آخر 10 مشاركات
ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          إمرأة الذئب (23) للكاتبة Karen Whiddon .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          91-صعود من الهاوية - بيتي جوردن - ع.ج ( إعادة تصوير )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-06-21, 04:19 AM   #2861

مريم ابو السعود

? العضوٌ??? » 477851
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » مريم ابو السعود is on a distinguished road
افتراضي


حسام لسه بيفكر في المظاهر... يسرا مازلت بتهرب ... لكن فيه تطور في الشخصيات ما بين بدايه قوس وحتي البارت 32 ... مش دي يسرا الآمره المتحكمه اللي في ايديها كل خيوط اللعبه اللي حاليا مرعوبه من حقيقتها تنكشف ... ولا دا حسام اللي مستحيل كان يقرب من انسانه تعتبر لغم هيتفجر في وشه ... هوه كان عايش حياته المعقده وشويه صور مزيفه عن سعاده مفقوده وسلطانه ودينا وكم سيجاره يطفيها في دراعه ودمتم ....
نيمو مازلتي الاروع والأجمل... روح الشخصيات بحس بيها بيكلموني .. لدرجه اني فقدت الاحساس ناحيه اي أعمال دراميه او قصص ... انتي علمتيني ان الكتابه روح وقلب وعقل ... انا عارفه انهم اشخاص علي ورق لكنك ضفتي بلمسه ساحره حياه ليهم... دواما في تقدم ونجاح ودمتي مبدعه..اشكرك من قلبي ❤👌⭐⭐


مريم ابو السعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-21, 05:27 PM   #2862

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
:jded:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amira_adel مشاهدة المشاركة
"وحدها بسمة العيون لا تكذب.."💜💜

الفصل حكاية ❤️❤️❤️💜💜💜
ناعم بشجن..
ديمة و كأنها فراشة بتخرج من شرنقتها في طريقها للطيران

بدأت طريق تعافيها الطويل اللي وقودها فيها هيكون من طاقة حسام..

كنت عايزة اكتب ريفيو كامل دلوقتى بس عندي تعب في عيني خلاني حتي القراية كانت بصعوبة..

اتمني ان شاء الله اقدر ارجع بريفيو تفصيلي

ابدعتي يا نيمو فوق الوصف 💙💙💙💙
الف سلامة عليك حبيبتي ربنا يعافيك يارب 😍😍


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-21, 05:35 PM   #2863

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
:jded:

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ethar khaled مشاهدة المشاركة
الفصل عظيم جدا جدا فوق ما أنا كنت متخيلة أو مستنية
الفصل بالنسبة ليا مش مجرد مواقف رومانسية، الفصل روحاني جدا.. جزء من روح كل حد فيه بتتكشف فصل أبيض بامتياز
يسرا أنا شايفة أن رغم غلطها ف استكمال كذبتها كل ده بس هي بدأت تكسب مبادئ جديدة هتعينها لما تيجي لحظة كشف الحقيقة يسرا روحها بتتشكل من جديد وبأبجديات صح المرة دي بعيدة عن زيف يسرا الصباحي وعالمها اللي لمعانه بيخدع.. حبكة يسرا مش مضايقاني اطلاقا بالعكس بتعلم منها بشكل شخصي
إبراهيم مقدرش أقول فيه أي حاجة دلوقتي لأن لحد هنا من المعطيات أعتقد انفجاره هيكون كارثي وده حقه جدا لأنه واضح من البداية بس إبراهيم محتاج يعرف أن الدنيا مش أبيض وأسود بس فيه منطقة رمادية ف النص بتريح الروح يمكن ده يكون درس يسرا ليه.. منرفضش حد بسبب غلطة وأن الشخص قيمته ف حياة التاني مبينة ع رصيد من حاجات حلوة بيضيفلها ويسحب منها ومش كل المواقف هتعامل معاها بمبدأ kill your darlings وأن المرونة ف التفهم والتصرف مطلوبة ف حالات كتير
ديمة.. روحها واحدة واحدة هترجع لصفائها حسام بدأ يتغلغل لقلبها وخطواتها معاه مظبوطة بالمللي يمكن دي من أحسن المعالجات النفسية اللي شوفتها رغم اقتناعها بضعفها إلا أنها قوية جدا فوق ما تتخيل أنها لسه محافظة ع قدر من العقل يمكنها من اختيار مصلحة سند قبل ما تختار أنها تركن لمنطقتها الأسهل بالنسبة ليها -وجود أشباح مؤمنة بيهم أحسن ما تواجه مخاوفها-
مشهد الغيرة من المساعدة الجديدة للبيت أنا شايفاه بوشين بيكملوا بعض.. وش شخص عارف حقوقه ف الشخص اللي بيتعامل معاه -وأنها تدرك ده بالنسبة للي مرت بيه وشخصيتها التايهة خطوة انتصار تحسب ليها-
ووش تاني هيثور لما حد يقرب من منطقته الخاصة وزي ما كنان وضح هي هتفرغ طاقة الغضب اللي جواها وبما أن حسام مدرك لده هيساعدها توجهه صح
حسام بقى مش قادرة ميبقاش صعبان عليا.. حسام نفسه حاسس بعدم الأمان، ليه يفكر نفسه دايما أن كل ده مؤقت غير لو هو خايف يؤمن بوجوده ويصدق أنه يستاهل حاجة نضيفة.. هو ماشي بمبدأ يا ابني متصدقش أنت متستاهلش تصدق.. فهيخاف يريح نفسه مؤقتا فيجلد نفسه أكتر
حسام روحه هتنور بوجود سند وديمة وكل التفاعلات اللي بتحصل جواه دلوقتي آدمية جدا ومناقضة لحسام الظابط اللي علموه يبقى لوح تلج وهو حقيقي باللي بيظهر منه يستاهل فرصة تانية وظني أن شخصيته هتوصل للوقت اللي تستغل فيه الفرصة دي صح
عاش يا نيمو سلمت يداك

حقيقي اجمل ريفيو قراته عن الفصل 💙تحليلك للشخصيات فوق الرائع وانتباهك لدلالة غيرة ديمة واثرها الصحي ذكي جدا تسلم ايدك فخورة جدا بقارئة واعية زيك 😍😍😍😍😍


