يكره وجودي... حتى انتظر لحظة..."
و قفزت عن الفراش بنشاط مفاجئ، راكضة ناحية الباب، لولا أن يده أوقفت يدها قبل أن تفتحه...
"لأين أنت ذاهبة يا مجنونة؟؟"
نظرت إليه بغباء...
"سأسأل والدك لو كان لا يريدني هنا!"
أخذ أطول نفس ممكن لإنسان أن يختزنه في صدره قبل أن يقول بحلم...
"و هل ستذهبين إليه بهذا الشكل؟"
نزلت عينها لأسفل ناحية ثوبها المجعد بشكل مريع... و قبل أن تفكر بصواب كلامه، أي كيف تخرج بهذا المنظر، اكمل يشرح وجهة نظره...
"عندما ينام زوجان حديثا التزوج معا، فبكل تأكيد لن يعزلهما ثياب عن بعضهما البعض... و الأشد وضوح أن الزوجة لن تستيقظ بالثوب الذي باتت به... هذا دليل واضح على جودة علاقتنا!"
تنفسها تصاعد بخجل قبل أن تقرر أن تواجهه هذه المرة بقوة و هي تجذب يدها من يده بحدة...
"حاضر... نسيت أنني هنا أمثل دورا مهما مقابل خدمة قديمة... شكرا لأنك ذكرتني!"
كانت المرارة تتسلل لحروفها، ليقول بهدوء...
"لا أذكرك، و لم أفكر بالخدمة فأنا أعلم أنك كنت ستفعلين ما تفعلين لأنك حمقاء بقلب طيب... لكن....."
"وفر ما تريد قوله ودعني أذهب لأبدل ثيابي..." ثم رفعت اصبعا محذرا عندما فتح فمه...
" و لا تلقي أي تعليق قليل أدب من تعليقاتك تلك التي تحب أن تختم بها الحوار... مفهوم؟؟"
رفع يديه الاثنتان باستسلام...
"مفهوم سيدتي... اممم لبنى؟؟"
نادى عليها و هي تتجه للحمام بعدما انتقت شيء ما لترتديه...
"لا تسيئي فهم ما سأقوله الآن... أتمنى ألا تفعلي..."
ضيقت عينيها بتوجس و هي تعلم أنه يعلم أنها أصلا تسيء فهم أي شيء يقوله لذلك ما سيقوله سيء الفهم فعلا!
"ماجي... أعلم أن لا ود بينكما خصوصا لتجنبها الحديث معك... فقط لو تحاولي أن تكوني ودودة معها قليلا... لا أطلب أن تتنازلي أو تتحملي أية شيء يضايقك... لكن هل تقدمي لي هذه الخدمة و تتحملي بعضا من حمائيتها ناحيتي... ماجي تختلف عن والدي و رأت أن زواجنا به خلل، و هي نوعا ما – ومعها حق- تشعر أنها والدتي، لذلك ستلقي اللوم عليك... هل من الممكن أن تتحمليها؟؟"
نظرت للأرض في تفكير، قبل أن تخرج حروفها خشنة، وقد تذكرت مقايضته... يقول أنها حمقاء تقدم كل شيء مجانا... حسنا لنرى ذلك!
"هذه خدمة لن تكون مجانية... سأنال المقابل لاحقا... بكل الأحوال لا أعدك أنني سأسكت لو نالني منها أية اهانة مباشرة... سأتحمل النقد و التلميح و الكلام بصيغة لك يا كنة و اسمعي يا جارة و لؤم النساء و خبثهم و الذي تظنون أنكم خبرتموه، بينما يخزنه النساء ليتباروا به بينهم... بكل الأحوال سأتظاهر بأنني لا أجيد الانجليزية قدر ما أستطيع، لكن لو نالتني اهانة مباشرة فمن حقي ان أرد... و الأهم من كل ذلك، لا تنسى أنت مدين لي بخدمة!"
