آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل]مُبعثر فيك ِ مالا الحـزن لايُشفى ، للكاتبة/ ايمان يوسف "مميزة " (Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          أم لابنة الرئيس (41) للكاتبة: Susan Meier..... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          الاقصى تحت التهويد*متجدد* (الكاتـب : زهر البيلسان - )           »          شهريار .. على باب الفاتنات *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          208 - خطيبة بالإيجـار - ليندساي ارمسترونغ (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree676Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-19, 09:27 AM   #8111

Loka1983

? العضوٌ??? » 439405
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » Loka1983 is on a distinguished road
افتراضي


مستنين الفصل شكرا علي تعبك معانا وشكرا لكل الناس ال بتتعب علشان احنا نتمتع ونقرا روايات حلوه نعيش أحداثها كاننا من أهل الروايه

Loka1983 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:13 AM   #8112

Qhoa
 
الصورة الرمزية Qhoa

? العضوٌ??? » 436349
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,309
?  نُقآطِيْ » Qhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond reputeQhoa has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
الفصل موجود لا تقلقوا حالكم لكن لان المنتدى عطل اضطرت الكاتبة تنزله على جروب وحي الأعضاء على الفيس ... بس تصحى ان شاء الله ضروري حتعيد تنزيله هنا .... شكرا لتفهمكم....
صباح الخير..
يعطيكِ الصحة بامبي...فعلا المنتدى صارله يومين يتعطل فجأة..ماقدرت ادخل امس لتسجيل حضور...طلع العطل عند الجميع...نوم الهنا ان شاء الله...منتظرين الفصل بشوق..
محبتي لكِ ودعوتي..كوني بخير


Qhoa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:46 AM   #8113

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي

يسعد صباحكم جميلاتي وجمعة طيبة
شكرا لعزيزتي منى للتوضيح
لكن فعلا مبارح المنتدى كان معطل وهذا سبب عدون نزوله
انا قمت وانتعشت وهلأ بإذن الله راح ابدأ بالتنزيل على طول



bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:49 AM   #8114

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 1

الفصل الأربعون

يجلس بجانبها -حيث هي راقدة فوق السرير- على كرسيّ خشبيّ وضعته له السيّدة فوزية، يراقبها بتدقيق متفحّص، يلاحظ وجهها الذابل والهالات تحت عينيها، يتجاسر ويكمل تفحّصه فتجري عيناه فوق جسدها الفاتن، وترنوان بلهفة إلى بطنها الذي لا يزال مسطّحا فيغمض عينيه بلحظة من جنون ويتخيّل شكلها ببطن مكوّرة، فتبتسم شفتاه بحنين لاهب وتتمادى خيالاته، فها هي تحتضن طفلهما بين ذراعيها تضعه على صدرها بينما يحيطهما هو بذراعه مستمتعا بدفء لم يشعر به يوما، دفء غمر قلبه منذ الآن ولمجرّد خيال فكرة، والواقع أجمل بإذن الله

فجأة تجهّمت ملامحه فالغضب لا يزال يستحكم بقلبه كلّما تذكّر رغبتها بحرمانه من طفل لم يعرف أنّه يتلهّف له إلّا عندما عرف بحملها، غضب كان سيؤذيها يعرف نفسه فهو الحليم والحذر منه عند الغضب واجب، وكم يحمد الله أن ألهمه أن يرسلها مباشرة للسيّدة فوزيّة حيث الأمومة في معانيها الأصيلة، حيث الرعاية والاهتمام والقدوة الحسنة، والأهم حيث تكون بعيدة جدّا عنه، فغضبه حينها كان كبيرا، خيبته كانت مريرة، وجرحه كان عميقا، وكيف لا يكون والضربة يومها لم تكن واحدة بل اثنتين، ضربتين ومن أحبّ اثنتين إلى قلبه

فأولاهما تودّ حرمانه من ثمرة صبرٍ استحقّها بعد سنوات عجاف طالت حتّى ظنّ أنّ روحه قد أقحلت إلى أن عرفها، وثانيهما كسرته وأذلّت نفسها أمام آخر لم يكرمها ويراعي الله فيها، اختارته وهو الذي يريد أن يكسرها بأخرى مهما صَلُحت وأصلحت لن تكون بنصف صلاح شقيقته

من جديد يغمض محمّد عينيه، يقاوم شعورا بتأنيب الضمير يجلده منذ تلك اللحظة التي صعد فيها على متن الطائرة، يلوم نفسه أنّه قد تركها، كان لا بدّ أن يحضرها معه شاءت أم أبت، كان لا بدّ أن يستمع إليها، يفهم تصرّفها الذي كان واضحا أنّ له سببا لكنّه في حينها كان أشدّ صدمة وخذلانا من أن يفهم، لقد طلبت منه أن يثق بها ولكنّه لم يفعل، ربّما بتأثير الضربة الأولى، أو الحميّة الشديدة لها، لا يعرف، كلّ ما يعرفه أنّه يحمد لله كثيرا أنّ أخاه كان أشدّ ذكاء من أن يسافر ويتركها كما فعل هو!

تململ إيمان فوق السرير أثار انتباهه فنظر إليها مترقّبا منتظرا استفاقتها التامّة وفعلا لم تحتج هي لكثير من الوقت حتّى تدرك وجوده إذ أنّها وفي لحظة فتحت عينيها على اتّساعهما وكأنّها أحسّت بوجوده، وفي ذات اللحظة التي رأته فيها قريبا جدّا منها التمعت عيناها الذابلتان وتحرّكت شفاهها بما يشبه ابتسامة، ثمّ طفرت من بين أجفانها دمعتان ثقيلتان صدمتاه وأوجعتا قلبه عليها فانتقل إلى جانبها فوق السرير جالسا يقول بحنان أذاب قلبها وتصدّعت بسببه جلّ مخاوفها: هشش خلاص بسّ ما تعيّطيش أنا جيتلك وبقيت عندك اهو

تأمّلته إيمان للحظات، قلبها خوى من نبضه إذ تطاير كلّه ملهوفا إليه تاركا صدرها يعاني الفقد والخواء والألم، نظرت إليه بعينين تبوحان، تشكواه إليه، تعاتباه أن قد تركها، تبرّرا له انحراف سلوكها، ثمّ أخيرا كطفلة حزينة تشكو لوالدها تمتمت بهشاشة تقول بسخط: أنا مش بعرف أقرا

لوهلة لم يستوعب ما قالته، أحقّا قالت ما قالته؟ أشتكت إليه أخيرا؟ هل وثقت به وباحت؟!

مداريا شفقته وبذات الوقت سعادته لثقتها التي منحتها له أخيرا، ابتسم وأجابها ببساطة: عادي وإيه المشكلة!

رفّت إيمان أهدابها للحظة بغير فهم لبساطة ردّه فتابعت شكواها: ولا بعرف أكتب!

ململما حزنه كابحا ألمه أجابها بذات البساطة: شيء طبيعي

بساطة ردوده أثارت ضيقها فهو لا يفهم ما تريد أن تقول حتّى الآن فاختلجت أحداقها قبل أن تقول بصوت مهتزّ ارتفعت نبراته بالرغم من ارادتها بشكوى صريحة صاخبة: أنا عندي ديسلكسيا يا محمّد

دموعا حارقة ظهرت فجأة كانت تحرق عينيه شفقة عليها ولكنّه كبحها بقوّة وأجابها بابتسامة حنونة متفهّمة: طب ما انا عارف يا إيمان!

متابعة بوحها أكملت: انت عارف يعني ايه ديسلكسيا يعني عسر....

فجأة صمتت وقاطعت تدفّق كلماتها ثمّ حدّقت فيه وأجابته بصدمة: إيه؟ إنت قُلت إيه؟

بحنان داعب الشعر المتهدّل حول صفحة وجهها وأبعده ليعلّقه برقّة وراء أذنها ثمّ أجابها وقال: قُلت إنّي عارف

بذهول سألته بينما ملامح وجهها تتحوّل إلى الشحوب: عارف؟ عارف إيه؟

مبتسما برقّة أجابها: عارف إنّك عندك ديسلكسيا، إنّك ما بتعرفيش لا تكتبي ولا تقري، إنّ في حاجات معيّنة ما بتقدريش تركّزي فيها

بقوّة شهقت إيمان ووضعت يدها فوق فمها صدمة وأغمضت عينيها تداري خشيتها فأمسك يدها برقّة يبعدها عن فمها وأمرها قائلا: افتحي عينيك وبصيلي يا إيمي

بتردّد وخوف فتحت عينيها ونظرت إليه قبل أن تسأله بخزيّ وبصوت مرتعش: عرفت ازّاي.. ومن إيمتى؟

بجديّة أجابها: عرفت إيمتى، من زمان.. وازّاي، مش مهمّ

ببكاء سألته: ليه ما قُلتليش؟

بعتاب أجابها: كنت مستنّيكي إنت اللي تقوليلي، تيجي وتفضفضيلي، تثقي فيَّ وتعتبريني الصدر الحنيّن اللي بترمي عليه كلّ همومك

قالها وبلوم اشتدّ بنبراته اكمل: كان نفسي بجدّ تثقي فيَّ أكتر من كده

اعتدلت إيمان بجسدها لتجلس أمامه وتمسك بيده وتجيبه بلهفة: بسّ انا فعلا بثق فيك يا محمّد أنا عمري ما حسّيت بالأمان إلّا وانا معاك، بسّ...

باهتمام سألها: بسّ إيه؟

بتردّد نظرت إليه وبخفوت وخشية أجابته: خفت اقولّك تكرهني، أنا أساسا لغاية دلوقت مش قادرة افهم انت بتتكلّم عن الموضوع عادي وبهدوء كده ازاي، ما سبتنيش لمّا عرفت ليه، فرحت بابنك منّي وما زعلتش عشان حامل ليه!!

بصدمة و غضب سألها: أزعل! أزعل من هديّة ربّنا كرمني بيها وبعتهالي! طب ليه؟ أزعل منّك واسيبك عشان إيه! إنتِ ذنبك إيه؟

بقهر أجابته ودموعها تنهمر بقوّة فوق خدّيها: عشان جاهلة، عشان من غير قيمة ومعوّقة عقليّا، عشان غبيّة وهجيبلك عيّل غبي زيّي تستعرّ منّه وتوجعه في الكلام، عشان هتستعرّ منّي، ومش هتقدر تستحمل انّ الدكتور محمّد العظيم يبقى ابنه جاهل وأمّي وغبي!

بصدمة وغضب هتف بها يقول: ومين قال إنّه هيبقى غبي؟ ومين اللي قالّك أصلا إنّه هيبقى جاهل وأمّي!!

بمرارة وشهيق أجابته: كلّهم بيقولوا، كلّهم هيقهروه ويذلّوه، أنا مش عايزة البيبي ده يا محمّد مش عايزاه!!

هجومها المفاجئ باغته وما إن أنهت كلماتها حتّى اشتعلت عيناه غضبا قبل أن تتّسعا بلحظة والإدارك يلتمع في عقله، إذا هذا هو السبب، يا الله كيف لم يخطر الأمر في عقله!

الحمقاء تريد أن تقتل ابنها لأجل تُرّاهات أناس فارغين!!