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-21, 05:47 PM   #2864

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مريم ابو السعود مشاهدة المشاركة
حسام لسه بيفكر في المظاهر... يسرا مازلت بتهرب ... لكن فيه تطور في الشخصيات ما بين بدايه قوس وحتي البارت 32 ... مش دي يسرا الآمره المتحكمه اللي في ايديها كل خيوط اللعبه اللي حاليا مرعوبه من حقيقتها تنكشف ... ولا دا حسام اللي مستحيل كان يقرب من انسانه تعتبر لغم هيتفجر في وشه ... هوه كان عايش حياته المعقده وشويه صور مزيفه عن سعاده مفقوده وسلطانه ودينا وكم سيجاره يطفيها في دراعه ودمتم ....
نيمو مازلتي الاروع والأجمل... روح الشخصيات بحس بيها بيكلموني .. لدرجه اني فقدت الاحساس ناحيه اي أعمال دراميه او قصص ... انتي علمتيني ان الكتابه روح وقلب وعقل ... انا عارفه انهم اشخاص علي ورق لكنك ضفتي بلمسه ساحره حياه ليهم... دواما في تقدم ونجاح ودمتي مبدعه..اشكرك من قلبي ❤👌⭐⭐

حبيبتي يا مريم تسلم ايدك
عظيم جدا انك انتبهتي اننا لسه ماوصلناش لتمام المعالجة
لسه ابطالنا بيعافروا
لسه حساام بيبص للنظرة الاجتماعية
ولسة يسرا عايشة في جلباب الصباحي

والتحدي الحقيقي يوم مانوصل لذروة الاحداث ويقدروا يكسروا قيد الماضي
ساعتها نقول نعم للرماد حياة

تسلم ايدك حبيبتي وشكرا لذكاء التحليل 💙


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-06-21, 09:53 PM   #2865

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

مسائك سعاده يا جميله 🌸🌸
فصل رائع ومبدع تحفة فنية مشاعر ديمه وما تمر به في خروجها من اشباحها ودوائها سواء بعلاقتها بحسام او بالعلاج مع كنان

اما حسام الذي يحتاجها هي وسند بقدر احتياجها او اكثر من ذلك فعلا يمتلان الاكتمال والكمال لله وحده
عاصي رهيب تعجبني شخصيته بالرغم من اجرامه وحضوره القوي حتى اخته في العراق ارسل لها مسدسا 😂

بالتوفيق ان شاء الله 🌸🌸


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-21, 11:56 PM   #2866

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار الفصل يانيمو

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-21, 12:52 AM   #2867

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف الثالث والثلاثون
=====
*العراق.. بغداد *
=====
السيارة الفخمة تتوقف أمام المقبرة حيث تترجل منها السيدة بالغة الأناقة لتشير نحو السائق بالانصراف فيطيعها صاغراً..
خطواتها المتثاقلة تسحبها نحو مقابر بدت متساوية في مقامها وقد وحد الموت المقامات..
إنما.. هيهات!
أربعة موتى لايزالون يحيون في رماد روحها!
ما في قلبها - بين هؤلاء الأربعة- يبني ويهدم.. يقيم ويقعد.. يحيي ويميت..
الندم ؟!
الندم لا يعرف طريقاً لقلب امرأة مثلها لم تعتد سوى أن تمد كفاً رابحاً وتقبض كفاً خاسراً فلا يخذلها غد..
وحده الماضي يهدم قصورها ليذرها شريدة في العراء.. الماضي الذي لا تملك له رداً..

تتوقف أمام القبر الأول لأبيها.. فتبتسم بشرود بائس لتهمس كأنه يسمعها :
_سلامٌ عليك يا (حبة القلب).. أدعوك بها كما كنت تدعوني.. ابنتك استبرق لا تزال على عهدها.. عمرك لم يضع هدراً.. الحق الذي نهبوه منك حياً أعدته لك ميتاً.. الحق الذي يقول إن كل أموال عائلة الأمين يجب أن تكون لنا وحدنا.. العدل الذي عشت وسأعيش عمري لأنفذه.. هذا هو إرثك يا أبي وسأحافظ عليه.. لي.. ولابني.

يتحشرج صوتها رغماً عنها بغصته وهي تشعر بخنجر أمومتها يدمي قلبها من جديد..
كل دقة تساوي طعنة.. وما أقسى طعنات كهذه على قلب كقلبها!

_وددت لو لم تنكشف الحقيقة.. وددت لو يبقى يحيى هو ابني.. ابني أنا فحسب.. دون اكتراث لمن يكون أبوه.. لكن الزمن لا يزال يختبر صلابتي فأثبت له كل مرة أنني الأقوى.. أنني الأذكى.. وأنني من ستربح كل شيء في النهاية..

تقولها بعينين متوهجتين بشراسة تناقضان براءة ملامحها الظاهرة لكن بريق عينيها يخبو رويداً رويداً وهي تردف بخفوت :
_لست ساقطة يا أبي.. بالله لا تنعتني بها.. يقولون إن الغاية تبرر الوسيلة وأنت كنت دوماً غايتي.. أنفاسك التي زهقت بين ذراعي ذلك اليوم.. قلبك المريض الذي لم يحتمل وزر أن يخونه صديق العمر.. عقلك الطيب الذي رفض الاعتراف أنه كان عرضة للاحتيال.. بيتنا الذي طردنا منه دون متاع.. كل ما أقسمت أن أقتص له من عائلة الأمين.. وقصاصي كان أن يصير كل مالهم لي.. أنا وحدي من تتحكم به..

تقولها لتتوجه نحو المقبرة الأخرى حيث كتب عليها
(مقابر عائلة الأمين)..