***
لم تشك قط بذكاء أغيد، لكنها فوجئت بمدى دقة تنبؤه بما يقول، فبعدما رفضت و رفض والده أن تذهب معه و تركها في عهدتهم، على أن تعيدها سيمون مساء الأحد، و بعدما قضت جلسة افطار مرحة و هي ملتصقة بالرجل الطيب، و بعدما أعدت للرجل صينية بسبوسة بالقشطة، رغم امتعاض الأخت زوجته من مذاقها، و تلذذ الرجل بكل لقمة نالها، بعد كل ذلك تجولت في البيت لترى صور لأغيد تحتل حائطا كاملا توضح مراحل نموه منذ طفولته حتى الآن... ابتسمت و هي تراه كتلة لحم حمراء لا معالم لها، غصة تكومت بحلقها و هي تتذكر لمّا أخبرها أنه لأول مرة يقابل أمه حرفيا... كل صوره وحده أو مع والده، حتى كبر لتحتل بعض الصور ماجي، و دون أن تدري شعرت بغليان فيها عندما رأت تلك النبات تقف جواره... تأملت صور زفاف تلك الفتاة و هو يطعمها بشوكته، و هي تفعل بالمثل... راغما عنها اعترفت أنها جميلة، و نوعا ما تليق بعالم أغيد البراق... الشعر البلاتيني المنسدل حول جسدها الممشوق الرشيق بقامة تطاولت على زوجها في حذائها المرتفع... العينان الرماديتان الميتان و اللتان تخفيان شيئا أكيد شرير... لم تحب ان تضع نفسها على كفتي مقارنة فهي أكثر من ذلك، لكنها رغما عنها وجدت نفسها تتقزم في المقارنة معها... حسنا على الأقل أنا لم أؤذيك و لم أتمنى أذيتك، كما تفعلين معي... لذلك اعذريني لأنني لم أحبك على أكثر الألفاظ نفاقا!... تنفسها يتصاعد و هي تراهما يسيران معا في مكان ما... واجهة تحتوي بالخلف شعار مؤسسة انتل العالمية... توترها يتصاعد و هي تمشي بتدرج مع الصور حتى انتهت، بينما هي لا تنتمي للحائط قط...
تعلم أنه ربما خطأ منسي او مقصود لكنها لا تحب ما شعرت به...
على العموم يكفيها محبة العم آدم لها عكس ما شعر به من تحفظ ناحية جون التي لم يحتضنها قط...
بصلف أدارت وجهها عن الحائط لتقابل عيني ماجي الذكيتين...
أغلقت عينيها لثوان قبل أن ترسم شبه ابتسامة على شفتيها، بينما تدعوها المرأة لتناول شاي العصرية، و هي عادة لم تتوقف عنها نسبة لأصولها الانجليزية...
لم تظن أن حظها بهذا السوء إلا عندما علمت أن آدم في جلسة العلاج الطبيعي...
جلست المرأة برقي أمامها و لبنى اختارت كرسي منفرد و كأنها تمنحها الشعور الملائم لبعد العاطفة بينهما، الصمت الذي زرع بينهما، جعلها تحاول ان تستجلب المرح ففكرت بجارتيها اللتان على خلاف دوما، لكنهما تجلسان معا طوال الوقت تشربا الشاي و تأكلان المكسرات، بينما في الظهر تنطلق الشتائم بسرعة خيالية...
الوضع لن يفرق بينهما بكل تأكيد فالمرأة تفهم المرأة و المرأة تميز مشاعر الأخرى خصوصا لو كانت لا تبذل جهدا لتخفي مشاعرها...
لذلك و لأن لبنى تعلم أنها ليست قادرة كأفلام الكرتون على زرع المحبة بقلوب البشر، ظلت على صمتها مع شاي العصرية...
لكن بالله عليكم هذا شاي؟؟
أين الميرامية أو النعناع و المطيبات... هذا شاي؟؟
حتى لو شربته بعدما اضافت نصف علبة السكر متجاهلة استنكار نظرات المرأة لفعلتها، ظل لا يستساغ لها!
ربما هو مثل الشاي الذي يقدم للأطفال في الوطن مخفف بالماء كي لا يؤثر على طاقتهم المتفجرة...
لكنها بلعت نقدها و تركت الشاي دون تبرير لضيفتها التي ظلت تنظر إليها بنظرات حادة قوية...
"هل تعلمين أنني أعمل كطبيبة نفسية..."
هزت رأسها ايجابا دون كلام... متى سيعود حماها الرائع...
"و هل تعلمين أنني اجيد قراءة البشر؟؟"
شخص آخر يجيد ذلك... الحمد لله... بالعامية يوجد مثل عن القدور و الغطاء، بالفصحى ستقول طابق شنٌ طبق!
"هل تسمحين لي أن أكون صريحة معك".
