شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول) (https://www.rewity.com/forum/f525/)
-   -   غريبة بجوارك -بقلم Mona1977 *مميزة*كاملة& الرابط (https://www.rewity.com/forum/t389285.html)

انت عشقي 20-10-17 07:54 AM

كن الروايه شارفت علي نهايتها واتمني انو لا.. لانها جميله جدا.. الاحداث انكشفت.. والشخصيات بانت دسائس عقلها ونفسها...
متشوقه للقادم.. دمتي بخير..

Mona1977 20-10-17 01:06 PM

ربي يعطيكم العافية أجمعين ..
شاكرة لكم تشجيعكم المستمر لي ..
ما قصرتم يالغاليين ..
:chirolp_krackr:

أميرة الوفاء 21-10-17 12:44 AM


رواية رائعة ..
أسلوب شيق ..
أحداث مثيرة ومشوقة ..
ماذا سيحدث بعد كل هذا ..
كندة ما مصيرها يا ترى ..
نورهان لفقت التهم لتتخلص منها ..
فهل نفذ الحكم ..
أم سيصل منقذها قبل فوات الأوان ..
xأبان اعترف بحبه لها ..
الأبيض تخلى عن الحكم ..
أسامة اتضحت نواياه السيئة ..
حتى أنه فكر في التخلص من أبان وحده الذي تعلق به بشدة ..
عكس الآخر الذي كان يخطط فقط لتحقيق أهدافه وانتقامه من الأبيض ..
أما أبان فقد كان مستسلم لمصيره ..
فماذا سيخسر أكثر ..
وماذا تبق له وأسامة الذي تعلق به لتلك الدرجة ظهر على حقيقته ولن يعد كما عرفه ..
كان سيرمي به إلى الهاوية دون تردد ..
أو يقضي عليه قبل أن يتراجع بآخر لحظة ويخلي سبيله ..
فهل سيصل إلى كندة ..
أم فات الأوان على إنقاذها من حكم نورهان ..x
بانتظار القادم ..
بالتوفيق بإذن الله ..
..

Mona1977 21-10-17 12:19 PM

أحداث القصة باختصار هذا ما كتبتيه ..
مشكورة يالغالية على اهتمامك البالغ .. وردك الجميل ..
تسلمين يالغالية ..
:wow11:

*تاج راسي* 25-10-17 10:42 AM

شكرا جزيلا وفقكي الله لكل خير واسعدك ...

Mona1977 25-10-17 11:26 AM

الشكر الجزيل لك وربي يسعدك دوم :sm92:

Mona1977 25-10-17 04:59 PM

غريبة بجوارك (تم إضافة الفصل الثامن)
 
بسم الله الرحمن الرحيم

غريبة بجوارك
" كنت إلى جوارك قريبة .. غير أني كنت غريبة "
( الفصل الثامن)

ربما أنني أعشق الوحدة ..
غير أنك مذ ولجت وحدتي ..
لم تعد وحدتي وحدة ..
إنه الشوق إليك فيه حدة وشدة ..
لا انفصال عنك مهما طالت المدة ..
كم تمنيت ..
أن تصبحي ملكي .. أن أصبح ملكك ..
أن تدور من حولنا ..
أفلاك السماء ..
أن نتوسط قطرها ..
أن نحلق في أرجائها بحرية ..
أن نتعاهد ألا نلمس الأرض ولو بعد مدة ..
غير أنك أبيت فهجرتني ..
تركتني وحيدا ..
ليست المشكلة في تركي وحيدا فكما أسلفت ..
فأنا أعشق الوحدة ..
المشكلة أنه بات لوحدتي طعم مر ..
إنه طعم الغربة ..
كنت وحيدا وأصبحت غريبا ..
وسأظل غريبا حتى ألقاك ..
أو ألقى ..
ربما صدفة ..
وحيدا تائها مثلي ..
يسكن قلبي ..
يؤنس وحدتي ..
يزيل غربتي ..
ويطمس أثرك ..
خلجات بل زفرات اخترقت لواعج صدره المتصلبة إثر عوامل الصد والنكران .. ها هي تتهاوى زمرا زمرا لتتراكم جماعات جماعات فوق سطح لاعجه الذي .. تنبه أخيرا أن يفتح الباب للطارق الذي أتى قبل زمن ينتظر .. ولكن متى .. بعد فوات الأوان ..
ذلك الوحيد الذي بات غريبا .. لما وصل وجد المكان خاليا يصفر من اسم كائن كان ..
أيها التائه ستظل تائها .. لن يسكن قلبك ولن يؤنس وحدتك ولن يزيل غربتك ولن تطمس أثرها الصدفة .. فرب صدفة خير من ألف ميعاد وهل ظننت .. أن أمثالها يأتي صدفة ..
تمنى .. ليس لك إلا .. أن تتمنى ..
إن لم تأتك صدفة ..
فلعلها أتتك في الأحلام وتذكر اسمها ..
كندة ..
تلك الفتاة ..
من أحبت فاجتهدت ..
أن تصل إلى قلب محبوبها فصبرت ..
من صبرت فندمت ..
من صلبت ثم جلدت أمام جموع الناس ..
من صرخت .. بكت واستنجدت جموعا فقدت إحساسها بالإحساس ..
مئة جلدة .. اختفت من بعدها ..
واختفى من بعد إختفائها جموع الناس ..
جثى أبان على ساقيه فوق الأرض المبتلة .. يذرف الدمع تلو الدمع نادما أشد الندم .. يندب حظه راجيا أن تعود ولو .. لحظة .. يقسم بينه وبين نفسه .. بينه وبين السماء التي لم يتوقف هطلها لحظة .. أن تكون لحظة بألف لحظة ..
كيف وقد كانت لحظات وقد أتلفتها .. في لحظة ..
كانت ترجو منك أجرة ..
بقاؤها غربية بجوارك فترة ..
أنكرتها .. مزقتها .. أحببتها بعد فوات الأوان ثم اختفت تلك كانت الأجرة ..
عار عليك .. أن تندم .. أن تندب حظك أن ترجو أن تعود ولو بعد فترة ..
فالحب عزيزي ..
كنسيج العنكبوت .. يتداعى بسهولة إن لم تتمسك به بقوة ..
كالسراب لا وجود له .. إن لم تؤمن بوجوده ..
كالندى يختفي .. إن لم تحرص عليه ..
كالقدح المثغم بماء الحياة ..
إن لم ترتشف منه حالا ..
تحول إلى سم فتاك ..
لن يرحمك ..
ولن يتركك في حالك ..
ذق طعم العذاب الذي ذاقته مرارا وتحطم .. عند أعتاب العزاء الفاني وتندم .. انعى أساك وتذكر .. جمال وجهها الأخاذ .. نأمة صوتها الآسر ولطفها حين أحبتك .. وأنت لا تستحق.

