آخر 10 مشاركات
أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          للقلب رأي أخر-قلوب أحلام زائرة-لدرة القلم::زهرة سوداء (سوسن رضوان)كاملة (الكاتـب : زهرة سوداء - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          أغلى من الياقوت: الجزء الأول من سلسلة أحجار كريمة. (الكاتـب : سيلينان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-12-20, 10:11 PM   #1621

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور فى انتظار الطيف يانيمو

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-20, 11:17 PM   #1622

MerasNihal
 
الصورة الرمزية MerasNihal

? العضوٌ??? » 410863
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 252
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » MerasNihal is on a distinguished road
افتراضي

يسعد مساكم
تسجيل حضور
في إنتظار الأستاذة
والطيف ال20⁦♥️


MerasNihal غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-20, 11:36 PM   #1623

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير تسجيل حضوررررررر

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 12:04 AM   #1624

جويرية احمد

? العضوٌ??? » 443744
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 170
?  نُقآطِيْ » جويرية احمد is on a distinguished road
افتراضي

في فصل النهارده ولا ايه ...تسجيل حضور

جويرية احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 12:26 AM   #1625

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الطيف لاحلى نيمو

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 01:29 AM   #1626

فاطيمه 2000
 
الصورة الرمزية فاطيمه 2000

? العضوٌ??? » 382105
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » فاطيمه 2000 is on a distinguished road
افتراضي

هو فى فصل النهارده

فاطيمه 2000 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 01:33 AM   #1627

ام يوساب

? العضوٌ??? » 472166
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » ام يوساب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل يا نيمووووو محتاجين احداث تدفى الساقعة اللى الواحد فيها💕💕💕

ام يوساب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 01:51 AM   #1628

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف العشرون
=====
_اريد أن أرى أولادي!

أخيراً يسمع ريان صوتها بعد أيام طويلة من الصمت قضتها هنا في المشفى ..
ليتفحص ملامحها بقلق والحزن يخنق خشونة صوته:
_فدوى! ألا تدركين ما أخبرتكِ به؟! لا تصدقين؟!

عيناها زجاجيتان ترمقانه بهذه النظرة الشفافة التي تبدو وكأنها تعبره دون أن تراه ..
يزعمون أنها نجت من الحادث ..أحقاً نجت؟!
جسدها لا يزال يصرخ بآلام تتجاهلها ..
وروحها هي الأخرى تصرخ بآلام أشد ..
وحده لسانها لا يقوى على الصراخ !

قضت نواميس الطبيعة أن الحزين حقا لا يتكلم !
العاشق يتكلم..الغاضب يتكلم..السعيد يتكلم ..
إنما وحده الحزن يخرسنا !
كفه القبيح يمتد بحناجرنا منتزعا منا الحروف ..
يغتصب من فرشاتنا الألوان ..
ويلقينا تائهين أمام بوابات مدينة لا تعترف بالخرس!
الا تبا لهذا اللعين الذي يسلبنا حتى القدرة على البوح ..
بالله دع لي حرفا او بعض حرف ..
شظايا الجرح توشك أن تنال من الصدور المغلقة !


_هل تسمعينني؟!
تعود لترمقه بهذه النظرة الشفافة دون أن ترد ..
فقط دموعها تنهمر كأنها تنبع من بئر لا يجف !
دموعها صامتة مثلها ..مصدومة مثلها ..ضعيفة مثلها ..
وخائنة مثله!


يطلق زفرة مشتعلة وهو ينتقل جوارها على الفراش ليقول بنفس النبرة المختنقة :
_أعرف أن الصدمة كبيرة على كلينا ..لكن ..يجب أن تتماسكي وتستعيدي عافيتك بسرعة ..الطبيب صرح لك بالخروج كما أن ظروفنا المادية لا تسمح ببقائك هنا في المشفى طويلاً!

تلتفت نحوه برأسها لتتفحص ملامحه عبر هذا القرب ..
عبارته لم تصدمها وهي تفضح أكثر ما يفكر فيه !
الظروف المادية!
أنفاسه معبقة برائحة الخيانة..
مصبوغة بلون الدم ..
حامضة بمذاق الخذلان ..
قلبها يلعنه ..
روحها تلعنه ..
كل ذرة من جسد -كان يوماً له- يلعنه ..
لكن شفتيها تبقيان مطبقتين ..
حارسين أمينين على حزن لا تسعه الدنيا كلها !

_فدوى ! لا تنظري إليّ هكذا ! قولي أي شيء!
يقولها بنبرة حادة وهو يخشى الاستسلام لشعوره بالذنب من جديد ..
لن يقوى على جلد نفسه أكثر !

تغادر الفراش كأنما تمنحه مراده ..
جسدها الواهن يترنح مكانه فيسندها لكنها تدفعه عنها بأنامل صارت تشمئز من لمساته ..
لا يلومها !
هو الآخر صار يأنف من لمسها !
بعض المحن يؤلف بين القلوب وبعضها يبذر الشوك في طريق العفو فلا يعود إليه سبيل !

ينادي الممرضة ليخبرها عن نيتهما في المغادرة ثم يتركهما لتساعدها في تبديل ملابسها ..
كابوس!
كابوس يجب أن يجبر نفسه ان يفيق من تفاصيله !
كيف يمكن هكذا أن يفقد أغلى ما كان يملكه في غمضة عين؟!

هاتفه يرن باسم جهاد فيغمض عينيه بألم وهو يصر على تجاهل الرنين لآخره ..
لكن رسالته تصله :
_أنا قلقٌ عليك ! أنت بخير ؟! فدوى والأولاد بخير ؟! لماذا لا ترد عليّ ؟! أنا خرجت من السجن وقد ثبتت براءتي!

شعورٌ بالخسة ..بالضآلة ..بالحقارة يدق عظامه!!
إذن جهاد لم يعلم بعد !
لم يعلم بفجيعته ..ولا بغدره به!!

رغبة عارمة تجتاحه الآن أن يتصل به ..
أن يسمع صوت صديقه للمرة الأخيرة ..
أن يسمح له أن يواسيه ولو لآخر مرة ..
أن يسند ظهره لجدار صداقتهما لآخر لحظة قبل أن ينقض بهما معاً!!

لماذا خان؟!
لا!
هو لم يخن!
هو كان فقط يرمم ثقب سفينته كي لا تغرق ..لم يكن يعلم أن الطوفان سيقلبها بمن فيها!

يشعر بها خلفه فيلتفت نحوها ليجدها قد ارتدت واحداً َن ثيابها التي أحضرها لها من البيت إنما ..دون حجاب ..
فيتذكر ما قاله البواب عن حالتها يوم الحادث ليهتف بحنق :
_ارتدي حجابك لعل الله يسترنا ..كفانا ما حدث يوم الحادث!

نظرتها الزجاجية لا تزال على حالها ..
تسمعه وهو يكيل لها الاتهامات من جديد ..
يهتف لها أن ما حدث لأولادهما عقاب لها من السماء على تفريطها في حجابها وعدم رضاها ب"شرع الله" في التعدد !
هل هذا هو "دينه" الذي يؤمن به والذي غيرت دينها لأجله ؟!

لا ترد ..!
تسمعه ولا ترد ..!
فقط أخيراً تفتح كفها الذي حوى دبلة وخاتماً ذهبيين كانت ترتديهما يوم الحادث لتعطيه إياهما قائلة بالفرنسية :
_كي تدفع ثمن إقامتي في المشفى!

صوتها الواهن على شحوبه يبدو له كصفعة قاسية على صفحة رجولته !!
لقد توقع منها ثورة ..انهياراً ..تمرداً يليق بشخصية قوية مثلها ..
لكن حالها الغريب هذا يثير المزيد من حيرته ..
و..عاطفته!
ألا يزال يحبها؟!
السؤال يفجر المزيد من شظايا روحه ..
يغمض عينيه بألم وهو يشعر بصور أولاده تمر أمام ناظريه تباعاً ..
أصواتهم وهم يتشاكسون بمرح أو يتشاجرون على تفاهات كانت تثير غضبه ..
الآن يود لو يفتدي صوتهم هذا بعمره كله!!
ألا يزال يحبها ؟!
كيف وهو لا يعلم هل يرى على وجهها نسائم الغالين الراحلين تؤنسه ؟!
أم أشباحههم تصفعه بذنبه ..لا ..بل ذنبها هي ..
هي المجرمة ..
هي وليست هو !!

لهذا يتناول منها عطيتها بحدة وكأنه يرى هذا حقاً طبيعياً له ليتحرك معها فيدفع حساب المشفى ثم يغادر بها المكان .

_أريد أن أرى أولادي .
صوتها لا يزال على وهنه وهي تتحرك جواره ببطء يناسب حالتها ..فيتوقف مكانه ليهتف بها بحدة وقلبه يكاد ينفطر على مصابه في أولاده :
_بالله عليكِ توقفي! توقفي! أولادنا ماتوا ..ماتوا ..
يغص حلقه بدموع كبتها ولا يزال فيقطع عبارته رغماً عنه لتحدق هي في حمرة عينيه البائستين ..الغاضبتين ..والخائنتين ..
ولا يزال صوتها يرزح تحت ثقل همه :
_أعرف ..أعرف..أقصد ..ما بقي منهم .

