آخر 10 مشاركات
كوب العدالة (الكاتـب : اسفة - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قصر لا أنساه - مارغريت مايلز- عبير الجديدة -(عدد ممتاز ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          79 - قسوة وغفران - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          1 - من أجلك - نبيل فاروق (الكاتـب : حنا - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-02-22, 11:16 PM   #3561

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي


منتظريييين بفارغ الصبر

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-22, 11:34 PM   #3562

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور فى انتظار نيمو ملكة الالوان وابطال قوس قزح

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-22, 11:37 PM   #3563

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور بانتظار الفصل

ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 12:44 AM   #3564

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الطيف السادس والأربعون
=======
_لا تتحركي!

تشهق بتول بفزع وهي تسمع صوت الحارس القاسي الذي رفع سلاحه في وجهها.. قبل أن تنتبه للآخر الذي أطلق النار على إطارات سيارتها - كما تعلّم- ليمنعها فرصة الفرار - إن وجدت-!!

_من أين ظهر هذان؟!
تهمس بها لنفسها بذعر وهي تشعر بهم يكممون فمها ويطوقون جسدها ليدفعوها داخل البيت..
الرعب يجمد أوصالها وهي تراه هو يغادر غرفة المرأة كعاصفة مغلقاً بابه بحرص لا يتعارض وسرعة تقدمه نحوهم كشيطان أطلقوا أسره لتوه..
نظراته مصدومة كأنه لا يصدق كيف وصلت هذه إلى هنا!!
لكن الدهشة تتحول لغضب هادر وهو يصرخ بالحارسين :
_أين كنتما عندما اقتربت؟!
يرتعد الرجلان ليردا في نفس الوقت وبنفس الجواب تقريباً :
_انشغلنا مع تعب السيدة وخروج الأطباء و..
لكنه لا يمنحهما فرصة المزيد من الكلام ورصاص مسدسه يرديهما مكانهما في رد فعل متطرف إنما يناسب شخصاً بهوسه!

تكتم الخادمة صرختها وهي تلتصق بالجدار خلفها ولم تكن بتول أفضل منها حالاً وهي تشعر أنها سترى أسوأ وجوهه..
لكن توقعها لم يعصمها من سطوة الدهشة من وحشية هجومه وهي تراه دون أن ينتظر أي رد منها يتقدم ليعتصر رقبتها بين كفيه بقسوة وهو يدفعها للخارج كي يبعدها قدر استطاعته متمتماً بخفوت وعيناه تكتبان شهادة إعدامها:
_إذن فقد تبعتني إلى هنا.. لا بأس.. خطأ يمكن تداركه.. أجل.. كما أقرأها في عينيك تماماً.. أنتِ فهمتِ أنها هي نقطة ضعفي التي حدثتك عنها من قبل.. تراكِ تذكرين بقية حديثي وقتها.. هه.. ماذا كان؟!

تتضرع إليه وسط شهقات بكائها وهي تشعر بقرب اختناقها.. تتراجع للخلف خارج البيت رغماَ عنها مدفوعة بقوة خطواته لكنه يبدو وكأنه لا يسمع..
بل كأنه صار مجرد آلة للقتل!!

حتى همسه الخافت بدا لها كنصل حاد وهو يردف بينما تضغط أصابعه على رقبتها أكثر فتصير روحها على بعد أنفاس :
_لا زلت أذكر ماذا قلت لك يومها.. (الموت يسبق الوصول إليها) .

_(فهمي!)

الهتاف المفاجئ بالصوت الحبيب يجمده مكانه!!

الهتاف الرقيق..
الخائف..
المندهش..
القلِق..
العاتب..
المحترق بلوعتيهما معاً!!

اسمه الذي كاد ينسى وقعه على روحه عندما يخرج من شفتيها!!
كأنها هي الوحيدة التي تجيد تهجئة حروفه في الدنيا كلها!!

هل تذكرت اسمه وصوته حقاً؟!
فقط؟!
أم.. ؟!

الإدراك الأخير يصفعه فيترك بتول فيما يشبه الخارقة ليلتفت نحو فجر التي بدت في أقصى حالات تشوشها ووهنها..
تمد ذراعيها حولها تتحسس طريقها إليه ولا تزال تهتف باسمه وسط سيل من الدموع..
لا يزال تحت تأثير الصدمة لكنها تكرر اسمه مرة تلو مرة..
كل مرة تزرع زهرة.. وتحفر قبراً!
يرى بتول تعدو هاربة بكل قوتها فيتحرك نحوها خطوة وهو يشعر أنه عالق في المنتصف بينهما..
خطوة واحدة يهم باللحاق بها لكن نداء فجر من جديد يجعله يتخلى عن لعنة المنتصف دون تفكير وهو يندفع نحوها هي صارخاَ بغضب بدا وكأنه زلزل الأرض تحت الجميع..
_لماذا الآن؟! لماذا؟!
لكن فجر تهتف بضياع مشتت بين شهقات دموعها وهي تبدو كمن تعاني الغرق بين شلال الذكريات المباغت:
_فهمي!أنا تذكرت.. تذكرت كل شيء.. الحادث.. السيارة.. الماء.. المشفى..! ماذا هناك؟! من أطلق النار منذ قليل؟! هل هي عائلتي؟! هل عرفوا كم مر من وقت؟! يالله!!ماذا حدث؟! بل.. ماذا يحدث؟!

تنهار جالسة على ركبتيها وقد عجزت عن نيل رد منه..
لأول مرة تقف خارج البيت لا داخله..
تشعر بصوت البحر أقرب.. بنسماته أكثر برداً وقسوة..!
بحبيبات رمل خشنة تخدش قدميها الناعمتين..

تسمع صوت الموج هادراً بوحشية تشبه ماضيها معه..
تشم رائحة الحرية لكنها تزكم أنفها بالخوف!


منذ دقائق فقط كانت في غرفتها المعتادة لا تزال تتنعم في برزخ النسيان..
لا تعرف عن نفسها سوى غريقة تعلقت بقشة حضوره..
ولا تعرف عنه سوى الغامض الذي يتأرجح دوره بين ( الحامي) و(السجان) ..
حتى سمعت صوت الحارسين ثم شعرت بخروجه هو من غرفتها بخوف..
أجل.. رائحة خوفه بالذات تشعر بها تكتسحها كأنه يدخر خوفه كله في حضرتها هي فقط!!
رائحة الخوف الذي شاركته إياه عندما سمعت صوت إطلاق النار!!
الخوف..
الخوف من جديد!!
الخوف أطلق مارد ذكرياتها حراً هذه المرة أيضاً لتستعيد أبشع لحظات حياتها..
خاصة عندما بحثت عنه حولها فلم تجده كذاك اليوم الذي انتهكوها فيه..
هنا فقط تفجرت ألغام الماضي فجأة!
والخوف يفتح أقفال الذكريات المغلقة واحدة تلو الآخر..
لينتهي بآخرها يوم عايشت الموت مع أهلها عندما كانت السيارة تغرق..
حينها فقط تدفق السيل كاملاً دون رادع محطماً كل سدود النسيان!!

_قل شيئاً.. أي شيء.. أرجوك.. لماذا أنا هنا؟!

لا يزال صمته يروعها فتصرخ بسؤالها الأخير مرة تلو مرة وهي تشعر بطوافه العاجز حولها..
لهذا كان يقول دوماً أنه لا يستطيع لمسها؟!!
منذ يوم الحادث وهي كانت تقرأ الاعتذار الصارخ في عينيه!
عندما..
عندما كانت تجيد قراءة العيون!!
الآن لم تعد تجيد حتى قراءة صمته!!

و(حولها) كان هو يدور كطائف حول نار مقدسة يخشى الاقتراب خشية أن تحرقه.. ويطفئها!
غاضب.. غاضب حد الجنون وهو يشعر أن رقعة الشطرنج لم تهتز فحسب بل ركلتها قدم عابثة لتطيح بكل ما فوقها..
وأولهم.. الملك!!

_لماذا أنا هنا؟!

لا تزال تصرخ بها بانهيار ليصرخ فجأة وهو يجثو على ركبتيه أمامها :
_لأنك لا يمكن أن تكوني إلا هنا.. هنا..هنا معي.. ولي.. وملكي.

_ملكك؟! لك؟! لم أعد لك.. أين أهلي؟! ماذا حدث؟!
تتمتم بها بهذيان ولا تزال مشتتة تحتضن جسدها بذراعيها وهدير الموج يصلها كأنياب وحش يستعد لالتهامها..
فيصلها صوته خائفاً مثلها وربما أكثر لكنه يلتحف بقسوة عاتية:
_انسِهم.. انسي كل شيء.. عودي كما كنتِ بيضاء القلب والثوب والذاكرة.

_بيضاء القلب والثوب والذاكرة؟!
تتمتم بها ذاهلة باستنكار لتردف متوجعة بتهكم مرير وهي تتحسس طرف ثوبها على الأرض:
_لم أعد بيضاء الثوب.. أظنه الآن اتسخ..
ثم تتحسس رأسها:
_ولا بيضاء الذاكرة.. عاد كل شيء بسواده وخذلانه..
ثم تتحسس صدرها بآهة عالية هاتفة :
_القلب ؟! ولا حتى هذا صرت أثق ببياضه!! أخبرني ماذا يحدث هنا!
_ما يحدث هنا هو ما كان ينبغي ان يحدث من البداية.. أنتِ لي.. في حمايَ.. لم أعد ذاك الضعيف (غير اللائق) الذي ينبذه الجميع.. صرت أملك القوة لفعل ما اشاء وقت ما أشاء وكيفما أشاء.
_كيف؟!
_لا تلوثي أذنيكِ بسماع الطريقة.. (كنتُ.. فصرتُ).. خذيها هكذا ببساطة دون تفسير.
_بساطة؟! وأنا؟! انا ما وضعي هنا؟! كم مر من زمن؟! أخبرني بكل شيء الآن.
صراخها الملتاع يشعل المزيج الملتهب من غضبه وعجزه ليقف مكانه هاتفاً :
_لا وقت لنضيعه.. لابد أن نغادر هذا البيت بسرعة.
تصرخ باعتراض وهي تتشبث بجلستها على الأرض لكنه يصرخ بالخادمة آمراً إياها ان تجذبها قسراً نحو سيارته القريبة..

_فهمي..لا تفعل بي هذا..لا تسقني هكذا كذبيحة لا تملك قرارها.. لا تجعلني أكره نفسي عندما منحتك قلبي من البداية.

عبارتها الاخيرة تقصف قلبه كقذيفة نارية فيصرخ بها بجنون وهو يشعر بذراعيه حولها قصيرين.. قصيرين للغاية.. لم يشعر أبداً بانهما قصيرين هكذا سوى معها هي :

_إياك أن تقوليها ثانية.. حبك لي - كحبي لك- حقيقة لا جدال فيها.. أنتِ لي.. هل تفهمين ؟! لي حتى يموت أحدنا.
_ لا.. لا.. لا.. ليس قبل أن أفهم.. لا..

لا تزال تصرخ باعتراض وهي تشعر بذراعي الخادمة القويتين تكبلانها.. لا تراها إنما تشعر بها تفوقها طولاً وحجماَ بكثير.. أو ربما هي هشاشة وهنها وعجزها ما تجعلها تشعر انها غير قادرة على المقاومة..
ظلام.. ظلام.. ظلام..
وألم!
ألم يخز كل ذرة في جسدها وهي تشعر بالمرأة تجرها جراَ فوق الرمال حتى تتوقف بها ثم تجبرها علي الركوب قبل أن تسمع صوت انطلاق سيارته فتخفت صرخاتها تدريجياً حتى يبح صوتها فتخرس أخيراَ مكتفية بفيض من الدموع..
وليل الذكريات الأسود يلقي سدله على ذهنها دون رحمة!