فترى بعين خيالها (الأمين الأكبر).. صديق أبيها الذي تربت في كنفه صغيرة قبل أن تكبر لتدرك الحقيقة..
فتعود لملامحها شراستها البرية وهي تهمس كأنه يسمعها :
_كيف حالك يا عمي؟! عساك تحترق كل يوم بذنب أبي وذنبي.. تعرف كيف صار الحال الآن؟! استبرق صارت من تملك حق التصرف في كل مالك.. مات ولداك وبقيت أنا.. تظن نفسك وفيت دينك نحو أبي الذي قتلته حسرة على ماله عندما زوجتني لابنك الأكبر؟! هل هذه منتك عليّ؟! دم أبي لا يزال يقطر من بين أصابعك.. لن يجف إلا بخروج روحي من جسدي..

تقولها ثم تغمض عينيها على صورة (الأمين الأصغر) زوجها الذي يعرفه الناس فتتبدل ملامحها من جديد لأخرى مذنبة وهي تهمس له :
_لا تؤاخذني.. أنا أحببتك حقاً.. لكنني لم أكن لأترك عجزك أنت يحرمني ثأري.. القدر الذي ظننته يمنحني بغيتي عندما تزوجتك هو نفسه ما باغتني عندما اكتشفت عجزك عن الإنجاب.. لم يكن أمامي سوى حلين.. أن أتركك وأترك ثأري كي أنعم بأمومة... أو أبقى معك محرومة لأشهد أخاك وهو يحتكر مال العائلة وحده.. لكنني ابتكرت الحل الثالث.. ومن مثلي يمكنه فعلها؟! فليكن لي ولد من عائلة الأمين..لن أعيش محرومة من الأمومة ولن يخرجني أحد من بيت الأمين الذي هو حق أبي.. أجل.. أبوك خدع أبي وسرق ماله في تجارتهما المشتركة.. أظنك كنت تعلم.. كنت دوماً أراها في عينيك تلك النظرة المذنبة.. أظنك كذلك من أجبرت أباك أن يزوجك إياي شفقة عليّ.. لكن مثلي لا تخرج خاوية الكفين أبداً.. أنا أخفيت عنك نبأ عجزك.. عدلت التحاليل يومها فلم يكن هذا صعباً عليّ.. لكنني لم أكن لأقف أتفرج والخيوط تتسرب من يدي.. لم تكن خيانة.. كانت فقط استغلال فرص.. أحببتك صدقني.. إنما.. لم أكن لأترك مالي وثأر أبي..

تقولها لتتبدل الصور في مخيلتها وهي تواجه القبر الرابع ل(غيث الأمين) فتعود لملامحها شراستها.. وهي تحدثه:
_ما أشبهك أنت بأبيك! كنت تحقد على شقيقك.. كنت أراها في عينيك تلك النظرة التي تحسده عليّ وأنت تقارن بيني وبين شجون.. أبوك أجبرك أن تتزوجها طمعاً في مال أبيها الذي أفلس بعد زواجك منها لتتورط أنت فيها وأظن أنه لولا ابنتكما سراب لكنت طلقتها.. أحمق وقعت في شركي من اللحظة الأولى.. لم تدرك سوى أنك كنت فقط وسيلتي للحصول على طفل.. طفل يجعلني دوماً السيدة الأولى لعائلة الأمين.. طفل لا تستحق أنت أبوته.. هو ابني.. ابني وحدي..

تتبدل نظراتها بين شراسة وخزي وحب وازدراء والصور تتوالى في ذهنها بين الأربعة رجال الذين كتبوا تاريخها لتنتهي ذكرياتها أخيراً بسيل من الدموع وهي تتحسس سلسلة يحيى التي أصلحتها بعدما كسرتها طيف في لقائهما الأخير لتهمس بلوعة أم حقيقية :
_أنت ابني يا يحيى.. ابني أنا.. ما يعنيك من يكون أبوك؟! لماذا أقحمت نفسك في حسابات الماضي؟! لماذا لا تعيش حياتك التي رسمتها لك منذ صغرك؟! مكانك الذي ربيتك طوال هذا العمر كي تليق به ويليق بك.. مكانك الذي تستحقه.. وأستحقه معك بعد صبر كل هذه السنوات.. تحدثني عن الفضيلة؟! أين كانت الفضيلة وجدك الأكبر يخدع أبي ويستغل سذاجته ليسرق ماله؟! أين كانت الفضيلة وأبي يموت بحسرته أمام عيني؟! أين كانت الفضيلة وأنا أجرب مرارة الفقر والذل بعد طول عز دون جريرة مني؟! أين كانت الفضيلة وجدك يمن علي بزواجي من ابنه كأنه التقط قطة ضالة من الشارع؟! العدل أهم من الفضيلة.. ربما نسيت أن أعلمك هذا الدرس.. العدل يا يحيى.. العدل الذي يحكم أن كل إرث عائلة الأمين هو حقي وحق دم أبي.. لا تلمني يا صغيري.. فهذا طريق لا يعود سالكه.. وأمك لم تعد صغيرة وقد أوشك العمر أن ينتهي.. لماذا خيرتني بينك وبين حصاد حياتي كلها.. لماذا؟! لكن.. لكن.. لعلي لم أخسرك بعد.. لعلك يوماً ما تفهم.. لعلك يوماً ما تصفح.. أو.. لعلك يوماً ما تنسى.

كانت تعلم أنها تخدع نفسها وليس أسهل على المذنب من أن يخدع نفسه!
تمسح دموعها الحارة بأناملها وهي تلقي على المقابر نظرة أخيرة قبل أن ترجع للسيارة التي عاد سائقها فتستقلها لتغادر..
من قال إنها غادرت؟!
سيبقى داخلها دوماً أربعة مقابر تروي تاريخها المخزي بكبرياء أجوف..
وياويلها يوم يكون قبرها هو الخامس!
=====





*بنفسجي*
======
متى سيتوقف عن مراقبتها في نومها هكذا كأن حبيبات النمش على وجهها دروب متاهة يأمل أن توصله للكنز.. ؟!
وأي كنز!!
كم مر بها من أيام هنا معه في بيته؟!
أسبوع.. اثنان ؟!
لا يريد أن يحسب.. هي هدنة اقتطعها من حربه مع نفسه والزمن وكفى!