كان صباحا معتما .. كئيبا بسحبه المدججة بلبك عظام من أمطار نصف قطرها يساوي قطر حبة قمح مكتملة النمو .. كان أبان حينها لا يزال على كما كان .. جاثيا .. مطأطئ الرأس .. يرثي حاله .. يبكي بصمت حينما شد انتباهه رجلان .. خرجا من خلف التلال .. مهرولين متدثرين بأستارهم .. حاملين مجارف بأياديهم .. تذكر ما جعله يفز من مكانه صعقا إلى حيث كانوا فلما وصل وألقى نظرة عليه .. ارتفع صدره المثقل بالهموم بتنهيدة عميقة عبرت عن مزيد منها .. وخب ببصره إلى السماء تمنى راجيا .. بقلب يلهج بصدق الدعاء أن تصيبه هنا .. في المكان ذاته في ذات الزمان .. صاعقة بل صواعق .. تقصم روحه .. تسلب بصره .. تختم أنفاسه وتحرق بدنه .. إنها مقبرة الجناة وهذا قبرها .. قد ألقيت فيه هكذا دون مبالاة وباهمال .. دون كفن أو صلاة .. دون ذكر يبقيها أو دعاء ينجيها .. كانت أشبه بالجيفة إلا أنها وبدل أن تلقى في العراء لتأكلها السباع ألقيت بين ظلمات ثلاث .. من قبل كانت ظلمة جفائه ومن ثم ظلمة ظلمها وهاهي الآن .. في الظلمة ليس من بعدها ظلمة .. لتأكلها ديدان الورى ولتلهو ببقاياها شياطين الأرض .. تلك كانت نظرتهم بل ذلك جل جهلهم .. نزل إلى قبرها الذي لم يكتمل ردمه بسبب الأمطار التي كانت تهطل بشدة كالغضب النازل أفواجا أفواج .. توقف لهنيهة يرمق بأسى أثر الجروح التي لم تهدأ بعد .. لم تزل تنزف تنوح عوضا عنها ..أبعد ما استطاع من طين اختلط عناؤه بعنائها فلما وقع بصره عليها .. انتفض جسده وارتعشت لواحظه لما تذكر .. بسماتها .. النظرات التي اختصته بها وذلك القلب الذي داس عليه ردحا من الزمن ..
ارتجفت أنامله بل شعرت بالألم لما لامست وجنتها ..
لا حياة هناك أبان .. بل مجرد ذكريات ..
وما أسوء الذكريات ..
إنها النعيم الذي يخبأ في جوفه الجحيم ..
إنها الجحيم ذاته لمن ظن .. أنها النعيم ..
فما نفع الذكريات .. وليس هناك من يحييها ..
لم يزل يزيل البقايا عن وجهها دون أن يصرف النظر عنها حتى استلقى بقربها .. ووجهه إلى وجهها يريد أن يعبأ شغفه لرؤيتها ..
أي شغف هذا الذي تتحدث عنه وقد فات أوان الندم ..
كم هي غريبة هذه الحياة ..
ألا نوظفها فيمن نحب وهم أحياء ..
نسلب بسماتهم ..
ننسى بذلهم ..
ولا نستغل وجودهم ..
ظنا منا بأنهم باقين .. بأن الفرصة لا تزال ..
ظنا منا أنا لن يتآكلنا الندم ..
كيف وقد خرجوا من دائرة الحياة ..
أوهام في أوهام ..
اقترب منها أكثر فأكثر داعيا السماء أن تمطر أشد فأكثر .. أن تغرقه .. أن يرحلا معا .. فلا طاقة له لنزع جسده من قربها فهو لم يشبع بعد من رؤيتها وظل هكذا .. ملاصقا لها ينظر إليها ببؤس بعيون باكية حتى خفق ثانية .. في جسده الرغبة في التمسك بالحياة لما أحس .. بأنفاسها الضعيفة تناديه .. تشجعه على البقاء .. فز موقظا إياها ولما لم تفعل .. علم أن عليها حالا مغادرة هذا المكان .. تلفت حوله فلم يجد إلا العربة التي نقلت بها .. حملها برفق ثم وضعها وإلى جواده أحضره ثم سار بها إلى كوخ قريب لأحد العبيد الذي عرف سيده فأنزله منزلا طيبا .. طلب من زوجته أن تعتني بها فلحق بها يسألها المرة تلو المرة: هل ستعيش؟ هل ستعيش؟ حتى إذا ما تجاوز الأمر حدود المنطق اصطحبه زوجها خارجا: سأحضر طبيبا ..
ــ سيدي انتظر .. لا داعي .. فزوجتي ماهرة وخصوصا .. في مثل هذا النوع من الجروح ..
ــ حسنا إذن صمت ثم أردف سائلا يدفعه قلقه الشديد: باش .. أخبرني حقيقة .. هل ستعيش؟
ــ حقا سيدي .. لا أعلم .. كل ما أعلمه .. أن عليك بالدعاء .. إنها ليلة طويلة إن تجاوزتها .. لربما استطاعت البقاء ..