وفي مكانها كانت بتول تركض في الاتجاه المضاد مبتعدة عن البيت بكل قوتها..
تحاول التقاط أنفاسها وهي تنظر للخلف كل بضعة ثوانٍ فيروعها الصمت المخيف حولها..
هل يلحق بها؟!
هل سيتركها تهرب؟!
حتى لو فعلت الآن.. سيمكنه إيجادها في أي مكان!!
تلعن فضولها الذي دفعها للقدوم.. وتلعنه هو أكثر..
تتوقف مكانها أخيراً عندما أدركت أنها ابتعدت عن البيت بما يكفي وهي تشعر انها صارت عاجزة عن التقاط أنفاسها فتتوقف لاهثة تتلفت حولها..
ألا تمر أي سيارات هنا؟!
أي معجزة قد تنقذها الآن؟!
والمعجزة تأتيها فعلاً في سيارة صغيرة ظهرت من خلف تبة رملية قريبة كأنها كانت متوارية في الظلام خلفها..
تندفع إليها بسرعة وقد منحها الأدرينالين بعض القوة الإضافية..
تشير لها بالتوقف فتتوقف فعلاً لتقترب وهي لا تميز ملامح الراكبيْن الأماميين في الظلام فتهتف بين أنفاسها المتلاحقة :
_أرجوكما.. خذاني معكما قريباً لأي..
تنقطع كلماتها وهي تميز بصدمة ملامحهما فقد كان هذان بالذات آخر من تتوقع رؤيتهما الآن معاً..
إيهاب.. وعزة!
========










_لا تقلق.. تأكدنا جيداً أنك لست مراقباً.
يقولها بشر بنبرة عملية مطمئنة مخاطباَ حسام الذي تلفت حوله في المكان المؤمّن حيث اتفقا على اللقاء ليردف بشر :
_الكوبرا لم يخنه ذكاءه.. لم يكن ليضع زيارتك له في ورشة شقيقه محل صدفة.. لهذا شغل عقله بسرعة وربط بينك وبيني بما أن الأمر يتعلق بفجر.. لهذا أرسل من يبحث خلفي لكنني أجدت تضليله.. المعلومات التي أرسلتها (يسرا الصباحي) في تلك الفلاشة أفادتنا كثيراً بمعرفة غطائه الداخلي في جهاز الشرطة فصار بإمكاننا تسريب المعلومات التي نريدها فحسب.
_من الجيد أنكم لم تلقوا القبض عليهم.. هناك فرصة للاستفادة من بقاء الوضع كما هو عليه حتى نحكم سيطرتنا على كل الخيوط.. وفي الوقت المناسب نسحبها كلها.
يقولها حسام بحنكة ضابط سابق ليبتسم بشر قائلاً :
_خسارة انك تركت جهاز الشرطة.
_لست نادما..دفعتها ثمن خطأ قديم.
يتمتم بها حسام باقتضاب ليغير الموضوع بقوله :
_ما الجديد؟! أهم ما يعنيني الآن هو مكان فجر.. هل وصلتم إليها؟!
_ليس بعد.. لكنني أعدك أن نفعل قريباً.. فقط أريد أن نتشارك التفاصيل والخطة القادمة كما وعدتك.
يقولها ليتبادل كلاهما ما صارا يعرفانه من معلومات وبالذات تلك التي تلتقي عند إياد..
_لن يعترف.. مادامت امه بين يدي ذاك الوغد.
_بالضبط.. لهذا يجب أن نعمل لنحررها اولاً.. عرفت أن أخاه إيهاب خرج من السجن بعد محاولة فاشلة لتبرئته بزج نفسه مكانه.. تظن هذا سيوصلنا لشيء؟!
يسأله بشر ليهز حسام رأسه قائلاً :
_عزة طليقته معنا.. لو جد في الأمور شيء ستخبرنا.
_الدائرة تتسع.. تثق بتلك المرأة؟!
_أثق بجنة.. وجنة تثق بها.. الدائرة تتسع حقاً لكنها ستضيق في الوقت المناسب لتسحق عنقه دون رحمة.. كل فرد من هذه الدائرة يدين لذاك الوغد بثأر قديم.
يقولها حسام بغضب مكتوم وقد تذكر شيئاَ جعله يسأله بلهفة:
_وذاك الخيط في العراق؟! هل أوصلكم لشيء؟!
_بمساعدة صديقكم يحيى وعمه وبتعاون مشترك مع السلطات العراقية تمكننا من رصد عدة مكالمات عبر شبكة بالغة التعقيد من ذاك السيد (....) لرقم معين في دولة عربية شقيقة.. رقم يخص مدير أول مشفى من نوعه يوثق التطبيع بين البلدين.
_عربية؟!! لا أصدق ان يكون هذا التنظيم الإرهابي تابعاَ لدولة عربية!!
يهتف بها حسام باستنكار فيرمقه بشر بنظرة معتمة للحظات قبل ان يلقي قنبلته :
_لا.. ليس عربياً.. بل صهيونياً.
تبدو الدهشة على وجه حسام للحظات قبل أن يهز رأسه ليتمتم :
_كان يجب أن أتوقع هذا.. هكذا يبدو الأمر منطقياَ..
ثم يطلق صوتاً ساخراً مردفاً :
_يخدعوننا بمظاهر التطبيع المزركشة في الظاهر وهم يهدمون أعمدتنا من الباطن.. يضعون أيديهم في أيدينا نهاراً ويطلقون علينا وطاويط ظلامهم ليلاً.
_أجل.. كل هذا يتم تحت غطاء صهيوني.. ليس في مصر والعراق فقط.. هذا ما اكتشفناه.. التنظيم له عدة أذرع في دول أخري بالتأكيد.. تفجيرات وتهريب آثار وتجارة سلاح واغتيالات لشخصيات مهمةلزرع الفتن..
_ ولا تنسَ بتول ومن شابهها ومحاولة لفرض سطوتهم على أفكار الإعلام المرئي والمسموع بل والمقروء كذلك.. بغرض زرع فكر معين يمهد لمعاملتهم كأقلية مضطهدة يجب التعاطف معها واستيعاب اختلافها.
يتمتم بها حسام بانفعال وهو يشعر أن الأمر يتضخم لما يفوق توقعاته..
لكن بشر يربت على كتفه قائلاً :
_الأمر صار يحظى بأهمية قصوى لدى نظم الشرطة والمخابرات بالبلدين.. لا تقلق.. حتى ولو لم نسقط التنظيم كاملاً فيكفينا سحق رموزه هنا وعرقلة خطواته بعض الشيء.. اعذرني لو احتفظت ببعض المعلومات فائقة السرية.. لا علاقة للأمر بالثقة فأنا أثق بك.. لكن..
_أعرف.
يقاطعه بها حسام بتفهم وهو يشيح بوجهه ليسودهما صمت قصير للحظات قبل أن يتخذ حسام طريقه ليغادر لكن بشر يستوقفه بندائه ليسأله بتردد :
_كنت أريد أن أسألك.. عنها.
يرمقه حسام بنظرة متسائلة ليقول بشر مفسراً :
_ديمة.
تشتعل عينا حسام بغيرة هادرة للحظةوهو يتذكر مشاعر الآخر نحوها..
لكن بشر يتقدم نحوه ليقول بحرج:
_لم أكن لأتحدث عن الأمر لولا أنني عرفت أنك تزوجتها وطلقتها.

يعطيه حسام ظهره وهو يشعر بغضبه العاجز يخز كل ذرة في جسده..
لكن بشر يسأله بصراحة عملية:
_لا أريد إفساد علاقتي بك لهذا أسألك بوضوح.. تحبها ؟!

يقبض حسام كفه بقوة وهو يدرك خطورة الجواب قبل السؤال!
تعلو خفقاته بجنون هادر لكنه يحافظ على ثبات هيئته ولا يزال يعطيه ظهره ليقول بصلابة خادعة :
_تزوجتها فقط لأحميها..أظنك عرفت التفاصيل.. ولما انتهت حاجتها إليّ ذهب كل منا في طريقه.
تنهيدة ارتياح تغادر صدر بشر وتبدو كنصل سام يتجه لصدره هو وهو يسمعه يسأله مباشرة :
_هذا يعني أنك لن تمانع لو فكرت أنا في..؟!
_وما شأني أنا كي أمانع أو أوافق؟!!
يقاطعه بها حسام هادراً بعصبية وهو يلتفت نحوه فجأة ليرمقه بشر بنظرة متفحصة تجعله يزفر ليردف بنبرة عاد إليها برودها وهو يسأله :
_تحبها؟!
فيطرق بشر برأسه ليرد بخفوت :
_منذ سنوات عملي الخفي مع غازي وأنا لا أقترب منها إلا لأحميها.. تارة من الآخرين.. وأحياناً من نفسها.. عندما عرفت ما فعلته أنت لأجلها - وقتما كنت في الغيبوبة- شعرت أنني أحسدك.. هذا بالضبط ما كنت لأفعله معها.. ولن أتوقف عن فعله مادمت أشعر بحاجتها إليّ.. لو لم يكن هذا حباً فلا أعرف ما يكون.

ساعتها ينشطر (قذاف الحطب) نصفين..
شطر بوجه حبيب..!
يود لو يلكم هذا المنافس أمامه.. لو يجثم فوق صدره فيقتلع من بين ضلوعه قلباً يريد مشاركته فيها..
وشطر بوجه أب..!
أب تجرد من ثوب أنانيته معها ولا يريد لها سوى حياة آمنة طبيعية مع رجل يحبها.. يحميها و.. الأهم يمنحها عائلة.

صراع هائل يفتت روحه ألف قطعة بينهما لكن..
الغلبة تكون ل(شطر الأب)!

لهذا يتحشرج صوته القوي رغم بروده بغصة وهو يرد :
_لا مشكلة لدي.. لكن الأمر سابق لأوانه ويحتاج لوقت.. ليست فقط شهور عدتها كما اتفق.. لكن.. استعدادها هي.. يمكنك التحدث لطبيبها النفسي.. لا.. لا.. بل سأفعل أنا.. وأخبرك.. لكن.. ماذا عن الطفل؟!
_سأتكفل به معها.. لا مانع لدي أن يعيش معنا.
_تتحدث وكأنها وافقت؟!! اسمع.. لن أسمح بأي إجبار لها من أي نوع.
عصبيته المنفعلة تثير المزيد من حيرة بشر الذي يعاود تفحص ملامحه بخبرته لكن حسام يمسح وجهه بكفيه ليغمغم بما يشبه الاعتذار :
_لا بأس.. كان اليوم عصيباً والأجواء موترة.. انفعالي لا علاقة له بها على أي حال.
ترتخي ملامح بشر بارتياح كأنه ازاح عن كاهله حملاً ثقيلاً وهو يهم برد مناسب لكن رنين هاتف حسام يقاطعه..
حسام الذي يتعجب عمن يتصل به في هذه الساعة المتأخرة من الليل لتتسع عيناه بقلق وهو يميز رقم المتصل..
يستمع قليلاً قبل أن تدمع عيناه بفرحة حقيقية لم يعرفها منذ زمن بعيد وهو يغلق الاتصال ليهتف ببشر :
_دينا أفاقت.
=========














*أخضر*
=======
_انطلقي..انطلقي بسرعة أكبر.
تهتف بها بتول وهي تتلفت خلفها بذعر لا تصدق نجاتها..
لكن هل نجت حقاً؟!
وهل سيعجز الكوبرا عن إيجادها لو اراد؟!
الرعب يمنحها الجواب الوحيد الصحيح لكنها تسألهما بعدما استفاقت نسبياً من صدمتها :
_كيف وصلتما إلى هنا؟!
لتتبادل عزة - التي تقود السيارة - وإيهاب نظرة غامضة وكلاهما يستعيد في نفس اللحظة ما حدث صباحا..:

توجه إيهاب لبيته بعد إخلاء سبيله ليفتح بابه بأنامل مرتجفة..
بيته الذي خلا لأول مرة تقريباً من رائحة أمه!!
ورغم يقينه من غيابها لكنه مضى يبحث عنها في كل مكان كأنه يتوقع معجزة عودتها.. أو خطأ تقدير إياد..
لكنه ينهار أخيراً في غرفة نومها وهو يجلس على فراشها.. يراقب أشياءها الصغيرة التي تملأ المكان بغصة مريرة استحكمت حلقه..
هل سيفقدها كما فقد كل شيء؟!
ساقه.. عمله.. أخاه.. وحبيبته ؟!

_لا.. لا وقت للانهيار.. اهرب!

(الصوت الداخلي) هذه المرة أيضاً يدفعه للهرب لكن في الاتجاه الصحيح!
لهذا ينتفض مكانه ليتوجه نحو الحمام القريب فيغتسل ليبدل ملابسه بأخرى مريحة..
اتصل برقم ما ليطلب سيارة بسائقها ثم غادر البيت بسرعة ينتظرها أسفله..

(ذاك الوغد يعرف أن نقطة ضعفي أمي.. لو تحررت أمي فلن أتورع عن إخبار الشرطة بكل شيء أعرفه..لا أعرف خيطاً يمكن أن يوصلنا لمكانها سوى بتول.. تلك المرأة تتبعه كظله وتجيد إلقاء أذنها الفضولية تتدخل فيما لا يعنيها لتعرف كل شيء..لا يمكنني الآن سوى الوثوق بك أنت.. اتبعها دون أن تشعر لعلنا نتوصل من خلالها لأي شيء)

يذكرها كما سمعها من إياد قبل خروجه هو من السجن لتدمع عيناه وهو يتذكر شدة قبضة أخيه على كتفه وهو يهمس له :
(لو عادت دعها تسامحني على كل شيء)
(لو عادت - وستعود-.. سأخبرها أنها وإن كانت سبب خلافنا فقد كانت أيضاً سبب عودتنا.. حبها جمعنا كما فرقنا)
قالها لنفسه وهو يراقب الطريق منتظراً السيارة التي طلبها لتتعلق عيناه بأخرى توقفت أمامه..
أخرى يعرفها ويعرف صاحبتها جيداً..
عزة!!

_ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟!
فظاظته التي لها ما يبررها هذه المرة تغلف كلماته وهو ينحني نحوها عبر نافذة السيارة لتقول باقتضاب:
_اركب.
يستقل السيارة جوارها وعيناه العاشقتان تغافلانه رغماَ عنه بتفحص ملامحها التي بدت له باردة صلبة وهي تسأله :
_ماذا تنتظر تحت بيتك هكذا ؟!
_لا شأن لكِ بي.. ظننت هذا واضحاً منذ آخر رسالة تركتها لكِ.
لا يزال يجيد تغليف عاطفته بفظاظة جافة لكنها تلتفت نحوه لتقول ببرود :
_أنا أعرف كل شيء.
_ماذا تعرفين؟!
_تورط إياد.. الكوبرا.. واختطاف خديجة.
تشحب ملامحه بخوف يتحول لغضب هادر وهو يهتف بها بانفعال:
_منذ متى تعرفين؟! ما الذي يحدث بالضبط؟!
أخذت نفساً عميقاً ثم مضت تحكي له عما تعرفه عن طريق جنة ورؤى.. لكن غضبه لم يقل وهو يهتف بها بانفعال:
_ولماذا تقحمين نفسك في كل هذا؟! ألم ينتهِ كل ما بيننا؟!
يقولها ليغادر السيارة صافقاَ بابها خلفه ليردف وهو يخبط مقدمة سيارته بكفه :
_ليست لعبة..غادري.. أوَ كلما قطعت انا الحبل بيننا عدتِ بمنتهى الحماقة تصلينه؟! غادري.. غادري واختاري مرة واحدة صحيحة في حياتك.