بجدال هتف بها: إنتِ اتجنّنتِ؟! عايزة تقتلي ابنك علشان ناس متخلّفة؟

بألم نظرت إليه وخدّاها ما يزالان مبتلّين، فمسحت الدموع بقلّة صبر عنهما ثمّ أجابته بعد أن ضربت صدرها بقهر في قبضتها الصغيرة وقالت: لأ عايزة أقتله عشان بحبّه، عشان ما يشوفش المرار والقهر والذلّ اللي انا شفته، عشان ما يفضلش شايف في عيون النّاس قدّ إيه هوّ أقلّ منهم

بحنان رد محمد مدافعا: وأقلّ منهم ليه بسّ، طب إنتِ عارفة إنّ النّاس اللي عندها ديسلكسيا معدّل ذكاءهم الطبيعي متوسّط أو فوق المتوسّط كمان، إنتِ عارفة إنّ آينشتاين عالم الرياضيات وصاحب نظرية النسبة واللي في ناس صنّفته إنه أكتر انسان عبقري في العالم كان عنده عسر قراءة؟ انتِ عارفة إنّ إديسون مخترع الكهرباء كان برضو عنده عسر قراءة، وانّ رغم انّ المدرسة بتاعته قالتله انّه فاشل وقالت لمامته إنّها ما تبعتهوش المدرسة عشان مافيش أمل منّه ما يئسش وكان السبب فإنّ العالم كلّه عايش في النور دلوقت؟ طيب انت عارفة انّ غراهام بيل اللي اخترع التلفون كان برضو عنده نفس المشكلة؟ ده غير الفنّانين والمبدعين زيّ بيكاسو دافنشي جيم كيري جنيفر انيستون

بذهول وانكار هزّت إيمان رأسها ولكنّه أكمل متابعا: عايزة أقولك كمان ولا كفاية كده يا إيمان؟ ده في ناس حتّى بقوا يصنّفوا عسر القراءة بأزمة العباقرة

بمرارة ضحكت بسخرية وأجابته: عباقرة ما بيعرفوش يقروا!

وضّح لها قائلا: مش كلّهم ما بيعرفوش يقروا، في منهم اللي اجتهد وتعب على نفسه واللي لاقى الدعم والمساندة من أسرته تعلّم ودرس ودخل جامعة، وفي اللي فضل ما بيعرفش، كون إنّ إنت ما بتعرفيش تقري يا إيمان ده مش معناه انّ انتِ أقلّ من أيّ حدّ فيهم، إنّما إنّ مامتك الدكتور إحسان العظيمة أقلّ من أيّ أمّ فيهم

بدفاع وطيبة اعترضت: بسّ ماما ما سابتنيش، ماما كانت بتجيبلي مدرّسين على البيت!

بغضب أجابها: وإيه الفايدة لمّا تحاول تبني من حتّه وتهدم بالتانية بكلّ قوّتها ونقمتها وغضبها، ما فيش تقرير ولا برنامج بيتكلّم عن أيّ نوع من أنواع الصعوبات الي بيعاني منها الطفل إلّا ما بيركّز أهمّ حاجة على دعم ومساندة الأهل، إنتِ مش غبيّة يا إيمان، إنتِ اتظلمتِ لمّا ما لاقتيش أسرة تساندك، إنت كان ممكن تكوني فأيّ مكان أكاديمي ولا انساني عالي لو ما كانتش مامتك سابتك ودمّرت فيكي طموحك وثقتك في نفسك

بمرارة وصوت متحشرج أجابته: وفايدته إيه الكلام دلوقت، كلّه مش مهم، الوقت فات والنتيجة واحدة، أنا ما بعرفش أقرا

بقوّة وعزيمة قال لها: أوّلا ما فيش حاجة اسمها الوقت فات، ما فيش حاجة ما بنقدرش نلحقها لو ما كانش عندنا الإصرار والعزيمة، وبعدين مين اللي قال إنّ مستوى القراية هيّ اللي بتحدّد مستوى نجاح الفرد، ربّنا ما بياخدش من انسان كلّ حاجة، لازم دايما بيدّيله العوض الجميل، عشان كده تلاقي النّاس اللي عندهم عسر قراءة الحسّ الابداعي والفنّي عندهم أعلا من الناس العاديين، واهو انت أحسن مثال

بذهول سألته بينما تضع سبّابتها فوق صدرها: أنا!

مؤكّدا بجدّية شديدة أجابها: أيوة انتِ يا إيمان، إنت موهوبة في الرسم وموهوبة في التصميم، ولو ركّزتي على أيّ حاجة من الحاجتين دول هتلاقي نفسك بتبدعي فيهم ويبقى اسمك بين أكتر الناس الناجحين والمميزين مش بسّ عندنا فمصر إنّما في الوطن العربي كلّه ده ان ما كانش في العالم

من جديد سألته بذات الصدمة: أنا!!

مبتسما بحنان قال لها: أيوة انتِ يا حبيبتي، شويّة إصرار على حبّتين مجهود وإيمان بنفسك كبير هتشوفي انت هتقدري تعملي إيه

بتوسّل وخشية سألته: وإنتَ؟

مداعبا خدّها أجابها: أنا هتلاقيني دايما معاك واقف في ظهرك على طول مش هسيبك

صمتت للحظات تتأمّل بكلماته التي يقول، تتساءل إن كان فعلا كان ليشكّل ذاك الفرق العظيم في منحى حياتها لو فعلا وجدت الدعم والثقة من أهلها، إن كان سيشكّل حبّها وتقبّلها ودعمها لابنها اختلافا بحياته عن حياتها، ثمّ بحزن سألته: وابننا؟

بصدق ومحبّة قال لها: ابننا هنحبّه ونراعيه، سواء كان معاه ديسلكسيا ولا مكانش برضو هيفضل ابننا اللي هنوقف جنبه ونسانده ونصبر عليه وناخده بالحنيّة والطبطبة لغاية ما نشوفه من أحسن وأفضل النّاس دينا وخُلقا ورفعة

بحزن وشفقة على الذات وغضب من نفسها سألته: الأمّهات كلّها بتقعد وبتذاكر لولادها طب وانا؟ هقدر اعملّه ايه؟

مبتسما بسخرية أجابها: ليه هوّ انت متعرفيش؟ مش أمّهات اليومين دول ما بقوش يذاكروا لولادهم!

بدهشة سألته: أومّال؟

بسخرية أجابها وقلّة حيلة: بيجيبوا لولادهم مدرّسين خصوصي

ابتسامة مريرة ظهرت فوق شفتيّ إيمان تتشرّبها الحسرة فتابع مدّعيا المرح: بعدين مين اللي قال إنّ انت وقتها هتبقي لسّة مش بتعرفي تقرأي وتكتبي، إحنا هنشوفلك مركز مختص بحالات عسر القراءة يساعدوك تتعلّمي على الأقل تفكّي الخطّ وتعرفي ازّاي تقدري تصرّفي أمورك، واللي أهمّ من كده بقى إنّك هتروحي لمعهد فنون جميلة، أنا كنت قولتلهم عن حالتك وهمّ متفهمين وجاهزين للتعاون

باضطراب وتردّد أجابته: بس...

وضع محمّد كفّيه فوق خدّيها وأجبرها على النظر لعينيه بينما يقول: من غير بس... إنت مش عايزة ابنك لمّا يكبر يفتخر إنّ مامته ستّ ناجحة؟ إنتِ انسانة جميله جدّا يا إيمان، رقيقة وحسّاسة ودافية، أنا واثق إنّك هتبقي أمّ عظيمة، وأنا كلّ يوم بحمد ربّنا إنّه رزقني بيكي زوجة وعوّضني بيكي عن كلّ المرار اللي انا شفته بحياتي

بتأثّر أمالت إيمان فمها وقبّلت كفّه التي تحتضن وجهها فكرمشته فجأة ما إن استنشقت عبير عطره فأبعد كفّيه وضحك قائلا: ما انا ما كنتش اعرف انّي هجيلك النهاردة

ابتأست ملامحها فجأة وقالت له: على فكره انا زعلانه منّك

مدركا لسبب حنقها أجابها قائلا: معلش في الوضع النفسي والعصبي اللي انا كنت فيه ما كانش ينفع ترجعي معايا البيت، انا ببقى قاسي جدّا لمّا بتعصّب

فجأة رفعت إيمان كفّها ووضعتها فوق خدّها وأجابته بأسى: وانت هتقولّي، ما انا مجرّبه مرّتين!

مقطّبا تأمّلها للحظة فهو يذكر تلك المرّة الأولى بينهما والتي أخذها بها قهرا واقتدارا، ولكن عن أيّ مرة أخرى تتحدّث، وفجأة أدرك مقصدها من وضعها لكفّها على خدّها فاتّسعت عيناه بذهول وهو يتذكّر ليلة زفافهما فاشتعل الحرق بقلبه غضبا من نفسه لأجلها فاحتضنها بقوّة قائلا: آسف والله العظيم انا آسف، لو كنت بسّ اعرفك ما كنتش سيبتك لحظة واحدة تعيشي بعيدة عنّي، لا كنت سيبتك لمامتك ولا لباباك، كنت جبتك عندي ربّيتك تحت عيني وخدتك تحت جناحي وما كنتش سيبت الهوى الطاير يعدّي عليكِ ويجرحك ولو حتّى بنسمة.. أنا آسف يا حبيبتي، سامحيني

فجأة أجهشت إيمان ببكاء حارّ صاخب، وكأنّها بين ذراعيه تفرغ قسوة ومرارة سبعة وعشرين عاما عاشتهم بعيدا عنه، تبكي قسوة وضرب زوجة أبيها، تبكي جراح واهانات والدتها، تبكي معايرات أختها، وتبكي خذلان ابن عمّها

بقوّة أحاطته بين ذراعيها وغمغمت فوق صدره بالبوح: انا بحبّك يا محمّد أرجوك أرجوك أوعى تسيبني، اقسي زيّ ما انت عايز بسّ ما تبعدنيش، أنا بحبّك وبعيد عنّك انا ممكن أموت

بصوت متحشرج أجشّ قال لها بينما يربّت فوق رأسها مهدهدا: عمري ما اسيبك ده انا ما صدّقت لقيتك!

صوت طرقات خافتة فوق الباب قاطعت كلماتهما فأدرك محمّد حينها بحرج أنّ انفرادهما قد طال ببيت ليس لهما فتنحنح بقوّة بينما يبعدها عنه وقال: اتفضّل

بحرج فتحت مريم البات وقالت لهما بحياء: ماما بتقولّكم الأكل جهز اتفضّلوا على السفرة

محرجا أجابها محمّد: يا خبر، تتعب نفسها ليه بسّ احنا أصلا كنّا ماشيين

صوت السيّدة فوزية جاءه من الخارج يقول: تعب إيه بسّ يا ابني، الأكل معمول ومتجهّز من قبل ما حضرتك تيجي، اتفضّلوا آنستونا وشرّفتونا والله

دقائق وكانوا جميعهم فعلا ملتفّين حول سفرة الطعام يتناولون لقمة طيبة هانئة من بين يديّ هذه السيّدة العظيمة عندما تعالى رنين هاتف محمّد، وما إن أخرجه من جيبه ورآه حتّى رأى اسم أخيه فقال لهم مبتسما: ده حسين، حتّى وهوّ بعيد ما بيفوّتش سفرة أكل

قالها وفتح المكالمة وضجيج ضحكاتهم وكلماتهم الصاخبة يملأ المكان من حوله فوصل إلى ذلك البعيد الذي استهلّ المكالمة يقول: إيه ده يا ابن الإيه قاعد بتعمل ايه عند حماتي، متجمّعين عند النبي ان شاء الله، بقولّكوا ايه، وسّعولنا تلات كراسي اصل انا جايّ الليلة وجايب معايا الشمس والقمر، مصر هتنوّر بلميس من تاني يا كبير!!!!

.................................................. .................................................. .................



