آخر 10 مشاركات
39 - ابنة الريح -روايات أحلام قديمة (الكاتـب : فرح - )           »          [تحميل] الــخــوف مــن الــحــب للكاتبة : bent ommha (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-21, 12:34 AM   #3281

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي


تسجيل حضور فى انتظار احلى قوس قزح

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 12:52 AM   #3282

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف الحادي والأربعون
=======
*بغداد.. العراق..


تعبر استبرق بوابة أشهر المصحات النفسية في بغداد بخطوات واثقة ظاهرياً.. بينما تشعر أن روحها داخلها ترتجف!
هاقد نجحت خطتها كاملة..
وهاهو ذا يحيى - بمساعدة السيد (...) - صار نزيلاً بالمصحة بعدما أجري الكشف عليه ليكتب الأطباء تقاريرهم بشأنه مفيدة بأن "قواه العقلية مختلة!"
هاهي ذي تمضي في قضية الحجر عليه بخطى مضمونة بعد تزويرها تحليل dna الخاص به وبسراب..
وهاهي ذي سراب نفسها قد سافرت مع زوجها (عدي) إلى كندا بعدما أقنعت هي الأخير أن يفعل بسرعة إنقاذاً لزواجه منها..
وهاهي ذي شجون تبدو أكثر من شاكرة لها بعدما يبدو لها من مساعدتها لابنتها..
حتى إلياس - على جفوته المستحدثة لها يبدو وكأنه صدقها واستسلم لصدمته في يحيى.. صحيح أنها لا تزال تخشاه لكنها ستحرص أن تختفي عثرته من طريقها قريباً لتكون مؤسسة الأمين كلها في يدها هي..
من بقي ليحيى كي يدعمه؟!
كلهم تركوه.. والآن دورها لتستغل الفرصة وتستعيده..
أجل.. لن تسمح أن تخسره أبداً!

تتوقف خطواتها أمام غرفته التي تزوره فيها لأول مرة فينقبض قلبها لأول وهلة وهي تشعر بوهن أمومي فطري تقتله في مهده وهي ترى طبيبه يقترب..
ترمقه بنظرة ذات مغزى فيهمس بخفوت :
_لا تقلقي.. كل شيء على ما يرام..صار أهدأ.. لم يعد يثور كالسابق.. يبدو وكأنه تقبل الأمر.
تهز رأسها راضية فيردف بتردد :
_تريدين زيارته؟!
_ولماذا تظنني جئت إذن؟!
تكاد تهتف بها بحدة لكنها تكتمها بين شفتيها وهي تجد قدميها رغماً عنها تخونانها بخطوة للخلف..
لا.. لن تستطيع الولوج للداخل.. لن تقوى على مواجهته وحدهما..
لن تقدر!

تهز رأسها نفياَ للحظات فيسبل جفنيه متفهماً لكنها تفاجئه وهي تدخل غرفة يحيى بغتة دون استئذان كأنها تقطع على نفسها طريق التراجع بعدما كرهت في نفسها هذا الضعف.

ترى يحيى واقفاً أمام نافذة غرفته يناظر الباب بلهفة..
لهفة انطفأت وهو يميز ملامحها هي..!
يعطيها ظهره من جديد ليراقب عصفوراً صغيراً حطّ على سياج النافذة، يلاعبه بإصبعه بخفة فلا ينفر العصفور بل يقترب ليمد منقاره نحو راحة يحيى التي حوت كسرة خبز..
فيختلج قلبها بعمق عاطفتها وهي تراه الآن كما كان منذ سنوات..
طفلها الذي يحب العصافير حبه للحرية.. للسماء.. للبحر.. لكل ما لا يعترف بحدود سجن!
هذا الذي كبر الآن.. فكم صار يكرهها وقد صارت مرادفاً لأقسى سجونه؟!

_كرهت رؤيتي؟! انطفأت لهفتك؟! كنت تظنني هي؟!

نبرتها القوية ترتعش رغماً عنها لكنه لا يحرك ساكناً وهو يعاود ملاعبة عصفوره فتقترب أكثر لتشد كتفه نحوها وهي تستخرج من حقيبتها ورقة فضتها أمامه مردفة :
_لا تنتظرها لأنها لن تعود.. هي طلقت نفسها منك بحكم العقد الذي كان بينكما بعد قرار المحكمة بإيداعك هنا.
_كذب! كذب! طيف لا تفعلها أبداً ولو وضعوا السكين على رقبتها!
الإنكار في عينيه ينقلب لصدمة وهو ينتزع منها الورقة لتجري عيناه بسرعة على سطورها قبل أن يغمضهما بقوة والخذلان يرسم سطوره على جبينه..
فتهزه بين ذراعيها قائلة :
_تلك المرأة لا تحبك.. أنا علمت أنها بحثت عن أم مجد حتى وجدتها.. منحتها الكثير من المال لتتنازل لكما عن حضانة الصغيرة ونجحت في إتمام إجراءات تبنيها بصورة رسمية.. ثم عادت بها إلى بلدها لترسل لي صورة من وثيقة الطلاق بعدها.
لا يزال يهز رأسه بالمزيد من الاستنكار فتتناول هاتفها لتريه الصور..
تتسع عيناه بالمزيد من الذهول وهو يرى الصور لمجد مع طيف في المطار.. ثم صورهما معاَ أمام بيت عاصي في الصعيد..
_ما يدريني أن هذه الصور حقيقية؟! أنك لم تزوريها كما زورتِ كل شيء؟!
يهتف بها بانفعال والهاتف يكاد يسقط من بين أنامله المرتجفة لترد بعينين متوهجتين:
_(الفلامنجو عاد يقف على قدم واحدة ولم يعد في حاجتك.. خدعتني مرة واليوم جاء دوري لأرد لك صنيعك).. هذه رسالتها التي بعثتها إليك مع الوثيقة.. لا أفهمها لكنني أظنك تفعل! هل أزوّر هذا أيضاً؟!
يهز رأسه بصدمة وهو يتفلت من بين قبضتيها ليجلس على طرف فراشه.. فتراقب انهياره الصامت بلوعة حقيقية لتجلس جواره.. تربت على ركبته قائلة :
_أفهم كيف تشعر الآن..طيف عادت لبلدها.. سراب هاجرت مع زوجها.. إلياس اضطر لتقبل الأمر وعاد لينهمك في عمله.. كلهم خذلوك..
يرفع إليها عينين غاضبتين مشتعلتين بثورة وشيكة وهو يكاد يحطم أسنانه من فرط انفعاله لكنها تردف بنبرتها القوية :
_وحدي أنا من بقيت لك.. أمك التي لن تتخلى عنك أبداً.
ضحكة ساخرة مكتومة تبدأ قصيرة لتطول بعدها بمرارة لطخت وجهه كله وهو يدور ببصره في المكان حوله كأنه يذكرها بفعلتها..
ضحكة طعنتها في صدر أمومتها وهي تعاود ضم كتفيه بقبضتيها مردفة بانفعال :
_أنت من اضطرتتني لفعل هذا.. كان هو الحل الوحيد أمامي.. لكن لا يزال كل هذا قابلاً للإصلاح.
تضيق عيناه بتساؤل فتأخذ نفساً عميقاً لتلقي أوراقها كاملة :
_دع الماضي وشأنه.. وعد لي ابني.. ابني فحسب.. ساعتها أفتح لك أبواب الدنيا كلها.. تعود لمؤسسة الأمين لتكون رئيسها.. تعود لبيت الأمين وأزوجك خير نساء البلد.. تعود لحياتك الرغدة القديمة وأكثر!
_ولو رفضت ؟!
يقولها بعينين داكنتين ليشتد ضغط قبضتيها على كتفيه كجمرتين من نار للحظات ثم تشيح بوجهها بجوابها :
_لا يرفض كل هذا إلا مجنون.. والمجنون مكانه حيث أنت الآن!

يخفق قلبها بجنون وهي ترى أنامله تمتد لسلسلة عنقها باسمه ببطء..
ببطء شديد كأنه يذكرها بفطرة دفنتها تحت رماد الطمع.. فتبسط أناملها هي فوقها هاتفة برجاء انصهر مع شهقاتها الباكية :
_عد لي يا يحيى.. دع الماضي يموت مع من ماتوا.. والغد كله سيكون لي ولك.
_مستحيل.
يقولها بحسم رافض فتنهض واقفة لتهتف بغضب:
_إذن اقضِ ما بقي من عمرك هنا أسير الجدران بعدما تخلى الجميع عنك.