يشيح بوجهه وكلماتها تفجر الجرح الطازج لينزف من جديد ..
يحاول ضمها إليه لكنها تبتعد نافرة رغم وهن حركتها ..
فيمسح عينيه وهو يعاود التحرك بها نحو سيارته التي استقلتها معه ليقول بإشفاق جاف:
_لا داعي لهذا الآن ..لم تستعيدي عافيتك كاملة بعد ..وربما تنهارين من جديد ..
لكنها تحدق في كفيه بنفس النظرة الزجاجية متمتمة :
_دفنتهم بيديك هاتين ؟! ودعتهم للمرة الأخيرة ..لماذا لم أحظَ أنا بهذا الحق؟!

يقبض كفيه رغماً عنه بألم يذبح حناياه ..
شفقته نحوها تحشوه بالمزيد من شعور الذنب فيقاومه بالمزيد من القسوة :
_بل أنا من يفترض أن يحسدك ..أنتِ رأيتهم لآخر مرة وهم أحياء ..أما أنا فرأيتهم موتى!

ربما لو كان طعنها بخنجر لما كان رد فعلها أكبر !!
ملامحها تتقلص بوجع ..
جسدها ينكمش على نفسه ..
الدم يغادر وجهها كأنما امتصه كل هذا الألم في روحها ..
أنفاسها تتلاحق كأنها تجاهد لتتنفس الهواء ..
قبل أن تسكن رويداً رويداً لتتحول لأخرى رتيبة راكدة ..
_لنذهب!
فرنسيتها الباردة تصفعه من جديد فيتردد بين شفقته عليها وخوفه على نفسه ..
لكن أنانيته تغلبه وهو يتحرك بها نحو المقابر ..

تتوقف أخيراً أمام مدافن أولادها فتبتسم ابتسامة شاحبة وهي تغمض عينيها ..
ذراعاها المرتجفان يحتضنان جسدها المترنح في وقفته ..
شفتاها تتمتمان بأغنية فرنسية كانت تغنيها لهم صغاراً كي يناموا ..
فلا يملك هو دموعه وهو يشعر أنها اختزلت سنينهما معاً بغنوتها هذه ..
ماذا حدث لهما؟!
كيف فقدها وفقد نفسه في زحام الطريق؟!

_فدوى ..فدوى ..توقفي ..توقفي ..كفى ..

لكنها لا تتوقف ..
صوتها يعلو بالغنوة أكثر ..
ذراعاها يرتجفان أكثر ..
جسدها يترنح أكثر ..
فلا يشعر بنفسه وهو يضمها إليه بقوة متجاهلاً نفورها وهو يستجيب للحقيقة الواحدة الثابتة الآن ..
أن مصيبتهما في هذا الوقت واحدة !!

_هذا ما كنت أخشاه ! ماذا تفعل مع هذه المجرمة ؟!
الصوت الأنثوي الحاد خلفهما يجبرهما على الالتفات فتميز هي ملامح زوجته الأخرى التي اقتربت منه هاتفة بحدة:
_ألم تطلقها؟! ألم تكتفِ من حماقاتها ؟! قتلت أولادك ..ماذا تنتظر منها بعد الآن ؟!

_دعها ترحل .
تتمتم بها يولاند بخفوت وهي تغمض عينيها لكن ريان لا يسمعها وهو يندفع نحو زوجته هاتفاً بغضب:
_ما الذي جاء بك إلى هنا؟! هل تراقبينني؟!
_نعم أراقبك ! لن أسمح لمختلة كهذه أن تستغل شفقتك وحزنك على أولادك كي تعيدك إليها من جديد ..

_دعها ترحل ..

لا تزال يولاند تتمتم بها بخفوت ..ولا يزالان لا يسمعانها وسط هتافهما الحاد ..

_هل تظنينني طفلاً تشدني امرأة وتجذبني أخرى ؟!
_ألم يحدث هذا من قبل ؟!
_اخرسي ..وعودي للبيت ..هذا ليس مكاناً للحديث .
_لن أعود إلا بك ..لن أتركك معها ..

_دعها ترحل ..دعها ترحل ..دعها ترحل ..

صوت يولاند الخفيض يعلو رويداً رويداً ليتحول لصراخ هائج يقاطع شجارهما أخيراً فيفاجأ ريان بها تلقي بجسدها فوق جسد زوجته لتلقيها أرضاً ..تكتنف رأسها بين كفيها فتخبطه في الأرض مرة تلو مرة حتى تفقد المرأة وعيها ..

_ماذا تفعلين يا مجنونة ؟! يا إلهي!! أنتِ فقدتِ عقلك حقاً!!
يهتف بها بحنق وهو ينحني ليبعدها عنها ثم يحاول إفاقة زوجته ..
فتستقيم يولاند بجسدها لتهتف بالفرنسية بين أنفاسها اللاهثة :
_قلت لك دعها ترحل ..لا أريدها أن تدنس "فراش" أولادي ..خذها وامشِ من هنا .

يرفع وجهه المحتقن نحوها ..
فتتهشم نظرتها الزجاجية أخيراً لينفذ عبرها تيار الكراهية منذراً بانتقام :
_عندما استعدت وعيي بعد الحادث كانت كلماتك أول ما خدش أذني ..(موتي ..موتي والحقي بهم ) ..وطالما كنت لك مطيعة ..فدوى ماتت ..ماتت ولن تعود ..لكن يولاند ستعيش ..ستعيش لتذيقك أسوأ كوابيسك ..وسترى !







*أحمر*
======
أمام المرآة في غرفة هبة الصغيرة تقف تتفحص نفسها بثوب الزفاف ..
غداً ترتديه !
غداً تبدأ سمرا حياتها التي اختارتها مع الرجل الوحيد الذي أحبته بصدق ..
عند الخاطر الأخير تفتح الدرج القريب لتستخرج منه الهوية الشخصية التي رفعتها أمام عينيها ..
لا ..ليست هوية يسرا ولا حتي سمرا ..
بل أخرى مزورة ببيانات غير حقيقية نجحت في الحصول عليها بطريقتها !
مزورة!
كحياتها كلها هنا !
غصة الذنب تسد حلقها لكنها تحدث نفسها في المرآة :
_ما الضرر ؟! ألا يحتمل أن يكون هذا الزيف هو الحقيقة التي ستبني العمر القادم كله ؟! حرام ؟! لماذا ؟! أليس الزواج قبول وإشهار ؟! وهو سيتجوزني أنا ..بماذا سيشكل الاسم فارقاً؟!

تخدع بها نفسها وهي تعيد البطاقة للدرج بأنامل مرتجفة ثم تغلقه ببعض العنف كأنها تغلق معه باب التفكير في عواقب ..
تعود لتفحص شكلها في المرآة ..
رابع ثوب زفاف ترتديه !
وكم تظلمنا الأرقام حين تجبرنا على دفع فواتير لم نستمتع بما فيها ..
فقط وزرها يبقى على عواتقنا كدين ثقيل !
ثوب زفافها من حسام كان بياضه مشوباً بخيوط فضية ..
وذاك الخاص بفهد كان مطرزاً بخيوط ذهبية ..
أما ذاك الخاص بفادي فكان مرصعاً بالماس ..
كل ثوب منها كان أسطورة في تصميمه تحدث الناس عنه لشهور بعدها ..
لكن هذا ..
هذا يبدو أبسطها !
اختارته ناصع البياض دون تطريز ..
اختارته بسيط التصميم دون كلفة في اتساع أو انتفاش ..
اختارته يشبه حياتها التي تتمنى لو تدوم هنا ..
فقط جعلت لطرحته تاجاً من ورق الشجر المصنوع من القماش الأخضر الفاتح والذي يشبه ورق النعناع الذي أدمنت مذاقه ..
هذا الذي وضعته الآن فوق رأسها وهي تحاول هزيمة دموع الخوف والذنب في عينيها بابتسامة ..

_وددت لو تكوني معي يا أمي! لو تذكرين هذا اليوم فقط ثم تعودي للنسيان كما تشائين ..مريضةٌ أنتِ بالنسيان ومريضةٌ أنا بالذكرى .


_سمرا! ارتديتِ الفستان؟! دعيني أراه !
تهتف بها هبة من خلف الباب المغلق فتتمالك يسرا نفسها وهي تأخذ نفساً عميقاً ثم تتحرك نحو الباب لتفتحه ..
تفرد ذراعيها باستعراض لتهتف هبة بانبهار :
_ما شاء الله لا قوة إلا بالله ! تعلمين ؟! "القالب غالب" كما يقولون ! كنت معترضة علي الثوب لبساطته لكنني الآن أراه يكاد ينطق عليكِ !
_حقاً؟!
تقولها بدلال فطري وهي تدور حول نفسها لتضحك هبة وهي تضمها إليها بحنان هاتفة :
_مبارك حبيبتي!

لم تكد تنتهي منها حتي سمعت رنين الجرس فتوجهت إليه تفتحه لتفاجأ بابراهيم فتغلق الباب قليلاً كي لا يرى يسرا هاتفة بمرح متحفظ لم يخلُ من عتاب :
_رِجلك اعتادت على بيتي ! غداً تتزوجها وأتخلص من تطفلك !

ليتنحنح إبراهيم بحرج وهو يرد بهدوء مرح :
_بصراحة أنا ذاهب لمشوار ما ..وأردت أن أتدرب على طقوس الزواج فقلت أستأذن زوجتي أولاً كأي رجل محترم .