لقد ظلت صامتة طوال الوقت تجنبا لهذه الصراحة، و لم تحاول أن تخلق مادة حوار بينهما لكي لا تنال هذه الصراحة... و الآن هي مجبرة أن تقول نعم لأن قول لا، يعني انها جبانة بالإضافة لما سيلي تلك الصراحة!
الحمد لله أنها شردت قليلا لتسمع الصراحة من نصفها...
"......... و أنا أعلم أنك لن تسعدي ابني... لن تسعدي أغيد على الاطلاق... علمت ذلك منذ ان رأيتك اول مرة... علمت انه بحث فيك عكس كل النساء التي عرفهن قبلك... ربما يبدو عملي، مخطط، دقيق، لكن أغيد بداخله يستحق أكثر مما تمنحيه... يستحق امرأة تحبه و تفضله على الكون كله... امرأة تراه دنياها و ترى فيه شمسها و سماها... و هذه المرأة ببساطة ليست أنت!"
تنفس لبنى تصاعد بقوة لكن تربيتها الجيدة منعتها أن تقوم لتقتلع عيني المرأة، ثم بكيد الشجارات التي حضرتها بين الجيران و الشوارع تحدثت ببرود...
"هل تعلمين سيدتي... لو كنت أصغر من أمي بقليل لا مثل خالتي الكبرى لكنت رددت عليك الرد الملائم... لذلك سأعزو كلماتك للفارق بين الثقافات و الأجيال!"
بينما لبنى تبذل جهدها لتبدو، كان الأمر سهلا مع ماجي و هي تقول بهدوء...
"صديقتي... لا تحاولي أن توصلي لي أية اهانة رخيصة ملائمة للشوارع، فنحن في بلد الحريات و.........."
بجهد فوق طبيعي بل خارق للطبيعة استنفرت كل قواها لتفكر بشيء آخر بينما تسمع للعنصرية المضادة و بلد الحريات و تعدد الثقافات و الكوسا و الباذنجان......
نعم الباذنجان...
تحب الباذنجان كثيرا و تحبه مقلي... يا حبذا لو أضيف معه فلفل اخضر مطحون يدويا و ليمون فيما يسمى دقة... و أيضا تحبه مشوي، يكون له طعم مختلف و نكهة أخرى...
كذلك تحبه محشي... تحب الباذنجان المحشو كثيرا لدرجة أن أمها تعد لها بضع حبات، عكس كل أهل بيتها الذين يفضلون الكوسا....
كيف تحبه أيضا؟؟... صينية باللحم المفروم و الصلصلة البيضاء...
تذكرت المرة الوحيدة التي لم تحبه بها، عندما أجبرتها امها أن تتناوله نيء كوصفة لتقوية الدم عندما اكتشفوا أنها تعاني من فقر الدم...
امممممممم ماذا أيضا... آه تذكرت ...
تحبه مخلل أو (مقدوس)...
يا الله كم تحب المقدوس...
تحبه أكثر من أي طريقة لإعداده... شعرت ببعض الجوع لأنها تذكرته... فكرت بالمحلات التي يمتلكها سوريون هنا او لبنانيون أو فلسطينيون... ستجد لديهم المقدوس بكل تأكيد... ستذهب هي و سيمون في جولة عليهم ما أن تعود لبيت زوجها و ستشتري مقدوس بزيت الزيتون...
الآن ترى شفتي المرأة تتحدث و لا تسمعها و لا تريد أن تفعل...
الباذنجان أهم من أية اهانة ستنالها هنا...
لحظات مرت و قد انتهت ماجي من محاضرتها عن وطنها بينما لبنى تنظر من النافذة، و كأنها تصافح أبعادا أخرى بعينيها...
عقدت المرأة حاجبيها و شرود لبنى بدا مخيفا و كأنها تحت سيطرة تعاطي ما مما رأته في دراستها...
و كما هي العادة نادتها بحذر و لم تفرقع بأصابعها لحسن الحظ كالجميع...
"آه... هل انتهيت؟؟"
هزت المرأة رأسها بلا معنى لتتحدث الفتاة بهدوء...
