آخر 10 مشاركات
جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          والروح اذا جرحت (2) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة في الميزان (الكاتـب : um soso - )           »          كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-03-21, 10:06 PM   #2621

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي




هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-21, 10:07 PM   #2622

هبه شناوي

? العضوٌ??? » 474939
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 474
?  نُقآطِيْ » هبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond reputeهبه شناوي has a reputation beyond repute
افتراضي



هبه شناوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 12:23 AM   #2623

حبيبه عبدالفتاح

? العضوٌ??? » 478211
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 34
?  نُقآطِيْ » حبيبه عبدالفتاح is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل على احر من جمر حساااام وسجايره😅😍

حبيبه عبدالفتاح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 12:43 AM   #2624

طبيبة مصرية

? العضوٌ??? » 382460
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 51
?  نُقآطِيْ » طبيبة مصرية is on a distinguished road
افتراضي

مستنييييين طططططط

طبيبة مصرية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 01:06 AM   #2625

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

نيمو يا نيمو يا احلى نيمو
تسجيل حضور


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 01:28 AM   #2626

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 148 ( الأعضاء 24 والزوار 124)
‏ميمو٧٧, ‏بلانش, ‏شهوودة, ‏lanlon1, ‏الصبر بس, ‏Dodonia, ‏الاشجار, ‏meka980, ‏سلمى جيجل, ‏Hoda Sheta, ‏الغجرية السمراء, ‏nesrin14, ‏طبيبة مصرية, ‏الزنجية الشقراء, ‏Totaty, ‏Hafelha, ‏حبيبه عبدالفتاح, ‏وعد بالخير, ‏أسماء حلمي, ‏دانة 2008, ‏هاديةضاهر, ‏dorra24, ‏Doha Ebrahem, ‏Soi


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 02:42 AM   #2627

اني عسوله
 
الصورة الرمزية اني عسوله

? العضوٌ??? » 390126
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 215
?  نُقآطِيْ » اني عسوله is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
جمعة مباركة 💗 صلو على من يشفع لنا يوم الموقف العظيم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين بعدد خلقه ورضا نفسه وزنه عرشه ومداد كلماته 💗
تسجيل حضور 👍👌😍


اني عسوله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 02:59 AM   #2628

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

في انتظارك ي أستاذة❤️❤️❤️

المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 03:02 AM   #2629

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف الثامن والعشرون
======
*أخضر*
=====
_هل انتهيتِ ؟!
يسألها إيهاب وهو يراها تحضر حقيبتها استعداداً للانتقال لبيت إياد لترد بابتسامة مصطنعة :
_كدت !

تعود لتنهمك فيما تفعله وهي تهرب بعينيها منه شاعرة بالاختناق ..
فمن تلوم إلا نفسها ؟!
هي التي عادت تلقي نفسها في بئر التنازلات هذه المرة لكنها لم تكن تملك خياراً آخر ..
هي خسرت عملها ونفسها وقبلهما شقيقتها ..
فهل تخسره هو الآخر ؟!

فيما يراقبها هو بنظرة آسفة وهو يشعر بالحزن الذي تخفيه ابتسامتها المصطنعة ..
يعرف أنها لم تكن لتوافق على وضع كهذا إلا لأجله ..
هو منحها حرية الاختيار للمرة الثانية ..فاختارته أيضاً !
لماذا إذن يشعر بكل هذا الذنب نحوها ؟!

تنقطع أفكاره وهو يراها تتناول ملابسها من الخزانة فتقع عيناه على قمصان نومها التي لم ترتدها منذ زواجهما ..
وكذلك فعلت هي وأناملها تتلكأ عليها للحظة ..
لحظة واحدة لكنها كانت كافية لتطعنها هي بنصل الشك في أنوثتها وهي تحمل نفسها مسئولية فشله..
وتطعنه هو بنصل شعوره بالنقص والذي يزداد تضخماً بينهما كلما مرت الأيام ..
صحيح أنه لم يحاول أن يعيد الكرة من يومها مخافة أن يفشل من جديد -فلا تزال ذكري ليلة الزفاف بينهما - لكنه يوقن أن السد بينهما يزداد ضخامة خاصة وهي الأخرى لا تحاول الاقتراب مكتفية بصداقتهما المزعومة .

كلاهما واقف مكانه ينتظر خطوة الآخر فلا يجد أيهما بغيته !!

يزفر بضيق وهو يراها تتجاوز قمصان نومها دون أن تمسها فتلتفت نحوه تسأله بقلق:
_ماذا حدث ؟! لماذا تزفر هكذا ؟!

لكنه هو الآخر يتصنع ابتسامة وهو يتشاغل بالنظر في هاتفه قائلاً:
_لا شيء .

لكنها تغلق الحقيبة علي ما فيها لتتوجه نحوه قائلة :
_أنت تخشى الإقامة مع إياد في بيت واحد ؟!
_لا ! طريق الصفح معه لا يزال طويلاً لكنني مستعد للمضي فيه لآخره ..يجب أن يشعر برغبتنا الصادقة في وجوده معنا ..هذا أقل حقوقه .

يقولها ببساطة خادعة مرتدياً قناع "الفاجومي" ليردف وهو يرفع الهاتف ليلتقط لهما صورة مع حقيبة سفرها :
_ستفيدنا لقطة كهذه عندما نتحدث عن "دعم العائلة" لي.."خوخة" تقول إن بيت إياد شديد الفخامة ..يمكننا التصوير فيه كذلك ..لقطاتٌ كهذه ستكون عالية المشاهدات ..رأيتِ عدد المشاركات للفيديو القصير الذي شاركتِه على صفحتك بالأمس ونحن معاً في صالة الألعاب الرياضية ؟! تعلمين أن صاحب الصالة بعدها طلب مني إعلاناً ممولاً ؟!