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-09-19 الساعة 01:08 PM
bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:51 AM   #8115

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 2

بعد أسبوعين
تقف أمام المرآة تراقب وجهها وما ظهر من جسدها شبه العاري خلف منشفة الحمّام السوداء الكبيرة، تحدّق بآثار تلك الكدمات التي استمرّت منذ أكثر من أسبوع بالمرور بألوان الطيف السبعة حتّى أضحت اليوم صفراء باهتة، كدمات ظنّت دوما أنّها ستنتشي برؤيتها، ستجعلها أكثر أنوثة، ستهبها لذّة متفرّدة ونشوة بلا نهاية، لكنّها تقف أمامها الآن ولا تجد صدى لها في نفسها إلّا ذكرى مقيتة لكلّ لسعات الألم التي أحرقت جسدها، ذلك الألم الفظيع الذي لا تعرف حتّى الآن كيف احتملته، ألم لم تقرأ عنه في أيّ من الروايات العاطفيّة التي قرأتها، ولا حتّى قرأت عن ذلك الشعور الفظيع بالمهانة الذي شعرت به وهي تتلقّى ضربات حزامه كما البهيمة التي شردت عن قطيعها فاستحقّت العقاب، ولكن كيف لهنّ أن يكتبن عمّا لا يخبرن أو يجرّبن، بالضبط كما لا يعرفن أنّ البطل في اللحظة التي يرفع فيها يده ليضرب البطلة يتوقّف عن كونه بطل، فحينها نظراته، أنفاسه، أوتار جسده، كلّها تتحوّل لتصبح حيوانيّة الصفات، آآآه ما أظلمهنّ... حاسبهنّ الله!!
ولكن... هل لها هي بالذات أن تحاسب زوجها، بل طليقها؛ هكذا ذكّرت نفسها، فهمّام ما عاد زوجها؛ ففي اللحظة التي رفع بها يده ليضربها، في اللحظة التي أوشك أن يمارس علاقة همجيّة معها أيقن أنّه في طريقه إلى أن يصبح انسانا آخر، فكان أشدّ قوّة من أعتى أبطال الروايات وتوقّف، حينها ودون أن تشعر تنفّست هي الراحة أنّه لم ينجرف ويخسر نفسه، أنّه لم يمعن في إهانتها فمن الذي قال أنّ الأنثى تذوب ولها بين ذراعيّ حبيبها من بعد الضرب والمهانة... حاسبهنّ الله!!
لكنّها بكلّ الحالات خسرته، ذكّرت نفسها بحسرة والشعور بالخسارة يملأ صدرها، ولكن كيف لها أن تلومه وكلّما تذكّرت الكلمات التي سمعها تقولها للميس تكاد تجلد ذاتها بقسوة أشدّ ممّا فعل هو، لقد أهانته، امتهنت رجولته، تغزّلت بأخيه وقوّته، واتّهمته هو بالجبن!!
لقد كره همّام نفسه بسببها، كره ما فعله، فطلّقها ومن يلومه، ولكن ليس قبل أن يمتهن هو الآخر أنوثتها، يحرق قلبها وقد ظنّته يوما لن يحترق لأجله، بينما يصعد إليها ممسكا في يده أخرى، شابّة عسليّة صغيرة فاتنة يبدو عليها الهشاشة والضعف والخوف، معرّفا عنها بكونها عروسه، كلمة رشقت بقلبها كماء النار الكاوي ما إن أدركت معانيها، فهمّام قد تزوّج عليها، كوى قلبها وأحرقه حسرة وغيرة عليه، ومن سخرية الأقدار أنّها في تلك اللحظة بالذات عرفت أنّها تحبّه، أدركت حجم خسارتها فكانت مستعدّة لأن تنزل عند مواطئ قدميه فتقبّلهما استرضاء، ترجوه السماح والمغفرة، ولكنّه كان هو أسبق بالمبادرة حيث أطلق عليها يمين الطلاق فورا ومباشرة وأمام عروسه، وكأنّه وبينما يتخلّص من الأولى يعطي للثانية درسا وعبرة تستفيد منهما في حياتها معه
تحتدّ نظرات حنان وتضطرب أنفاسها بينما تتذكّر أنّ الليلة هي ليلة زفافه على الأخرى، أنّه الليلة سيبدأ مشوارا آخر جديدا لا يشملها، أتراه سيكون مراعيا للعروس كما كان معها؟ أسيقول لها لديك كلّ ما تحتاجين من وقت حتّى تهدئي فاسترخي ولا تخافي كما قال لها؟ أسيسقط من عين العروس حينها وتعتبر مراعاته خنوعا وانعدام رجولة كما شعرت هي حينها؟
لعلّها تفعل لعلّها تتركه، تطالبه بالطلاق، فيطلّقها وتظلّ لها الساحة فارغة لتستعيده كما تريد، همّام يحبّها يعشق التراب الذي تسير عليه، سيلين سيغفر، بل وسيعتذر أيضا كما دئب دوما أن يفعل، ولكن مهلا... قطّبت حاجبيها، هل ستنتظر هي هكذا بمكانها مسلّمة حياتها للظروف والأقدار؟ لا بل ستقاتل، ستقاوم، سيعرف أنّها تحبّه، وأنّها أبدا أبدا ليست على استعداد للتنازل أو التخلّي عنه!!
.................................................. .................................................. .........
تقف في زاوية شبه مخفيّة فوق سطح بيت جدّتها الواسع والذي تمّ تغطيته وتحويله ليكون مكانا مناسبا للاحتفال، ففوق رؤوسهم حبال معلّقة من المصابيح الضوئيّة الوضّاءة، وفي الواجهة "كوشة" فخمة تليق بعروسين ومن جانبهما بلالين منفوخة على شكل عريس وعروس، أمّا صوت الموسيقى فيصدح من حولها صاخبا بأغاني حماسيّة تليق بحفلات الزفاف ولكنّها حتما لا تثير حماسة العروسين بشكل كافٍ
تراقب العنود من مكانها الخفيّ زوجة عمّها الجديدة، تبدو لعينيها أشدّ نضجا الآن مع الزينة العرائسيّة التي تصبغ بشرة وجهها فتزيدها فتنة فوق جمالها الطبيعي، ولكنّها تعلم أنّها ليست إلّا شابّة صغيرة تقارب شقيقها سنّا، تثير حفيظتها وريبتها بشكل ما منذ ذلك اليوم الذي دعاها وعائلتها عمّها لوليمة غداء رسميّة في بيت جدّتها ليستقرّوا أخيرا ولمدّة أسبوع كامل في شقّة عمّتها
لا تزال حتّى الآن تشعر بذات الاضطراب و الحيرة كلّما تذكّرت كيف أنّ عمّها همّام قد أخبرهم مسبقا وبمكالمة تلفونية مجردة أنّه قد تزوّج من أخرى وقام بتطليق زوجته، خبر حلّ فوق رؤوسهم كالصاعقة لم يبال بتبريره أو إبداء أسبابه كلّ ما فعله أن طلب من والدته إبقاء أولاده حتّى عودته لديها والذين كانوا بالفعل قد عادوا مع عمّتها منال لعمّان ولكن دون والدتهم إذ ظنّ الجميع وقتها أنّ عمّها المتيّم بزوجته إنّما يريد إمضاء بعض الوقت معها بمفردهما
لا تزال تذكر ثورة جدّتها للآن وانهيارها الوشيك بينما الخبر ينزل كما الصاعقة فوق رؤوسهم لا سيّما وهو يترافق مع خبر طلاق ابنها الآخر -والدها- للميس
خبرين كانا مزلزلين لكلّ أفراد العائلة صادمين غير مفهومين وبلا أية تبريرات مقنعة أو مفهومة، جعلا جدّتها في حالة من انهيار شبه وشيك لولا أن ظهر والدها أخيرا بعدها بيومين ليجلس معها لساعتين من الزمن عادت من بعدهما لتكون صامتة واجمة إنّما مسلّمة بالأمر الواقع
ماذا قال لها أو كيف أقنعها والدها لتهدأ هي لا تعلم وللحقيقة هي لا تهتمّ أيضا فما عاد شيء يصدمها أو يؤثّر بها كما يجب من بعد كلّ ما كان، فلقد فهمت الدرس أخيرا وبأصعب طريقة ممكنة، الدنيا بكلّ ما فيها زائفة خادعة لا صدق ولا ثقة ولا أمان فيها
صوت جدّتها ينادي على النسوة بوجوب ارتداء الحجاب لمن يردن قاطع مرارة أفكارها فالعريس سيدخل خلال دقائق
رغما عنها يضايقها أمر زواج عمّها، صحيح أنّها لم تكن على وفاق مع زوجة عمّها السابقة حنان، صحيح أنّها لم تكن فعلا تحبّها، ولكن ذلك لا يمنع أن تشعر بالغضب من عمّها، فمن كان يراه قبل أسابيع فقط ما كان ليصدّق بأنّه قادر على الاستغناء عنها، ولكن ها هو لم يستغنِ فقط بل واستبدل وبعجالة وبكلّ بساطة
ابتسمت العنود ساخرة ؛ فاستبدال الزوجات قد بات عادة بين رجال هذه العائلة، ولكن من هي لتحكم، فما هي إلّا ساذجة حمقاء ضعيفة كادت تودي بحياتها ومستقبلها وبلحظة ضعف واحدة لولا لطف من الله والذي بلطفه وفضله سخّر لها لميس
عيناها رغما عنها بحثتا عن أولاد عمّها الثلاثة رامي ورافي وهادي فآلمها قلبها عليهم فكبيرهم لم يصل للسادسة بعد ومن المفترض أنّه سيبدأ أعوامه المدرسيّة بعد أيّام قلائل فيما صغيرهم لم يكمل العامين، فيما رغم كلّ شيء؛ رغم آمالها التي تحطّمت بعودة والديها لبعضهما عندما قرّر والدها الزواج من أخرى، ولكنّها وأخوتها كانوا على الأقل محظوظين بحسن اختياره؛ فلميس كانت ونعم الأم والسند لهم
كانت!!
رغما عنها تكدّرت ملامحها وأفكارها تقودها نحو والدها ولميس