_ونعم الرجال !
ترفع بها إبهامها ثم تردف :
_لكن سمرا تقيس ثوب الزفاف ولن تستطيع أن تراها به قبل الغد ! يقولون إنه فأل سيئ ..صحيح أنني لا أومن بهذه الأمور لكنني أحب أن تفاجأ به غداً.

تلتمع عيناه بعاطفة هادرة وهو يسمع صوت يسرا من خلف الباب تهتف بلهفة ممتزجة بدلالها :
_يمكنني أن أطل برأسي فحسب من خلف الباب كي أمنحك الإذن بالخروج .

تمط هبة شفتيها ببعض الاستياء وهي تدخل للبيت لتفسح لها المجال في الظهور ..ثم تبتعد للداخل ..

بينما تتسع عينا إبراهيم بافتتان وهو يميز وجهها الفاتن ينافس لون طرحتها في إشراقته ..ولون التاج الأخضر يلقي ظلاله فوق عينيها فتبدو له كحورية من الجنة ..
كأن حسن النساء كلهن هجر الدنيا واستوطن عينيها !

_لن تقول شيئاً ككل مرة ؟!
تهمس بها بدلال امتزج بعاطفتها وبعتاب تدرك انه ليس حقيقياً ..
ربما لو كانت "يسرا القديمة" مكانها لضاقت ذرعاً بتحفظه هذا وصمته عن مغازلتها ..
لكن "سمرا" تفهم!
تفهم سر هذه العاطفة العذراء الملجّمة في عينيه والتي لن يطلق سراحها إلا في حلال !!

_غداً ..غداً أخبركِ بكل ما أود قوله!
صوته المتحشرج يفضح تأثره بها فتبتسم وهي تسبل جفنيها هامسة بغنج:
_وأنا أنتظر.

ابتسامته -مستحدثة الكمال- تعانق ابتسامتها وهو يقول بجدية:
_سأذهب اولاً مع أبي للطبيب وبعدها ألبي دعوة صديق لي على العشاء .
لم تركز مع النصف الثاني من عبارته وهي تهتف بجزع حقيقي:
_ماله "مستر ربيع"؟!
تتسع ابتسامته لشعوره بخوفها الصادق على أبيه والذي اشتعل في خضرة عينيها ليرد مطمئناً:
_لا تقلقي ..إنه موعد كشفه الدوري فحسب
_اليوم بالذات؟! وغداً يوم حفل زفافنا؟! لا ..أنت تخفي عني شيئاً ! بالله عليك أخبرني هو بخير
تقولها بشك ملهوف ليرد مطمئناً:
_صدقيني هو بخير ..هو اعتاد نوبات الألم هذه عندما يهمل في الطعام أو يقصر في شرب الماء .
_من الطبيب؟! انتظر لأبدل ملابسي وآتي معكما ..أعرف طبيباً شهيراً ماهراً يمكننا أن نذهب إليه .
_اهدئي يا سمرا ! الأمر لا يستحق كل هذا التوتر ..صدقيني ..كما أن أبي مرتاح مع طبيبه ولا يميل لتغييره .

القلق يكاد يذبح عينيها بصورة متطرفة وقد بدأت شفتاها في الارتجاف لتبدو له كطفلة مرتعبة فيقترب منها خطوة هامساً:
_تحبينه لهذا الحد ؟!
_جداً! أحبه وأحبك وأحبكم كلكم جداً جداً جداً ..

كلماتها تخرج عفوية هستيرية منفعلة مختلطة بدموعها فيشعر بصدقها يخترقه لأبعد حد !

_لا تبكي! صدقيني الأمر لا يستحق كل هذا القلق!
_احلف!
_لا أحب الحلف هكذا دون مبرر قوي .
يقولها ليضعف أمام الدموع التي انهمرت من عينيها بغزارة فيستغفر الله بصوت مسموع ليقول أخيراً:
_أقسم أن الأمر بسيط ولا يتجاوز حدود كل مرة .

تسكن ملامحها رويداً رويداً مع دفء نظراته خاصة وهو يردف بحنان خالط رجولته بمزيج شهي:
_لا تجعليني أندم أنني جئتك وجعلتك تبكين ليلة زفافنا .
تبتسم وهي تمسح دموعها لتقول برقة:
_لا ..لا ..لم اعد أبكي ..هأنذا !

يميل رأسه محاولاً روية المزيد من ثوبها فتتشبث بالباب وهي تمعن في الاختباء خلفه قائلة:
_ومن هذا الصديق الذي يدعوك علي العشاء؟!
_تذكرين جهاد؟! ذاك الطبيب الفلسطيني الذي سجنت يوماً لأجله؟!
ينعقد حاجباها بتوجس وهي تراه يردف ببساطة:
_ثبتت براءته وخرج من السجن ..كنت قد أخبرت جنة أنني اريد زيارته لكنني انشغلت بتراتيب العرس ..وجدته يتصل بي منذ قليل يدعوني على العشاء ..يبدو أن جنة أعطته رقمي .

يقشعر بدنها لذكر جنة وأناملها تزداد تشبثاً بالباب لتغمغم بصوت شاحب:
_علاقتك بجنة هذه قوية لهذا الحد ؟!
_تغارين؟!
يهمس بها بحنان مشاكس وهو يجد هذا التفسير الأقرب لامتقاع ملامحها هذا ..
فتغمض عينيها بقوة لتهتف بانفعال :
_لا تقل إنك دعوتها لحفل زفافنا .

يصمت للحظات دون رد فتعتصر قبضة باردة قلبها وهي تتصور لو حضرت جنة بالغد وتعرفت عليها ..
ستمنعها!
ستمنعها من الحضور بأي طريقة!
حتى ولو اضطرت لإرسال من يراقبها ويقطع عليها طريق الحضور!

لكنه يرحمها من خوفها هذا وهو يرد أخيراً بشرود امتزج بحزنه:
_لا ! لم أدعها ولا أظنها ستأتي حتى لو فعلت ..هي بالذات آخر من أريد رؤيته غداً ..حتى تكتمل فرحتي.
_لهذه الدرجة تكره رؤيتها؟!
يتنهد بحرارة وهو يطرق برأسه مجيباً:
_سبحان الله مقلب القلوب! قديماً كنت أحب رؤيتها ..بالأدق كنت أحب رؤية أخي في عينيها ..عينيها اللتين بقي حسن فيهما حياً لسنوات ..والآن عندما أنظر إليها أتأكد أنه حقاً مات .

تدمع عيناها بتأثر وهي تري صوته يتهدج باستطراده :
_هل جربتِ هذا الشعور ؟! أن يموت أحدهم في عيون الناس لكنه حي ينبض داخلك ..تريدين الصراخ في الجميع أنه لم يمت ..فيكذبونك ..تصرخين فيهم أكثر فيكذبونك أكثر ..حتى تأتي هذه اللحظة التي تصدقينهم فيها ..لتدركي أنهم هم المصيبون وأنت المخطئة ..هو حقاً مات لكن لم يمت وحده ..أخذ معه هذا الجزء من روحك ..هذا الجزء الذي عاش به ومات معه .

يالله!!
كيف أمكنه هكذا أن يصف شعورها يوم مات ابنها ؟!
يوم حملته للمشفي رغم يقينها أنه مات لتصرخ بالجميع أن ينقذوه ..
أنه لا يزال حياً..
أنه لن يموت ..أنها هي لن تموت معه ..
لكنهما ماتا ..
كلاهما مات معاً!

_يا إلهي ! أنتِ تكادين تسقطين!
يهتف بها بجزع وهو يراها تتهاوى على الباب لكنها تفيق من سكرتها لتعتدل في وقفتها هاتفة :
_أنا بخير ..
ثم تغتصب ضحكة قصيرة وهي تمسح دموعها قائلة:
_أنت فعلاً خطر علي في يوم كهذا ! لو كانت هذه خطتك لأمنحك إذن الخروج كل مرة فلا تستأذن بعد اليوم !

يبتسم بعفوية وهو يعانق ملامحها بحنان هامساً:
_آسف! لكنك انتِ من بدأت ! يبدو أنك تغارين بشدة ..وستتعبينني .
_أبداً..
تهمس بها بحرارة و"العندليب الأخرس" في عينيها يشدو بلحن حزين ..صادق ..ضارع ..وواعد :
_أعدك ألا أتعبك أبداً مادام الأمر في يدي ..أعدك أن أعيش ما بقي من عمري لأسعدك .
يرتجف جسده تأثراً بهذه العاطفة التي ذرفتها روحها قبل كلماتها ..
لكن هذا لم يساوِ شيئاً أمام رعدته وهو يسمعها تهمس بضراعة كأنما تتسول منه ما بقي من روحها ..
_وأنت أيضاً عدني .
_بماذا؟!
_أن تسمع حين يسد الجميع آذانه ..أن تحنو حين يقسون..أن ترحم عندما يرجمون ..أن تبقى..أن تبقى حين لا يبقى أحد .

كلماتها لم تكن مجرد حروف ..
بل سهام من نور عرف كل منها طريقه إلي قلبه !
لم يبدُ له مجرد وعد تهمس به الشفاه في لحظة صفا ..
إنما بدا وكأنه ميثاق يخصها هي وهو فحسب !