يتجمع حولهما بعض المارة ممن تعرفوا عليهما بحكم شهرتهما..
فلاش بعض الكاميرات يسطع مع الصوت المميز لالتقاط الصور..
بعضهم يرفع هواتفه في وضع التقاط فيديو كامل لكن الغريب أنه هو وهي لم يكونا يهتمان..!!
وكأن كل منهما في هذه اللحظة لم يكن يرى سوى صاحبه..!

بواب البناية يفرق الجموع ثم يحاول تهدئة الوضع بينهما لكن إيهاب يصرفه بخشونة وهو يعاود الطرق على مقدمة سيارتها فتتحرك بها أخيراً لتبتعد..
يأخذ نفساً عميقاً وهو يمسد صدره بألم..
لماذا عادت تلك الحمقاء ؟!
هل ينقصه خوفه عليها هي الأخرى؟!
طوال الأيام الماضية وهو يجلد نفسه بذنبها!!
يدرك أن كليهما قد ضاع من الآخر وضاع من نفسه قبلها..
لكنه يحاول الآن استعادة ذاته.. فلماذا تسعى هي للدوران في نفس الحلقة القديمة؟!

يقطع أفكاره صوت توقف سيارة فيرفع عينيه ليجدها هي..
هي من جديد!!

_اخترت الصواب هذه المرة.. ولن أغير قراري.
تقولها وهي تغادر سيارتها لتتوجه إليه..
(أخضرها) الخنوع المتردد يختفي خلف نبرة واثقة جديدة وهي تقف أمامه مباشرة قائلة :
_اركب معي ودعني أنا أوصلك حيث تريد.. أو سأتبعك أينما كانت وجهتك.
يعقد حاجبيه بخوف حقيقي عليها لتردف :
_أيا كانت خطتك.. دعني أساعدك في العثور على خديجة.
_لا.
يهتف بها بحدة وهو يبتعد عنها لكنها تحاصره لتقول بنفس القوة :
_بل نعم..! أولاً.. أنت لن تثق بأحدهم كما يمكنك الثقة بي.. ثانياً.. لا داعي للخوف عليّ لأنني متورطة بوجودي معك أو بدونه.. ثالثاً.. وأنا أعلم انه أكثر ما يهمك الآن.. أنا لا أفعل هذا لأجل أن نستعيد علاقتنا.. على العكس.. أفعلها لأقطعها تماماً دون بقايا تؤرق ضميري.. لعلي يوم أذكر أنك ضحيت يوماً لأجلي أذكر كذلك انني ضحيت لأجلك.. رابعاً.. وأرجو أن تصدق هذا بالذات.. أنا حقاً أحببت أمك.. ربما لأنني رأيتها بعدسة أخرى.. امرأة معذبة باختيارها مثلي.. تماماً.. لعلي يوم أساعدها أصدق أنني سأساعد نفسي.

لا يعرف كيف هزمه منطقها في لحظات!!
قد يظن أحدهم أنها حاجته إليها..
لكن الغريب أن أكثر ما كان يتملكه في هذه اللحظة هو شعوره بحاجتها هي لما تفعله!
أجل..
فعلها لأجلها.. لا لأجله!!
_لن تخبري أحداَ بما سنفعله.
يقولها وقد عاود ركوب سيارتها جوارها محذراً بصرامة لتهتف باعتراض:
_لكن جنة يجب أن..
_شششش! لو كان للأمر ان يصل للشرطة لما قصّر إياد في فعلها.. خطأ واحد قد تكون عاقبته حياة أمي.. تفهمين؟!
تهز رأسها موافقة لتسأله باهتمام :
_ما خطتكما؟!
فيبسط كفيه في قلة حيلة ظاهرة تناسب قوله:
_الذكاء لا يسعفنا هاهنا مع قلة المعطيات.. ليس أمامنا سوى بتول.. فكرنا في مراقبتها.
تصمت مفكرة للحظات قبل ان تشغل سيارتها بقولها :
_مراقبة مباشرة لن تجدي.. لدي فكرة أفضل.. نحتاج لجلب شيء ما أولاً والباقي عليّ أنا.. أظنني سأحتاج لزيارة الاستوديو الخاص بنا.

بعد ساعة كانت تنفذ خطتها البسيطة وهي تدخل للاستوديو بحجة مقابلة المخرج للتفاوض..
تستغل انشغال الجميع بالتصوير لتتسلل نحو غرفة بتول.. تستخرج من جيبها جهاز تتبع حديث خاص صغير الحجم كان قد أهداه لها أحد معجبيها تحسباً لسرقة سيارتها.. تخفيه بمهارة في بطانة حقيبتها لتغادر الغرفة بعدها..

_ماذا لو غيرت الحقيبة؟!
يسألها إيهاب لترد بنبرة واثقة :
_لن تغيرها قبل شهر على الأقل.. الحقيبة من ماركة عالمية شهيرة أهداها إياها ملياردير عربي قريباً باسمها وحدها وصارت تتباهى بها في كل مكان.
يطلق زفرة ساخطة وهو يقول بضيق:
_أعرف أن كل هذا ليس كافياً.. مراقبتها لن توصلنا إلا لمكان الكوبرا على احسن تقدير.. وليس هذا سراَ فإياد يعرفه.. نحتاج لمعجزة كي يمكننا التوصل من خلال كل هذا لشيء.. أي شيء!!

لم يكن يعلم وهو يقولها أن المعجزة ستأتيه في نفس الليلة..
ومن بتول نفسها!!

_توقفي هنا.

قالها وهو يراقب عبر المنظار المقرب بتول تتسلل في الظلمة للبيت الساحلي..
فتبتعد عزة بسيارتها مسافة مناسبة كي لا تكون مكشوفة للحارسين هناك قائلة:
_تظنهم يخفون خديجة هنا؟!
_احتمال ضعيف
_إذن ماذا نصنع؟! نخبر جنة وفريقها ليهاجموا المكان؟!
_لا.. لا.. لن نخاطر الآن لمجرد احتمال ونضيع فرصتنا بتعقب بتول.. لعل كل هذا مجرد فخ نصبوه لنا.
تشعر بمنطقية حديثه فتسند ظهرها للخلف وهي تراه يراقب عبر المنظار المقرب :
_سننتظر قليلاً.
لم يكد يتم عبارته حتى رأى الحارسين يثبتان بتول مكانها ليدوي صوت الرصاص في المكان وقد فجروا إطارات سياراتها..
هنا لم يشعر بنفسه وهو يطوق جسد عزة بذراعيه حامياً بينما يهبط بها في دواسة السيارة..
أنفاسهما اللاهثة تمتزج للحظات وعيونهما وحدها تلمع وسط ظلمة الليل حولهما..
ورغماً عنها استعادت لحظة إنقاذه لها يوم فقد ساقه!
الامتنان.. الحيرة.. الاشتياق.. الغضب.. الكثير جداَ من الغضب.. من نفسها ومنه!!
نفس المشاعر الفوضوية نحوه تنتابها لكنها وسط كل هذا الزخم يصدح داخلها نفس الصوت القوي أن (كليهما ينتمي لصاحبه!)
تسمعه يتأوه بعدم ارتياح وساقه الصناعية لا تسعفه مرونتها في وضع كهذا فتتحسسها أناملها بشرود لكنه يستعيد نفسه من سكرة تقاربهما لينهض بحذر مستكشفاَ الوضع.. قبل أن يقول بترقب:
_ابقي مكانك.. آمن لك.. حتى يستقر الوضع وتخرج هذه من..
_لماذا يا إيهاب؟!
سؤالها يقطع عبارته فيخفض بصره إليها بنظرة متسائلة عما تقصده وقد بدت له في وضعها كقطة منكمشة في الزاوية..قطة أنشبت مخالبها في وجهه وهي تسأله بجرأة غريبة على طبعها الخانع السلبي:
_لماذا لم تمسني بعد أول ليلة في زواجنا؟!

تشحب ملامحه للحظات قبل ان يطلق صوتاَ ساخراَ قصيراً يليق بهتافه المستنكر :
_والله؟! حقاً ؟! تسألين عن هذا حقاً الآن؟!كل هذه الأيام التي قضيناها معاَ لم يتفتق ذهنك العبقري عن سؤال كهذا كان لينقذ زواجنا كله.. وتتذكرين الآن ؟! لم أعهدكِ هكذا مبهرة في اختيار مواعيد أسئلتك!! في بالي لفظ قبيح جدا لا يكاد يصلح سواه كرد على موقفك هذا لكنني سأعفيكِ من بذاءته!!


لكنها تبدو شديدة الجدية وهي تعاود سؤالها بإصرار ولا يزال جسدها يرتجف بأثر نظرته الحامية عليها :
_أخبرني.. أخبرني كي لا أمضي بقية عمري أسأل نفسي عن الدافع الذي يجعل رجلاً يزهد جسد امرأة أحبها! هل تراني عيناك غير ما يراني قلبك؟! هل كنت حقاً بتلك البشاعة؟! هل..
_بماذا تهذين ؟! من ذا الذي..؟! تباً!! هل فهمتِها هكذا ؟!
_وهل لها مجال فهم آخر؟!
_نعم.. نعم أيتها الذكية!! أيتها المرأة التي تقيأت ليلة زفافنا اشمئزازاً مني..تلك الصورة التي بقيت حائلاً بيننا طوال تلك الأيام.. من بنا الذي كان زاهداَ في الآخر؟! يالله!! لا أصدق أنك كنتِ تقلبين الأمور بهذا الشكل!!
يغمغم بها بانفعال ساخط وهو يشيح بوجهه عنها لكن بكاءها المفاجئ يدهشه فيعود ليخفض بصره إليها وقد رقت نبرته قليلاً بقوله :
_ما بالك اليوم؟! انفعالاتك كلها متطرفة!! كأنك امرأة أخرى غير التي عرفتها!!
_وهل عرفتني حقاً؟!
تهتف بها بين دموعها ولا تزال منكمشة على نفسها بدواسة السيارة فيطلق زفرة أخرى وهو يراقب المكان بنظرة أخرى جاءت مطمئنة قبل أن يرفعها من ذراعيها لتعود تجلس مكانها فتردف بانفعال:
_تذكر أحاديثنا القديمة؟! تذكر حديثك عن (بروكرست).. ذاك الذي كان ينيم ضيوفه على مقاس سرير واحد فيقص ساق الطويل ويدق جسد القصير كي يناسب طول الفراش؟! كنت تنعتني انا بهذا وتحذرني من سوء فهم الناس ووضعهم داخل قوالب مسبقة صاغتها قناعاتي الخاصة؟! كنت تنصحني ونسيت نفسك؟! ها؟! نسيت نفسك؟!

انفعالها الباكي يمنحها أقوى صورها في نظره..
بالكاد يمنع نفسه من أن يضمها لصدره مكتفياً بتنهيدة حارقة :
_نعم.. نسيت نفسي.

تمسح دموعها بأنامل مرتجفة وهي تشعر كم كانت تحتاج هذه المواجهة التي تأخرت كثيراً.. كثيراً جداً في الواقع..
لتقول بخفوت:
_عندما أخبروني بما فعلته مع أخيك لم أتعجب.. قلت لنفسي عاد (الفاجومي) الذي عرفته.. الذي يفعل ما تمليه عليه مشاعره دون اعتبار لرأي الناس.

يرمقها بنظرة طويلة حارة وهو يشعر أنه لم يرها هكذا منذ دهور..
وكذلك شعرت هي وكأنها تجلس جوار (صديقها القديم)..
لا تقيدها أشرطة ذنب أو امتنان او حيرة..
بل ينبض قلبها بهدوء..
هدوء سكينة وراحة.. لا رتابة وملل!

_آخر سؤال.. واعذرني فيه.. فلا أضمن أن يكتب لنا القدر جلسة مصارحة كهذه!
يهز رأسه لتلتمع عيناها كأنما اوقد فيهما الشرر بسؤالها:
_هل سعدت بخيانتي؟! هل نلت ما يكفي من مقابل لخسارة ما بيننا؟!

يشيح بوجهه دون رد وهو يشعر أن أي إجابة هاهنا لن تكون صحيحة.. أبداً!!

_قل نعم.. قل نعم أرجوك ودع لكل ما فقدناه ثمناً قبضه أحدنا.
تهتف بها بحرقة فيلتفت نحوها وهو يزم شفتيه، ذكاؤه يمنعه أي رد قد يساء فهمه هنا..
لكنه يفاجأ ببتول تندفع نحو الطريق تعدو هاربة كمن يطاردها شيطان..
فيهتف مشيراً نحوها :
_يبدو أنها تهرب من أحدهم.
تلتفت حيث يشير لتقول بحيرة قلقة :
_ماذا نفعل؟!
يهز رأسه بحيرة مماثلة مغمغماَ :
_لا يمكننا المخاطرة بالظهور الآن.. ماذا لو..؟!
يقطع عبارته وهو يراها تشغل السيارة لتغادر مكمنهما مندفعة نحوها فيهتف انفعال:
_ماذا تفعلين؟!
_لا أعرف.. دعني أنا أتصرف ك(فاجومي) هذه المرة! حدسي يخبرني أنها اللحظة المناسبة لنضمها لمعسكرنا نحن.
_انتظري..!
يهتف بها بتردد لكنها كانت قد اتخذت طريقها بالفعل فيبتلع بقية عبارته وهو يشعر أنه يشاركها حدساً داخله..
كلاهما الآن.. (فاجومي)!