لا تزال غصّة الألم توجع قلبها كلّما تذكّرت ما آلت إليه أمورهما، كم هو مؤلم أن تعرف بأنّ لميس ما عادت موجودة في بيتهم، أمّا الأكثر إيلاما وصعوبة هو معرفتها أنّها كانت السبب في ذلك، أنّها السبب في طلاق المرأة الوحيدة التي وقفت معها ساندتها في أسوأ موقف قد مرّت فيه أو قد تمرّ فيه أيّ فتاة في حياتها، أنّهم قد خسروا امرأة لن تتكرّر في حياتهم
ولكن مهلا هم لم يخسروها حقّا، هكذا وعدتهم لميس عندما جاءت لوداعهم ليلا في نفس ذلك اليوم البائس
أخذت العنود نفسا مرتعشا عميقا تقاوم الدموع التي تتجمّع في مقلتيها فتحاول تنشّق الهواء لتهدّئ من نفسها فلا تصبح فرجة للآخرين، لكنّ محاولاتها كلّها لا تجدي نفعا فذاكرتها مهما حاولت لا تزال حيّة تنبض بذات الوجع... ذات الخيبة... ذات الشعور بالرخص
في ذلك اليوم أصرّت لميس على ارسالهم لبيت جدّتهم وهي كانت أكثر من مرحّبة بذلك، لقد ارتاحت لفكرة أنّها لن تضطر لمواجهة والدها في وقتها وبينما هو لا يزال غاضبا، في داخلها كان لديها أمل أنّ لميس ستسطيع أن تمتصّ غضبه أن تقوم بتهدئته وربّما جعله يسامحها، وفي ذات الوقت هي لم تستطع أن تتخيّل أنّها من الممكن أن تنظر لوجهه من جديد، حينها فكّرت جديّا أن تذهب لتستقر عند والدتها فلا تضطر لأن تضع عينيها في عينيه أبدا ولكنّها أبدا لم تستطع أن تتخيّل أنّ ردّة فعله ستكون قاسية حتّى على زوجته فيقوم بتطليقها، وآهٍ كم كانت صدمتها ونبراس قويّة وهي تخبرهم بهذه الحقيقة المفجعة، ولم يكونوا قد استوعبوا الصدمة الأولى بعد إلّا وكانت تنزل عليهم بالصدمة الثانية ألا وهي سفرها الذي تحدّد فجرا مع أخيها إلى مصر
يومها غضب نبراس، صاح بها: هوّ طلّقك بسّ إحنا ما طلّقناك ليش بدّك تتركينا، خلّيكِ معنا أصلا هوّ مش موجود
ورغم محاولتها الصمود إلّا أنّ دموع لميس انهمرت وهي تخبره: ما بصير ما بنفع أضلّ، هاد بيته!
بتمرّد أجابها: بنرحل... بنستأجر بيت تاني بنعيش فيه
بصوت مختنق أجابته: ما بنفع... يا ريت لو بنفع... إنتو ولاــــ ده
قالتها بألم أحسّت هي فيه ولكنّه لم يثر في شقيقها إلّا الغضب إذ قال: أصلا إنتو كلكلم زيّ بعض، بتضلّوا تحبّونا طول ما انتو مع بعض وبسّ تزعلوا على طول بتنسونا
بقوّة هزّت زوجة أبيها رأسها وهي تقول له بصدق: لأ والله لأ... أنا بحبكم عنجد بسّ ما بنفع أضلّ معكم، بعدين مين قال انّي راح أترككم، أنا معكم ما راح أسيبكم، راح أحكي معكم كلّ يوم وانتو احكوا معي كلّ ما بدكم وبوعدك بسّ تحتاجوني راح تلاقوني عندكم هون
بقهر أجابها نبراس ودمعة ناريّة تحرق خدّه مباغتة ذكورته الوليدة التي يعتزّ بها: كذب، كلكم كذابين
بحرارة أجابته بينما تحتضنه بين ذراعيها رغما عنه محبطة مقاومته وعنفه: لا مش كذب، أنا بحبكم، انتو ولادي، مستحيل أنساكم، مستحيل أترككم، أحكيلك شو كمان، انتو كمان ما راح تتركوني، أنا إلي حق عليكم ولازم تيجوا على مصر تزوروني!
لثوانٍ استكان نبراس قبل أن ينتفض فجأة كما لو أنّه تمّ لدغه بعقرب وهتف يقول بإصرار بينما يتملّص من بين ذراعيها ويتوجّه خارجا قائلا بعنف: كلكم بتكذبوا كلكم!!
عندها جمدت لميس للحظات غافلة عن دموعها هي التي كانت قد ابتدأت تُذرف حزنا على شقيقها بل شقيقيها النبراس وذلك الذي كان نائما وقتها غافلا عن كلّ ما حوله، بالضبط كما كانت تبكي قهرا من نفسها وعلى نفسها ورغما عنها، رغم خزيها من والدها، شفقتها عليه، خوفها منه، شعرت بالغضب
صوت شهقاتها أثار انتباه زوجة أبيها التي انتقلت لجانبها واحتضنتها بين ذراعيها فتمتمت من بين دموعها تتمتم بألم: كلّه منّي، أنا السبب أنا السبب، بسببي طلّقك
صوتها وصلها حينها تقول لها بحمائيّة عالية: لا مش انتِ أنا عنود، أنا وأبوك زواجنا انتهى من قبل حتّى ما تحكيلي عن موضوع علاء، أنا كنت ناوية أطلب الطلاق من يومها وعشانك أجّلت الموضوع، عنود إنت صبيّة مش صغيرة ولا جاهلة، أنا وأبوك إلنا فترة شبه منفصلين، من شهور
بصدمة نظرت إليها وهمست متسائلة: ليييش؟
بصوت متألّم أجابتها: أمور...ما تقبّلها خاصّة بحياتي زمان
بعدم فهم وحيرة سألتها: ليش هلّأ... أكيد عشاني!!
بنفي قالت لها: لأ... عشان أنا طلبت
ابتعدت عن حضنها ونظرت إليها بلوم، فنشجت تلك وقالت لها: ما قدرت...بدّه يتزوّج ما اتحمّلت... قال مش قادر وقرّر يتزوّج... يمكن تزوّج
قالتها وانهارت بالبكاء ممّا أحزن قلبها وأثار شفقتها عليها، وغضبها من والدها ولكن في النهاية من هي لتحاكمه أوتحاكم غيره ففي النهاية هي ليست إلّا خاطئة أخرى لا حقّ لها بإبداء رأيها أو التعبير عن معارضتها لا سيّما أمامه
فجأة وكأنّها تنفض عن كلتيهما الضعف هتفت بها بقوّة: إيّاك يا عنود تستسلمي لغلطتك وتضعفي
أخفضت عندها رأسها فنهرتها قائلة بينما تمسك برأسها ترفعه: إيّاك توطّي راسك، ارفعي راسك واطّلعي فيّي منيح، انتِ غلطتِ وكتير ناس بتغلط، بسّ مش كل انسان عنده القدرة يرجع يوقف ويعيد التفكير بأغلاطه ويتعلّم منها، دايما كنت أشوفك قويّة لا تخذليني، خلّي ثقتك بالله قويّة، خلّي علاقتك فيه أقوى، وإيّاك تضلي تتعاملي مع نفسك على انّك انسانة مش منيحة، ايّاك تستقلّي بحالك، أبوك واجهيه، اعتذري منّه بسّ واجهي، عرفيه انّك فهمت غلطك وانّك اتجاوزتي، وصدقيني لو إنت ما سامحت حالك، لو ما صدّقت انّك انسانة كويسة وطاهرة، صعب جدّا تقنعي التانيين... وخاصّة أبوك!!
بصعوبة التقطت العنود أنفاسها أخيرا وكلمات لميس تملأها بالإيمان بنفسها من جديد، وتشحذه قوّتها لمواجهة والدها للمرّات التي لا تعرف كم عددها، فمهما استعدّت كلّما وجدت الفرصة تخاذلت وجبنت وابتعدت، فتارة عند قدومه تدّعي النوم وتارة تذهب لزيارة والدتها، وهو سهّل المهمّة عليها فولا مرة واحدة سأل عنها أو حاول محادثتها وكأنّه هو الآخر يتحاشاها، فهل يا تُرى ستجبن اليوم أيضا أم تراها حقّا ستستطيع كسر حاجز الصمت بينهما والخوف في قلبها؟!
على صوت الزغاريد أجفلت العنود ومن حيث دخل عمّها خرجت هي فربّما الحظّ سيكون حليفها اليوم
.................................................. ............................................
تمسك والدتها في ذراعها فتساعدها على الوقوف، كلّها يرتعش مع كلّ زغرودة تصدح ملعلعة فتثير أعصابها وترتدّ في صدرها فيهوي لها قلبها ليستقرّ في معدتها أخيرا مثيرا لديها ألما مريبا في البطن
تنظر له يقف للحظات أمام والدته فيقبّل يدها ومن ثمّ رأسها فتحتضنه بقوّة وتدمع عيناها ثمّ تبدأ بإطلاق مزيد من الزغاريد القويّة قبل أن تمسك بذراعه وتمشي معه إلى حيث تقف هي مرتعشة في مكانها
رغما عنها عيناها تتعلّقان به، وسامته تخطفها كما فعلت أوّل مرة رأته بها، مميز كان بالنسبة لها بشكل ملفت للنظر، ولكنّها لم تكن أبدا ما جعلت قلبها يتعلّق به، يتمنّاه ويذوب حسرة عندما علمت أنّه متزوّج بالفعل، بل ذلك الدفء الذي كان يشعّ من بين عينيه، ذلك الدفء الذي دوما ما أحسّته يتحوّل لسخونة ملتهبة كلّما سمعت حديثه عرضا مع زوجته على الهاتف، فما الذي حلّ به؟ أين هو ذلك الدفء؟ كيف تحوّل لهذا البرود الذي يجمّد مقلتيه؟ وكيف تحوّلت ابتسامته الدائمة لهذا التجهّم المخيف؟ ما الذي فعلته زوجته لتحوّله لهذا الهمجيّ الذي رأته يجرّها لشقّتهما كنعجة تُجرّ إلى المذبح؟ ما الذي فعلته لتجعله يضربها ذلك الضرب العنيف الذي أسمع البناية كلّها عبر صرخات زوجته، ورأت آثاره بعينيها عندما أخذها عندها مبرّرا لوالدها أنّها لا بدّ أن تتعرّف عليها كأمّ لأولاده قبل أن يقوم بتطليقها