تبتسم بحسرة لم يشعر به سواها ..
حسرة على نفسها ..وعلي "الفاجومي" القديم الذي صار يرى قيمته في مجرد "أرقام " تضغطها أصابع الناس !
الناس الذين طالما ادعى عدم اكتراثه بهم !!

تسمع صوت خديجة تناديهم من الخارج فيخرج إيهاب من الغرفة بسرعة حاملاً الحقيبة فيما تبقى هي تناظر الغرفة بنظرات خاوية ..
هل تدعي أنها ستفتقد هذا المكان ؟!
لا تدري ..
هي حقاً لم تعد تدري ..
هي تسير في طريقها مغمضة العينين تنتظر الاصطدام الوشيك الذي ستسقط بعده دون قيام !

تغادر الغرفة والبيت كله معهما لتستقل معهما سيارتها نحو بيت إياد بعدما منحتها خديجة العنوان ..
تتركهما لحديثهما لتشغل أغنية عاطفية حارة المعاني قبل أن تنساب خواطرها بعيداً نحو "جنة خيالها "..
حيلة جديدة ابتكرها عقلها الباطن كأنه يحميها المزيد من الغرق في أسى واقعها ..

تتخيل إيهاب في صورته "الكاملة" التي تتمناها ..يهمس لها بكلمات الغنوة ..ترتدي له أحد هذه القمصان التي تركتها خلفها في البيت المهجور فيسمعها أروع عبارات الغزل ..يخبرها كم هي رائعة ..مثيرة ..يتندر عن حمق زوجها السابق الذي استطاع مقاومة فتنة كهذه ..يعانقها بهذه القوة التي تثير حواسها ..يحاول تقبيلها فتتمنع دلالاً لكنه يضمها ببعض العنف فارضاً عليها سحر رجولته ..يمزق قميصها ويمزق معه كل أثواب النقص التي ارتدتها قبله ..فتبقى عارية إلا من حبه يلقي عليها سدل ستر و.."كمال"!

تدمع عيناها دون وعي وهي تعود لواقعها بعد انتهاء الغنوة لتختلس نظرة جانبية نحوه فتراه منشغلاً بهاتفه كعادته مؤخراً يراقب عدد مشاهدات قناتها علي "اليوتيوب" والتي صارا يشاركان فيها فيديوهات قصيرة يومية لهما بتوصيات من ذوي الخبرة ..
تعترف أنها طريقة ناجحة لتستعيد شعبيتها وعدد المشاهدات يزداد يومياً خاصة مع خفة ظل إيهاب المعهودة وتعمده الحديث ببساطة عن تجاوز عاهته ..
لكنها لا تشعر بالفخر ..بل بالخزي !!
كل ما حولها يصيبها بالاختناق ..
فتعود ل"جنة خيالها " هاربة من جديد بغنوة أخرى!

_انتبهي!

تصرخ بها خديجة بجزع فتنتبه للسيارة التي كادت تصطدم بها لتتدارك الأمر في الوقت المناسب فتتفاداها ..

تسمع خديجة تلهج بالحمد بينما يهتف بها إيهاب بلهفة حقيقية افتقدتها في صوته منذ زمن :
_أوقفي السيارة .

تستجيب لأمره دون أن تفهم السبب لكنها ما كادت تلتفت نحوه حتى شعرت به يجذبها نحوه ليضمها إليه بقوة ..
تغمض عينيها بقوة وهي تشعر بتلاحق أنفاسه اللاهثة يفضح عاطفته نحوها فتزداد كثافة الدموع في عينيها وهي ترفع وجهها إليه قائلة :
_أنا بخير ..لا تقلق ..

لكنه يبدو غافلاً عنها وهو يشعر أنه يفرغ كل توتره في عناق كهذا !
خوفه من فقدها صار يقارب الهوس !!
قلبه يرفع راية عشقها ..
وعقله يرفع راية فخره بامرأة مثلها ترقع قميصه المثقوب بعاهته!
فلا يفكر أيهما تعلو رايته أكثر !!
كل ما يعرفه أنها صارت في حياته أغلى من هواء يتنفسه !!

وفي مكانها تراقبهما خديجة بقلق وهي تقرأ بخبرتها إشارات البركان الخامد الذي يوشك على الانفجار ..
مرح إيهاب المصطنع رغم قرب مواجهته الدائمة مع أخيه ..
ابتسامة عزة الباهتة واستجابتها للتخلي عن مبادئها القديمة ..
وهي ..
هي التي تجد نفسها في هذا العمر مجبورة أن تدفع فواتير الماضي القديمة مع ابنيها فلا يمكنها التمييز بين ظلم وعدل وقد اختلطت الرؤى!

ترى إيهاب يفلت عزة من بين ذراعيه أخيراً كأنما ساءته ردة فعله "المنفلتة" والبعيدة عن الاصطناع الدائم الذي صار يفرضه قناعه فتتنهد بحرارة وهي ترى عزة هي الأخرى تعود للقيادة متشبثة بابتسامتها الباهتة ..

يصلون أخيراً للبيت فتتسع عينا عزة بانبهار وهي تميز فخامة الفيللا أمامها ..
رغم اعتيادها هذه المظاهر في وسط عملها لكنها بدت لها شديدة الأناقة بذوق مميز ..
ورغم هذا كان قلبها يختض بصدرها بعنف وهي تشعر بالاختناق من تصور حياتها هنا ..

بينما كان إيهاب في وادٍ آخر وهو يتذكر قول إياد ..

_صار لدي بيت !

فلا يدري هل يفرح لأخيه الذي حقق حلمه بأروع ما يكون هكذا ..
أم يتساءل بمرارة ماذا دفع في مقابل هذا ؟!
هل يفخر بنجاح أخيه ؟!
أم يشعر بالخزي من نفسه أكثر ؟!
هاقد انقلبت الأدوار يا إياد !!
كنت أنا المدلل الذي يخطف الأبصار وكنت أنت نبتة الظل المنزوية ..
فقال القدر كلمته ليرفع أحدنا ويخفض الآخر !!

