آخر 10 مشاركات
117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree5716Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-06-22, 02:01 AM   #3801

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي


منتظرين ي نيمو ❤️ ❤️ ❤️

المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 02:50 AM   #3802

نرمين نحمدالله

كاتبة في منتدى قلوب أحلام وفي قصص من وحي الاعضاء ، ملهمة كلاكيت ثاني مرة


? العضوٌ??? » 365929
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,008
?  نُقآطِيْ » نرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond reputeنرمين نحمدالله has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الاخير من الخاتمة
*********



*برتقالي*
======
نسمع احلى هلهوله * للغالي الحلو طوله
الف مبروك كولوله * الف مبروك يالغالي
الليله ايدك محنايه * جبيره فرحتك هايه
هيل وطش بالولايه * هيبه ووجهك يلالي
العبلك جوله وما اقصر * اله اركصلك ركص يعور
ركص عمارة اركصلك حالف * يل كاعد بالكوشه منور
***
هيبه والنبي يحرسك * فرح ما ينوصف عرسك
منور يا بعد كلبي * هلا بيك وهلا بحسك
فرحنا وكلمن يودنه * يجينا ويكعد بسدنا
غير الفرحه ما عدنا * الليله زفت الغالي
اوكفلك يالزين معزب * ما خايف من واحد يعتب


الكلمات الشهيرة للأغنية العراقية تصدح في المكان الذي تهيأ لاستقبال العدد الضخم من الحضور في حفل استثنائي بمكانه.. وروعته!


_لأجلك كسر السندباد سفينته.. فصرتِ مرفأه و شاطئه وكل وطنه.
يقولها يحيى الذي ارتدى بدلة عرسه البيضاء وذراعاه يطوقان جسدها على شاطئ المكان الساحر الذي ضمهما بدفء غريب في ذاك الوقت من العصر..
فتلتفت نحوه مبهورة بقولها :
_لم أصدق وأنت تقول أنك ستقيم لي عرسي في (فينسيا الشرق) أن المكان حقاَ بهذا الجمال!
كانت ترتدي ثوب عرسها الذي أصر يحيى أن يكون مختلفاً تماماَ في تصميمه عن ذاك الذي حضرت به عرسهما في قصر الرفاعي..
بطراز شديد البساطة دون اتساع مبالغ فيه..بلون كريميّ تموج تطريزه الهادئ بخيوط رفيعة من أفتح درجات البرتقالي بشكل متعرج مائل فيما بدا لكليهما فقط - وكأنهما يريان بنفس العين - كموج بحر ساعة غروب.

الأهوار العراقية.. فينيسيا الشرق كما يسمونها..جزر من القرى العائمة والممرات المائية..

_(لو يعطوني مليار ما أترك الأهوار)! كنت أسمعها صغيراً من هؤلاء الذين يعودون من هذا المكان يتندرون بجماله فلم أفهمها سوى الأن.. المكان كما ترين هو مجموعة من المسطحات المائية التي التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة جنوب السهل الرسوبي العراقي.. قديماَ أسموها (البطائح) لأن المياه تبطحت فيها أي سالت واتسعت..

يقولها يحيى ثم يشير حوله قائلاً :
_الناس هنا يبنون بيوتهم عائمة فوق الماء.. البيت العائم يسمونه (الصريفة) يبنونه من باقات القصب يغرز بعضها حتى تتكون المساحة المطلوبة دون استعمال مسمار أو اي مادة حديدية .. ثم يحيطونها بسياج قوي من القصب للحفاظ عليها من الانجراف.. الأجمل أنهم يجعلونها باتجاه القبلة حتى تصبح بيوت القرية كلها ذات نسق واحد.. وعلى مر السنين تتحول الجزر العائمة لأخرى ثابتة وينتقل الأهالي من بيت لبيت عبر زوارق كهذه التي ترينها يسمونها (المشاحيف)..

تلتفت حولها بالمزيد من الإعجاب من سحر المكان الدافئ الذي جمع البساطة بالفخامة.. دفء الريف مع حسن تنسيق المدن..

كانت تقف أمام واحدة من (المضايف) التي أعدها يحيى للعرس..
والتي تضافر بناؤها من القصب المتين مع زهور الياسمين التي أصر هو أن يزين بها الفراغات.. لتبدو في غاية الجمال والحميمية..

خمس مضايف كاملة امتلأت على آخرها بالحضور كأنه دعا العراق كله!!
عام كامل تقريباَ مر على زواجهما في قصر الرفاعي لهذا يحسب الأقربون أنه مجرد احتفال بعيد زواجهما لكنهما وحدهما يعلمان أنه عرسهما الحقيقي!

_هيا.. موعد الموكب!

صوت نزار العابث بمرحه مع تصفيقه وصفيره يجذب نظرها فتلتفت نحو يحيى بتساؤل :
_أي موكب؟!

_أظنه سيكون أغرب وأجمل موكب زفاف ترينه في حياتك!

يقولها يحيى بمكر واثق وهو يقبل جبينها بفخر فيرتجف قلبها برهبة الترقب وهي ترى الزوارق الكثيرة التي تكدست حولهما..
والتي صار نزار مع بعضهم ينظمون ركوب المدعوين لها..

وأخيراً تجد نفسها معه وحدهما واقفة فوق أحد الزوارق الطويلة التي تتميز بها (الأهوار العراقية) والتي يسمونها (مشحوف).. والتي يقودونها باستخدام عود طويل من القصب..

تضحك باستمتاع وهي تراه يتقدم الموكب الذي نال أصحابه زوارق مشابهة وهم يتبعونهم بينما يشق يحيى الماء ليتوغل بها أكثر في المكان في أغرب وأجمل رحلة تمنتها..

المياه تزخر بالعديد من أنواع الأسماك والقشريات والسلاحف، ورغم أن القصب يعد النبات السائد لكن معه البردي وزنابق الماء وعروس النهر..

ترفع وجهها بعينين متخمتين بالجمال والرضا نحو يحيى الذي بدا لها حقاَ وهو يشق الماء الآن بما في يده ك(سندباد) حقيقي..
لعله لم يكسر سفينته كما يظن..
لعله فقط وجد السفينة الصحيحة والبحر الذي لا يخون!

المزيد من صوت خرير الماء وخوار الجواميس التي يتميز بها المكان بل يتفرد بها كما يتفرد البدو بالإبل إذ تعتمد عليه معيشة الناس هنا اعتماداَ كبيراً..
مع هذا الصوت حولها لخفقان أجنحة البجع والبط البري وأخيراً..
هذا ال (فلامنجو)!

_فلامنجو!

تهتف بها بفرحة طفولية نزعت عن وجهها قناع فظاظته المعهود وهي تصفق بكفيها فيضحك وهو يقول بنفس المكر الواثق :
_لهذا السبب بالذات تعمدت تأخير الحفل لهذا الموعد من العام.. حيث تهاجر طيور الفلامنجو لهنا باحثة عن الدفء!

تدمع عيناها بتأثر مع هدير خفقاتها وهي تميز سرباَ صغيراَ من طيور الفلامنجو بلونها المميز بين الأبيض والبرتقالي والوردي..
كلها وقفت على ساق واحدة كعادتها..
فقط واحد منها وقف على ساقيه معاَ بدا لها وكأنه يخصها هي!

لم تشعر بنفسها وهي تستدير نحوه لتخفي رأسها في كتفه وقد ابتلعها صمت تأثرها بهذه اللوحة الفنية حولها..

_مهما تخيلت.. مهما حلمت.. لم أكن أتوقع موكب زفاف كهذا!

تبدو له الآن كطفلة مبتهجة بعيدة تماماَ عن قناع قوتها المعهود فيتوقف عن التجديف ليعانق خصرها بساعده..
(سديم عينيها) الآن يشع بآلاف النجوم التي بدت وكأنها ولدت لأجله هو.. فقط!

_آن الأوان أن يريح (الفلامنجو) ساقه المتعبة ويقف على الاثنتين معاً واثقاً ان كلتيهما لن تخذله. .صحيح؟!

يهمس بها بما يشبه الوعد فتبتسم وأناملها تعانق وجنته.. تتلمس أهدابه هامسة :
_أخبرتني يوماَ عن أجمل ما فيّ.. لكنني لم أخبرك عن أجمل ما فيك.

يبتسم بعمق عاطفته وهو يضمها إليه أكثر فتردف بخجل نادر بدا وكأنه يتوهج فقط في حضرته هو :
_عيناك.. دون قضبان من كتمان.. كأنهما وُلدا من رحم قلبي.. فلا هما أبداً يجهلان حديثه ولا هو أبداً يخطئ تأويلهما!

يفقد تعقله تماماَ في هذه اللحظة وشفتاه تعانقان شفتيها في لقاء عاصف لكنها دفعته برفق هاتفة باستنكار :
_الناس!
_عفواً! هل أصاب أذناي عطب ما؟!! منذ متى يحوي قاموس طيف الرفاعي كلمة (الناس) هذه؟!
يقولها مشاكساً وهو يشدد ضمة ذراعه لها لكنها تشير لما خلف ظهره فينتبه للزورق الأقرب لهما..
والذي كان فيه عاصي الرفاعي مع ماسة وأولادهما ومجد..
الأخيرة التي لوحت لهما بذراعيها هاتفة بصوت عال من بعيد.
_بابا.. ماما.. رحلة رائعة.. أحلى حفل رأيته.

_أخفضي صوتك.. البنات لا ترفع صوتها هكذا!
كان هذا ضياء الرفاعي الذي بدا وكانه ورث هيمنة أبيه..
لكن مجد هي الأخري بدت وكأنها تطبعت بطباع امها طيف:
_أخفض أنت صوتك.. لا أحد يرفع صوته عليّ.
يحمر وجه ضياء بغضب طفولي ليهتف بها :
_انزلي إذن من زورقنا.. لا تركبي معنا.

تهم مجد بمناداة نزار كي يحملها معه لزورقه فعلا لكن ضياء يهتف بها بغيظ وهو يمنعها :
_افعليها وانزلي من القارب.. وسألقيك بيدي في الماء كي يأكلك السمك.
تخرج له لسانها مغيظة إياه بقولها:
_ألست انت من طلبت ان انزل؟!
_هذه فقط ما أطعتني فيها؟!!
يهتف بها باستنكار لتضحك طيف ضحكة عالية وهي تراقب المشهد من بعيد لتغمز يحيى بقولها :
_يبدو ان قصة حب تولد هنا.
_لا.. لا.. لا.. لا تقوليها..
يقولها يحيى بغيرة واضحة على ابنته لتستمر هي في الضحك قائلة :
_الأيام بيننا.. سترى!

يصل زورق عاصي جوارهما تماماَ في هذه اللحظة ليتوقف بالرجل المهيب الذي بدت غابات زيتونه الآن في أشد حالاتها صفاء وهو يمد ذراعه لطيف التي تقدمت لتشبك كفيها في كفه الممدود لها..

_لم يخذلني كفك الممدود هذا أبداً..

تقولها بامتنان ارتعش معه صوتها ليبتسم وهو يرمقها بنظرة راضية قائلاً :
_ولن يخذلك.