لا تزال حتّى الآن تتذكّر ارتعادة الخوف التي ضربت صدرها وهو يقوم بسحبها لشقّته، ارتعادة النفور والمقت وهي تنظر لزوجته، ارتعادة الغضب التي ضربت أعصابها وتلك تنتفض بقوّة أمامها وتسبّها بأفظع الألفاظ والكلمات متّهمة ايّاها بسرقتها لزوجها، مهدّدة ايّاها أنّه يحبّها وأنّه سيعود إليها ما ان تنتهي فورة غضبه، هذا قبل أن تنظر إليه وترجوه بنظراتها وتغويه بلمساتها التي مرّرتها فوق صدره بطريقة احترافية اثارت اشمئزازها تخبره أنّها قد أخطأت، أنّها قد أساءت التقدير، أنّها لم تقصد حقّا شيئا ممّا قالته، وأنّه بقلبه الأبيض سيسامحها ويغفر لها ويتجاوز عن سيّئاتها، كلّ هذا وهوّ صامت لا يقول شيئا إلى أن ثارت أعصابه أخيرا فنفضها بعيدا عنه وكأنّه ما عاد يطيق أكثر، ولكنّها كأمل لا تعلم حتّى الآن السبب، أثارت أعصابه نفورا أم... اثارة
تتضرّج وجنتيها مرغمة عند هذه الفكرة ولكنّها سرعان ما تشحب وهي تراه يقترب منها أكثر، يوشك على الوصول، فيما ذكرى آخر كلماته التي ألقاها على زوجته تقبض قلبها
"همّام اللي كنتِ تعرفيه، الله يرحمه، اللي شايفتيه قدّامك هسّة رجل تاني بمجهودك صنعتيه، همّام لا بغفر ولا بسامح ولا بتجاوز عن الزلّات، رجل حقيقي... زيّ ما شفتي بعينيكِ"
قالها ثمّ نظر إليها هي وكأنّه في خضم حديثه يعنيها أيضا والعبرة للجميع
فجأة أحسّت بوهج دافئ يحيط بها، يشملها كلّها ويغمرها باطنا وظاهرا بينما تشعر به يقف أمامها مشرفا عليها منحنيا نحوها و... مقبّلا جبينها
شعور بالانتماء بالاكتمال والاحتواء ملأ روحها، وكأنّها أخيرا قد اكتمل وجودها، وصلت بيتها الذي مهما عمّته الفوضى، مهما احتاج منها وقتا وجهدا لتعيده إلى نظامه، يبقى ويظلّ بيتها، وبينما ينظر لعينيها بجمود، يبتسم بتكلّف، يبارك من بين أسنانه المطبقة، ابتسمت هي ابتسامة دافئة وقد أدركت أنّ الله يسبّب للإنسان أسبابا، مهما بدت لقصوره في بعد النظر والادراك قاسية، لكنّها تظلّ أسبابا توصله لقدره المحتّم وهي قد عرفت منذ أن رأت همّام ، منذ أن تآلفت روحها مع روحه ودعت الله أن يسخّره لها قبل أن تعلم بزواجه، بأنّه قدرها
فجأة ومن بعد ليالي من الهواجس والأفكار والعبرات والنواح والسخط، بات لها كلّ شيء منطقيّا، عزيز وقصّة والدها مع ابن الذوات، خطبتها لأخيه وفعلة زوجته التي لا تعرفها ولا تريد أن تفعل، ضعف والدها أمام الواقع واعوجاج حلوله المتخاذلة، الرسالة التي وصلت لشقيقه، قرار همّام المفاجئ وتهوّر قبول والدها العاجز، كلّ شيء بات منطقيّا فما كان مستحيلا قبل أسبوعين فقط بات ممكنا بل حتميّا فهما مقدّران لبعضهما مكتوبة هي باسمه منذ بدء الخلق وكتابة الأقدار
تحت ناظريه اتّسعت ابتسامتها أكثر، فأشرق محيّاها وتوهّج خاطفا بصره، جميلة هي وليس في الجمال سرّ جاذبيّتها بل في هالة دافئة دوما تحيط بها ولا تكاد تفارقها، ولكن أليست المظاهر خادعة في النهاية؟
صوت شهقات وتمتمات كثيرة قطعت أفكاره غير المرغوبة فأفلت أمل ليقف بجانبها فلفت نظره اضطراب نظراتها الشاخصة وراءه فالتفت ليرى ما تنظر إليه ليقطّب جبينه بصدمة قبل أن تحتدّ نظراته فيقف بجانبها ويصرخ بحنان التي كانت تقف أمامه الآن مبهرجة وفي كامل زينتها، فهتف بها قائلا: إنت شو جابك "أحضرك" هون؟ شو جاية تعملي؟
بعينيها ترسم القهر الذي بدا لعينيه زائفا، بلّلت عينيها بدموع ظنّها مُختلقة، وقالت بينما تزيّن صوتها بحشرجة بكاء سمعها ادّعاء: جاي أفرح لزوجي حبيبي، بعرفك طول عمرك بتحبّ رقصي فإجيت أهنّيك وأرقصلك
قالتها ورفرفت بأهدابها معتصرة دمعتين فهتف بها بعنف قائلا: حنان اقصري الشرّ وارجعي عبيت أهلك أكرملك
مزيد من الدموع ذرفتها وقالت له بتمسكن لا يليق: هاي آخرتها يا همّام؟ بتبيعني عشانها؟ بتبيع العشرة عشان وحدة رخيصة عرفت كيف تضحك عليك وتسرقك من مرتك وولادك؟؟
شهقة أمل ونظرات الاستنكار التي طالته وطالتها أثارته، تفور أعصابه فتغلي في مراجل عقله، تحثّه أفكاره أن يضربها الآن وأمام المتفرجين فيمعن في اهانتها، ولكنّها لمحة واحدة نحو أولاده الثلاثة المنكمشين حول بعضهم ما تمنعه، فكرة اثبات حقارة هي لها تحاول الباسه ايّاها توقفه، تهمة تحاول الصاقها بهذه الصغيرة المتجمّدة تكبّله، فيكزّ على أسنانه ويقبض كفّيه ويقول لها بحقد: حنان احترمي حالك وارجعي عبيتك أحسنلك!
بقهر تجيبه وتقول: بيتي؟ ليش هوّ وين بيتي؟ سنين وانا عايشة معاك عالقلّة، راضية بغرفة صغيرة عند إمّك وآخرتها بتكبني وبترميني وبتحرمني من ولادي عشان هااااي!
ثمّ بوقاحة تكمل كلامها بينما تنظر لحماتها وتقول متباكية: شايفة يا عمتي؟ شايفة ابنك شو سوى فيّي؟ شايفة آخر صبري معه
رزينة دوما هي ومنتصرة للحق، غضبت منه ومن شقيقه عندما طلّقا زوجتيهما، خاصمتهما ووبّختهما كما لو كانا لا يزالان صغارا، رغم أنّ الامانة تجبرها أن تقول شتّان ما بين لميس وحنان فإن كانت الأولى ثريّا فالثانية لا تسوى الثرى، ولكن... أن تقف شبيهة النساء هذه في نصف بيتها، تسمّم ابنها وعروسه بكلام مُفترى مسموم، وتبلغ بها الوقاحة أن تشهّدها عليه، فلا والله هذا ما لن يكون، وبكلّ ما تملكة من حزم وصرامة أجابتها: والله على طولة لسانك هاي ما سوّى لسّه إشي! الغرفة الصغيرة اللي عند "إمّه" لازم تحمدي ربّك عليها بعد ما ضيّعتيله ورثته من أبوه وبيّعتيه شقته عشان مش من مستوى حضرتك يا بنت الباشا، واذا اجيتي للصحّ ابني هوّ اللي ياما صبر عليك ولولا ولادك صغار ولولا انّي ما بحبّ خراب البيوت كان زمان خلّيته يطلقك بسّ ربّك كريم وان شاء الله انّه هالمستورة تكون عوض صبره عليكِ
التمتمات من حولهم تتعالى، الأولاد ينظرون حولهم بعدم فهم، وحنان تزداد حقدا، أمّا هوّ فبمرارة يدرك أنّه الوحيد الذي كان غافلا عنها غارقا في هواها
بجمود أمسك بذراع أمل ومشى بها بينما يهتف قائلا: يمّا أنا ماخد مرتي، وبالنسبة لهاي -قالها مشيرا نحو حنان- شغلولها آآه يا حنان وسكرولها الضوّ ترى بتعرف ترقض منيح بالعتمة!
ضحكات مكتومة انطلقت حولهم فتابع مسيرة خطوات قبل أن يقف وينظر لأولاده مستدركا: وبالنسبة لولادك اللي زعلانة عليهم من حدّ ما اجيتي ما شفتك اطّلعتِ على حدى منهم ومن يوم ما طلّقتك ما سمعت إنّك طالبت فيهم أو حتّى طلبت تشوفيهم!
عندها فقط نظرت حنان لأولادها أخيرا، شاهدت كيف ينظر إليها ثلاثتهم باضطراب وخوف وعدم فهم، فأحسّت بقرصة من أمومة مذنبة واختلجت عيناها وحاولت الابتسام وأشارت إليهم تقول: تعالوا... تعالوا أشوفكم ماما، اشتقتلكم كتير
عندها فقط هرول الصغير إليها وبتردّد خطا الأوسط بأصبع في فمه، أمّا الكبير فهرول نحو الدرج راكضا مارّا من بين والده وعروسه مباعدا بينهما بعنف بكلا ذراعيه
بصدمة نظر همّام نحو ابنه ثمّ بألم أخفض رأسه، فهو ليس غبيّا كي لا يعرف أنّ الأطفال دوما هم من يضرسون حصرم الطلاق الحادّ، ودون أن يشعر اشتدّت يده فوق ذراعها وهمّ بسحبها فأوقته بصوت متردّد تقول: بسّ.. يعني هوّ في رجال تحت؟
صوتها أثار حفيظته واثر سؤال احتدّت نظراته وقال: ليش خير شو بدّك فيهم؟
بخوف أسبلت أهدابها وبصوت هادئ أجابته: بسّ بسأل عشان أتغطّى
باستغراب نظر إليها وسألها بعدم فهم: تتغطّي؟
موافقة هزّت رأسه ثمّ نظرت لوالدتها المسالمة الصامتة والتي كانت تقف بالقرب منهما متردّدة تحمل بين يديها عباء بيضاء وحجاب، فأشارت لها لتقترب وأخذتهما منها وابتدأت بارتدائهم
بتردّد نظرت حماته إليه وقالت: مبروك
بصدمة نظر إليها للحظة ثمّ استدرك وأجاب: الله يبارك فيكِ
صمتت ثمّ بجسارة نظرت إليه وقالت: دير بالك عليها.. أمل طيبة ومنيحة
هذه المرّة جمدت ملامحه وطال صمته للحظات ثمّ قال محاولا الانة ملامحه مراعاة لمشاعر هذه المرأة الطيبة: إذا كانت زيّك إذا أكيد راح اكون محظوظ
قالها ومال مقبّلا جبينها إجلالا فتورّدت من لفتته هذه بينما ذابت عينا ابنتها وغامتا لأجله حبّا وتقدير
.................................................. ................................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:54 AM   #8116

