آخر 10 مشاركات
الغيـرة العميـــاء (27) للكاتبة الرائعة: فـــــرح *مميزة & كاملة* (الكاتـب : فرح - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          [تحميل] مهلاً يا قدر ،للكاتبة/ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          فالكو (52) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الثالث من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة .. (الكاتـب : Gege86 - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          و سيكون لنا لقاء(73)-قلوب شرقيةـ للكاتبة *نغم الغروب* الفصل الثاني عشر* (الكاتـب : نغم - )           »          عندما ينتهي الكذب - هيلين بيانشين - روايات ديانا** (الكاتـب : angel08 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree124Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-10-17, 03:04 AM   #461

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 13 ( الأعضاء 9 والزوار 4)
‏mouna latifi, ‏ebti, ‏Mat, ‏بيبووووو, ‏ghdzo, ‏زهره ابي, ‏karwantweet, ‏sabreira

مرحبا بكم .... بعد لحظات ...انشاء الله ينزل الفصل 🌷🌷🌷


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 03:16 AM   #462

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم


الفصل السادس ...


الزهد في الدنيا طلب التكسب وقصر الأمل....الامام مالك بن أنس

بيت آل عيسى…

[IMG][/IMG

أسرعت رواح بما سمحته لها رجلها، وهي تمسح دموعها تلهث من فرط التوتر والخوف، المشهد أمامها هز بدنها و رؤية اختها تتدحرج من على الدرج بتلك الطريقة أخافتها حد الصدمة، علا رنين هاتفها فتذكرت ياسين وردت بسرعة ...(أخي ....أنا آسفة لكنك لا تعلم ماذا حصل ؟؟... حق وقعت من على الدرج ...لقد كنت خائفة أخي .... ) ...استسلمت لدموعها تكمل بحزن ...(لا تخف أخي إنها جيدة الآن...برفقة زوجها في غرفتهما ....أجل لقد فحصها الطبيب ...اقفل أخي أنا قادمة...)... (يا آنسة !!...انتظري!!! ...)... توقفت ملتفته الى مخاطبها المهرول خلفها، والذي استطرد بإشفاق من دموعها ...(لا تبكي ...أختك بخير ...)...مسحت دموعها و رفعت وجهها بكبرياء، ترد بنبرة جاهدت لتحافظ على تباتها... (ماذا تريد؟؟؟).. قطب بخفة يقول بما يجول في خاطره ...(أولا كنت أريد الاطمئنان عليك ....ثانيا ..).. قاطعته تهتف بقوة واهنة و كلمات نجوى المسمومة تعاد في رأسها كشريط علق في مكانه ...(أنا بخير... وداعا ...) ...(انتظري!!!)... نطقها بحنق جمدها مكانها، ترمق تقطيبه الحاجبين الكثين و الأسودين بعبوس مشابه، فاستطرد بحيرة ... (لما أنت هكذا ؟؟؟....)...بلعت ريقها و الحنق يتصاعد مع أحشائها، تبحث عن معنى لسؤاله الغامض وهو يردف بنفس حنقه ...(دائما غاضبة .... و عدوانية … كأنني اقترفت في حقك ذنبا عظيما لا أعرفه ....)... رفعت حاجبيها حين فهمت مقصده أخيرا، ثم قالت باستعلاء لم يصدقه حتى ...(و لما تفترض أنني مهتمة بما تقترف أو تفعله ؟؟ .... الدنيا لا تدور حولك على فكرة ...)... ابتسم بجذل يقول ...(إذن صدق حدسي ...و قد فعلت شيئا ما ...)... اهتز بدنها حين اكتشفت غباء ردها، تهتف بغضب ... (أنت لا تهمني في شيئ كي أكرهك او أحبك ...وداعا!!! ...)... اتسعت بسمته اكثر وهو يقف بطريقها مُصرا ...(أنا لم أسألك أن تحبيني ..... مع أن الفكرة مغرية ...).. شهقت بحدة فهي لم تتمادى يوما في الحديث مع شاب، إلا في نطاق دروسها، و لم تعتبر اهتمام زملائها في المدرسة سوى شفقة و رغبة في المساعدة، نظرا لإعاقتها، خصوصا أنها كانت الوحيدة التي تعاني من ذلك النوع من الإعاقة في مدرستها. حدق بوجهها المندهش، و الحمرة تعلوه فاستطرد مازحا ...(فقط أخبريني بجرمي ...و سنرى قصة الكره والحب هذه فيما بعد ...)..صكت أسنانها بغضب و حنق حين تذكرت كلمات نجوى، فظنت أنه لازال يتسلى على حسابها، لذا تنفست بعمق ثم قالت بقوة مع أن النبرة شابتها رعشة ....(أنت منحل !!..و إن لم تبتعد عني ...سأشكوك لأخي ...و حينها سترى الحب كيف يكون ...)... ثم انطلقت متلافيه تمثال مصدوم، إنها تهدده بأخيها، هل هي جادة؟؟ ..من هذه الفتاة التي لازالت تهدد باهلها لأنه ضاحكها بكلمات لا علاقة لها حتى بالغزل، أجفل على صوت منصف الضاحك يقول وهو يشير إليه ...(منحل ..... يا منحل ....أنا لا اصدق ....أحد ما تجرأ على عيسى آل عيسى و نعته بمنحل ....و من ؟؟...فتاة صغيرة ....)... ثم عاد مستغرقا في الضحك، ليهتف عيسى غير مصدق لسمعه .. (ما سمعته حقيقة ....لقد نعتتني بمنحل ... وهددتني بأهلها ..)... نظر إلى منصف الممسك ببطنه من شدة الضحك فقال بامتعاض يلوي شفتيه...(لما كنت تتنصت علينا ؟؟...)... حاول تمالك ضحكاته قائلا ...(أقسم حاولت مقاومة فضولي ...لكنني لم أستطع ...ثم هي عدوانية معي أيضا ...فكنت أريد معرفة السبب من وراء حجاب ...كي لا أُرمى بالرصاص مثلك ...)... جعد جانب فمه، ثم رفع سبابته و ابهامه يحك بهما لحية دقنه ....(ما تأكدت منه ...أننا فعلنا شيئا ما ....لكن ما هو ؟؟ الله أعلم ...)... سحبه برفق مراعيا رجله المكسورة، قائلا بعبث ...(لا تنكر أن الفتاة مختلفة ... قوية رغم ضعفها )... دفعه بخفة يقول بملامح ممتعضة ...(ألا تلاحظ أنك تتغزل فيها ؟؟)... عاد يسنده مجيبا بنفس مرحه المعتاد...(أتغزل بها ؟؟؟... أنت من نادته بمنحل ...لا أنا ...).. ابتسم متأثرا بمزاجه قائلا ...(لو سمعتك لنعتتك بمغتصب و طالبت بإعدامك ..)... ضحكا الإثنين بمرح صادق، تعمق بصدريهما إلا أن أحدهما سعيد للثاني يفكر ربما أنه قد وجد ضالته.



أما رواح فقد توقفت تلهث حين وصلت قرب سيارة أخيها، لتكتشف الجدال المحتد بينه و بين والدهما الذي صاح بسخط ...(أخبرتك يا ولد !!!...أنا لن أغادر إن لم أرى شقيقتك .....فتحرك هيا!!!)... اندهشت رواح من موقف والدها، فهل هذا نفس الأب المتجاهل ؟؟. طيلة حياتها لم تره بهذا الشكل...(يا أبي ....لا يصح ...تأخر الوقت ...و رواح قالت أنها بخير.... هي الآن في غرفتها مع زوجها ....لندع الأمر للغد ...أنا أيضا قلق عليها ...لكن ...)...(أنا لست قلق على أحد!!....وإن لم تستطع اخبار زوجها... قل لي و سأتصل بالحاج ابراهيم!! .....).. راقبه ياسين بنفس دهشة رواح، وهو يردف بغضب ..(لن أرحل حتى أراها ..... فأسرع ....هيا!!!).... بلع ريقه والتفت ليجد رواح المصدومة مكانها، فقال علّه يهدئ من حنق والده الغريب، فلم يستطع تفسيره على أنه قلق على أحد أولاده ...(ها هي رواح ...كيف هي حق؟؟؟).... همت رواح بالإجابة ليصعقهما والدهما بتركهما داخلا الى بيت آل عيسى دون أدنى كلمة، يضرب الأرض برجليه في خطوات واسعة، فلم يجدا بدا سوى من العدو خلفه ...(انتظر يا أبي ...سأحدث ابراهيم !!!)... توقف و استدار يتنفس بحدة تعبر عن مدى سخطه، فسحب ياسين هاتفه مستسلما لحالة والده الغير طبيعية على الإطلاق.
لاتزال متمتمه بآيات بينات، تربت على شعره بحنو. تشعر بالخوف لأول مرة في حياتها، تفكر في صدق من قال أن الدنيا فِتَن، فهل ستبدأ في فقدان الثقة في حفظ خالقها، استغفرت باستنكار و خوف تحول من خوف على العبد، الى خوف من سخط الخالق، لتعود هامسة في فكرها أن من حفظها طيلة حياتها السالفة، سيحفظها في ما هو قادم. تنفست بعمق تنهي أذكارها وهي تضم رأسه بحنو، منحيه كل فوضى أفكارها، بين غرابة ما تشعر به تجاه هذا الرجل الذي لم تفكر فيه يوما كزوج، حقيقة لم تفكر في الزواج من الأساس كي تفكر في رجل. لطالما أقرت زوجة والدها، و أغلب الناس من حولها إلا من رحم الله، قناعة أنها بلهاء ولن يقبل بها أحد لا زوجة أو حتى صديقة، و سيكون مصيرها العنس لا محالة، لم تكن تهتم لأقوالهم لأنها مؤمنة بأن الأرزاق بيد الله، وليست بأيديهم. فلم تكثرت للأمر تظن أنها لازالت صغيرة أو بعيدة عن الزواج. وها هي الآن في عصمة رجل بمسؤوليات أكبر و تعقيدات أكثر، تنهدت بخفوت دون أن تشعر بيديها تشد عليه كأنها تحميه من شيئ ما، كلما تذكرت ما ينتظرها مع حياتها الجديدة، فهي انسانة بسيطة بأحلام أبسط تنشد الهدوء و أيسر الأمور. لم تحلم يوما بجاه و لم يخطر ببالها سُلطة، بل كان أشد ما يبعث الرجفة في قلبها متاع الدنيا إذا كَثر دائما ما يصحب معه أشد البلايا. تنهدت من جديد فأجفلت على تحرك إبراهيم برأسه قليلا يرمقها بحيرة، تصيبه مع كل تنهيدة خافتة بالتزامن مع حركة شدها عليه بوهن، أيقظته من سِنته، لتشعل نارا في أحشائه يكاد يفقد لجامها، ....(ما بك يا حق ... هل تتألمين؟؟؟)... بلعت ريقها توترا من أنفاسه التي تلفح وجهها و عطره الذي ملأ صدرها، ترمقه بنفس سهوها في غرابة كل ما استجد عليها. علا رنين هاتف ابراهيم فشهقت مجفلة ليبتسم هامسا قرب شفتيها، بعد ان اقترب أكثر، وهو يسحب الهاتف من المنضدة جوارها ....(اهدئي ... إنه فقط الهاتف ...)... (السلام عليكم....)...نطقها دون أن يبتعد عنها، لتتغير ملامحه من عابثة الى عادية بجمودها المعتاد، يقول برسمية ...(أجل ....بالتأكد... تفضلوا الى الصالون سنهبط حالا ...)...قطبت حق ترمقه بحيرة، فقال وهو يتمعن في براءة مقلتيها لتسهو من جديد غارقة في ارتباكها من قربه...(والدك وياسين ...يردان الاطمئنان عليك ...).... (ها؟؟!!!)... نطقتها بخفوت لتصله أنفاسها الساخنة، فابتسم يسحبها بروية قبل أن يغير رأيه ويغرقها في دوامة لا قرار لها، يقول... (والدك في الصالون ....يريد رؤيتك ....)... أوقفها والتفت الى المشجب يمد لها بالمئزر، فأومأت سلبا وهي تخطو الى الدولاب لتسحب عباءة منزلية واسعة، ارتدتها فوق منامتها لتتسع بسمة الرضى على ثغره، مشيرا لها كي تتقدمه ....
(أجلس على الأقل يا حاج يا عبد الله ..... سينزلان حالا ...).. نطقها الحاج ابراهيم يبتسم مهدئا من روعه المعروف به من عصبية، لكن ليست أبدا برعناء. ليزفر بخشونة وهو يستجيب لطلبه على مضض وياسين جامد مكانه جواره أخته على نفس حالته، لا يصدقان تصرفات والدهما. ...(السلام عليكم ....)... رفعوا رؤوسهم لإبراهيم من خلفه حق ترمق شقيقها بريبة، قام من مكانه إليها هو ورواح بينما الذي أقام الدنيا و لم يقعدها جالس بمكانه ينظر اليها بتمعن عابس و كأنه يبحث فيها عن أمر يؤرقه....(حق !!! أنت بخير؟؟)... ابتسمت بحنو تجيب برقة ....(أنا بخير أخي .... لما أنت قلق هكذا ....ألم تخبرك رواح؟؟؟)... تنفس براحة ممتزجة ببعض الامتعاض وهو يشير الى والده قائلا ...(هل رأيت أبي ؟؟؟.... إنها بخير ....لا داعي للقلق ...)... تنحنح الحاج يستقيم واقفا وهو يسوي طرفي "السلهام" على كتفيه ثم قال بحزم ....(أنا لست قلقا على أحد .....حاج ابراهيم مبارك علينا ..... لا تنسوا نحن ننتظركم غدا بإذن الله ....انتم وضيوفكم ...مرحب بكم لختم أيام العرس .....تصبحون على خير ....)... توقف بالقرب من حق للحظة، متفرس فيها، فمدت يدها تسحب كفه مقبلة إياها كما تفعل على الدوام منذ صغرها. في تلك اللحظة بالذات أو الثانية وهي منحنية على كفه، أحنى رأسه بقبلة على أعلى رأسها تكاد تلمح، بما يكفي لترتفع حواجب أبنائه دهشة على دهشتهم. أجفلت حق على سؤال الحاج إبراهيم الباسم بحنو ....(الحمد لله على سلامتك بنيتي .....و مبارك عليك زواجك من حفيدي ...)... تقدمت منه وقبلت يده كما فعلت مع والدها، فسحب مالا ووضعه بين كفيها يعيد تهانيه لها. تقبلته ببسمة مستحية ثم استأذنت لتعود الى غرفتها فهمس ابراهيم لجده بحيرة...(والدها غريب !!....)... ضحك جده يربت على أعلى ظهره مشيرا له ليرافق عروسه، بينما يفكر أن الحاج عبد الله كباقي رجال الجبل ظاهرهم القوة و الجفاء، أما الباطن ......الباطن لأغلبهم يتكسر بحنان يفرض نفسه من كبد الفطرة، برحمة جُبِلت عليها النفوس إلا من رحم ربي.