تبتسم ماسة بسعادة وهي تراقبهما بينما تهدهد (شمس) الصغيرة على ذراعيها شاعرة ان الله يمن عليهم بالمزيد من بشريات الرضا..

فيما تهتف نور ببراءتها المعهودة :
_هذا الحفل اجمل من حفل الزفاف الذي كان في قصر أبي.

_اسكتي! لا مكان اجمل من قصر الرفاعي.
يقولها ضياء بكبريائه الذي سبق سنوات عمره ليلتفت نحو مجد كأنه ينشد تأكيدها..
فتهز كتفيها لتغيظه قائلة :
_قصر الأمين أجمل طبعاً.
_هذا يعني أنك لن تعودي إلينا؟!
يسألها لتشيح بوجهها دون رد فيجلس مكانه عاقداَ ساعديه في حجره مطرقاَ برأسه بينهما..
لكن مجد بدت وكأنها لم تحتمل ضيقه لتقول بدلال :
_سأعود.. بالطبع سأعود.. هو بيت أمي أيضاَ وليس بيت أبيك وحده.

يرفع إليها ضياء عينيه بنظرة متناقضة بين رضا شديد عن وعدها وضيق من طريقة كلامها فتبتسم ماسة هذه المرة وهي تميل على أذن عاصي هامسة :
_يبدو ان لدينا (سيد أضداد) صغير ينتظر الفرصة ليكبر فياسر القلوب كأبيه.

يبتسم عاصي برصانة وهو يضمها إليه بأحد ذراعيه بينما يضم اولاده بالأخر هامساً بما لم يسمعه سواها :
_ليته يكون بحظ أبيه فيجد (معجزته) كما وجدت فيك معجزتي.


وفي زورق آخرخلفهم كانت شجون تقف جوار سراب وزوجها يراقبون يحيى وطيف بنظرات راضية..
تختلس الأولى نظرة جانبية نحو ابنتها تطمئن منها على حالها ليرضيها ما وجدته في عينيها..
تبتسم بارتياح رغم ثقل الجرح على القلب المضرج بدماء الغدر..
سعيدة لأجل يحيى الذي أنقذ العائلة في الوقت المناسب..
سراب خسرت أبا لكنها كسبت أخا كيحيى هي الآن خير من توقن أنه سيكون أكبر داعم لها..
لن تخشى عليها بعد الآن..
طيف بعيد يجتاحها ملون بحمرة الغدر.. والقصاص!
غيث الذي خانها لتقتله استبرق فيغدر بهما الموت معاً!
كم كانت تحسد استبرق على جمالها وقوة شخصيتها وذكائها القادر على إدارة العقول..
والآن.. تشكر للقدر ان اختار لها هي دور الضحية..
قهرة المظلوم أرحم من عذاب الظالم!

يصل زورقهم لزورق يحيى فيتوقف به عُديّ ليصافح يحيى بود وقد مزقت الحقيقة المخفية ما كان من ستائر الشك..
فيبتسم يحيى له ولسراب قائلاً :
_شكراً لمجيئكما رغم مشقة السفر.
_لا تقل هذا.. أنت أخي.
تقولها سراب بعاطفيتها المندفعة فيرمقها يحيى بنظرة طويلة كأنه يذكرها ب(عهد الستر)..
قبل ان يلتفت لعدي بقوله :
_اعتن بها.. هي أمانة في رقبتك.
يهز له عدي رأسه وهو يضم زوجته إليه فتبتسم شجون وهي تتأكد يوماَ بعد يوم أنها لن تخاف علي ابنتها مادام يحيى في ظهرها.

زورق آخر ضم إلياس مع العجوز مؤيد الذي صارت مكانته لديه غريبة بين الخادم والصديق..
لعلها الحسنة الوحيدة التي تركتها له استبرق قبل موتها أن عر فته بهذا الرجل الذي فطن لطيب معدنه فصار يأنس به في وحدته في تلك الساعات التي يعود فيها لبيته..

_العقبى لك يا سيدي.

يقولها مؤيد بحنانه المعهود وهو يتولى التجديف بالزورق ليبتسم إلياس بشرود وهو يتحسس موضع قلبه..
ربما لو عادت حبيبته..
ربما لو علمت أنه لا يزال على عهدهما..
ربما لو..

تنقطع أفكاره وهو يرى العجوز يشير بحماسة نحو مجموعة الصيادين من أهل الأهوار اوقدوا النار أمام بيوتهم.. ليهتف به بفرحة راجية :
_إنهم يعدون خبز (الطابك) و(المسموطة).. اشتقت لأكلات الجنوب هذه.. تسمح لي بشراء بعضها؟! .. زوجتي (رياحين) ستفرح كثيراً بها..
ثم يكتسي صوته ببعض الحزن مردفاَ :
_و (ناي) كذلك!

ينتبه إلياس على ذكره لاسم حفيدته التي رآه من قبل يضربها في حديقة بيته.. لكنه لم يرها بعد ذلك..
فيهم بسؤاله عن الأمر لكنه يقتل فضوله في مهده..
ماله هو؟!

يعطيه الإذن بالذهاب ليتوقف بالزورق فيسحب العجوز حافظة نقوده من جيبه مهرولاً نحو الصيادين..
يبتسم إلياس لسعادة يحيى وهو يلوح له من بعيد بقبضته مؤازراً قبل أن ينتبه لتلك الصورة التي يبدو أنها سقطت من جيب العجوز..
ناي!
هذه هي!
العجيب أن عينيه لم تنسحبا لملامحها الفاتنة كما يفترض خاصة مع هذه الابتسامة الساحرة التي منحتها للكاميرا بل بقيت معلقة بهذه السلسلة في عنقها..
(لو بيا يندار العمر.. مو مرة أحبنك عشر!)

فيخفق قلبه بجنون وهو يتلمس موضع القلادة في الصورة..
نفس القلادة التي كانت ترتديها حبيبته..
يعلم أنها كانت موضة شهيرة.. كثيرات ارتدينها وقتها..
لكن.. لماذا تصر فتاة في هذا العمر أن ترتدي قلادة قديمة الطراز كهذه؟!
مؤيد أخبره انها كانت لأمها ترتديها كذكرى منها..
لكنه يبتسم ساخراً..
لعله قدره أن يلتقي أخيراً بشيء محسوس من بقايا الماضي..
ولو مجرد قلادة قديمة!

لهذا لم يشعر بنفسه وهو يأتي بأغرب فعل قد يفعله أحدهم!
يمزق الصورة!!
أجل يمزقها بهذا القدر الذي يسمح له بالاحتفاظ فقط بصورة القلادة دون ملامح صاحبتها..
هذا الذي وضعه الآن في حافظته بارتباك غريب على رجل مثله قبل ان تتردد أنامله وهو لا يعرف ماذا يفعل ببقية الصورة التي حملت وجه الفتاة..
ولا يدري لماذا بادر ساعتها بإلقائه في الماء لعل التيار الجارف يداري جريمته الصغيرة!!

يفيق أخيراً على شعوره ببعض الذنب والعجب!
هل صار مجنوناً حقاَ بكل ما يتعلق بالماضي؟!
كيف وهو الرصين يأتي بفعلة هوجاء كهذه؟!
ما ذنب الفتاة التي قطع صورتها ليلقيها في الماء في فأل يراه سيئاً ؟!
وما ذنب العجوز الذي هو تقريباَ سرق صورته؟!
يلعن نفسه سراً وهو يعاود التجديف بالقارب نحو الصورة لعله ينقذها..
لكنها تبدو وكأنها تراوغه..
فتتعلق عيناه أكثر بالملامح الفاتنة المتراقصة على سطح الماء كعفريت مشاكس قبل أن يمر زورق آخر جواره يشغله فينتظر مروره كي يلتقط الصورة..
لكنها تختفي تماماَ!
يبحث عنها من جديد بكل طاقته لكنه يبدو انه فقدها للأبد!
فقدها.. إنما بقيت معلقة بعينيه وهو الذي ما عادت عيناه تحفظان ملامح امراة أبداَ!
فيطلق زفرة قصيرة وهو يعود بالزورق نحو العجوز الذي بدا غافلاً تماماَ عن كل هذا وهو يحادث الصيادين بود..
فيتحسس حافظته في جيبه مكتفياَ بغنيمته الآثمة..
صورة من قلادة!

وفي زورق آخر كانت حسناء تتولى التجديف وحدها وهي تحاول اللحاق بزورق طيف لتشاكسها كالعادة..
لكنها تشعر بشيء ما يسير على قدميها فتقفز بهلع يكاد يسقط بها الزورق وهي تميز هذا الكائن الزاحف أمامها..
تصرخ صرخة عالية تجفل (الكائن) الذي يبتعد بسرعة فتتنهد بارتياح لكنها تسمع تلك الضحكة العالية لأحدهم خلفها فتلتفت لتراه يقفز من زورقه لزورقها..

_نزار!
تهتف بها باستنكار ليبتسم وهو يحاول التماسك بعد قفزته فيبدو كبهلوان حقيقي وهو يفرد ذراعيه حولهما هاتفاَ بنبرته العابثة :
_الحمد لله أنك تعترفين أنك تذكرين اسمي هذه المرة!

_ما الذي تفعله هنا؟!
تهتف بها بغيظ وهي ترفع المجداف في وجهه فيهز كتفيه ببراءة مصطنعة :
_خيراً تعمل شراً تلقى..جئت أنقذك عندما سمعت صرختك.
_وما شأنك أنت؟!
لكنه يتجاهل سؤالها ليميل عليها بقوله وهو يمط شفتيه باستياء مصطنع :
_صرختك شنيعة! صوتك سيء جداً! هل أخبرك أحدهم من قبل انك تصرخين كذكر الخرتيت في موسم التزاوج؟!

_خرتيت؟!!
يتدلى بها فكها ببلاهة للحظة وهي تشعر بالحرج لكنها تعود لتفرغ فيه غيظها وهي تسمع ضحكته الطويلة بعدها هاتفة وهي تضربه بالمجداف على كتفه :
_انزل. انزل.. بدلاً من أن أريكِ عضة الخرتيت بعدما أسمعتك صوته.. انزل!!

لا يزال يضحك بانطلاق وهو يبتعد بظهره هاتفاَ بغمزة عابثة :
_حلو تهديد العض هذا! أعجبني!

تكز على أسنانها بغيظ أكبر وهي تضربه بالمجداف على رأسه هذه المرة فيتاوه هاتفاً بالم وسط ضحكاته :
_ستصيبيني بارتجاج في المخ
_لعل هذا ما يحتاجه مخك حقاَ كي ينضبط!
تعاود بها ضربه على رأسه لكنه يجذب منها المجداف ليسيطر هو على الموقف فتهتف وهي تشير حولها :
_غادر الزورق وإلا ستفضحنا.. . بدأ الناس ينتبهون لنا.
لكنه يطيل النظر لعينيها بنظرة دافئة تناقض عبثه المعهود ليقول ببعض الجدية :
_سأغادر.. لكن.. أريد اولاَ أن أعتذر.
_عن أي شيء؟! بلاويك كثيرة!
تهتف بها بغيظ فيبتسم ليقول بنفس النبرة :
_عن سوء ظني فيك.. ظننتك كالأخريات.. ممن اعتدت مرافقتهن.
تنظر له من طرف عينها لتشيح بوجهها قائلة :
_قبلت اعتذارك.. امض لحال سبيلك وانتهينا.
لكنه يستخرج من جيبه علبة مربعة صغيرة منحها إياها قائلاً :
_تقبلي هديتي وسأغادر فوراَ.
تتأفف بضيق وهي تنتزعها منه هاتفة :
_فقط لأفرغ حجتك.. انتظر.. لا تغادر حتى أفتحها.. لو كانت مجرد مقلب منك فسألقيك في الماء بنفسي.