يومان متتاليان وأبان يداوي جراحها ويعتني بها ..
لم يرقأ له جفن ولم يهنأ بطعم أقسم ..
ألا يرتشف كأس السعادة حتى تأذن له بذلك ..
ألا يصرف بصره عنها حتى ولو أذنت له بذلك ..
أن يقبلها مئة قبلة وأخرى غيرها ولو لم تأذن له بذلك ..
استفاقت .. كان خلفها يغير ضمادها .. لاحظتها دليلة زوجة باش فنادته: سيدي .. لقد استفاقت .. كان منهمكا فلم يسمعها فنادته ثانية ..
ــ هه .. ــ أشارت إليها بلاحظها: لقد استفاقت ..
تلك الصاعقة التي تمنى لو أصابته .. قد أصابته .. جعلت خوفه يختض ..جعلت شوقه يتقلب بين نعم ولا .. أن أراها فأندم ألا أراها .. فيكون الندم وبينما هو في صراعه ذاك إذ بها تلتفت إليه .. أعتصرت أشواقه الحائرة بين قبضتي الندم وانسكب المزيج باردا فوق سطح الخوف الأملس اللزج واندفعت أسوء الاحتمالات تعين هذا وتبطل ذاك .. لم كل هذا الاضطراب .. لم لا يكون وقد .. شيعته لهنيهة .. بتلك النظرة التي أصابته بألف سهم ثم أشاحت ببصرها عنه .. تمنى لو أن الارض ابتلعته .. لو أن السماء اقتلعته .. لو أنه ظل غافلا عن هواها لمزيد من الوقت .. طلبت منه دليلة أن يغادر أن يرتاح قليلا فلا طائلة ترجى من مناجاتها في مثل هذا الوقت فهي .. تعبة .. متألمة .. ومن الواضح جليا ألا رغبة لديها في رؤيته.

ظل أبان طوال الليل ساهرا يتحدث إلى باش الذي كان يبادله الحديث شبه نائم يجيب على تساؤلاته .. يحبط مخاوفه ويرسم له أملا بعنوان جديد عندما .. نفذت دليلة إلى الغرفة على حين غفلة تسأل عن كندة بشيء من القلق ولما لم تجدها .. فزا يبحثان عنها .. لم تكن في أي مكان فامتطى أبان جواده على الفور وجال .. هنا وهناك يبحث عنها .. رمقها عن بعد .. تمشي بترنح .. تقترب من حافة هوة عظيمة .. ناداها .. ترجل عن جواده راجيا إياها .. لم تعره اهتماما همها .. تلك الحافة أن تبلغها علها تكون النهاية لهمها .. لم تتريث .. لم يستطع إنقاذها .. ابتسمت .. ألقت جثتها بين أحضان الفجر الذي بادلها الابتسامة مرحبا بها .. صرخ أبان باسمها: كندة ليستيقظ بعدها فزعا .. أنفاس متلاحقة ونظرات شاخصة .. ألقى جانبا كأس الماء الذي أحضره باش وأسرع إليها يتفقدها ممنيا النفس أن يجدها .. لم يجدها ولم تكن في الجوار .. تماسك قليلا .. تتبع دلائل حلمه .. لم تكن هناك ارتاح قليلا ومع هذا ولكي يطمئن أكثر .. قرر إلقاء نظرة .. ضربات قلبه المتسارعة والأوهام التي اتخذت لها مجرى يسري في عروقه مجرى الدم والصراع القديم بين اليقين والشك كل ذلك جعله .. يقف متصلبا لبعض الوقت حتى إذا ما استجمع شجاعته وتقدم .. زهد بتلك اللحظة وتمنى لو لم تكن .. تلك السهام التي أطلقتها هاهي تندفع داخله عميقا .. تمزقه إلى أشلاء ..
لقد كانت بالأسفل هناك .. ملطخة بالدماء ..
لقد انتهى الأمر ..
أجزعت أم صبرت ..
تلك هي الحقيقة المرة ..
لن تزول مرارتها بزوال الآلام أو بمرور الأيام ..
فعش أو تعايش معها ..
بل ذلك هو المحال ..

إني أحلم ..أحلم .. نطق بها صارخا من الجوف الذي أرم مبكرا أضناه سوء الحال .. صرخة أخرى .. استيقظ بعدها .. أيقظه باش الذي جعل يهدأه محاولا إعطاءه قليلا من الماء الذي .. دفعه ثانية جانبا ناهضا نحو المكان الوحيد الذي إما ..
أن يجعله يستسلم أو ربما ..
يمنحه السلام ..
ألقى نظرة .. أمعن بعدها النظر في النائم بسلام متدثرا بغطاء ثقيل قرب دليلة التي لم تشعر بوجوده .. لم يصدق بعد .. أغرق رأسه عميقا في حوض الماء البارد .. عاد متمعنا محدقا .. شعر بالسكينة لما .. أكد له باش مطمئنا إياه أن ما رآه ليس حلما بل حقيقة ومع هذا .. لم يستطع إقناعه بالقدوم معه لأخذ قسط من الراحة .. فضل النوم عند عتبات بابها .. أن يكون قريبا منها قدر المستطاع .. فقد اعتاد منها الجوار اللصيق الدافيء .. أن يبتعد .. تلك هي الغربة التي لن يحتملها كيف وقد .. استيقظ مؤخرا فيه .. شخص المتيم العاشق ..