يظهر بعض التردد على ملامحه لكنه يشيح بوجهه فترفعه من كتفيه إليها مردفة :
_ستوافق يا يحيى.. ربما ليس هذه المرة.. لكنني سأزورك كثيراً.. وفي واحدة من زياراتي ستخبرني بموافقتك.. ستدرك أنني أكثر من يهمه مصلحتك في الدنيا كلها..أنا من أدخلتك هنا وأنا وحدي القادرة على إخراجك.. فكر جيداً فلم يخذلني ذكاؤك يوماً.
يرمقها بنظرة طويلة يجتاحها غضب هادر تكاد تقتلعها من مكانها لكنها تتحول لأخرى عاتبة ثم منكسرة ذابلة ثم يطرق ببصره دون رد فتطلق زفرة قصيرة ومشهد (أربعة مقابر) يحول بين عين أمومتها وبينه..
قبر أبيها.. الأمين الكبير.. الأمين الصغير.. وغيث..
المشهد الذي يضعها دوماً في خانة واحدة لا تقبل التغيير حتى لو دفعت أمومتها في المقابل!
تقبل رأسه بعناق لم يقبله ولم يرفضه.. كأنما استسلم بكل ما فيه..
عندما يجتاح طوفان الخذلان فلا عاصم للقلوب من الغرق!
تتحرك لتغادر الغرفة وتغلق بابها خلفها فيسير بخطوات متثاقلة نحو النافذة من جديد..
يراقب بعض نزلاء المصحة عبر النافذة بألم..
_هل هو عقابك يا يحيى؟! هل هو جزاؤك من جنس عملك كما خدعت الكثيرات متباهياً بذكاء عقلك أن يأتي اليوم الذي تُلقى فيه هنا.. هنا بالذات؟!
يخاطب نفسه بها بمزيج من ندم وأسف قبل أن ينحني ليلتقط وثيقة طلاقه من طيف وعيناه تلتمعان بنظرة غامضة..
فيما تغادر استبرق المصحة لتستقل سيارتها مخفية فيض دموعها..
تتحرك بها نحو موعدها مع السيد (...) الذي نفذ نصيبه من الاتفاق وحان وقت تنفيذها هي..
غافلة عن تلك السيارة التي تراقبها والتي بدا من نظرات صاحبها أنه لن يفلتها أبداً.
=======
*برتقالي*
=======
_لن تأكلي اليوم أيضاَ؟!
تخاطب بها طيف مجد التي تهز رأسها وقد امتلأ وجهها بالدموع فتطلق طيف زفرة حارقة وهي تتلفت حولها حيث حديقة قصر عاصي الرفاعي..
تنحني على ركبتيها أمام الصغيرة لتهتف بعتاب:
_ألن تخبريني بما يضايقك إلى هذا الحد؟!
تهز مجد رأسها نفياَ بإصرار بين دموعها فتضمها طيف لصدرها ،تداعب شعرها بأناملها مردفة :
_بيننا أسرار؟! هل هناك خبايا بين الأم وابنتها؟!
هنا تنهار الصغيرة في البكاء لتهتف بقهر :
_أنا رأيت أمي.. رأيت وسمعت..
تشحب ملامح طيف للحظات وهي تستعيد لقاءها بتلك المرأة في بغداد في بيت إلياس..
لتردف مجد بنفس النبرة :
_أعرف أنك أمرتني يومها بألا أفتح باب غرفتي.. لكنني شعرت بالفضول.. رأيتها ورأيت كم تشبهني.. سمعتها وهي تقول أنها أمي.. فرحت وأنا أشكر الله انها عادت.. كدت أندفع نحوها لكنني سمعتها تهتف أنها لا تريدني.. رأيتك وأنت تدفعين لها المال.. هل هذا هو ثمني؟! هل باعتني؟! أمي باعتني؟!

تدمع عينا طيف بتأثر وهي تضم الصغيرة إليها بقوة للحظات تحتوي انهيارها الذي لا يناسب سنها..
قبل أن تحيط وجهها بكفيها لتغرس نظراتها القوية في عينيها هاتفة بقوة :
_لن أكذب ولن أجمل الحقائق.. لن أخدعك لأنك أذكى من هذا.. الظروف تضعنا في بعض المواقف لا لعيبٍ فينا إنما لأنه قدرنا الذي سنقبله راضين.. كنت مثلك يوماَ.. أبي أيضاَ رماني.. على الأقل أمك طلبت المال.. هو باعني دون ثمن..
تتسع عينا مجد بانفعال وكفاها الصغيران يتشبثان بطيف في تعاطف، لتردف الأخيرة وهي تتشبث بها أكثر :
_أنت ابنتي أنا ويحيى.. لا تصدقي إلا هذا.. نحن لن نتخلى عنك أبداً.. أبداً.
_وأين هو بابا؟!
_سيعود.. سيعود..
تقولها طيف بحسم وهي تربت على رأس مجد.. لتردف بنبرة أقوى:
_قوليها واشعري بها.. (أنا دوماَ أقوى من الظروف.. أنا النجمة التي رسمت سماءها واختارت لجوارها القمر) .. هيا.. قوليها..
تبتسم مجد وسط دموعها التي تمسحها بنفسها هذه المرة وهي تعيد العبارة خلف طيف التي تتنهد بحرارة وهي تضمها لصدرها بقوة..
تكاد تنطق بجملة أخرى لكن الصوت حولها يرجفها رغم علمها..

_عاد السيد عاصي.

تبتسم بعاطفة حقيقية وهي تقف مكانها تراقب الخدم وهم يفتحون بوابة القصر..
تدمع عيناها وهي تراه يترجل من السيارة حاملاً ابنته..
(شمسه)!
لم تشعر بنفسها كيف ركضت إليه.. أحد ذراعيها يأنس فوق كتفه يضمه إليها والآخر يضم الصغيرة.. تخفي وجهها في كتفه وقد عدمت كلماتها كالعادة..
لكنه سمع!

_شمسي عادت.
لم تتعجب كلمتيه بقدر ما تعجبت هذه النبرة التي نطقها بها!
نبرة سجين أطلق سراحه لتوه!
هكذا كان يشعر بالضبط وهو يعود بابنته لبيته!
كأنه تلقى أخيراً دلالة قبول توبته!

_افتقدتك.
_عمتو طيف الحلوة.
الأولى بصوت ضياء والثانية بصوت نور تصدح حولها فتضحك باشتياق حقيقي وهي تضمهما إليها قبل أن يصلها صوت ماسة بعد ترحيب دافئ :
_يا إلهي.. أشعر أنني تركت القصر منذ سنوات.
تهم طيف بالرد لولا أن يصدح هاتفها برقم حسناء فتبتعد لترد علي الاتصال..
فيما يهمس عاصي مخاطباً ابنته كأنها تسمعه :
_ترين البيت؟! تعجبك الحديقة؟! هذه النافورة بشكل الماسة في وسطها.. يوماً ما سأحكي لك قصتها.
تبتسم ماسة بحنان وهي ترى الصغيرة تفتح عينيها على اتساعهما كأنما حقاً تفهمه..
تضحك وهي تميز لونهما الفريد في ضوء الشمس هاتفة :
_ها قد قدمنا للدنيا المزيد من "غابات الزيتون"!
يضحك ضحكة قصيرة تأسرها كعادتها وهي تراقب صغيريها ينخرطان باللعب مع مجد..
بينما تسمعه يهمس بارتياح لم تسمعه منه يوماً :
_أريد أن أطوف بها القصر كله.. أريها كل قطعة فيه.. وأريه إياها.. لعله يشهد معي البداية بعد النهاية.
تبتسم وهي تطوق ذراعه بذراعيها هامسة بفرحة طاغية :
_أما أنا فأريد أن أصنع طائرة ورقية.. أعدو خلفها على سطح القصر وأنسى كل القلق الذي عشناه.
يقبل جبينها بعمق وهو يهمس أمام ماسيتيها الفضيتين:
_دعيها عند الشروق.. حيث يليق بقصتنا دوماً أن تستمر.

_سأضطر للسفر لألمانيا..

تقولها طيف بعد عودتها دامعة العينين ليهز عاصي رأسه بتفهم فيما تهتف ماسة بقلق حانٍ:
_زهرة! ليتني أستطيع السفر معك.. لن أقدر مع ظروف شمس.
_لا بأس..لن أحتمل صحبة حسناء الثرثارة وماسة العاطفية في رحلة واحدة.. تكفيني إحداكما.
تقولها طيف ملوحةً بكفها بفظاظتها المعهودة ليهتف ضياء وهو ينتزع منها هاتفها قائلاً بنبرته الآمرة شبيهة أبيه:
_هذه المناسبة تستحق صورة لنا كلنا..
_ذراعك قصير..سألتقطها انا.
تقولها طيف وهي تضبط الهاتف لتلتقط صورة للجميع في وضع "السيلفي" الشهير..
تشعر بغصة في حلقها وهي تتجاهل قلقها على يحيى في هذه اللحظة.. لكن عاصي يبدو وكأنه يفهم ما يدور في خلدها ليميل على أذنها هامساً بحنانه المهيب :
_خطتنا تسير على ما يرام.. لا تقلقي.. أعدك أن يكون زوجك معنا في الصورة القادمة.
=======
*نيلي*
======
هل رحمتها الغيبوبة أخيراً من شدة الألم؟!
تسمع أصوات حولها لا تميزها.. تخشى أن تفتح عينيها فيعود الألم..
لتبقَ كما هي.. لم يعد بها طاقة للمزيد!

_زهرة.. تسمعينني؟!

أبوها؟!!
هو صوت أبيها!!
خوفها العتيد منه يجبرها أن تفتح عينيها رغماً عنها لتغمرها الدهشة..
أبوها يجلس دامعاً على طرف فراشها!
ليس أباها فحسب هاهنا..بل أمها على طرف الفراش الآخر تخفي نصف وجهها الباكي في طرف وشاحها..
طيف؟! أتت أيضاً؟! ترمقها بنظرتها المميزة بين فظاظة وعاطفة وهي تعقد ساعديها مستندة على الجدار الأبيض القريب..
حسناء ؟! هاهي ذي جوارها تبتسم لها وسط دموعها بطبيعتها المزدوجة كالعادة!
وهو!!
جهاد!!
هو هناك.. بعيداً.. يستند على الباب المغلق كأنه يخشى أن يتركه فتغادره!
شاله الفلسطيني الحبيب على كتفيه وقميصه الأبيض بلونه يشبه عالماً ودت لو تعيشه معه!
عيناه - حبيبتاها- ضائعتان بين زرقة لونهما وحمرة تخفي اختناق دموعه!
شفتاه مزمومتان بهذه الطريقة التي تحفظها عندما يكتم غضبه فتتجعد ذقنه لتود تقبيلها كما كل مرة كي تسترضيه فيخنق قبلتها الخجل المتحفظ كالعادة لتبقى مجرد حلم على أهدابها المتراقصة!
حلم.. كهذا الحلم الذي تعيشه الآن!
لن يجتمع كل هؤلاء إلا في حلم!
أو..لعلها ماتت.. وهي الجنة!!