في هذه اللحظة بالذات يشعر وكأنه خرج بها من حدود الزمان والمكان ..
كأنهما تحررا من جسديهما فلم يبقي لهما سوى روحين تتعانقان ..
لهذا لم يحس بنفسه وهو يقترب أكثر ليكرر عهدهما بهمس دافئ كالأمان ..مشتعل كالحب ..وأمين كوعد لا يقبل ان يخلف:
_أعدكِ..أعدكِ أن أسمع حين يسد الجميع آذانه ..أن أحنو حين يقسون ..ان أرحم عندما يرجمون ..أن أبقى ..أن أبقى حين لا يبقى أحد ..
تغمض عينيها بارتياح كمسافر طال سعيه وهاهنا فقط وجد واحته !
لتسمعه يضع لعهدهما إضافته:
_وأن أحبك كما لم يحبك أحد ..أي أحد !

عيناها تغيمان بدمع بين حب وخوف وهي تشعر أنها تكاد تفقد وعيها من فرط جنون خفقاتها الآن ..
لكنه ينتبه لنفسه فيبتعد عنها بسرعة بينما يتنهد بحرارة قائلاً:
_تأخرت علي "مستر ربيع" ! يجب أن أنصرف !يالله !! لماذا يبدو الغد بعيداً هكذا ؟!
تبتسم وهي تشاركه شعوره فيعاود الميل برأسه لعله يرى المزيد من الثوب مردفاً:
_واثقة انتِ أنه لا يمكنني رؤيته كاملاً؟!
تهز رأسها نفياً بدلال ليهتف بالمزيد من المشاكسة:
_آخر كلام؟!! لو رأيته غداً ولم يعجبني فلن أجعلك ترتدينه وستحتملين النتائج !
_سيعجبك!
تقولها بدلال عبر هزة من كتفها فتتوهج عيناه بتأثر فطري لهذة الفتنة المشعة منها ..
_أنا أضيع يا مستر ربيع!

يهتف بها بصوت مسموع وهو يبسط راحته على جانب رأسه بمرح لتعلو ضحكتها وهي تراه يبتعد بظهره عدة خطوات ..
لكنها تهتف باسمه فجأة :
_إبراهيم .

يقفز إليها فجأة كأنه لم يحتج سوى لنداء كهذا فتهمس له بحيرة :
_أخبرني فقط بجواب هذا السؤال ..لماذا اخترتني أنا ؟! لماذا أنا ؟!
ابتسامة على شفتيه لا تشبه أي ابتسامة رأتها من قبل ..
ابتسامة بدت لها كمرآة انعكست لها فيها أجمل صورها وهو يمنحها الجواب :
_لأنكِ أنتِ! وكأن نصيبي في الهوى كان مدخراً بخزائنك ..منتظراً أن يقال له فوق جبينك : كن ..ليكون !
=======









=====
*برتقالي*
=====

_أنت واثق أنه هو ؟!
صوتها الذي طالما شهد قوة عنفوانه يرتجف الآن هذه الارتجافة التي تجعله يود لو يضمها لصدره لكن عاصي يكتفي بنظرة عميقة لملامحها بينما تحافظ ملامحه على برود اقتضابها:
_اسمه ليس يحيى العراقي..اسمه الحقيقي يحيى الأمين ..أبوه كان من أكبر رجال الأعمال في بغداد لكنه توفي منذ سنوات وترك له إرثاً ضخماً كان يديره عمه مع أمه..ورغم اختفائه المفاجئ من بغداد وقطيعته لعائلته لسنوات طالت لكن صحيفته الجنائية نظيفة تماماً ..عائلته التي تعتبره الابن الضال المنتظرة عودته كي يرث امبراطورية أبيه خاصة بعد تورط عمه في قضية يزعمون أنها ملفقة لكن الأدلة كلها كانت ضده فألقي في السجن منذ فترة ويبدو أن هذا ما جعل الابن الضال يعود أخيراً لبغداد لزيارته في الحبس وقتها .

تشرد طيف ببصرها وهي تتذكر زيارة يحيى تلك لبغداد ..


_بابا يقول إن بغداد كالشمس ضوؤها يدفئنا لكن لو اقتربنا منها نحترق ..

تتذكرها بصوت مجد وقتها فينعقد حاجباها بشدة وهي تتذكر حاله عقب عودته بعدها ..انطفاء ملامحه..تهدل كتفيه ..تلك النظرة الغريبة التي رمقها بها وقتها وهو يراها تعانق مجد ..قربه الغريب منها هي ليلتها واحتفال عيد ميلادها ..وقفة الشرفة ..هديته ..وأخيراً تلك ال"تدللي" التي سقتها بماء بحر لا يروي ..
ركزي يا طيف!
أزيحي العواطف جانباً الآن!
ليس بعد !
ليس قبل أن تكسري كل قضبان عينيه وتحرري كل أسرى أفكاره !

إذن هو قد عاد وقتها من زيارة عمه في السجن ؟!
لماذا يزعم إذن أنه نصاب مادام بهذا الثراء ؟!
هل أخطأ عاصي الرجل؟!

_واثق أنه هو؟!
من جديد تكرر السؤال وصوتها يزداد ارتجافاً بهذه الدمعة التي ترقرقت في عينها ليرد عاصي بنبرته المهيمنة:
_بل أنا من أسألك ..واثقة أنت أنه هو ؟!

يقولها وهو يستخرج هاتفه ليفتحه على صورة رفعها أمامها لتتسع عيناها وقلبها يخفق بجنون مع ملامح صورة الرجل أمامها ..
حلق لحيته وشاربه وصبغ شعره بالأسود ليتغير شكله خاصة مع تصفيفته هذه التي تجعله شديد القصر ..
"خصلتها البيضاء العزيزة" التي طالما تمنت لمسها اختفت ..
راحت مع ما راح !

_هو.
تقولها بصوت متحشرج غص به حلقها وهي تشيح بوجهها نحو الطريق الذي كانت تنهبه السيارة بهما نهباً ومع هذا كانت تشعر أنهما يتحركان ببطء مع كل هذه اللهفة في صدرها ..
أخيراً ستنفذ وعدها له ..ولنفسها قبله !
أخيراً ستلقاه!

_الطفلة؟!
تسأله باقتضاب يشبه اقتضابه ليرد :
_أبوها اسمه يحيى العراقي مات في السجن بعد القبض عليه في قضية نصب ..لكن يحيى الأمين ذاك زور أوراقها ليسافر بها علي أنها ابنته مستغلاً وفاة أبيها وتخلي أمها عنها وكونها بعدهما بلا أهل .

_وما علاقته بها؟!
يرفع حاجبيه بجهل ليرد :
_قريباً يمكننا المعرفة ..هانت ..نحن في الطريق.

_هي بخير؟!
صوتها يفضح عاطفة حقيقية تجعله يهز رأسه مطمئناً بجوابه المقتضب:
_ثلاثتهم بخير.

_كيف وصلت إليهم؟!
تسأله بفضول ليرد بشرود :
_أنت لا تعلمين شيئاً عن عالمي القديم ..الدنيا كلها تبدو كقرية صغيرة تديرها أصابع معروفة ..طرقها الصغيرة متشعبة إنما تتلاقى في نقط بعينها ..هذه النقط التي أزعم أنه كانت لي فيها يوماً يد طولى ..لم يكن من السهل تتبعه خاصة وقد غادر بهوية وشكل مختلفين ..لكن لي أحد المعارف ذوي النفوذ تمكن من المساعدة.

تزدرد ريقها بتوتر رغم تعمدها الظهور بهذا المظهر الواثق:
_أنت تحدثت إليه؟!
يطيل النظر إليها بنظرة غامضة لم تفهمها ثم يرد بنفس النبرة المقتضبة:
_وعدتكِ أن تتحدثي معه أنت أولاً ..
ثم قست نبرته أكثر باستطراده وهو يتحسس مسدسه في جيب سترته :
_وبعدها أسوي أنا حسابي معه دون أن تتدخلي .

يقولها مميزاً خوفها في عينيها ..ليس على نفسها بل على ذاك الرجل فينعقد حاجباه بالمزيد من الغموض ..لتنسحب هي بعدها فتشرد في الطريق من جديد تعيد ترتيب أوراقها بعدما عرفته ..
هاهو ذا السندباد عاد إليها قسراً وهاهي ذي فرصتها لتستكشف معه أسرار سفينته ..ثم تكسرها فوق رأسه!
انتقام؟!
هل تخطط حقاً لانتقام؟!

(احذر ما تتمناه فربما عندما تصل لآخر الطريق تكتشف أنك كنت ضالاً)
تذكر يوم قالتها في نهاية طريق انتقامها من حسام ..
فهل حقاً تعلمت الدرس؟!
(طيف يحيي) هل تختلف عن (طيف حسام)؟!

_وصلنا.
يقولها عاصي لينتزعها من أفكارها فتنتبه لتوقف السيارة بهما في هذا المكان المنعزل الذي احتضن مبنى مهجوراً بدا أنه وجهتهما !

_ابقَ هنا .. سأدخل له وحدي..أنت وعدتني.
تقولها ببعض الشراسة التي لم تفلح في إطفاء عاطفة حقيقية شعت في محياها ..
ليرمقها عاصي بنظرة طويلة غامضة سبقت هزة رأسه وهو يشير نحو أحد رجاله الذين يحرسون المبنى فيقترب منه الرجل ليعطيه أوامره باصطحاب طيف للداخل ..

يراقبها بتمعن حتى تختفي عن ناظريه فيقترب منه رجلٌ آخر من حراسه ليهمس له الأخير :
_كل شيء معد كما طلبت سيدي .