الدواء المهدئ الذي أوصى به كنان واشترط أن تأخذه بكامل رغبتها يؤتي بعض ثماره يوماً بعد يوم.. نومها صار أهدأ لكنها لا تزال تعاني شتاتها الذي تفضحه نظراتها الزائغة..

شفتاها ترتجفان في نومها وأناملها تشد الغطاء عليها أكثر فيشعر بأثر كل حركة منها كجمرة نار يدوس عليها حافي القدمين..
يقبض كفه وهو يجبر نفسه أن يعطيها ظهره محاولاً شغل تفكيره بما سواها..
من سرق الحقيبة من بيت عاصي الرفاعي؟!
من جرؤ على فعلها؟!
هو واثق أنه ليس واحداً من الخدم فتاريخ عائلة الرفاعي مع عقاب الخائن لا يخفى على أحد..
البيت وقتها كان يعج بالغرباء.. لعله أحدهم!
زوج طيف مثلاً!

ينعقد حاجباه بقوة للخاطر الأخير كارهاً إياه بشدة..
رغم ماضيهما العامر بخيباته وويلاته لكنه لا يتمنى لها أن تفشل من جديد أو أن تكون قد أساءت الاختيار..

تنقطع أفكاره وهو يسمع تململ ديمة جانبه فيستدير بجسده نحوها ليراها تفتح عينيها ببطء شارد.. يكاد يوقن أنها لم تعِ كل ما يدور حولها بعد.. لا تبدو في نومها جواره كامرأة مترقبة تدرك قدر أنوثتها بل كطفلة خائفة منكمشة تغلق عينيها ببراءة عن عالم "الكبار"!
تباِ لك يا غازي!
لو لم يقتلك أحدهم لقتلتك أنا ألف مرة!!

_سند!
كعهدها يكون أول اسم تلفظه عقب استيقاظها!
يطمئنها بنظرة ذات مغزى وهو يشير للفراش جوارها حيث الصغير النائم بعد يوم لعب طويل فتطلق أنة خافتة وهي تمسد جانبي رأسها..
تباً!
كأنما تنقصها الفتنة!

يحاول تشتيت أفكاره عن هذا المارد الذي يعربد داخله لكنه لا يمنع نفسه من ملامسة خصلة حمراء ناعمة تدلت على وجنتها ليعيدها خلف أذنها بصمت مكتفياً بعناق عينيها..
"حلقة الزعفران" تراوغه!
تارة تتوهج بجنون كأنها تمنحه العمر كله في لحظة..
وتارة تخبو.. تبهت.. تتلاشى ذائبة في زرقة عينيها كأنها تموت وتميته معها!

وسط كل حكاياته.. تبقى حكايته مع عينيها أغرب حكاية.. وأروع حكاية!

بينما تبدو هي ساكنة النفس كأنما أرجوانيتها في وضعها المثالي فلا أحمر غالب ولا أزرق..
فقط أحد كفيها يتشبث بالغطاء فوقها وهي تنتبه لما يجعلها تتمتم بما يبدو كالهذيان :

_لا تغضب مني عندما اسحب منك الغطاء في نومي.. ؟!
سؤالها بهذه الشفاه كارثية الارتجاف يلقي سهمه في صدره وهو يسمع حفيف أناملها المعتصرة لقماش الوسادة تحتها.. يروعه زيغ نظراتها كأنما اختطفتها نسور الذكرى لسماء بعيدة وهي تردف بخفوت بدا كالهذيان :
_أبي كذلك لم يكن يفعل.. كان يتسلل من جوار أمي لينام جانبي ليلا.. كان يخبرني أنه يحميني من كوابيسي.. كان يخاف علي.. دوما كان يخاف علي.. كان يقول أن جمالي يحتاج لألف حارس.. لكن أمي كانت تطمئنه.. كانت تقول بعزةطُبّ القدرة على تمها.. بتطلع البنت لأمها).. وأمي كانت قوية.. بمائة رجل.. كن يعيرنها بأنها لم تنجب ذكراً لكنها كانت ترفع أنفها بشهقة ساخرة لترد بفخر (هاتوا ألف رجّال وما بيسووا ظفر ديمة)..أما جدي! آه من جدي! لدينا في سوريا عادة تسمى "قطش الردن".. عادة قديمة من الخمسينات لكنها لا تزال سارية المفعول في بعض العائلات الكبيرة للآن.. تعني عندما يزور أحدهم قريبه ليباركه على مولودته الأنثى وتعجبه صحتها وجمالها ساعتها يقطع جزءاً من ثوبها ويقف أمام الناس صائحاً (جيّرناها لولدي فلان) أي أنها أصبحت محرمة على الزواج إلا لابنه..وبالفعل ينتظرون حتى تكبر الطفلة فيزوجونها لابنهم.. لكن جدي حكى لي أنه ظل حارساً لي مانعاً أي أحد من فعلها.. كان يقول لي أن (جمالي بيلبق لملك) وأنني (شمس حمرا ما بيطفيها ليل)..

تنهي آخر حروفها لاهثة كأنها كانت تعدو مطاردة كل هذا السيل من الذكريات.. لتختنق حروفها أخيراً بحسرتها:
_لكنني انطفأت.
تتكدس الدموع في زرقة عينيها القاتمة منذرة بقرب الهطول لكن أنامله تهدهد رفرفة رموشها وهو يهمس ب"طغيانه الحاني" :
_الشمس لا تنطفئ.. قد يغدر بها كسوف إنما يعود الكون كله لنصرتها.. فلا قاهر لشعاعها أبداً.

ترمقه بهذه النظرة التي تثير جنونه وحدقتاها تتسعان كأنها ترى الدنيا من جديد بعينيه..
لكن حلقة الزعفران تعاود الانطفاء وهي تسبل جفنيها هامسة :
_الكلام.. سهل.

_تعالي!
يقولها بنبرته الصلبة التي تثير "أزرقها" أحياناًَ فتنكمش مكانها متشبثة بغطائها لكن شبح ابتسامة يتأرجح على شفتيه بوهن وهو ينهض من مكانه ليمد لها كفه صابراً لما يقارب دقيقة كاملة قضتها هي متخشبة تماماً..
قبل أن تأخذ خطوة فترفع الغطاء عن جسدها لتنهض لكنها تتجاهل كفه الممدود.. نفوراً.. وربما.. خوفاً!