يتبع ....


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 03:29 AM   #463

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

[SIZE="4"]صباح اليوم التالي ...


تروح و تجيء بتوتر، و كأنها تنتظر أحدا ما، تتفقد السلم ثم تعود أدراجها إلى الردهة منتظرة. ....(صباح الخير أماه .... ما بك ؟؟)... أجفلت ترمق إسماعيل في بدلته السوداء بحيرة ثم قالت ...(صباح الخير بني .... أنا ؟؟؟ ماذا بي؟؟.... لا شيئ ... هل أنت خارج؟؟).. قبل رأسها يرد مبتسما من توترها الظاهر ...(أجل .... سأستأنف عملي اليوم ...)... هزت رأسها ثم قالت وهي تتفقد أعلى الدرج من جديد ... (حسنا بني ...أدخل ...الطعام جاهز ....).. أدار وجهها اليه يسأل بفضول ..(أماه.... عن من تبحثين؟؟)... (ها؟؟؟)... رمقته بسهو ثم ردت ...(أخوك .... ابراهيم لم يستيقظ بعد .... ليست من عاداته ...)... قهقه اسماعيل وهو يضمها الى صدره ثم أبعدها مجيبا بمرح ...(هل تغارين على رجلك كما تحبين مناداته؟؟ ...).. دفعته بخفة مستنكرة فاستطرد... (أماه... هو عريس ...ومن حقه الدلال لبضعة أيام ..)... ضمت شفتيها مفكرة فقالت تدفع ابنها أمامها ...(هيا .... لتفطر و كفى كلاما ....و أنا سأحمل الفطور لهما...كي لا أقاطع الدلال ...هيا!!)... تقدمها ضاحكا لا يعلم بخطط والدته التي كانت لتطيح بعلاقتها بهم، لو فقط علموا عنها.
...............................
[QUOTE=mouna latifi;12680433]

بين الجبال ....

رمى بعقاب السيجارة و التفت إليه قائلا بغضب ..(الجبل الأبيض لن يناله ....مهما فعل !!...)... تحدث أحد رجاله الملتفين حوله قائلا بلؤم ...(سيبدأ العمل فيه الأسبوع القادم ... لا تنسى ان لديه سائر التصريحات...و القانون بصفه ....ماذا ستفعل ؟؟؟)... تنفس بحدة يرميه بسهام مقلتيه المظلمة، فقال آخر ..(إذا ضاع الجبل .... سنخسر مواقع عملياتنا .... تصرف يا رئيس...)... زمجر بغل يهتف ...(لن يفعل ....هل تسمعونني ؟؟... الجبل سيبقى لي ....و لن يناله غيري ...و سترون!!! ..).. صمت مفكرا للبرهة ثم بحث بينهم عن ضالته فأشاره له قائلا ...(أنت !!!... تعال هنا ... و الباقي انصرفوا ...)... خرج الباقي يتناظرون فيما بينهم بمكر و ترقب، فمن تركوه خلفهم ليس سوى المختص بالمتفجرات، يتراهنون على الخسائر دون المكاسب.
.......................

بيت آل عيسى ...




(تفضلي أمي ...!!)... فتحت الباب بين يديها صينية كبيرة عليها طعام الإفطار....(أمي لما أتعبت نفسكِ ؟؟... كنا سننزل حالا...).. تأملتهما هو ببدلته و هي بجلابة الخروج، و الغرفة مُرتبة بأكملها فقالت مقطبة بحيرة...(هل أنتما خارجان ؟؟)... اقترب منها ابراهيم وقبل رأسها قائلا وهو يرمق الطعام ....(أمي ؟؟ ... خبز بالبصل و الزيتون .... و الشاي بخلطة الأعشاب ....هل هذه رشوة لشيء ما؟؟..)... ضحكت بتوتر تقول ..(هذا جزائي لأنني صنعت خبزك المفضل ؟؟؟...)... اقتربت منهما حق واستلمت الصينية من حماتها وحطت بها على المائدة الزجاجية بين مقعدي الجلد في القسم الثاني من الغرفة، ثم عادت وقبلت يد حماتها، ابتسم ابراهيم بتأثر بينما إيجة جذبت يدها سريعا تنفي تأثر قلبها بتصرفاتها الصادقة و الخلوقة. استوى ابراهيم على احد المقعدين مجيبا والدته السائلة، وهي تشغل الآخر أمامه ...(لم تخبرني ....إلى أين العزم بإذن الله ؟؟).. (الى المشفى ...أمي...)... ضربت على صدرها بخفة تسأل بجزع...(لما بني ؟؟...أنت بخير؟؟... إنها العين الحسودة ...أنا أعلم بها...).. ضحك ابراهيم وهو يقطع الخبز بيديه بعد ان صب لنفسه كأس شاي يقول ..(أمي أنا بخير ...بل ..).. تذكرها فالتفت باحثا عنها ليجدها واقفة مكانها بالقرب منهما فأعاد الخبز قائما من مكانه ليجلسها قائلا بنبرة أسف ...(اجلسي حق ....أنت مريضة ...)... جلست على استحياء بينما والدته تتميز غيضا من أفعال ولدها المستجدة عليه كليا، تعلم يقينا أنه رحيم القلب مهما أظهر من حزم لكنه لم يتعاطى مع فتاة من قبل ولم تره بهذه الرقة في المعاملة، أحضر مقعد منضدة الزينة وجلس عليه، ليستطرد قائلا وهو يمدهما بالخبز قبل نفسه ...(حق تتوجع ... كلما تحركت أنّت بألم ....)...دست الخبز في فمها تقول بغيض ...(ألم يفحصها أمين وأقر بنجاتها؟؟؟)... هز ابراهيم رأسه بتأكيد و فسر...(أجل ...لكنه نصحني بفحص شامل في المشفى ....هو فقط أكد على نجاة عظامها من الكسور...)... تذكرت إيجة العصير فأخذت الكأس على اليمين و مدته لحق تقول ...(لا تشربي الشاي .... اشربي العصير أنفع لك ...بما أنك كثيرة الوقوع ...)... رمقها ابراهيم بعتاب وحق تتناول منها الكأس، ارتشفت منه القليل فلم تستسغ مذاقه مع الخبز الساخن فهو ألذ مع الشاي، فوضعته أمامها لتهتف إيجة بما هز بدنها الضئيل و أثار حنق ابراهيم...(اشربي يا فتاة ....هيا!!).. بلع اللقمة في فمه قائلا بروية يُحسد عليها ...(أمي ....لا بأس ...أمهليها حتى تنهي الخبز ... )... مصمصت شفتيها تقول بتبرم ...(حسنا ....لا بأس ...مادامت ستشربه ..)... استغرب ابراهيم مراقبة والدته فتحمد لله وهو يقوم متوجها الى الحمام ليغتسل، فقامت هي الأخرى لتقف على هتاف حماتها ...(العصير يا فتاة !!)... نظرت الى الكأس بتفكير، قبل أن تقول بنبرة أقرب الى الهمس ...(سأغسل يداي من إدام الخبز و أعود ....)... هزت رأسها تزفر بنفاذ صبر، فابتسم ابنها العائد ينشف يديه بمنشفة وضعها على جانب المائدة قائلا ..(لن تفارقيها حتى تشرب العصير اليس كذلك؟؟؟).... تحركت من مكانها تحمل معها الصينية قائلة بتجاهل و هي تنصرف خيفة من عقل ابنها اللماح ...(انها زوجتك ....و العصير عندك .... فاسقيها ان شئت ....)... اتسعت بسمته يرد بتأكيد ...(سأسقيها ....شكرا لك )... لم يرى بسمتها الماكرة وهي تنصرف، بعد أن حققت مأربها لثاني يوم حسب يقينها.
تجهزت حق شاكرة ربها أن حماتها قد انصرفت بعصيرها فقلبها ينقبض من كل تصرفاتها، لتجد العصير في يد ابراهيم يمده لها مبتسما بهدوء يقول...(إنه مفيد لك .... تفضلي.)... أمسكته تقربه من فمها باشمئزاز، فهي لم تألف العصير في الصباح، بل على الوجبة المعتادة لأهل الجبل، الشاي أو القهوة بحليب البقر مع الخبز الساخن والمحشو بأنواع من الحشوات المختلفة، ناهيك عن توجزها الداخلي من كل تصرفات حماتها. تنفس إبراهيم باستسلام، و أخذه منها ليتجرعه هو دفعة واحدة، ثم ألقى بالكأس فوق المائدة وسحبها من كفها يطبق عليها قائلا ...(ننتهي من أمر الفحص و أجلب لك عصيرا سيعجبك ....هيا بنا...)... غادرا و بعد برهة دخلت الحاجة إيجة تبحث عن الكأس فضحكت بظفر حين وجدته فارغا ثم اكملت بحثها عن ملابس كنتها الداخلية، فلم تجد سوى النظيفة المرتبة بإتقان في خزانة الملابس. تأففت بضجر و انسحبت تهمس بغيض.... (أين ملابسها الوسخة ؟؟؟.... آه .... لا شيئ سهل التنفيذ مع تلك البلهاء التي لا أظنها بلهاء ....).