يبتسم وهو يرفع راحتيه ببراءة :
_هدية بريئة.

تتسع عيناها بخجل شديد احمرت له وجنتاها بقوة وهي تفتح العلبة لتميز زجاجة العطر الشهيرة داخلها..
الهدية فعلاً كانت بريئة لولا غطاء الزجاجة الذي كان على هيئة ساقين عاريتين متلاعبتين لامرأة!

_هداياك تشبهك! وقحة!
تلقيها في وجهه فيتأوه وهو يعود بظهره للخلف لتنساب شتائمها له وسط ضحكاته.. لكنه يهتف فجأة وهو يشير بذراعه نحو شيء ما :
_انظري! انظري!

تلتفت حيث يشير لتتسع عيناها بارتياع وهي ترى طيف فيما يبدو قد تعثرت في ثوب زفافها الذي علق بطرف الزورق.. تصرخ طيف وهي تشتم كالعادة محاولة استعادة توازنها وسط محاولات يحيى السيطرة على الزورق لكن توازنها يختل لتسقط في الماء وينقلب الزورق بهما معاَ!!

_بومة!! بومة تزوج قنفذ! ماذا ننتظر من زيجة كهذه!
يهتف بها نزار وسط ضحكاته التي انطلقت عاجزاَ عن إيقافها فتكتم حسناء ضحكتها وهي ترى وجه طيف ويحيى يظهر أخيراً فوق الماء وهما يسعلان!


_هكذا بالضبط يليق بك المكان يا برية!
يهمس بها يحيى ضاحكاَ بانطلاق وهو يضم جسدها المبتل إليه فترتجف بشعورها ببرودة الماء وهي تتلفت حولها بحرج وهي ترى زوارق المدعوين تقترب منهم لتطمئن عليهم..
حرج تحول لضحكة عالية وهي ترى ثوبها وبدلته قد تلطختا بالوحل فتنطلق منها عبارتها الساخرة عفوياَ :
_خرب بيتك! هل هذه ليلة الزفاف التي لن تُنسى والتي وعدتني بها؟!
لكنه يضحك ضحكة أخرى طويلة وساعده يشتد حول خصرها لتتوهج عيناه ببريق خاطف ناسب همسه المشتعل:
_ليلتنا لم تبدا بعد! انتظري معركة تأخرت لشهور وحان وقت بدأها!

تشهق متفاجئة وهي تراه يحملها فجأة بين ذراعيه ليركض بها ما سمح به ارتفاع الماء البسيط حولهما ليتوجه بها نحو اليابسة..
توقعت ان ينزلها ارضاَ لكنه بقي يركض كأنه يهرب بها من الجميع!

أصوات الزغاريد تدوي في أذنيها فلا تدري هل هي حقيقية أم من وحي خيالها..
يتوقف بها أخيراً لاهث الأنفاس أمام (المضيفة) التي بدت مختلفة عن البقية بزينتها من الزهور البرتقالية الصغيرة والتي فتح لها بابها ليدخلها ويغلقها خلفه..

تتلاحق أنفاسها وعيناها تتسعان بانبهار مع رؤيتها للمكان شديد البساطة والذي تخلله الضوء عبر الثقوب متناهية الصغر في جدرانه ليبدو لها كأنه فعلاً مقتطع من الدنيا كلها..
كأنه جنتهما الصغيرة البدائية البعيدة تماماَ عن كل ما بعالمهما الفخم المنعم!

الفراش متناهي البساطة الذي لا يكاد يرتفع عن الأرض إلا قليلاَ..
الأرض الطينية التي فرشت جميعها بالأصداف والتي لونها لها كلها بالبرتقالي.. عدا ممر ضيق يسمح لهما فقط بالمرور..

تغمض عينيها على دمعة كبيرة والمكان بتفاصيله يعيد لها ذكرى الريف مع أمها..
لكنها هذه المرة لم تكن ملطخة بالمرارة والخذلان كعهدها..
بل بحلاوة الحنين المشبعة بالعودة للجذور!

لهذا تأخذ نفساً عميقاً وهي تشعر به يطوقها بذراعيه من الخلف لتهمس له :
_هذه الرائحة.. لن تغادر أنفي أبداً.. بل لن تغادر قلبي أبداً.

فيبتسم وهو يديرها إليه..بعض خصلات من شعرها المبتل تلتصق بجبينها ووجهها.. ثوبها ملتصق بجسدها يقطر الماء منه فيعانق وجنتيها براحتيه هامساَ :
_كأنك حورية خرجت لتوها من الماء لتسكن على صدري.. لا أحتاج لسؤالك عما إذا كان أعجبك الحفل.. عيناكِ تنبضان بفرحة لم أرها من قبل بهذا الوضوح..
ثم يتلمس شفتيها بأنامله مردفاَ بعينين غائمتين بعاطفته :
_ابتسمي حبيبتي.. ابتسامتك أجمل جائزة عن صبر العمر الطويل.

ابتسامتها تبدو كشمس صغيرة أضاءت دنياهما معاً وهي تقبل جبينه هامسة باعتزاز :
_هذا هو الجبين الذي يستحق أن أعيش ليبقى العمر مرفوعاً.

فتمتد أنامله نحو شعرها المعقوص فوق رأسها تحرره لتسدله على كتفيها..
يلفه حول قبضته بحنوّ بالغ مرة تلو مرة حتى يحكم سيطرته الرفيقة على رأسها فيلصق وجهها بوجهه هامساً باشتعال عاطفته :
_هكذا طال شعرك في عهدي أنا كما اردت فلن يقصر بعد الآن أبداً.. كل شعرة فيه تشهد كم أحبك.. كم أحبك..
لا يدري كم مرة كررها بين لقاء الشفاه الصاخب ليهمس أخيراَ عبر أنفاسه اللاهبة :
_أخبرتك عن (أول) و(ثاني) أجمل شيء فيكِ صحيح؟!
تبتسم لعذوبة الذكرى وبينما كان قلبها يسترجع حديثه عن (قلبها) و(ضحكتها) كانت عيناها الجريئتان تلقيان بالسؤال عن (الثالث) ليرد وهو يذيبها بين ذراعيه :
_شفتاك! شفتاك عندما تجزلان العطاء فتحتكران الدنيا كلها..تصرخان بتحدّ ان لا قبلك ولا بعدك امرأة.. كأنك خلقتِ من نسيج وحدك.. لا تشبهين فيه أحداً ولا يشبهك فيه أحد.
كان لا يزال يتحدث وهو يقبض بنعومة مسيطرة على شعرها فتتأوه بالم لذيذ وهي تطلق العنان أخيراً لكل ما قيدته من جياد عاطفتها الجموح..
تغلق عينيها على صورة ل(فلامنجو) صار يأمن أخيراَ أن يستند على قدميه الاثنتين..
تغلق أذنيها على صوت زغاريد تطلقها روحها بكل جوارحها..
وتغلق قلبها على حبه الذي صار أغلى كنوز العمر.
=======

*بعد بضعة أشهر *
















*نيلي*
======
أنا لحبيبي و حبيبي إلي
يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي
لا يعتب حدا ولا يزعل حدا
أنا لحبيبي وحبيبي إلي

بصوت فيروز تسمعها زهرة في غرفة جهاد بالمركز الطبي في برلين فتستعيد عهدهما القديم عندما كانت تعمل معه في مشفى (أبو ظبي)..
تبتسم وهي تدخل عليه مستغلة انه وقت راحته.. حاملة كوباَ من الشاي الأخضر فيضحك وهو يراها بزي العمل..
يفتح لها ذراعيه.. وقلبه.. فلا يدري أيهما يسابق لعناقها!

_فيروز كالعادة.

تقولها وهي تستند على حافة المكتب أمامه فيعلو صوته هو بالغناء الرخيم يكرر معها..

وندهلي حبيبي جيت بلا سؤال
من نومي سرقني من راحة البال

فتضحك وهي تدندن بدورها بينما تتحسس دبلته (أنت بدربك في جهاد.. وانا بحبك في جهاد) كأن كلمات الغنوة صممت لهما خصيصاَ.. :


أنا على دربه ودربه عالجمال
يا شمس المحبة حكايتنا أغزلي
أنا لحبيبي و حبيبي إلي

_أنا لحبيبي.. وحبيبي إلي.

يهمس بها كلاهما معاَ متعانقي الأكف ليضحكا معاً كأنما ردت لهما الغنوة كل سنوات الماضي بحلوها..
وحتى مرها الذي استحال حلواَ!

_سعيد لأننا عدنا نعمل معاَ.

يقولها وهو يرفع كفيها لشفتيه بقبلة حانية فتدمع عيناها لترد بسعادة منقوصة :
_وأنا أيضاً.. ولو أنني..

تقطع عبارتها دون أن تكملها وهي تتحسس بطنها ليتنهد بحرارة وهو يدرك ما يؤرق ذهنها..
فقد نصحها بروفيسور روبرت بتأخير الحمل لعام قادم على الأقل قابل للزيادة حتى تتعافى تماماً..
يقف ليضمها لصدره محتوياً حزنها كعهده بقوله الحاني :
_(قدس) ستصل بإذن ربي في الوقت المناسب.. ستصل عندما نكون أنا وأنت مستعدين لاستقبالها جيداً.. ومن يدري؟! ربما تصل لتجد القدس الحقيقي قد تحرر فتكون نبوءة وبشرى!

تبتسم وهي ترفع عينيها إليه بعشق لم يتغير طوال هذه السنوات..
_كيف تفعلها دوماَ بهذه البساطة؟! كيف تحيل الحزن أملاً؟!
فيرد بابتسامة شاردة :
_تعلمت الدرس قاسياَ يا نيلية.. مثلنا لا يسقط لأن سقطته تساوي زلزالاً.. مثلنا خلق ليكون كالنخيل يموت واقفاً مكانه حتى إذا مال لا يؤذي أحداً.

_فخورة بك.
_أنا الأشد فخراَ.

يقبل بها جبينها باعتزاز ليرى عبر نافذة غرفته معاذ ابن صهيب يدخل من باب المركز عبر الحديقة فيهتف وهو يمط شفتيه بغيرة مصطنعة:
_هاقد وصل صديقك الصغير ليشغلك عني.

فتضحك وهي تنتبه لمن يحكي عنه هاتفة :
_لم يعد صديقي وحدي.. أراهنك أن يولاند تنتظر لتتلقفه في الحديقة.

_تعالي نذهب إليهما.. لم أتحدث إليها منذ وقت طويل.