مضى الليل هادئا مغمورا بالسكينة التي غشت الجميع ليقبل الفجر وفي خضم جنباته فزع شديد استيقظ على إثره أبان هلعا .. لقد اختفت كندة ولا أثر .. كابوس البارحة لم يكن خيالا ابتدعه خوفه المفرط عليها بل .. كان تنبؤا ينذره .. بالقادم مشتملا عباءة الإخفاء منتظرا الفجر .. كي يكشف ستره كي ينثر ذعره فوق أركان الواقف متصلبا شاخص البصر نحو الغطاء الفارغ من اسم بشر ..
حلما كان أم حقيقة ..
لن أدعك وحدك ..
معا ..
أو أن نرحل معا ..

امتطى جواده وحالا نحو الهوة التي لم تغب عن ذهنه لحظة .. لم تكن هناك .. اتكأ أعلى مخاوفه .. مد رقبته .. لقد كانت هوة عظيمة صعب الوصول إلى قعرها بمجرد النظر .. هبط إلى الأسفل .. بحث جيدا .. بحث مطولا .. أحس بالراحة إذ لم تكن هناك بالقلق المزعج المدعوك بالتشاؤم طارد أدنى ذرات التفاؤل مع شيء .. من الشرار المتطاير قض مضجعه جعله يجد في بحثه سائلا هذا .. متمسكا بخيط دله عليه ذاك ..
ولكن .. أين هي؟
تمشي على غير هدى .. عبر الطرقات .. من خلال القرى .. بين البيوت التي أوصدت أبوابها لتنطق النوافذ التي .. كانت تسترق النظر إلى الماشي بتؤدة دون هدف .. هيئة تجلب الموت طواعية .. وهالة سوداء لن تنجلي ولو اجتمع لإبطالها الشمس والقمر .. منهم من عرفها من اندفع لرؤيتها من دعاها للمجيء إلى ناديه .. أمسك يدها فانقادت خلفه دون أن يبذل جهدا لإرغامها .. ذلك أنها لم تعد تشعر بشيء وقد استوى عندها كل شيء .. أبعد يده بشدة .. جذبها إليه برفق .. منحه مالا ليكف عن عراكه فكف .. جرها خلفه وخلف أحد الجدران توقف .. احتضنها بشدة .. اعتصر حدود صدرها لتنكمش بين أضلعه التي باتت هشة .. تلك الملامح التي انبسط فوق سطحها أسباب عدة .. أفرغت النفس من الروح التي بدت وكأنما في عدة .. حداد لن ينقضي بانقضاء المدة .. انهملت الدموع من المآقي التي جعلت تذرفها بشدة .. لا لسبب سوى ذاك الجسد الذي شعرت برغبته .. بقلبه .. تلك النبضات التي انتفضت بعد انقضاء المدة .. تبكي بحرقة بنشيج متعثر ينم عن عذاب وشدة يعلو كلما اعتصرها أكثر وقد فعل كلما .. لامست دموعه وجنتها مستغرقا بإحساسه الشديد بالندم: آسف حبيبتي .. كنت جاهلا علم للتو .. سامحيني .. دفعته بضعفها المستميت لإبقائها ثابتة فوق أرض تهتز تحتها كلما اقترب .. تهالكت قرب الجدار الذي تصدع حزنا على حزنها .. تلك الدموع التي لم تزل تمضي في طريقها الوعر .. حاول مسحها فصرخت فيه عاليا صرخة ألم: ابتعد ابتعد .. إني أشعر بالألم ..
ــ كندة ..
ــ لا تنادي باسمي لا تنبس بحرف منه .. فما ثمة من شيء هناك بيننا .. كل شيء قد اختفى ..
ذلك الشوق الذي كنت احتفظ به لك طويلا ..
ذلك الأمل ..
تلك اللذة التي كنت أشعر بها عن بعد ..
لم تعد كما كانت ..
فكل ذرة منك .. تجلب لي المزيد من الألم ..
تقرفص بعيدا عنها متمعنا قد احتقن هو الآخر بين حدود وجهه الآسفة .. صرخة ألم ..
بسببي أنا ..
تشعرين بالألم ..
ليتني كنت الشعور بالألم ..
للقيت حتفي خنقا قبل أن تشعري بالألم ..
هدأت قليلا .. نهضت .. تمضي في الطريق الذي تسير به على غير هدى .. بتؤدة دون هدف وهو من خلفها .. بعيدا كفاية قريبا جدا إذا ما أحس بالخطر بجانبها .. كلما وأينما غفت .. عند الطرف الخفي كلما استيقظت كلما مضت مجددا في الطريق ذاته على ذات الحال .. غير آبهة بقطع الخبز بالشراب البارد عند مقدمة رأسها لا بالعباءة التي كانت تغطيها تحميها من برد الليل الذي يبدو .. أنه تخاذل متقهقرا أمام لهيب أوجاعها .. بمعدة خاوية .. بقلب توقف عن الصراخ بنية اختصرت متع الحياة بنظرة ذابلة نحو العاصفة الهوجاء القادمة من تلك الصحراء .. فتحت ذراعيها لمن فتحت ذراعيها هي الأخرى للراغبين بالموت دون عناء .. حاول منعها إلا أن الغبار الكثيف المندفع بقوة ألزمه غرزه ..
فلما هدأت .. كانت قد اختفت ..
كان هذا هو الفصل الثامن ..
لا تحرموني من ردودكم وتشجيعكم ..
دمتم بصحة وسعادة حتى موعدنا القادم ..