يصرفه عاصي بعيداً بحركة من رأسه ثم تشتعل غابات الزيتون في عينيه ببطء وهو يتحسس مسدسه من جديد ..
قبل أن يفتح حاسوبه المحمول لتتلاعب أنامله على الشاشة للحظات ..
ينعقد حاجباه بتركيز وهو يرى يحيى في محبسه ليكمل متابعة المشهد الآن "حياً " دون مجال لكذب أو تدليس ..
اللقاء الذي ينتظره على جمر بين أخته وذاك الغريب!
=======
في محبسه يدور كوحش حبيس وهو يخبط قبضتيه ببعضهما يحاول فهم ما يحدث ..
هؤلاء الذين اختطفوه في بغداد لم يمنحوه أي معلومة منذ استعاد وعيه هناك سوى تهديده بمجد وأمرهم إياه أن يطيعهم في أوامرهم بالعودة لمصر ..
ولم يكد يصل بصحبتهم حتى فوجئ بهم يحبسونه هنا !
مجد!
ماذا عساهم فعلوا بها؟!
يقولون إنها كذلك جاءت مصر مع نزار لكنهم لم يسمحوا له برؤية أحدهما!
ماذا يريدون؟
مالاً؟! ولماذا لم يطلبوها في بغداد؟!
انتقاماً؟! لمن؟! ولماذا مصر؟!
هو لا يذكر له عداوة بأحدهم هنا!

(طيف الرفاعي)!
الفكرة تسطع في ذهنه فجأة!
رباه!
معقول؟!
لهذا وقعت باسم (الرفاعي) وليس(الصالح) كما اعتادت!
هل كانت رسالتها له؟!
لا ..!
طيف لا تفعلها!
لن تعود لأخيها بخيبتها ترجو دعمه!


(وأؤكد لك أنك وقتها لن تكون أنت ..كما لن أكون أنا أنا)
هل هذا ما كانت تقصده في توقيعها؟!

الباب يفتح فجأة فيلتفت نحوه بحدة وهو يهم بالانقضاض على الحارس لكنه يتوقف مكانه وهو يراها خلفه !

النظرة الأولى خنجر!
خنجر مسموم يصب النار بين ضلوعه!!
يغمض عينيه بقوة للحظة وهو يكذّب عينيه اللتين قتلتهما رؤيتها ..قتلتهما وأحيتهما في لحظة آلاف المرات!
يُكذّب أنفه الذي طارد رائحتها بإدمان منتشٍ أدرك أن ليس له بسواها اكتفاء !
يُكذّب كل ذرة من جسده تفاعلت معها بهذه الكيمياء الخاصة التي لم تسبقها إليه امرأة سواها!
فليكن كل هذا كذباً!
ولتبقَ حقيقته كسندباد ضال في بحار لن تعرف لشطآنها هي سبيلاً!

_افتح عينيك!
تهدر بها بقوة تليق بكليهما فيفتح عينيه بحدة فجأة ليدرك أن الباب قد أغلق خلفها وقد صارا وحدهما ..


سديم عينيها مشتعل بفوضى تشبهها ..وتشبهه!
لكن قضبان عينيه تزأر متوعدة بالمزيد من الكتمان ..
يبتلع كل مرارته وخزيه باقتدار ليرسم على شفتيه ابتسامة جانبية ماكرة وهو يرفع رأسه بحركة واثقة:
_قصصتِ شعرك ..تماماً كما توقعت!

لكنها تقترب أكثر ..
تتلذذ بهذا الاشتياق الذي يلمع في عينيه ويعجز عن مداراته خلف هذه الواجهة الساخرة !
تغرس نظراتها القوية في أرض عينيه فتزلزلها ..
ترجها وترتج معها ..
تقترب أكثر وأكثر حتى لا يكاد يفصل بينهما سوى حريق الأنفاس المنفعلة لتقول بنبرتها الفتية التي مزجت تهكمها بمرارتها:
_لكنك لم تتوقع أبداً أن ألجأ لعاصي الرفاعي ..لا تنكر أنني فاجأتك.
عيناه تثبتان في مواجهتها بقوة تليق بكليهما للحظات قبل أن يغمغم ببطء كأنه يدرس رد فعلها :
_صحيح! لم أعرفك يوماً تلك المرأة مهيضة الجناح التي تبحث عن أحدهم كي يعيد لها حقها .

_ساذج! لو كنتُ تركت عاصي الرفاعي يأخذ لي حقي -كما تزعم- لكنتَ أنت الآن جثة تحت التراب ..
سخريتها تمتزج بالمزيد من الشراسة وهي تردف بينما ترفع قبضتها في وجهه:
_حقي سآخذه بيدي ..عهدٌ علي أن أفعلها .

_لا حاجة بك لهذا! لا حقوق لك عندي! مالك محفوظ باسمك .
_مال؟! وهل كان ما بيننا مجرد مال؟!
حدتها تقابل بروده المصطنع وهو يهز كتفيه بقوله:
_نصاب سرق مالك وأعاده!

لكنها لم تبدُ متفاجئة وكأنها كانت تتوقع شيئاً كهذا بل امتدت قبضتاها فجأة لتجذبه من قميصه نحوها هاتفة بشراسة:
_ فلتكن نصاباً ..فلتكن لصاً..فلتكن حتى عفريتاً أزرق، لكن ما بيننا كان حقيقياً ..ما بيننا لم يكن كذباً !

هتافها يصل حد الصراخ في عبارتها الأخيرة فيكز على أسنانه بقوة تكاد تحطمها ليعود ويغمض عينيه بقوة وهو يراها تجهض كل محاولاته في التصنع ..
كتفاه يتهدلان فجأة كأنما لم يعد يحتمل ثقل الوزر عليهما ..
_ماذا تريدين؟!
_وعدك لي آخر مرة تلاقينا فيها ..أن تخبرني عن ماضيك !
_وماذا يجبرني أن أفي بهذا الوعد الآن؟!
يقولها بخفوت مراوغ دون أن يفتح عينيه لكنها تطلق صوتاً ساخراً وهي تشير نحو الخارج هاتفة:
_ذاك الرجل بالخارج ..عاصي الرفاعي ..تدري من يكون وماذا بوسعه أن يفعل؟!
يفتح عينيه بنظرة متحدية ليرد :
_أنتِ كذلك لا تعلمين من أكون في بلدي وماذا بوسعي أن أفعل لو أردت .

تتجاهل عبارته تماماً وهي تستطرد كأن لم تسمعه:
_تعلم ماذا أخبرت عاصي عنك ؟!
تضيق عيناه بتساؤل لتخفض صوتها وهي ترد بنفس العنفوان الشامت:
_أنك اعتديت على عرضي!

يحمر وجهه بانفعالٍ طاغٍ للحظة استوعب فيها صدمته قبل أن يلوح بكفيه في وجهها هاتفاً بغضب:
_يا مجنونة! كيف سولت لك نفسك هذه الكذبة؟! كيف؟!
_أخفض صوتك!
تقولها صارمة ثم تتوجه نحو الباب لتفتحه ،تتأكد من خلو المكان ثم تغلقه لتعود إليه فيهتف بحدة:
_أنت حتماً مجنونة! يمكنني إنكار كذبتك هذه ومن السهل كشف الحقيقة لأخيكِ.
لكنها تلوح بسبابتها في وجهه قائلة :
_تجرأ وافعلها ..وسألقيك في السجن ..ربما تكون نصابا ماهرا ولا تترك دليل إدانة خلفك ..لكن تبقى هناك مجد ..أوراق أبوتك لها مزورة ..يمكنني كذلك إخبارها بحقيقتك القذرة وحرمانك منها طوال العمر .

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يراها تقترب أكثر مردفة:
_عهدي بك أنك رجل ذكي ..هيا يا سيد يحيى ..أم تراني أشجعك فأخبرك باسمك الحقيقي ؟!
يزدرد ريقه الجاف بتوتر لتضيق عيناها هي باستطرادها :
_ يحيى الأمين .

تشحب ملامحه كأنما نسي وقع الاسم على أذنيه !
تباً!
كأنه يعيش الآن أسوأ كوابيسه!
يوماً ما كان قد انتوى أن يخبرها عن ماضيه ..
أن يقتطع منه صوراً محتفظا لنفسه بالأسوأ ..وقد ظن هذا وقتها سهلاً ..
لكن الآن ؟!
الآن ..كيف يفعلها وهو بهذا الوهن ؟!
كيف يعري سوأة ماضيه أمام امرأة عادت لتنتقم؟!

تلتقي عيناه بعينيها في هذه اللحظة وكأنما فهمت بحدسها ما يفكر فيه ..
تتذكر اخر لقاء بينهما قبل أن يتركها ويرحل ..
تتذكر كلماتها وقتها :

_أريد أن أسمع! ..أحتاج أن أسمع !..أشتاق أن أسمع! ..أنا عشت كل هذا العمر أسد أذني ..تعرف هذا الشعور؟! أن تجبر نفسك أن تعيش عمرك مسدود الأذنين فاقداً لشغف الإنصات ؟! تخاف أن يخدش سمعك صوت تحبه أو حتى تكرهه ؟! يرضيك أو يوجعك ؟! تخاف مجرد أن تتأثر فتحتاج فتُخذَل؟! ما حاجتي فيك لو وجدتك أنت الآخر تسد أذني ؟!