يترجل من السيارة ليقف مع عزة وخديجة أمام البيت الذي فتحت بوابته أوتوماتيكياً ليبدو خلفها إياد مع هذا الشاب الغريب الذي يراه إيهاب لأول مرة ..

يتقدم إياد نحوهم بنظرة مغلقة وملامح مبهمة أخفت بجدارة ما يعتمل بصدره وهو يقول بنبرة محايدة :
_لا يصح أن يرحب بالناس في بيتهم ..وهذا صار بيتكم ..صحيح ؟!

ورغم ظاهر الود في عبارته لكن خديجة شعرت بنصل بارد يخز صدرها وهي تترقب خطراً مجهولاً يستشعره حدسها ولا تعرف سببه ..

يمد إيهاب يده ليصافح أخاه فيرمق إياد كفه الممدود للحظات بنفس النظرة المغلقة قبل أن يصافحه بصمت قهر كليهما وكلاهما يتحاشى النظر للآخر ..

يتحرك إياد ليواجه عزة أخيراً بنفس النظرة القاتمة لتطرق ببصرها وهي تشعر بنفس الضيق الذي يملأها كلما تراه..يمد لها يده مصافحاً ليزداد شعورها بالاختناق وهي تسمعه :
_دعيني أعترف أن موافقتك على الإقامة هنا في بيتي أدهشتني ..يبدو أنك تحبين إيهاب كثيراً ..هو يجيد زرع حبه في قلوب النساء .

نبرته الباردة تفضحها أخيراً هذه المرارة التي نضحت بها حروفه الأخيرة ..
مرارة لو نطقت لصرخت .."ورد"!

_أنا أعرفك ! صحيح أنني غير مهتم بالطبخ ..لكنني شديد الاهتمام بأي امرأة تجيده !

يقولها نزار مصافحاً إياها بنبرته العابثة التي لا تثير الضيق بقدر ما تبعث المرح فيرفع الجميع إليه عيوناً متسائلة ليعرفه إياد لهم :
_نزار ..أخي العراقي!
تشحب ملامح خديجة فجأة فكأنها رأت على وجه نزار شبح أبيه ..
ولم يكن نزار أفضل منها حالاً وهو الآخر يكره نفس الرجل !

_عاد من العراق ليقيم هنا معي في مصر ..كأنما هو قدرنا أن يجتمع الإخوة في بيت واحد ..بيتي !

يقولها بنفس النبرة المغلقة لتتشح كلمته الأخيرة بمزيج غريب من مرارة وشماتة لم يقرأها سوى إيهاب الذي حدجه بنظرة طويلة صامتة قبل أن يتحرك ليصافح نزار بعبارة ودود ..

يتحركون لداخل البيت الذي أشار إياد لحارسه أن يغلقه وعيناه تتقدان بوهج مخيف ..
هل آن الأوان أن يسدد الجميع فواتير الماضي ؟!

يصطحبهم نحو غرفة خديجة التي خصصها لها في الطابق الأرضي ليفتحها لها فتدور بعينيها على أثاثها الفخم ليقول هو بنفس النبرة :
_اخترتها لك تطل على الحديقة وحمام السباحة ..أذكر أنك كنت تحلمين يوماً بغرفة نوم كهذه ..الأثاث أبيض اللون كما تحبينه ..لا تحبين المرآة في مواجهة الفراش ..بل جواره ..لا تحبين شماعات الملابس فالثياب مكانها الدولاب كما كنتِ دوماً تقولين ..تحبين الكومود بلا خزانة متعدد الأدراج..فالخزانة تضيع المساحة دون فائدة ..تحبين السجاد بلون واحد كي تبدو عليه النظافة ..هل أخطأت في تذكر شيء؟!

تدمع عيناها وهي ترمقه بنظرة طويلة صامتة ..
بقدر ما يحمل صوته من ظاهر ود ..لكنها تشعر بكل ما يخفيه من عتاب ..
تود لو تعانقه في هذه اللحظة لكنها تتخشب مكانها شاعرة بالحاجز اللامرئي بينهما ..
حاجز لا تظن نفسها ستتجاوزه بهذه البساطة ..
وقد صدق ظنها عندما وجدته يميل على أذنها هامساً بخفوت كي لا يسمعه سواها:
_واخترتها قريبة من باب البيت ..أعرف أنك تحبين الخروج السريع .

تشعر بهذه الغصة في حلقها وهي تدرك مغزى عبارته لترفع إليه عينين عاتبتين ..ومعتذرتين !

لكنه يتجاوزها وهو يتحرك نحو الغرفة المجاورة التي فتحها ليخاطب عزة بقوله :
_وهذه اخترتها لكما..استنتجت ذوقك من ديكور البرنامج الذي يقولون أنك صاحبته ..

تتسع عينا عزة بدهشة لم تملكها وهي تتفحص أثاث الغرفة الذي جمع اللونين البندقي والأخضر في مزيج فخم ..
لو كانت ستختار غرفة فلم تكن لتصير أفضل من هذه !
هذا الرجل يعرف ما يفعله حقاً ولعل هذا ما يزيد شعورها بالاختناق !!

_أما أنا فاختار لي غرفتي بالدور العلوي ..لأنني أحب الانزلاق على "درابزين" السلم ..يزعم أنه يفهم ذوقي ولو كان صادقاً لملأ لي الغرفة بصور الفتيات مادام عاجزاً عن إحضار مجسمات حية !

يقولها نزار بنبرته العابثة محاولاً تخفيف الجو المتوتر بينهم لتمط خديجة شفتيها باستياء فيضحك هو باستهانة قائلاً لنفسه :
_أراهن أن "أبلة الناظرة" تريد تربيتي من جديد !مع هذا الثلاثي الكئيب ومع إياد الغامض ستكون أيامي هنا الفترة القادمة أشبه بفيلم ممل سأشاهده قسراً!