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 3

يجلس بين الرجال ضائقا، يقسم أنّه لولا العيب لكان تركهم وحدهم وغادر المكان، أو ربّما لكان أشدّ وقاحة وأراح نفسه وطردهم أجمعين، فالاختناق الذي يلازمه منذ أسبوعين قد اشتدّ وطأة منذ اللحظة الأولى التي دخل بها منزل والدته اليوم، ذلك الشعور بالنقص الذي يلازمه أصبح أكثر إلحاحا، شعوره بالفقد لم يقتله شيء من الاعتياد كما أمّل نفسه بل العكس هو ما يحصل، أمّا اجتماع الرجال، مظاهر الاحتفال، مراسم الزفاف كلّها ذكّرته وعلى حين غرّة بليلة تشبهها ولا تشبهها قبل شهور، ليلة لم يكن يعلم أنّها ستكون بذلك السموّ، تلك الحمم الناريّة التي قذفها صدره بين كريات دمه أصبحت شديدة الحرارة، تلهب صدره وتحرق جوفه حتّى بات خروج أنفاسه مهمّة شديدة الانهاك فتخرج لاهثة جافّة متقطّعة
رغما عنه يغمض الكاسر عينيه محاولا مداراة مشاعره، بينما عقله يأخذه مرغما نحوها، ولكن مهلا... أهو عقله أم روحه؟ لا يهمّ المهمّ أنّه ورغم كلّ الذي كان عجز عن تجاوزها، وها هي جملة "مش قادر" التي كانت تبعده عنها لا تزال هي ذاتها من تمنعه من نسيانها وتجاوزها، فها هما أسبوعان قد مرّا عليه كالجحيم منذ أن طلّقها ولا تزال الراحة النفسيّة التي كان يرجوها لم تطرق أبواب قلبه ولا... رجولته، فقلبه يهفو ورجولته تفتقد وفي الحالتين هو مبتور!
"اعتقني لوجه الله وطلّقني"
لا يزال طلبها يلوح بين تلافيف عقله روحة وجيئة كحبل مشنقة مُدلّى فتشخص له نبضاته بهلع وخوف بالضبط كحاله عندما طلبتها منه واضحة صريحة
حينها لم يعرف كيف عليه أن يشعر أو بماذا يفكّر، كلّ ما أحسّ بها وقتها أنّه على وشك أن يطلق نفسا طويلا جدّا قد طال حبسه له، أنّ كبرياءه الغبيّ سيقدر أن يرتمي أخيرا فوق أرض آمنة بعد شهور من الوقوف متجمّدا متأهّبا على أطراف أصابعه، حتّى تشنّج أخيرا موشكا على الاستسلام، وكأنّما قد كان في سباق طويل جدّا أنهكه فكانت كلماتها كخط النهاية الذي يلوح عن قرب شديد فارتمى أمامه بلا تفكير دون أن يفكّر ولو للحظة واحدة إن كان خطّ النهاية هذا حقيقيّ أم محض سراب
"إنت طالق"
نطقها ببساطة بل ربّما مع زفرة ارتياح، لكنّها سرعان ما ارتدّت بصدره ما إن ترنّحت بضعف أمامه، بخوف مدّ يده محاولا اسنادها ولكنّه بإباء رفعت كفّها ووضعته أمامه بمنع صريح وقالت بثبات به اهتزاز طفيف
"يا ريت تثبّت الطلاق بالمحكمة وبسّ تجهز ورقتي تبعتها لبيت عمّي"
هكذا انتهى الأمر، فبمكالمة واحدة أجرتها كان شقيقها يطرق الباب وخلال دقائق قليلة وهكذا وببساطة تركته من خلفها جامدا وغادرت المكان، وفي ذات اللحظة التي خرجت بها من بيته، وعند صوت انصفاق الباب الذي أقفلته بيدها بينهما، تحرّكت قدماه مسرعتان، فأمسك يد الباب يودّ فتحه ليتوقّف فجأة وعلى حين غرّة والدنيا تنقلب من حوله كلّها إلى سواد، فيطرق برأسه مسندا إيّاه فوقه ليظلّ على حاله لحظات قبل أن يضربه بقوّة لعدّة مرّات مخرجا فيه جلّ الانفعالات التي كادت للحظة تغلبه وتجعله يبكي حسرة كما النساء!
وإن كانت كلمة الطلاق بوقتها سهلة النطق، فتثبيتها كان شديد عذاب، طريقه إلى المحكمة كان الطريقة الأشدّ عناء وطولا في كلّ حياته، أن يقوم بنفسه بإثبات ظلمه الذي أوقعه عليها وعلى نفسه، أن يعلنها بشكل رسميّ وبورقة مثبتة ومختومة أنّها ما عادت له، أن لا صلة له بها، أن لا حقّ له عليها بعد الآن، كان الأمر الأشدّ تعسّفا الذي يفعله انسان في حقّ نفسه، لكنّه بالنهاية فعلها لا سيّما وما عاد يملك الخيار، فعلها وذهب بنفسه لبيت عمّها ليأخذه إليها وربّما يلقي عليها نظرة الندم الأخيرة مع حسرة الختام، ليكتشف أنّها قد قرّرت حرمانه حتّى من رفاهيّة الوداع ولام الله من يلومها!
بضيق نظر الكاسر حوله فلم يجد أيّ من أبناءه فازدادت روحه غمّا، فها هو نبراس يعود لزمن التشرّد من جديد مضاف إليه كثير من التمرّد، والنمر يعود لحضن والدته بطلب خاصّ من لميس التي مارست أمومتها السخيّة معه حتّى النفس الأخير، أمّا الصارم فالجفاء الصامت والتجاهل هوّ ردّه الوحيد على أنانيّة تصرّفاته وقراراته
استئذان أبو زهير منه أن يقوم لوداع العروس التي علم الآن من زوجته أنّها قد نزلت من الأعلى أيقظه من لجّة أفكاره، فخرج ليهيّئ للرجل الطريق وإذا به يتقابل مع أخيه الذي لا يعلم سببا لجفائه هو الآخر معه وتجنّبه الحديث معه أو التواجد في محيطه، لا يعلم أالسبب اضطراره للزواج من أمل شهامة بدلا منه أم بسبب ظروف طلاقه المفاجئة مبهمة الأسباب من حنان؟ أم هو حرجا فقط لكون أمل كانت ولو لسويعات خطيبة له؟ الأحمق لا يعلم أنّه ينظر إليها الآن ولا يجد في ملامحها إلّا صورة من... العنود
الألم هاجم قلبه على حين غرّة وأفكاره تأخذه نحو ابنته التي لم يستطع حتّى اللحظة مواجهتها ولا يعلم ألخوف أم غضب
نعم يعترف أنّه يخاف من مواجهتها، فمن جهة يخشى أن يرى ذنب تقصيره الذي واجهته لميس به بعينيها ومن جهة أخرى يخاف أن يرى ذنبها من خلالها فيخسر صورتها البريئة في مخيّلته
مغالبا نفسه ابتسم الكاسر بوجه أخيه باشّا وقال: مبارك... مبارك عليك العروس أخوي الوحش
متضايقا من رؤيته وهو الذي يسلّط الضوء بوجوده فوق كلّ نواقصه وعيوبه، اضطر همّام أن يردّ عليه باقتضاب قائلا: الله يبارك فيك... يلّا أمل على غرفتنا
مستوقفا إيّاهما قال الكاسر مشفقا على الفتاة ومترقّقا متعمّدا كسر حاجز الحرج ما بين ثلاثتهم: مبروك أمل
أخفضت أمل رأسها بارتباك، لا تعرف كيف على صيغة التعامل فيما بينهم يجب أن تكون، وبأيّ شكل عليها أن تخاطبه، فمناداته باسمه أمر معيب وأولاده قد تبيّن بالفعل أنّهم تقريبا من عمرها، وهكذا وبتلقائيّة أجابته رغم الخجل: الله يبارك فيك... عمّو
بصدمة نظر إليها همّام بينما ابتسم الكاسر بحنان وتقدير ونظر لأخيه وقال: سمعتها شو حكت؟ عمّو، يعني بتقدر تعتبرني من هاللحظة وليها بعمّان أمل برقبتي ويا ويلك اذا بتزعلها
من جديد جمدت ملامح همّام، فتجاهله الكاسر ونادى على والدها وبينما يتّجه خارجا قال لأخيه: همّام... ترى أصابع إيديك مش كلها زيّ بعض
سامحا لنفسه تجاهل الكاسر كلّ الضيوف وقرّر التواري قليلا في ساحة بيت والدته متّجها ناحيطة الجهة الخلفية متجنّبا الاقتراب جهة جناح أخيه، ممنيا نفسه أن طالما همّام أخذ عروسه الضيوف لابدّ راحلون بسرعة لا سيّما وأنّه قد اتفق مع والدته أن تأتي للمبيت هي وأولاد أخيه مع أولاده أسبوع أو أسبوعان تاركين للعروسان الخلوة المناسبة، وسيحاول هو أيضا مدّ اجازته قدرما يستطيع إذ ربّما يصدر القرار أخيرا بقبول نقل مكان عمله، عندها سيشعر براحة أكبر وهو دائم التواجد بينهم ولعلّه سيستطيع تعويض بعضا ممّا خسره من حياة اولاده وتدارك تقصيره وربّما عندها فقط ستتحسّن علاقته بهم كأفضل ممّا كانت بكثير
بضيق أمسك بهاتفه وقام بالاتصال بالصارم وبعد انتظار طويل وبعد أن ظنّ أنّه لن يجيب جاءه صوته أخيرا
"السّلام عليكم"
"وعليكم السّلام، وينك؟ ليش ما إجيت على عرس عمّك؟"
"حضرت عرسه الأوّل ما بكفّي؟"
بضيق أجاب ابنه
"صارم، انت رجل عندك واجبات ومسؤوليات لازم تأدّيها ومن ضمنها واجبك ناحية عمّك، واللي بتعمله هاد اسمه ولدنه"
"الكل هاي الأيّام بيتجاهل مسؤولياته اشمعنا أنا يعني، عالأقل أنا مش مسؤول عن أيّ حدّ غير نفسي"
بغضب أطبق الكاسر أسنانه للحظات وقال
"لا تخلّي زعلك يعميك عن اللي حواليك وتصير أناني"
"اشمعنا إنت لمّا زعلت من مرتك ما بعرف ليش طلّقتها من غير ما تسأل بحدى، مش هيك برضو بكون اسمك أناني؟"
بغضب صدح صوته صارخا بابنه
"صارم!!"
صوت ابنه باردا وصله
"آسف آسف معلش نسيت انّك أبوي وما بصير أحاسبك"
بقوّة سحب الكاسر أنفاسه ثم سأل ابنه
"وينك؟"
"رايح على بيت جدّتي"
مقطّبا جبينه سأل ابنه مستغربا
"شو رايح تعمل هناك، مش حكيت إنّه خالك منعك ترجع هناك وحكالك إنّه بدّه يأجّر البيت؟"
صوت ابنه وصله مختنقا وأجاب
"مظبوط، وأجّره فعلا وأنا هسّة رايح أجيب من هناك بقيّة أغراضي
متضايقا صمت الكاسر قليلا فهو يعلم بضيق ابنه من فعلة خاله ويعلم أنّ بيتا تربّى فيه لا بدّ يعزّ عليه فقال له
"أجّلها ساعتين وباجي أنا معاك"
صمت قليل تبعه صوت ابنه يجيب باختناق
"ما في داعي، الموضوع بسيط وما بحتاج"
أجابه مشفقا وقال
"إذا احتجت إشي رنّلي"
......................................
أغلق الكاسر مكالمته الهاتفيّة مع ابنه متنهّدا بإحباط وفي اللحظة التي استدار فيها ليعود للداخل جاءه صوتا ناعما يناديه قائلا: كيفك بابا؟
للحظة هوى قلبه حنانا وشوقا لصاحبة الصوت فالتفت ينظر حوله باحثا عنها بعينيه فلم يرَ شيئا، عندها تحرّكت ستائر غرفة والدته التي كان يقف عندها وظهرت من خلف حديد حمايتها العنود
راحة قلبية غمرته ما إن لمحها ولكنّ شعورا بالخذلان رغما عنه كبّل لهفته فبقي بمكانه رغم الاشتياق وقال بصوت جامد: الحمد لله
قالها وصمت طويلا وكذلك فعلت هي مخفضة رأسها وفجأة رآها ترفع كفّها لتمرّرها فوق وجنتها من الأعلى قريبا جدّا من عينها فعلم أنّها تبكي فاعتصر الألم قلبه ولم يمتلك إلّا أن يقول: إنتِ كيفك؟
رفعت العنود رأسها ونظرت إليه باستجداء قائلة بصوت متحشرج من أثر البكاء المحبوس بحلقها: مش منيحة
بلهفة وجزع رفع الكاسر رأسه وقال لها: مريضة؟
بنفي هزّت رأسها وأجابته بصوت طفوليّ باكٍ: مش مريضة بس تعبانة كتير
بخوف أمرها بلهفة أبّ: البسي بسرعة أوخدك عالدكتور
بتوسّل نظرت إليه وبرجاء أخبرته: ما بدّي دكتور بدّي تسامحني، مشان الله بابا سامحني
عيناها الباكيتان، غصّات صدرها، نظراتها المتوسّلة، رجاءها في طلب السماح، كلّ ما فيها كان استعادة كاملة لصورتها طفلة ذات خمس سنوات، عندما كانت والدتها تشكوها إليه فيناديها ليعاقبها فتبدأ بالتدلّل عليه فتدلّي شفتها السفلة تبدأ بالبكاء بهذا الحزن الرقيق فيجد نفسه يحتضنها مرغما ولكن ليس دون أن يقرص لها أذنها بالشديد من التنبيهات والكلمات، وهي والحقّ يقال لم تكن يوما فتاة متعبة، دوما كانت هادئة طيّعة، حسّاسة هشّة رقيقة، شديد البراءة، بالضبط كما هي الآن
رغما عنه أحسّ الكاسر بعينيه تحرقانه، ودموع حمد وسعادة تحتشد في مقلتيه فالعنود لا تزال كما هي صغيرته البريئة، ولكنّه أبدا لم يسمح لهذه العبرات بالنزول، فلتبق حبيسة في صدره تكويه وتعذّبه آخذة بثأر أخرى لم يقتنع يوما أنّها عادت رغم حسن توبتها بريئة
بندم أدار الكاسر لابنته ظهره يخفي عنها تأثّره الشديد، ففسّرت هروبه تمنّعا ورفضا وعدم تصديق فتابعت تقول بلهجة شديد الحزن: أنا عارفة انّي غلطت بس مش زيّ ماهمّي قالوا، أنا ولا مرة حكيت معه، ولمّا تراسلنا كانت كلها كلام عادي ما حسيت انّي بعمل غلط وقتها لاني ما كنت افكر باشي غلط، كنت مخنوقة واشتكيت، ما لقيت غيره يسمعني، بسّ هوّ ضل يرن بعدها ويرنّ، كان مُصر يحكي معي، بسّ أنا كان مستحيل أعمل هيك خاصّة بعد كلام خالتو لميس معاي
كلماتها كانت كنصال حادّة تنغرس عميقا في صدره فأتت آخرها لتكون الصودا الكاوية التي أديرت فوق جراحه فأحرقتها، فالتفت إليها بدهشة مقطّبا، فوضّحت تقول: فهمتني كتير أشياء عن الحب الحلال، فهمتني كيف انّه اللي بحب وحدة بحافظ عليها وما بئذيها، عرّفتني إنّه الذنب بيقتل روح صاحبه وبعذبه بالدنيا وبالآخرة، وقتها بسّ حسّيت بغلطتي قدّيش كانت كبيرة، بسّ هيّ حكتلي كيف إنّه باب التوبة وتكفير الذنوب دايما مفتوح وتبت!
وها هي هذه الكلمة تعود لتتردّد فوق مسامعه من جديد، فتلحّ ابنته أكثر وتمعن بأخذ ثأر معلّمتها فتتابع بإصرار وتقول: والله العظيم يا بابا تُبت!!
كلماتها تتراشق بداخل صدره من جديد كما السهام فتنغرس في ذات الجراح ممعنة بالعذاب
صوتها من زوايا الذاكرة الحيّة يتردّد صداه داخل صدره وروحه
"تُبت والله العظيم تُبت"
يا الله!!
يا منتقم يا جبّار ما أشدّ عدلك الله اكبر!!
يا نصير المظلومين ما أشدّ عفوك وكرمك وما أعدلك!!!
صوت والدته تناديه بإلحاح يأتيه مقاطعة انسحاقه تحت وطأة خواطره فينتفض بقهر ويناديها بأنّه قادم ثمّ ينظر لابنته للحظات ويقترب منها ويقف أمامها يفصل ما بينها وبينه حماية النافذة الحديديّة فيمدّ يده من خلالها ويربّت فوق خدّها قائلا: الله يتقبّل منّك يا بابا ويا رب تكوني تعلّمتِ درسك منيح
بلهفة وصدق أجابته بينما تمسك بيده وتقبّلها: أكيد والله أكيد
فيبتسم لها بحنان قائلا: اليوم ما في روحة عند إمّك، بتعملي حسابك ترجعي معنا على البيت
بسعادة بكت العنود وقالت له: حاضر بابا حاضر شو ما بدّك كلّه حاضر
.................................................. ..............................................


bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 10:56 AM   #8117

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 4

ترتّل القرآن بصوتها الذي ما فارقته نبرة الحزن منذ أن فارقت أرض الوطن، تتشبّث بمصحفها الذي تكاد لا تفارقه منذ أن عادت لمصر، تقنع نفسها أنّها تعوّض ما بدر منها من تقصير اضطراريّ في الحفظ، ولكنّها تعلم أنّها إنّما تقرأه لتُسكِن روحها، تُسكت أشواقها، تكتم أنينها، وتقتل آلامها

تشتاقهم آهٍ كم تفعل، فما السبيل إليهم وكلّ الدروب ما بينهم مزروعة بعوسجٍ وصبّار، كيف السبيل إليهم وهو ما ترك بينها وبينه حبل إلّا وقطعه، ما ترك أملا إلّا واغتاله، وما ترك شبرا في زوايا كرامتها إلّا وأمعن فيها تجريحا

قد كانت تظنّ أن مكالمة مرئيّة كلّ يوم وليلة تكفي ولكنّها اكتشفت أنّها ليست إلّا مياها مالحة لا تزيدها إلّا ظمأ، بعضهم يجود عليها فيه وبعضهم مقتر والبعض كأبيه قاسٍ...