_سألتكما كيف وصلتما إلى هنا؟! هل يحتاج الجواب كل هذا الوقت؟!
تعاود بتول سؤالها بعصبية لتنتزع كليهما من شروده فيلتفت نحوها إيهاب ليقول بصرامة ساخرة:
_دعينا نلقي أوراقنا كاملة.. نحن نعلم أنك تتبعتِ (الكوبرا) إلى هنا خلسة لكن الحرس كشفوكِ.. لا أعرف ما حدث بالداخل لكنني أشاهد الكثير من أفلام المغامرات هذه الأيام.. وأعرف النهاية المنطقية لمن مثلك.
تشحب ملامح بتول وهي تفكر للحظات قبل أن تسأله :
_مادمنا نلقي الأوراق بصراحة.. هل لكما اتصال بجهاز الشرطة؟!
يتبادل إيهاب وعزة نظرة قلقة وهما لا يعرفان الجواب المناسب هاهنا.. لكن إيهاب يفكر للحظات قبل ان يقول بحسم:
_اعتبري الإجابة نعم.
تكاد عزة تصفق لجوابه الصحيح وهي تسمع بتول تهتف بانهيار :
_سأخبركم بمكان خديجة.. حرروها بسرعة.. ساعتها سيعترف إياد بكل ما لديه دون ابتزاز.. لكن شرطي الوحيد أن تؤمنني السلطات.. وأن أبقى بعدها بعيدة عن كل ما يخص هذا الأمر.
========











_أنتما معا؟!
تهمس بها دينا بوهن مستنكر وهي ترى حسام جوار بشر أمامها لتردف بشبح ابتسامة :
_هل فاتني الكثير؟!
_جداً.
يتمتم بها حسام بسخرية مريرة وهو يشيح بوجهه لتتأوه بخفوت وهي تلتفت نحو بشر بسؤالها الوجل :
_هل فشلت مهمتي؟! هل سيظهر الملف إياه؟!
يلتفت حسام نحو بشر بنظرة عاتبة جددت التاريخ القديم ليطرق الأخير برأسه دون رد..
لماذا يشعر أنها الآن واحدة أخرى؟!
لم تعد "قلبية الثغر" التي كان يبوح لها بنزف روحه..
تلاشت هالتها وعادت مجرد "عمل" أداه يوماً كما يجب.. و"ذنباً" ندم على ما آل إليه..
لكن هل تلاشت هالتها حقاً؟!

_لماذا لا ترد؟! هل سأغادر المشفى إلى النيابة؟!

_اتركني معها قليلاً.. ولا تغادر المشفى لأي سبب لأغراض امنية.
يقولها بشر بحزم رفيق مخاطباً حسام الذي يرمق ديمة بنظرة داعمة ذكرتها بعهدهما القديم قبل أن يخرج ليغلق الباب خلفه..
تنكمش ديمة على نفسها بخوف وهي تسأله :
_ماذا حدث؟! هل تأكدت من براءته من ظنونك؟! أم هي مجرد خدعة ولاتزال تظنه متورطاً؟!
تقولها وهي تتذكر مهمتها التي أوكلها إليها يوماً بزرع جهاز تصنت في بيت حسام عندما كان يشك في انتمائه..
لكن ملامحه المظلمة لا تمنحها جواباً للحظات قبل أن يرد ببرود عملي وهو يرد نفسه لطبيعة علاقته - المفترضة- معها:
_لم يعد لكِ شأن بهذا كله.. قريباً تستعيدين كامل عافيتك..عودي لحياتك بطريقة طبيعية.
_والملف؟!
تهمس بها بين خوف وخزي ليرد بنفس النبرة المهيبة:
_أظن كلامي كان واضحاً.. (عودي لحياتك بصورة طبيعية).
يضغط حروف كلماته ليمنحها الطمأنينة المطلوبة فتسبل جفنيها ببعض الارتياح..
يرفع نظراته إليها وقد أغمضت عينيها لتعود له صورة (قلبية الثغر) التي عرفها!
هل من الأنانية أن يشعر أنه يضيق بها مفتوحة العينين بقدر ما تمنحه إغماضتها كل هذا الارتياح؟!
عودتها أزاحت عن كاهله (ذنباً).. لكنها منعت قلبه (مخيم راحة) كان يحتاجه وسط صحاري كتمانه!
_(سيلويت)!
يغمغم بها بنبرة غريبة فترفع عينيها إليه بسؤالها ليردف بشرود:
_أليس هذا اسم الفن الذي تجيدين تصويره؟! الظل الأسود على خلفية ملونة أو بيضاء بتضادّ يظهر فقط هيكله الخارجي دون الاهتمام بتفاصيل.. تعلمين؟! التفاصيل ليست دوماً مريحة..كثيراً نود لو نبقى مجرد ظل أسود بهيكل خارجي أنيق أمام خلفية مزركشة أو بيضاء دون أن تؤذينا تفاصيل الاقتراب.

هل يتحدث عنها هي؟!
أم عنه هو؟!
لم تستطع التمييز وهي لا تزال تشعر بالتشوش..
تماماً كما لم تفهم مغزى عبارته..
لكنه ينتبه من شروده لتعود لصوته نبرته العملية:
_حمداً لله على سلامتك.. لا أظننا سنلتقي من جديد..وداعاً.

ترمقه بنظرة غريبة وهي تشعر أنها تعرفه..
لا.. لا.. ليس مجرد معرفتها السابقة به كضابط..
لكن..
ألفة غريبة يفرضها صوته..
صوته بنبرة أخرى غير هذه الباردة الصارمة!!
كيف ؟! ولماذا؟!

تجهض أسئلتها قسراً داخلها وكل ذرة في عقلها تناشدها الآن الارتياح..
لكن كيف وهي تراه يرمق شفتيها بنظرة طويلة فتكاد تتحسسهما بفضول لكنها تتجمد مكانها رهبة من حضوره الطاغي..
ولو قرأت حديث روحه لسمعت وداعه ل(قلبية الثغر) التي آن الأوان أن يغادر قطاره محطتها للأبد.

_أمر مهم.. يجب أن نغادر الآن!
يقتحم بها حسام الغرفة فجأة ممسكاَ بهاتفه ليلحق به بشر.. لكن الأول يلتفت نحو دينا ليقول بنبرة داعمة :
_سأعود قريباً.. لا تقلقي.

يغلق الباب خلفه وعبارته تفتح باباَ آخر لابتسامة على شفتيها..
إذن فقد سامحها..
وهاهي ذي فرصتها عادت بعد تمام تعافيها لتستأنف عملها في الاستوديو دون تهديد..
تنظر جوارها عبر النافذة لترى الفجر يستأذن الليل في استعارة مكانه فيسمح له على مضض..
تحب السماء عندما تتلون بهذا اللون.. كأنها تعلن للدنيا أنه دوماً سيكون بعد ظلمة الليل فجر!
=========









_هذه عاقبة من يثق في النساء! أ
يهتف بها حسام بثورة عارمة وهو يلقي أقرب كرسي نالته أصابعه ليحطمه وهو يلتفت نحو إيهاب الواقف أمامه في قبو مبنى أمني خاص قادهم إليه بشر..
ليردف ملوحاً بكفيه:
_أنا وثقت في عزة تلك بشرط ألا تفعل شيئاً دون علمنا.. وهاهي ذي النتيجة!! لا أصدق أنكما كنتما على بعد امتار من فجر!! لو كنتما أتعبتما نفسيكما قليلاَ وأخبرتمانا لكانت فجر الآن معنا!
_ولكانت أمي في عداد الأموات!!
يهتف بها إيهاب بحدة مشابهة فيزفر حسام دون رد بينما الأول يردف بحمية :
_ولا تتحدث عن عزة بتلك الطريقة.. انا الذي..

_كفى!
يهتف بها فهد بتوتر وهو يحاول تهدئة الأمور، يخاطب إيهاب بقوله:
_قوات الشرطة تصرفت بسرعة قياسية وأنقذت السيدة خديجة في الوقت المناسب وهي الآن تخضع لفحص طبي شامل وبصحة جيدة تماماَ وقد رأيتها بنفسك.. هلا هدأت إذن؟!
ثم يلتفت نحو حسام بقوله:
_وأنت أيضاً.. انظر للجانب المشرق.. معنا الآن إياد وبتول.. سنجد خيطاً آخر قريباَ يوصلنا لفجر.. الحلقة صارت تضيق حول عنقه أكثر وأكثر.. جنة ستحاول الاتصال بيسرا لعلها تصل لخبايا أخرى كان يخفيها رفعت الصباحي عن الكوبرا بالذات.. ونحن علي تواصل مع طيف ويحيي بالعراق.. لو سقط أحد أذرع التنظيم هناك قد يمنحنا هذا معلومات تفيدنا هنا.. كما أن ذاك المشفي الذي يشكون في أحد أفراده ب(أبو ظبي) ليس عنا ببعيد.. أحد أصدقائنا يدعى دكتور جهاد هناك الآن.. لا أعرف إن كان بوسعه أن يفعل شيئاً لكن..

_عظيم.. عظيم.. عظيم..

يقاطعه بها بشر وهو يصفق بكفيه فيلتفتون إليه جميعاً ليعد على أصابعه قائلاً ببرود :
_إيهاب وإياد وعزة وبتول ويسرا الصباحي ويحيي وطيف ودكتور.. ماذا قلت اسمه؟! آه جهاد! والسيد فهد وجنة بالطبع..
_أضف عاصي الرفاعي هو أيضاَ معنا.
يقولها فهد باستدراك ليهتف بشر فجاة بسخرية قاسية:
_أتمزح؟! هذه لم تعد قضية أمن وطني سرية.. لقد صارت حلقة (سيرك) يشاهدها الجميع!

ينفجرون فجأة في الضحك كأنما يفرغون توتر الساعات السابقة في رد فعل كهذا..
لكن بشر يعاود هتافه بجدية صارمة هذه المرة :
_لو علم رؤسائي بما يحدث فسيخربون بيتي! لم يعد هناك مجال للعبث..
يقولها ليضع كفه على كتف حسام مردفاً :
_هو فقط معي.. ومن الآن لا علاقة لأحدكم بالأمر ليس فقط حفاظاَ على السرية بل وعلى حياتكم أيضاَ.

يبدو فهد اكثرهم عناداً بطبيعة الحال وهو يرمق حسام بنظرة خاصة لكن الأخير يهز رأسه له بإشارة ذات مغزى..
فيعطي الجو العام مذاق الامتثال لأوامر بشر الذي رن هاتفه لتتسع عيناه بصدمة وهو يستمع قليلاً قبل ان يغلق الاتصال ليقول لحسام بسرعة:
_تعال معي.

_ماذا حدث؟!
يهتف بها فهد وإيهاب في نفس اللحظة فيلتفت إليهما بشر بنظرة زاجرة كانه يذكرهما بما قاله منذ قليل..

يغادر بشر مع حسام ليستقلا سيارة الأول فيبادره حسام بسؤاله :
_سنتحرك معاَ هكذا ؟! أليس هذا خطراً؟!
_يبدو أننا لن نعود بحاجة لهذا!
يقولها بشر بغضب غامض وهو يقود سيارته بسرعة فيساله حسام بقلب منقبض:
_ماذا تعني؟! ماذا حدث؟!

_ستعرف عندما نصل.
يكتم حسام خوفه وهو يهم بسؤاله من جديد لكن التعبير الذي ارتسم على وجه بشر كان ينذره بالصمت!!

يصلان أخيراً للبيت المقصود فتتسع عينا حسام بإدراك وهو يميز ما حدث حتى قبل ان يدلفا إلى الداخل ليبصرا جثة بتول على الأرض وقد نحر عنقها!

_كيف حدث هذا؟! من المفترض أن هذا بيت آمن! لقد وعدناها بالحماية!!
يهتف بها حسام بثورة وهو يميز جثث الحراس التي تناثرت على الأرض كذلك.. ليصله صوت بشر من بين أسنانه:
_ذاك الوغد صعّد المعركة للمستوى الأعلى.. غروره صار يتحدى الجميع.

يكاد حسام يلكم الجدار بقبضته في ثورة لكنه يتراجع للخلف وهو يحاول قراءة ما كتب على الحائط ب(الدم) :

_أنتما معاَ! إذن صار اللعب مكشوفاً.. يروقني هذا أكثر.

يطلق حسام عدة صرخات غاضبة وهو يدور حول نفسه بعجز ليهتف ببشر :
_هذا ما كنت تعنيه بقولك أننا لن نعود بحاجة للمداراة؟! ذاك الوغد يتحدانا.