تقدما تجاه سيارته بعد أن سلما على باقي العائلة في غرفة الجلوس، لتثاقل خطواته كما قبضته على يد حق التي شعرت بالضغط، فنظرت إليه ولمحت ملامحه جامدة بشكل مخيف، فتتبعت مصدر نظراته القاتلة، لينتفض بدنها بخفة لم تخفى على المتأهب جوارها. لم تكد تفطر حتى تركت والدتها الحانقة من تصرفاتها الغير مدروسة بتاتا، تخشى عليهما من كشف خططهما فتكون نهايتهما معا، لتستقل سيارتها الزرقاء متوجهة الى مسرح جريمتها، وتتفقد أحوال ضحيتها ليس ندما أو رأفة إنما خوفا من كشف سترها. ابتسمت بإغراء يثير غثيانه حينما اكتشف مدى زوره وهي تقول بدلال ...(صباح الخير على العريس و العروس .....كيف حالكما ؟؟؟)... ابتسمت حق بحياء ترد بخفوت ...(الحمد لله بخير ....شكرا لك ...)... نظرت صباح الى إبراهيم الصامت ببرود يرمقها بنظرة...بالله عليك ماذا تفعلين في منزلي ؟؟؟. لتعيد إليه نظرته بأخرى متحدية فهمها كما قصدت بها ...."أنا هنا لتحقيق هدفي ...و انت أعلم به"... لترفع دقنها بأنفة كأنها تنهي تحديها ب..."ولن أغادر الى أي مكان قبل تحقيقه"... جعد أنفه وسحب حق المراقبة ببلاهة دون أدنى كلمة، لتزفر هي الأخرى تستأنف خطواتها الى منزل آل عيسى.
......................

رافقها الى المشفى المركزي لمدينة الجبل، قاصدا طبيبة يعرفها سالفا يتعامل معها في كل ما يخص صحة والدته. امرأة أربعينية بشوشة الوجه قصيرة وممتلئة نوعا. قامت بفحص حق وهي تحدثها بود، أعجبت بهدوئها وبشاشة ردودها المقتضبة، ثم عادت الى المكتب تتبعها حق لتجلس على المقعد المقابل لمقعد ابراهيم المترقب باهتمام فاجئه شخصيا. انتظرا بصبر وهي تكتب ما يبدو أنه تقرير، فاستغل الفرصة كي يتأمل سكون زوجته على كرسيها. عاد بذاكرته الى قبل حينٍ، حينَ التقيا بعديمة الحياء ابنة المرابط، توقع أسئلة نسائية فضولية، حول موقفه منها، أو حتى حول سبب الغاء زواج كان قد تقرر و الجميع عالم به. لكن لا شيئ على الإطلاق، بل سكنت كما الآن على مقعدها في السيارة، وشفتيها الرقيقتين تتمتمان طوال الوقت بما يعلم أنه ذكر، وكلما نظر اليها ابتسمت له بحياء ينير قسمات وجهها، فتوقع في قلبه الأثر البليغ. أجفل على حديث الطبيبة لينتزع مقلتيه من زوجته و يلتفت بهما الى محدثته .....(الحمد لله لا كسور ....هي فقط بعض الرضوض ....و لأنها لم تُشفى جيدا من الحادثة السابقة ... آلمتها أطرافها ... بعض المسكنات والكثير من الراحة و ستصبح بخير بإذن الله ....).... رفع زاوية فمه بما يشبه ابتسامة مجاملة وهو يشكر الطبيبة متلقيا من يدها ورقة الدواء، ثم أشار لزوجته لتتقدمه وغادرا.
…………………….
بيت آل عيسى....



)ماذا يعني ذلك؟؟؟...) ....نطقت صباح بعبوس تستطرد وهي جالسة بتأهب، على احدى الكراسي البلاستكية بجانب الحاجة إيجة في الحديقة الخلفية...(أين تخبئ ملابسها الوسخة ؟؟؟)... هزت الأخرى كتفيها بجهل تقول ..(لا أعلم ....كل ملابسها نظيفة و مرتبة في خزانتها ...)... زمت صباح شفتيها تهمس بغل ..(و قالوا عنها بلهاء..... لا بلهوات سوانا.... احذريها يا حاجة ...تلك الفتاة ليست بهينة ...).. ارتشفت الحاجة إيجة من كأس شايها، تهز رأسها بتأكيد ثم قالت بتوجس ..(أخشى ما أخشاه .... أن يعلم ابني بأمر ما أفعله ....فتلك الفتاة ممثلة بارعة ....و لن يصدقني ... و حينها أكون خسرت ابني بل أبنائي جميعهم و جدهم أيضا ....).. أومأت صباح نافية تهمس بمكر...(إن حرصت جيدا لن يشك بك أحد ....فأنت والدتهم ..).. ردت بنبرة تشوبها المرارة...(لقد جربت الفقد و الخيانة في وقت واحد .....ليس سهلا أبدا يا صباح ..).. قالت صباح بلهفة أخفتها، تستغل مسار الحديث ...(هل تقصدين زوجك يا حاجة ؟؟)... رمقتها بنظرة قست للحظة و كأنها أجفلتها فاستطردت صباح بمكر ...(سمعت من أمي أنه كان يعشقك ....و كل نساء المدينة يغارون منك ... تقسم أنها عين حسودة أصابتكم ...)... ابتسمت الحاجة ساخرة و قد غاص خيالها الى ماض سحيق، لكن قريب جدا يقبع بآلامه في عمق قلبها، يطفو مع كل نظرة الى وجوه أولادها، أو الى أعين النساء الشامتة و المشفقة. لكنها أبدا ما كانت لتعترف لنفسها بأخطائها او إخفاقاتها، لذا رفعت دقنها بأنفة ترد بتكبر...(طبعا ....كان يعشقني ...فقد كنت من أجمل فتيات المدينة ..... لكن كما قالت والدتك ....العين الحسود ..) ...صمتت و قد تاهت مقلتيها الى السراب من جديد، فقالت صباح بمكر يخفي الكثير...(أين ترى هو الآن ؟؟....يعني أنا لا أصدق ....كيف لأب أن يتخلى عن أولاده ....و لا يسأل عنهم ولا مرة واحدة.....)... ردت بدفاع وكبرياء باق تحت أنقاض حرب شعواء..(ليس بيده .... إن ظهر سيلقون القبض عليه ...لقد حاول مرة رؤية أبنائه فأعلم عمي الشرطة ... قد يكون قاس و صلب وذا جفاء كحجر الجبل .... لكنه يهتم لأولاده ....)... أخفت صباح ضحكة متهكمة، فلطالما سمعت من والدها و جدها عن يونس آل عيسى، لا أحد يصدق انه من السلالة المعروفة بالأصالة و حسن الخلق و كل ما تحمله كلمة الرجولة من معنى...(اذن لا تعرفين أين هو ؟؟؟)... أومأت المغيبة سلبا وهي تقول ...(في مكان ما بين الجبال .... لكن تحديدا لا أحد يعلم ...)....تنفست صباح بعبوس تفكر في رد فهل ابن عمها الغبي حين يعلم بخيبتها، ثم قالت تهمس بمكر، مغيرة الموضوع بأكمله... (دعينا من الماضي... وركزي معي في المستقبل ... اسمعيني جيدا .... سأخبرك كيف ستعاملين كنتك البلهاء ...كي تفر هاربة من هنا في أسرع وقت ....). انتزعتها من سراديب الماضي وأولتها انتباهها، غافلة عن عجلة الزمن الدوارة تعيد علينا البساط كل حين، لكننا دائما ما ننسى أو نتناسى مكان الحفر فنقع فيها مرارا و تكرارا ، إلا من رحم ربي.
..................

في مطعم وسط المدينة ...