_أنا مثلك ! لكنني لم أسمعك يوماً بأذنيّ ! فاسمعيني كما سمعتك !

تبتسم بشحوب لمرارة الذكري وهي تتذكر يومها وقد وقف كلاهما يسد أذني صاحبه مكتفياً بسماع همس روحه ..
فيرتجف صوتها وهي تواجهه بنظرة عاتبة أخفضت أسوار التحدي بينهما قليلاً :
_أعدك ألا أسمعك باذني فقط ..كما كان بيننا آخر مرة .

تراوده الذكرى ذاتها في نفس الوقت فيجتاحه شعوره الكاسح نحوها ..
يشعر بذراعيه يرتفعان نحوها دون وعي كأنه سيهم باحتضانها وليكن ما يكون ..
لكنه يعود ليخفضهما قسراً ثم يعطيها ظهره قائلاً بنبرته التي لم تفقد قوتها رغم الألم الذي تسرب عبر شقوقها:
_لماذا ؟! لماذا تصرين على النبش في قبور ماضيّ ؟! لماذا لا تتركينني وشأني ؟! لماذا لا تكرهينني فحسب ثم تمضين في طريقك؟!
_أنا فعلاً أكرهك !
تقولها كاذبة لكنها تتقن الادعاء وهي تردف :
_لا شيء يمنحك عذراً فيما جعلتني أشعر به ..لا شيء ..فلا تظن ما ستحكيه سيغير من الأمر شيئاً ..أنا أكرهك قبل أن أفهم وسأبقى أكرهك بعد أن أفهم ..لكنني لن أتنازل عن حقي في أن أفهم !

_وبعدها تتركينني وشأني مع مجد ؟!

يقولها من فوق كتفيه وهو يلتفت برأسه نحوها بعد صمت قصير حاول فيه لملمة شتاته ..
لتومئ برأسها فيما يشبه الوعد فيتحرك مبتعداً نحو الحائط القريب يواجهه ..
لماذا لا يبوح لها بسره لعله يزيحه قليلاً عن كاهله ؟!
لعلها تكرهه أكثر كما تزعم !
لعلها تتركه لشتات سفينته في بحر دون شطآن ..!

يقترب من الجدار أكثر يكاد يلاصقه كأنما يطارد علي طلائه المتشقق جحيم ماضيه ..
سبابته تمتد لتلامسه ..ترسم دوائر ..دوائر ..تتسع وتتسع ..
حتى يشعر بها تبتلعه فيفيض البوح غامراً دون انقطاع ..

_يحيى الأمين ..ابن واحد من أكبر رجال الأعمال في بغداد ..نشأت في حي المنصور كأروع مثال لما يمكن أن تحمله الحياة لأحدهم ..الوسامة ..المال ..النفوذ ..الترابط الأسري..أب يحبني بجنون- وقد كنت وحيده- لا يعيبه سوي فرط انشغاله ..أم رائعة حنون مثالية لا يعيبها سوى أنها تريد دوماً أن تكون المسيطرة على كل الأمور ..عائلة كبيرة تعدني لأكون خليفتها ..حياتي كلها كانت سلسلة من طلبات مجابة ..لا مستحيل ..حتي عندما طلبت أن أكمل تعليمي بالخارج بعد تخرجي ورغم رفض الجميع لاغترابي لكنهم رضخوا في النهاية ..جنة حقيقية عشت فيها سنوات عمري الأولي في بغداد ..عقل يشيد الجميع بذكائه ..وقلب امتلأ عن آخره بالحب ..عائلتي..أبي..أمي ..و..هي ..

يتحشرج صوته رغماً عنه في الكلمة الأخيرة فتتأهب حواسها بغيرة لا تستطيع التحكم فيها ..
تقبض كفيها بقوة خشية أن ينفلتا فتخمش ظهره بأظافرها عقاباً علي ذكره امرأة سواها ..
لكنها تزم شفتيها قسراً وهي تتركه لبوحه مكتفية بالاستماع عبر المسافة "الآمنة" بينهما ..

_"سراب"ابنة عمي ..حب طفولتي ومراهقتي وشبابي ..لا أذكر أنني يوماً رأيت لنفسي امرأة غيرها ..كانت صديقتي وابنتي وحبيبتي وزوجة الغد التي لم أتصور يوماً أن تحمل هذا اللقب سواها ..حاولت خطبتها قبل سفري لكنني صدمت ..الفتى المدلل صُدِم بأول "لا" تقال له في حياته ..رفض عمي رفضاً باتاً ومنعني من رؤيتها ..وفي نفس الفترة توفي أبي فرأيت تأجيل كل شيء لحين عودتي من السفر ..
ينعقد حاجباها بمزيج من ضيق وغيرة وهي تتصور السيناريو التقليدي ..عاد من السفر فوجد حبيبته استمعت لأوامر أبيها وتزوجت غيره لهذا كره النساء كلهن ورآهن رمزاً للخديعة !

فيما كان هو غارقاً في جحيم البحر الغادر ..

صوت زجاجة العطر لايزال يدوي في أذنه كيومها وهي تسقط من يده لتتحطم ..
لونها الأحمر يصبغ كل شيء حوله ..
المقبض الذي اشتدت عليه أنامله ..
الباب الذي تهاوى عليه ظهره ..
لن يبالغ لو زعم أنه إلى الآن لايزال يهوي!!
جرحٌ كهذا يبقى طوال العمر جمرة بين الضلوع

_لا تقل إن أخبار حبيبتك انقطعت فعدت من السفر لتجدها قد تزوجت !
تقولها وقد ضاقت ذرعاً بطول سكوته ليطلق ضحكة ساخرة قصيرة مكتومة ثم يصمت للحظات أخري متجاهلاً عبارتها قبل أن يعاود نزيف بوحه :
_لم ينقطع حديثنا طوال فترة سفري ..لكن شيئاً فيها كان قد تغي ر ..تباعدت كأنها لم تكن يوماً رفيقة العمر ..سألتها مراراً فتهربت ..حتي أرسلت لي رسالة يوماً أنها ضاقت بموقفنا المائع وأنها تريدني أن أعاود محادثة عمي بشأننا ..وبالفعل عدت ..

يرتعش صوته رعشة قوية مع هذا الانفعال الذي ارجف جسده كله وسبابته تتحرك بعصبية أكثر علي الجدار مع ارتفاع وتيرة صوته :

_عدت مباشرة من المطار على مكتب شركة العائلة التي يديرها عمي منتوياً مفاجأته وإخباره أنه أول من حرصت أن أراه عقب عودتي ..

يقطع حديثه والمشهد الذي طالما ذبحه يتراءى الآن له طازجاً بمذاق الجرح ..:


_عمي بالداخل ؟!
قالها همساً لسكرتيرته التي هشت ملامحها برؤيته لكنه أشار لها بالصمت وهو يراها تومئ برأسها إيجاباً قبل أن يشير لها بالانصراف ..
فتح حقيبته ليستخرج منها زجاجة العطر التي أحضرها له خصيصاً من الخارج وقد تَم تركيب عطرها الفخم المميز بهذا اللون الأحمر القاني ..

_لعلك ترضى يا عمنا ..وافق أنت فقط وسأغرقك بالعطر الذي تحبه!

يهمس بها لنفسه بسذاجة -تضحكه قهراً الآن- وهو يقترب ببطء من الباب ليصله صوت مألوف من الداخل ..

_أمي أيضاً هنا ! ستكون فرصة للضغط عليه .

يقولها لنفسه بالمزيد من السذاجة وهو يهم بطرق الباب للدخول لكنه يصطدم بقول أمه :
_زوّج سراب بسرعة قبل عودة يحيى! لا أريد النبش في هذا الموضوع .

انعقد حاجباه شاعراً بالغدر لكن الغدر الحقيقي كان فيما سمعه بعدها :
_تظنينني أنا السعيد بهذا الأمر مثلاً؟! يالله! ألم يجد سواها من بين كل البنات ؟! لكن لا تقلقي ..ابنتي في جيبي ..أنا تقريباً أقنعتها بالموافقة على العريس ..سنضع يحيي أمام الأمر الواقع .
_معك حق ..يحيي عنيد ولن يحل الأمر إلا بهذه الطريقة ..أنا فقط أخاف عليه من كسرة قلبه !
_كسرة قلبه أهون من معرفته الحقيقة .

أرهف سمعه بشدة وهو يشعر بهما يخفضان صوتيهما حد الهمس ففتح الباب برفق فتحة صغيرة ليصله صوتها بوضوح أكبر رغم خفوته :
_كان يجب أن أبعده عنها منذ صغرهما ..كان يجب أن أفهم ان مشاعره ناحيتها تتطور قبل فوات الأوان ..كيف غفلت عن هذا؟! كيف تركت ذنبنا يدنسه هو ؟! أنا خائفة ..مرعوبة ..ماذا لو تزوجها دون علمنا ؟! كيف سنسكت عن هذا الجرم ؟! هل سيكشف سترنا بعد كل هذه السنوات؟!

توقف قلبه عن النبض للحظة وهو يحاول تكذيب ما تبادر لذهنه ..
لكن عمه لا يدع مجالاً للشك وكفه يمتد ليربت على كف المرأة قائلاً :
_لا تخافي! لن أسمح لهذا بالحدوث أبداً ..هو ابني وهي ابنتي ..هما أخوان ولن تحيد علاقتهما عن هذا حتى ولو لم يعرفا حقيقة كونهما هكذا فعلاً.