يطلق أديم زفرة ساخطة وهو يشيح بوجهه لكن عيني حسام تتسعان بذعر وهو يتقدم نحوه هاتفاَ :
_إياد!! هو الخيط الأخير لدينا.. هل وفرت له حماية مناسبة في السجن؟!
يرمقه أديم بنظرة معتمة وهو يتناول هاتفه ليجري اتصالاً ما..
يستمع قليلاً ليتهدل كتفاه ويرتخي ذراعاه جواره وهو يغلق عينيه بقوله :
_تحرك بأسرع مما توقعنا.. قتل إياد هو الآخر.
========

















=======
*نيلي*
=======
*ألمانيا..برلين *
======
_كيف حالك يا (عنقاء)؟!
يهتف بها معاذ بن صهيب بالألمانية بمرح وهو يندفع إلى زهرة التي جلست وسط رفقتها في حديقة المشفى فتعانقه زهرة بلهفة حقيقية زادتها معرفتها لحقيقة موت أمه..
لم تفهم ما يعنيه لكن صهيب يتقدم بدوره منها ليتولى شأن الترجمة :
_العنقاء هي التي تنهض من الرماد.. بعض القنوات وصفتك بهذا بعدما حدث.. لقد صرتِ رمزاً! الكثيرون صاروا يعتبرونك ملهمة.. ألف خطبة عن فلسطين لن تساوي الأثر الذي أحدثه موقفك هنا ولهذا تعاطف معه الكثيرون وصاروا يتابعون أخبارك بشغف..
يقطع عبارته ليضحك بعذوبة مردفاً :
_لابد أن تتفقي مع "بروفيسور روبرت" على نسبة من الأرباح.. لقد ازدادت شهرة المشفى هنا بسببك.
فتبتسم وهي تغمغم بطيبة :
_هو مشكوراً أخبر جهاد أنه أعفانا من بقية تكاليف العلاج بالفعل.
_صرتِ أفضل حالاً.. سواري جلب لك الحظ.
يقولها معاذ بفخر طفولي وهو يقلب معصمها برقة بين راحتيه الصغيرتين حيث استقرت هديته التي تضافر فيها اللؤلؤ مع علم فلسطين لتضحك له زهرة وهي تضمه لصدرها بحنان قائلة :
_فعلاً.. صحيح.
_أحضرت لكنّ المزيد من الهدايا.
يهتف بها معاذ وهو يبتعد ليحضر صندوقه فتلحق به رفيقاتها ليتبعن الصغير بمرح، فتبقى وحدها مع صهيب الذي يبادرها بسؤاله الودود :
_حضور جهاد كان في توقيته المناسب تماماَ.. سعيد لأجلكما.
_أما أنا.. فعاتبة عليك!
تقولها برقتها الواهنة ليرمقها بنظرة متسائلة فتجيبه بمزيج من إشفاق وعتب:
_لماذا أخفيت عني أمر أم معاذ؟!
يغمض جفنيه على ألم حقيقي جعلها تندم على إلقاء السؤال لكنه يتمالك نفسه بسرعة ليرد بابتسامة رقيقة سبقت تنهيدة وجع:
_أخبرتك جزءاً من الحقيقة.. أخبرتكِ أنني كنت يوماً ما مريضاً مثلك بنفس المرض وشفيت منه.. لكن ما لم أشأ ان أخبرك به أنها هي الأخرى كانت تعاني نفس المرض..
تعض زهرة شفتها السفلى بقوة تغالب بكاءها وهي تلمح الدموع المتجمدة في عينيه باستطراده بابتسامة باكية وهو يومئ برأسه:
_أجل.. كما تشاركنا الحياة.. الدين.. الحب.. الابن.. تشاركنا المرض كذلك في مصادفة عجيبة ..وليتها شاركتني الشفاء لكنها رحلت تاركة لي كل شيء منها عدا جسدها.
تسيل دموع زهرة على خديها رغماً عنها وهي تغمغم بتفهم:
_لهذا لم تشا أن تخبرني عنها..رويت لي عن النصف المشرق للحكاية كي تمنحني الأمل.
_وأظنني نجحت.
يقولها باعتزاز من أدى مهمته على خير حال فتهز رأسها بامتنان قائلة:
_لن أنسى صنيعك ما حييت.
_دعكِ من هذا.. أظنكِ الآن تفهمين لماذا فعلتها وسأبقى أفعلها ما حييت.. ليس معكِ فقط بل مع كل من يمر بظروف تشبه ظروفها هي.. هي منحتني (يداً).. يداً انتشلتني من ضلالي ودلتني لسبيل الرشاد..يداَ رسمت ابتسامتي وأعادت تشكيل كياني..نفس (اليد) التي أمدها الآن لكل من يحتاجها ليقتبس من نورها لعلها تكون لها صدقة جارية.. ونفس اليد التي أورثها لابننا.. كي يحيا على ما كانت هي عليه.
يتهدج صوته في كلماته الأخيرة رغماً عنه واشياً بتأثره ليدحض كل معتقداتها عن برود الرجل الغربي..
لكنه يتنحنح ليتمالك نفسه وهو يراقب من بعيد مزاح ابنه مع النزلاء ليغير الموضوع بسؤاله:
_أين دكتور جهاد؟! كنت أريده في شأن مهم.
ترمقه بنظرة متسائلة ليردف :
_أظنني وجدت له عملاً مناسباَ هنا في برلين.. أعرف عما تعرض له في عمله السابق وملابساته الصعبة.. لكنني عرضت الأمر على صديق لي هنا يمتلك مركزاً طبياً..أبدى موافقة مبدئية لكنه طلب مقابلته ليتعرف عليه.
يتهلل وجه زهرة بأمل صار حليف روحها وهي ترفع رأسها للسماء بالحمد قبل أن تلتفت إليه لتهتف بالمزيد من الامتنان :
_كيف أشكرك؟!
_فقط كوني بخير.. ودعي معاذ يكتب لأمه قصة جديدة عن بطلة كافحت حتى عبرت الحاجز بين الموت والحياة..أنا عودته أن يكتب لأمه قصص الأبطال الذين يقاومون أنياب هذا المرض.. هو سعيد بلقب(العنقاء) الذي أطلقوه عليكِ أنت بالذات.. فكوني عنقاءه التي تكون لها بعد الرماد حياة.

يقولها بود ظاهر فتمسح دموعها وهي تهز رأسها بما يشبه الوعد ليعاود سؤالها بحذر :
_لم تخبريني بعد أين دكتور جهاد؟!
_سافر.
تقولها باقتضاب ليردف ببعض القلق:
_غريب! من لهفته عليكِ والتي يتندر بها الجميع هنا ظننته لن يتركك أبداً.
_أنا من طلبت منه.. ذهب لنجدة صديقين لنا.
تقولها بشرود لتجتاح ذهنها فكرة مفاجئة تجعلها تبتسم وهي تهز رأسها لتقول بتعجب:
_صديق له وزوجته.. أقصد من كانت زوجته.. تعرف أنها تشبهك كثيراً.
_تشبهني أنا ؟!
يقولها باستنكار لتتسع ابتسامتها التي يكسوها الأسى وهي ترد :
_يهودية فرنسية ممن يقاومن الصهيونية.. تركت دينها لأجل أن تتزوج صديقه المسلم.. تركت بلدها وأهلها وسافرت معه.. تخلت عن كل شيء لأجله حتى عملها.. سنوات وسنوات عاشتها له ولأولادهما..
تقطع عبارتها فجأة والدموع تتكدس في عينيها بينما تتذكر مأساة يولاند فيهتف بفضول :
_وبعد؟! ماذا حدث؟!
تتنهد أخيراً بحرارة وهي تشعر بحاجتها لمن يتحمل معها ثقل قلقها على الجميع هناك لتغمغم :
_سأحكي لك.
=======












=======
*برتقالي*
=======
_يبدو أن كذبتك بشأن الطفل ستكون مزدوجة االأثر.

تذكرها طيف بصوت يحيى فتتنهد بحرارة وهي تقف أمام النافورة بشكل الماسة التي صنعها عاصي في حديقة قصر الرفاعي.
حسناً فعل بقراره أن يعيدها إلى العراق فلا يمكنها أبداً أن تتصور أن تبقى هنا وتتركه هناك وحده..!

تشعر بكف عاصي على كتفها فتلتفت إليه لتقول بفظاظة لم تتعمدها :
_سأسافر ليحيى.
ينعقد حاجبا عاصي برفض قائلاً :
_لا.. لن أكون مطمئناً عليكِ هناك بظروفه الراهنة ومع وجود أمه بتطرف إجرامها الذي عرفناه..أتفهم شعورك بالقلق عليه لكنه ليس وحده.. معه عمه وأقاربه وصديقه.
فتحتد نبرتها وهي تهتف بانفعال:
_لكنني أنا لست معه.. أنا التي أحتاج وجودي جواره الآن.
يطلق زفرة ساخطة وهو يهتف بانفعال مشابه:
_تباً! ألن تغيري طبيعتك المجادلة هذه أبداً؟! تعرفين أنني لا أسعى ألا لمصلحتك.
_مصلحتي ومصلحته في بقائنا معاً.. قد نصنع ذكريات سعيدة مع أناس كثيرين يتقبلوننا في ساعات فرحنا واستقرارنا.. لكننا لا ننسى أبداً هؤلاء الذين شاركونا أسوأ لحظاتنا وشهدوا انطفاءة سراجنا فلم يروعهم الظلام.. بل بقوا جوارنا يشدون بأكفهم على أكفنا.. هؤلاء من يستحقون أن نمنحهم العمر كله..
يزداد انعقاد حاجبيه بتردد لتدمع عيناها وهي تشد على كفه بقبضتيها مردفة:
_ لا أريد المجادلة.. ولا أريد عصيانك.. لكنني فقط أريدك أن تفهم.. أنا أريد مشاركة رجلي في حزنه قبل فرحه.. أي أمانٍ تظنني أعيشه هاهنا وأنا أموت كل لحظة خوفاً عليه هو؟!

يشيح بوجهه دون رد للحظات ليعاود سؤالها بحذر :
_لا أظنك تتحدثين هكذا من رأسك؟! هل خططتما لشيء؟!

تزدرد ريقها بارتباك تكرهه وهي تدرك أنها لحظة الحقيقة..
لتغمغم وهي تبتعد عنه بضع خطوات :
_أنا كذبت.. بشأن يحيى.. عندما أخبرتك قبل زواجنا أنه..
_أعرف.. أعرف كل شيء.
يقطع بها حديثها لتلتفت إليه بحدة متسائلة فيردف :
_عندما قابلتِه لأول مرة بعدما أحضره رجالي من العراق لم تكونا وحدكما.. كنت في سيارتي أسمع وأرى كل حديثكما.. لا داعي للخوض في هذا الأمر.. فأنا أعرف أي رجل وضعت يدي في يده لأئتمنه على أختي.. لكن.. ما الذي ذكركِ بهذه الكذبة الآن؟!

تحاول ابتلاع حرجها وهي تطرق بوجهها للحظات تستوعب الأمر لتزفر أخيراً قائلة :
_سيستعير كذبتي.. سيوحي لأمه أنه مضطر ليردني لعصمته لأجل الطفل.

يهز رأسه بعدم رضا لكنها تقترب منه لتنظر في عمق عينيه قائلة :
_لم أضطر يوماً لتبرير أفعالي.. ويمكنني بمنتهى اليسر أن أفعلها دون موافقتك لكن..
تقطع عبارتها وهي تضع كفها على كتفه مردفة بانفعال :
_لا أريد أن أفقد جذوري من جديد.. لا أريد أن أخالف مشورتك.. لا أريد أن يعود ظهري عارياً للرياح.. وافق.. وافق وثق بي.

تشتعل غابات الزيتون في عينيه للحظات وهو يشعر أنها تلقيه بين نار خوفه عليها ونار خسارتها..
لكنه يختار ترويض جياد تمردها الفطرية فتتعلق عيناه بماسة النافورة للحظات أخرى حسم فيها قراره ليمنحها إيماءة موافقة فلا تملك نفسها وهي تسند جبينها على كتفه بما يشبه الشكر..
قبل أن ترفع إليه عينيها الممتنتين بقولها :
_سأترك مجد هنا.. هو آمن لها.. بعد كل ما عرفناه لا أعرف ما الذي سيواجهنا هناك.

_لا تخافي.. قد لا يمكنني - بطبيعة الحال- فعل شيء بخصوص تلك المرأة وذاك التنظيم هناك.. لكن ما أوقن به أنني لن أسمح لأحدهم أن يمسك أنت وزوجك بسوء.
يقولها داعماً وهو يربت على ظهرها فتبتسم له قائلة :
_أنت أعظم ما نلته من إرث الرفاعي.

يبتسم بدوره وهو يرى مجد تقترب منهما على كرسيها المتحرك فيقول مخاطباً طيف :
_مهدي لها أنت الأمر.. وأنا سأذهب كي أعد العدة لنسافر للعاصمة.

_أنتِ بخير ؟! عيناك منزعجتان!
تسألها مجد بقلق حنون فتبتسم وهي تنحني على ركبتيها أمامها قائلة :
_يبدو أنني أحسنت التربية.. صرتِ ابنتي وأمي.
تبتسم مجد باعتزاز وكلمات طيف تؤتي ثمارها بروحها..
بينما تأخذ الأخيرة نفساً عميقاً لتقول بحسم:
_سأسافر ليحيى وحدي.. وستبقين هنا.
تتسع عينا مجد بارتياع لأول وهلة لكن طيف تعانق وجهها لتنظر في عمق عينيها هامسة بيقين :
_لو كان هذا الموقف منذ شهور فقط لما أخذت قراري بالابتعاد عنك أبداً.. كنت سأخاف على الطفلة القعيدة مرهفة الحس التي ترهب الغرباء وتخاف أن تفقد من تحبهم..لكنني الآن أثق في ابنتي.. ابنتي التي تنبع قوتها من داخلها والقادرة على رسم السماء ومجاورة القمر.. ابنتي التي لا تحتاج سماع "قيمر" كي يطمئن قلبها.. لن تخاف الجار المزعج ولن ترى كلبه السخيف في حلمها.. لن يرهبها الاشتياق لأنها تفهم أنه بوابة للفرحة بلقاء قريب.
فتدمع عينا مجد بعمق عاطفتها لتهمس :
_نسيتِ شيئاً!
ترمقها طيف بنظرة متسائلة لتردف وهي تعانقها بحرارة :
_ولن تبكي أماً حقيقية تخلت عنها لأنها صارت تملك أعظم أم في هذه الدنيا.

تمسح طيف دمعة فرت من عينها وهي تسمع الصغيرة تهتف بقوة :
_لن أزيد حملك.. أعرف انك لن تتركيني إلا مضطرة.. لن أخاف.

_وما الداعي للخوف؟! أنا سأحميها! سافري ولا تخافي.

يهتف بها ضياء - الذي ظهر فجأة - بحمية تسبق سنه فتنهض طيف لتشده من أذنه هاتفة :
_كالعادة تتصنت على الكبار يا عقلة الإصبع.
لكنه يتفلت منها.. يفرد جسده في وقفة مسيطرة ليهتف بما يشبه أسلوب أبيه :
_ليس تصنتاً.. ضياء الرفاعي لا يخفى عليه شيء يدور في بيته.