Mona1977 25-10-17 05:12 PM

:chirolp_krackr::chirolp_krackr::chirolp_krackr::c hirolp_krackr::chirolp_krackr:

Mona1977 02-11-17 01:01 PM

رد: غريبة بجوارك (تم إضافة الفصل التاسع)
 
بسم الله الرحمن الرحيم


غريبة بجوارك
" كنت إلى جوارك قريبة .. غير أني كنت غريبة "
( الفصل التاسع )

خيال امرأة ..
تكتسي بالسواد ..
في مكان كالجحيم تقف ..
كالجدار المتآكل على وشك الانهيار ..
إطلالة مرعبة ..
وهيئة رثة تنذر بالشؤم ..
حجيرات قلبها الباردة مغلقة ..
وأبواب النور عبر مسالك الضوء موصدة ..
تتمايل .. تهتز ..
تتلاعب بصدى أوجاعها رياح عطشة ..
تكاد تهوي بها ..
تكاد تقذف نفسها بين أفواه الضباع الجائعة ..
قد التهمت ظلها ..
تحوم حولها ..
تترقب بصبر وهي ترمق ابتسامتها ..
إما هالكة أو متهالكة امرأة ..
يئست من الحياة ..
فابتسمت للموت ..
إنها فارغة تماما من الداخل .. متمسكة بأذيال الردى .. تشبعه رغبة اللاحياة التي تغمرها كل حين إلا أنه .. لا يستجيب إذ تخاذلت تلك السباع اللاهثة خلف الطعام نحو الجيفة التي لم تعد طازجة .. فهي غير خائفة بل معبأة بذخيرة حية من اللامبالاة التي كانت كافية لإثارة الرعب الذي دب في لحظة وسط أجوافهم الخالية .. مضت فساروا من خلفها .. بانتظار أن تقع فينالوا منها فنبضها الضعيف وجسدها الهزيل ينبأ بسقوطها في أي لحظة .. جعل يلوح بعصاه يمنة وشمالا في كل اتجاه .. أبان الذي كان يبحث عنها النهار بطوله .. سرق بشهامة دورها في العرض الذي لن ينتهي كما رسمت له بل .. كما خطط لها .. اندفعت الضباع في وجهه فهي لم تعد خائفة كما كانت فخوفه .. كان كفيلا بإعادة الثقة التي سلبتها تلك الابتسامة المتهالكة .. يناديها من بعيد أن تتوقف .. كندة التي لم تتكبد عناء الالتفات خلفها .. لم تهتم بتلك الشجاعة الفذة التي أصابته بإصابات عدة تمضي في الطريق الذي تتمنى .. أن يبتلعها قبل أن تصل إلى نهايته .. استطاع التغلب بصعوبة على تلك المجموعة التي ولت هاربة والتي .. تركته بجراح مفتوحة بدماء تنزف منها لم يشعر بها وهو يجري بحثا عنها كالمذعور .. رمقها من بعيد تسقط أرضا فجد في جريه.

أنفاس تتوارى ببطء مطمئنة رسمت الرضا فوق الملامح التي .. تكاد تغمرها رمال الصحراء تكاد .. تفتك بالجسد الدامي الرابض قربها .. كابتا هوجاء جنونه .. مرغما الأمل أن يبرز كالكدنة البيضاء من بين ركام ركونه .. حملها فوق ظهره .. قافلا بها .. حملها طويلا ليتهالك بعدها ..
لم تسعفه جراحه التي كانت هي الأخرى ..
بحاجة لمن يحملها ..

إنما كانت سويعات إلا أنه .. وبدلا من أن تبتلعهم رمال تلك الصحراء العطشة فقد روت .. عطش أبدانهم الجافة غيمة بحجم السماء الممتدة .. مترعة بالقطرات الندية .. سقت تلك الشفاه التي تشققت جعلت تلك الأجفان التي أقسمت ألا تستفيق أن تنهض من جديد .. كانت بالقرب منه ومن حاله التي تحدثت من تلقاء نفسها مكنتها أخيرا من رؤية ذلك العاشق الذي لم يعد يبالي بالموت ..
حبيبتي ..
لن تبالي الحياة بي ..
إن سلبك الموت مني ..
فأي ذكرى منك ستسليني ..
ولم تشهدي معي سوى ..
الألم ..
تنهدت عميقا وهي تبكي بصمت ..
ترمق بسلام تلك الملامح التي أسرتها بشكل خيالي منذ القدم ..
أكان علي سلوك هذه الطريق الوعرة حبيبي ..
كي تشعر بوجودي ..
إلا أنه لا وجود لوجودي بعد الآن ..
قد كنت في نظرك لا شيء ..
وقد بت حقيقة لا شيء ..
فأن تتمسك بلا شيء ..
تلك مضيعة للوقت الذي أهدرته عندما كنت في وقت من الأوقات ..
شيء ..
حملت جثتها بعيدا عنه .. بعيدا جدا عنه فلا تراه .. سمحت من بعدها للسحاب المكتظ أن يغضب كيفما شاء .. أوقفني عن المسير .. اطمس نور عيني .. الرمق المتبعثر بين نبضي .. نفسي .. انزع الروح من الجسد البالي الذي .. لم يعد صالحا أن تعيش فيه وهي حرة ..
افعل ذلك ..
وسأكون شاكرة ..