"لا أريد أن أبدأ معك جدال عقيم فصدقيني مئات النقاشات العقيمة مرت عليّ لدرجة أنني زهدتها... هل الثورة السورية او المصرية او الليبية او حتى التونسية أسوأ من الحكم، هل نظام صدام افضل من الغزو... هل اتفاقية أوسلو أفضل من الانتفاضة الاولى... صدقيني في بلادي أتخمت من هذه النقاشات التي بلا معنى... و بما أنك أمريكية ، سأقول لك ما يجب أن تعرفيه... حياتي مع زوجي أمر يخصني وحدي في ديني و شرعي و تربيتي... لو أردت أن تسردي اية محاضرة أخرى فعقلي قادر على أن ينحيها و لن أهتم حقا بأية استثارات أو محاولات لأجل جري في نقاش عقيم... لم اتدخل في علاقتك مع زوجي و أي شخص آخر، لذلك أرجوك انهي الأمر حتى هنا، لأني لست بالممثلة الجيدة لأتظاهر أمام العم آدم أنني بخير، و لو شككت بعاطفتي ناحية أغيد، فما أشعر به من حب للسيد آدم لا يحتمل الشكوك!"
رغما عنها كرهت نفسها ان غصة تكومت بحلقها و هي تتذكر كم تمنت أن يحبها هذا الرجل... للمرة الأولى بحياتها تتحقق دعواتها بهذه السرعة و الوضوح... أرادته أن يحبها حقا و هي تتمنى ألا يكون مثل ابنه او زوجته يمثلون عليها... وقتها فعلا سيتحطم بها شيء...
"آدم أحبك قبل أن يلقاك، من كلام أغيد عنك... لكنني رأيت بين الحروف و بين السطور ما تعامى أو ربما كان أعمى فعلا ليراه... فعلا علاقتك مع أغيد تخصك، لكنني احب أغيد و أريد أن أراه سعيد... لا أريد أن يكافح لأجل لا شيء و يبذل كل جهده معك و ينتهي به الأمر محطم العاطفة... صدقيني قلب الرجل يتوجع كما المرأة!... لذلك أريدك ان تبتعدي عنه قبل فوات الأوان!"
كعادتها عندما لا يعجبها امر بطريقة ساخرة شدت عصلة خدها المجاورة لأنفها و هي تقول...
"هل تعلمين... أجد اهتمامك بخروجي من حياة أغيد مثير للاهتمام... هل توجد ابنة خالة بالجوار كنت تأملين أن يتزوجها و لا تسرقه العربية الغريبة... هل هذا هو المخطط الذي أفسدته... و أنا التي نلت حسد الوطن العربي كله لأنني لن أمر بمشاكل الحماة و الكنة... حقا الحسد لا مبدأ له!"
آخر جملة كانت بالعربية بصوت خفيض، لتعقد ماجي حاجبيها باستفسار
"ماذا؟؟"
"بالعادة تكون هذه المقارنات مع شخص محدد... فهل كان بعقلك فتاة أخرى له... آها لست وحدك انت و أغيد من تقدرون على قراءة الآخرين... احمرار وجهك يدل على أنني عرفت... من هي أهي ابنة أختك أم ابنة صديقتك... بكل تأكيد كما كل الامهات ترين أنها ستسعد ابن زوجك و ستجعله سعيد بينما الفتاة من وراء البحار ستكون الشريرة التي ستمتص دمائه... حسنا لدي خبر لك... لقد اختارني أغيد و تزوجني و بذل جهدا لا ممكن ليوافق أخي عليه، و أوافق انا أيضا... انتهى الأمر قبل أن تفكري ببدئه... و نصيحة لو كنت تدبرين زواج لزوجي و لنحمد الله أنه هنا لا يوجد تعدد زوجات المهم لو كنت تدبرين زواج، و فشل فلا تغضبي... ستجد تلك المسكينة شخص آخر يحبها و تحبه و يعيشان بسعادة للأبد!"
للحظات كادت تنفجر ضاحكة من منظر المرأة المذهول... فقط تكرر بين جملها كلمة "مجنونة... مجنونة!"
هل حقا تظن أن لبنى حمقاء اخرى يمكن أن تؤثر بها بهذه الطريقة...
و عندما استعادت قدرتها على الكلام و رصصته بعقلها لتحجم الفتاة كما تستحق، فوجئت بها تقفز بعجالة...
"لقد جاء العم آدم... سأذهب إليه... عن اذنك ماجي... سعدت بالحديث معك".