تتبادل طيف ومجد ضحكات صافية قبل أن تنحني الأولى لتضمهما معاً وحدسٌ غريب يخبرها - رغم أن ضياء يصغر مجد عمراً- أن قد تكون لهما في الغد عندما يكبران.. حكاية!
========





_لولاكِ ما وصلت إلى هنا.
يقولها يحيى بامتنان مصطنع وهو يقف أمام كرسي رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة الأمين فتبتسم له استبرق بفخر وهي تجلسه مكانه لتستقيم واقفة تتأمله ..
تحلق سبابتها وإبهامها في اعتزاز قائلة:
_هذا هو مكانك بالضبط..
ثم تشرد ببصرها مردفة :
_حقنا.. حقك وحقي وحق جدك.. أن تصير مؤسسة الأمين كلها لنا.. لنا وحدنا.

يرن هاتفه برقم طيف فيتجاهله متعمداً ليغلق الاتصال دون رد فتسأله استبرق بتوجس وقد لمحت الاسم :
_ما الذي تريده منك؟!
_لا أعرف.. ولا أريد أن أعرف..
يقولها بسخط مصطنع لترمقه بنظرة راضية لكنها تتجمد مكانها وهي تسمعه يردف باستهانة ظاهرة :
_الحمقاء! تظنني سأنسى تخليها عني في محنتي لمجرد أنها تحمل طفلي.
_طفل؟!! هل قلت طفل؟!!)
تهتف بها استبرق بمزيج متوازن من لهفةواستنكار ليلوح يحيى بكفه في لا مبالاة مصطنعة وهو يوقن أنه قد ألقى (ورقته الرابحة)!
يهتف برجاء وهو يتشبث بقبضتي كرسيه مغمضاَ عينيه :
_ماما! لا تفسدي فرحة اليوم بحديث عن تلك المرأة.. حتى ولو كانت تحمل طفلي لن أعود لها.

_هل تأكدت أنت من الأمر؟!
تسأله بنفس اللهفة ليرد بزفرة قصيرة :
_نعم.. ولا أهتم.
_أنا أهتم.
هتافها يكاد يبلغ حد الصراخ فيكتم ابتسامته وهو يشيح بوجهه معتداً بذكائه..
كان يعلم أنها نقطة ضعف "أمه"!
منذ صغره وهي كانت تكررها بلهفة مبالغ فيها حتى أنها كانت مثار تندر العائلة كلها..
(أجمل يوم في عمري يوم أحمل ولداً ليحيى)

نفس العبارة التي كررتها الآن وعيناها تدمعان بعاطفة حقيقية وسط زيف المشهد كله..
لتردف بنبرة آمرة :
_ردها يا يحيى.. ردها وأعدها إلى هنا.
_ماذا تقولين؟! هذه المرأة باعتني وقت شدتي والآن عادت عندما علمت باستعادتي لمنصبي وحياتي!!
يهتف بها باستنكار مصطنع وهو يشعر من فرط توقعه لردود أفعال أمه أنه يرى فيلماً قديماً شاهده من قبل!!
خاصة وهي تنحني لتثبت كفيها على كفيه فوق (الكرسي) قائلة :
_لن أترك لها ابنك.
_لا حاجة لي في طفل هي أمه..أتزوج من هي أفضل منها وأنجب غيره.
يقولها بعناد متعمد وهو يعلم أنه يزكي بذلك نيرانها أكثر فتهتف بإصرار :
_أنا لا اترك حقي لغيري.. ابدا.. وابنك هذا حقي.. حقنا انا وانت.. يالله! أخيراً سأحمل طفلك يا يحيى!
يشعر ببعض الذنب وهو يستغل ثغرات أمومتها خاصة مع الفرحة الطاغية التي كست عبارتها الأخيرة لكنه يخنق هذا الصوت داخله كما خنقت هي صوت أمومتها معه..
فيغمغم بضيق مصطنع:
_ماما.. لا تضغطي عليّ.. لن أطيق عشرتها بعد الآن.
_ولا أنا أطيقها.. اسمع خطتنا.. ستردها لعصمتك حتى تضع الطفل وبعدها سأجعلك ترى كيف ستنتقم لك أمك منها.. سننتزع منها الطفل وندبر لها فضيحة تجعلها تعود لبلدها كخرقة بالية لا تجرؤ أن تفكر في العودة لهنا مرة أخري.
يظهر امتعاضاً حقيقياً وهو يشيح بوجهه لكنها تسيئ تأويل حركته فتهتف بحرارة :
_صدقني.. أنا قادرة على فعلها.. أنت لا تعرف ما الذي يمكن لنفوذ السيد (...) فعله!
_بمناسبة ذكر السيد (...).. أراكِ تولينه اهتماماَ خاصاً هل هو مشروع زواج؟!
تطلق ضحكة عالية وهي تتحرك لتجلس قبالته على المكتب، تضع ساقاً فوق أخرى لتقول بدلال واثق:
_لا.. لا تقلق..ليس الأمر بهذا الصدد إطلاقاً.. قريباً أخبرك بخبايا علاقتي معه..لن أئتمن سواك عليها وقد صرت رئيس الشركة.
_قريباً جداً!
يقولها ملوحاً بسبابته فتبتسم بما يشبه الوعد لتناوله هاتفه بنفسها هاتفة بلهفة :
_والآن كلمها.. دعها تصدق أنها سامحتها وتفاوض معها على ردها لعصمتك وعودتها هنا ودع الباقي لي.
يمط شفتيه بعدم رضا فتهتف آمرة :
_أطع أمك وستربح كل شيء.
يتنهد باستسلام مصطنع وهو يسألها عما سيقوله ل(طيف) فتخبره ليظهر طاعتها وهو يتناول هاتفه مدركاً أنه ألقى الطُعم المناسب هذه المرة أيضاً!
=======






_ها هي ذي.. اضغط على نفسك وتظاهر بالاشتياق لها كأي زوج عادت إليه زوجته.
تقولها استبرق مشيرةً ل(طيف) وهي تقف معه حيث يخرج المسافرون من المطار لتكمل له - ما تظنه- خطتها..
لكنه في هذه اللحظة لم يكن يشعر بشيء سوى طوفان اشتياقه ل(صاحبة السديم)..
هذا الهدير العاصف بقلبه يورثه طنيناً خافتاً في أذنيه فلا يبالي بركض خطواته المندفعة نحوها والتي تناقض رصانته المعهودة حتى يصل إليها أخيراً ف"يغتنمها" بين ذراعيه..
يخفيها بين ضلوعه..
أصابعه حائرة بين مس شعرها "حبيبه" الذي طالت خصلاته بما يوازي قطع طريق عشق بألف خطوة.. ألف ألف خطوة.. وبين ضغط جسدها إليه بهيمنة تشبه الاحتياج..
كيف تشبه الهيمنة الاحتياج؟!!
يعانقها كأنها كل من وما بقي له!
كأنه يحتمي بها ويحميها!
كأنه يودع بها عمراً.. ويستقبل آخر!
وبكل الحنين الفائض بين جنباته تحط قبلاته على وجهها بجنون.. بحرارة تذيبهما معاً..
وهمسه المرتجف رغم قوته يصب الحميم في عروقها :
_غريبٌ في وطني.. حتى أتيتِ!

السديم في عينيها ينبت ألف نجمة بضيّ يشبه ضي قلبها في هذه اللحظة..
الخصلة الحبيبة في مقدمة شعره عادت لبياضها تتحسسها اناملها رغماَ عنها بارتعاش وهي تشعر أنها تعيش معه كل عصورها المفقودة..
طفلة تحتمي بشيبة شعره.. وامرأة تعشق كتفيه بعرض كل أحلام الهوى .. وعجوزا تستند على كفيه موقنة أنه لن يخذلها.
وكعادتها كلما عجزت عن استيعاب عاطفتها تتجمع الدموع في عينيها.. فيقبلهما بنفس الحرارة هامساً بجملته المعهودة:
_إلا دموعك.. إلا دموعك حبيبتي.

_رفقاً بها يا يحيى.. لا ريب أنها متعبة من السفر.

صوت استبرق الودود - ظاهراً- يتشح بغيرة واضحة ورغم يقينها أنه يتظاهر بكل هذا وفقاً لخطتهما لكنها لم تستطع منع نفسها من قطع هذه اللحظة..
هل تخاف طيف هذه؟!!
نعم.. لا تزال تشعر بخطورة امرأة مثلها عليها!
لهذا لن تهدأ حتى تسحقها تماماَ ثم تزيحها من طريقها للأبد.

صوتها الذي ينتزع العاشقين قسراً من جنتهما ليعود كل منهما لدوره المرسوم..
لكن طيف لم تتكلف وداً وهي ترمق استبرق بنظرة متحدية بادلتها الأخيرة إياها رغم مصافحتها لها بعبارات ترحيب باردة..

_طيبٌ يحيى! رغم تخليكِ عنه في محنته لكنه تجاوز عن الأمر.. واحدٌ غيره لم يكن ليقبلك في بيته أبداً..

تقولها استبرق في سيارة يحيى التي قادها الأخير نحو بيت الأمين وقد تعمدت الجلوس جوار يحيى فيما تركت طيف بالخلف كأنما تعطيها شارة عن مكانها في الأيام المقبلة..
لتردف بتنهيدة قصيرة وهي تريح رأسها للوراء بطيبة مصطنعة :
_آه.. لا داعي للخوض في الماضي.
فتطلق طيف ضحكتها الساخرة المكتومة وهي تربت على كتفها من الخلف هاتفة :
_فعلاً! طيبٌ يحيى! واحد غيره لم يكن ليقبلك أنت في حياته أبداً بعد ما فعلتِه!
ثم ترد لها بضاعتها بتنهيدة كتنهيدتها وهي تعود برأسها للوراء مردفة :
_آه.. لا داعي للخوض في الماضي.

يكتم يحيى ابتسامته لكنها تتراقص في عينيه رغم صرامة قوله المصطنعة وهو يوقف السيارة فجأة :
_لن نبدأها هكذا.. لو كانت كل منكما لا تطيق الأخرى فليس طريق المطار ببعيد.. تعود طيف من حيث أتت ولا داعي للمشاكل.

_لا!
تهتف بها استبرق باندفاع وهي تفهم عصبية يحيى كحميته لأمه فتربت على كتفه هاتفة برجاء :
_لست غاضبة منها.. لأجلك حبيبي ولأجل طفلك وسعادتك أحتمل.

_لن أعتذر! تعرف أن هذا "الاختيار" ليس في إعداداتي!! لو كنت ستطلبها مني فأعدني للمطار وأرح دماغك.
تهتف بها طيف بفظاظتها المعهودة فيزفر يحيى بغضب مصطنع لكن استبرق تعاود التربيت على كتفه كأنما تذكره باتفاقهما فيعاود قيادة السيارة ليسود ثلاثتهم الصمت طوال الطريق حتى يصلوا للبيت..

_تفضلين تناول الطعام أولاً؟!
تسألها استبرق ببرود وهي تشير للمائدة الضخمة التي أعدها الخدم والتي امتلأت بأصناف الطعام فتبتسم طيف بسماجة وهي تعقد ساعديها أمام صدرها قائلة :
_سأعد الطعام بنفسي لي وليحيى.. بعد طول مدة فراقنا أريده أن يأكل معي من صنيع يدي.. وحدنا في غرفتنا.
_آه.. صحيح.. نسيت أنك اعتدت الخدمة في البيوت مع أمك منذ صغرك كما عرفت.. يبدو أن المال لا يغير عادات التربية .

ضربة تحت الحزام تلقيها استبرق بدناءة وتجعل وجه يحيى يحمر بغضب، يكاد يلقي الخطة وكل شيء جانباً وهو يهم بردّ انفعالي وليكن ما يكون..
لكن طيف تسبقه بذكاء كأنما كانت تتوقع عبارتها فتقطع عليه الطريق بسرعة بديهتها الحاضرة دوماً :
_معك حق.. أنتِ الأدرى بالمال الذي لا يغير عادات التربية.. انظري لنفسك مثلاً.
يحترق وجه استبرق بالغيظ ولولا بقية من تعقل لركلتها خارج البيت.. لكن عزاءها انها ستستمتع بسحقها تماماَ.. فقط عندما تضع الطفل!
بينما التفتت طيف نحو يحيى قائلة :
_يمكنك الاستراحة في غرفتنا حتى أعد الطعام.. لا تخبرني عن مكان المطبخ.. سأستكشف بيتي بنفسي.

تقولها دون انتظار رده لتتحرك مبتعدة فتجز استبرق على أسنانها بغيظ وهي تميل على يحيى هامسة باستنكار :
_بيتها؟! بيتها!! لم أرَ في حياتي صفاقة كهذه!! انظر كيف تتحرك في المكان كأنها صاحبته!! أوف!! من أي مستنقع جئت لنا بهذه المرأة؟! لم تجد سوى هذه؟!!

_أخبرتك أنني غير راضٍ عن كل هذا وأنتِ من خططتِ لعودتها.. اطرديها لو شئتِ.. أنا لا أهتم.
يقولها بلا مبالاة مصطنعة فتهمس باستنكار خافت:
_أبداً.. ليس قبل أن أنتقم من كل بذاءاتها هذه وأحرق قلبها على ابنها يوم نأخذه منها.
يسبل يحيى جفنيه بألم حقيقي يجتاحه كلما يرى جانباً آخر من وجهها الأسود.. لهذا تأتي كلماته مواربة :
_معك حق.. ليس هناك انتقام يحرق القلب أكثر من فرقة أم وابنها.

يقولها ليتصنع التثاؤب وهو يبتعد نحو غرفته بالأعلى قائلاً :
_لا شهية لي لطعام.. سأذهب للنوم.