_حذرتكِ من المجهود المضاعف.. كنا قد وصلنا لمرحلة جيدة في العلاج.
صوت البروفيسور روبرت العاتب ينفي كونه حلماً فتلتفت نحوه بحدة لتلمح صهيب جواره يقول بدعمه المعهود لها :
_لا بأس.. لقد أعدنا السيطرة على الحالة.
_لا يزال الطريق طويلاً.
_بصحبة الأحبة يقصر.
يقولها صهيب بنبرته العاطفية الداعمة فتلتفت زهرة بعينيها عفوياً نحو طيف جهاد..
لا يزال واقفاً مكانه كالصنم يخفي كفيه خلف ظهره لكن عينيه تتوهجان مع كلمات صهيب بنيران لافحة من غيرة!
تتوهم!
تغمض عينيها من جديد بقوة وهي تشعر بوخز الألم يعود لجسدها..
لن تفتحهما من جديد..
ربما هو حلم جميل لكنها ملت قسوة الأحلام عندما تتبعها صفعات الواقع!

_افتحي عينيك يا ابنتي.. أرجوكِ..

صوت أبيها من جديد يجبرها أن تفتحهما ليس خوفاً هذه المرة..
إنما دهشة من هذا الندم الذي يخنق حروفه الباكية :
_ابقي معنا.. ابقي وعيشي حياتك ولو بعيداً عني.. ولو ظللتِ تلعينني عمرك كله.. عرفت خطئي.. لم يكن خطئاً بل جرماً.. لا تسامحيني.. بل تبرئي من اسمي لو استطعتِ.. لكن لا ترحلي هكذا وتقتليني بذنبك.
يبكي؟!
أبوها يبكي؟!
إنها المرة الأولى التي تراه في وضع كهذا؟!
ينحني ليعانقها فتنفر عفوياً من رائحة طالما حملت لها القسوة مع الجحود لكنها الآن تشم عبرها زخات من ندمه الصادق.. فتأخذ نفساً عميقاً كأنما تود التشبع منها..
لن تبالي لو كان كل هذا مجرد حلم.. تكفيها هذه السعادة المحلقة بين ضلوعها..
تعانقها أمها بدورها فتبلل دموعها وجنتيها مع كلماتها :
_فداك روحي وعمري كله! كيف احتملتِ كل هذا وحدك؟! سامحيني.. ظننت أنني أحميكِ بهروبي من حياتك وأزيل عن ظهرك حملي.. لم أكن أعرف أنني أتركك وحدك في عز احتياجك إليّ.. طالما كنتِ معطاءة طيبة القلب يا ابنتي فلا تعاقبينا الآن بالحرمان منك.
دموعها تملأ عينيها فلا تدري هل هي دموع حزن أو فرحة!
الألم لا يزال يخز جسدها لكن تربيت العوض أقوى!

_ترى أبي يا جهاد؟! عاد نادماً مستغفراً.. عاد ومعه أمي.. تراهما مثلي ؟! حتى ولو تكن ترى سأكتبها لك في أوراقي.. ستعيش معي كما كنا دوماً..

تشرد بها عيناها تخاطبه سراً عبر طيفه المتجمد الذي لا يزال واقفاً مستنداً على باب الغرفة..
تراه هو وحده الحلم؟! وما حولها فقط هي الحقيقة؟!

تشهق فجأة بدهشة وهي تنتبه لتوها لما ترتديه فتمتد أناملها تتحسسه!!
فستان الزفاف الأبيض المطعم بالفيروز!
هذا الذي أتت به هنا!
من ألبسها إياه؟!
حلم! هو الآخر حلم!!

_أنا فعلت! أنا ألبستك إياه! تذكرين عندما اشتريناه معاً؟! أنا من اخترته لك؟! أردت أن يراك جهاد فيه أول ما يصل.
تقولها حسناء عبر دموعها المنهمرة لتتسع عينا زهرة بذهول..
ليس حلماً!!
تتحامل على نفسها بشق الأنفس لتجد أخيراً بعض الرمق فتلتصق نظراتها بالصنم الجامد على الباب هامسة بشحوب:
_عرف الحقيقة؟!
_بالطبع عرف يا "أذكى إخوتك"! كالعادة تبهرينني بعبقريتك! تتخفين من الرجل وتهربين منه سراً ثم تنظمين تظاهراَ سلمياً تصوره القنوات المحلية والعالمية وتذيعه شاشات العالم! ليس هو فقط من عرف..قريباَ نراكِ مع (منى الشاذلي) ويطبعون صورك على بسكويت الأطفال وفوانيس رمضان مثل (المفتش كرومبو) و( محمد صلاح)

كانت هذه طيف بفظاظتها الساخرة المعهودة والتي جعلت زهرة تتيقن أكثر أنه ليس حلماً..
هم حقاً هنا؟!!

_جهاد!

تهمس بها برهبة لكنه يبقى مكانه جامداً للحظات قبل أن تشعر بجسده كله ينتفض وهو يبدو كأنما يجاهد نفسه كي لا يقترب..
فقط يظهر كفيه أخيراً لتتسع عيناها وهي تميز أوراقها التي كانت تكتبها له..
قرأها؟!!
سبابته المرتجفة تحوم حولها وعيناه تمطرانها سيلاً راعداً من عتاب وعشق..

تعاود إغماض عينيها هاربة وهي تشعر بمزيج من الخزي والذنب..
هل رآها هكذا وقد سقط شعر حاجبيها وتحولت لما يشبه المومياء؟!
هل عرف أنها لا تزال تحارب في معركة لا تعرف نتائجها؟!
هل تغير في أمرهما شيئ؟!
لا!
لن ترضى بالمزيد من القرب.. فليرحل!

_دكتور جهاد طلب خطبتك مني وأنا وافقت.

يقولها أبوها بنبرته النادمة المستحدثة لترتسم على شفتيها ابتسامة بائسة ساخرة.. كأن هذه هي المشكلة!!
المزيد من وخز الألم يعاود قصف جسدها فتود لو يختفي كل هذا..
لو تدفن وجهها في وسادتها كما اعتادت لتبتلع تأوهاتها وحدها..
فلتخبرهم أن يرحلوا.. أن يتركوها دون المزيد من الوجع..
لكن حتى هذه لم تعد تقوى عليها!
فقط لو يسمعها هو..
لو يمنحها الفرصة لتشرح له..
لو تمحو هذه النظرة العاتبة في عينيه والتي تذبحها بخنجر ثلم!

_جهاد.

تهمس بها وهي تفتح عينيها أخيراً بصوت شقه الألم، يتنازعها المزيد من الرجاء فتراه يتحرك..
أخيراً يقترب..
يقترب..
كأنه يطوي بكل خطوة عدة صفحات من كتاب الألم الذي أجبرتهما الظروف أن يخطّا سطوره!

_اسمعني..

تهمس بها بضراعة من تفهم طباعه.. تستعيد عبارته التي قالها لحسناء قبل رحيله..
(أخبريها أنني لن أنتظر عودتها نادمة.. بل لن أنتظر عودتها أبداً)
تتذكر كذلك مقولته ذاك اليوم :
(لن أسامحك أبداً لو أخفيتِ عني شيئاً بعد الآن.. أنتِ صرتِ مني.. غصن لا يتمرد على جذعه.. وجذعٌ لا يتخلى عن غصنه.. هكذا نحن.. كنا وسنبقى يا نيلية!)

تكاد تقرأها الآن على شفتيه المرتعدتين برجفة غضب هي خير من تدركها.. فلا تتعجب همسه الصارم :
_لا.
تسبل جفنيها بتفهم وهي تراه يردف بنفس الغضب المكتوم :
_لن أسمع كلمة واحدة قبل العقد.

تهز رأسها جاهلة عما يقصد لكن الحسم العاتب في عينيه يمنحها الجواب.. ويمنعها الرفض..!

زغرودة عالية تطلقها حسناء مدوية فينتفض لها جسدها بوهن،
تهز رأسها رفضاً وهي تشعر أنها تعود بهما لنقطة البداية..
فتنبعث زغرودة أخرى من أمها تتبعها أخري وأخرى..
لا تزال تهز رأسها رفضاً لكن طيف تميل على أذنها هامسة :
_لا تحاولي الرفض فالرجل "على آخره"! أنا نفسي شعرت بالشفقة عليه طوال الأيام السابقة..أخي عاصي أخبره بالحقيقة كلها فلا داعي لمزيد من الكذب.. بعدها هو طلب مني أن أبحث عن والديكِ وآتي بهما.. كنت مترددة لكن شعوري بندم والدك جعلني أحسم الأمر.. قولي "نعم" أو لا تقوليها فهو لن يسمح لك بالرفض على أي حال.. اختصري الوقت فلحظاتٌ كهذه يبخل بها العمر كثيراً.