صرخة خافتة تشق حلق طيف وهي تستمع منه لتفاصيل الموقف الأخير ..
صرخة تكتمها بأناملها وهي عاجزة عن التصديق !
توأم روحه!
لهذا كان يدعوها توأم روحه!
هو ابن غير شرعي..مثلها !!

صمتٌ ثقيل يسود بينهما لوقت غفل كلاهما عن عدّه ..
لا يزال يعطيها ظهره وسبابته تدور على الحائط بنفس الحركة الرتيبة ..
إنما صارت إظفره ما ينغرس على الطلاء يزيله دون وعي ..
لم يعد يرى حائطاً ..
لم يعد يري سوى نفس المشهد الذي ذبحه منذ أعوام ..
فقط عندما نطق أخيراً كانت كلماته ترتعش بغضب ..بألم ..ولأول مرة في عمرها تفهم كيف يمكن أن تنزف الحروف!

_تماماً كما فهمتِ! علمتِ الآن لماذا انجذبت إليكِ منذ اعترفتِ بحقيقتك يوم الندوة ؟! علمتِ لماذا كنت أقول أننا توأمان ؟! غير أنكِ استطعتِ الفرار من لعنة اسمك أما أنا ..فلا !

خيطٌ من الدمع العزيز يسيل على وجنتيها ورغم يقينها أنه لا يراها وقد أعطاها ظهره لكنها أعطته ظهرها كذلك لتمسح وجهها بأنامل مرتجفة ..
ولو في أشد خيالاتها جموحاً لم تتوقع أن تكون هذه الحكاية!
أمه خانت أباه مع عمه!
حبيبة عمره التي كان يعد نفسه للزواج منها ..أخته !

لكنه يبدو وكأنه انفصل في عالم آخر وهو يزيح المزيد من جبال الذكرى ..

_هكذا في غمضة عين ! صار الشاب المدلل الحسيب النسيب مجرد "ابن حرام"..صار أبي الميت ساذجاً مخدوعاً ..صار عمي أبي وعدوي ..صارت أمي خائنة ..وصارت حبيبتي أختي ..أختي التي هي حرامٌ علي أبد الدهر ! ياللعبث!!

المزيد من خيوط الدمع يرسم الأخاديد فوق ملامحها فتكتمه بقوة صامتة وهي تخفي وجهها بين كفيها ..

ليصلها صوته بالمزيد من النزف :
_وقتها سولت لي نفسي أن أفتح الباب كاملاً فأقتلهما معاً ..أنتقم ل"أبي" من .."أبي"! ياللسخرية!!

تنهيدة حارقة تذبح ما بقي من حروفه وهو يردف:
_لكنني لم أستطع ..خانتني قوتي كما خانني وقتها كل شيء.. لم أعد من يومها لبيت كان يوماً بيتي ! بأي حق أعود ؟! ألا يكفي أن خدعت أمي الرجل في حياته فاكمل أنا خطيئتها وأرثه بعد موته ؟! لمن أعود ؟! ومن أنا كي أعود ؟! فجأة صار العمر الماضي كله مجرد كذبة ! حتي اسمي كذبة ! قضيت الأيام بعدها هائماً في الشوارع .."ابن العز" صار صديق الأرصفة وقد حرمت مال العائلة علي نفسي ..حرّمتهم كلهم على نفسي ..تجاهلت حياتي القديمة وحاولت البحث عن عمل غير أني في كل مرة كنت أتقدم فيها باسمي كنت أصطدم بحقيقتي الخفية فأتوقف عن المحاولة ..هجرت الجميع ..العائلة..الأصدقاء ..الحياة كلها ..لكنني لم أستطع يوم زفاف سراب ألا أحضر ولو من بعيد ..فلتكن حبيبتي ..أو فلتكن أختي ..ما همتني وقتها صفتها ..الجرح واحد !

الأنوار المتلألئة ..اليخت الفخم ..زحام الحضور ..
التيوليب الأبيض حملته العروس لتلتفت فتلقيه في البحر ..
عريسها يخلع سترته ليلقي نفسه في الماء خلفه ثم يعود لها به ..
تعانقه بجنون عشق يتشاركانه فلا تأبه لابتلال فستان زفافها ..
كما لم يأبه هو قبلها ..
كل ما كان يعنيهما وقتها أن يشهد العالم أنه سيأتيها دوماً بما تريده مهما كانت العقبات ..
المشهد الذي طالما حلما به ..ليحققه غيره !

تغيم عيناه بالذكرى فيجف حلقه ولايزال إظفره يحفر في الحائط دون وعي ..

_لم تخبر أمك من وقتها بما عرفته ؟! لم تواجهها؟!
ينتزعه صوتها المختنق من جحيم أفكاره ليرد بشرود:
_لا! حتى عهد قريب كانوا يظنون أنني هجرت العائلة والبلد غضباً لأنهم حرموني من سراب ..لكنني زرت عمي -او فلنقل أبي- في السجن في بغداد منذ وقت قريب وكشفت له علمي بالحقيقة ..وأظنه أخبرها ..لا يهم ..لم يعد يهم ! أنا من تسببت في سجنه كما سجنني هو طوال العمر في كذبة ..غير ان سجنه قد يفك وسجني سيبقي مصيري العمر كله .


_ومجد ؟! ما علاقتك بها؟!

يزفر زفرة حارقة وهو يعود للشرود في ماضيه بكلماته :
_يحيي العراقي ..نزار ..وانا ! ثلاثة جمعتهم الصدفة ..يحيي العراقي كان محطة حياتي الثانية ..التقيته اول مرة في شجار خضته في الشارع بعد هجراني لعائلتي..يومها تكالب عليّ بعض السفلة وكادوا يقتلونني لكنه أنقذني من بين أيديهم وذهب بي لبيته البسيط ورغم هذا أكرمني واحسن مثواي ..وقتها رأيت مجد لأول مرة ..طفلة لم تتجاوز عامها الثاني ..تركتها أمها له بعدما علمت عن إعاقتها وغادرت العراق مع زوجها الجديد ..معه تعرفت على نزار لتبدأ صداقة هي للأخوة أقرب ..
_صداقة وأخوة ؟! أم شركاء في النصب؟!
لسانها السليط لا يكف عن طبعه حتي مع هذه الغصة التي استحكمت حلقها ليصمت للحظات ثم يرد كأنه لم يسمعها:
_أول عملية تشاركنا فيها كانت عجوزا متصابية كانت هي من بدأت بملاحقتي ..حاولت الرفض في البداية متشبثاً بمبادئ "ابن العز" القديم لكنني رغماً عني كنت أرى فيها ملامح أخرى ..ملامح تكررت مع كل امرأة خدعتها ..ملامح وددت لو أملك القدرة على معاقبتها في الواقع ..أو حتى مواجهتها بما علمته ..لكنني اكتفيت بالهرب ..بالعيش كسندباد لا يعرف له وطناً ولا أرضاً ..سمّه أنتِ نصباً ..احتيالاً..أو حتى جشعاً وقلة مروءة ..لكنني لا أرى فيه سوى قصاص ممن يشبهنها .

تهز رأسها بتعب حقيقي لكنه يستمر في بوحه دون انقطاع :
_ثم مات يحيى ..مات في السجن بعدما ألقي القبض عليه في قضية نصب وليست قضية سياسية كما أخبرتك ..فقررنا أنا ونزار أن نتكفل بمجد كابنتنا طوال العمر .

_ونعم الكفالة!
تقولها بتهكم مرير مردفة:
_وماذا لو تم القبض عليكما أنتما الاثنان ؟!
_أنا لا أترك خلفي ما يدينني ..وأظنكِ جربتِ..هل تملكين مقاضاتي أو مقاضاة نزار؟! هل لديكِ أي دليل يثبت أننا أخذنا منكِ شيئاً؟!

تطلق زفرة أخرى وهي تتخذ معه ستاراً من صمت آخر ثقيل ..
قدماها تحملانها إليه من جديد لتقف الآن خلفه تماماً ..
لكنه لم يلتفت إليها بل بقي على حاله ليصله صوتها برجفة لم تملك التحكم فيها :
_بقيت قصتي انا ..قصتك معي ..احكِ..
تشعر بتشنج جسده أمامها فتدير كتفيه نحوها لتجبره علي مواجهتها مردفة بانفعال:
_لا أظنني عجوزاً متصابية لاحقتك ..ولا امرأة خائنة كنت ترى فيها شبحك القديم .

_خطأ! أنتِ كنتِ أكبر خطإ وقعت فيه ! خطأ وددت لو دفعت العمر ولم أقترفه!
يصرخ بها بحدة كأنه يفرغ فيها انفعالاته السابقة كلها لتعود رغماً عنها خطوة للخلف ..
خطوة يقتربها هو وهو يهدر بانفعال:
_تلك الليلة التي اقتحمتِ فيها بيتي مع الشرطة تتهمينني بمجد كانت أول مرة أراكِ فيها ..تصرفك يومها استفزني لأسأل عنك وأعرف المزيد عن حياتك ..عمليتنا في أبو ظبي كانت تتعلق بشركة نزار فحسب لكنني قلت لنفسي ما الضرر في مكسب إضافي وكسر أنف متعجرفة مثلك ..تواصلت مع دار النشر خاصتك ونشرت الكتاب متعمداً لفت انتباهك ..لكنني عندما التقيتك يوم الندوة ..عندما رأيتك تواجهين الجميع بحقيقتك دون خوف ..عندما اصطدمت بهذه القوة الحقيقية فيكِ والتي تمنيت لو أملك مثلها ..ساعتها قررت الابتعاد عنك تماماً ..