يسير بها حتى غرفة مكتبه ثم يضغط زر الإضاءة لتتسع عيناها بصدمة وهي تميز مفاجأته القابعة في زاوية الغرفة..

نول يدوي خشبي لكنه يبدو حديث الطراز!

صيحة فرحة تطلقها وهي تكاد تقفز هناك بخطوات طائرة.. تتحسسه بأنامل مرتعشة وهي تشعر بعمرها المفقود يحلق بين خطوطه المشدودة..

دموعها تمتزج بضحكاتها المختنقة وهي تدور حوله دون أن تتخلى أناملها عن تحسسه:
_حقيقي؟! حقيقي؟!!

تكررها بهذه النبرة المتهدجة التي تثير إشفاقه فيقترب منها ليبسط ذراعه على كتفيها بهذه الحركة التي تمزج حنانه بهيمنته :
_لعل هذا تفسير ضحكة جدك في منامك!

تلتفت نحوه بحدة لترفع عينيها إليه.. بل تلصق نظراتها به!
بضع ثوان هيئ إليه فيها أن خفقات قلبها المسموعة تدوي كالطبل في أذنيه قبل أن تحط بكاملها على صدره..
ذراعاها يتعلقان بعنقه بقوة هستيرية تجبره أن يحيط خصرها بكفيه عفوياً ليغمض عينيه بألم حقيقي وهو يدرك أنها الآن لا تعي ما تفعله!
في وعيها هي تنفر من أي تقارب جسدي بينهما ولو لمسة كف!

أي عذاب أن يشعر أن جنونها فقط هو ما يقرب بينهما بهذه الطريقة؟!
وأنها ستعود لشرنقتها مختبئة عندما تفيق!!

يأخذ نفساً عميقاً بعمق شعوره الطاغي في هذه اللحظة وهو يدفن وجهه بين طيات عنقها وفردوس شعرها الأحمر بعبقه المميز..
لو كان ما يختلسه من لحظات قربها - غير الواعية- هذه سرقة.. فهي أخطر جريمة ارتكبها في حياته.. وأروع جريمة ارتكبها في حياته!

_النول اليدوي أصعب من الأوتوماتيكي لكنه أدق.. تبدين طفلة ذكية لهذا ستتشربين مني أصول الصنعة.. لتكن هذه هديتي لكِ حتى تذكريني ما بقي من عمرك.. هذه الحرفة كادت تندثر فاجعليها ميراث وطنك فيكِ..

تغمغم بها بسرعة غير معقولة كأنها تلقي نصاً حفظته غيباً..
والحقيقة أنها كانت تطفو لذاكرتها الآن - بصوت جدها- كسراب بعيد ودت لو تطارده فلا يفلت..

ذراعاها يزدادان اعتصاراً لعنقه وهي تردف بحرارة أكبر :
_أجل يا جدي! أذكر! رسمة(الوردة الدمشقية).. أذكرها.. أذكرها..

يعقد حاجبيه ببعض القلق وهو يشعر بها تنفصل عن العالم لتحل ذراعيها عن عنقه بسرعة مندفعة لتبتعد..
أناملها تتحرك حركة هوجاء وهي تحاول الغزل..
مرة.. اثنتان.. ثلاث..

_الوردة الدمشقية.. أنا أذكر.. أذكر يا جدي.. الموضوع يحتاج لوقت.. لكن.. لكن..

يزداد انعقاد حاجبيه القلق وهو يراها تخبط على خيوط النول المشدودة بعنف كاد يقطعها وهي تصرخ باكية :
_هل نسيت؟! نسيت كيف يعمل هذا؟! لا.. لا... لن يضيع مني هذا مع ما ضاع.. جدي! جدي! أنا لا أريد أن أنسى هذا.. إلا هذا.. إلا هذا!!

صرخاتها تنقطع ببكائها المذعور الذي مزق قلبه وهي تهبط على ركبتيها تعانق القائم الخشبي للنول بقوة كأنما تتشبث ببقايا ماضيها فيه..
فيخر على ركبتيه جوارها ليضمها إليه ببعض الشدة قائلاً باستنكار صارم :
_انهيارك هذا هو ما سيجعلك تتذكرين؟؟!! جدك كان يقول أنك قوية كما تزعمين.. استعيدي قوتك فربما تعود معها ذاكرتك.. أو افقديهما معاً واكتفي بالبكاء!.

يجاهد نفسه بقوة كي يحتفظ بهذا الوجه الصارم منه كاتماً شفقته نحوها..

أزرق خوفها يغلب للحظات وهي تنكمش على نفسها..
أحمر غضبها يغلب للحظات تليها وهي تدفعه بعنف لتعاود الوقوف مكانها..
وأخيراً تتوازن أرجوانيتها وهو يراها تمسح دموعها بأنامل مرتجفة.. لتعاود المحاولة..

يتراجع عنها ليجلس على الأريكة مراقباً إياها بصبر يحسد عليه محافظاً علي صمته..
يراها تفشل مرة تلو مرة فتصرخ تارة.. تبكي تارة.. لكنه لا يتدخل حتى يراها تعاود المحاولة من جديد..

_(الله يرزقنا بركته ويصرف عنا سوءته)..

صوتها يصله مكانه بتمتمة خافتة فيدرك أنها تستعيد ذكراها بصوت جدها.. تجهر بها كأنها تحفز نفسها على التذكر..

ساعة تمضي خلف ساعة لكنه يبتسم بانتصار وهو يراها أخيراً تنجح في الغزل لتلتفت نحوه فتلتقي عيناهما لقاء يوثق هذه اللحظة بينهما..
قبل أن تهرب هي ببصرها لتعاود الانشغال بما تفعله..