تقولها طيف وهي تتذكر (مأساتها الخاصة) الآن فتشيح بوجهها وهي تعتدل واقفة..
لتعود عينا زهرة فتتعلق بعيني عاشقها ومعشوقها..
تسمع المزيد من الزغاريد فتسبل جفنيها باستسلام تمنحهم الموافقة.
========
أويها لبستك الأبيض طيه على طيه
أويها طيه فرنجية وطيه عربية
أويها اطلعت من الدار وقلت يا خيي ويا بيي
أويها وأنا العروس ديروا بالكوا عليا..

اويها يا وجه القمر
اويها والغايب من أهلك حضر
أويها وما غايب الا الشيطان
اويها وما حضر الا غالي القدر.

(المهاهاة الفلسطينية) بأصوات زملائها من النزلاء يرددونها خلف حسناء ويترجمها صهيب مع تصفيقهم الحار..
تدوي في أذنيها وتعزف بروحها لحناَ قديماً ظنته مات للأبد..
وخز الألم في جسدها يتراجع كثيراً أمام هذه الزغاريد التي لا تسمعها منهم بل تطلقها روحها قبلهم..
تبتسم رغماَ عنها وسط دموعها وهي تراهم جميعاً قد تحلقوا حول فراشها بعد العقد يغنون بحماسة..
قلبها يختلج بهذه المشاعر الصادقة التي حملتها عيونهم في هذه اللحظة..
تلتفت نحوه لكنه بقي مغمضاً عينيه موصداً صدره على فيض مشاعره..
كأنه يخشى أن يفتحهما فينطلق الطوفان دون رادع!

_يكفي هذا.. دعوهما وحدهما.. لابد أن لديهما الكثير ليقال.

تقولها طيف بفظاظتها الفطرية وهي تصفق بكفيها لتصرف الحضور..
تقبل الأم رأس ابنتها وكذلك يفعل أبوها قبل أن يغادرا الغرفة فيما
تسبل حسناء جفنيها بهيام وهي تطالعهما رافضة الانصراف لكن طيف تجذبها من كم قميصها، فتهمس لها بخفوت راجية:
_دعيني أقرصها في ركبتها..
ثم تتنهد بحرارة مردفة :
_رأيتِ كيف ينظر إليها؟!

_(شباب بقا ما احنا كنا شباب)

تهمس بها طيف بتهكم وهي مستمرة في سحب حسناء نحو الخارج لتغلق الباب خلفهما..
ولم تكد زهرة تشعر بانفرادهما حتى شعرت أن الدماء كلها تجمعت في وجنتيها..
ترفع عينيها إليه بنظرة مترقبة لكنه لم يمهلها الفرصة وهو يغمرها بين ذراعيه..!!

عناق؟!
لا لم يكن عناقاً.. بل كان يغرسها بين ضلوعه كأنه يستجديها بعد الوطن وطناً!
كأنه يمنحها "كل ما بقي منه" طامعاً في "كل ما بقي منها" ليكونا معاً كل ما بقي من هذا العالم!!
قبلات؟!
لا لم تكن هباته الحارة على وجهها مجرد قبلات.. بل كانت دفء شمس افتقدته كهوفهما الباردة.. وعسلاً رائقاً سال دافقاً على شفاه تشققت بالمُرّ.. بل ركناً حصيناً آوى إليه كلاهما بعد طول عري وبرد وخوف.. وربما هوية! هوية جديدة صادقة منحها كلاهما لصاحبه يحميه بها من هول الشتات!
عتاب؟!
ظنته سيحمله لها تقليدياً هادراً.. لكنه منحه لها متفرداً في خيط من الدموع شق نهره بين وجنتيهما المتلاصقتين مع همسه :
_كيف أسامحك؟! وكيف أقسو عليكِ؟! آه... ماذا فعلتِ بنا؟!
_لأجلك.. والله ما فعلتها إلا لأجلك! خفت عليك عذابك معي.
_عذابي دونك كان أشق! ضعتِ مني فضعتُ من نفسي.
_ظننتك تستحق الأفضل.. لا مجرد امرأة تنتظر النهاية.
_ياغبية! أنت البداية والنهاية.

يهدر بها عاصفاً وهو يعانق وجهها بكفيه مردفاً بانفعال عاشق:
_هل عهدتني جباناً يخشي المعارك؟! أنتِ أخذتِ قرارك وحدك.. انتزعتِ سلاحي ورميتني خارج الساحة ووقفت وحدك تقاتلين! هل كان هذا عهدنا؟! هل كان ظنك فيّ؟! أنا فقدت إيماني بالدنيا كلها يوم ظننتني فقدت إيماني بك.. كلانا وحده مجرد رقم في تعداد الحياة.. لكن كلينا معاً نساوي كل الحياة.
_وأهديك جرح فقد آخر؟!
تهمس بها بين دموعها بقهر فيخفي رأسها بين ضلوعه هاتفاً :
_كل لحظة معك كنز أسرقه من عالم بخيل.. حتى لو رحلتِ كما تزعمين.. كفاني تكونين معركتي الفاصلة التي أخوضها بكل قوتي حتى لو مت آخرها.. سلاحي الذي يمنحني شرفي حتى لو كسر في يدي ..غصن الزيتون الأخير الذي أزرعه حتى وأنا أوقن أنه لن ينبت في أرضي.. يكفيني منك القرب.. تكفيني معك الحرب.. تغنيني معك المقاومة..الانتفاضة.. تعرفين معنى كل هذا لرجل مثلي؟!
_آسفة.
تقبل بها رأسه فيهتف وهو يغرس نظراته في عينيها :
_ليس هذا هو الاعتذار الذي أريده.. "آسفة" هذه سأسمعها منك ألف مرة إنما في حرب.. حرب سنخوضها معاً متشابكي الكفين.. تخرجين منها وقد هزمتِ مرضك وأخرج منها منتصراً بكِ.. هذا فقط هو الاعتذار الذي سيرضيني يا "نيلية"!
_آه!! آآه لو تعرف كم افتقدت سماعها منك!
تقولها بين شهقات بكائها ولفظته الأخيرة تعيدها لعمر بأسره افتقدته معه..
فيمسح دموعها بأنامل مرتجفة ليقبل وجنتيها هامساً :
_وأنا افتقدت منك الكثير لا أظن العمر كله يكفيني لأحكي لك عنه.
_حنظلة! عدت تظهره!
تقولها وهي تنتبه لميداليته التي عادت تبرز من جيب سرواله كعهده القديم، ليرد بتنهيدة حارة وهو يعيد رأسها لصدره :
_ومن أنا دونك ودونه؟!
تبتسم له ابتسامة بحجم الدنيا كلها وهي تراه يفك سلسلة عنقها ينتزع منها دبلته ليلبسها إياها، يقبل أصابعها واحداً واحداً فتهمس له بحروف تقطر عشقاً :
_أنت بدربك في جهاد.. وأنا بحبك في جهاد.
_وجهاد كله لكِ.
يبتسم بها أخيراً لتلين نظراته العاتبة.. أنامله تطوف فوق ملامحها كأنه يرسمها في صورتها الجديدة.. تهبط لعنقها.. كتفيها.. ليهمس بشرود :
_تذكرين متى اشترينا هذا الثوب؟!
_أشياء كهذه لا تنسى.
_تعرفين معنى أن يضع رجل مثلي شاله الذي يقدسه على كتفي امرأة ترتدي له الأبيض.. له وحده؟!
تدمع وهي تتذكرها بصوته كذاك اليوم خاصة وهو يقرن قوله بفعله، فتضم الشال فوق كتفيها وهي تقبل كفه بحب..

_ستشفين يا زهرة.. حسن ظني برب العالمين أنه لن يجمع عليّ غربة وطنيْن.. ستكونين أول وطن يعود لي.. وعساني أعيش حتى أشهد عودة الثاني.
يقولها وهو يعاود ضمها إليه بقوة كأنه يتشبث بها فترفع عينيها الدامعتين لأعلى بدعاء خاشع.. ولأول مرة تتمني أن تشفى لأجله هو.. لأجل ألا تمنحه هزيمة أخرى..
_لدي الكثير من الحكايات تفتقد قلبك -حبيبي- كي يسمعها!
يهمس بها بحب ذاب عتابه وهو يعيدها لرقدتها المريحة، يتخذ مجلسه جوارها ليضم كفها بين راحتيه، ورأسها على صدره، يحكي لها عما حدث في غيابها فتستمع له كعهد صداقتهما القديم..

_بطلي لم يخذلني.
تهمس بها اخيرا بفخر وهي تقبل جبينه فيرد قبلتها هامساً :
_وبطلتي لن تخذلني.
ابتسامتاهما تتشابهان.. تتعانقان.. تجددان العهد وترسمان الغد..