ابتسم لحيائها وهي تضم كفها بالأخرى فوق الطاولة بينهما، والتوتر جلي على ملامحها التي بدا لها الوصال من صميم قلبه. لم يعاشرها سوى يومين، لكنه شعور لم يذق طعما له من قبل. يحب النظر الى ملامحها السمحة، عنوان الحياء، لم يرى الحياء بنفسه إلا على وجهها، بسمتها الخفيفة، شفتيها الرقيقتين، ارتباكها المتواصل، خفوت نبرة صوتها، مقلتيها المطرقتين باستمرار، وإن رفعتهما ترفعهما بخفر ينير وجهها البريء. لايزال هناك الكثير هو متيقن من ذلك، وسيكون أكثر من سعيد وهو يكتشفها بتمهل وروية. تحدث بهدوء كي تنظر إليه قائلا ...(حق ...؟؟؟!!)... نظرت إليه بتلبك مستفسرة، فاتسعت بسمته كما اتسعت مقلتيها بحيرة فاستطرد... (لما كل هذا التوتر؟؟؟...)... أخذت نفسا عميقا وهي ترمقه ببلاهة، لا تعلم للرد من سبيل مكتفية برفرفة رموشها، فمد يده يغطي بها كفيها مردفا كي يعفيها من توترها...(متى ستظهر نتيجة دراستك؟؟؟)... و كأنه اكتشف كلمة السر، لأنها ردت بنفس خفوتها، لكن بمقلتين لامعتين وشفتين امتدتا في بسمة صادقة...(آخر هذا الأسبوع بإذن الله ...)... هز رأسه لسرورها شاكرا لربه فتحه طريق للتواصل معها... (ستنجحين بإذن الله .... عيسى أخبرني بتفوقك ... أحسنتِ)... عادت تطرق بخفر فسأل ليلفت انتباهها من جديد، يسره الحديث معها.. (ماذا كانت أحلامك بعد المعهد؟؟)... كما أراد نظرت إليه لكنها التزمت الصمت، بسبب النادل الذي جلب لهما عصير الفواكه، ثم قالت تهز كتفيها بخفة بعد أن انصرف ....(لم أكن أفكر في ذلك ...).. قطب يسأل بحيرة..(لماذا ؟؟... لكل إنسان أحلام معينة يتمنى تحقيقها ....)... حضنت الكأس براحتي كفيها ترد وهي مطرقة بمقلتيها تتأمل شرائح التين والشوكولا، المزينة لأعلى العصير.....(في عائلتنا أو نقل مدينتنا .... نادرا ما تقرر الفتاة مصير حياتها .... تعلمت أن والدي من يقرر في حياتي فاستسلمت منذ البداية كي أرحم نفسي من خيبات قد أصاب بها حين أفقد الأحلام و الأمنيات....و اكتفيت بما يحمله لي حاضري اجتهد فيه و أعيشه براحة بال وهدوء...)...صمتت قليلا ثم نظرت إليه بلمعة تصميم على كلماتها الآتية...(لكني كبرت لأتعلم أن من يقرر مصير حياتنا بالفعل هو خالقنا ..... فحولت استسلامي لواقع حياتي الى الاستسلام لخالقي .... ألهمني رحمة بي ....أن ما يريده هو ما سيكون رغما عن أنوف الخلق ... فأصبح استسلامي بعد ان كان مصدر حزن عميق ...... مصدر سعادة وسلام نفسي....لذا...)...عادت تهز كتفيها مكملة بنفس نبرتها الهادئة ...(تعلمت كيف أدع كل شيئ في مكانه الصحيح ... بين يدي الحق ....فلا هم لي سوى أن أعيش ما جاد به من عمر كيف ما يحب ....وأنا أثق في رحمته بي ...و أحسن الظن به ... و الحمد لله و الشكر لم يخيبني أبدا...).... لم يعلم أنه راح في رحلة من السهو في جمال كلماتها إلا حين وعى على تحديقها الحائر. تنحنح ثم تناول من العصير قبل أن ينطق بإعجاب مبطن بنبرته الواثقة ....(أنت محقة ....لذا سأعيد صياغة سؤالي .... ماذا تحبين أن تفعلي بعد المعهد؟؟ ....)... علت الحيرة ملامحها مرة أخرى، فاستطرد يحثها ...(هل تريدين إكمال تعليمك في الجامعة ؟؟؟...أم أنك تفضلين العمل؟؟؟... أم ستكتفين بالبيت ومشاغله ؟؟...حديثيي بما يجول في عقلك ....أحب أن أعلم...).... ارتشفت القليل فعلقت لطخة صغيرة من العصير على طرف شفتيها، و بطريقة ما شغلت تفكيره عن حديثها الذي لم يتنبه إليه فاستفسر ببلاهة، وهو يمسح اللطخة بإبهامه، ليهجم عليه إلحاح ذا مصدر غامض ليقبلها، على مكان اللطخة تحديدا. فتنفس بعمق زاجرا نفسه التائقة، ليركز حواسه التي تخونه في حضرة تلك الفتاة ..(أظن أن العمل لا داعي له في الوقت الحالي على الأقل.... الدراسة أتمنى ذلك ....فالعلم سلطان بيد الحكماء ....)....صمتت بعد فعلته محمرة وأطرقت برأسها تلتهي عنه وعن نظراته التي اختلفت، بالعصير. هم بالتحدث لا يجد ردا على حكمة كلماتها سوى الإعجاب و الرضى، لكن بدلا من ذلك سحب هاتفه المهتز في جيب سترته. ....(أجل سيد فضيل ..... أجل أعلم ....لا ....الملف جاهز للتقديم ...أجل سيدي ....أشكرك ....أجل أعلم ...بالتأكيد .... و عليكم السلام ...). أعاد الهاتف وزفر بتفكير ساهم، فرمته بنظرة قلقة من تغيره المفاجئ، فقد ضم ما بين حاجبيه بعبوس حازم وقست ملامح وجهه. انتزع نفسه من تفكيره لينظر الى التي أمامه فقال مجيبا ريبتها ...(أنت محقة في ما قلته ....فأنا رجل مشغول و سأنشغل أكثر ....لذا من الطبيعي أن أطلب منك الاعتناء بالبيت ...و بأسرتنا التي أتمنى من الله أن يرزقها لنا ....أما عن الدراسة فسهل أمرها ....تختارين تخصصا لا يُلزم الحضور .... حق ...أنا).... أزاح الكأس من أمامه، واستند بمرفقيه على الطاولة مردفا بجدية جذبت جُل تركيزها ....(أنا سأترشح لمجلس البرلمان ..... قد يكون لديك علم بذلك ..... أمامي عمل مضني .... بين كسب تأييد شباب المدينة .... و إقناع كبارها بجدية نيتي ..... مسؤولية كبيرة ملقاة على ظهري ليس حاضرا ....بل منذ أن ولدت بكرا لعائلة آل عيسى ..... )... شد على شفتيه ثم استطرد بمرارة لمعت به بنيتيه ...(و كأن ذلك ليس بكاف.... ليضاف على كاهلي ثقل آخر لا يد لي فيه ....سوى أنني أحمل من لحمه و دمه .... )... نظر في عمق مقلتيها المشفقة، تحمل إليه مؤازرة خفية من قلبها الى قلبه،.... (أنا في وسط مشاكل لا آخر لها .... عمل العائلة ....و الترشح .... وأمورا أخرى ..... لا أعلم حتى من أين أبدأ ؟؟؟....)... هزت رأسها بتفهم لأول مرة في حياتها تجد من يحدثها بجدية و يعتبرها ذات مكانة مهمة، و لمن؟؟ لهذا الرجل الذي يهابه سائر أهل المدينة. قبل يومين فقط لم تكن تتخيل جلوسها معه في هكذا حوار، بل ظنت أنه كالباقي سيعتبرها بلهاء لا تصلح حتى لبناء أسرة، وسريعا ما سيكتشف خطأه و يرسلها الى بيت أهلها، لكن خالقها لم يخيب ظنها فيه أبدا، و ثقتها في حفظه و رعايته، مثْبتا لها حقيقة إيمانها به، و عقيدتها الراسخة....(ابدأ بالله .....)... قاطعه همسها الخافت، فانتبه إليها لتستطرد ....(توجه لله وادعيه من قلبك وفي سجودك في قلب الليل .....ستجد أن كل أمر قد تيسر من نفسه ....)... ابتسم حقا لقلبها النقي يهز رأسه قائلا بمرح وهو قائم ....(أنت محقة مجددا يا حق ...لك حظ وافر من اسمك .....و هذا من حسن حظي)... تبعته متبسمة بخفر، بسمة سريعا ما انمحت حين شعرت به قد عاد لجموده، وانتشر التوتر في الأجواء حولهما، بحثت عن السبب لتجد رجلا في عمر زوجها لكن شتان ما بينهما ، أطرقت برأسها بسرعة وأخفت نفسها خلف إبراهيم، وقد اجتاح شعورا سيئا عمق صدرها، كما شعرت تجاه زوج حفصة....(إبراهيم .......سعيد برؤيتك ...).... قالها مجيد بنبرة متهكمة، مصاحبة لنظرة عدائية مفضوحة أمام إبراهيم الذي قابله بحزم عابس .....(لا أظنك سعيدا برؤيتي مجيد .... وداعا...)....التفت باحثا عن زوجته كي يسحبها من يدها، ليجدها تختبئ خلفه منكمشة، فابتسم دون وعي يتذكر موقفها قبل أيام قليلة، حين اختبأت منه خلف أخيها، وها هو أصبح مكانه كما تمنى داخليا يومها. اسود وجه مجيد من تلك الملامح المستجدة على وجه ابراهيم، ليطرق عقله طارق ألهمه أن الفتاة قد استولت على قلب بكر آل عيسى، ليلعنهم جميعا متذكر وجه شقيقته الباكية، فنطق بحقد.....(ألن تعرفني على عروسك؟؟؟).... أعادها هو تلك المرة خلفه، قائلا بتأهب أسعد قلب الأخر المريض.... (عدم حضورك لحفل زفافي ..لا يعني أنك لا تعلم بتفاصيله .....أم أن ابنة عمك العزيزة لا تنقل لك الأخبار الطازجة؟؟ ..... )...استطرد ببسمة متهكمة باردة...(ففي النهاية هي تسكن في بيتي أكثر مني .....تصور!!!!).... ضحك مجيد بسماجة يستلذ بكل ما يحرق أعصاب غريمه...(على رسلك ....لا تُخِف زوجتك منا ....فقد تظن أن بيننا عداوة ما ....).... أدار حق من الجانب الأخر بعيدا عنه وقال منهيا الحديث، قبل أن يسحبها وهو يحثها الخطى رابتا على ظهرها...(الوداع مجيد....).... انطلق ابراهيم بسيارته معترفا لنفسه، أن أجمل ما اكتشف في زوجته أنها لا تسأل أبدا، لو فقط تبقى على نفس الحال. بينما أنظار مجيد الحاقدة تشيعهما الى أن غابا عن بصره.


يتبع...



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 15-10-17 الساعة 04:22 AM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 03:42 AM   #464

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

مساءا بيت آل طالب..


اجتمع الرجال في ضيافة آل طالب كختام لحفل الزفاف، يتبادلون الحديث في انتظار إمام مسجد المدينة الكبير، كي يلقي بخطبة دينية، بعدها يتلون *الطلبة*(أي طلبة يتعلمون القران لدى الإمام.) آيات من الذكر الحكيم جماعة، فتختم الأمسية بقصعات الكسكس على الطريقة المحلية. أمنوا على دعوات الإمام، ثم حل الصمت في انتظار الشاي بعد العشاء إلا من همهمات خافتة، قاطعها واحد من الشباب قائلا ....(هل حقا ستترشح لمجلس البرلمان يا ابراهيم ؟؟؟)... تنبه ابراهيم لسؤاله فقال برزانة ....(النية حاضرة .... لكن المشيئة لله ...)... هز كبار المدينة رؤوسهم برضى فيهم الصادق و المنافق ، فاستطرد الشاب بنخوة الشباب والغيرة على مدينة ضاعت من حقوق أهلها الكثير، و إن كان في بعض مسؤوليها الصلاح... (وماذا ستقدمه للجبل يا سليل آل عيسى؟؟؟... كل مرة نسمع من الوعود الكثير ...فنسرع بمنح أصواتنا وفي النهاية لا نرى تغيرا ملحوظا ...).... تأهب الحاج زكريا شاعرا بالإهانة، ليرده والده بإيماءة من رأسه، بينما تولى ابراهيم الاجابة بذكاء ....(الجبل لن يخدمه سوى نفسه ....لا نفس واحدة أو اثنتين ....بل كله ....فاليد الواحدة لا تصفق أبدا ....)... ضم الشاب شفتيه من ذكاء رده، وارتخى الحاج زكريا غير قادر على ردع شعور الامتنان وإن أزعجه ذلك. عادت الهمهمات بين الشباب فهمس اسماعيل لأخيه ...(الشباب يئسوا يا ابراهيم ....وهذا يعني امتناعهم عن التصويت ....وهذا ليس في صالحك ....فالكبار فيهم منافقين لا ثقة فيهم .....الانتخابات لعبة قديمة .... يجب أن تتقن فنها يا أخي ....).. نظر اليه ابراهيم فهز رأسه مؤكدا على ما قاله.



أما النسوة ففي الجانب الآخر من المنزل تحديدا في الحديقة الخلفية، حيث قامت الحاجة ميمونة وبعض من صديقاتها بتجهيز خلطة العروس...(حنة وقرنفل و ورد يابس مطحون ...يخلط الكل بماء الورد والماء الدافئ )... أول من يدهن شعرها بالخلطة هي العروس، ثم حماتها و من بعدهما باقي النسوة. وكعادتها هربت الى غرفتها القديمة، تهرب من أحاديث النسوة، وفضولهن المتجاوز الى أسئلة شخصية. لحقتها رواح تضمها من ضهرها قائلة بسرور ....(اشتقت اليك أختي .... لا أعلم كيف سأعتاد على غيابك...)... ابتسمت حق ترد بحنو...(أنا في نفس المدينة ...بل في نفس الحي ....لم أهاجر ...و يمكنك القدوم لزيارتي متى ما شئت ...)... عبست فجأة حين تذكرت المنحل، ثم سريعا ما تجاوزت الأمر تقول ...(ممممم ... ستنشغلين بأسرتك .... ومع حملك الأول ستنسينني رأسا ...)... استدارت إليها حق تربت على جانب وجهها مجيبة بحنو لكن صادق...(أنت أختي حبيبتي ... قد أنشغل كما تقولين ....لكن ستظلين دائما في خاطري وأدعو لك بكل الخير …… كما أدعو لك الآن بالنجاح لكي يوفي أخي ياسين بوعده و يسجلك في الجامعة ....)... هزت رأسها بفرح ترتمي بين ذراعي أختها، فهي بالفعل تشعر بفقد صدر حنون و محب بصدق.
……………………………….

بيت آل عيسى ...

[CENTER][IMG][/IMG]