لا تستحق ان تقول لها خالتي فهي صغيرة بكل ما فيها فكرت و هي تكاد تركض لحماها العزيز الشخص الوحيد في هذه القارة تحبه!
***
كانت تظن ان مسلسل الحماة و الكنة رغم أن تلك ليست حماتها بل السيدة نشوى الباردة و التي بالنسبة لها أفضل، المهم ظنت أنه سيتوسع و يأت أغيد بنظرات مجنونة ليمزق شعرها الناعم و هو يشد على أسنانه بكل الغيظ و يعيد ألف مرة وكأن المرأة لا تفهم من مرة واحدة...
"كيف تجرأت و تحدثت مع أمي بهذه الطريقة... كيف تجرأت!"
لكن و لله الحمد لم تره ما أن وصلت. بل مر شهر ونصف متواصلين دون أن تراه، و قد أعلمها برسالة نصية أنه مسافر للصين لأجل بعض البنود في اتفاقية ما... بعد عدة أيام من تلك السفرية وصلتها رسالة أخرى أنه في أبو ظبي... و بعدها ذهب للأرجنتين، ثم اليابان، بعدها لا تعلم أين بالضبط فقد باتت تتوقع بملل الرسالة التالية و الوجهة التالية دون أن تهتم...
أو ربما تهتم... لا تدري حقا إن كانت تهتم، او لا... حسنا هي تهتم... تذكرت كلمة المرأة قبل أن تفر منها عقليا...
"علاقاته"
هل كان لأغيد الكثير من العلاقات قبلها و قبل النبات... لا تدري لم شعرت بشيء سيء من هذه الفكرة... الموضوع أنها صارت تشرد كثيرا و دون ارادتها لكن لذكريات قريبة... في تلك الزيارة لبيت والده حيث يمسك المشواة و يقلب اللحم المتبل المشوي... كان يبدو شخص عادي له رغبات بسيطة و يستمتع بأمور عادية جدا...
تمنت لو يتصل عليها بدلا من أن يقرأ تقارير سيمون أو أي شخص يقدم تقارير أمنية عنها... لكم كرهت ذلك الشعور المريع بأنها مهجورة منه، بل ربما سمع كلام تلك المرأة و قرر أن يرتاح منها، و لتذهب للجحيم هي و سلامتها طالما حبيبته جون بأمان...
تنهدت بضيق شديد... و كأن هذا ما كان ينقصها مع محاولات مايكي المستمرة بتثبيط عزيمتها و اقناعها أنها تسبح في بركة من الخيال العلمي...
"سيدتي في ظل الظروف الحالية الحساسة أجد أننا فعلا نستهلك وقتا و جهدا بلا طائل... لذلك لم لا تتركيه و تنضمي لفريق السيد ديكسون... مؤهلاتك بالضبط ملائمة للعمل معه..."
لم تعرف ما تقول، أو ترد به على عرض الرجل الذي يكاد يكون أمرا...
نعم مر وقت طويل و هي مازالت مكانها... على الورق مشروعها يبدو مذهل... وقت التطبيق تجد نفسها لا تصل للمطلوب... البطارية الخيالية التي تحلم بها ظلت على الورق... ما المشكلة؟؟
اخبرها فرانسيس المهندس الذي يساعدها أن المرء يصدم بحقائق عجيبة فمرات تتداخل الكيمياء و الحالة الجوية و خواص لم تذكر في الكتب للمواد يحفظها الحرفيون في نجاح أية مشروع...
عن مايكي كان مهتاج من التكلفة الكبيرة للمشروع و الصرف الذي تم دون أية فائدة...
أيام كثيرة زينت قوالب كيك و شربت قهوة تركية و بكت كثيرا و سهرت و سهدت و اتصلت بسلام كثيرا لتشتم بطريقتها المميزة هذا المايكي المختل عقليا...
أيام كثيرة كافحت بكل قوتها عن فكرتها و مشروعها الذي لها أكثر من عامين تتعب عليه...
أيام كثيرة درست كيمياء و جيولوجيا و اهتمت كثيرا بالفيزياء، و سهرت بالمختبر لوقت متأخر وحدها طالما ممنوع أن تخرج بما لديها من مواد للخارج...
أيام طويلة و كل يوم تفكر أنها ستصل للحل لتنتهي منهكة بأفكارها و عقلها لم يصل للحل و معرفة السبب... لم لا ينجح؟...