_يمكنكم الاستراحة حتى يعدوا الغداء .

يقولها إياد وهو ينسحب مع نزار مبتعداً لتبتعد خديجة بدورها نحو غرفتها وهي تشعر باللقاء الأول لهم هنا لا يبشر بالخير ..

فيما يغلق إيهاب باب غرفتهما خلفه وهو يطرق برأسه ..
لن تكون الإقامة هنا سهلة كما كان يظن ..
ليس وأخوه -على ما يبدو - يصر أن يغرس في الصدور نفس النصل القديم !!
لكن ..لماذا لا يقترب هو منه ؟!
لماذا لا يزال بهذا الوهن من أن يفعلها ؟!

تنقطع أفكاره وهو يسمع صوت هاتف عزة يرن لتفتح الأخيرة الاتصال ..
يحاول قراءة ملامحها فلا يستطيع ..
ياللخسارة !
هي التي كانت يوماً أمامه كتاباً مفتوحاً ..الآن لا يمكنه تمييز رضاها من ضيقها !!
يتنهد بضيق وهو يتحسس ساقه الصناعية تحت سرواله بحركة صارت هوساً ..
لتلتفت نحوه عزة أخيراً بعدما أنهت الاتصال لتقول بابتسامتها المصطنعة :
_يبدو أن فكرة المخرج كانت نافعة حقاً ..تعرف من التي تكلمني ؟! "بتول الراعي"! صاحبة أشهر برنامج على القناة ..تريد استضافتي في حلقة برنامجها القادمة معك لنتحدث عن قصة زواجنا واحتفالاً بعودتي لبرنامجي ..أجل ..بعد بضعة أيام سأعود لتصوير برنامجي من جديد .
=======










======
*بنفسجي*
======
_ادخلا ..
يقولها حسام بصوته القوي الذي غزته حشرجة خفيفة وهو يفتح باب بيته لديمة وسند الذي وقف يناظر الحديقة بفرحة نطقت بها عيناه وهما تبحثان عن سلطانة التي علا صوت نباحها وسط جرائها ..
لا تزال ديمة زائغة البصر كأنها لا تعي ما حولها ..فقط كفها يتشبث بكف سند الذي أشار بكفه الحر نحو الكلبة لترتجف شفتا حسام بابتسامة واهنة وهو يتحرك بهما نحو سلطانة مخاطباً سند بقوله:
_هم أولادها ..أنا اخترت لهم أسماءهم ..كيدار ..أميليا..كليلة ..فيجا ..زادة! غداً أخبرك بمعاني أسمائهم .

يقولها حسام وهو يشير للجراء واحداً واحداً وقد علق في رقبة كل منها شريطاً جلدياً تتدلى منه حلية نحاسية حفر عليها اسمها ..فيترك سند كف ديمة ليرفع عينيه نحو حسام بنظرة وجلة لكن الأخير ينحني ليجلس على ركبة واحدة أمامه قائلاً :
_لا تخف ..سلطانة تثق بأصدقائي ..وأنت صرت منهم .
لا تزال بحة صوته المتحشرجة تثير عجب من يعرفه بينما يبدو التردد على وجه سند للحظات قبل أن يأتي بنفس الفعل المزلزل وهو يمسك كف حسام ليمسد بالكفين معاً عنق سلطانة ..وجرائها هذه المرة !

فيما تقف ديمة دامعة العينين وهي تراقبهما بشرود ..
ما الذي تفعله هنا ؟!
وماذا سيكون مصيرها مع الصغير عندما يعلم عاصي بزواجها من حسام ؟!
هل سيصدق وقتها أنها لم تفعلها إلا لغرض الحماية ؟!
لن يفعل!
لا أحد سيصدقها !
واحد فقط وعدها أن يفعل ..
حسام!

نظراتها تتركز على حسام لتتذكر ما كان بينهما في المشفى ببعض العسر ..
لا تزال مشوشة بين الخيال والواقع لكنها تذكر وعده جيداً ..

_سأصدقك ..دوماً سأصدقك ..

_ديمة ..

لم تنتبه لنداءاته المتكررة حتى علا صوته في الأخير ليرتجف جسدها بخوف غير إرادي وهي تتلفت حولها فيتنهد بتفهم وهو يغمغم عبر صوته المثقل:
_سند يبدو متعباً ..نحن نلعب منذ ما يقارب الساعة ..ألا تشعرين بالتعب أنتِ أيضاً؟!

ساعة!!
هل تقف هكذا منذ ساعة ؟!
هل فقدت الشعور بالزمن كما فقدت الشعور بالألم الذي عاد إليها الآن وهي تحرك قدميها ببعض العسر لتشعر بالوجع فيهما ؟!

تشعر بكفه على ظهرها فيرتجف جسدها بالمزيد من الخوف وهي تطرق برأسها للأسفل مكتفية بضم سند إليها وهم يتحركون نحو البيت الذي فتح حسام بابه وما كاد يغلق بابه خلفهم حتى التفتت إليه بنظرة مرتعبة كأنها أدركت -لتوها- ما فعلته !

_لا املك سوى غرفة نوم واحدة ..لم أكن أتوقع وأنا أشتري هذا البيت أنه سيكون هناك من سيشاركني سكناه .

يقولها بخشونة نجحت في إخفاء هذا الوجع داخله وهو يفكر في عبارته ..
هاقد اقتحمت ساحرته الصغيرة أسوار قلعته لكن يقينه أنها لن تبقى هنا طويلاً ..
مجرد عابرة سبيل كغيرها ..
لا مكان للبراعم وسط جدب صحرائه ..
بل شوك صبار فحسب!

_ستكون هذه غرفتنا معاً ..ثلاثتنا!