تطيعه لتخرج من غرفته نحو حديقة المركز فتكسب رهانها وهما يريان يولاند تعانق معاذ بعاطفة حارة..
لكن هذا لم يكن وحده ما أثار دهشتهما..
بل.. شكلها!
حجابها الذي عادت ترتديه بعد كل هذه الشهور الطويلة في إشارة واضحة لما خلفه!!

_ترين ما أراه؟!
يهتف بها جهاد بلهفة فرحة لتضحك زهرة بارتياح حقيقي وهي تندفع نحو يولاند التي اعتدلت واقفة عندما رأتهما..
تبتسم ببعض الخجل وهي تعدل وضع حجابها فوق رأسها بحركة عفوية..
تعانقها زهرة دون سؤال كأنما تحرجت لكن جهاد يقترب منهما ليتمتم بحذر وهو خائف حقاً من نكأ الجرح الذي - بالكاد- تجاوزوه :
_فدوى؟!

_بل يولاند..
تقولها بحسم لتردف بيقين أثلج صدره :
_يولاند صارت تعرف ما تسعى إليه.. صارت تعتنق ما هي حقاً مؤمنة به..

يتبادل مع زهرة نظرات متسائلة لتردف يولاند بابتسامة وهي تستعيد شهورا سابقة قضتها في دراسة علم مقارنة الأديان.. في الإلمام بتفاصيل الدين الإسلامي الصحيح دون تهوين مخل أو تهويل متشدد.. شهوراً كانت بمثابة عمر كامل ليكون حصادها :

_أشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمداً رسول الله.

تدمع عينا زهرة بتأثر فيما يقشعر جسد جهاد برهبة حقيقية وهو يسمعها تردف بصوت أثقله إيمانه وارجفته عاطفته :
_من صميم قلبي هذه المرة.. بل من صميم عقلي كذلك.
يشعر بجلال الموقف ليتمتم بخفوت:
_سبحان الله..
ثم يتلو قوله تعالى إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)
فيشعر وكأنما قُذفت في صدره ليفهمها الآن بعمق..

_السلام عليكم.
صوت صهيب الذي وصل لتوه يصدح حولهم بابتسامة راضية..
وعلى عكسهم لم يبدُ هو متفاجئاً بشكلها الجديد..
ربما لأنه - بحدس ما - كان يتوقع لها الهداية!

يصافحه جهاد بود وقد أثبتت له الأيام طيب معدنه.. فيما تكتفي زهرة بابتسامة.. وتكتفي يولاند بنظرة امتنان أخرسها عجز الكلمات..

_أبي.

يهتف بها معاذ متذمراَ بقوله :
_لماذا جئت مبكراً؟! لا أريد الذهاب الآن.. دعني قليلاً مع يولاند..
رأيت شكلها الجديد بالحجاب؟! الا تشبه أمي؟!

يكفهر الجو فجأة بينهم بعد كلمات الصغير العفوية ليحمر وجه يولاند بخجل بينما يتبادل جهاد وزهرة نظرة ذات مغزى كأن نفس الخاطر راودهما في نفس اللحظة..
لكن صهيب يقول برفق خالطه الكثير من الأسى :
_أمك لن تشبهها امرأة أبداً.

يسود الصمت فجأة بعد عبارته فينتبه لما قاله ليغمغم بحرج وهو يفيق من شروده :
_عفواَ.. لم اقصد إساءة.

لكن يولاند تبتسم بتفهم وهي عاجزة عن إخفاء إعجابها بهذا الوفاء النادر..
هي التي جربت قسوة ان يخون رجل منحته امرأته كل شيء فغدر بها وهي على قيد الحياة..
فكيف برجل يبقى على وفائه لامرأته بعدما حال بينهما الموت؟!!

لهذا ربتت على راس الصغير قائلة برفق حانٍ:
_والدك يبدو متعجلاً اليوم.. اذهب معه الآن وأعدك بتعويض في الغد.

يبتسم لها معاذ ابتسامة تشبه ابتسامة أبيه الذي هز رأسه لها ليقول بتقدير مقتضب :
_تهانيّ.
فتهز له رأسها بما يشبه الشكر لتراقبهما ينصرفان قبل ان تسمع صوت إشعار من هاتفها بصوت الأذان جعلها تلتفت نحو جهاد وزهرة قائلة :
_موعد الصلاة.. سأذهب.

يبتسم جهاد لزهرة وهما يعودان للداخل كي يؤديا الصلاة بدوريهما..
لتغمغم زهرة بأسف :
_خسارة! وددت لو كان صهيب ليولاند.. كلاهما يليق بصاحبه.
لكن جهاد يبتسم ليرد بحكمة :
_أما أنا فكنت متوجساَ بشدة من هذا.. لو كانت يولاند قد عادت للدين لأجل صهيب فما كنت لأثق انها تعلمت شيئاً من درسها السابق.. دعي القدر يدور دورته فيرسم أماكن العوض الصحيحة في الوقت الصحيح.
======








*بنفسجي*
=======
في بيته بالصعيد يقف حسام يدخن سيجارته في شرفة غرفته..
ينفث دخانها ببطء ليبتسم وهو يراه يتشكل أمامه في صورة سحابة واعدة تعده بكرم الغيث..
كان قد عاد إلى هنا في زيارة قصيرة لأجل فجر التي رغبت في زيارة أهلها في محاولة أخرى منها للتعافي من أثر الماضي..
كم هو فخور بصمودها ورغبتها الحقيقية في التجاوز رغم صعوبة الأمر عليها!

يطفئ سيجارته في مطفأة قريبة ليشعر بكفيْ ديمة على خصرها مع صوتها المغناج :
_لماذا تركتني؟! قلقت عندما استيقظت ولم أجدك جواري.

فيبتسم ابتسامة دافئة وهو يلتفت نحوها ليضمها لصدره هامساَ :
_كنت أدخن.

تبتسم وهي تتذكر أنه لا يدخن داخل البيت أبداَ لأجل صحة سند ولأجلها هي التي تذكرها رائحة التبغ بماضيها الموجع..
بينما يجذبها هو ولا يزال يعانقها نحو الداخل ليغلق باب الشرفة خلفه قائلاً :
_عودي للنوم.. أنا قادم معك.

تهز كتفيها بدلال في إشارة لرفض فيضحك وهو يداعب وجنتها برقة قائلاً بمكر عابث:
_إذن ماذا تريدين؟!
_نسهر سوياَ.. أحب هذا البيت.. أحبه.. و..

تتلعثم حروفها واشية بهذه الغصة التي تجدها في حلقها كلما تعثرت بحجر من أحجار الماضي..
هنا كانت تسكن امه الطيبة التي تسببت هي دون قصد في موتها..
هنا أدخلها اول مرة بعدما انقذها من السجن وأعاد لها حقيبة البروكار..
هنا أجلسها على المائدة ليطعمها بيده اول مرة..
هنا أحضرها ليداوي جروحها عندما قذفها الأطفال بالحجارة ليلة زفاف طيف الأول..
هنا زارت هي امه لتكتشف المزيد عن ماضيه..
لهذا تبدو لها العودة لهذا البيت بالذات تحدياَ جديداً.. ربما لهذا لم تستطع النوم ليغزوها الأرق مهدداَ بفتح دفاتر الماضي..
لكنها -معه وبه - تشعر انها قادرة على غلقها كلها!

_تكرهين البلد؟!

يهمس بها بإشفاق وهو يلاحظ تلعثمها قارئاَ في زرقة عينيها خبايا روحها..
لكنها لا تتكلف مشقة الكذب في حضرته بل تعانق خصره بذراعيها بكل قوتها لتقول بعفوية كعهدها معه :
_لو كرهته لأجل اي شيء.. الآن أحبه لأجلك.

يهدي وجنتها قبلة دافئة تردها له ثلاثاً مشتعلات لتهتف بلهفة :
_ما رأيك لو نسهر معاَ نشاهد أحد الأفلام؟! أعد لك عصير الموز بلبن؟!

_هل هذه فكرتك عن السهر؟!
يرفع بها حاجبه بمكر مشاكس وعيناه تفضحان اشتياقاَ لا يبرد ابداَ.. فتضحك وهي تلكزه في كتفه لتتملص من بين ذراعيه هاتفة بلهفتها العفوية :
_إنها فرصتي لأستفرد بك بينما فجر وسند نائمان.. اريد الثرثرة معك حتي الصباح.

ورغم ان عبارتها كانت عفوية تماماَ لكنها ايقظت قلقاً ما بصدره جعله يسألها باهتمام :
_أنتِ ضائقة بوجود فجر معنا؟!.
فتشهق بعنف هاتفة بحرارة :
_أبداَ! إياك ان تكررها ثانية! يشهد الله أن حبي لها من حبي لك.. أنا فقط أنانية..
يهز رأسه باستنكار لما تصف به نفسها خاصة وهو يراها تعانق وجهها براحتيها لتغرقه بقبلاتها هامسة بعاطفتها المشتعلة التي صار هائماَ بحرارتها :
_أحياناً أود أن أختطفك من الدنيا كلها وأحتفظ بك لي.. وحدي.

يكاد يعتصرها بذراعيه فاقداَ كلماته كعهده في كل مرة يراها تعبر فيها عن عاطفتها بكل هذا الجموح..
من كان يصدق انه هو.. حسام القاضي بسمعته المعروفة.. يفقد كلماته في حضرتها..
وكيف لا؟! وهي ساحرته الصغيرة التي قلبت عالمه رأساَ على عقب لتمنحه بعد طول الظلام شمساَ لا تغيب!

_لن اتأخر.. ثلاث دقائق بالضبط..

تتملص بها من بين ذراعيه من جديد بدلال لتركض نحو المطبخ القريب فيبتسم وهو يجلس على الأريكة القريبة..
تحيد منه نظرة لألبوم الصور فتعبس ملامحه وهو يتذكر اي كارثة تسبب فيها يوماَ مع إبراهيم ويسرا..
تسول له نفسه ان يفتحه ليتخلص من صورها متعجباَ كيف لم يفعلها من قبل..
ربما لانه رأى الأمر تافهاَ!

لكنه يفتح الألبوم ليجدها قد اختفت بالفعل!

أحدهم قص صور يسرا ودعاء وأبقى فقط صوره وحده..

_أنا فعلتها!

تقولها ديمة بغيرة طفولية وهي تضع العصير أمامه ببعض العنف ملاحظة الدهشة على وجهه لتردف ببعض العدوانية :
_لديك مانع؟!

يكتم ضحكته وهو يضمها إليه بذراعه مسترضياَ لتثرثر هي كالعادة :
_كان اول شيء فكرت فيه عندما وصلنا إلى هنا..ولولا يقيني أن هذا الألبوم كان غالياَ جداَ عند والدتك - رحمها الله -.. وعندي انا الأخرى لأنه بمثابة تاريخك كله لمزقت كل الصور التي كانت لك مع أخرى قبلي.. لن نتركه هنا.. سآخذه معي لبيتي في العاصمة..أحب النظر إليه لأرى كم تزداد وسامتك يوماَ بعد يوم.. انظر.. انظر.. انظر..