_هذا الثوب لا يبدو مريحاً.. هناك شيء آخر أذكره.. قلت لك ذاك اليوم ونحن نشتري هذا الثوب (ترفقي به وأنت تخلعينه هذه المرة وأنا سأتولى شأن المرة القادمة).. تراني وفيت بوعدي؟!
يقولها مشاكساً بنبرة عاد إليها مزاحه القديم وهو يقرص وجنتها بخفة، لتضحك بخجل وهي تضم شاله فوق كتفيها فيضحك بدوره وهو يضمها إليه بتنهيدة طويلة هامساً :
_اضحكي يا نيلية.. اضحكي واجعليني أضحك معك.. دعينا نعلم الدنيا كيف ينبت الزهر من قلب الصخر.. كيف يرسم الأمل بريشته وسط سواد اليأس.. فيعيد للدنيا ألوان قوس قزح.
=======
*أخضر *
=======
_أنا آسف لما حدث حقاَ لكنني بشكل ما كنت أتوقعه.. لهذا أريدك ألا تنخرطي في الحزن بل يجب أن تستفيدي من هذا الطلاق.
يهتف بها مخرج برنامجها عبر الهاتف الذي تضعه على أذنها وهي تراقب صورتها عبر المرآة..
لقد أرسل لها إيهاب ورقة الطلاق غيابياَ دون أن يحاول المزيد من التبرير..
كأنه أيقن مثلها ألا فائدة من المزيد من المحاولة!
كلاهما فقد الآخر.. وفقد نفسه!!
_لا اريدك أن تعودي لمؤشر الخسارة.. الناس تتعامل معكما ك(ثنائي شعبي) يحق له معرفة جميع تفاصيله.. هو أغلق كل حسابات التواصل خاصته.. وأنا أراها فرصتك..
لا يزال الرجل يهتف بها بحماسة لتسأله ببرود :
_كيف؟!
_فيديو (لايف) على صفحتك الآن.. تتحدثين فيه عن (العلاقات السامة) وكيفية التعافي منها.. لا تذكري أسباباَ صريحة للطلاق كي تسمحي بتداول الشائعات.. هكذا هي اللعبة دوماً.. هكذا تضمنين أن تكوني حديث الناس للفترة القادمة.. يمكنني أن أنسق لك حلقة جديدة مع أشهر المذيعين كي نستغل الأمر في ذروته.. العبيها بطريقة صحيحة كي تجيدي استثمار الأمر.
_وإن لم أفعل؟!
تسأله بنفس البرود ليرد بزفرة ساخطة :
_هل ستعودين للعناد؟! ظننتك تعلمتِ درسك من المرة السابقة!
_تعلمت.. صدقني تعلمت.
تقولها بحسم ليهتف برضا :
_عظيم! افعلي إذن ما نصحتك به.. وأنا سأشرع فيما أخبرتك به.. صدقيني حلقة برنامجك القادمة ستكون تاريخية.. فقط تعمدي إظهار حزنك بصورة مغالية لكن مع إظهار قوتك وقدرتك على تجاوز الأمر.
يغلق معها الاتصال فتعود لترمق صورتها في المرآة بنظرة طويلة، تتحرك نحو حاسوبها المحمول، تفتحه لتستعد لبث الفيديو المباشر..

_مرحباً.. أعرف أنكم تريدون الاطمئنان عليّ بعد الشائعات.

تقولها بابتسامة هادئة لتراقب التفاعل الرهيب للمتابعين على الشاشة..
قديماً كانت هذه الأرقام تمنحها رصيدها من القوة.. والآن ؟!

_أنا بخير.. تعلمت الدرس جيداً.. تعلمت أن أحتفظ بخصوصية حياتي ولا أشاركها.. تعلمت ألا أجعل نفسي سلعة للعرض.. أعرف أنكم تنتظرون كالعادة الكثير من التفاصيل.. لكن المفاجأة أن (لا تفاصيل!)..حياتي ملكي وحدي لا تخص أحداً.

تتوالى التعليقات كالسيل بين مؤيد لما تقول داعٍ لها بالبركة ومهاجم يتهمها بالغرور والفظاظة لكنها كانت تقرأها كلها بنفس الانطباع..
انطباع الاستغناء!

تغلق الفيديو بحسم ليصلها اتصال المخرج هادراً بعنف:
_هل هذا هو اتفاقنا؟! لا تلومن إلا نفسك إذن.. البرنامج سيكون..
_أنا من صنعت نجاح البرنامج.. ويمكنني إنجاح عشرة غيره.. افعل ما شئت!

تهتف بها بحدة واثقة فيغلق الاتصال في وجهها بعنف لتتلاحق أنفاسها وهي تشعر أنها كانت في سباق..
سباق أنهته كما ينبغي!
لا.. ليس بعد!

تتناول هاتفها لتفتح ستوديو الصور فتمحو صورهما (الزائفة) معاً..
تلك التي توقن أن ضحكاتهما فيها كانت مصطنعة للعرض..
تحذفها واحدة واحدة كأنها تحذف معها هذا الشعور بالزيف الذي عاصرته الأيام السابقة..
تصطدم ببعض الصور لهما في بيت إياد الأنيق والتي كان يستحسن إيهاب أن يظهره في الصور..
تدمع عيناها وهي تميز هذه الصورة بالذات لخديجة تقف بين إيهاب وإياد أمام حمام السباحة وقد حملت طبقاً من الطعام..
صورة تلخص حكايتهم كاملة!
إياد عاري الجذع بسروال قصير يظهر مثالية قوامه ونظرته التي تمزج القسوة بالحرمان وابتسامته الكاذبة..
إيهاب بثيابه الكاملةشديدة الأناقة والتي يداري بها شعوره بالنقص مع ضحكته التي بقيت رغم اصطناعها طيبة جذابة..
خديجة التي لا تزال تريد الشعور بأمومتها الكاملة ولو خلال صورة فتخذلها ابتسامتها البائسة..
ثلاثتهم يبدون قريبين للغاية.. لكن المدقق في الصورة يشعر بالهوة بينهم!
وهي؟!
هي لم تكن في الصورة رغم استطاعتها وقتها أن تفعل..
كأنها كانت تدخرها ليوم كهذا كي تكون قصة مختصرة للحكاية..
لا مكان لها بينهم.. لا مكان!

تضع الهاتف جانباً وقد تكدست الدموع في عينيها، تتناول حقيبتها لتستخرج الرسالة التي كتبها لها إيهاب متعمداً وقد أرسلها لها مع ورقة الطلاق.. كأنه شعر أن خط اليد سيكون أكثر حميمية..
(جنيتي..
جنيتي التي ما عادت تمنحني السكينة!
ظننتك تحبين الأخضر لأنه مزيج من جنون الأصفر وسكينة الأزرق.. لكنك لم تعودي كذلك.. الأخضر خاصتك صار مزيجاً من شحوب الأصفر وخوف الأزرق.. مزيج لن أبرئ نفسي من تحمل أسبابه..
أظنني امتلكت قلبك حين كنا صديقين يفهم أحدنا الآخر دون كلام.. وخسرتك يوم خسرت صداقتك وظل كل منا يدور حول الآخر برهبة ولا يجرؤ على الاقتراب..
وأظنه حان الوقت ليبتعد كل منا باحثاَ عن نفسه من جديد.. لعله حين يجد نفسه يتعثر في الآخر مصادفة بنفس الطريقة التي تلاقت بها طرقنا أول مرة..
اعلمي فقط أنني لم أخنكِ.. يشهد قلبي الذي لم يعد يرى من النساء غيرك أنني لم أفعل..لا أعرف كيف أشرح ولا إن كنتِ ستفهمين.. لكنني فقط كنت أبحث داخلي عن صورة كاملة تليق بك.. صورة لا تثير اشمئزازك ولا تذكرك بخسارات ماضيك..
أخطأت الطريقة والطريق.. لكنني لم أخطئ الهدف!
الهدف الذي ما كان وما ليكون إلا أنتِ!
أعدك ألا أهرب من نفسي من جديد.. أن أواجه الحاضر بل والماضي.. أعدك أن أعود لنفسي.. رجلاً أوقن أنكِ أحببته حتى ولو لم تعلمي أنتِ..
وعديني أنتِ الأخرى أن تفعلي المثل..أن تعودي الجنية الخضراء التي أحببتها بكل ما أوتي قلبي من حب.. عودي لنفسك حتى ولو ضيعتك من يدي للأبد)

خيطان من الدموع يسيلان علي وجنتيها مع حروف رسالته..
كيف يمكنها أن تشرح.. كم افتقدته.. وكيف لم تعد تطيقه!!
افتقدت إيهاب القديم.. وكرهت صورته الجديدة!
هو محق..
كلاهما يحتاج للعودة لنفسه أولاً قبل أن يبحث عن الآخر!

_رأيتَ ما فعلته أنا الآن على الشاشة؟! أنا التي صرت (الفاجومي)! لم أعد أكترث لرأي الناس مادمت أحب ما أفعله.. لدي الكثير من الخطط للغد.. لم أكذب حين قلت أنني من صنعت نجاح البرنامج ويمكنني صنع العشرات مثله.. لكن ليس بتلك الطريقة الرخيصة.. لدي طرق أشق.. لكنها أكثر شرفاً.. طرق سأفتخر كثيراً عندما أصل لآخرها.. وسأفتخر أكثر لو وجدتك حينها تستحق أن أحكي لك عنها.)

تكتبها بخط يدها كذلك لتضعها جانباً وهي تنتوي أن ترسلها له كذلك..
تسمع رنين الجرس فتتأهب حواسها وهي تفكر في تجاهله..
جارتها الفضولية ؟! هيام تريد الشماتة أو الصلح؟! خديجة تريد الحديث؟! أم تراه إياد يريد إعادة عرضه المخزي ولم يكتفِ بالصفعة؟!
لا يهم!! ليكن من هو.. لن تفتح!!

كانت هذه فكرتها الأولية قبل أن تغير رأيها بسياستها الجديدة..
لن تهرب.. بل ستواجه!

