08-07-17, 11:46 AM | #1 | |||||||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| بلا روح / للكاتبة جُبرانيه?* عمانية مكتملة
التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 05-11-17 الساعة 08:56 PM | |||||||||||||
08-07-17, 11:47 AM | #2 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| رابط لتحميل الرواية https://www.rewity.com/forum/t395444.html#post12787616 جميع الشخصيات و الأماكن و المُسميات خيالية و لا تمَّت للواقع بأي صِلة ، فإن صادف و حدث ذلك فهو ليس إلّا محض صُدفة ! ¶ + ¶ الأخطاء و الأفعال الخاطئة و غير الأخلاقية في بداية الرواية كُتبت لِتُعالج في النهاية و ليس لتزيين الحرام و ما إلى ذلك ¶ + ¶ لا أُبيح نقل روايتي دون ذكر اسمي ( جُبرانيه?* )، و إن حدث فلن أسامح الفاعل ليوم ِ الدين و في ذلك اليوم سيكون ُ بيننا حساب أمام الله تعالى ¶ + ¶ لا تلتهوا بالرواية عن الصلاة و ذكر الله .. اللهم إني بلّغت فاللهم اشهد ¶ + ¶ للرواية هدف ¶ + ¶ موعد التنزيل : *الجُزء : الجمعة ، *مقتطفات من الجُزء : الثلاثاء ¶ . ¶ (جُبرانيه?* ) ، تويتر : jubraniah ¶ . 7-7-2017 ـ . ¶ ¶ ¶ الفُصول : ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . «1» : ¶ ¶ ¶ التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 09-11-17 الساعة 09:54 AM | ||||
08-07-17, 11:48 AM | #3 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| ] المُقدمة : " أكثرُ الذين يجرون وراءَ المال ، يفقدون روحهم في الطريق , و ما أتعسَ الذين يعيشونَ بِلا روح ،" لِـمُصطفى أمين . ¶ ¶ ¶ ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . »1« على النصف الشرقي من الكرة الأرضية ألقتِ الشمسُ أشعتها ، و صعدت العصافير على مسارحها أعلى الشجر لِتغرد ، و في ذاتِ الوقت عاودَ قلبُ (نازك ) الإنشطارَ من جديد ، ليترجمَ ألمه بدموعٍ حارقة .. الثاني عشر من أكتوبر لعام ألفين و أثني عشر ، يومٌ رسخ في ذاكرتها بكل آلامهِ و مواجعه ، رغم مرورِ أربعةِ أعوام على ما حدث إلا أن آلامَ القلوب لا تعرف شيئاً يُسمى " مرت سنوات .. انسى ! " ، فقد كانت (نازك ) تحتَ ملاءةِ سريرها البيضاءِ ذاتِ الدوائرِ الحمراءِ الكبيرة مستعدةً لاستذكارِ كل ما حصل و البكاءِ عليهِ لولا قدوم (هيكارو ) ، الفتاة اليابانية ذاتِ الواحد و العشرين عاماً التي تشارك (نازك ) في السكن لِتقفَ بالقربِ من رأسها و تبعدُ الملاءةَ و تصرخُ عليّها بصوتها ذي النغمةِ الرقيقة المُغلفة بنبرة ٍ أخرى حيوية للغاية و مفعمةٍ بالحياة لتقول باليابانية : " نااااااااااااات تشان ! ، الم تستيقظي للآن ؟ ، انظري للساعة ، سيطردُنا الدكتور أغاسا من الصف إذا تأخرنا " و أردفت بِتأفف : " ذاك البدين ذو النظارات المُستديرة ! " . حينَ أبعدت (هيكارو ) الملاءةَ فتحت (نازك ) عينيها الحمراوينِ ببطئ ، و ألتزمتِ الصمت و على تقاسيمِ وجهها هو الضيقُ واضح ، و لكن ما إن أنهت (هيكارو ) جملتها حتى ضحكت (نازِك ) بخفة فلو أن اليوم لم يكن الثاني عشر من أكتوبر لفجَّرتِ المكانَ بضحكتها الصاخبة التي لطالما أزعجت بها (هيكارو ) و (رؤى ) ابنةُ عمها التي تشاركها السكن و في ذاتِ الوقت صديقتها الصدوقة التي كانت مكافأة ربانيةً بحق ، و بعد ثوانٍ فقط من إطلاقِ ضحكتها أمسكتِ الملاءةَ بيديها و وضعتها عليها و أغمضت عينيها قائلةً لِـ (هيكارو ) باليابانية: " هيكارو لن أذهب للجامعة اليوم ، لِذا فلتخرجي الآن و لتغلقي البابَ وراءكِ جيداً " . لم تستغرِب (هيكارو ) أبداً من تغير مزاج (نازك ) فجأة ، فـهي معروفةٌ بتقلبِ المزاج ، لدرجةِ أنها تضحك ُ قبل دقائق و فجأة تغضب أو تصمتُ ، و تخالطُ الناسَ لأيامٍ و تنعزل لِأخرى ، و هكذا تظل مُتخبطة بين كل ضِدين في هذهِ الحياة ، فهي هادئة و عصبية .. جميلة و قبيحة .. ضعيفة و قوية ، في آنٍ واحد ! ، ما إن غادرت (هيكارو ) و أغلقت الباب خلفها كما طلبت منها (نازك ) حتى قامت بدفنِ وجهها في سريرها من جديد ! ، و لكن هذهِ المرة حاولت أن لا تذرف أي دمعة ! و لكن قلبها كان أضعف من أن يكسرَ هذهِ القيود التي طوّقتها في الثاني عشر من أكتوبر ، لِذا عاودت ممارسةَ تلكَ الطقوس ككُل عام ، الطقوس المعتادة و التي تتكون من الدُموع و الندم و الحسرة ! ، و بعد دقائقَ فقط مسحت تلكَ البلوراتِ الملحية التي غطت وجهها بأناملها ، لِتبعدَ عنها تلكَ الملاءةَ البيضاء و تجلسَ القرفصاءَ على السرير ! ، و انعكاسُ صورتها بِملامحها البائسة يظهرُ أمامها على المرآة لِتتأمل نفسها بِشفقةٍ مُبتدئةً بِخصلاتِ شعرها الغامقةِ المُلتصقةِ على وجهها بسببِ الدموع ! ، و عينيها الحمراوين اللتين كانتا ككُرتين مُلتهبتين من نارٍ ! ، و انتهت بِوجنتيّها الزُعفرانيتين من جرّاء الألم و البؤس و التفكير ! ، لتأخذ بعدها شهيقاً طويلاً و تزفرهُ ببطئ ! ، و بعدها ضمّت ساقيها بالقربِ من صدرها و أرخت رأسها على الحائطِ وراءها ! . قبل 3 سنوات ، في يناير لعامِ ألفين و أحد عشر : آنذاك قرر والد (نازك ) أخذهم للخليج في إجازةِ منتصفِ العام الدراسي كما هي معروفة في الخليج و لكنها في اليابان تعرف بإجازةِ بدايةِ العام ! ، و كانت تلكَ هي المرة الأولى التي تزورُ فيها الخليج بعد أن غادرتها منذ 15 عاماً ! ، فقد كانت (نازِك ) و عائلتها يعيشون في اليابان لِتجارةِ والدها و الذي جنى أموالاً طائلة و لكنهُ في المقابل أصبح عبداً لهذا المالِ فغدا يعيشُ بلا روح ! ، و أما هي و أخواتها فقد فقدوا أشياءً كثيرة أهمها الدين و الأخلاق ! ، و أيضاً لم يحمّل والدهم نفسه عناءَ تعليمهم للتحدث بالعربية إلا أن والدتهم تلك المرأة العظيمة في عيونهم استطاعت فعلَ ذلك بِمفردها ! ، صحيحٌ أنهم في بادئِ الأمر قد عانوا كثير للاختلافِ الكبير بين اللغُتين ، فالمنزل يتكلم لغة و المدرسة و الحضانة و الشارع وووو لغة أخرى إلى أن المطافَ قد انتهى بهم و هم يتحدثونَ العربية بشكل ليس بممتاز و لكن جيّد . ما إن وصلوا حتى عاشوا أول أيامٍ لهم هناكَ بشكل طبيعي و جميل كما يعيشونها في اليابانِ بالضبط إلا أن بعض الفروقات قد أثرت عليهم كاللغة و الجوّ و المجتمع و طبيعة تفكيره ، و لكن الوالد قلبَ الأمور رأساً على عقب ذاتَ ليلةٍ مُقمرة و هادئة ، فقد ابتدأَ الأمر في الساعةِ السابعةِ تماماً ، حين سمعِت (مريم ) أختُ (نازك ) طرقاً خفيفاً على بابِ الغُرفةِ لِتضع الروايةَ التي بيدها على الطاولةِ المكتبية و تذهب لفتحِ الباب و إذا بالقادمِ هو والدها ! ، و حين رأته (نازك ) نزعتِ السماعةَ من على رأسها و وضعتها على رقبتها و وضعت الجيتار من يديها بجانبها على السرير ، و كذلك الأخت الصغرى (نور ) قامت هي الأخرى بنزعِ السماعاتِ من أذنها و وضعتها على اللاب توب الذي أغلقتهُ توّاً ، و أما (رؤى ) ابنةُ عمهم اليتيمة قامت هي الأخرى بوضعِ هاتفها جانباً و عدّلت من جلستها ، لِتنظر الفتيات الأربعُ للوالدِ بنظرةِ استفسار ، لِينطق هو بنبرةِ صوتهِ التي يُلامَسُ منها الكِبر و التعالي : " اطلعوا ، بكلم أختكم " ! ما أثارَ دهشةَ الجميعِ هو ليس أنه يريدُ التحدث مع أختهم كما يقول بل ما أثار دهشتهم هو أن الوالد قد جاء لِعندهم ! ، فهو لا يُرى إلا مرتينِ في الأسبوع بالرغم من أنهم في منزلٍ واحد و أيضاً إذا أرادَ أحداً فهذا الأحد هو من يذهب إليه و ليس هو من يأتي هذا الصحيح كونه والداً ! ، لِيقول من جديد حين رأى الجميعَ غارقين في بحورِ دهشتهم : " ما سمعتوني ؟ " . لِتقفَ ( نور ) و تليها ( رؤى ) و أخيراً (نازِك ) لأن (مريم ) بالأصل كانت واقفة ، و ما إن خطونَ حتى قالَ و نظرهُ متجهٌ لِـ (نازك ) : " انتي اجلسي ، بكلمش انتي " لِتنظر إليه (نازك ) بنظراتِ دهشة و كذلك فعلن البقية مثل فعلها ، فمنذ متى و والدها يملك أحاديثاً ليحادثها بها ! ، فهو إن حادث أحداً فسيحادثُ ( نور ) لأنها أميرتهُ الصغيرة ذات الأربعةَ عشر ربيعاً ، أو (مريم ) تلكَ الرزينة ذاتِ العقلِ التجاري التي عاشت لِعشرين خريفاً ، أو أيضاً يتبادلُ الأحاديث مع (رؤى ) تلكَ التي تعملُ كَـ"مودِل " لِمُنتجاتِ شركته هي و (نور ) و التي تبلغ تسعةَ عشر عاماً ، أما هي فليست إلا مُغنية مهووسة لا فائدةَ منها كما يقول ، لِذا غادرَ كلُ من شغل حيزاً من الغُرفة و لم يتبقى أحدٌ سواها هي و والدها ، لِيبدأ الوالدُ حديثهُ و الذي سبقهُ بشبكِ أصابعِ يديه و جلوسهِ على الكُرسي المكتبي واضعاً رجلاً على أخرى ، ليقول بِنبرةٍ باردةٍ كالثلج : " رح تتزوجي طلال ! " . لِتنظرَ إليه (نازك ) بِعينين مفتوحتين للآخرِ و شَفَتََانِ مُنفصلتين جرّاء الدهشة ، لِتقول بنبرةٍ واضحٌ هو فيها عدم الإستيعاب : " لحظة لحظة لحظة ، شكلي ما سمعت زين " . لِنظرُ إليها والدها بعينين باردتين بدتا ككتلتينِ من جليد : " كلامي ما أعيده ألف مرة " . لِتبدأ (نازك ) تستوعبَ مُرادَ والدها لِتصرخَ بكل وقاحة : " والله ما أتزوجه لو أموت و لا أعرفه أصلاً و لا أريد أعرفه " ! لِينظرَ إليها والدها من جديد ، و يقول بنبرةٍ أكثر بروداً من السابقَ فقد أنعدمت انسانيتهُ في رحلتهِ لجمع المال إذ انتهى بهِ الأمر واقعاً في غرامِ الأموال : " انا ما جاي أسألش ، أنا جاي أخبرش " . و ما إن أنهى جُملته حتى أنزل رجله الأولى عن الأخرى و اتجه بخِطواتٍ متوسطة للبابِ ِبكل خيلاء و كِبر كعادته و عادة كل عابد للأموال مثله ، ليخرج و يتركَ (نازك ) وراءهُ حائرةً مدهوشة فكيف لوالدها أن يفعل بها هذا ، و في النهاية من يكون ذاك البائس (طلال ) أصلاً ، حين سألت نفسها هذا السؤال قد تبادرَ مباشرة لِذهنها إجابة واحدة و هي أن هذا المدعو ( طلال ) ليس إلا بائساً عابداً للمال كوالدها ، و في نهايةِ الأمر هي لا تريدُ الزواجَ أصلاً ، لِذا فجأة غزا قلبها شعورُ العجز و الظلم فهي تعرف والدها لا يوجد هناك من يرده عن قراراته و التي دائماً تصب في صالحهِ و صالحِ جيبهِ و بطاقاته البنكية ، لِتكونَ ردةَ فعلها هي تحطيمُ كل ما هو موجود على تلكَ التسريحةِ الخشبيةِ الفخمةِ بِكل جنونٍ و قوة ، لِيُسرع إليها كلاً من (مريم ) ، (نور ) ، (رؤى ) و أمهم ، لِتقول (نور ) و التي دخلت أولاً بِصوتٍ شبه باكٍ : " نيتشان – أختي – " ! . لم يوقظ (نازك ) من حالةِ غضبها و تحطيمها للأشياءِ إلا صوت ُ (مريم ) التي قالت : " ناااااااااااااااااااااااا ااااااازك ! بس ! " . لِتهدأ فجأةً يديها عن الحركة و لكن في أعماقِ قلبها براكينُ تتفجّر و تثور ! ، لِتجلسَ فجأة على الأرض و هي متكئة على الجدار و ترفعُ خصلاتِ شعرها الأمامية للوراءِ ، و هي تتنفسُ بضيقٍ و غضب ، لِتقفَ فجأة و تمسكُ ذاكَ المعطفَ الرمادي القصير الذي يصلُ للخصرِ بيدها اليُسرى و تخرجَ من الغرفةِ وسط صُراخِ والدتها و أخواتها و أمرهم لها بالتوقف مكانها حالاً ، لكنها طبعاً قد رمت بكلامِ الجميعِ و صراخهم و توسلاتهم لها بالعودة و التوقف عرضَ الحائط و أكملت طريقها ، و ما إن نزلتَ من الدرجِ اللولبي و خرجت من الصالة ، لِتقفَ في وسط الحديقة و هي تتذكر فجأة أن هذهِ ليست طوكيو لِذا فهي لا تعرف الطرق هنا و لا الأماكن ، لِذا قررت أن تتراجعَ عن قرارها و أن تجلسَ في كرسي الحديقة الخشبي و في النهاية هذا القرارُ أفضل من دخولِ المنزل ، لذا اتجهت بخطواتٍ هادئة بعكسِ دقّاتِ قلبها التي تشبهُ الطبول الأفريقية في جنونها ، و جلست بهدوءٍ أيضاً و هي تضعُ ذلك المعطفَ القصير على كتفيها دونَ ادخال ذراعيها في كُميّه ، و صارت تفكر في ما الذي يجب عليها فعله الآن ، ءتهرب ؟ أم تتمرد ؟ أم تقتلُ نفسها ؟ ، فهي قد أدرجت فكرةَ الزواج في قائمة ِ الأهداف بعيدة الأمد ، لِما بعد 10 سنوات تقريباً ! لكن والدها بأنانيتهِ سُيفسدُ كل أحلامها و خططها ، و لكنها حالياً لا تملك أي شيءٍ لتردعهُ و لكنها متأكدةٌ أنها ستفعل أي شيء لِردعه حتى لو كان هذا الشيء هو مُحاربته ! . استغرقت (نازِك ) تقريباً ساعةً كاملة و هي تحاول ُ الوصولَ لِفكرةٍ لتمنع هذا الزواج ، و خلالَ هذه الساعةِ جاءتها (مريم ) أولاً لِتحاول اقناعها بالدخول فالجو بارد ، و بعدها (نور ) و (رؤى ) و التي رددتا نفس الكلام و أخيراً والدتها و التي قالت نفس الكلام ، و لكنها أبتِ الدخول لِدرجةِ أن النُعاسَ قد بدأ يُداعب عينيها و في ذاتِ الوقت لا تريدُ الدخول للمنزل ، لِتسندَ ظهرها على مسندِ اليد الحديدي و تمّد ساقيها للأمام و بعدها تضعُ يديها داخلَ جيوبِ بنطالها الأسود و هي تُحدَّقُ في السماء ِ اللامعةِ و النجوم البرّاقة ، و بعدها تأخذُ شهيقاً عميقاً و تزفرهُ ببطئ ، و حركت رأسها للجهةِ اليُمنى لتسندهُ على الكُرسي و أغمضت عينيها و فجأةً غطَّت في النوم ، في الحديقة ! ، و أمام ناظريّ شخصين غريبين . في الجهة ِ الأخرى عندَ أولئكَ الاثنين اللذين كانا قابعينِ داخل سيارةِ البي أم دبليو الرياضية ذات اللون الأسود ، كانَ الأول ينظرُ إليها من بعيد بِشفقة ، لِيقولَ الأول للآخر الذي كانَ بجانبهِ واقفاً و هو يعبثُ في هاتفهِ الآيفون الذهبي اللون : " ما أعرف ياخي كيف متحملة تنام بهالبرد " . لِيردَ الآخر ببرودٍ : " شعليك انته ؟ " ليردَ الأول بنبرةٍ تحملُ بينَ موجاتها طيبةً و حنيةً ظاهرة : " مسكينة " . لِيهز الآخر رأسهُ جرّاء انزعاجه : " كنان تراك قرفتني و بعطيك إياها من الآخر هذي عايشه باليابان هالبرد إلي هنا عندهم يصير حر ، و بعدين أول مرة أسمع حد ينام برع و آخر شي شعليك ، حتى ان شاء الله تنام بوسط الشارع ، نحنه هنا ناخذ الأوراق من هالسكرتير الملعون بعدها نتوكل و بس " . بعد أن أنهى كلامه ، نظر إليهِ (كنان ) بنظرةٍ حادة لِيقول : " الأمير لا تلعن " . لِيرمقهُ الآخر بنظرةٍ لا مُباليه و يرد عليه بنبرةٍ مستفزة : " إن شاء الله " . لِينظر إليه ( كنان ) من جديد بذات النظرة السابقة .. نظرةٌ يائسة و فاقدةٍ للأمل ، فهذا هو أخوهُ الوحيد و الأكبر و فوق َ كل هذا لا تُرجى منهُ أيّة فائدة فهو يملكُ هوايةً واحدة و هي حصدُ الأموال ! ، و هذا هو ما يكرههُ و يمقتهُ فيه و يكرهُ فيهِ شيئاً آخر و هو كثرةُ اللعن ! ، لكنه ماذا يفعل و ماذا يقول ؟ ، فهو في النهاية يبقى في أسفل القائمة بالنسبة لِوالديه أولاً و لأخيهِ ثانياً و السبب واحد ، عدمُ عبادتهِ للمال ! . ظلّ (كنان ) و ( الأمير ) ينتظران ذاك السكرتير الخاص بوالد ( نازك ) لِبضع دقائق ، و بعد أن جاء و سلَّم بعض الأوراق لهم ، همَّا بالانصراف ، و لكن قبل ذلك ، سمع ( كنان ) ( الأمير ) و هو يوّجهُ له حديثاً و من العجيب أنه لم يكن عن المال كما أعتقد في البداية : " المباراة بتتابعها ؟ ، أنا بروح مع الشباب " . لِيردَ عليهِ (كنان ) و الذي كانت علاماتُ المقتِ تُرسم على وجهه : " نوّاف و شلته ؟ " لِيهزَّ (الأمير ) رأسه بالإيجاب و هو يتأملُ وجهه في مرآة السيارة الأمامية و هو يغرزُ أصابعهُ في شعرهِ المصبوغ بِالبني ، لِيقول بعدها : " تروح " ؟ لِيرد (كنان ) : " لا ، روح انته " . لِيسمع بعدها صوت أخاهُ بنبرةٍ مُتعجبة : " حبيبي تراها مباراة البايرن – بايرن ميونخ – ! " ليُجيب عليهِ : " بشوفها فِ البيت " . و بعدها أردف و هو يضعُ يدهُ اليسار على مقبضِ الباب : " انته روح ، أنا عندي شغلة بخلصها و برجع " . لِيفتحَ سدّة السيارة و يُقّلب ما بها حتى أخيراً وجدَ قلم حبر و بعدها يفتحُ بابَ السيارةِ و ينزل تاركاً (الأمير ) وراءهُ و هو يتساءلُ بشأن هذه الـ"شغلة " المفاجأة فالذي يعرفه هو عن ( كنان ) أنه ُ ليس إلّا رسّاماً مخبول ! ، و لكنهُ تجاهلَ الأمر و ذهب في طريقهِ لِعند ِ (نواف ) و بقية أصدقاءه ، في حينِ أن ( كنان ) الذي كانَ لا يزالُ واقفاً أمام منزل عائلة ( نازك ) أمسكَ حبّة المحارمِ الورقية التي تحمِلُ أول حرفين من اسمه بيدهِ اليُمنى و أمسك ذاك القلم بيدهِ اليُسرى كونه أعسر ، لِيكتُب عليها بِخطٍ ليس بجميل و لكنهُ مفهوم بلغةٍ عربيةٍ فصيحة : " كُوني بخير .. و ابتسمي ïپ–" كان لِلوجهِ المبتسم في حياةِ ( كنان ) معنى آخر ، فقد شكَّ ( كنان ) حين كان يُراقب (نازك ) من بعيد أن هذهِ أفعالُ شخصٍ حزين ، أو موجوع ، أو متضاربِ المشاعر .. أفعالُ شخص عاجز و لا يعلم ما الحل ، و لطالما كان يعتبرُ نفسه فارساً يحمي و يدافعُ عن أولئكَ الصامتين اللذين يعانون ، فلطالما كانت لوحاتهُ تحكي ألف حكاية ، و تحملُ بينَ طيّاتها : أطفال فلسطين ، ضحايا بشار و داعش و أمثالهم الكُثُر ، لِذا هو الآن لا يدري لماذا و لكنهُ يرى تلكَ النائمة على كُرسي الحديقة في وسطِ البرد ، كاللاجئين الذين ملئوا المخيمات و تركوا أوطانهم و استغاثوا و لم يُغاثوا ، و بطبيعةِ الحال فهو لا يملكُ لهم حلاً سوى رسمهم في محاولةِ فتحِ بصيرة الناس لِآلامهم ، بعد ثوانٍ قليلة التفتَ جهةَ اليمين و اليسار ليرى هل هناكَ من هو قريب ، و يتجه بعدها بِخفة بالقرب من تلكَ النائمة و التي رأى أنها تحتضنُ يديها التي كان من الواضحِ أنهما باردتين ، لِيمد يديه لِوشاحهِ الصوفي الذي يطوّق عُنقه و ينزعه ليضعهُ فوق يديها بِكل هُدوء و دسَّ ذلك المنديل داخله ، و بعدها اختفى بهدوء مثل ما أتى ، و في عقلهِ صوتٌ يقول له أن هذهِ الإنسانةَ ليست غريبةً عليه أبداً ، ليست غريبة ، يُحس و كأنها كانت داخلَ قوقعة ذكرياته يوماً ما . و ما إن ذهبَ ( كنان ) حتى استيقظت ( نازك ) التي أحسَّت فجأة بدفءِ يديها اللتين كانتا قبل قليلٍ ككرتينِ ثلجيتين ، لِترفع رأسها من على المسندِ الحديدي المُزخرف لِتحسَ بألمٍ يغزو أعلى عنقها جرّاء طريقة نومها الخاطئة ، لِتحاربَ الألم و تجلس و هي تمسك مكانَ الألم بيدها اليُسرى ، و فجأة تنتبه لذلكَ الوشاحِ الغريب فهي لا ترتدي الأوشحةَ هنا ! لِتمسكهُ بأصابعها الطويلة و هي تتفحصهُ تارةً من الأمام و تارةً من الخلف ، لِترى فجأةً ذلكَ الجسم المُسطحَ الذي سقط منهُ على العُشب الأخضر ، لِتثني جسدها و تأخذها و حين جاءت لفتحها تعجّبت من الكلامِ المكتوب عليها فهو باللغة العربية و هي لا تعرف حتى قراءة العربية ! لذا لطالما خجلت من نفسها حين ترى نصوصاً عربية و تقف هي أمامها عاجزةً عن فك شفراتها ، و لكنها ابتسمت فقط لِمجرد رؤية الوجه المبتسم ، رُغم أنها لا تعلم لمن هذا الوشاح و لا من أين أتى هذا المنديل إلا أنها أحست بالسعادة ، ظلّت تتأمل الكلماتِ المكتوبة و التي كانت بالنسبةِ لها كالطلاسم و لكنها قطَّبت حاجبيها حين رأت آخر حرفين مٌذيلين على المنديل و المكتوبين بالانكليزية (K.O ) ، كانت (نازك ) مُتعجِّبةً فعلاً فلو أن ما حدث الآن قد حدث في طوكيو فهي ستفهمُ فوراً أنهم أحد ُ مُعجبيها ، لِذا ظلت تفكرُ طويلاً في كيف ستفهم ما هو المكتوبُ على هذا المنديل ، و استغرقت وقتاً أطول لِتفكر في كيف وصل هذا الوِشاح لِعندها و بعد كُل هذا التفكير فكرت في الذهاب لرؤية تسجيلات الكاميرا فعلّها تعرف من هو هذا المجهول الذي فعل َ هذا ، لِتقفَ و هي تمسك ذلك الوشاح الرماديّ الذي طوتهُ الآن ، و أما تلكَ الرسالة فقد وضعتها في جيبِ معطفها الرمادي ! ، و انطلقت نحو ذلك المكان الذي تستطيعُ فيهِ رؤيةَ التسجيلات ، استغرقت فقط دقيقتين لِتصل و ما إن وصلت حتى رأت والدها هُناك ، لِتتصادفَ نظراتهم ، نظرات والدها الباردة و نظراتها هي المقهورة ، لِتتجه هي نحو شاشة الـ(LSD ) الموصلةِ بكاميراتِ المُراقبة ، لِتجلسَ أمام اللاب توب بعد أن أخرجت اسطواناتِ التسجيل ، لِتصل للساعةِ الثامنة و ظلَّت تُقدِّم الفيديو للأمام حتى جاءت تلك اللحظة التي نامت فيها و بعد دقائق فقط حدثتِ الصدمة التي لم تكن تتوقعها و التي جعلتها تقف من على الكُرسي كالملسوعة ! . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . مُقتطفات : الثلاثاء . هَـمسة : " أبي قَيسي و أنا بِالعشقِ لَيلاه <3 " . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 02-08-17 الساعة 11:15 PM | ||||