يرى سند من مكانه وقد استيقظ فينهض ليربت على كتفها بحنو ناقض صرامة فعله قبلها قبل أن يتركها ليغادر الغرفة مطمئناً لانغماسها التام فيما تفعله..
=======
يقف مراقباً الخادمة التي بدت على قدر كبير من الخبرة في معاملة سند وهي تنطق له اسم سلطانة مراراً محاولة جعله يردده لكن الصغير بدا عاجزاً وهو يحاول فعلها دون جدوى..
فيقترب حسام ليحاول بدوره دون ضغط منفذاً أوامر كنان بهذا الشأن..
وأخيراً!!

_طا..

يبدو أن حرف الطاء بدا أسهل الحروف التي خرجت من فم الصغير وهو يستجيب للمحاولة أخيراً فتدمع عينا حسام بفرح لم يعرفه من قبل وهو ينحني ليعانقه.. يدور به وهو يشعر بهذا الانتصار الصغير يساوي أثمن كنوزه..
يوماً ما سيتذكر هذه اللحظة جيداً.. سيضيفها لرصيد وجوهه البيضاء النادر.

تتعلق عيناه بعينيها أخيراً وقد استقر بالصغير لينزله أرضاً فترتجف شفتا ديمة وهي الأخرى تشعر بفرحة طاغية لم تعرفها منذ زمن بعيد..
سند في طريقه للتحسن.. ربما يستعيد قدرته على النطق.. يالله! هل تسمعه ينطق باسمه؟! حسام؟!
باسمها؟! هي؟!

قلبها يخزها وخزة غادرة وهي تتبين أنها فكرت فيه هو أولاً!!
لكن.. لماذا تضخم الأمر؟!
أو لا يستحقها بعدما كل فعله للصغير خاصة وهي تعرف علته بعد ما عرفته من أمه عن عجزه عن الإنجاب؟!

_بل أنتِ الشرهة للرجال يا فاسقة! غانية مثلك لن تصبر دون زوج!

الشبح الأسود يعاود صفعها بها.. تراه عبر الانعكاس الذي حملته إحدى لعب سند الملقاة أمامها.. فتصرخ صرخة قصيرة وهي تغطي وجهها بكفيها ليهرع إليها كل من حسام وسند الذي تشبث بطرف ثوبها هاتفاً بكلمته الوحيدة :
_ماما.

ترفع كفيها عن وجهها ببطء وهي تتمنى لو يعود شبح هالة للظهور.. لماذا اختفى هاهنا؟!
هل تسأل كنان؟!
لا! إنها تخجل من البوح بقصة هالة معه.. تكتفي بذكر تفاصيل حياتها مع غازي فقط.. لماذا؟!
هل تكتفي بذكر ما يجعلها فقط ضحية؟!
هل تخشى الاعتراف بذنوبها؟!

_ليست ذنوباً! أنتِ كنتِ تدافعين عن نفسك.. لو لم تؤذِ أنتِ فسينالك أذاهم.. لابد أن يذوقوا نصل جرحك كي تأمني مكرهم.. اجرحي يا ديمة.. أشعلي نارك كي تهرب الذئاب.

لا تدري من أين ظهر شبحها الأرجواني.. حتى صرختها انكتمت في حلقها هذه المرة وهي تحمل سند لتدفن وجهها في قميصه كأنما تختبئ هناك من أشباحها.. جسدها يرتجف بقوة فلا تملك انتفاضته وهي تشعر بكف حسام على كتفها :
_أنتِ بخير.

هزة رأسها لا تساوي شيئاً وهي تبتعد بخطوات نافرة لتنزل الصغير أرضاً فيكز حسام على أسنانه بقوة وهو يشيح بوجهه..
لماذا كلما اقتربت منه خطوة تعود للابتعاد؟!
لكن هل يريدها حقاً أن تقترب؟!
فليكن صادقاً مع نفسه.. البعد أفضل لها.. وله!

_تشاهد "الكارتون"؟! تعرف "نيمو"؟!

يسأله حسام محاولاً لفت نظره ليلتفت إليه سند بعينين متسعتين فيجذبه حسام من كفه نحو الداخل..
ثلاثتهم يجلسون على الأريكة في صالة البيت أمام التلفاز وقد انتصفهم سند.. ليبسط حسام ذراعه فوقهما فلا تمانع ديمة وقد بدت وكأنما اختطفتها نسور شرودها من جديد..

يحاول حسام تبسيط القصة للطفل عن هذه السمكة الصغيرة "نيمو" ذات الإعاقة حيث أحد زعنفتيه أقصر من الأخرى لهذا يخاف عليه أبوه حد تقييد حريته خاصة وقد فقد كل صغاره قبله.. لكن "نيمو" الذكي رغم إعاقته يستطيع تكوين صداقات جديدة وينجح في الهروب من حوض السمك الذي سجن فيه ليعود للمحيط - وطنه- بمساعدة أصدقائه..

الفيلم اختاره كنان ليغرس عقيدة ما في سند.. لكن حسام كان يجرب معه شعوراً جديداً لم يعرفه من قبل..
هذا العالم الخطير الذي ظن أنه محرم عليه بفعل عجزه.. لكن هاهو ذا الآن مضطر أن يخوض في تفاصيله الممتعة.. والمهلكة!

يتابع خلجات الصغير وهو يراقب الأحداث فيدرك أنه يفهم.. يبتسم أحياناً.. يضحك أحياناً..يعبس أحياناً ويدمع أخرى..
لكنه في ذاك المشهد الذي وجدت فيه السمكة( الأب) ابنها ليتعانقا بقوة يلتفت بوجهه نحو حسام ثم يستدير بجسده كله ليعانقه بدوره!

زلزال!
زلزال يرج الأرض تحت قدميه وهو لا يدري كيف يصف شعوره االآ!
طوفان يجرف سيله كل ما أمامه فلا يشعر بنفسه وهو يعتصر الصغير بين ذراعيه بنهم محروم!
العينان الصقريتان اللتان طالما كابرتا شعورهما بالعجز باعتناق الغرور الآن تدمعان باعتراف صارخ..
كم يساوي عناق كهذا؟!
كم يساوي؟؟!
======
تفيق ديمة من نوبة شرودها التي خطفتها لتميز أحداث الفيلم الذي ضبطه حسام ليعيد نفسه..
تلتفت جوارها لترى سند وقد استسلم للنوم ليسقط رأسه على صدر حسام الذي - للعجب- نام بدوره!
الساعة تقارب منتصف الليل..
تتنهد بتعب وهي تنهض لتحمل سند فينهض حسام فجأة بفزع وهو يتحفز مكانه لكنها تشير له برأسها ثم تتحرك لتذهب بالصغير إلى فراشه.. قبل أن تعود إلى حسام لتجلس جواره على الأريكة وقد احتفظت بمسافة مناسبة..