أراح رأسه الى الخلف على سريره عقله يغوص ويغوص الى أعماق الفكر، سؤال الشاب قد أضاف من حيرته الكثير. كيف سيبدأ برنامجه الانتخابي؟؟..و الأهم هل تكفي رغبته في تخليص الجبال من حثالة القوم من المجرمين و الارهابين ؟؟...ماذا عن رغبات الناس ؟؟ ففي النهاية اهدافه من الترشيح كلها تبقى شخصية حتى لو أفادت الناس؟؟...كيف سيوازي بين حربه الشخصية و حرب أهل الجبل؟؟... وحين يخرج والده من جحره، هو يعلم أنه سيخرجه بما يخطط له، سيكون خروجه صاخبا مصاحب لفضائح قديمة لم تنسى بعد، فكيف سيكون رد فعل الشباب؟؟... هل سيعذرون حسن أخلاقه وعدم شبهه بوالده ؟؟...أم كما العادة سيجدون فضيحة يلتهون بها ويمررون أخبارها ويضيفون عليها ما لا تحمله من أعباء!!.. تنهد وهو يمسح وجهه، لقد ظن أنه بنى لعائلته ما هدمه والده، لكن الناس صعبة لا ثقة فيهم، قد يخذلونك في آخر لحظة. فكيف الوصول إليهم؟؟.. هو أيضا من أهل الجبل يعلم أغلب مشاكلهم، لكن كيف سيقنعهم بنيته في حلها، من أين يبدأ؟؟.. فالعمل على أرض الواقع قد حان وقته، و إن لم يفعل ستضيع عليه الفرصة، وإذا ضاعت صعب جدا أن يجد غيرها. وعى من أفكاره المضنية فالتفت كي يتفقد زوجته ظانا أنها نامت، ليجدها متكئة على شقها المواجه له ترمقه بحيرة. بدأ يعتاد طرقها الغريبة، لكن المريحة جدا في التعامل، هي لا تسأل فقط ترمق بحيرة تُعلمه أنها تشعر به، وتبقى له حرية البوح من عدمها. استدار هو الآخر على الشق المواجه لها، واقترب حتى كاد أنفه يلمس أنفها، فتوترت أنفاسها، وهمت بالابتعاد. لكنه ضمها لتبقى على حالها. ابتسم بهدوء يهمس بحنو...(كيف حال أطرافك ....لازالت تؤلمك؟؟).. أومأت سلبا، فاتسعت بسمته و تحولت لمكر يقول ...(سأتأكد من ذلك...)... ضمها الى صدره بقوة يشد عليها، مستنشقا عطرها الهادئ برائحة الورد الزهري، لم تنئن فأبعدها قائلا بنفس مرحه..(الحمد لله ....أنت أفضل ..)... ابتسمت بخفر فمد يده يتلمس على شفتيها، وسهى من جديد يحل علي ملامحه، عبوس طفيف. رمقته بنفس حيرتها تعلم أن هناك ما يضنيه، لكنها لم تتعود على التطفل، بل تكره الفضول والتدخل في ما لا يعنيها، لكنها حاجة تلح على صدرها أن تعلم ما به هذا الرجل بالذات؟؟.. ليس فضولا أو حتى تدخلا في شؤونه، بل رغبة شديدة في أن تخفف عنه، أن تنزع العبء من على كاهله و تحمله هي. لا تعلم كنه مشاعرها الحديثة، تناقض كل عاداتها وقناعاتها، لما هو بالذات؟؟ لا تعلم من جواب سوى أنه زوجها، تشاركه لحظاته الشخصية التي لا يراها غيرها. بللت شفتيها بفعل ما يفعل بهما ، فوعى على نفسه مرة أخرى. قربها منه يهمس بنبرة معتذرة...(آسف حق .... يجب أن تعتادي على سهوي ...و انشغالي ...فمشاغلي كثيرة ...)... استطرد وهو يربت على خدها بحنان...(بين العمل و الترشح ....لن أجد نفسي مستقبلا ....و أتمنى منك التفهم و المساندة ...)... هزت رأسها بخفة موافقة، فلمس بطرف أنفه انفها مداعبا، حركات تبعث في نفسه سعادة خفية، فهمست حين لمست صلب همومه... (تحمل مسئولية منصب ....مهمة صعبة ....سيكون عليك كسب ود الناس ..... مهمة أصعب )... استغرب من كلماتها، فهو متأكد من ذكاءها، لكن حديثها بتلك الطريقة المراوغة بدل أن تسأل، ......(أجل ....أنها مهمة صعبة لكن ليست مستحيلة...)... صمتت قليلا فلمساته الرقيقة، على بشرة وجهها توترها وتفقدها تركيزها....(هناك مكان في المدينة على قدر بغضي له ....لكنه يعتبر مكانا جيدا للبداية ....لمن يريد الاختلاط بأهل المدينة...)... توقف عن حركاته المشعلة للنار في أحشائه، وأولاها انتباهه مقطبا بحفة لتكمل حديثها...(مكان اجتماع الرجال بمختلف أعمارهم ....هناك تخلق الأخبار ....وتناقش المشاكل كما الأعراض..) نطقتها ببعض السخط، ثم اردفت....(لكن الأهم أن كل ما يناقش هناك يصل للجميع بيوت أهل الجبل ....)... هز رأسه موافقا حين تذكر وكأنه وجد ضالته....(..**إِمِنْ تْحُونَا** ... شارع البقالين ..... تذكرت ...في الحقيقة حق...)... أمسك رأسها بين يديه مستطردا بإعجاب لم يخفيه ...(انها فكرة رائعة .....لا أصدق كيف نسيت ذلك..)... عادت للسخط في ملامحها تقول ...(ليس أمرا نفتخر به ...انه منبع اغلب الاشاعات..)... ضحك وقبل شفتيها، فاحمرت وقال بعدها...(لكننا سنستغل ذلك في خير .....لا مشكلة إذن..)... تنهد مفكر يقول (لم أقصد ذلك الشارع ...منذ أن....)... بتر كلماته لا يريد لأي ذكرى أن تفسد عليه لحظته معها، قربها أكثر وتلقف شفتيها في قبلة طالت حتى قطعت أنفاسهما، فهمس قرب أذنها، وهو يطفئ الضوء...(دعينا من شارع البقالين....و من أهل الجبل كلهم .....يستطيعون الانتظار قليلا...)... أشرف عليها وقد استلت نفسه من رزانتها، تنشد عاصفة حالمة تأخذه في رحلة لزيارة النجوم برفقتها، هي زوجته الغريبة حق.
.....................................


صباح اليوم التالي...

يبدو أن الحاجة إيجة قد اعتادت انتظار ابنها ابراهيم كل صباح يوم جديد، انتفضت من مكانها حين لمحته ببدلته نازلا من على الدرج، تهتف بتوتر أجادت اخفاءه.. (صباح الخير بني .... تعال معي الفطور جاهز..).. قبل رأسها يرد بحيرة ...(صباح الخير أمي ....أطال الله في عمرك)... ابتسمت بتأثر تُصِر على ضميرها أن يعود لنومه فلا وقت لندم أو تراجع عن انقاذ ابنها من بين براتين داهية بلهاء. تلك كانت نتيجة فكرها المنافي للمنطق، جراء تمحيص مضني في كلمات صباح، وما رأته من كنتها البريئة الخبيثة، الذكية الغبية، والساذجة الحويطة. راقبت ابراهيم الى أن أنهى فطوره وشيعته مودعة، لتعود مهرولة وقد تغيرت ملامحها الى قساوة.
فتحت باب غرفة حق دون إذن، ودخلت بخطوات صاخبة تصفق بيديها هاتفة ...(انت يا فتاة ....هيا !!!...قومي!!!...)... انتفضت حق من مكانها تلهث جزعا من الصخب، لتقف جامدة تحاول استجلاب تركيزها بالكامل، تمسح على عينيها الناعسة، والأخرى تهزها من ذراعها تكاد تخلعه من مكانه ...(آخر يوم تنامين فيه الى هذا الوقت ....هل تسمعين؟؟؟...) ....تهز حق رأسها مرات عدة، وملامحها في ذهول...(لن تعودي الى النوم بعد الفجر ....بل تنزلين الى المطبخ.... تجهزين عجين الخبز للفطور و الغداء ....ثم تشعلين النار في الفرن الترابي ... و تخبزين .....هل تعلمت ذلك أم أن ميمونة دللتك ولم تعلمك شيئا ..؟؟؟) ... لازالت حق تومئ مرة سلبا و أخرى إيجابا، لا تمهلها، تهزها بعنف وهي تكمل...(انسي الدلال في بيت أهلك ....هنا أنت من سيخدم....بعد أن تجهزي الفطور ... تنظفين البيت .... لن أعتمد على الخدم منذ اليوم ....لقد سارت لدي كنة ...أريد التباهي بها .... كل مرة ينعتونك النساء أمامي بالبلهاء .... هل فهمتِ يا بلهاء؟؟؟).. أومأت حق وهي تبلع ريقها بخوف، فدفعتها تقول ...(هيا اغسلي وجهك ....وغيري ثيابك!!...).... توازنت حق بصعوبة، وهرولت الى الحمام، ما إن أقفلت الباب، حتى أسرعت إيجة تدس شيئا ما تحت مرتبة السرير، ثم رتبتها جيدا. عادت حق تنشف يديها ووجهها فنظرت الى السرير المرتب بحيرة، لتهتف حماتها مدعية السخط ... (آخر مرة أرتب لك فيها شيئا .... أنت من سيخدمني ليس العكس ....هيا ارتدي ثيابك ....و اتبعيني الى الأسفل...)...لا تعلم حق من جواب سوى حركات رأسها المتكررة بدهشة لا تفارق ملامحها... (ماذا تنتظرين ؟؟...أسرعي!!!...).. سحبت ملابسها بسهو، والتفتت تتجه الى الحمام، فوقفت مكانها حين سألتها الأخرى...(أين تضعين ملابسك الوسخة؟؟؟)... نظرت إليها ترد بصدق ...(أغسلها في الحمام ...و أنشرها في الشرفة...)...(ماذا ؟؟؟!!!)... اهتز بدن حق من صياحها ...(هل تريدين أن تجعلي منا أضحوكة ؟؟؟ ....هناك غرفة كبيرة خاصة بالغسيل ....فيها آلتين لغسيل الملابس ....وأسلاك للنشر ...و طاولة للكي .....أم أنكم لازلتم تغسلون ملابسكم بأيديكم في بيت أهلك؟؟؟...)... نطقتها بتهكم قصد تحسيسيها بالإهانة، إلا أن حق ردت بصدق وهدوء ....(لا ...أمي ....كل ما في الأمر....أن الملابس لم تكن وسخة جدا ...ولا أعلم مكان الغسيل بعد ...أنا آسفة ...لن أعيدها ...)... رفعت دقنها متأملة ثم قالت وهي تنسحب ...(ممممم .... هيا!! استعجلي .... أنا أنتظرك...)... وكذلك فعلت، غيرت ثيابها بسرعة، مرتدية عباءة منزلية مطرزة، وغطت شعرها بشال أحاطت به رأسها بإحكام، فالبيت فيه رجال لا يجوزون لها. ثم خطت مستسلمة لأقدار خالقها الحافظ.
…………………………

مصنع آل عيسى ....

اجتمع مع المهندسين لوضع آخر خطط البدء بالحفر في الجبل الأبيض، لا تخفى عنه نظرة الرفض في أعينهم، فالمنطقة ليست آمنة، تعد مرتع للمجرمين وعملياتهم الغير قانونية. لكنه مجبر، انها أملاكهم كما سيوفر مناصب للشغل، لشباب مدينته.... (على بركة الله ....بما أن كل شيئ جاهز .... سنبدأ بداية الأسبوع القادم...).. نطق أحد المهندسين بما يؤرقهم جميعا...(سيدي ....نحن نخشى من هذه الخطوة ...ليست آمنة..).. هز رأسه وقال مطمئنا...(لا تخشوا شيئا ....لقد نسقت مع الأمن.. سيؤمنون الموقع قبل البدء ..... ليقم كل واحد بعمله جيدا ...هذا ما أطلبه ...).. تلاحقت ساعات يومه ذاك بين مختلف الاجتماعات بخصوص العمل و الترشح، مصمما على النزول الى أرض الواقع، و العودة الى مرتع طفولته و مراهقته ليندمج مع أهل مدينته فهو منهم، وسيظل ولن يفقد تلك الصلة مهما كلفه الأمر.