يقولها وهو يدفعهما برفق نحو غرفة نومه التي فتحها ليرفع إليه سند عينين واسعتين متشحتين بمشاعر عدة ..
فينحني نحوه حسام لينظر لعمق عينيه قائلاً:
_تخاف النوم معي؟!

يبقى سند يناظره للحظات وقد تكور كفه الصغير في جيب سترته لينتبه حسام وهو يمد يده ليخرج كف الصغير من جيبه ليراه قابضاً على "بطته" الصفراء الصغيرة ..فيهمس له بين حزم ولين :
_أبقها في جيبك وأعطني كفك ..

يبدو التردد علي وجه سند للحظات لكنه يستجيب أخيراً فيقبض حسام على كفه بقوة رفيقة قائلاً:
_نحن نستمد القوة من داخلنا لا من خارجنا ..إذا لم تقوّ أنت قلبك فلن يمنحه القوة أي شيء ..أي شيء ..هل تفهم ؟!

تنفرج شفتا الصغير كأنه على وشك الكلام لكن شفتيه لا تسعفانه سوى بكلمته الواحدة :
_ماما .

هذه التي تخز قلب حسام وهي تذكره بذنبه فيشيح بوجهه لكن سند يمد كفه الحر ليدير وجهه هو نحوه فيجبره على النظر إليه ..
تتسع عينا حسام رويداً رويداً وهو يقرأ نظرة الصغير بتفرس نهم ..

لم يكن نافراً ..لم يكن خائفاً ..بل كان يرمقه بهذه اللهفة الطفولية التي اتسعت لها حدقتاه كأنه يريد المزيد منه ..
الحقيقة أن كليهما كان يريد المزيد من الآخر!

حسام الذي ارتعد جسده وهو يرفع ذراعيه نحو الصغير بخوف لم يشعر به سواه ..
يريد معانقته ..يريده بحاجة ضارية ..
لكنه يخشاه !
هو اعتاد الظمأ طوال هذه السنوات فلم يعد يؤذيه طول صيام ..
ويخشى أن تفسد "قطرة ماء" زهده فلا يعود بعدها قادراً على المزيد من الحرمان .

_افعلها .

كأنها خرجت لتوها من كهوف غياباتها لتهمس بها ديمة بخفوت وهي تشعر بما يكابده مستعيدةً ما روته لها أمه عنه فيرفع إليها بصره بحدة لكنها تكرر بنفس الخفوت المرتجف :
_افعلها ..يمكنك معانقته ..

حلقة الزعفران في عينيها تتوهج ببريق باهت لكنه كان يكفيه !

يعانق سند !
يغمض عينين ويفتح عالماً!!
عالماً يبدو هو فيه غريباً ملفوظاً لكنه -للعجب- يتشبث بموطئ قدمه فيه كأنه لو فعل فسيقبلون به لاجئاً!!
آهة عالية تطلقها روحه ..
كل ندبة تركتها سجائره المطفية تكاد تصرخ مكانها فيقشعر بدنه كله !!
كيف يمكن هكذا أن يجتمع في موضع واحد أقصى شعور ب"النقص" مع أقصى شعور ب"الكمال"؟!
مرارة اليأس مع حلاوة أمل ؟!
طول "خذلان" مع استشعار "سند"!
أيهم منح الصغير هذا الاسم ؟!
كأنه كان يعلم أنه سيكون له منه كل النصيب ؟!
قطعة "البازل" الناقصة تبدو وكأنها تطابق هذا الفراغ الناقص بلوحة روحه ..
لكن هل يطمع مثله في كمال؟!
دمعة حارقة تكوي حدقته فلا يكترث إن كانت لا تزال أسيرة جفنيه أم فضحها السيل فوق وجنته ..
لا يهم !
هاهنا فقط لا يهم !

يبعد الصغير بأنامل لا تزال مرتجفة ثم يتحرك به نحو الفراش ملاحظاً تثاقل جفنيه ورغبته في النوم لتلحق بهما ديمة ببطء وهي تشعر أنها في حلم غريب ..
تستلقي شبه جالسة وهي تضم سند إليها محدقة في الفراغ أمامها ليرقب هو جانب وجهها بتفحص لدقائق طالت ..
هذه الوسادة التي طالما شهدت حلمه "المستحيل" بها ..
الآن وقد صارت واقعاً ..تبقى مجرد حلم أشد استحالة!!

_نام .

يهمس بها أخيراً بخفوت وهو ينهض برفق من مكانه فتنهض بدورها وهي تتلفت حولها بنفس النظرات الزائغة ..

_تشعرين بالغربة هنا؟!
يسألها بالنبرة العجيبة التي مزجت قوة صوته بحشرجته لترتجف شفتاها بالرد :
_منذ فقدت بيتي في سوريا ..كل البيوت صارت غريبة ..

ردها يعيده لعبارة قديمة قالتها له فيغمغم :

_يوماً ما سأحقق لك هذا الحلم ..بيت تملكينه ..لك معه !

يقولها مشيراً لسند ثم يعود ببصره إليها مردفاً بنبرة أكثر حسماً :
_وحدكما .

هنا تشيح بوجهها فيزداد الحسم في كلماته :
_كما وعدتك ..زواجنا لأجل حمايتكما فحسب ..عندما تنتهي قصة ذاك ال"كوبرا" ..فستنتهي قصتنا معها .

لم تكن أقل شتاتاً منه وهي تشعر بكلماته تؤرجحها بين أمان وخوف ..
هل تريد لقصتهما حقاً أن تنتهي ؟!
وهل لها ألا تنتهي؟!

ترفع إليه عينين زائغتين كأنها لا تراه ليرفع ذراعيه حولها بأنامل مرتجفة فكأنه هو لا يصدق وجودها من الأساس ..
صوته القوي يرتعد ..يأمر ..يرجو ..يقسو ..يحنو ..
يخفت ..يخفت حد الهمس مع استطراده :

_فقط ..دعيني أعانقك متى شئت ..دون مقاومة منك أو تفسير مني ..فلو كنت تملكين الأولى فأنا لا أملك الثاني ..أجل ..في كل ما يخصك صدقيني لا أملك أي تفاسير .