تراقبه حتى يصعد لغرفته ثم تتوجه نحو المطبخ حيث وقفت الخادمات يراقبن طيف بعجب لكن الأخيرة بدت واثقة وهي تعد بعض الطعام البسيط كأنها حقاً في بيتها..

_يبدو أنك لا تعرفين ذوق زوجك جيداً.. يحيى لا يحب الدجاج.
تقولها استبرق ببرود مغيظ لترد طيف بابتسامة سمجة :
_يبدو أنك أنت من لم تعودي تعرفين ابنك جيداً.. سيحبه "من يدي"!

تكظم استبرق غيظها وهي تصرف الخادمات المتغامزات نحو الخارج بحدة لتقف مكانها وهي تراقب طيف بنظرات كادت تثقبها مكانها لكنها تعمدت تجاهلها وهي تستمر فيما تفعله قبل أن تحمل صينية الطعام لتتوجه نحو غرفة يحيى ببساطة..
تضع الصينية على الأرض أمام باب غرفة المغلق لتفك رابطة شعرها القصير نسبياً فتمشطه بأصابعها بدلال وهي تشعر بخطوات استبرق خلفها..
استبرق التي وقفت تراقبها بحقد وهي تراها تعدل ثيابها ومظهرها استعداداً لدخول الغرفة..
الدهاء قبل الحكمة يقتضيان أن تبتعد عن تلك المرأة الداهية لكن رؤيتها لعيني يحيى الهائمتين وهو يحدثها جعلتها تشعر بالخطورة ..

لهذا ضربت بخطتهما عرض الحائط وهي تقترب من طيف التي رمقتها بنظرة مستهينة لتقول لها استبرق بنبرة مستفزة رغم لطفها الظاهر :
_أنا من أقنعت يحيى بأن يستمر زواجكما ..لأجل الطفل .
فتطلق طيف ضحكتها الساخرة المكتومة التي تميزها وهي تميل على أذنها ،تشير لغرفة نومها مع يحيى قائلة بجرأة واثقة :
_وأنا -خلف باب هذه الغرفة - أجيد وسائل أكثر إقناعا ب(كثير) تجعله يتمسك بي أكثر وأكثر..وأظنك -بخبرتك- تعلمين كم تجدي هذه الوسائل مع الرجال يا حماتي .
فيحمر وجه استبرق لا من وقاحة تلميحها فحسب بل من الثقة التي تتحدث بها فتتمتم من بين أسنانها وهي تنظر إليها من أعلى لأسفل قائلة :
_لا أعرف أين كان عقله وهو يختار واحدة مثلك .
_عقله كان خلف قلبه ..كلاهما كانا وسيبقيان معي أنا .
تقولها طيف باعتداد وهي تعقد ساعديها لتهتف استبرق بغيظ:
_حقا ..مرآة الحب عمياء كما يقولون .
فتطلق طيف ضحكة قصيرة وهي تربت على كتفها قائلة بنبرة مستفزة:
_تركنا لك النظارات يا "خبرة "!

تقولها لتدخل بصينية الطعام ثم تصفق الباب خلفها بعنف لتتعمد غلقه بالمفتاح خلفها فتزفر استبرق زفرة مشتعلة وهي تضم قبضتها متمتمة بغيظ:
_صبراً أيتها الحرباء.. صبراً..لأسحقن غرورك هذا تحت قدمي.

وفي الغرفة لم تكد طيف تضع الصينية جانباً حتى جذبها يحيى من ذراعها مبتعداً عن الباب لمسافة آمنة وابتسامته تتراقص في عينيه قبل شفتيه :
_أخفضي صوتك فهي تظنني نائماً.. والآن قبل أي شيء.. أريد موجزاً قصيراً عما كنتِ تقصدينه بحديثك معها عن "الوسائل" المقنعة للرجال تلك!!
فتكتم ابتسامتها وهي ترد بهمس خافت:
_كيف سمعت؟! ظننت صوتي كان منخفضاً!
_لا تهربي من الأمر.. الموجز!!. . الموجز وبعده الأنباء بالتفصيل من فضلك!
يهمس بها بمكر وهو يطوق خصرها بقبضتيه فتميل على أذنيه ببطء ألهب حواسه لتهمس بمكر مشابه :
_سأخبرك عندما تكبر.

يصدر همهمة ماكرة وأنامله تنتقل لوجنتيها تعانقهما بحنوّ فائض يشبه عناق نظراته لملامحها فتسبل جفنيها بوهن يجعلها تحاول الهروب بسؤاله عن تطورات الوضع لكنه يخرس تساؤلها بشفتيه قبل أن يهمس في أذنها :
_فيما بعد.. دعيني الآن فقط أصدق أنك هنا.. معي.
تنهيدة قصيرة تغادر شفتيها واشية بشوق يشبه شوقه وإن عجزت شفتاها عن البوح به..
فتنتقل شفتاه لعنقها بهمسه:
_دعيني أنسى بقربك كل شيء.. أخبرتكِ من قبل عن أول وثاني أجمل ما فيكِ.. دعيني أخبرك بالثالث.. عنقك! تعرفين كم يبدو لي عنقك جميلاً.. كم يبدو لي طويلاً!! .. تعرفين كم يساوي طوله؟!
وكأنما تمنحها شفتاه الجواب بطوافهما من أعلاه لأسفله ليهمس أخيراً وهو ينظر لعينيها:
_عشرين قبلة!
_وهل يقاس الطول بالقبلات؟!
تهمس بها بدلال مستنكر فيرد بغرور ماكر :
_أنا أجيد اختراع وحدات القياس!
تكتم ابتسامتها بهذه الطريقة التي تثير جنونه أكثر من ابتسامتها الكاملة وهي تتفحص ملامحه بعاطفة أقرب لحنان أم منها لشوق أنثى..
متى زادت هذه الخطوط الدقيقة حول عينيه؟! متى حمل جبينه كل هذا الوجع؟!
متعَب! مُتعَبٌ حد الاستنزاف!
ومن مثلها يمكنها الشعور به؟!
لهذا يحلق ذراعاها حول خصره لتضمه إليها بقوة تنافس قوته..
همسها يتأرجح بين دلال خجول ومكر عابث في مزيج شهي يشبهها :
_وأنا أحب تجربة الاختراعات الجديدة.. لنرَ كم يكون طول عنقك أنت!
لا يكاد يصدق أذنيه وهو يشعر بمنحة عاطفتها تجزيه خيراً عن كل ما لاقاه الأيام السابقة..
يغمض عينيه على فيض عاطفته وهو يشعر بقبلاتها لا تشبهها قبلات..
خطوات شفتيها كأنما كل خطوة منها تضمد جرحاً، تمحو وجعاً، وتشفي سقماً..
_خمسة عشر قبلة!
_مستحيل.. لا تجيدين العد.. أعيدي القياس.
يهمس بها مبتسماً بعبث لتبتسم بدورها..
عناقهما يشتد للحظات قبل أن يهمس لها بالمزيد من العبث الماكر :
_تعرفين فيما أفكر الآن؟!
_وهل يفكر الرجال فيما سواها؟! بالطبع تفكر في تصعيد "مسابقة القياس" للتصفيات النهائية!
تهمس بها بخفوت مع مطة شفتيها فيخفي ضحكته في كتفها مع همسته :
_عنصرية كالعادة!
قبضتها تهوي على ظهره بخفة مستنكرة قبل أن تتحول لتربيتة برقة داعمة..
تعرف عادته عندما يداري ألمه بمرحه العابث لهذا تهمس بصلابة:
_أعرف ما الذي تشعر به.. أعرف صعوبة الحرب التي تخوضها.. لكنني أثق بك.. و.. أنتظر انتصارك.
يريح رأسه على صدرها للحظات قبل أن يرفع إليها عينين ذابت كل قضبانهما القديمة..
فلم يبقَ سوى فضاء عريض من بوح ووجع :
_أي انتصار في حرب كهذه سيكون صورة باهتة لهزيمة!!
تسبل جفنيها على جرحيهما معاً لكنه يجذبها من كفها نحو خزانة ملابسه..
يفتحها ليستخرج الحقيبة السوداء القطيفية حيث ارتصت قواريره الزجاجية بصدفاتها الملونة..
فلا تحتاج كثيراً من الذكاء كي تفهم قبل أن يهمس هو :
_وجدتها مصادفة كما فقدتها مصادفة.. كل قارورة من هذه تساوي جرحاً وذنباً.. وعمراً.. عمراً ظننتني كنت أعيشه فاكتشفت أنني كنت أضيعه.. فقط هذه..
يقولها مشيراً للقارورة الأخيرة مردفاً :
_هذه شعرة منك لا تقل قوة عن صاحبتها.. شعرة ظننتني ألفها حول إصبعي لكنها هي التفت على قلبي.. لهذا أعدت لكِ صدفتك ليس فقط لأنها لا تشبه سواها بل لأن كل ما يخصك لا يليق به أن يُحبس ولو في تذكار للعمر.
ترمقه بنظرة طويلة لم يفهمها قبل أن تمتد أناملها بحركة سريعة لتقلب الحقيبة فتسقطها لتتحطم محتوياتها مختلطة بفوضى تشبه فوضى روحه في هذه اللحظة وهو لا يقدر على تمييز شعوره بما فعلته!!

تنهيدة حارقة تفلت من شفتيه فيقبض على كتفيها بكفيه هامساً :
_هذا بالضبط ما أردتك أنت.. أنتِ بالذات ان تفعليه.. أنتِ لم تكسريها فحسب أنتِ أصلحتِ كسري أنا.. أنتِ حررتني يوم ظننت أنا بغروري أنني قد أحبسك.. لهذا مهما حدث بيننا لن أنسى أبداً أنني يوم أعددت كفني وحفرت قبري بيدي كنتِ أنتِ واقفة على رأسي تكتبين شهادة ميلاد جديدة لكلينا معاً.

_تعرف فيما أفكر الآن؟!
تقولها فيرد لها سابق بضاعتها :
_وهل تفكرين في سواها؟! كيف تفسدين هذه اللحظة العاطفية بعبارة فجة مما تجيدينها كي تستحقي جائزة ملكة (الفصلان) الكبرى!
هذه المرة تطلق ضحكتها القصيرة وهي تلكمه في كتفه بخفة هامسة:
_كيف عرفت؟! كنت لتوي سأسألك ماذا ستفعل أمك الآن؟!

يبتسم ليطرق برأسه قليلاً ثم يرفعه بجواب مقتضب :
_لن تدعنا معاً الليلة.. ربما تتذرع أنها مريضة وتطلب مني المبيت معها في غرفتها.. وربما ادعت وجود مشكلة في الشركة تتطلب..

يقطع عبارته وهو يسمع طرقات سريعة علي باب غرفته مع صوت الخادمة تهتف بهلع:
_سيدي.. أدرك السيدة استبرق.

تبتسم طيف لذكائه لكنها تصطدم بنظرة الحسرة المتوجعة في عينيه فتفهم كم هو قاسٍ عليه أن يفهم أمه كل هذا الحد..
ويستغل هذا في إسقاطها!!

لهذا تشد على كفه بقوة داعمة وهي تراه يرد على الخادمة بما يليق قبل أن يتكلف ابتسامة واهنة وهو يميل على وجنتها بقبلة حارة سبقت همسه العابث:
_كنتِ محقة.. من الآن لن أعود أفكر سوى في (مسابقة قياس) أخرى نصل فيها لتصفيات النهائي.
=======




_لماذا تنظر إليّ هكذا؟!
تسأله استبرق وهي تجلس أمام مرآتها في غرفة نومها بينما يجلس يحيى على طرف فراشها مستمراً في تمثيله:
_أطمئن عليكِ..منذ عودة طيف منذ أيام وأنت مريضة.
تتنهد بإعياء مصطنع وهي تمسك جانب رأسها قائلة :
_بشعة تلك المرأة.. صفاقتها بلا حدود.. رفعت ضغط دمي.. سأعد الأيام حتى تضع طفلها وبعدها أقسم بأغلى ما لدي أن أمرغ رأسها في التراب.
_ما هو؟!
ترمقه بنظرة متسائلة ليرد بابتسامة واهنة :
_ما هو أغلى ما لديك (ماما)؟!

يبدو سؤاله البسيط وكأنه فاجأها فتضطرب نظراتها وهو يردف بينما أنامله تتحسس طرف الفراش الخشبي بنقوشه القديمة الفخمة :
_طالما كان يشغل بالي هذا السؤال منذ صغري.. تعرفين كم كانت غرفتك هذه محببة إليّ..طفلاً.. أصحو من نومي أتعمد الصراخ والبكاء كي تأتي وتحمليني لأنام بين ذراعيك هنا على هذا الفراش.. تعانقينني فأرجوكِ ألا تنامي قبل أن أنام أنا أولاً.. كنتِ تبدين متعبة لكنك لم تخذليني أبداً.. ساعتها كنت أقول لنفسي :أنا أغلى ما لديكِ..
تدمع عيناها بحنين حقيقي لتلك الأيام وبتأثر لما استمر يرويه:
_ومراهقاً.. تكثر نزواتي وأخطائي.. يعنفني المعلمون ويهددني البعض بالشكوى لأبي.. لكنك كنت تسحبيني من كفي نحو نفس الغرفة.. وفوق نفس الفراش كنتِ تجلسينني.. تنصحين بلين مرة وتعنفين بعتاب أخرى لكنك دوماَ كنتِ تحمينني من عقاب أبي.. ساعتها أيضاً كنت أقول لنفسي أنا أغلى ما لديكِ)..

ثم يغادر الفراش ليتوجه نحوها.. ينظر إليها عبر صورة المرآة..
ليستطرد بابتسامة واهنة :
_وكبرت ليصير فراشك بعيداً.. صغيراً.. صغيراً جداَ كانه لم يكن يسع الدنيا في عينيّ.. لا تزالين تسحبينني إليكِ.. ولا أزال أسأل نفسي.. ما هو أغلى ما لديكِ؟!