عاد الى منزله وبحث عن حق التي لم يجد لها أثرا، فسأل عنها والدته التي أخبرته بأنها مشغولة مع النسوة لتجهز له عشاء مميزا، فابتسم مصدقا وغير ثيابه الى جلباب مريح كي يختلط بين شباب مدينته، دون حرج يذكرهم بمكانته التي وضع فيها نفسه مع مرور الزمن، و استغراقه في بناء كيان آل عيسى على أنقاض من دمرها. لمح شقيقيه ومنصف برفقة جده، مجتمعين على طاولة الحديقة فخطى تجاههم، لينظروا إليه مقطبين بحيرة من هيئته التي لم يألفوه عليها سوى في المناسبات.... (السلام عليكم...)... ردوا التحية وأضاف عليها عيسى بفضول ...(الى أين العزم بإذن الله يا أخي ....و بالجلباب .... لقد فكرتني بالذي مضى ...)... ابتسم ابراهيم مادا يده ليربت على عصابة، رأسه الشبابية قائلا...(و ما الذي مضى يا فتى؟؟ ...تتحدث كأنك عشت عمري ....و ذكرى عدوك هنا و هناك بالحفاظة لازالت تراود خاطري .... )...قهقهوا فأجابه عيسى بمكر، متجاهلا الوجوم في صميم قلبه...( أخفض صوتك لا تريد لزوجتك أن تسمعك ...فتظنك من عمر والدها .... أم أنك نسيت أنها قرينتي ...يا حاج ابراهيم...)..أبعد رأسه ضاحكا، بينما حاول ابراهيم فك عصابة رأسه مدعيا الحنق، فتدخل اسماعيل قائلا بفخر، يدرأ به هو الآخر مَرارا انساب في أوردتهم... (عمر ابراهيم لا يُعد بالسنون يا عيسى ....بل بحربه ضد الحياة ....و تغلبه على صعابها ...فبات ذو تجربة وحنكة...)...هز جدهم رأسه بتأكيد يقول ...(أجل ...صدقت يا ولدي .... مع أنه لازال في ريعان الشباب ...إلا أنني أشعر به ... صديقا لي يفهمني حتى قبل أن تخرج الكلمات على لساني...)... قبل ابراهيم رأسه باحترام جم، ثم قال يخبرهم....(أنا ذاهب الى شارع البقالين ....غبت عنه كثيرا ...ففقدت الصلة بأصدقائي ... )... قطب اليافعين أحدهما بفضول والآخر بجهل، بينما ابتسما، الجد عن دراية وإعجاب، واسماعيل الذي وقف قائلا بمؤازرة ...(سأرافقك .... فأنا لم أغب عن المكان كما فعلت ....)... التفت الى عيسى مستفسرا...(و أنت ...ألن تأتي ؟؟)... رفع رجله المكسورة مجيبا بمزاح...(وهذه؟؟ ....ماذا أفعل بها؟؟؟...) ...انصرفوا بعد أن القوا التحية وانصرف الجد بدوره، ولم يبقى سوى الصديقين فقال أحدهما... (ما هو شارع البقالين على أية حال؟؟؟..)
... تنهد عيسى بإحباط، كان يعلم أن سؤاله ذاك قادم ...فقال ..(مدينتنا كان فيها شارع كبيرا واحدا ....فيه تأسست أول محلات البقالة، فكان الرجال يجتمعون هناك بمختلف أعمارهم.... يتناقشون فيها مشاكلهم و يتسامرون... إلى بعد صلاة العشاء... ينصرف كبارهم و يبقى صغارهم الى منتصف الليل.....كبرت المدينة و تعددت الشوارع .... لكن بقي ذالك الشارع بالذات على عادته يجمع رجال المدينة بمختلف أعمارهم ....التغيير الوحيد هو المقهى الذي أصبح يأويهم بدل أعتاب المحلات ....)... جعد منصف دقنه مستوعبا، ثم ابتسم بمرح يهتف ...(ستأخذني الى هناك ....أليس كذالك؟؟ ...)... أومأ مواقفا يقول بتعب ...(أتخلص من هذا الجبس اللعين ...و ألف بك الجبل بأكمله...) ...هز رأسه باسما بحماس انطفأ، ما إن لمح أمرا ما لينظر عيسى الى نفس الوجهة، ويلمح حق تنظف بلور احدى النوافذ ...(تلك الفتاة ...في كل مرة ألمحها اليوم تكون مستغرقة بالعمل في شيئ ما .....أليس من المفروض أنها لازالت عروس ؟؟؟...أو شيئ من هذا القبيل؟؟ )... قطب عيسى يقول بحيرة ...(أليس من المفروض أن هناك خدم ؟؟)... راقبها بصمت امتد للحظة ثم قام عيسى متوجها نحوها ...
زفرت بخفوت تمسح من على جبينها العرق، تشعر بالألم في أطرافها المصابة، فهي أساسا متعودة على الأعمال المنزلية منذ الصغر، لكن الحادثتين و ارهاق العرس قد أنهك قواها. تستغرب أوامر حماتها، وكأنها تتعمد أن تغرقها في الشقاء، لا تدع مهمة إلا وتأمرها بقضائها. بداية بتوضيب المطبخ، ثم تنظيف وكنس سائر غرف النوم، و الصالونات، والأرضيات. وحين انتهت بدأت مسيرة المسح، الطاولات، الديكورات، والآن النوافذ. لا تمهلها لترتاح ولو قليلا، حتى الصلاة تستعجلها فيتأثر خشوعها. كل ذلك تحت أنظار الخادمتين المشفقة. لدرجة انهما حاولتا مرار مساعدتها حين تغيب حماتها، لكنها لا تقبل، حياء منهما، فكيف تُظهر حماتها بصورة سيئة؟؟.. تحسب بادعائها الموافقة على أوامرها، أنها تُحسن من صورة الوضع الظاهر للأعمى. الأمر الوحيد الذي سمحت به لاحداهما إعفاءها منه، هو كوب العصير الصباحي. ....(حق؟؟؟)... التفتت مجفلة لتجد عيسى يستطرد بقلق ...(ألا يكفي ما قمت به من أعمال البيت ؟؟؟.... أطلبي من الخدم مساعدتك ...لا تتعبي نفسك...)... أطرقت بخجل لتنتفض على هتاف حماتها الساخط..(عيسى !!!!)... نظرا إليها ومنصف الذي لحق بصديقه، يراقب الوضع بريبة...(ماذا تريد منها؟؟ .....لا تشغلها عن عملها ... النهار على وشك النفاذ ...)... تحدث عيسى بدهشة من تصرف والدته إن لم يستغرب فصولها بالكامل....(أين الخادمتين أمي؟؟؟)... تخصرت مقتربة منه تهتف بانزعاج... (في عطلة ....لقد تعبتا من كثر العمل أثناء العرس .....و ما دخلك أنت في شؤون النساء؟؟؟... هيا رافق صديقك الى الصالون ...سأحضر لكما الشاي و الحلوى ..).. انصرف بحرج عابس، ومنصف يهمس بصدمة...(ما بها والدتك؟؟؟ ....لقد انقلبت الى حماة بدرجة أولى ....يا إلهي.... اشفق على زوجة أخيك ...إنها ترتجف كأرنب مذعور..)... زفر عيسى بنفاذ صبر يفكر إذا ما كان الأمر يستحق التدخل، أم كما قالت والدته، مجرد شؤون النساء.
أما المعنية فقد اقتربت من حق تهمس بغل ...(أكملي النوافذ ....ثم اذهبي الى المطبخ كي تجهزي العشاء ....و ليكن في علمك.... لن تأوي الى غرفتك حتى يتعشى الجميع ....و تغسلي المواعين ....ولن تخرجي من المبطخ إلا وهو يلمع نظافة.... فهمتِ؟؟؟ ...لقد صرفت الخادمتين لبقية النهار)..... تغيرت نبرتها الى التهكم الساخر وهي تردف ...(مسكينتان ....تعبتا من العمل ....)...أومأت حق بتأكيد جزع، فعادت الى القسوة مجددا تهتف بتحقير متعمد، قبل أن تنصرف...(لا تتسامري مع الشباب ... إن رأوك الخدم أصبحنا علكة في أفواه النساء ....و إن رآك إبراهيم سيقتلك ...)... جحظت مقلتي حق وعادت تمسح بذمة، تحاول الإسراع كي تختبئ في المطبخ، فلا يراها عيسى او منصف فيحاولا التحدث إليها.



يتبع ....



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 15-10-17 الساعة 04:38 AM
**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 03:52 AM   #465

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

شارع البقالين ....



لفت وصول ابراهيم مع شقيقه الى المقهى الكبير الممتد على طول نصف الشارع تقريبا، سُمي كنية باسم الشارع نفسه فأصبح ..مقهى البقالين... انتباه جميع الحاضرين، لمح الأخير بعضا من أصدقائه القدامى يجتمعون حول طاولة في الزاوية، من بينهم الدكتور أمين وياسين الذي قام من مكانه مندهشا، وصافحه كما فعل الباقي معه و شقيقه من بعده. اتخذ كرسيا بينهم وبجانبه شقيقه على يمينه و ياسين على يساره، تحدث أمين يسأل بمجاملة مرحة....(كيف حال السيدة يا ابراهيم ؟؟)... نظر اليه ياسين باهتمام فأجاب بحزم مقتضب، ظهر على نبرته، كأنه يرفض الحديث عن زوجته أمام العلن...(أفضل ....الحمد لله ...شكرا لك )... تبادلوا بعض الأحاديث كالسؤال عن الحال و الجاري تداوله عادة، ليسأل ياسين بفضول ...(ليس من عادتك القدوم الى المقهى ....لم نرك منذ متى؟؟؟)... ضم شفتيه مستجلب ذكراه، فتدخل طارق صديق طفولة آخر يتذكره جيدا، وهو يرمقه بلمعة خصه بها...(منذ أن أنهينا الثانوية ....فقدناك ولم نجدك بعدها ...)... قالها بغموض التقطه بذكاء وأجاب ....(لم أكن بعيدا جدا يا طارق .....و الدليل ...مبارك عليك ترقيتك ...يا حضرة المفتش ممتاز .... أنت بالفعل فخر للجبل في الشرطة ...) ...انتفخت أوداجه بفعل المدح، و إن كانت نبرته لم تخلو من صرامته...(شكر لك ....أنت بالفعل لم تكن ببعيد ....لكن هذا لا يمنع ...أن تخبرنا بسبب عودتك ...)... ضحكوا بمرح حين قال أمين وهو يدفع طارق بخفة ...(على رسلك يا رجل ....إبراهيم ليس أحد المتهمين لديك ....عادة سيئة ..)... ضحكوا فقال ابراهيم بصراحة، لن يتصف بالرجولة إن هو أهان ذكاءهم، فجلهم يعلمون بقضية ترشيحه كما أحداث حياته كلها،... (حسنا ...أنا لن أخفي عنكم شيئا ....نويت بإذن الله الترشح ....وحين فكرت في برنامجي لم أجد سوى هنا لأبدأ به ....لأكون صادقا ....كانت نصيحة من شخص مقرب ..)... أحجمهم صدقه و احترامه لذكائهم، فكانت بالفعل خطوة أولى، لذا هتف طارق بمرح ...(نصيحة ذكية..... أحضر الشاي يا ولد .....مُشَحَّر وبنعناع .... على حسابي بمناسبة عودة الصديق الضال ...)... عادوا للضحك فلمح ابراهيم الشاب الذي حاول إحراجه بالأمس في بيت آل طالب، يرمقه بنفس الرفض و السخط. أشار له مناديا، فقطب بحيرة، وأومأ له مؤكدا. قام من مكانه وجلب كرسيا ودعاه ليجلس تحت أنظار الشاب و أنظار البقية المريبة. فجلس على اية حال، فعل ابراهيم المثل ثم قال بجدية ...(بالأمس شعرت بسخطك على المسؤولين .....تفضل ...أنا أعطيك فرصة للتعبير ... ما هي أفكارك لتحسين مستوى معيشة المدينة ؟؟ ....أنا أسمعك ...)... حل الصمت في المقهى بأكمله، حتى أن أحد النُّدَّل خفض من صوت شاشات البلازما، نظرا لأهمية الموضوع. تنحنح الشاب بجزع أثار اشفاق ابراهيم، الذي استطرد ليخفف من توتره ...(أنا لن اكذب عليكم.... أريد دعمكم... و باقي شباب المدينة فهم الفئة الأكبر... هدفي الأهم....) تلكأ قليلا ثم أكمل بعد ان شعر بربته تشجيع من أخيه ....(محاربة مجرمي الجبال من حولنا ....أنتم أعلم بالنظام و الأمن .... إن لم تكن ذا نفوذ واسعة .... تُحَدّدُ الإمكانيات و يُسقط باليد .... لكن هذا لا يمنع.... أن أبحث خلف مشاكل أهل مدينتي ....لأرتقي بها الى الأمام...وها أنا ذا بينكم ....أريد أن نتناقش..... نتجادل ...حتى نصل الى نتيجة مريحة لكلا الطرفين ....)... هزوا رؤوسهم موافقين حديثه المنطقي، فقال الشاب متشجعا ...(أول أمر يقض مضاجعنا ...هو الماء يا سيد...)... قاطعه ابراهيم مصححا ...(ابراهيم فقط ....يا ...)... ابتسم الشاب برسمية يستطرد...(اسمي محمد ..... الماء يا ابراهيم ....الذي نشربه ذا رائحة نفاذة .... أرهقنا الصراخ و الاستنكار ....وعود و عهود لا نفع منها ... حتى لجأ الميسورين الى حلول أخرى كشراء ماء الشرب او تركيب المصافي ....لكن يبقى عامة الناس و المعوزين ...وكأن الفقر أو الجري خلف لقمة العيش لا يكفيهم كي يتحملوا أعباء الأمراض....) ..... علت صيحات الموافقة، فرفع ابراهيم يديه مشيرا ليعم الهدوء، قائلا ....(جيد جدا... اذن سنبدأ بالماء ..... )... تحدث الشاب بحزم يهتف ...(اعمل على تغيير الماء الفاسد ....و نحن خلفك في أي شيئ تريده ....)... التفت الى أصدقائه وكأنه ينشد منهم التأكيد، فأومأوا بصمت، أعلمه أن المهمة لن تكون سهلة، لكن لا ضير من المحاولة من أجل مدينتهم .
....................