كانت تفكر بمادة جديدة قرأت عنها و ربما تستعمل كبديل لما تتعامل معه، عندما فوجئت بفرانسيس يخبرها بتوتر أن المدير يريدها...
بتنهيدة ضيق معتادة من تثبيطه لعزيمتها توجهت لمايكي، ليصحح لها أن المدير الذي فوق يريدها...
بتوجس صعدت للأعلى وحدها هذه المرة... حيت ديانا برفق ثم دخلت للمكتب...
متى عاد هذا للوطن؟... لقد كان لا تدري أين في أوروبا يفعل شيء لا تعرف ما هو... و هذا كان بالأمس...
"تفضلي بالجلوس مهندسة لبنى..."
الحديث بالأمريكية و اللهجة المهنية أوقفت التفكير بمجرد أن تسأل... بينما قلبها يخفق بقوة وجدته يرفع شاشة الكمبيوتر اللوحي خاصته...
"سأدخل في الموضوع مباشرة لأنني مستعجل و لدي الكثير لأفعله اليوم..."
لم تستطع أن ترد ليكمل هو بذات العملية...
"التقارير التي أرسلها مايكي ليست مرضية مهندسة... أجد أننا خسرنا الكثير من الوقت و الجهد و المادة لأجل هذا المشروع الذي لا يبدو أنه سينتهي... من ناحية نظرية نعم سيختزل مشروعك الكثير من الجهد البشري و أكثر من آلة... وهذا بطاقة نظيفة أيضا و هو شيء أرحب به... لكنك حتى الآن لم تصلي للمطلوب... و عليه أجد أنني أعتذر عن منحك المزيد من الأعذار لتستمري بشيء خيالي، في الحقيقة و كما أرى من التقارير أن الأمر يفوق قدراتك و مؤهلاتك، لذلك ما رأيك أن تستمري بالبحث و أتركي الجانب العملي منه حتى تتعلمي اكثر... من ناحية أخرى لقد اوصى الرجل أن تنضمي لفريق الدكتور ديكسون... مؤهلاتك ملائمة جدا للعمل معه... و ستسفيدين منه بشكل فعال... هل هو جيد؟؟"
كانت تائهة حقا بما يقول... تائهة و ضائعة... بحاجة للمزيد لتفهم... لتستوعب... كيف يطلب منها أن تتوقف عن شيء كان حلمها طوال الوقت... تلك الفكرة الخيالية كما يرون ستفيدهم بشكل ملحوظ، بل ستفيد العالم كله... لا تدري كيف سمعته يقول بنفس الحزم لكن عينه بعينها المصدومة...
"لو كنا مؤسسة بحثية لا هدف لديها لكان الأمر جيد و على ما يرام... لكننا هنا مؤسسة أبحاث تطويرية تهدف لخدمة المنتج الذي نروج به بعلامة خاصة بنا... آسف مهندسة لبنى، لكنني أجد أن الوقت حان لتستيقظي من أحلامك و تعيشي على أرض الواقع... "
ثم مال ناحيتها غير مبال بصمتها المصدوم، و هو يكمل...
"انسي هذا المشروع الخيالي و انضمي لركبنا فهذه الحدود الملائمة لك... و هذا الذي يبدو أنك قادرة عليه... هل هو واضح؟؟...
انتهيت، يمكنك الخروج!"
***

نهاية الفصل

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-05-17, 06:05 PM   #1400

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

تم نزول الفصل غالياتي
كما ترون الفصل ضخم 54 صفحة وورد
أتمنى أن ينال اعجابكن و سأعلم ذلك من ردودكم و تعليقاتكم و تقييماتكم و اعجابكم...
أظن أنكم ظلمتم شيماء... كيف تتوقعوا بنت شافت الهول بالسجون العربية الأنيقة و تفكر بمطلق رجل
فقط احبت الانتماء لمهاب و للأسف كان كثيرا عليها...
ربما بظروف عادية ليست كعلافة مهاب المتوترة مع زوجته لكانت لين فعلا تعاطفت معها و ساندتها لكن الظروف الخطأ ليست المرأة...
بالنسبة للين... شو تتوقعوا ردة فعل مهاب على طلبها...
و لبنى هتقوصه لأغيد و الا تستنى شوي...
و علاء... مش عارفة شو هيعمل بالست الكزابة
بكل الاحوال أنت منوريني


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.