تكرر لفظتها الأخيرة وهي تفتح الألبوم من اوله كانها تستشهد على كلامها فيضحك وهو يقبلها بحرارة هامساَ :
_ليس عندي أدنى شك أنني أزداد وسامة كلما ازددت لكِ حباِ ومنك قرباَ.

ترمقه بنظرة دافئة مطمئنة وهي تستكين في حضنه.. لتقلب الألبوم حيث الصفحة الأخيرة هامسة :
_انظر.. ماذا أضفت ؟!

تتسع عيناه بصدمة تحولت لتأثر دمعت معه عيناه وهو يرى الصورة الأخيرة التي أضافتها للألبوم.. صورة له معها هي وسند..
صورة له وهو.. يضحك!
ضحكة حقيقية بعيدة عن ضحكات الصور الزائفة التي كان يمطر بها حسابه الالكتروني ليصدرها للناس!
ليتذكر الآن فقط انها كانت وصية والدته!

بينما كانت هي غافلة عن هذا وهي مستمرة في ثرثرتها العفوية :
_منتهى الفخامة.. منتهى الأناقة.. منتهى الوسامة.. (متلك ما جابوا.. لو شابوا).

يطلق ضحكة عالية وهو يكرر عبارتها هاتفاً بمرح :
_(متلك ما جابوا.. لو شابوا)! جديدة هذه! متى ستتوقفين عن إبهاري بعباراتك تلك؟!!

فتضحك بدورها وهي ترفع سبابتها ملوحة بها مع هزة كتفيها بدلالها الفخور :
_لدي مخزون يكفي لإبهارك العمر كله!

ثم تشهق هاتفة :
_العصير سيسودّ! اشربه!

تسقيه العصير بنفسها لتهتف بنفس الدلال الفخور :
_لن تخبرني أنني لا أجوز ان اسقيك العصير لأنك تحبه دون سكر ومجرد لمسي للكوب يجعله شديد السكرية؟!!

فيمط شفتيه باستهجان لتهتف بضحكة قصيرة :
_قديمة جداَ! صحيح؟!
_تعالي اخبرك أنا بالجديد!
تشهق للمفاجأة وهي تجد نفسها فجأة أسيرة ذراعيه وقد قلبها على ظهرها ليشرف عليها من علو هامساَ :
_معك بالذات لا تسعفني كلماتي.. أفضل التعبير بطرق اخري أكثر.. حرارة!

تكتم ضحكاتها في كتفه مستعدة لاستقبال غزوه اللذيذ..
طغيانه الحاني الذي يكفي ليختطفها من الكون كله في لحظات..
والغيمة الوردية التي طالما اشتاقتها سماؤها لتتلون ب(قوس قزح).
========












*ازرق*
=======
_حمداً لله على سلامتك يا أستاذة.

صوت فهد الحبيب يصلها اول ما تفيق من اثر المخدر في غرفة العمليات لتهمس بصوت مبحوح وهي تفتح عينيها :
_كيف هما؟!

فيميل عليها ليقبل وجنتيها بقوة عاطفته هامساً :
_الأولى أن تسالي عن حالي انا! كدت أموت قلقاَ عليكِ عندما تأخرت بغرفة العمليات.

_هما بخير؟!

تربت على كفه بحنان أمومي لم تفقده نحوه حتى في لحظات كهذه لتعاود سؤالها القلق :
_أين هما؟!

_لا تقلقي.. هما بأحسن حال.

تقولها ماسة التي تقدمت نحوها بالصغيرين تحمل كل واحد منهما على ذراع لتقول بمرح :
_لا تخافي.. لديّ خبرة كافية للتعامل مع التوائم.

يتناولهما فهد تباعاً ليريهما لجنّة التي دمعت عيناها وهي تميز جمال خلقتهما الطبيعي..
قبل ان تضمهما بوهن لصدرها لتقول بحنان :
_يشبهان ملك كثيراَ.

_لا طبعاً.. ملك أجمل طفلة في الدنيا.. لن يشبهها احد.. ولا حتى هذان الخنفسان.

يهتف بها فهد بمرح وهو يداعب الصغيرين لتسأله جنة وقد بدأت تستعيد رشدها :
_ماذا سنسميهما؟!

_ابنتك سمتهما! (آسر) و (آمر).
تقولها ماسة بحماس ليطلق فهد ضحكة مكتومة وهو يقول مستنكراَ :
_لوكا من سمتهما؟!بذمتك؟! أم عقلة الإصبع ابنك الذي وسوس لها بالاسمين وظل ينخر في دماغها كالسوسة حتى صارت متشبثة بالاسمين اكثر من اسمي انا أبيها!!
ثم يزفر وهو يلوح بكفه مردفاَ :
_ابنك هذا مصيبة! ورث جينات أبيه ويظن نفسه المتحكم في الكون!

_ومالها جينات أبيه؟! عاصي الرفاعي وفخامة الاسم تكفي!
تقولها ماسة باعتزاز لتكتم جنة ضحكتها وهي تحاول الفصل بينهما قائلة :
_للصراحة ذوقه رائع! اعجبني الاسمان.. آسر فهد الصاوي.. وآمر فهد الصاوي.

تقولها كانها تجربها باستحسان ليهتف فهد معترضاَ :
_كنت اريد تسميتهما ليث وجواد.

_ليث وجواد وفهد؟! غابة هي؟!!
تهتف بها ماسة مستنكرة بمرح هذه المرة فيحك ذقنه بحرج ليتنحنح مستدركاً :
_معك حق.. مممم.. إذن نسمي أحدهما حسام على اسم صاحبي والثاني مهند.

_ماذا؟! لا.. لا.. لا.. صاحبك على عيني ورأسي.. لكن لا أسمي ابني على اسمه.. يكفينا (حسام) واحد.. نحن بالكاد حللنا عقده!

تقولها جنة باستنكار ليهمّ باقتراح جديد لكنها ترفع كفها في وجهه قائلة بنبرة متعبة رغم صرامتها :
_هما (آسر) و (آمر).. انتهى!

تتوقع منه المزيد من الجدال لكنه يبتسم وهو يقبل عينيها معانقاَ وهج البندق الذي عاد يتراقص فيهما هامساَ بعمق عاطفته :
_أوامر الأستاذة.
فتبتسم وهي تتحسس ندبة ذقنه الأثيرة لتهمس بغرام متقد يزداد رسوخاَ يوماَ بعد يوم :
_أنت الأستاذ.. يا قلب الأستاذة.
=======




*أحمر*
========
_ابنتك صارت سعيدة يا أمي.. سعيدة جداَ.

تقولها يسرا آخر اليوم أمام صورة أمها المعلقة في قصر الصباحي لتتنهد بارتياح وهي تتحسس بطنها..
الطبيبة رجحت لهما انه سيكون ذكراَ..
حسن!
أخيراَ يتحقق الأمل من جديد!

_كل الأمور على ما يرام.. ستنصرفين الآن ؟!
تقولها كوثر بحنان وهي تدخل عليها غرفتها حيث تباشر عملها الخيري لترد يسرا وهي تنهض من مكانها بآهة تعب خافتة :
_نعم.. إبراهيم ينتظرني بالخارج.

_لماذا تتعبين نفسك؟! ابقي في بيتك ونحن ندير المكان كما تريدين بالضبط.. كأنك موجودة.
تقولها المرأة بإشفاق وهي تلاحظ إصرار يسرا على القدوم يومياً لكن الأخيرة تربت على كتفها قائلة :
_أنا استريح هنا.

تدعو لها المراة بالبركة بينما تسدل يسرا نقابها على وجهها لتغادر نحو الخارج حيث ينتظرها إبراهيم في سيارته..
تبادره بضغطة حانية لكفه وابتسامة لا تظهر سوى في عينيها فيقبل رأسها هامساَ بعشق لم تعد تفتر جذوته :
_ابتسامتك مكافأة آخر اليوم.. لا حرمني الله منها!

يقولها ليتناول عقد فل من الجوار لفه حول رسغها عدة لفات ليرفع كفها إليه بقبلة ناعمة هامساَ :
_الفل للفل.

تضحك ضحكة راضية وهي تربت على كفه قائلة :
_لن استطيع البقاء به طويلاً فلن نذهب للبيت مباشرة.
يرمقها بنظرة متسائلة فترد بفرحة اكتسحت شرودها :
_أريد شراء ملابس الصغير.. كنت أنتظر تأكيد نوعه.. سأشتري له منامات كثيرة.. تعرف؟! عندي خزانة ملابس مكدسة بالمنامات.. كنت أشتريها لشادي رغم يقيني أنه أبداَ لن يلبسها.. ابقيتها مكانها لن يمسها أحد.. الأمر مختلف هذه المرة.. أريد له منامات بيضاء.. ناصعة البياض.. لن اسمح لها أن تتسخ أبداً.

تدمع عيناه بتأثر وهو يشعر بها في حالة من حالاتها النادرة عندما تنفصل عن الواقع جزئياَ كان الماضي بدوامته لا يزال يجيد اجتذاب روحها نحوه..
لكنه لا يسمح لها بالاسترسال في المزيد وهو يتخلى عن تحفظه معها في الطريق ليضمها إليه بحنان كي ينتزعها من شرودها هامساً بنبرة ذات مغزى:
_لن تتسخ منامة طفل انتِ امه.
يقولها مدركاً أن هذا بالضبط ما تحتاج سماعه الآن لتبتسم وهي ترفع إليه عينين دامعتين..
لتضحك ضحكة قصيرة وهي تقول ببعض التردد :
_اذهب بنا إذن للمحل الذي تعمل فيه سمرا.

_ماذا؟! لماذا؟!
استنكاره له ما يبرره لكنها تفسر بنبرة فاح منها شعورها بالذنب :
_أريد الاطمئنان عليها من بعيد.. هي تأذت كثيراَ بسببي.. لهذا لا اريدك ان تدخل معي.. وهي لن تعرفني بنقابي.
يتردد قليلاً وهو يؤثر الابتعاد عن الماضي بكل خباياه المزعجة..
لكنه يستسلم لشعورها هي بالذنب والذي اراد مداواته ليطيعها فيما ارادت..

ولم تكد سيارته تتوقف بها أمام المحل حتى ابتسم لها بقوله الذي يعلم انه سيثير دهشتها :
_أظنها فرصة مناسبة كذلك لشراء هدية..
ترمقه بنظرة متسائلة ليرد :
_فهد الصاوي دعانا لحضور عقيقة توأمه..
_وسنحضر ؟!
تسأله بتشكك من طبيعته الغيور لكنه يبتسم لها قائلاَ بحسم متجاهلاً الحديث عن الماضي :
_الرجل له فضل عليّ ولن يمكنني رفض دعوته.
_اي فضل؟!
تساله بتعجب فيتذكر يوم تعمد فهد أن يلتقيه ليشرح له ظروف يسرا طالباَ منه أن يمنحها فرصة أخرى..
لكنه يتكتم عن هذا مشيراً للمحل الذي بدت سمرا من واجهته كأفضل ما تكون..
ليقول ببعض الدهشة :
_ربما يكون ما أقوله غريباَ.. لكنني الآن لا اشعر انها تشبهك.
فتضحك يسرا برضا وهي تربت على كفه قائلة :
_هكذا هي القلوب عندما تعشق.. لا تقتنع من الأشباه بأربعين.. هو واحد فقط لا تخطئ بصمته.