تتوجه نحو الباب لتفتحه بحدة ثم ترتخي ملامحها ببعض الرفق وهي تميز ملامح رؤى مع تلك المرأة التي لا تعرفها..
_جنة صديقتي..حكيت لك عنها.
ينعقد حاجبا عزة وهي تتذكر ما أخبرتها به رؤى عن بعض الشكوك في نزار.. هذا الأمر الذي كادت تتناساه مع الأحداث السابقة..
_تفضلا.
تفسح لهما الطريق لتدخلا..فتبادرها رؤى بقولها المشفق:
_علمنا ما حدث..لا أحتاج لإخبارك بمكانتك عندي.. أرجوك اعتبريني صديقتك.
تبتسم لها عزة بود وهي تشعر بحاجتها حقاً لما تحكي عنه رؤى.. ربما كانت هذه مشكلتها الحقيقية الآن.. انها تفتقد صديقة تثق بها!
لهذا تربت على كتف رؤى برفق شاكرة فتردف الأخيرة بوداعتها المعهودة :
_هيام كانت تريد زيارتك بالطبع لكن راغب هو من وقف لها.. أعرف أنك لست مستعدة بعد للقاء كهذا.
تهز عزة رأسها ببعض الامتنان وهي تتوجه ببصرها نحو جنة التي تفهم الآن سبب زيارتها لها لتقول بنبرة معتذرة :
_وددت لو أفيدك لكن علاقتي بتلك العائلة انقطعت كما لاريب أنك قد علمتِ.. آخر ما كنت أفعله قبل حضوركما أن أمحو صورهم من علي هاتفي وهو ما أتمنى أن أفعله في حياتي كلها..
تقولها وهي تنظر لهاتفها القريب فترمقه جنة بنظرة عفوية لتقول بتفهم :
_أعرف..لكن نزار ذاك سافر فجأة دون أسباب وكنت أريد فقط أن أعرف..
تقطع عبارتها وهي تنتبه للصورة على هاتف عزة لتتسع عيناها بذهول وهي تشير نحوها هاتفة :
_من هذا الرجل بوشم الكوبرا؟!
تهز عزة كتفيها لتقول بتوجس :
_إياد أخو إيهاب ونزار.
تبتسم جنة بظفر وهي تتذكر الفيديو الذي أرسلته بتول الراعي لفهد.. الرجل الذي كان مع أمه.. إنه نفس الوشم!
الآن تظن أنها لا تحتاج للسؤال عن المزيد عن نزار.. فقد عرفت الكوبرا!
======





_لماذا أتيتِ بنا إلى هنا؟! لا تقولي أن ابنك بالأعلى ينتظر مني الاعتذار له؟!
يقولها إياد بجفاء وهو يتوقف بسيارته أمام بيت خديجة بكل ما يحمله له من ذكريات..
لترد وهي تبسط راحتها على كتفه :
_لا أعرف أين إيهاب منذ تلك الليلة التي تشاجرتما فيها..لكنني لا أظنه هنا.. أعرف طبيعته في ظروف كهذه يعتزل الدنيا كلها ويهرب بعيداً.
_غريب! ألا تشعرين بالقلق عليه؟!
يقولها بتهكم مرير وهو لا يزال يشعر بغرابة موقفها بعد تلك الليلة..
لقد بقيت معه هو في بيته كأنها تحاول استرضاءه وتعويضه..
_إنها المرة الأولى التي اشعر فيها أنك اخترتني أنا..
يقولها بنفس التهكم الذي خالطه حزن حقيقي لترد بشرود غامض :
_أنا اخترتكما معاً..
يرمقها بنظرة متسائلة فتقول بحسم :
_هناك ما كان يجب أن تسمعه منذ زمن بعيد.. تعال!

يطيعها بعد تردد وهو يغادر سيارته ليصعد معها البناية..
كل درجة للسلم تفوح برائحة الماضي حلوه ومره..
نفس السلم الذي تشارك فيه اللعب والجلوس مع إيهاب وورد..
نفس السلم الذي صعد عبره درجات حبه لها..
ونفس السلم الذي انحدر عبره حلمه بها..
يدخل خلفها البيت الذي روعته ظلمته للحظات قبل أن تضغط هي الزر لتضيئه..
يدور ببصره في المكان حوله وهو يشعر بنزيف الذكريات يرهق روحه..
آخر مرة كان فيها هنا شغلته مواجهته مع إيهاب عن تفحص المكان الحبيب الذي فاض بالذكريات حلوها ومرها!

_لا تقولي أنك اتيت بي إلي هنا لتتقمصي دور (ست الناظرة) من جديد بعيداً عن بيتي فتعاقبيني على ما فعلته مع زوجة إيهاب.
يهتف بها بنفس التهكم المرير وهو يلاحظ انها لم تأت على ذكر الأمر من ليلتها.. لكنها تتنهد لتقول بحسم:
_كلام فارغ! ما قلته لعزة يومها كان مجرد كلام فارغ! حتى ولو لم تصفعك هي..لا هي كانت سترضى بعرضك ولا أنت كنت ستنفذه! لا تزال داخلك نقطة مضيئة اراهن عليها.
يبتسم ساخراً دون رد، لكنها تجذبه من كفه نحو غرفته القديمة، تفتحها لتضيئها.. تشير له نحو الكاسيت القديم والشرائط الكثيرة المتراصة، لينعقد حاجباه برهبة حقيقية وهو يسمعها تقول بصوت متهدج رغم نبرتها القوية :
_هذا ما كان يجب أن تسمعه.. لا.. بل ما كان يجب أن تعيشه.. هذا ما كان أخوك يدخره لك طوال تلك السنوات.

يزداد انعقاد حاجبيه وهو يتناول أحد الشرائط ليميز تأريخها..
يالله!!
كل هذه السنوات!!

يرتجف جسده بقدسية الذكرى وهو يتذكر تلك العادة القديمة بينه وبين إيهاب..
بدأت عندما التحق هو بالجيش ليصر إيهاب وقتها أن يسجل له هذه الشرائط ليحكي له أخبارهم هنا..
ألم ينسَ؟!
والسؤال قرأته خديجة رغم صمته لتجيبه بقولها :
_لا.. لم ينسَ.. اجلس واستمع.. ربما كسبت رهاني على ما بقي لنا منك.

تقولها لتخرج مغلقة الباب خلفها فلا يعرف كيف اتخذ مجلسه ليستمع للشرائط مرتبة بتواريخها..
ساعة خلف ساعة لا يعرف كيف يمر به الوقت..
لا يشعر بشيء سوى بصوت إيهاب الدافئ بين ندمه واشتياقه إليه..
يحكي له عن ورد كما رأى الأمر وقتها.. يعترف بخطئه ويطلب عفوه..
يروي له تفاصيل كل شيء في حياته كأنه لا يزال يفتقد صداقتهما القديمة..
يطلب منه الصفح..
يناشده العودة..
يالله!
هل كان أخوه يذكره بهذه الحميمية طوال تلك الأيام؟!
كيف لخص وجع سنوات في كلام ساعات..؟!
كيف احتفظت مشاعره بهذا الوجع الحارق عبر برودة مجرد شرائط؟!
يصل لتلك الشرائط بعد الحادث فتدمع عيناه وهو يسمعه يصف له شعوره..
عجزه..
خوفه..
ويرجوه ألا يعود شامتاً.. !
دموع تسيل حارقة علي وجهه وهو يشعر أنه يسمع "إيهاب" آخر غير هذا الذي رسمته مخيلته منذ سنوات..
"إيهاب حقيقي" يعترف بزلاته ويندم عليها..
لا ذاك المدلل الذي بقي هو حاقداً عليه طوال هذا الوقت!!

أخوه.. أخوه الذي ظن نفسه فقده وقد أبدلته الأيام بواحد آخر صار عدوه..
الآن يظنه قد عاد!!

وفي مكانها خارج الغرفة بقيت خديجة الليلة بأكملها تراقب الغرفة كعهدها..
كأنما تشعر أن سر الأخوين سيبقى دوماَ بين جدرانها الأربعة..
تمهله وقته كاملاً وهي تشعر بأهمية هذه الساعات التي تمر..
ليتها فعلتها منذ زمن بعيد!

تسمع صوت أذان الفجر فتصلي لتدعو الله في سجودها أن يؤلف بين قلبيهما.. وأن يعود كل منهما لنفسه..
تنهي صلاتها لتسمع باب الغرفة يفتح..
تتوجه نحوه فلا تحتاج كثيراً من الذكاء لتفهم أنه خرج بقلب غير الذي دخل به..
تعانقه ولأول مرة منذ عودته تشعر أنه حقاَ عاد!!
ما أشبه عناقه الآن بذاك الذي كان عندما عاد لها صغيراً من العراق..!

_سامحني يا ابني.. أحياناً نظلم أقرب الناس لقلوبنا دون قصد.. أعترف أنني قصرت في حقك لكن يشهد الله على لوعتي لأجلك طوال هذه السنوات.. لو كان هناك ما بقي كي أعيش لأجله فهو أن أعوضك عما فات.. هاقد سمعت (إيهاب) الحقيقي بعيداً عن قناعه الزائف.. طوال هذه السنوات وهو لا يأتمن على ضعفه سواك ولو في مجرد شريط لا يثق حتى أنك ستسمعه..لكنك بقيت ما أراد ان يشد به عضده.

تقولها بحرقة وهي تتلمس وجهه بأناملها ولأول مرة يشعر أنه يجد لنفسه مكاناَ فوق تجاعيد وجهها..
لأول مرة!