تحدّثها العنود وجدّتها كلّ يوم، ويجيبها صارم الغاضب بعد كلّ عدّة مكالمات مرّة يحدّثها فيها بحفاء ويختصر بالحديث فمن وجهة نظره لقد باعته الكلام، يؤمن بحقّها بالطلاق ولكنّه لا يسامحها على السفر والهجران، أمّا نبراس فيعاقبها بالحرمان، لقد خذلته وهو الذي صدّقها وآمن بها منذ النظرة الأولى، أمّا نمر فعند أمّه لا تكلّمه إلّا عبر منال، تأبى أن تحرج نفسها فتّتصل بإمّه تحت مسمّى الأمومة، لا تحبّ جرح الناس هي، فمهما كان تظلّ هي أمّه، ورغم كلّ شيء لم تجد غيرها لتتصل بها وتخبرها أنّها ستسافر فتوصيها بأولادها على استحياء وترجوها أخذ النمر فهو لا يزال صغيرا متعطّشا للحنان، وحتّى هو وبعد أن يئس من مطالبتها الدائمة بقوله "تآلي إندي" -تعالي عندي- أعلن الخصام بل وأمعن معلنا بقسوة "نمولي نو هبّي مامي لمّوسي" -النمر لا يحبّ ماما لميس-

كأبيهم هم، مهما أحبّوا لا يغفرون، وان ندموا لا يتراجعون

ولكن مهلا، أتراه ندم؟

نعم لقد فعل، واثقة هي، فلقد رأت ندمه في ذات اللحظة التي أطلق فيها خنجر الطلاق حازّا عنق زواجهم المشوّه منهيا ومن التردّد والتخاذل معلنا لكليهما العتق والخلاص

ولكن أن يندم الكاسر شي وأن يتراجع شيء آخر، ولكن أتريده هي أن يتراجع، لا بالطبع لا تريد، فبقدر الحبّ يأتي الألم وبقدر البذل تكون الخيبة، وبقدر الصبر يأتي الصدّ

الكاسر مجلّد في حياتها أصابه العطب، فاهترأ أكثر وبقي القليل منه معافى وهي ستقوم بتمزيق الفاسد منه وتبقي الجميل ولا أجمل من أولاده، أمّا هو فليهنأ بزوجته الصغيرة وينجب لنفسه منهم المزيد

هنا واختنقت لميس بما انحشر في حلقها من دموع فنشجت فجأة وانفجرت بالبكاء

ثواني وكان محمّد يهرع إليها من الباب، يجلس بجانبها ويحتضنها مواسيا مربّتا عليها بحنان لاحظت أنّه قد ازداد، فلا تعلم ألسبّب أبوّته القريبة أم هي زوجته الرقيقة التي لا يستطيع أيّ من عرفها إلّا أن يحبّها ويعاملها برفق ولين

ثواني وابتدأت شهقاتها بكاءها تهدأ وتصبح متقطّعة، فتبتعد عنه بحرج وتقول: خلص حبيبي أنا منيحة

بضيق يقول لها: منيحة إيه بسّ، يا بنتِ انتِ لا بتاكلي ولا بتشربي وكلّ ليلة عياط، ما يستاهلكيس يا لميس والله ما يستاهلك

بمرارة أجابته: عارفة والله العظيم عارفة، انا ما بعيّط عليه، يا محمّد الي كان بيني وبين كاسر مش حبّ، مش علاقة زواج وانتهت بالطلاق، احنا كان بينا حياة وولاد، وأوعي تقولي ولاده وما بعرف شو زيّ ما زاكية على طول بتحكي، انا عارفة هالاشي كتير منيح، بسّ مش ذنبي انّي حبّيتهم وتعلقت فيهم، ومش ذنبهم انّي حشرت حالي بتفاصيل حياتهم وأنا مش ضمنانة حياتي مع أبوهم اذا راح تظبط أو لأ، بتعرف محمّد لو شغّلت ميزان العدالة بصدرك، ووقفت عالحياد، راح تلاقي إنّي أنا اللي ظلمت الكاسر مش هوّ اللي ظلمني، وانا السبب هلأ بتعب ولاده مش هوّ السبب

باعتراض أجابها: بسّ همّ طول عمرهم كانوا عايشين بتشتّت وانت اللي لمّيتيهم

بألم أجابته: كانوا متعودين، نظام حياتهم من همّ صغار ومتعودين عليه، بسّ هلّأ من بعد ما جرّبوا حياة الاستقرار، من بعد ما عرفوا شو يعني بيت وأسرة، كيف راح يقدروا يكملوا حياتهم وكإنّه ما صار ولا إشي

بألم نظر إليها محمّد وبحسرة أجاب: حتّى لو ماتعوّدوش هيعيشوا ما تقلقيش، أيّام وبتمشي وفي الآخر كلّه بيعرف يعيش!

حركة عند باب غرفتها أثارت انتباههما فدخلت عليهما إيمان ووقفت بحرج أمامهما تقول بذنب: معلش انا اسفة انا من غير قصد سمعتك وانت بتتكلّمي بس والله ما كنتش قاصدة انّي اتصنّت عليكم

بسماحة أجابتها لميس: على أساس إنّه عم نحكي أسرار مثلا؟ يا حبيبتي عادي ما الباب أصلا قدّامك مفتوح وبعدين انت اختي زيّك زيّ زوزو وما في سر بيتخبّى عليكِ

عندها تقدّمت إيمان أكثر لتقف بالنهاية بالقرب من زوجها ومدّت له يدها وكأنّه تطلب منه دعما ومؤازرة لتقول ما تريد ونطقت بحزن: انا بسّ كلّ اللي عايزة اقولهولك حاجة وحدة يا لميس، ربّنا ما بينساش حدّ، ومهما قست عليهم الحياة، صدّقيني ربّنا شايلّهم عوض كبير، عمرهم ما كانوا يتخيّلوه

أنهت كلماتها ونظرت لزوجها مبتسمة برقّة وامتنان وكأنّها تخبره أنّه هو بالذات ذلك العوض الجميل الذي كان الله يحتفظ به لها، فبادلها هو الابتسام وقبّل يدها ومن ثمّ نظر لاخته وقال: صحّ جدّا على فكرة، وبالنسبالي عوض ربّنا ليّا بين إيدايّا اهو

بسعادة وامتنان ابتسمت لميس وقالت لهما: حبايبي الله يخلّيكم لبعض وما يحرمكم من بعض ويديم عليكم السعادة والرضا

صوت رنين هاتفها ملأ المكان فنظرت إليه باستغراب فلا يعرف احد رقمها هنا سوى اخوتها وزوجاتهم ومنال، وهذه الأخيرة لا تتصل بها عادة في هذا الوقت إذ يكون زوجها عادة في البيت، ولهذا بالذات قطّبت جبينها وهي ترى أنّها المتّصلة فسارعت بإجابتها بفزع وكلّ أفكارها تأخذها للأردن ولكنّها سرعان ما اطمأنّت وهي تخبرها أنّ زوجها قد اضطر ليذهب إلى البلد بسبب تدهور أحوال صحّة والده ولذلك فهي تدعوها للصعود إليها لتتسامرا وربّما تستطيع أيضا أن تقنعها بالمبيت

.................................................. ........

بعد حوالي نصف ساعة

كانت الصديقتان تشربان فنجانين من القهوة ويتجاذبان أطراف الأحاديث وكالعادة تكون منال شديدة الحرص أن لا تذكر اسم أخيها الذي لا تزال تخاصمه حتّى الآن بسبب كلّ ما سبّبه من حزن وألم للميس، ورغم معرفتها أنّ قصّة زواجه لم تكتمل بل إنّ لها في الواقع تتمّة عجيبة

التمعت عينا منال فجأة وضحكت قائلة: بتعرفي إنّه همّام كان عرسه اليوم؟

بصدمة نظرت لميس لمنال وأجابتها: لااا بتمزحي! معقول؟ همّام العاقل الرزين يتزوّج على مرته؟ شو فتحت نفسه بس شاف أخوه ولا غار؟

بدهشة لا تزال تتملّكها حتّى الآن أجابتها: لا مين قال انّه اتزوّج عمرته؟ همّام طلّقها لمرته بعدييين اتزوّج!!

بغير تصديق نظرت إليها وهتفت بذهول: شوووو؟!!

قالتها لميس وعقلها رغما عنها يشرد بذلك اليوم الذي سمّمت فيه حنان قلبها واغتالته بدم بارد ودون أن يرفّ جفنها ودون ارادة عادت كلماتها لتطنّ في أذنها من جديد

" قولي عنّي شو ما بدّك، مريضة حقيرة، بسّ عارفة بشطارتي كيف أخلّي جوزي زيّ الخاتم بأصبعي كلمتي ماشية عليه واللي بدّي ايّاه أنا هوّ اللي بصير، بحبني وما بيستغني عنّي، مش زيّك غبيّة وضعيفة ما عرفتي كيف تحافظي على زوجك وتكفّيه، والنتيجة ما مرّ لسّة كم شهر على زواجكم وصار بدّه يتجوّز وحدة تانية عليكي"

لوهلة احساس دنيء بالشماتة نبض بداخلها ولكنّها سرعان ما نبذته بسرعة بينما تستغفر بداخلها وتقول بقوّة لتقنع نفسها: لا حول ولا قوّة الّا بالله، ليش هيك يعمل بمرته حرام بتكون انكسر بخاطرها ومقهورة كتير هلّأ

باستغراب هزّت منال كتفيها وأجابتها: والله ما بعرف، بسّ بدّك الصراحة همّام مستحيل يعمل هيك إلّا لو كانت حنان عاملة اشي كتير مزعله، همّام طيّب وزعله مش بالساهل

بضيق أجابتها: حرام تسيئي الظنّ استغفري الله، أوّلا وآخرا الموضوع ما بهمنا

بحماسة قالت لها: بالعكس الموضوع كتير بهمنا، إنت بتعرفي مين هيّ العروسة اللي اتزوّجها همّام اليوم؟

بفضول أنثويّ نظرت إليها وأجابت: لا طبعا ما بعرف، مين هيِّ

بابتسامة عريضة قالت لها: نفسها البنت اللي كان الكاسر بدّه يتزوّجها

رغما عنها الجملة آلمتها ولكنّ الدهشة والاستغراب بل والاستهجان أيضا طغوا على ألمها فهتفت تقول: شووو؟ كيف؟

بحماسة اقتربت منال منها كما لو كانت تريد أن تخبرها بأمر خطير وابتدأت تقول: هاد يا ستّي يا حرام طلعت هاي البنت أمل قصّتها قصّة.......................................

ما إن انتهت منال من سرد حكاية أمل مع ابن عمّتها عزيز "الأزعر"، وكيف تورّط الكاسر في أمر خطوبته منها أمام جميع الجيران وكيف أنّه بالنهاية تراجع ولم يستطع عقد القران فيتبّرع همّام للقيام بالمهمّة بدلا منه، حتّى سكتت أخيرا وسكتت معها أنفاس لميس ونبضاتها وعمّ الصمت والسكون متفشّيا داخل كلّ كيانها، وجملة واحدة كانت تتردّد مرارة وتكرارا فقط بداخل عقلها كنوتة نشزت من سيمفونيّة الصمت الجميلة

"الكاسر لم يتزوّج"

"الكاسر لم يتزوّج"

"الكاسر لم يتزوّج"

.................................................. .................................................. ................................