_صرتِ حكيمة يا "ام حسن "!
يقولها مشاكساَ بأحب القابها إليها فترد وهي تتنشق عبير الفل حول معصمها بعينين متقدتين بعاطفتها :
_منذ صرت (حبيبة أبراهيم).
=======



*أخضر*
======
_(الأخضر على الأسد! اللهم لا حسد!)
يهتف بها إيهاب مشاكساَ وهو يستقبلها في سيارته عقب انتهائها من التصوير لتضحك عزة بانطلاق وهي تتخذ مجلسها جواره تعدل وضع ثوبها الأخضر لتقول بفخر أنثوي:
_منذ قلت لي انك لا تحبه إلا عندما ارتديه.. وأنا أعده واحداَ من انتصاراتي.

فيضحك برضا وهو يقود السيارة لتسأله باهتمام :
_كيف كانت زيارتك لإياد؟!

تتجمد ضحكته ليشوب ملامحه حزن حقيقي وهو يرد :
_رغم إصراره انه بخير وأنه راضٍ عن هذا الحكم المخفف..ورغم شعوري بفرحته الحقيقية عندما نزوره أنا وامي.. لكن قلبي ينقبض كلما رأيته هناك وسط أولئك المساجين.. أخاف أن يؤذيه أحدهم..

لكنه يبتسم بعدها مردفاَ بشرود :
_عندما أخبرته عن مخاوفي ذكرني بتلك المرة التي دخلت فيها معه الزنزانة ورأيت بنفسي كيف صارعهم.. لا أظنه تنقصه القوة ليمنع عن نفسه الأذى لكنني لا استطيع منع نفسي من الخوف عليه.

_دعها لله! هو يلطف به في قضائه.. تجربة قاسية لكن يقيني أن قسوة التجارب هذه هي ما تصقل البشر وتجعل منهم النسخة الأفضل.

تقولها مواسية ليلتفت نحوها بنظرة ممتنة وبقبلة لكفها يهمس بعاطفة :
_دمتِ لي جنيتي التي تمنحني السكينة.

تبتسم بعاطفة حرة صارت تتوج علاقتها الجديدة به وهي تعيد رأسها للخلف براحة حقيقية صارت تحياها في كنفه لتقول :
_هيا نذهب للتسوق.. أريد شراء ثوب مناسب يصلح لحضور عقيقة توأم جنة وفهد.

فيصدر همهمة مستدركة ليقول :
_كدت أنسى.. هو دعاني فعلاَ..
ثم يضحك ضحكة طويلة وهو يتذكر موقفاَ ما لهما أثناء قضية الكوبرا فتسأله عن السبب ليرد وسط ضحكاته :
_الضابط بشر كاد يصاب بازمة قلبية عندما قال له فهد ذات مرة عن عدد الأشخاص الذين يعرفون عن القضية.
فتضحك لترد بنفس المرح :
_ماذا لو علم عن جروب (الواتس آب)؟!
تتسع عيناه بتساؤل لترد بين ضحكاتها هي الأخرى:
_كانت فكرة جنة.. جروب لتحديث معلوماتنا نحن النساء عن مستجدات القضية اولاً بأول.. انا وهي وطيف ورؤى.
_ما شاء الله! هكذا صار كرتون (فتيات القوة)! له حق الرجل ان يصاب بازمة قلبية والله! لولا ستر الله لكنا جميعاَ خلف حدود الشمس الآن!
يضحك بها ساخراَ لتضحك بدورها وهي تستكين في مقعدها ليذهب بها للتسوق..
مضايقات كثيرة فرضتها شهرتها لكن كليهما تقبلها راضياَ وهما يسيران جنباَ إلى جنب متعانقي الكفين..
بل.. متعانقيْ القلبين!
=======




*برتقالي*
======
_وصل الطرد!

تقولها طيف بسعادة وهي تستقبله عقب عودته من مؤسسة الأمين ليطلق يحيي صيحة استحسان وهو يحرك سبابته هاتفاً :
_إياكِ ان تكوني قد فتحتِه بدوني.
تضحك بمعنى النفي وهي تجذب كفه نحو الصندوق الكبير الذي فتحه هو بلهفة ليستخرج منه ما رفعه أمام عينيهما بفخر..

_بلا قضبان.

يقولها باعتزاز وهو يمسك أولى نسخ روايتها الجديدة..
والتي جعلت إهداءها له مفاجأة..

(إلى من اختطفني من نفسي..
واختطفته من نفسه..
فصرنا سوياً في التيه غرباء.. ووحده (الهوى) صار لنا (هوية).)

_الله! ووحده الهوى صار لنا هوية.
يهتف بها بإعجاب وهو يضع ما بيده جانباَ ليقبل وجنتها بقوة مردفاَ :
_اول رواية تكتبينها بعد زواجنا..
ثم يتنحنح مردفاَ بمكر :
_ولو أنه ليس الإهداء الأول لي.

تضحك وهي تتذكر ما يحكي عنه لترفع حاجبها بتحدّ لذيذ يحبه ويليق بقولها بعده :
_لا تنكر أني نفذت كل ما وعدتك.. و ( توعدتك) به!

فيتأوه بحرارة وهو يضمها إليه بقوة هاتفاً :
_جبارة أنتِ..
ثم يردف وهو يغرق وجهها بقبلاته :
_وكم أعشق جبروتك.

تضحك برضا وهي تبتعد بوجهها عنه فيبارك نجاح روايتها ليسألها بعدها بترقب:
_لا أخبار جديدة حلوة؟!

كانت تعرف ما يقصده خاصة وقد أخبرته بتأخر موعد دورتها الشهرية منذ بضعة أيام..
لكنها غمغمت بخيبة لم تشأ الاعتراف بها :
_لست حامل.

يشيح بوجهه ببعض الضيق فتبتسم وهي تسأله :
_لماذا تتعجل هذا الأمر هكذا؟! لم يمضِ على زواجنا الكثير.

فيحيط كتفيها بقبضتيه قائلاً بعاطفته الهادرة :
_يشهد ربي أني ما تمنيت شيئا في حياتي كما تمنيت طفلاً منك.. ستكون أعظم بشارة في الكون.

تبتسم بأمل شع في محياها ليردف بنبرة اكثر مرحاَ :
_(الصيت ولا الغنى)! ألا تقولونها هكذا في مصر؟! لقد حملتِ كذباً مرتين من قبل لكنني أريد ان انال واحداَ حقيقياَ هذه المرة!

تنطلق ضحكاتها صاخبة وهي تتذكر ما يحكي عنه فيشاركها الضحك للحظات قبل ان يتلفت حوله ليسألها عن مجد..
فترد ببشاشة:
_تساعدها الخادمة في تحضير حقيبتها استعداداً للسفر كي نحضر عقيقة ابنيْ فهد الصاوي.

فيهمهم بإدراك قائلاً :
_ولو أن السفر حالياَ صعب لأن الشركة بالكاد تقف على قدميها بعد الكبوة الأخيرة.. لكن لا بأس..
_يمكننا السفر وحدنا والاعتذار لفهد..
تقاطعه بها بتفهم لكنه يحرك سبابته علي شفتيها هامساَ بحسم:
_لن أترككما لحظة واحدة.. أنا بالكاد أحتمل ساعات عملي بعيداَ عنكما.

تبتسم بحنان وهي تلاحظ ملامحه المرهقة بعد يوم عمل طويل لتسأله عن رغبته في تناول الطعام لكنه يخبرها انه تناول غداء خفيفاً في المكتب ثم يبسط ساعده على كتفيها ليتحرك بها نحو غرفتهما قائلاً بنبرة مرهقة:
_متعَبٌ جداً.. لكن أجمل ما في اليوم أنك معي أخيراَ.

فتبتسم وهي تشعر أنها تشاركه نفس الإحساس..
أجمل ما في اليوم انه معها أخيراً.

_أطلب منك شيئاَ وتعدينني الا تعيريني به عندما أستيقظ!؟!

يقولها بعدما بدل ملابسه ليستلقي جوارها على الفراش فتضحك وهي ترد بمشاكسة:
_لست قليلة الذوق لأعيرك اول ما تستيقظ.. أعدك ان انتظر نصف ساعة.

يضحك وهو يستجيب لضمتها الحانية فيلقي رأسه على صدرها هامساً :
_حكايتك القديمة التي كنت تحكينها لمجد.. تعجبني.

فترفع حاجبيها لتقول بتهكم :
_أظنني سأبدأ المعايرة من الآن.

يضحك للحظات ثم يشدد ضمة ذراعيه لخصرها هامساً بعينين نصف مغلقتين:
_لا.. طيف طيبة القلب ورحيمة بالمساكين امثالي الذين يعودون متعبين من العمل ويريدون سماع الحكايات قبل النوم.

ثم يفتح عينيه ليردف بنبرة أكثر جدية :
_تذكرتها اليوم صباحاَ ولا ادري لماذا شعرت أنني افتقدت صوتك كما كنت تحكينها وقتها.. بماذا كنتِ تبدئينها ؟!

فتبتسم وهي تضم رأسه لصدرها بحنو هامسة :
_كان ياما كان ولا يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام..

يصدر همهمة راضية وهو يمرغ وجهه في صدرها لتبدأ في سرد حكايتها وهي تشعر معه من جديد بنفس الشعور المزدوج..
عجباَ له من رجل يجيد منحها الشعور بأمومتها له تارة..
وببنوته لها تارة أخرى!
ربما لهذا عشقته بكل ما أوتي قلبها من حب!

بينما تعلقت عيناه بسلسلة عنقها التي حملت اسمه ليكتم تنهيدة صدره وهو يغلق عينيه عليها..
ربما حرمه القدر أماَ..
لكنه منحه امرأة برتبة أم وعاشقة وابنة وصديقة..
فأي قلب يكفيها كي يعشق كل وجوهها هذه؟!
وأي عمر يكفيه كي يتنعم بعطايا من هي مثلها؟!
=======









*أبيض*
=======
في غرفة الرسم خاصته يجلس عاصي أمام لوحته الجديدة..
يحاول وضع أول خطوطها..
يبتسم بترقب وهو يرى باب الغرفة يفتح فينظر للأسفل ليجد شمس تحبو إليه وخلفها ماسة تضحك هاتفة :
_ترفض النوم دون أن تقبّلها!

يبدو وكأنه احتكر حنان الدنيا كلها في عينيه هذه اللحظة وهو يترك ما بيده ليهرع نحو الصغيرة فيحملها إليه لتعلو ضحكاتها البريئة وهو يلاعبها قائلاً :
_مادامت لا تريد النوم.. دعيها.
يقولها ليمطر وجه الصغيرة بقبلاته ثم يضمها لصدره فتبتسم ماسة وهي تداعب شعرها هاتفة باستنكار مصطنع:
_هذه الصغيرة بالذات ستفسدها بدلالك يا سيد عاصي.. لم تكن هكذا مع نور وضياء.

فيبتسم وهو يدرك ضعفاَ خاصاَ في نفسه تجاه (شمس) بالذات ربما لظروف ولادتها الاستثنائية ومرضها الذي التهم شهور عمرها الأولى..