_أنت.. أنت يا يحيى.
تقولها بصوت متهدج فضح أمومتها الهشة في هذه اللحظة التي طغا فيها عليها شعور نادر بالذنب..
نظراتها تزوغ وطيف عابر لشواهد (أربعة قبور) يمر بناظريها..
لتصطدم بنظرته الصلدة وهو يشير بسبابته نحو صورة مرآتها قائلاً :
_بل هذه.. هذه كانت دوماَ أغلى ما لديكِ.. أغلى مني ومن أي أحد.
غضب عاتب يسطع في عينيها وهي تنتفض مكانها بعنف فيبسط راحتيه في وجهها مهدئاً باعتذار خادع :
_اعذريني (ماما)..لم أقصد إساءة.. يبدو أن الضغوط حولي أفسدت أعصابي.
_أي ضغوط ؟!
تسأله بقلق ليرد :
_العمل.. عودة طيف.. الطفل المنتظر.. و.. إلياس.
يضغط حروف اسمه متعمداً وهو يتفحص ملامحها..
للعجب يبحث عن بقايا من شعورها بالذنب نحو - ما تظن- أنها فعلته به لكن تمثيلها كان متقناً وهي تهتف بجزع:
_ما به؟!
فيطلق زفرة قصيرة وهو يشيح بوجهه عن ملامحها بنفور قائلاً بمواربة:
_مشوش.. غير متزن. . كأنه فقد تركيزه.. سأقترح عليه الذهاب لطبيب.
_لا!
تهتف بها بسرعة فيلتفت إليها لتردف مرتدية قناع براءتها:
_الأطباء يهولون الأمور.. لعله فقط حاقد عليك بعد توليك كل أمور الشركة.
يهز رأسه بحركة غامضة لم تفهمها فتغير الموضوع عامدة بسؤالها :
_كيف حال العمل؟!لم أذهب منذ أيام.
_لا تقلقي.. أنا استغللت الأمر بأحسن صورة.
يقولها وهو يدرك أنها تعمدت التمارض كي تبعده عن طيف في تلك الساعات التي كان يعود فيها للبيت.. لكن الغافلة لا تعلم أنها كانت فرصته ليعيد الأمور لنصابها..

_ماذا تعني؟!
تسأله بدهشة ليرد وهو يربت على كتفها :
_لا تشغلي بالك.. العمة شجون وإلياس بالأسفل.. يريدان الاطمئنان على صحتك.

تشعر بغرابة لهجته لكن ذكر شجون يجعلها تشحذ ذهنها في اتجاه آخر..
تبالغ في زينتها بتبجح كأنها تستنكف أن تزورها الأولى بدعوى مرضها..

تلقي على نفسها نظرة راضية وهي تشعر أن الخيوط كلها في يدها..
حتى بعد عودة تلك السخيفة طيف.. لا يزال ابنها طوع يدها هي..
تتحرك لتغادر الغرفة لكن أصابعها تتجمد على مقبض الباب وهي تسمع يحيى خلفها يقول ببساطة مغيظة :
_آه.. نسيت ان أخبرك.. أنا فسخت كل عقود تعاملات مؤسسة الأمين مع ذاك السيد (...).. وتقبلت دفع كل الشروط الجزائية.

تشعر أن أطرافها شلت فجأة وهي تلتفت إليه مصدومة الملامح فيقترب منها مردفاً :
_هل يضايقك الأمر؟!

_هل جننت؟!
تصرخ بها بهياج وهي ترجه بين كفيها مردفة بثورة :
_هل تعاندني؟! أخبرك انه أهم شركائنا فتفسخ عقودنا معه؟؟!

يرن هاتفها القريب فتشتعل عيناها أكثر وهي ترى اسم المتصل..
السيد (...)!
فتدفع يحيى خارج الغرفة بعنف لتغلق الباب خلفه..
تفتح الاتصال بأنامل مرتجفة وهي تستعد لتقريع الرجل..
لكنه بروده أخافها أكثر :
_ابنك فسخ عقودنا مع مؤسسة الأمين.. ورفع شكاوى خاصة بنا تتهمنا بغسل أموال.
تشحب ملامحها وصوته المتحشرج يرجوه :
_خطأ يمكن تداركه.. غداً أعود للشركة.. بل الآن.. وأصحح كل شيء.
_فات الأوان يا عزيزتي.. لا تشغلي بالك.. نحن سنتولى كل شيء.
بروده يحمل تهديداً خفياً تعرفه فتهمّ برجاء آخر لكنه يغلق الاتصال بعنف..
تحاول الاتصال به مرة أخرى لكنه كان قد أغلق هاتفه!

_يحيى!
تصرخ بها بهياج وهي تغادر غرفتها نحو الأسفل..
نظرات شجون الشامتة..
إلياس العاتبة..
طيف المزدرية..
وأخيراً يحيى التي تلونت بهذا كله مع عاطفة واهنة لم يستطع كبحها رغم كل شيء..

_ماذا فعلت؟! ماذا فعلت؟! انت أفسدت كل شيء!!
_بل أصلحته.. أصلحت ما أفسدتِه انتِ لسنوات.. وبأقل خسائر.
_ماذا تعني؟!
صوتها المتحشرج يفضح خوفها فيشيح يحيي بوجهه لكنها تجذبه من ياقة قميصه صارخة بانفعال:
_عدت لجنونك؟! كان خطئي انا ان أخرجتك من المصحة!! غداً تعود إليها ولن أخرجك أبداً.. أبداً..

_بل أنتِ من ستدخلين السجن ولن تخرجي منه أبداَ.
تهتف بها شجون بحرقة وهي تتقدم نحوها فتلتفت نحوها استبرق بحدة هاتفة:
_ماذا تقولين؟! جننتِ أنتِ الأخرى ؟!

_بل استعدت عقلي الذي غيبتِه انت وغيث طوال كل هذه السنوات! لو كان الأمر بيدي لقتلتك ألف مرة جزاء فعلتك!
تهتف بها شجون بلوعة لتهوي صفعتها على وجهها باستطرادها الصارخ:
_تسرقين زوجي في الحرام ثم تقتلينه.. يالجبروتك!

تتحسس استبرق وجنتها غير مصدقة وهي تتفحص ملامحهم بصدمة..
لا تجد أمامها سوى إلياس فتقترب منه هاتفة بين دموعها:
_يبدو انهم كلهم فقدوا عقولهم ما عدا أنت! ماذا يحدث يا إلياس؟! أنت من سيقف جواري.. أنا ربيتك في هذا البيت من صغرك مع يحيى لتكون..

_وفري اسطواناتك المشروخة وكلامك الحامض هذا! صرنا نعرف ما أردتِ من العم مؤيد فعله في بيت إلياس.. وكل ما فعلناه الفترة السابقة كان مجرد خطة لإيقاعك.. ف(لمي الدور)!

تهتف بها طيف بسخريتها الفظة تختصر الطريق وهي تكور أصابعها بما يناسب عبارتها الأخيرة فتصرخ بهم استبرق :
_جننتم جميعاً؟! كلكم تهذون؟!!

لكن إلياس يقترب منها ليقول بحزم لم يخلُ من أسف :
_بدون مقاومة أو صخب.. أنا استعنت كثير بالكثير من الوساطات كي أقنعهم أنك ستسلمين نفسك مقابل شهادتك ضد السيد (...) ذاك ومن خلفه.. الأمر لم يعد يتعلق بفساد مالي.. الرجل ينتمي لتنظيم دولي أرهابي خطير وأظنك تعرفين الكثير عنهم.

_ماذا؟! هل انكشف الأمر؟!
تهتف بها بارتياع لتتحول نبرته لحدة رغماَ عنه:
_هذا أفضل حلولك الآن.. فكري في أمر العائلة ولو لمرة واحدة.. نحن لا نريد المزيد من التورط مع السلطات.. سلمي نفسك أفضل.
_هل أنت حقاً بهذه الحماقة؟! تظنونهم سينتظرونني كي أسلم نفسي؟! أنت ضيعتني.. ضيعتنا كلنا!

تصرخ بها بثورة وهي تعدو هاربة خارج البيت لا تبالي انها لا تزال ترتدي ثياب المنزل..
تركض نحو سيارتها القابعة أمام البيت وهي لا تدري أين تذهب..
اي مكان قد يعصمها الآن من سطوة السيد (...) ؟!
لا مكان!
إذن لتذهب إليه هو.. لعله..!!

صوت رصاصة غادرة يخدش أذنها قبل صدرها!
رصاصة تلتها أخرى وأخرى تصيبها جميعها من مصدر مجهول فتسقط مكانها على رصيف البيت!

_هكذا إذن ؟! وصلت رسالة السيد (...).
تتمتم بها لنفسها بسخرية سوداء وهي تتحسس صدرها النازف..
ماذا كانت تتوقع؟!
لم يكن ليتركها تفشي أسراره!!

أناملها الحرة تتحسس الأرض تحتها وهي تنظر للافتة بيت الأمين الذي سقطت خارجه..
هل هذه هي النهاية؟!
بعد كل هذا العمر؟!
تسقط ميتة خارج بيت الأمين كأنما لفظتها جدرانه قبل أهله!!

(ماما)
هذه المرة كانت صرخته حقيقية وهو يركض نحوها..
هذه المرة يميز قلبها أن شبيهاتها طوال الأيام السابقة كانت مجرد خدعة كي يصل لبغيته..
هذه المرة تتلقفها روحها بصدق..للمرة الأخيرة!

ينحني فوقها بجزع وهو يصرخ بإلياس طالباَ نجدة قريبة..
فيما تندفع شجون وطيف كذلك نحوها وملامحهما المصدومة تغلب سخطهما عليها..

_معك حق.. ربما.. ربما لو كنت جعلتك حقاً أغلى ما لدي لاختلف المصير.
تتمتم بها بوهن بين شهقاتها لتردف بما بدا كالهذيان :
_حان لقائي بجدك.. هذا اللقاء الذي طالما عشت أرجوه وأخشاه.. أنا انتقمت له.. أخذت حقه.. أعدت تقسيم الأنصبة على الأربع قبور.. وياويلي.. يا ويلي وقد صار قبري الخامس.

لم يكن يفهم كلياَ ما تعنيه وهو غارق في شعوره الحقيقي بالخوف عليها..
فلتكن قاتلة.. فلتكن مجرمة.. فلتكن سارقة..
لكنها لا تزال أمه!!
امه!!

لهذا تتوالى صرخاته ملهوفة مرتعبة وهو يضمها لصدره فتجلس طيف على ركبتيها تضمه هو إليها بقوة..
تلتفت إليها استبرق وقد نزعت عن عنقها سلسلتها باسم (يحيى) لتناولها إياها..
ترمقها طيف بنظرة دهشة متسائلة فتهمس بخفوت واهن:
_لعلك تستحقينها أكثر.

وكأنما غادرت حلقها بحسرة أخذت روحها معها للأبد..
ولا يزال كفها الخاوي على رصيف الشارع يحكي نهاية قصة طمع!
=======
انتهى الفصل السادس والأربعون


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 02:26 AM   #3565

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

الفصل تحفه يستحق الانتظار تسلم ايدك يانيمو

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 02:30 AM   #3566

rasha shourub

? العضوٌ??? » 267348
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,873
?  نُقآطِيْ » rasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond reputerasha shourub has a reputation beyond repute
افتراضي

يا الله على الجمال استبرق تستاهل بصراحة لكن اياد صعب علي جدا تسلم ايدك روعة فوق الخيال

rasha shourub غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 02:33 AM   #3567

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

يالله على دا فصل 😥 طب إياد طيب😭😭

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 03:28 AM   #3568

شيرين الفاتح

? العضوٌ??? » 473676
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » شيرين الفاتح is on a distinguished road
افتراضي

عااااااالمي اقسم بالله.. اعظم فصول رواياتك

شيرين الفاتح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 03:31 AM   #3569

مريم ابو السعود

? العضوٌ??? » 477851
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » مريم ابو السعود is on a distinguished road
افتراضي

الطيف بعنوان هل للرماد من حياة... بارت ضخم يستحق القراءه مرات ومرات ....
اقول الاجابه ب لا في شخصين... بتول واستبرق لا يصح لهما الا الصحيح ... ليس للرماد حياه ...
ولكن هناك حياه خلف الرماد في جمرات متناهيه الصغر مشتعله من تأنيب ضمير في قذاف الحطب .. من احساس بالدونيه كما الفاجومي ... من احساس بعدم الانتماء كما السندباد ......
لا اظن ان اياد فارق الحياه ... فهو تلميذ الكوبرا ... وأعتقد أن ذكائه لن يخونه في موقف كهذا ...
الكوبرا اخر من ليس ل رماده حياه ... ف اظن انه سيطلق علي نفسه رصاصه الرحمه ليسدل الستار عن شخص مجنون لديه من حب السيطره ما يفوق الهوس ..
دومتي موفقه... لن أتراجع يوما عن كامل دعمي لقلمك الذي دائما ما أجد فيه كل غاياتي.... شكرا جزيلا وبالتوفيق لاخر المشوار....


مريم ابو السعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-22, 03:55 AM   #3570

ميمو٧٧

? العضوٌ??? » 416015
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 700
?  نُقآطِيْ » ميمو٧٧ is on a distinguished road
افتراضي

هو انا قريت صح ولا مخي عمل error
اياد مين اللي مات 😳😳😳😳
ماستر سينز
كل مشهد ماستر بحد ذاته
رهييييب جد رهيب الفصل
بس بمكن ولعل وعسى
قصة موت اياد لعبة من الشرطة عشان يبعدو الكوبرا عن ايهاب
ويكملوا على الكوبرا لما بحسسوه انه لسه مسيطر


ميمو٧٧ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.