ينعقد حاجباها بشدة وهي تتذكر ما يحكي عنه ..
ليردف بنفس الانفعال الحاد :
_لكن مجد دخلت في المعادلة ..لأول مرة تتدخل مجد في حساباتنا ..تعلقت بك وهي التي كانت تعاني من خوف الغرباء ..أنتِ الأخري تعلقتِ بها ..ووجدتني بينكما غير قادر على منع المزيد من القرب منكِ ..حاولت ..حاولت ..حاولت ..لكن ..

كفه المرتعش كان يترنح الآن بين وجهيهما كطير ذبيح ودقات قلبيهما تدوي هادرة كقرع الطبول ..
لم يكمل عبارته ولم تسأله أن يكملها ..
قضبان عينيه الآن كانت قد تهاوت تماماً لتبدو خلفها صحراء موحشة إلا من قمر بعيد ..
الآن صارت تراه بوضوح ..
ربما الرجل الذي هو الآن أمامها ليس ب"رونق" يحيي العراقي ..
لكن أسماله البالية الحقيقية أفضل لديها من اناقة سترته الزائفة ..
فليكن يحيى العراقي ..أو يحيي الأمين ..
ما يعنيها أنه يحيي ..يحيي فحسب!

وأمامها كان هو يشعر أنه يحترق!
البركان القديم الذي طالما أخمده الآن تندلع حممه هادرة لتلفحهما معاً !!
لماذا باح بسره لها؟!
لماذا؟!

_الآن وقد عرفتِ كل شيء ما عاد هناك ما يقال ..اتركيني وشأني ..انتهت الحكاية !
يقولها بين صرامة ووجع لتطلق ضحكة ساخرة وعيناها تتوهجان ببريق غامض:
_انتهت؟! بل بدأت ! عيبٌ على ذكائك يا سندباد!

ينعقد حاجباه بغضب وهو يهتف بها :
_أنتِ وعدتني لو أخبرتك بالحقيقة أن ..
_كذبت عليك !
تهز بها كتفيها مقاطعة حديثه لتردف بنبرة أكثر حدة:
_واحدة بواحدة .

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يراها تردف بشراسة ليست غريبة علي طبعها:
_تظنني سأتركك بهذه البساطة ؟! تقول آسف فأقبل اعتذارك بابتسامة سخيفة ويمضي كل منا في طريقه ؟! لا يا سيد يحيى ..لست أنا من تفرط في ثأرها ..

"ولا في حبها!"
تكمل جملتها سراً بقلب يشاركه جرحه وإن كانت تعلم أنها أبدا لن تبوح بها ..

_ماذا تنتوين؟!
يسألها بتوجس وهو يحاول دراسة رد فعلها على ما ذكره من ماضيه لتقترب منه أكثر قائلة بخبث:
_أخبرني أنت ! ألا تزعم أننا توأمان وأنك تفهمني ؟! بماذا كنت ستنتقم مني لو كنت مكاني؟!

وجهه يحتقن بانفعاله ونظراته تشتعل بنيران تكاد تحرق أنفاسه ..
لترفع هي كفها في وجهه قائلة بنفس الشراسة الساخرة:
_لن أحيرك طويلاً في التفكير ..سأسجنك !

يكز على أسنانه بقوة تكاد تحطمها وهو يراها تردف بنفس النبرة :
_لا ..ليس السجن الذي ورد على خاطرك ..سجن من نوع آخر ..سأتزوجك !

صيحة قصيرة تشق حلقه وهي تلقي مفاجأتها في وجهه قبل أن تدور حوله ببطء كأنما ترسخ له شعوره بالحصار :
_ليس الزواج الذي تظنه ..سأكتب في العقد أنه يمكنني تطليق نفسي متي شئت ..حريتي ستبقي في يدي ولا داعي لأخبرك أنك لن تمسني ..كل الحكاية انني سأحبسك هنا في بلدي قليلاً ..أكسر سفينة السندباد على رأسه ..أتسلى بك كما تسليت بي ..أشتريك بثمن بخس كأي ثوب أرتديه وأخلعه متى شئت ..زواجنا هو الذريعة الوحيدة التي ستضمن لي أن عاصي سيبقيك هنا تحت عينيه فلا تفلت ..لماذا؟! لأن مجد تحتاجك جوارها ..وأنا أحتاج مجد جواري ..آه ..نسيت إخبارك ..مجد ستبقى معي أنا ..سأحدثك بلغة مهنتك وأخبرك أنها نصيبي من صفقتك الخاسرة ..أو أحدثك بلغتي أنا وأخبرك أنني لن آمن عليها اثنين مثلكما أنت وصاحبك الآخر ! لهذا سأبقيك معنا قليلاً حتي أمهد لها رحيلك ..وفي الوقت الذي أحدده سأخرجك من حياتنا للأبد !

_بماذا تهذين أنتِ ؟! ها؟! بأي صفة تبقين معها؟! ومن هذا الذي سيرحل عنها ؟! مجد ابنتي ..ابنتي ..هل تفهمين ؟! ولن أتركها أبداً مادام في صدري نفس يتردد !

_سنري!
تقولها باستفزاز وهي تلوح بكفها في وجهه فيمسك معصمها بقوة ليجذبها نحوه هادراً بعنف:
_أنا رددت لك مالك وأخبرتك بكل ما تريدين معرفته ..اكتفي بهذا ودعينا نغلق صفحتنا للأبد !
_ليس بعد ..أنا من ستقرر متى وكيف أكتفي منك !
تقولها بشراسة من بين أسنانها ..
شراسة تتسرب منها عاطفتها الحقيقية رغماً عنها فتشعل المزيد من نيرانه وهو لا يدري هل يعتصر جسدها الآن حباً ..أم يعتصر عنقها غضباً ؟!

لكنها تنفض ذراعها منه بقوة لتبتعد عنه بظهرها قائلة :
_ليس لديك خيار آخر ..سأخبر عاصي بقراري وإياك ان تفكر في تكذيب كلامي ..ساعتها سأفضح حقيقتك لمجد وسأحرمك منها العمر كله !

تقولها لتفتح الباب وتغادر فيلكم الحائط بقبضته يدميها بغضب ..
كيف ظن يوماً أنه يفهمها؟!
هاهي ذي تفاجئه بما لم يتوقعه !!


بينما تعود هي لسيارة عاصي بخطوات راكضة وهي تحاول استيعاب كل هذا الذي سمعته ..
فيما بعد ..
فيما بعد ستسمح لنفسها بالتفكير ..

_تعرفين عقاب من تنبش قبور ماضيّ؟! أن تحترق معي بي ؟!

تسمعها بصوته كما كان يومها فتغمض عينيها بألم وهي تدرك كم كان صادقاً !!

تصل إلى السيارة أخيراً ولم تكد تستقلها حتى هتفت به بانفعال ودموعها تتحجر في عينيها:
_يجب أن أتزوج هذا الرجل !
نظرته المشتعلة تزداد غضباً وهو ينقر بأنامله على حاسوبه المغلق ليهمس ببرود مشتعل:
_لماذا؟!
_أنا ..أنا أحمل طفله!

لم يبدُ متفاجئاً بكذبتها !
فقط عيناه كانتا تحلقان فوق ملامحها بمشاعر متناقضة ..
غضب ..ثورة ..إشفاق ..أسى ..
كلها مشتعلة ..كلها حقيقية !!
أصابعه الحرة تتشنج فوق مسدسه المختبئ في جيبه للحظة قبل أن تعود لتتراخى ببطء..

_لماذا لا ترد ؟! إياك أن تمسه بسوء ! لو كنت تريد ..
تهتف بها بحدتها المعهودة وجسدها كله يرتجف انفعالاً لكنه يقاطعها بقوله:
_ليس الآن! سأعطيكِ ردي إنما ..ليس الآن .

أنفاسه تبدو لها لاهثة مشتعلة تناقض هذا البرود الذي يتحدث به ..
لكنها تكتفي بكل هذه الفوضى التي تعيث فساداً بحناياها فتهتف بصوت متهدج رغم فظاظة لهجتها:
_أريد رؤية مجد ..أظن هذا لا يحتاج لانتظار ردك !
يحدجها بنظرة مشتعلة أخري ثم يعطي أوامره للسائق بالانطلاق ..
فيما تسند هي رأسها لظهر المقعد مشيحة بوجهها لتسمح أخيراً لخيط رفيع من الدمع أن يسيل مادامت تستره الظلمة !
=======
انتهى الفصل العشرون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 02:21 AM   #1629

مها العالي

? العضوٌ??? » 372455
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 132
?  نُقآطِيْ » مها العالي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل روعة روعة روعة قليلة عليه
ايه القوة والشخصية الي عند طيف 🖤🖤🖤🖤🖤
تستاهل يا فادي الي حيجيك من يولندا
يارب ماتتم الزواج حقت يسرا وإبراهيم قد انهم حلوين ❤❤❤❤❤مع بعض


مها العالي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-20, 02:35 AM   #1630

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

نيمو و ايه الفصل القنبلة ده ربي يسعدك ويعطيك العافية حبيبة قلبي ي نيمو فصل فووق الخيال ❤️❤️❤️❤️

المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.