لهذا يبقى يلاعبها بصبر لوقت طويل بعدها حتى تثاقل جفناها لتنام أخيراَ على كتفه..
فهمست له ماسة وهي تتناول الصغيرة منه برفق خشية إيقاظها :
_ستعود للرسم؟!

لكنه يهز رأسه نفياً وهو يربت على ظهرها برفق قائلاً :
_ضعيها في فراشها وتعاليْ.. أظن اليوم موعدنا لرحلة تأخرت كثيراً.

ترمقه بنظرة متسائلة لكنها تطيعه لتعود إليه فيبتسم لها هامساَ بدفء زيتونيتيه:
_لم تفتقدي نزهة المركب؟!

تتسع عيناها بحنين جارف لما يحكي عنه..
منذ عادا معاً لهذا القصر وهي تفتقد نزهتهما على المركب كما كانا في عهد حبهما الأول..
لهذا بدلت ثيابها سريعاً لتغادر معه القصر نحو المركب القديم..
تخفي ابتسامة شوقها في كتفه وهي تشعر أن خطواتهما الآن تطوي العمر طياً لتعود بها لنشوة حبه الأولى..

وما كادت تستقر معه على سطح المركب لترمق السماء التي بدت لها في هذه اللحظة..
وفي هذه البقعة بالذات..
كصديقة عزيزة طال غيابها..
حتى وجدته يقولها كتلك الليلة البعيدة..

(عيناك خطيرتان جداً في ليلة كهذه.. عندما يغيب القمر فكأنهما يستودعهما كل نوره وسحره)

فتدمع عيناها بعمق اشتياقها وهي تبسط راحتيها على صدره هامسة :
_شكراً على حب لم تزده قسوة الأيام إلا توهجاً.. يبدو لي دوماً وكأنه أخذ من اسمي نصيباً.. لا يزيده الخدش إلا صلابة.

_كيف مر العمر بهذه السرعة؟! بل كأنكِ أنتِ منحتني بعد العمر عمراً.
يقولها بنبرة راضية صار يسكبها قلبه قبل شفتيه فتبتسم هي الأخرى برضا وهي تسند رأسها على كتفيه..
لتسأله باهتمام :
_ماذا سترسم في لوحتك الجديدة؟!

_فجر!
يقولها باقتضاب شكت معه أنه سيكمل لكنه عاد يسترسل بحماسة فنان :
_خيط مجنون يضرب بين ليل وصبح.. سهم مارق يشق طريقاً بين ظلمة ونور.. لوحة مقسومة نصفين.. نصفها في ليل خبت معه مرئياتها ونصفها في نهار سطع فيه بهاؤها.

_أعجبتني الفكرة.. أظنها ستكون رائعة.

تهمهم بها باستحسان ليبتسم وهو يضمها بحنو متسائلاً :
_تشعرين بالبرد ؟!
_لا برد في حضرتك وأنت تحمل دفء الدنيا كلها بين كفيك.

تهمس بها بصدق مستكينة بين ذراعيه ليبقى كلاهما يسامر صاحبه في ليل طويل قصره همس العاشقين..
لكنها التفتت نحوه اخيراَ لتهمس بنبرة آسفة:
_لن نستطيع السهر أكثر.. يجب أن نسافر بالغد لحضور عقيقة ابنيْ فهد.

فيبتسم بتفهم وهو يقبل رأسها ليغادر معها نحو البيت من جديد..
وهو يشعر أنه جدد عهد هواهما القديم بزيارتهما للمركب هذه..
يتركها لنومها وقد غلبه أرقه ليتوجه نحو المرسم فيبدأ في رسم لوحته..
وهو لا يشعر بها كانها مجرد لوحة..
بل نبوءة لعهد جديد تتفتح براعمه في كنفه..
فجر يولد بين ذراعيه ليفصل بين ظلمة ونور!

========
في حديقة أحد النوادي الهادئة حيث يقيم فهد عقيقة طفليه تنبعث تلك النغمات لأغنيات طفولية شهيرة..
بينما رصت الموائد المتجاورة استعداداً لاستقبال الضيوف الذين وصلوا تباعاً..

_الطباخ لم يجد تسوية اللحم..وما هذه الكمية في الأطباق؟! هل سرق الباقي؟! هذا نصب! سأخرب بيته!

تهتف بها جنة بثوريتها المعهودة وهي تتفقد الطعام على الموائد ليضحك فهد وهو يضمها إليه محاولاَ تهدئتها بقوله :
_اهدئي يا جنتي! الكمية مناسبة والطعام رائع.
_لا.. ليس رائعا.. ذوقك في الطعام غير متطلب لهذا تراه رائعا.
_يا ستي احمدي ربنا أنني غير متطلب.. أرجوكِ يا استاذة دعي اليوم يمر على خير وانسي ثوريتك قليلاً.
بالكاد يكتم بها ضحكاته وهو يحاول إثناءها عن تقريع الطباخ ليهتف بها مشيراَ للطفلين اللذين استقرا قريباَ فوق مهد أعد خصيصاَ لهما بلون سماوي هادئ..

_أدركيهما.. يبكيان!
يهتف بها بمبالغة لينجح في جعلها تركض نحوهما بشهقة أمومية حنون نسيت معها ما كانت تحكي عنه..
لتنطلق ضحكات ملك الصغيرة وهي تسمع ضياء الذي كان يراقب الموقف يقول :
_أبوك ذكي جداً.. رأيتِ كيف خدعها!
_ابي ليس خداعاً.. هو فقط أرشدها للصواب..
تهتف بها مدافعة ليضحك فهد وهو يربت على رأسها هاتفاَ :
_حبيبة أبيكِ..
بينما يحمل ضياء من ياقة قميصه ليرفعه إليه مردفاَ بغيظ :
_وأنت يا عقلة الإصبع.. لا شان لك بي ولا بزوجتي.
يحاول ضياء التملص من ذراعه القوي ولما يعجز يقبل رأسه هاتفاَ بخنوع زائف:
_حبيبي يا خالو.. كنت اعبر لها فقط عن إعجابي بك.

يهم فهد بتقريعه الساخر لكنه يلمح إبراهيم قادماَ مع يسرا بشكلها الجديد بنقابها الذي تعجبه ليهمس سراَ :
_سبحان مقلب القلوب.

يضع ضياء ارضاَ ليتقدم نحو إبراهيم مصافحاَ وشاكراَ علي الحضور..
بينما تتحرك يسرا نحو جنة لتمنحها هديتها..

تبتسم جنة بتسامح وهي تصافحها لتتقدم بها نحو مكانها هناك جوار ماسة حيث عرفتها لها جنة ليرتفع حاجبا ماسة وهي تنهض لتعانقها هاتفة بود :

_يسرا! لم نلتقِ منذ زمن بعيد!

فتبتسم يسرا ببعض الخزي وهي تستعيد تاريخها هذا مع ماسة أيام زواجها من فهد..
خزي نفضته سريعاً وهي تربت علي كتف ماسة قائلة برقة:
_صرتِ أجمل واروع.
فتضحك ماسة وهي ترد لها عبارتها :
_لا تجامليني.. بعد ثلاثة أطفال اشعر وكانني دهستني حافلة.

_بشرك الله بالخير.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون!
تقولها جنة بمرح وهي تبسط راحتها علي صدرها فتضحك ثلاثتهن وهن يتخذن مقاعدهن..

_خيراَ.. اللهم اجعله خيراً..

تهتف بها طيف بفظاظتها المعهودة وهي تقترب منهن لتشير لماسة بنظرة متسائلة عن هوية المنتقبة لتتنحنح ماسة قائلة :
_يسرا الصباحى.

يرتفع حاجبا طيف بدهشة لتكتم ضحكتها المتعجبة..
يوماَ ما كانت هذه بالذات غريمتها الأولى!
لكنها تصافحها بهدوء لتقول بفخر لم تملك منعه في موقف كهذا :
_أنا طيف الرفاعي.

تقولها وهي تتذكر يوم علمت بزواج حسام من ابنة الحسب والنسب..
من كان يخبرها وقتها وهي تكاد تموت بحسرتها وقهرها ان الأيام ستتبدل هكذا..
ويتغير معها كل شيء!!

_رؤى!

تهتف بها جنة بسعادة وهي تراها قادمة نحوهن من بعيد بخجلها المعهود وقد تركها راغب ليقف مع الرجال بعيداً..
لتتقدم منها رؤى بخطوات مندفعة فتعانقها بعاطفة حقيقية لم تغيرها هذه السنوات هاتفة ببراءتها المعهودة :
_مبارك حبيبتي..رزقك الله برهم جميعاَ وبارك لك فيهم.

ترمقها جنة بنظرة طويلة شاردة وهي تستعيد عهد صداقتهما القديم..
قصتهما العجيبة التي تداخل فيها قدراهما بهذه الصورة المدهشة..
لكنها تحمد الله ان صداقتهما لم تتأثر..
لتبقى القلوب عامرة بحب صادق لم تزده الأيام إلا نضجاَ!

_نجمتنا وصلت!

تهتف بها جنة بترحاب وهي تفتح ذراعيها لعزة التي تقدمت نحوهن بحركة سينمائية مرحة تؤرجح فيها ساقيها برشاقة..
ثم تضحك هاتفة بمرح :
_اسمعن! لا أحب الحديث عن شهرتي في تجمعات الأصدقاء.. انا متواضعة جداَ مع عامة الشعب.
تقول عبارتها الأخيرة بغرور مصطنع لتنطلق ضحكاتهن جميعا وهن يصافحنها تباعاً..

_هل بقي لي مكان؟!

تهتف بها زهرة التي تقدمت نحوهن بمرح لتضحك طيف وهي تندفع نحوها لتكون أول من تعانقها :
_وسّع وسّع للوارد الألماني! زدتِ جمالاً يا بنت! هل يزيد الزواج الجمال هكذا؟! أخيراَ وجدنا فائدة لطبيبك ازرق العينين شبيه الدمية!

تلكزها زهرة في كتفها مداعبة لتضحك جنة وهي تتقدم لتعانقها بدورها هاتفة بين ضحكاتها :
_لا فائدة! (قارشة ملحته) من أيام (أبو ظبي)!
تمصمص طيف شفتيها بتهكم مرح وهي ترى زهرة تتقدم لتعانق ماسة بدورها وتكمل تعارفها على البقية فتعود لتتخذ مجلسها جوارهن..


وفي مكانها وقفت ديمة تراقبهن من بعيد جوار حسام الذي حاول دفعها برفق نحوهن هامساَ :
_اذهبي إليهن.. كي أذهب انا مع الرجال.
لكنها بقيت ممتقعة الوجه وهي تهمس له بنزقها المعهود :
_طيف ويسرا معاَ!! لا ينقصني سوى حضور دعاء أيضاَ لتكتمل قائمة نسائك!
فيضحك مراعياَ غيرتها المغالية التي بقيت عيباً فيها..
عيباَ أحبه رغم كل شيء!!
لهذا يهتف مهدئاً وهو يحاول دفعها إليهن من جديد :
_تعقلي يا مجنونة! كل منهن صارت لها حياتها الآن.. وأنا صارت لي أجمل حياة أيضاَ.
يقولها متودداَ لكنها لا تنتبه إلا لشطر عبارته الاول فتهتف بنزق:
_مجنونة؟! بالطبع عدت تراني الآن مجنونة مادامتا هما هنا!!