17-07-17, 08:29 AM | #4 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| * السلام عليكم و رحمة الله و بركاته . كيف الحال ؟ بإذن الله بخير . في الأسابيعِ القادمة سأكون في رحلة سفر ، لذا سأثبت على وضع الأجزاء يوم الجمعة ، لكن إلغاء فكرة وضع المقتطفات كون دخول المنتدى من غير الّاب توب صعب بعض الشيء . + بسم الله : ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . «2» ظلَّت تُقدِّم الفيديو للأمام حتى جاءت تلك اللحظة التي نامت فيها و بعد دقائق فقط حدثتِ الصدمة التي لم تكن تتوقعها و التي جعلتها تقف من على الكُرسي كالملسوعة ! ، و الذي جعلها تُصدم بهذا الشكل هو أن كاميراتِ المراقبة قد توقفت فجأة عن العمل ! ، لِتسأل والدها بعد أن حدث صراع داخلها و لكنها تُحس أنها مُرغمة على فعل ذلك لِذا نطقت بِكل هدوء بِاليابانية: " لماذا انقطع التصوير فجأة ؟ " لِيتجاهلها والدها ، و لكن ذلك الذي كان بجانبه ِ و الذي لم تنتبه هي له أجاب عِوضا ً عن والدها : " لقد احترقت الوصلاتُ فجأة ، سيأتي غداً من هو مسؤول باصلاحها " . حرّكت (نازك ) لهُ رأسها بمعنى أنها قد فهمت و طمرت ذاك القهر الذي تشكَل بقلبها لأن والدها قد تجاهلها أمام أحدٍ ما .. رغم أنها لا تريد أن تحادثه إلّا أنها في ذات الوقت لا تحب أن يتجاهلها ! ، لماذا ؟ لا تدري و لكنها منذ وُلدت و هي هكذا ، و ما هي إلا ثوانٍ فقط حتى أبعدت هذا التفكيرَ و طهّرت خلايا مُخها منه ، لِتنظرَ لوالدها لوهلة و من ثم انتقلت ببصرها للِجُدران و الأثاث و ما إلى ذلك .. كانت الفخامة تشعُ منه كضوءٍ ساطع ، لِتبتسم بِسخرية و تهمسَ باليابانية : " عابد الأموال ! " . ما إن أنهت نُطق جملتها حتى وجّهت بصرها بتجاهِ والدها لِتراهُ غارقاً بالتفكير في الأوراقِ التي يحملها بين يديه ، لِتحس بالراحةِ كونهُ لم يسمعها فهي تعترفُ أن أسلوبها مع والدها وقِح و غير مهذبٍ أبداً لكنها تتخذُ كونَ والدها "عابداً للأموال " كحجة و هذا في الأساس لا يصح . خطت ( نازك ) خطوتين فقط ، لينطق السكرتير بِجُملةٍ جعلتها تبلع ريقها لِمراتٍ متتالية : " ناتسوكو ساما أليسَ هذا الوشاحُ غريباً بعض الشي ؟ " . كانت تفهمُ قصدهُ جيداً رغمَ أنه لم يقُلها بشكلٍ مباشرٍ لأن الوالد هناك و هو لا يعلمُ ما هي ردةُ فعلهِ و لكن السكرتير كان متأكداً أنهُ رآهُ في مكانٍ ما و على أحدِ الشبانِ أيضاً و لكنه قرر إنهاء الأمر و عدم إعطاءهِ أيَّة أهمية ففي النهاية هذا الأمر لا يحق له و في ذاتِ الوقت ردة فعل (نازك ) أكدَّت له أن قصة الوشاح غير طبيعية لِيقول قبل أن تنطق هي و يحنيَ رأسه دلالةً على الاعتذار : " أعتذر ، لقد تحدثت كثيراً " . لِتبتسمَ هي و تخرجَ بخطواتٍ كبيرة و شِبه مُسرعة ، و ما إن خرجت حتى استنشقتِ الهواء بعمق و زفرته بعدها ببطى ، و تالياً ذهبت راكضةً لِتلكَ الصالة التي كانت كحلقةِ وصل بين غرفةِ الأربعِ فتيات ، لِتراهنّ جالساتٍ هناك ، (مريم ) تجلسُ على الأريكةِ و هي مغمضةٌ عينيها و رأسها متكئ على الأريكةِ خلفها ، أما (رؤى ) فقد كانت نصف نائمة فقد كانت تغلقُ عينيها للحظة و ينحني رأسها للجهةِ اليُسرى و بعدها تستيقظُ و تنظرُ للساعةِ و تحاولُ مقاومةَ النُعاس ، و (نور ) قد نامت على الأريكةِ فعلاً ، إذاً فوالدتها هي الوحيدة التي كانت مُستيقظةً تماماً و هي تصوّب نظرها للساعةِ تارةً و بعدها تلتفتُ للدرج ِ في محاولةٍ أن ترى أن ابنتها الوسطى المتمردة قد عادت ، بما أن الساعةَ قد تجاوزت الحادية عشرة ! ، لِتأتي (نازك ) و هي تطوّق أكتافَ والدتها بيديها ، لِترتعبُ الأم بشكلٍ واضح نتيجةَ الحركةِ المُفاجئة ، لِتضحك (نازك ) و تردف بعدها : " ليش جالسين هنا ؟ " لِتسيقظَ ( مريم ) و كذلك ( رؤى ) على صوتها ، لِتلتفتَ (نازك ) لهما و هي تُعطيهما تلكَ الابتسامةَ البلهاء كونها تعلم أن (مريم ) غاضبة و قد تقفُ الآن و تقطعُ لها رأسها ، لكنها هذهِ المرة لم تنطق بأي حرف بل اتجهت لِغُرفتها و كذلكَ (رؤى ) لحقتها لِتقول (نازك ) بصوتٍ عال : " تراضيكم الأيام ! " بمعنى أنها لن تذهب لتُراضي أي واحدةٍ فيهن ، فالوقتُ كفيل بحل كل المشاكل ، لِذا ذهبت و جلست مُقابلَ أمها و هي تُخرجُ هاتفها من جيبِ بنطالها الجينز الأزرق ، لِتقول : " متى نرجع اليابان ؟ باقي 3 أيام صح ؟ " لِتردَ والدتها : " لا ، 5 أيام " . لتُرسمَ على معالمِ وجهها علاماتُ الصدمة : " 5 ؟ واجد ! " . لتقول والدتها : " الأيام تمر بسرعة " . فجأةً صمتت (نازك ) لفترة بعدها وضعتِ الهاتفَ جانباً من يدها ، و أنزلت رجلها التي كانت مرفوعةً فوق الطاولةِ الزجاجيةِ المُستطيلة ، و بلعت ريقها لمرات عديدة و قالت بعد تردد ، و كل هذا كان أمام ناظريّ أمها و (نور ) النائمة : " إلا صح شسالفة هالطلال ؟ " بعد أن أنهت جُملتها أنزلت رأسها للأرض فظلَّت تتأمل حبّاتِ البلاطِ المُتراصة و هي تنتظرُ لسماعِ أيّة إجابةٍ من أمها و لكنها لم تسمع أي حرفٍ منها حتى لِترفعَ رأسها و ترى أمها غارقةً في التفكير ، لِتقوم هي في الوقتِ ذاته في تأملِ أمها ، تلكَ الأربعينيةُ الجميلة ، ذاتَ البشرةِ البيضاء و العينين الواسعتين العسليتين و الشعرِ الطويل الأسود كان الجمالُ العربي يُشِعُ من أمها ، أما هي لم تِرث من أمها و لا قطرةً من بحرِ جمالها بعكسِ (مريم ) و (نور ) فقد كانت هي بيضاءَ أيضاً و لها عينين ناعستينِ و سوداوين و شعرٌ كستنائي متوسطُ الطول جرّاء صبغه ، فقد كانت متوسطةَ الجمال و لطالما تساءلت أين هي عقول أولئكَ الذين يقولونَ أن البيضاءَ دائماً جميلة فلطالما رأت سمراواتٍ فاتنات و لكنها مع هذا كُله فهي تحب ُ شكلها كما هي الآن ، ما هي إلا ثوانٍ فقط حتى قطعت أمها صمتها بقولها : " بصراحة ما أعرف من طلال ! " . لِتنظر (نازك ) في عينيّ أمها مُحَاولة إقناعها بقول الحقيقةِ معها و تنحني كما يفعلُ اليابانيون : " اوني قايشيمس أوكّا سان " – أرجوك يا أمي - . لِتشتتَ الوالدة نظرها و تحاولُ أن لا تنظر ناحيةَ (نازك ) تلكَ التي لا تزال إلى الآن في وضعِ الانحناء ، لِتقول الوالدة بقلّة حيلة : " طلال ، واحد من أولاد صاحب أبوك و .... " قبل أن تكملَ الوالدة كلامها ، نطقت (نازك ) بِـ : " ليش أنا ؟ ، ليش ما مريم ؟ " في ذلكَ الوقت كانتِ الوالدةُ تعرفُ الإجابة و لكنها لا تريدُ إعطاءها لِـابنتها مهما حدث مع أنها تشك أن (نازك ) تعرف الإجابة بالفعل ، لذا قالت في محاولةِ أن تنسي (نازك ) هذا الأمر : " لا تخافي ، الزواج بعد التخرج كذا بشهر 10 ، لوقتها بنشوف حل " . لِتهزَّ (نازك ) رأسها بِالموافقة ، و تقول بعدها لِوالدتها و هي تنظرُ لِـ(نور ) : " أوديها للغرفة ؟ " . لِتردَ والدتها : " ما تقدري ، عادي خليها " . لِتضحك هي في محاولةِ تلطيفِ الجو : " لا أقدر ، شوفي كم طولي ؟ 175 ، و هي ؟ 160 يمكن بس و وزنها كيلوين ! " لِتضحك والدتها : " انتِ عملاقة ما أعرف على من طالعة ! " لِتقول (نازك ) بجدّية : " على عابد الفلوس " . لِتردَ عليها والدتها سريعاً بصوتٍ غاضبٍ و نبرةٍ عالية تدل على الاستياء : " هذا أبوش ، كم مرة قلت لش لا تتكلمي بهالأسلوب " . لِتخطوَ (نازك ) تجاهَ (نور ) و تضعَ يدها الأولى تحت رقبتها و الأخرى تحت رجليها و هي تتجاهل كلام والدتها ! ، و نطقت بِـ : " ثقيلة ! " . علمت والدتها أن (نازك ) تريد إنهاءِ أمر التحدث عن والدها لِذا سكتت هي الأخرى و حركت رأسها بيأسٍ من هذهِ المُراهقة الواقفة أمامها ، فهي تعلم أنها طويلة كوالدها ، و متمردةٌ مثله كما كان هو أيضاً في السابقِ و هي أيضاً تعلمُ أن خلفَ لا مبالاتها و تمردها هذا قلبٌ آخر .. نقي و مليءٌ بالحب ، فقط هو بحاجةِ من يمسك بيدها و يحيي هذا القلب من جديد . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من المدينة ، كان ( كنان ) يجلسُ على سطحِ المنزل و هو يتأملُ القمر الذي اعتلى السماء بدلاً من الشمس و النجومُ تحيط بهِ من كل جانب ، هذا المشهدُ بالذات حين يحَّل القمرُ مكانَ الشمسِ يذكرهُ بحالتهِ هو و أخوه ، فهو يعلمُ أن والدهُ لطالما سعى أن يرى أي واحدٍ فيهما هو الأحقّ بأن يكون الوريث و لكنه لطالما استخدمَ وسائلَ بشعة قد تفرقهما ذات يوم ، فلو كانوا قد سألوا (كنان ) مباشرةً لأعترف أنه لا يريدُ أيَّة أموال ، فقط يريدُ عائلةً حقيقية و ليسَ عبدة أموال ، و مع كل هذا فقد أدخلوه عنّوة لِكليةِ الحقوق و هو كان يريدُ كليةَ الفنون و لكنهُ لطالما كان عاجزاً أمامهم و لا يزال ، و ما زادَ الطين بلةً في عينيهِ أنهم قد دبروا لِتزويجهِ أيضاً من انسانةٍ لا يعرفها و لا يعرف اسمها حتى فقط ما يعرفهُ عنها أنها ابنةُ أحد عَبَدَةِ الأموال ، لِيستنشقَ الهواءَ المحيطَ به بعمقٍ يصحبهُ غضب و يزفرهُ ببطئ و ألم ، و بعدها يغمضُ عينيهِ في محاولةٍ للاسترخاء و إبعادِ التفكير السلبي و تطهير نفسهِ منه ، لِيقطع أخوهُ كل هذا بقدومه المُفاجئ ، لِيجلسَ أمامه و هو يقول بِخُبث : " ها كيف عجبتك ؟ " . لِينظرَ إليهِ الآخر بِقلةِ صبر : " شـالي عجبني ؟ " لِيردَ الآخر بِخُبث : " اخت نواف " . لِتظهرَ الصدمة على وجهِ ( كنان ) فهو لا يُطيق ( نوّاف ) و مع كل هذا سيتزوج أخته عنوة ، لِيرد على أخيه : " تزوجها اذا عاجبتك " . لِيبتعد عنهُ و هوَ يشكُ أنه قد يفقدُ أعصابه ، فوالديه لا يستمعون لهُ أبداً لدرجةِ أنهم قد قرروا تزويجه بدون أن يسألوه و هو لا يزال في العشرين من عُمره ، فهو ليس قادراً على العنايةِ بنفسهِ أصلاً ليعتني بأحد آخر و عليهِ أن يتخرجَ من كُلية الحقوق أولاً و التي رسب فيها مرتين و كاد أن يطرد منها و لكن "واسطات " والده كانت هي من تعيدهُ إليها ، و قد تحمل هذا الأمر و لكن أمرَ الزواج لن يستطيعَ تحملّهُ أبداً ، لِيذهبَ مُسرعاً لِوالدهِ ذاك الذي يقبعُ الآن في مكتبهِ وسطَ أوراق المعاملاتِ التجارية و شيكاتِ البنوك ، ليطرقَ الباب ثلاثاً و بعدها يدخل مباشرةً و يرى والدهُ أمامهُ و هو مُطرقٌ رأسه ينظر لبعضِ الأوراق كما توقع لِيبتسمَ بسُخريةٍ و بعدها قال بعد أن رفعَ والدهُ رأسه : " ما رح أتزوج أخت نواف ! " لِينظرَ له والدهُ و هو يرفعُ حاجبهُ و ينزلُ الآخر لِيردَ عليه ببرود : " من طلب رأيك أصلاً ؟ " لِيقول (كنان ) سريعاً : " انت تعرف بعدني صغير " . ليقولَ والدهُ الذي وضعَ الأوراقَ من يدهِ على الطاولة المكتبية و أنزلَ نظارتهُ الخاصة بالقراءة : " زين من قالك بزوجك الحين ؟ ، بعد كم سنة بس أحسن نضمن البنت " تعَّّجب كنان من آخر ما نطق بهِ والده ءهي انسانة حقا ً ؟ أم أنها سيارة أو سلعة لنضمنها ! لكنه عاد ليُجادل من جديد : " زين ، أي وحدة بس ما أخت نواف ! " . حينها لم يردَ عليه والده ، بل نظرَ إليهِ بنظراتٍ باردة و لا يمكن أن تُفسّر و قال لهُ بعدها : " اطلع و سكّر الباب وراك " . لِيسكُت (كنان ) و يخرج و هو يجر أذيال الخيبةِ وراءه ، و ظلَّ طوال تلكَ الليلةِ و هو يندبُ حظه ، و يحقد على (نواف ) كونه ُ السبب الأول لضياعِ أخيه الأكبر و سلوكهِ طريق الخمر و النساء و الشهوة ! . ¶ ¶ ¶ في اليومِ الذي يليه ، كانتِ الشمسُ قد أشرقت و غربت أيضاً و غزا القمر مكانها في وسطِ السماءِ و احتله و التفت حولهُ النجوم كراقصاتٍ شرقيات ، ففي ذاتِ الوقت قررت (نازك ) الخروج من المنزل لتستنشقَ بعض الهواء ، فهي لم تخرج في أيٍّ من تلكَ الستةِ الأيام الماضية ، و الآن بعد أن بدأ موضوع (طلال ) أصبحت تتجاهل والدها تماماً و تحبذ أن لا تختلطَ بهِ رُغمَ أنه لا يُرى إلّا في الأسبوع مرتين ! . " وين رايحة ؟ " . هذا هو ما قالته ُ (مريم ) حين رأت (نازك ) بِبنطالها الأسود والقميصِ الرمادي الذي يصلُ لِأسفلِ الفخذ و ارتدت فوقهُ معطفاً يصل للركبة باللون ِ الأسود ، و شعرها متوسطُ الطولِ كان على هيئةِ ذيل حصان و اختتمت كل هذا بِحذاء رياضي ، فهي طويلة بما يكفي كي لا ترتدي كعباً عالياً ، فلو فعلت لأصبحت ناطحة سحاب ! ، لِترد (نازك ) بِـ : " نطلع ، ما أعرف وين بالضبط بس أي مكان أنا و رؤى و نور ، تروحي ؟ " لِتستغرقَ (مريم ) بضعَ دقائقَ في التفكير لِتجيب بِـ : " أي ، بس انتظروني على ما أجهز و أخلص " . لِتذهب (مريم ) ، في حينِ أن (نازك ) غزا تفكيرها فجأة ذاكَ الوشاحُ المجهول و الرسالة ! ، لِتبتسم ، و بعدها اختفتِ الابتسامةُ فجأه لِتكلم نفسها باليابانيةِ قائلةً : " ءمن الممكن أنني وقعت في حُبِ شخصٍ مجهول ! " ، بعدها هزَّت رأسها يُمنةً و يُسرة لِتنفي هذا الاعتقاد الأحمق ، و ترمي نفسها على الأريكةِ الملونة و لكنَ نفس التفكير كان يحتلُ عقلها ، لِتمسك الوسادةَ و تضعها على أعلى رأسها و هي تصرخ بِــ : " لاااا ، مَساكا – مستحيل- " . و فجأةً رأت أمامها أربعةَ أجسامٍ مُصطفة أمامها ، لِتبتسم بشكلٍ أبله : " أنا بخير ، بخيرٍ تماماً ! " . لِترى نظراتٍ مُزينةً بالشكِ و الخوف و القلقِ مُتجهةً نحوها ، لِتقفَ سريعاً في أملَ أن توضح لهم أنها بخير و حين كانت تمشي ، فلم تكد تخطو خطوتين حتى ضربت رأسها بِحاملِ الكُتب المُثَّبت على الجدار : " يارا يارا إيتاي –يا إلهي ، مؤلم ! – " وضعت يدها مكانَ الضربة ِ و هي تسمعُ ضحكات تتفجر من أفواهِ كل الموجودين لكنها حاولت تجاهلَ الإحراج و ذهبت معهم ، و ما إن صعدنَ للسيارة و وصلن لمنتصف الطريق المؤدي للشاطئ حتى أتصلت الوالدة على هاتف (نور ) إذ أن (نازك ) قد تركتهُ في المنزل و (مريم ) قد فرغَ شحنه قبل دقائق ، و (رؤى ) وضعتهُ على الصامت ، لِتردَ (نور ) : " كونيتشيوا أوكّا سان – مرحباً أمي – " . بعدها أردفت بِنبرةٍ مصدومة و واضحٌ هو عليها الضيق : " ناني ؟ - ماذا - " لِتردف بعدها من جديد : " ناندي ؟ - لماذا ؟ - . لِتقول بعدها بيأس و قبل أن تُغلق المكالمة : " هاي – حاضر – " . لِتُغلق الهاتف و ترفعَ رأسها لِتقول : " أمي تقول نرجع الحين ، نروح بيت خالتي " . لِتقول (مريم ) : " وينه أصلاً بيت خالتي ؟ " . و تردفَ بعدها (رؤى ) : " و أنا شوضعي ؟ " لِترد عليها (نور ) : " عادي ! " . لِتقول (نازك ) : " ياخي ما أطيقهم ، يعني لازم نروح ؟ " نور : " ترا أمي قالت يعني شقول لها بعد ! " مريم : " لازم نروح ، ما لازم نجيب لأمي و لنفسنا الكلام " . لِتأخذ (نازك ) نفساً عميقاً و تُخرجهُ ببطئ لِتقول بضيق: " هاي ! " . حينها انعطفت (مريم ) في أقرب مُنعطف ، و كان الوقت المٌقدّر لوصولهم للبيت ما يُقارب الثلاثين دقيقة ، لِتقومَ (نازك ) و التي كانت تجلسُ بالمقعدِ الأمامي بِوصلِ هاتف ِ (نور ) بِمسجل الصوت بعد أن أخذته منها ، لِتدخل كلمة السر التي كانت تعرفها بعدها تبحثُ في ملف الأغاني عن أغنيةٍ ما ، و لفت نظرها أغنيةٌ مسجلةٌ بِـ : Nat chan _yoroshty _2009 " نات تشان _ اغفري لي !" . لِتضغط عليها لا شعورياً ، لِتفتحَ و هي تضعُ الهاتفَ من يدها ، لِتبدأ الأغنية و ما إن بدأت الأغنية حتى انصدمتِ الثلاثُ (رؤى ، مريم ، نور ) ، فقد كان َ الجميعُ يعلمُ القصة الحقيقة للأُغنية إلّا أنهم لا يعلمون ما هو المغزى الحقيقي لها ! و الذي كان سببه موقفاً ما قد حدث في عامِ ألفين و تسعة أيضاً ! ، و هذهِ الأغنيةُ هي أيضاً كانت خِتامَ مسيرةِ (نازك ) أو بالأصح ( ناتسوكو ) أو كما يطلق عليها في عالمِ الشهرة (نات تشان ) ، فقد اعتزلت الغناء بعدها ، ففي وقتٍ يسبقُ إصدارَ هذهِ الأُغنيةِ بِشهرٍ و نصف تقريباً ، في التاسع من سبتمبر لعام ألفين و تسعة! ، تاريخٌ مميز يحملُ ذكرى قبيحة ، حدث ما لم يكُن بالحسبان ، حدث ما جعل (نازك ) تزاولُ طبيباً نفسياً . في ذاتِ الوقت الذي كانت فيه (رؤى ) و بنات عمها يعشنَ شعورَ الصدمة ، أفاقت (مريم ) من صدمتها و انتبهت للطريقِ الذي تقودُ فيه ، أما (نور ) و (رؤى ) فقد التزمتا الصمت ، في حين أن (نازك ) كتّفت يديها و وضعت رأسها على النافذةِ و هي تتأمل عواميد الإنارةِ المُنتشرة على طول الطريق ، و تعودُ بذاكرتها للوراء ، لِـ (9-9-2009) : ذات يومٍ مُشمسٍ و هادئ ، تغطي فيهِ الغيومُ صفحةَ السماء النقية ، اتصلت الجدةُ بِـ (نازك ) تلكَ التي كانت في سنتها الثانوية الأولى و التي نسيت عُلبة غدائها ، لتطلب منها مُلاقاتها بجانبِ تقاطع الطريق ، لتقول (نازك ) : " جدتي لا تتعبي نفسش ، عطيه لأي حد من هناك و أنا بشوفهم بنفس المكان ! " لِتردَ الجدة بِـ : " لا ، لازم أتأكد أنه وصلش " . لذا وافقت (نازك ) الجدةَ على ذلك ، و ما إن انتهت (نازك ) من مكالمتها حتى التفتت لِصديقها الياباني ذي البشرةِ البيضاء و العينينِ الضيقتينِ بلونِ الليل ، و الشعر المصبوغِ بالأشقر لِتقول له : " ايتشيرو سأعودُ للمنزل ، فقد نسيتُ علبة غدائي و لا يمكنني في ذاتِ الوقت رفضُ طلب ِ جدتي بالعودة ، فلتذهبي انتي قبلي " . ما إن أنهت جملتها حتى قال صديقها ( ايتشيرو ) : " هاي – حسناً - . لِتُلَوح لها (نازك ) يدها دلالةً على الوداع ، و تذهب مُسرعةً لِتصلَ أخيراً للتقاطُع ، و ما إن وصلت حتى لوَّحت لجدتها أيضاً بيديها و هي تصرخُ بِـ : " أوبا سان – جدتي – " . لِترى جدتها تنظرُ إليها و هي تبتسم ، و قد عبرت (نازك ) الطريق لِتصل للجدة و لكن فجأة جاءَ أحد المُجرمين الفارّين من العدالةِ و هو مخمورٌ و يُمسكُ بيده ِ سكيناً لِيُمسك بالجدة و يضع السكين بالقُرب من عنقها ، أخذها كرهينةٍ و في النهار ! ، لِتفتحَ (نازك ) عينيها بأكملها و تصرخ بِـ : " أوبا سان " . لِيقول لها ذاكَ المخمور و هو يقرّب السكين لِعنقِ الجدة : " لا تقتربي يا صغيرة " . لِتقفَ (نازك ) مكانها ، و بينها و بين الجدة و المجرمِ مسافة ، لتأتي بعدها الشُرطة ، ليستطيعوا امساكهُ فعلاً و لكنه دفعَ الجدة لتسقطَ بوسطِ الطريق ! ، و فجأة تحوّلت الإشارة الحمراء للسيارات لخضراء ، لتأتي سيارةٌ مسرعة ، و تصدمَ الجدة ، لِيتطايرَ جسدها المُتعب من طعناتِ الزمن كقطعة باليةٍ من ورق في الهواء ! ، و صندوق الغداءِ الذي كان بيدها قُذفَ بالهواءِ ليسقط أمام قدميّ (نازك ) المصدومة ، لِتتفجرَ بعدها براكينُ دماءٍ من أماكنَ مختلفةٍ من جسدِ الجدة ، لِيتوقفَ جسدها الستيني عن الحركة ، وسط أنظارِ الناس .. و (نازك ) تلكَ التي كانت جامدةً ، و قد ثلجتِ الدموع في مُقلتيها ، و ارتسمت على شفتيها فُتحةٌ كبيرة جرّاء الصدمة ، لِيلتفَ الناس ُ حول الجدة و هي لا تزالُ في مكانها مصدومةً ، فقد كانت أضعف من أن تتحمل كل هذا ، لكنها ما إن أفاقت من صدمتها ، حتى جرت سريعاً ، و دخلت وسطَ ذلك الحشدِ الذي تجمّع لِتصرخَ و الدموعُ ترافقُ صراخها : " أوبا سان .. أوبا سان " . ما إن وصلت لجسدِ الجدة المرمي كجثةٍ هامدة حتى زادَ انفعالها ، و هي تُمسك جدتها بيديها و تهزها : " أوبا سان .. يوكيرو .. يوكيروووو – استيقظي " . و ما هي دقائق حتى امتلئ نقاءُ يدها بالأحمر الدامي ، ليحاولَ الناس ابعادها عن جدتها التي ستذهب في الإسعافِ الآن ! . قطعَ حبلُ ذكرياتها ، صوتُ (مريم ) : " وصلنا " . لِتفتح (نازك ) الباب و تنزل دون أيَّة كلمة ، فهي في الحقيقة لا تحتاجُ لاستعادةِ هذهِ الذكرى فقد ماتت الجدة ، و هي تحمِّل نفسها هذا الأمر ، لِذا ما إن أطلقت هذه الأُغنية التي كتبت كلماتها بنفسها حتى اعتزلت ، و هذه السنةُ الثانية لاعتزالها ، و أيضاً قد زاولت الذهاب للطبيب النفسي لسنةٍ كاملة ، حتى اختفتِ الكوابيسُ و الأحلام المُزعجة ، و اختفى الحُزن من ملامحِ وجهها و لكن مع ذلك فالحزنُ له لمحة في عينيها ، و للندم أرضٌ واسعة يسكنها داخل قلبها ، و لكنها مُضطّرةٌ لِكبحِ كل هذه المشاعر رغم أنها تؤمن في داخلها أنها تستحقُ أن تُجمع كُل أحزانِ الدُنيا و تُصَب داخلها كي يقل ندمها قليلاً ! . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من العالم كان ( كنان ) يواجهُ صعوبةً في أحدِ الدروس الخاصة بالقانون ، فقرر الذهاب ليسأل أخوهُ الأكبر بما أنه قد درسَ هذا مُسبقاً ، لِيخرجَ من غرفته ممسكاً بِالكتابِ و القلم ، فهو يعلمُ أنه اذا رسبَ مجدداً سيُطرد من مكانين : الكُلية و المدرسة ! ، لذا ما إن وصلَ لغرفةِ أخيه حتى سمِعَ حواراً كاد أن يجلطه : " نوّاف ، عشرين مرة أقولك أخر السفرة لآخر الشهر ، عادي أنا بقنع أبوي بس هالسفرة ما أفوّتها ، مستحيل أفوّتها " . لِيُردف بعدها بِخُبث : " حبيبي هذي تايلاند ! " . لِيدخلَ (كنان ) للغرفة دون أن يستأذنَ و يسحب الهاتف من يدِ أخيه و يقول لِـ(نواف ) الذي كان في الجهة ِ الأخرى من الهاتف : " بيجي يوم أقتلك فيه بيدي " . لِيُغلقَ بعدها في وجهه ، و يلتفت لِـ ذاكَ الجالس : " انته ما تفهم ؟ ، عشرين مرة أقولك وقف هالمصخرة و هالشغلات ! ، خله يزوجوك يمكن تعقل ! " لِيجيبَ الآخر ببرود دم : " حبيبي ، أبوك و أمك اختاروا لي وحدة ، أتوقع أنها شيفة انته عاد تعرف ذوق أبوي و أمي ، بس لا كان عندها فلوس عاد هنا ما أقدر أتكلم " ليُنهي جُملته و يبتسم لِـأخيهِ ، لِيقول (كنان ) : " انته صاحي ؟ ، والله العظيم أحس مكانك المصح النفسي ! " و لكن أخاهُ قد تجاهلهٌ لِيقول : " و حتى لا تزوجت ذيك الخُبلة إلي ما أعرفها ، ما بوقف عن هالسوالف ع قولك ، ياخي انت جرّب وو " قبل أن يكملَ كلامه ، رمى (كِنان ) عليهِ الكتاب و بعدها القلم و خرجَ غضباً ، فمهما فعل فهذا القبيح لا يفهم أبداً ، فهو لم يفهم سابقاً و لن يفهمَ الآن ، لذا من الأفضلِ له أن يتجه لِمرسمهِ الصغير الذي صنعهُ في قبو ِ البيت و يحاول أن يمتص غضبه بواسطة الألوان ، ما إن وصل إلى هناك ، حتى ارتدى قطعةً تحميهِ من أن يتلوثَ بالألوان ، و بعدها جلسَ على الكرسي الصغير الأبيض و الدائري ، و هو يتأمل اللوحةَ البيضاءَ أمامه لٍِيفكر بماذا يرسم ، ليجتاحَ هدوءَ تفكيرهِ فجأة ، صورة لتلك َ النائمة في الحديقةِ وسطَ الأشجار و في الجوِ البارد ، ليبتسمَ بخفةِ ، و ما إن عادَ لوعيهِ حتى نفضَ تلكَ الأفكار القبيحةَ من رأسه ، و ظلَّ يقلب من جديد في ثنايا ذاكرته باحثاً عن من تكون تلكَ النائمة ، فهو متأكدة مائةً بالمائة أنها تحتل جُزءاً من ذاكرتهِ و قلبه في آن واحد ، و لكن عقلهُ يأبى أن يتذكر من تكون ! ، و توّقف عنِ التفكير حين سمعَ رنّة هاتفه ، و رأى اسمَ أمه على الشاشة !. ¶ ¶ ¶ في ذاتِ المساء بعد أن التقت (نازك ) بخالاتها و بناتها ، التي رأتهم آخر مرة في اليابان قبل ثلاث سنوات ، و كان من الواضح أن (نازك ) و بناتُ خالاتها كلٌ يحمل ضغينةٌ على الآخر ، لِذا فعلت نفسِ الأمر الذي تفعلهُ دائماً حين تريد الهروب من أي شيء ، لِتخرجَ خارجاً في محاولةٍ لِلمشي في الأرجاء ، جالت بعينيها في المكان ِ ما إن خرجت من البيت و وضعت قدميها على الفناء ، خالتها هي من الطبقةِ المتوسطة لذا فهي تعيشُ في حيٍ متوسطِ الحالة . وضعت يدها بجيبها و هي تخطو نحوَ باب الفناء لِتخرجَ من البيت و ما إن وضعت قدمها على عتبة الباب ، حتى يأتيها في عقلها صوتُ (مريم ) الغاضب : " أنا كم مرة قلت لش ، بطلي هياته ف الشوارع ، و بعدين انتي ما تعرفي الأماكن هنا مثل طوكيو و ما عندش حد " . لِتترد أولاً ، و لكنها بعدها خرجت و هي تنظرُ لساعةِ يدها التي كانت تشيرُ للساعةِ الحادية عشرة ، و ما إن خرجت من البيت و مشت بضع خطواتٍ نحو اللامكان ! ، سمعت ضحكاتٍ غريبة و قهقهات ثملة تأتي من وراءها ، لِتحتضنَ نفسها بيدها ، و تُسرع في خطواتها ، و مع هذا فقد كانت لا تزال تلكَ الضحكات تتبعها ، لِتبلعَ ريقها و تُدير رأسها للخلف ، و يقعَ بصرها على آخر شيءٍ تمنتهُ أن يكون فقد رأت ثلاثةَ شُبان من الواضحِ أنهم عديموا الأخلاق ، لِتقرر أن تطلقَ العنان َ لقدميها و تجري بأقصى ما يمكنها ، فمن الواضح أنها أطول قامةً منهم و كما هو معروف كلما كان الشخص أطولَ قامة كلما كانت خطوتهُ أكبر ممن هم أقصر منه ، لذا استندت على هذهِ القاعدة و ركضت بأسرعِ ما يمكنها ، لِتصلَ في نهايةِ المطاف لِسورٍ مكون من شبكٍ حديدي مما يدلُ على أنها مزرعة و هذا سورها الخلفي أيضاً ! ، و بجانبها كذلكَ مزارعُ أخرى إذن لا مفر ، و ما زادَ خوفها و توترها أكثر ظِلٌ طويل قادم من جهةِ اليمين ، و أما ورائها فقد أصبح صوتُ الضحكات أعلى و أكثر قُرباً منها ، لِتبلعَ ريقها بصعوبةٍ بالغة و تقررَ الاستسلام للقدر ! . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . هَـمسة : " سَماع الأغاني مُحرّم شرعاً " . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
28-07-17, 02:59 PM | #5 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . »3« لذا استندت على هذهِ القاعدة و ركضت بأسرعِ ما يمكنها ، لِتصلَ في نهايةِ المطاف لِسورٍ مكون من شبكٍ حديدي مما يدلُ على أنها مزرعة و هذا سورها الخلفي أيضاً ! ، و بجانبها كذلكَ مزارعُ أخرى إذن لا مفر ، و ما زادَ خوفها و توترها أكثر ظِلٌ طويل قادم من جهةِ اليمين ، و أما ورائها فقد أصبح صوتُ الضحكات أعلى و أكثر قُرباً منها ، لِتبلعَ ريقها بصعوبةٍ بالغة و تقررَ الاستلام للقدر ! . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من الـ"حارة " التي كانت ( نازك ) عالقةً فيها ، كانت الثلاثُ فتيات و الوالدة يحاولونَ الاتصال بتلكَ المجنونة التي تُدعى ( نازك ) ، لِتقول ( نور ) : " صح ، خلت تلفونها بالبيت " . لِتوَّجه ( مريم ) سؤالاً لِوالدتها التي قد بلغَ خوفها ذروته : " هالمجنونة اختي حقيقي ؟ و لا بدلوها بالمستشفى ؟! " . لِتردفَ (رؤى ) على كلامِ ( مريم ) : " عشرين مرة نقول لها لا تروحي لأي مكان ، تحسب انها ف طوكيو ! " . لِتنهرهما والدتهما : " بس ! ، ما وقته ، خلنا نعرف وينها أول شي ، بعدين تضاربوا ! " . توّقعت ( نور ) أن أختها في البيت لِتقول : " يمكن ف البيت " . لِترد ( مريم ) باستهزاءٍ واضح : " أيوا بالبيت " لِتُردف بعدها بنبرةٍ عالية و صُراخ : " كيف يعني بتمشي من هنا للبيت ؟ ، عندش كلام زين قوليه ، ما عندش كلام اسكتي ! " . لِتسكُت (نور ) بعد كلام ( مريم ) و لتصمتَ (رؤى ) طواعيةً أيضاً ، فالجميعُ يعلمُ كيف هي (مريم ) اذا غضبت تُصبح كالمجنونة ، و في الوقت ذاته أجزمَ الموجودون جميعاً أن (نازك ) ميتةٌ اليوم لا محالة .. على يديّ (مريم ) . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر ، عند (نازك ) ، فقط هي ثوانٍ حتى وصلَ الظلُ الطويل بالقُرب منها ، لِيلتفت جهتها أولاً و جهةَ أولئك الثلاثة ثانياً ، لِيفهمَ ما يحصل دون أن يخبرهُ أحد ، لِيُمسك يدها ! ، و يركضا للجهةِ اليُمنى و التي كانت نهايتها أيضاً سور من الشِباك الحديدية لكنها لم تكن تعلم ماذا تفعلُ جرّاء الخوفِ و التوتر لِتنصاعَ لِأمرِ ذاك المجهول و تتبعهُ و هو ممسكٌ بيدها ! ، لِيصلا لِنهايةِ الطريق لِيُصادفا ذلك السور ذي الشِباكِ الحديدية مجدداً ، لِيقفَ هو أمامها و تقفَ هي وراءه في محاولةٍ لحمايتها ، و أولئك الثلاثةُ يقتربون منهم ، و ما إن ركَّز (كنان ) بنظرهِ نحوهم حتى رأى ملامحَ ( نواف ) تتشكل أمامه ! ، لِيرتفعَ ضغطُ دمه ، و يتركَ يد من بجانبهِ و يرتدي قبعة الرأس المُلتصقة بِقميصهِ كي لا يعرفهُ ( نوّاف ) ، و لكن الذي أثار دهشة (كِنان ) أن هؤلاء الثلاثة لا يقفون بل يزاولون المشي بتجاههم ! ، لِيسمعَ صوت أحدهم و هو يقول : " شكله روميو مالها " . و فجأة ً و حين كانَ ( كنان ) يوّجهُ نظره لِلأرض استقرّ بصرهُ على حجر متوسطِ الحجم لِيحملهُ و يرميه بتجاهِ الشباب الثلاثة ، لِتفتحَ (نازك ) فمها من الصدمة ، فلو سقطَ الحجر على رأس أحدهم لمات حالاً في مكانه ، و لكنها أحست بيدٍ تسحبها من جديد ، و هي ترى ذاكَ الحجر سقطَ على رجلِ أحد منهم لِيصرخَ على الاثنين الذين هم وراءه : " يا أغبياء مسكوهم ! " لِيجريا من جديد في الاتجاهِ المعاكس و الذي بلا شك أنهُ سينتهي بِسور الشباكِ الحديدية البائس ذاك ، و لكن (نازك ) توقفت فجأة ، لِيقفَ ( كنان ) معها ! ، لِتتذكر فجأةً أيضاً أنها لم تُزاول حضور دروس الكاراتيه من أجل لا شيء ، لِتنظرَ لذلكَ الواقف بجانبها و تسحبَ يدها من يده بِعُنف و كأنها الآن قد أحسّت بالذي يجري من حولها ، لِتقولَ له و هي تنظر لأولئكَ الاثنان ِ : " ابتعد من هُنا " . قالتها بِالانكليزية لِأنها لم تكن ترى ملامحه جيداً فلم تكن تدري ما هي جنسيتهُ و لكنها كانت متأكدةً بأنه بالتأكيد سيفهم الإنجليزية و ما إن وصلَ أحد الاثنين بِالقُرب منها ، لِترفعَ رجلها و تركله .. في وجهه ! ، لِيفتح ( كنان ) فمهُ من الصدمة و كذلكَ ذاك الآخر ، لِيسحبَ رفيقهُ الذي وقع أرضاً و يفران بعيداً ، لِتلتفتَ لِـ ( كنان ) الذي لا زال تحت تأثير الصدمة ، و ما إن رأت وجهه حتى أيقنت أنه خليجي و لكنها تعّجبت كيف لِخليجي أن يفعل ما فعلهُ هذا فهي تعلمُ أن هذا الأمر لا يُفعل هنا ، لِتتأمل يدها و تسأل نفسها مجدداً بكيف فعل هذا و هذا لا يُفعل هنا ، و لِـ (كنان ) أيضاً نفسُ التفكير ، فما حصل من المستحيل أن يحصل َ في الخليج ، فلم تكن (نازك ) تعلم أنه أمريكي المَنشأ و هو لم يكن يعلم أنها هي يابانيةُ المنشأ .. أو بالأصح لم يتذكر . قطعت (نازك ) الصمت الذي حصل حين ظلّت تتأمل المكان لِتتذكر أنها لا تعلمُ أين هي و لا تعلمُ كيف تعودُ للمنزلِ حتى ، لِتطلب من الواقفَ أمامها بعد تردد واضح : " عادي استخدم تلفونك ؟ " . لِيقفَ هو جامداً في مكانهِ أولاً و بعدها يستوعبُ الأمر لِيخرجهُ من جيبهِ و يفتح الرمز المكون من 4 أرقام ، و يمدهُ لها ، لِتأخذهُ هي باحراج ، و هي تتأمل شكله ، آيفون فضي ، لِترفعَ بعدها كُمّ قميصها و تنظرُ لِذراعها و هي تتذكر ما حدث بالأمس حين جاءت (مريم ) و كتبت رقمها على ذراع (نازك ) و هي تقول : " لا سرقوش و لا شي ، اتصلي .. أعرفش ما تجلسي ف مكان واحد " . عادت للواقع و هي تبتسمُ بسخرية ، و اتصلت بعدها بِـ (مريم ) لِيأتيها صوت (مريم ) و الذي استنشقت منهُ رائحةَ العصبيةِ تفوح ، لِتقول : " ألو ؟ " لِتجيبَ هي : " مريم ؟ " و ما إن تعرّفت (مريم ) على صوتها حتى صرخت عليها ، لدرجة ِ أن صوتها قد اخترقَ سماعةَ الهاتف و وصل لِمسامع (كنان ) : " وينش انتِ ؟ تدوري ف نص الليل ، و الله لا شفتش لأقص رجولش قص و ... " لِتقاطعها (نازك ) : " أوكِ ، ما أعرف أنا وين بس تعالي لي ، أعتقد إني أتذكر الطريق أقدّر أخمنه " ما إن أنتهت من جملتها ، حتى صرخت عليها (مريم ) من جديد :" ما أجي لو تموتي ! " . لِتنهي جملتها و تنهي المكالمةَ في ذاتِ الوقت ، لِتبعدَ (نازك ) الهاتفَ من أذنها و هي تهمس بِـ : " يارو – حقيرة – " . لِيسمعها (كِنان ) و يتذكر أن هذهِ هي النائمة التي رآها قبل أيام ، لِيسألها بِلطف :" أوصلش ؟ " لِتنظرَ هي إليه ِ بنظرةٍ سيئة و هي ترفع حاجبها لِيفهم قصدها فيتراجعَ عن كلامه ، و لكن (نازك ) بعد دقيقتينِ من التفكير نطقت بِـ : " أوك ، بس شوف هنا و انت امشي وراي بمترين " . قالت هذا و هي تُؤشرُ بيديها على مكانها و مكانه ، لِيوافق على كلامها ، و يمشيان ، و قد كانت (نازك ) تحاولُ تخمين الطريقَ الذي يقودُ للتقاطعِ القريب من منزلِ خالتها كي تتصل بِـ (مريم ) من جديد و تأتي لِتُقلها ، فهي من المستحيل أن تذهب مع هذا الغريب ، و أثناءَ تفكيرها بهذا أحسَّت فجأة ً أنها أصبحت بِمستوى أكثر انخفاضاً مما كانت عليهِ قبل لحظات ، لِتدرك أخيراً أنها قد وقعت بسبب سرحانها ! ، لتتذكر أن ذلكَ الغريب كان وراءها لِتشعرَ باحراج غير طبيعي ، و لكنها حاولت بأقصى ما يُمكن أن لا توضح احراجها ، لِتعودَ و تقف على قدميها من جديد لِترى أن كم قطرةً من دم قد تدفقت من باطنِ يدها اليُمنى ، في ذاتِ الوقت حاول (كنان ) قدر الإمكان أن لا يضحك و يحرجها ، لِذا أخرج من جيبهِ منديلاً و مدهُ لها ، أما هي فظلّت تتأمل ذلكَ المنديل الممدود و هي تشاورُ نفسها ءآخذهُ أم لا ؟ ، و بعدها أخذته ، لِتقومَ بمسحِ جُرحها به و شرعت تكمل ُ طريقها و ذاكَ الغريب يمشي وراءها مع وجودِ مسافةٍ بينهما ، و أما هو فقد كان يحاول عَصرَ ذاكرتهِ قدر الإمكان فهو متأكد أن هذهِ الانسانةَ و التي لا يعرف اسمها حتى أو لا يتذكرهُ إن صحَّ القول لها ذكريات مطمورةٌ في ذاكرته ، لِتقطع هي حبلَ تفكيره حين قالت : " بس خلاص أوقف هنا " . لِتردف و هي تؤشر لِسيارةٍ بجانبِ التقاطع بعد أن رأت اللوحة : " هذي اختي ! " . لِيقفَ هو و يذهبَ في تجاهِ مزرعةِ خاله ، لِتقولَ من جديد بعد تردد : " أريقاتو –شكراً – " . قالتها و هي تقرُنها بابتسامةٍ خفيفة و بعدها ذهبت بهدوءٍ بتجاهِ سيارةِ أختها ، و ما إن دخلت حتى صرخت (مريم ) عليها : " مجنونة انتِ مجنونة ؟ ، المفروض ما أجي أدورش ، بس عشان أمي جيت ، صار لي ثلث ساعة و أنا واقفة هنا ، مجنونة انتِ ؟ مجنونة ؟! " . و لِأول مرةٍ منذُ سنين تنطقُ (نازك ) بِـ : " اوكِ ، جومينّاساي ! – آسفة – " . لِتلتفت َ لها (مريم ) و آثارُ الصدمة مرسومة على وجهها ، لِتبعد يدها اليُمنى عن المقود و تضعها على جبهةِ (نازك ) : انتِ بخير ؟! لِتردَ (نازك ) : هاي – نعم - . لِتصمتَ ( مريم ) و هي لا تزالُ مصدومة ، في حينِ أن ( نازك ) بدأت تُحس أن هذا الغريب قد بدأ الجلوسَ على عرشِ قلبها ، لكنها لا تُريد تصديقَ هذا الأمر ، فمنذ جاءت هنا أصبحت تقعُ في حبِ المجاهيل ! ، و لِنفي هذا الشعورِ قامت بضربِ وجهها بكلتا يديها : " لاااااااا ، مَساكا –لا مُستحيل – " . لِتنظرَ إليها (مريم ) من جديد و بِصدمةٍ أكبر : " أحلف انش ما صاحية ! " . لِتردفَ بعدها بنبرةٍ يتخللها الشك : " شصار ف هالفترة إلي ضعتي فيها ؟ " . لِتقول (نازك ) : " و لا شي " ! لِتتوسدَ النافذةَ من جديد ! ، و تدّعي أنها تحاولُ النوم كي لا تسألها (مريم ) أسئلة ً أكثر فلو علمت ، ستقومُ بقتلها بيديها ! . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر ، قرر ( كِنان ) العودة لِلمكان الذي يقبعُ فيهِ أخوه و أصحابهُ الحمقى ، لِيتذكر فجأة أن واحداً من أولئكَ الثلاثة الأغبياء كان ( نواف ) و الذي استأذنهم بأن هناك عملاً هام ينتظرهُ ، قال ( كنان ) في داخله " شغل ضروري ؟ خمر ! " ، لكنه تجاهلَ ( نواف ) و غيره و قرر تغيير طريقهِ و العودةَ للمنزل ، ليتوّجه لِمزرعةِ خاله ، و أثناءَ دخولهِ صادفَ ( نوّاف ) و هو يمشي بِعَرَج ! ، لِيبتسم بِخفة و هو يتذكرُ أنهُ هو من فعل هذا بِه و في ذاتِ الوقت شعرَ بسلامٍ داخلي ! ، لأنه اعتبر هذا كجُزءٍ من انتقامٍ لِـ( الأمير ) ! ، لِذا أكملَ طريقه ، ليدخلَ أخوهُ و أصدقاؤه في نطاقِ نظره ليتوّجه لهم سريعاً ، لِيقفَ مواجهاً لِأخيه و هو يأخذ مفاتيح السيارة التي كانت موضوعةً أمام أخيه ، لِيقولَ لهُ بصمتٍ منخفض : " برجع البيت ، شوف لك واحد من هالثيران يرجعك " . لِيذهب دون أن يستمع لِلذي سيقوله أخوه ! . أما عند الأخ ، سرّهُ شيء و ضرّه آخر ! ، الذي سرّه أن ( كِنان ) صحيفة الأخبار المتنقلة الخاصة بوالدته قد رحل فالآن سيستطيع شُربَ الخمر بِهدوء ، و ما ضرّهُ أن أفعال أخيهِ الأصغر الغبية تجعلهُ يبدو أحمقاً أمام أصدقائه ، فهو يعلم أن ( كنان ) لا يطيقهم لذا يتصرفُ هكذا ، و هو يعلمُ أن ذاك الرسام المخبول – كما يقول – قد جاء لأن والدته طلبت منهُ ذلك و إلا لكان يفضّل الموت على القدومِ إلى هنا . ¶ ¶ ¶ كانت ( نازك ) تَقفُ و علاماتُ الدهشةِ واضحةٌ على وجهها و هي ترى أن هذا المنديل مُطابقُ لِلمنديل السابق ، لِتهمسَ لِنفسها " إذن ذاكَ المجهولُ يبدو هكذا ! " ، لِتُحسّ بِالسعادة تغمرُها و أخيراً قد عرفت ذاكَ المجهولَ صاحبَ الوشاح و الذي قد توّطن قلبها بأفعاله ، لِتبتسمَ ابتسامةً صغيرة و لكنها اختفت حين تذكرت ذاكَ الاسم البائس ( طلال ) ! ، تكرههُ .. تكرههُ بشدة و من شدةِ كرهها له لا تُريد أن تعرف عنهُ أي شي و لا تريد حتى أن تعرف كيف هو شكله ، و ستنساهُ من الآن حتى تعودَ إلى هنا في المرةِ القادمةِ حينها ستعرفُ كيف ستتصرفُ معه و تزيحهُ من طريقها ! . ¶ ¶ ¶ كان ( كنان ) لا يزال في الطريقِ حين أحّس بالملل ! ، فأصبحَ يُقلَّب " السي ديات " بيدهِ اليُمنى و يُمسكُ المقودَ بِالأخرى ، و ينقلُ بصرهُ بين هنا و هنا ! ، مع أن الطريقَ خالٍ إلّا أنه لا يُمكنهُ فقد انتباهه ، لِذا أخذ الـ"سي دي " الذي وقعَ بين يديهِ و أدخلهُ في المسجل لِتشتغل فجأة أغنية صاخبة لِيخفضَ الصوتَ سريعاً ، و يتساءلُ في نفسهِ لماذا لا لحدثُ له مثل ما يحدثُ في الأفلام و المسلسلات و الروايات أن تشتغل أغنيةٌ تناسبُ مزاجه فجأة ، لِيضحك على نفسهِ و على سُخفِ تخيلاته ، ففي الواقع هو يظنُ هذا أن هذا الفعل سخيف للغاية . ¶ ¶ ¶ بعد أيام ، في اليابان مع بدأِ أول يومٍ دراسي في الفصل الجديد ، كانت ( نازك ) قد استعدت كُليّاً للذهابِ للمدرسة ، لِترفعَ بصرها للساعة المُعلّقة على الجدار ، لترى أن العقربَ الصغير يُشير للرقم 6 و العقرب الأكبر يُشيرُ للرقم 6 ، لِتخرج من غرفتها متجهةً لِغرفة المعيشة ، لم تتفاجأ لأنها لم ترى أحداً ، و كانَ هذا الأفضل لها ، لكنها رأت ( رؤى ) أمامَ عينيها و التي من الواضح أنها استيقظت توّا لِتقول لها بِصدمة باليابانية : " انها السادسة و النصف ، هل انتِ بكاملِ قواك ِ العقلية ؟ " لِترد الأخرى : " هاي ! – نعم – " . لِتقول ( رؤى ) من جديد : " ستذهبين للمدرسة في هذا الوقت ؟ " أجابت ( نازك ) بعد أن ابتعدت من أمام ( رؤى ) و تجهت للباب المؤدي للخارج : " هاي ! ، و لن آخذ السائق لا تقلقي " لِتتفاجئ ( رؤى ) من ردها فهيَ لم تكن تقصد هذا و لكنها لم ترد عليها فهي تعلم أنها متقلبة المزاج ! . أما ( نازك ) فحينَ خرجت قد صادفت ذلك السائق الذي كان ينتظرها فهو يعلم أن هذهِ الانسانة لا تثبت على شيء فتارةً تذهب متأخرة و تارةً مُبكرة و إن تأخر ستأكلهُ حيّاً ! ، و لكنها هذهِ المرة لا تُريد منه أن يوصلها و قد حاولَ اقناعها و لكنها رفضت ، لِتذهب هي َ مشياً ، و أما ( نازك ) فقد كانت هذهِ أول مرة منذ أن ماتت جدتها و هي تذهب للمدرسةِ على أقدامها ، فقد كانت حينها ترتاد ثانوية عامة فلم تكن تريد أن تُكملَ تعليمها في مدرسةٍ خاصة بما أن صديق طفولتها يدرس في مدرسة عامة ، و لكنها الآن و بعد أن فقدت جدتها عادت للمدارسِ الخاصة و أيضاً صديق طفولتها أصبح ثرياً لذا فقد أصبح بإمكانه ارتياد مدرسة خاصة و أيضاً قد حظيت بثلاثةِ أصدقاء آخرين جيدين . انقطعَ عقلها عن التفكيرِ حين رأت صديق طفولتها و هو يوقف سيارتهُ و ينزلَ منها ، لِيقول لها و هو يلوّح لها من بعيد : " نات تشان " . لِتلفتَّ له و تبتسمَ حين أصبحت تقفُ بالقرب مِنه ، لِتضربهُ على رأسهِ بخفة : " ءلم أقل لك أن لا تناديني بهذا الاسم في الطريق يا حديث الثراء ؟ " . لِيطلقَ هو تأويهةً تدل على الألمَ قائلاً : " أيتها المُسترجلة " . لِتضربهُ من جديد : " من هي المسترجلة ؟" . كادَ حديثُ الثراء ( ايتشيرو ) أن يرد عليها إلّا أن الاثنان سمعا صوتاً أنثوياً يناديهما من بعيد ، لِيلتفتا و يريا ( مارو ) ، لِيقول ( ايتشيرو ) : " مارو ، أين هيَ سيارتكِ الفخمة ؟ " . لِتردَ ( مارو ) و هي تلهثُ من الركض : " لقد جئتُ من المدرسةَ ركضاً إلى هنا ، إن المُتنمرين يحيطون بِـنارومي ! " . لِيقول ( ايتشيرو ) : " هيا اصعدا ، علينا الذهابُ للمدرسةِ سريعاً ! " . لِيفتحَ بابَ السيارةِ و يصعدَ لِتصعد بعدهُ ( مارو ) تليها ( نازك ) لِيقول للسائق : " توّجه سريعاً للمدرسة " . في غضونِ عشر دقائق وصلَ الثلاثةُ للمدرسة و نزلوا من السيارة ليقول ( ايتشيرو ) : " ءلا تظنون أننا كدنا ننبعج ؟" لِتردَ عليه ( مارو ) : " هذا لأنك عملاق " . و سألت ( ناتسوكو ) و هي تنظرُ لِـ( مارو ) : " أين هي نارومي ؟ " . لِتقول ( مارو ) : " في غرفة تدريباتِ كرة السلة " . لِيتوّجه الثلاثةُ مسرعين إلى هناك ، لِيفتحَ ( ايتشيرو ) الباب على مصراعيهِ ، لِيروا ( نارومي ) تجثو على ركبتيها ، و فتاة أخرى تُمسكها من شعرها و هي تصرخُ عليها : " فلتعتذري أيتها الخرقاء " . لِتقولَ ( مارو ) : " آسفة " . لِتردَ تلكَ المتنمرة التي كانت تُمسكُ بشعرها : " إن كنتِ آسفةً فلتموتي " لِتصرخُ أكتر ، لدرجةِ أن شرايين وجهها كادت أن تنفجر : " فلتموتي الآن " . لِيتدخل الثلاثة حين قالت ( ناتسوكو ) : " يارو – حقيرة – ". لِتقولَ بعدها : " فلتتركيها الآن ، اتركيها قبل أن أقتلكِ .. يوكو ! " . لِتبعد ( يوكو ) يدها عن ( نارومي ) و هي تقول باستهزاء : " أوه الأجنبية ذات العيون الواسعة ، أتيتِ أخيراً ؟ " لِتصرخَ بعدها من جديد : " كيف تجرؤ صديقتكِ الحُثالة على سرقة تاتسو سنباي مني " . لِيُجيبَ ( ايتشيرو ) على سؤالها و هو يتعمد إغاضتها : " و منذ متى أصبح تاتسو ملككِ ؟ " تجاهلتهُ ( يوكو ) و هي تنظرُ لتابعيها الأحمقين : " اخرجوا هؤلاء الثلاثة من هنا حالاً " . قالتها و هي تُشير باصبعها لِـ( ناتسوكو ) و رِفاقها ، لِيذهبَ أولئكَ الاثنانِ لِإخراجهم لِيبدأ شِجار بين الثلاثةِ و أولئكَ الاثنان ، لِيُبعد ( ايتشيرو ) ( مارو ) بعيداً كونها لا تُجيدُ أيَّا من فنونِ القتال في حين أنهُ يجيدُ التكواندو و ( ناتسوكو ) تجيدُ الكاراتيه ، لِتبدأ معركةٌ طويلة بينَ الأربعة ، لِيتوقفَ الجميع حين سمعوا صوت شخصٍ ما يصرخُ عليهم : " موه .. مينّا – توقفوا جميعاً ، يكفي ! – " . لِيُبعد كلٌ منهم يدهُ عن الآخر و هم يتطقون بـ: "آكيرا كُن ؟" لِيأتي بعدهُ ذاك الشاب الطويلُ و هو مًتعجّب لِيقول و هو ينظرُ لوجوهِ جميعِ الموجودين : " أيتشيروتشي ، ناتسوكوتشي ، ماروتشي ، ما الذي تفعلونهُ هنا يا رفاق ؟ " لِينتبهَ بعدها على وجودِ ( نارومي ) و هي تجثو على ركبتيها : " ناروميتشي ! ، لماذا انتِ جاثيةٌ على ركبتيكِ هكذا؟" لِيتجاوز ( آكيرا ) و بعدهُ البقية ليقفَ أمام ( نارومي ) و يمد يده لها لكي تقف و لكنها ظلّت على نفس وضعيتها ، لِذا وضعَ يديهِ على كتفيها لِيساعدها على الوقوف ِ و بعدها فهم أن ( يوكو ) قدعادت لِأفعالها القبيحة مع أصدقائهِ حين نظرَ من جديد لِـ( ايتشيرو ) و ( ناتسوكو ) ، لِيبتعد عن ( نارومي ) التي اقتربت منها ( مارو ) و أخذتها معها لتقفا سوياً بالقرب من ( ايتشيرو ) و ( ناتسوكو ) ، و في ذلكَ الحين نطقَ بِـ و هو ينحني : " سامحهم رجاءً هذهِ المرة آكيرا كن ! " . لِيقول ( آكيرا ) رئيس نادي كُرة السلة : " تاتسو ! أنت تعلم أنهم قد يدخلوننا بمشاكل بسبب شجاراتهم في غرفة تدريبنا ! ، و هذهِ المرة لن أسامحهم ، فلقد سامحتهم سابقاً " . لِتنحني ( نارومي ) بدلاً من ( تاتسو ) : " أوني قايشيمس آكيرا كُن – أرجوك آكيرا – " . لِيقولَ ( آكيرا ) بِحزم : " لا ، هيا انتم الأربعة عليكم مُقابلة المدير الآن " . لِتقول ( مارو ) و هي َ تنظرُ لِـ( تاتسو ) : " تاتسو ، فلتقنع قائدك ! " . لِيرمقها ( آكيرا ) بنظراتٍ جعلتها تلزمُ الصمت ، و تقدم الأربعةُ أمامه و توّجهوا للمدير الذي كان يعلمُ بمشاجرتهم هذهِ من الأصل ، فقد عرفت نصفُ المدرسةِ بهذا . و حين وقفوا أمامه نطق بِـ : " ءلم أحذركم أن لا تكرروا مشاجراتكم هذه ؟ هذهِ هي المرةُ الخامسة خلال هذا العام ! ، هل تريدون أن يؤثر هذا على ملفكم و قبولكم بالجامعات ؟ " لِينحنوا جميعاً و ينطقوا بي : " جومينّا ساي " . لِيقولَ المُدير و قد نفذَ صبره : " غداً تعالوا برفقةِ آبائكم ، و ستقومون بالتنظيفِ طوال أسبوعين ، و إن كررتم هذا الأمر مُجدداً سأقوم بطردكم و حينها لن أهتم لمن يكون آبائكم ! .. انصرفوا " . لِينحنوا مجدداً و يخرجوا ، لِيسلُك ( ايتشيرو ) و ( ناتسوكو ) الممر الأيمين لمكتب المدير في حينِ أن أتباع ( يوكو ) سلكوا الطريق الأيسر . قالت ( ناتسوكو ) و هي تمسحُ باطنَ كفها من قطراتِ الدم و العرق المختلطين جرّاء الشجار : " هؤلاء الكوهاي مجانين ! " لِتٌردف و هي تلمسُ خدها الذي بدأ ينزفُ قليلاً : " لقد أفسدوا جمالَ وجهي ، كيف سأظهرُ بعروض الغناءِ الآن ؟ " لِيقفَ ( ايتشيروا ) فجأةً و الذي كانَ يمسحُ الدم يسار شفتيه : " عروض الغناء ؟ هل أنتِ جادّة ؟ " حركت ( ناتسوكو ) رأسها بمعنى نعم ، ليقول ( ايتشيروا ) بِحماس : يتّا ، سوقوي نات تشان ! – مرحى ، مُدهش - . لِيُردف بعدها : " هناك كلمات لِأغنية قد كتبتها لكِ قبل أن تخبرينا باعتزالِك ، هل تريدين رؤيتها ؟ " . لِتضحك ( ناتسوكو ) : " ءلا تزالُ هاوياً للكتابة ؟ " . لِيرد هو عليها : " هاااي – نعم " . لِتقول هي من جديد : " جانبتي – ابذل جهدك " لِتردفَ بعدها مُقلَّدة ( تاتسو ) : " ايتشيروتشي ! " لِيضحك هو بعدها يُردف : " انه محظوظ ! ، فهو فاحشُ الثراء ، و عارضُ أزياء ، و لاعبُ سلة و وسيمٌ أيضا ! " لِتردّ عليهِ بنبرةٍ مَرِحة : " و انتَ محظوظٌ كذلك ، فأنت تملك والداً رائعاً و أنت أيضاً " لِينظر إليها بفضولٍ ، لِتردف هي بقصد إغاضته : " كّواي – لطيف " . لِتخيبَ آمالهُ و يقولَ و هو يمثلُ الحزن : " لقد جرحتِ مشاعري " . لِتجيبهُ هي سريعاً : " أعلم هذا ! " . و بعد خطواتٍ قليلة رأوا بقية أصدقاءهم أمامهم ، لينظرَ ( ايتشيرو ) للساعة و يقول بنبرةٍ مُتعجبة : " السابعة و النصف ! " . لِترد ( ناتسوكو ) : " المتبقي نصف ساعة ! " . لِيقتربَ منهم الثلاثة ( تاتسو ، مارو ، نارومي ) ، لينطق ( ايتشيرو ) أولاً : " كيف تسمحين لِتلكَ القبيحة بالتنمر عليكِ ؟ هل تريدين مني قتلكِ؟! " . لِتسكتَ هي و لا ترد ، و لكنها حين رأت التساؤل في عيونِ الجميع ، أجابت : " لو كنتُ قمتُ بالردِ عليها لكنتُ الآن في حالةٍ يُرثى لها " . لِيقول ( تاتسو ) : " لن يحصل هذا ، ألسنا نحنُ الأربعةَ أصدقائكِ ؟ " لِتبتسم لهم : " هاي – نعم – " . لِتردفَ و هي تنظرُ لِـ( ايتشيرو ) و ( ناتسوكو ) : " أريقاتو أي تشان ، نات تشان " . لِيضربها ( ايتشيرو ) بِخفةً على مؤخرةِ رأسها : " هوووي ! ، لا شُكر بين الأصدقاء " . لِتردفَ ( ناتسوكو ) على كلامه : " هل ضربتها بدلاً مني أم علي ضربها من جديد ؟ " . لِتعودَ ( نارومي ) للوراء ، و تختبأ خلف ( مارو ) ، لِتقول ( مارو ) : " هي فعلاً تستحقُ ذلك ! " . لِيقول ( تاتسو ) : " هل تريدون مني أيَّة مساعدة ؟ " . لِتقولَ ( نارومي ) بعد أن ابتعدت عن ( مارو ) : " هووي هووي ! هل تتآمرون عليّ الآن ؟! " . لِيضحكَ الجميع ، بعدها يقول ( ايتشيرو ) : " مينّا – رفاق - ، ستعودُ نات تشان للغناء من جديد ! - . سألتها ( نارومي ) أولاً : " هل انتِ متأكدة ؟ " . لِيسأل ( تاتسو ) بعدها سريعاً: " هذا صحيح ، هل أنتِ متأكدة ؟ " لِتجيب ( ناتسوكو ) : " هاي ! " . لِتقول ( مارو ) : " يتا ! ، سوقوي نات تشان ! " . لِتردف : " هل ستتعاقدين مع شركة والدي الترفيهية كالسابق ؟ " لِتفكرَ ( ناتسوكو ) بعدها تجيب : " هاي ، لأجلك ! " . بعدها لَمح الأربعة لمحةً من الحُزن على وجهِ ( نارومي ) لأنها طالبةُ منحة خيرية ! ، و هذا يجعلها تعاني من تنمر مستمر من ( يوكو ) و من هم من أمثالها ، و حين انتبهت ( نارومي ) مسحت الحزن من على وجهها و قالت بِحماس : " هل ستأتونَ اليوم بعد المدرسة لِمكان عملي الجزئي " . لِيجيبَ الأربعةُ في آن ٍ واحد : " بالطبع ! " . لِتمُرَ من أمامهم ( يوكو ) و ورائها تابعيها الاثنين و هي تقول : " ابنة بائع الرامن القبيحة ! " . لِتجيبَ عليها ( نارومي ) : " و لكنني على الأقل لستُ ابنةَ العشيقة " . لِتتوقفَ ( يوكو ) و تعودُ للخلفِ و هي تسألها بغضب : " من هي ابنةُ العشيقة أيتها الفقيرةُ القبيحة ؟ " . كان الجميع يعلمُ حقيقةَ أن ( يوكو ) ابنة غير شرعية و لكنها مع هذا تتنمرُ على الكثيرين و لا تُبالي بأحد ، لذا لم تكن ( نارومي ) تملكُ شيئاً آخر لِـإسكاتِ ( يوكو ) سوى هذا ! . غضبت ( يوكو ) أكثر حين قامت ( نارومي ) بتجاهلها لِتقترب َ منها و تحاولُ ضربها ، لكن ( مارو ) هذهِ المرة هي من منعتها : " لا تحاولي لمسها .. بل لا تفكري في ذلك حتى " . لِتبتعد ( يوكو ) و هي تُحس بأنها ستقتل هؤلاءِ الأربعة اللذين يحيطون بِـ( تاتسو ) فهي من المُفترضِ أن تكون بِقربهِ و ليسَ هم ! . و ما إن رحلت حتى قال ( تاتسو ) : " و ما بالُ الماعزين اللذين يمشيان معظمَ الوقت وراءها ؟ " . لِيقول َبعدها شيئاً واضحٌ أنه قد تذّكرهُ لِتوّه : " صحيح ما الذي حصل معكما ؟" . أجابت ( ناتسوكو ) : " علينا تنظيفُ المدرسة طوالَ اسبوعين ، و إحضارُ آبائنا غداً " . سألتها ( نارومي ) : " هل سيأتي والدكِ ؟ " . فقد َ كان جميعُ أصدقاءها يعلمون ماهيةَ والدها لِتجيبَ بِـ : " لا أدري ، ربما سأُحضر أُختي ! " لِتقول ( مارو ) : " إن هذا المُدير البائس لن يرضى بهذا " . لِترد ( ناتسوكو ) : " لا أدري ، ساُفكر في الأمر لاحقاً " . لِيقول ( ايتشيرو ) و هو يضربُ جبهته : " أوه لا ! ، لن نستطيعَ القدومَ معكم بعد المدرسة ! ". لِتقول ( ناتسوكو ) : " هذا صحيح ! " ( تاتسو ) : " لا بأس ، سننتظركُما لِحين انتهاءِ العقاب ! " أردف َ و هو ينظرُ لِـ( مارو ، نارومي ) : " ءليسَ كذلك ؟ " . لِتُجيبَ ( نارومي ) و كذلك ( مارو ) : " هاي " . و تردف ( مارو ) : " ففي النهاية هذا خطأي " . لِيضربها ( تاتسو ) على رأسها كما يفعلُ ( ايتشيرو ) : " ءلم نتفق على إنهاء هذا الأمر ؟ " لِيُكملَ بعدها بِمرح : " بل هذا خطأي لأنني وسيم فقد تشاجرتم بسببي ! " . لترّد عليهِ ( مارو ) : " ءترى نفسكَ وسيم ؟ ءلا تظن ُ أنك تشبه رُكبتي ؟ " لِينفجرَ الجميعُ من الضحك ، و يقول ( تاتسو ) : " ماروتشي أنتِ قاسية ! " . لِترد ( مارو ) عليهِ من جديد : " ءلم أقل لكَ ألّا تناديني بهذا الاسم ، لمَ كل الحمقى أمثالك يضيفون المقطع ( تشي ) لحديثهم ؟! " . كادَ أن يرُدَ عليها إلّا أن الجرسَ قد قُرع و عليهم الدخولُ للفصل ، فجميعهم بفصلٍ واحد . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
04-08-17, 04:39 AM | #6 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . «4» و بعد أن انتهى الدوام المدرسي ، و حينَ كان َ الأربعة يُمسكونَ المكانِس ، ضرَب ( ايتشيرو ) بِمكنستهِ مكنسةَ ( دايكي ) تابع ( يوكو ) . لِيقول ( دايكي ) و هو يردُ الضربة بِالمكنسة : " هووي أيها القبيح ما بك ؟ " . لِيرد عليه ( ايتشيرو ) : " لا قبيح غيرُك هنا ، فلتنظرَ لنفسك أولاً " . قال التابعُ الآخر ( ميتسو ) : " هوي هوي أنتما ، لا نريدُ الدخول َ في المشاكلِ مجدداً " . ( ناتسوكو ) : " إذا كُنتَ لا تريد المشاكل ، فلا تتعرض لصديقتي مرةً أخرى " . ( ميتسو ): " بل عليكِ أنتِ أن تُبعدي صديقتكِ عن تاتسو سينباي " . ( ناتسوكو ) : " لا يوجد شيء بين تاتسو و نارومي ، إن راعيتكَ مجنونةٌ فقط ليس إلّا " . لِيسألها ( ميتسو ) باستغراب : " راعيتي ؟ " . ( ناتسوكو ) : " نعم فأنت و هذا المعتوه الآخر أغنامُ يوكو ! " . قالتها و هي تؤشرُ على ( دايكي ) ، لِيطلقَ ( ايتشيرو ) ضحكةً فجّرت المكان ! . لِيصرخَ ( ميتسو ) بغضب : " لسنا أغناماً ، و إن كنتِ لا تعلمين شيئاً فلتسكتي إذن " . لِتكتفي ( ناتسوكو ) بابتسامةِ سخرية لِترد عليه . ( اتشيرو ) بغيض و هو يهمس لِـ ( ناتسوكو ) : " ذلكَ الكوهاي البغيض " . ( ناتسوكو ) تتجاهله !: " هوي هوي ، علينا أن ننتهي سريعاً ، علينا الذهاب لِلمقهى الذي تعملُ فيه ( نارومي ) " . ( اتشيرو ) بِحماس : " هااااي " . ¶ ¶ ¶ في مكانٍ آخر ، يبعد عن مكانِ ( نازك ) بِكم بحرٍ و محيط و أرض ، كان ( كِنان ) مُستلقٍ على أرضِ مرسمه ، مغمضاً عينيه ، و واضعاً ذراعهُ اليُمنى على جبهتهِ و اليُسرى على بطنهِ ، كان يائساً تماماً و هو يُفكر بِكيفَ سيتحملُ الذي يحصل ! ، قالَ بصوتٍ عال ٍ : " يا رب تموت ! " فقد كانت فِكرة الزواج من اخت ( نواف ) تبعثُ الكُره في قلبهِ و الاشمئزاز ، فهوَ أصلاً لا يُريد الزواجَ في هذا الوقت فكيفُ لوالدهِ أن يفعلَ هذا ؟ ، لكن فجأة خطرت في بالهِ فكرة ، لِيقفَ سريعاً و يركضَ للخارج ، إلى أن وَصلَ إلى البابِ الذي يفصلهُ عن والدته ، لِيطرقَ البابَ ثلاثاً و يدخُل سريعاً ، فرآها واقفةً أمام التسريحةِ ، لِيذهبَ و يقفَ بالقرب منها ، و يبلعَ ريقهُ أكثر من ثلاثِ مرات لِيقول : " يُمَّا " . لِتنظرَ إليهِ بازدراء ، لِيرَّد رغم جرحِ قلبه : " ما أريد أتزوج اخت نوّاف ! " . لِتقفَ أمه بعصبية : " مجنون انته ؟ تتزوجها و رجولك فوق راسك ، تفهم ؟ " . حينها ابتلعَ كلماته ، و عاد للخلف ، عاد للمكانِ الذي أتى منهُ قبل قليل .. للمرسم السري الخاص به ، جلسَ متكئاً على الجدار و هو يتذكرُ نظرةَ الازدراءِ في وجهِ أمه ، لِيشعرُ بأن الضيقَ يكادُ يخنقهُ ، فهذهِ هي النظراتُ التي كان دائماً يراها حين أتى إلى هنا قبل سنتين ! ، فآخر سِتُ سنوات باستثناء هاتين السنتين كان يعيشُ في أمريكا ، لِوحده مع أربعةِ جدران ، داخل َ منزلٍ ضخم ، فعلوا هذا به لأنهم لمسوا فيهِ عدم عبادتهِ للمال ، فاعتبروا هذا عقاباً له ، و لكنهُ دخل كُلية الفنون دون علمهم و حين علموا أشعلوا الدُنيا ناراً ! ، فأعادوهُ إلى هنا ، و لكنهُ لا يزال كما كان ، لا يحملُ مشاعرَ الحب للمال ! ، و الآن زواجهُ من أخت ( نوّاف ) كما يقول هو بالتأكيد عقابُ على عدم عبادتهِ للمالِ أولاً ، و لِأنه طُرد من كلية القانون ثانياً ! . ¶ ¶ ¶ بعد ساعات : في المقهى الذي تعملُ فيه ( نارومي ) ، كان الأربعةُ يجلسونَ على أحدِ الطاولات و هم لا يزالونَ بالزي المدرسي ، لِيهمسَ ( ايتشيرو ) لِـ ( ناتسوكو ) : " هل تظنين أن نارومي فعلاً تحب تاتسو و لكنها تخفي هذا الأمر عنّا ؟ " . ( ناتسوكو ) ردّت بنفس مستوى الصوت الهامس : " لا .. لا أظنُ هذا ، و لكن ما أنا متأكدةٌ منهُ هو أن تاتسو هو الذي يحب نارومي و لكنهُ يخفي الأمر عنّا " . لِتردفَ بعد ما سكتت لِثانيتين : " نحنُ الاثنينِ على الأرجح " . لِيردَّ ( ايتشيرو ) بِهمسٍ و استغراب : " هل تقصدين أن مارو تعلم بذلك ؟ " . لِتحرك ( ناتسوكو ) رأسها دلالةً على الموافقة ! ، و حين جاءت لِتفتح فاهها ، رأت عيونَ ( تاتسو ، مارو ) مصوّبةٌ عليهما ، لِتقول ( مارو ) : " في ماذا تتهامسان ؟ " . ( ايتشيرو ) : " لا شأن لك ! " . جاءت ( مارو ) لِتردَ عليه و لكنها تجمّدت حين رأت أحدَ طلابِ الثانوية المشاهير لِتقول : " أي تشان ! " . لِترتفعَ علاماتُ التقزز على وجهِ ( تاتسو ، ايتشيرو ) ، لِيغيرَ ( ايتشيرو ) الموضوع قائلاً : " تاتسو ، هل أنت تحبُ نارومي فعلاً ؟ " صمتَ ( تاتسو ) لِوهلة ، و ( مارو ) ادّعت الانشغال بِمراقبة ( أي تشان ) ذلكَ الذي لطالما أُعجبت به ، و لكن ( ايتشيرو ، ناتسوكو ) كانا مركزّين نظرهما عليهِ ، لِيفتح ( تاتسو ) فمة و يقول و هو يتلعثم : " بالطبع لا ، أنا .. أنا لا أحب ناروميتشي فهي بالنسبةِ لي مثل ناتسوكوتشي و ماروتشي " ! . جاءت ( ناتسوكو ) لِتتحدث و لكن قدوم ( نارومي ) جعلها تصمت ، لِتقول ( نارومي ) : " أنا أعتذرُ لأنني لا أستطيعُ الجلوس معكم ، فقد أخذت دورَ أحداهن في العمل كونها مريضة ! " . لِتأتيها إجابة واحدة من أصوات مختلفة : " لا بأس .. سنفعلها في يومٍ آخر " . لِتردف بعدها ( مارو ) : " سننتظركِ ، و حين تنهين عملك ، سنعود للمنزلِ سوياً " . لِتبتسم ( نارومي ) و تهز رأسها بالموافقة . و بعدها ذهبت ( نارومي ) لتعودَ ( ناتسوكو ) للتهامسِ رفقةَ ( ايتشيرو ) ، و حينَ كان ( ايتشيرو ) يُحركُ ذراعهُ ليبدأ الهمس ، اصطدمت يدهُ بالعصيرِ الذي أمامه لِينسكبَ على ( ناتسوكو ) لِيعتذرَ سريعاً قبل أن تقتله ، لكنها أجابت بِـ : " بِتس ني – لا بأس -" . و لكنهُ لم يتعجب من فعلها و لا حتى ( تاتسو ) و ( مارو ) فهم يعرفون أنها مُتقلبة المزاج ! . لِذا وقفت ( ناتسوكو ) لِتذهب لِتنظيف ما اتسخَ من ملابسها ، لِتقول ( مارو ) : " هل انتَ أعمى ؟ " . لِيرد عليها ( ايتشيرو ) : " لم أكن أقصدُ ذلك ايتها البغيضة " . لِيستمر الاثنان على هذا المِنوال لِدقائق ، لدرجة أن ( تاتسو ) أمسك رأسه من الصداع الذي سبباهُ له ، و حينها أحَّس أن ( ناتسوكو ) قد تأخرت فعلاً ، وقفَ و هو يقول : " سأتفقد ناتسوكوتشي ! " . لِيبتعد عن الاثنين اللذين لا يزالانِ يتشاجران كالمعتاد ، لِيرى ( ناتسوكو ) واقفة ، و أمامها شابٌ طويل يعطيهِ ظهره ، لِيتجه لهما و يسحب ( ناتسوكو ) من ذراعها إلى جانبهِ فجأة أما هي حين رأت أنه ( تاتسو ) اطمئنت ، لِينظرَ ( تاتسو ) لذلكَ الشاب ، لِيتذكرَ أنهُ أحد أصدقاء ( أي تشان ) مثلما يعرف و لكنه لا يتذكر من يكون بِالضبط ، لِيقولَ له و هو يضعُ ذراعهُ على كتفها : " لا تتجرأ على لمسها ، فهي خاصتي " . لِيرد الآخر : " أوه حقاً ؟ يبدو أن الشائعات بخصوص علاقتك بِـ نات تشان حقيقة ؟! " . لِيتجاهلهُ ( تاتسو ) و يذهبَ لِطريقه و هو ممسكٌ بيدِ ( ناتسوكو ) التي كانت تتأخر ُ عنه بخطوتين ، و أصبحت الطاولات ُ في نطاقِ بصرهما ، رأيا أن أحدَ أصحاب ( أي تشان ) يُحدث ( نارومي ) و التي كانت واقفةً أمام طاولتهم ، و حين تحركت ( نارومي ) من أمامه مدّ ساقة لِتتعثر ( نارومي ) و يسقطَ ما بيدها ، و ينكسر ، لِيُفلت ( تاتسو ) يد ( ناتسوكو ) و يذهب لِرؤية ما الذي حلّ بِـ ( نارومي ! ) ، لِتلحقهُ ( ناتسوكو ) و ( ايتشيرو ) الذي وقف من مكانه ، لِيذهب تجاهها ، لِيقول ( تاتسو ) بِغضب : " كيف تجرؤ أيها الحقير ؟ " لِيبتسم له و هو يمسحُ على شعرهِ بيدهِ : " و ما شأنك أنت ؟ " . لِيصلَ غضب ( تاتسو ) ذروته ، و يمدَ يدهُ على ذلك الشاب لِيبدأ شجار كبير ، لِيسحبَ ( ايتشيرو ) ( تاتسو ) و ذاكَ الآخر أيضاً سحبهُ أحد أصدقائه ، لِينتهي الأمر بِـ ( ناتسوكو ) و أصدقائها مطرودين! ، فـ ( أي تشان ) و أصحابهُ هم أشهر فرقة غنائية حالياً و الجميعُ يسقطُ في حِبالِ حُبهم ، لِذا قال ( اتشيرو ) لِـ ( ناتسوكو ) بصوتٍ هامس : " أعتقد أن شكوكنا قد أصبحت حقيقة ! " . لِتردَ هي عليهِ في ذاتِ الوقت : " لا يمكنني أن أُوافقَ على هذهِ العلاقة ! " . لِيردَ عليها من جديد : " و أنا معكِ في هذا ! " . لِيسمعا صوتَ ( مارو ) : " هي أنتما في ماذا تتهامسان من جديد ؟ " . لِيُحرَّك الاثنانِ رأسيهما و يقولا في آنٍ واحد : " لا .. لا شيء ! " . لِيمشيَ بعدها الأربعةُ سوياً حتى وصلوا لآخر الطريق ، و هناك َ توجد ثلاثةُ منعطفات ، سلكَ ( ايتشيرو ) و ( تاتسو ) المُنعطف الأيمن ، أما ( مارو ) فقد سلكت ( الأيسر ) و برفقتها ( ناتسوكو ) ، و ( ناتسوكو ) كانت هي من يبتدأ الحديث حين قالت : " مارو ، تسجيلُ أغنيتي الجديدة سيكونُ غداً صحيح ؟ " لِتجيب ( مارو ) : " هاي " . و تردف بعدها بِنبرةٍ مُغلفة بالحماسة : " ياتااا ، أنني متحمسة ! " . ( ناتسوكو ) : " ءتعلمين ؟ لقد كتبتُ كلمات أغنية ، لا أدري إن كنتِ رؤيتها " . لِتجيبَ ( مارو ) بِدهشة : " واو ، نات تشان انتِ تؤلفين كلمات أغانٍ ؟ " لِتكمل على كلامها بِحماس و طيبة : " بالطبع أريد رؤيتها و الآن أيضاً ، ففي النهاية أنتِ عليكِ تسجيل ألبوم كامل و ليس أغنية واحدة ! " . لِترد ( ناتسوكو ) : " لا ، فقد اتفقتُ مع الرئيس على أُغنية واحدة ، و " توقفت ( ناتسوكو ) عن الحديث و و لكنها أكملت بعد ثوانٍ ببساطة : " أيّا كان ! ، فالرئيس لم يعد واثقاً بي و بصوتي ! " ردَّت ( مارو ) سريعاً : " لا ، والدي ليس هكذا ، أنا متأكدة أيضاً أنكِ ستنجحين " لِتردف بعدها بِحماس أكثر : " فايتو نات تشان – قاتلي – ". لِتنطق ( ناتسوكو ) بِحماسٍ مساوٍ لِحماس ( مارو ) : " هااي " . ¶ ¶ ¶ في اليوم التالي : كانت ( ناتسوكو ) تُحاولُ أن تُهدئ من روعها ، فهي قد أبطنت توترها ، لقد أكملت خريفينِ كاملين دون تسجيلِ أيّة أغنية ، و لكنها الآن قد عادت ، عادت لأن حب ذلك المجهول كان كالوقود أشعلَ حب الموسيقى الذي كان يسكن قلبها منذ سنوات ، لِذا هيَ هنا اليوم لِتغني له ! ، هي تعلمُ أنه لن يسمع و لن يرى ، و لكن حتى لو كانت نسبةُ احتمالِ سماعهِ لها هي 0.000001% ! ، إلّا أنهُ لا تزال هناكَ فرصة ، لِذا هي دقائق فقط ، حتى بدأت في الغناء ، و ما هي إلا ثوانٍ فقط حتى اختفى التوترُ و القلق و كُل شيء ، و أحسّت بالوقت و كأنه دقيقة ، و انتهت ! .. و انتهى التسجيل و انتهى كل شيء ! ، لِتخرجَ من ذلكَ المكان كما جاءت إليه ، فهي عليها العودةُ للمدرسة الآن فالعقاب لم ينتهِ ، و هي قد أوكلت ( ايتشيرو ) مهمة التستر على غيابها و لكنها لا تثق بِخراف ( يوكو ) الاثنين أبداً ، لِذا أسرعت للمدرسة ، و في ذاتِ الوقت فجأة قد تعّجبت من نفسها لديها سائق ! ، و سيّارة .. فلماذا تمشي على قدميها هكذا ، و بطريقتها هذه قد اسغرقت قُرابةَ الساعة لِتصلَ للمدرسة ، و لكنها حينَ وقفت أمام بوابةِ المدرسة أبعدت هذا التفكير عنها ، لِتذهب سريعاً لحيثُ يتواجد ( ايتشيرو ) كما هو المُفترض ، و ما إن رأته حتى قال لها : " نات تشان ، انظري لهذا ! " . بعد أن أنهى حديثهُ مدَّ لها الهاتف ، لِترى تعليقاتِ مُستخدمي الانترنت : " هذا رائع " . " لم أكن أتوقع أن تعود نات تشان .. ياتا أنا سعيدة لعودتها " . و غيرها الكثير مما جعلها تشعرُ بِسعادةٍ شديدة : " كم هم سريعون ! " . ، و لكن فرحتها تلاشت حين َ قرأت مقالاً مختلفاً لِتصرخَ على ( ايتشيرو ) : " ايتشرو .. فلتنظر لهذا !! " و حين قرأَ الاثنانِ المحتوى أُصيبا بِصدمة : " تاتسو لاعب السلة الصاعد يقع في حُب نادلة مقهى عادية ! " . و ما جعلَ من هذهِ الشرارةِ ناراً هو صورةٌ لِـ ( تاتسو ، نارومي ) ، التقطت في شجارِ الأمس ! . ( ايتشيرو ) : " أظنُ أن نارومي ستقعُ في مشكلةٍ بسبب هذا ! " لِتوافقهُ ( ناتسوكو ) الرأي . ¶ ¶ ¶ في اليوم الذي يليهِ ، و في الجانبِ الآخر من العالم ، في الخليج ، حيثُ البِحارُ و المحيطاتُ و الجِبال ، كان ( كنان ) يُحاولُ التركيز في دراستهِ قدرَ المُستطاعِ و لكنهُ لم يستطع ، لِيفتحَ هاتفه علَّ هُناك من يتذكرهُ و يتحدث معه ! ، و لكنهُ تفاجأ حين رأى بعض الرسائل من أحدِ أصدقاءِ الثانوية في أمريكا ، و ما زادَ صدمتهُ هوَ حين رأى تلكَ النائمة التي رآها هُنا قبل آيام ! : " ألا تذكرُ من تكون هذه ؟ ، إنها تلكَ المُغنية اليابانية التي كُنت مهووساً بها بِشدة في 2008 و ما تلاه ، حتى اعتزلت في 2009 " . ما إن قرأ ( كِنان ) هذهِ الرسالة حتى تذكرها ، فقد عَلِمَ الآن لمَ كانت تشغلُ حيزاً من ذكرياتهِ و قلبهِ في آنٍ واحد ، فقد كانَ من أحدِ مُعجبيها في ما مضى من الزمن ! . ¶ ¶ ¶ في شرقِ الكُرةِ الأرضية ، في أرخبيلِ الجُزُر ، كانت ( نازك ) في مواجهةِ والدها منذ أن أشرقتِ الشمس ! ، و هذا غريب : " ليش ما خبرتيني انش رح ترجعي تغني ؟ " . لِتجيبَ هي بأسلوبٍ مُتكبر : " و ليش أخبرك ؟ " . لِينظرَ لها والدها بِنظراتٍ باردة فهوَ الوحيدُ القادر على إغاضتها مِن جميعِ مَن هم حولها : " لازم أختار بين شيئين الـ .. " لِتقاطعهُ هي : " الفلوس و لا الفلوس ؟ " لِتُكمل بعدها : " كنت أعرف انك قررت تزوجني لذاك المُتخلف لأنني ما مصدر فائدة مثل الباقي ! ، ترا لو ظليت أغني تجيك الفلوس ، و لا تزوجت المريض النفسي تجيك فلوس ، ففكل الحالات انته فايز ، و عشان كذا بسوي إلي أشوفه صح ! " . لِترميَ كلامها و بعدها تخرُج بِكل وقاحة دون أن تستمعَ لِوالدها ، في حينِ أن والدها قد فكر مراراً و تكراراً في أمرٍ ما ، قد يقلبُ موازنَ حياتها ، لِذا بِكم ضغطةِ زرٍ على الهاتف تمّ الأمر ! " . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
07-08-17, 08:17 AM | #7 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| * السلام عليكم و رحمة الله و بركاته . " ترا الرواية كملت شهر "$ ، المهم خلال هذي الثلاثة أسابيع الي تسبق دراستي قررت أحط جُزئين في الأسبوع ، بما أننا فاضين حالياً ما عندنا دراسة و لا شي ، لأنه أحس جزء واحد فِ الأسبوع ما يكفي ، فالآن صارت مواعيد الأجزاء : الاثنين و الجمعة ، بس اذا ما حبيتوا كذا رح نرجع على الروتين القدم جزء كل جمعه + الأكشنات رح تبدأ من الجُزء الجاي هع ") " . ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . »5« مرَّ أسبوعٌ تآكلت فيهِ الأيام دون أي جديد ، ( ناتسوكو ) مشغولةٌ بآداءِ أول ألبوم بعد الاعتزال ، و ( تاتسو ) منغمس في جلسات التصوير ، و ( مارو ) أصبحت ترتاد دروس الرقص كونها مُغنية راقصة ، في حينِ أن ( نارومي ) لا تزالُ كالسابق تزاولُ عملها الجزئي ، و ( ايتشيرو ) يقضي معظم وقتهِ في كتابة روايته الجديدة التي سيُشارك بها في مسابقة الكاتبة للناشئين . و لكنّ منذُ اليوم كان قد حُكِم على ( ناتسوكو ) بأن تتغير حياتها ، حين عادت ذات مساء للمنزل و رأت الجميعَ مجتمعين على طاولةِ العشاء المُستطيلةِ الشكل و الطويلة ، فالأب يقبعُ على رأسها و على يمينهِ والدتها ، و بجانبها ( نور ) و على يسارِ الوالد ( مريم ) و بجانبها ( رؤى ) ، و أما هي فلا تتذكر مكانها أين يقبع أصلاً ! ، فربما آخر مرة جلست معهم كانت قبل سنتين أو أكثر ، و من أجلِ أجدتها أيضاً ، لا لأجلِ أحدٍ آخر . قالت والدتها بِصوتها الحنونِ كالمُعتاد : " نازك ، تعالي .. اجلسي جنب نور و لا رؤى " . لِتقول ( رؤى ) و ( نور ) في آنٍ واحد : " تعالي ! " . لِتحركَ رأسها بِمعنى لا ، و هي تقول : " ما أريد ! " . لِتختفيَ بعدها عن الأنظار و هي كالعادة تتجاهلُ الجميع ! ، اتجهت بِخطواتٍ سريعة للدرج المستقيم و بعدها اتجهت لليمين ، و هناكَ في آخر الرواق كانت غُرفتها ، لِتدخلَ و ترميَ الحقيبةَ على الأرض و ترمي بعدها بِنفسها على السرير ، ل تجلسُ عليهِ و هي تصوَّب نظرها على المرآةِ الطويلة الموجودةِ على زاوية الغرفة و هي تتأمل شعرها ، المرفوع من الأمام و المربوط من الخلفِ على هيئةِ ذيل حصان و نهايتهُ تداعبُ وسطَ ظهرها ، لِتذهبَ و تُمسكَ المقص و تقومُ بقصه حتى تصلَ أطرافهُ لِغايةِ أسفلِ كتفها بِسنتيمتر واحد ! ، لِتنظرَ للمرآة و تبتسم لِنفسها : " هكذا أجمل ، فقط يحتاج لِصبغه جديدة ! " . لِتجلسَ بعدها من جديد و هي تُحِسُ بِقليلٍ من الضيقِ يُحيطُ بِقلبها ، لِتشهقَ الهواءَ بِعمق و تزفرهُ ببطئ ، و في محاولةٍ لِنسيانِ الأمر ، اتجهت حولَ خزانةِ الملابس ، لِتبحث عن ذلكَ الوشاحِ الرمادي و ما إن رأتهُ حتى احتضنتهُ بين يديها بِكل حالمية ! ، و تنطقُ بِـ : " متى سأراكَ مجدداً ؟! " . و بعدها بِثوانٍ فقط انتبهت على ما تفعل ، لِتبعدهُ من بينِ يديها و تدخلهُ في الخزانة و وضعته بعيداً عمداً كي لا تفعل مثل ما فعلتهُ الآن ، فهي تعلم أنها في أحلام ليس إلّا فكيف لها أن تلتقي بإنسان يبعدُ عنها مسافةَ المحيطات و البِحار و الشطآن ! ، و أيضاً هيَ لا تملكُ الوقت للتفكير بهذهِ الأشياء إذ عليها التخلصُ من تلك المُصيبة التي التصقت بها " طلال ! " ، لِتحسَ أنها مُقيدة و مخنوقة ، فكيف لها أن تتزوج و الآن أيضاً ! ، و من كثرةِ التفكير عادت لِتلقيَ بجسدها على السريرِ الدائري الأبيض بِنقاءِ السحب من جديد ، و هي لا تزالُ بِتنورةِ المدرسة القصيرة و القميص المدرسي ، لِتُغلقَ عينيها بهدوء و تذهبَ لعالمٍ آخر ، عالم لا تُحس فيه بشيء ، و لا تُجبرُ فيه ِ على فعل ِ شيء . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من المدينة ، كان ( تاتسو ) يقفُ في الزقاق ، و بالضبط أمامَ الباب الخلفية لِلمقهى الذي تعملُ فيه ( نارومي ) بِعمل جُزئي ، كان واقفاً و هو يغطي نصفَ وجهه السُفلي بوشاح ، و النصفَ العلوي قد غطّاه بِالقبعة ، فهو لا يُطيقُ نشرَ المزيد من الشائعات ، فآخر شائعة و التي كانت تشملهُ و تشمل ( نارومي ) قد استطاع نفيها بِصعوبة شديدة ، لذا فقد انتظرَ نِصف ساعةٍ تقريباً حتى خرجت ( نارومي ) و من الواضح انها متجهةٌ للمنزل ، لِيلحقَ بها و ما إن رأتهُ حتى ظنّته سارق لِتصرخ َ و لكنه وضعَ يدهُ على فمها لِيمنعها ، و بعدها قال لها : " ءلم تعرفيني ؟ " . و ما إن عرفته حتى قالت له : " ما الذي تريدهُ الآن ؟ .. تاتسو نحنُ لسنا سوى أصدقاء و أنت تعلم هذا ، فأنا اعتبرك صديقاً بِمنزلةِ ايتشيرو تماماً ، و إن كُنت تعتبرني مختلفة عن مارو و نات تشان فتلك مشكلتك و عليكَ التخلصُ منها " . لِيتعجّب من تهجمها عليهِ هكذا ، لِيرد : " هوي هوي ! ، ما بكِ ؟ " . ( نارومي ) بِغضب : " ابتعد قبل أن أتسبب بمشكلة لك " . لِيحُس ( تاتسو ) أنهُ يريد قتلها الآن و بيديه ، فهي تعلم أنهُ يحبها و لكنها تتجاهله و هذا الأمر لا يُعجبه .. لا يُعجبه أبداً ، لكنه انصرف الآن ، فقط لِأجل أن يبعد المشاكل و الشائعات عنها ، لِذا ما إن وصلَ للمنزل حتى رمى نفسهُ على أحد الأرائكِ الفخمة لِيصرخَ كالمجنون ! ، لِتأتيهِ أمه : " تاتسو ، ما بك ؟ هل جننت ؟ " . لِيسكت و يقفَ على قدميه و يتجهَ لِغرفته ، لِيحاولَ نسيان الأمر عن طريقِ النوم ! . ¶ ¶ ¶ في الجُزءِ الآخر من المدينة ، كانت ( نارومي ) قد وصلت للشقةِ التي تقبعُ فيها هي و أختها الصغرى ، لِتتجهَ مباشرةً للنافذة لِتتأملَ الشوارعَ و أعمدةَ الإنارة ! ، و هي تتذكرُ ما حصل قبل أيام ، و بعد الاشاعة التي انتشرت حول ( تاتسو ) : ذاتَ صباح حين كانت متوجهةً للمدرسة ، توّقفت سيارةٌ فخمة على جانبِ الطريق لِتفتحَ تلكَ المرأة النافذة و يأتي رجلٌ آخر ، يُجبرها على ركوبِ السيارة ، لِتفعل ذلك فهي لا تريد أيَّة مشاكل ، لِتقول المرأة : " كاجامي نارومي سان ؟ " لِتفتحَ عينيها بِصدمة ، فكيف لهذهِ الغريبة أن تعرفها ، لِتردف تلكَ المرأة : " لا تحاولي التقرب من أبني من جديد ، و بالمقابل سيكون هذا هو الثمن إن قبلتي .. مليون دولار ! " . فتحت ( نارومي ) عينيها و فمها في آنٍ واحد من الصدمة ، تحصل على مليون دولار في ثوانٍ ، تصبح غنيةً في دقائق ! . و بعدها أردفت المرأة من جديد : " و لكن إن رفضتي ، فستصبحُ أختكِ طيفاً ! .. لذا خُذي هذا المال الآن فَبهِ ستستطعينَ سداد ديون والدك و التعلم في أحسن الجامعات و كذلكَ أختك ستدخل ثانوية جيدة و بدون أن تتعرض لِمضايقاتٍ كونها فتاة منحة خيرية ، و لكنني سأكون طيبةً معك ِ و سأُرسلكِ للدراسة في الخارج ، فقط الآن ابتعدي عن تاتسو .. و خذي هذا المال .. و غادري اليابان .. و أخيراً لا تفكري أن ترفضي " لِتعودَ للواقع و هي تعتقدُ أن عليها فعلُ ما قالته والدة ( تاتسو ) ، فهي تعلم أن ( تاتسو ) لن يتركها ، و بهذا ستضرر هي و أختها ، لِذا قررت أن تغادرَ اليابان بعد التخرج و الذي لم يتبقى له ُ سوى شهرٌ واحد تقريباً ! . ¶ ¶ ¶ في اليوم التالي ، في الصُبحِ و قبل َ أن تبدأ أول حصة ، كان الأربعةُ قد تجمّعوا سويةً حين كان ( ايتشيرو ) هو من ابتدأ الحديث : " هوي ، أين هي نارومي ؟ " . ( مارو ) : " في آخر فترة أصبحت تتجاهلنا " . لِترمقَ ( ناتسوكو ) ( تاتسو ) بِنظرات فهم معناها ، لِيسحبها من يدها خارجاً دون أن يتفوّه بأيّة كلمة وسط استغراب ( ايتشيرو ) و ( مارو ) ، لِيخرجا ، و يقفا أمام بابِ الصف : ( تاتسو ) : " ناتسوكو ، هل تعتقدين أن ما توقعتيهِ قد حصل ؟ " ( ناتسوكو ) و التي قد صرَّح ( تاتسو ) لها بِحبه لِـ( نارومي ) أخيراً ، فقد أصبح الأربعة الآن يعلمون : " أظن ذلك ، فأنا لا أظن أن أمك ستسكت إذا علمت " . ( تاتسو ) : " و لكن كيف لها أن تعلم ؟ " . ( ناتسوكو ) : " رُبما كانت تراقبك ، كما قد فعلت سابقاً مع تايجا سينباي ! " ( تاتسو ) : " أنا أيضاً أشكُ في هذا ، و ما الذي علي فعله ُ الآن ؟ " ( ناتسوكو ) : " لا شيء ، ءلا تظن أن الضرر سيلحق بِـ نارومي ؟ إذا تدخلت أنت " . لم يُكملا لأن ( نارومي ) قد أتت أخيراً للصف لِيلحقا بها ، و ما إن جلست ( نارومي ) حتى رأت الأربعةَ يشكلون دائرةً حولها ، ولكنها تجاهلتهم تماماً و كأنهم غيرُ موجودين ، و لِذا قُرع الجرس ، لتقول ( مارو ) : " فلنؤجل أعمالنا لليوم ، و لنلتقِ لاحقاً بعد المدرسة بعد أن يُنهيا الثنائي المجنون العقاب ! " . لِتنظرَ بِـ " نص عين " لِـ ( ناتسوكو ، اتشيرو ) ، ليتفقَ الجميعُ على هذا ، و حين عادت ( ناتسوكو ) لِمقعدها و قبل أن يأتي المعلم ، ألقت نظرة على هاتفها لِترى رسالةً من والدها : " اليوم لا تروحي المدرسة ، تعالي الشركة" لِتتعجَّب ( ناتسوكو ) ، تذهب لوالدها و في الشركة و أيضاً طلبَ منها أن لا تذهب للمدرسة ، لِتنتبه أنهُ قد أرسلَ الرسالة منذ وقتٍ طويل ، و هي لم تنتبه إلّا الآن ، لِذلك تعمّدت الجلوس َ بالمدرسة و عدم الذهاب إليه ، و لكن ما إن جاء وقت " البريك " حتى ترى اثنان ذي وجوهٍ مألوفة ، يقتحمونَ الصف و يقفون بالقرب منها و يطلبون منها القدوم معهم ، لِترفض ، لِيقول الأول بِشكل واضح : " لقد سمح لنا السيد باستخدامِ العنف معك ! " . لِتقف و هي تقول بِنبرةٍ يملؤها التقزز : " لا تضع يديكَ علي و إلا كسرتها لك ! " . لِيبتعدا قليلاً و تأخذ هي حقيبتها و تمشي ، خارجةً من المدرسة ! ، لتذهب لِشركة والدها ، و كانَ كل من رآها تعجّب ، لِذا ما إن وصلت أمام مكتبِ والدها حتى فتحت الباب بقوة و قد كانت على بعد أنملة من كسرها ! ، و ما إن دخلت حتى رأت والدها و أمامهُ شخصٌ آخر ، لِيقولَ الوالد : " اجلسي " . لِتردَ هي بِبرود و لا مُبالاة و وقاحة كعادتها : " خلصني ، شعندك ؟ " . لِيستغربَ ذلك الجالس أمام والدها و يقولَ داخل نفسه " هذي ليش ما تعرف تتكلم عربي زين ، تتكلم مكّسر ! و فوق هذا كله قليلة أدب ! " ، لِيتجاهلها والدها و الذي يتحدث العربية بطلاقة ، لِيقولَ لها و ابتسامةُ خبثٍ تعلو محياه : " طلال ! " . لِتفتح عينيها بأكملهما ، و أخيراً قد رأت ذلك الأحمق الذي لُصِّق بها ، لِتتفحصهُ من أعلى رأسهِ حتى أخمص قدميه ، و ما إن رأت وجهه بِنظرةٍ خاطفة لم تنكرُ أنه جميل ! ، لكنها كانت تعلمُ أنه لا فائدةَ منه اذا كان عابداً للأموال ، لِتقول ببرود : " زين ، شسوي له يعني ؟ " . و ما كادَ الوالد أن يتحدث حتى عادت للوراء في محاولةٍ للهروب ! ، و لكنها تفاجأت حين رأت ذلكَ الذي يقفُ أمام الباب بِلباسهِ الأسود الرسمي ، لِتبلعَ ريقها مرات متتالية و تقول بعدها لهُ بلهجة حازمة : " ابتعد قبل أن أكسر لك دماغك " . حينها كانَ الوالد مُبتسماً و هو ينتظرُ ردةَ فعلها ، هل ستهربُ فعلاً ، في حينِ أن ( طلال ) كان مصدوماً من هذهِ الانسانةِ الوقحة و المجنونة و التي واضح أنها ليست بِعادية أبداً ، و لكنهُ إلى الآن لم يرى شيئاً بعد ! . فكرت ( نازك ) فجأة بِشيءٍ ما بامكانهِ تشتيتُ انتباهِ هذا الضخم ، حين رفعت يدها ملّوحة و هي تقول : " أوكّا سان – أمي – ". لِيلتفتَ الجميع و ليس فقط ذلك الحارس الضخم ، لِتخرجَ سريعاً ، لِيصرخ والدها عليه : " احضرها الآن فوراً " . أما هي ، فانطلقت سريعاً ، لتجد رِجال والدها يلاحقونها ، لِتذهبَ في طريقٍ عشوائي و تختبئ في الزقاق ، و أخيراً قد ابتعدوا عنها ، و بعدها عادت للمدرسة و هي تكادُ تموت من التعب و لم تدخل للفصل ، بل ذهبت لِلسطح ، فإن جاؤوا الآن بالتأكيد لن يروها ، لِتتحمل َ ساعةً فقط ، و بعدها أرسلت لِلأربعةِ الآخرين أن يأتوا إليها ، و طبعاً لم يأتي سوى ( ايتشيرو ، تاتسو ) فـ ( مارو ) تعشقُ الدراسة ، إذ أنها دائماً الأفضل درجات و ( نارومي ) بالطبع كانت تتجاهلهم . ( تاتسو ) : " ناتسوكوتشي هل أنتِ بخير ؟ " ( ناتسوكو ) : " هاي – نعم – " . ( ايتشيرو ) : " ما الذي حدث ؟ " . ( ناتسوكو ) : " طلب مني والدي الذهاب لِشركته بدلاً من الذهاب للمدرسة و لكنني فعلتُ العكس ، و حين أرسلَ رجالهُ لأخذي ذهبت و هربت أيضاً " . ( ايتشيرو ، تاتسو ) كلٌ منهما كان مصدوماً : " هوي ! " ( تاتسو ) : " ناتسوكوتشي هل أنتِ فعلاً فتاة ؟ " ( ايتشيرو ) : " نات تشان انكِ فعلاً قوية " . ضربت ( ناتسوكو ) رأسيهما بيديها ، الأول ضربتهُ باليسرى و الآخر باليمنى . ( ايتشيرو ) : " سأفقد ذاكرتي بسببك ! " ( تاتسو ) : " و أنا كذلك ! " . و بعد دقائق فقط جاءت ( مارو ) ، لِتركضَ ناحيتهم ، و هي تحتضنُ ( ناتسوكو ) قائلةً : " نات تشان ، هل أنتِ بخير ؟ " . لِتقول ( ناتسوكو ) بِمزاح : " هاي أوكّا سان " . ( مارو ) : " هوي ! ، فلتشكري الرب أن هناك من يقلق عليكِ ! " ( ايتشيرو ) : " و لكن كيف خرجتِ من الصف يا تنساي تشان – عبقري – " . ( مارو ) : " أصمت يا .. " أردفت بِخُبث : " مينيكوي تشان – قبيح – " . ( ايتشيرو ) : " ها انتم تجرحون مشاعري من جديد ! " . ( تاتسو ) : " ناتسوكوتشي ، ما الذي علينا فعلهُ الآن " . ( ناتسوكو ) : " لا أدري فعلاً ! " . لِيجلسَ ( ايتشيرو ) و هو يتكئ على الجدار : " صحيح ، لم تخبرينا ما الذي حدث معك حين عدتي لعُمان؟ " . لِتجلسَ ( مارو ) و ( تاتسو ) بِحماس و هما يجلسانِ على الأرض قريباً من ( ايتشيرو ) : " هاي هاي " . لِتقول ( ناتسوكو ) بنبرةٍ مغلفة بِالملل : " لماذا تريدون معرفة ذلك ؟ " . ( تاتسو ) : " هوي ! ، نحن أصدقاؤكِ المقربون يا ناكرةَ الجميل " . ( مارو ) : " هااي " . ( ايتشيرو ) قال و هو يُقطَّع الحروف لِإغاضة ( ناتسوكو ): " كي ني نا ري ما سو ! – أشعر بالفضول – " . لِتجلسَ أمامهم و هي تقول : " لا تذكروني بتلكَ الأيام القبيحة ، الشيء الأول الجيد أنني قد وقعتُ في حبِ شخصٍ مجهول ! " . لِيشهقَ الثلاثةُ من الصدمة : " هونتو ؟! – حقاً – ؟ " ( ناتسوكو ) : " هاي ، و لكن لا أحد يعلمُ بهذا " . ( مارو ) بِتمثيلية : " ياتا ، لقد أصبحت ابنتي ناضجةً أخيراً " . ( ناتسوكو ) بِنبرة فخر : " لا تستهيني بي ، أوكّا سان " . ( ايتشيرو ) يُمسك قلبه بتمثيلية : " نات تشان ، اونوري – اللعنة عليكِ – " . لِيردف بعدها : " ما هو اسمُ هذا السارق ، الذي تجرّأ على سرقتكِ مني ؟ " ( ناتسوكو ) : " لا أعلم ! ، و لكنني أعلم الحرف الأول من اسمه و الثاني لا أدري إن كان اسم والده أم عائلته .. k.o " . ( ايتشيرو ) : " k.o ؟ واتاسناي – لن أسمح لك بالحصول عليها " . ( مارو ) ضربتهُ على مؤخرةِ رأسه كالمعتاد : " اذهب للجحيم " . و أردفت و هي تلتفتُ لِـ ( ناتسوكو ) : " كيف حدث ذلك ، فلتخبرينا " . ( ناتسوكو ) : " انسي الأمر .. الشيء الآخر الذي حدث أنني كدتُ أخطف ! " . و بعدها صارت ( ناتسوكو ) تُخبرهم بكل ما حدث معها باستثناء أي شيء يتعلق بِـ(طلال) ، لِتنطق ( مارو ) بِـ : " لقد تحمست فعلاً لِزيارة بلدك ، فقد أحصل على حبيب مجهول " . ردّت عليها ( ناتسوكو ) : " لا تحلمي في هذا ، فهذا الأمر غير مسموحٍ هناك ، بسبب الدين أو العادات .. لا أدري أيها بالضبط ! ، و لكنني في ذات الوقت لا أدري كيف حصل هذا معي " . ( ايتشيرو ) : " قد يكونُ مثلكِ ، غربي المنشأ " . ( ناتسوكو ) : " رُبما ! " . و بعدها ظلَّ الأربعة يتحدثون بأمورٍ أخرى ، إلى أن حانَ وقت الخروج ، لِينزلوا جميعاً الدرج و بعدها يتوّجهَ الثلاثة للفصل لإحضار حقائبهم ، حينَ صادفت ( نارومي ) ( ناتسوكو ) لِتسألها : " هل أنت بخير ؟ " . ( ناتسوكو ) : " هاي " . لِتبتسم لها ( نارومي ) و تذهب ، لِتناديها ( ناتسوكو ) : " نارومي " و تتبعها و حينَ وصلت بالقرب منها في آخر الرواق سألتها بِوضوح : " ما الذي يجري ؟ ، لماذا تتجاهليننا ؟ " . ( نارومي ) بِنبرة سُخرية : " هذا الأفضل لنا جميعاً ، إذ أننا من طبقات مختلفة ! " . جاءت ( ناتسوكو ) لِترد عليها ، و لكن قدوم ( تاتسو ، ايتشيرو ، مارو ) جعل ( نارومي ) تذهبُ سريعاً ، لِيقول ( ايتشيرو ) : " هوي ! ، ما بها هذه ؟ " . لِتجيب َ عليهِ ( مارو ) : " لا أعلم ما بها و لكنني أعلم أنها تتجاهلنا عمداً " . ( ناتسوكو ) : " فلننسى الأمر ، و لنخرج الآن .. ءَليس لديكم أعمال اليوم ؟ " . ( تاتسو ، ايتشيرو ) : " لا ! " . ( مارو ) : " لا بأس بإجازة في يوم واحد " . بعدها أكملَ الأربعةُ طريقهم و هم يتبادلونَ أطراف الحديث الممزوجة بالمزاح و الضربِ الخفيف ، و لكن ما إن وصلوا بقُرب البوابة حتى وقفت فجأة ( ناتسوكو ) ، ( تاتسو ) : " ناتسوكوتشي ، لماذا توقفتي ؟ " ( ايتشيرو ) : " هل هناك خطب ما ؟ " . و لكن ( ناتسوكو ) التزمت الصمت و لم ترد على أي أحدٍ منهم ، لِتقول ( مارو ) لها و هي تهّز كتفها بِشكلٍ خفيف : " نات تشان ، هل أنتِ بخير ؟ " . لِتتجاهلهم ( ناتسوكو ) و تتوّجه لذلك الواقفِ بِكِبَر أمام البوابة و هو يبتسمُ لها بخبث ، لِتقف أمامه مباشرةً و تقول بنبرة حادة : " انته ! ، شتسوي هنا ؟ " لِيجيبها بعد ثوانٍ اصطنع فيها التفكير : " أنتظرش ! " . و ختم كلماتهُ بابتسامة خبيثة كخُبثه ، و التي كانت في عيون ( نازك ) كَسكينٍ جديدة طعنها بها والدها ، بعدها تحدّث ( ايتشيرو ) بعد أن وصلَ بقربهم : " نات تشان ، من يكون هذا ؟ " ( تاتسو ) : " هل هو يزعجكِ ؟ هل تريدينَ مني لكمه ؟ " . أجابت ( ناتسوكو ) بعد لحظاتٍ من التفكير المصطنع : " إنه سائقي الجديد ! " لِتختمها بابتسامةٍ خبيثة ، مثل ما فعل ( طلال ) تماماً . ( مارو ) و هي تضمُ يديها و بِرومنسية نطقت : " أوه ، سائقكم وسيم ، من الجيد لو أن سائقي هكذا و لكنهُ ليس إلّا عجوزاً ! " . ( ناتسوكو ) : " ءتسمين هذا القبيح وسيماً ؟ ، فلتأتي ذات يوم لعُمان و سترين من هم أوسم منه ألف مرة ! " . بعدها التفتت إليه ، لِتنطق بِنبرة أظهرت فيها أنها لا تُطيق من تحدثه : " انته تتكلم ياباني ؟ " ليقول لها بنبرة بطيئة و بحروف مُقّطعة : " هـ ـــاي ، تو سا ما ! – نعم ، زوجتي ! - . لِتفتح ( نازك ) عينيها بأكملهما ، و كذلك أصدقاؤها ، لِتقول محاولةً تدارك الوضع : " إنك وقح ، ولكنني سأغفرُ لك لأن والدي يرعاك رعاية ً خاصة " . لِيقولَ ( ايتشيرو ) : " يي باكا شينيه ! – يا أحمق مُت – " . لِيردف بعدها و هو يضعُ يُطوق كتفيّ ( ناتسوكو ) بيده : " انها زوجتي ءلا ترى ؟ " قالها و هو يُشير لِشعرهِ و شعرها : " نحنُ لدينا لونُ الشعر ذاته ، أليسَ هذا دليلاً كافياً ؟ " لِينظرَ إليه ( طلال ) باستخفاف و هو يقول داخل نفسه " الحمدلله و الشكر ! " . لِيأتي بعدها ( تاتسو ) و يطوّق هو الآخر ( ناتسوكو ) بيده : " هي زوجته و لكنها أميرتي ! ، لذا لا تضع عينيكَ عليها و إلا سأفقئهما لك ! " و بهذا أصبحت ( ناتسوكو ) وسطَ الشابين و يدُ كل واحدٍ منهما موضوعةٌ عليها ، لِتبتسم لِـ( طلال ) بقصد اغاضته لكنهُ ابتسمَ لها بِسخرية من جديد ، و بعدها نطقت ( مارو ) : " فلنذهب الآن لمكانٍ ما .. و لكن ماذا بشأن سائقك نات تشان ؟ " أجابت ( ناتسوكو ) و هي تكاد تموتُ من الغيض : " إنه من بلد والدي ، لذا والدي طلبَ مني أن أُريهِ بعض المناظرِ كي يتسلى و يتغلب قليلاً على الغُربة " . ( ايتشيرو ) بِضجر : " هل علينا فعلُ ذلكَ حقاً ؟ " ( تاتسو ) يهمس لِـ ( ايتشيرو ) : " أنا فعلاً لم أُحبه و لكنني سأتحملهُ لأجل ناتسوكوتشي " . ( ايتشيرو ) : " و أنا أيضاً " . و حين جاءوا لِيذهبوا ، ضربت ( مارو ) كلاً من ( ايتشيرو ) و ( تاتسو ) و أبعدتهما عن ( ناتسوكو ) لِتضمها من الجانب و هي تقول : " ابتعدوا جميعاً عن ابنتي " . لِتقول ( ناتسوكو ) بعدها مباشرةً بنبرةِ حُب: " أوكّا سان - أمي - " . و في هذهِ الأثناء كان ( طلال ) ينظرُ إليهم باستغراب و صدمة في آنِ الوقت و هو يلومُ حظة الذي جعلهُ يعلق مع حُفنة من المجانين ! ، لكنهُ استسلمَ و رضيَ و لحقهم ، ليستوعبَ بعدها أن هذهِ التي تُدعى ( نازك ) ليست بذاك السوء ، و ليست بذلك الجمال ، و لكنها كما يقول تفي بالغرض ! ، لِذا فقد أخرج هاتفه و بعد أن أدخل كلمة السر فتح تطبيق " واتس أب " و يفتح على أول محادثة و المُسجّلة باسم ( brother ) : " الحظ يبتسم لي ، طلعت صرّافة فلوس و شكلها بين بين ! " . لَيأتيهُ الرد سريعاً : " زين مبروك .. شسوي لك يعني ؟ " . بعدها جاء لِيرد و لكنها رأى أن أخاه قد قام بِحظره ! . ¶ ¶ ¶ في الجانب الآخر من العالم ، في شرق الوطن العربي ، كان ( كِنان ) في مكانهِ المعتاد ، في قبوِ البيت الذي اعتبرهُ مرسماً له ، فقد كانت الساعة تُشير للحادية عشر صباحاً ! ، و هو لا يزال في ذاتِ المكان من يومِ أمس ، فقد طُرد بالأمس من جديد ، و الآن لا يملكُ الشجاعةَ لإخبارِ والديه ، ففعلاً سيقومونَ بذبحه و تعليقهِ على عمودِ الإنارة لِيكون عِبرةً لمن لا يعتبر ، و لكنَ تفكيرهُ قد انقطع حين سمع صوتَ تنبيه قدومَ رسالة على تطيبق " الواتس أب " ، لِيرى الاسم ( the prince ) ، و ما إن فتحها و قرأ محتواها ، حتى أحّس بِالتقزز و الاشمئزاز منه و بعد أن ردّ عليه قام بِحظره ، فلطالما كان أخوهُ عابداً للأموال و عديماً للأخلاق ! ، لكنهُ فجأة بدأ باستيعابِ الأمر ، أن خطيبة أخوه تقبعُ في اليابانِ الآن ، لذا تبادر لِذهنه سريعاً أنها أحد أخوات ( نات تشان ! ) ، لِذا أحّس بالسعادة أولاً لأنهُ أخيراً سيراها من جديد ، و لكنهُ في ذاتِ الوقت أحّس أنه غبي ، فهو بالتأكيد لا يعني لها شيئاً هذا باستثناء أن يكون َ تحليلهُ للأمر خاطئ ، فهناكَ الكثير من الخليجيين المقيمين في اليابان و ليست ( نات تشان ) فقط ، ليبتسم بِسخريةٍ لِنفسهِ و عليها ، و لم يَكد أن يقف للخروج حتى رأى هاتفهُ يضيء و يرن باسم والدته ! ، ليبلعَ ريقه ألف مرةٍ متتاليه ! ، لِيتأكد أنها فعلاً قد علمت أمر طرده ، لِذا قرر الذهاب إليها الآن و حالاً قبل أن يزيدَ غيضها و غضبها ، فلذلك اتجه سريعاً لحيث تقبعُ أمه و فعلاً قد حدث كما توقع كانت تنتظرهُ و هي تمشي ذهاباً و اياباً على الرواق ، و الغضبُ يشع من وجهها ، و ما إن رأته حتى وقفت و نظرت إليهِ بغضب ، و طبعاً صرخت في وجهه : " كِنان يا الحيوان فشلتني قدام الناس و العالم ، هذي المرة الثالثة الي ترسب فيها يعني خلاص انطردت ، شوف أخوك .. شوف طلال بعمره كله ما رسب و لا عمره فشلني نفس ما فشلتني انت ، ما أعرف شسويت ف دنيتي عشان تطلع انت ولدي و اطلع أمك ، لكن رح تشوف إن ما كسرت راسك " . ظلَّ هو صامتاً و فقط ليستمع لِكلام أمه ، لِتردف : " اليوم .. اليوم بتروح لأمريكا ما لك جلسة هنا " . صُدم ( كنان ) بسبب ما قالتهُ والدته فهو لا يُريد العودة لذلكَ المنفى ، فقد نفي سابقاً لِسنين طوال و ذلك كافٍ ، لِذا و لمرة من المرات القليلة التي يتحلى فيها بالشجاعة لِمجابهةِ والديه نطق بِـ : " ما أريد أروح " ! . لِيصبحَ غضبُ والدته بركاناً ثائراً لا يُخمد ، فأول ما فعلته هوَ طبعُ أصابعِ يدها الخمسة على خده و بعدها قالت : " لك وجه ترفض و تعاند ؟ " . أردفت بعدها : " انته اليوم رايح يعني رايح " . التزم ( كنان ) الصمت من جديد فهو لم يتوقع منهم ما هو أقل من هذا ، ففي النهاية هو ليس ( الأمير طلال ) ! ، رُغم أن طلال رسب لمرات عديدة إلا أن علاقات والدته جعلتهُ ينجح و يتخرج مع أنه من المفترض الآن لا يزال في السنة الجامعية الأولى .. ففي النهاية هذا ما يحدث حين يكون المرء أمير والديه . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
11-08-17, 04:51 AM | #8 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| السلآم عليكم و رحمة الله . * " أتمنى بعد ما تقرأوا الجزء هذا تعطوني توقعاتكم + أي شخصية حبيتوا " . ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . «6» في طوكيو ، و بعد ثلاثين دقيقة تماماً من المشي في الأرجاء هنا و هناك ، قالت ( مارو ) و هي تنظر لساعتها : " اوه عليّ الذهاب الآن " . ( ناتسوكو ) : " ناندي؟ – لماذا ؟ - . ( مارو ) : " عليّ الاستعداد للاختبارات " . قال الثلاثة في ذات الوقت : " أيّةُ اختبارات ؟ " لِتنظرَ إليهم ( مارو ) بِنظرةٍ جعلتهم يبلعون ألسنتهم ، لِتصرخ عليهم : " أأنتم حمقاء لهذهِ الدرجة ؟ ، ألا تعلمون أن الاختبارات النهاية قريبة ، و أننا سنتخرج قريباً أيضاً " . لِتردف بعدها بِسخرية : " كنتُ أعلم أنكم حمقى و لكن ليس لهذهِ الدرجة ! " . سألها ( طلال ) باستغراب : " ألا تظنين أنهم يمزحون ؟ " لِتجيبه ( مارو ) : " لا " لِتردف و هي تُشير لِـ ( ايتشيرو ) :" هذا القبيح يأتي متأخراً للفصل و ينام ، و هذا العملاق أيضاً كذلك ، و هذا باستثناءِ أنهما يتغيبان كثيراً " لِتنهي كلامها و هي تشير على ( تاتسو ) ، لِيسألها ( طلال ) و هو يقصد إغاضة ( ناتسوكو ) : " ماذا عنها ؟ " . لِتجيب ( مارو ) بِعصبية : " هذهِ العملاقة الأخرى ؟ تنظرُ للنافذة و تراقب الشارع و كأنها حارس ، هذا باستثناء نومها دائماً في حصةِ الرياضيات و الأدب ! " لِتردف بنبرةٍ غاضبة كالسابق و هي غير مُنتبهة أنها تحدث ( طلال ) : " أتعلم كم هو ترتيبهم من بينِ مئة طالب ؟ " . لِيقول الثلاثةُ في ذاتِ الوقت : " هوي هوي ، كيف لكِ أن تكشفي كل هذه الأمور لغريب ؟ " . لِترد عليهم بغضب : " فقد سأمتُ منكم ، سينتهي بكم المطاف تتسولونَ على الطريق ، لِذا سأخبره بترتيبكم المُشين " . لِتردف و هي تُشير على ( ايتشيرو ) و بعدها على ( تاتسو ) : " القبيح ترتيبهُ 98 ، و العملاق 100 " و أشارت على ( ناتسوكو ) و لكنها لم تكد تتحدث حتى أمسكتها ( ناتسوكو ) و هي تُغطي فمها بيدها ، لِتقول و هي تنظر لِـ( طلال ) : " لا تصدقها فهي تتحدث كثيراً أمام الغرباء ! " . و ما إن أنهت جُملتها حتى نطقت بِـ : " ايتا ! ، مارو ! ، عضتكِ مؤلمة كعضةِ كلب ! " . لِتتجاهلها ( مارو ) و هي تنظر لطلال : " ترتيبها 88 ! ، فلتحرِص على اخبار والدتها " . و بعدها ذهبت و تركتهم في وسطِ الطريق ، لِيقول ( ايتشيرو ) : " تتغير فعلاً حين يخص الأمر الدراسة " . ( ناتسوكو ) : " إن أوكّا سان تهتم كثيراً لدراستنا " . ( تاتسو ) : " هل علينا أن ندرس فعلاً ؟ " . لِتجيبه ( ناتسوكو ) بنبرةِ استهزاء : " و هل هناك جامعة ستقبلك أصلاً ؟ " لِيقول ( طلال ) : " و كأن هناك جامعة ستقبلكِ انتِ " . لِتقول له : " هوي ، إنك تتحدث كثيرا ً بالنسبة لِسائق ، فلنذهب الآن " . بعدها استمروا في المشي ، و كان ( ايتشيرو ) و ( تاتسو ) يتحدثونَ مع ( طلال ) الذي أحّس أنه سيموت ُ من الغيض لأن الأمر انتهى بِكونه مع هؤلاءِ المراهقين الحمقى ، في ذات الوقت كانت ( ناتسوكو ) تُفكر في شيءٍ يجعلها ترتاح من هذا الـ ( طلال ) الآن و للأبد .. إلى أن توصلت لفكرة أخيراً لِتنطق : " انني أشعرُ بالجوع " ( اتشيرو ) : " فلنأكل الرامِن ( تاتسو ) : " lets go “ ليذهبَ الثلاثةُ و برفقتهم ( طلال ) الذي أكل قلبه الندم اكلاً ! ، فقد ندم لأنه وافق على الزواج من صرّافة النقود ( نازك ) فصحيحٌ انها ستُمطر عليهِ الأموال و لكنها لا تملك دماغاً البتة ! ، و ندم أيضاً لأنه لم يتزوج اخت ( نواف ) بدلاً من ( كنان ) فهو يُؤخذ برأيه و لا يُجبر على شيء بعكس ( كنان ) ، قطع تفكيرهُ صوتُ ( تاتسو ) القائل : " هوي .. أوجي سان – عمي – ألن تدخل ؟" فتح ( طلال ) عينيهِ بأكملهما من الصدمة ، هو ليس بعجوز ، فقط يبلغُ خمسةً و عشرين عاماً و هو يناديهِ بعمي؟ ليقول بصوت منخفض : " ما ألومك دامك ربيع ذيك الخبلة " . و لحقَهم بعدها ، و شعر بالندم أكثر و أكثر حين قرر القدوم هنا ، فقد اعتقد ان هناك فرساً بانتظارهِ لِيروض و لكن قد يكون هو الفرس الذي سيُروض ، فكيف لهم أن يحضروه هو و بكامل فخامته لِمطعمٍ كهذا و عليهِ الجلوس على الأرض أيضاً ! ، فلم يكن لديهِ خيارٌ سوى كظم غيضهِ و الجلوس بصمت و السرحان في عالمٍ آخر ، و لكن اليوم قرر أن يُراقب الذاهبَ و القادم إلى أن يرتاح من حفنةِ المجانين هذه ! ، و فجأة مرّت مجموعة فتيات يبدون كأميرات فاتنات ، ليراقبهُن هو و يفحصهن من أعلى رؤوسهن حتى أخمص قدميهن ، لتقول له ( نازك ) : " "شوي شوي على عيونك لا تطلع من مكانها " . لم يرد عليها ( طلال ) بل رمقها بنظراتِ سُخرية و أشاح بوجهه ، و ما إن وصل الرامن ظلَّ ينظرُ إليه بتقزُز فهو لا يحبه ! ، و لكن حدث ما لم يكن بالحسبان حين قلبت ( نازك ) طاولة الطعام بأكملها على ( طلال ) و ولّت هاربة ، في حينِ ان ( تاتسو ، ايتشيرو ) كانوا في حالةِ صدمةٍ و ذهول !! أما ( طلال ) فكان يعيشُ حالتين .. الأولى : صدمةٌ و ذهول ، الثانية : الألم نتيجةَ الرامن الساخن الذي انسكب على ساقه ، و هنا و في هذهِ اللحظة قرر أن يُعيدَ تربية هذه الطفلة المُراهقة و تراجع عن فسخِ الخطوبة ، في حينِ أن ( ايتشيرو ، تاتسو ) ولّوا هاربين أيضاً وراء صديقتهم . أما ( نازك ) و التي مشت مسافةً متوسطة حتى تصل لمنزل والدها الفخم ، دخلت المنزل و ابتسامةٌ عذبة مرسومة على وجهها : " تدايماس – لقد عُدت –" . تعجّب الموجودون من ابتسامتها الساطعة التي رُسمت على ثغرها منذ أن أتت و تعجبوا أكثر بعد أن ألقت تحية الدخول ، إذ أنها مُعتادة على الدخولِ بوجهٍ غاضب .. فلطالما تعب الجميع منها و من محاولةِ إعادة غرس الأخلاق التي تفتقرها فيها . ( مريم ) بشك : " ليش أحسش مسوية مصيبة؟" . تجاهلتها ( نازك ) كعادتها الوقحة ، لتقول ( نور ) تلك التي تحمل الشيء الكثير من أساليب الحياة اليابانية : " نور تشان تحس بذلك أيضاً ! " . ردّت ( نازك ) على الاثنتين بردٍ لا يؤخذ منهُ حقٌ و لا باطل : " انني بانتظارِ الحرية " . لتقول ( مريم ) بنبرةٍ ملؤها اليقين : " متأكدة انش سويتي مصيبة " . رمقتها ( نازك ) بنظراتٍ غير معلومةِ الماهية و ابتسامةٌ لئيمة رُسمت على ثغرها : " أتمنى لو أستطيع ذلك ! ". ( نور ) : " من يسمعكِ الآن سيظن أنكِ ملاك بريئة ، لن يخطر على بالهم أبداً انكِ رئيسة عصابة " . تجاهلتها ( نازك ) من جديد و هي تقفُ لأخذ " ريموت " التلفاز ، لتجلسَ بعدها من جديد و هي تضعُ رجلاً على الأخرى و أخذت تقلبُ في القنوات حتى توقفت على قناه موسيقية تعرضُ أغنيةً راقصة ، لترفع الصوت و ترقصَ على أنغام الموسيقى كالمخبولة ! . ( نور ) : " إن رآك من يتعاقدُ معكِ و انتِ ترقصين سيُلغي العقد فوراً و ينتحر ! " . كان ردُ ( نازك ) عليها هو رفعُ الصوت أكثر و التمايلُ مع الألحانِ بجنون . ( مريم ) : " خفي الصوت لا أكسر راسش " . ( نازك ) على نفس حالتها السابقة : " ما اسمعش اول شي و بعدين لا تتكلمي عربي" وقفت ( مريم ) لتذهب لأخذِ الـ" ريموت " و تخفض الصوت ، لتجلس بعدها ( نازك ) و هي تمتمُ بأحد أغانيها الجديدة ! .. و لكن تمتمتها توقفت حين تخلل إلى مسامعها صوتُ اغلاقِ الباب بقوة ، و يليهِ صرخةُ والدها : " ناازك ، وينش يا قليلة الأدب؟ " لِتقف و الخوف ُ يعتريها و لكنها حاولت اخفاءه ، لترى جُثة والدها العريضة تقفُ امامها بِكل شموخ ، ليستقبلها والدها بِلطمةٍ جعلت أيمن وجهها يحمّر و يتورم وسط دهشةِ ( نور ، مريم ) أما هي فلم تكن تتوقع أقل من هذا و لكن كل شيءٍ بسيط بالنسبة لها ما دام المقابل هو أن تبقى عازبة ! صارت ( نازك ) تمسح وجنتها اليُمنى من الألم بأطراف أصابعها و التزمت الصمت ، لتوقن ( مريم ) أن أختها الوسطى قد افتعلت مُشكلةً بلا شك ! ، لذا وضعت يدها على كتف ( نور ) لتمشيَ الاثنتان بتجاهِ الدرج اللولبي ، تاركين ( نازك ) و والدها يتصارعين وحدهما نطق والد ( نازك ) : " شاللي سويتيه ؟ هاا ؟ " . لتبلعَ التي سُؤلت ريقها و تعطي أجابةً واحدة .. السكوت . ليصرخَ عليها والدها من جديد : " تكلمي ، انطقي " . ليردف بسخرية و بنبرةِ صوتٍ أكثر انخفاضاً من السابقة : " أنأكل لسانش ؟ " . حينها نطقت ( نازك ) أخيراً قائلةً : " و هل يوجد حل آخر ؟ ، اذا كان لديك حل آخر فلتعطيني إياه " لتردف بعدها بنبرةٍ مرتفعة ملؤها العجز : " أنا ابنتك و لست أحد سلع شركتك لتبيعني هكذا لذلك البائس الحقير " . ليصرخ عليها والدها من جديد : " لا ترفعي صوتش لا أقص لش لسانش " . و أردف بعدها : " لا تحسبي انش بتصرفات الأطفال هذي بتغيري لي رأي ، خلاص زواجش شهر3 " . لتنظرَ إليه ( نازك ) بعينين مفتوحتين بالكامل و شفاهٍ منفصلة جرّاء الصدمة : " و الله و على جثتي اتزوجه .. إن كان هو و لا غيره " . عناد ( نازك ) مُستفز و وقاحتها أكثر استفزازاً لذا قال والدها : " اطلعي من هالبيت ، الحين تتقلعي و وجهش هذا ما اريد اشوفه لحد ذاك اليوم الي نروح فيه عمان " . لِتذهب ( نازك ) بتجاهِ الباب بخطواتٍ بطيئة فهي نادمة لأنها قد جنت على نفسها و الآن عليها الزواج من ذاك القبيح بعد شهر ، و في ذات الوقت تذكرت ان والدتها أخبرتها أن التخرج سيكون في شهرِ أكتوبر .. لكنها ابتسمت بسخرية حين تذكرت أن والدتها درست طوال حياتها في الخليج ، و في عمان بالتحديد فكيف ستعلم متى هو التخرج ، حتى أنها لم تكن في اليابان أثناء تخرج ( مريم ) ! . ظلت ( نازك ) تمشي في الطرقات و هي لا تزال بملابس المدرسة ، فقط تلفُ وشاحاً على رقبتها ليغطي نصف وجهها مُخفيةً هوية ( نات تشان ) .. و انتهى بها الأمر و هي تجلسُ على أحدِ الكراسي القابعة على جانب الطريق ، لتمسك هاتفها محاولةً الاتصال في أي أحدٍ من أصدقاءها ، فهي أولاً لا يمكنها النوم في منزل ( ايتشيرو ) كونه فتى ، و لا في منزل ( تاتسو ) .. لذا الحل الوحيد كان ( مارو ) بما أن ( نارومي ) تحاول تجنبهم في هذه الفترة ¶ ¶ ¶ في الجانب الآخر .. كان ( كنان ) يجلسُ على احد الكراسي في صالةِ الانتظار فهكذا هو ! ، كالدميةِ بين يديّ والديه حين يطلبون منه الرحيل يرحل و حين يُعيدونه يعود ! ، و لكنهُ قد تعب من كونه هكذا ، يشعرُ بالأسى حين يقارن حياته بحياة ( الأمير طلال ) فهو منبوذ و مشتت في حين أن ( طلال ) كالأمير ، لكنهُ أبعد هذا التفكير و شهق بعضَ الهواء و زفرهُ من جديد ، ليقفَ و هو يُعلق حقيبةَ ظهره على كتف واحد حين سمع النداء لطائرته المُتجهة إلى طوكيو ! ، لِيستعيدَ بعدها ما حدث قبل ساعات : كان جالساً في غُرفتهِ هذهِ المرة ، يُقلّب كُتب الفن بينَ يديه ِ ، حين دخلت والدتهُ غُرفته ، لِيُجبر نفسهُ على الابتسام ، و لكنها كانت كعادتها معه .. جافة ! . قالت والدته : " بتروح طوكيو .. بدال نيويورك " . لِيرُد عليها ( كِنان ) سريعاً بنبرةٍ فرِحة و سعيدة : " مع طلال ؟ " . لِتُجيبه والدته بِجفاف : " طلال اليوم راجع " . و إلى هذا الحد توّقف ( كِنان ) عن استرجاعِ ذكرياته ، لِيُدركَ أخيراً أنهم قد أرسلوه لِـ منفى آخر ، غير نيويورك ، ليعيشَ مشاعرَ الوحدة من جديد .. في أملِ أن يعبُد المال كما يتمنون ! . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر .. في أرخبيلِ اليابان . حاولت ( نازك ) الاتصال بِـ ( مارو ) مرارا ً و تكراراً و لكن هاتفها مُطفئ ، لذا لم يكُن لديها حل سوى الاتصال بِـ ( نارومي ) علّها تُجيب و لكنها الأُخرى لا تجيب .. أو بالأصح تغلقهُ في وجهها ، لِتجلسَ مكانها على الكرسي بيأس و هي تنظرُ للساعة ، 9:00 أين يُمكنها الذهاب الآن ؟ . ظلّت ( نازك ) لِفترة على نفس الحال ، تنتظر اتصالاً من أحد الاثنين : والدها ، مارو ، فلعلّ الأول يُعيدها للمنزل ، ولعلّ الأخرى تأويها في منزلها .. إلى أن أخيراً رأت هاتفها يُضيء باسم مارو ، لِترد سريعاً و تنطقَ بِـ : " مارو .. آهٍ كم أُحبكِ " . مارو بنبرةِ استغراب : " هوي هوي ما الذي يجري ؟ " . ردّت عليها ( نازك ) : " طُردت من المنزل " . لِتسمع بعدها شَهقةَ ( مارو ) و التي أردفت بعدها بِنبرةٍ قلقة : " أين أنتِ الآن ؟ .. هذهِ المرة الثانية التي تُطردين فيها من المنزل هذا العام ! " . ( نازك ) بإحراج : " لا مكان ، أظنُ أنه لا يمكنني المكوث عند تاتسو أو ايتشيرو " . ( مارو ) ردّت عليها سريعاً : " لا .. لا تذهبي هناك ، فهم في النهاية شُبّان ، أين أنت ِ الآن ؟ سآتيكِ لآخذكِ لمنزلي " . ( نازك ) بِإمتنان : " أريغاتو أوكّا سان .. أنا الآن جالسة على ذلكَ الكُرسي ، الذي كنّا نلتقي عندهُ قبلاً في أيام العُطل " . ( مارو ) : " حسناً ، ابقِ هناك ، سآتيكِ فوراً " . أغلقت ( نازك ) المُكالمة و هي تبتسم ، لأن ( مارو ) كانت مكتوبةً في قدرها ! ، رٌبما أُعطيت أباً قاسياً و لكنها في المقابل تملكُ أماً عظيمة ، و رُبما طُعنت من أصدقاءها في الماضي و لكنها الآن عوّضت بِـ ( مارو ) . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من المدينة ، في منزلِ والد ( نازك ) ، كانت الوالدة قد عادت للبيت قبل دقائق ، حين رأت ( مريم ) و والدها يتناقشان في بعضِ الأمور ، لِتتأكد بأنها أمور خاصة بشركة العائلة ، و انتقلت ببصرها بعدها لِـ ( رؤى ) و التي كانت تُغيّر قنوات التلفاز بملل ، و بعدها رأت ( نور ) التي كانت مُمسكةً بِـ الـ " آيباد " ، لِتسألهم سريعاً باستغراب : " وين نازك ؟ .. الساعة 9:30 ! " . لِتلتفتَ كُل الأنظارِ إليها باسثناء الوالد ، لِينظرَ الجميع عليها و السكوتُ هو إجابتهم الوحيدة ، لِتقول بعدها من جديد : " هي دايماً ما تتأخر عن هالوقت ! " . لِيرفعَ لها الوالد ُ نظرهُ بِبرود و يقول : " طردتها .. لا تخافي أكيد حصلت لها مكان ، بتلاقيها ببيت حد من الشلة الصايعة إلي تعرفها " . فلم يكن والدها على وِفاقٍ أبداً مع أصدقائها ، و لكن ردةَ فعل والدتها كانت الصدمة ، لِتسرع في إخراج هاتفها من حقيبةِ يدها و الاتصال بـ ابنتها الوسطى ، وسط لا مُبالاةِ الوالد ، و خوف ( نور ) و فضول ( رؤى ) و التظاهر باللامبالاة من ( مريم ) ، لِتنطقَ سريعاً حين سمعت صوت ابنتها : " انتِ وين ؟ .. متأكدة ؟ .. أوكِ " . لِتغلقَ الهاتف بعدها و تقول : " ببيت ربيعتها " . و التزمتِ الصمتَ بعدها ، فهي لا يُمكنها أن تُناقش زوجها في أي شي ء .. و لم يسبق لها أن تفعل هذا من قَبل حتى .. فهي لا تتجرأ أصلاً ! . ¶ ¶ ¶ بعد ثلاثةِ أسابيع، في يومِ التخرج : ( تاتسو ) : " هوي نات تشان ، ءلا تزالين تُقيمين في بيت مارو ؟ " ( ناتسوكو ) : " هوي هوي ، إن هذا مُحرج بما فيهِ الكفاية فلا تتحدث عن الأمر " . ( مارو ) : " لا بأس ، نحن نقضي وقتا ً ممتعاً ، فوالديّ مُسافران ، و لا يوجد في البيت عداي و أختي الصُغرى " . ( ايتشيرو ) : " إن والدكِ قاسٍ و شرير للغاية .. لا أشكُ أن سيقوم ببيعكِ في المستقبل " . لِيقول بعدها مُمثلاً الشجاعة : " لا تخافي .. سأجعلُ والدي يقومُ بتبنيكِ " . ما إن نطق ( ايتشيرو ) حتى تذكرت ( ناتسوكو ) موضوع ( طلال ) لِتشعرَ بالاشمئزاز ، و بعدها ضربت ( ايتشيرو ) على رأسهِ كالمُعتاد : " أصمت يا قبيح " . أمسك ( ايتشيرو ) مكانَ الضربةِ و هو يقولُ بِألم : " كان من المفترضِ أن تكوني ذكراً ! " . أنهت ( مارو ) هذا الحِوار بِقولها : " أين هي نارومي ؟ .. كيف لها أن لا تأتي ليوم التخرج ؟ " . ( ناتسوكو ) و هي تخرج هاتفها من جيبِ تنورتها المدرسية : " سأحاولُ الاتصال بها " . ¶ ¶ ¶ في مكانٍ آخر من طوكيو .. في المطارِ و على أحدِ الطائرات بالتحديد ، كانت ( نارومي ) قد قررت الرحيل َ فعلاً فهي لا يُمكنها تحملُ ما قد تفعلهُ بها ( أم تاتسو ) ، لذا فقد قررتِ الرحيل بإرادتها بدلاً من إجبارها على ذلك .. ففي النهاية ستكون النهاية واحدة ! ، قطعَ تفكيرها صوت أختها الصُغرى و هي تقول لها : " نيتشان ، عليكِ ارتداءُ حزام الأمان الآن " . لِتفعلَ ( نارومي ) ما قالتهٌ لها أختها في صمت .. و هي تستعدُ لِتغادر اليابان للأبد ! ، و لكن سؤالاً واحداً لا يزالُ يتبادر لِذهنها ، لماذا كون ( تاتسو ) مُعجباً بِـ ( ناتسوكو ) كما نصّت إحدى الشائعات من فترة جائز ، و لكن هي و ( تاتسو ) مُحرّم ، لِتطردَ هذا التفكير من عقلها و ترسل لِـ ( ايتشرو ) بما أنهُ كان الاسم الأقرب بأنها راحلة بلا عودة ! .. و أغلقت ِ الهاتف بعدها . و بعد ثوانٍ .. رحلت ( نارومي ) تاركةً ورائها أشخاصاً بعضهم كانَ السبب في دمارِ حياتها و تشتتها الذي تعيشهُ الآن و البعضُ الآخر أسعدوها كما لو أنها تُسعد يوماً ! . ¶ ¶ ¶ في المدرسة : فتحَ ( ايتشيرو ) هاتفه ما إن سمع صوتَ تنبيه وصول رسالة ، لِيقول بنبرةٍ غير مُصدقة : " مَساكا – مستحيل " . لِيردَ عليهِ رفاقهُ الثلاثة في ذاتِ الوقت باستغراب : " ماذا هناك ؟ " . ( ايتشيرو ) : " اقرأوا هذا ! " . أخذ ( تاتسو ) الهاتف من يدِ ( ايتشيرو ) ، و أدخلت الاثنتين رأسيهما في الهاتفِ ، لِيُصدموا جميعاً بعدها ، لِيتبادر لِذهن ( تاتسو ) أن هذا من فعلِ أمه ، فقد فعلت سابقاً نفسَ الأمر مع أخيهِ الأكبر ، لِذا أعاد لِـ ( ايتشيرو ) هاتفه ، و ركضَ خارجاً من الفصل تاركاً أصدقاؤه و هم ينادونه وراءه ! " . ذهب ( تاتسو ) راكضاً لِحيثُ تقبع والدته .. فلا مكان آخر تكونُ فيه في مثل هذا الوقت إلا الشركة ، ليدخلَ و هو يركض وسطَ استغرابِ الموظفين ، لِيصل لِمكتبِ والدته و يفتحَ الباب و يتوجه لِيقف أمامها مُباشرة ً : " أوكّا سان ، لم تكوني أنتِ من فعل ذلك صحيح ؟ " لِتفهمَ والدته قصده و لكنها تتجاهله : " ءلم أقل لكَ ألف مرة ، أن لا تأتي راكضاً إلى هنا كالمجنون ، و لا تفتحَ الباب بهذا الجنون أيضاً " . ( تاتسو ) : " هل كنتِ أنتِ فعلاً .. من أرسل ( مارو ) بعيداً ؟ " . والدته : " لم أُجبرها و لكنني خيّرتها في ذلك ! ، و اخرج الآن من هنا ، و إن كانَ لديكَ شيءٌ لِقوله فاتركهُ للمنزل . لم يكن لدى ( تاتسو ) خيارٌ حينها سوى السكوت و الخروج كما طلبت منه . ¶ ¶ ¶ في المدرسة : كان الثلاثةُ يجلسونَ على السطح حين سمعت ( ناتسوكو ) صوت تنبيه وصول رسالة في هاتفها ، لِتظنَ أنها من ( تاتسو ) ، و لكنها تتفاجئ حين قرأت اسم والدها ، و قرأت المحتوى : " ارجعي البيت .. اليوم رايحين عُمان ! " . لِتبتسم بِسخرية و تقول : " إنهم فعلاً يحبون إغاضتي " . ( ايتشيرو ) : " ماذا هنالك ؟ " . ( ناتسوكو ) : " إن والدي يطلب مني العودة للمنزل ، لأننا سنعود لعُمان اليوم " , ( ايتشيرو ) : " لقد بدأت أفكر فعلياً في جعلِ والدي يتبناكِ ! " . ( مارو ) : " لا أدري كيف استطعتِ تحمل هذا طوال هذهِ الفترة ! " . ( ناتسوكو ) : " رغم أنها ليستِ المرةَ الأولى التي أُطرد فيها من المنزل ، و لكنها المرة الأطول و أيضاً لم يسحب والدي بطاقاتي الائتمانية .. و الآن هل يُريد السفر كثمنٍ لإبقاء البطاقات ؟ " . ( مارو ) : " هل تظنينَ هذا فعلاً ؟ " . ( ناتسوكو ) : " في كلِ الحالات لن أعود ! " . قالتها و هي تتذكر تهديدَ والدها لها ، بِتقديم الزواج من ذاك البائس ( طلال ) ، و لكنها لن تذهب و حتى لو كان ثمنُ ذلك هو روحها ! . ¶ ¶ ¶ بعد ساعات .. كانت ( نازك ) تستعدُ للخروجِ الآن بِرفقة ( مارو ) حين رأت رِجال والدها باستقبالها ، لِتفهم سبب مجيئهم ، و تقول لِـ ( مارو ) : " أعتقدُ أنه علي الذهاب " . لِتذهب بعدها بِكرامتها مع رجالِ والدها ، فهي تعلمُ أنه طلب منهم إحضارها بأي ثمن و طريقة ! ، و لكنها تعجّبت حين رأت أنهم يسكلون طريق َ المطارِ بدلاً من طريقِ المنزل ، و حين وصلوا أمروها بالنزول لِتفعل و هناك رأت ( مريم ) .. و ما إن رأتها ( مريم ) حتى قالت : " نروح نحنه قبل و همه يلحقونا بكره " . لم تهتم لها ( نازك ) مُطلقاً بل مَشت وراءها ، و هُناك في المطار حينَ رأت أحدَ رجال والدها مشغولٌ بِوزنِ الحقائب التي أكتشفت لاحقاً أن إحداها تخصها التفتت للخلفِ سريعاً في غفلةِ من الاثنين ( مريم ) و ذاك المعتوه ذي العضلات و الرداءِ الأسود ، فهي لا تثق بِـ ( مريم ) في مثلِ هذهِ الأمور إذ أنها ذراع والدها اليُمنى ، لِذا قررت أن تمسك نفسها و تهرب من هُنا ، لِذا جرت بِسرعة ، لِتتمكن ( مريم ) أخيراً استيعاب ما يحصل ، لِتصرخ مناديةً : ( نازك .. نااازك ) ! . و بعد أن تفوّهت بهذا أصبحت تجري وراءها و كذلكَ رجلُ والدها مفتولُ العضلات ! .. كانت ( نازك ) خائفةً من أن تلحقها ( مريم ) فهي في هذا الوضع لا يُمكنها الاعتماد على قاعدة " كُلما كُنت أطول كانت خطواتك أكبر و أسرع " ، فصحيحٌ أن ( مريم ) أقصر منها بِعشرةِ سنتيمترات إلّا أنها كانت العدّاءة رقم واحد في ثانويتها ، و العدّاءة رقم ثلاثة في طوكيو ، و لكنها ظلّت تدعو في قلبها أن لا تلحق بها ، و حاولت الإسراعَ قدر الإمكان ، حتى التفتت و رأت ( مريم ) لا تبعد عنها كثيراً .. و تلقائياً و بدون أدني تفكير أخرجت الميداليةَ المتوسطةَ الجحم التي هي على شكلِ دُب و رمتها على ( مريم ) ، فضرَبت الميدالية رأس ( مريم ) مما جعلها تفقد تركيزها و تتعثر و بهذا خرجت ( نازك ) من المطار بِسلام و لكنها اتجهت للمنزل ! . أما ( مريم ) فبعد أن تعثرت أمسكت بذلك الجسم الصغير الذي رمتهُ بها ( نازك ) لِتتفاجئ حين ترى أنه ميداليةُ الدب ، فلطالما كانت تحبها لِدرجةِ أنها ممنوعٌ لمسها ! .. لِذا أخذتها ( مريم ) و وضعتها في جيبها حين وصل رجلُ والدها هو و الحقائب ! .. لِتتصل ( مريم ) بوالدها و تخبره ُ بالذي حصل ! . ¶ ¶ ¶ بعد نصف ساعة تماماً ، دخلت ( نازك ) المنزلَ و رأت والدها في استقبالها ، لِتقول له قبل أن ينطق : " ما لازم تطردني .. بطلع بكرامتي ! " . لِيردَ عليها بابتسامةٍ باردة : " اجلسي مكانش " . و توّجه للخارجِ بعدها ، فعليهِ تربيةُ أمواله لِتتكاثر أكثر فأكثر ! ، في حينِ أن ( نازك ) كانت مُتعجبة تماماً ، فكيفَ لِوالدها أن لا يُلقي بها خارجاً ، أو يرسم كفّه على وجنتها ، أو يصرخَ عليها على الأقل ، في الحقيقة لم تكن ( نازك ) تعلم أن كُل شيءٍ جرى مثل ما خططَ لهُ والدها . فجأةً أصبحت ( نازك ) تُحس أن حرارتها مُرتفعة لِدرجةِ أن أنفها يسيل ، و قبل أن تصعدَ لغرفتها المهجورة منذ أسابيع ، رأتها والدتها لِتقول لها باستغراب : " ما رحتوا ؟ " . لِتجيبها ( نازك ) : " هربت ! " . ما إن سمعت والدتها ما قالته حتى اعتلت الصدمة وجهها و و جاءت لِتوبخها و لكن عُطاس ( نازك ) المُستمر منعها ، لِتضع يدها على جبهتها و تقول : " شكلش مريضة ! " . و قد كانت فعلاً مريضة ، و يوماً بعد يوماً زاد ارتفاع ُ حرارتها و ارهاقها ، لِدرجةِ أنها لازمتِ السرير لِأيام ، و بعد هذهِ الأيام أوقعت ( نازك ) نفسها في الهاوية دون أن تدرك ، حين كانت لا تزال مريضة ، لِذا فلم تعد مُركزة كما لو كانت بصحتها و عافيتها ، فقد كانت تجلسُ في حديقةِ المنزلِ حين جاءها سكرتير والدها ، يطلبُ منها توقيعَ بعض الأوراق و لو أن ( نازك ) أمعنتِ النظر لرأت أن شكلها مُتغيّر ! ، فشرعت توقعُ الأوراق دون أن تسأل حتى ، فهي مُتعبة للغاية ، لِذا قال لها السكرتير : " ءليسَ من الأفضل لو تقومين بقراءتها قبل توقيعها ؟ " . ردّت هي : " لا بأس ! " . فلو أنها كانت بِخير لأدركت أن الأمر مريب ! .. فلو أنها قرأت الأوراق جيداً لوجدت أن هناك ورقة مكتوبة بالعربية ! ، رُغم أنها لا تقرأ العربية و لكنها كانت ستشك فيها بما أن هناك فراغينَ يُملآن بالتوقيع ! .. فلو كانت مُنتبهة لَعلمت أنه عقدُ زواج ! .. و لو كانت بخير لعلمت أن الأمر غريب ، فمنذ متى و هي توقع أوراقاً لوالدها ؟!، و لم يتمكن السكرتير العجوزُ من إخبارها رُغم أنه يشعرُ بالأسى عليها لأن والدها سَيقومُ بِدفنهِ حيّاً ! . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الإثنين . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