تمكنت نورهان من الوصول سالمة إلى مسقط رأسها بين أهلها وأصحابها إلا أنها مع ذلك .. لم تشعر بالراحة كيف وأبان ليس بجوارها .. خشيت عليه من الأبيض الذي لما علم بما فعلت جن جنونه .. أمر الجيش بكامل عدته وعتاده أن يستعد للهجوم على أراضيها كما أرسل .. العديد من العيون وعلى رأسهم أسامة للبحث عنهم .. في ذلك الوقت كان هو الآخر في وضع شاعري مزري ينوح على حاله .. قابع في جناحها .. يتشمم فراشها .. رداءها .. كل بقايا من أثرها عندما ولجت ولسوء حظها إحدى الوصيفات تحمل شرابه بين يديها .. أمرها أن تنزع ثيابها أن تنصاع لأمره .. فعلت .. إلا أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل .. تمادى ليتعدى فتيات القصر كافة .. يخرجن من عنده باكيات فيترددن الأخريات .. يأبين ومن تصر تدق رقبتها في الحال .. إنه يهمس باسمها ..كندة التي يحاول جاهدا رؤيتها في كل ضحية تقع بين ذراعيه .. يمزقها إربا إربا ببشاعة برعونة قتلت الحب لايزال في مهده .. مشبعا ملذات رغبات جسده اللامتناهية .. حماقة قلبه الذي .. نهض متأخرا من زين لعقله متعة ليست بمتناوله بينها وبينه .. آلاف الأميال ..
فلما اكتفى .. بكى ..
فلم تشبع إحداهن رغبته ..

استيقظ أبان ليجد نفسه مصلوبا وسط ظلمة حالكة اللهم من .. ضوء خافت يتقدم ناحيته .. لم يكن القادم سوى أسامة الذي أتى .. يصحبه مجموعة من العمالقة المقنعين .. يبدو من طول أظفارهم وحدتها من لونها المشبع بالدماء من العدة التي اعتدوا بها والغلظة والقسوة التي .. اسودت أعينهم بها أنهم .. مردة مؤجورون طردوا من وكر الشيطان إلى مكان ليس بأسوء منه .. يعشقون العذاب إنما هو متاعهم الوحيد .. جعل ينظر إليه وفي نظراته رجاء يرجوه أن يجيب .. سأله عن مكانها ..
ــ لا أعلم .. أجاب ليتنهد خائبا ليلتفت بعدها وكأنما التفت مرغما .. جروا أحدهم .. آخر بجواره حبيس كحاله أحضروه .. ومن دون رحمة اقتلعوا عينيه ..
ــ عاد فسأله: أين هي؟ ــ بنبرة ترتجف: أسامة ماذا تفعل؟
ــ أحضورا آخر فتنازعوه بينهم حتى مزقوه: أين هي؟
ــ صدقني لا أعلم .. كانت بصحبتي وعندما استيقظت .. استيقظت هنا .. صهر الزئبق الساخن آخر .. لم يترك منه شيئا فصرخ فيه: لا أعلم .. قلت لك لا أعلم توقف .. أرجوك توقف أليس في قلبك رحمة ..
ــ أين هي؟ السؤال ذاته .. الإجابة ذاتها وذاتية اللارحمة التي يبدو .. أنها تتحرك من تلقاء نفسها وقد طال الإستجواب .. ألوان التعذيب ومدة العذاب .. أبان الذي ظل يصرخ كمن يصرخ وسط مجموعة من الصم البكم لا يسمعون ولا يعقلون ركن نفسه إلى الصمت فلا فائدة ترجى من الصراخ فلما صمت .. صمت أسامة أخيرا عن إصدار الأوامر .. مضى ومن خلفه كلابه المسعورة .. سويعات وعادوا .. عادوا من دونه يحملون فوق أكتافهم .. عشرة من غلمان القصر المقيدين بإحكام وحالا ودونما إنذار .. حلق نصف جسد أحدهم أمام أعين صحبه أمام عينيه: أيها الأوغاد .. إنهم مجرد أطفال وقبل أن ينبس ببنت شفة أخرى كان آخر .. قد فارق الحياة إثر ضربة عنيفة ألصقته بالجدار .. كانوا على وشك الفتك بأصغرهم حينما .. أوقفهم أسامة: أين هي؟ أبان الذي كان يبكي يرمق صاحبه بنظرة أسف .. اضطر للكذب .. عله بذلك يقتنص بعضا من الوقت لإنقاذ نفسه وربما .. من تبقى معه .. كيف وقد شد وثاقه وقد ترك .. معزولا اللهم من تلك الجثث التي شعر بها تلعنه تحمله وزر ما جرى لها.