يغمض عينيه بقوة وهو يقبل رأسها فتربت على ظهره لكنها تنتفض مكانها وهي تسمع رنين الجرس..
_من الذي سيطرق الباب في هذه الساعة؟!
تقولها بجزع ونفس الخاطر يجتاحهما معاَ!
إيهاب في خطر!!
ولأول مرة لا يشعر بالضيق من قلقها وهتافها باسم أخيه بل يشاركها إياه..
يتحرك ليفتح الباب فتطالعه الوجوه الغريبة التي يراها لأول مرة.. يتقدم أوسطهم ليهتف بصرامة وهو يذكر اسمه هو ثم يريه أمر الضبط مردفاً :
_مطلوب القبض عليك.
=======








=======
*أحمر*
=======
_الجلسة سرية!
يقولها المحامي الخاص بها وهو يقف في قاعة المحكمة حيث استقرت يسرا مع سمرا خلف القضبان..
ليردف بخفوت وهو يلوح بسبابته في وجهها :
_لا تتكلمي نهائياً.. التزمي الصمت ولا تردي على أي أسئلة يوجهها القاضي .. الأوراق معي أكثر من كافية لتبرئتك تماماً.
"تبرئتها" ؟!!
كم تبدو الكلمة بعيدة.. بعيدة.. كما بين غيم السماء وحصى الأرض!
مثيرة للضحك.. وهي تدرك أنها ستبقى خلف القضبان طوال عمرها.. حتى ولو غادرت هذه المعدنية فستبقى بصدرها أخرى غير مرئية تحبسها دون أمل في خروج!
_وهي؟!
تشير بها نحو سمرا الشاحبة المرتعدة جوارها ليقول بضيق :
_لا يمكنني الجزم.
_في هذه الحالة سأتكلم.. سأبرئها مهما كان الثمن.
تقولها بحسم ليمط الرجل شفتيه بقوله:
_لا تصعبي الأمر سيدتي.. مهمتي هي الدفاع عنك أنت فحسب.
_وأنا لن أتركها خلفي.. بل ولن أسكت.. سأعترف بكل شيء وليكن ما يكون.
_في هذه الحالة أعلن عجزي.. أنا فعلت كل ما بوسعي.
يقولها الرجل وهو يتركها ليتخذ مقعده في انتظار القاضي لترفع يسرا رأسها شاعرة بالدوار..
المزيد من الدوار الذي ما عاد يفارق روحها..
لن تبرئ نفسها..بل ستعترف بكل شيء.. ليس فقط كي تنقذ سمرا إنما.. لأجلهم هم!
ربيع وابراهيم وهبة والحرافيش..
لعلهم يجدون في سجنها قصاصاَ تستحقه ويمحو من صدورهم بعض الكراهية!
لعلها تتطهر من ذنوبها التي تخنقها حد الموت!
لعلها تجد وسط تيهها بين يسرا وسمرا أخرى تريد العيش بها ما بقي لها من عمر!
_يسرا هانم.
كانت هذه كوثر التي اقتربت لتتشبث بالقضبان دامعة العينين هامسة برجاء :
_اسمعي كلام المحامي.. والدتك تزداد حالتها سوءاً.. تسأل عنك كل يوم عندما تفيق.. تبقى تصرخ باسمك ولا أعرف ماذا أفعل..لن تحتملي ذنبها لو.. لو..
تقطع عبارتها مجهشة بالبكاء لتسيل دموع يسرا بعجز عبر عينيها المغمضتين..
(اللعبة) صارت (لعنة)!
لعنة أصابت كل من اقترب من محيطها دون تمييز!!
هي أشعلت ما تظنه شرر اللهو ليتحول الأمر لجحيم يلتهم كل ما في طريقه وتقف هي وسطه عاجزة عن فعل شيء..

اهه ده اللي صار وادي اللي كان..
مالكش حق تلوم عليا..

لا تدري من أين انبعثت داخلها باكية.. راجية.. شاكية..
لكنها عرفت عندما رفعت عينيها لتراه يدخل مع ربيع وهبة وأبناء عمه من باب القاعة..
كأنما رأته بعين قلبها أولاً.. وليته - كما كان يزعم - رآها مثلها بعين قلبه!

تراقبهم بلهفة فضحتها عيناها..
الحرافيش يرمقونها بنظرات مختلسة ملؤها الإشفاق العاتب..
ربيع يحدجها بنظرة لوم صريحة يخالطها الوجع وهو لا يكاد يحيد ببصره عنها..
هبة تتحاشى النظر إليها تماماً مثله هو..
هو إبراهيم الذي بقي ينظر أمامه بشرود كأنه في عالم غير عالمهم!

كل منهم يقيد معصميها بحبل غليظ لا تراه لكنه سيبقى أبد الدهر يدميها بجرح الفقد.

_يسرا هانم الصباحي خلف القضبان.. ياله من خبر!

كان هذا فادي الذي فوجئت به يتقدم، ينقل بصره بينها وبين سمرا للحظات قبل أن يقول بحقد امتزج بالألم في مزيج مدهش :
_لو كان الأمر بيدي لحكمت بقتلك ألف مرة.. لكنني أعرف أنك ستخرجين منها..
ترمقه بنظرة خاوية وهي تشعر بصفعته في خيالها تدوي على وجهها من جديد بسوط الذكرى :

_قتلتِ ابنك يا مجرمة؟!


لكنه لم يكن وحده هذه المرة..
إبراهيم كذلك كان يصفع خدها الأخر بنفس العبارة..
صفعة خلف صفعة تسقط بعدها..
تسقط رغم أنها لا تزال واقفة!

_أنا (...) المحامي.. حاضر عن الآنسة سمرا.. وكلني السيد فادي.
يقولها الرجل جوار فادي فتلتفت نحوه سمرا بلهفة كغريق يتعلق بقشة..
لا تفهم لماذا يفعلها فادي ألا لو كان الأمر مجرد نكاية في يسرا كما هو الواضح!
تلتفت نحو يسرا بتساؤل كأنها تستفتيها ماذا تفعل لكن الأخيرة كانت غافلة في عالم آخر..
فراشة!
فراشة مرت من أمام ناظريها الآن فلم تعرف هل هي حقيقية أم نسجها خيالها..
فراشة ودت لو تصير مثلها فتحلق إليهم..
تقبل وجنتي هبة..تشاكس الحرافيش.. تلقي نفسها على صدر ربيع..تقبل رأسه باعتذار..
لكنها لن تجرؤ أن تمس إبراهيم..
فقط ستبقى تحلق حوله حتى تتعب.. وتسقط!
هل حقاً أنكروها بهذه البساطة؟!
أم أن جرمها كان كبيراً إلى هذا الحد؟!
إنهم حتى لم يمنحوها فرصة التبرير!
نبذوها ككلب أجرب ركلته أقدامهم الطاهرة..
ألم يشفع لها شيء؟! أي شيئ؟!

_محكمة!

الصيحة الهادرة تجبر الجميع أن يتخذوا مقاعدهم فتجلس هي مكانها..
أحد كفيها يربت على الآخر!
هذه الحركة القديمة التي كانت قد نسيتها وقد أغناها حبهم عنها..
والآن تعود إليها خائبة.. كعهدها مع كل شيء!

ترى حسام يقف مكانه ممثلاً إبراهيم فلا تلومه.. لقد رأت في عينيه نظرة منحتها صك غفران عن تاريخهما القديم وهذا يكفيها..
نظرة أشعرتها أنه يصدق ندمها.. وهذا وحده يشعرها بالامتنان وسط إنكار الباقين..
المزيد من الدوار يغلف روحها فلا تسمع..
لا ترى سوى جانب وجه إبراهيم الذي بقي عازفاً عن مجرد النظر إليها..
فتطرق أخيراً بوجهها وقد غمرها اليأس من كل شيء!

وفي مكانه كان إبراهيم يشتعل بالمزيد من نيرانها..
عيناه تقاومان النظر إليها بكل طاقته كأنه سيرى على ملامحها أفاعي خداعها تشهر ألسنتها السامة في وجهه..
فقط عينا قلبه بقيتا عاندتين.. مشتاقتين.. دامعتين باللهفة لحبيبة لم يعد يدري أين تركها..
ضاعت وضاع معها فلم يبق منها سوى مسخ بصورتها يدعي أنه هي!!
حرب ضارية تخوضها روحه وهو لايزال يقاوم النظر..
لكنه ينهزم أخيراً!
نظرة مختلسة لها تبدو وكأنها فتحت الباب لشوق بحجم السماء..
لغضب بعرض الأرض..
ولجرح بطول العمر!
يراها مطرقة الرأس أحد كفيها يربت على الآخر بتلك الطريقة التي كانت تدهشه أيام لقاءاتهما الأولى لتصفعه ذكرى ذاك اليوم عندما كانت معه في سيارته قبل زواجهما عقب رجوعه بها من بيت الصباحي أيام كان يظنها سمرا.. :

_أعرف منهم واحدة ..كان الناس يسمونها
"كاملة الأوصاف"..الجمال ..المال ..النسب ..النفوذ ..لكن أباها لم يكن يتعامل معها إلا كسلعة رائجة ..اختار لها المرة الأولى الرجل المناسب الذي ظنّه سيكون خليفته في عمله ..لم تكن راضية عن هذه الزيجة لهذا لم تكد تعلم أن زوجها لا يمكنه
الإنجاب حتى انتزعت حريتها منه ..المرة الثانية اختار لها أيضاً ما يتوافر مع طموحه ..الغريب أنها كانت راضية تماماً بالأمر وقد ظنت الدنيا ستضحك لها أخيراً ..لكنها فوجئت أن الزوج الثاني لا يراها لأنه يحب غيرها ..واستردت حريتها من جديد ..إنما عادت لتنغمس في ظلماتها ..ظلمة خلف ظلمة ..أسلمتها للإدمان ..حتى قتلت ابنها!
_ماذا ؟!
كاد يصطدم بالسيارة أمامه لولا أن سيطر على سيارته هو في اللحظة الأخيرة لكنها بدت غافلة تماماً عن كل هذا ولايزال أحد كفيها يربت بهذه الحركة الرتيبة فوق الآخر:
_ابنها من زوجها الثالث ..تركته يوماً وحده لتذهب كي تحضر ذاك المخدر ..لم تكن تميز شيئاً وقتها سوى المادة السحرية التي كانت تبقيها فوق غمام سعادة الوهم ..كان بالكاد قد تجاوز عامه الأول ..لعله افتقدها ..لعله ناداها فلم ترد ..لعله ذهب للشرفة يبحث عنها ..لعله صعد لذاك الكرسي كي يلوح لها ..لعله أسقط أحد ألعابه فرمى نفسه خلفها ..لا تعلم..ولن تعلم أبداً ..هي عادت لتجد جسده الساكن ملطخاً بدمه ..حملته لتجري به نحو المشفى القريب رغم يقينها من موته ..لكنها كانت تطارد بقايا أمل ..مات الصغير .
استغفر الله بصوت مسموع وهو يعاود النظر نحوها متسائلاً:
_وهي؟!
فتحت عينيها المغمضتين لتلتقي عيناهما أخيراً بجوابها :
_ماتت بعده !