بعد صلاة العشاء ...

عاد الى البيت برفقة شقيقه ينشد الراحة، ولا ضير من استكانة بين ذراعي زوجته الحنون، وهي تتمتم كعادتها بالذكر أو القران. لكنه لم يجدها في غرفته وحين سأل أخبرته والدته، بأنها تساعدها في المطبخ بسبب غياب الخدم. تأمل رؤيتها أثناء العشاء لكنه أُحبط حين لمح منصف. أنهى عشاءه الذي لم يخلوا من مناقشة ما حدث في المقهى، مما أسعد جده ومنحه جرعة للأمل. ثم عاد الى غرفته منتظرا اياها حتى غفى من تعبه.
منحت المطبخ نظرة شاملة، لتتأكد من نظافته، ثم تلفتت تبحث عن حماتها، لتعلمها بإنهاء مهامها، تنفست براحة حين لم تجدها، تفكر أنها اخيرا ملت و يئست منها، فأسرعت الى غرفتها غير مصدقة أن اليوم انتهى أخيرا. دخلت بهدوء، غيرت ثيابها وتعطرت، ثم آوت الى الفراش بعد أن تأملت زوجها الذي اشتاقته، طوال اليوم لم تلمحه، افتقدت حديثه معها، مداعباته وملاطفاته. جمعت كفيها تتلو أذكار النوم، فراحت في سبات عميق، قبل حتى أن تنهي نصفها. أيقظه عطرها الهادئ، فتفقدها متلمسا خدها الناعم، لاحظ شحوب بشرتها، فأرجع ذلك الى تعبها في مساعدة والدته، أشفق عليها فقبلها بخفة ، يهمس بحنو...(لا مشكلة....الخادمتان ستعودان غدا بإذن الله ... لن تتعبي نفسك بعدها..)... حط برأسه على مخدتها يأخذ من أنفاسها، فيشعر بدفء يلفه، كنسيم من الجنة. ليتنهد بسلام نفسي لا يجده إلا بجانبها.
فتح عينيه مجددا على رنين المنبه في هاتفه، تذكر زوجته فالتفت إليها ليجدها لاتزال نائمة، فربت على وجهها بحنو، مستغرب من عدم قيامها قبله كما فعلت في اليومين الماضيين. رفرفت بجفنيها تئن بتعب، فهمس باهتمام...(حق ....أنت بخير ؟؟؟... هل تتألمين؟؟؟)... فتحت مقلتيها فاستقامت جالسة، بينما يشعل الضوء، تهمس بوهن...(أنا فقط تعبة ....لا شيئ مهم ...)... تحدث بريبة يقول...( أمتأكدة أنت ؟؟..وجهك شاحب...)... نظرت اليه مبتسمة ترد بتأثر ...(أنا بخير لا تقلق .... تفضل وتوضأ ...لتلحق بالصلاة..).. هز رأسه، ثم انصرف ليتوضأ. اتكأت على ظهرها تنشد لحظة إضافية من النوم، تشعر بأطرافها تهشمت بكاملها، لكنها اهتزت مع خروج ابراهيم من الحمام، فتنهدت تدعو ربها أن يعينها على أيامها القادمة...
عاد ابراهيم من صلاة الفجر يُسِر في نفسه أمنية، أن يجدها مستيقظة، يريد التحدث معها قليلا قبل أن يبدأ نهاره بمشاغله الكثيرة، كما يتلهف الى اخبارها بآخر تطوراته، ولا يعلم لذلك من سبب. هجم عليه الاحباط بظله الثقيل حين لم يجد لها أثرا في غرفتهما. فتوجه الى الطابق الأول للبحث عنها، ليجد والدته في وجهه تقول ببرود...(دعها تساعدني يا ابراهيم ....ما بك ...لم تعد تقوى على بعدها ؟؟؟!!!) ...انتابه الخجل أمامها فقال بحزم وهو ينصرف... (أعيدي الخدم أمي ....لا تتعبيها كثيرا ...ولا تتعبي نفسك أيضا...)...مصمصت شفتيها بسماجة تهمس بغل... (ممممم .... يا رقيق القلب ....منذ متى ؟؟....لقد سحرت عقلك البلهاء... لكن دواءها بحوزتي ....و سنرى ...)... تذكرت على سيرة الدواء، فشهقت تستطرد...(نسيت الدواء.... أوووف ... كَثُرَت المشاغل بقدوم هذه الفتاة ....).

تراقبها شَمّة بشفقة، الفتاة لم يجف حناء عرسها، بعد على بشرتها، وشعرها، عالقة وسط قصعة عجين ضعف حجمها، هي بنفسها لا تقوى عليها لوحدها، بل تساعدها ابنتها نجمة. ما هذا الذي تفعله الحاجة إيجة؟؟...لم تكن يوما منعدمة الرحمة، لكنها سلمت أذنيها لشيطان، وستندم كثيرا حين لا ينفع الندم، فالظلم ظلمات يوم القيامة، و دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. حاولت من جديد تقترب منها قائلة بإشفاق...(يا بنتي دعيني أساعدك .... أشعر ان يديك ستنكسر ... بل أرى العجين سيبلعك ....)...(ولما سيبلعها يا شمة ؟؟؟) ... خطت إليهما إيجة، تستطرد بسخط والعصير اليومي بيدها... (لم أسمع يوما بالعجين يبلع أحدا .... أم أنك كبرت وخرفت يا امرأة ....)... ردت بنبرة ذات معنى، فشمة وإن كانت خادمة في بيت آل عيسى منذ الصغر، أصبحت لها مكانة بينهم، ويحترمونها... (لا أدري من كبر و خرف ...يا حاجة !!!!...الفتاة لازالت عروس لم تكمل الأسبوع بعد .....لم يسبق لي أن رأيت عروسا ...تعمل قبل انقضاء أسبوعها الأول... بل لم أرى في هذا البيت بالذات....عروس تعمل على الإطلاق من قبل ...).... شهقت إيجة بادراك لمعنى حديثها، فامتنعت عن الإجابة، وهتفت في وجه حق قبل ان تنصرف وهي تحط بكأس العصير أمامها...(أنهي العجين واشربي هذا ....لا تستمعي لأحد ...وتذكري أنني أنا حماتك هنا ...)... توقفت قرب باب المطبخ ثم أردفت بحنق ...(ها أنا ذا .... اهتم بها... احرصي على أن تشرب العصير...وأبقي أنفك الفضولي بعيدا عني ...)... غادرت فأومأت شمة بيأس، واقتربت من حق تهتف بحزم...(يكفي!!!... )...قارنت قولها بفعلها وهي تنزع القصعة من أمامها مردفه ..(العجين جاهز ....دعيه يرتاح ....و اريحي يديك أيضا ....وتناولي ذلك العصير ...)... غسلت يديها بهدوء ثم التفتت الى الموقد تضع الماء لتصنع الشاي، فقالت شمة بحيرة ..(ماذا تفعلين يا حق؟؟؟..) ...ابتسمت في وجهها فشعت نورا أصاب قلب شمة في مقتل، فأحبتها دون سبب...(سأجهز الشاي ...بينما اترك العجين ليرتاح...)... بادلتها البسمة بحنو ترد ...(و ماذا عن العصير؟؟ ...ألا تشعرين بالعطش؟؟ ...)... تكمشت ملامحها باشمئزاز ترد بخفوت...(لا أحب العصير في الصباح....) ...ضحكت شمة وهي تأخذ الكاس وتجرعته مرة واحدة، ثم قالت تلاعب بحاجبيها...(انتهى أمر العصير ....).... وفي تلك اللحظة ابتسمت حق بصدق أظهر نواجدها.
.............................


بعد أسبوع ...

مصنع المرابط...



مستغرق في عمله كعادته، ينتظر مستخدمه كي يجتمع به، ليستوضح أمورا أصبحت تشغل باله في العمل مؤخرا، شُحنات تتأخر، عن مواعد تتغير بأسباب غامضة. لم يصل في تحقيقه الى شيئ واضح، لذا قرر إخبار الحاج زكريا بشكوكه كي يخلي ذمته. علا رنين هاتف المكتب فرد بشكل موجز، ثم وافق مخاطبه على طلبه. جمع الملفات أمامه يؤجلها الى حين استقبال شخص ما طلبه بالاسم. دق الباب فهتف بالإذن بعد أن رفع رأسه ليلمح فتاة لم ينسى هيئتها المنكمشة و المتأهبة كما الملامح عنوان الحزن و الأسى. تقدمت على استحياء و توجس، و الكثير من الخجل، ظلت طوال الأيام الماضية تفكر في حل، حتى يئست واستسلمت، و كلها أمل أن يضيف إليها عملها قليلا من القوة. وقف لا يعلم لما؟؟..وأشار لها كي تجلس قائلا ...( حفصة ...صديقة شقيقتي وزميلتها في العهد ....أليس كذلك ؟؟؟).. أومأت بخجل، فاستطرد باسما وهو يلتقط السماعة الداخلية...(عصير أم شاي؟؟)... أومأت رافضة فطلب رغم ذلك ...(كأسي شاي من فضلك ...)... صمتت بتلبك تفرك كفها الحرة بمعصم الأخرى الممسكة بالملف ...(بماذا أخدمك يا حفصة ؟؟؟)... بلعت ريقها ورفعت الملف تمده إليه قائلة بحياء ...(أنا أبحث عن عمل ....أخبروني أنكم في حاجة الى عمالة ...)... أومأ بتفهم وفتح الملف متفحصا فتذكر شقيقته حق التي لم يرها منذ زواجها، حتى يوم علم بنجاحها لم يستطع زيارتها، لكنه اتفق مع ابراهيم على زيارة قريبة . ...راقبته بتوتر تسترجع تهديد زوجها إن لم تحصل على العمل، فتوسلت لربها في صلاتها كي ينعم عليها بالخلاص، كيفما كان، تحدث برسمية يقول .....(مبارك عليك نجاحك في المعهد ... نحن بالفعل نحتاج لعمالة في الادارة .... و طبعا لا يمكنني رد صديقة لحق ...خصوصا إن كانت الوحيدة... لكن سنعتبرك تحت التمرين لشهر ...بعدها تعملين بشكل رسمي بإذن الله ....ما رأيك؟؟؟)... تبسمت دون وعي تهتف بلهفة ...(حقا !!!)... خطفت بسمتها نظرة من نظراته، فاستغفر سرا متذكرا زوجها، ثم قال بتأكيد ...(أجل سيدة حفصة ....يمكنك البدء من الغد بإذن الله ...)... لم تلحظ رسمية تعامله واضافة لقب السيدة، وقامت تخم بالانصراف شاكرة ...(أشكرك سيدي ....جزيل الشكر ...) ...ابتسم مجددا لارتباكها و أجابها مودعا.....(أراك غدا إن شاء الله ...)... غادرت بينما هو تجمد مكانه للحظة يراقب الباب الذي اختفت خلفه، ليعي على رنين الهاتف، وعاد ينغمس في عمله المعتاد.
............................