يومان كاملان بلا طعام أو شراب .. بلا ضوء أو بارقة أمل .. شاحبا .. متجهما .. غارقا في غضبه حتى الثمالة أتى .. من خلفه أسامة .. مجموعة جديدة من كلابه المسعورة .. بدا وكأنه شاخ فوق شيخه عشر سنين زيادة .. كان أشبه بقطعة قماش مهترئة ملئى بالتجاعيد التي تشق طريقها وسط بعضها البعض وكأنها في نزاع غير قابلة للفرد أو للطي .. لأعمال النظافة أو التعديل .. حدق به طويلا .. يزفر في وجهه .. أنفاس تخرج من جوفه مغتاظة .. يسمع لصوت زفيرها صرير .. حادة مزعجة شديدة العمق .. اعتصر بكفه محيط فكه قائلا: أتتجرأ على الكذب علي .. أيها الملعون .. لم تكن هناك .. لم يره أحد .. أين هي .. أخبرني وإلا أقسمت أنه بكل حرف أنطق به .. أخطف به روحا من أمام ناظريك .. حتى إذا ما خلت الأرض من اسم بشر .. انتزعتها من كل ذي نفس .. أعلاها .. أسفل منها وأعدك .. لن يوقفني أحد ..
ــ حـ حـ حسنا حسنا سأخبرك الحقيقة .. لقد أرسلتها مع أحدهم إلى مكان بعيد جدا ..
ــ إلى أين؟ ــ إلى الشمال إلى مكان مهجور هناك قرب النهر ..
ــ وإن كنت تكذب ..
ــ بحزم: لست أكذب .. فلا طائل يرجى من الكذب وقد رأيت ما يكفي ..
ــ إن كنت كاذبا فأنت لم تر شيئا وإن كنت صادقا .. فلن تصدق مما ستراه شيئا ..
تركه وحاله .. تركه منطلقا بصحبة أسامة للبحث عنها فشغفه المستميت لرؤيتها حرمه الراحة .. التفكير بثبات والاحتفاظ بهيبته فقد رحل .. باحثا عن فتاة .. تنهد أبان طويلا .. يحملق بنظراته الحائرة في كل اتجاه بحثا عن منفذ عن مخرج له .. من الكذبة التي عاجلا أم آجلا ستفوح رائحتها .. استطاع أحد الغلمان الإفلات من قيده .. أطلقوا سراحه .. ساروا من خلفه بحذر عبر الدهليز الضيق الذي لا مجال فيه للإختباء .. هناك أحد ما قادم نحو المدخل الذي يفصله عنهم بضع خطوات .. التصق بالجدار يلتقط أنفاسه يفكر سريعا بالطريقة المثلى للنجاة من دون إثارة للشبهات .. يوشك القادم أن يصل .. توشك نيران ظله الحارقة أن تلسع حواف أقدامهم البارزة .. فزع عن يمينه .. قلق شديد عن شماله فهم في رقبته الآن وقد أوكلوا إليه أمر إنقاذهم .. تمالك نفسه .. همس لهم فأطاعوه .. حملوا في أيديهم ما وسعته راحة أكفهم .. اندفعوا ككتلة متكتلة في وجهه .. أسقطوه .. وبالحجارة التي حملوها .. أدموه .. جعلوه يرحل زاحفا نحو عالم آخر أسوء من الجحيم الذي عاشوه وأكملوا طريقهم .. المكان أشبه بمتاهة عظيمة تدور حول نفسها ذلك أنهم يجرون عبر ممرات وردهات منذ سويعات ولا أمل .. وبينما هم كذلك إذ بأحدهم يلمحهم عن بعد .. أطلق صرخة استنفر لها الكل .. مخلوقات خالفت قوانين البشر .. لعنتها الطبيعة .. احتقرها البهائم واستنكرتها رذائل الأشياء تجري خلفهم .. الأرض من تحتهم تهتز .. وقلوب كالفراش المذعور تختض .. لم يكن أمامهم سوى غرفة فنفذوا إليها حالا وأوصدوا الباب خلفهم دون وعي منهم أنهم .. قد حشروا بين جدران اكتظت بل ضجرت بهم ..أي نفس هذا الذي تبقى كي يسعفهم بل أي ساق تلك التي ستحملهم وقد خارت قواهم .. الصيحات في الخارج تدعوهم للإمساك بهم وصرير الباب يتضرع راجيا منهم الهرب فلم يعد قادرا على المقاومة بعد .. المكان مغلق تماما حتى أن الهواء غير مسموح له بالدخول هنا .. هنا حيث اختفى نصفهم .. نصف الغلمان الذين انتشروا هربا من حكم الموت الذي اصدر من دون حق بحقهم .. أبان الذي ينظر وقد شلت يداه يحاول جاهدا الإفلات من تلك المطرقة العظيمة التي ما إن تهوي حتى ترتفع حالا للإطاحة به .. تلك المطرقة التي صنعت فوهة في جدار .. سطع من خلالها الضوء الذي أراه يلوح مبتسما للأمل المتضائل داخلهم .. صاح فيهم: من هنا .. واحدا تلو الآخر كان هو آخرهم .. خرج حاملا أحدهم أصيب في ساقه .. أنقذه قبل ان يلقى حتفه .. كانت الفتحة ضيقة .. لا تصل عرض أكتافهم ..
حتى إذا ما وسعتهم كان أبان ومن معه قد ابتعدوا كفاية فلا يصلوا إليهم ..
حقيقة .. أنهم كانوا عظاما جسام ..
إلا أنهم كانوا ذوو عقول صغيرة فارغة ولولا ذلك .. لما استطاع أبان النفاذ مطلقا ..