_أنت نمت.. قلت أنك لا تنام أبداً قبل الفجر.

يلتفت نحوها بحدة كأنه لم ينتبه لما تعنيه مقولتها قبل أن يأتي دوره في الشرود..
منذ متى لم يعرف النوم ليلاً؟!
مهما كان تعب جسده لكنه لم يكن ليستطيع فعلها..
هل يمكنه الآن أن ينحي غروره جانباً فيعترف أنه كان.. يخاف!
ظلمة الليل كانت تقذف المزيد من الحطب فوق نيران ذنبه فيخشى أن يغفل عنها لتهلكه..
هل يمكنه الاعتراف أن هذا الشعور الغريب الذي اجتاحه وسط سند وديمة منحه هو النور ليهزم خوفه؟!
كيف وهما بهذا الوهن يمنحانه هذا القبس من القوة؟!
كيف؟!
وكيف سيحتمل بعدما ذاق حلاوة قربهما أن يعود لصيامه الطويل؟!
العين التي عرفت أخيراً نكهة النوم ليلاً مطمئنة كيف ستعود بعدها لمذاق السهر اللاذع؟!
لكن خاطراً آخر يجتاحه بنفس القوة..
هو الذي طالما صرخت روحه أن (لا أحد يراه)..
الآن رغم شتات روحها هي بين وديان ضلالتها لكنه يثق أنها تفعل..
هي الآن تراه!
تراه هو.. هو بكل نتوءات جذعه الخرب.. بعيداً عن خداع أوراق غصونه الزاهية!
فما أقربها!
وما أبعدها!

تنقطع أفكاره وهو يراها ترفع أمامه قطعة قماش مربعة بحجم صغير لم يفهم ماهيتها في البداية.. إلا عندما ارتجفت شفتاها بهمسها :
_(الوردة الدمشقية).. صنعت واحدة.. كما علمني جدي.

ابتسامة غريبة تطوف على شفتيه تبدو وكأنما تخصها هي وحدها..
في عهدها ولدت وبرحيلها.. تموت!
طوفان مشاعره الطاغي في هذه اللحظة يخرس لسانه لكنه يفيض في عينيه اللتين طوقتها هي بعاطفة غامرة بينما تردف بشرود عاد يختطفها :
_كان يقول إن هذه الحرفة كادت تندثر بعد انتشار الصناعات الحديثة.. لهذا كان يدعوني أن أحافظ عليها لأنها ميراث وطني.. كان يعلم أن الأمر مرهق فصناعة متر واحد من البروكار قد يستغرق قرابة الثلاثة أيام لكنه كان يقول إن الأمر يستحق.. واليوم أصدقه..

ثم تلتفت نحوه من شرودها لتردف ببسمة عينيه الأصدق من بسمة شفتيها :
_بعض الأشياء الصغيرة قد تعيد لنا هويتنا المفقودة وتردنا بعد طول ضياع للطريق الذي فقدناه.

يطرق برأسه دون رد.. ليته مثلها يجد من يعيد له هويته المفقودة ويرده للطريق الذي قطعته عليه ذنوبه..

_من أين حصلت على النول؟!

تسأله ليرد ولايزال مطرقاً برأسه :
_لم يكن الأمر سهلاً لكنني أوصيت أحد معارفي عليه منذ مدة.. منذ أخبرتِني عن قصتك مع الحقيبة واعتزازك بها.

_سأدفع ثمنه.
_لقد فعلتِ..
يقولها باقتضاب حاسم ليرفع عينيه إليها وهو يشير بسبابته حول وجهها مردفاً بنبرة منهكة - كقلبه-:
_فقط كوني بخير مع سند.. لا أريد ثمناَ أكثر.

لم تكذبه روحها للحظة وهي توقن أنه يعني ما يقول فترفع قطعة القماش الحريرية التي تمتزج بخيوطها الفضية نحوه كأنها تهديه إياها..
_لم أمنح أحدهم هدية منذ زمن بعيد لم أعد أستطيع حسابه.. لم أكن أملك ما يمكنني منحه لأحدهم.. الآن يمكنني فعلها.

رفرفة رموشها الآسرة تحمل سرب حمام نوراني بين عينيهما..
يدرك أنها تعي الآن ما تفعله لكن.. ربما هو الآن الذي يتوه بين سراديب هيامه المفتون بها..
أنامله ترتفع لتحتضن هديتها مع كفها فتحط فوق كليهما شفتاه بما بدا كقبلة.. لكنه في الحقيقة كان صك غفران!
صك غفران ود لو يمنحه له القدر ولو أنه لا يستحقه!

ملمس الحرير الناعم على شفتيه يثر جنونه لمعرفة مذاق بشرتها هي.. لكنها تسحب كفها منه بسرعة تاركة له هديتها لتعود نظراتها لزيغها وهي تشيح بوجهها قائلة :
_لماذا تفعل هذا معي؟! قد أتفهم شعورك بالذنب نحو سند.. لكن.. أنا.. لماذا تساعدني ؟! لماذا تحتمل صحبة امرأة مثلي؟!

_أخبرتك من قبل أنه معك أنتِ بالذات لا أملك أجوبة.

يرد بنفس النبرة المنهكة فتعاود الالتفات نحوه لتسأله بخوف عاد يغلب أزرقها :
_إلى متى سنظل هكذا؟! الأيام تمر ولا جديد.
_حتى نطمئن لزوال خطر ذاك الكوبرا.. ولن يحدث هذا حتى نصل إليه.
_سأتذكر مكان المفتاح.. كما تذكرت كيفية الغزل.. صحيح؟!