تعود للخلف خطوة دون وعي كأنها عاجزة عن منحه وعدها فيتراخى ذراعاه جواره وهو يغمض عينيه بقوة عن ارتعادة جسدها التي يود لو يحتويها في صدره مقاوماً هذا الإعصار الجارف بداخله ..

_هل ..يمكنك ..تركي ..وحدي ..لبعض الوقت؟!

همساتها بالكاد تغادر شفتيها متقطعة ذابلة تشبهها فيرد بهمسه الحاسم :
_لن أتركك دقيقة واحدة ..أظن هذا كان اتفاقنا ..غداً سأحول قضايا المكتب لمحامٍ زميل حتي يمكنني التفرغ لقضية ذاك الوغد .

_أرجوك ..بضع دقائق فقط ..

رجاؤها يمس هذه البقعة الخاصة جداً في قلبه ..
والتي تبدو وكأنها خلقت لها وحدها من بين كل النساء اللاتي عرفهن !!

لهذا يطلق زفرة قوية وهو يشيح بوجهه :
_سأخرج لأحضر حقائبكما من السيارة كي تتمكني من تبديل ملابسك ..تريدين شيئاً آخر ؟!

تهز رأسها نفياً بسرعة فيرمقها بنظرة أخرى متفحصة قبل أن يعطيها ظهره ليغادر ..

_انتظر .

همستها الملهوفة تصيب قلبه قبل أذنيه فيلتفت إليها لتشير بسبابة مرتجفة نحو مرآة الغرفة دون أن تنظر إليها :

_أعرف أنه ليس لائقاً ..لكن ..أرجوك ..لا أريد رؤيتها ..يمكنك أن تغطيها بشيء ما ..

همساتها تغادر شفتيها مختنقة وهي تشعر بهذه القبضة المشتعلة التي تصهر قلبها بين ضلوعها ..
لن تحتمل رؤية أشباحها من جديد ..ليس ثانية ..
وليس هنا !!
ليس وهي في بيت قاتل هالة -كما تظن-!

يرمقها بنظرة مشفقة لم ترها ثم يتحرك لينفذ لها ما أرادت قبل أن يطلق زفرة مشتعلة وهو يراها تجلس على طرف الأريكة القريبة محتضنة جسدها بساعديها وقد دفنت رأسها بينهما ..

_بضع دقائق ..فقط !

يشك أنها قد سمعته لكنه يتحرك ليغادر الغرفة نحو الشرفة المجاورة لها ..
من مميزات هذه الشرفة أنها تحوي نافذة صغيرة تفصلها عن غرفته ..
هذه التي يبقيها هو دوماً نصف مغلقة وقد حركها الآن بحذر ليراقبها عبر ستارتها وقد خشي أن تؤذي نفسها ..
لكنها بقيت ساكنة مكانها لدقائق فتنهد ببعض الارتياح وهو يستخرج من جيبه سيجارة أشعلها لينفث دخانها ببطء وهو يتطلع للسماء المظلمة حوله ..
نجم وحيد تراءى له هناك نابضاً بوميض متصل جعله يشرد في تفاصيل لقائه بها صبيحة هذا اليوم بعدما أخبرته طيف بما حدث :


_سترفضين الحديث معي أنا الآخر؟!
صوته لم يخرج منه متسائلاً أو مستنكراً بقدر ما خرج منه حاسماً وهو يفاجئها بدخول غرفتها فتفاجئه هي الأخرى بردة فعلها الأولى وهي تلتفت إليه بصدمة لا تصدق وجوده ..
ترفع ذراعيها نحوه لثانية ..
ثانية واحدة قبل أن يعود ذراعاها ليحتضنا جسدها الذي ارتجف ببكائه ..
فيهيأ إليه أن ذراعيها لم يعودا خاليين بل عادا بقلبه معهما !

لا يدري كيف قطع الخطوات بينهما ..كيف صار يجلس على طرف فراشها ..كيف صارت فجأة على صدره ..كيف صار شعرها بين أنامله ..كيف امتزجت أنفاسه بشهقات بكائها ..
كيف ..
كيف صارت بحجم الكون ..وأكبر !!
ارتجافتها تنتقل إليه فتستحيل لجمرة نار يرتعد بها جسده :

_أنا اسف ..اسف ..اسف ..
لا يدري كم مرة قالها بهذه الحرقة الغاضبة هادماً كل أسوار كبريائه وهو يضغطها بين ذراعيه أكثر كأنما يريد تخبئتها بين ضلوعه ..
لم تسأله عن سبب اعتذاره بل لم تبدُ واعية وبكاؤها يصرخ بالمزيد من الخوف والحاجة ..
لكنه عاد يردف بنفس الحرقة الملتاعة :
_أنا قرات الرسالة ليلتها ..لو كنت اتبعت حدسي ..لو كنت ..

زمجرة عنيفة يطلقها بحجم غضبه من نفسه وهو يغرسها بين ضلوعه أكثر ..ليستمر لفح همسه اللاهب في أذنيها :
_تباً! ماذا لو كان قد أصابك مكروه ..ماذا لو ..

من جديد يقطع همسه المنفعل الذي يخرج منه ارتجالياً عفوياً على غير عادة رجل مثله وهو يضغط رأسها ببعض العنف على صدره ولا يزال عاجزاً عن السيطرة على كلماته :

_شكرا ..لأنك لا تزالين بخير هنا ..شكراً لأنك لم تمنحيني وجها أسود ملطخاً بذنب آخر ..أنا آسف .. شكراً..آسف ..شكراً ..