14-08-17, 11:58 PM | #9 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| ¶ الفصل الأول : ما قبل الثاني عشر من أكتوبر ¶ . «7» في يومٍ مُشمسٍ و هادئ ، أرتدت ( نازك ) ملابسها سوداءَ اللون ، و اذا تدّخل علم النفس في هذهِ الحالة ، فإن ( نازك ) تُريد العيش بعيداً عن أُعين الناس .. و تريد ُ الاختفاء و هذه هي الحقيقة ، و الآن قد استعدّت لتخرج و قبل ذلك أخذت بعضَ المناديلِ في جيوبِ بنطالها ، و وقفت أمام المرآة و هي تنظرُ للقميصِ الذي ترتديه .. قميص من نايك ! ، لِتقول لنفسها بنبرةٍ خرجت شاحبة من تأثير المرض : " إن هذا القميصَ بدا طويلاً بعض َ الشيء .. هل قصرت ؟! " . لِتبتسم بعدها بِسخريةٍ على نفسها ، و تنظرَ لِحذائها الرياضي ، لِتقول : " هذا الحذاء يعطيني طولاً أكثر .. +2 ؟ سأصبح بطول 177 .. كعمودِ إنارةِ الشارع بالضبط ! " . ختمت حديثها بابتسامةٍ من جديد ! : " شكلي جنيّت ! " . و أخيراً خرجت من الغرفة ، و ما إن خرجت حتى أخرجت هاتفها من جيبها ، لِترى اتصالاتٍ عديدة من أصدقائها الثلاثة و رسائل منهم أيضاً عددها تخطى الألف ! ، فهي لم تفتح هاتفها منذ أسبوعٍ كامل ! .. و لِهذا ظلّت تنزلُ الدرج و هي تكتبُ رِسالة لِأصدقائها تُخبرهم فيها أنها بخير و أنه لا يجب أن يقلقوا عليها ، و طبعاً ما إن أرسلتها حتى قرأتها ( مارو ) سريعاً ، لِتصُب عليها شلالاً متواصلاً من الشتائمِ و العتاب ، حينها قالت ( نازك ) في نفسها : " سريعة ! " . و لكنها توّقفت عن الحركةِ لِثوانٍ حين أدركت أنها الآن في وسطِ غرفةِ المعيشة ، و هُناكَ أصوات غريبة ، لِترفعَ رأسها ببطئ ، و ترى والدها و عائلتها في ناحية و الناحية الأخرى يجلسُ فيها أُناسٌ لا تعرفهم ، و لكنها بعد التمعن فيهم ، عرفت أحدهم و هو ( طلال ) ! . لِتنظر إليهِ باشمئزاز ، و تكملَ طريقها للخارج رُغم أنها تعلم أن والدها قد يدفنها حية و لكنها الآن لم تعد تهتم لشيءٍ .. فقد أصبحت يائسةً تماماً من كُل شيء ! . ¶ ¶ ¶ في الجانبِ الآخر من طوكيو ، كان ( كِنان ) يَحملُ بينَ يديه ورقة لِإعلان للالتحاق بمعهد للفنون ، في البداية ظلّ يُفكر هل يتركُ طوكيو و يتجه لِـ أوساكا ، ففي النهاية لن يسأل أحد عنه ! .. فهو يعلمُ أن عائلته هنا في طوكيو منذ يومين و لكن لا أحد منهم فكر أن يأتي لِرؤيةِ وجهه حتى ! . ¶ ¶ ¶ في مكانٍ آخر ، كانت ( ناتسوكو ) قد علمت بما حدث لِـ ( نارومي ) الآن فقط ، و لكنها لم تعلم ما الذي يجب عليها قولهُ ، فوالدة ( تاتسو ) كَوالدها هي تماماً .. لا فرق بينهما . ( مارو ) أغلقت هذا الموضوعَ بقصدٍ منها حين قالت : " ما الذي ستفعلونهُ بخصوص الجامعة ؟ " . ( تاتسو ) : " لا أعتقد أنني سألتحق بالجامعة ! ، رُبما إذا فزنا ببطولةِ الربيع سأُقبل في الفريق الوطني " . ( ناتسوكو ) : " أنتِ تعلمين أن ترتيبي قد ارتفع بعد أن أقمتُ عندكِ لفترة .. ءءتخيلين ؟ أنا في المرتبة 50؟! " . هزّت ( مارو ) رأسها دلالة على أنها فاقدة للأمل تماماً من هذهِ الانسانة . و لكن ( ناتسوكو ) أكملت كلامها : " المهم أنا فعلاً لا أريد الالتحاقَ بالجامعة ، ففي النهاية لا توجد جامعة ستقبلني ، و أيضاً سأهتم بالغناءِ أكثر " . و أردفت بعدها بتردد : " أظن أنني سأتعلم الرقص ! " . ما إن نطقت بهذا حتى فتح الثلاثة أعينهم من الصدمة ، لِيقول ( تاتسو ) : " أظنُ أنه من الأفضل أن تبقي كما أنتِ الآن ! " . ( مارو ) بِحماس : " لا ، فلتجربي الأمر معي لمرة و لنقرر بعدها " . لم تكن ( ناتسوكو ) تعلم لماذا قررت فعل هذا و لكنها قررتهُ و حسب ! . و لكنهم جميعاً تعّجبوا حين لم يسمعوا صوت ( ايتشيرو ) و الذي كان يضعُ رأسه على الطاولةِ و الغمُ و البؤسُ يعلوانِ وجهه ، لِتسأله ( مارو ) : " هوي ، أيها القبيح ما بك ؟ " . أجابها ( ايتشيرو ) بصوتٍ بائس : " لقد رُفضت روايتي ! " . حينها اتجه إليه ( تاتسو ) و ضربهُ على ظهره ، لِيصرخ ( ايتشيرو ) : " أيها العملاق ! " . ( تاتسو ) : " ابتهج ! " . ( ايتشيرو ) : " سأذهب للدراسة في الخارج .. سأدرس الأدب الإنكليزي ! " . ( ناتسوكو ، مارو ، تاتسو ) : " سيكونُ ذلك رائعاً " . ( ناتسوكو ) تضربهُ على رأسه كالمُعتاد : " اذهب ، و عُد ككاتبٍ مشهور ، دعني أتباهى بك ! " . ( مارو ) أكملت على كلامِ صديقتها : " أتمنى لو كان بإمكاني التباهي بك أيضاً كتابعٍ ناجح ! " . ( ايتشيرو ) : " هوي هوي ، متى أصبحت تابعاً لكِ ؟ " . ( تاتسو ) : " فلتقاتل ، قبيح سنباي ! " . ( ايتشيرو ) : " سأتحملكم إلى أن أذهب فقط .. لذا سأتجاهلكم الآن ! . و ما إن أنهى كلامه حتى وجّه سؤالاً لِـ ( مارو ) : " و ماذا عنكِ أنت ؟ " . ( مارو ) : " سأدرسُ إدارةَ الأعمال في الخارجِ أيضاً .. أعتقد أنني سأدرسها في أمريكا " . ( ايتشيرو ) يُمثل الضيق : " لقد هربتُ منكِ إلى هناك و ستلحقينني أيضاً ؟ " . ¶ ¶ ¶ مضتِ الأيامُ و الشهورُ و اقتربَ الشتاء ، و طوالَ هذهِ الفترة لم يحدث شيءٌ من طرفِ والد ( نازك ) مما جعلها تتعجّب ، أما ( ايتشيرو ، مارو ) فقد ذهبا لِأمريكا قبل أيامٍ بالفعل ، فلم يبقى الآن سواها هي و ( تاتسو ) الذي أصبح لاعباً في الفريق الوطني لِكرةِ السلة الآن .. و لكن الأهم من كل هذا ، أن الغد من المُفترض أن يكون يوم زفافها هي و ذاك البائس ( طلال ) فكلُ ما فعلتهُ سابقاً لم يجعل والدها ينحني أبداً ، و لكنها إلى الآن تدعو أن يذهبَ ذلك البائس من طريقها و إلى الآن لم تعلم بشأن الأوراق التي وقعتها ، و لكن حدث ما لم يكن بالحُسبان حين سمعِت صُراخَ والدها فجّر المكان ، لِترتجفَ في مكانها هي و كل من معها ، و لكنها هذهِ المرة كانت متأكدة بأنه لا يصرخُ عليها هي ، و قد التزم الجميعَ الصمت حين دخلَ الوالد و عيناهُ من الغضبِ كبراكين تتفجر و هو يتحدث في الهاتف : " جيبه لي هالكلب ، حي و لا ميت .. تجيبه تجيبه ، تفهم ؟ " . لِيغلقَ الهاتف بعدها و يرميهِ بقوةٍ على الأرض لِدرجة أنه قد تحطم ، لِيقول بنبرةٍ عالية : " طلال الكلب ، ألغى كل شي و شرد ! .. ما يلعب علي أنا هالحيوان ! " . حينها علِم الجميع أن ( طلال ) مُختفي و لم يجده أحد ، في ذلك الوقت كانت ( نازك ) تريد أن تضحكَ بصوتٍ عالٍ و لكنها التزمت الصمت ، كي لا تأتيها صفعةٌ تُفقدها السمعَ بشكل مؤقت ، و لكنها أجبرت ابتسامتها على الاختفاءِ حين سمعت والدها يقول لها : " تعالي ! " . لِتبلعَ ريقها و تذهب وراءه إلى مكتبه ، و هناك صُدمت و كأنها لم تُصدم من قبل ، فكيفَ لِوالدها أن يخدعها بهذا الشكل ، فهي فعلاً لا تتذكر أنها قد قامت بالتوقيع على أوراقِ زواج ! ، لِذا حينها قالت و هي تحاول و لِأول مرة إخفاء دموعها و لكن نبرتها كانت هادئة مصدومة : " هالكلب تحصله حتى لو كان تحت الأرض ، و أما أنا و انته ما عاد يربطنا شي ! " . في ذلكَ اليوم حين خرجت من المنزل ، كانت تتمنى لو أنها خرجت من حياتهم بالفعل ، فما جاءها يكفيها و أكثر ، و في ذلكَ اليومِ أيضاً بكت كما لو أنها لم تبكي منذ سنين ، بكت و بكت و بكت لِدرجةِ أنها أحسّت أن عينيها قد جفتا ، و لم تستطع الهدوء حتى لِدرجةِ أنها أرسلت رِسالة لِـ ( تاتسو ) صديقها الوحيد المتبقي هنا و قد كانت الرسالة تحملُ أخطاءَ إملائية كثيرة مما جعل ( تاتسو ) يقلق ، لِيأتيها و حين جاءها لم يُصدق في بادئِ الأمر أنها ( ناتسوكوتشي ) مثلما يقول التي يعرفها ، و سألها في بادئِ الأمرِ عن ما بها و لكنها لم تتحدث ، فقط بكت و بكت .. و بكت بِشدة مما جعل ( تاتسو ) يصمت و يجلس بِجانبها ، و ظلّت على هذا الحال لِساعات متواصلة إلى أن أخيراً توقفت ، و نطقت بِصوتها الشاحب الحزين بِـ : " سأكون بخير ، بإمكانك الذهاب " . لم يكد ( تاتسو ) ينطق بحرف حتى ابتعدت هي من أمامه شيئاً فشيئاً حتى اختفى طيفها ، لِيخرج هو هاتفه و يرسل لها : " فلتخبريني بالذي حصل ، حين تكونين بخير " . أما ( نازك ) فقد عادت للمنزل في ذلكَ الوقت المتأخر ، لِتأخذ أشياءها و تغادرَ من المنزل ، فجُرحها هذهِ المرة لن يبرأ ، و حدث ما تمنت إذ أنها لم تُقابل أحداً منهم هُناك إلى أن وصلت للغرفة أخرجت حقيبةَ السفر الصغيرة الحجم و ملأتها ببعضِ الملابس و بالتأكيد لم تنسى الصورة التي تجمعها بأصدقائها الأربعة ، و الصورة الأخرى التي تجمعها بوالدتها و جدتها ، و جاءت لتتحقق من ميدالية الدب و لكنها لم تجدها ، و لِأول مرة لم تُتعب نفسها في البحث عنها أكثر .. فقد كرهت كل شيءٍ ماديّ ! . لذا فقد اتجهت للخارج و هي تسحبُ حقيبتها وراءها ، و فجأة قد صادفت أمها التي كان الحزنُ واضحاً على ملامحِ وجهها و كذلكَ الندم و لوم الذات ، لِتقول لها ( نازك ) : " سأزوركِ باستمرار ! .. و لكن أرجوك ِ أن لا تطلبي مني البقاء ! " . و فعلت كما فعلت قبل قليل مع ( تاتسو ) ذهبت دون أن تستمع لوالدتها حتى ، و قبل أن تخرج من بوابةِ المنزلِ المؤدية للِخارج ، أنحنت للحقيبة لِتخرجَ من جيبِ الحقيبةِ الأمامي ، محفظة صغيرةً على شكل بيكاتشو ، أهدتها إياها ( نارومي ) في يومِ ميلادها السابع عشر ! ، لِتتذكر أن ( نارومي ) قد أُجبرت على الرحيل ، لِتحس باحتقارٍ كبير و اشمئزاز ناحيةَ والدة ( تاتسو ) و من هم على شاكلتها ، و على نفسها أيضاً ! ، لأنهُ كان من المفترض منها أن تساعد صديقتها بدلاً من هذا .. و لكن الندم لن ينفعَ الآن ، و لتتخلص من شعورِ الندم حاولت الانشغال في حسابِ الأموال الموجودة في المحفظة لِتدركَ أنها تكفيها ، و بعدها أخرجت منها بطاقتين ائتمانيتين الأولى هي التي أعطاها هي والدها ، و الأخرى هي التي تضع فيها الأموال التي تأتيها من الغناء ، لذا اتجهت لِمكتب ِ والدها المظلم ، و دون أن تفتح الأنوار ، اتجهت لِطاولته المكتبية و طبعاً قد ضربت رجلها مرتين أو ثلاثة في الأثاث إلى أن وصلت و هناك رمت البطاقة الائتمانية على طاولته ، و خرجت ، لِتصل للخارج و تحمل حقيبتها و تخرج من المنزل ، لِتذهب لِفندقِ عائلة ( تاتسو ) و غداً تبحث عن شقةٍ و المهم أن تكونَ بعيدة عن والدها ، رُغم أنها الآن باتت تفكرُ في الرحيل إلى أوساكا أو ناغاساكي ! . ¶ ¶ ¶ بعد أيام و بعد أن وجدت ( نازك ) سكناً مناسباً ، لا يعرف مكانهُ سواها هي و ( تاتسو ) ، ففي هذهِ الأيام بجانبِ تسجيلها لِألبومٍ جديد ، أصبحت كثيراً تذهب لتدريبات كرة السلة الخاصة بِـ ( تاتسو ) برفقته ، و اعتادت أيضاً على رؤيةِ والدتها في " الكافيه " القريب ، و هذا ما ستفعلهُ الآن ، لذا استعدت للخروج و مقابلةِ والدتها ، و حين خرجت رأت مغلفاً أمام الباب ، لِتنحني و تمسكه بين يديها و تقلبه بين يديها بعدها فتحتِ الباب من جديد ، و رمتهُ لِيقعَ على الأريكة ِ التي تقبعُ في زاويةِ غرفةِ المعيشة الصغيرة ، و خرجت بعدها ، و حين وصلت لمكانِ اللقاء رأت والدتها هناك ، لتبتسم مُخفيةً ألمها و تجلسَ أمها ، و هي تقول بمرح : " طلعت أمي تحافظ على الوقت " . لتبتسم لها أمها ، و تقول لها بعد تردد : " ما ترجعي البيت ؟ " . لِتحركَ ( نازك ) رأسها بِـ لا ! . لِتقول والدتها من جديد : " كيف تعيشي كذا ؟ ، محد معش " . لِتكمل ( نازك ) على كلام والدتها : " الدنيا ما فيها أمان .. صح ؟ ، عادي ! " . لِيمضيَ الوقت بعدها في أحاديث أخرى ، لا تخلو من محاولات والدة ( نازك ) لإعادة ابنتها للمنزل ، و ما إن أصبحَ عودة الوالدة للمنزل لازماً ، ودعت ابنتها و رحلت ! . أما ( نازك ) فقد قررت العودة لحيثُ تسكنُ مشياً ، لِتمشي بخطواتٍ بطيئة و هي تتأملُ كل شيءٍ من حولها الناس ، البنايات ، الأنوار .. كُل شيء ! ، و بعدها دخلت خٌصلة من شعرها لِنطاق بصرها ، لِتمسكها بأطرافِ أصابعها و تقول لنفسها : " لقد عاد للون الأسود ! " . فآخر مرة صبغت شعرها ، كان برفقةِ ( ايتشيرو ) قبل أن يسافر ، ففي هذهِ الأيام أصبحت تشتاق لأن تجتمع مع أصدقائها الثلاثة كالسابق ، فقد اشتاقت لأن " تطقم " لون شعرها مع ( ايتشيرو ) و أن تضربهُ على رأسه ، و كذلك اشتاقت لأن تنصحها ( مارو ) كالوالدة الخائفة على طفلها ، و تشتاق أيضاً لِشجار ( ايتشيرو ، مارو ) مع بعضهما ! . قطعت هذا التفكير و اتجهت لمكانِ سكنها و حين دخلت تذكر أمر المُغلف ، لِتتجه ناحيتهُ سريعاً و تفتحه ، لِتصطدم حين تفتحه ، فبهِ صور لوالدها و امرأة أخرى ، لتعلمَ أن والدها خائن .. و التفكيرُ في هذا الأمر جعل جسدها يقّشعر ، و لكنها فكرت بفعلٍ شيطاني . ¶ ¶ ¶ بعد يومينَ ، استيقظت ( نازك ) بِنشاط و هي تريدُ رؤيةَ ردةِ فعل والدها على الذي سيراهٌ ، لذا ذهبت لكي تتجهز سريعاً ، و ما إن أنتهت حتى أدخلت ذلكَ المغلفَ في حقيبةِ ظهرها ، و كالعادة طوّقت عنقها و جزءاً من وجهها بِوشاح كي لا يعرفها المارة و كذلكَ ارتدت نظارةً و خرجت ، و قبل أن تتجهَ لوالدها ذهبت لِتصبغَ شعرها ! ، فقد اختارات صبغة أشقر ثلجي ! و بعدها اتجهت لوالدها الذي ما إن رآها حتى تعجب ، لِتضع المغلف أمام عينيه ، لِيفتحهُ و هو ينظر إليها كعادته ببرود ، و لكن ما إن رأى الصور حتى تحول بروده لِصدمة ، لِيصرخ عليها بغضب : " جنيتِ انتِ ؟ .. أنا ؟ تهدديني انتِ ؟ ". لِترد بوقاحتها المعتادة : " إذا كان طلال الي ما يسوى لعب عليك , كيف أنا ؟ " . لِيقول لها والدها : " من وين جبتي هالكذب ؟ " . ابتسمت و هي تقولي : " وصلني و وصلت لك إياه ! " . الوالد : " نازك ؟ لا تلعبي معي ، صدقيني وقتها ما ينفع الندم " . تجاهلت ( نازك ) كل ذلكَ الكلام ، لِتقول : " هذا تهديد مبدئي بس ، أنا ما عطيته أمي عشانها هي ما عشانك انته " . الوالد : " انسي هالسالفة و اسحبي كل كلمة قلتيها ، قبل لا أسوي شي يخليش تندمي طول عمرش " . ( نازك ) : " أوكِ بس عندي لك هدية " . ختمت كلماتها باتصال هاتفي نطقت فيه بِـ : " يمكنكِ الدخول " . و حينَ دخلت تلكَ المرأة التي كانت في الصور ، صُدم والدها ، أما هي فابتسمت و خرجت ، فقد تطلب الأمر منها يومين لتجد هذهِ المرأة ! ، أخرجت هاتفها لِترى التاريخ : " 11" ، لِتتجه للملاحظات و تكتب : " 11-10-2012 ، الساعة 8:00 صباحاً اليوم و لأول مرة هزمت والدي ! " . فهي لم تكن تُدرك حينها أن والدها كان صادقاً في تهديدهِ لها و أنه فعلاً سيفعل ما يجعلها تندم طول حياتها ! . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الجُمعة . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
17-08-17, 11:34 PM | #10 | ||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام
| - السلآم عليكم و رحمة الله ، * أعتذر .. أعتذر .. أعتذر على قُصر الجزء ، ¶ الفصل الثاني : في أحضان الثاني عشر من أكتوبر ¶ . في يومٍ خريفي هادئ بدأت الحكاية ، ففي ذلكَ اليوم ، كانت ( نازك ) ككُل يوم تزورُ الثلاثةَ أماكن التي هي معتادة على زيارتها ، صالة تدريب ( تاتسو ) ، الاستوديو ، " الكافيه " الذي تُقابل فيهِ والدتها ، ولكنها هذا اليوم قررت أن تمرَ على الاستوديو أولاً ، لذا استقلّت الحافلة العمومية لِتصلَ إلى هناك ، و ما إن وصلت إلى هناك حتى ألقت التحية كالمُعتاد ، و بعدها قامت بتوقيعِ اسطواناتِ ألبومها الجديد للمعجبين ، و بعدها حين جاءت لِتخرج ، قابلها أحد الموجودين هناك و الذي لا تتذكر حتى ما هي وظيفته ! ، لِيمد لها مُغلفاً ، لِتأخذهُ منها و تقلبهُ يُمنة و يسرة و هي تسأل : " ما هذا ؟ " . لِيُجيبها هو : " لا شك أنه من أحد المعجبين كالعادة ! " . لم تُرد ( نازك ) عليه ، فقط حركت رأٍسها بِـ نعم ، و خرجت متوجهةً لِصالة تدريب ( تاتسو ) و لكنها رأت الصالة مغلقة ، ففهمت أنه لا أحد هنا إلى الآن ، فهم لم تعتد على الحضورِ في هذا الوقت ، و هذهِ هي المرة الأولى . و بعد دقائق من المشي ، رفعت معصمها لترى الساعة : " إن الوقت يمرُ سريعاً .. عليّ مقابلةُ أمي الآن ! " . لِتذهب جرياً حتى وصلت لِمحطةِ القطار و من هناك وصلت لذلكَ " الكافيه " ، و لكنها تفاجئت لأنها لم ترى والدتها التي اعتادت أن تأتي قبل الموعدِ بفترة ، و لكنها دخلت و جلست على الطاولة التي اعتادت على الجلوسِ عليها مع أمها ، كانتِ الطاولة بِجانبِ الجدار المُعلّق عليهِ لوحة بيضاء يكتبُ فيها الزبائن ما يشاءون ، لِترفع يدها و تلمسَ برفق ما كتبتهُ برفقةِ والدتها حين التقيا هنا للمرة الأولى ، و قد كان المكتوب جُملةً عربية هي في الأصلِ بيت ٌ شعري كانت والدتها تُحبه : " قد لا يبلغُ المرءُ الفجر إلّا عن طريق الليل " لـ ( جبران خليل جبران ) ، رُغم أن ( نازك ) لم تكن تعرف من هو جُبران إلّا أنها أحبت ما قال حين فهمته ، و في النهاية كيف لها أن لا تحب ما تحبهُ والدتها ! ، و فوقَ كل هذا ( مريم ) أيضاً كانت من مهووسين قصائد جبران خليل ، لِدرجةِ أنها كانت تُدعى في أحد الفترات ( جُبرانيه ! ) . ظلّت ( نازك ) تنتظرُ والدتها لِساعتين كاملتين قضتهما في مراقبة الداخلِ و الخارج ، و لكنها قررت الخروج حين أحست أنه لم يعد بإمكانها الانتظار فأكثر ، و قبل أن تخرج تذكرت ذلك المغلف الذي أُعطيت إياه اليوم ، و ما إن فتحته حتى رأت عبارةً مكتوبةً باليابانية ، جعلت قلبها يرتجف ، و بدنها يقشعر ، و ما زادَ الأمر رُعباً هو قطراتُ الدم الأحمر التي زيّنت أطراف الورقة .. كانت الورقة تحمل تهديداً ، و لكنها حين أمعنت في الخط أيقنت أن هذا الخط .. خط سكرتير والدها ، لِتضغطَ على الورقةِ بقوة و تخرج جاريةً لوالدها الذي لا شكَ أنهُ الآن في شركته ، يضاعفُ أوقاتَ عملِ موظفيه كي تكُبر نقوده ، وصلت لِهناكَ خلال دقائق لأنها كانت تجري ! ، و واصلت جريها حتى وصلت لِمكتبه ، لتدخله دون استئذان ، فرأتهٌ هناك غارقاً وسطَ الأوراق ، لِتقول له بصوت خرجَ يرتجف و هي تمّد له تلك الرسالة المشؤومة : " هذي منك صح ؟ " . لِينظرَ إليها ببرود : " وصلتش ؟ " . قالت سريعاً : " عطيني معناها ! " . لِتتذكرَ بعدها أن والدتها ليست هُنا ! ، و تذكرت بعدها أيضاً أن والدها ليسَ بزوجٍ محب لِأمها ، لِتقول له : " أمي ، انته تعرف وين أمي صح ؟ " . لِيقول لها بعد أن وضعَ نظارتهُ الطبية على طاولته : " أيوا ! " . ما إن أنهى كلامه حتى نظرت إليه بفضولٍ و خوفٍ ممزوجين . لِيردفَ هو : " شي من الأماكن " . نظرت إليه ( نازك ) بنظرةٍ يتضحُ منها أنها لم تفهم مقصده ، لِيقول هو بخُبث : " سافرت أمس .. محد خبرش ؟ " . لِتنظرَ إليه مرةً أخرى بنظراتِ خوف و صدمة : " سافرت ؟! " . لِتسأله مرةً أخرى بِغباء : " متى ترجع ؟ " . في ذلكَ الوقت حين سألت والدها ، ظلّ ينظرُ في عينيها لِدقائق ، بعدها أخرج جسماً مُستطيلاً من دُرجِ طاولتهِ المكتبيه ، لِضعهُ أمام عينيها و هو يقول : " لما يوصلها هذا ! " . صُدمت ( نازك ) حين رأت جوازَ سفر والدتها بين يديّ والدها ، ءهذا يعني أنه قد أخرج والدتها من البلاد ؟! ، و بسببها هي أو بالأصح نفاها ! . أتت ( نازك ) لِتمد يدها و تلتقطُ جوازَ السفر ، لكن والدها أبعدهُ عنها ، لِيقول لها : " تحملي كل اللوم من خواتش و الباقين ، اعرفي انه هذا صار بسببش .. ما أحسن لو كنتِ محترمة نفسش من البداية ؟ " . في تلكَ اللحظة جُرحت ( نازك ) للمرةِ الألف ، فهي كانت تحاول الكفاحَ أمام لومِ نفسها لموتِ الجدة ، فكيف َ لها الآن أن تتحمل لوماً جديدة ، كيف لها أن تلومَ نفسها على هذا أيضاً .. فكيف لها تحمل كل هذا ؟! .. موت جدتها .. اختفاءُ والدتها ، كل هذا خطأها هي ؟ ، و حتى ذهاب ( نارومي ) القسري هي تتحملُ جزءاً من الأمر ! . ¶ ¶ ¶ لا إله إلا أنت سُبحانك إني كنتُ من الظالمين . اللقاء القادم : الاثنين . أستودعكم الله الذي لا تضيعُ ودائعه . | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|