تسأله وحروفها غارقة في شعورها بالذنب لكنه يحاول سحبها لاتجاه آخر :
_الأهم من العثور على المفتاح معرفة ماهيته.. ماذا تظنينه أنتِ؟! كيف يبدو؟! تعلمين من مثلاً يمكنه..

يقطع عبارته وهو يلاحظ تعلق عينيها الشديد بعنقه وقد عادت نظراتها لزيغها فيعقد حاجبيه متسائلاً :
_ديمة.. تسمعينني؟!

_لديك "تفاحة آدم" بارزة.. مثل أبي وجدي.. جدي كان يتفاخر بخاصته وقد برزت كثيراً.. لكن أبي كان يخجل منها.. سألت أمي مرة لماذا لا أملك - أنا أو هي-مثلها؟! فراوغتني بحكاية وهمية عن أنها تخص الرجال فحسب توارثوها منذ ابتلع سيدنا آدم التفاحة المحرمة.. لكن جدي سمعها ونهرها ثم جذبني من كفي ليجلسني جواره.. ربت على شعري وقال بلهجته الحكيمة :لا تدعيهم يعاملونك كالصغار فيسلونك بالخرافات. . عقلك كبير فغذيه بالعلم) ..هل سيغضب مني كثيراً لو علم أنني فرطت في دراستي؟! هل سيدرك أنه كان رغماً عني؟!

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يتذكر ما قاله كنان بشأن عودة ذكريات ماضيها بهذه الدقة وصحية دلالة هذا.. فيما يخفق قلبه بلوعة وهو يدرك أنها كانت تعيش أميرة مدللة رفيعة القدر وسط أهلها رغم بساطة حالهم لتجبرها الظروف أن يتخذها وغد كغازي جارية له.. ربما هذا ما يفسر تناقض طباعها الغريب.. أرجوانيتها بين أحمر وأزرق!

لكنها تردف وكأنها لا تنتظر الجواب :
_قال إن "تفاحة آدم" هذه بروز طبيعي في غضروف لا أذكر اسمه.. قال إن شدة بروزها شارة جيدة للرجل.. غازي لم يكن يملك واحدة.. لغده السمين كان يتدلى كجراب ساحر يخفي أفاعيه.. أديم كان يخفيها خلف كوفية الحارس الخادعة.. وعندما خلعها بدت خاصته شديدة السواد كليل مظلم لا أعرف ما يخفيه.. عاصي الرفاعي كذلك يملك واحدة شديدة البروز لكنها مخيفة مثله تبدو لي كجبل يوشك أن يقع على صدري..

"العاشق" داخله يكتم شعوره بوحش غيرته قسراً وهذه المقارنة تكاد تذهب بعقله..
لكن "الأب" المستحدث يرى في الأمر ما يفوق ظاهره.. وهو يميز كونها مجرد طفلة كانت تبحث عن الأمان في "مظهر رجولة" لكل الذكور الذين مروا عليها..
لهذا بح صوته حد الهمس وسؤاله يذبح غروره ذبحاً :
_وأنا؟!

يقترب منها حد الخطر فتمتزج أنفاسهما باشتعال وعيناها تتعلقان بعنقه من جديد قبل أن ترفعهما نحوه..
حلقة الزعفران تتوهج حد الفتنة فيعتصر حرير قماشتها في يده بشدة مقاوماً هذا الإعصار داخله..
شفتاها ترتجفان تلك الرجفة المهلكة ونمش بشرتها يكاد يذوب وسط حمرة وجنتيها كأنه يمنحه أبلغ أثر على قربه..

_تلك الفتاة تحبك حتى لو لم تكن هي نفسها تعلم!


يذكرها بصوت طيف كما قالتها فيزداد اقترابه الخطر وأنامله الحرة تمتد ببطء لتمسك بأناملها فتضعها هناك.. على رقبته حيث عقدة حنجرته أو تفاحة آدم كما تدعوها.. يتركها هناك ليلامس خصلات شعرها برهبة كأنما يخشى أن يباغته رد فعلها في أي لحظة..
يمس شفتيها مساً خفيفاً يوقظ البراكين داخله لكن..
دموعها تطفئها!

_ديمة!

يهمس بها بعذاب وهو ينتزع نفسه عنها انتزاعاً ليقف مكانه ويوقفها معه.. دموعها تجتاح نظراتها الزائغة بأنين خافت فيهزها بين ذراعيه بقوة لكنها تفر منه هاربة نحو الغرفة لتختفي تحت غطائها..

بالكاد يمنع نفسه من اللحاق بها لتحمله قدماه نحو شرفته الباردة..
فيعود إليه إدراكه..
هل نام بعض الليل حقاً؟!
هل يعرف جسده العليل يوماً أن ينام ليلة كاملة؟!

ماذا لو تذكرت مكان المفتاح؟!
ماذا لو أوصله هذا لذاك الكوبرا؟!
ماذا لو ذهب الخطر وذهبت هي بعده؟!
ستفعل..حتما ستفعل!

حرير قماشتها يبدو كالشوك الآن بين أنامله لكن خاطراً ما يجتاحه..
لماذا تذكرت صنعة جدها ولم تذكر المفتاح؟!
تراها هي التي لا تريد أن تتذكر مكانه؟!
هل يجبرها عقلها الباطن ألا تفعل؟!
هل تريد البقاء جواره لأطول وقت؟!
ابتسامة أخري تذبح عنق غروره وتمنحه أملاً لا يريد تصديقه..

لكنها تنسفه الآن بقسوة لا تتعمدها وهو يفاجأ بها خلفه تتمتم بما سيفتح أبواب الجحيم :

_تذكرت.. تذكرت مكان المفتاح.
=======
انتهى الفصل الثالث والثلاثون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-21, 01:25 AM   #2868

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل قصير بس حلو اوى

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-21, 01:32 AM   #2869

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسلمى بانيمو الفصل جميل جدا استبرق حيه تمشى على جثث صحياها وشكل نهايتها قربت

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-21, 01:51 AM   #2870

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

جميل يا نيموو تسلم ايدك ودي قفلة دي

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:39 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.