يفيق من صفعة الذكرى وهو ممزق بين شعورين متناقضين..
أحدهما قاهر مكتسح يجلده بقسوة.. يعيره بكم كان مغفلاً ساذجاً..
والآخر واهن مخذول لا يملك سوى أن يتلقى ريشة بيضاء أخرى لا تزال لا تكفي وحدها وسط حمرة الصورة!!
تراها كانت صادقة وقتها أم كانت مجرد رتوش لتكمل اللعبة؟!

يطلب القاضي إفادته فيرمقه حسام بنظرة ذات مغزى لكنه يقف مكانه وهو يشعر بالعيون كلها تعيره بسذاجته.. الدرويش الأحمق غرته فتنة امرأة خدعته لتترك سمعته مجرد سيرة على الأفواه..
فلا يملك نفسه وهو يصر على أقواله طالباَ أقصى عقوبة عليها!

وفي مكانه كان ربيع يشعر أن قلبه يتمزق بينهما..
إبراهيم ابنه الحقيقي لكنها كذلك ابنته..
منحته جزءاً منها ليبقى أسير صنيعها للأبد..
لا يزال يلوم إبراهيم على قسوته معها ولم يكن يوافقه الرأي بشأن القضية لكنه يجرب عصيان ابنه له لأول مرة في حياته..
لا يلومه وهو يدرك أن شعوره بها لم يكن مجرد عشق رجل لامرأة..
بل بعث ميت أعادته هي للحياة ثم سلبتها منه بأقسى طريقة!
يغفر لها؟!
لا يمكنه الغفران الآن!
ليس وكف أبيها ملوث بدم أحد ابنيه وكفها هي ملوث بالآخر!!
جزء داخله يصدق أنها أحبتهم حقاً.. لم تخدعهم في عاطفتها..
لكن جزءاَ آخر لا يمكنه التجاوز عن خداعها..
هو منحها كل الفرص لتعترف.. وهي رفضتها كاملة..
والآن لا يملك سوي أن يشاهد السفينة تغرق بكل من فيها!!

يستمع لمحامي سمرا الذي بدا هجومياَ وهو يتهم يسرا بقهرها للفتاة مستغلة مالها ومكانتها، يطلب القاضي شهادة سمرا فترتجف الأخيرة رعباً وهي لا تدري ماذا تقول لتكتفي بصمتها المرتعد..
فيتجاوزها القاضي ليتقدم محامي يسرا وقد بدا واثقاً من موقفه وهو يقدم الأوراق لهيئة المحكمة قائلاً :
_موكلتي تعاني أزمة نفسية منذ فقدت ابنها.. تصرفاتها متخبطة وهذا سبب ما اقترفته.. مجرد وسيلة للهروب من أحزانها.. وهذه التقارير الطبية تفيد هذا.

تطلب المحكمة شهادة يسرا فتقف مكانها لتتعلق بها العيون..
لكن عينيها بقيت معلقة بعينيه اللتين عادتا تعزفان عنها وقد أطرق برأسه الذي ضمه بين كفيه كأنه يسد أذنيه لا يريد المزيد من الاستماع لأكاذيبها..
تحين منها نظرة لسمرا الخائفة جوارها.. ولفادي الذي تصارع الغضب مع الوجع على ملامحه..
فتقول بصوت متحشرج:
_أنا أجبرتها.. هي لا ذنب لها.

هنا تلتفت هبة نحوها كأنما وجدت في تبرئتها للفتاة قبساً من نور يشفع لها.. تلتقي عيناهما للحظات بين عتاب ورجاء قبل أن تشيح هبة بوجهها فما أشبهها بإبراهيم.. عصا لا تلين!
وحده ربيع بدا متوقعاً لفعلتها.. كفه منقبض على صدره بقوة..
يخشى عواقب اعترافها.. يخاف عليها كما يخاف على ابنه!

_تعترفين بالتزوير ؟!

يسألها القاضي فتنفرج شفتاها ولا يزال أحد كفيها يربت على الآخر..
فلتعترف أنها فعلتها عامدة..
لعل عقابها يريحهم!
لكن نظرة ل(كوثر) التي ضمت كفيها في وضع الرجاء يصفعها بوضع أمها..
يذكرها بما تركته خلف ظهرها..
هل تؤذي أمها بفراقها كما آذتهم كلهم؟!
تضم شفتيها بقوة وسيل الدموع الصامت على وجهها يشبه مطر الفقد الأسود في روحها..
لم تشعر في حياتها بالوحدة كما هي الآن!
بالوهن كما هي الآن!
بالحيرة كما هي الآن!
ثمرة كانت يوماَ ناضجة فوق شجرتها والآن سقطت متعفنة تعافها الأنفس وتركلها الأقدام!
دموعها التي تحولت لنحيب مرتفع وهي ترفع وجهها للأعلى بنفس الحيرة وهي تشعر أنها قد.. رُفضت!
أغلقت في وجهها أبواب السماء والأرض!
دموعها التي وجدت صداها في قلب ربيع الذي دمعت عيناه بدوره وقبضته تزداد ارتجافاً على صدره..
في قلب هبة التي خلعت نظارتها لتمسح دمعة خائنة تسربت من طرف عينها..
في قلوب الحرافيش الذين تبادلوا نظرات متألمة..
وحده إبراهيم لم يكن يسمع..
كان يسد أذنيه مطرق الرأس بنفس القوة التي يود لو يسد بها نزيف قلبه..
قلبه الذي كان يسمع نحيبها رغم كل شيء.. يسمعه ويشاركها إياه!!




_موكلتي لا تقوى على الحديث.. أرجو مراعاة حالتها.

يقولها محاميها وقد بدا للحضور أنها ستسقط مكانها من فرط انهيارها الباكي فيتبادل القضاة نظرات قصيرة..
قبل أن يهز كبيرهم رأسه ليعلن الحكم..
========
انتهى الفصل الحادي والأربعين.


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 01:23 AM   #3283

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

يا قلبي يا يحي حزنت عليه بس عاصي الحاوي في جعبته الكثير من الحلول لكل الأزمات فصل رائع رائع والقفله خياليه 💚💚💚💚💚💚

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 01:35 AM   #3284

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

يسرا والله صعبت على جداااا مقسومه نصين بين امها وبين انها عوزه تطهر نفسها لاخر نقطة دم منها

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 01:53 AM   #3285

ماماسماح

? العضوٌ??? » 495260
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ماماسماح is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك نيموو فصل رهيب ياقمر تسلم ايدك حبيبتي

ماماسماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 02:04 AM   #3286

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

الله الله علي قوة الفصل.. المشاهد كلها ماستر
ايه جمال مشاهد عزة وإيهاب و إياد و خديجة ده.. عظمة بجد.. مشهد الغرفة بكاني حقيقي..
مشهد يحيي وجع قلبي وان كنت و لا لحظة شكيت انها خطة مع طيف..
مشهد يسرا في المحكمة و قد ايه التناقض بين قبح خديعتها و برائة سريرتها..
بتعزفي في الفصل ده على مشاعرنا ❤️
ما شاء الله عليكى تسلم موهبتك
اه كلمة بس لاياد انجوي الوشم يا نجم 😏
دمت مبدعة ❤️❤️❤️❤️


amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 02:10 AM   #3287

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

فصل رائع سلمت يداك

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 02:27 AM   #3288

Koka16

? العضوٌ??? » 415985
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 323
?  نُقآطِيْ » Koka16 is on a distinguished road
افتراضي

مرحبا بعودتك الفصل رائع كالعادة 👏👏👏أتمنى أن تكون النهاية سعيدة ♥️♥️بالتوفيق باذن الله

Koka16 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 02:56 AM   #3289

حنان عبدلي

? العضوٌ??? » 485258
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 32
?  نُقآطِيْ » حنان عبدلي is on a distinguished road
افتراضي

وجعو قلبي، يحيى اياد و سمرا 😥😥😥😥😥
فصل موجع 💔 يسلمو ايديكي 💙💙💙


حنان عبدلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 02:57 AM   #3290

موناليزا ابو الفتوح

? العضوٌ??? » 482460
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » موناليزا ابو الفتوح is on a distinguished road
افتراضي

ياوجع القلب على يسرا ،فصل رائع يانيمو تسلم ايدك

موناليزا ابو الفتوح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:50 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.