ترك أبان من بعهدته بعهدة باش وزوجته .. حمل ما استطاع من متاع وانطلق هو الآخر باحثا عنها .. نحو الصحراء التي شهدت آخر لقاء تم بينهما .. جد في بحثه .. ثلاث ليال يجوبها طولا وعرضا .. سائلا القوافل المارة .. عابري السبيل الصخر والشجر المتناثر هنا وهناك دون إجابة وافية تفغمه سرورا دون تلميح .. يركنه إلى ذاك المصير ومع هذا .. فقد ظل جاهدا في سعيه حتى تناقل إلى مسمعه أمر إشاعة مفادها .. أن امرأة تكتسي بالسواد وجدت ممزقة أشلاء أشلاء قرب الصخور الرملية بالركن الجنوبي من هذه الصحراء ..
معتصرا قلبه بيده .. أن لا تهلع ..
سائرا نحو الحقيقة التي إما ..
أن يدفن بقربها حيا وإما ..
أن تجعله ينهض ..
ممزقة أشلاء أشلاء .. مزقت مواطن الهلع داخله جعلته يسقط أرضا ينحب بالبكاء ..
رداؤها الأسود .. شعرها الطويل ومعالم وجهها التي اختفت تماما ..
لم لم تنتظر أكثر حبيبتي .. هلا تمهلت لهنيهة .. عل صدق إحساسي يصل إليك فتتمسك بالحياة ..كنت أغار من كل شيء حولك .. من أنفاسك من خصلات شعرك التي تداعب جبينك .. من دفء كفيك وابتسامتك التي تشاركين بها أحدا غيري .. ومن نفسي التي أحبتك منذ الأزل وقد صددتها أما الآن .. فإني أغار من الموت الذي اختطفك ولم يبحث عني ألم يعلم أني .. أنا الآخر ..
مولع بك .. أحبك أعشقك ولا حياة لي .. من دونك ..
أرخى يده القابضة على صدره أرضا واقترب من بقاياها عل بقاياه بذلك تستجمع قواها عله يجد بذلك القرب سلوى .. تلك الدموع التي تنهمل لن تجد لها مأوى .. محدقا في العظام التي لن تكتسي باللحم .. لن تخاط بالجلد .. في العود الذي لن يصلب في المرأى الذي لن يتراءى له حتى في الأحلام ..
يالها من ذكرى تلك التي .. كانت خاتمة هذا المشوار القصير الذي كان بيننا ..
أوشكت الشمس على المغيب وأبان على حاله متسمرا أمامها .. لا طاقة لديه لدفنها أو النهوض .. آملا متأملا أن معجزة تحدث .. أن أحدا ما يصفعه فيستفيق:
يا أخ .. مالذي تفعله أمام جثمان زوجتي؟
ــ التفت إليه .. لم يبالي بسؤاله ليعود إلى حاله ليعود السائل سائلا بشيء من الرعونة أيقظته: أعد .. علي .. ما قلت ..
ــ مستغربا مستجيبا: مالذي تفعله أمام جثمان زوجتي؟
تلك الكلمات الصاعقة التي جعلت ..
ذلك الفتيل الخامد في بياض عينيه .. يتقد ..
ذلك البائس اليائس المتخاذل بين أضلعه .. يرتعد ..
يوشك مخزونه المفزوع أن يفرغ من كل نسمات الهواء العالقة في مجرى تنفسه ..
يوشك أن يقبل آتيه بالخبر ..
ــ أعد علي ما قلت ؟ نعته بالجنون ثم أعرض عنه .. ضحكات .. قهقهات ملأت الأرجاء .. تلك فرحة لن يسعها سوى القلب الذي اكتظ بالنور .. ذلك النور الساطع الذي اخترق عنان السماء .. عاد فسأله أن يطلب وله ما يريد فأجابه: امنح الحياة لذلك الرفات فيستفيق ..
ــ ما الخبر يا فتى؟ لم كل هذا الندم؟
ــ بوجه شاحب بصوت يتهالك مع كل كلمة يلقيها: إن لم يكن باستطاعتك منحها الحياة .. فسأترك لك أمر دفنها دفنا لائقا يليق بها فلا طاقة لدي لفعل ذلك .. امتطى فرسه وقبل أن يهم بالمغادرة التفت إليه ناصحا: إياك إياك وترك من .. تحب .. من يعني لك ولو شيئا بسيطا .. من يهمك حقا أمره الاعتناء به .. من يعتني بك وأنت لا تعلم بعهدة أي كان .. حتى ولو كان .. ولو كان .. بصوت متحشرج: أبوك .. لقد فقدت الشعور بالطمأنينة .. فقدتها ولذة النظر إلى وجهها .. تلك نعمة لم أحرص عليها فاحرص عليها مادامت في متناول يدك .. انحنى بفرسه على ركبتيه أمام جثمانها .. مطأطئا رأسه .. محتفطا بدمعه لنفسه بكلمات الأسف والاعتذار التي اقتحمت حنجرته ولم تبرز .. غادر هائما على وجهه تقوده فرسه التي أراها .. تقف عند رأس صاحبها الذي فارق الحياة .. أراها ملقاة بعد أيام بقربه .. لم تطق فراقه .. رحلت هي الأخرى وفاءا لذكراه ..
ننظر دائما إلى من نحب ..
ننسى دائما من أحب فينا شيئا من أحبنا للاشيء ..
يرحلون فنرحل معهم ..
نرحل فيرحلون معنا ..
يا لنا من قساة متوهمين ..
نعتقد أنا نعيش بهم إلا أن الحقيقة هي ..
أنا نشعر بالحياة بسببهم أؤلئك ..
الذين يعلمون بأمرنا .. ولا نعلم بأمرهم ..
كان هذا هو الفصل التاسع وعذرا على التأخير ..
لا تحرموني من ردودكم وتشجيعكم .. دمتم بصحة وسعادة حتى موعدنا القادم ..

:sm92::sm92::sm92::sm92::sm92:

prue 05-11-17 12:42 PM

الرواية تحفةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةة
مش ممكن الابداع داه
انا من من عشاق الاسلوب السهل الممتنع بالكتابة
وصفك للاماكن والاحاسيس ودواخل كل فرد يجنن


الساعة الآن 02:32 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.