يعجز عن كتم ضحكاته وهو يراها الآن كطفلة غيور صعبة السيطرة خاصة وهي تلكزه في كتفه هاتفة :
_كف عن الضحك.. لا تتحرك من جواري.. ابق هنا.

_حسام.
يناديه فهد من بعيد في هذه اللحظة مشيراَ له ان يقترب منهم لكن ديمة تتشبث به بكلا ذراعيها هامسة :
_لن تذهب لأي مكان.. ابق جواري حتى ينتهي اليوم.

_ديمة..
يهمس بها مسترضياَ فتشيح بوجهها بينما تزداد به تشبثاً ليهمس بنبرة مدللة اكثر :
_حبيبتي.
تلتفت نحوه بنظرة لانت كثيراَ ليتنهد وهو يعانق وجنتها براحته هامساَ :
_امرأة تملك هاتين العينين لا تحل لها الغيرة مطلقاً! القلب الذي تدخلينه يغلق بعدك كل شرفات الحب كي لا تطل على سواكِ!
تلتوي شفتاها بابتسامة بدت طفولية فيضحك وهو يميل على أذنها مردفاَ بطغيانه الحاني:
_كم اود الآن لو أدلل ابتسامتك هذه بما يليق.. لكنني أدك بتعويض مناسب في بيتنا.

تتحول ابتسامتها لضحكة خجول وهي تخفي وجهها في كتفه فيدفعها برفق ليتحرك معها قائلاً بمهادنة :
_والآن اذهبي إليهن.. وسأذهب أنا للرجال.

_لن تنظر نحونا ابداَ.. ولا حتى لتبحث عني! انظر للسماء.. لا لا.. ستوجعك رقبتك.. انظر للأرض إذن.
ترفع بها سبابتها بنبرة تهديد بدت مضحكة على طبيعتها الطفولية لكنه يتقبلها صابراَ وهو يشير بسبابته نحو عينيه واحدة تلو الأخرى تباعاَ ليهمس باستسلام :
_حاضر! سأنظر للأرض.. أوامر أخرى؟!

تهز كتفيها نافية بحركتها ذات الدلال فيضحك وهو يتركها اخيراَ لتتقدم هي نحوهن بتردد لم يلبث ان استحال لألفة وهي تنجذب تدريجياَ لأحاديثهن.. فتجد نفسها تشاركهن المرح تدريجياَ..
ثمانية نساء بعدد ألوان قوس قزح جمعتهن قسوة ظلام الماضي والآن تجمعهن حلاوة الحاضر..
_جاءتني فكرة صورة رائعة.. تليق بنا كلنا.. تعاليْن.

تقولها ماسة مخاطبة إياهن وهي تشرح فكرتها لهن فيستحسنها جميعاَ ليقمن لتنفيذها..

هناك على الجدار المقابل لمهد الطفلين وقد رسم قوس قزح تمسك يسرا خيطاَ من البالونات حمراء اللون لتبداأ في تثبيتها تحته..
تليها طيف تثبت شبيهتها البرتقالية..
الصفراء تثبتها رؤى..
الخضراء لعزة..
الزرقاء لجنة..
النيلية لزهرة..
البنفسجية لديمة..
والبيضاء لماسة.

_قوس قزح!

يهتف بها الأطفال فرحين وهم يشهدون الشكل الجمالي الأخير للبالونات على الحائط فيركضون نحوه بانبهار..

فيما يهتف فهد بمرح :
_منذ ولادة ملك وأنا أصورها صورة كل يوم كي تحتفظ بعمرها كله في البوم.. عرفت فكرة صورة اليوم.. هيا.. تجمعوا كلكم هنا.. أمام قوس قزح.

يقولها ليلحق كل رجل بزوجته يضمها إليه وأمامهما الأطفال ليثبت فهد الكاميرا الواقفة في وضع التصوير ثم يتحرك بسرعة ليدرك مكانه في الصورة!
يسرا وابراهيم
طيف ويحيى
رؤى وراغب
عزة وإيهاب
جنة وفهد
زهرة وجهاد
ديمة وحسام
وأخيراً ماسة وعاصي..

صورة ستبقى عالقة لوقت طويل بجمال روحها في أذهانهم جميعاً..
ربما لأنها تجمع أول الرحلة بآخرها..
منذ صراع الماسة والشيطان..
وحتى عودة الألوان..
وكأن كلاً منهم يبصر فيها الرسم الأجمل.. والنهاية الأروع.. فيهتف مشتاقاَ بقوله :
عدت يا نورس الحب المهاجر
عدت يا قوس قزح.
========






تمت بحمد الله
2017 بدأت كتابتها يوليو
2022 انتهت كتابتها يونيو






إهداء
إلى رجل يساوي كل العالم
إلى رجل دللني كابنته
وتعلق بي كأمه
واحترمني كمعلمته
وأحبني كامرأته
إلى رجل يستحق أن يقال عليه : (رجل)!


نرمين نحمدالله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:01 AM   #3803

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

ختامها مسك هتوحشينا جدااا يانيمو ربنا يوفقك ومتتاخىيش علينا

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:07 AM   #3804

ماماسماح

? العضوٌ??? » 495260
?  التسِجيلٌ » Nov 2021
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ماماسماح is on a distinguished road
افتراضي

قمر قمر قمر تسلم ايدك نيموو خاتمة ولا اروع حبيبتي ومبروك يا جميل على الختام ♥️♥️♥️

ماماسماح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:15 AM   #3805

مريم ابو السعود

? العضوٌ??? » 477851
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » مريم ابو السعود is on a distinguished road
افتراضي

خلصت القصه ...ما أصعب الوداع وما اقسي الرحيل وما اجمل النهايات ..... شكرا نيمو... علي امل في لقاء آخر يوما ما ...دمتي موفقه ومبدعه..... هستناكي زي هلال العيد ....متغيبيش علينا

مريم ابو السعود غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:15 AM   #3806

حنان عبدلي

? العضوٌ??? » 485258
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 32
?  نُقآطِيْ » حنان عبدلي is on a distinguished road
افتراضي

عدت يانورس الحب المهاجر
عدت يا قوس قزح 🌈
انتهت 😢😢
مش عارفة اقول ايه النهاية جميلة جدا ❤🧡💛💚💜💙بس تبقى نهاية 💔 😥😥😥


حنان عبدلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:54 AM   #3807

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

نيموووو بجد مش عارفه والله اوصف جمال وتفاصيل تفاصيل الخاتمة قد ايش هي مبهرة وجميلة بجد تسلم ايدك الله يسعدك و يعطيك العافيه و يسلم ايدك ❤️ ❤️ ❤️ ❤️ ❤️

المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 04:57 AM   #3808

المشاغبة

? العضوٌ??? » 406852
?  التسِجيلٌ » Aug 2017
? مشَارَ?اتْي » 446
?  نُقآطِيْ » المشاغبة is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 313 ( الأعضاء 34 والزوار 279)
‏المشاغبة, ‏شهوودة, ‏Paradiseam, ‏amira fetyan, ‏سيز العلي, ‏Aysl, ‏amira_adel, ‏Hend Adel, ‏tota642000, ‏منة المحلاوى, ‏م ممم ممم, ‏دانة 2008, ‏نصر مبين, ‏ران23, ‏مادهوبالا, ‏لولو73, ‏نداء الحلو, ‏رنا احمد مرسي, ‏marwa2010, ‏حنان عبدلي, ‏مريم ابو السعود, ‏نرمين نحمدالله, ‏sara_soso702, ‏ماماسماح, ‏ليل سرمدي, ‏dr_rona1, ‏Basmaa masoud, ‏Omsama, ‏الترياقElteriaq, ‏Soi, ‏اسمت عبدو, ‏سلوي حسن صلاح حسن, ‏SRA22


المشاغبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 05:04 AM   #3809

amira_adel

? العضوٌ??? » 271425
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 254
?  نُقآطِيْ » amira_adel is on a distinguished road
افتراضي

من يعيد قوس قزح..
من اول فصل شفتها رواية من العيار الثقيل..
كل كلمة اتكتبت اتكتبت لهدف
كل حدث حصل.. كل تعاطف.. كل لوم.. كل إدانة..
كل فرصة تانية كانت لسبب..
نادر تلاقي رواية بالاتقان ده و بالاحساس..
رواية قالت كتير و خدتنا لمناطق بعيدة في نفسية كل بطل..

أبطالها اللي حفرتي أسماءهم في قلوبنا..
بقينا شايفينهم شخصيات حية مش خيالية..

رحلة على قدر طولها علي قدر المتعة و الشغف..
و مش هقولك قد ايه جمل جت في وقتها و كأنها رسايل..

قد ايه مشاهد بكتنا من جمال الاحساس اذكر منهم كتير بس عمري ما هنسي احساس مشهد حسام و ديمة لما كان بيخرجها من بيته..
مشهد خديجة و إياد لمسني بدرجة لا تتخيليها..

مشاهد طيف و يحيى كلها من اول مشهد لآخر مشهد دخلت قلبي من غير مجهود..

و عن جمال تطور الشخصيات و يجي علي رأسهم حسام..
شخصيته اكتسبت عمق و احساس بالغير غير عادي..

عزة كمان بتطورها بقت لامعة.. بقت لها سحر خاص بيها..

يسرا و طريق الوصول مش عشان شخص إنما خالصة لوجه الله تعالى..

المعاني الحلوة..
الصداقة بين حسام و فهد و بين نزار و يحيى..
الأخوة.. بين طيف و عاصي..نزار و إياد.. و مؤخرا إياد و ايهاب بعد تجدد العهد.. الياس و يحيى..
الشهامة و أخلاق الفرسان و النضال..
العطاء و الإيثار..
السند
الإبوة و الامومة بالاختيار..
لو هحكي عن قوس قزح كلامي مش هيخلص
الف مبرووك الختام..
تستحقي تفرحي و تفخري بكتابتك لعمل بالجودة و الرقي ده..
اتمنالك السعادة الخالصة و التوفيق في كل ما هو قادم..
دمت بالف خير حبيبتي 🧡💛💜💚❤️💙🤍


amira_adel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-22, 05:49 AM   #3810

يمنى هيثم محمد

? العضوٌ??? » 493032
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 97
?  نُقآطِيْ » يمنى هيثم محمد is on a distinguished road
Post من يعيد قوس قزح

من أروع ما قريت خلقني وصفك أفرح طيف ويحي وتخيلت المنظر الجميل من دقه وصفك . وجسمي أشعر لما بولندا نطقت بالشهادتين .وفرحت من قلبي عزه والفاجومي. وأحلي خاتمه متوفعتهاش تبقى بالحلاوة والروعة دى أسعدتنا ياريت الكل ربنا يسعدك قلبك ويسعد ايامك ويفرح باولادك يارب زي ما أسعدتنا بحبك اد التوت ❤❤❤❤❤❤❤

يمنى هيثم محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.