إبراهيم منغمس في استعداداته لمشروعه الجديد و ترشيحه، فغرق بين اجتماعات في مصنعه و في المقهى مع الشباب الذين استرجع علاقته مع أصدقائه منهم، وتعرف على آخرين أعجبوا بشخصية الرزينة الحازمة. فلم يجد وقتا ليبحث خلف غياب زوجته المستمر، لا يكاد يراها، يغفى قبل انضمامها اليه على سريره وتغادر قبل ان يعود من الفجر. اشتاق إليها يكاد ينفجر من غضبه كلما أرادها لا يجدها، وحين يهم على توبيخها تثير شفقته على وهنها و شحوب بشرتها الذي بدأ يقلقه، لولا أهمية المشروع الذي سيبدأ يومه ذاك، لكان أولى اهتمامه لما يحدث معها تاركا العمل و سائر مشاغله خلفه....(لا تقلق يا ابراهيم ....كل شيئ جاهز ..أمنا الموقع بأكمله ...)... التفت الى صديقه طارق الذي طلب منه تولي مهمة تأمين الموقع، مستغلا رغبته الحارقة في القبض على المجرمين الهاربين من العدالة يحتمون في الجبال، ...(شكرا لك طارق ....انا ممتن لك ... لدي شعور سيئ.. ..لا أعلم لما؟؟... وبدأت اندم على المشروع الجديد ....لا أريد توريط اناس في مصائب لا دخل لهم فيها...)... هز رأسه ثم قال بغموض لمعت له مقلتيه الحادتين ...(دع لي أمور تأمين الناس ....و اهتم أنت بالعمل... ألا يقولون لكل علم أهله ؟؟؟)... رد وهو يربت على كتفه بامتنان ...(أجل ...صدقت ...)... صمت طارق للحظة يفكر فيما يريد السؤال عنه مترددا فحثه ابراهيم ...(اسأل يا طارق ...)...نظر إليه بتصميم يريد سبر أغواره قائلا ...(إذا قبضنا على والدك يا ابراهيم ....ماذا سيكون موقفك ؟؟؟)... شد على شفتيه حتى ابيضتا كقبضتيه القوتين، لا يتحمل اهانته في والده، مهما تعلم وتدرب. يكره على قدر كرهه لما لحق بهم من مهانة. استجمع قوته الكامنة في سائر أطراف جسده، ورفع دقنه قائلا بجدية غاضبة... (لا والد لي يا طارق .....لقد مات منذ اختار طريق الظلم و الإجرام.... ومن ستقبض عليه ليس سوى مجرم سيلقى عقابه العادل ...)... ارتخت ملامح طارق، وربت على كتفه بمؤازرة خفية ...(لا تقلق ....كل شيئ سيكون بخير)...
...........................

مساءا ...
بيت آل عيسى ....

نفذ صبره وهو ينتظر عودتها الى غرفتهما بعد العشاء، فحزم أمره وذهب يبحث عنها. توجه الى المطبخ رأسا ليجدها تغسل أكواما من مواعين الألمنيوم. اقترب منها مرتابا وهي منهمكة في عملها، لم تلاحظ حتى دخوله عليها. تحدث بحنق حين لاحظ أنها تغسل المواعين المخزنة التي لا يستعملونها بشكل يومي ...(ماذا تفعلين يا حق؟؟؟)... اهتز بدنها وانزلق القَدْرُ من بين يدها محدثا صوت اثر ارتطامه بحافة المغسل، فاسرع مقتربا يهدئ ارتعاشها ...(أهدئي ...لا تخافي ..)... تنفست بعمق تمسك أعلى صدرها، ليلمح احمرار كفيها، وبعض الخدوش المتفرقة، ليمسكهما بين يده متفقدا يسأل بلهفة ...(ما بهما يديك ؟؟... هل تؤلمانك؟؟)... نظر إليها ثم الى المواعين مردفا بعدم تصديق ...(وكيف تعملين بهما وهما بهذه الحالة ؟؟؟... ثم ...ماذا بحق الله تفعلين في المطبخ في هذه الساعة؟؟ )... همت بالرد فتدخلت والدته تقول بإشفاق مزعوم ...(أخبرها يا ولدي .... تعمل طوال الوقت ...لا تريح نفسها أبدا ....بدأت أظنها مصابة بالوسواس القهري ....ترى كل شيئ وسخ... أتصدق هذا يا بني؟؟؟... بيتي أنا وسخ ...)... ثم ذرفت دمعتان تردف بحزن متقن الادعاء ...(نصحتها وحين تعبت ....تركتها تفعل ما تشاء ...ففي النهاية هذا بيتها الآن...و المتصرفة فيه ....أنا كبرت ولم أعد أقوى على ذلك...)... ارتبك ابراهيم لا يستطيع التصديق وهو ينظر الى حق المتسمرة مكانها بملامح فارغة، لا تنم عن شيئ وكأن الموقف لا يخصها بالمرة، ثم عاد الى والدته الدامعة يقول بوجوم ...(ماذا تقولين أماه؟؟؟... أسأت فهمها هذا أكيد .... أدامك الله فوق رؤوسنا ....لا بأس ...اذهبي لترتاحي أماه ....تصبحين على خير...)... كفكفت دموعها المزيفة و انصرفت تخفي بسمتها الماكرة، بينما التفت الى زوجته الجامدة مكانها يقول بحزم...(اغسلي يديك برفق واتبعيني .... ).. غسلت يديها تكتم أنين ألم، ثم تبعته الى غرفتهما، ألتقيا بمنصف خارج من غرفة عيسى متوجها الى غرفته، فقال بمزاح لا يعلم أنه الشاهد الذي ساقه الله إليهما دون جهد ...(و أخيرا يا حق وجدت منقذك ...من بين براثن عمتي ..) ... وقف مكانه قائلا لحق وهو يشير الى الدرج ...(اسبقيني يا حق ..)... أطاعته باستسلام، ثم سأل منصف يحاول ادعاء المرح ...(ماذا تقصد يا منصف؟؟ ...لم أفهم طرفتك ..)... ضرب منصف على أعلى صدر ابراهيم بخفة يجيب بنفس المرح ...(عمتي تحولت الى حماة ... كاللواتي نراهن في الأفلام .... وزوجتك المسكينة تذكرني بالسند ريلا ...طبعا قبل أن تجد أميرها المنقذ الوسيم ...)نطق آخر كلامه غامزا يقصده، ثم انصرف ملقيا تحية المساء. رفع رأسه متنفسا بعمق، صدق شعوره تجاه الموضوع برمته، وهو الذي ظن أن المشاكل ستكون من زوجته، لتصبح والدته أكبر همومه. دخل الى الغرفة فلمح استكانتها على السرير، جفنيها يتثاقلان بتعب، جلب مرهما و جلس جوارها، متلقف أحدى كفيها يضع عليها المرهم برقة قائلا بحنو...(حديث والدتي كله كذب ...أليس كذلك؟؟...)...حدقت به بتوتر، وأومأت بتوجس، فزفر بأسى يستطرد... (لما لم تخبريني؟؟؟... تلميح فقط ...كلمة ...)...بلعت ريقها ثم قالت بخفوت ...(أنت قلت ....والدتك خط أحمر ....و أنك مشاغلك كثيرة ....لا تحتاج لأخرى ...ثم أنا استطيع تحمل أعمال البيت ...)... (الى متى؟؟؟.... انها أعمال شاقة.... مستمرة طوال الوقت ....لن تشعري حتى تقعي بسبب التعب ...ألم تلاحظي شحوب وجهك ؟؟؟).... صمتت فوضع المرهم جانبا حين انتهى، ثم حل طرحتها و أزالها، واستلقى جوارها يضمها إلى صدره، قائلا بحزم ...(سأحل الموضوع .....أمي تريد اللعب ...فاليكن ...)... رفعت رأسها ترمقه بحيرة جزعة، فضحك ثم قبلها على شفتيها يقول ...(لا تقلقي ....سنجاريها فقط ....ألم تنعتك بالوسواس القهري؟؟؟.... سنبدأ إذن بالعلاج ....و سنستعين بطبيب النفوس ...الذي يقطن الغرفة في آخر الرواق ...)... ابتسمت بحياء فعاد يقبلها، ويضمها بشدة، ثم مال على صدرها هي كي تضمه بطريقتها الحانية، وانصت لذكرها الى أن غفى كلاهما.
لم تكد تنقضي ساعات الليل حتى انتفضت حق من نومها جزعة، فاستيقظ هو الآخر على لهاثها، أنار الغرفة ثم أمسكها من ذراعيها يهتف بخوف بلغ مداه من بياض وجهها، يحاكي شحوب الأموات...(اهدئي ...حق ....ما بك حبيبتي ؟؟؟) ... نظرت إليه بصدمة أنستها جزعها من حلمها البشع، دون أن تستطيع تمالك لهاثها، فوعى على نفسه مستغرب من الكلمة التي خرجت بآلية كأنه معتاد عليها، لكنه تجاهل الأمر يحثها على التحدث ...(هل كان حلما مزعجا؟؟) ...تاهت بمقلتيها متذكرة، فقالت بنبرة لأول مرة تعلو بشكل طفيف على خفوتها المعتاد ....(الجبل الأبيض.... هل تركتم أناس هناك ...أم أن الجميع عاد الى بيته؟؟؟؟) ...انقبض قلبه محدقا بها بدهشة تشوبها الريبة ،ليجفلا على رنين هاتفه. نظرا الي الهاتف كأنه أفعى سوداء سامة، ثم تناظرا فيما بينهما بنفس الجزع، فنتشه ابراهيم نتشا يرد بقلق بالغ ...(طارق !!!!!)... أنصت لبرهة ثم قال بغضب احمرت له قسمات وجهه ..(أنا قادم .....حالا ...).... رمى الهاتف تجاهه الحائط بقوة، فتشتت الى قطع، مما أضاف المزيد الى ذعر حق ، التي تكمشت على نفسها. سحبها يضمها بشدة هامسا بغضب حارق ....(لا تخافي ....عودي للنوم ....أو قومي وصلي ....وادعي الله لي بالصبر ....لأن نيتي الآن هي القتل فقط ....)... دفعته لتنظر اليه، لكنه لم يسمح لها مردفا بعذاب تشبعت به نبرة صوته الأجشة...(إن وجدته أمامي ...سأقتله .... فهو الحد الذي يستحقه .... لا أحد غيره فعلها ....لقد فجر الموقع بأكمله ......).



و أستغفر الله العظيم و أتوب إليه
انتهى الفصل بحمد الله .... و هو طويييييل ... فلا تنسوني من صالح دعائكم ....و لا ضير من ليكات و كلمة ولو واحدة ...تعبر بها عن رأيك ...احبكم في الله ...


**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 09:13 AM   #466

Meso antar

? العضوٌ??? » 389498
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 334
?  نُقآطِيْ » Meso antar is on a distinguished road
افتراضي

أحبيبتي ياحق قطعتي قلبي عليكي
لازم تتبهدل حماتها الكرنيبه وتنكسر عينها وصباح هلي نفسي اقتلعا ما احيونها
اما ابراهيم هو الححب 😍😍😍😍


Meso antar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 09:26 AM   #467

Heba Atef

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Heba Atef

? العضوٌ??? » 360933
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 937
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Heba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond reputeHeba Atef has a reputation beyond repute
?? ??? ~
سلامٌ عَليكـ افتقدتُك جِداً وَعَلىّ السَّلاَم فيما أفتقدَأحبكـ أبـي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اخيرررررا رجعنا نستهل اليوم بجمال خط ايديك ♥♥

صبااااااح العسل با منووون .... الفصل النهارره ولا اروع
نفسي اجيب ايجه من شعرهاااا ... بس اخلص شغل وارجعلها ابهدلها اصبري عليا


Heba Atef غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 09:33 AM   #468

الجميله2

? العضوٌ??? » 315137
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 2,977
?  نُقآطِيْ » الجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond reputeالجميله2 has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي وجزاك الله خير على الفصل الجميل جدا

الجميله2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 09:50 AM   #469

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

الروايه ايجه ديه لا أعتقد أن لقب حجه يصلح ليها يانهارها ألوانه مضلمه زي عقلها ايه ديه هه ايه ديه بجد ديه مجنونه
الله يعينك يا حق
ويسعدك يا عزيز 😡 علي ايلي بتعمله في مراتك


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-10-17, 11:13 AM   #470

ندى المطر

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377861
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,332
?  نُقآطِيْ » ندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل طويل ممتع جدا
احزنتينا على حق.. فهي انسانة مسالمة مستسلمة بنفس راضية لقضاء الله وقدره.. استطاعت زرع محبتها في قلب ابراهيم دون مجهود يذكر بسبب طيبتها واخلاقها
ايجه .. بعض الامهات والحموات لا يخافون الله .. كيف تؤذي زوجة ولدها بهذه الطريقة .. للاسف الجهل هو المحرك الاساسي لتصرفات بعض الاشخاص

ابدعتي ..


ندى المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.