شكره يمتزج بأسفه في مزيج متوال غريب بدا كالهذيان وجسده يشاطر جسدها رعدته لدقائق لم يشعر بها كلاهما لم تبدِ هي فيها أي رد فعل يزيد عن دموعها كأنها لم تسمعه ..
ذراعاها لا يزالان يحولان بينهما رغم ضمته القوية لها لكنه يشعر بها تتحرك أخيراً ..
أناملها ترتفع ببطء دون أن ترفع إليه بصرها ل..
تخمش أظافرها رقبته بما بدا واهناً في بدايته قبل أن يشتد !!

يكتم تأوهات ألمه ضاغطاً أسنانه وهو يضطر لإبعادها قليلاً بما يناسب فقط أن ينظر لوجهها لكنها تبقى على بكائها مغمضة العينين فيناديها بقلق :
_ديمة ..ديمة ..

لا يتلقى جواباً فيرفع أنامله ليحتضن وجنتيها بقوة رفيقة يهز وجهها هامساً بحسم راجٍ:
_لن ترفضي الحديث معي كالجميع ..لن أسمح لك ولو بقينا هكذا حتى ينال الموت من أحدنا..أخبريني بما حدث ليلتها ..أخبريني ..قولي ..قولي ..

لا تزال نبرته تتأرجح بين صرامة فطرية جبل عليها ورقّة مستحدثة بدت وكأنها تولد على يديها هي ..
صمتها الطويل لم يستجلب يأسه لكنها توقفت عن خمشه أخيراً وهي تفتح عينيها ..
حلقة الزعفران فيهما منطفئة ذابلة وزرقتهما غائمة داكنة كأنها تسبح في ليل طويل ..
ليخرج صوتها أخيراً بشهقات متتابعة :

_لن تصدقني ..لا أحد سيصدقني ..أنا نفسي لا أصدق نفسي ..لم أعد أستطيع تمييز الواقع من الخيال .

_سأصدقك ..دوماً سأصدقك ..
يهمس بها بحسم ليردف :
_في كل مرة تتحدثين فيها إليّ تذكري ..كلامك لا يخرج من "هنا" إلى "هنا" ..

يشير ب"هنا" الأولى إلى شفتيها وبالثانية إلى أذنيه ليردف بنبرة أكثر حسماً :
_بل إلى "هنا"!

يشير بها لقلبه فلا يدري أي باب فتحته هذه الحركة بينهما !
حلقة الزعفران في عينيها تعود للتوهج ببطء كأنما يستعيد جسدها معها الحياة ..فتنفلت من بين شفتيه تنهيدة حارة وهو يعاود همسه بأمل :
_ماذا حدث؟!
_لا اذكر ..لا اذكر ..انا اخبرتهم كذلك انني لا اذكر .
همسها الشارد يبدو كالهذيان لكنه يعود ليهمس بصبر :
_من هم ؟!
_لا ادري ..لا أدري ..غازي جاء بهم ..أشباح سوداء مثله ..

يعقد حاجبيه وهو يحاول استنباط الحقيقة من الخيال في روايتها ليقول مهادناً :
_ماذا كانوا يريدون ؟!
_ المفتاح !
_أي مفتاح ؟!
_حقيبة البروكار ..التي أعدتها أنت لي ..كان ..

تحكي له بكلمات متلعثمة ليزداد انعقاد حاجبيه وهي تروي له ما حدث في بيت عاصي لتختم بقولها :
_أخبرتهم انني لا اذكر مكانه ..توعدوني انهم سيعودون ..قالوا انهم لن يؤذوني هذه المرة لكنهم سيفعلون المرة القادمة ..لو اخبرت احدا عنهم ..لا أذكر شيئاً بعدها ..لا أذكر أي شيء ..ربما ضربني غازي ..ربما أنقذتني هالة ..ربما فقدت وعيي ..لا أذكر ..والله العظيم لا أذكر !

تنتهي همساتها المتحشرجة ببكائها من جديد فيعود ليضم رأسها برفق إلى كتفه مربتاً على ظهرها وهو يفكر فيما قالته له طيف عن ضرورة اتصاله بدكتور كنان ..
قد تكون تتوهم بعض التفاصيل لكن المؤكد أن هناك بعضاً من الصحة فيما ترويه ..

_أنا جننت؟! أنا أتخيل وجودهم ..كلامهم أكد لي هذا ..كلهم قالوا أن البيت لم يقتحم ..وأنني فقط سقطت فاقدة لوعيي ..لو علم السيد عاصي بهذا فسيتهمني بالجنون ويحرمني من سند ..لو علم عن سرقة غرفتي في بيته فسيغضب من...

_أين كنتِ عندما سرقت الغرفة ؟!
يقاطعها بها باهتمام لتتردد قليلاً ثم ترد مضطرة :
_عند والدتك .
_والدتي أنا؟!
_يمكنك سؤالها لو لم تكن تصدقني ..ذهبت لأشكرها على اعتنائها بي تلك الليلة ..طلبت منها يومها ألا تخبرك لكن الآن ..

يعقد حاجبيه مفكراً وهو يراها تقطع همسها المرتجف :
_أنا خائفة أن أخبر السيد عاصي ..وخائفة أن يعودوا ليؤذوني ..لا أعرف ماذا أفعل ..ولا أذكر مكان المفتاح ..والله لا أذكر مكانه ..

يعود ليربت على ظهرها بشرود وهو يحاول ربط الخيوط ببعضها ..
من ذا الذي يجرؤ علي اقتحام قصر عاصي الرفاعي؟!
على حد علمه لا أحد يجرؤ علي فعلها فضلاً عن استطاعته!!
لو صدقت روايتها -وهو اختار أن يصدقها- فالمقتحم كان من داخل البيت الذي يعلم هو أنه قد زخر بالضيوف مؤخراً ..
أهل زوج طيف وبعض صديقات ماسة ..
صديق يحيى ..بل ودكتور كنان نفسه !
لن يستثني أحداً من شكوكه !!
لن يغامر بأي مجازفة مادام الأمر يتعلق بها هي ..وسند !!