أخيرا أغلق همّام الباب خلف آخر فردٍ من أفراد عائلته، ليقف من بعدها حائرا للحظات أمامه، هاجس بداخله يطلب منه الهروب، يخبره بأنّه أبدا ليس مستعدّ، بأنّه حتّى الآن لم يتلاءم مع البرمجة المدخلة الغريبة على شخصيته الجديده، بأنّه حاليا لا يعرف من أيّ صنف من الرجال هو، أليّن ضعيف؟ ينبذ الأولى، أم رجل شديد؟ يجبر نفسه على التكيّف مع الثانية، فبالنهاية رضا الزوجة وملء عينها هو فخر لكلّ الرجال

بخطوات ثابتة دخل همّام الغرفة وبنظرات حازمة عاين وضعها ومكانها

في وسط الغرفة تقف بارتعاش ملحوظ، تحتضن نفسها بهشاشة هزّت قلبه فصدّها بمزيد من عنف وهكذا ودون أيّ سلام أو كلام قال: غيري أواعيكي وجهزي حالك للصلاة

بطاعة هزّت أمل الشاحبة رأسها وأمسكت بفستانها الأبيض الذي رغم بساطة تفصيله بدى عليها فاتنا وغادرت الغرفة لتدخل إلى الحمّام، عندها وكأنّما ثقل غريب كان جاثما فوق صدره جلس بقوّة فوق الفراش وزفر أنفاسه بقوّة، ولكنّها لم تكن إلّا لحظات وكانت تقف أمامه من جديد، بتوتّر تفرك أكفّها ببعضهما وبهمس متقطّع شديد التأدّب بشكل مستفزّ تطلب منه: لو سمحت... ممكن... الحبال تبعت الفستان من ورا... مش عارفة أفكها لو سمحت

وها هي لو سمحت التي بلا طلب من جديد تثير حنقه فيهتف بها بحنق يقول: شو؟ ما فهمت شو اللي بدّك ايّاه فهميني

عندها ورغم خوفها وتوتّرها واضطرابها أدارت له ظهرها وأشارت بكفّها تقول: فكّهم "حُلّهم"

عندها جحظ همّام بعينيه متوتّرا ثم بتصلّب وقف وابتدأت يداه بحل أربطة الفستان شديدة التعقيد، ولكنّها لرجل بخبرته، ارتدت له زوجته من أصناف الفساتين ألوانا، لم يكن الأمر بتلك الصعوبة

ذكراها أثارت اضطرابه أكثر ومظهر بشرتها العسليّة التي كانت تتكشّف أمامه رويدا رويدا هيّجت أعصابه أكثر وفجأة وجدت أمل نفسها تلقى بشيء من العنف فوق السرير وجسد ثقيل صلب يُلقى فوقها

لوهلة وكردّة فعل طبيعيّة قاومته وحاولت إبعاد جسده الضخم بذراعيها ودون أن تشعر همست بخوف تقول: لأ

لا!!

يا الله كم كانت هذه الكلمة دوما كابحة لكلّ مشاعره الجارفة الجيّاشة، محبطة لكلّ احتياجاته، تلك "اللا" كانت دوما كلمتها السحرية التي تسيّره بها على هوى أشواقها واحتياجاتها ومزاجها

ذكرى مقيته حاول أن ينبذها ولكنّها زادته عنفا فنهرها وقال: حقّي وبدّي أوخده برضاك ولّا غصبن عنّك

قالها وأمعنت شفتاه ويداه الاستباحة، جمدت هي، رضخت وسلّمت ولكنّ اختضاضات جسدها لم تتوقّف أنفاسها المتسارعة لم تهدأ، وأخيرا أغمضت عينيها بقوّة كطفلة مرتعبة، وتمسّكت بكتفيه معتصرة إيّاهما بقبضتيها الصغيرتين، ودون أن تشعر خدشته بأظافرها، فتنبّه أخيرا لحالتها وجمد للحظات يراقب انفعالاتها، ثمّ سألها هامسا: مالك؟

بطريقة طفوليّة وعلى ذات إغماضتها أجابته: خايفة كتير

كلماتها كانت كضربة قاسية وقعت فوق رأسه، وبهدوء ابتعد عنها وارتمى فوق السرير يزفر بقوّة مرتاحا من وطأة فعلته الكريهة التي كان يجبر نفسه عليها، ثمّ اغمض عينيه وبجلافة أمرها: نامي

.................................................. .................................................. .......................

مستنزفة القوى خرجت جيهان من المستشفى بعد منتصف الليل بقليل، تنظر لسيّارتها داخل كراج المستشفى المظلم فتشعر أنّها ولشدّة تعبها شديدة البعد، فتزفر بإرهاق وتتمتم تقول: طب والله العظيم بعيدة أوي، طب ما كنت ركنتها قريب من باب المستشفى وخلصت دلوقت، أوووف

صوت من قلب العتمة أوقف قلبها يقول: ليه وعلى ايه، انا من عنيّا أجيبهالك يا دكتورة جيهان

بقوّة شهقت قبل أن تميّز أنّه منير الذي اختفى تماما منذ آخر مرة رأته فيها تاركا إيّاها لشعور مقيت بالفقد، فابتسمت بتوتّر تقول: لا لا مالوش لزوم متشكرة ما تتعبش نفسك

بسخرية أجابها: تعب إيه بسّ، دي عربيّة جيهان هانم اسف قصدي الدكتوره جيهان على سنّ ورمح، هوّ احنا نطول!!

قالها ثمّ اقترب منها بخطوات خفيفة كخطوات نمر مخيف بينما لوهلة ارتعد قلبها وهي تشعر بأنّ عينيه بالفعل قد التمعتا بقلب الظلام، فتراجعت خطوة وقالت: متشكرة فعلا بسّ بجد، شكرا مش عايزة

عندها وبخطوة واحدة أحاط بها من الخلف وكمّم أنفها بمنديل نفّاث الرائحة وقال: متشكّرة ده إيه، الشكر ده لسّة بدري عليه، أوعدك كلّها يومين هتيجي لحدّ عندي وتيجي تبوسي إيدي وتشكريني!!

بهلع ورعب حدّقت به، ولكنّها لم تكن سوى ثانيتين وكانت تسقط بين ذراعيه مغشيّ عليها

.................................................. .................................................. .................................................. ..............................







التعديل الأخير تم بواسطة bambolina ; 06-09-19 الساعة 11:20 AM
bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 11:11 AM   #8118

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
Oo26

انتهى الفصل جميلاتي
الفصل تأخر تنزيله عالمنتدى بسبب العطل الذي أصاب المنتدى لغاية ما يقرب الفجر أظن ، ولهيك تم تنزيله على مجموعة قصص من وحي الأعضاء بالفيس بوك

فصل طويل ومليء بالتفاصيل والتغيرات والأحداث
أرجو إنّه كان تعويض عن فصل الأسبوع الماضي
وعفكرة بهمكم تعرفوا عدم تنزيلي الخميس الماضي فرق معي كتير لاني كنت فعلا منهكة ومستنزفة بالكامل، كنت الي اسبوع واكتر ما بنام
طبعا أنا عارفة إنّه التزامي معكم بهالرواية ضعيف
لكن انا شخصيا حياتي مرت بظروف ومطبات كتير خلال السنة الأخيرة
في الحمد لله الي بقدر وفي للأسف اللي بيتعامل مع الكاتب كإنّه وظيفته الاساسية كتابة الفصول ناسيين انه الكتابة هواية لافراغ المشاعر والضغوطات وسيله لاسعاد نفسه واسعاد آخرين معه
إنّه تزعلوا لإنه ما في فصل هاد شي طبيعي وبتقبله وبالعكس انا بكون زعلانة ومتدايقة أكتر منكم
بس انه يوصل الأمر لمحاسبة وتقريع ورمي كلام مسموم واتهامات باطلة فهذا مش مسموح
اولا وآخرا لو رحتوا للمشاركة الاولى بالرواية راح تلاقوا اني كاتبة اني انسانة لا اضمن ظروفي واللي شايفة انه ما الها طولة بال وصبر تنتظر اكمال الرواية ونزولها كتاب

مبارح المنتدى تعطل وانا مع هيك سهرت ونزلت الفصل على الفيس بوك رغم صعوبة تقسم الفصل على منشورات، نزلته من غير ما أهتم لا بمشاهدات ولا تفاعلات ولا تعليقات والحمد لله المشاهدات عالية عندي ووصلت نسبة كبيرة يعني انا مش مضطرة الجأ لأسلوب رخيص لحتى ارفعها
وعشان تضمنوا ما تعطوني مشاهدات لا استحقها بطمنكم
تصبيرات هالاسبوع ما في
فصول تنزل غير بيوم الخميس اداريا ممنووووع
يعني عزيزتي القارئة اقرأي الفصل ومسامحتك بالتعليق كمان

وبعد هيك لا ترجعي الا الخميس القادم بس تتأكدي انه الفصل تم نزوله فعلا
الفصل الأخير عزيزتي القارئة لما اي كاتبة بتاخد اسبوعين عشان تنزله لا تزعلي (مع العلم انه فصلي ما كان الأخير) لانه كله من مصلحتك وهي بدل ما تنزلك فصل منقوص غير مشبع بتنزلك فصل مشبع مليات تفاصيل لما بتقرأيها بتنسي الاسبوعين والتفاصيل يا عزيزتي بدها مجهود جبار وتركيز عالي لو تعلمين
سامحكم الله وهداني واياكم
والعتب على قدر المحبة
وبالنهاية

الحمد لله قرّبنا نخلص
اتحملوني فالفرج لي ولكم قريب
جمعة طيبة




bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 11:12 AM   #8119

Mwatena mesrya

? العضوٌ??? » 370157
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » Mwatena mesrya is on a distinguished road
افتراضي

الفصل رائع يانيفو بجد
تسلم يمناكى
عيطت على ولاد كاسر كلهم
مبسوطة ان لميس عرفت ان كاسر متجوزش وكمان شافت ندمه ف عينيه
الكاسر مش سهل يتراجع بس اكيد هيتراجع علشانها قبل انه يكون علشان ولاده
اتمنى امل تحتوى ولاد همام
مهمتها صعبة
همام مشوه
لازم تفهم ده...
فصل كله عياط 😭😭😭😭


Mwatena mesrya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-19, 11:38 AM   #8120

عشقي بيتي

نجم روايتي وكنز سراديب الحكايات


? العضوٌ??? » 427263
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 1,408
?  نُقآطِيْ » عشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond reputeعشقي بيتي has a reputation beyond repute
افتراضي

جمعه مباركه على الجميع
حبيبتي نيفو لاتزعلي نفسك والله مقدرين ظروفك الكل بيمر بظروف غصباعنه وتكون خارجه عن ارادته لانك ام ومسؤله عن بيت واولاد فلازم نقدرظروفك اما اللي فاضي فهذابيكون ماوراه شغله الامتابعه عملو وماعملو وسووووماسووو لاتشغلي بالك باي شي خليكي براحتك ولايهمك واللي ماعجبه براحته لازم الانسان يكون مقدرلظروف الغير ومتفهم واناواثقه انك مابتغيبي عليناالالشديد القوي ولظروف قاهره ولمايضغط الكاتب على نفسه زياده مابيعطي روايته حقها الكامل ولهذاخليكي مثل ماانتي بتكوني فاضيه وبالك صافي كتبتي مشغوله اجلتي واحنامعاكي مابنمل .......ظ
جزاكي الله كل الخير وان شاءالله نشوفك في روايه جديده باذن الله لاتقطعينا .......
موفقه حبيبتي باذن الله لي عوده على التعليق على الفصل بعد قراءته


عشقي بيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
عينيك ، ذنبي ، توبتي ، مغتربون ، الحب ، سلسلة ، bambolina ، niveen

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:05 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.