_أنا مجنونة ؟! انا اتخيل !! هل أقنع نفسي بهذا كي أستريح ؟!

همسها المختنق يثير المزيد من حميته نحوها فيرفع ذقنها نحوه هامساً بحسم :
_لا تقنعي نفسك سوى بشأن واحد ...أنني لن اسمح لاحد بعد اليوم بايذائك.. ولا حتى أنت نفسك!

_ماذا ستفعل؟!
_قومي واغسلي وجهك أولاً .

يقولها برفق آمراً فتتحرك لتنفذ بينما يستغل هو ابتعادها ليجري مكالمة سريعة مع أمه تيقن فيها من صحة ما قالته ..
إذن هي لا تهذي ..
كلامها يحوي جزءاً من الحقيقة على أي حال !

مكالمة أخرى سريعة لضابط كان من زملائه طلب منه أن يعيد استجواب الحارس بطريقته ليفهم حقيقة ما حدث ليلتها ..

ثم مكالمة أخيرة لدكتور كنان أخذ رأيه فيها فيما "ينتويه" ليمنحه الرجل استحسانه !

تعود إليه أخيراً فيقف مكانه في مواجهتها لينظر لعمق عينيها قائلاً:
_تثقين بي؟!

لا تنطق بالجواب لكن كل خلجة من خلجاتها تفضحه فيكتنف ذراعيها بقبضتيه برفق مكرراً سؤاله :
_تثقين بي يا ديمة ؟؟

تهز رأسها أولاً بالإيجاب ثم تعود لتهزه بالنفي قبل أن تعود الدموع لعينيها الزائغتين فيقترب منها خطوة وقد ألهمه حدسه أن يهمس بها جوار أذنها كأنه يعيد إليها ذكرى كل مرة نطقها فيها :
_أنا معك ..

زرقة عينيها تصفو رويداً رويداً وهي ترفعهما نحوه فيحسم أمره لينطقها :
_سنتزوج !

لا يدري من أين أتته الفكرة المجنونة !
حتى وهو يستشير كنان بشأنها لَم يكن يصدق أنه سيفعلها !!
هو ..حسام القاضي يتزوج من جديد بهذه الطريقة ولهذا الغرض!
وممن ؟!
من امرأة بظروفها كانت متهمة بقتل زوجها ؟!
وهي ؟!
ماذا عنها هي ؟!!
هل يظلمها من جديد كما فعل بدعاء؟!
هل يحرمها قدرتها على أن تحظى بطفل وهي التي ذاقت ما ذاقته من ويلات وحدتها ولا يزال العمر ينتظرها لتعوض خسارتها ؟!!
أي عقل يدفعه لفعل هذا ؟!
فيما تشهق هي بارتياع وهي تحاول التملص من بين ذراعيه لكنه يتشبث بها ليعاود احتكار نظراتها ..
وكأنه يجيب نفسه قبل أن يجيبها :
_ليس زواجاً بالمعنى المفهوم ..أنا فقط أجد لنفسي حقاً في حمايتك أنت وسند ..في البقاء جواركما دون البحث عن صفة ..وعندما تزول هذه الغمة فسأمنحك حريتك فوراً .

تهز رأسها رفضاً وذكرى الثوب الأبيض الملطخ بالدم تعاود اكتساح ذاكرتها ..
زواج ؟!
ثانية ؟!!

تكتم صرخاتها بصعوبة ومشاهد متفرقة من حياتها مع غازي تكتسحها لكنه يخرجها قسراً من جحيم خيالاتها وهو يهزها بين ذراعيه هاتفاً :
_لن أمسّكِ لو كان هذا ما يخيفك هكذا ! قولي نعم يا ديمة ..أنا أعرف أنك تثقين بي .




شرود ذكراه ينقطع وهو يشعر بلسع سيجارته لأصابعه فيطفئها بسرعة وهو يعود لواقعه ..
هاهي ذي قد وافقت ليتم الزواج !!
صحيح أنه لا يدري كيف تم الأمر بهذه السرعة لكنه ليس بنادم !
يكفيه أن يقتنص فرصة قربها مع سند ..
يكفيه أنه يشعر أنه يحميهما لعله يسدد بعضاً من ذنبه القديم!
"وجه أبيض" آخر نادر قد يكون محظوظاً بأن يناله وسط سواد وجوهه!
يشرد ببصره وهو يتخيل أنه أنقذها مما هي فيه ..وقد ساعدها لتتحسن حالتها ..
يمعن في الخيال فيتصور سند وقد شفي واستعاد قدرته على النطق ..
ثم يمعن فيه أكثر فيتصور نفسه معهما هنا وقد صاروا عائلة كما وصفت طيف النهاية السعيدة كما ترتئيها ..
لكن النهاية السعيدة تكون في الروايات ..فقط!


_تهربين من جحيم الخيال يا صغيرتي ..ولا تعلمين أنه لأحدهم جنته !

يخاطبها بها سراً قبل أن يعود ببصره للنافذة فينعقد حاجباه وهو يميز اختفاءها من الغرفة ..
يطمئن لوجود سند لا يزال نائماً مكانه فيهرع ليبحث عنها ..
يطرق باب الحمام المرفق للغرفة برفق ليشعر بالمزيد من القلق وهو لا يسمع رداً ..
يكرر طرقاته الخافتة محاذراً إيقاظ الصغير فيستعر القلق بصدره أكثر والصمت المطبق جوابه فلا يجد بداً من فتح الباب لتشحب ملامحه بصدمة وهو يميز ما يراه أمامه ..

======
انتهى الفصل الثامن والعشرون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-21, 03:18 AM   #2630

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,964
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم.ايدك. نيمو القمر عالقراءة الحمد لله اجا النت

Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.